2

احكام فروق الطلاق بين سورتي البقرة والطلاق

الثلاثاء، 28 يونيو 2022

بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم ج11. وج12.

 

11.   بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

ابن عبد العزى بن رباح بن قرط بن رزاح بن عدي بن كعب القرشي العدوي، كان قد طلب دين إبراهيم صلى الله عليه وسلم قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم، وترك عبادة الأوثان، وأكل ما ذبح على النصب، وترك الاستقسام بالأزلام وخرج من مكة إلى الشام، ثم أتى الموصل والجزيرة كلها، ثم عاد إلى الشام وجال في بلادها جميعها، يسأل الأحبار والرهبان عن دين إبراهيم عليه السلام، ودخل حلب وعملها، وآمن بالنبي صلى الله عليه وسلم قبل أن يبعث، ورأى النبي صلى الله عليه وسلم قبل نبوته، ونهى النبي صلى الله عليه وسلم عن الأصنام والذبح لها فامتنع عنها إلى أن نبئ، حكى عنه صلى الله عليه وسلم وقال فيه يبعث أمة وحده.
وحكى عنه عبد الله بن عمر، وعامر بن ربيعة العنزي، وزيد بن حارثة، وحجير ابن أبي إهاب، وأسماء بنت أبي بكر الصديق.
زيد بن محمد بن زيد بن محمد بن محمد بن عبيد الله:
أبو عبد الله بن أبي منصور بن أبي طاهر الحسيني، النقيب بالموصل، ابن النقيب بها، ورد حلب مجازاً رسولاً من الموصل وهو من أكابر أهل الموصل وأعيانها.
زيد بن نصر بن تميم بن شجاع الحموي:
أبو أحمد القاضي الفقيه الأديب الشافعي، من أهل حماة، ولي الحسبة بدمشق وبمصر، وحدث عن أبي محمد بن عبد الكريم بن حمزة السلمي، وأبي الحسن بن أبي الفضل السلمي روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وخرج عنه حديثين في معجمه قال في أحدهما: أخبرنا الشيخ أبو أحمد الناظر. وقال في الآخر: وأخبرنا القاضي أبو أحمد، وشاهدت الترجمة بخط أبي المواهب في معجمه، وقال: توفي القاضي رحمه الله يوم الجمعة، ودفن بعد الصلاة للنصف من شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة بمقبرة باب الفراديس شهدت دفنه والصلاة عليه، ومات وقد جاوز السبعين، وكانت لديه فنون من العلوم الدينية والرياضية، وولي الحسبة بدمشق وبمصر بعدما افتتحها التُرك، وكان فيها حاذقاً حسن التدبير لها رحمه الله وإيانا.
زيد بن وهب أبو سليمان الجهني:
أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوجه إليه فأدركته وفاته في الطريق، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، وروى عنه، وعن عمر بن الخطاب وعبد الله بن مسعود، وعن عبد الله بن بديل، وعمار بن ياسر.
روى عنه حبيب بن أبي ثابت، ومنصور بن المعتمر، وسليمان الأعمش، ومالك ابن أعين، وأبو جعفر عبد الله بن محمد بن علي المنصور، ويحيى بن مسلم، والحكم ابن عتيبة، وعدي بن ثابت.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد ابن وهب، أبو سليمان الهمداني الجُهني، سمع عمر وعبد الله.
روى عنه منصور والأعمش، عدي بن ثابت والحكم بن عتيبة.
وقال أبو حفص بن علي: حدثنا عبد الله بن داوود عن يحيى بن مسلم عن زيد بن وهب: رحلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فقبض وأنا في الطريق.
أنبأنا أبو العباس أحمد: حدثنا عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زيد بن وهب وأبو سليمان الهمداني، ثم الجهني، جاهلي، قال: رحلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقبض وأنا في الطريق روى عن عمر وعلي ابن مسعود روى عنه حبيب بن أبي ثابت، ومنصور والأعمش سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا ابن أبي حاتم قال: حدثنا علي بن الحسن الهسنجاني قال: حدثنا عمرو بن خالد - يعني - الحراني قال: حدثنا زهير قال: حدثنا الأعمش قال: كنت إذا حدثك زيد بن وهب عن أحد فكأنك سمعت من الذي يحدثك عنه.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: زيد بن وهب ثقة.

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - في كتابه إلينا من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال زيد بن وهب الجهني أدرك الجاهلية يكنى أبا سليمان وكان مسلماً على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم ورحل إليه طائفة من قومه فتلقته وفاته في الطريق وهو معدود في كبار التابعين.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد عبد الله بن أحمد قال أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: أخبرنا أبو إسحاق بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال حدثنا مالك بن أعين عن زيد بن وهب الجهني أن علياً عليه السلام خرج إليهم فلما استقبلهم قال: اللهم رب هذا السقف المحفوظ المكفوف الذي جعلته مغيضا لليل والنهار، وجعلت فيه مجرى الشمس والقمر، ومنازل الكواكب والنجوم، وجعلت سكانه سبطاً من الملائكة لا يسأمون من عبادتك، ورب هذه الأرض التي جعلتها قرار للأنام والهوام والأنعام وما لا يحصى مما يرى ومما لا يرى من خلقك العظيم ورب الفلك التي تجري في البحر بما ينفع الناس، ورب السحاب المسخر بين السماء والأرض، ورب البحر المسجور المحيط بالعالمين، ورب الجبال الرواسي التي جعلتها للأرض أوتاداً وللخلق منعاً، أن أظهرتنا على عدونا فجنبنا البغي، وسددنا للحق، وأن أظهرتهم علينا فارزقنا الشهادة، واعصم باقي أصحابي من الفتنة.
فلما رأوه أهل الشام قد أقبل خرجوا إليه بزخرفهم، وجعل علي على ميمنته يومئذ عبد الله بن بُديل بن ورقاء، وعلى ميسرته عبد الله بن عباس، وجعل قراء أهل العراق مع ثلاثة نفر: عمار بن ياسر، وقيس بن سعد بن عبادة مع ابن بديل والناس على راياتهم، وعلي في القلب في أهل المدينة، وأهل الكوفة، وأهل البصرة، وكان عظم من معه من أهل المدينة الأنصار، وكان معه من خزاعة عدد حسن، ومن كنانة وغيرهم خلق كثير، وكان علي رجلاً دحداحاً ربعه.
قال: فزحف علي بالناس إليهم، ورفع معاوية على قبة له عظيمة قد ألقى عليها الكرابيس.
فزحف عبد الله بن بديل في الميمنة نحو حبيب بن مسلمة، فلم يزل نحوه ويكشف خيله من الميسرة حتى اضطرهم إلى قبة معاوية عند الظهر.
وقال زيد بن وهب الجهني: أن عبد الله بن بديل قام يومئذ في أصحابه فخطبهم فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: ألا إن معاوية ادعى ما ليس له، ونازع الأمر أهله ومن ليس هو مثله، وجادل بالباطل ليدحض به الحق، ومال عليكم بالأعراب، والأحزاب وزين لهم الضلالة وزرع في قلوبهم حب الفتنة، ولبس عليهم الأمر وزادهم رجساً إلى رجسهم، وأنتم والله على الحق، وعلى نور من ربكم وبرهان مبين فقاتلوا الطغاة الجفاة، قاتلوهم ولا تخشوهم فالله أحق أن تخشوه إن كنتم مؤمنين وقد قاتلتهم مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فو الله ما هم في هذه بأزكى ولا أبر، قوموا إلى عدو الله وعدوكم.
زيد بن يزيد بن أبي الزرقاء التغلبي الموصلي:
حدث عن سفيان الثوري وإبراهيم ابن نافع أو معز بن كدام وهشام بن سعد وشريك بن عبد الله وبحر السقاء وعبد الله بن لهيعة والليث بن سعد وفتح الموصلي وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، والأوزاعي، وأبي المورع الموصلي، روى عنه محمد بن عمار الموصلي: وسعيد بن أسد، وبشر بن الحارث، وعلي بن حرب، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو حفص عمر بن الحسن الحلبي، ويحيى بن عثمان العابد، وإبراهيم بن موسى وقاسم بن يزيد الجرمي، وابنه هارون بن زيد، وكان بينه وبين المعافى بن عمران أنس ومخالطه وود واتحاد، رحل من الموصل إلى الشام في طلب العلم، وخرج إلى الجهاد فأسرته الروم، ومات في الأسر واجتاز بحلب أو ببعض أعمالها في طريقه إلى الشام وفي غزوه.

أخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين - فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن هبة الله الخطيب، وأبو البركات سعد بن محمد قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: حدثنا عمران بن أبي عمران قال: حدثنا يحيى بن عثمان - وكان من العباد - قال: حدثنا زيد ابن أبي الزرقاء عن أبي ثابت بن ثوبان عن أبيه عن جُبير بن نُفير عن مالك بن يُخامر عن معاذ بن جبل قال: أن آخر كلمة فارقت عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قلت: يا رسول الله ما خير ما تقرب به العبد إلى الله عز وجل؟ قال يموت ولسانه رطب من ذكر الله عز وجل.
وقال: أخبرنا أبو زكريا الأزدي قال: أنبأني عبد الله بن أبي داوود الأصبهاني قال: سمعت علي بن حرب قال: كان زيد بن أبي الزرقاء ينتمي إلى بني تغلب، كان جده نبطي وأضاف علي بن أبي طالب رحمة الله عليه مسيره إلى صفين.
وقال: أخبرنا أبو زكرياء قال: أخبرنا عبد الله بن أبان عن أحمد بن أبي نافع قال: كان زيد يلقي ما في الحديث من غلط وشك ويحدث بما لا شك فيه.
وقال أبو زكريا قال: حدثني عبد الله بن المغيرة - مولى بني هاشم - عن بشر بن الحارث قال: سمعت زيد بن أبي الزرقاء يقول: ما سألت إنساناً شيئاً منذ خمسين سنة.
وقال: أخبرنا الأزدي قال: أخبرنا عبد الله بن المغيرة عن بشر قال: سمعت زيد ابن أبي الزرقاء يقول: إذا كان للرجل عيال فخاف على دينه فليهرب.
وقال: أخبرنا الأزدي قال: حدثنا عبد الله بن أبان قال: حدثنا ابن مثنى قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: حدثني ابن زيد: قال: كان المعافى يأتي زيداً فيصلي معه المغرب بلا أن يدعوه، ثم يدخل داره فيتعشى عنده أنسا منه به وسرورا يدخله عليه، ويحب أن يؤجر، وكان زيد أيضاً يفعل مثل ذلك.
وقال: أخبرنا أبو زكريا قال: أخبرنا عبد الله بن المغيرة، مولى بني هاشم، قال: حدثنا محمد قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: سألت زيد بن أبي الزرقاء قلت: المحراب يكون فيه الكتاب فأقرأه؟ قال: إذا تمت حرفاً فاستقبل الصلاة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا مسعود بن الحسن - في كتابه - عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: زيد ابن يزيد، وهو زيد بن أبي الزرقاء الموصلي، روى عن سفيان الثوري، وإبراهيم ابن نافع، وهشام بن سعد، روى عنه سعيد بن أسد وإبراهيم بن موسى وابنه هارون بن زيد، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا صالح بن أحمد بن محمد ابن حنبل قال: قال أبي: زيد بن أبي الزرقاء الموصلي صالح ليس به بأس.
وقال: أخبرنا أبو محمد قال: سمعت أبي يقول زيد بن أبي الزرقاء ثقة.
أنبأنا أبو محمد بن الحدوس قال: أخبرنا أبو منصور المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم ابن محمد قال: أخبرنا الحسن بن هبة الله وسعد بن محمد قالا: أخبرنا محمد ابن إدريس قال: أخبرنا منصور بن محمد قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد ابن إياس الأزدي قال: ومنهم - يعني من الطبقة الثالثة من أهل الموصل - زيد ابن يزيد بن أبي الزرقاء التغلبي من أهل الفضل والنسك، خرج من الموصل إلى الرملة مهاجراً لفتنة كانت فيها سنة ثلاث وتسعين ومائة، ومات هناك ورحل في طلب العلم إلى الأمصار، وروى عن سفيان بن سعيد الثوري، ومسعر بن كدام، وشريك بن عبد الله، ونظرائهم من الكوفيين، وروى عن الشاميين: ابن لهيعة وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وغيرهم، وروى عن البصريين وتوفي سنة أربع وتسعين ومائة.
وقال أبو زكريا: أخبرني عبد الله بن أبان عن أحمد بن أبي نافع أو غيره، قال: أخذ يزيد بن أبي الزرقاء أسيراً في الجهاد، فمات في الأسر سنة ثلاث أو أربع وتسعين ومائة.
زيد المصيصي:
حدث عن عبد الواحد بن زيد، روى عنه عبد الرحمن بن يوسف.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل - أذنا - قال أخبرنا أبو المحاسن بن الأصفهبذ قال: أخبرنا أبو الفضل الثقفي قال: أخبرنا أبو القاسم الذكواني قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: سمعت أبا صالح الخطيب غير مرة يحكي عن محمد ابن إبراهيم الحافظ قال: حدثني حفص بن معدان قال: حدثني عبد الرحمن بن يوسف قال: حدثني زيد المصيصي عن عبد الواحد بن زيد في قوله تعالى: " وامتازوا اليوم أيها المجرمون " قال: بابذ مرد أمان وناكاران أزميان أنيكان بايذ.
زيد العابد:
رجل من أهل الدين والمكاشفات والزهد والعبادة، كان بحلب بعد الخمسمائة، وهو مقبور إلى جانب أبي الحسين الزاهد المقدسي من جهة القبلة، بمقابر مقام إبراهيم عليه السلام في بريه ابن الحداد وبلغني أن زيد العابد لما قدم حلب نزل عند أبي الحسين الزاهد.
أخبرني أبو الطيب أحمد بن أبي عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قال: سمعت أبي - ويغلب على ظني أنني سمعت أباه رحمه الله - يقول: كان زيد هذا من الزهاد وكان له تلميذ يخدمه، فمرض الشيخ زيد فلما دنت وفاته رأى تلميذه ذلك، وهو يبكي فقال له: لا تجزع ولا تحزن فإنك تلحقني في الجمعة الآتية، ففرح تلميذه واستبشر وأظهر السرور، فلما مات الشيخ زيد أخذ تلميذه المذكور في تجهيز ودفنه وهو مستبشر بما ذكره له، فلم يمر عليه إلا يومان أو ثلاثة حتى مرض ومات في الجمعة الآتية ودفن إلى جانب الشيخ زيد، وقبراهما إلى جانب قبر الشيخ أبي الحسين بحلب في تربة الشيخ أبي محمد بن الحداد، وجعل عليهما حجارة شبيهة بالحوض، وزرتهما غير مرة.
زيد الحوراني:
الأسود المعتوه كان عندنا بحلب، وكان رجلاً كهلاً، وكان لا يؤذي أحداً، وكان أكثر مقامه في أتونات الحمامات، وينام في بعض الأوقات على قارعة الطريق، وكان يلعب مع الصبيان ويميلون إليه، وكنت ألعب معه وأنا صبي، وكان يترنم ويقول لنا ونحن صبيان يا زيد الدقيق، بالقاف المعقودة، وكان حسن الأخلاق، وكان عمي أبو غانم يعتقد فيه فسألته عن سبب اعتقاده فيه فقال: كنت يوماً عند الشيخ علي الفاسي في زاويته خارج باب الأربعين، فتحادثنا حديث الملائكة والاختلاف في المفاضلة بينهم وبين بني آدم، فقلت أنا: قد ذكر الحكيم أبو عبد الله - يعني - محمد بن علي الترمذي أن بني آدم أفضل من الملائكة وجعلت أرجح ذلك، وانفض المجلس، ودخلت المدينة بعد انفصالي عن الشيخ، تحت القلعة من غربيها وجدت زيداً الحوراني جالساً على شفير الخندق، فقام ومشى إليّ وتلقاني وقال لي: أنتم خير منهم فأنا أعتقد فيه من ذلك اليوم، وتوفي زيد الحوراني في حدود الستمائة، أو قبلها أو بعدها، وكان له جنازة مشهودة، رحمه الله.
حرف السين
ذكر من اسمه سابق
سابق بن عبد الله:
أبو المهاجر، وقيل أبو أمية، وقيل أبو عبد الله وقيل أبو زكريا، وقيل أبو سعيد البربري الرقي، من أهل حران، وسكن الرقة ويعرف بسابق البربري، شاعر مجيد له أشعار حسنة في الزهد والمواعظ، وله كلام في الحكم، وكان قاضياً بالرقة، وكان بدابق وقدم على عمر بن عبد العزيز، وأنشده أشعاراً في الزهد وغزا الصائفة.
روى عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، ومكحول وداوود بن أبي هند، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، وشعبة بن الحجاج، وعمرو بن أبي عمرو، وأبي خلف حازم بن عطاء خادم أنس بن مالك، ومطرف بن طريف، والعلاء بن عبد الرحمن، وعاصم بن كليب وإسماعيل بن أمية، وأبي يحيى عمرو بن عمارة المازني، ويزيد بن خصفة وإسماعيل بن أبي خالد، وعلي بن بذيمة، وسعيد بن سمعان، وحصيف.
روى عنه محمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وأبو بدر شجاع بن الوليد السكوني، وعبيد الله بن يزيد القردواني، ومحمد ابن سليمان بن أبي داوود القرشي، وموسى بن أعين والمعافى بن عمران الموصلي، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وفهد بن بشير الداماني، وأبو كامل مولى الغاز ابن ربيعة، وميمون بن مهران، وأبو الوليد رباح بن الجراح الموصلي ومحمد ابن عيسى، وأحمد بن شُبَّان الموصلي، قيل هو مولى الوليد، وقيل مولى عمر ابن عبد العزيز.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن أبي الرجال الصلحي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد الحربي قال: حدثنا محمد بن سليمان بن أبي داوود القرشي قال: حدثنا سابق البربري عن ربيعة بن أبي عبد الرحمن عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان ربعة من القوم، ليس بالقصير ولا بالطويل البائن، كان رجل الشعر ليس بالسبط ولا الجعد القطط كان أزهر ليس بالأحمر ولا بالأبيض الأمهق، بعث على رأس أربعين فأقام بمكة عشراً وبالمدينة عشراً، وتوفي وهو ابن ستين سنة، وليس في رأسه ولحيته عشرون شعرة بيضاء.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف الدمشقي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدهان قال: أخبرنا الحافظ أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا موسى بن أعين قال: حدثنا سابق أبو سعيد، قال عمرو: وكان إمام الرقة قبل أجلح عن العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا مات الإنسان انقطع عمله إلا من ثلاث: إلا من الصدقة، وعلم ينتفع به، وولد صالح يدعو له.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي عثمان، وعاصم بن الحسن قالا: أخبرنا القاضي أبو القاسم الحسن بن الحسين بن علي بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا رباح بن الجراح قال: حدثنا سابق بن عبد الله - وكان بن عبد الله - وكان من البكائين - عن أبي خلف عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مدح الفاسق غضب الله عزّ وجلّ 134 - ظ.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهان بن محمد بن أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: سابق البربري روى عنه الأةواعي مرسل، يعد في الشاميين.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسوي قال: أخبرني أبي قال أبو سعيد: سابق البربري، وقال في موضع آخر: أبو عبد الله سابق البربري.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن تالطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدهان قال: أخبرنا الحافظ أبو علي القشيري قال: سمعت إبراهيم بن أحمد بن عبد الكريم الحراني بن أبي حميد يقول: سألت محمد بن سليمان عن سابق البربري فقال: هذا كان قاضياً بالرقة.
وقال: أخبرنا الحافظ القشيري قال: سابق بن عبد الله الرقي يكنى أبا سعيد، حدث عنه من أهل حران عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي قال: حدثنا سابق البربري، وحدث عنه محمد بن سليمان بن أبي داوود، وحدث عنه عبيد الله بن يزيد بن إبراهيم أبو ابن القرداواني، وحدث عنه محمد بن يزيد بن يزيد بن سنان الرهاوي نسخه عن أبي حنيفة، وحدث عنه شجاع بن الوليد فقال: حدثنا أبو سعيد الجزري.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن المبارك - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال: حدثنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: أبو زكريا، سابق البربري، مولى عمر بن عبد العزيز.

أنبأنا أبو الفضل عبد الواحد بن هشام قال: أخبرنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي - في كتابه - عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سابق البربري، روى عن مكحول، روى عنه الأوزاعي، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد بن أبي حاتم بعده: سابق الرقي، روى عن العلاء بن عبد الرحمن، وخُصيف وأبي خلف، روى عنه موسى نب أعين والمعافى بن عمران الموصلي، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، سمعت أبي يقول ذلك.
هكذا فرق أبو محمد بينهما وهما واحد، وقد صرح عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، فيما حكاه الحافظ أبو علي القشيري عنه فقال: حدثنا سابق البربري، وأبو محمد جعل الذي يروي عنه الطرائفي غير البربري وهو وهم، وقد تابعه أبو أحمد بن عدي فأشار إلى الفرق بينهما بطريق الظن.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن العطار قال أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: سابق بن عبد الله الرقي يكنى أبا عبد الله، ويقال أبو سعيد، ويقال أبو المهاجر أخبرنا أبو يعلى ومحمد بن الحسن بن بديناء وجعفر بن محمد بن دُبيس ومحمد بن أحمد البوراني قالوا: حدثنا رباح ابن الجراح بن عباد أبو الوليد الموصلي قال: حدثنا أبو عبد الله سابق بن عبد الله بن أبي خلف خادم أنس عن أنس قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إذا مدح الفاسق اهتز العرش وغضب منه الرب عز وجل.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد العزيز بن سفيان الموصلي قال: حدثنا أحمد بن شيبان الموصلي قال: حدثنا سابق عبد الله الحجام عن أبي خلف عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مدح الفاسق اهتز العرش وغضب منه الرب.
وقال: أخبرناه ابن بديناء قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمارّ قال: حدثنا معافى عن سابق عن أبي خلف عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم نحوه.
وقال ابن عدي: وهذا يعرف بسابق، هذا عن أبي خلف عن أنس.
وقال: حدثنا علي بن الحسن بن سليمان قال: حدثنا أبو حميد محمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا سابق أبو سعيد عن ربيعة عن أنس وأبي سلمة أنهما سما أنساً يقول: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم على رأس أربعين الحديث.
قال: وحدثنا محمد بن سعيد الحراني عن محمد بن عبيد الله القردواني عن أبيه عن سابق بنسخه مقدار ثلاثين حديثاً.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد الحراني قال: حدثنا ابن القردواني قال: حدثني أبي قال: حدثنا سابق بن عبد الله الرقي وكنيته أبو المهاجر.
قال ابن عدي: أظن أن سابق صاحب حديث إذا مدح الفاسق ليس هو الرقي، لأن للرقي أحاديث مستقيمة عن مطرف وأبي حنيفة، وكان يروي عن غيرهما، فلا أدري سابق هذا الذي ذكر في هذه النسخة هو الذي روى حديث إذا مدح الفاسق أو غيره، والله أعلم، وسابق الذي يذكر هو غير ما ذكرت، وهو سابق البربري إنما له كلام في الحكمة والزهد وغيره.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال بعد ذكر كلام ابن عدي هذا قلت: هما واحد.
قتل: وقول ابن عدي: إنما له كلام في الحكمة والزهد، يعني سابق البربري ليس كما زعم بل له رواية، فإن الحديث الذي افتتحنا به هذه الترجمة قال فيه الراوي عنه، وهو محمد بن سليمان بن أبي داوود القرشي: حدثنا سابق البربري، وقال الحافظ أبو علي القشيري - فيما حكاه عن عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي - قال: حدثنا سابق البربري، وفيما أوردناه من كلامه وكلام غيره كفاية في الدلالة على أنهما واحد.
أنبأنا ابن طبرزد عن ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو سعيد سابق البربري.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ: أبو سعيد سابق بن عبد الله البربري، إمام مسجد الرقة وقاضي أهلها.

سمع أبا عثمان ربيعة بن أبي عبد الرحمن التيمي، وأبا شبل العلاء بن عبد الرحمن بن يعقوب الحرقي.
روى عنه أبو عمر عبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي وأبو عبد الله محمد بن سليمان بن أبي داوود الحراني، يعد في الشاميين.
هكذا قال: يعد في الشاميين، وتابع في هذا القول أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وإنما قالا ذلك لأنه أقام بالشام كثيراً، وكان انقطع إلى عمر بن عبد العزيز، وله معه أخبار، وغزا في أيام سليمان بن عبد الملك، وكان يكون بدابق.
قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: سابق بن عبد الله الرقي المعروف بالبربري يكنى أبا سعيد.
حدث في عمرو بن أبي عمرو، والعلاء بن عبد الرحمن، ومطرف بن طريف، وعاصم بن كليب، ويزيد بن خصفه، وإسماعيل بن أمية، وإسماعيل بن أبي خالد، وعمرو بن يحيى المازني، وعلي بن بذيمة، وخصيف بن عبد الرحمن، وأبي حنيفة الفقيه.
روى عنه موسى بن أعين وأبو بدر شجاع بن الوليد وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وغيرهم.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن محمد الشيباني قال: حدثنا عبد الله بن يحيى القاضي الكريزي قال: حدثنا الفتح بن سلومة قال: حدثنا فهر بن بشر الداماني قال: حدثني سابق أبو سعيد البربري، إمامنا بالرقة، قال: حدثنا عمرو أبو يحيى بن عمارة المازني، بحديث ذكره.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن هبة الله بن ماكولا قال: سابق بن عبد الله، أبو سعيد المعروف بالبربري حدث عن عمرو بن أبي عمرو، والعلاء ابن عبد الرحمن، ومطرف بن طريف، وعاصم بن كليب، ويزيد بن خصفة، وأبي حنيفة النعمان بن ثابت، وإسماعيل بن أمية، وإسماعيل بن أبي خالد. روى عنه موسى بن أعين، وشجاع بن الوليد وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي وغيره.
أخبرنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن - في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: سابق بن عبد الله، أبو سعيد، ويقال أبو أمية، ويقال أبو المهاجر، الرقي المعروف بالبربري، الشاعر، قدم على عمر بن عبد العزيز، وأنشده أشعاراً في الزهد.
روى عنه ربيعة بن عبد الرحمن، وداوود بن أبي هند، ومكحول، وشعبة، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند، ومطرف بن طريف، والعلاء بن عبد الرحمن، وعمرو ابن أبي عمرو وعاصم بن كليب، ويزيد بن خصفة، وإسماعيل بن أمية، وإسماعيل ابن أبي خالد، وعلي بن بذيمة، وعبد الله بن سعيد بن أبي هند.
روى عنه الأوزاعي، ومحمد بن يزيد بن سنان الرهاوي، وعبيد الله بن يزيد القردواني، ومحمد بن سليمان بن أبي داوود، وأبو بدر شجاع بن الوليد السكوني، وموسى بن أعين، وعثمان بن عبد الرحمن الطرائفي، وفهر بن بشر الداماني والمعافى بن عمران، ورباح بن الجراح الموصليان.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي محمد الجوهري قال: أجاز لنا أبو عبيد بن عمران بن موسى المرزباني قال: سابق البربري، مولى الوليد، يكنى أبا عبد الله، ويقال أبو أمية، أحد الزهاد المشهورين، وله مع عمر بن عبد العزيز أخبار وهو القائل:
وللموت تغذو الوالدات سخالها ... كما لخراب الدهر تبنى المنازل
وله:
أموالنا لذوي الميراث نجمعها ... ودورنا لخراب الدهر نبنيها
والنفس تكلف بالدنيا وقد علمت ... أن السلامة فيها ترك ما فيها
وله:
وكائن ترى من صامت لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
وله:
يخادع ريب الدهر عن نفسه الفتى ... سفاهاً وريب الدهر عنها يخادعه
ويطمع في سوفٍ ويهلك دونها ... وكم من حريص أهلكته مطامعه

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا محمد بن سفيان قال: حدثنا سعيد بن رحمة قال: سمعت ابن المبارك عن الأوزاعي عن سابق البربري قال: حدثنا سعيد بن رحمة قال: سمعت ابن المبارك بن الأوزاعي عن سابق البربري قال: كتب مكحول إلى حسن البصري فجاءنا كتابه، ونحن بدابق: في الرجُل يطلب عدوّه وهم منهزمون، فحضرت الصلاة أيصلي على ظهر فرسه؟ قال: بل ينزل فيستقبل القبلة، وإن كان عدوهم يطلبهم فليصل على ظهر فرسه إيماءً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد الدهان قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن قال: حدثنا علي بن عثمان النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا أبو كامل مولى الغاز بن ربيعة قال: سمعت سابقاً البربري ينشد مكحولاً وهو في الغزو:
يا نفس كل قابرٍ مقبور
ويهلك الزائر والمزور
ويقبض العارية المعير
ليس على صرف الدوا عمُور
كم من غني مكثرٍ فقير
حتى انتهى إلى قوله:
والصدقُ بر والتقي نظير
والبر معروف به المبرور
وذو الهوى يسوقه المقدور
فقال مكحول: لا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي - قراءة عليه وأنا اسمع بحلب - قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي المنبجي، ثم الحلبي بها، قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد جعفر بن أبي طالب قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو جعفر بن بريه قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال حدثني محمد بن الحسين قال: حدثنا حماد بن الوليد الحنظلي قال: سمعت عمر بن ذر يذكر أنه بلغه عن ميمون بن مهران أنه قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز يوماً وعنده سابق البربري الشاعر وهو ينشده شعراً فانتهى في شعره إلى هذه الأبيات:
وكم من صحيح باتَ للموت آمناً ... أتتهُ المنايا بغتةً بعدما هَجَع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتة ... فراراً ولا منه بقوته امتنع
فأصبح تبكيه النساءُ مقنعاً ... ولا يسمع الداعي وإن صوته رفع
وقرب من لحدٍ فصار مقيلهُ ... وفارق ما قد كان بالأمس قد جمعَ
فلا يتركُ الموتُ الغني لمالهِ ... ولا معدوماً في المالِ ذا حاجةٍ يدع
فلم يزل يبكي ويضطرب حتى غُشي عليه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو القاسم علي الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: الحسن بن إسماعيل بن محمد، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبي قال أخبرنا أحمد بن مروان قال: أنشدنا إسماعيل بن إسحاق السراج قال: أنشدني أبو زيد النميري لسابق:
وكم من صحيح بات للموت آمنا ... أتته المنايا بغتة بعدما هجع
فلم يستطع إذ جاءه الموت بغتة ... فراراً ولا منه بقوته امتنع
وأصبح تبكيه النساء مقنعاً ... ولا يسمع الداعي وإن صوته رفع
وقرب من لحد فصار مقيله وفارق ما قد كان بالأمس قد جمع
ولا يترك الموت الغني لماله ... ولا معدوماً في المال ذا حاجة يدع

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور قال: أخبرنا خليفة بن محفوظ المؤدب بالأنبار، في الرحلة الأولى غليها، قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر العدل - إملاء من لفظه - قال: أخبرنا محمد بن المغلس البزاز، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي عن أبيه أبي العباس الفقيه أن أبا الحسن محمد بن الغلس بن جعفر البزاز أخبرهم بمصر قال: أخبرنا ابو محمد الحسن بن رشيق المعدل العسكري. وقال ابن أبي الصقر: الحسن بن رشيق المصري قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن محمد السامري بالرملة قال: حدثنا العباس بن محتاج قال: قال سابق البربري:
العلم زينٌ وتشريف لصاحبهِ ... فاطلُب هُديت فنونَ العلمِ والأدبا
يا جامعَ العلم نعم الذخر تَجْمعُه ... لا تعدلن به درّاً ولا ذهباً
قد يجمع المرء مالاً ثم يُتلفُه ... عما قليل فيلقى الذل والحربا
وجامع العلم مغبوط به بهجٌ ... ما إن يحاذر فوتاً ولا ولا سلباً
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد - في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمر بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن أحمد بن يوه قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمدبن الحسين قال: حدثنا إسحاق بن يحيى العبدي قال: حدثنا عثمان بن عبد الحميد قال: دخل سابق البربري على عمر ابن عبد العزيز فقال له عمر: عظني يا سابق وأوجز، قال: نعم يا أمير المؤمنين وأبلغ إن شاء الله، قال: هات، فقال: هات، فأنشده:
إذا أنت لم ترحل بزاد من التقى ... ووافيت بعد الموت من قد تزودا
ندمت على أن لا تكون شركته ... وأرصدت قبل الموت ما كان أرصد
فبكى عمر حتى سقط مغشياً عليه.
وقال: أخبرنا الحافظ عمي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن أيوب قال: حدثني عبد الله بن حماد - وكان ثقة - أن عمر بن عبد العزيز كتب إلى سابق البربري أن عظني، فكتب إليه بهذه:
بسم الذي أنزلت من عنده السور ... والحمد لله أما بعد يا عمر:
إن كنت تعلم ما تأتي وما تذر ... فكْن على حَذَر قد ينفع الحذر
واصبر على القدر المحتوم وارض بهِ ... وإن أتاك بما لا يشتهي القدر
فما صفا لامرئ عيشٌ يُسَرّ به ... إلا سَيتْبَعُ يوماً صَفْوهُ كَدَر
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن محمد بن أحمد الخلمي قال: أنشدنا أبو المعين ميمون بن محمد بن محمد بن معتمد المكحولي النسفي - إملاءً - قال: أنشدوا لسابق البربري:
ألم تَر أن الحلم زينْ مُسَوّد ... لصاحبه والجهل للمَرءِ شائِن
ومن لا يزال يوماً مع الجهل مُذعناً ... يَقُدهُ إلى حين وذو الجهل حائِن
ومن هذه الأبيات ما أنبأنا به أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور، وأبو القاسم بن البسري وأبو محمد بن أبي عثمان قالوا: أخبرنا أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت المُجْبِر قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن القاسم قال: حدثنا أحمد بن محمد الأسدي قال: أنشدنا الرياشي لسابق البربري رحمه الله:
ألا رُبما صار البَغيض مُصافياً ... وحال عن العهد الصديق المتاقن
فلا تغترر ما عشت من متجملٍ ... بظاهر ودٍ قد تُغطى البَطَائن
قال الرياشي: المتاقن المؤانس المعاشر، وأنشد لابن مقبل:
يقول الذي أمسى إلى الحزن أهله ... بأي الحشى أمس الخليط المتاقِن

أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: أنشدنا عمرو بن محمد البصري قال: أنشدنا أبو الفضل الرياشي قال: أنشدني بعض أصحابنا لسابق البربري:
إن كنت متخذاً خليلاً ... فتنق وانتقد الخليلا
من لم يكن لك منصفاً ... في الوّد فابغ به بديلا
وعليك نفسك فارعها ... واكسب لها عملاً جميلاً
ومن استخف بنفسه ... زرعت له قالاً وقيلا
وأقل ما تجد اللئي ... م عليك إلا مستطيلا
وقال ابن بنين: ولقلّ معا.
والمرء إن عرف الجمي ... ل وجدته يأتي الجميلا
ولربما سئل البخيل الشيء ... لا يَسوي فتيلا
فيقول لا أجد السبيل ... إليه يكره أن يُنيلا
فكذا لا جعل الإلهُ لهُ ... إلى خيرٍ سبيلا
يا مبتني الدار الذي هو ... مسرع عنها الرّحيلا
إن لم تُنِل خيراً أخاك ... فكُن له عبداً ذليلا
وتجنَّب الشهوات ... واحذر أن تكون لها قتيلا
فلُرب شهوة ساعة قد ... أورثت حزناً طويلا
سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس: ابن إدريس بن نصر أبو الفضائل الكلابي، وتمام نسبة نذكره في ترجمة جد أبيه صالح بن مرداس إن شاء الله تعالى، وأمه بنت الملك أبي طاهر بن فناخسرو بن بويه.
ملك حلب في الليلة الثانية من شوال سنة ثمان وستين وأربعمائة، وكان أخوه قد قتل يوم عيد الفطر بعد العصر على ما ذكرناه في ترجمته، وكان قد فوض نصر أموره إلى سديد الملك أبي الحسن علي بن منقذ بعد عوده من طرابلس، وفوض إليه أموره، وكان الوزير ابن النحاس بقلعة حلب، وفي القلعة والٍ يقال له ورد، وعندهما جماعة من الخواص، فلما علموا بقتل نصر استدعوا أخاه سابق بن محمود، وكان ساكناً في العقبة في الدار التي تنسب إلى عزيز الدولة فاتك، وكان قد شرب فيها وسكر، فحمل من العقبة وهو سكران، ورفع من السور بحبل إلى القلعة وهو سكران، ونادوا بشعاره وأطاعه الأجناد، وأشاروا عليه بإطلاق أحمد شاه من الإعتقال، وكان نصر اعتقله، فأطلقه، وخلع عليه، فنزل أحمد شاه إلى العسكر بالحاضر فسكن الفتنة.
واستقرت قاعدة سابق، ولقب عز الملك أبو الفضائل، ودخل عليه أبو الفتيان ابن حيوس، فمدحه بقصيدته التي أولها:
علي لها أن أحفظ العهد والودّا ... وإن لم تُفد إلى القطيعة والصدا
فأطلق له سابق ألف دينار، وجعل له كل شهر ثلاثين ديناراً.
وكان سابق ألف دينار، وجعل له كل شهر ثلاثين ديناراً.
وكان سابق من متخلفي بني مرداس، وكان ينظم الشعر، فإنني وقفت في ديوان شعر ابن النحاس على أبيات يخاطب بها سابق بن محمود، وقد أنشده شعراً لنفسه فيه:
كنت أنشدتني من الشعر نظماً ... بحترياً يفوق لفظاً ومعنى

ولما ملك سابق وعرف بنو كلاب تخلفه اجتمعوا إلى أخيه وثاب، وحسنوا له أخذ حلب، وانضاف إليه أخوه شبيب بن محمود، ومبارك بن شبل ابن خالهما، فسير سابق واستدعى أحمد شاه أمير الأتراك، وكان في ألف فارس، واستعان به، فأنفذ إلى رجل من الأتراك يعرف بمحمد بن دملاج كان نازلاً في طريق بلد الروم في خمسمائة فارس، وضمن له مالاً، فوصل ابن دِملاج في يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة من سنة ثمان وستين وأربعمائة، وتحالفوا، وخرجوا إلى وثاب وبني كلاب في يوم الخميس مستهل ذي الحجة، وكان بنو كلاب في جمع يقارب سبعين ألف فارس وراجل، وكانوا بقنسرين فعندما عاينوا الأتراك، وانهزموا من غير قتال، وخلفوا حللهم، وأموالهم، ونسائهم وأموالهم، فغنم أحمد شاه وابن دملاج وأصحابهما جميع ذلك، فيقال إنهم أخذوا لهم مائة ألف جمل، وأربعمائة ألف شاة، وسبوا من حرمهم الحرائر، وإمائهم وعبيدهم مالا يحصى كثرة، وعادوا بالأسرى إلى حلب، فأطلقهم سابق، وأنزل أخته زوجة مبارك بن شبل في دار وأكرمها.
فسار وثاب ومبارك بن شبل إلى السلطان ملك شاه بن ألب أرسلان، وشكوا حالهم، وسألوا منه أن يعينهم على سابق، فوعدهم وأقطعهم في الشام، وأقطع الشام أخاه تُتُش، فسار ومعه جموع الترك ووثاب ومبارك بن شبل، وصل إليه بنو كلاب، فنزل على حلب سنة إحدى وسبعين وأربعمائة، ووصل إليه أبو المكارم مُسلم بن قُريش، ونزل معه عليها، وكان هواه مع سابق، فكان يُسَيَّر إليه بما يقوي نفسه، وينكر على بني كلاب خلطنهم، ودام الحصار ثلاثة أشهر. وأحس أبو المكارم بتغير النية فيه، وتحقيق التهمة به من مراسلة سابق وأهل حلب، فاستأذن تاج الدولة في الرحيل، ورحل وجعل رحيله وعبوره بعسكره على باب حلب، وباع أصحابه أهل حلب كلما كان في عسكره عصبية وتقوية لهم، وقوى نفوسهم ونفس سابق، وسار بعد أن قوي أهل حلب بما ابتاعوه من عسكره بعد الضعف الشديد إلى بلاده، ورحل معظم بني كلاب، وبقي مع تاج الدولة تُتُش من بين كلاب وثاب وشبيب أخو سابق ومبارك بن شبلِ في عدد يسير، فأشار عليهم أبو المكارم بن قريش بالاحتياط على أنفسهم أو الهرب إلى حلب، وكاتبهم سابق، وتألفهم، وقال لهم: إنما أذاب وأحامي عن بلادكم وعزكم، ولو صار هذا البلد إلى تُتُش، أزال ملك العرب وذلوا، واستوحشوا من الأتراك، فهربوا إلى حلب، وصاروا إلى سابق، وكتب سابق إلى الأمير أبي زائدة محمد بن زائدة قصيدة من شعر وزيره أبي نصر النحاس يعرفه ما هو فيه من الضيق، ويسأله الإقبال عليه، والقيام بمعونته، ويحذره من التخلف عنه فيكون ذلك سبباً لزوال ملك العرب، ويعيب عليه في التوقف عنه، والقصيدة:
دعوتُ لكشف الخطب والخطب مُعْضل ... فلبيَّتْني لما دعوت مُجاوبا
ووَفيَّت بالعهد الذي كان بيننا ... وفاء كريم لم يَخُن قط صاحبا
وما زلت فرَّاجاً لكل ملمةِ ... إذا المِحْرَب الصنديد ضجَّع هايبا
فشمر لها وانهض نهوض مُشَيَّع ... له غمرات تستقل النوائبا
وقل لكلابٍ بدد الله شملكم ... أو يَحكم ما تتقون المعائبا
أتستبدلون الذل بالعز ملبساً ... وتمسون أذناباً وكنم ذوائبا
وما زلتم الآساد تفترس العدى ... فما بالكم مع هؤلاء ثعالبا
ثبوا وثبةً تشفي الصدور من الصدا ... ولا تخجلوا أحسابنا والمناقبا
ولا بد من يوم نُحكم بيننا ... توبين العدى فيه ألقنا والقواضبا
أرى الثغر روحاً أنتم جسد له ... إذا الروح زالت أصبح الجسم عاطبا
وقد ذدت عنه طالباً حفظ عزكم ... إباء ولا قيت المنايا الشواغبا
وها أنا لا أنفك أبذل في حمى ... حماكم مجداً مهجتي والرغائبا
أأذخر مالي عنكم وذخائري ... إذا بتَّ عن طرق المكارم عازباً
شكرت صنيع ابن المسيب إذ أتى ... يجر مغاوير تسد السباسبا
منها:
أيا راكبا يطوي الفلاة بحسرة ... هملعة لُقْيت رشدك راكبا
ألا أبلغ أبا الريان عني ألوكه ... تُربح من الإيلاف ما كان واجبا

أخا شخصه لا يبرح الدهر حاضرا ... تُمثله عيني وإن كان غائباً
متى تجمع الأيام بيني وبينه ... أشد عليه ما حييت الرواجبا
وأهد إلى شبل سلامي وقل له: ... لك الخير دع ما قد تقدم جانبا
فتلك حقود لو تكلم صامت ... لجاء إليها الدهر منهن تائبا
وقد أمكنتكم فرصة فانهضوا لها ... عجالاً وإلا أعوز الدر جالبا
فإني رأيت الموت أجمل بالفتى ... وأهون أن يلقى المنايا مجاوبا
وكان قد بلغ سابقا أن أمير من أمراء خراسان يقال له تُركمان التركي، قد توجه منجداً تاج الدولة تُتُش ومعه عسكر، فأخرج سابق منصور بن كامل الكلابي، أحد أمراء بني كلاب، ومن حلب ليلاً، وأعطاه كتابه إلى أبي زائدة، وفيه هذه الأبيات، ومعه بعض أصحاب سابق، ومعهم مال، فاتفق مع منصور ونائب سابق، وجمعوا ما يزيد على ألف فارس وخمسمائة راجل من بني نُمير وقشير، وكلاب، وعقيل، وبتدبير أبي المكارم بن قريش، والتقوا تركمان التركي في أرض الفايا، فكبسوا عسكره، وقتلوه.
وبلغ ذلك تاج الدولة تتش فرحل عن حلب إلى الفرات، وشتى بديار بكر، ثم عاد إلى حلب، وافتتح منبج في طريقه وبزاعا وعزاز، وصبح حلب صباحاً، فخرج عسكر حلب، فالتقوا على الخُناقية، وانهزم عسكر تتش بغير قتال.
وكان أبو زائدة وابن عمه شبل بن جامع بن زائدة في قدر خمسين فارساً مقابلهم فحملوا عليه، واتفقت هزيمتهم فقتلوا من الغُزّ جماعة وغنموا، وتقدم محمد بن زائدة إلى الشيخ أبي نصر منصور بن تميم السرميني المعروف بابن زنكل أن يجيب أبا الفضائل سابق بن محمود عن القصيدة التي أنفذها إليه، ويعرفه ما لبني كلاب من الأيام المعروفة، ويذكر هذه الوقائع، فعمل:
دعوت مجيباً ناصحاً لك مخلصاً ... يرى ذاك فرضاً لا محالة واجبا
فلبيت لا مستنكفا جزعا ولا ... هِداناً إذا خاض الكريهة هائبا
قال فيها في ذكر هذه الوقائع:
ولما دعاني المدركي ابن صالح ... شققت ولم أرهب إليه الكرائبا
أسابق صرف الدهر في نصر سابق ... إلى تركمان الترك أزجي النجائبا
فلما التقيناهم غدا البعض سالباً ... لأنفسم والبعض للمال ناهبا
فيا لك من يوم سعيد بيُمنه ... عن الثغر أضحى عسكر الضد هاربا
وكان يرى في كفه الشام حاصلاً ... ويوم بزاعا رد ما ظن خائبا
وفي يوم خُناقيه قد خنقتهم ... بعثير ذلٍ ردّ ذا الشرخ شائبا
عطفت لهم أذخام من خام منهم ... بفتيان كالعقبان شامت توالبا
فلله قومي الصادرون لو انثنوا ... معي أو فريق كنت للجمع ناكبا
فولوا وقضبان المخافة فيهم ... مسابقة أرماحنا والقواضبا
فكم فارساً منهم تركنا مجدلاً ... يباشر ترب القاع منه الترائبا
وإذا يقنوا أن ليس للكسر جابر ... تولو وعن جبرين حثوا الركائبا
وخذوا بها كسبا حووه وأبصروا ... سلامتهم منا أجل مكاسبا
ورحل تاج الدولة تُتُش من جبرين، وكان نازلاً بعسكره عليها إلى دمشق.

ولما جرى هذا الحادث طمع شرف الدولة، أبو المكارم، مسلم بن قريش في الشام، وكاتبه سابق بن محمود يبذل له تسليم حلب إليه، ووفدت عليه بنو كلاب بأسرها، فتوجه إلى حلب، ونزل عليها في السادس عشر من ذي الحجة من سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، فغلقت أبوابها في وجهه، وكان عند سابق أخواه شبيب ووثاب بحلب، فلم يمكناه من التسليم، فلم يقاتلها، وأهلها يحرصون على التسليم إليه لما هم فيه من الجوع، وعدم القوت، وسلم البلد إليه ولد الشريف الحتُيتي، وعلى ما نذكره في ترجمة أبي المكارم مسلم بن قريش فانحاز سابق إلى القلعة، وأخواه شبيب ووثاب في القصر لضيق القلعة، وحصر أبو المكارم القلعة إلى أن دبر شبيب ووثاب وهما في القصر على سابق، وقفزا في القلعة وصاح الأجناد بها شبيب يا منصور، وقبض سابق وحبس، وتسلم شبيب ما كان بها من المال، وسفر سديد الملك ابن منقذ بين مسلم بن قريش وبين شبيب إلى أن تسلم القلعة في شهر ربيع الآخر من سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، وانقضى أمر سابق بعد حصار للقلعة أربعة أشهر، وانقضت دولة آل مرداس.
دفع إلى القاضي أبو محمد بن الخشاب جزءاً بخطه وذكر لي أن نقله من خط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة في ذكر ملوك حلب. وكتب إلينا المؤيد ابن محمد بن علي الطوسي عن أبي الحسن قال: بعد ذكر نصر بن محمود وقتله بظاهر حلب ثاني عيد الفطر من سنة ثمان وستين: بعده أخوه سابق بن محمود أقام أربع سنين، وسلم البلد إلى شرف الدولة أبي المكارم مسلم بن قريش العقيلي سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة - يريد البلد دون القلعة.
قرأت بخط أبي عبد الله العظيمي، وأنبأنا به أبو اليُمن الكِندي وغيره عنه، سنة ثماني وستين وأربعمائة فيها: قتل نصر بن محمود صاحب حلب يوم الأحد، يوم عيد الفطر. وجلس سابق بن محمود مكانه.
قال: وفي هذه السنة، يعني سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة. وصل شرف الدولة إلى حلب وتسلمها من سابق بن محمود، وامتنعت القلعة عليه، وكان بالقلعة سابق وأخوه شبيب، فقبض شبيب على سابق يوم السبت ثاني عشر صفر، وتولى الأمر بنفسه يوماً واحداً، ثم عاد سابق فقبض على أخيه شبيب وتولى الأمر كما كان أولاً، وبقي الحصار أربعة أشهر، ثم سلم القلعة سابق إلى شرف الدولة يوم الأحد عاشر ربيع الآخر، وقيل جمادى الآخر، وهو الأصح، يعين من سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
نقلت من خط أبي الحسن بن مرشد بن علي بن مُنقذ في تاريخه قال: وأقام نصر مالكاً إلى سنة ثمان وستين، فلما كان يوم عيد الأضحى عيّد وخرج العصر لنهب الأتراك ابن خان وأصحابه، ويأخذ نساءهم فإنه قال: نريد الوجوه الملاح فضربه واحد فقتله، واختبطت حلب، وقفلت أبوابها، وقفل باب القلعة، فجاء الأمير أبو الحسن سديد الملك، وكان قد نزل لما مات محمود، وقال له نصر: ما يُرّب هذه الدولة غيرك، فلما قتل نصر لم يجسر أن يذكر للوزير ابن النحاس - وكان صديقه - ذلك ظاهراً، فقال له وهو في القلعة من تحت السور: الأمير نصر سالم كما تحب، ولكن سألتني عن شيء قبل خروجي وهو: القَيْل فاد، معناه، القيل الملك، وفاد مات.
فاحتفظ ابن النحاس من القلعة، وأجلسوا بعده أخاه سابقاً، وكان سابق كما قيل لي من أحسن الناس محاضرة، وأصبحهم وجهاً، وأسوأهم فعلاً في نفسه وأفعاله.
حدثني مولاي رحمه الله قال: من طريف عمله أنه مدحه الشريف أبو المجد بثلاث قصائد، فتأخرت الجائزة، فكتب إليه، وقد ضاع له دنانير ثم وجدها.
قل للأمير أبي الفضائل سابق ... قولا يفوه به لسان الناطق
بحق من رد الدنانير التي ... ضاعت بتقدير الإله الخالق
أردد علي مدائحاً أنشدتها ... ذهبت لديك ذهاب خُلَّبٍ بارق
قال: فأنفذ له قصيدة وكتب إليه على ظهرها: نحن نسأل عن الباقي وننفذه إليك.
وأقام بحلب مستضعفاً يُغير بنو كلاب على باب حلب، تأخُذُ منه الغسالات والقوافل، ولا يخرج أحد إلاّ بخفارة، ولا يدخل إلا كذلك.
والأمير سديد الملك مقيم بالجسر لعلمه أن الداء قد أعضل، قال: فاشتغل عنهم بحصنه وبلده كَفَر طاب، يشتو بالجسر، ويصيف بكَفَر طاب، إلى أن غُلب سابق، واستحكم يأسه، أنفذ إليه وقال: أشتهي أن تحضر، تفصل بيني وبين أخوتي، وما قد دهمنا من شرف الدولة، فمضى حينئذ وقد أمن غائلتهم.

وقال: سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة، فيها تسلم شرف الدولة قلعة حلب، شهر ربيع الآخر ولم يكن فيها ما يؤكل.
قلت انقطع ذكر سابق بعد أخذ حلب منه، فلم نقع له على ذكر ولا خبر والظاهر أنه تطل مدته، وأنه توفي بعد ذلك بقليل.
السابق بن أبي مهزول المعري: واسمه محمد بن الخضر، السابق لقب اشتهر به، وربما يلتبس بأنه اسمه، وسنذكره في المحمدين فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر من اسمه سابور
سابور بن أزدشير:
بابكان الملك بن ساسان بن بابك بن ساسان بن بابك بن ساسان بن بهمن الملك، وهو سابور الجنود، ملك بعد أبيه أزدشير، ملك إحدى وثلاثين سنة ونصف، وثمانية عشر يوماً، هكذا نقلت نسبه من خط عبد السلام بن الحسين البصري المعروف بالواجكا في كتاب ذكر فيه فضائل الفرس وملوكهم وأنسابهم وأخبارهم.
ونقلت من خط المذكر في هذا الكتاب، قال سابور بن أزدشير الملك يوم ملك: لا يتعقبن أحد أمرنا ونهينا ما لم يعرف أسبابهما.
وقال: وبنى سابور الجنود الملك: جندي سابور، وبنى بفارس مدينة سابور، وقد كان في موضع مدينة سابور مدينة بناها طهمورت الملك، وبنى سابور أيضاً بميسان مدينة سماها شاذ سابور وبالنبطية تسمى ويها.
قيل إن سابور بن أزدشير افتتح الرقة، ودخل إلى بلاد الروم فقتل منهم وسبى وانتهى إلى القسطنطينية، ففي دخوله من الرقة إلى بلاد الروم اجتاز بحلب أو عملها.
وكان له كلام حكمة.
قرأت في كتاب وقع إلي يتضمن أخبار ملوك الفرس: ثم ملك من بعده يعني أزدشير بن سابور بن أزدشير فعقد التاج على رأسه وهو ابن عشرين سنة، وقد كان الناس آنسوا منه في حياة أبيه فضلاً في إصابة رأيه وصحة عقله وعمورة حلمه وشدة بطشه، وبلاغة منطقه مع حزمه ورأيه ويمن نقيبته، وعظم رأفته ورحمته وأمره بما في الخزائن من الأموال والجوهر والأمتعة، ففرق أكثر ذلك فيمن قبله من الجنود والرعية، ووصل إلى كل منهم بقدر ما هو أهله ومستحقه وقدر حاجته إليه، حتى وصل ذلك إلى الخاص والعام ونالت منفعته القريب والبعيد، والشريف والوضيع، وساس ملكه بأحسن السياسة، ووصل إلى رعيته من اللين والرفاهية في ولايته ما اشتدت مودته لهم ورغبتهم فيه، وحسن سماعه في الناس، فلما مضى من ملكه إحدى عشرة سنة سار بجنوده إلى الجزيرة فنزل على نصيبين فافتتحها، ثم افتتح الرقة وأوغل في بلاد الروم، فقتل منهم مقتلة عظيمة وسبى سبايا كثيرة، ثم انصرف إلى مملكته بغنائم كثيرة، وقد كان انتهى في مسيره إلى القسطنطينية، وبنى ثلاث مدائن منهن جندي سابور، وسابور التي بفارس وتَسْتَر بالأهواز، واستقبل السيرة في مملكته ورعيته بأحسن ما كان عليه من الجود بالأموال، والتخفيف عن الخراج والرحمة للضعفاء، والرقة عليهم والشدة على أهل الريب والتحري للعدل وكان جميع ما ملك ثلاثين سنة وشهراً إلا يومين.
سابور بن علي بن هلال بن حبيش بن عبد العزيز:
أبو طاهر بن أبي الحسين بن أبي البدر الحلبي المؤدب المعروف بابن الجُبري شاعر بن شاعر، وقد ذكرنا لكل واحد منهم في ترجمته شعراً.
وأصلهم من جبرين قور سطايا من ناحية إعزاز، وسكنوا حلب.
روي عنه شيئاً من شعره أبو عبد الله بن الملحي، وأبو نضر أحمد بن محمد الطوسي.
أخبرنا أبو الفضل تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: سابور بن الجبري المعلم، شاعر قدم دمشق ذكره لي أبو عبد الله بن الملحي فيمن لقيه بدمشق من أهل الأدب.
فحدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد بن الملحي من لفظه، وكتبه لي بخطه قال: سابور بن الجبري المعلم، شاعر مجيد وأبوه كذلك، مترسل له مقامات ورسائل يشبه بعضها بعضاً في الجودة، وهو القائل في مقلد بن قريش وأسامة بن مبارك:
كنا نعدّ مقلدا في ... بُخله رَب الملامه
وإذا مقلد حين جا ... ء أسامة كعب بن مَامَه
رأيته في رواية أخرى:
وإذا به كعب بن مامه ... حين عاينا أسامة
أخبرنا أبو المظفر حامد بن أميري القزويني - فيما أجاز لنا روايته عنه - قال: أجاز لنا خطيب الموصل أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا والدي قال: أنشدنا أبو طاهر سابور لنفسه في الكذب:

المين يجمع كل شيء طالح ... من خصلة مبغوضة لا تَحْسُن
فَتَوقه إن كنت مرءا صالحا ... قد يتقيه على الصلاح المؤمن
وقال: أنشدنا أبو طاهر، يعني لنفسه:
من كان يكذب ما يقول فلا تكن ... منه قريباً إنه لك مفسد
هي خصلة لا تُرتْضَى فوقَّها ... إن كنت مرءا في الديانة تحمد
وقال: أنشدنا أبو طاهر:
وقد كنت حراً غير أن مطامعي ... تركن إبائي عند عزته عبدا
ومن تابع الأطماع ضلّ برأيه ... وحلّ مريرا كان أحكمه عقدا
نقلت من بعض تعاليقي مما نقلته من خط بعض الحلبيين لأبي طاهر الجبري الحلبي:
مدحناكم ظناً بأن مديحنا ... يقربنا منكم فنظفر بالبذل
ولم ندر أن الجود لم يُلقِ عندكم ... عصاه ولم تثبت لكم قدم الفضل
لنا من قاصدي غير أهله ... رواها لكم لما عكفتم عن البخل
نقلت من خط محمد بن علي العظيمي في تاريخه - وأنبأنا عنه أبو اليمن زيد ابن الحسن الكندي، والمؤيد بن محمد بن علي الطوسي - فال: سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، فيها مات سابور بن علي الجبري الشاعر وعمره ثمانون سنة ثم ذكر في سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة مات سابور أول ربيع الأول في يوم مطير، وقد ذكر في السنة الحالية موته وهذا هو الصحيح.
سابور بن هرمز
الملك بن نرسي بن بهرام الملك، ويقال له الملك شاهنشاه بن بهرام الملك بن هرمز البطل الملك بن سابور الجنود الملك بن أزدشير بن بابك بن ساسان بن بابك ابن ساسان بن بابك بن ساسان بن بهمن الملك، وهو سابور ذو الأكتاف، هكذا نقلت نسبة من خط عبد السلام بن الحسين بن محمد البصري في الكتاب المتضمن ذكر فضائل الفرس وذكر طبقات ملوكهم.
وذكر غيره أنه سابور بن هرمز بن نرسي بن بهرام بن سابور وأن برهام شاهنشاه أخو نرسي بن بهرام، قيل أنه دخل الشام وقصد ملك الروم أبو الياس إلى أنطاكية فقبض عليه وحبسه بأنطاكية.
قرأت بخط عبد السلام البصري: وكان سابور حملاً يوم مات أبوه هرمز الملك، فعقد التاج على بطن أمه، وكان الملك يوم يملك يتكلم بكلام يرغب الناس ويرهبهم، ويعدهم العدل وحسن السيرة، فإذا قعد على سرير الملك ووضع التاج على رأسه، يحمد الله ثم يتكلم بذلك، فإن كان الملك صغيراً لا يحتمل أن يعلق التاج على رأسه، ووضع التاج على كرسي ويتكلم عنه وزيره والموابذة والهرابذة فإذا كان صبيحة اليوم الذي يدرك فيه وضع التاج على رأسه، وجلس مجلس الملوك ثم تكلم هو وإنما سمي سابور ذو الأكتاف لأنه كان يخلع أكتاف العدو. وهو الذي قتل إيادا، وإنما كان جرم إياد عنده إن شاة لرجل من أهل السواد سرقت فاتهم بها رجلاً من إياد، كان دخل السواد في حاجة له فقتل سابور إيادا، وهربت بقية منهم فدخلت بلاد الروم، فخلع سابور أكتاف من بقي منهم.
ومن خط عبد السلام: وبلغنا أن معاوية بن أبي سفيان كتب إلى بني تميم يأمرهم بالوثوب على علي بن أبي طالب عليه السلام، فأجابه إلى ذلك قوم منهم وعلي عليه السلام يومئذ بالبصرة فبلغه ذلك فصعد المنبر فخطب الناس ثم قال:
إن حياً يرى الصلاح فسادا ... ويرى الغي للشقاء رشادا
لقريب من الهلاك كما أهلك ... سابور بالسواد إيادا
قال: وبلغنا أن سابور ذا الأكتاف الملك أقام بجندي سابور ثلاثين سنة من ملكه، ثم تحول إلى المدائن وهي دار الملك في القديم فتحول عن جانب المدائن التي كانت الملوك تنزله وبنى الإيوان الذي بالمدائن اليوم والقصر في الجانب الآخر.
فلم تزل الملوك بعد سابور ذي الأكتاف إلى أن خرج الملك من أيديهم ينزلون الإيوان الذي بالمدائن والقصر الذي الإيوان فيه، وملك سابور اثنتين وسبعين سنة فيحن حضرته الوفاة كان ابنه سابور بن سابور ذي الأكتاف صغيراً، فأوصى بالملك لأخيه أزدشير بن هرمز الملك.
ومن خط عبد السلام: وبنى سابور ذو الأكتاف الإيوان الذي بالمدائن والقصر الذي فيه الإيوان، وبنى بالأنبار وسماها فيروز سابور وبنى مدينة السوس بالأهواز، وبنى مدائن بسجستان، وبنى مدينة الكرج، وبنى مدينة بآجر وسماها جندي سابور أسكن فيها سبياً سباهم من الروم وبنى مدينة نيسابور بأرض خراسان وبنى مدائناً بالسند.

هذا ما نقلته من خط عبد السلام البصري المعروف بالواجكا.
وذكر في غير هذا الكتاب أن أبو الياس ملك الروم، وكان ينزل أنطاكية قصده سابور ذو الأكتاف فظفر به أو الياس إما في حربه، وإما لأن سابور - كما يقال - مضى إلى أرض الروم ليقتص أمرها. ففطن له وقبض عليه، فكيف ما كان فقد دخل أنطاكية.
وقيل إن أبو الياس سار إلى أرض العجم حتى بلغ جندي سابور فحصرها فاستصعب عليه فتحها، وكان سابور محبوساً في قصر أبو الياس فعشقته ابنة الملك، فخلصته فطوى البلد متخفيا إلى أن وصل جند يسابور، فدخلها وقويت نفوس من بها من أصحابه وخرجوا من فورهم فأوقعوا بالروم تفاؤلا بخلاص سابور، فأسروا أبو الياس فقتله سابور ذو الأكتاف، واختلفت الروم فيمن يولونه وضعفوا عن مقاومته وكان لسابور عناية بقسطنطين فولاه على الروم، ومنّ عليهم بسببه وجعل لهم طريقاً إلى الخروج من بلاده، وبعد أن شرط على قسطنطين بأن يغرس إزاء كل نخلة قطعت من أرض السواد وبلاده شجرة زيتون، وأن ينفذ إليه من ببلاد الروم فوفى له.
وقع إلي كتاب يتضمن أخبار الفرس لم يذكر اسم مؤلفه، فنقلت منه: فلما بلغ سابور ست عشرة سنة واشتد عظمه، وقوي على حمل السلاح، جمع إليه عظماء أهل مملكته، ثم قام وخطبهم وحمد الله ووعظهم، ثم أمرهم أن يختاروا نُجدائهم وأهل البأس منهم ألف أسوار، ففعلوا، وعرضوا عليه بأسلحتهم وكراعهم، فأقام لهم ما يكفيهم وأولادهم من الأرزاق والأطعمة، ثم جمع الألف إليه وحثهم على القيام بحفظ البلاد، وكانت الأحوال بسبب صغر سنه قد اختلت فأجابوه بما يؤثره، ثم سار إلى النواحي التي كانت العرب فيها فقتل من قدر عليه منهم وهرب بقيتهم حتى لحقوا ببلادهم فقطع البحر حتى أتى الخط، ثم غزا بلاد البحرين فجعل لا يبقي على شيء قتلاً وإخراباً، غير أنه لم يكن يأخذ لهم سلباً ولا مالاً، ثم مضى إلى هجر فأعظم المقتلة فيهم، ثم أتى عبد القيس ففعل بهم مثل ذلك حتى أبادهم، وفعل ذلك باليمامة وما يليها، وقتل بالمدينة وخيبر ثم هبط إلى ما يلي الشام من بلادهم ففعل مثل ذلك بهم وقال: هذا جزاؤكم بما كان من بغيكم علينا وإفسادكم في بلادنا بعدما شرطتم لدار ابن دارا الملك من الكف عن بلاده والتشبه بالنساء في إطالة الشعر وإتخاذ الأزر، وكان دارا بن دارا الملك ابن عم ساسان والد أزدشير.

فلما بلغ سابور ما في نفسه، وأدرك منهم ثأره، قال لمن معه من الجنود: إني أريد دخول أرض الروم ومستخف فيها حتى أبحث عن أسرارهم وأعرف عدة جنودهم ومسالك بلادهم حتى إذا بلغت نهمتي من ذلك، وحاجتي انصرفت إلى مملكتي، فسرت إليهم بمن أحتاج إليه من الجنود فحذره الجنود التغرير بنفسه فلم يقبل، وانصرف متنكراً حتى دخل أرضهم فمكث فيها حيناً يجول فيهان فبينما هو كذلك إذ بلغه أن ابن قيصر أعرس فأولم وليمة لسفلة الناس ومساكينهم، وأمر أن يجمعوا له ويحضروا طعامه بعد فراغه من طعام الأشراف، فانطلق سابور متهيئاً بهيئة السؤال حتى شهد ذلك الجمع، لينظر إلى قيصر ويعرفه هيئته في مجلسه وطعامه فبينما هو كذلك إذ أتى قيصر بإناء يشرب فيه من آنية سابور منقوش فيه تمثال سابور، فجعلوا يسقون به قيصر ومن حوله، حتى انتهى الإناء إلى حكيم من حكمائهم الذين ينظرون في النجوم، ويعرفون الفراسة فنظر في التمثال الذي فيه، وقبل ذلك ما قد كان أبصر وجه سابور وهو جالس في رفقة المساكين، فأمسك الإناء وقال: إني لأرى أمراً معجباً قال قيصر: ما ذلك؟ قال الحكيم: أرى في الجلساء رجلا شبيه الصورة بهذا التمثال، فإن لم يكن ذلك سابور فما في الأرض أحد أشبه منه به، فأمر قيصر فدعا سابور إليه فسأله عن أمره، فقال: أنا رجل مسكين من أهل فارس، وكان سابور جميل الوجه حسن الصورة، معتدل القامة، تام الخلق، فازداد قيصر لما رأى من حاله في ذلك ارتياباً في أمره وأحس بأنه لم يصدقه عن نفسه، فألح عليه في السؤال وقال ما صدقتنا عن خبرك، فقال سابور: أما إذا أبيتم إلا التقصي عن أمري فإني لا أجد من صدقكم بدا، أنا من أساورة فارس، وكان والدي قد أجرم إلى ملكنا جرماً عظيماً فقتله واستصفى ما له فتخوفته على نفسي، فلحقت بكم وقد أصابني فقر ومسكنة، فأتيت هذا الموضع لما بي من الجوع والجهد والفاقة، فرقوا له وظنوا أن قد صدقهم عن نفسه، فهموا بتخلية سبيله، فأبى ذلك العالم عليهم أن يخلوه، ونظر في حسابه فأتاه في ذلك ما وافق ظنه، وقال: اعلموا أن هذا سابور نفسه فاستوثقوا منه واشتدوا عليه حتى يعلمكم أمره، فاشتد عليه قيصر عند ذلك وتوعده بالقتل وجعل له الأمان على أن يحقق له الخير عن أمره، فقال لهم سابور: عجباً لكم ومن طمعكم بي أن يؤثر سابور الجهد والحاجة والجوع في بلادكم على المقام في ملكه ونعمته، فلم يقبلوا ذلك منه ولم يخلوا عنه حتى اعترف لهم سابور، فاشتد فرح قيصر وجنوده وقالوا: قد أعظم الله علينا النعمة فساق إلينا عدونا وأمكننا منه فنحن منتقمون منه ومنزلون به وبأرضه ما أجرم إلينا سابور الأول، فأمر قيصر بسابور فجعل في نقرة جوفاء من جلود البقر، ثم أطبق عليه وألزمه الرقباء والحفظة.
وسار بجنوده إلى أرض فارس، ثم أرسل إليهم: أني قد أخذت ملككم فأما أن تفتدوه وإما أن أقتله، وأمر سابور أن كتب إلى أهل أرضه، فيرسل أهل كل مدينة بما يسألهم، فجعل لا ينزل بأرض إلا أخربها، وجعلت الأعاجم تتقيه بكل ما قدرت عليه، فكثر منه القتل والاخراب في مدائنهم وقراهم والعقر في نخلهم وشجرهم وسابور معه يسير به حيث ما توجه، حتى انتهى إلى جند يسابور، وكان قد تحصن جنود فارس وعظماؤهم. فنصب عليهم المجانيق حتى هدم نصفها، ولم يستطع دخولها فبينا هو كذلك إذ غفل حراس سابور من الروم ذات ليلة فلم يغلقوا الباب الذي كان يلقى إليه الطعام في النقرة، وكانت ليلة مقمرة، وكان حول النقرة ممن غنمت الروم من سبي الأهواز أناس كثير، فرفع سابور رأسه وقبل ذلك ما سمع كلامهم وعرف لغتهم، وكان عندهم زقاق زيت فدعا سابور بعضهم فقال: خذوا من هذه الزقاق فأفرغوه على رأسي ففعل ذلك فابتل القد ولان، وكان قد نحل جسمه فلم يلبث أن أسبل يديه ورجليه من الوثاق وخرج من النقرة يدب على قوائمه شبه الدابة حتى إذا جاء من باب المدينة رآه الحراس فصاحوا به، فأشار إليهم أن اصمتوا وأخبرهم باسمه، فعرفوا صوته ففتحوا له باب المدينة فلما دخل على أهلها اشتد سرورهم به ورفعوا أصواتهم بحمد الله وتسبيحه.

فاستنبه قيصر وأصحابه بأصواتهم، وظنوا أنه أتاهم مدد من ورائهم، ثم قال لهم سابور: استعدوا وتعبوا فإذا سمعتم صوت ناقوس الروم فاركبوا خيولكم، فإذا ضرب به الثانية فواقفوهم فإني أرجو أن يفتح الله لكم عليهم، ويفل حدهم ففعلوا ذلك بهم، فقتلوا الروم أبرح القتل، وأمرهم سابور أن يأخذوا قيصراً أسيراً ولا يقتلوه، فأسروا قيصر واستباحوا ما كان معه من أمواله وأمتعته ونسائه، فأمر بكل ما كان معه من السبي فرد إلى بلادهم وأرضهم، وبما كانوا أصابوا أن يدفع إلى من كان له.
وأوثق قيصر حديداً وقال: إني مكافئك بما أوليتني كما أحببتني، وآخذك با صلاح ما أفسدت وعمارة ما أخربت من أرضي، فلست ببارح حتى تغرس مكان كل نخلة اقتلعتها أو شجرة عقرتها زيتونة، وحتى تبني كل مدينة أخربتها أو بناء هدمته بنفقتك وعمالك.
وكتب قيصر إلى الروم يسألهم أن يفدوه بذلك، فحملوا التراب من أرض الشام حتى عمروا به المدائن، فبنوا له المدينة العتيقة، وبنوا ما هدموا من جند يسابور بالآجر والجص، فصار سور تلك المدينة نصفاً آجر ونصفاً لبن، وغرسوا الزيتون بأرض فارس والأهواز والسواد، ولم يكن قبل ذلك بها زيتون، فلما قضى سابور حاجته من قيصر سأله أن يخلي سبيله، ورغب إليه في ذلك، فقطع عقبيه وكفه، وقال: هذا جزاؤك بما ابتدأت به من الظلم والعدوان والبغي، ثم حمله على حمار وبعثه إلى الروم فلذلك ما تركت الروم اتخاذ الأعقاب للخفاف وركوب الدواب.
ثم أقام سابور في ملكه، وأقبل على عمارة بلاده وإصلاحه مملكته ومكث بذلك حيناً ثم سار إلى أرض الروم فقتل فيهم مقتلة عظيمة، وسبى منهم سبايا كثيرة، وبنى بالسوس مدينة وسماها أبر أبحره سابور، وعمد إلى السبي الذين جاء بهم من الروم فأسكنهم تلك المدينة، ثم عفا عن العرب واستصلحهم وأسكن ما أصاب من سبايا العرب من بني تغلب براري وسماهيج والخط، ومن سبى من عبد القيس وأفخاذ من تميم بهجر، ومن سبى من بكر بن وائل بكرمان، ومن سبى من بني حنظلة وتنوخ بالأهواز، وإنما كان يسكن كل قوم ممن يسبي فيما يوافق بلادهم من الأرضين، وبنى مدينة أخرى بنيسابور ومدائن أخر بالسند وسجستان وذلك سوى أنها كثيرة احتفرها، وقناطر وجسور عقدها وقرى أسسها وعمرها.
قلت: الذي أظنه أن هذه الحكاية عن سابور مصنوعة والله أعلم. وإلى سابور هذا أو إلى سابور الجنود جد جد جده الذي قدمنا ذكره أشار عدي بن زيد العبادي بقوله:
أين كسرى كسرى الملكوك أنو شر ... وان أم أين قبله سابور
سارية بن محمد
وقيل سارية بن عبد سارية أبو الحسن البغدادي ثم الطرسوسي الحافظ، بغدادي سكن طرسوس وحدث بها عن أبي سعيد الأشج، والحسن بن الصباح الواسطي، وسلمان بن توبة النهرواني روى عنه سعيد بن الفتح وأبو حفص عمر ابن جعفر الطبري، وأبو بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل المصيصي.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي: أبو الحسن سارية ابن محمد بن سارية البغدادي الحافظ، روى عن أبي علي الحسن بن الصباح البزاز الواسطي، وأبي سعيد عبد الله بن سعيد الأشج الكوفي وغيرهما. روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن إسماعيل المعيطي المصيصي بمصر، وأبو حفص عمر بن جعفر ابن محمد الطبري بمكة، في حرف السين المهملة من معجم شيوخه، وذكر أنه كتب عنه سنة خمس وتسعين ومائتين.
أخبرني أبو بكر محمد بن عبد العظيم بن عبد القوي المنذري - من لفظه - قال: نقلت من خط الحافظ أبي طاهر السلفي رضي الله عنهما: أبو الحسن سارية بن عبد ابن سارية الطرسوسي روى عن سلمان بن توبة بن زياد النهرواني سنة اثنتين وتسعين ومائتين، وعن غيره، حدث عنه سعيد بن الفتح مولى محمد بن العلاء بأنطاكية، وكتب عن سعيد هذا محمد بن المحسن بن الحسين الأذني بأنطاكية، وروى عنه بمصر.
ساطع بن عبد الباقي:

ابن المحسن بن عبد الباقي بن عبد الله بن المحسن بن عبد الله بن محمد بن عمرو بن سعيد بن أحمد بن داوود أبو.... التنوخي المعري شاعر مجيد من بني أبي حَصِين، بيت القضاء والفضل والعلم، وكان ساطعت هذا من أعيان أهل المعرة، وكان يتردد إلى حلب، واجتمعت به مراراً متعددة بمعرة النعمان وبحلب، وسمعت منه مقاطيع من شعره، وقصائد مدح بها الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وكان قد نفق عليه ومال إليه، فمما سمعته من لفظه قصيدة أنشدها بقلعة حلب بين يديه، وذلك في بعض ليالي شهر رمان من سنة اثنتي عشرة وستمائة، وذكر فيها ولده عبد الملك العزيز محمد بعد أن ولد، فاستحسنها الملك الظاهر، واستعاد منه أبياتاً منها، وذلك بمحضر رسول الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وهوالمجد البهنسي، وأثبت ها هنا القصيدة بكمالها.
سمعت القاضي ساطع بن أبي حصين ينشد الملك الظاهر لنفسه:
أما لحج تلاقي الحيَ ... ولا لرمي جمار الهجر أوقات
لعل في عرفات من عوارفكم ... وصلا لصب له بالخبت أخبات
وليت يجمعنا جمع ويشعرنا ... سعياً بمشعر تلك الدار ساعات
كيما أقوم مقاماً لا أخاف به ... نوى وتشرح من حالي مقامات
فهمتي في أسار الهم موثقة ... ما سرت عنكم سرت عني المسرات
ولي إليكم ومن ظمئاكم ظمأ ... مبرح والي لبنى لبانات
أحنو إليكم حنينا كلما نسمت ... صبا ويعتادني منكم صبابات
يا راحلين وقلبي في رحالهم ... تجدوه وإن غفل الحادون روعات
عودوا وإلا عدوا حسناً بقربكم ... فللجميل وللإحسان عودات
عسى يبين لعيني بعد ما بنيت ... عليه أنماطكم للبين بانات
حفظتكم وأضعتم ما أمنتكم ... له من مثلكم تراعى الأمانات
فيا عذولي أقل اللوم وابق فما ... يفيد عذلي ولا تغني الملامات
عهدي بنا قبل وشل البين يجمعنا ... ظل ظليل وروضات أريضات
في سرحة سرحت أنهارها وزهت ... أزهارها وبها للهو لدات
سماؤها الدوح تبدي الزهر من زهر ... وأرض كيف سار الطرف روضات
تدير فيها شموس الراح في فلك ... من الزجاجة أقمار منيرات
يا قوتة تجتلى من درة ولها ... لآلئ من حباب مستديرات
رقت وقد سفك الراووق من دمها ... الحرام ما حللت منه الاراقات
من حيث حلت عقال العقل قيدها ... التحريم وانطلقت عنها الإباحات
دارت عليها رحا الأدوار جاهلة ... منها بما عملت منها الديارات
كرميه كرمت صونا متى فقدت ... حشا الأباريق صانتها الحشاشات
لو أنها كنيت من حيث ما اعتصرت ... أم العناصر لم تُخْطِ الكنايات
هوى وماء ونار والاناء لها ... من جوهر الترب فهي الاستقصات
متى أغار عليها الماء غار لها ... من سخطها زرد تحكيه ميمات
تُجلا على الشرب في شرب تُمَزّقه ... الأفواه وهو بأعلى الجام جامات
يُحْنى عليها فنحبى من لذاذتها ... موتاً ونشراً فأحياء وأموات
ونحن في جنة ما فات ساكنها ... فيها نعيم ولا تعروه آفات
قد أبدع الله فيها كل رائقة ... تناوحت فنواحيها بديعات
نمارق وزرابي مفوفة ... نسج الربيع لرائيها أنيقات
حباً يطيب وورد يانع شبم ... وجنة أمنت فيها الجنايات
للعين من عينها مستوقف بهج ... وللمسامع ألحانٌ وأصوات
ما أعربت قينة إلاّ شدا طرباً ... من أعجم الورق في الأوراق قينات
وللنفوس لما تختار أنفسه ... من صالح لا تدانيه الدنيات

كأنها دولة الغازي التي كملت ... وصفاً وعمت رعاياه الرعايات
الظاهر الملك المخلوق من ملك ... ومن أياديه أنواء مطيرات
تخافه الأسد في الأخياس مشبلة ... وتستحي من يحاة المستهلات
تاهت بدولته الدنيا وجَمَّلهَا ... إثارة ومساعيه الأبيات
يمحو ويثبت أرزاق الورى بيد ... لا زال فينا لها محو وإثبات
دل وحلم ورأي ثاقب وسطاً ... تُغني بتدبيرها في الروع رايات
وهمة هامة الجوزاء تحسدها ... وعزمة تتوقاها المنيات
مناقب لو حَوتَها الشهب ما خفيت ... وأظهرت ما أجنته الظهيرات
وطيب نشرٍ به الأقطار في قُطُر ... تراوح الريح طيبا منه فوحات
لا غرو يأسف عصر قد خلا أسفاً ... عصراً بنوه الخلا اليوسفيات
إذ بدا الليل نقعا والرعود صهيل ... الجرد والبرق بيض مشرفيات
والسمهرية كالأشطان واردة ... خرصاتها شرع والسحب هامات
أبداً محياه بدراً والملوك له ... أهلة تُجتلى واللثم هالات
من أخوة يتوخى أن يعود لهم ... إشراق ملك له في الغرب عادات
هم الملوك وأبناء المليك وأخو ... أن المليك وحسبي والتحيات
يتلوهم أمراء كالليوث لها ... في موقف الروع وقفات ووثبات
أسد لها السرد لبد والظبى عوض ... من البراثن والأرماح غابات
علام لا يعجز الوصاف وصفهم ... وهم بملكك في الدنيا علامات
ما يممت بلواء منك دار عدي ... إلاَّ وسام لها التدبير شيمات
وما الشآم الذي جَملت بل لك من ... حسن المساعي بوجه الأرض شامات
يا أيها الملك السلطان لا برحت ... تُهدى إليك التهاني والمسرات
هنيت بالناصر ودمت له ... ما دامت الأرض تسمو بالسموات
ملك أبى الله إلا أن يكون له ... جد كجديه تتلوه السيادات
تاهت بمولده التيجان وابتهجت ... أسرة الملك والجرد الصفيات
ماذا يقول الذي يتلو مآثرها ... في مشهد الحمد ما تبنى المقالات
جدود أم أبوه أم عمومته ... أم الخؤولة إن لم تَسْمُ حالات
استعادة الملك الظاهر هذا البيت تنبيهاً للبهنسي على ذكر جده لأمه الملك العادل، وذكر أخواله الذين الملك الأشرف أحدهم:
لا زلت في دولة بالسعد دائلة ... جديد عمر تواليك السعادات
ما أسفر الصبح عن لألاء داجية ... وأظلمت وتلت ضوءاً دجنات
وسمعت ساطع بن عبد الباقي ينشد الملك الظاهر لنفسه، أول يوم من شهر رمضان من سنة اثنتي عشرة وستمائة بدار العدل قصيدة منها:
تحية ممنوع لذيذ حياته ... مشوقٍ إلى حي الحيا وحياته
سليم أسىً قد أسلمته أُساتْه ... فمن لعليل داؤه من أساته
أسأتم به ظناً وأحسن ظنه ... باحسانكم والعفو عن سيئاته
لئن حسرت أيدي الملاك قناعه ... فقد نشر المطويّ من حسراته
يواصل بالشكر الجزيل صلاتكم ... ويدعو لكم في صومه وصلاته
وفي فيه من ذكراكم ما تعمرت ... فيافي الفلا طيباً لطيب شذاته
هو الدهر أصماه بسهم بعاده ... وأخنى عليه عامداً بهناته
فحيوه من أنعامكم لا عدمتم ... حياً منبت للحمد طول حياته
فقد فاء إذا كادت تفوت حياته ... إلى ملكٍ يحييه بعد وفاته
أنشدنا ساطع بن عبد الرزاق بن أبي حصين لنفسه في الحاضر السليماني بظاهر حلب:
دعاها فبرق الأبرقين دعاها ... أيا حادييها والغرام دعاها
دراها تباري الريح نحو مرامها ... فجذب البرا عما تروم براها

ولا تلوياها أن تحاول باللَّوى ... ديوناً لها بعد المزار لواها
ألم ترياها كالحنايا وفي السُّرى ... سهاماً ورامٍ بالجنين رماها
مرض ساطع بن أبي حصين بحلب في بعض شهور سنة إحدى وعشرين وستمائة وحمل إلى معرة النعمان فمات في الطريق بين معرة النعمان وحلب في السنة المذكورة رحمه الله.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي
ساعد بن فضائل بن ساعد:
أبو محمد المنبجي من بيت معروف بمنبج، روى عن أبي الفضل يحيى بن سلامة بن الحسين بن محمد الحصكفي، والقاضي أبي أحمد بن الشهرزوري ورئيس بن عبد الله النميري. وسمع من أبي عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبي المعالي محمد بن نصر بن منصور المديني. روى عنه أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد الملطب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني ساعد بن فضائل التاجر - إملاءً بسمرقند - قال: أنشدني القاضي أبو أحمد بن الشهرزوري بالموصل قال: أنشدني والدي لنفسه:
حسبي ذلي وعزكم يكفيكم ... ربي ببلائي قط لا يبليكم
من يعرفكم يبسط عذري فيكم ... أتتم ثمري فكيف لا أجنيكم
أخبرنا الشريف أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: ساعد بن فضائل بن ساعد المنبجي أبو محمد من أهل منبج، بلدة بالشام، أحد التجار المعروفين، كان يسافر إلى العراق وخراسان والبلاد البعيدة، سمع بنيسابور أبا عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي، وبسمرقند أبا المعالي محمد بن نصر بن نصر بن منصور وأربعين وكتب عنه قطاعاً من الشعر بنيسابور وسمر قند، وكانت ولادته تقديراً قبل سنة خمسمائة بمنبج وقال لي بنيسابور بيني وبين الإمام أبي علي الحسن بن ساعد المنبجي قرابة قريبة.
نقلت ذلك من خط الإمام أبي سعد السمعاني من المذيل.
ذكر من اسمه سالم
سالم بن إسحاق بن الحسين البزاز
أبو الغنائم المعري ثم الدمشقي ثم البغدادي، من معرة النعمان، وسكن دمشق وبغداد فنسب إليهما. روى عن أنوشتكين بن عبد الله الرضواني، روى عنه أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الحافظ وخرج عنه أنشادا في معجم شيوخه.
قرأت في معجم شيوخ أبي المواهب بن صصرى وشاهدته بخطه: سالم بن إسحاق بن الحسين المعري البزاز، ثم الدمشقين ثم البغدادي، أنشدنا أبو الغنائم رحمه الله - وكتبه لي بخطه - قال: أنشدنا أبو منصور أنوشتكين بن عبد الله الرضواني، وأذن لنا فيه الرضواني - قال: أنشدنا الإمام أبو إسحاق إبراهيم ابن علي الشيرازي الفيرزباذي لنفسه.
سألتُ الناس عن خلٍ وفي ... فقالوا ما إلى هذا سبيل
تمتع ما استطعت بودِّ حرٍ ... فإن الحر في الدنيا قليل
قال أبو المواهب: توفي رحمه اله في شهور من سنة ست وسبعين وخمسمائة بدمشق وقد جاز الخمسين وكان قد سمع قبل الخمسين وبعدها بالعراق.
سالم بن تميم الحلبي
وهو سالم بن علي بن تميم اشتهر بالنسبة إلى جده، وسنذكره فيما يأتي فيمن اسم أبيه على حرف العين إن شاء الله تعالى.
سالم بن الحسن بن علي
أبو الرضا المعدل الحلبي، وهو ابن أخت الوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي، روى عنه أبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي وعلي بن أحمد ابن علي الأسدي، وكان أديباً فاضلاً من أعيان الحلبيين المعدلين بها، وذكره أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان في مقدمة شرح خطبة أدب الكاتب وله شعر جيد وقد ذكرناه في الكنى لشهرته بالكنية.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي بقراءتي عليه بجامع القصر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن علي الأسدي - إجازة - قال: أنشدني أبو الرضا سالم بن الحسن بن علي الحلبي بها:
أيا مُقْبل والدهر عني مُعرضٌ ... تَقَسَّم لحمي بين نابٍ وأظفار
ويا مرسل النُعْمى على كل حالةٍ ... إلىَّ قريباً كنت أو نازح الدار
ويا من تراني حيثُ كنت بقلبه ... وكم من أناسٍ لا يروني بإبصار

أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - إذناً - وسمعت منه إسناده قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن - إجازة إن لم يكن سماعاً - ح.
وأخبرنا أبو محمد القاسم في الإجازة العامة قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن المُحَسِّن بن أحمد بن الملحي السلمي - بلفظه وكتبه لأبي بخطه وسمعته منه معه - قال: أبو الرضا بن النحاس شيخ حلبي هو ابن أخت أبي نصر الوزير العالم المفيد الكاتب الشاعر المجيد، وكان أبو الرضا وصل إلى دمشق عند القبض على خاله لأخذ ماله فاجتمعت به، وتحدثت معه، وأنشدني أبو الرضا لخاله:
يا قلب أنت أذنت لي في هجرة ... وزعمت أنك قاصر عن ذكره
وضمنت إنجادي عليه بسلوة ... لا أتقي فيها عواقب غدره
ورجعت تطلبه وأنت أضعته ... هيات فان الحزم فارط أمره
فاستُحْسنت هذه الأبيات حتى غنىّ بها القيان، وهام بها الشيوخ والشبان، فعمل أبو الرضا:
يا طرف أنت طرحتني في حُبه ... وزعمت قلبك في هواه كقلبه
حتى إذا لفحتك نيران الجوى ... فحرمت ما أملته من قُربه
أنشأت تنكر ما جنيت وقلت خذ ... قلبي المعنى في هواه بذنبه
ذق مُرّ ما استحليته وجنيته ... لاي نكر المغرور صرعة عجبه
واغرف بدمعك في البكاء فربما ... قتل المتيم نفسه من كربه
وذكر ابن الملحي له أبياتاً أخر أثبتناها في الكنى فيمن كنيته أبا الرضا، ولم يعرف ابن الملحي ولا الحافظ أبو القاسم ولا ابنه اسمه.
قرأت في مقدمة شرح خطبة أدب الكاتب لابن قتيبة تأليف أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري قال: ذكر لي بعض الشبان أنه تستعجم عليه مواضع في الكتاب المعروف بأدب الكاتب، فلم ألتفت إلى كلامه، وبلغني أن مولاي الشيخ الجليل أبا الرضا سالم بن الحسن بن علي جَملّ الله الأدب ببقائه رسم لي إجابة تلك الطبقة، وعلمت أن غَنِيٌ بأدبه لا يرغب فيه لنفسه، وإنما غرضه أن ينتفع به سواه، فأجبته إلى ما سأل.
وتكفيه شهادة هذا الفضل بما شهد له به.
سالم بن الحسن بن هبة الله
ابن محفوظ بن الحسن بن محمد بن الحسن بن صصرى التغلبي الدمشقي أبو المرّجا، وأبو الغنائم بن الحافظ أبي المواهب بن أبي الغنائم من بيت الحديث والعدالة بدمشق، شيخ حسن من المعدلين وأمناء القضاء بدمشق، اجتمعت به بدمشق، وسمعت منه شيئاً من الحديث وقال لي: دخلت حلب مع والدي في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وسمعت بها من جماعة، ورحلت معه إلى بغداد في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وسمعت بها من جماعة، ورحلت معه إلى بغداد، وكان مولده بدمشق في أواخر جمادى الآخرة من شهور سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
سَمَّعَه أبوه بدمشق من أبي المجد الفضل بن الحسين بن إبراهيم البانياسي، وأبي محمد عبد الرزاق بن نصر النجار وأبي الحسين أحمد بن حمزة بن على السلمي وأبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي ومن نفسه - أعني أباه، أبا المواهب - ورحل به إلى حلب وبغداد، فسمع بحلب من القاضي أبي الحسن أحمد بن محمد ابن الطرسوسي والشريف أبي طالب النقيب أحمد بن محمد الحسيني، وشيخنا أبي محمد عبد الرحمن، وأخيه أبي بكر محمد ابني عبد الله بن علوان الأسدي، وببغداد من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن نجا بن شاتيل وغيرهم، وحدَّث بدمشق عن جماعة من شيوخه، سمعت منه في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وأجاز لي رواية ما يجوز له روايته، وكان حسن الأخلاق جميل المنظر رحمه الله.

أخبرنا أبو المرَّجا سالم بن الحسن بن هبة الله صصرى - قراءة عليه بدمشق بحانوت الأيتام بالسوق - قال: أخبرنا جدي أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين السلمي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم ابن أبي نصر قال: أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف بن فارس الميانجي قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن الميني الموصلي قال: حدثنا عبيد بن جناد الحلبي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو عن زيد بن أبي أنيسه عن زيد بن رفيع عن حزام بن حكيم بن حزام عن حكيم بن حزام قال: خطب النبي صلى الله عليم وسلم ذات يوم النساء فوعظهن وأمرهن بتقوى الله والطاعة لأزواجهن وأن يتصدقن، قال: وإن منكن من يدخل الجنة، وجمع بين أصابعه فكلكن حطب جهنم وفرق بين أصابعه، فقالت الماردة - أو الماردية - شك أبو يعلى: وبم ذلك يا رسول الله؟ قال: تكفرن العشير وتكثرن اللعن وتسوفن الخير.
أخبرنا سالم بن الحسن بن صصرى قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الطرسوسي الحلبي - بحلب - قال: أخبرنا أبو طالب عبد الكريم بن عبد المنعم الفقيه قال: أخبرنا أبي عبد المنعم قال: حدثنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي، ح.
وأخبرناه عالياً أبو إسحاق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن سليمان وغيره قالوا: أخبرنا أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ قال: أخبرني علي بن سالم بن الأغر، ح.
وقال لنا أبو إسحاق: حدثنا أبي شاكر بن عبد الله قال: حدثني جدي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان قالا: أخبرنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي قال: حدثني جدي أبو الحسين علي بن المهذب التنوخي قال: حدثنا جدي أبو حامد محمد بن همام قال: حدثنا محمد بن سليم القرشي قال: حدثنا إبراهيم بن هدبه عن انس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أقواماً يزخرفون مساجدهم ويطولون منابرهم ويميتون أفئدتهم، وأعجباه كيف ضيعوا دينهم.
أخبرني أبو حامد محمد بن علي بن الصابوني قال: توفي سالم بن الحسن بن صصرى يوم السبت ثالث جمادى الآخرة من سنة سبع وثلاثين وستمائة ودفن من الغد بسفح قاسيون ظاهر دمشق، ثم أخبرني ولده.... بن سالم أنه توفي يوم السبت ثالث جمادى الآخرة من السنة.
وأنبأنا الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي الثالث من جمادى الآجرة - يعني - من سنة سبع وثلاثين وستمائة، توفي الشيخ الأجل الأصيل أبو الغنائم سالم بن الشيخ الحافظ أبي المواهب الحسن بن الشيخ أبي الغنائم هبة الله بن الشيخ أبي البركات محفوظ ابن الحسن بن محمد بن الحسن بن صصرى التغلبي البلدي الأصل الدمشقي الدار، المنعوت بالأمين بدمشق، ودفن من الغد بتربته بسفح قاسيون.
سمع ببغداد عن أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن نجا بن شاتيل وغيره، وبدمشق من أبي محمد عبد الرزاق بن نصر النجار وأبي المجد الفضل بن الحسين ابن إبراهيم البانياسي، وأبي الفرج يحيى بن محمد الثقفي وغيرهم، وحدث، لنا منه إجازة، وهو من بيت الحديث.
سالم بن سعادة بن عبد الله بن أحمد بن علي الحمصي
وقيل في أبيه سعيد، شاعر مجيد، ويعرف بالمهذب، وكان عارفاً بالأدب، يكتب القصيدة من أولها إلى آخرها ويعربها فلا يوجد فيها لحنه، فإذا أوردها لا يأتي بحرف منها صحيحاً، لأنه كان أقلف اللسان لا يستطيع تصحيح الكلام بلسانه، وكان قد أوطن حلب، وخدم الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وأجرى له معلوماً مع الشعراء الذين في خدمته، وكان أمثل الشعراء عنده بعد راجح الحلي.
روى لنا عن أبيه شيئاً من شعره، وعن قاضي حمص أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين، وعبد الله بن أسعد الموصلي، نزيل حمص، وأنشدنا من شعره عدة مقاطيع وقصائد، وكان وعدني أن يحمل مسودات شعره إلي جميعها خوفاً أن يموت وتصير في أيدي الناس فيدعيها غيره، ومات ولم يحمل شيئاً، وسألته عن مولده فقال: يكون لي إلى اليوم أربعة وخمسون أو خمسة وخمسون سنة وكان سؤالي إياه في شهر ربيع الآخر من سنة أربع عشرة وستمائة، فيكون مولده تقديراً بحمص في سنة ستين أو سنة ستع وخمسين وخمسمائة.
أنشدني سالم بن سعادة الحمصي لنفسه بحلب:
هل الطرف من فيض الدموع جريح ... أم النوم ما بين الجفون ذبيح

وهل نار ليلى أم تألق بارقٍ ... دجى الليل يخبو نارة ويلوح
فتاة بها عُلقِّتُ في كبدي أسىً ... تسربلت منه السقم وهو صحيح
وبان فؤادي يوم بان فريقها ... ودمعي على سفح الكثيب سفوح
فأنشدت قلبي والدموع لدى النوى ... أفي كل يوم غربة ونزوح
وما أنا صاح من سُلاف صبابة ... بها لي غبوق دائم وصبوح
وكم هب ينشيء مُزْنَة من مدامعي ... غرام له بين الجوانح لوح
على دارسات طال في عرصاتها ... بكاء جفوني والحمام تنوح
وقفت بها إذا مالعافي رسومها ... كجسمي من البين المشتّ وضوح
ومن جفن عيني لا تُغِب سحابة ... ومن زفراتي ليس تركد ريح
ولله برق فيه بُرؤحشاشتي ... وريح لقلبي من جواه تريح
فهل لصبا نجد على ذي صبابة ... هبوب وهل برق الحجاز لمَوحُ
ويا حبذا الروض الذي نفحاته ... بِسرّ شذَاه المندلي تبوح
وقد دّبجتهت للغيوث أنامل ... فهل هو في الغازي الغياث مديح
وأنشدني سالم بن سعادة أيضاً لنفسه:
باح من الدمع بأسراري ... ماء مرته نار أفكاري
وطار من جفني محمرة ... شرار زند الكمد الواري
وشادنٍ شيمة ألحاظه ... سفك دم القسورة الضاري
عزولي ذُلٌ فهيهات أن ... أدرك يوماً عنده ثاري
وكل ما عاينته خاطراً ... غرقت في لجِّه أَخْطَار
فياله من حاكم في الهوى ... كم جار في الحب على جار
خَوّ فؤادي خده واكتسى ... صبغته من دمه الجاري
خد يرينا الصبح تحت الدجى ... عليه بين الماء والنار
وحبذا مسك العذار الذي ... فيه تمسكت بأعذاري
عذار من لولاه ما هُتكت ... بمستهل الدمع أستاري
لم أنس لما زارني والدجى ... قد حار فيه النجم يا حار
وقد سعى بالبدرِ من قَدُّه ... غُصن على دعص نقاً هار
وطاف بالصبح الذي في الدجى ... أطلعه من غسق القار
بقهوة أنجم كاساتها ... دائرة ما بين أقمار
في مونق ينثر در الحيا ... عليه في أصداف أزهار
أبدى من النور كنوزاً بها ... أغنى الثرى من بعد إقتار
سمعت المهذب سالم بن سعادة الحمصي ينشد الملك الظاهر غازي قصيدة في مستهل شهر رجب من سنة اثنتي عشرة وستمائة وهو واقف بين يديه:
عسى ينطوي بالوصل نشر صدوده ... ويفضي إلى ريّ أوُام عميده
وياليت ينأى بالرضا قرب سخطه ... وتطفى بماء الوعد نار وعيده
ويصبح قلبي نافراً من همومه ... وقد بات جفني أنساً بهجوده
وإني لعانٍ قيدته صبابة ... سيقضي ولا تقضي بفك قيوده
وعقد اصطباري حله بطلوعه ... هلال بدا في هالة من عقوده
ومن ثغره المعسول نظماً حشاشتي ... إلى بردٍ من لي برشف بردوه
تديرّ نجداً بعد منعرج اللوى ... وبدل من واديه سقط زروده
فكاد إلى اجراع نجد يطير بي ... هبوب نسيم الشوق بعد ركوده
ولما مضى أبقى له بجوانحي ... لهيب غرام شبّ بعد خموده
وأجريت نفسي بالتنفس أدمعاً ... تحدرها يوم النوى بصعوده
ويا حبذا لو عاد عيشي كما بدا ... رطيباً ولهوي في نضارة عوده
ولم يرد ضرغام العرين على النقا ... سوى رشأ ما بين أسراب غيده
بذي كحلٍ يضحي السديد مجدلاً ... إذا ما رمى ريم النقا بسديده
وما طرف الخطى بالطعن في الطلا ... بأفتك من طرف الغزال وجيده

وذي أمل أدمى مناسم عَنْسه ... يجوب الفلا من نصَّه ووخيده
ترامى بها شرقاً وغرباً وقد أبى ... ترجَّله حطَّ لرفع قيوده
وصار من الغازي إلى الملك الذي ... تخر الملوك الصيد دون وصيده
فتى شام من دون الشآم اعتزامه ... فأغناه عن تجريد ما في غموده
تدفق بحراً إذ علا أفق دسته ... تألق بدراً في سماء سعوده
يقيسون بالبحر الغُطامط جوده ... وهيهات أين البحر من فيض جوده
أبي له الجد الذي حاز إرثه ... عن الصيد من آبائه وجدوده
نشا ولواء السمهري قماطه ... وليس ظهور الخيل غير مهوده
به آل أيوب حللن من العلى ... ذرى باذخ نائي المحل بعيده
وكل ملوك الخافقين صعودها ... إلى الشرف السامي بلثم صعيده
وما فخرها إلا بغازي بن يوسف ... إذا ما دعا أحرارها من عبيده
وأقصى مناها لو تكون أمامه ... قياماً على الهامات عند قعوده
له الجيش مهما جاش في الروع بحره ... تلاطم بالشجعان موج حديده
ومهما سرى في البر خلت رعاله ... رعانا على أنجاده ووهوده
يَشُنّ به الغارات يقظان ... يصادم رُضوى هدّ ركن مشيده
وأين غدا قلنا لصدر خميسه ... وقد نُشرت بالنصر حمر بنوده
ترى لطيور الجو فوق لوائه ... عليه ازدحام كازدحام وفوده
وفوق متون الفتخ من مقرباته ... عرين قنا آساده من جنوده
خيول إذا ما النقع أبرق مزنه ... سيوفاً غدا تصهالها من رعوده
هنالك يردي الليث بالحتف صادياً ... وقد ورد الهندي ماء وريده
وقد أصبح الإيمان للكفر صادعاً ... كما صدع الصبح الدجى بعموده
فيا ملكاً عم الأنام سماحة ... بطارفه يوم الندى وتليده
وزهد أبناء القريض بقصدها ... إلى كل منزور النوال زهيده
سلمت فأنت الأريحي الذي به ... هلاك معاديه وكبت حسوده
وهنيت في الشهر الأصم بما ضفا ... عليك بأيدي يمنه من بروده
ودمت دوام المدح فيك فإنه ... سيبقى ويفنى الدهر طول خلوده
وسمعت سالم بن سعادة ينشد الملك الظاهر لنفسه:
غزانا بسيف المقلتين المهند ... غزال نقا أعيا على المتصيد
من الغيد لا يرى الخزامى تنزها ... وأين الخزامى من قلوب وأكبد
نصبتُ حبالات الكرى لا قتناصه ... فعاقب جفني بالسهاد المؤبد
خليلي عقلي يوم برقة عاقل ... عليه كدمعي يوم رقة ثهمد
فهذا طليق من قيود شؤونه ... وهذا أسير في قيود التبلد
فيا فرقد الحي الذي مذ هويته ... تكفل طرفي رعي نسر وفرقد
تأن فلو أرسلت سهمك في الصفا ... غدا مارقاً من كل صماء جلمد
وبادية باتت سماء بيوتهم ... بكاظمة تبدي كواكب خُرد
وأقمار تم في سماء ذوائب ... تطالعنا من كل أفق بأسعد
وقفن بنا في موقف البين حُشَّراً ... ينشَّرن ريحان الأثيث المجعَّد
ويسترن بالعناب ورداً يصونه ... حيا لؤلؤ يَرْفَض من نرجس ند
وموماة قفر بت أجزع مرتها ... بلاد جزع في متن وجناء جلعد
إذا نسمت عند الكلال وقد ونت ... نسيم غياث الدين قلت لها خدي
إلى ملك نيطت حمائل سيفه ... تعانق سيف مصلتٍ غير مغمد
قال فيها:
وفي حلب لما أفاض على الورى ... غيوث ندى تنهل من كفه الندي
دعا لورود الجود كل مفوهّ ... بتحبير ألفاظ القريض المجوّد
فجبت إليه البيد فوق شملةٍ ... مضبرة الضبعين مفتولة اليد

وجئت كما جاء ابن حيوس مادحاً ... لأعظم ممدوح وأكرم موفد
وسمعته ينشد أيضاً لنفسه:
عسى ظبية الوعساء تدنى مزارها ... وتطوى بنشر الأنس عنا نفارها
مضى حيها تحت الدجنة ظاعناً ... وأبقى لنفسي وجدها وأدّكارها
ولما بها شط الفريق عن الحمى ... وأبعد عن اجراعه الميث دارها
ولم أر منها جَوَّه وهو مشرقٌ ... بشمس ضحى يحكي الهلال سوارها
أطلت وقوفي في الطلول ولوعتي ... يضرم ماء الدمع في الصدر نارها
ديار على آثارها لي تشوق ... أجَدّ صباباتي بها وأثارها
عهدت بها الشمس التي لو جمالها ... تغير به شمس الضحى لأغارها
فتاة فتات المسك تهتك في الدجى ... إذ زارت الصب الكئيب استتارها
تشد على البدر المنير نقابها ... وترخي على الغصن النضير إزارها
ومن بعد أيام أطال وصالها ... إلي بها روحاتها وابتكارها
وجدت الليالي بالهموم طويلة ... على مهجتي لما عدمت قصارها
ومن لي بأن يعتاد طرفي رقاده ... عسى طيفها في النوم يدني مزارها
ويا حبذا بالرقمتين خمائل ... همي الغيث فيها ليلها ونهارها
وأضحى بها مرّ النسيم مريحاً ... بدار الندى حوذانها وعرارها
وخلنا بها دارين إذ بهبوبه ... من الزهر المطلول فتق فارها
وضوّع فيها ذلك الروح مندلاً ... فهل مدح الغازي الغياث استعارها
توفي سالم بن سعادة بحلب في سادس عشر جمادى الأولى من سنة ثمان عشرة وستمائة.
سالم بن سلمان بن عبد الله الحموي:
أبوالمحاسن الشافعي روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن صصرى أنشاداً خرجه في معجم شيوخه الذي شاهدته بخطه، وقال: أنشدنا أبو المحاسن الشافعي رحمه الله وغيره لبعضهم:
أمر على أبوابكم أرتجي الشفا ... وأندب ربعاً للطلول وقد عفا
أندب أياماً لنا وليالياً ... وأبكي عليها حسرة وتلهفا
وكان سراج الوصل يزهر بيننا ... فهبت به ريح من البين فانطفا
قال أبو المواهب بن صصرى: توفي أبو المحاسن هذا رحمه الله بعد الستين وخمسمائة بدمشق، وكان فقيراً صالحاً مقبلاً على شأنه وعياله ومات كهلاً.
سالم بن صالح:
شاهر من شعراء حلب، أو معرة النعمان، فإن الرشيد بن الزبير المصري ذكره في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان بين شعراء حلب ومعرة النعمان وأورد له هذه الأبيات الحسان:
وما أنا إلا المسك ظل لديكم ... يضيع وعند الأكرمين يضوع
وكالماء أما في السباخ فضائع ... وفي المنبت الزاكي حياً وربيع
وكالدر في التيجان يعرف قدره ... ويدفنه تحت التراب مُضيع
وذكر لي أن البيت الأول يروى لمسكويه.
سالم بن ظافر بن إبراهيم بن رافع:
أبو الرجاء السروجي كان مقيماً بحلب، وحكى بها حكاية عن سليمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن المنذر الحلبي، رواها عنه أبو الخطاب عمر بن محمد العليمي.
قرأت بخط أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي، وأخبرنا به عنه أبو عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد بن الحسن بدمشق قال: سمعت أبا الرجاء سالم بن ظافر بن إبراهيم بن رافع السروجي - املاء من حفظه في منزلي بحلب - يقول: عدنا أبا المعالي سليمان بن عبد الرحمن بن عبد المنعم بن المنذر في مرضه الذي مات فيه، وقد اعتقل لسانه فأخذ طرساً وقلماً وكتب من قبله:
لهفي على غصن شباب ذوت ... أوراقه من أول الغرس
ومنزل أملت بنيانه ... فصار في جانبه رمسي
كل يسلي نفسه جهده ... إلاَّ أنا جهدي على نفسي
ثم فاظت نفسه: قلت: وهذا سليمان كان أبوه بنى له داراً ليزوجه فيها فاخترم قبل ذلك، فأوصى أن يدفن بها وقال هذه الأبيات، وسنذكر قصته في ترجمته إن شاء الله تعالى.
ذكر من اسمه سالم بن عبد الله
سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب:

ابن نفيل بن عبد العزى بن قرظ بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو عمر، وقيل أبو عبد الله، وقيل أبو عبيد الله القرشي العدوي المدني، كان بدابق حين ولي عمر بن عبد العزيز، وقيل أن عمر أرسل إليه وأحضره إليه من المدينة، وغزا الروم مرات منها مع مسلمة بن عبد الملك ومنها في خلافة عمر بن عبد العزيز، ومنها غزاة غزاها هو وعمر بن عبد العزيز مع الوليد بن هشام بن معاوية بن هشام بن عقبة.
روى عن أبيه عبد الله بن عمر، وأبي أيوب الأنصاري وأبي هريرة وعائشة والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وعبد الله بن محمد بن أبي بكر.
روى عنه حميد بن تيرويه الطويل والفضل بن عطيه ومحمد وعبد الله ابنا مسلم بن شهاب الزهريين، ونافع مولى أبيه عبد الله بن عمر، وعمرو بن دينار، وعبد الله بن إسحاق الزهري، والعلاء بن عبد الرحمن، وعمر بن محمد بن زيد، وعقبة بن أبي الصهباء الباهلي، وعبد الله بن عبد الرحمن، وعلي بن زبد، وإبراهيم بن أبي عبلة ومحمد بن أبي حرملة، وخالد بن أبي عمران، ويزيد بن أبي مريم، ومحمد بن إسحاق، وعبد الله بن عمران بن أبي فروة، وموسى بن عقبة، ومحمد بن عجلان، وأبو سلمة الدوسي، والفضل بن عطية وحنظلة بن أبي سفيان، وصالح بن محمد بن أبي زائدة الدراوردي ويحيى المديني، والوضين بن عطاء، ويزيد بن عبد الرحمن بن مالك، ومروان بن جبر البزاز، وأبو بكر بن عمر بن عبد الرحمن 167 - ظ بن عبد الله بن عمر، وأشعب الطمع.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن عيسى الباقلاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا محمد بن يونس بن موسى القرشي قال: حدثنا حماد بن عيسى الجهني قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان عن سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب عن أبيه عن جده عمر بن الخطاب قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دعا رفع يديه وإذا فرغ ردهما على وجهه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تأكلوا بالشمال فإن الشيطان يأكل بشماله " .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن علي بن نصر قال: حدثنا محمد بن عبد الكريم قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: حدثنا يونس بن يزيد قال: حدثنا 168 - و الحكم بن عبد الله الأيلي قال: قدم سليمان بن عبد الملك المدينة فدخل عليه القاسم وسالم بن عبد الله، قال: وإذا سالم أحسنهما كدْنة فقال: يا أبا عمر؟ قال: الخبز والزيت، قال: وتشتهيه؟ قال: أدعه حتى أشتهيه، قال: ثم دعا لهما بغالية، وجاءت جارية وضيئة الوجه مديدة القامة فذهبت تغليهما فقال: تنحي عنا، ثم تناولا المدهن فلعقا منه ثم أدهنا، ثم قالا: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا أُتي بالدهن الطيب لعق منه، ثم أدهن.

أخبرنا أبو الحسن المبارك بن محمد بن مزيد الخواص، وأبو الفتح بن أبي الفرج بن أبي الفرج الحصري البغداديان - قراءة على كل واحد منهما بانفراده وأنا أسمع ببغداد - قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن أبي العلاء الحسن بن أحمد بن العطار الهمذاني وقال أبو الفرج: وأنا حاضر، قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن المقرئ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا عبد العزيز بن محمد عن صالح بن محمد بن زائدة قال: كنت مع مسلمة بن عبد الملك في الغزو، فوجد إنساناً قد غل، فدعا سالم بن عبد الله فسأله عن أمره، فقال سالم: حدثني أبي عن جدي عمر بن الخطاب أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من وجدتموه قد غل فاضربوه وأحرقوا متاعه، قال: فوجد في رحله مصحف قال: فسأل 168 - ظ سالماً عنه، فقال: بعه وتصدق بثمنه.
أخبرنا أحمد بن شاكر بن عبد الله - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبه قال: حدثنا جدي قال: حدثنا معاوية بن عمر عن أبي إسحاق قال: أخبرني صالح بن محمد قال: غزونا مع الوليد بن هشام، ومعنا سالم بن عبد الله، وعمر بن عبد العزيز، ومكحول فغل رجل منا متاعاً، فأمر الوليد بمتاعه فحرق وضرب ولم يعط سهمه.
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه - قال أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن نصر بن الحسن البوسنجي قال: أخبرنا حنبل بن علي الصوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو عبيد الله أحمد بن محمد بن محمد الشروطي قال: أخبرنا أبو حاتم محمد بن حيان البستي قال: أخبرنا ابن جوصاء قال: حدثنا أبو عمير النحاس قال: حدثنا ضمرة عن إبراهيم بن أبي عبلة قال: رأيت سالم بن عبد الله وعمر بن عبد العزيز يتسايران بأرض الروم، فأبال أحدهما دابته فأمسك عليه الآخر حتى لحقه.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال حدثنا الحسين بن الفهم، ح.
قال: وقرئ على سليمان بن إسحاق بن الخليل قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قالا: حدثنا محمد بن سعد 169 - و قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى بن رباح بن قرظ بن عدي بن كعب بن لؤي وأمه أم ولد، ويكنى سالم أبا عمر.
قال محمد بن عمر: وروى سالم عن أبي أيوب الأنصاري، وأبي هريرة، وعن أبيه، وسمع عبد الله بن محمد بن أبي بكر يخبر أباه عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم في بناء الكعبة، وكان ثقة كثير الحديث عالياً من الرجال ورعاً.
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء - أذناً غم لم يكن سماعاً، قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد - إجازة - قال: حدثنا الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: سالم بن عبد الله أبو عمر.
قال ابن طبرزد: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: حدثنا أبو الحسن الحمامي قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن مهران قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أبي أميه قال: سمعت نوح بن أبي حبيب يقول: وسالم بن عبد الله بن عمر يكنى أبا عمر.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالويه قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: سالم بن عبد الله كنيته أبو عمر 169 - ظ.

وقال: أخبرنا عمي الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا نصر الله بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: سالم بن عبد الملك بن عمر بن الخطاب أبو عمر.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ابن خيرون قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سالم بن عبد الله بن عمر أبو عمر.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: سالم بن عبد الله عمر بن الخطاب أبو عمر القرشي العدوي المديني.
قال الحسن بن واقع عن ضمرة بن ربيعة: مات سنة ست ومائة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا أبو سعد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، سمع أباه، روى عنه الزهري ونافع.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن 170 - و هاشم بن أحمد الخطيب قال: أخبرنا أبو الفرج بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عمر، روى عن أبيه وأبي هريرة، وعائشة، روى عنه الزهري، ونافع، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي: قال سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، أبو عمر القرشي العدوي المدني، سمع أباه وأبا هريرة، روى عنه الزهري، ونافع وموسى بن عقبة، وحنظلة بن أبي سفيان في الإيمان وغير موضع.
قال الواقدي: قال أبو نعيم: مات سنة ست ومائة. قال الذهلي - وفيما كتب إليَّ أبو نعيم - في آخرها، وقال ابن أبي شيبة، توفي سنة ست ومائة في آخرها - وقال عمرو بن علي: مات سنة ست ومائة، بعقب ذي الحجة، وقال الواقدي مثل عمرو بن علي، قال صلى عليه هشام بعد انصرافه من الحج وقال الذهلي: حدثنا يحيى بن بكير قال: مات في ذي القعدة سنة ست ومائة، وصلى عليه هشام بن عبد الملك، وقال الهيثم: توفي سنة ثمان ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني قال أخبرنا 170 - ظ أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه، الحافظ قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب القرشي العدوي المدني، وأمه أم سالم، وهي أو ولد، أخوته: عبيد الله، وحمزة وزيد وواقد، وبلال، وعمر، سمع أباه، وأبا هريرة، روى عنه نافع مولى ابن عمر، وابن شهاب وعمر بن محمد بن زيد، وعمرو بن دينار.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي الفضل المكي قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله سالم بن عبد الله بن عمر، وقيل أبو عمر.
وقال أبو الفضل بن ناصر: أنبأنا أبو الطاهر بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو القاسم الصواف قال: أخبرنا أبو بكر المهندس قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أبو عبد الله، ويقال أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب.

أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: قال علي بن المديني: سالم بن عبد الله أبو عبيد الله.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن - في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل بن عبد العزى 171 - و بن قرظ بن رياح بن عبد الله بن رزاح بن عدي بن كعب بن لؤي، أبو عبد الله، ويقال أبو عمر، العدوي المدني الفقيه.
روى عن أبيه وأبي هريرة، وأبي أيوب الأنصاري، وعائشة، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
روى عنه الزهري، وحميد الطويل، ونافع مولى ابن عمر، ومحمد بن أبي حرملة، والعلاء بن عبد الرحمن، وخالد بن أبي عمران، ويزيد بن أبي مريم الدمشقي، وعقبة بن أبي الصهباء الباهلي، ويحيى بن الحارث، وعمرو بن الوليد الدمشقي، والوضين بن عطاء، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، وقدم الشام على عبد الملك بن مروان، بكتاب أبيه بالبيعة له، وعلى الوليد بن عبد الملك، وعلى عمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحداد قال: ومنهم - يعني - من الطبقة الأولى من التابعين الفقيه المتخشع الرهاب أبو عمر سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، كان لله خاشعاً وفي نفسه خاضعاً، وبما يدفع به وقته قانعاً، وقد قيل إن التصوف لزوم الخضوع والقنوع، والتبرؤ من الجزوع الهلوع، أسند سالم مالاً يعد كثرة عن أبيه وعن جلة الصحابة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: 171 - ظ أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني يونس بن عبد الأعلى قال: أخبرني أشهب عن مالك قال: قال سعيد بن المسيب: كان عبد الله أشبه ولد عمر به، وكان سالم أشبه ولد عبد الله، وكان سالم بن عبد الله أشبه ولد عبد الله به.
قال مالك، ولم يكن أحد في زمن سالم بن عبد الله أشبه بمن مضى من الصالحين في الزهد والقصد والعيش منه، كان يلبس الثوب بدرهمين، ويشتري السماك يحملها، وقال سليمان بن عبد الملك لسالم - ورآه حسن السحنة: أي شيء تأكل؟ قال: الخبز والزيت، وإذا وجدت اللحم أكلته، فقال عمر له: أوتشتهيه؟ قال: إذا لم أشتهه تركته حتى أشتهيه.
هكذا قال هاهنا وفي الخبز الذي رواه الهيثم بن عدي، وقد قيل إن الذي قال له ذلك الوليد بن عبد الملك.
أخبرنا بذلك أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ، وأخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أنبأنا محمد بن محمد بن محمد الأصبهاني أن أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرهم قال: حدثنا أبو محمد قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن أبي صفوان قال يحيى بن كثير قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق الزهري قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: دخلت على الوليد بن عبد الملك فقال: ما أحسن جسمك فما طعامك؟ قلت: الكعك والزيت، قال: وتشتهيه؟ قلت: أدعه حتى أشتهيه فإذا اشتهيته أكلته.
قال أحمد بن عبد الله الحافظ: وروى مالك بن أنس أن هشام بن عبد الملك قال لسالم فذكر 172 - و نحوه.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو شجاع قال: وقصته ما ذكر الصولي قال: حدثنا الغلابي، ح.

وأنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو القاسم البندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال: حدثنا الغلابي قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا عبد الله بن عياش قال: لما حج هشام بن عبد الملك فمرّ بالمدينة قال لرجل من أصحابه: انظر من ترى في المسجد، قال: أرى رجلاً طوالاً أَدْلَم، قال: هذا بقية الناس، هذا سالم بن عبد الله بن عمر، علي به، فجاء في ثوبين، فقال: أتدخل على أمير المؤمنين في هذا الزي؟ فقال: ألا أدخل عليه في زي أقوم في مثله بين يدي رب العالمين، فدخل فسلم فرفعه وقربه، وقال: كم سنك يا أبا عمر؟ قال: ستون سنة، قال: ما رأيت ابن ستين أتم كدنه منك ما أكلك؟ قال: الخبز والزيت، قال: فإذا أُجُمِتَه؟ قال: أدعه حتى أشتهيه، قال: فخرج من بين يدي فحمّ، فقال: لقعني الأحوال بعينه فاعتل ومات فصلى عليه، وكان هشام يقول: ما أدري بأيهما شد فرحاً بحجتي أم بصلاتي على سالم.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن أبي الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن السلمي قالا: أخبرنا الشريف 172 - ظ أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن داوود قال: حدثنا المازني عن الأصمعي عن أبي الزناد قال: كان أهل المدينة يكرهون اتخاذ أمهات الأولاد حتى نشأ فيهم الغُرّ السادة: علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب فقهاء، ففاقوا أهل المدينة علماً وتقى وعبادة وورعاً، فرغب الناس حينئذ في السراري.
أخبرنا أبو محمد بن رواج - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو الطاهر السلفي قال: أخبرنا أبو صادق المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسوي قال في تسمية فقهاء أهل المدينة من التابعين: سعيد بن المسيب، وعروة بن الزبير، وأبو سلمة بن عبد الرحمن، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وسليمان بن يسار، وخارجة بن زيد، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام، وعلي بن الحسين، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق، وسالم بن عبد الله بن عمر، وأبو جعفر محمد بن علي، وعمر بن عبد العزيز.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول 173 - و بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن بن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن حَمُّوية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا عفان قال: حدثنا يحيى بن سعيد القطان قال: حدثنا سفيان عن منصور قال: قلت لإبراهيم: أن سالماً أتم منك حديثاً؟ قال: أن سالماً كان يكتب.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السِّلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار البقال قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثنا أبي قال: سالم بن عبد الله بن عمر، مدني، تابعي، ثقة.
أنبأنا أبو نصر الشيرازي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن أحمد، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الوليد الفقيه غير مرة يقول: سمعت سليمان بن محمد بن خلف الميداني يقول: سمعت إسحاق بن إبراهيم الحنظلي يقول: أصح الأسانيد كلها الزهري عن سالم عن أبيه.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن - إجازة إن لم يكن سماعاً منهما أو من أحدهما - قالا: أخبرنا محمد بن أحمد 173 - ظ بن المسلمة قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن أبي بكر بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبد الله بن عمر قال: جاء بدوي إلى عبد الله بن عبد الله، وهو جالس في مجلسهم، حوله ولده وأصحابه، فاستفتاه في مسألة فقال: تريد أبا عمر؟ وأقبل على بعض بنيه فقال: اذهب إلى عمك فقل له: هذا مسترشد، فدخل على سالم فوجده جالساً في دار عبد الله بن عمر بين رجليه رحا ينقشها فقال له: يقول لك أخوك: هذا مسترشد فسأله عما يريد، فذكر ذلك، فأجابه فخرج البدوي وهو يرى شرف عبد الله فقال: لم أر كاليوم فقيهاً ولا مفقوهاً.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله ابن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال ابن بكير وقدم مقدم بن علي وجماعة من المصريين المدينة فأتوا باب سالم بن عبد الله، فسمعوا رغاء بعير، فبينما هم كذلك خرج عليهم رجل آدم شديد الأدمة مئتزر بكساء صوف إلى ثندوته فقالوا له: مولاك داخل؟ فقال: من تريدون؟ قالوا: سالم بن عبد الله، قال: ابن بكير فلما كلمهم جاء شيء غير المنظر، قال: من أردتم؟ قالوا: سالم، ها أنذا فما جاء بكم؟ قالوا: أردنا أن نسألك، قال: سلوا عن ما شئتم وجلس ويده ملطخ بالدم والقيح الذي أصابه من البعير فسألوه.
أخبرنا أبو يوسف بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن أبي صفوان قال: حدثنا يحيى بن كثير قال: حدثنا عبد الله بن إسحاق قال: سمعت سالم بن عبد الله يقول: إياكم وإدامة اللحم، فإن له ضراوة كضراوة الشراب.
وقال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبي قال: إبراهيم بن محمد بن الحسن، قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني حنظلة قال: رأيت سالم بن عبد الله بن عمر يخرج إلى السوق فيشتري حوائج نفسه.
أخبرنا أبو الحجاج الدمشقي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا النهرواني القاضي قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو سعيد الحارثي قال: حدثنا العُتْبي عن أبيه قال: دخل سالم بن عبد الله بن عمر على سليمان بن عبد الملك وعلى سالم ثياب غليظة رثة، فلم يزل سليما يرحب به ويرفعه حتى أقعده معه على سريره، وعمر بن عبد العزيز في المجلس فقال له رجل من أخريات الناس: أما استطاع خالك أن يلبس ثياباً فاخرة 174 - ظ أحسن من هذه فدخل فيها على أمير المؤمنين وعلى المتكلم ثياب سرية لها قيمة؟ فقال له عمر: ما رأيت هذه الثياب التي على خالي وضعته في مكانك هذه، ولا رأيت ثيابك هذه رفعتك إلى مكان خالي ذلك.
قال القاضي: لقد أحسن عمر في جوابه وأجاد في الذب عن خاله، وقد أنشدنا ابن دريد في خبر قد ذكرته في غير هذا الموضع لبعض الأعراب:
يغايظونا بقمصان لهم جدد ... كأننا لا نرى في السوق قمصانا
ليس القميص وإن جددت رقعته ... بجاعلي رجلاً إلا كما كانا
وأنشدنا أيضاً لأعرابي قصد باب بعض الملوك فحجبه الآذن وجعل يستأذن لغيره ممن له بزة:
رأيت آذننا يسام بزتنا ... وليس للحسب الزاكي بمستام
فلو دعينا على الأحساب قدمنا ... مجد تليد وجد راجح نامي
ولقد أحسن الذي قال:
قد يدرك الشرف الفتى وإزاره ... خَلِقٌ وجيب قميصه مرقوع

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد الطفال قال: أخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله القاضي قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا شيبان قال: حدثنا جرير بن حازم قال: أُتي سالم 175 - و بقدح مفضض فلما ذهب ليتناوله رأى الفضة التي فيه فتركه، فقال رجل لنافع: ما منعه أن يشرب فيه؟ فقال: ما سمع في آنية الفضة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثني أبي عبد الله قال: كان عبد الله بن عمر يقبل ابنه سالماً ويقول: شيخ يقبل شيخاً، ويقول: إني أحبك حبين: حب الإسلام وحب القرابة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: ولعبد الله بن عمر سوى هؤلاء سالم وكان من خيار الناس، ومن حملة العلم، وفيه يقول عبد الله بن عمر:
يديرونني عن سالم وأديرهم ... وجلدة بين العين والأنف سالم
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الأسود قال: أخبرنا الأصمعي قال: أوصى ابن عمر إلى عبد الله بن عبد الله، وترك سالماً، وكان 175 - ظ أسن منه فقيل له: أتدع سالماً؟ فقال: أو تعلمون بعبد الله بأساً؟ قال: فلما وضع على سريره قال عبد الله لسالم: تقدم قال: ما كنت لأتقدم وقد قدمك أبي.
قال يعقوب: وسمعت في حديث أن ابن عمر قيل له في ذلك، فقال: إني أكره أن أدنس سالماً بوصية، وأشغله عما هو فيه، يريد العبادة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي بن حُبيش قال: حدثنا أحمد بن يحيى الحلواني قال: حدثنا أحمد بن يونس قال: حدثنا زهير بن معاوية قال: حدثنا موسى بن عقبة أنه رأى سالماً بن عبد الله بن عمر لا يمر بقبر لا بليل ولا نهار إلا سلم عليه، يقول: السلام عليكم، فقلت له في ذلك، فأخبرني عن أبيه أنه كان بفعل ذلك.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أنبأنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم المنبجي الحلبي قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني - إجازة - قال: أخبرنا أبو العباس الفضل بن عبد الواحد بن الفضل التاجر، وأبو عبد الله إسماعيل بن عبد الله بن عبد الرحمن الخشاب قالا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار الزاهد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سُنَيْن قال: حدثنا نصر بن حريش الصامت قال: حدثنا أبو سهل سلم الخراساني 176 - و عن سفيان الثوري عن مجالد عن عامر الشعبي أنه قال: كان عبد الله بن عمر وابنه سالم بن عبد الله جلوساً عند الحجاج إذ جاؤوا برجل يريد أن يقتله الحجاج، فقال لسالم: قم إلى هذا الرجل فاقتله، قال: فقام سالم فسل سيفه، ودنا منه، وابن عمر ينظر إليه ويقول: أتراه فاعلاً، فلما دنا منه قال له: يا هذا صليت اليوم الغداة؟ نعم قد صليت الغداة، فغمد سيفه، ثم رجع إلى الحجاج فقال له الحجاج: ما لك لم تقتله؟ قال: سمعت أبي هذا يحدث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من صلى الغداة فهو في ذمة الله حتى يمسي، فلا يطلبنكم الله بشيء من ذمته، قال: فسكت الحجاج ولم يرد عليه شيئاً.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن محمد المعروف بالملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن مسعود البوصيري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء، ح.
قال شيخنا أبو عبد الله: وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل بن محمد الغساني، ح.
وأخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر بن علي - من لفظه بدمشق - قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الغساني قال: حدثنا 176 - ظ أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا عمير بن مرداس قال: حدثنا الحميدي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: دخل هشام بن عبد الملك الكعبة فإذا هو بسالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب، فقال له: يا سالم سلني حاجة فقال: إني لأستحي من الله تبارك وتعالى أن أسأل في بيت الله غير الله، فلما خرج، خرج في إثره فقال له الآن قد خرجت فسلني حاجة، فقال له سالم: من حوائج الدنيا أم من حوائج الآخرة؟ فقال: من حوائج الدنيا، فقال له سالم: أما والله ما سألت الدنيا من يملكها فكيف أسأل من لا يملكها.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا عفيف قال: أخبرني إبراهيم بن أبي حنيفة اليمامي عن سالم بن عبد الله قال: بلغني أن الرجل يُسأل يوم القيامة من فضل علمه كما يسأل عن فضل ماله.
قلت: عفيف هذا هو عفيف بن سالم.
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون النرسي قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي المرهبي قال: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن يحيى 177 - و الصيداوي قال: حدثنا المفضل - يعني - ابن غسان قال: أخبرنا عبد الله بن صالح قال: قال سالم بن عبد الله لعمر بن عبد العزيز: اجعل الدنيا يوماً واحداً صمته عن شهواتك، كان آخر فطرك فيه الموت، فكأن قد 177 - ظ.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثت عن عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا شريح بن يونس قال: حدثنا إسحاق بن سليمان قال: حدثنا حنظلة بن أبي سفيان قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى سالم بن عبد الله أن: اكتب إليّ بشيء من رسائل عمر بن الخطاب، فكتب: أن يا عمر اذكر الملوك الذين تفقأت أعينهم التي كانت لا تنقضي لذتهم، وانفقأت بطونهم التي كانوا لا يشبعون بها، وصاروا جيفاً في الأرض تحت آكامها أن لو كانت إلى جنب مسكين لأذي بريحهم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - فيما أجازه لي - قال: أنبأنا أبو إسحاق الحبال، وست الموفق خديجة المرابطة، قال أبو إسحاق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد الأديب بأنطاكية قال: حدثنا ابن جبلة وعبيد الله قالا: حدثنا منصور بن أبي مزاحم عن شعيب بن صفوان قال: كتب سالم بن عبد الله بن عمر 180 - و إلى عمر بن عبد العزيز: أما بعد يا عمر فإنه قد ولي قبلك أقوام فماتوا على ما قد رأيت، ولقوا لله فرادى بعد الجموع والحفدة والحشم، وعالجوا نزع الموت الذي كانوا منه يفرون، فانفقأت أعينهم التي كانت لا تفنى لذاتها، واندقت رقابهم غير موسدين بعد تظاهر الفرش والمرافق والسرر والخدم وانشقت بطونهم التي كانوا لا يشبعون فيها من كل نوع من الطعام، وصاروا جيفاً حتى لو كانوا إلى جانب مسكين ممن كانوا يحقرونه وهم أحياء لتأذي بهم بعد إنفاق الأموال على أغراضهم من الطيب والكسوة الفاخرة اللينة أنفقوا الأموال إسرافاً وفتروا عن حق الله، فإنا لله وإنا إليه راجعون ما أعظم ما ابتليت به يا أمير المؤمنين فإن استطعت أن تلقاهم يوم القيامة وهم يحبسون بما عليهم ولا تحبس بشيء فافعل.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا بن ناجيه قال: حدثنا محمد بن عباد بن موسى قال: حدثنا أبي عن غياث بن إبراهيم قال: حدثنا أشعب بن أم حميدة قال: أتيت سالم بن عبد الله وهو يقسم صدقة عمر فسألته فأشرف علي من خوخه فقال: ويحك يا أشعب لا تسأل.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن عبد الله مكحول قال: حد عثمان بن طبرزد قال: حدثنا إبراهيم بن عرعرة قال: حدثنا أبو عاصم قال: حدثنا جويرية بن أسماء قال: حدثنا 180 - ظ أشعب قال: قال لي سالم بن عبد الله: لا تسل أحداً غير الله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن أبي غالب القزاز، ح.
وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أبي علي البصري قال: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ الوراق قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال: حدثنا أبو داوود السنجي قال: حدثنا الأصمعي عن أشعب الطمع قال: دخلت على سالم بن عبد الله فقال لي: يا أشعب حمل إلينا جفنة من هريسة وأنا صائم فاقعد فكل، قال: فحملت على نفسي فقال: لا تحمل على نفسك، ما يبقى يحمل معك قال: فلما رجعت إلى منزلي قالت لي امرأتي: يا مشوم بعث عبد الله بن عمرو بن عثمان يطلبك، ولو ذهبت إليه لحباك، قال: فما قلت له؟ قال: قلت له أنك مريض، قال: أحسنت فأخذت قارورة دهن وشيئاً من صفرة فدخلت الحمام، ثم تمرخت به فعصبت رأسي بعصابة، وأخذت قصبة فاتكأت عليه، فأتيته وهو في بيت مظلم فقال لي: أشعب؟ فقلت: نعم جعلني الله فداءك ما رفعت جنبي من الأرض منذ شهرين، قال: وسالم في البيت وأنا لا أعلم فقال لي سالم: ويحك يا أشعب! قال: فقلت لسالم: نعم جعلني الله فداءك منذ شهرين ما رفعت ظهري من الأرض، فقال سالم: ويحك يا أشعب، قال: فقلت: نعم جعلت فداءك مريض منذ 181 - و شهرين ما خرجت، قال: فغضب سالم، قال: فقال لي عبد الله بن عمرو، ويلك يا أشعب ما غضب خالي إلاّ من شيء، قال: قلت: نعم جعلت فداءك غضب من أني أكلت اليوم جفنه من هريسة، قال: فضحك عبد الله وجلساؤه وأعطاني، ووهب لي، قال: فخرجت وإذا سالم بالباب فلما رآني قال: ويحك يا أشعب ألم تأكل عندي؟ قال: بلى جعلت فداءك، قال: فقال سالم: والله لقد شككتني.

أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن داوود قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن حسن المخزومي عن القاسم بن عبد الله بن عمر بن حفص عن أبي بكر بن عمر بن عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر بن الخطاب قال: حضرت سالم بن عبد الله بن عمر وأشعب يسأله بالله أن يعطيه من صدقة عبد الله بن عمر وهو يجذها بالغابة، وكان سالم لا يعطي أشعب شيئاً، وكان سالم لما سأله بالله قال له سالم: أقلّ ولا تكثر ويحك فلم يسأله شيئاً إلاّ أعطاه.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني أبو عروبه محمد بن موسى الأنصاري قال: حدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن إبراهيم بن عقبة قال: كان سالم بن عبد الله بن عمر إذا خلا حدثنا الفتيان.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي 181 - ظ قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا الزبير بن بكار عن يعقوب بن محمد الزهري عن إسحاق بن عبد الله الفَرْوي قال: بينا سالم بن عبد الله بن عمر يرمي الجمار إذ نظر إلى امرأة ترمي الجمار، فجاءت حصاة فصكت يدها فولولت وألقت بالحصا، فقال سالم: تعود صاغرة فتأخذين حصاك، فقالت: يا عم أنا والله:
من اللائي لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المسلما
فقال: صان الله هذا الوجه عن النار.
وقد رواه ابن شاذان عن أبي علي الطوماري عن ثعلب بالإسناد وقال: قال: قد قبحك الله.
أخبرنا به أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير - قراءة عليه، بالقاهرة وأنا أسمع - قال: أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي السلامي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أيوب البزاز وأبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن محمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو علي عيسى بن محمد بن أحمد بن عمر بن عبد الملك بن جريج، المعروف بالطوماري، قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى قال: حدثنا زبير قال: حدثني يعقوب بن محمد بن عيسى عن إسحاق بن محمد الفروي قال: أقبل سالم بن عبد الله بن عمر يرمي الجمرة يوم النحر فأطلعت امرأة كفاً خضيباً من خدرها لترمي، فجاءت حصاة فصكت كفها فولولت 182 - و وطرحت حصاها فقال لها سالم: ترجعين صاغرة قمئة فتأخذين حصاك من بطن الوادي فترمين به حصاة حصاة، فقالت: يا عم أنا والله:
من اللائي لم يحججن يبغين حسبة ... ولكن ليقتلن البريء المغفلا
قال: قد قبحك الله.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل قال: حدثني يموت بن المُزَرّع قال: حدثنا محمد حُمَيد شَجَن قال: حدثنا محمد بن مسلمة قال: حدثني أبي قال: أتيت عبد العزيز بن عبد المطلب أسأله عن بيعة الجن للنبي صلى الله عليه وسلم بمسجد الأحزاب ما بدؤها فوجدته مستلقياً وقد رحلّ برادوف بإصبعه على صدره وهو يتغنى:
فما روضة بالحزن طيبة الثرى ... يمج الندى جثجاثها وعرارها
بأطيب من أردان عزه موهناً ... وقد وقدت بالمندل الرطب نارها
من الخفرات البيض لم تلق شقوة ... وبالحسب المكنون صاف نجارها
182 - ظ
وإن برزت كانت لعينيك قرة ... وإن غبت عنها لم يعمك عارها
فقلت له: أتغني أصلحك الله وأنت في جلالك وشرفك، أما والله لأحدون بها ركبان نجد، قال: فوالله ما اكترث بي وعاود يتغنى:

فما ظبية أدماء خفاقة الحشا ... تجوب بظلفيها متون الخمائل
بأحسن منها إذ تقول تدللاً ... وأدمعها يذرين حشو المكاحل
تمتع بذا اليوم القصير فإنه ... رهين بأيام الشهور الأطاول
قال: فندمت على قولي له، فقلت: أصلحك الله تحدثني في هذا بشيء؟ فقال: نعم حدثني أبي قال: دخلت على سالم بن عبد الله بن عمر وأشعب يغنيه.
مغيرية كالبدر سنّهُ وجهها ... مطهرة الأثواب والعرض وافر
لها حسب زاك وعرض وعرض مهذّب ... ومن كل مكروه من الأمر زاجر
من الخفرات البيض لم تلق ريبة ... ولم يستملها عن تقى الله شاعر
فقال له سالم: زدني، فغناه.
ألمت بنا والليل داج كأنه ... جناح غراب عنه قد نفض القطرا
فقلت أعطّار ثوى في رحالنا ... وما احتملتُ ليلي سوى طيبها عطرا
فقال سالم: والله لولا أن تداوله الرواة لأجزلت جائزتك، فإنك من هذا الأمر بمكان.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي محمد 183 - و الجوهري قال أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحاق الجلاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن عمر بن حفص قال: نظر هشام بن عبد الملك إلى سالم بن عبد الله يوم عرفة في ثوبين متجرداً، فرأى كدنة حسنة، فقال: يا أبا عمر ما طعامك؟ قال: الخبز والزيت فقال هشام: كيف تستطيع الخبز والزيت؟ قال أخمره فإذا اشتهيته أكلته، قال: فوعك سالم ذلك اليوم فلم يزل موعوكاً حتى قدم المدينة.
وقال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا أبي علي قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر الذهبي قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وقال أبو ضمرة أنس بن عياض الليثي: حج هشام بن عبد الملك فجاءه سالم بن عبد الله، فأعجبته سحنته، فقال له: أي شيء تأكل؟ قال: الخبز والزيت، قال: فإذا لم تشتهيه؟ قال: أخمره متى اشتهيته، فعانه هشام فمرض ومات فشهده هشام، وأجفل الناس في جنازته فرآهم هشام: فقال إن أهل المدينة كثير فضرب عليهم بعثاً أخرج فيه جماعة منهم فلم يرجع منهم أحد فتشاءم أهل المدينة فقالوا: عان فقيهنا وعان أهل بلدنا. قال الزبير ولم أسمعه من أبي ضمرة، حدثنيه عنه إبراهيم بن المنذر الخزامي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله 183 - ظ قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت على أبي غالب عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم، ح.
قال: وقرئ على سليمان بن إسحاق بن الخليل قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قالا: حدثنا محمد بن سعد قال: مات سالم بن عبد الله سنة ست ومائة في آخر ذي الحجة، وهشام بن عبد الملك يومئذ بالمدينة، وكان حج بالناس تلك السنة ثم قدم المدينة فوافق موت سالم بن عبد الله فصلى عليه.
قال: وأخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر عن أفلح وخالد بن القاسم قالا: صلى هشام بن عبد الملك على سالم بن عبد الله بالبقيع لكثرة الناس، فلما رأى هشام كثرتهم بالبقيع قال لإبراهيم بن هشام المخزومي: اضرب على الناس بعث أربعة آلاف، فسمي عام أربعة آلاف قال: فكان الناس إذا دخلوا الصائفة خرج ألف من المدينة إلى السواحل فكانوا هناك إلى انصراف الناس وخروجهم من الصائفة.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقنندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني حيوة قال حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: مات سالم بن عبد الله سنة ست ومائة فصلى عليه هشام، وصلى هشام على 194 - و طاووس بين الركن والمقام في هذه السنة قبل التروية بيوم أو يومين.

قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا ابن بكير قال: حدثني عطاف بن خالد أن سالم بن عبد الله توفي وهشام بالمدينة فلما صلى عليه ورأى كثرة من شهد جنازة سالم ضرب على أهل المدينة البعث وقال: ما كنت أظن أن بالمدينة كل هذا الناس.
قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا سعد بن راشد قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: حج هشام بن عبد الملك سنة ست مائة فمر بالمدينة فعاد سالم بن عبد الله بن عمر، وكان مريضاً، ثم انصرف فوجده حين مات فصلى عليه، ومات سنة ست ومائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري وأبو طاهر أحمد بن علي المقرئ قالا: أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال: أخبرنا أبو عبد الأنصاري قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عقبة قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا محمد بن كثير القرشي عن ليث قال: مات طاووس وسالم بن عبد الله سنة ست ومائة، وصلى عليهما هشام بن عبد الملك.
أنبأنا تاج الأمناء أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن سعد الزهري 184 - ظ، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو بكر بن المزرفى قال: أخبرنا أب بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قالا: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب قال: مات سالم بن عبد الله سنة ست ومائة، زاد عبد الله قال: عاده هشام في بَدْءَتِه، قال: وعاد من الحج إلى المدينة فمات سالم فصلى عليه هشام.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد بن زيد قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق قال: حدثنا نضر بن علي قال: أخبرنا الأصمعي قال: توفي سالم بن عبد الله في سنة خمس ومائة.
قلت: تفرد الأصمعي بهذا القول، وقد روي أنه توفي سنة سبع، وقيل سنة ثمان، والأكثرون على أنه توفي سنة ست ومائة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن - إجازة إن لم يكن سماعاً منهما أو من أحدهما - قالا: أخبرنا أبو الحسن بن مخلد - إجازة - قال: أخبرنا علي بن محمد بن خرقة قال: أخبرنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثني حماد بن خالد الخياط قال: زعم عبد الله العمري أن القاسم وسالماً مات أحدهما في سنة ست، والآخر في سنة خمس ومائة، قال أحمد: سالم سنة ست ومائة، يعني مات.
ولعل كلام العمري 185 - و هو الذي أوجب أن الأصمعي قال إنه توفي سنة خمس ومائة، لأنه بدأ يذكر القاسم، ثم بسالم وقال: أحدهما سنة ست والآخر في سنة خمس، فظن أن الذي قدمه في الذكر هو الذي قدمه في الوفاة، والله أعلم.
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو نعيم قال: وسالم بن عبد الله سنة ست ومائة، قال الأحوص: قال أبي: قال الواقدي: مات سالم سنة ست ومائة.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم - في كتابه إلينا من مرو - قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي، ح.
وأنبأنا القاسم بن عبد الله قال: أخبرتنا عمة أبي عائشة قالا: أخبرنا أبو بكر بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: أخبرنا أبو عبد الله الصفار قال: حدثنا أبو إسماعيل السُّلمي قال: سمعت أبا نعيم الفضل بن دُكين يقول: وسالم بن عبد الله بن عمر سنة ست ومائة، يعني مات.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن بن لولو قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال: ومات سالم بن عبد الله بن عمر سنة ست ومائة بعقب ذي الحجة، ويكنى أبا عمر. 185 - ظ.

أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسن المؤدب قال: أخبرنا أبو سليمان الربعي قال: قال: فيها - يعني - سنة ست ومائة مات سالم بن عبد الله في ذي الحجة يكنى أبا عمر.
قال: وأخبرنا أبو سليمان قال: أخبرنا أبي أبو محمد قال: حدثنا محمد بن علي بن زيد قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن الضحاك بن عثمان عن مالك بن أنس قال: هلك سالم سنة ست ومائة، وصلى عليه هشام بن عبد الملك.
أنبأنا القاضي أبو القاسم أيضاً عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثني أبو عبد الله - فيما بلغه - قال: مات سالم بن عبد الله سنة ست ومائة.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - فيما أذن لي في روايته عنه - عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال أبي وعمي أبو بكر: مات سالم بن عبد الله سنة ست ومائة في آخرها.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير - أذناً - قال أنبأنا أبو الفضل محمد بن نصر قال: أخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا علي بن الحسن الجراحي، ح.
قال ابن خيرون: وأخبرنا الحسن بن الحسين بن العباس بن دوما قال: أخبرنا جدي لأمي إسحاق بن محمد قالا: أخبرنا عبد الله بن إسحاق المدائني 186 - و قال: حدثنا قعنب بن المحرز الباهلي قال: ومات سالم بن عبد الله بن عمر بالمدينة، وطاووس سنة ست ومائتين في آخرها.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر - إجازة - قال حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي محمد بن المغيرة قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة ست ومائة فيها مات سالم بن عبد الله بن عمر بالمدينة، ويقال سنة سبع، ويكنى أبا عمر.
أنبأنا الكندي عن أبي البركات بن المبارك قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا الحسين بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا الخليفة بن خياط قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب بن نفيل أمه أم ولد، يكنى أبا عمر توفي سنة سبع ومائة.
أنبأنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا الخليفة بن خياط قال: سنة سبع ومائة، مات سالم بن عبد الله بن عمر في أول السنة وصلى عليه هشام بن عبد الملك.
وقال: أخبرنا عمي الحافظ أبو الحسن الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور النهاوندي قال: أخبرنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله 186 - ظ بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: وكنيته إسماعيل بن يعلى الثقفي أبو أمية، قال زيد بن حباب حدثنا إسماعيل بن يعلى قال: شهدت جنازة سالم بن عبد الله سنة سبع ومائة.
وقال: أخبرني عمي الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: سالم بن عبد الله بن عمر بن الخطاب أحد بني عدي بن كعب، ويكنى أبا عمر، قال الهيثم بن عدي: توفي ثمان ومائة، وقال الواقدي: حدثني عبد الحكم بن عبد الله بن أبي فروة قال: مات سالم سنة ست ومائة في عقب ذي الحجة وصلى عليه هشام بن عبد الملك بالبقيع، وقد كان حج تلك السنة وروى عن أبي أيوب.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف - فيما أجازه لنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست ومائة سالم بن عبد الله بن عمر في ذي الحجة، ويقال سنة ثمان أيضاً، مديني، يعني مات، قال ابن قانع: سنة سبع ويقولون: سالم بن عبد الله، يعني مات فيها.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي 187 - و قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدثكم الهيثم بن عدي قال: ومات سالم بن عبد الله بن عمر سنة ثمان وستمائة.
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي - فيما أجازه لي - قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: حدثنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني عمي الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي عن محمد بن إسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير قال: توفي سالم بن عبد الله سنة ثمان ومائة.
وقال: أخبرنا عمي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب قال: ومات القاسم بن محمد، وسالم سنة حج هشام بن عبد الملك وأظنه سنة سبع عشرة ومائة.
قال الحافظ هذا: وهم والصواب ما تقدم.
وقال: أخبرنا عمي الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم تمام بن عبد الله بن المظفر المقرئ قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن حمزة بن أبي مجريه البعلبكي قراءة عليه - قال أخبرنا أبو نصر بن الجبان - إجازة - قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا الهيثم بن عدي عن عبد الرحمن بن محمد عن عبد الرحمن بن القاسم قال 187 - ظ كان أبي لا يدخل منزله إلاّ تأوه، فقلت: يا أبة إنك لتصنع شيئاً ما كنت تصنعه وما كنت أسمعه منك وما أخرج ذلك منك إلاّ جوى قال أبي: بني ما انتفعت بنفسي منذ مات سالم.
قال الهيثم: الجوى داء باطن يقال منه: رجل جوٍ، وامرأة جوية.
سالم بن عبد الله المدني:
مولى محمد بن كعب القرظي، كان عمر بن عبد العزيز قد واخاه في الله، وحضر عنده حين استخلف ووعظه، وأظنه كان مع مولاه محمد بن كعب بخناصره عند عمر.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله وأحمد بن محمد بن سنان قالا: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا النضر بن زرارة عن الثقة قال: كان لعمر بن عبد العزيز أخ واخاه في الله، عبد مملوك يقال له سالم، فلما استخلف دعاه ذات يوم فأتاه فقال له: يا سالم إني أخاف أن لا أنجو؟ قال: إن كنت تخاف فنعما، ولكني أخاف أن لا تخاف، قال سالم: إن الله أسكن عبداً داراً فأذنب فيها ذنباً واحداً فأخرجه من تلك الدار، ونحن أصحاب ذنوب كبيرة نريد أن نسكن تلك الدار.
وأخبرنا يوسف بن خليل - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى الغساني قال: حدثني أبي عن جدي قال: كتب عمر بن عبد العزيز إلى محمد بن كعب يسأله أن يبيعه غلامه سالماً، وكان عابداً خيراً 188 - و فقال: غني قد دبرته، قال: فأزرنيه، قال: فأتاه سالم فقال عمر: إني قد ابتليت بما ترى، وأنا والله أتخوف أن لا أنجو، فقال له سالم عبد الله: إن كنت كما تقول فهذا نجاتك، وإلا فهو الأمر الذي تخاف، قال: يا سالم عظنا، قال: آدم صلى الله عليه وسلم على خطيئة واحدة خرج بها من الجنة، وأنتم تعملون الخطايا ترجون تدخلون بها الجنة، ثم سكت.
سالم بن عبد الله:

ويقال ابن عبد الرحمن، أبو العلاء الأموي، كاتب هشام بن عبد الملك ومولاه وقيل مولى سعيد بن عبد الملك وقيل مولى المنذر بن عبد الملك، كان مع هشام بن عبد الملك بالرصافة من عمل قنسرين، وكان يكتب له، وشهد وفاته بالرصافة وكان على ديوان رسائله ورسائل الوليد بن يزيد، حكى عن هشام بن عبد الملك والأبرش الكلبي. روى عنه عمرو بن طليع، ومحمد بن شهاب الزهري، وعبد الله بن جعفر المخرمي، وقيل إنه كان أستاذ عبد الحميد بن يحيى كاتب مروان بن محمد في الكتابة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن إسحاق قال: حدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا نوح بن يزيد قال: حدثنا إبراهيم بن سعد قال: 188 - ظ سمعت ابن شهاب يحدث قال لقيني سالم كاتب هشام فقال لي أن أمير المؤمنين يأمرك أن تكتب لولده حديثك، فقلت له: لو سألني عن حديثين أتبع أحدهما الآخر ما قدرت على ذلك، ولكن ابعث لي كاتباً أو كاتبين فإنه قل يوم إلاّ يأتيني فيه قوم يسألوني عن ما لم أسأل عنه بالأمس، فبعث إليّ بكاتبين فاختلفا إلي سنة قال: ثم لقيني فقال: يا أبا بكر ما أرانا إلا قد أنفضناك؟ فقال: فقلت: كلاّ إنما كنت في عزاز الأرض والآن قد هبطت بطون الأودية.
أخبرنا أبن الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - فيما أجازه لي قال: أنبأنا أبو إسحاق الحبال وست الموفق خديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، ح.
وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب قال: أخبرنا حبش بن موسى قال: أخبرنا المدائني عن شبّة بن عبيدة قال: أخبرني عمر بن طليع قال: حدثني سالم أبو العلاء قال: خرج علينا هشام يوماً وهو 186 - و كئيب تعرف الكآبة فيه يجرّ ثيابه، فقال له الأبرش الكلبي: لقد رأينا منك يا أمير المؤمنين أمراً غمنا؟ قال: وكيف لا أكتئب وزعم أهل أهل العلم أني ميت إلى ثلاثة وثلاثين يوماً! قال سالم: فرجعت إلى منزلي فكتبت في قرطاس زعم أمير المؤمنين أنه يسافر إلى ثلاثة وثلاثين يوماً سفراً، فأقمت أياماً فإذا خادم يدق الباب، فقال أجب واحمل معك دواء الذبحة، وقد كانت أصابته فعولج بذلك الدواء فبرأ، وخرجت مع الخادم ومعي الدواء فتغرغر به، فقال: يا سالم قد خف عني ما كنت أجد فانصرف إلى أهلك وخلف الدواء عندي، فانصرفت، فما كان بأسرع من أن سمعت الواعية، فقالوا مات أمير المؤمنين لتمام ثلاثة وثلاثين يوماً. قال أبو العلاء سالم:
وما سالم عما قليل بسالم ... ولو كثرت أحراسه ومواكبه
ومن كان ذا باب شديد وحاجب ... فعما قليل يهجر الباب حاجبه
وما كان إلا الموت حتى تفرقت ... إلى غيره أحراسه وكتائبه
وأصبح مسروراً به كل كاشح ... وأسلمه أحبابه وحبائبه
وقد ذكرنا أن هذه الأبيات تمثل بها ابن عبد الأعلى في موت هشام.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد الصيدلاني قال: أخبرنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: سالم كاتب هشام بن عبد الملك يكنى أبا العلاء.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سالم كاتب هشام أبو العلاء.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة قال: في تسمية عمال هشام: كاتب الرسائل سالم مولى سعيد بن عبد الملك، ثم كتب ابنه عبد الله بن سالم.
أخبرنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن - في كتابه - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: سالم بن عبد الله، ويقال ابن عبد الرحمن، أبو العلاء مولى هشام بن عبد الملك وكاتبه، ويقال مولى سعيد بن عبد الملك، ويقال مولى المنذر بن عبد الملك، كان على ديوان الرسائل لهشام بن عبد الملك وللوليد بن يزيد ومنزله بدمشق في سوق أم حكيم المعروف اليوم بالعلبيين، روى عنه عمرو بن وكيع، روى عنه الزهري، وعبد الله بن جعفر المخرمي 190 - و الزهري، وذكره أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق، فقال: كان سالم بن عبد الله مولى هشام كاتبه، وكان منزله بدمشق في سوق أم حكيم، وكان سالم أستاذ عبد الحميد بن يحيى في الكتابة، وكان عبد الحميد كاتب مروان بن محمد.
سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب:
ابن علي بن المهذب بن محمد بن همّام بن عامر بن عامر بن محارب بن نعيم بن عدي بن عمرو بن عدي بن الساطع بن عدي بن عيد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله وهو مجتمع تنوخ، أبو المعافى وقيل أبو المعافى وقيل أبو المعالي التنوخي المعري، من أكابر بيوت معرة النعمان، وسلفهم مشهورون بالفضل والعلم ورواية الحديث والشعر، وكانوا يتمذهبون بمذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
وسالم هذا كان شاعراً مجيداً فاضلاً، وكان بينه وبين الأمراء بني منقذ مودة واختلاط، وله فيهم مدائح، وروى عن سديد الملك أبي الحسن علي بن منقذ شيئاً من شعره. روى عنه أبو المنجا طاهر بن أحمد بن محمد بن عبد الأعلى التنوخي، والأمير أبو سلامة بن علي بن منقذ الكناني.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر مشافهة قال: أنبأنا أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ في كتابه الذي سيّره إلى الرشيد بن الزبير في ذكر جماعة من الشعراء سأله عنهم، ليودعه كتابه الذي وسمه بجنان 190 - ظ الجنان ورياض الأذهان، قال أسامة: ومن شعراء الشام الشيخ أبو المعافى سالم بن عبد الجبار بن المهذب من أهل المعرة موسوم بالعدالة والأمانة، مشهور الفضل والديانة، وله شعر جيد، لا يفد به ولا يسترفد، وكان بينه وبين جدي سديد الملك رحمه الله مودة، وكان أكثر زمانه عنده رغبة في مؤانسته وعشرته، فإذا اشتاق أهله مضى إلى المعرة أقام بها بقدر ما يقضي مأربه ثم يعود والمعرة إذ ذاك لشرف الدولة مسلم بن قريش، وكان نازل جدي رحمه الله وهو بشيزر وحاصره مدة، ونصب عليه عدة مجانيق، وقاتل حصناً له يسمى الجسر، ورحل عنه ولم يبلغ غرضاً فعمل فيه الشيخ أبو المعافى بن المهذب.
أمسلم لا سُلّّمت من حادث الردى ... تخذت وزيراً ما شددت به أزرا
كسبت ولم تخسر بحرب ابن منقذ ... من الله والناس المذمة والوزرا
فمت كمداً بالجسر لست بجاسر ... عليه وعاين شيزراً أبداً شزرا
فلما بلغت الأبيات إلى شرف الدولة قال: من يقول هذا القول فينا؟ قالوا: رجل يعرف بابن المهذب من أهل المعرة قال: ما لنا ولهذا الرجل اكتبوا إلى الوالي بالمعرة يكف عنه ويحسن إليه يكون قد جار عليه فأحوجه أن قال ما قال، وهذا من حلم شرف الدولة المشهور.
هكذا ذكر أسامة البيات، وقرأت في بعض تعاليقي من الفوائد 191 - و: لما عزم أبو العز بن صدقة وزير مسلم بن قريش على حصار شيزر وأخذها من سديد الملك بن منقذ قال: فيه سالم بن عبد الجبار بن المهذب.
أمسلم لا سلمت من حادث الردى ... تخذت وزيراً ما شددت به أزرا
كسبت ولم تربح بحرب ابن منقذ ... من الله والناس المذمة والوزرا
فمت كمداً بالجسر لست بجاسر ... عليه وعاين شيزراً أبداً شزرا

فلما سمع شرف الدولة مسلم بن قريش هذه الأبيات قال: من هذا الرجل؟ فقيل له من أهل المعرة رعيتك، قال: أوصوا به الوالي ليحسن إليه، وحذروه أن يجني عليه فهذا ما يعرفنا، ولو لم يكن له شكاية من والينا لما قال هذا.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال قرأت بخط أبي القاسم بن صابر قال: أنشدنا أبو المنجا طاهر بن أحمد بن محمد بن عبد الأعلى التنوخي قال: أنشدنا أبو المعالي سالم بن المهذب التنوخي قال: أنشدنا أبو الحسن الكناني لنفسه، يعني الأمير علي بن منقذ:
يا من جعلت إذا خطا ... خدي له أرضاً ليرضى
إن العيون إذا نظرن ... إليك لم يطمعن غمضا
ذكر أبو عبد الله محمد بن يوسف بن المنيرة الكفر طابي في كتابي البديع في نقد الشعر، وشاهدته بخطه: لأبي المعافى سالم بن عبد الجبار 191 - ظ أبياتاً في أبي المرهف بن منقذ:
أبا المرهف الباني من المجد منزلاً ... منيفاً له طنب على النجم ممدود
ومن بات للعافين من جود كفه ... خضم ندى عذب المشارب مورود
لقد ضيم إلاّ في جنابك قاطن ... وأعوز إلاّ من أناملك الجود
أنشدني أبو البركات الفضل بن سالم بن مرشد بن المهذب بحماة قال: أنشدني والدي للشيخ أبي المعافى سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب.
طوبى لمن ملكت يداي مصاحباً ... في الناس يصبر لي على ما أصبر
يصل المودة ما وصلت حباله ... أبداً ويهجر أي وقت أهجر
لو يشترى لشريت ذاك بمقلتي ... وبقيت بالأخرى إليه أنظر
وأنشدني أبو البركات قال: أنشدني والدي لسالم أيضاً:
لمن جيرة حكمتهم فيَّ فاشتطوا ... لهم منزل بين الجوانح مختط
يزيد بهم وجدي على القرب والنوى ... وسيان عندي منهم القرب والسخط
وقال منها:
أأ حبابنا رفقاً بنا وتعطفاً ... علينا فما من شأن مثلكم القسط
هجرتم على قرب المزار وجرتم ... بلا سبب ما هكذا بيننا الشرط
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي عن أبي المظفر أسامة بن مرشد بن علي منقذ قال: ومن شعره، يعني أبا المعافى سالم 192 - و بن عبد الجبار:
ومهفهف كالغصن في حركاته ... متهضم في خصره المهضوم
يهتز من نفس المشوق قوامه ... ليناً كما هزّ القضيب نسيم
يحلو ويمرر وصله وصدوده ... وكذا الهوى شقاً ونعيم
كن كيف شئت فإن وصلي ثابت ... تتصرم الأيام وهو مقيم
غيري لديك حباله موصولة ... أبداً وحبل مودتي مصروم
قلبي الذي جلب الغرام لنفسه ... فلمن أعاتب غيره وألوم
قال: ومن شعره في والدي على منهاج النُسبي:
لأبي سلامة مرشد بين الورى ... خلق يكل الناس عن أوصافه
ملك إذا علق المخوف بحبله ... أمن الخطوب فواله أوصافه
ومما وقع لي من شعره في الخيري:
انظر إلى الخيري ما بيننا ... مقمصاً بالطل قمصانا
كأنما صاغته أيدي الحيا ... من أحمر الياقوت صلبانا
وله يصف الوباء والأفرنج بالشام:
ولقد حللت من الشآم ببقعة ... أعززْ بساكن ربعها المسكين
وبئت وجاورها العدو فأهلها ... شهداء بين الطعن والطاعون
توفي أبو المعافى سالم في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة أو بعدها 192 - ظ فإن عبد الواحد بن عبد الله ابن عمي عبد الصمد بن أبي جرادة أخبرني أنه نقل من خط عبد الله بن علي بن أحمد بن جعفر التنوخي المعري، وذكر جماعة من مشايخ معرة النعمان وقال: ما بقي منهم إلى سنة اثنتي عشرة وخمسمائة إلا أبو العلاء المحسن بن الحسين بن محمد بن أحمد بن جعفر بن أحمد بن سليمان بن داوود، وأبو المعافى، وأبو المنجا ابنا عبد الجبار بن محمد بن المهذب بن علي بن الهذب، فتكون وفاته بعد ذلك.
سالم بن عبد الرحمن:

هو أبو العلاء الكاتب، كاتب هشام، ذكر في التاريخ أنه كان بالرصافة حين مات هشام، فكتب إلى الوليد بن يزيد بن عبد الملك يعلمه بذلك، وقد تقدم ذكره فيمن اسم أبيه عبد الله.
سالم بن عبد الغالب:
ابن عبد الله بن المحسَّن بن عبد الله بن محمد بن عمرو بن سعيد بن محمد بن داوود بن المطهر بن زياد بن ربيعة بن الحارث بن ربيعة بن أنور بن أرقم بن أسحم، أبو المنجا بن المطهر بن القاضي أبي سعيد بن أبي حَصين بن أبي القاسم التنوخي المعري، القاضي من بيت القضاء والعلم والرواية والشعر بمعرة النعمان، وكان أبوه قاضي معرة النعمان، وقد ذكرناه، وذكرنا منهم جماعة.
وكان سالم هذا قد سافر إلى الديار المصرية، وولى بها قضاء دمياط، ثم جاور بمكة إلى أن مات، روى عن 193 - و أبيه أبي سعد شيئاً من شعره، وروى عن الحافظ أبي طاهر السِّلفي بمكة، كتب عنه شيخه أبو طاهر السلفي بالإسكندرية، وعبد الرحيم بن محمد كُلِي الأصبهاني بمكة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي عن الإمام الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدني القاضي أبو سعد عبد الغالب بن عبد الله بن المحسن بن عمرو والتنوخي لنفسه بالمعرة:
قلت وقلب في يديك مُعَذّب ومُنَعَّم
ظمآن يطلب قطرة تشفي صداه ومفعم
هكذا أنشد الحافظ أبا طاهر هذين البيتين، ولم يذكر أن قائلهما أبوه، لأن أباه سعد قال البيتين في امرأة اسمها عاتكة، وجرى له معها قصة عزل عن قضاء المعرة بسببها، وقد ذكرنا القصة في ترجمة أبي سعد عبد الغالب، فيقع لي أنه يذكر أنه أبوه لذلك، والله أعلم.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي علي الأنصاري قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السِّلفي قال: رأيت بخط عبد الرحيم بن محمد بن كُلي الأصبهاني، وهو من أهل الفضل، قال: أنشدنا أبو الفرج ثابت بن محمد بن أبي الفرج المديني من لفظه قال: أنشدنا أبو المعالي مُجَلي بن جميع بن نجا المخزومي بمكة، وذكر 193 - ظ أنه من ولد خالد بن الوليد قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الرازي بمصر قال: أنشدني أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السِّلفي الإصبهاني بالإسكندرية من قبله.
دين الرسول وشرعة أخباره ... وأجل علم يقتنى آثاره
من كان مشتغلاً بها وببثّها ... بين البرية لا عفت آثاره
قال عبد الرحيم: ثم لقيت بمكة في ذي الحجة من سنة إحدى وأربعين وأبا الغنائم سالم بن عبد الغالب بن عبد الله المعري، فأنشدني قال: أنشدني أبو الطاهر السِّلفي فذكر البيتين.
أخبرني أبو القاسم بن رواحة الحموي عن أبي طاهر السِّلفي قال: سالم هذا كان من شهود ديار مصر، وخطب بها، وولي قضاء دمياط، وكان من أهل السنة، شافعي المذهب، ترك ذلك كله وجاور بمكة إلى أن توفي بها سنة اثنتين وأربعين، وكان قد سمع عليّ وروى عني.
يعني سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وفاته.
سالم بن عبيد الأشجعي:
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وكان من أصحاب الصفة، وحكى عن علي رضي الله عنه، وشهد معه صفين. روى عنه خالد بن عرفطة ونبيط بن شريط، وأبو مالك الأشجعي، وقيل روى عنه هلال بن يساف والصحيح أن هلالاً روى عن 194 - و خالد بن عرفطة عنه.
أخبرنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثني عبد الصمد قال: حدثنا ورقاء عن منصور عن هلال عن خالد بن عرفطة قال: كنا في مسير فعطس رجل من القوم فقال: السلام عليكم، فقال له سالم بن عبيد الأشجعي وعليك وعلى أمك، قال: ثم قال له: لعله ساءك ما قلت؟ قال: ما يسرني أن تذكر أمي بخير ولا شر قال: أما إني لا أقول إلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وعطس رجل من القوم فقال: السلام عليكم فقال: عليك وعلى أمك، ثم قال: إذا عطس أحدكم فليقل: الحمد لله رب العالمين، وليقل من عنده: يرحمك الله، وليقل هو: غفر الله لي ولكم.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية قال: أخبرنا عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف الشيرازي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن حمدان الحنبلي قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا وهب بن بقية قال: حدثنا إسحاق الأزرق عن سلمة بن نُبَيط عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط عن سالم بن عُبيد - وكان من أهل الصفة - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد 194 - ظ مرضه أغمي عليه، كلما أفاق: مروا بلالاً فليؤذن ومروا بلالاً فليصل بالناس، وذكر الحديث.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو بكر الطلحي قال: حدثنا سلمة بن نبيط عن نعيم بن أبي هند عن نبيط بن شريط عن سالم بن عبيد - وكان من أهل الصفة - أن النبي صلى الله عليه وسلم لما اشتد مرضه أغمي عليه، فلما أفاق قال: مروا بلالاً فليؤذن، ومروا أبا بكر فليصل بالناس قال: ثم أغمي عليه، فقالت عائشة: إن أبي أسيف فلو أمرت غيره قال: إنكن صواحبات يوسف مرواً بلالاً، ومروا أبا بكر فليصل بالناس.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن - فيما أجازه لي - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إسحاق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي الهمداني قال: حدثنا يحيى بن سليمان أبو سعيد الجعفي قال: حدثنا عبد الله بن إدريس قال: سمعت أبا مالك الأشجعي ذكر عن رجل من أشجع يقال له سالم بن عبيد الأشجعي قال 195 - و قال: رأيت علياً يوم صفين وهو آخذ بيدي ونحن نمشي في القتلى فجعل علي يستغفر لهم حتى بلغ قتلى أهل الشام، فقلت له: يا أمير المؤمنين إنا في أصحاب معاوية فقال علي: إنما الحساب عليّ وعلى معاوية.
أخبرنا أبو منصدر عبد الرحمن بن محمد بن الحسن - فيما أجازه لي - قال: عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: سالم بن عبيد الأشجعي، له صحبة، قال لنا علي: حدثنا جرير عن منصور عن هلال بن يساف قال: كنا مع سالم بن عبيد فعطس رجل، فذكر عن النبي صلى الله عليه وسلم فذكرته لابن مهدي فقال: حدثنا أبو عوانة عن منصور عن هلال من آل عرفطة عن سالم، فذكرته لابن داوود فقال: حدثنا ورقاء عن منصور عن هلال عن خالد بن عرفطة عن سالم، فذكرته ليحيى بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن منصور عن هلال عن رجل عن سالم.
وروى هاشم بن القاسم عن أبي جعفر الرازي عن منصور عن هلال: كنا مع سالم.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سالم بن عبيد الأشجعي، كوفي له صحبة، روى عنه نُبيط بن شريط، وهلال بن يساف سمعت أبي 195 - ظ يقول ذلك، روى عنه خالد بن عرفطة.
هكذا قال والحديث الذي يرويه عنه خالد بن عرفطة هو الذي يرويه هلال بن يساف عن خالد عنه، والظاهر أن الذي رواه عن هلال عن سالم أسقط خالداً والله أعلم.
أنبأنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال في كتاب الحروف ومعرفة الصحابة: وسالم بن عبيد الأشجعي حديثه في الكوفيين، روى عنه نبيط بن شريط، وروى هلال بن يساف عن رجل عنه، واختلف أصحاب منصور عنه في رواية حديث بلال. 196 - و

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سالم بن عبيد رضي الله عنه من أهل الصفة، قاله ابن مُنيع، وهو سالم بن عبيد الأشجعي، سكن الكوفة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سالم بن عبيد الأشجعي سكن الصفة، ثم انتقل إلى الكوفة ونزلها.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - فيما كتب إلينا به من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: سالم بن عبيد الأشجعي كوفي، له صحبة، وكان من أهل الصفة، روى عنه خالد بن عرفطة، وروى عن نبيط بن شريط، ويقال ابن يساف.
سالم بن علي بن تميم الكفر طابي:
أبو الحسن الحلبي النحوي المعروف بابن الحمامي، أصله من كفر طاب، وسكن حلب، ويقال فيه سالم بن تميم، كان رجلاً فاضلاً عارفاً بالعربية، وكان سني المذهب، سمع بحلب الشريف أبا علي محمد بن هارون الهاشمي الحلبي والشيخ أبا عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير والشيخ مشرق بن عبد الله العابد بن 196 - ظ.
وكان فقيهاً حسناً ونحوياً مفيداً، وكان إمام سديد الملك علي بن منقذ وجليسه، ومن وجوه الحلبيين، وإياه عنى أبو محمد الخفاجي بقوله في القصيدة التي سيرها من قسطنطينية إلى جماعة أهله وأصدقائه:
أبلغ أبا الحسن السلام وقل له ... هذا الجفاء عداوة للشيعة
فلأطرفن بما صنعت مكابراً ... وأبث ما لاقيت منك لبنكه
ولأجلسنَّك للقضية بيننا ... في يوم عاشوراء بالشرقية
حتى أثير عليك فيها فتنة ... تنسيك يوم خزانة الصوفية
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: هو الفقيه أبو الحسن سالم بن تميم، وبخطه مكابر وبَنْكَة من غوغاء الشيعة.
أخبرنا بهذه الأبيات أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنشدنا والدي قال: أنشدني أبي عن قائلها أبي محمد، أو عن عنه أبي نصر عن أبي محمد.
وخزانة الصوفية هي خزانة الكتب التي بالشرقية من جامع حلب، وأشار بذلك إلى قضية وقعت لسالم بن علي مع الشيعة بحلب في يوم عاشوراء عند خزانة الكتب، أدت إلى فتنة بين السنة والشيعة، وكان سالم بن علي بن تميم سني المذهب.
وسببها ما أنبأنا به أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة، وأبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً لهما أو لأحدهما - 197 - و قال: أخبرنا أبو الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف التنوخي المعري بدمشق، قال: سمعت أخي أبا الفضل يقول: سمعت الناظر التنوخي يقول: طلبت من ابن تميم الفقيه بحلب شيئاً فامتنع عليّ، فعملت فيه قطعة على سبيل المناكدة وأنشدتها للشيعة، يوم عاشوراء، فرأى منهم كل مكروه، وكان الناظر، وابن تميم جميعاً سنيين والأبيات هذه:
لابن تميم في الكفر معضلة ... لم يأتها قبله من البَشَر
لقوله في الإمام جعفر الصادق ... زين الأئمة الزُّهر
بأنه كان في إمامته يوقع ... مثل القيان بالوتر
بذا برى الله قبح صورته ... فأصبحت عبرة من العبر
بلحية غثة النبات حكت ... شعر أست من قد خصي على كبر
يود من بُغضه الوصي بأن ... تَغْرَق للنسك في خرا عمر
وجدت في بعض كتب الأملاك شهادة سالم بن علي بن تميم بخطه، وكان من المعدلين بحلب، وتاريخ الشهادة في ذي الحجة من سنة خمس وستين وأربعمائة: فقد توفي بعد ذلك.
سالم بن علي بن محمد:
أبو المرجا الحموي، من أهل حماة، كتب عنه الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري أنشاداً، وخرجه عنه في معجم شيوخه.

أنبأنا أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي قال: أنشدنا الأمير أبو المرجا 197 - ظ سالم بن علي بن محمد قبالة رأس العين، ضيعة من أعمال الرها.
رزقي تشتت في البلاد وإنني ... أسعى لجمع شتاته وأطوف
فكأنني قلم بإصبع كاتبٍ ... وكان رزقي في البلاد حروف
قال لي: وسميت رأس العين لأن رأس النهر الذي يروح إلى الجلِّماني وسند عربين وغيرها منها وليست برأس العين المدينة المشهورة.
سالم بن مالك بن بدران:
ابن مقَلَد بن المسيب بن رافع بن مُقلَد بن جعفر بن عمرو بن المهيَّا بن زيد بن عبد الله بن زيد بن قيس بن جوثة بن طخفة بن ربيعة بن حزن بن عُبادة بن عُقيل بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن بن منصور بن خصفة بن عكرمة بن قيس بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو الذمام.
وقيل أبو الزمّام، العُقبلي الأمير، كان أبو المكارم مُسلم بن قريش حين ملك حلب، ولاه زعامتها بحكم ما بينهما من النسب، فلما قتل أبو المكارم ولي حلب مع الشريف الحُتَيْتي في سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
وأقام سالم بالقلعة والشريف بالمدينة، واتفقا على أن كاتبا السلطان ملك شاه يبذلان له تسليم حلب ويحثانه على الوصول، أو وصول نجده تدفع سليمان بن قُطَلْمِش.
ونزل سليمان على حلب وطال انتظار السلطان، فاتفق الشريف الحتيتي ومبارك بن شبل الكلابي على استدعاء تاج الدولة تُتُش، فوصل، والتقى بسليمان وقتله، ونزل على حلب، وفتحها، وعصى 198 - و سالم في القلعة، فوصل الخبر بوصول ملك شاه، فتوجه تتش إلى دمشق، ووصلت مقدمة عسكر ملك شاه، فسارع سالم بن مالك إلى طاعة الواصل وخدمته.
ووصل ملك شاه إلى قاعة جعبر بن ساق القشيري، فتسلمها منه وقتله، ووصل إلى حلب، فتسلم حلب وقلعتها من سالم بن مالك سنة تسع وسبعين وأربعمائة وعوض سالم بن مالك بقلعة جعبر، وأقطعه الرقة وعدة ضياع.
ويقال إن سالم بن مالك لم يذكرها للسلطان، وإنما سير إليه يقول: إن لي ولداً وعائلة كبيرة وقد أردت أن ينظر السلطان لهم فوق نظري لهم، فشاور في ذلك نظام الملك، فقال له: إن قلعة جعبر تريد منا في كل عام جملة من المال، وليس لها عمل جيد، وهو يرضى بها، فكتب نظام الملك يعرف سالم بن مالك ما جرى، فطار سالم فرحاً بما سمع، فبعث إلى نظام الملك بخادمه إقبال وكان أحسن خادم يكون له في الفروسية اسم وفي الكتابة يد طولى، إلى خط بديع من طريقة ابن البواب، يترسل عن مولاه وفي صحبته خمسون ألف درهم، فقال نظام الملك ما أسديت إليك شيئاً تعتاض به عن إقبال. ورد الدراهم عليه، وبعث بجاريتين بكرين أحديهما أفرنجية والأخرى أندلسية، ليس لهما نظير في الحسن والجمال والأدب، والصنائع الحسنة، فبعث بهما نظام الملك مع إقبال الخادم إلى السلطان، فلما دخل بهما على السلطان قال للحاجب: رد إقبال 198 - ظ لا يدخل علي، فعجب منه بطانته، واستحسن ذلك منه، فبلغ نظام الملك قوله، فبعث به في عشرة من الخدم، فقبلهم إلا إقبال فإنه أعاده بعد أن رمى بين يديه، وكتب وتبذل في الحوائج، فقال: إن بنظام الملك إليك أشد حاجة، فخدم إقبال وأجاب السلطان أحسن جواب عن قوله، وانصرف.
نقلت من خط الرئيس أبي عبد الله بن علي بن نزار العظيمي في حوادث سنة تسع عشرة وخمسمائة قال: وفي يوم الأربعاء العشرين من شوال مات شمس الدولة سالم بن مالك بقلعة جعبر.
قرأت بخط حمدان بن عبد الرحيم: رأيت في بعض التعاليق بحلب أن الأمير سراج الدين سالم بن مالك بن بدران العقيلي مالك الدوسرية، وهي قلعة جعبر كانت وفاته فيها في العشرين من شهر شعبان سنة تسع عشرة - يعني - وخمسمائة.

أنبأنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر عن أبي المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ قال: إن الأمير شمس الدولة كان نائباً للأمير شرف الدولة مسلم بن قريش في قلعة حلب، فلما قتل شرف الدولة في ربيع الأول سنة ست وثمانين وأربعمائة حفظ الأمير شمس الدولة قلعة حلب وقال: لا أسلمها إلا بأمر ملكشاه، فسار إليها السلطان من خراسان فسلمها إليه، وكان السلطان لما اجتاز بقلعة جعبر وفيها سابق الدين جعبر القشيري فقبضة 199 - و السلطان وقتله لما بلغه عنه من الفساد، فلما سلم شمس الدولة سالم بن مالك قلعة حلب إلى السلطان عوضه عنها قلعة جعبر، فأقام مالكها إلى أن توفي فيها يوم الأربعاء العشرين من شوال سنة تسع عشرة وخمسمائة.199 - ظ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
سالم بن المحسن بن محمد بن علي الربعي:
أبو الغنائم المعري، شاعر من أهل معرة النعمان نزل الإسكندرية، وأوطنها إلى أن مات، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي، عن أبي طاهر السلفي، قال أنشدني أبو الغنائم سالم بن المحسن بن محمد بن علي الربعي المعري لنفسه بالثغر، يعني بالإسكندرية:
أنت بالوصل إذا لم تجد ... فبه قلبي علَّل وعد
قد تمادى طول هجرانك ... لي وانتظاري كل يوم لغد
يا جميل الوجه ماذا حسن ... منك أن تقتلني بالكمد
مقلتي سلها عن النوم فقد ... أنست من بعده بالسهد
ما على مالك مهجتي حرج ... أنا سلمت فؤادي بيدي
قال الحافظ أبو طاهر: سالم هذا شاعر مقدم في الأدب، استوطن الإسكندرية، ومولده بالمعرة، وتوفي في رمضان سنة تسع عشرة وخمسمائة بالثغر.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي الحافظ قال: سنة ثمان عشرة أو تسع عشرة أبو الغنائم سالم بن محسن المعري، في أواخر رمضان بالإسكندرية.201 - و.
سالم بن مرشد بن سالم بن عبد الجبار بن محمد بن المهذب:
أبو المعافى المعري، حدث عن أبي المجد عبد الواحد بن المهذب بن الفضل المعري، روى لنا عنه ولده أبو البركات الفضل بن سالم بن مرشد الكاتب، وأبو الفتح إسماعيل بن محمد بن مرشد بن سالم، وأبو محمد الحسن بن محمد بن عبد الواحد بن المهذب المعريون.
أخبرنا أبو البركات بن سالم، وأبو الفتح بن محمد، وأبو محمد الحسن بن محمد بمعرة النعمان قالوا: أخبرنا أبو المعافى سالم بن مرشد بن سالم قال: أخبرنا أبو المجد عبد الواحد بن المهذب قال: حدثنا والدي الشيخ أبو الحسن المهذب بن المفضل قال: حدثنا جدي الشيخ أبو صالح محمد بن المهذب قال: حدثنا جدي الشيخ أبو الحسين علي بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو حامد محمد بن همام قال: حدثنا محمد بن سليم القرشي قال: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس بن مالك أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم وهو يقول: بأبي يا رسول الله علمني أبواب التوبة: قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا من شهد أن لا إله إلا الله تائباً أوجب الله تعالى له الجنة، قال: يا رسول الله ومن زنا وسرق؟ قال: نعم ومن زنا وسرق ثلاث مرات.
سالم بن مستفاد:
أبو المرجا الحمداني وأبوه مستفاد أحد غلمان سيف الدولة أبي الحسن علي أبن عبد الله بن حمدان، وسالم أحد الأعيان201 - ظ الممدحين والقواد المشهورين، وداره بحلب بالزجاجين شرقي المدرسة، وإليه تنسب الحمام إلى جانبها المعروفة بحمام ابن مستفاد وهي داثرة، وداره المذكورة هي الدار المعروفة بدار ابن الرومي وهو مساور بن محمد بن الرومي ممدوح المتنبي.

وكان صالح بن مرداس نزل على حلب وحصرها وبها سديد الملك أبو الحارث ثعبان بن محمد بن ثعبان في القصر الذي كان ملاصقاً القلعة، وفي القلعة موصوف الخادم الصقلبي، وهما في حلب من قبل الظاهر بن الحاكم، فوقع بين سالم بن مستفاد وبين موصوف خلف، وكان سالم متمكناً بحلب، وللحلبيين إليه ميل، فعزم موصوف على قتل سالم، فجمع سالم جمعاً من الحلبيين، وفتح باب قنسرين، وخرج إلى صالح فأخذ منه أماناً لنفسه ولأهل حلب، وسلم المدينة إلى صالح يوم السبت لثلاث عشرة ليلة خلت من ذي القعدة من سنة خمس عشر وأربعمائة، واحتمى ثعبان في القصر وموصوف في القلعة، ونصبت العرادات والمنجنيقات عليهما، وولى صالح سالماً حلب وجعل إليه الرئاسة بها، وتقدمة الأحداث، ورتبه وكاتبه سليمان ابن طوق على قتال القلعة والقصر، وسار صالح إلى قتال أنوشتكين الدزبري، فقل الماء بالقلعة، وعمل عليها رجل أسود يعرف بأبي جمعة، وكان عريف المصامدة، وكان ينزل إلى المدينة، ويصعد إلى القلعة، فأفسده سالم بن مستفاد، وسليمان ابن طوق 202 - و فلما جاء أبو جمعة ليصعد إلى القلعة في بعض الأيام، تقدم موصوف الخادم برد الباب في وجهه فرد، فصاح إلى أصحابه فالتقت المصامدة والعبيد ونصبوا الصلبان ثلاثة أيام، ودعوا الملك لروم ولعنوا الظاهر، وقاتلوا القلعة، ثم نفروا وحملوا المصاحف على أطراف الرماح في الأسواق ونادوا النفير، ووقع الصوت إلى الحلبيين، فنفروا من كل جانب وزحفوا إلى القلعة من كل جانب واستأمن جماعة من المغاربة الذين كانوا في القلعة، وطيف بهم في المدينة، وبسطت ثياب الديباج والسقلاطون وبذر المال مقابل القلعة، وبذل ذلك لمن ينزل إلى ابن مستفاد وابن طوق، فطلعوا إلى القلعة من كل مكان، ودخل ابن مستفاد وابن طوق القلعة يوم الأربعاء مستهل جمادى الأولى سنة ست عشرة وأربعمائة وقبض على موصوف وثعبان وبقيا إلى أن وصل صالح وفعل بهما ما سنذكره فيما بعد إن شاء الله تعالى.
ودام ابن مستفاد في الكرامة وعلو المرتبة في أيام صالح وبعد موته إلى أن استوحش سالم بن مستفاد من شبل الدولة نصر بن صالح في سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة فاستنفر عليه سالم أحداث حلب ورعاعها، ولبسوا السلاح وعولوا على محاربة القلعة، وكان يتردد بين سالم وبين نصر كاتب نصراني يعرف بتوما، وكان يحرف ما ينقله عن ابن مستفاد إلى نصر ويزيد في التجني، ويسوم شططاً لا يمكن إجابته إليه، وذلك من غير علم من ابن مستفاد202 - ظ فلما رأى نصر كثرة تعديه حمل نفسه على محاربته، وركب إليه، فلما رآه الحلبيون دعوا له وانقلبوا إليه، وقاتلوا دار ابن مستفاد، فطلب الأمان، فحلف له بأنه لا يجري له دماً وحبسه بالقلعة ونهبت داره، ثم خاف استبقاءه فقتله خنقاً ليخرج عن يمينه بأنه لم يجر له دماً، وتبين لنصر بعد قليل كذب ذلك النصراني الكاتب، وما كان يحرفه في رسالته، فقبض عليه وطالبه بمال، فلما استصفى ماله، دخل عليه بعض أجناد القلعة فخنقه.
كذا ذكره أبو همَّام بن المهذب في تاريخه.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في تاريخه - وأخبرنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، والمؤيد بن محمد بن علي الطوسي، إجازة من كل واحد منهما، عن أبي عبد الله العظيمي - قال: سنة خمس وعشرين وأربعمائة، وفيها: قبض نصر بن صالح على سالم بن المستفاد، وقتله برأي دوقس أنطاكية، وكان قد عصى وقام أحداث حلب معه، فقبض عليه يوم الجمعة حادي عشر ذي القعدة، وقتله ليلة الأحد، وقيل ليلة الاثنين ثاني عشر ذي الحجة من السنة.
سالم بن المفرج بن عشائر بن المعلى:
التنوخي المعري، أبو الغنائم الحصيني، شاعر مجيد، كان بمصر، وأظن أنه كان متصلاً بأبي الفتح بن أبي حصينة، أبو بولده، فنسب إليه، روى عن أبي الذواد المفرج بن أبي حصينة المعري، وأبي الحسن علي بن إبراهيم بن العلاني المعري. روى عنه أبو طاهر أحمد بن محمد203 - و السلفي الأصبهاني.
أنبأنا أبو البركات بن هاشم وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي - في كتابه - قال: أنشدني الشيخ أبو الغنائم سالم بن المفرح بن عشائر المعري الحصيني لنفسه بمصر:
طال التمادي على الذنوب ولا ... يردعنا الوعظ وهو معترض
وفي خطوب الزمان معتبر ... لو كان يشفى لمدنف مرض

ينقرض العمر بالزمان وسو ... ء الطبع بالنفس ليس ينقرض
والدهر يرمي بنبله أبداً ... وكل نفس لوقعها غرض
فكن عفيفاً ما شئت معتبراً ... واعلم بأن العفاف مفترض
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي - إذناً - قال: سالم هذا كان من حذاق الشعراء، وعندي من شعره مقطعات وتوفي بمصر، ومما أنشدني من شعره قوله:
طال ما أصبحت تنادى الحتوف ... لا شريف يبقى ولا مشروف
فتأمل تنقل الدهر وانظر ... كيف يفنى بعد الألوف ألوف
وأجل طرفك الطموح فهل ... تبصر إلا ما غيرته الصروف
تنقضي أيامنا ولياليها ... ويبلى قوينا والضعيف
203 - ظ
سالم بن مفرح بن الحسن:
ابن عبد الله بن أحمد بن عبد الجبار بن أبي حصينة أبو بن أبي الذواد بن أبي الفتح السلمي المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، أقام بمصر، ومدح بها الملوك والوزراء، واستوطن بها، وولد له بها أولاد بقي نسلهم إلى زمننا، وكان أحدب ويلقب بالرضي.
قرأت بخط ولده يحيى بن سالم من شعر أبيه سالم يعاتب:
ما كنت أحسب أن حظي مانع ... صوب الغمام الجون أن يتدفقا
حتى مدحت ممدحاً لو صافحت ... عوداً ذوى يمنى يديه الأورقا
أعطى ولم يسأل فزاد تعجبي ... أني سألت فقد ظمئت وما سقا
نقلت من خط يحيى بن سالم لأبيه:
ليس في كل ساعة وأوان ... تتهيأ صنائع الإحسان
فإذا أمكنت فبادر إليها ... حذراً من تعذر الإمكان
ونقلت من خطه لوالده:
تساوى الناس في طرق المنايا ... فما سلم الصريح ولا الهجين
تديَّنا البقاء من الليالي ... ومن أرواحنا توفى الديون
وذكره الرشيد بن الزبير في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، وأورد له قوله:
له راحة ينهل من فيضها الندى ... فنهل في معروفها البدو والحضر
204 - و
ووجه يضيء البدر في قسماته ... وأحسن ما في أوجه البشر البشر
أنشدني عبد الرحمن بن عوض المعري لسالم بن مفرج بن أبي حصينة، وكان أحدب وتحاكم هو وابن المنجم علي بن مفرح الشاعر بمصر عند القاضي صدر الدين الكردي الماراني، فحكم صدر الدين على ابن المنجم، فعمل ابن المنجم:
تعصب صدر الدين للأحدب الذي ... عدا يدعي شعراً وليس بذي شعر
فقلت معاذ الله يصلح في الورى ... تعصب هذا الصدر إلا لذا الظهر
سالم بن مكي بن محمد بن ثوابة بن عمرون:
أبو المرجا الكلاعي الحمصي، شاعر جيد، عارف بالنحو، كان يتجر في الكتب، وقدم حلب، ذكره الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار في تاريخه المجدد لمدينة السلام - بما أجازه لنا - وقال: سالم بن مكي بن محمد بن ثوابة بن عمرون الكلاعي، أبو المرجا، من أهل حمص، أديب فاضل يقول الشعر الجيد، ويعرف طرفاً من العربية، وكان يقدم علينا بغداد كثيراً، يقيم بها ويشتري الكتب ويسافر بها إلى الشام للتجارة، علقت عنه شيئاً من شعره، وكان متديناً حسن الطريقة طيب الأخلاق كيساً.
وقال: أنشدني سالم بن مكي الحمصي لنفسه ببغداد:
كم لي أكتم حاسديك وأنكر ... والدمع يفضح ما أجن وأستر
وكذا المحب يذيع ما في قلبه ... فرط الغرام إلى الوشاة ويظهر
لا تحسبي دمعي كما زعم الورى ... ماء يرقرقه البكا المثعنجر
204 - ظ
بل مهجة سلكت بأثناء الحشا ... فغدت تفيض من الشؤون وتقطر
يا حرة الأبوين لا تتعمدي قتلي ... فسفك دمي بطرفك منكر
أنسيت ليلتنا بمنعرج اللوى ... والليل من صفحات وجهك مقمر
وجناؤنا ثمر الحديث وبينا ... عتب تراح به القلوب وتحضر
وإذا الصبا عبثت بخلقك ... رنحت غصناً يميل به كثيب موقر
شجب العفاف علي منك مآرباً ... عزت ومحض هواك لا يتغير

وثقيلة الأرداف مخطفة الحشا ... خود تقر بها العيون وتسهر
قالت وقد سفحت بساحة خدها ... دمعاً تزال به الذنوب وتغفر
أنسيت ما كنا به ويد الصبى ... تطوي لنا برد الوصال وتنشر
أيام همك أهيف متجاذب ... ومقبل عطر وطرف أحور
فأجبتها كفي فهمي سابق ... ومهند عضب ولدن أسمر
شغلي بإدراك العلى وطلابه ... عن حب غانية تذل وتحقر
وقال: سألت سالم بن مكي عن مولده، فقال: في مستهل شوال سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بحمص، وتوفي ببغداد في رجب أو شعبان من سنة اثنتي عشرة وستمائة.
سالم بن منصور:
أبو الغنائم الشاعر الحلبي، ويعرف بالفاخر، روى عن أبي عبد الله محمد بن سلامة القضاعي حكاية سمعها منه، وكتبها 205 - و عنه أبو شجاع فارس بن الحسين الشهرزوري.
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي الأمين، عن سعيد بن أحمد بن الحسين الفقيه، عن أبي شجاع فارس بن الحسين قال: حدثني أبو الغنائم سالم بن منصور الشاعر المعروف بالفاخر من أهل حلب قال: سمعت القاضي أبا عبد الله القضاعي بمصر، يقول: أنه حضر قسطنطينية رسولاً أنفذه صاحب مصر، فذكر أنه حضر الطعام مع الملك، فلما رفع تساقط شيء من فتات الخبز، قال: فتتبعته لقطاً وأكلته، قال: فأشار الملك إلى الحشم برد الطبق، وقال: كل، قلت: ما بي حاجة إليه، فقال: وما حاجتك في لقط الفتات؟ قلت: نحن نروي عن نبينا وصاحب شريعتنا أن ذلك مهور الحور العين، وأمان من الفقر في الدنيا، فقال: مليح واستحسنه، وأمر بجائزة سنية، وضعت بين يدي من عين وثياب، قال: فقال القضاعي: أيها الملك وهذا أيضاً من بركة النبي صلى الله عليه وسلم، فكاشرني كالكاره لما قلت، ولولا ذلك لزادني صلة.
سالم بن مؤمن المصري:
قدم حلب حين ملكها الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، في سنة تسع وسبعين وخمسمائة وله شعر حسن.
قرأت بخط يحيى بن ظافر النجار الحلبي في مجموع له ذكر فيه أن سالماً هذا ورد حلب حين ملكها الملك الناصر صلاح الدين، وأورد له هذه الأبيات 205 - ظ:
غرام الصب ليس له نفاذ ... وكيف وبالفؤاد له ازدياد
ومن ملك الغرام له قيادا ... بعيد أن يفك له قياد
إذا ما رام صبرا عن مراد ... ففي ذاك المراد له مراد
وليس لقلبه منه سلوّ ... ولا للطرف منه به رقاد
سعود الصب وصل من سعاد ... وشقوته متى هجرت سعاد
وأورد له أيضاً في إنسان كبير الأنف:
إن كنت مفتخراً بأنف ... ك فهو قد بلغ السماء
لو كنت تصلح للإمارة ... لم يكن إلا لواء
سالم بن وابصة بن معبد:
الأسدي الرقي، ولي إمرة الرقة، وخرج منها إلى دمشق واجتاز بحلب أو ببعض عملها، وحدث عن أبيه وابصة، روى عنه ابن أخيه صخر بن عبد الرحمن بن وابصة وجعفر بن برقان، وفضيل بن عمرو.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل الدمشقي - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الدهان قال: أخبرنا الحافظ أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن عيسى بن مرزوق القشيري الحراني، قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا عمرو بن عثمان قال: حدثنا أصبغ بن محمد قال: حدثنا جعفر بن برقان عن شداد 206 - و مولى عياض العامري عن وابصة أنه كان يقوم في الناس يوم الأضحى ويوم الفطر فيقول: إني شهدت رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع وهو يقول: أيها الناس أي يوم أحرم؟ قال الناس: هذا اليوم، وهو يوم النحر، قال: أي شهر أحرم؟ قال الناس: هذا الشهر، قال: فإن دماءكم وأموالكم وأعراضكم محرمة عليكم كحرمة يومكم هذا في بلدكم هذا إلى يوم تلقونه، ألا هل بلغت؟ قال الناس: نعم، فرفع يديه إلى السماء: اللهم اشهد، يقولها ثلاثاً، ثم قال ليبلغ الشاهد منكم الغائب، قال وابصة: وإنا شهدنا وغبتم، ونحن نبلغكم.

قال عمرو بن عثمان: وزادني في هذا الحديث أبو سلمة الحذاء، يعني الحكم ابن الحكم بن أبي تحية أن جعفراً حدث بمثل هذا الحديث قال: صلى بنا سالم بن وابصة يوم جمعة بالرقة، فذكر حديث وابصة، فقال: ونشهد عليكم كما أشهد عليه.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني عبد السلام بن عبد الرحمن القاضي قال: حدثنا أبي عن جدي قال: كان سالم بن وابصة والي الرقة ثلاثين سنة، فكان يمر بنا ونحن صبيان على بغلة شهباء عليه رداء أصفر يصلي بالناس الجمعة206 - ظ.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أحمد بن محمد البزاز قال: أخبرنا عيسى بن علي الكاتب قال: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: سالم بن وابصة سكن الكوفة.
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص - ببغداد - قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة: سالم بن وابصة بن معبد حدث عن أبيه.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سالم بن وابصة بن معبد، روى عن أبيه وابصة، روى عنه جعفر بن برقان.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن قال: سالم بن وابصة بن معبد حدث عن أبيه 207 - و.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أيوب قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الكريم بن الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: وقال سالم بن وابصة الأسدي:
أرى الحلم في بعض المواطن ذلة ... وفي بعضها عز يشرف فاعله
إذا أنت لم تدفع بحلمك جاهلاً ... سفيهاً ولم تقرن به من تجاهله
لبست له ثوب المذلة صاغراً ... وأصبحت قد أودى بحقك باطله
فابق على جهال قومك إنه ... لكل جهول موطن هو جاهله
أخبرنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا علي بن الحسن بن أبي الحسين قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر وغيره قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الحسين الدوري - إجازة - قال: حدثني محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن دريد عن شيوخه قال: كان سالم بن وابصة الأسدي رجلاً حليماً، وكان له ابن عم سفيه يحسده، ولم يكن يبلغ في الشرف مبلغه، فكان يتنقصه، فقال سالم ذلك لإخوانه وخاصته من بني عمه، فقال رجل منهم: تعهد أهله وولده بالصلة ودعه فإنه سيصلح، ففعل فأتاه ابن عمه ذلك فقال: أنت أحق الناس بما صنعت وأنت أولى بالكرم مني، والله لا أعود207 - ظ لشيء تكرهه أبداً مني، فقال سالم في ذلك:
ذو نيرب من موالي السوء ذو حسد ... يقتات لحمي فما يشفيه من قرم
كقنفذ الرمل ما يخفى مدارجه ... خب إذا نام عنه الناس لم ينم
محتضناً ظرباناً ما يزايله ... يبدي لي الغش والعوراء في الكلم
داويت قلباً طويلاً غمره فرحاً ... منه وقلمت أظفاراً بلا جلم
بالرفق والحلم أسديه وألحمه ... بقيا وحفظاً لما لم يرع من رحمي
كأن سمعي إذا ما قال محفظة ... يصم عنها وما بالسمع من صمم

حتى أطبى وده رفقي به ولقد ... أنسيته الحقد حتى عاد كالحلم
فأصبحت قوسه دوني موترة ... يرمي عدوي جهاراً غير مكتتم
إن من الحلم ذلاً أنت عارفه ... والحلم عن قدرة ضرب من الكرم
النيرب الداهية، والظربان الدويبة الكثيرة الفسو.
ذكر أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتاب جمل أنساب الأشراف قال يفاخر معاوية بن مروان بن الحكم - وكان مائقاً - وخالد بن يزيد بن معاوية، فقال سالم بن وابصة:
إذا افتخرت يوماً أمية أطرقت ... قريش وقالوا معدن الفضل والكرم
فإن قيل هاتوا خيركم أطبقوا معاً ... على أن خير الناس كلهم الحكم
ألستم بني مروان غيث بلادنا ... إذا السنة الشهباء سدت على الكظم
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: سالم وابصة بن معبد الأسدي الرقي، حدث عن أبيه، روى عنه جعفر بن برقان، وابن أخيه صخر بن عبد الرحمن بن وابصة، وفضيل بن عمرو، وقدم دمشق، وكانت داره فيها بقنطرة سنان ناحية باب توما، وكان شاعراً وولي إمرة الرقة.
وقال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: سألت عبد السلام بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن بن وابصة الأسدي القاضي عن ولد وابصة بن معبد فقال لي: كان ولد وابصة: عقبة، وسالم، وعبد الرحمن، وعمرو، فأكبرهم عقبة وسالم. قال: ومات سالم في آخر خلافة هشام وكان غلاماً شاباً في خلافة عثمان.
قال الحافظ كان في النسخة العتيقة في أول خلافة هشام بدل آخر فالله أعلم بالصواب.
سالم بن هبة الله بن علي بن المبارك:
أبو المجد الهاشمي الحارثي الحلبي من ولد الحارث بن عبد المطلب، ولد بحلب، وكان مقيماً بها إلى أن مات، وكانت له حرمة عند ملوكها، وقد ذكرنا في ترجمة سابق بن محمود حكاية عنه، وكان فيه هزل ومزح، والوقف الذي في قرية عناذان على مقربة من حلب على بني الحسن والحسين وقفه، وقفه وغيره من الحوانيت بحلب208 - ظ على أولاده وشرط أنهم متى انقرضوا عاد ذلك وقفاً على بني الحسن والحسين بحلب، فانقرض عقبه، وعاد الوقف إلى أولاد الحسن والحسين عليهما السلام، وهو الآن جار عليهم في يد من يتولى نقابة العلويين بحلب.
وكان هذا الكتاب عندي من جملة كتب الوقوف، التي كانت في سلة الحكم عند سلفي من قضاة حلب، فطلبه مني الشريف النقيب أبو علي بن زهرة، فدفعته إليه، وكان الشريف أبو المجد هذا ممولاً فاضلاً، أديباً، شاعراً مجيداً.
روى عنه أبو سلامة مرشد بن علي شيئاً من شعره، وكان بينه وبينه مودة وممازحة، وكذلك بينه وبين أبيه سديد الملك أبي الحسن علي بن منقذ، ووقع إلي جزء بخط أبي المغيث منقذ بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ جمع فيه كتباً وردت إلى والده أبي سلامة مرشد من جماعة كاتبوه، وفيه صدر كتاب من الشريف أبي المجد سالم هذا، فنقلت ما ذكره من هذه المكاتبة وهو:
وأدنيتني حتى إذا ما ملكتني ... بقول يحل العصم سهل الأباطح
تجافيت عني حيث لا لي حيلة ... وغادرت ما غادرت بين الجوانح
طي هذه المكاتبة، أدام الله أيام الحضرة، رقعة بخط المولى سديد الملك قدس الله روحه، إلى عبدك، والذي تتضمن استقالته من مخاطبته إياه بما سوف يقف عليه، ويبين فيها معتقده في هذا 209 - و البيت صلوات الله على السلف منه، ورحمة الله وبركاته، ونحن الخلف الذي أنا والطوير يلي، وأبو طالب الرخمة من جملتهم، وبالله ما كان أحدهما يعتقد في صاحبه ما أظنك يا مولاي تعتقده فيّ واعتقده فيك من الولاء، وأكون بالصفة التي تفهم، وكتبي إليك تتردد سراً وجهراً لا ترد علي جواباً يرد رمقي، وأتعلل به قولاً ولا فعلاً ولا شاباش:
فإن تك مثل ما زعموا ملولاً ... كما تهوى سريع الانتقال
صبرت على ملالك لي برغمي ... وقلت عسى يملّ من الملال
ثم ذكر فصل معاتبة، وقال فيه، والشعر له:
رشتم جناحي وأعناني نوالكم ... واشتد أزري بكم يا أفضل الناس

فإن سعى الدهر في حال تشاب ... بها تلك الأيادي فمحمول على الراس
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي المظفر أسامة بن مرشد ابن علي بن مقلد بن منقذ قال: ومن شعراء الشام المعارضين هذه الطبقة، يعني: الخفاجي وابن سمان وغيرهما، الشريف أبو المجد سالم بن هبة الله الهاشمي، من ولد الحارث بن عبد المطلب، مولده بحلب وكان محترماً عند ولادة حلب، له الميزة والفضل، وكان بينه وبين جدي ووالدي رحمهم الله مودة وخلطة، وكان كثير الدعابة والهزل 209 - ظ وله أشعار حسنة، حرصت على جمعها وكاتبته في آخر عمره، وصدر عمري، وأسأله إثباتها وإنفاذها، وهو إذ ذاك بحلب، فاعتذر بأنه ما عني بجمعها ولا دونها، ولم أجد منه سوى ما نقلته من خط والدي رحمه الله يقول: أنشدينه بشيزر سنة تسع وسبعين وأربعمائة:
أثر بتمادي شدَّها المتدارك ... دجى كل يوم أغبر اللون حالك
وشم لطلاب العز عزمة مقدم ... على الهول خواض غمار المهالك
فإما علاً تضفو علي ظلالها ... وإما ردىً بين القنا والسنابك
فحتام تمسي حائر العزم خاملاً ... سمير الأماني والهموم النواهك
ويمطلك الحظ الحرون مسوفاً ... نبيل العلى مطل الغريم المماحك
ويا نفس ما بالي أراك مقيمة ... على الضيم لا يجري الأباء ببالك
إذا عنك ضاقت بلدة فتبدلي ... بأخرى تروضي جامحاً من رجائك
إلام طلاب الفضل بين معاشر ... أبوا أن يكونوا أهله لا أبالك
قال أسامة: ومن شعره في جدي سديد الملك أبي الحسن علي بن منقذ:
يا من حماه من النوائب موئلي ... وعليه إن جار الزمان معولي
ومعيد أيامي الذواهب بعدما ... هرمت تبختر في الشباب المقبل
حتام في ربع الهوان إقامتي ... ومعرسي بالمنزل المستوبل
أفضاق ظهر الأرض أم قصرت ... يدا عزمي أم انقطعت ظهور الذمل
210 - و
فلأرحلن العيس في طلب العلى ... محثوثة وأسأت إن لم أفعل
ولا نظرن إلى الحوادث من علٍ ... وقد اعتلقت بحبل جود من علي
قرأت بخط المفضل بن موهب بن أسد الفارزي، أنه كتب إليه الشريف أبو المجد سالم ثلاثة أبيات يداعبه، فأجابه والأبيات هذه:
أنا لولا أن عقلي قد فسد ... ما تعرضت بحب ابن أسد
جائر في الحكم ما أنصفني ... بزني روحاً وخلا لي جسد
وأنا المحسود فيه عجباً ... ليته يرضى فأرضى بالحسد
فقال المفضل ارتجالاً:
ملأت قلبي سروراً رقعة ... لو بدت لابن هلال لسجد
ضمنت حسن اعتقاد من فتى ... لا عدمنا منه حسن المعتقد
جمع الله به شمل العلى فهي ... أم برة وهو الولد
لا خلت نعمته من حاسد ... فلقد عظمها أهل الحسد
غصن من دوحة طاهرة ... ليس من أغصانها من لم يسد
ألمعي غلب النور على قلبه ... فيما يعاني فاتقد
أنا عبد لكريم جوده ... ما خلا في عصره منه أحد
أبداً تجحده معتذراً ... وشهود الجود تبدي ما جحد
قرأت في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان تأليف الرشيد بن الزبير 210 - ظ لأبي المجد سالم بن هبة الله في حريق جامع دمشق:
فأتته النيران شرقاً وغرباً ... عن يمين وتارةً عن يسار
ثم مرت على حدائق نخل ... وإذا الجمر موضع الجمار
فكأن الجنان قد عصت ... الله فولى عذابها للنار
أخبرني الشريف أبو المحاسن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمي قال: نقلت من خط ابن شرارة الحلبي النصراني في تعلق له: توفي الشريف أبو المجد سالم بن هبة الله في ليلة يوم الخميس سادس عشر جمادى الأولى سنة اثنتي عشر وخمسمائة بحلب.

وقرأت بخط الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، وأجازه لي المؤيد ابن محمد بن علي وأبو اليمن الكندي عنه، قال في حوادث اثنتي عشرة وخمسمائة في تاريخه: وفي ليلة الخميس سادس عشر جمادى الأولى توفي الشريف جمال الشرف أبو المجد سالم بن هبة الله الهاشمي الحارثي، وكان من ظراف الناس، وطرف الزمان خلقاً وخُلقاً، وأدباً ودعابة وشعراً.
سالم بن لاوي:
أبو صالح الرومي الطرسوسي، أصله رومي، وكان بطرسوس، وروى عن عبيد الله بن لؤلؤ الساجي.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، أبو صالح سالم بن لاوي الرومي الطرسوسي، روى عن عبيد الله بن لؤلؤ بن جعفر بن حمويه الساجي عن عمر 211 - و بن واصل الصخري عن أبي محمد سهل بن عبد الله ابن يونس بن سوار التستري معاني القرآن له.
سالم بن يحيى بن علي بن محمد بن عبد اللطيف:
المعري التنوخي، روى عنه القاضي عبد القاهر بن علوي بن المهنا المعري، قاضي معرة مصرين.
قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر، تأليف عبد القاهر بن علوي: وأنشدني الشيخ الفقيه زين الدين أبو علي سالم بن يحيى بن علي بن محمد بن عبد اللطيف في يوم عيد الفطر من سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة للناظر أبي نصر المهنا بن علي بن المهنا في الحمام التي بناها أحمد بن الدويدة:
إن حمامك هذا ... غير مأمون الجوار
ما رأينا قبل هذا ... جنة في وسط نار
سالم الثقفي:
شهد وفاة سليمان بن عبد الملك، وله ذكر في بيعة عمر بن عبد العزيز بدابق، وكان قريباً منه، ويعد من أخواله.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف - إجازة - قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا علي بن محمد عن يعقوب بن داوود الثقفي عن أشياخ من ثقيف قال: قُرئ عهد عمر بعد وفاة سليمان بالخلافة211 - ظ وعمر ناحية، وهو بدابق، فقام رجل من ثقيف يقال له سالم من أخوال عمر، فأخذ بضبعيه فأقامه، فقال عمر: أما والله ما الله أردت بهذا، ولن تصيب بها مني دنيا.
أم عمر بن عبد العزيز، أم عاصم بنت عاصم، أمها ثقفية.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: سالم الثقفي، شهد وفاة سليمان بن عبد الملك، وبيعة عمر بن عبد العزيز، له ذكر.
سالم البرنسي السندي:
ولي المصيصة في أيام المهدي، وكان من الشجعان المذكورين في الحرب، وأُلي الآراء والغناء، ولم يزل ساكناً في الثغور مجاهداً في سبيل الله، وكان مخلد بن الحسين، وأبو اسحق الفزاري يعتمدان عليه، وله خبر مع الرشيد في الغزاة التي غزاها وهو خليفة.
ذكر أبو بكر أحمد بن يحيى البلاذري في كتاب البلدان قال: ولم تزل الطوالع تأتيها - يعني المصيصة - من أنطاكية في كل عام، حتى وليها سالم البرنسي، وفرض معه لخمسمائة مقاتل على خاصة عشرة دنانير عشرة دنانير، فكثر من بها وقووا، وذلك في خلافة المهدي رحمة الله عليه.
وذكر أبو موسى هارون بن محمد بن اسحق بن عيسى الهاشمي في كتاب النسب، وقرأه في كتابه قال: حدثني محمد بن حماد المصيصي، مولى المهدي، قال: حدثنا إبراهيم بن عثمان بن زياد المصيصي عن أبيه قال: خرجنا مع أمير المؤمنين رضوان الله عليه غزاة من المصيصة، فلما صرنا في غمار212 - و عسكره كان يبلغه أخلاطنا بالجند ومنازعتنا إياهم في المنازل، فعزل عسكرنا من عسكره، وعرضنا فبلغ أهل المصيصة ومن ضوى إليهم ألفين وثمانمائة ونيفاً على السبعين، وبلغ أهل أذنه ثمانمائة ونيفاً على الثمانين، وبلغ أهل طرسوس ألف وستمائة ونيفاً وأربعين، فعزلنا من عسكره، ونزلنا طوانة، وأقمنا بها ثلاثة أيام حتى صار إليه عيونه، فأخبروه خبر الطاغية، وأنه لا جمع له، فسرنا حتى انتهينا إلى أدرولية، فأقمنا بمرج أدرولية أربع ليال، والرشيد لا يستشير أحداً من أهل الثغور وفتحنا ثلاثة وعشرين حصناً من حصون العدو، وذلك أن الطاغية وجه إلى البطارقة الذين في ناحية الضواحي فجمعهم ورجالهم، حتى عسكروا على خليج القسطنطينية، والناس يتحدثون أن الطاغية يريد لقاء هرون.

وعزم أمير المؤمنين على لقاء الطاغية حيث كان، فتوجه من أدرولية حتى دخل القُفل، والقفل شعب مسيرته أربعة أميال، ثم يفضي إلى مرج رحب فسيح، يليه خليج قسطنطينية، فنزل على نهر عظيم كثير الماء، والعدو نزول على ذلك النهر، فكتب الطاغية إلى بطارقته، أن أنزلوا القفل، ولتكن الرجالة منتظمة حتى تملأ القفل، والعدو يحول بين المسلمين وبين أن ينالوا شيئاً من العلوفة، وقد ضيق على المسلمين212 - ظ غاية التضييق وليس لهم ملجأ ولا مسلك، فلما اشتد بالمسلمين ما هم فيه من الجهد، كتب أمير المؤمنين كتاباً إلى الطاغية يطلب المهادنة، وبذل له كل أسير وأسيرة، وأنه يبني ما هدم من الحصون التي خربها في مسيره، فأبى عليه، واشتدت شوكة العدو، وطمعوا كل مطمع، وضعفت خيول المسلمين، ونخبت قلوبهم، فلما رأى الرشيد ذلك، فزع إلى الأشياخ من أهل الثغور، فجمع إبراهيم بن محمد الفزاري، ومخلد بن الحسين، ولم يكن في أيامهما لهما نظير في الديانة والفضل والعلم، فقال له إبراهيم بن محمد: يا أمير المؤمنين خلَّفت الرأي خلف القفل، ولكل مقام مقال، ومخلد يصير إلى أمير المؤمنين، وتفرق القوم على ذلك، فلما كان في الليل صار أمير المؤمنين إلى مخلد بن الحسين معظماً له، وكان مخلد من عقلاء الرجال، فقال: يا أمير المؤمنين أصير إليك في ليلتنا إن شاء الله، ومضى مخلد إلى إبراهيم بن محمد الفزاري فأرسلا إلى سالم البرنسي، من أشجع أهل زمانه من السند، فخليا به، واستعلما ما عنده من الرأي، فأعلمهم أنه لا يجتمع معهما عند أمير المؤمنين، وأنه يحتاج إلى ما كان في خزائن أمير المؤمنين من كسوة وطيب وطعام ومال، وأنه يحتاج أن يظهر العصيان والمحاربة هو وأهل الثغور لأمير المؤمنين ولأصحابه، فما كان عند أمير المؤمنين من عدة، وأنه يحمل أصحابه على صدق المحاربة، فمضى مخلد بن الحسين إلى أمير المؤمنين بذلك، فأجابه إلى ما سأل، ودفع إليه213 - و ما أراد، وباكر سالم القتال، واعتزل أهل الثغور عن قرب أمير المؤمنين، وتلاحم القوم بينهم الحرب، وغرقت دواب وخرقت مضارب وزحف سالم البرنسي بمن معه من أهل الثغور، حتى نزل بالقرب من معسكر الروم، وبعث يطلب منهم الأمان، ويطعمهم في أمير المؤمنين ومن معه، وفي كل ذلك تجيء الرسل إلى سالم يسألونه الرجوع إلى أمير المؤمنين، وتحمل إليه الجوائز والخلع، فكل ذلك يردها، وبطارقة الطاغية ورؤساؤهم ينظرون إلى ذلك، وكتب إلى البطارقة كتاباً وألطفهم، ووجه إليهم بمال وكساء وطيب، ودعاهم إلى طعامه في مضربه، فأجابه العدو ووجهت البطارقة بكتابه إلى الطاغية، فكتب إليهم أن يقبلوا من سالم ولا يعرضوا له إلا بسبيل خير، ولا لأحد ممن تبعه، فإنهم أهل الثغور ورجال الحرب، صبر عند اللقاء، وشوكتهم الشوكة الصعبة فآنسوه وآنسهم، وحلف لهم وحلفوا له، وقال: إن في أصحابي من لا أثق به، لحداثة سنه وقلة حنكته، وفي أصحابكم كذلك فقالوا: نعم، فقال: تكون طائفة مكان كذا، وطائفة مكان كذا، فرتب سالم أصحابه في الدرب كله، وصار في يديه وأيدي المسلمين، وتميل طائفة على ساقه سالم، فقتل من المسلمين ثلاثة نفر، وأخذ العدو من ثقلة سالم بعضها، ويميل سالم بمن معه من أهل الثغور على العدو، فقتل من العدو نيف على سبعين ألف رجل، وأسر من العدو زهاء 213 - ظ ثلاثين ألف، وغنم المسلمون من الدواب والبغال والدروع والسيوف ما لا يحصى ونادت رجال من النصرانية بسالم: يا سالم ارحم النصرانية، ابق منهم بقية، فجمع الغنائم وأجازها الجبل، وضرب القباب لأمير المؤمنين رحمة الله عليه، ونضَّد جيف القتلى على الطريق يمنة ويسرة، واستنقذ ما كان من عطاياه للبطارقة، ووجه إلى أمير المؤمنين فأقبل، وحلف سالم لا يركب ولا يفارق ركاب أمير المؤمنين حتى يجيزه الدرب، فلما نزل المسلمون منزلهم أمر أمير المؤمنين بضرب أعناق الأسارى، فلم يستبق منهم أحداً، ولم يمر أمير المؤمنين بحصن إلا فتحه الله عليه حتى قدم المأمن.
سالم خادم ذي النون المصري:
صحبه إلى الشام ودخل معه المواضع التي دخلها من الشام، وساح فيها، وقد دخل ذو النون منبج وجبل الدلكام.
حكى عن ذي النون، وروى عنه يعقوب بن نصر الفسوي، ومحمد بن أحمد ابن سلمة.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبيب المفسر قال: سمعت أبا بكر أحمد بن عبد الرحمن المروزي يقول: سمعت يعقوب بن نصر الفسوي يقول: سمعت سالماً خادم ذي النون المصري يقول: بينا أنا أسير مع ذي النون في جبل لبنان، إذ قال لي: مكانك يا سالم214 - و لا تبرح حتى أعود إليك، فغاب عني ثلاثة أيام، وأنا أتقمش من نبات الأرض وبقولها، وأشرب من غدر الماء ثم عاد بعد ثلاث متغير اللون خاثراً، فلما أتى ثابت إليه نفسه، فقلت له: أين كنت؟ فقال: إني دخلت كهفاً من كهوف الجبل، فرأيت رجلاً أغبر أشعث نحيفاً نحيلاً، كأنما أخرج من حفرته، وهو يصلي، فلما قضى صلاته سلمت عليه، فرد علي وقام إلى الصلاة، فما زال يركع ويسجد حتى قرب العصر فصلى العصر، واستند إلى حجر بحذاء المحراب يسبح، فقلت له: رحمك الله توصيني بشيء، أو تدعو لي بدعوة، فقال يا بني آنسك الله بقربه وسكت، فقلت: زدني، فقال: يا بني من آنسه الله بقربه أعطاه أربع خصال: عزاً من غير عشيرة، وعلماً من غير طلب، وغناء من دون مال، وأنساً من غير جماعة. ثم شهق شهقة فلم يفق إلى الغد، حتى توهمت أنه ميت، ثم أفاق فقام وتوضأ ثم قال: يا بني كم فاتني من الصلوات؟ قلت: ثلاث، فقضاها، ثم قال، إن ذكر الحبيب هيج شوقي، وأزال عقلي، قلت: إني راجع فزدني، قال: حب مولاك ولا ترد بحبه بدلاً فإن المحبين لله هم تيجان العباد وزين العباد، ثم صرخ صرخة فحركته فإذا هوميت، فما كان إلا بعد هنيهة إذا بجماعة من العباد منحدرين من الجبل، فصلوا عليه، وواروه فقلت: ما اسم هذا الشيخ؟ قالوا: شيبان المجنون.
قال سالم: فسألت أهل الشام عنه فقالوا: كان مجنوناً هرب من أذى الصبيان، قلت: فهل تعرفون من كلامه شيئاً؟ قالوا: نعم214 - ظ كلمة، كان إذا خرج إلى الصحارى يقول: فإذا لم أجن بإلهي فبمن، وربما قال: فإذا لم أجن بك ربي فبمن.
سالم الشيزري:
من أهل شيزر، وانتقل إلى دمشق، وكان حسن الطريقة، ذكره شيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الحنبلي في كتابه الذي وسمه " بكتاب الاستسعاد بمن لقيت من صالحي العباد في البلاد " .
قرأت بخط شيخنا ناصح الدين أبي محمد بن الحنبلي الأنصاري قال: الشيخ سالم الشيزري من أهل شيزر، قدم دمشق قريب الستين والخمسمائة، ونزل عندنا في المدرسة، واشتغل بالفقه على والدي رحمه الله، فحفظ كتاب الإيضاح تأليف جد أبي الشيخ أبي الفرج، وقرأ عليه أيضاً كتاب التبصرة في الأصول تصنيف الشيخ أبي الفرج، من حفظه، وحفظ كتاب الفصيح، وكان يكرر عليّ محفوظاته إلى أن مات، وكان شجاعاً كريماً، وكنت أنا أقرأ عليه من كتاب الإيضاح، وكان كثير الملازمة لصلاة الجماعة في حلقة الحنابلة، وكان لا ينام كل ليلة حتى يقرأ سورة يس والواقعة وتبارك والسجدة، وعمر إلى أن قدمت من بغداد، وسمع درسي في المدرسة، والحلقة سنين، ومات قريب العشر بعد الستمائة.
ذكر من اسمه السائب
السائب بن بشر بن عمرو الكلبي:
شهد الجمل وصفين مع علي رضي الله عنه، وله فيهما ذكر.
السائب بن حبيش الكلاعي الشامي:
كان على دواوين قنسرين في أيام بني مروان، وحدث عن معدان بن أبي طلح اليعمري، روى عنه حفص بن رواحة الأنصاري الحلبي، وزائدة بن قدامة.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالويه قالا: حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قد روى زائدة عن السائب بن حبيش.215 - ظ قال يحيى: ينبغي أن يكون شامياً.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: السائب بن حبيش الكلاعي روى عن زائدة.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا الحسين بن جعفر ومحمد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد ابن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي أحمد قال: السائب بن حبيش الكلاعي، شامي ثقة.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم بن أحمد عن أبي طاهر الخضر بن الفضل المعروف برحل، قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إذناً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سائب بن حبيش الكلاعي، روى عن معدان بن أبي طلحة، روى عنه زائدة بن قدامة، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل - فيما كتب إلي - قال: سألت أبي عن السائب بن حبيش قلت له: هو ثقة؟ قال: لا أدري.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن جعفر الأصبهاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري216 - و قال: فأما حبيش: الحاء مضمومة، غير معجمة، وتحت الباء نقطة، والشين منقوطة: السائب بن حبيش الكلابي، روى عن معدان بن أبي طلحة، روى عنه زائدة.
كذا قال وإنما هو الكلاعي بالعين.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني، قال: السائب بن حبيش الكلاعي، روى عن معدان بن أبي طلحة. روى عنه زائدة بن قدامة، حدثناه ابن القاسم الهاشمي قال: حدثنا حنبل بن اسحق قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن حنبل قال: حدثنا معاوية بن عمرو وأبو سعيد - يعني - مولى بني هاشم قالا: حدثنا زائدة قال: حدثنا السائب بن حبيش الكلاعي، قال أبو عبد الله: قال عبد الرحمن بن مهدي: عن السائب بن حبيش، أخطأ فيه - يعني - أن عبد الرحمن رواه عن زائدة عن السائب.
قلت: هكذا ذكر الدارقطني، وقد رواه أبو عبد الله أحمد بن حنبل في المسند عن عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة عن السائب.
أخبرنا به عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي عن زائدة بن قدامة ووكيع قال: حدثني زائدة بن قدامة عن السائب قال وكيع: ابن حبيش الكلاعي عن معدان بن أبي طلح اليعمري 216 - ظ قال: قال لي أبو الدرداء: أين مسكنك قال: قلت في قرية دون حمص، قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية لا يؤذن ولا يقام فيهم إلا استحوذ عليهم الشيطان، عليك بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية.
قال ابن مهدي: قال السائب: يعني بالجماعة، الجماعة في الصلاة.
فهذا أبو عبد الله روى الحديث عن عبد الرحمن بن مهدي، ووكيع عن زائدة عن السائب، وأظن الدارقطني رأى أبا عبد الله قال في تفسير الجماعة: قال ابن مهدي: قال السائب، فظن أن ابن مهدي رواه عن السائب، وليس الأمر كذلك، بل روى أبو عبد الله الحديث عن ابن مهدي ووكيع كليهما عن زائدة عن السائب، وجاء التفسير لمعنى الجماعة في رواية ابن المهدي، فقال أبو عبد الله: قال ابن مهدي: قال السائب: فبين أن هذا الكلام من قول السائب، وأن ابن مهدي تفرد في روايته بهذا التفسير دون وكيع، لكن عن زائدة عن السائب ولا وجه لتخطئة أبي عبد الله في ذلك، بل الخطأ وقع من الدارقطني، والله أعلم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين بن عبد الله البزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب البرقاني، قال، وسألته، يعني الدارقطني، عن السائب بن حبيش فقال217 - و: من أهل الشام صالح الحديث حدث عنه زائدة، لا أعلم حدث عنه غيره.
قلت: قد حدث عنه حفص بن رواحة الأنصاري الحلبي أيضاً.

أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: السائب بن حبيش الكلاعي، حدث عن معدان بن أبي طلحة، روى عنه زائدة بن قدامة، وحفص بن رواحة الأنصاري الحلبي، وذكر أبو الحسين الرازي في تسمية أمراء دمشق، وقال: كان على دواوين قنسرين في خلافة بني مروان.
سبيع بن يزيد الحضرمي:
وقيل الأنصاري، شهد صفين مع معاوية وكان من وجوه أصحابه الذين شهدوا على كتاب الحكمين بين علي ومعاوية.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن أيوب قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن اسحق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن علي الكسائي قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا أحمد بن بشير عن عوانة ابن الحكم قال أحمد: وسمعت غيره ذكره قال: تسمية من شهد على كتاب الحكمين بصفين، بين علي ومعاوية: عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، الأشعث بن قيس الكندي، سعيد بن قيس الهمداني، عبد الله بن الطفيل 217 - ظ العامري، حجر ابن يزيد الكندي، ورقاء بن سمي العجلي، وعبد الله بن فلان العجلي، وعقبة بن زياد الأنصاري، ويزيد بن حجية التيمي، ومالك بن كعب الهمداني.
قال: هؤلاء شهود علي عشرة من أهل العراق.
قال: وشهود معاوية عشرة من أهل الشام: أبو الأعور عمرو بن سفيان السلمي، حبيب بن مسلمة الفهري، عبد الرحمن بن خالد بن الوليد المخزومي، مخارق بن الحارث الزبيدي، زامل بن عمرو العذري، علقمة بن يزيد الحضرمي، حمزة بن مالك الهمداني، سبيع بن يزيد الحضرمي، عتبة بن أبي سفيان بن حرب بن أمية، يزيد بن الحر العبسي، وكتبوا كتاب شهود الحكومة سنة سبع وثلاثين.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: سبيع بن يزيد الحضرمي، ويقال الأنصاري، من وجوه أصحاب معاوية، وهو ممن شهد في الصحيفة التي كتبها بينه وبين علي في الرضا بتحكيم الحكمين، له ذكر في كتاب أبي مخنف لوط بن يحيى وغيره، وذكر أبو مخنف أنه أنصاري، والله تعالى أعلم.
سحاج الموصلي:
كان بدابق، وحقه أن لا يذكر، لأنه ليس من العلماء، ولا من الأماثل، لكن الحافظ أبا القاسم علي بن الحسن، ذكره في كتابه فجعل له ذكراً، وإن لم يكن من شرط كتابه، لأنه وفد من الموصل إلى دابق، ولم يكن بدمشق، وليس من الأماثل، ومثله إنما يذكر في الملح فذكرنا 218 - و ترجمته على ما ذكرها الحافظ رحمه الله.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: سحاج الموصلي، وفد على سليمان بن عبد الملك.
أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل قال: حدثنا جدي أبو محمد قال: حدثنا أبو علي الأهوازي قال: حدثنا القاضي أبو العباس أحمد بن محمد بن أحمد ابن أبي سعيد الكرجي بمكة، قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير قال: حدثنا عبد الله بن المبارك عن الضحاك قال: قام السحاج الموصلي إلى سليمان ابن عبد الملك بدابق فقال: يا أمير المؤمنين إن أبينا هلك، فوثب أخانا فأخذ مالنا فاقتطعه، فقال: لا رحم الله أباك، ولا عافى أخاك، ولا رد عليك مالك ولا حياك.
سحيم بن المهاجر:
ولي إمرة طرابلس في أيام عبد الملك بن مروان، وتوجه منها إلى ناحية أنطاكية والجبل الأسود في مكيدة كادها فلقط البطريق فقتله، وولاه الوليد بن عبد الملك غزو البحر.

أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن المسلم السلمي الفقيه - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن أحمد بن هرون قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن218 - ظ أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد ابن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: وأخبرني غير واحد من طاغية الروم لما رأى ما صنع الله للمسلمين منعه مدائن الساحل، كاتب أنباط جبل لبنان، واللكام، فخرجوا جراجمة، فعسكروا بالجبل، ووجه طاغية الروم فلقط البطريق في جماعة من الروم في البحر، فسار بهم حتى أرسى بهم بوجه الحجر، وخرج بمن معه حتى علا بهم على جبل لبنان، وبثّ قواده في أقصى الجبل، حتى بلغ أنطاكية وغيرها من الجبل الأسود، فأعظم ذلك المسلمون بالساحل، حتى لم يكن أحد يقدر يخرج في ناحية من رحا ولا غيرها إلا بالسلاح.
قال الوليد: فأخبرنا غير واحد من شيوخنا أن الجراجمة، غلبت على الجبال كلها من لبنان وسنير وجبل الثلج وجبال الجولان، فكانت باسنبل مسلحة لباقي الزهاد، وعقربا الجولان مسلحة حتى جعلوا ينادون عبد الملك بن مروان، من جبل دير المران من الليل، حتى بعث إليهم عبد الملك بالأموال ليكفوا حتى يفرغ لهم، وكان مشغولاً بقتال أهل العراق، ومصعب بن الزبير وغيره.
قال: ثم كتب عبد الملك إلى سحيم بن المهاجر في مدينة اطرابلس، يتواعده ويأمره بالخروج إليهم، فلم يزل سحيم ينتظر الفرصة منهم، ويسأل عن خبرهم وأمورهم، حتى بلغه أن فلقط في جماعة من أصحابه في قرية من قرى الجبل، فخرج سحيم في عشرين رجلاً، من جلداء أصحابه، وقد تهيأ بهيئة الروم في لباسه وهيئته، وشعره وسلاحه، متشبهاً ببطريق من بطارقة 219 - و الروم، بعثه ملك الروم إلى جبل اللكام في جماعة من الروم، فغلب على ما هنالك، فلما دنا من القرية خلّف أصحابه وقال: انتظروني إلى مطلع كوكب الصبح، فدخل على فلقط وأصحابه، وهم في كنيسة يأكلون ويشربون، فمضى إلى مقدم الكنيسة، فصنع ما يصنعه النصارى من الصلاة والقول عند دخولها كنائسها، ثم جلس إلى فلقط فقال له: من أنت؟ فانتمى إلى الرجل الذي يتشبه به، فصدقه وقال له: إني إنما جئتك لما بلغني من جهاز سحيم، وما أجمع به من الخروج إليك، لأخبرك به وأكفيك أمره إن أتاك، ثم تناول من كعامهم، ثم قال لفلقط وأصحابه: إنكم لم تأتوا هنا للطعام والشراب، ثم قال لفلقط: ابعث معي عشرة من هؤلاء من أهل النجدة والبأس، حتى نحرسك الليلة، فإني لست آمن أن يأتيك ليلاً، فبعث معه عشرة، وأمرهم بطاعته، فخرج بهم إلى أقصى القرية، وقام بهم على الطريق الذي يتخوفون أن يدخل عليهم منه، فأقام حارساً منهم، وأمر أصحابه فناموا، وأمر الحارس إذا هو أراد النوم، أن يوقظ حارساً منهم وينام هو، فحرس الأول ثم أقام الثاني، ثم قام سحيم الثالث ثم قال: أنا أحرس فنم، فلما استثقل نوماً، قتلهم بذبابة سيفه رجلاً رجلاً، فاضطرب التاسع فأصاب العاشر برجله، فوثب إلى سحيم فاتخذا وصرعه الرومي، وجلس على صدره، واستخرج سحيم سكيناً في خفة، فقتله بها ثم أتى الكنيسة، فقتل فلقط وأصحابه، رجلاً رجلاً، ثم خرج إلى أصحابه العشرين، فجاء بهم فأراهم قتله من قتل من الحراس وفلقط، ومن في 219 - ظ الكنيسة ووضعوا سيوفهم فيمن بقي، فندر بهم من بقي منهم، وخرجوا هراباً حتى أتوا سفنهم بوجه الحجر، فركبوها ولحقوا بأرض الروم، ورجع أنباط جبل لبنان إلى قراهم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: حدثنا الوليد قال: لما ولي الوليد بن عبد الملك، ولّى غازية البحر ثلاثة نفر من الموالي: سحيم بن المهاجر، وأبا خراسان، وسفيان الفارسي.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: سحيم بن المهاجر من سكان طرابلس، وولي إمرتها في أيام عبد الملك بن مروان، وكتب إليه عبد الملك أن يكيد بعض الروم وولاه الوليد غزو البحر.
كذا قال، ولم يكتب إليه عبد الملك أن يكيد، وإنما كتب إليه يأمره بالخروج، فدبر هو برأيه ما دبره 220 - و

" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي
سداد بن إبراهيم بن محمد:
أبو النجيب، وقيل أبو السداد الجزري ويعرف بالظاهر، وقيل في اسمه شداد بالشين المعجمة، والصحيح أنه بالسين المهملة المكسورة. من أهل جزيرة ابن عمر، وله بها مسجد يعرف بمسجد الظاهر، وكان شاعراً مطبوعاً، حلو الألفاظ سهلها، لطيف المعاني. دخل حلب ومدح بها الأمير سيف الدولة أبا الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وظفرت له بأبيات يتشوق فيها حلب، ومدح عضد الدولة ابن بويه.
وذكر لي أبو السعادات بن المُرحِل أنه بالسين المهملة، وأنه نقله من خط الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب كذلك، وكذلك ذكره رفيقنا الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد النجار في حرف السين المهملة في التاريخ الذي ذيل به تاريخ أبي بكر الخطيب، وشاهدت اسمه بخط الحافظ أبي طاهر السلفي مضبوطاً بالشين المعجمة في بعض تعاليقه.
روى عنه أبو الحسن علي بن منصور المعروف بدوخله، وأبو الفتح أحمد بن علي بن النحاس المدائني الحلبيان، وأبو القاسم علي بن المُحسِّن بن علي التنوخي، وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي، وأبو نصر أحمد بن عبد الله بن أحمد الثابتي.
قرأت بخط عبد المنعم بن الحسن بن الحسين بن اللُّعيبة أبي الفضل الحلبي قال: لأبي السداد الظاهر الجزري أنشدنيها الشيخ الأديب 221 - و أبو الفضل جامع بن علي بالجزيرة، في جمادى الأولى من سنة خمس عشرة وخمسمائة:
أيا حلب الغراء والمنزل الرحب ... ويا بلدا قلبي بتذكاره صب
لئن بان جسمي عن معالم ربعها ... فما بان عن أطلال ساحتها القلب
علام أسلي النفس عنك وفيك لي ... علائق منها هدَّ مهجتي الحب
هواؤك لولا صحة في هبوبه ... وماؤك لولا أنه بارد عذب
نقلت من خط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه أبو القاسم عبد الله بن رواحة وغيره، قال: قرأت على أبي الحسن علي بن عبد الجبار التونسي اللغوي بالإسكندرية لأبي النجيب شداد بن إبراهيم الجزري الملقب بالظاهر، وقد استدعاه الوزير المهلبي، وضبطه السلفي في خطه بالشين المعجمة:
عبدك تحت الحبل عريان ... كأنه لا كان شيطان
يغسل أثواباً كأن البلى ... فيها خليط وهي أوطان
أرق من ديني إن كان لي ... دين كما للناس أديان
كأنها حالي من قبل أن ... يصح عندي لك إحسان
يقول من يبصرني معرضاً ... فيها والأقوال برهان
هذا الذي قد نسجت فوقه ... عناكب الحيطان إنسان
قرأت في مجموع أظنه بخط بعض الحلبيين أو المعربين: حدث أبو النجيب سداد بن إبراهيم الجزري الشاعر، الملقب بالظاهر قال: كنت كثير الملازمة 221 - ظ للوزير أبي محمد المهلبي فاتفق أن غسلت ثيابي يوماً وأنفذ يدعوني فاعتذرت بعذر لم يقبله، وألح في استدعائي فكتبت إليه:
عبدك تحت الحبل عريان ... كأنه لا كان شيطان
يغسل أثواباً كأنّ البلى ... فيها خليط وهي أوطان
أرق من ديني إن كان لي ... دين كما للناس أديان
كأنها حالي من قبل أن ... يُصبح عندي لك إحسان
يقول من يبصرني معرضاً ... فيها للأقوال برهان
هذا الذي قد نسجت فوقه ... عناكب الحيطان إنسان
فأنفذ له جبة وقميصاً وعمامة وسراويل، كيساً فيه خمسمائة درهم، وقال: قد أنفذت إليك ما تلبسه وتدفعه إلى الخياط ليصلح لك الثياب على ما تريده، فإن كنت غسلت التكة واللالِكة عرفني لأنفذ عوضها.
قرأت بخط الشريف محمد بن الحسن بن محمد بن أبي القاسم الأقساسي: أنشدني أبو الحسين عاصم الأديب الشاعر للظاهر الجزري، واسمه شداد بن إبراهيم عند وداعه لأبي غالب محمد بن خلف فخر الملك، وكان قصده وامتدحه:
خَتَم النبيين النبي محمد ... ومحمد بن عليّ الوزراء
والظاهر الشعراء وهو مودع ... من حضرة ابن علي العلياء
222 - و
سأسير عنك ولي إليك تلفت ... فيكون قدامي إليك وراء

قرأت في رسالة أبي الحسن علي بن منصور بن القارح الحلبي التي كتبها إلى أبي العلاء بن سليمان، وأجابه عنها برسالة الغفران: أنشدني الظاهر الجزري لنفسه.
وقرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني، في مجموع وهبنيه والدي رحمه الله بخط المذكور: أنشدني الظاهر الجزري لنفسه:
أرى جيل التصوف شرّ جيل ... فقل لهم وأهون بالحُلول
أقال الله حين عشقتموه ... كلوا أكل البهائم وارقصوا لي
ونقلت أيضاً من خط أبي الفتح المدائني للظاهر في المجموع المذكور:
لا تثق بالسكوت من كل صوفي ... واحترز منهم وكن في سُدُف
بالعكاكيز والمحابر والصحف ... وجمع كمثل جمع الزحوف
ويل داعيهم وحق له الويل ... إذا ما أتى بألفي خروف
وصنان فإن هم بايتوه ... أكلوا بيته بحشو السقوف
أترى ربهم يقول ارقصوا لي ... واتركوا ما افترضت من معروف
شرجيل تراه في عالم الحشر ... إذا أوقفوا ليوم مخوف
نقلت من خط بعض الأدباء وقيل أنه من بني أبي حصينة للظاهر الجزري:
يا دهر إنك أنت نابذ ريقه ... خمراً وغارس خده تفاحاً
وغزلت من غزل شباك جفونه ... ونصبتها فتصيدت أرواحاً
222 - ظ وله ونقلته من خط المذكور:
أبايعت أهل البيعة اليوم في دمي ... غلبت فخذ أخطارهم وتقدم
ولا تورثن عينيك سقمي فإنه ... حرام على الذمّي ميراث مسلم
وهذان البيتان يرويان لعبد المحسن الصوري وهو أصح.
ومما نقلته من تعليقي من الفوائد مما أنشده الظاهر لنفسه:
أدر المدامة يا بن شبلٍ واسقني ... فيها نسيئه ريقك المتعذر
فإذا رأيت من الندامى صاحياً ... فينا فلاحظه بطرفك يسكر
ومن شعره أيضاً قوله، وقيل أنها للوزير أبي نصر بن النحاس الحلبي والصحيح أنها للظاهر:
انظر إلى حظ ابن شبل في الهوى ... إذ لا يزال لكل قلبٍ شائقاً
شغل النساء عن الرجال وطالما ... شغل الرجال عن النساء مراهقا
عشقوه أمرد فالتحى فعشقته ... الله أكبر ليس يعدم عاشقا
ومن شعره المستحسن يصف قوس قزح:
ألست ترى الجو مستعبراً ... يضاحكه برقه الخلَّب
وقد لاح من قزح قوسه ... بعيداً وتحسبه يَقْرُب
كطاقي عقيق وفير وزج ... وبينهما آخر مذهب
وقال في الأمير سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان:
وحاجةٍ قيل لي نبه لها عُمراً ... ونم فقلت عليّ قد تنبه لي
223 - و
حسبي عليان إن ناب الزمان ... وإن جاء المعاد بها في القول والفعل
فلي عليّ بن عبد الله منتجع ... ولي عليّ أمير المؤمنين ولي
أنبأنا عيسى بن عبد العزيز اللخمي قال: أخبرنا أبو طاهر السِّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المُحَسِّن بن علي التنوخي قال: أنشدني أبو النجيب سداد بن إبراهيم الجزري المعروف بالظاهر لنفسه:
أفسدتم نظري عليّ فما أرى ... مذ غبتم حسناً إلى أن تقدموا
فدعوا غرامي ليس يمكن أن ترى ... عين الرضا والسخط أحسن منكم
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار، قال في تاريخه: سِداد بن إبراهيم، أبو النجيب الجزري، الملقب بالظاهر، شاعر مليح الشعر، قدم بغداد ومدح بها أبا محمد المهلبي، وزير معز الدولة أحمد بن بويه، ومدح عضد الدولة أيضاً، روى عنه أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي، وأبو علي محمد بن وشاح الزينبي، ورأيت اسمع مقيداً، بالسين المهملة بخط أبي الحسين هلال بن المحسن بن الصابئ الكاتب.
قال ابن النجار قرأت في كتاب أبي نصر أحمد بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن يوسف بن ثابت الثابتي الفقيه بخطه قال: أنشدني أبو النجيب شداد بن إبراهيم الظاهر، بمدينة السلام - يعني - لنفسه:
لا تسألن عن الخليط المنزلا ... في العقل ما ينهاك عن أن تسألا

كم معقل في شط ريحانٍ عفا ... فرميت بالأعراض ذاك المعقلا
وطويته حتى كأني لم أكن ... من ساكنيه مشيعاً مستقبلا
قال ابن النجار: وذكر قصيدة طويلة، في الرد على أبي حنيفة رضي الله عنه، هكذا رأيته مقيداً بخط الثابتي " شَدّاد " ، بفتح الشين المعجمة وتشديد الدال، والله أعلم بالصواب. 223 - ظ.
سراج بن إدريس بن عيسى الحلبي:
شاعر كتب عنه رفيقنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي.
نقلت من خط أبي عبد الله البرزالي، وأجاز لنا رواية ما يجوز له روايته، في السنة توفي فيها: أنشدني سراج ابن إدريس بن عيسى الحلبي الأصل الشافعي، مولده سنة اثنتين وثمانين بحلب، وتأدب بها، قرأ القرآن على الحاج علي اليمني، وعلى العلم اللورقي، والفقه على شمس الدين محمد الجزري:
أمين الدين لم ترق المعالي ... برافعةٍ أجل من السخاء
ومن أدبٍ تراضعني ولاه ... فما أحلى مراضعة الولاء
وأبعد عنه خوف ندى جميلٍ ... لعجزي عن ملاحظة الوفاء
وفي الإفراط بالإحسان شرّ ... يراه أُولو العقول من العناء
وها أنا قد أشرت ومن بعيد ... يشار إلى الكوكب في السماء
ومن ترك الهدى بالنجم ضلت ... ركائبه عن السبل السواء
سراقة بن عبد الرحمن:
كان أميراً على الثغور الشامية، ذكره الحافظ أبو القاسم، بما أخبرنا به ابن أخيه، أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا عمي قال: سراقة بن عبد الرحمن وجهه عمر بن عبد العزيز، من دمشق أميراً على الثغور، بعد خروج مسلمة بن عبد الملك من القسطنطينية، الذي ذكر عن عبد الله بن سعيد بن قيس 224 - و الهمداني، وقد تقدم ذكر إسناده في ترجمة الأصبع بن الأشعث الكندي.
هكذا قال الحافظ أبو القاسم: وجّهه عمر بن عبد العزيز، أميراً على الثغور بعد خروج مسلمة بن عبد الملك وذكر ذلك في غزوة القسطنطينية، الذي ذكر عن عبد الله بن سعيد بن قيس الهمداني، وغزوة القسطنطينية التي رواها عبد الله بن قيس، كانت في زمن عبد الملك بن مروان، أغزى ابنه مسلمة إلى القسطنطينية في جيش ضخم، كان فيه البطال، وعبد الله بن سعيد الهمداني، وعرض عليه أن يجعل فيها أميراً على همدان فلم يفعل، وغزا مسلمة هذه الغزاة، وعاد في أيام أبيه، ولم يكن لعمر بن عبد العزيز ولاية على الثغور، والغزاة التي رجع فيها مسلمة، والخلافة إلى عمر بن عبد العزيز، هي الغزاة التي أغزاه أخوه سليمان بن عبد الملك وتوفي سليمان ومسلمة محاصر القسطنطينية، فلما ولّي عمر بن عبد العزيز، سيّر إلى مسلمة وأمره بالقفول فعاد من القسطنطينية، وليست هذه الغزاة، الغزوة التي رواها عبد الله بن سعيد الهمداني، فلا أدري كيف ذكر الحافظ أبو القاسم ذلك.
سرايا بن هبة الله بن الحسن بن أحمد بن الطاش:
وقيل سرايا بن هبة الله بن الحسن بن إبراهيم أبو الغنائم الحرّاني، تاجر مشهور جوال، دخل بلاد الشام ومصر واليمن والهند وخراسان وجال في البلاد في 224 - ظ تجارته، وسكن دمياط بأهله، ودخل حلب في طريقه، وترداده في تجارته، وكان راغباً في العلم وسماع الحديث سمع ببلخ: أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، وعثمان بن أحمد بن الشريك ومحمد بن عمر الأشبهي، وأبي محمد الحسن بن علي، وبنيسابور: أبا عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الفراوي، وببغداد: أبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي، وبدمشق القاضي أبا طالب علي بن عبد الرحمن بن عياض الصوري، وبدمياط: الأمير مقلد بن أبي الحسن بن منقذ الشيزري، وحدّث عن أبي محمد الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السِّلفي، وسمع منه بالإسكندرية، وتاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وكتب عنه بنيسابور.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني، وأخبرنا به إجازة عنه: أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة، وعبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل، وغيرهم قال: أخبرني أبو الغنائم سرايا بن هبة الله بن الحسن بن الطاش الحراني بالإسكندرية قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن أبي طالب العلوي ببلخ قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو صالح العنبر بن الطيب بن محمد بن عبد الله بن العنبر بن صالح بن عبد الله بن محمد بن نغوان العنبري النيسابوري قال: أخبرنا جدي أبو محمد يحيى بن منصور الحاكم قال: حدثنا أبو الفضل أحمد بن سلمة بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم 225 - و ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى، قال إسحاق: أخبرنا، وقال الآخران: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الآخران: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سعيد بن المسيب عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من صلى على جنازة فله قيراط ومن انتظرها حتى توضع في اللحد قيراطان والقيراطان مثل الجبلين العظيمين.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدنا أبو الغنائم سرايا بن هبة الله بن الحسن الحراني - إملاءً في مسجد عقيل بنيسابور - قال: أنشدني الأمير مقلد بن أبي الحسن بن منقذ بن أبي الحسن بن منقذ الشيزري لنفسه بدمياط:
لي حرمة الضيف والجار القديم ... ومن أتاكم وكهول الحي أطفال
والله لولا قيود في قوائمنا ... من الجميل وفي الأعناق أغلال
لكان لي في بلاد الله متسع ... وللملوك لبانات وأشغال
قلت: هذه الأبيات لحسان بن الحباب رواها ابن الخياط عنه، وقد تقدمت في ترجمته.
وقال أبو سعد: أنشدني سرايا بن هبة الله الحراني، من أهل دمياط، إملاءً، قال: أنشدني أبو الحسن بن الرَّءَّايين بكتبايت من أرض الهند:
وما وجد أعرابيةٍ قذفت به ... صروف النوى من حيث لم تك ظنت
تمنت أحاليب اللقاح وخيمة ... بنجدٍ فلم يقضى لها ما تمنت
إذا ذكرت ماء العذيب وطيبه ... وبرد حصاها آخر الليل أنتّ
لها أنّةٌ عند العشاء وأنة ... سُحيراً فلولا أتيتها لَجُنِّت
قال السمعاني: قال لي سرايا بن هبة الله: فأجزتها أنا بأبيات من عند نفسي كما جاءت 225.
كوجدي إذا ماتت أرعى نجومها ... وأطوي الفيافي حيث ما هي حلت
بنفسي أفدي من بها طاب مجلسي ... وغاب سروري حين ما هي ولت
فيا رب يا رحمان تجمع بيننا ... وأبلغ مُناي اُدخل حفرتي
وأشكو إليها ما لقيت من الضنا ... ودمعي على الخدين يجري لغربتي
قرأت بخط الحافظ السِّلفي، سرايا هذا ولد بحران سنة أربع وستين وأربعمائة في صفر، على ما ذكره لي، ودخل ديار مصر في تجارة، ثم أقام بدمياط مدة، ودخل على الكبر خراسان، فسمع ببلخ عمر بن أبي الحسن البسطامي، وعثمان بن أحمد بن الشريك، ومحمد بن عمر الأشهبي، وغيرهم، وذكر لي أنه سمع أبا محمد التميمي ببغداد وآخرين بدمشق، وغيرها من البلدان، وكان حريصاً على الحديث وسماعه، نفعه الله بذلك، وقد دخل الحجاز واليمن وبلاد الهند، قدم علينا الإسكندرية سنة أربع وأربعين وخمسمائة في جمادى الأولى.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال سرايا بن هبة الله بن الحسن بن إبراهيم الحراني أبو الغنائم، شيخ صالح من أهل حران، سكن دمياط من أرض مصر، وهو متودد كثير الرغبة في الخير، وسماع الحديث والعلم، وقال لي: سمعت ببغداد من الشيخ أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز التميمي وسنه كان يحتمل ذلك ولكن ما وجدنا أصل سماعه، وسمع على كبر سنّه، بقراءتي الكثير بنيسابور من محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي، ثم رأيته ببغداد في سنة لأربع وثلاثين، وسمع بقراءتي أيضاً بها، وآخر عهدي به، أني رأيته بدمشق في سنة ست وثلاثين عازماً على الرجوع إلى ديار مصر، وتجديد العهد بأولاده، وكانوا بدمياط، وسمع بقراءتي شيئاً عن القاضي أبي طالب علي بن عبد الرحمن بن عياض الصوري بدمشق وكنت قد علقت عنه مقطعات من الشعر بنيسابور. 226 - و.
سرخاب بن الحسن بن الحسين:
وقيل سُرخاب بن أبي الغريب بن يحيى بن الحسن أبو الفضل الأرموي الشافعي كان من أهل أرمية، وكان شافعي المذهب، فقيهاً متكلماً مفتياً، صحب أبا سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون وتفقه عليه وتولى التدريس بحلب، بالمدرسة النورية المسندة إلى بني أبي عصرون، وكان ينوب فيها عن القاضي نجم الدين عبد الرحمن بن أبي سعد، وكان يتولى تربية أولاده، ويعلمهم الفقه، وكان محترماً بحلب عند الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، إلى أن اتفق منه أمر، تغير قلب السلطان، فخرج عن حلب في سنة خمس وستمائة.
وسمع بحلب شيخنا أبا الحسن علي بن أبي بكر الهروي، وكان لي به اجتماع في المحافل، ولا أعلم أنه حدّث بشيء، ولم يكن له اعتناء بالحديث، وكان دمث الأخلاق، حسن المناظرة والكلام، إلا أنه يؤذي في المناظرة من يتكلم معه كثيراً، وتوفي رحمه الله بإربل سنة سبع وستمائة، وبلغتنا وفاته فعقد له العزاء بحلب، في المدرسة التي كان يدرس بها، وحضر عزاه الأئمة والقضاة وأعيان البلد.
قرأت من خط أبي البركات المبارك بن أحمد بن المستوفي، في تاريخ إربل وأجازه لنا، قال: الإمام سُرخاب المدرس هو أبو الفضل سرخاب بن أبي الغريب بن يحيى الأرموي من أرمية، إمام عالم فقيه على مذهب الشافعي، إن شاء الله، أقام بحلب مدة يدرس بها، وكان سبب خروجه منها، أنه كان بمدرسةٍ فيها بركة ماء فيها سمك، فغسل الفقهاء يوماً ثيابهم، وألقوا ماء الصابون في البركة فمات السمك، فأخبر بذلك، فضر الفقهاء 226 - ظ وأخرجهم، فبلغ ذلك الملك الظاهر غازي بن يوسف، فأخرجه، ورد إربل، ونزل وهو مريض بالمدرسة المظفرية، ورأيته بها، فلم ير الفقهاء والمدرس بها مقامه بينهم، فنقلوه إلى دار الضيف، وعاد الفقير إلى رحمة الله، أبو سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكتين، وأمره أن يوصي في ماله، وأن يتصدق به، فقال: يكون إن شاء الله، ولم يوص بشيء وتوفي، وخلّف جملة وخلّف كتباً، ولم يكن له وارث، غير أنه أعتق جاريةً وغلاماً، ووصلهما من ماله، وتوفي في حادي عشر جمادى الآخرة من سنة سبع وستمائة، بإربل بدار الضيف.
ذكر من اسمه سري
السري بن أحمد بن السري:
أبو الحسن الكندي المعروف بالرفاء الموصلي، شاعر مجيد، حسن اللفظ، حلو المعاني، قدم حلب ومدح بها الأمير سيف الدولة أبا الحسن علي بن عبد الله بن حمدان في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وسمع منه بها شيئاً من شعره، أبو بكر محمد بن العباس الخوارزمي، وأبو الحسن الحلبي، ورويا عنه وروى عنه أيضاً أبو علي أحمد بن علي المدائني المعروف بالهائم، والحسين بن محمد بن جعفر الخالع، وأبو علي المُحَسِّن بن علي بن محمد التنوخي، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المجبر، ونصر بن أحمد بن يعقوب، وأبو إسحاق إبراهيم بن هلال الصابئ وابنه أبو علي المحسن بن إبراهيم الصابئ، وجمع كتاباً سماه 211 - و المحب المحبوب والمأكول والمشروب وهو مجموع حسن.
وبلغني أنه لما قدم حلب، قاصداً سيف الدولة بن حمدان، وقف على بابه يلتمس الوصول إليه، وعلى بابه جماعة من الشعراء، قد كتبوا إليه رقعة، يسألونه فيها أن يسمع أشعارهم، فوقع فيها: أنتم غثاء، فقال السري وأنفذها إلى سيف الدولة:
هذا اليقين المحض لا التوهم
هم غثاء أحوى ولست منهم
وللقوافي مجهل ومعلم

وهنّ إما صارم أو لهذم
تكاد تجري من حواشيه الدم
وأنت بالجود لها مستلثم
إذ كل من همت به مستسلم
يا بن أبي الهيجا أنت العلم
أناف حتى كللته الأنجم
من الغمام الجود أنت أكرم
وما الظبى عزمك منها أصرم
الشِّعر كالحلي وأنت معصم
منه الجني الحلو ومنه العلقم
لا يستوي فصيحه والأعجم
يوماً ولا ديناره والدرهم
فدعاه دونهم وسمع منه.
أخبرني أبو الدر ياقوت بن عبد الله الحموي قال: نقلت من خط أبي علي المُحَسِّن بن إبراهيم الصابئ: سمعت السري بن أحمد الشاعر يقول لوالدي أبي إسحاق ونحن على شربٍ: أشتهي يا سيدي أن أملك ألف درهم وأموت، فقال له: اعمل قصيدة طويلة تمدح بها الوزير، يعني أبا الفضل العباس بن الحسين 227 - ظ الشيرازي، فعمل قصيدة طويلة ميمية، فأنشدها والدي الوزير، وقال له: هذا شاعر يشتهر شعره، ويبقى على الأيام ذكره، وله فيك آمال، وخاطبه ونازله إلى أن أطلق له ثلاثة آلاف درهم قيمتها مائتا دينار، فقبضتها أنا، وكان السري نازلاً عليّ وساكناً معي في داري، ولم أعلمه بحصولها، فلما اجتمعنا على الشرب رسم لي والدي، إحضار الكيس فأحضرته، فلما رآه كاد يموت فرحاً، ولم ينم تلك الليلة سروراً، فلما أصبح، أخذ الدراهم ومضى، وغاب أياماً ثم جاءني، وعليه ثياب جدد فاخرة، من جملتها عمامة طولها نحو مائة ذراع، ودراعة واسعة الأكمام، تنجر في الأرض، وخلفه غلام أمرد بثياب مثل ثيابه، فضحكنا ضحكاً، خرجنا فيه عن الحد، وتوفي بعد ذلك بأيام يسيرة.
وفي شدة فاقة السري وفقره، قال ما أخبرنا به أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، ح.
وأخبرناه أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد كتابة - قالا: أخبرنا أحمد بن عبيد الله العكبراوي - إجازة - قال: أنشدنا أبو الفضل عبد الكريم بن إسماعيل بن عمر بن سنبك الشافعي الفقيه الأزجي قال: أنشدني أبو الحسن أحمد بن محمد بن الصلت المُجْبر قال: أنشدنا السري الرفاء لنفسه:
يكفيك من جملة أخباري ... يُسري في الحب وإعساري
وكانت الإبرة فيما مضى ... تصون وجهي ثم أشعاري
228 - و
فأصبح الرزق بها ضيقاً ... كأنه من ثقبها جاري
نقلت من كتاب المفاوصة، تأليف محمد بن علي بن نصر بخطه، وأخبرنا به - إجازة - أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيره، عن أبي محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران النحوي قال: قرأ علينا أبو الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب قال: حدثني أبو القاسم الرقي المنجم قال: كان السري بن أحمد الرفاء يوماً جالساً معنا، في دهليز سيف الدولة، فوصف له دعوة كان فيها، فقال: وكان فيها هِريسة، بكسر الهاء، ثم أنشدنا قصيدة له أولها:
أأقحواناً أرته أم برداً ... غيداء يهتز عطفها غَيَدا
حتى قال فيها:
لو وَجَدَتْ للفراق ما وجدا ... لافتقدت نوماه كما افتقدا
ثم خرج الآذن، فدخلنا إلى سيف الدولة، وتفاوضنا الحديث، وأنشده الشعر السري، فاستطابه واستحسنه، قال: فحلف بعض الحاضرين، قال: وأظنه الفُصَيصي، أن سرياً الساعة كان يحدثنا حديث دعوة فقال: وكان فيها هِريسة بكسر الهاء، فقال سيف الدولة: ويلك من يقول هِريسة يقول مثل هذا الشعر، وفي هذه الأبيات:
لا تلح صباً على صَبابته ... إذ وَجَدَ الغيّ في الهوى رَشَدا
228 - ظ
فلم تزل للفراق عادته ... تكدر المورد الذي وردا
سرنا بآمالنا إلى ملكٍ ... يُسَرّ بالآمل الذي وفدا
مستيقظ الرأي والعزيمة ... ما استيقظ طرف الزمان أو رقدا
قال أبو الحسن محمد بن علي بن نصر: وأنشدني له في الكانون، ووجدت القصيدة في سلامة بن فهد:
وأزهر وضّاح يروق عيوننا ... إذا ما رميناه بلحظ النواظر
له أربع تأبى السُّرى غير أنها ... تصافح وجه الأرض مثل الحوافر
تُقلّ جسوماً بعضها في موردٍ ... وسائرها في مثل صبغ الدياجر

تواصله أيام للقرّ صولة ... وتهجره أيام لفح الهواجر
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال: أنشدنا أبو بكر يحيى بن عبد الرحيم المقرئ وأبو الحسن علي بن الحسين القطني، وأبو سعد عبد الله بن حيّان النسائي بنيسابور، وأبو صالح عبد الملك بن عبد الواحد بن القشيري بالطابران في النوبة الخامسة، قالوا: أنشدنا إسماعيل بن زاهر النوقاني قال: أنشدنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أنشدنا نصر بن أحمد بن يعقوب قال: أنشدني السري بن أحمد الموصلي لنفسه:
شباب المرءِ ثوب مستعار ... وأيام الصبى أبداً قصار
طوى الدهر الجديد من التصابي ... فليس لما طوى الدهر انتشار
229 - و أخبرني ياقوت بن عبد الله الأديب مولى الحموي، قال: قرأت بخط أبي علي المُحَسِّن بن إبراهيم الصابئ قال: أنشدني والدي أبو إسحاق قال: أنشدت السري الرفاء لبعضهم:
أبوك الذي لما أتى مرج راهط ... وقد ألبوا للشر فيمن تألبا
تشنّا إلى الأعداء حتى إذا انتهوا ... إلى أمره طوعاً وكرهاً تحبباً
فلما كان بعد أيام أنشدني قصيدة يمدحني بها يقول فيها:
تشنّا إلى الدهر قبل لقائه ... فلما تنافرنا إليه تحببا
وتبسم عند إنشاده هذا البيت.
قال لي ياقوت: ونقلت من خط المُحَسِّن بن إبراهيم الصابئ، حدثني السري بن أحمد قال: مدحتُ في الحداثة رجلاً، فدفع لي شيئاً قليلاً وأنشدني بديهاً:
أسَرِيّ شعرك بارد ... يوفى على برد الدَّمَق
فإذا حُبيت فلا تماكس ... خذ ولو ثمن الورق
قرأت بخط مظفر الفارقي، في كتاب محمد بن إسحاق النديم، الذي وسمه بالفهرست، وذكر أنه نقله من خطه قال: السري بن أحمد الكندي، من أهل الموصل، كثير السرقة عذب الألفاظ، مليح المأخذ، كثير الافتنان في التشبيهات والأوصاف طالب لها، ولم يكن له رواء ولا منظر، ولا يحسن من العلوم غير قول الشعر وقد عمل هو شعر لنفسه قبل موته 229 - ظ نحو ثلاثمائة ورقة، ثم زاد بعد ذلك، وقد عمله بعض المحدّثين على الحروف.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب بن بشران قال: قرأ علينا محمد بن علي بن نصر: حدثني أبو الحسن الحلبي، وكان شيخاً يعرف أخبار سيف الدولة قال: كنا مجتمعين يوماً في دهليز سيف الدولة، وجماعة من الشعراء والشيوخ المتقدمين، كأبي العباس النامي، وأبي بكر الصنوبري، ومن النشء اللاحقين كأبي الفرج الببغاء، والخالديين، والسري، فتذاكروا الشعر، وأنشدت قصيدة المتنبي التي أولها:
فديناك من ربع وإن زدتنا كرباً
فاستحسن الجماعة قوله في إعظام الربع:
نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه أن نلم به ركبا
فقال السري: لولا أنكم إذا سمعتم ما قلته بعد هذا، ادعيتم أنني سرقته منه لأمسكت، وأنشد قصيدة لاميّة قال فيها:
نحفى وننزل وهو أعظم حرمة ... من أن يذال براكب أو ناعل
فحكم الجماعة له بالزيادة في قوله: نحفى وننزل.
قرأت في كتاب لوامع الأمور، تأليف أبي إسحاق إبراهيم بن حبيب السقطي، صاحب كتاب الرديف قال في حوادث سنة أربع وأربعين وثمانمائة: وفيها مات السري ابن أحمد الرفاء الكندي، من أهل الموصل الشاعر، جيد الشعر، جيد المعاني له ديباجة 230 - و تستحلى، فصيح مطبوع، ذو أوصاف أعجزت غيره من أهل عصره، أن يأتي بمثلها، وكان رائق الشعر حسنه، كثير التقلب في بديع التشبيهات والمعاني.
وهذا وهم في وفاته، فإنه قدم على سيف الدولة في سنة خمس وأربعين وثلاثمائة، وجدته كذلك في نسخة قديمة من ديوان شعره، وبقي مدة في باب سيف الدولة، وخرج بعد ذلك إلى بغداد، ومدح بعد ذلك الوزير المهلبي، وتوفي في أيام الوزير أبي الفضل العباس بن الحسين الشيرازي، والصحيح أنه توفي سنة اثنتين وستين وثلاثمائة، كذا وقع إليّ في بعض تعليقاتي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، فيما أذن لي في روايته عنه، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: السري بن أحمد بن السري أبو الحسن الكندي الرفاء الموصلي، شاعر مجود حسن المعاني، وله مدائح في سيف الدولة وغيره من أمراء بني حمدان، وكان بينه وبين أبي بكر وأبي عثمان محمد وسعيد ابني هشام الخالديين، حالة غير جميلة، ولبعضهم في بعض أهاجي كثيرة، فآذاه الخالديان أذىً شديداً، وقطعا رسمه من سيف الدولة وغيره، فانحدر إلى بغداد ومدح بها الوزير أبا محمد المهلبي، فانحدر الخالديان وراءه ودخلا إلى المهلبي وثلبا سرياً عنده، فلم يحفظ منه بطائل، وحصلا في جملة المهلبي ينادمانه وجعلا هجيراهما ثلب سريٍّ، والوقيعة فيه، ودخلا إلى 230 - ظ الرؤساء والأكابر ببغداد، ففعلا به مثل ذلك عندهم، وأقام ببغداد يتظلم منهما ويهجوهما، ويقال أنه عدم القوت فضلاً عن غيره، ودفُع إلى الوراقة، فجلس يورّق شعره ويبيعه، ثم نسخ لغيره بالأجرة، وركبه الدين ومات ببغداد على تلك الحال، بعيد سنة ستين وثلاثمائة، وكان الحسين بن محمد بن جعفر الخالع، يزعم أنه سمع منه ديوان شعره، وقد روى عنه أحمد بن علي، المعروف بالهائم وغيره.
السري بن إسحاق الحلبي:
روى عن أبي مالك النخعي، روى عنه أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر - قراءة عليه مني بحلب - قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري ببغداد، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بحلب قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن علي العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: حدثني السري بن إسحاق الحلبي قال: حدثني أبو مالك النخعي عن الأصمعي قال: اجتمع مشيخة الحي إلى الملوّح أبي قيس المجنون، فقالوا له: لو حججت بولدك فلاذ بالبيت، لعل الله أن يشفيه مما به 231 - و ففعل به ذلك قال: فبينا هو بمنى، إذ سمع صائحاً من تلك الخيام: يا ليلى، فأنشأ يقول:
وداعٍ دعا إذ نحن بالخيف من مىً ... فهيّج أحزان الفؤاد وما يدري
دعا باسم ليلى غيرها فكأنما ... أطار بقلبي طائراً كان في صدري
ثم صاح صيحة، فغشي عليه، فجعل أبوه يرش على وجهه الماء، حتى أفاق من غشيته، فأنشأ يقول:
دعا المحرمون الله يستغفرونه ... بمكة شعثاً أن تُمحَّى ذنوبها
وناديت يا رباه أوّل ساءلتي ... لنفسي ليلى ثم أنت حسيبها
فإن أعط ليلى في حياتي لم يتب ... إلى الله عبدٌ توبة لا أتوبها
السري بن عاصم:
أبو سهل الطرسوسي الهمداني، حدّث عن حفص بن غياث وحرمى بن عمارة، روى عنه ابنه أبو محمد ناعم بن السري الطرسوسي، وإسحاق بن عبد الله الكوفي.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا إسحاق بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا السري بن عاصم قال: حدثنا حرمى بن عمارة قال: حدثنا شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: 231 - ظ " من كذب عليّ متعمداً فليتبوأ مقعده من النار " .
قال ابن عدي: وحدثناه عن حرمي جماعة من الثقات: القواريري، وأبو قدامة السرخسي، ومحمد بن عبد الرحمن العنبري، وأحمد بن صالح المصري، وسرقة منهم السري بن عاصم، مع جماعة ضعفاء مثله، وللسري غير حديث سرقه من الثقات، وحدّث به عن مشايخهم.
وقال: السري بن عاصم، يكنى أبا سهل يسرق الحديث.
السري بن المغلس السقطي:

أبو الحسن البغدادي الصوفي، كان أحد الأولياء المشهورين بالعبادة، والمعروفين بالورع والزهادة، وكان أستاذ الجنيد وخاله، صحب معروفاً الكرخي، وروى عنه، وعن هشيم بن بشير وسفيان بن عيينة، ومروان بن معاوية، وأبي بكر بن عياش، ويحيى بن اليمان، ويزيد بن هارون، ومحمد بن معن الغفاري، وعلي بن غراب، وأبي أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن فضيل الضبي وأحمد بن أبي الحواري، وحبى الجرجاني.
روى عنه ابن أخته الجنيد بن محمد، وابنه إبراهيم بن السري وأبو الحسن أحمد بن محمد النوري، وأبو الفضل العباس بن أحمد المذكّر، وأبو العباس بن مسروق الطوسي وأبو بكر محمد بن خالد بن يزيد الرازي، ومحمد بن ثور الصوفي، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي، وسعيد بن عثمان الحناط، وإبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي، وأحمد بن علي بن خلف، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله البغدادي تلميذ بشر الحافي، والعباس بن يوسف الشكلي، والحسن بن علي بن شهريار 232 - و، وأحمد بن إسحاق، وأبو عثمان سعيد بن عبد العزيز، وعلي بن عبد الحميد الغضائري الحلبيان، وأحمد بن إبراهيم بن عنبر، وعلي بن الحسين بن حرب القاضي، وأبو بكر محمد بن عبد الله الأشناني.
وأقام بطرسوس، وغزا الروم غزوات متعددة، وجال في الثغور والعواصم.
أخبرنا أبو علي بن حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي - بالمسجد الأقصى قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي الأصبهاني قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا قال: أخبرنا والدي أبو الحسن علي بن الحسين بن زكريا الطَّريثيثي قال: حدثنا أبو سعد أحمد بن محمد بن عبد الله بن حفص الماليني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن محمد بن حيان الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم بن ثابت قال: حدثنا السري بن المغلس السقطي قال: حدثنا أبو أسامة عن مسعر عن إبراهيم السكسكي عن عبد الله بن أبي أوفى قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم متكئاً على عليٍّ، فإذا أبو بكر وعمر قد أقبلا، فقال: يا أبا الحسن حبَّهما فبحبهما تدخل الجنة 232 - ظ.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني - في كتابه إلينا من مرو - قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن منصور الحرضي قال: حدثنا أبو بكر بن محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي - إجازة - قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: سري المغلس السقطي، كنيته أبو الحسن، يقال إنه كان خال الجنيد وأستاذه، صحب معروف الكرخي ويسميه الأستاذ، أول من أظهر ببغداد لسان التوحيد، وتكلم في علوم الحقائق، وهو إمام البغداديين في الإشارات، وله حكايات تكثر، يستغنى بشهرته عن ذكره والأطناب فيه، وكان يلزم بينه ولا يخرج منه لا يراه إلاّ من يقصده إلى بيته، انقطع عن الناس وعن أسبابهم، أسند الحديث. 233 - و أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: السري بن المغلس أبو الحسن السقطي، كان من المشايخ المذكورين، وأحد العباد المجتهدين، صحب معروفاً الكرخي، وحدث عن هشيم بن بشير، وأبي بكر بن عياش وعلي بن غُراب، ويحيى بن يمان ويزيد بن هارون وغيرهم.
روى عنه أبو العباس بن مسروق الطوسي، والجنيد بن محمد وأبو الحسين النوري، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي، وإبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي، والعباس بن يوسف الشكلي في آخرين.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرداة - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا عمر بن علي بن محمد بن حمويه، ح.
وأنبأتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب 233 - ظ بن شاه الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب إسماعيل بن عثمان القارئ - في كتابه - قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن هوزان القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوزان القشيري قال: ومنهم: يعني من مشايخ الصوفية - أبو الحسن سري بن المغلس السقطي، خال الجنيد وأستاذه، وكان تلميذ معروف الكرخي وكان أوحد أهل زمانه في الورع والأحوال السنية وعلوم التوحيد.

أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن علي الطوسي - في كتابه إلينا من نيسابور - قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: ومنهم - يعني من مشايخ الصوفية من القرن الأول، والطبقة العليا - سري بن المغلس السقطي، إمام البغداديين، أبو الحسن صحب معروفاً الكرخي، وكان خال الجنيد وأستاذه، وهو أول من تكلم ببغداد على لسان التوحيد، مات سنة إحدى وخمسين وقيل ثلاث وخمسين.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن في كتابه قال أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: السري بن المغلس أبو الحسن السقطي البغدادي الصوفي أحد الزهاد الأتقياء العباد، قدم دمشق، وحدث عن مروان بن معاوية، ويحيى بن اليمان ومحمد بن معن الغفاري، ويزيد بن هارون وسفيان بن عيينة 234 - و وهشيم ومحمد بن فضيل الضبي وأبي أسامة حماد بن أسامة الكوفي.
حكى عنه ابنه إبراهيم بن السري، وأبو الفضل العباس بن أحمد القرشي المذكر، وأبو بكر محمد بن خالد بن يزيد الرازي، والجنيد بن محمد، ومحمد بن ثور الصوفي وسعيد بن عثمان الحناط، وأحمد بن إسحاق، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي والعباس بن يوسف الشكلي، وأحمد بن علي بن خلف، والحسن ابن علي بن شهريار، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله البغدادي تلمذي بشر الحافي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكُوي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن الحسن الخشاب قال: حدثنا جعفر الخلدي قال: حدثني ابن مذار الضراب قال: قال سري: اعتللت بطرسوس علة قيام، فعادني ناس من الفقراء، فجلسوا وأطالوا الجلوس، فقلت لهم: ابسطوا أيديكم حتى ندعو، فبسطوا وبسطت فقلت: اللهم علمنا كيف نعود المرضى، ومسحت يدي على وجهي، فعلموا أنهم قد أطالوا الجلوس، فقاموا وانصرفوا.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف خليل قال أخبرنا...
قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت أبا علي الحسن البزاز يقول: سألت أبا عبد الله أحمد بن حنبل 234 - ظ عن السري بعد قدومه من الثغر فقال أبو عبد الله: أليس الشيخ يعرف بطيب الغذاء؟ قلت: بلى قال: هو على ستره عندنا قبل أن يخرج، وكان السري يكثر من ذكر طيب الغذاء وتصفية القوت، وشدة الورع حتى انتشر ذلك عنه، وبلغ ذلك أحمد بن حنبل، فقال: الشيخ الذي يعرف بطيب الغذاء.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي قال: أخبرنا سعيد بن عثمان قال: سمعت سري بن مغلس يقول: غزونا أرض الروم فمررت بروضة خضراء فيها الخباز وحجر منقور فيه ماء المطر، فقلت في نفسي: لئن كنت آكل يوماً جلالاً فاليوم، فنزلت عن دابتي وجعلت آكل من ذلك الخباز، وشربت من ذلك الماء وإذا هاتف يهتف بي: يا سري بن المغلس النفقة التي بلغت بها إلى هذا من أين؟.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد السيدي، وأبو المظفر بن القشيري قالا: أخبرنا أبو عثمان البحيري قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد بن عقيل القطان، قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن إسحاق الأزهر الإسفرائيني قال: سمعت أبا عثمان سعيد بن عثمان الحناط البغدادي 235 - و يقول: سمعت سري السقطي يقول: قفلت من غزوة كنت غزوتها فأتيت على ماء صافي وعشب أخضر، قال: فقلت في نفسي: يا سري إن كنت آكلاً يوماً حلالاً فيومك هذا، قال: فنزلت عن دابتي وربطتها وأنا على أن آكل من ذلك العشب، وأشرب من ذلك الماء. قال: فإذا بهاتف أسمع صوته ولا أرى شخصه وهو يقول: يا سري النفقة التي بلغتك هذا الموضع من أين هي؟ فعلمت أني في لا شيء.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - قراءة مني عليه بدمشق - قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع، قال: سمعت أحمد بن الحسين - يعني - أبا علي الحافظ بالبصرة يقول: سمعت سعيد بن عثمان الحناط يقول: سمعت سري بن مغلس السقطي يقول: خرجت من الرملة، إلى بيت المقدس فمررت بمشرفة وغدير ماء مطر وعشب نابت فجلست آكل من الحشيش وأشرب من الماء، فقلت: يا نفس إن كنت أكلت أكلة حلال أو شربت شربة حلال قط فاليوم، قال: فإذا بهاتف يهتف بي: يا سري فالنفقة التي بلغت بك إلى ها هنا من أين؟.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموية، ح.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن - في كتابها - قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ، قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري 235 - ظ قالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن علي الطوسي يقول: سمعت أبا عمرو بن علوان يقول: سمعت أبا العباس بن مسروق يقول: بلغني أن سري السقطي كان يكون في السوق، وهو من أصحاب معروف الكرخي، فجاءه معروف يوماً ومعه صبي يتيم، فقال: أكس هذا اليتيم، قال سري: فكسوته، ففرح به معروف، وقال بغّض الله إليك الدنيا، وأراحك مما أنت فيه، فقمت من الحانوت، وليس شيء أبغض إليّ من الدنيا، وكل ما أنا فيه من بركات معروف.
وقالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله يحكي عن الجنيد أنه قال: سألني السري يوماً عن المحبة فقلت: قال قوم: هي الموافقة، وقال قوم: الإيثار، وقال قوم: كذا وكذا، فأخذ السري جلدة ذراعه، ومدها فلم تمتد، ثم قال: وعزته لو قلت إن هذه الجلدة يبست على هذا العظم من محبته لصدقت، ثم غشي عليه فدار وجهه كأنه قمر مشرق، وكان السري به أدمة.
قالا: قال ويحكى عن السري أنه قال: وقع ببغداد حريق، فاستقبلني واحد فقال لي: نجا حانوتك فقلت: الحمد لله، فمنذ ثلاثين سنة، أنا نادم على ما قلت، حيث أردت لنفسي خيراً مما للمسلمين.
قال أبو القاسم القشيري: أخبرني عبد الله بن يوسف قال: 236 - و سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا بكر الحريمي يقول: سمعت السري يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جُميع قال: حدثني محمد بن يوسف قال: سمعت جعفر الخلدي يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت سري السقطي يقول: أشتهي أن لا أموت في بلدي أفزع أن لا تقبلني الأرض فأفتضح.
أخبرنا محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا عمر بن علي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن شاه قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني رحمه الله يقول: سمعت أبا نصر السراج الطوسي يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نُصير يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: أشتهي أن أموت ببلد غير بغداد، فقيل له: ولم ذلك؟ قال: أخاف أن لا يقبلني قبري فأفتضح.
قال أبو القاسم القشيري: ويحكى عن السري أنه قال: أنا أنظر في أنفي كذا مرة في اليوم، مخافة أن يكون قد اسود، خوفاً من الله أن يسود صورتي لما أتعاطاه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الوراق قال: أخبرنا علي بن عبد الله الهمذاني - بمكة - قال: حدثنا مظفر بن سهل المقرئ قال: سمعت علان الخياط، وجرى بيني وبينه مناقب سري 236 - ظ السقطي فقال لي علان: كنت جالساً مع سري يوماً، فوافته امرأة فقالت: يا أبا الحسن أنا من جيرانك، أخذ ابني الطائف البارحة، وكلم ابني الطائف، وأنا أخشى أن يؤذيه، فإن رأيت أن تجيء معي، أو تبعث إليه، قال: علان: فتوقعت أن يبعث إليه، فقام فكبر وطوّل في صلاته، فقالت المرأة، يا أبا الحسن الله الله فيَّ، هو ذا أخشى أن يؤذيه السلطان، فسلم وقال لها: أنا في حاجتك، قال علان: فما برحت حتى جاءت امرأة إلى الامرأة فقالت: الحقي قد خلوا ابنك.

قال أبو طالب: قال لي علان: وايش تعجب من هذا، اشتري منه كُر لوز بستين ديناراً، وكنب رزمانجه ثلاثة دنانير ربحه، فصار اللوز بتسعين ديناراً، فأتاه الدلال فقال: إن ذلك اللوز أريده، فقال له: خذه، قال: بكم، قال: بثلاثة وستين ديناراً، فقال له الدلال: إن اللوز قد صار الكُر بتسعين، قال: له قد عقدت بيني وبين الله عقداً لا أحله، ليس أبيعه إلا بثلاثة وستين ديناراً، فقال له الدلال: إني قد عقدت بيني وبين الله عزّ وجلّ، أن لا أغش مسلماً، لست آخذه منك إلا بتسعين، فلا الدلال اشترى منه، ولا سري باعه.
قال أبو الطيب: قال لي علان، كيف لا يستجاب دعاء من كان هذا فعله؟.
أخبرنا عمي أبو غانم قال: أخبرنا أبو الفتح بن حمويه، ح.
وأخبرتنا زينب بنت الشعري في كتابها قال: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب بن عثمان قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت الشيخ 237 - و أبا عبد الرحمن السلمي رحمه الله يقول: سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفر بن نصير يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: إن نفسي تطالبني منذ ثلاثين سنة أو أربعين سنة أن أغمس جزرة في دبس فما أطعمتها.
وقالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت أبا حاتم السجستاني يقول: سمعت أبا نصر السراج يقول: أخبرني جعفر بن محمد قال: حدثني الجنيد قال: دخلت على السري يوماً، فقال لي: عصفور كان يجيئني كل يوم فأفت له الخبز فيأكل من يدي، فنزل وقتاً من الأوقات فلم يسقط على يدي، فتذكرت في نفسي: ايش السبب فذكرت أني أكلت ملحاً بإبزار، فقلت في نفسي: لا آكل بعدها وأنا تائب منه، فسقط على يدي وأكل.
وقالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: وسمعت عبد الله بن يوسف الأصفهاني يقول: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت الجزيري يقول: سمعت الجنيد يقول: دخلت يوماً على السري وهو يبكي فقلت: ما يبكيك؟ فقال: جاءتني البارحة الصبية فقالت: يا أبت هذه ليلة حارة، وهذا الكوز أعلقه ها هنا، ثم إنه حملتني عيناي فنمت، فرأيت جارية من أحسن الخلق، قد نزلت من السماء، فقلت: لمن أنت؟ قالت: لمن لا يشرب الماء المبرد في الكيزان، وتناولت الكوز فضربت به الأرض، قال الجنيد: فرأيت الخزف المكسور لم يرفعه ولم يمسه حتى عفا عليه التراب.
وقالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: 3376 - ظ سمعت الشيخ أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا العباس البغدادي يقول: سمعت جعفر يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: يا معشر الشباب جِدّوا واقبل أن تبلغوا مبلغي فتضعفوا وتقصروا كما قصرت، وكان في ذلك الوقت، لا يلحقه الشباب في العبادة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الجبار قال: قال لنا أبو الحسن العتيقي: قال لنا محمد بن العباس بن حيويه: قال لنا علي بن الحسين بن حرب القاضي: قال لي سري السقطي، لا يقوى على ترك الشبهات إلا من ترك الشهوات.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الصوفي قال: أخبرنا والدي أبو الحسن علي بن الحسين قال: حدثنا أبو أسعد أحمد بن محمد الماليني قال: سمعت أبا حفص عمر بن أحمد بن عثمان يقول: سمعت علي بن الحسين بن حربويه يقول: سمعت السري السقطي يقول: لا يقوى على ترك الشهوات إلا بترك الشبهات.
أخبرنا عمر بن محمد الدارقزي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا سلامة بن عمر النصيبي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا العباس بن يوسف قال: حدثني سعيد بن عثمان قال: سمعت السري بن مغلس قال: غزوت راجلاً، فنزلنا خربة للروم، فألقيت نفسي على ظهري ورفعت 238 - و رجلي على جدار، فإذا هاتف يهتف بي: يا سري بن مغلس هكذا تجلس العبيد بين يدي أربابها.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت محمد بن علي بن حبيش يقول: سمعت عبد الله بن شاكر يقول: قال سري السقطي: صليت وردي ليلة ومددت رجلي في المحراب، فنوديت: يا سري كذا تجالس الملوك؟ قال: فضممت إليّ رجلي ثم قلت: وعزتك لا مددت رجلي أبداً.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد - قراءة مني عليه - قال أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الحسن الصوفي قال: أخبرنا والدي أبو الحسن بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن محمد الهروي قال: سمعت أبا بكر محمد بن أحمد بن الفيض يقول: سمعت علي بن عبد الحميد الغضائري يقول: جئت إلى سري بن المغلس السقطي لأقرأ عليه شيئاً، فدققت عليه الباب، فسمعته من داخل وهو يقول: اللهم من شغلني عنك فاشغله بك، ثم فتح الباب وقعد، فأخذت أقرأ عليه، فقال: إن هذه أغلال، إن هذه أغلال.
وفي غير هذه الرواية قال علي بن عبد الحميد: كان من بركة دعائه أني حججت أربعين حجة على رجلي من حلب ذاهباً وراجعاً.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتح بن حمويه، ح.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب بن عثمان - مكاتبة - قال: أخبرنا أبو الأسعد بن عبد الواحد قالا: أخبرنا أبو القاسم 238 - ظ القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين رحمه الله يقول: سمعت محمد بن الحسين الخشاب يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: أعرف طريقاً مختصراً، قصداً إلى الجنة، فقل له: ما هو؟ فقال: لا تسل من أحد شيئاً، ولا تأخذ من أحد شيئاً، ولا يكون معك شيء تعطي أحداً.
قال أبو القاسم القشيري: وسمعته - يعني أبا عبد الرحمن - يقول: سمعت سعيد بن أحمد يقول: سمعت عباس بن عصام يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: إن الله سلب الدنيا عن أوليائه، وحماها عن أصفيائه، وأخرجها من قلوب أهل وداده، لأنه لم يرضها لهم.
وقال القشيري: سمعت أبا عبد الله الصوفي يقول: سمعت أبا الطيب السامري يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: مارست كل شيء من أمر الزهد، فنلت منه ما أريد، إلا الزهد في الناس، فإني لم أبلغه ولم أطقه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ - إذناً إن لم يكن سمعته منه - قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، بانتخابي من أصول سماعه قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي يقول: سمعت محمد بن العباس بن حيويه يقول: سمعت القاضي أبا عبيد بن حربويه يقول: سمعت السري السقطي يقول: من أحسن ظنه بالله استراح قلبه.
أخبرنا الشريف أبو هاشم 239 - و عبد المطلب بن الفضل - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو مطيع أحمد بن محمد القاضي بمرو قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد السرخسي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الصفار - إملاءً - قال: سمعت الأستاذ أبا سعيد عبد الملك بن أبي عثمان الواعظ قال: سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن يزيد الحلبي القاضي بمصر قال: سمعت عمي يقول: سمعت الغضائري يقول: قال السري بن المغلس: ترى أنت ترجو، ولو رجوت لطلبت، ترى أنك تخاف، ولو خفت لهربت.
أخبرنا أبو علي حسن بن إبراهيم بن دينار المنادي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي عن أبي بكر الشيروي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبدان الكرماني قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الله الصوفي بشيراز يقول: سمعت الكناني يقول: سمعت الجنيد يقول: سألت السري السقطي: متى ينتفع المتعلم بعلمه؟ قال: إذا طلب من عين الصفا، قلت للجنيد: ما عين الصفا؟ قال: لا يريد به غير معرفة الله وطاعته.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي عن أبي عبد الرحمن بن محمد الكشميهني، ح.

وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني الإمام قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الملك بن محمد بن شاذان الأنصاري قال: أخبرنا والدي قال: سمعت 239 - ظ أبا نصر السراج الصوفي يقول: سمعت جعفر بن نصير يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري السقطي يقول: احذر أن لا تكون ثناء منشوراً، وعيباً، مستوراً.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: حدثنا أبو عبد الله يحيى بن أحمد البنّاء من لفظه قال: أبو عبد الله محمد بن فاشاذة القاضي الأصبهاني، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي قال: أخبرنا والدي قالا: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن عبد الله الماليني. قال الطريثيثي: لفظاً؟ قال: سمعت أبا الحسن علي بن إبراهيم البغدادي يقول: سمعت الجنيد - وزاد ابن فاذشاه: أن محمد يقول: دخلت على سري السقطي فقال لي: يا أبا القاسم حتى متى لا تطوي فرش المرضى - وزيد الطريثيثي: عنك فرش المرضى - وحتى متى لا تستريح من عيادة الهلكى، وحتى متى لا تنفع فيك أدوية الأطباء، يا أبا القاسم اجعل قبرك خزانتك، وقدم إليها أحسن ما تقدر عليه حتى إذا دخلت إلى الخزانة، سرّك ما قدمت إليها.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو يعلى كَرْوَّس السُّلمي قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم 240 - و المقدسي قال: أخبرنا أبو منصور خزرون بن الحسن الرملي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بكر: أن الطرسوسي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زكريا قال: حدثنا أبو طاهر بن كثير قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن عنبر قال: سمعت سري بن المغلس يقول: العلم يهتف بالعمل فإن أجابه وإلاّ ارتحل.
أخبرنا أبو القاسم بن رواحة قال: أخبرنا أبو طاهر السِّلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: سمعت أبا الحسن - يعني العتيقي - يقول: سمعت أبا عمر - يعني ابن حَيَّويه - يقول: سمعت أبا عبيد بن حربويه يقول: سمعت سري السقطي يقول: من مرض فلم يتبب فهو كمن عولج فلم يبرأ.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي: أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموّيه، ح.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب القارئ، مكاتبة قال: أخبرنا أبو الأسعد بن عبد الواحد قالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت أبا عمر السُّلمي رحمه الله يقول: سمعت أبا عمر الأنماطي يقول: سمعت الجنيد يقول: ما رأيت أعبد من السري، أتت عليه ثمان وتسعون سنة، ما رؤي مضطجعاً ولا في علة الموت، ويحكى عن السري أنه قال: التصوف اسم لثلاثة معانٍ: وهو الذي لا يطفئ نور معرفته ونور ورعه، ولا يتكلم بباطنٍ في علم ينقضه عليه ظاهر الكتاب ولا تحمله الكرامات على هتك أستار محارم الله.
أخبرنا والدي أبو الحسن أحمد، وعمي أبو غانم محمد ابنا هبة الله بن محمد، وأبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري، وأبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن، والسالار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي، وولده محمد قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني قال: سمعت الإمام 242 - و أبا منصور عبد القاهر بن طاهر بن محمد التميمي البغدادي رحمه الله يقول: سمعت أبي يقول: سمعت جعفر بن محمد يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري السقطي يقول: وسُئل عن التصوف فقال: الإعراض عن الخلق، وترك الاعتراض على الحق.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطُرَيثيثي قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو سعد أحمد بن محمد الهروي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قال: أخبرنا علي بن عبد الحميد قال: سمعت السري السقطي يقول: عجبت لمن ينشد ضالته وقد أضل نفسه، وعجبت لمن سافر في طلب الأرباح، ولن يربح تاجر مثل نفسه.

وقال: حدثنا أبو سعد الهروي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن هارون البرذعي قال: سمعت المرتعش يقول: قال لي الجنيد: قال لي سري: احفظ عني يا غلام: إن المعرفة ترفرف على القلب، فإن كان فيه الحياء وإلاّ ارتحلت.
أخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات المنبجي قال: أخبرنا أبا يوسف بن آدم المراغي، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن محمد الكشميهني - إجازة - قالا أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين بن عبد الله الربعي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نُصَير الخُلُدي قال: حدثنا الجنيد 242 - ظ بن محمد قال: أرسلني سري رحمه الله في حاجةٍ، فأبطأت عليه، فقال لي: إذا أرسلك من يتكلم في موارد القلوب في حاجة فلا تبطئ عليه، فإن قلوبهم لا تحتمل الانتظار.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا جعفر الخُلُدي 0 في كتابه - قال: سمعت الجنيد بن محمد يقول: كنت يوماً عند السري بن المغلس، وكنا خاليين، وهو متزَر بمئزر، فنظرت إلى جسده كأنه جسد سقيم دنف مُضنى، كأجهد ما يكون، فقال: انظر إلى جسدي هذا، لو شئت أن أقول أن ما بي هذا من المحبة، كان كما أقول، وكان وجهه أصفر ثم أشرق حمرة، حتى تورد، ثم اعتلّ فدخلت عليه أعوده، فقلت له كيف تجدك؟ فقال:
كيف أشكو إلى طبيبي ما بي ... والذي بي أصابني من طبيبي
فأخذت المروحة أروّحه، فقال لي: كيف يجد روح المروحة، من جوفه يحترق من داخل ثم أنشأ يقول:
القلب محترق والدمع مستبق ... والكرب مجتمع والصبر مفترق
كيف القرار على من لا قرار له ... مما جناه الهوى والشوق والقلق
يا رب إن كان شيء فيه لي فرج ... فامنن عليّ به ما دام بي رمق
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب الهاشمي - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا عمر بن أبي 243 - و الحسن البسطامي قال: قرأت على أبي بكر الشيروي أخبركم أبو سعيد بن أبي الخير قال: سمعت أبا علي زاهر قال: سمعت أبا الحسن علي بن المثنى بأستراباذ يقول: سمعت جعفر بن محمد بن نصير الخلدي يقول: سمعت الجنيد يقول: دخلت على السري في مرضه الذي مات فيه فقلت له: كيف تجدك يا شيخ؟ قال: عبد مملوك لا يقدر لنفسه شيئاً، فأخذت المروحة لأروحه فقال: دعني كيف أتروح بريح المروحة، فأحشائي تحترق، فقلت له، أوصني أيها الشيخ قال إياك وصحبة العوام فقلت له: زدني، قال: فرفع رأسه إليّ بعدما طأطأه وقال: لا تشتغل عن صحبة الله بصحبة الأخيار فقلت له: لو سمعت منك هذه الكلمة من قبل لما صحبتك.
وأخبرنا أبو هاشم بن الفضل أيضاً قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن البختري بنو قان قال: حدثنا أبو على إسماعيل بن علي الجاجرمي بنيسابور قال: سمعت أبا سعيد بن أبي الخير، شيخ زمانه، يقول: سمعت أبا الحسن علي بن المثنى بأستراباذ فذكر مثله.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، ح.
وأنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قالا: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو نعيم قال: أخبرنا جعفر الخلدي في كتابه قال: سمعت الجنيد بن محمد يقول: كنت أعود السري، في كل ثلاثة أيام، عيادة السُّنّة، فدخلت عليه وهو يجود بنفسه، فجلست عند رأسه فبكيت وسقط 243 - ظ من دموعي على خده، ففتح عينيه ونظر إليّ، فقلت له: أوصني، فقال: لا تصحب الأشرار، ولا تشتغل عن الله بمجالسة الأخيار.

وقال: أخبرنا أبو شجاع البسطامي قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي صادق قال: أخبرنا أبو عبد الله بن باكويه قال: أخبرنا أبو الطيب بن الفرخان قال: أخبرنا الجنيد قال: دخلت على سري السقطي وهو في النزع، فجلست عند رأسه، فوضعت خدي على خده فدمعت عيناي، فوقع دمعي على خده، ففتح عينيه، فقال: من أنت؟ قلت: خادمك الجنيد، فقال: مرحباً، فقلت له: أيها الشيخ أوصني بوصية أنتفع بها بعدك، فقال: إياك ومصاحبة الأشرار، وأن لا تنقطع عن الله بصحبة الأخيار.
أخبرنا أبو المظفر عبد الكريم بن محمد - في كتابه إلينا من مرو - قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن منصور الحُرضي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكيّ قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت أبا الحسن بن المقسم المقرئ ببغداد يقول: مات سري سنة إحدى وخمسين ومائتين.
أخبرنا حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي - بالمسجد الأقصى - قال: أخبرنا أبو طاهر السِّلفي قال: أخبرني أبو بكر أحمد بن علي الطريثيثي قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو سعد الماليني قال: سمعت أبا حفص عمر بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو عبيد علي بن الحسين القاضي: توفي سري المغلس يوم الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة ثلاث وخمسين ومائتين بعد أذان الفجر، ودفن بعد العصر.
أخبرنا زيد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا أبو منصور بن 244 - و زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الأزهري قال: قال لنا أبو عمر محمد بن العباس بن حيويه: قال لنا أبو عبيد علي بن الحسن بن حرب القاضي: توفي أبو الحسن السري بن المغلس السقطي يوم الثلاثاء لست ليال خلون من شهر رمضان، سنة ثلاث وخمسين ومائتين، بعد أذان الفجر، ودفن بعد العصر.
قال: الخطيب: وكان دفنه في مقبرة الشونيزي، وقبره ظاهر معروف وإلى جنبه قبر الجنيد.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرداة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي قال: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: مات السري سنة سبع وخمسين ومائتين.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد في كتابه قال: أخبرنا أبو سعدٍ الحرضي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي - إجازة - قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرني أبو زرعة - إجازة - قال: سألت الخلَّدي قال: سألت الجنيد عن موت السري، فقال: مات سنة سبع وخمسين ومائتين.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: سمعت أبا الحسين بن النرسي صديقنا قال: سمعت أبا عبيد بن حربويه يقول: حضرت جنازة سري السقطي، فسررت فحدثنا رجل عن آخر أنه حضر جنازة سري فلما كان في بعض الليالي رآه في النوم فقال: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي ولمن حضر جنازتي 244 - ظ وصلي عليّ. قلت فإني ممن حضر جنازتك وصلى عليك، قال: فأخرج درجاً فنظر فيه، فلم ير لي فيه اسماً، فقال: فقلت: بلى قد حضرت، قال: فنظر فإذا اسمي في الحاشية.
ذكر من اسمه سعادة
سعادة بن عبد الله بن أحمد بن علي:
أبو اليمن الحمصي الضرير، وكان يسمى أيضاً سعيد، شاعر مجيد الشعر، سهل الألفاظ عذبها، قرأ الأدب بحمص على القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حَصين المعري، قاضي حمص، وسمع منه، وورد حلب في أوائل دولة الملك الظاهر غازي بن يوسف.
كتب عنه أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان المعري الكاتب، وروى عنه ولده سالم بن سعادة الشاعر، شيئاً من شعره، وأخبرني سالم بما يدل على أن مولد أبي سعادة، في سنة تسع وعشرين وخمسمائة أو نحوها، وذكر لي أنه سمع بحمص من القاضي أبي البيان المعري، واشتغل عليه بالأدب قال: وصنف له أبو البيان مقدمةً في النحو، وقدم حلب في أوائل دولة الملك الظاهر ومدحه بها.
أنشدني المهذب سالم بن سعادة بن عبد الله الحمصي بحلب قال: أنشدني أبي أبو اليمن سعادة بن عبد الله الحمصي لنفسه، في الملك الناصر صلاح الدين:
حيَّتك أعطاف القدود ببابها ... أما انثنت تيهاً على كُشانها
وبما وقى العنّاب من تفاحها ... وبما حماه اللاذ من رمانها
245 - و

من كل رانية بمقلة جؤذر ... يبدو لنا هاروت من أجفانها
وافتك حاملة الهلال بصعدة ... جعلت لواحظها مكان سنانها
حورية تسقيك جنة ثغرها ... من كوثر أجرته فوق جمانها
نزلت بواديها منازل جلقٍ ... فاستوطنت في الفيح من أوطانها
فالقصر فالشرفين فالمرج الذي ... تحدو محاسنه على استحسانها
فجنات برزتها فيا طوبى لمن ... أمسى وأصبح ساكناً بجنانها
بحدائق نظمت حُلا أثمارها ... نظم الحلي على طلى أغصانها
فكأنهن عرائس مجليَّة ... وكأنها الأقراط في آذانها
ومرابع تهدي إلى سكانها ... طيباً إذا نفحت على سكانها
أرجاً لدى الغدوات تحسب أنه ... مسك إذا وافاك من أردانها
فالنور تيجان على هاماتها ... والنور أثواب على أبدانها
والورق قينات على أوراقها ... تفتن بالألحان في أفنانها
أحنوا إلى الهضبات من أنشازها ... لا بل إلى الوهدات من غيطانها
وأحن من شوق إلى ميطورها ... وأهيم من توق إلى لوّانها
وأبيت من ولهٍ وفرط صبابة ... أبكي على ما فات من أزمانها
أيام كنت بها وكانت عيشتي ... كالروضة الميثاء في أبّانها
والربوة الشماء جنتي التي ... رضوان منسوب إلى رضوانها
245 - ظ
دار هي الفردوس إلاّ أنها ... أشهى من الفردوس عند غيابها
لنهود بركتها قدود رقصها ... أبداً على المزموم من ألحانها
ومعاطف عطف النسيم قسيها ... فهوت بنادقها على ثعبانها
دحيت كراة مياهها بصوالج ... جالت فوارسهن في ميدانها
واعتد شاذروانها بعساكر ... لمعت حواشيها على فرسانها
وتقلدت أجيادها بقلائدٍ ... نثرت نظائمهن فوق جرانها
وتضاحكت أفواهها بمباسم ... تروى مراشفها صدى ظمآنها
بمروقٍ صافٍ كأنّ زلاله ... متدفق من راحتي سلطانها
قرأت بخط أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان الكاتب، مما أنشده إياه سعادة الضرير بدمشق، للقاضي أبي البيان المعري، وكتبها إلى سعادة، وأخبرنا بها أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيره، عن القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق المعري، أنه كتب من شعره إلى سعادة الضرير يمدحه:
هم يحسدون سعيداً في قصائده ... وليس يعزى إلى عيٍ وتقصير
هو المفوّه والمنطيق واللسن ... الفصيح في كل منظوم ومنثور
والمدره الحسن الألفاظ ضمنها ... المعنى اللطيف صفا من كل تكدر
وليس أعمى الذي أضحت بصائره ... تبدي له كل مخفي ومستور
سألت سالم بن سعادة عن وفاة أبي فقال: في سنة إحدى وتسعين 246 - و وخمسمائة، وبعد وفاة الملك الناصر بسنتين، وكان له من العمر اثنان وستون سنة.
سعادة بن عبد الله الخادم:
اللحياني المعروف بالقلانسي وبلقب يمن الدولة، وكان ذا لحية بيضاء ولهذا عرف باللحياني، وكأنه خصي بعد نبات لحيته، وكان فاضلاً عالماً ديناً، ولي قلعة حلب في أيام الظاهر بن الحاكم، بعد أن قتل عزيز الدولة فاتك، في سنة ثلاث عشرة وأربعمائة.
قرأت في تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري قال: وفيها يعني سنة ثلاث عشرة وأربعمائة وردت عساكر مصر، وزعيمهم سديد الدولة علي بن أحمد الضيف، فتسلم حلب من وفي الدولة بدر وولي صفي الدولة أبو عبد الله محمد بن علي بن جعفر بن فلاح، حلب ووليت القلعة خادماً له بلحية بيضاء، لقبه يُمن الدولة، وكان من أفاضل المسلمين فيه الدين والعلم.
ذكر من اسمه سعد الله
سعد الله بن أسلم
أبو منصور الرحبي، أظنه من أهل الأدب، وكان بحلب، كتب عنه بعض أهلها بيتين من الشعر، فلا أدري هماله أو لغيره.

ظفرت بمجموع لبعض الحلبيين، وأظنه - والله أعلم - بخط أبي غانم بن الأغر فقرأت فيه: أنشدني أبو منصور سعد الله بن أسلم الرحبي بحلب، في رجب سنة اثنتين 246 - ظ وسبعين يعني - وأربعمائة:
يا ذا الذي بعذابي ظل مفتخراً ... هل كنت إلاّ مليكاً جار إذ قدرا
لولا الهوى لتجارينا على قدر ... وإن أفق منه يوماً ما فسوف ترا
سعد الله بن صاعد
ابن المرجّا بن الحسين بن الخلاّل، أبو المرجّا، الكاتب الرحبي، من أهل رحبة مالك بن طوق، وكان كاتباً حسناً، من البيوت المشهورة بالرحبة، وتوجه منها إلى دمشق، وولي بها الوزارة للشيخ ناصر الدولة أبي محمد الحسن بن الحسين بن الحسن بن عبد الله بن حمدان، وقدم حلب معه حين قدمها ناصر الدولة وعاد معه إلى دمشق، فلما قبض المستنصر المستولي على مصر، على ناصر الدولة بن حمدان، توجّه أبو المرجا إلى بغداد، وأقام بها.
وكان قد سمع بالرحبة أبا عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ، وبدمشق أبا الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن محمد، وأبا المعمر المسدد بن علي الملوكي، وأبا الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحنّائي وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطُّبَيْز الحلبي.
روى عنه أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي، وأبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي، وابن ابن أخته أبو القاسم هبة الله بن المسلم بن نصر بن الخلال الرحبي، وسعد الخير بن محمد.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل - في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن المسلّم بن نصر الخلاّل 247 - و الرحبي بها، قال: أخبرنا خال أبي الشيخ أبو المرجا سعد الله بن صاعد بن المرجا بن الحسين الرحبي، قراءة عليه في ذي الحجة سنة سبع وثمانين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف قال: حدثنا الحسن بن منير قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم قال: حدثنا هشام بن عمّار قال: حدثنا شعيب - يعني - بن إسحاق قال: حدثنا سعيد عن قتادة عن أنس بن مالك أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يضحي بكبشين أملحين أقرنين، يذبحهما بيده ويطأ على صفاحهما ويسمّي ويكبر.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد لبن محمد القاضي عن أبي القاسم بن السمر قندي قال: أنشدنا أبو المرجا سعد الله بن صاعد بن المرجا الرحبي، ويعرف بعميد الرؤساء، ببغداد قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري الحافظ قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي قال: أنشدنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أنشدني أبو علي الحسن بن مالك التغلبي:
فلو أنني أخلصت لله نيتي ... لأسعفني في كل أمرٍ أريده
على أنني أصبحت بالله مؤمناً ... وقد صح عندي وعده ووعيده
ولست بكفار أثيم بربه ... ولكن مقراً زال عنه جحوده
فإن ينتقم مني فأهل انتقامه ... وأن يعفو عني عفوه ولا يؤدده
247 - ظ أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: قرأت بخط أبي عامر العبدري قال: سعد الله بن صاعد الرحبي، حدثنا عن ابن أبي عوف الصوري، وأبي الحسن الحنائي، وأبي معمر المسدد، وفي سماعه منهم عندي نظر، وفي القلب منه شيء، وما أراه يكذب إن شاء الله.
أخبرنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: سعد بن صاعد بن المرجا بن الحسين أبو المرجا بن الخلال الرحبي، سمع بدمشق سنة ستٍّ وعشرين وأربعمائة، أبا الحسن محمد بن عوف وأبا القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطبيز، وأبا المعمر المسدد بن علي الملوكي وأبا الحسن علي بن محمد بن إبراهيم الحنائي وبالرحبة أبا عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ، وكانت له بدمشق دار في قصر النفيس، وهي المدرسة التي وقفها نور الدين رحمه الله، داخل باب الفرج على أصحاب الشافعي، وكان له حمام القصر أيضاً، ودار أخرى خلف حمام العقيقي، حدثنا عنه ابن أخته أبو القاسم هبة الله بن المسلم بن نصر الخلال.

أجاز لنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار، الرواية عنه، وقال في تاريخه المجدد لمدينة السلام: سعد الله بن صاعد بن المرجا بن الحسين الخلال الرحبي أبو المرجا، الكاتب من أهل رحبة الشام، سمع بها أبا عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري، في سنة ثمان عشرة وأربعمائة، وسمع بدمشق في سنة ست وعشرين 248 - و وأربعمائة من أبي الحسن محمد بن عوف بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن بن أبي عوف، وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبد العزيز بن الطبيز وأبي المعمر المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي، وأبي الحسن علي بن محمد بن محمد بن إبراهيم الحنائي، وكان كاتباً بليغاً سديداً نبيلاً بقية بيته.
ولي الوزارة لناصر الدولة أبي محمد الحسن بن حمدان فلما تم عليه من صاحب مصر ما تم، وهرب بأسبابه، ورد ابن صاعد هذا لبغداد واستوطنها إلى حين وفاته، وكان ينزل بباب المراتب وحدّث، فروى عنه من أهل بغداد أبو البركات هبة الله بن المبارك السقطي، وأبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمر قندي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي الحسن سعد الخير بن محمد الأنصاري الأندلسي قال: أخبرني سعد الله بن صاعد أن مولده سنة خمس وأربعمائة.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: قرأت بخط أبي عامر العبدري قال: توفي سعد الله بن صاعد ودفن يوم الاثنين الخامس والعشرين من شهر ربيع الآخر من سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة بباب المراتب.
سعد الله بن عبد الله بن فائق:
أبو القاسم الحلبي الأستاذ، كان معلماً بحلب وكان شاعراً، مدح نصر بن صالح في سنة ثمان وستين وأربعمائة، ذكر ذلك أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي ولم أظفر 248 - ظ بشيء من شعره.
سعد الله بن غنائم بن علي بن قانت:
أبو سعد الحموي المقرئ النحوي الضرير، رجل فاضل عارف بالقرآن والنحو قدم حلب وصحب بها الشيخ أبا الأصبغ عبد العزيز بن الطحان، وقرأ عليه القرآن ومهر في علم العربية، وصنف فيه كتابين أحدهما التبصرة والآخر... وقرأتهما عليه بحماة وكان قد تصدر بحماة لإقراء القرآن العظيم وعلم النحو، قال لي: ونزلت بحلب في مدرسة ابن أبي عصرون النورية.
أنشدنا أبو سعد سعد الله بن غنائم النحوي الحموي بها لبعض الشعراء هذه الأبيات وهي تجمع العلل التسع المانعة من الصرف:
شيئان من تسعة في اسم إذا اجتمعا ... لم يصرفاه وبعض القول تهذيب
جمع ووصف وتأنيث ومعرفة ... وعُجمة ثم عدل ثم تركيب
والنون زائدة من قبلها ألف ... ووزن فعل وهذا القول تقريب
ووقع إليّ من شعر الشيخ أبي سعد النحوي هذه الأبيات، ولي منه إجازة:
إذا رزق الله الفتى ما يقوته ... وسلّمه من فتنة وضلال
وعافاه عن سقم وأصبح شاكياً ... لرقة حال أو لقلة مال
فقل نعمه إن أنت أحكمت فيدها ... بشكر وإلاّ آذنت بزوال
أخبرنا شيخنا أبو القاسم عبد الله بن رواحة أن الشيخ أبا سعد النحوي 249 - و توفي ببعلبك ولم يذكر لي تاريخ وفاته، ثم أخبرني غيره أنه توفي في بعلبك في سنة أربع عشرة وستمائة تقديراً.
سعد الله - وقيل سعد أيضاً - بن محمد:
ابن باقي بن عدي بن عمر، أبو القاسم بن أبي عبد الله العمري الحلبي من بيوت حلب التناء المعروفين بذلك، وكان يروي الحديث وله معرفة بالتاريخ، روى عنه الأستاذ أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي.
قرأت بخط أبي عبد الله العظيمي، في حوادث سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، فيها مولد العمري الحلبي أبو القاسم سعد بن أبي عبد الله محمد بن باقي بن عدي بن عمر لحقته في سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، وهو يومئذ عمره نيفاً وتسعين سنة، ويروى جزءاً من الحديث عارف بالتواريخ قال: وعاش والده محمداً أربعين سنة قال: وعاش جده باقي مائة وعشرة، وجده عدي مائة وعشرة، وأخذ أملاكهم منهم.

وقرأت بخط العظيمي قال لي العمري سعد الله قال: مات جدي باقي، في دولة سابق بن محمود وعمره يومئذ مائة وعشرة سنين وله قد مات إلى يومنا هذا وهو سنة أربع وثلاثين وخمسمائة، نيف وستين سنة، قال: كان عمري يومئذ نيف وثلاثين سنة قال: وكنت متزوجاً ورزقت عدة أولاد وقال: حدثني هذا جدي أن والده عدي عاش أيضاً مائة وعشر سنين وكذلك عاش والده عمر العمري 249 - ظ مائة وعشرة وهو الذي قتله سيف الدولة بن حمدان وأخذ أملاكه، يعني الذي قتله سيف الدولة جده عدي، وكان لباقي سنتان وهو يرضع، وقال العظيمي: ونقلته من خطه الأملاك التي أخذها من العمري: الكدينة والبوبيبه واصعى والزَّغنة، وهذه الأملاك ترى بحلب ونقلته هكذا من خط العظيمي على لفظه العامي ولحن فيه.
سعد الله - وقيل سعد - بن هبة الله بن نصر:
أبو الرجاء بن السرطان التغلبي الوزير الرحبي، من بني تغلب بن وائل، والسرطان الذي ينسب إليه هو جشم بن نائل بن زياد التغلبي، ويعرف بالسرطان وهو جدّ بيته، وكان مع على عليه السلام بصفين، وقتل معه ودفن معه ودفن بالرقة.
وسعد الله هذا من بيت مشهور برحبة الشام، وأخوه أبو المجد كان من رؤساء هذا البيت، وتولى سعد وزارة حلب لأبي العز لؤلؤ الملكي لما استولى على حلب، وعزل ابن الموصول عن الوزارة.
قرأت بخط الرئيس حمدان بن عبد الرحيم الأثاربي، في أوراق وقعت إليّ من تاريخه قال: وفي آخر صفر، يعني من سنة سبع عشرة وخمسمائة، سلم بدر الدولة تدبير الوزارة بحلب إلى الوزير شرف الدين أبي الرجاء سعد الله بن هبة الله بن نصر المعروف بابن السرطان، من أهل الرحبة، وهو من بني تغلب بن وائل من ولد نائل.
قلت: وهذا بدر الدولة هو سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، كان عمه إيلغازى قد جعله نائبه في حلب فلما مات عمه استمر في مملكة حلب 250 - و في سنة ست عشرة إلى أن انتزعها منه ابن عمه بلك بن بهرام بن أرتق في سنة سبع عشرة، وهي السنة التي ولى فيها الوزارة أبا الرجاء بن السرطان وهذه الولاية، ولاية ثانية غير الأولى التي من لؤلؤ الملكي.
قرأت بخط عبد المنعم بن الحسن بن اللعيبه: حدثني الشيخ أبو الحسن علي بن إبراهيم الناتلي ببغداد، قال: كان شرف الدولة أبو المكارم مسلم بن قريش نضر الله وجهه وروى رمسه، أخذ رهائن أهل الرحبة وحملهم إلى الموصل وفي جملتهم أبو المجد بن سرطان، وتخلف بها أخوه أبو الرجاء سعد، فأنشدني أبو محمد بن ظافر بن البناء الرحبي لنفسه:
ما نلت مذ غاب أبو المجد ... سعدا سوى التقبيل من سعد
وخلت أني مشتفٍ باللما ... فزادني وجداً على وجد
من منصفي منه وأخواله ... قواعد للحلّ والعقد
وجده القاضي فمن ذا الذي ... يعدى إذا ما جئت استعدي
أبو الرجا أرجوه على جوره ... والجور شأن الغِلْمَة المُرْد
سعد الله بن أبي الفتح بن معالي بن الحسين:
أبو الفتح الطائي المنبجي، من أهل منبج وسكن حلب وصحب بها الشيخ أبا الحسن علي بن يوسف بن السكاك الفاسي مدة وانتفع بصحبته، ثم سافر من حلب إلى خراسان واشتغل بشيء من علوم الأوائل، وخالط بها من أفسد حاله، ثم وصل إلينا إلى حلب وقد عاد إلى 250 - ظ الطريقة المثلى من الصلاح والخير، فأقام عندنا بحلب مدة، ثم توجه إلى دمشق، فنفق على الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وخالطه وعمل فيه أشعاراً كثيرة، وعمل كتاباً يتضمن فصولاً من كلامه في الحقيقة والحكمة، كتبته له بخطي وقرأته عليه، وأهداه إلى الملك الأشرف، وعاد بعد توجهه إلى دمشق، إلى حلب سنة سبع وعشرين وستمائة ثم عاد إلى دمشق وانقطع في المسجد الجامع، يعبد الله في المنارة الشرقية، إلى أن احترقت، فانتقل إلى مقصورة الحنفية التي في شمالي الجامع وشرقيه، فأقام فيها يعبد الله تعالى إلى أن مات.

اجتمعت به بحلب وبدمشق، وأنشدني من شعره كثيراً، وسمعت منه فصولاً من كلامه، وكان يسمع بهراة أبا روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي، وحدث عنه بدمشق بأجزاء من مسند أبي يعلى، وكان فاضلاً عالماً حسن الأخلاق قال لي: لما سافرت إلى العجم خرجت عن الدين بالكلية، وكنت قد اشتغلت بشيء من علوم الأوائل، ثم منّ الله عليّ بعد ذلك، ببركة صحبتي الشيخ أبا الحسن الفاسي رحمه الله فعدت إلى الإسلام ولله الحمد.
وكان قد روى أبياتاً ببغداد، عن الشيخ أبي الحسن، كتبها عنه رفيقنا أبو عبد الله بن النجار، ذكرناها في ترجمة علي فيما يأتي إن شاء الله تعالى، أنشدنا الشيخ سعد الله بن أبي الفتح بن معالي المنبجي لنفسه في الزهد:
ذكَّر النفس بالمعاد وخذها ... في طريق سهلٍ قريب تذكر
لا تريها شيئاً سوى الله فيها ... إنها إن رأت سوى الله تخسر
وإذا ما رأت كبيراً سواه ... يُطيبها فقل لها الله أكبر
251 - و
لا يغرنك كثرة الضعف منها ... في ثلاثٍ سبعون في الضعف أكثر
إنما الشيخ والصبي إناء فيه ... ماء صافٍ وماء مكدر
غيّر الشيخ صورة الحق فيه ... وهي عند الصبي لن تتغير
هوّن الأمر وابسط الكف بسطاً ... وسطاً صالحاً وخذ ما تيسر
واشكر الله في القليل تكن في ... عقب الأمر بالكثير مظفَّر
251 - ظ وذكر الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار في تاريخه المجدد لمدينة السلام، الذي ذيل به تاريخ أبي بكر الخطيب، وأجاز لي روايته عنه، قال: سعد الله بن أبي الفتح بن معالي بن الحسين الفقير، من أهل منبج، قدم علينا بغداد حاجاً في صفر سنة خمس وستمائة، ورأيته عند شيخ الشيوخ عبد الواحد بن سكينة، وهو شاب له أكثر من ثلاثين سنة، على هيئة الفقراء، وقد التجريد، وله كلام حسن، وفيه ظرف ولطف وحسن أخلاق، وقد خدم 252 - و المشايخ والصالحين، وتخلق بأخلاقهم، فاستنشدته شيئاً، فأنشدني مقطعات علقتها عنه وعاد وخالط الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، قال: أنشدني سعد الله بن أبي الفتح المنبجي ببغداد، في رباط أبي سعد الصوفي قال: أنشدني أبو الحسن بن السكّاك الفاسي، فذكر إنشاداً عن شيخه ابن العريف المغربي.
توفي سعد الله المنبجي في يوم الثلاثاء، السابع والعشرين من ذي الحجة من سنة إحدى وخمسين وستمائة بدمشق، ودفن بمقابر الصوفية على الشرف القبلي وكان قد قارب الثمانين.
ذكر من اسمه سعد
سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف:
ابن عبد عوف بن الحارث بن زهرة بن زهرة بن كلاب، أبو إسحاق، وقيل أبو إبراهيم القرشي الزهري المدني، قاضي المدينة، قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك، مع جماعةٍ سيّرهم إليه يوسف بن عمر بسبب مال ادعاه عليهم يزيد بن خالد بن عبد الله القسري، لما نكب هشام خالداً، وذكر أن لخالد القسري عندهم ودائع، وكان بالرصافة في سنة إحدى وعشرين ومائة.
وقد قيل أن الذي سيَّره يوسف بن عمر، إبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن وقد تقدم ذكره.
حدّث سعد عن أبيه إبراهيم وعن أنس بن مالك وعبد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر، وأبي أمامة بن سهل بن حُنَيْف وعمّه حميد بن عبد الرحمن بن عوف، وعروة بن الزبير، وإبراهيم بن عبد الله 252 - ظ بن قارظ وحفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، والحكم بن مينا، ومحمد بن حاطب بن أبي بلتعه، ونافع مولى عبد الله بن عمر، وعبيد الله بن عبد الله بن عتبة، وأبي عبيد بن عبد الله بن مسعود، وسعيد بن المسيب، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، والقاسم بن محمد بن أبي بكر الصديق.
روى عنه ابنه إبراهيم بن سعد، وسفيان بن سعيد الثوري، وسفيان بن عُيينة، وشعبة بن الحجاج، ومسعر بن كدام، وأيوب السختياني ومنصور بن المعتمر، وعبد الله بن جعفر المخرمي، ويحيى بن سعيد الأنصاري وقيس بن عبد الرحمن بن أبي صعصعة، وموسى بن عقبة الأسدي، وأخوه صالح بن إبراهيم، ومحمد بن عجلان، ومالك بن أنس وإبراهيم بن الجنيد.
وولي شرطة المدينة وقضاءها، وأمه أم كلثوم بنت سعد بن أبي وقاص.
ويعرف بسعد الأكبر.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو الحسن طلحة بن عبد السلام سبط أبي القاسم المهرواني قال: أخبرنا القاضي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد الفراء قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن معروف بن محمد البزاز قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد قال: حدثنا محمد بن الوليد قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي عن أبيه عن عبد الله بن جعفر قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يأكل القثاء بالرطب. 253 - و أنبأنا أبو علي حسن بن يوسف قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة خمس وخمسين وفيها ولد سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف. 254 - و " بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي
سعد بن إبراهيم الشيباني:
الأسعردي الكاتب، وتلقب بالمجد، شاعر مجيد قدم حلب وحماة وذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب في ذيل الخريدة، وروى عنه شيئاً من شعره.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب: المجد، الكاتب الأسعردي سعد بن إبراهيم الشيباني، كان يتردد إلى الشام مع أمراء ديار بكر عند وصولهم في نجدة الإسلام، ثم انقطع عنهم بدمشق إلى ظل الملك الناصر صلاح الدين، وأهدى إليه قصائد، وهدى بها مقاصد، وأمر باستخدامه في بعض مهامه، وهو إلى سادس شهر ربيع الآخر سنة سبع وثمانين وخمسمائة، عند تعليقي هذه اللمعة، وتشنيفي من إحسان بلاغته هذه السمعة، مقيم بالعسكر المنصور على عكا، وهو أحد خاطراً من أهل مدرته وأحكى، ومما أنشدنيه لنفسه في جامع دمشق:
لما رأى الجامع أمواله ... مأكولة ما بين نوابه
جن فمن خوف عليه غدا ... مسلسلاً في كل أبوابه
قال: وأنشدني في ذمّ حمّام:
رأيت لحمامكم ستّةً ... يظل لها كل طلق عبوسا
هواء تجمد منه الرؤوس ... وماء يذيب الكلى والنفوسا
259 - و
وسقف يدرّ كفيض الغمام ... وأرض تمانع عنها الجلوسا
وطين تغرغر منه الحلوق ... وعشوا يمنح روحاً خسيساً
وقد كان في العرف سمط الج ... داء فلم صرتم تسمطون التيوسا
قال: وأنشدني لنفسه في البراغيث:
لو تراني والبراغيث بجنبي يعبثونا ... خلت أني نائم في بيدر البزر قطونا
وقال: وكتب إلي بخطه من جملة قصيدة كتبها إلى بعض أصدقائه الحكماء بديار بكر وهو بحماه:
شائم برقكم بأرض الشآم ... ذو هيام بكم ودمع هام
ذاكر في حماة إلفاً حماه ... بُعْدُه أن يذوق طعم المنام
كلما عنّ ذكركم وجرى ... العاصي حكاه بأدمعٍ في السجام
ومنها:
ساعدونا ولو بطيف خيالٍ ... إن سمحتم لمقلةٍ بمنام
فعسانا نشكو إلى الطيف في ... إلا لمام منا لواعج الآلام
لا وحق الوصال بعد صدود ... وعتاب في حبكم وملام
وليالٍ ولّت وولّت على ... الأجسام حكم الغرام والأسقام
لا رنا ناظري ولا مال سمعي ... لسواكم ولا إلى اللوّام
25 - ظ
حبّذا أنتم إذ العيش صافٍ ... والجفاغير نافذ الأحكام
سعد بن الحارث بن الصمة:
ابن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول، وهو عامر بن مالك بن النجار الأنصاري النجاري، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد يوم حنين والمشاهد كلها بعدها، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه فقتل بها، وكان أبوه الحارث بن الصمّة من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وأمه أم الحكم، وهي أخت خولة بنت عقبة بن رافع الأوسي.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: حدثنا أبو الحسن بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وكان للحارث بن الصمّة من الولد: سعد، قتل يوم صفين مع علي بن أبي طالب رحمة الله عليه، وأمه أم الحكم، وهي أخت خولة بنت عقبة بن رافع بن امرئ القيس بن زيد بن عبد الأشهل بن جشم من الأوس.
وقال محمد بن سعد: وقد صحب سعد بن الحارث أيضاً النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد مع علي بن طالب صفين وقتل يومئذ.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي الحافظ في كتابه عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم 260 - و قال: أخبرنا سعيد بن عثمان بن السكن قال في ذكر أبي جُهيم بن الحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن مبذول الأنصاري له صحبة ورواية، وأخوه سعد بن الحارث شهد صفين مع علي وقتل يومئذ والله أعلم.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - في كتابه إلينا من مكة - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: سعد بن الحارث بن الصمة قد ذكرنا نسبه في باب أبيه، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد مع علي صفين وقتل يومئذ وهو أخو أبي جُهَيْم بن الحارث بن الصمة.
وقال أبو عمر في نسب أبيه: الحارث بن الصمة بن عمرو بن عتيك بن عمرو بن عامر، وعامر هذا يقال له مبذول بن مالك بن النجار.
سعد بن حماد:
أبو العلاء المعري، شاعر كان بمعرة النعمان، وقفت له في مراثي بني المهذب على أبياتٍ يرثي بها أخت الشيخ أبي صالح محمد بن المهذب وهي:
عجبت وما يأتي به الدهر أعجب ... لصرف زمانٍ بالورى يتقلب
شباب وشيب واكتهال وصبوة ... وكل لعمري لا محالة يذهب
260 - ظ
وإن المنايا غاية الناس كلهم ... وليس لمن خلف المنيّة مهرب
وإن التي في الترب غُيب شخصها ... لها في نصاب المجد فرع ومنصب
توت حين تُرجى أن تعيش بغبطةٍ ... وفاتت فلم يدرك لها الدهر مطلب
فإن بعدت عن قرب عهدٍ فإنها ... إلى الله بالتقوى وبالخير تقرب
سقى الغاديات الغر ماءً لقبرها ... وصلى عليها الله ما لاح كوكب
ووقت بها الأيام من طارق الردى ... أباها ومن يُدعى إليه ويُنسب
فليس يحل الدهر يوماً بأهله ... إذا سيَّد أودى وعاش المهذب
سعد بن زيد بن وديعة:
ابن عمرو بن قيس بن جزي بن عدي بن مالك بن سالم الحُبْلى بن غَنْم بن عوف بن الخزرج الأنصاري من بني الحبلى، قيل إن له صحبة، وأنه شهد خيبر مع النبي صلى الله عليه وسلم والمشاهد بعدها. وكان مع على رضي الله عنه بصفين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: حدثنا أبو الحسن بن معروف الخشاب قال: حدثنا محمد بن سعد في تسمية الأنصار الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم: زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس بن جزي بن عدي بن مالك بن سالم الحبلى وكان سعد بن زيد بن وديعة قد قدم العراق في خلافة عمر بن الخطاب ونزل بعقر قوف 261 - و هذه، فصار ولده بها يقال لهم: بنو عبد الواحد بن بشير بن محمد بن موسى بن سعد بن زيد بن وديعة وليس بالمدينة منهم أحد.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: سعد بن زيد بن وديعة بن عمرو بن قيس الأنصاري الخزرجي، أحد بني الحبلى، قدم العراق في خلافة عمر بن الخطاب ونزل عقر قوف، وهي قرية من بغداد على نحو فرسخين.
سعد بن طارق بن شُنقار:

أبو غانم الأسدي الحلبي، من أعيان حلب الممدّحين وأُولي الهيئات والفضل والجود والكرم، وهو جدّ والدتي لأمها، ومدحه أبو عبد الله محمد بن نصر القيسراوني بعدة قصائد، فأطلق له فدانين أو ثلاثة على مقربة من حلب، بقرية يقال لها التياره، وهي أول ملكٍ اقتناه أبو عبد الله بحلب، وتكملت هذه القرية لابنه خالد بن محمد، وكان أبو غانم هذا مموّلاً من التُّنّاء بحلب، وتوفي بها ولم يُخلِّف ولداً ذكراً، فانقرض نسله إلاّ من نسل الإناث.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني من شعره، يمدح أبا غانم سعد بن طارق بن شُقارة، وأخبرنا بها - إجازة - أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن القيسراني من قصيدة أولها:
لكم من فؤادي ما أباحكم الوجد ... فهلاّ حماني من وعيدكم وعد
أأحبابنا سرتم على القرب سيرةً ... من الغش جلّى عن ضمائرها البُعْد
261 - ظ قال فيها:
ولي عند أعضاد المهاري لبانه ... إذا ما اقتضاها الوجد قام بها الوخد
فما أتشكّى البعد إلاّ تعرضت ... لي الحرّة الوخباء والفرس النهد
وعزمُ يُسامي النيران كأنما ... سما بجناحيه أبو غانمٍ سعد
جواد تمادى دون لاحقه المُدى ... وعِدّتنا هي دون إحسانه العدّ
كأن اللُّهى في راحتيه ودائع ... لكل فقير والعطاء لها ردّ
مواهب شتى بين جودٍ ورحمةٍ ... إذا ما ادعاها الأجر نازعه الحمد
تمّلك أعناق المكارم واجتنى ... ثنائي منه المال والجاه والودّ
يد ضمنت وردي وأخرى تدلّ بي ... فسائقة تبدو وسائقة تحدو
وأين ثنائي منه وهو نسيئة ... يسامحني فيه وإحسانه نقد
تمهل منه في مساعي خزيمةٍ ... عريق العلى يُنميه من أسدٍ أُسد
بنى الهضبة العليا إذا النار أُخمدت ... ورى لهم في كل شاهقة زند
إذا طارف منهم تقبل تالداً ... سما الجدّ من آلائهم ونمى الجَدّ
أبا غانم إن السماحة منهل ... بكفّيك منها كل شارقةٍ ورد
تفرغت شغلاً بالمعالي وإنما ... تروح لتشييد المكارم أو تغدو
إذا ما علت يمناك كفاً حسبتها ... من البر أمّاً تحت كلكها مهد
وكنت إذا راهنت قوماً وإلى العلى ... تخوَّنهم بعد المدى فأتوا بعد
262 - و
وحالفت ما بين المناقب في العلى ... فجاءت وكل اثنين بينهما عقد
ففي قربك الزلفى وفي وعدك الغنى ... وفي بشرك الحسنى وفي رأيك الرشد
ومثلك من ساق الثناء سماحة ... وتيّمه بالنائل الوَجد لا الوُجد
وفكّ يدي أمواله من ختومها ... فكاك الأسارى قد أضربها القدّ
فدم للمعالي كلما ذرّ شارق ... جرى بالذي تهواه طائرك السعد
وقرأت بخط أبي عبد الله القيسراني، يمدح الشيخ أبا غانم بن طارق بن شُقارة من قصيدة، وأنبأنا بها المؤيد بن محمد بن علي الطوسي وغيره عنه قال فيها:
كأن عينيّ في فضل انسكابهما ... يدا أبي غانم جادت بأفضال
وتلك مزنة جودٍ كلما ابتسمت ... تبجست بملِّث الفضل هطال
غمزَ يصُدُّك عن تكذيب مادحه ... ما عند كفيه من تصديق آمال
يُثري فلا يستقر المال في يده ... كأنه عذل في سمع مختال
متيّم ببنات الحمد وهي به ... مفتونة فهو لا شاكٍ ولا سالِ
تداركت حاله ودّاً ومَحْميه ... ما غيّرت غير الأنام من حالي
ألهى توالي دهري عن أوائله ... حتى تسليت بالباقي عن الخالي
غارت حميّة مني على حكم ... في الشعر يجري عليها حكم جهّال
ريعوا لها وهي أعمار مخلدة ... كأنني زرتهم منها بآجال

فافتك بالجود ما في غُلّ باخلهم ... منها وحقق أقوالاً بأفعال
262 - ظ
وابتز ما لملوك العصر من فكري ... وللأماثل من مضمار أمثالي
أرخصت ودّي لمن يغلي مساومتي ... سماحة فأنا المسترخَص الغالي
يا من يزار فيلفى عنده كرم ... بلا حجاب ومجد بالعلى خال
تواضعاً في علوٍ زاده شرفاً ... ما أحسن الشرف الداني من العالي
أنت الجواد الذي ممن يماثله ... في غربةٍ من الآلاء في آل
ما قال رأي القوافي منك في رجلٍ ... يرى نداء اسمه ضرباً من الفال
من كان من عربٍ أو كان من عجمٍ ... فأنت يا سعد من سعدٍ وإقبال
ولأبي عبد الله القيسراني فيه من قصيدة قرأتها بخطه:
هبوا أنّ حاجبه حاجب ... بدا في شعار بني هاشم
فمن أين صار إلى ثغره ... بياض أبي غانم
مواهب تحسر عن شأوها ... مذاكى سنا البارق الساجم
تراقت سمواً إلى واجد ... وصابت حنواً على عادم
كفيض البحار يُمِد الغمام ... وينقع من غلة الحائم
إذا لاح في زمنٍ عابس ... أراك ثنايا الثنا الباسم
محامد من دون أعراضه ... قطعن الطريق على الشاتم
وقالوا السماحة طائية ... وكم في خُزيمة من حاتم
يَرُدُّ فِراه على الطارقين ... رأد الضحى في الدجى العاتم
263 - و
إذا أسلمتك الذرى فاستجر ... بني أسدٍ عصمة العاصم
أعزّ منالاً على أعجم ... وأصلب عوداً على عاجم
لهم من حديث العلى في ... القديم ما ليس للطارق القادم
تنوب المغارم أموالهم ... فتنشط عقلاً على الغارم
نجوم العلى غربت في العلى ... وأوصت إلى سعدها الناجم
سعد بن عبد الله الأزدي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها، وكان من رهط جُندب بن زهير وله ذكر في حديث صفين ولأخيه عجل، وقد ذكرناه في ترجمة مخنف بن سليم الغامدي فيما يأتي من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
سعد بن عبد الله الحلبي:
روى عن عبد الصمد بن مُغَفّل، روى عنه علي بن محمد بن جميل الرافقي.
أخبرنا أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الحلبي القاضي - قراءة مني عليه بحلب - قال: أنبأنا أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم الخطيب بحلب قال: أخبرنا أبو الأسوار عمر بن المنخل الدربندي بحلب قال: حدثنا محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني بأصبهان قال: أخبرنا أحمد بن عبد الغفار وتميم بن عبد الواحد وعمر بن أحمد بن عمر الأصبهانيون قالوا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب قال: حدثنا 263 - ظ إبراهيم بن عبد الله بن موسى البصري قال: حدثنا علي بن محمد بن جميل الرافقي قال: حدثنا سعد بن عبد الله الحلبي عن عبد الصمد بن مغفل عن وهب بن منبه قال: رأيت أسقف قيسارية في الطواف، فسألته عن إسلامه، فقال: ركبت سفينة أقصد بعض المدن في جماعةٍ من الناس فانكسرت السفينة وبقيت على خشبة، تضربني الأمواج ثلاثة أيام ولياليها، ثم قذف بي الموج إلى غيضةٍ، فيها أشجار يقال لها الريق، ونهر مطرد فشربت الماء وأكلت من ذلك الثمر فلما جن الليل، صعد من الماء شخص عظيم وحوله جماعة لم أر على صورتهم أحداً، فصاح بأعلى صوته: لا إله إلا الله الملك الجبار محمد رسول الله النبي المختار، وأبو بكر الصديق صاحب الغار، وعمر بن الخطاب مفتاح الأمصار، وعثمان بن عفان الحسن الجوار، وعلي بن أبي طالب قاصم الكفار، على باغضيهم لعنة الله ومأواهم جهنم وبئس الدار، ثم غاب.

فلما كان بعد مضي أكثر الليل، صعد ثانياً في أصحابه ونادى: لا إله إلا الله القريب المجيب محمد رسول الله النبي الحبيب، أبو بكر الصديق الشفيق الرفيق، عمر بن الخطاب ركن من حديد، عثمان بن عفان الحيي الحليم، علي بن أبي طالب الكريم المستقيم، ثم بصر بي أحدهم فقال: جنّي أم أنسي؟ قلت: أنسي قال: ما دينك؟ قلت النصرانية قال: أسلم تسلم أما علمت " إن الذين عند الله الإسلام " فقلت له: من هذا الشخص العظيم الذي نادى؟ فقال هو التيار ملك 64 - 2و البحار هذا دأبه على كل ليلةٍ في بحر من الأبحر.
قال: غداً يمر بك مركب فصح بهم أو سر إليهم يحملوك إلى بلد الإسلام، فلما كان من الغد مرّ مركب، فأشرت إليهم وكانوا نصارى، فحملوني وقصصت عليهم قصتي فأسلموا كما أسلمت، وضمنت الله أن لا أكتم هذا الحديث.
سعد بن علي بن قاسم بن علي:
أبو المعالي الحظيري الكتبي، وسماه بعضهم معالي، من أهل الحظيرة، من نواحي دجيل من سواد بغداد، توطن بغداد وقرأ الأدب على أبي السعادات هبة الله بن علي حمزة بن الشجري، وأبي منصور موهوب بن أحمد بن الجواليقي، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب، وأبي القاسم علي بن أفلح وروى عنه شيئاً من شعره، وأخذ عن غير هؤلاء، وصحب العبّادي الواعظ وكتب عنه شيئاً من محاسن كلامه في الوعظ، واختار منها ما استحسنه وسماه: النور البادي من كلام العبادي، وصحب شيخ الشيوخ أبا البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري، وحدث عنه بشيء يسير، وتفقه على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه.
ثم إنه خرج عن بغداد على قدم الزهد والانقطاع والسياحة، فقدم حلب والعواصم، واجتمع ببالس بأبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني، وسمع منه بها شيئاً من شعره، وله 264 - ظ ديوان شعر لطيف النظم صغير الحجم، ومصنفات حسنة المباني جيدة المعاني منها: زينة الدهر في محاسن شعراء العصر، سلك فيه مسلك الثعالبي في اليتيمة، وكتاب: لمح الملح في التجنيس من النثر والنظم على حروف المعجم، وكتاب: الإعجاز في معرفة الألغاز، ألفه باسم مجاهد الدين قايماز الموصلي، وكتاب: حاطب ليل، ضمنه فوائد ونوادر.
روى عنه الحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت، وأبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي الدمشقيان، وأبو المعالي بن صاعد الواعظ، وأبو بكر عبيد الله بن علي المارستاني وأبو البركات محمد بن علي الأنصاري قاضي سيوط وغيرهم.
أنشدنا إسماعيل بن سليمان بن أيداش، بدمشق قال: أنشدنا عبد الخالق بن أسد بن ثابت الفقيه قال: أنشدني معالي بن قاسم البزاز الحظيري في العشر الأول من ذي الحجة، سنة سبع وثلاثين وخمسمائة بحضرة مشهد الحسين رضي الله عنه بكربلاء قال: أنشدني أبو القاسم علي بن أفلح العبسي لنفسه:
ما تحيَّلت في رضاك وبالغت ... بفنٍّ إلاّ سخطت بفنِّ
لست تصغي إلى هداية نصحي ... أنت أهدى إلى صلاحك مني
ما أتاني منك الغرام بأمري ... وكذا لا يجيء السلو بإذني
هكذا ذكره عبد الخالق في معجم شيوخه معالي بن قاسم وقد اشتبه عليه 265 - و كنيته باسمه وكذا أسقط اسم أبيه ونسبه إلى جده، والصحيح ما ذكرناه في اسمه وكنيته ونسبه.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة بن محمد بن مميل الشيرازي وولده أبو المعالي أحمد - فيما أذنا لي في روايته عنهما، وقد سمعت منهما بدمشق - قالا: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي قال: أنشدني أبو المعالي سعد بن علي الحظيري في حانوته ببغداد لنفسه:
بدا الشيب في فودي فأقصر باطلي ... وأيقنت قطعاً بالمصير إلى قبري
أتطمع في تسويد صحفي يد الصبي ... وقد بيضت كف النهى حسبة العمر
قال السلمي: وأنشدني لنفسه في ليلةٍ ماطرة:
أقول والليل في امتدادٍ ... وأدمع الغيث في السفح
أظُنّ ليلي بغير شكٍّ ... قد بات يبكي على الصباح
أخبرني أبو الربيع سليمان بن بنيمان الإربلي قال: أنشدني أبو المعالي بن صاعد الواعظ قال: أنشدني أبو المعالي الحظيري لنفسه في الوزير ابن هبيرة، وقد منع جائزته رجلاً مدحه بأبيات رديئة باردة:
لم يحبس المولى الوزير نواله ... أبداً وليس الندى بالقاسط

نظمت في علياه شعراً بارداً ... والبرد يفيض كل كفٍّ باسط
كتب إلينا يوسف بن جبريل القيسي وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود النجار 265 - ظ عنه قراءة عليه من القاضي أبي البركات محمد بن علي الأنصاري قال: أنشدني أبو المعالي سعد بن علي بن قاسم الحظيري الكتبي لنفسه بدكانه بين الدربين من مدينة السلام وهي لا تنطبق الشفتان عند قراءتها:
ها آنذا عاري الجَلَد ... أسهراني الذي رقد
آه لعين نظرت ... إلى غزالٍ ذي غيد
أريتني يا ناظري ... صيد الغزال للأسد
إن الضنا لهجره ... يا عاذلي هدَّ الجسد
حشاشاي إذ نأى ... نار الغضا حين شرد
يا غادراً غادرني ... على لظى نارٍ تقد
ألا اصطنعت ناحلاً ... لا يشتكي إلى أحد
قال: وأنشدني لنفسه:
يقولون وافاك عيد السرور ... وأنت حزين كثير البكاء
فقلت وكيف أهنى به ... إذا كنت فيه قليل الثراء
سمعت القاضي أبا علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي يقول: سمعت أهل بغداد يقولون: إن أبا المعالي الحظيري تزهد ولبس الصوف وعبد الله تعالى في الشمس عشر سنين، وخرج عن بغداد، وقدم العواصم وساح في بلادها، ثم رجع إلى بغداد في الأيام المقتفوية، وصنف بها كتباً كثيرة منها: لمح الملح 266 - و وحاطب ليل، وزينة الدهر، ولما حج مجاهد الدين قايماز من الموصل، اجتمع به وأودع عنده ذهباً ليشتري له به كتباً.
قال لي أبو علي القيلوي: حكى لي الحاجب ابن الكرخي حاجب الخليفة قال: لما أودع مجاهد الدين ثمن الكتب عند أبي المعالي الكتبي، سرق الذهب ابن امرأته فجاء أبو المعالي يطلبه فلم يجد شيئاً فجلس مفكراً متحيراً في الدكان، فسألته عن ذلك فقال لي: ما بي شيء فقلت: بلى فقال: كان عندنا ذهب وضاع، فسألته عن مقداره فلم يذكر فقلت لغلامه: ايش مقدار الذهب؟ فقال: مائة وعشرين ديناراً لمجاهد الدين، وقد أخذه ابن امرأته، فقلنا له: الذهب أخذه ابن امرأتك فقال: أنا أغرمه ولا تتهمون أحداً فقلت: ما التفت إلى كلامه، ومضيت إلى حاجب الباب، فأحضر ابن امرأته وهدده بالعصر فاعترف بالذهب وأحضره وقد نقص خمسة عشر ديناراً فردها عليه.
قال لي القيلوي: وحكى لي العفيف ابن أخي الدوري الواعظ قال: لما قدم مجاهد الدين إلى الحج، ركب وأتى دكان أبي المعالي الحظيري، فوقف بين يدي الدكان وعلامه يلبسه مداسه، فسأل رجلاً عن الشيخ أبي المعالي، وأبو المعالي يكتب، فأشار إليه فجعل مجاهد الدين ينظر إليه ويتأمله وقال وهو ينزل عن فرسه: لأن تسمع بالمعيدي خير من أن تراه، وكان الشيخ قصيراً، طويل اللحية على آذانه شعر ونزل إليه وتحدث معه فعظم في عينه 266 - ظ ولما عاد من الحج سأله أن يذكر له شيئاً من الألغاز، فصنف له كتاب الألغاز لقايماز.
أجاز لي الرواية عنه رفيقنا وصديقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار، وقال: سعد بن علي بن القاسم بن علي الحظيري أبو المعالي الكتبي من أهل الحظيرة، ناحية بدجيل من سواد بغداد مجاورة لعكبرا، قدم بغداد واستوطنها وصحب أبا القاسم علي بن أفلح الشاعر، وجالس الشريف أبا السعادات هبة الله بن علي بن حمزة بن الشجري النحوي وأبا منصور موهوب بن أحمد بن الجواليقي وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب وغيرهم، وتفقه على مذهب أبي حنيفة، ثم إنه أحبّ الخلوة والانقطاع، فخرج سائحاً وطاف بلاد الشام، ومضى إلى مكة فحج وعاد إلى بغداد، فجلس في دكان بين الدربين، يبيع فيه كتب العلم للناس واشتهر بالديانة والثقة والأمانة، وصار دكانه مجمعاً لأهل العلم، ومناخاً لأهل الفضل، وكان أديباً فاضلاً بليغاً حسن النظم والنثر، وله مصنفات لطيفة منها " كتاب لمح الملح في التجنيس " وكتاب " الإعجاز في معرفة الألغاز " وكتاب " زينة الدهر في محاسن شعراء العصر " وله ديوان شعر وقد روى عنه جماعة شيئاً من شعره، وذكر أبو بكر عبد الله بن علي المارستاني أنه حدّث بيسير عن شيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد 267 - و النيسابوري، وأنه سمع منه ولم يرو لي عنه أحد شيئاً.

وقال ابن النجار: أنبأنا أبو البركات الحسيني عن أبي الفرج صدقة بن الحسين بن الحداد الفقيه قال: سنة ثمان وستين وخمسمائة في يوم الاثنين خامس عشري صفر مات أبو المعالي الكتبي الحظيري، ودفن بقبر أحمد، وكان يقول الشعر ويصنف.
سعد بن عقبة:
له ذكر، وكان بدابق مع سليمان بن عبد الملك، وقد ذكرنا في ترجمة أيوب بن سليمان بن عبد الملك، أنه دخل سليمان على أيوب وهو يجود بنفسه، ومعه عمر بن عبد العزيز وسعد بن عقبة ورجاء بن حيوة فخنقته العبرة، وذكر تمام الخبر.
سعد بن عمرو الأنصاري:
وهو أخو الحارث بن عمرو الذي قدمنا ذكره، قيل أن له صحبه وشهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - في كتابه إلينا من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري قال: سعد بن عمرو الأنصاري شهد هو وأخوه الحارث بن عمرو صفين مع علي بن أبي طالب، ذكرهما الكلبي وغيره فيمن شهد صفين من الصحابة. 267 - ظ.
سعد بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الأسد أباذي:
ثم الحلواني ثم الآمدي، أبو نصر الصوفي ولد بأسد أباذ، ونشأ بحلوان، وسكن آمد، صحب الشيخ أبا طالب يحيى بن علي الدسكري وخدمه وسمع منه الحديث، ثم رحل وطاف البلاد وسمع الحديث الكثير، وخرج من آمد إلى الشام ووصل إلى سواحلها، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
سمع بآمد: أبا منصور محمد بن أحمد بن القاسم الأصبهاني، وبميافارقين: أبا الطيب سلامة بن إسحاق بن محمود بن داوود الآمدي، وأبا مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد العزيز بن شاذان، وسلامة بن علي المقرئ.
وبعسقلان: أبا الحسن علي بن صالح بن أحمد الطلانسي وأبا سعد إسماعيل ابن علي بن الحسن بن المثنى الاستراباذي.
وبصور أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزّال.
وبالرملة: أبا الحسن محمد بن الحسين بن علي الترجمان الصوفي شيخ الصوفية.
وسمع بنيسابور: أبا نصر عبد الله بن محمد بن أحمد الطوسي، وأبا حفص عمر بن أحمد بن مسرور الماوردي، وأبا الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبا عثمان إسماعيل، وأبا يعلى إسحق ابني عبد الرحمن بن أحمد الصابوني، وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، وأبا سعيد محمد بن علي الخشاب، وأبا أحمد الحسين بن محمد بن الحسين بن هارون النيسابوري، وأبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري.
وبأسترأباذ: أبا عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن علي الصيرفي وأبا الفضل أحمد بن محمد، وأبا نصر عبد الواسع بن عبد الله الاستراباذي.
وبالري: أبا علي أحمد بن العباس بن إبراهيم العصَّاري، وبدهستان: قاضيها أبا سعيد بن محمد بن إسماعيل، وأبا أحمد عبد الحليم بن محمد بن عبد الحليم بن أحمد بن يوسف المعلم، وبقزوين: أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ، وبالدامغان: أبا عمر عبد الرحمن بن محمد التاجر، وبفارس: عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وأبا الفتح ناصر بن الخضر الصوفي، وأبا مسلم فارس بن المظفر بن غالب، وببسطام: ظفر بن نوح بن إسماعيل الجرجاني، وأبا زيد صالح بن محمد بن الحسين الخطيب، وبأصبهان: أبا عبد الله محمد بن علي المؤذن الأصبهاني، وأبا طاهر عبد الكريم بن عبد الواحد الحسن اباذي، وبخوي: أبا الفرج سعد بن أحمد بن علي بن ميمون الدينوري.
وبطبرستان: أبا جعفر محمد بن منصور القواريري، وبشيراز: أبا بكر أحمد ابن محمد بن سلمة الصوفي، وأبا الوفاء المسيب بن أبي الحسين الكرميني الصوفي، وبجرجان: أبا سعد محمد بن الحسين بن علي بن بهاره البكر أباذي.
وبتنيس: الحسن بن محمد بن الحسن المرو الروذي الصوفي.
وبجدة: محمد بن إبراهيم بن محمد بن محمد الكازروني.

سمع منه الحافظ عمر بن أبي الحسن الرواسي، وخرج له أربعين حديثاً عن كل شيخ حديثاً، وروى عنه ابنه أبو الفتح محمد بن سعد، وأبو الفتوح عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي، وأبو حفص عمر بن محمد بن الحسن بن محمد بن إبراهيم الفرغولي، وأبو منصور عبد الخالق بن زاهر بن طاهر الشحامي، وأبو صالح عبد الملك بن أبي سعيد القشيري، وأبو عبد الله محمد بن عبد الواحد الدقاق الحافظ.
أخبرنا أبو هشام عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا أو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، قال: حدثنا أبو منصور عبد الخالق بن زاهر الشاهد بنيسابور - من لفظه، وكتب لي بخطه - قال: أخبرنا سعد بن محمد بن جعفر الصوفي - قدم علينا - قال: أخبرنا أبو طالب يحيى ابن علي بن الطيب الدسكري الصوفي بحلوان قال: حدثنا محمد بن أحمد العبدي الدهستاني قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا قتيبة بن سعيد عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عبد الله الصنابحي رضي الله عنه: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا توضأ العبد المؤمن فمضمض، خرجت الخطايا من فمه، فإذا استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من فمه، فإذ استنثر خرجت الخطايا من أنفه، فإذا غسل وجهه خرجت الخطايا من وجهه حتى تخرج من تحت أشفاره، فإذا غسل يديه خرجت الخطايا من يديه حتى تخرج من تحت أظفار يديه، فإذا مسح برأسه خرجت الخطايا من رأسه حتى تخرج من أذنيه، فإذا غسل رجليه خرجت الخطايا من رجليه حتى تخرج من تحت أظفار رجليه، ثم كان مشيه إلى المسجد وصلاته نافلة له.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي - قراءة مني عليه بالمسجد الأقصى من البيت المقدس - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد الجويني - بالقاهرة برباط الصوفية، سنة ثمان وسبعين وخمسمائة - قال: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي القشيري، ح.
وأخبرنا أبو هاشم الحلبي قال: حدثنا أبو سعد بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن سعد بن محمد بن جعفر الأسد أباذي: قال أبو الفتوح: أخبرنا أبو نصر سعد بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الأسد أباذي. وقال أبو الفتح: أخبرنا والدي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزّال بصور قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحق بن سعد بن سفيان النسوي قال: حدثني جدي الحسن بن سفيان قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا همَّام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه أنه شهد النبي صلى الله عليه وسلم صلى على جنازة قال: فسمعته يقول: اللهم أغفر لحينا وميتنا وشاهدنا وغائبنا وصغيرنا وكبيرنا وذكرنا وأنثانا. وحدّث بهؤلاء الكلمات وزاد معهن: اللهم من أحييته منا فاحيه على الإسلام، ومن توفيته منا فتوفه على الإيمان.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: سمعت أبا سعد عبد الكريم بن محمد بن أبي المظفر يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد الدقاق الحافظ - بمرو لفظاً - يقول: سمعت أبا نصر سعد بن محمد الأسد أباذي الصوفي عند قبر أبي يزيد البسطامي رحمه الله يقول: سمعت إسماعيل بن علي بعسقلان يقول: سمعت طاهر بن محمد يقول: حدثنا الحسن بن حبيب الدمشقي يقول: حدثني الربيع بن سليمان قال: رأيت الشافعي رضي الله عنه في المنام فقلت: يا أبا عبد الله ما صنع الله بك؟ قال: أجلسني على كرسي من ذهب ونثر عليّ اللؤلؤ الرطب.
أخبرنا عبد المطلب بن أبي المعالي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر لفظاً قال: سمعت أبا الفتح محمد بن سعد بن محمد الأسد أباذي - بمرو مذاكرة - يقول: سمعت والدي رحمه الله يذكر بنسا في الشيب:
يا شيبتي دومي ولا تترحلي ... وتيقني أني بوصلك مولع
قد كنت أفزع من حلولك مرة ... فالآن من خوف الترحل أفزع
قال أبو الفتح وسمعته ينشد
واخجلتني من وقوفي بباب دارهم ... يقول ساكنها من أنت يا رجل
قال أبو الفتح: كان والدي يردد هذا البيت ويبكي.

أخبرنا أبو هاشم بن الفضل قال: قال لنا تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني: سعد بن محمد بن جعفر بن إبراهيم الأسد أباذي أبو نصر، ولد بأسد أباذ، ونشأ بحلوان في خدمة الشيخ أبي طالب يحيى بن علي الدسكري، ثم سافر الكثير ورحل في الطلب الحديث إلى العراق والشام ومصر، وحج تسع حجج، ذكر لي ابنه أبو الفتح ذلك، وتعب في جميع الحديث وأكثر منه، وخرّج لنفسه الفوائد والأربعين.
سمع بنيسابور أبا حفص عمر بن أحمد بن مسرور الماوردي، وأبا الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي، وأبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأخاه أبا يعلى إسحاق بن عبد الرحمن، وأبا القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبا سعيد فضل الله بن أبي الخير الميهني، وبحلوان أبا الطيب يحيى بن علي بن الطيب الدسكري، وبميا فارقين أبا الطيب سلامة بن إسحاق بن محمد الآمدي، وأبا مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي الرازي، وبعسقلان أبا سعد إسماعيل ابن علي بن الحسن بن المثنى الأستر أباذي، وأبا الحسن علي بن صالح بن أحمد الطلانسي، وبصور أبا الفرج عبد الوهاب بن الحسين بن عمر بن برهان الغزال، وبشيراز أبا بكر أحمد بن محمد بن سلمة الصوفي، وأبا الوفاء المسيب بن أبي الحسين الكرميني، وبالرملة أبا الحسين محمد بن الحسين بن علي بن الترجمان الصوفي، ورتنيس الحسن بن محمد بن الحسن المرو الروذي، وبقزوين أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الحافظ، وبالري أبا علي أحمد بن العباس بن إبراهيم العصاري، وبخوي أبا الفرج سعد بن أحمد بن علي بن ميمون الدينوري، وبدهستان أبا أحمد عبد الحليم بن محمد بن عبد الحليم بن أحمد بن يوسف المعلم، وبأصبهان أبا طاهر عبد الكريم بن عبد الواحد الحسنأباذي، وبفارس أبا الفتح ناصر بن الخضر الصوفي، وأبا الفضل عبد الرحمن بن أحمد بن الحسن الرازي، وبجرجان أبا سعد محمد بن الحسين بن علي بن بهارة البكر أباذي، وبثغر آمد أبا منصور محمد بن أحمد بن القاسم الأصبهاني، وببسطام أبا الفرج صالح بن محمد بن الحسين الخطيب، وجماعة سواهم.
روى لنا عنه ابنه أبو الفتح محمد بن سعد بمرو، وأبو منصور عبد الخالق ابن زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور، وأبو صالح عبد الملك بن أبي سعيد القشيري بطوس، وغيرهم.
سألت أبا الفتح محمد بن سعد بن محمد بن جعفر الأسد أباذي عن مولد أبيه أبي نصر، فقال: كان والدي ابن سبع وتسعين سنة، ففي التقدير مولده سنة سبع وثلاثمائة بأسد أباذ.
وقال: سألت أبا الفتح بن أبي نصر الأسد أباذي عن وفاة والده، فقال: توفي في شعبان سنة أربع وتسعين وأربعمائة ببشخوان، إحدى قرى نسا رحمه الله.
سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي:
أبو الفوارس التميمي المعروف بالحيص بيص، ولد بكرخ بغداد، واشتغل بالفقه والأدب، ونظم الشعر، وسافر إلى الشام، وقيل إنه دخل حلب، وكان يتعاظم في نفسه، ويترفع على أبناء جنسه، ويرى أنه يستحق أكثر مما يعامل به، ولقب الحيص بيص لأنه قال لإنسان خاطبه: وقعت منك في حيص بيص، وذكر ذلك في شعره، فغلب عليه. وكان عفيفاً مجانباً ما يقدح في الدين والمروءة.
اشتغل بالفقه على محمد بن عبد الكريم بن الوزان الشافعي، وأسعد الميهني، وسمع الحديث من أبي طالب الحسين بن محمد الزينبي، والوزير علي بن طراد الزينبي، والوزير علي بن طراد الزينبي، وأبي المجد محمد بن محمد بن عيسى بن جهور الواسطي.
وحدث بشيء يسير، روى عنه شيخ الشيوخ أبو محمد عبد الوهاب بن علي ابن علي المعرف بابن سُكينة، وإسماعيل بن محمد بن يحيى المؤدب، وأحمد ابن عمر بن أحمد بن بكرون، وقيصر بن المظفر بن يلدرك، وأبو الب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين الشيباني وتاج الإسلام وأبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، وأبو الغنائم محمد بن علي بن المعلم، ونصر الله بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن، وأبو بكر عبيد الله بن علي بن المارستاني، وروى لنا عنه قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبو عبد الله محمد بن عبد اللطيف بن زريق.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي قال: أخبرني إسماعيل ابن محمد بن يحيى المؤدب قال: أخبرنا أبو الفوارس سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو المجد محمد بن محمد بن عيسى بن جهور الواسطي بها قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن سهل النحوي قال: أخبرنا علي بن محمد بن دينار الكاتب قال: حدثنا محمد بن الحسن بن يعقوب بن مقسم المقرئ قال: حدثنا محمد بن الليث الجوهري قال: حدثنا جبارة بن المُغلس قال: حدثنا عبد الكريم بن عبد الرحمن الخزاز العجلي عن أبي إسحاق عن عمرو بن ميمون عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ساء عمل قوم قط إلا زخرفوا مساجدهم.
أنشدنا قاضي القضاية بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أنشدني الحيص بيص لنفسه وقد حضرت عنده، وجلست بين يديه على بعد، وهو متصدر وقد سألته من ينشدني شيئاً من شعره:
لا تضع من عظيم قدر وإن كن ... ت مشاراً إليه بالتعظيم
فالخطير العظيم يصغر قدراً ... بالتعدي على الخطير العظيم
ولع الخمر بالعقول رمى الخم ... ر بتنجيسها وبالتحريم
أنشدني عفيف الدين أبو عبد الله محمد بن أبي سالم محمد بن عبد اللطيف ابن زريق قال: أنشدني الحيص بيص لنفسه ببغداد في زعيم الدين صاحب المخزن يحيى بن جعفر.
لكل زمان من أماثل أهله ... برامكة يمتاحهم كل معسر
أبو الفضل يحيى مثل يحيى بن خالد ... ووالد يحيى جعفر مثل جعفر
قال: وقال لي الحيص بيص عقيب أنشادها: ما هذا من جيكاتكم.
أنشدنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أنشدنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني أبو الفوارس التميمي لنفسه وكتب لي بخطه.
لا تلبس الدهر على غرة ... فما لموت الحي من بدِ
ولا يخادعك طويل البقا ... فتحسب الطول من الخلدّ
ينفذ ما كان له آخر ... ما أقرب المهد من اللحد
وأخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: وأنشدني أبو الفوارس التميمي لنفسه من قصيدة يمدح فيها الوزير الزينبي، وأنشدنيها في دار الوزير على الشط:
مقامك الأشرف المحسود من مضر ... إذا تنازعت العلياء عدنان
حيث الأكفِ سباط في عوارفها ... والعز أقعس والأحساب غرّان
عمائم القوم بيض يوم حربهم ... من الحديد ويوم السلم تيجان
وما على الذي شادوه من شرف ... مرعى خصيب ولكن أنت سَعْدَان
وجه وكف مضيء عند مندفق ... يبدو لرأيهما حسن وإحسان
لا تذكرن عكاظاً ساعدة ... وتطبيك مقال القوم سبحان
وانظر إلى ساحة العلياء آهلةً ... بسيف دجله فيها منك ثهلان
وما أصوغ بها من كل قافية ... غرّاء فيها لمن يبغي العلى شأن
فبينَ جنبيَّ قول لو أرحت له ... من الهموم تمنى القول غيلان
أخبرني نجيب الدين داوود بن أحمد بن د بن خلف الطيبي التاجر - بجامع حلب، وكتبه لي بخطه - قال: وحدثني رحمه الله - يعني - أبا الغنائم محمد ابن علي بن المعلم الُهرثي بواسط سنة اثنتين وثمانين وخمسمائة وأنا أقرأ عليه شيئاً من شعره قال: كان الأمير شهاب الدين الحيص بيص في الحلة المزيدية عند الأمير مهله الجاواني، وخرج منها قاصداً الأمير فخر الدين هندي الزهيري فلما قرب من حلَّته وهو نازل في بلاد الزاب، علم هندي به فخرج إليه مستقبلاً له فلما نزل واستراح وحضر الطعام ورفع من بين أيدي الحاضرين التفت إليه الأمير فخر الدين وقال له: أيها الأمير شهاب الدين ما الأمر الذي أوجب الحضور ها هنا؟ قال: أتيتك مادحاً، ففرح الأمير فخر الدين بقوله ذلك، وقال له: يا شهاب الدين كلما تريده عندي إلا من يعلم ما تقول ويفهم ما تأتي به ليس عندي، بلى إن أنعم الأمير وصبر حتى أنفذ إلى الهُرث أحضر ابن المعلم، وإلى واسط استحضر منها الفضلاء، وكذلك من الحلة والنيل فعل منعماً؟ قال: قد صبرت.

قال: فنفذّ الأمير فخر الدين هندي إلىَّ فارساً قطع المسافة وهي مسيرة ثلاثة أيام بيوم وليلة واستدعاني، وعرفني الخبر فركبت معه وحثثنا أنفسنا أيضاً بيوم وليلة وأصبحنا عنده، وكان قد أوقف على دجلة من يستحضر المنحدرين والمصعدين ممن له ميزة ونباهة، وحضر من الفضلاء من أهل واسط والحلة والنيل جمع كثير، وضرب خيمة كبيرة وطرح فيها طراحة ومسند جلس الأمير شهاب الدين على الطراحة واستند إلى المسند، وأخرج الورقة من كمه وأنشد القصيدة وأولها:
أأجا وسلمى أم بلاد الزاب ... وأبو المهند أم غضنفر غاب
فلما فرغ من إنشاده قلت له: يا مولانا ما رأيت مجلساً أشبه بمجلس طاهر العلوي لما امتدحه المتنبي من هذا المجلس، ثم أمر الأمير فخر الدين هندي فأحضر ما كان قد أعده له، فكان عيناً ثلاثمائة دينار مصرية وفرساً عربية عليه سرج ولجام ومقود مضروب على السيور، كلها دنانير مصرية، وثياباً وعبيداً وإماءٍ قوّم ذلك كله بألف دينار مصرية، ثم اعتذر إليه وقال: أيها الأمير شهاب الدين أتيتني وأنا مملق ما أملك والله شيئاً، سوى ما قد دفعته لك ولم يتخلف لي إلاّ الحلة، وهي بمن فيها موهوبة مني لك فقال له: يا فخر الدين لا تعتذر فقد أكرمت وبالغت في الأكرام، والله لقد أجزتني أكثر من إجازة ابن ملكشاه، يعني السلطان سنجر.
قال ابن المعلم: وفي تلك المرة جعلني راوية له، كان نجم الدين أبو الغنائم يقول: إنني أحفظ جميع شعر الحيص بيص ورسائله.
قلت: يريد بقوله: ما رأيت مجلساً أشبه بمجلس طاهر العلوي لما امتدحه المتنبي من هذا المجلس، يريد أن المتنبي لما قصد طاهر العلوي ممتدحاً، أجلسه طاهر في الدست وجلس بين يديه حتى فرغ من إنشاد مدحته.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: سمعت أبا العباس الخضر بن ثروان المقرئ الضرير ببلخ يقول: سمعت أن حيص بيص انحدر إلى أبي المظفر بن حماد بالبطائح فخطر له في الطريق قصد هندي يرجل من أمراء الأكراد ينزل الزابات فمدحه بقصيدة أولها.
أجأو سلمى أم بلاد الزاب ... وأبو المظفر أم غضنفر غاب
رفع المنار بنو زهير بالعلى ... بالفارس المتغطرف الوّثاب
فأعطاه فرسين منسوبين وخمسمائة دينار وفرقاً من الغنم، ولكل واحد من غلمانه قباء من الأبريسم وقلنسوة، ووقف بين يديه وهو ينشده، وقال: والله لا أقعد فإني أعلم أن اليوم قد علا نسبي وارتفع شأني وقدري، وعاد من عنده ولم يتم قصده إلى ابن حمادٍ، وقال: عوّلنا على قصد أبي المظفر فأمجدنا هندي ذهباً وخيلاً وغنماً وثياباً.
قرأت بخط أبي غالب بن الحصين في تاريخه، وقرأته على رفيقنا أبي عبد الله محمد بن محمود البغدادي عنه، قال: حدثني الشيخ نصر الله بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن، وكان من الثقات الأمناء أهل السنة، قال: رأيت في المنام علي بن أبي طالب عليه السلام فقال: يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون من دخل دار أبي سفيان فهو آمن، ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم؟ فقال لي عليه السلام، أما سمعت أبيات الجمال بن الصيفي في هذا؟ فقلت: لا، فقال اسمعها منه، ثم استيقظت فباكرت إلى دار الحيص بيص، فخرج إليّ فذكرت له الرؤيا، فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي إلى أحد، وإن كنت نظمتها إلا في ليلتي هذه وهي:
ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الأسير وطالما ... غدونا عن الأسرى تعف وتصفح
ولا غرو فيما بيننا من تفاوت ... فكل إناء بالذي فيه ينضح
أنشدني هذه الأبيات الثلاثة أبو الطليق معتوق بن أبي السعود المقرئ البغدادي قال: أنشدنيها جمال الدين أبو غالب بن الحصين قال: أنشدنيها الحيص بيص لنفسه.
سمعت القاضي شمس الدين أبا نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي الدمشقي بها قال: سمعت ملك النحاة أبا نزار يقول للحيص بيص بيتان من الشعر، وددت أنهما لي بجميع شعري وهما:
سأرحل عن بغداد لا عن ملالة ... إلى بلدٍ يحنو عليّ أميرها
إلى بلدةٍ فيها الكلاب بحالها ... كلاب ما رُدّت إليها أمورها

أخبرني بعض أهل الأدب في المذاكرة وأنسيته قال: طلب بعض الوزراء ببغداد إما علي بن طراد أو ابن هبيرة الحيص بيص ليحضر طبقه وقت الإفطار في شهر رمضان، فكره ذلك كيلا يترفع عليه أحد في مجلس الوزير، فكتب إلى الوزير بهذه الأبيات:
يا باذل الجود في عدمٍ وفي سعةٍ ... ومطعم الزاد في صبح وفي غسق
وما شر الناس أغنتهم مواهبه ... إلى مزيدٍ من النعماء مندفق
في كل بيت خوان من فواضله ... نيميزهم وهو يدعوهم إلى الطبق
فاض النوال فلولا خوف مفعمه ... من بأس عدلك نادى الناس بالغرق
فكل أرض بها صوب وساكبه ... حتى الوغى من نجيع الخيل والعرق
صن منكبي عن زحام إن غضبت ... له تمكن الطعن من عقلي ومن خلقي
وإن رضيت به فالذل منقصة ... وكم تكلفته حملاً فلم ألحق
أنا المريض بأحداثي وسورتها ... وليس غير إبائي حافظ رمقي
فهبه لي كعطاياك التي كثرت ... فالجود بالعرض فوق الجود بالورق
إنّ اصفرار مجن الشمس عن حَزَن ... على علاها لمرماها إلى الأفق
فإن توهم قوم أنه حمق فطالما ... اشتبه التوقير بالحمق
نقلت من خط تاج الإسلام أبي سعد السمعاني وأخبرنا به أبو هاشم عبد المطلب ابن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني - قراءة علينا من لفظه - قال: سمعت أبا العباس الخضر بن ثروان الفارقي - مذاكرة ببلخ - يقول: دخل حيص بيص على الوزير علي بن طراد الزينبي فقال: يا علي بن طراد، يا رفيع العماد، يا أخا الأجواد انغصّ المجلس، فأين أجلس؟ فقال الوزير: مكانك فقال: أعلى قدري أم على قدرك فقال: لا على قدري ولا على قدرك، ولكن بقدر الوقت.
وقرأت في بعض الكتب أنه دخل إليه فوجد المجلس غاصاً بأهله، فقال: يا سيد الأجواد علي بن طراد، غص المجلس فأين أجلس؟ فأوسع له إلى جنبه وقال: هاهنا وأجلسه إلى جنبه.
سمعت القاضي شمس الدين أبا عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر مذاكرة يقول: مدح الحيص بيص الخليفة بقصيدة، وكتب معها رقعة يطلب جائزة القصيدة، بعقوبا، وهي قرية عظيمة كانت تكون إقطاع الخلفاء في أيام السلجوقية، فكتب الخليفة على مطالعته لو، فخرجت المطالعة فلم يفهم أحد معنى لو، فأفكر الوزير ابن هبيرة في ذلك فقال: أراد أمير المؤمنين:
لو أن خفة رأسه في كعبه ... لحق الغزال ولم يفته الأرنب
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: قال لنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني: سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي أبو الفوارس المعروف بحيص بيص، شاب فاضل له معرفة تامة بالأدب واللغة حسن الشعر مليح الخط فصيح اللهجة سمعت أنه تفقه على القاضي محمد بن عبد الكريم الوزان بالري وكان يحضر معنا في دار الوزير علي بن طراد الزينبي، وسمع بقراءتي عليه الحديث، وكتب لي بخطه شيئاً بسؤالي إياه، وسمعته منه، وسألته عن مولده فما ذكر، وقال: إني أعيش جوافاً.
ذكر رفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار في التاريج المجدد لمدينة السلام، وأجاز لنا الرواية عنه، قال: سعد بن محمد بن سعد بن الصيفي التميمي، أبو الفوارس، الشاعر المعروف بالحيص بيص، كان جده لأبيه قد فارق قومه بني تميم، ونزل كرخ بغداد، وولد أبوه بها ببركة زلزل، ولهذا يقول ولده في قصيدة له مفتخراً:
ملك ثوى بالجاهلية رمسه ... فبعثته مني ببركة زلزل

ولد سعد بالكرخ بدرب المنصور، وطلب العلم وهو ابن ثلاث عشرة سنة، وسافر إلى الري، وقرأ المذهب والخلاف هناك على رئيسها محمد بن عبد الكريم ابن الوزان الشافعي، وتكلم في مسائل الخلاف، وناظر فيها الفقهاء، قرأ على أسعد الميهني أيضاً، ثم إنه قرأ الأدب، وقال الشعر، وأعطي حظاً من الفصاحة في النظم والنثر، ومدح الخلفاء والملوك والوزراء والكبراء، وقال الشعر في جميع الفنون فأجاد، واتفق الخاص والعام على تفضيله على شعراء وقته، ولزم قانوناً من الوقار لم يكن لأحد من أبناء جنسه وكان وافر الحرمة عند الخاص والعام، ولقب بملك الشعراء، وكان يلبس القباء والعمامة، ويتزيا بزي العرب الغرباء ويتقعر في كلامه، وقيل: إن سبب تلقيبه بالحيص بيص أنه قال لبعض أصدقائه بأصبهان في جملة عتاب وعاتبه في جمع من الناس: وقعت منك في حيص بيص، أي في شدة، وتلى ذلك أن قال في أبياتٍ ذم فيها الزمان:
لئن أصبحت بينكم مضاعاً ... أبيع الفضل مجاناً رخيصاً
وعاقني الزمان عن المعالي ... فصرت إلى حبائله قنيصاً
فإني سوف أوقعكم ببأسي ... وإن طال المدى في حيص بيصاً
فلقب الحيص بيص، وصار لا يعرف إلا به، سمع شيئاً من الحديث من الشريف أبي طالب الحسين بن محمد بن علي الزينبي ببغداد، وأبي المجد محمد بن محمد بن عيسى بن جهور المعدل الواسطي بواسط، روى لنا عنه عبد الوهاب بن علي الأمين، وأحمد بن عمر بن أحمد بن بكرون الشاهد، وإسماعيل بن محمد بن يحيى المؤدب، وصاحبه قيصب بن المظفر بن يلدرك وغيرهم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني - قراءة علينا من لفظه - قال: سمعت أبا إسحاق إبراهيم بن سعيد ابن عبد الله البغدادي التاجر يقول بسمر قند: سمعت ببغداد أن والد حيص بيص قال: ما عرفت قط أني من بني تميم حتى أخبرني ابني بذلك في شعره أنا من تميم.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: قرأت في كتاب أبي بكر عبد الله بن علي بن المارستاني بخطه قال: كان الحيص بيص يدعي أنه من تميم، حتى قال في قصيدته التي مدح بها ابن الأنباري كاتب الإنشاء:
خلقته والصبا غض النسيم ... كامل الوفرة من آل تميم
فبلغ ذلك ابن الفضل الشاعر، فمضى إلى أبيه، وكان طوائيقياً فحكى ذلك له قول ولده فقال: والله ما عرفت أنه من تميم حتى أخبرني بذلك ولدي، فعمل فيه ابن الفضل أبياتاً أنشدنيها:
كم تبادى وكم تطيل الطراطير ... وما فيك شعرة من تميم
فكل الضب وأبلغ الحنظل اليابس ... واشرب ما شئت بول الظليم
ليس ذا وجه من يُضيف ولا ... يقري ولا يدفع الأذى عن حريم
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني - قراءة علينا من لفظه - قال: وسمعت أبا الخير دُلف بن عبد الله بن التبان الفقيه بسمرقند يقول: لحيص بيص أخ يلقب بهرح مرج، ولهما أخت لقَّبهَا مُجان بغداد بدخل خرج.
ذكر صديقنا يا قوت بن عبد الله الحموي - وأظن أني سمعته منه في المذاكرة - قال: حدثني حسين بن حراز الشاعر قال: حدثني خالي محمد بن علي بن المعلم الشاعر قال: أرسل إليّ الحيص بيص يوماً، وكان قد رأى في رأسه شعرة بيضاء: أدركني فقد نازلني الوقار، وأشر علي بمن أستنيبه في إيرادي شعري، فما يجمل بمثلي إيراده بعد الوقار.
أخبرني عز الدين أبو حفص عمر بن علي بن دهجان البصري المالكي ببغداد قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي سعيد الأنباري بالبصرة، أن أبا الفوارس الحيص بيص قال: إنه دخل حلب، وأنه مضى إلى بعض نواحيها يمدح أميراً من أمراء العجم، وكان لا يعرف الأمير بالعربية، فمدحه مع جماعة من الشعراء، وحضروا عنده وحضر معهم رجل ادعى أنه شاعر، فلما أنشد الجماعة أشار الحاجبْ إلى ذلك الرجل أن ينشد، فأدخل يده في كمه وأوهم أن فيه قصيدة، وأنها سقطت منه، فقال له الحاجب: أما معك شيء تنشده؟ فأنشد:
قفا نبك من ذكرى حبيب وأخواجا ... بسقط اللوى بين الدخول وأخواجا

ومضى على أبيات منها ختم كل بيت بقوله أخواجا، والحاجب يستحسن ذلك منه في كل بيت، والأمير يزهزه له ويفهم منه أن أخواجا هو السيد، فلما فرغ من الإنشاد قال يخاطب الحاجب:
ألا أيها الآتي بخيرٍ ونعمةٍ ... لك النصف لا تحرد فيفظن أخواجا
فقال الحاجب: بل تضاعف لك الجائزة، أمر له الآمير بجائزة حسنة فقاسمه عليها الحاجب.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: قرأت في كتاب أبي بكر عبيد الله بن علي بن المارستاني بخطه قال: مات الحيص بيص يوم الثلاثاء خامس من شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة وصلي عليه من الغد بالنظامية ولم يُعقب، وكان مولده في سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة.
قال ابن النجار: سمعت أبا الفتوح بن الحصري بمكة يقول: توفي ابن الصيفي في ليلة الأربعاء سادس شعبان سنة أربع وسبعين وخمسمائة، ودفن في مقابر قريش.
سعد بن محمد بن علي بن الحسن بن معبد:
ابن مطر بن مالك بن الحارث بن سنان بن خزاعة بن حيي، الأزدي، أبو طالب، الشاعر المعروف بالوحيد، كان شاعراً مجيداً، قدم الشام واجتاز بحلب، ومدح بني حمدان وتوجه إلى مصر، وكان عارفاً باللغة والمعاني، ونكَّت على شعر المتنبي، وأصلح في شعره مواضع.
روى عنه أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل بن بشران، وأبو علي المحسن ابن علي بن محمد التنوخي، وأبو الخطاب الجَبُّلي، ذكره الوزير أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الرحيم في كتابه في ذكر الشعراء، فقال: حدثني الخالع - يعني - محمد بن الحسين قال: كان الوحيد من أهل البصرة، وانتقل إلى جبل وكمان بضاعته في الأدب قوية، ومعرفته بالشعر جيدة، يجمع اللغة والنحو والقوافي والعروض، متقدماً فيه كله، وقد رد على المتنبي عدة مواضع أخطأ فيها، كان مع هذه الحال ضيق الرزق نزره، محارفاً، يمدح بالشيء اليسير ولا يبالي، وسافر إلى مصر، ومدح بني حمدان، وعمرّ زيادة على ثمانين سنة وتوفي سنة خمس وثمانين وثلاثمائة.
قال أبو سعد الوزير: وقد شاهدت خطه في النسخ، وكان مليحاً صحيح النقل، وديوانه غير مجموع ولا موجود.
وقال أبو سعد: أنشدني أبو الخطاب الجبلي قال: أنشدني الوحيد لنفسه:
يُعدد لوّ أمي علي ذنوبها ... ويِأبى شفيع الحُسن أن يحسب الذنب
وقالوا إذا شطت نوى دراها ... سلا وما شط من أمس ومنزله القلب
أنبأ أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المُحسن بن علي التنوخي - إجازة قال: أنشدني أبي قال: أنشدني سعد بن محمد الأزدي، المعروف بالوحيد:
كانت على رغم النوى أيامنا ... مجموعة النشوات والأطراب
ولقد عتبت على الزمان لبَينْهم ... ولعله سيمنّ بالأعتاب
ومن الليالي إن علمت أحبة ... وهي التي تأتيك بالأحباب
قال أبو علي التنوخي: وأنشدني أبو طالب الوحيد لنفسه:
إذا راعني منك الصدود ... فلعلّ أيامي تعود
إذ لا تناولنا يد النع ... ماء إلاّ ما نريد
ولعل عهدك باللوى يحيى ... فقد تحيى العهود
فالغصن ييبس تارة ... وتراه مخضراً يميد
إني لأرجو عطفةً يبكي ... لها الواشي الحسود
فرحاً تقر به العيون ... فينجلي عنها السهود
قال: وأنشدني سعد بن محمد لنفسه:
لا يوحشنَّك من جميل تصبر ... خطب فإن الصبر فيه أحزم
العسر أكرمه ليسر بعده ... ولأجل عين ألف عين تُكرم
لم تشك مني عسرة ألبستها ... لوماً ولا جوراً على ما تحكم
المرء يكسره بؤسه ولعله ... تأته فيه سعادة لا تعلم
قال: وأنشدني الوحيد لنفسه:
أتحسب البؤس للمرء دائم ... ولو دام شيء عدّه الناس في العجب
لقد عرفتك الحادثات نفوسها ... وقد أدّبت إن كان ينفعك الأدب
ولو طلب الإنسان من صون دهره ... دوام الذي يخشى لأعياه ما طلب

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: كتب إليّ أبو غالب محمد بن أحمد بن سله الواسطي قال: أنشدنا أبو طالب سعد بن محمد الوحيد، قدم علينا واسطاً، لنفسه:
بلوت من الدهر ما أقنعا ... وكشفت أحواله أجمعا
زمانك ذا مثل أبنائه ... فلا تحفلن بمن ودّعا
إذا واصلوك فصل حبلهم ... وإن قاطعوك فكن مقطعاً
ومن ودّ من لا يجازي الوداد ... مثلاً بمثلٍ فقد ضيَّعا
وكنت إذا صاحب ملني ... تولم أر في ودّه مطمعا
غسلت بماء القلى شخصه ... وكبت من فوقه أربعا
وكان التغافل أكفانه ... وترب التناسي له مضجعا
فإن قالت النفس صل حبله ... أقل أن من مات لن يرجعا
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي في كتابه قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد ابن بشران - إجازة - قال: أنشدني سعد بن محمد بن علي الوحيد لنفسه:
لو تخليت للزمان للاقى ... مِسْمَعَيه مني عتاب طويل
إنما تكثر الملامة للدهر ... لأن الكرام فيه قليل
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: سعد بن محمد بن علي بن الحسن بن معبد بن مطر بن مالك بن الحارث بن سنان بن خزاعة بن حيُي الأزدي، أبو طالب الشاعر المعروف بالوحيد، ذكر أبو غالب بن بشران أنه بغدادي، ورد واسطاً وقال: قرأت عليه شرح المتنبي له، وروى عنه كثيراً من شعره، وروى عنه أيضاً القاضي أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي وأبو الخطاب الجبلي.
سعد بن مسعود الثقفي الكوفي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان من أمراء الأسباع من أهل الكوفة، على قيسٍ وعبد القيس.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
سعد بن مظفر بن المطهر:
أبو طالب اليزدي الصوفي، شيخ رباط السلجوقية بالجانب الغربي من بغداد، قدم من يزد، ونزل بغداد وسكن المدرسة النظامية، وتفقه بها، وصحب شيخنا شهاب الدين أبا نصر عمر بن محمد السهروردي وتخرج به، وسافر معه إلى الشام في سنة تسع وتسعين وخمسمائة، حين سيره الإمام الناصر أحمد رسولاً إلى الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وقدم معه حلب في أيام الملك الظاهر غازي، ثم قدم حلب رسولاً من الإمام المستنصر إلى الملك الناصر يوسف بن محمد، وعاد إلى بغداد ورتب شيخاً برباط الأرجوانية، وبرباط السلجوقية المجاور لقبرها، الذي أنشأه الإمام الناصر.
وأخبرني أبو حفص عمر بن دهجان البصري، أو غيره، أنه كان شيخاً خيراً معروفاً بالخير والصلاح، حافظاً للقرآن، كثير التلاوة لهن وحج مراراً راجلاً على قدم التجريد، وعاد إلى بغداد وسكن رباط الزوزني، فأقام به مدة في صحبة شيخنا السهروردي. وأرسل من بغداد إلى جماعة من الملوك، وتوفي يوم السبت خامس عشري محرم من سنة سبع وثلاثين وستمائة بالرباط السلجوقي، ودفن بمقبرة الشونيزي وشيعه جمع كثير من الصوفية والغرباء رحمه الله.

وذكره رفيقنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار في تاريخه الذي ذيل به تاريخ فقال: سعد بن مظفر بن المظهر أبو طالب الصوفي من أهل يزد، قدم بغداد ونزل بالمدرسة النظامية وتفقه بها على مذهب الشافعي، ثم أنه صحب شيخنا عمر بن محمد السهروردي، وسكن برباط الزوزني وترك الفقه وسلك طريق الزهد والخلوة والرياضة والمجاهدة وأقام على ذلك مدة ثم أنه سافر مع شيخه إلى الشام لما أرسل إليها من الديوان، واتصلت له معرفة بالوزير ابن مهدي العلوي، فندبه إلى خدمته، فرفض ما كان فيه، وصار وكيلاً له على أمواله، ولبس الحرير وارتفعت درجته وعلا جاهه، ولم يزل على ذلك إلى أن صرف ابن مهدي عن الوزارة فعاد إلى صحبه الصوفية ولباسهم، إلى أن ندب للتنفيذ في الرسائل من الديوان العزيز إلى الملوك والأطراف، فأنفذ إلى خوارزم شاه محمد بالعراق، ورأيته بأصبهان ثم نفذ إلى الشام ومصر وبلاد الروم مرات، وإلى بلاد فارس، ورتب شيخاً برباط الأرجوانية بدرب زاخي، ثم بالرباط الناصري المجاور لتربة الجهة وطال مرضه، وضعفت قواه ولم تفته صلاة إلى حين وفاته، توفي ليلة السبت السادس والعشرين من المحرم سنة سبع وثلاثين وستمائة وصلى عليه من الغد بالرباط، ودفن بالشونيزية، وأظنه بلغ الستين أو جاوزها بقليل ولم تكن له رواية للحديث ولا عناية به.
قلت: وقد حدث بدمشق عن الحافظ أبي موسى محمد بن عمر الأصبهاني، وأبي الفرج ثابت بن محمد بن أبي الفرج البديلي الحافظ.
سعد بن أبي سالم الحلبي: شاهر من أهل حلب ظفرت له بقصائد يمدح بها أهل البيت رضوان الله عليهم، منها:
هم قصد مناهج السراط المقوم ... ونفس نفيس العلم من كل مُحكم
هم العالم العُلوي والجوهر الذي ... تصفى وبسط النور في العالم العمي
وخزّان علم الله والنبأ الذي ... تضمنه وصف الكتاب المكرّم
صفوا من صفاء ماء الصَّفا ... وتجوهروا فليس لهم في عالم الكون من سمي
فهم فيض ماء المزن لذّ طهارة ... وقصد وجود الماء عند التيمم
وهم سر لطف الله والخلق والهدى ... وطود الحجى والعلم للمتعلم
وهم فلك النور المحيط شعاعه ... وكنه بسيط الحق للمتفهم
لهم طود فخر من ذرى المجد شامخ ... وهيهات طول النجم يرقى بسلم
سما مجدهم فوق السماك جلالة ... إلى جهة الرحمن بالذكر ينتمي
فهم قدو وهم الدين الحنيفي في الورى ... ومهيع إرشاد الطريق المقوم
وهم حجج الله الذين يفضلوا ... وصيب ماء القطر في المحلِ ينهمي
سعد أبو الحسن:
مولى الحسن بن علي رضوان الله عليه، شهد صفين مع علي، وحكى عن علي والحسن عليهما السلام، روى عنه ابنه الحسن بن سعد الكوفي، وعبد الله بن محمد بن عقيل.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن محمد بن عمر عن عبد الله بن عقيل عن سعد أبي الحسن مولى الحسن بن علي قال: خرجت مع الحسن بن علي ليلةً بصفين في خمسين رجلاً من همدان نريد أن نأتي علياً، وكان يومنا يوما قد عظم فيه الشر بين الفريقين فمررنا برجل أعور من همدان يدعى وذكوراً، قد شد مقود فرسه برجلٍ رجلٍ مقتول، فوقف الحسن بن علي على الرجل فسلم، ثم قال: من أنت؟ فقال: رجل من همدان، فقال له الحسن: ما تصنع هاهنا؟ قال: أضللت أصحابي في هذا المكان في أول الليل فأنا أنتظر رجعتهم، قال: ما هذا القتيل قال لا أدري غير أنه كان شديداً علنيا يكشفنا كشفاً شديداً، وبين ذلك يقول: أنا الطيب بن الطيب، وإذا ضرب قال: أنا بن الفاروق، فقتله الله بيدي، فنزل الحسن إليه فإذا عبيد الله بن عمر، وإذا سلاحه بين يدي الرجل، فأتى به علياً فنفله علي سلبه، قوّمه أربعة آلاف درهم.

أخبرنا أبو عبد الله عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: سعد مولى الحسن بن علي سمع عليّ، روى عنه ابنه الحسن الكوفي القرشي.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: سعد مولى الحسن بن علي، روى عن علي، روى عنه ابنه الحسن الكوفي القرشي، سمعت أبي يقول ذلك.
سعد أبو بذال بن سعد:
له ذكر وخرج مع المأمون غازياً بلاد الروم، وكان معه بحلب في دخوله الغزاة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو احمد عبد الله بن عدي قال: سمعت بذال بن سعد يقول: كان أبي خرج إلى الروم مع المأمون، وكنت حملاً فأوصى أن كان لي ابن أن يسمى بذالاً، وإن كانت ابنة تسمى بذالة، وذلك أنه كان فُتح فتحٌ من الفتوح على يدي رجل يسمى بذّالاً.
ذكر من اسمه سعدان
سعدان بن يحيى الحلبي:
محدّث تكلموا فيه، ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في سؤالاته الدار قطني وقال: قلت له، يعني الدار قطني: فسعدان بن يحيى الحلبي فقال: ليس بذاك.
سعدان بن يزيد البزاز: حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، وسمع منه بأنطاكية وعن أحمد بن يوسف بن أسباط، وعلي بن عاصم ومحمد بن المبارك الصوري، ويزيد بن هارون، وعمر ابن شبيب المسلي، وإسحاق بن يوسف الأزرق ومحمد بن عبيد الطنافسي، وعبيد الله بن موسى، والفضل بن دكين، وسلمة بن غفار، وإسماعيل بن علية، ومحمد ابن ربيعة، وسهل بن محمود، وشجاع بن الوليد، روى عنه أبو بكر الخرائطي، وأحمد بن عبيد الطوابيقي الطرسوسي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وابنه أبو محمد.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن ابن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا سعدان بن يزيد قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا حماد بن سلمة، وأبو عوانة عن عطاء بن السائب عن حكيم بن يزيد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: دعوا عباد الله فليصب بعضهم من بعض وإذا استنصح أحدكم أخوه فلينصحه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن الحسين قال: كتب إلي القاضي أبو الفضل محمد بن عيسى السعدي من مصر: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد قال: حدثنا أبو طالب عمر بن محمد المصيصي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبيد الطوابيقي عن سعدان بن يزيد قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: سألت زهيراً في ثلاثة أحاديث مسندة فقال: تسال عن ثلاثة أحاديث مسندة في موضع واحد عزمت عليك إلاّ فرقها.
أنبأنا الخطيب أبو البركات سعيد بن هاشم بن أحمد بن هاشم بن مسعود ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: سعدان بن يزيد البزاز، أبو محمد نزيل سامراء، روى عن إسماعيل بن عليه، وإسحاق بن يوسف الأزرق ومحمد بن ربيعة، وسلمة بن غفار، وشجاع بن الوليد وسهل بن محمود، كتبت عنه مع أبي وهو صدوق، سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
ذكر من اسمه سعيد
سعيد بن أحمد بن سعيد بن سنان الطائي المنبجي:
حدث عن عيسى بن يونس، روى عنه ابنه أبو بكر عمر بن سعيد بن أحمد المنبجي.

أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي، قال: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعد بن أبي العباس الجرجاني قال: أخبرنا أبو الحسن البحاثي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون قال: أخبرنا أبو حاتم ابن حبان قال: أخبرنا عمر بن سعيد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عيسى بن يونس عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن محمد بن إبراهيم التيمي عن علقمة بن وقاص عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الأعمال بالنية، ولكل امرئ ما نوى فمن كانت هجرته إلى الله ورسوله فهجرته إلى الله ورسوله، ومن كانت هجرته لدنيا يصيبها وامرأة يتزوجها فهجرته إلى ما هاجر إليه.
سعيد بن إسماعيل الأسدي:
رجل من المجاهدين، قدم دابق وبها مسلمة بن عبد الملك معسكر، ودخل معه الغزاة المعروفة التي أغزاه فيها أبوه عبد الملك بن مروان، وهو أحد الفتية الذين تابوا وخرجوا إلى الغزو ولحقوا مسلمة بدابق، وقتل هو وأصحابه بطوانة شهداء، ذكر حديثهم ابن الأعثم.
سعيد بن بريد:
أبو عبد الله التميمي النباجي: قدم العواصم والثغور غازيا، وأقام بطرسوس، وكان من أقران ذي النون المصري، وله كلام حسن في الرقائق والحقائق، وكان كثير العبادة، وساح، حكى عن الفضيل بن عياض وأبي خزيمة العابد، حكى عنه عبد الله بن خبيق الأنطاكي، وسهل بن عاصم وأحمد بن أبي الحواري، وعمر بن محمد بن بحير البحيري، وأبو عبد الله محمد بن معاوية الصوري، والوليد بن عتبة، وأبو عبد الله الأصبحي، وأحمد بن محمد بن بكر القرشي، وأبو الحسن محمد بن أبي الورد، وداوود بن محمد، والنضر بن عيسى بن يحيى، ولا أعلم له حديثاً عن النبي صلى الله عليه وسلم مسنداً.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال أخبرنا.
قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أو نعمي أحمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبي يقول: سمعت خالي أحمد بن محمد ابن يوسف يقول: سمعت محمد بن يوسف يقول: كان أبو عبد الله النباجي مجاب الدعوة له آيات وكرامات، وبينما هو في بعض أسفاره إما حاجاً، وإما غازياً على ناقة، وكان في الرفقة رجل عاين قل ما نظر إلى شيء إلا أتلفه وأسقطه، وكانت ناقة أبي عبد الله ناقة فارهة فقيل له: احفظها من العاين، فقال أبو عبد الله: ليس له إلى ناقتي سبيل، فأخبر العاين بقوله، فتحين غيبة أبي عبد الله فجاء إلى رحله فعاين ناقته فاضطربت ناقته وسقطت تضطرب فأتى أبو عبد الله فقيل له: إن العاين قد عان ناقتك وهي كما تراه تضطرب فقال: دلوني على العاين فدل عليه، فوقف عليه وقال: بسم الله حبس حابس وشهاب قابس، ورددت عين العاين عليه وعلى أحب الناس إليه في كلوتيه رشيق وفي ما لا يليق، فارجع البصر هل ترى من فطور ثم ارجع البصر كرتين ينقلب إليك البصر خاسئاً وهو حسير، فخرجت حدقتا العاين وقامت الناقة لا بأس بها.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ عمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن البروجردي قال: أخبرنا أبو عطاء عبد الأعلى بن عبد الواحد بن أحمد ابن أبي القاسم المليحي بهراة قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن محمد ابن عبد الرحمن الفقيه المقرئ القراب قال: أخبرنا أبو يعلى الحسين بن محمد الزهري قال: أخبرنا محمد بن المسيب قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: كتب عبد الله بن داوود إلى أخ له: أما آن لك أن تستوحش من الناس.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حدثني مسعود بن ناصر السجزي قال: أخبرنا أبو سعيد عثمان بن محمد بن أحمد الصوفي ببست قال: حدثنا والدي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن علي الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إبراهيم الأزدي قال: حدثنا عبد الله بن الحكم المخرمي الطيالسي قال: سمعت أبا عبد الله الأصبحي يقول: سمعت سعيد بن بُريد النباجي يقول: بينا نحن صافون نقاتل العدو بأرض الروم، فإذا أنا بغلام كأحسن من رأيت من الغلمان وعليه طُرة وقفاً، وعليه حلة ديباج وهو يقاتل قتالاً شديداً وهو يقول:
أنا في أمري رشاد ... بين غزو وجهاد

بدني يغزو عدوي ... والهوى يغزو فؤادي
قال: فدنوت منه فقلت يا غلام هذا القتال وهذه المقالة والطرة والقفا والحلمة لا يشبه بعضها بعضاً فقال الغلام: أحببت ربي فشغلني بحبه عن حب غيره فتزينت لحور العين لعلها تخطبني إلى مولاها.
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه إلينا غير مرة - قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عبد العزيز الأزجي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثني عبد السلام - يعني - ابن محمد المخزومي قال: حدثني أبو العباس أحمد بن عبيد عن محمد ابن أبي الورد قال: صلى أبو عبد الله النباجي بأهل طرسوس صلاة الغداة، فوقع النفير وصاحوا، فلم يخفف الصلاة، فلما فرغوا قالوا له: أنت جاسوس، قال: وكيف ذاك؟ فقالوا: صاح النفير وأنت في الصلاة لم تخفف، قال: إنما سميت صلاة لأنها اتصال بالله، وما حسبت أن أحداً يكون في الصلاة فيقع في سمعه غير ما يخاطب الله به.
كتب إلينا أبو المظفر عبد الرحيم بن أي سعد السمعاني من مرو غير مرة قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن منصور الحُرضي قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أبو عبد الله النباجي من أقران ذي النون المصري له كلام حسن في المعرفة وغيرها، وكان من أستاذي أحمد بن أبي الحواري: واسم أبي عبد الله سعيد بن بُريد كذلك ذكره عمر بن محمد بن بجير فيما حدثنا عنه علي بن أحمد بن سعيد الجوزجاني قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو عبد الله سعيد بن بُريد النباجي.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان - فيما أذن لنا في روايته عنه مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: سعيد بن بريد أبو عبد الله النباجي الزاهد روى عن ... روى عنه أحمد بن أبي الحواري.
كذا وقع في أصل الكتاب مبيضا.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي زكريا البخاري قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد، ح.
قال: وقرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قالا في باب بُريد بالباء والراء: سعيد بن بريد أبو عبد الله النباجي الزاهد.
أنبأنا أبو القاسم الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أبو عبد الله النباجي سعيد بن بريد أحد الزهاد يحكي عنه أحمد بن أبي الحواري حكايات.
أخبرنا زيد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أبو عبد الله سعيد بن بريد النباجي، كان أحد عباد الله الصالحين يحكى عنه حكايات أحمد بن أبي الحواري الدمشقي وغيره.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: سعيد بن بُريد أبو عبد الله التميمي النباجي الزاهد، حكى عن الفضيل بن عياض وأبي خزيمة العابد، حكى عنه أحمد ابن أبي الحواري والوليد بن عتبة الدمشقيان، وعمر بن محمد بن بحير البحيري، وأبو عبد الله الأصبحي، وأبو الحسن محمد بن أبي الورد، وأحمد بن محمد بن بكر القرشي، وأبو عبد الله محمد بن معاوية الصوري، وسهل بن عاصم وعبد الله ابن خبيق الأنطاكي، وكان عابداً سياحاً.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموية قال: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا جعفر الرازي يقول: سمعت عباس بن حمزة يقول: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت النباجي يقول: أُس العبادة في ثلاثة أشياء: لا ترد من أحكامه شيئاً، ولا تدخر عنه شيئاً، ولا يسمعك تسأل غيره حاجة.

أخبرنا المؤيد بن علي الطوسي - في كتابه إلينا من نيسابور - قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن النيسابوري قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبدي الله بن أحمد الصيرفي ببغداد قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان قال: حدثنا محمد بن إدريس قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري عن أبي عبد الله النباجي قال: إن أحببتم أن تكونوا أبدالاً فأحبوا ما شاء الله، ومن أحب ما شاء الله لم ينزل به من مقادير الله وأحكامه شيء إلا حبه.
كتب إلينا أبو المظفر بن أبي سعد قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أنبأنا أبو بكر المزكي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت أبا العباس بن الخشاب البغدادي يقول: سمعت عبد السلام بن محمد يقول: سمعت أبا علي الروذباري يقول: سمعت أبا العباس بن عبد الله يقول: سمعت ابن أبي الورد يقول: قال أبو عبد الله النباجي: من خطرت الدنيا بباله لغير القيام بأمر الله حجب عن الله.
قال: وأخبرنا أبو عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو جعفر الرازي قال: حدثنا العباس بن حمزة قال: سمعت أحمد بن أبي الحوري يقول: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: إن أعطاك أغناك وإن منعك أرضاك.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن محمد بن نصر السيوري قال: حدثنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال: سمعت أبا نصر السمرقندي بمكة يقول: سمعت أحمد بن أنس بن مالك يقول: سمعت الوليد بن عتبة يقول: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: أصابتني ضيقة شديدة، فبت وأنا أتفكر في المصير إلى بعض أخواني فسمعت قائلاً يقول لي في النوم: أيجمل بالحر المريد إذا وجد عند الله ما يريد أن يميل بقلبه إلى العبيد، فانتبهت وأنا من أغنى الناس.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل قال: أخبرنا بشر بن محمد المزني قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثنا داوود بن محمد أنه سمع أبا عبد الله النباجي يقول: خمس خصال فيها تمام العمل: معرفة الله، ومعرفة الحق، وإخلاص العمل لله، والعمل علي السنة، وأكل الحلال، فإذا فقدت واحدة لم يرتفع العمل، وذلك أنك إذا عرفت الله، ولم تعرف الحق لم تنتفع وإذا عرفت الحق ولم تعرف الله لم تنتفع، وإذا عرفت الله، وعرفت الحق ولم تخلص العمل لم تنتفع، وإن عرفت الله وعرفت الحق وأخلصت العمل، ولم يكن العمل على ألسنة لم تنتفع، وإن تمت الأربع ولم يكن الأكل من الحلال لم تنتفع.
وقال: أخبرنا الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن جمشاد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سالم قال: حدثني إبراهيم بن الجنيد قال: حدثني النضر بن عيسى بن يحيى قال: قال رجل لأبي عبد الله النباجي وأنا اسمع: يا أبا عبد الله الراضي يسأل؟ قال: يُعَرض، قال: مثل أي شيء؟ قال: مثل قول أيوب " مسني الضر وأنت أرحم الراحمين " .
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أزريق - فيما أجازه لنا وسمعنا منه - قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر ابن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي، ح.
وأخبرنا حسن الأوقي - أذناً عن أبي طاهر الآزجي - قال: أخبرنا الآزجي قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عيسى بن هارون قال: حدثنا العباس بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: إن لله عز وجل عباداً يستحيون من الصبر يسلكون مسلك الرضا، وله عباد لو يعلمون ما ينزل من القدر لاستقبلوه استقبالاً حباً لربهم ولقدره عندهم، فكيف يكرهونه بعدما وقع!

وقال: أخبرنا بان جهضم قال: حدثنا أبو القاسم علي بن يعقوب الزاهد قال: حدثنا أبو عمر بن خلف قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: تدري ما أراد عبيد أهل الدنيا موالهيم أن يرضوا عنهم، وأراد الله من عبيده أن يرضوا عنه وما رضوا عنه، حتى كان رضاه عنهم قبل رضاهم عنه.
وقال: أخبرنا ابن جهضم قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهران قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن سهل بن حسان - فيما قرأت عليه ببلخ - قال: حدثنا يوسف بن موسى ابن عبد الله قال: حدثني محمد بن سلام قال: حدثنا محمد بن عمرو والغزي: أن أبا عبد الله النباجي سأل الله عز وجل أن يجعل رزقه في الماء، ثم سأل الله عز وجل أن يقطع عنه شرب الماء فأُري في منامه: إنك خَلق أجوف فكان غذاؤه الماء.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش قال: حدثنا جعفر بن عاصم بدمشق، ويوسف بن الحسين بالري، وابن أبي حسان الأنماطي قالوا: حدثنا ابن أبي الحواري قال: سمعت أبا عبد الله النباجي يقول: تدري أي شيء قلت البارحة، وبارحة الأولى؟ قلت: قبيح بعُبَيْد ذليل مثلي يعلم عظيماً مثلك ما لا يعلم، إنك تعلم أني لو خيرت بين أن تكون لي الدنيا منذ يوم خلقت أتنعم فيها حلالاً لا أُسأل عنه يوم القيامة، وبين أن تخرج نفسي الساعة، لاخترت أن تخرج نفسي الساعة، ثم قال: إنا نحب أن نلقى من يطيع.
سعيد بن جباءة:
أبو محمد المعري التنوخي من أهل معرة النعمان، هكذا وجدته بخط شيخنا أبي إسحاق إبراهيم بن أبي اليسر، فلا أدري نسبة إلى جده الأعلى الذي تنسب إليه بنو جباءة، أو أن أباه كان اسمه جباءة باسم جده الأعلى، وهو من بني أبي الأسد محمد بن سلامة بن المثنى بن جباءة، وإليه ينتسب بيتهم بمعرة النعمان، ابن سلميان بن زرعة بن سلامة بن نبيل بن الصباح بن مقاتل بن زيد بن ذهل بن زرعة بن ثعلبة بن مالك بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة ويعرف بالضياء، وهو من بيت معروف بمعرة النعمان فيه جماعة من العلماء والشعراء، ولسعيد هذا شعر، وروى عن أبي الحسن بن المؤيد بن أحمد بن حواري شيئاً من شعره، روى عنه أبو إسحاق بن أبي اليسر.
أنبأنا أبو إسحق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن سليمان - ونقلته من خطه - قال: أنشدني الشيخ الضياء أبو محمد سعيد بن جباءة المعري رحمه الله سنة سبع وثمانين وخمسمائة بداره بباب حجي قالِ: أنشدني أبو الحسن علي بن المؤيد بن حواري لنفسه:
من عزيري من عذارى قمر ... عرض القلب لأسباب التلف
عرف الشعر الذي عارضه ... أنه جار عليه فوقف
وقرأت في مجموع وقع إليَّ هذه الأبيات لسعيد بن جباءة:
أنا من عرفت جلادةً وحزامةً ... لكني ذهبت من الهوى بُمغَرّر
إن كنت لم تخبر غرامي باللوى ... فاستخبر الأحياء عني تخبر
كم نظرة أبدت أسىً أخفيته ... عن ناظر الواشي بما لم ينظر
لو كنت أملك أمر قلبي لم أكن ... ألقى الهوى إلا بحكم مُخَبِّر
يا صاح كم صاحٍ تداخل قلبه ... سكر الغرام وودّ إن لم يسكر
ظن الهوى سهلاً فوافق صَعْبَه ... مع زلة الشعر التي لم تغفر
سعيد بن الحاضن الغساني الحلبي:
قيل أنه هو القائل في الحسين بن حمدان حين كتب إليه المقتدر في إنجاد ذكا الأعور علي بني تميم حين عاثوا في بلد حلب وأفسدوا فساداً كثيراً، فأسرى إليهم من الرحبة، وواقعهم على خناصرة وأسر منهم جماعة، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة الحسين بن حمدان فقال سعيد بن الحاضن:
أصلح ما بين تميم وذكا ... أبلجُ يشْكي بالرماح من شكا
يُدل بالجيش إذا ما سلكا ... كأنه سُليكة بن السُلكا
سعيد بن حذيفة بن اليمان:
حُسيّل - وقيل حسل - بن جابر بن عمرو بن ربيعة بن جروة بن الحارث بن مازن بن قطيعة بن عيسى العبسي القطعي الأنصاري، بايع علي بن أبي طالب هو وأخوه صفوان بن حذيفة بوصية أبيهما إياهما بذلك، وشهدوا معه صفين فقتلا بها، له ذكر.
سعيد بن حرب البغراسي:

أبو عثمان الحافظ الأنطاكي، سكن بغراس، حصن قريب من أنطاكية من الحصون المنيعة، روى عن عثمان بن خرزاد الأنطاكي، وأحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي، روى عنه أبو القاسم الحسن بن منصور بن النمس، وأبو المفضل محمد بن عبد الله الشيباني الكوفي، وذكر أنه سمع منم ببغراس.
أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه إلينا من نيسابور قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن عبد اللطيف المعري بحلب قال: حدثني الشيخ أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن منصور بن النمس قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن حرب الحافظ الأنطاكي قال: حدثنا أحمد بن علي بن سعيد القاضي المروزي قال: حدثنا محمد ابن حسان السمتي قال: حدثنا أبو عثمان عبد الله بن يزيد الحمصي قال: حدثني الأوزاعي عن عبدة بن أبي لبابة عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله قوماً يخصهم بالنعم لمنافع الناس يقرها فيهم ما بذلوها، فإذا منعوها حوّلها إلى غيرهم.
سعيد بن حمدان بن حمدون:
ابن الحارث بن لقمان بن الرشيد بن المثنى بن رافع بن الحارث بن عُطيف بن مجرية بن جارية بن مالك بن عبيد بن..... بن عدي بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، واسم تغلب دثار بن وائل، هكذا نقلت نسبة من خط الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين المغربي وجعل بياضاً بني عبيد بن، وبين ابن عدي، وهو أبو العلاء التغلبي الحمداني، والد الأمير أبي فراس الحارث بن سعيد، ولي ملطية وسميساط في سنة تسع عشرة وثلاثمائة، ذكر ذلك السليل بن أحمد بن عيسى في تاريخه، وولي الموصل أيضاً وغزا الروم في سنة تسع عشرة وثلاثمائة فأوغل وقتل وسبى وغنم، وكان شاعراً مجيداً، وإياه عني أبو فراس ولده في قصيدته الرائية التي يذكر فيها مآثر أجداده وأهله:
أولئك أعمامي ووالدي الذي حمى ... جنبات الملك والملك شاغر
بحيث نساء الغادرين طوالق ... حيث إماء الناكثين حرائر
وقع إلي نسخة من شعر أبي فراس، بخط أبي المجد عبد الله بن محمد بن أبي جرادة، شرح أبي عبد الله خالويه، وعليها بخط ابنه أبي الحسن علي بن عبد الله: هذه النسخة قابل عليها والدي رحمه الله من أربع نسخ وصحت بنهاية الممكن، وهي بخطه، وقابلت أنا عليها من نسخة خامسة كثيرة الشرح، وقد خرجت ما وجدت من الزيادة بخطي في حواشيها، وها أنا أذكر من الأبيات والشرح في هذه القصيدة ما تضمن ذكر أبي العلاء سعيد على صورته، قال بعد هذين البيتين، أعني ابن خالويه: أبو العلاء سعيد بن حمدان كان ملازماً حضرة المقتدر، فكانت أكثر موافقة على بابه، ولما عظم أمر الرَجالة ساروا إلى دار المقتدر في أربعين ألفاً، فهزموا ابن ياقوت الحاجب والساجية والحجرية، وكان أبو العلاء في دار الخليفة على غير أهبة، فأمره بالخروج إليهم، ودفع إليه جوشن المعتضد، ودرع وصيف الخادم، فظاهر بينهما، وخرج فضرب فيهم بالسيف وغشوه من كل جانب وأثخنوه بالجراح فثبت حتى هزمهم، فلم تقم لهم قائمة إلى اليوم.
وبخط أبي الحسن من الحاشية فقال فيه: هوبر الكناني من ولد هوبر صاحب تغلب في حرب قيس وتغلب قصيدة يمدحه فيها منها:
يبرزون الوجوه تحت ظلال الموت ... والموت منهم يستظل
كرماء إذا الظبى واجهتهم ... منعتهم أحسابهم أن يولوا
وقال ابن خالوية: وكانت له - يعني أبا العلاء - بالجند والقواد وقعة في دار ابن مقلة الوزير أعظم من الأول، جمع له الخليفة بعدها ما بين السريرين من بغداد إلى ملطية مع طريق خراسان.
عاد إلى القصيدة:
له بُسليم وقعة جاهلية ... تقر بها فيد وتشهد حاجر
قال ابن خالويه: عارضت بنو سليم الحاج، وكان الأمير حاجاً متطوعاً، فأوقع بهم وهزمهم، فكتب إليه أخوه أبو السرايا نصر بن حمدان وكان هو وأبو العلاء شاعر بني حمدان:
جاء لي المخبر الخبير بأن قد ... زأرت حولك الأسود زئيراً
حوطت غارة عليك سليم ... فثنيت العنان فيهم مُغِيرا
لم تزل بالحسام تبرى رؤوساً ... وبحد السنان تفري النحورا

وبودي أني حضرت فأغنيتك ... عن أن ترى لغيري حضوراً
كنت بالصارم الحسام أوقيك ... وما كنت أحذر المحذورا
قال: ولم يذهب للحاج الذين كانوا معه عقال.
عاد إلى القصيدة:
وأذكت مذاكيه بشرج فأرضها ... من الضرب ناراً جمرها متطاير
شفت من عُقَيل أنفساً شفها السرى ... فهورّ عجلان وهوّم ساهر
وأول من شد المجيد بعينه ... وأول من مد الكمي المظاهر
قال: أوقع أبو العلاء بن حمدان ببني عقيل دمغة بموضع وراء نجد يقال له شرج من أرض العالية فقتل فرسانهم وملك حريمهم وأموالهم وأنشأ يقول:
نبئتُها تسأل عن موقفي ... بأرض شرج والقنا شرع
وعن عُقيل إذ صبحناهم وقد ... تلاقى الحسر والدرع
شددت فيهم شددي صولة ... قد جربته الحرب لا يخدع
عاد إلى القصيدة:
يقصرّ عمر الحق في ظل غزوه ... بصولة نائي الخوف والموت حاضر
رمى الله منه الروم في كل معقل ... بمستيقظ أسراره وهو ساهر
فلم يستتر خافٍ ولم ينج هارب ... ولم يمتنع حصن ولم يُهد حائر
ولك مشيدِ رُدّ كسراً بحسرة ... فبطنانه للمسلمين ظواهر
كأنّ الثريا في يلامق أهله ... تشاكلها في لمعها وتُحاور
وقرأت في غير النسخة المذكورة، شرح هذه الأبيات، قال ابن خالويه: غزا أبو العلاء سعيد بن حمدان وسيف الدولة أبو الحسن علي بن عبد الله بن حمدان من ملطية حتى أغارا على مدائن الروم: ونلفيد وسمندو، وأغار على الصفصاف ووادي سابور، فأحرقا المدائن، وسبيا الذراري وقتلا الحماة وفتحا الحصون وكانت غزاة عظيمة جليلة.
عاد إلى القصيدة:
غزا الروم لم يقصد جوانب غِرة ... ولا سبقته بالمراد النذائر
فلم تر إلا فالقاً هام فيلق ... ونحراً له تحت العجاجة ناحر
وأبيض ماضي العزم فيهم يقده ... بأبيض ماضي العزم أبيض زاهر
ونسمع من جرس الحديد بسوقهم ... غناء غوان مالهن مزاهر
قصرنَ خطى صهر الدمستق وابنه ... وفيهن عن سعي الضلالة قاصر
رأى الثغر مثغوراً فسد بسيفه ... فم الدهر عنه وهو سغبان فاغر
مساعِ يضل الشعر فيهن جَهده ... وتهلك في أوصافهن الخواطر
ومستردفات من نساء وصبيةٍ ... تثنى على أكتافهن الغدائر
بُنَيات أملاك أتين فجاءةً ... فهُنَّ وفي أعناقهن الجواهر
قال: ذكر غزاة أبي العلاء بن حمدان، وقد دخل من نواحي ملطية في سنة تسع عشرة وثلاثمائة، فأوغل في بلد الروم، وقتل وسبى وغنم، وكان معه خمسة آلاف فارس من العرب كل ألف بلون من العذب والرايات على رماحهم.
قال ابن خالويه: ومآثر أبي العلاء أكثر من أن تحصى وهو الذي ضمن عن بني البريدي ستمائة ألف دينار ثم أمرهم بالهرب ودارى السلطان عنهم حتى صلح أمرهم، وأقرهم على أعمالهم فما دخلوا مدينة السلام إلا مالكيها وأهدوا إلى أبي العلاء هدية بألف درهم فلم يقبل منها إلا عمامة خز، وله مثل ذلك كثير.
نقلت من كتاب المأثور من ملح الخدور، تأليف الوزير أبي القاسم بن المغربي وذكر بخطه نسبة أبي العلاء كما أوردناه، وكتب بعده: وبعض حساد هؤلاء القوم يرميهم بالدعوة، ويقول إنهم موالى إسحق بن أيوب التغلبي، وذلك باطل وأصله أن كثيراً منهم أسلموا على يد إسحق هذا، فتطرق القول عليهم لأجل ذلك، وقد قال الشاعر:
إن العرانين تلقاها مُحسَّدة ... ولن ترى للئام الناس حسادا

قال الوزير أبو القاسم، ونقلته من خطه: كان أبو العلاء سعيد بن حمدان ملازماً بغداد، وخاصا بحضرة المقتدر، قالوا: فكانت أكثر مواقفه على بابه، وكانوا في بعض الأوقات ساروا إلى قصر المقتدر مشغبين عليه، فهزموا محمد بن ياقوت والحجرية والساجية، وكان أبو العلاء بن حمدان في دار المقتدر على غير أهبة، فأمره بالخروج إليهم ودفع إليه جوشن المعتضد بالله، ودرع وصيف الخادم، فظاهر بينهما، وخرج مع من حضر من غلمانه، فضرب فيهم بالسيف وغشوه من كل جانب وأثخنوه بالجراح، فثبت حتى هزمهم، فقال فيه هوبر الكناني من ولد هوبر صاحب تغلب في حرب قيس وتغلب قصيدة يمدحه فيها منها:
يُبرزون الوجوه تحت ظلال الموت ... والموتُ منهم يستظل
كرماء إذا الظبى واجهتهم ... منعتهم أحسابهم أن يزلوا
قال الوزير أبو القاسم، ونقلته من خطه: وكان أبو العلاء شاعراً، يعد من شعراء بني حمدان، وكان أوقع ببني عُقَيل بموضع يقال له شرج من أرض العالية وراء نجد، فظفر بهم بعد قتال شديد وقال:
نبئتها تسأل عن موقفي ... بأرض شرج والقنا شرع
وعن عقيل إذ صبحناهم ... وقد تلاقى الحسر والدرع
وقد أتانا منهم فيلق ... حامٍ حماه ماله مدفع
شددت فيهم شددي صولة ... قد جربته الحرب لا يخدع
إذ قُلِقت هام أسود الوغا ... وقُطَّت الأسوق والأذرع
ووجدت في هذه الأبيات زيادة قرأتها بخط الوزير أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وهي بعد البيت الثالث:
حتى إذا ما كشرت نابها ... وعيف كأس الموت لا يكرع
تجني نفوساً بني سمر القنا ... فهي ككَّر الطرف أو أسرع
وبعد بقية الأبيات ختمها بقوله:
لا تزجريني عن طلاب العلا ... ما أن ينال العز من يضرح
أنا سعيد وأبي أحمد ... بالسيف ضُرّي وبه أنفع
أراد بقوله: وأبي أحمد، حمدان، لأن اشتقاقهما واحد.
ونقلت من خط الوزير أبي القاسم، وغزا أبو العلاء سنة تسع عشرة وثلاثمائة فأوغل في بلاد الروم وقتل وسبى وغنم، وكان معه خمسة آلاف فارس من العرب كل ألف بلون من الرايات والعذب على أرماحهم. وهذا منظر عجب إذا تصورته، وأبو العلاء فيما قالوا ضمن عن بني البريدي ستمائة ألف دينار، ثم أمرهم بالهرب، ودارى السلطان عنه حتى أصلح أمرهم وأقرهم على أعمالهم، فما دخلوا مدينة السلام إلاّ مالكيها، وأهدوا إلى أبي العلاء هدية بألف ألف درهم فلم يقبل منها إلاّ عامة خز.
ذكر محمد بن عبد الملك الهمذاني في كتاب عنوان السير قال: أبو العلاء سعيد ابن حمدان، وكان في عسكر المقتدر بالله خمسة آلاف من السودان ومنازلهم بدرب عمار كثر تحكمهم وشغبهم فأوقع بهم أبو العلاء بن حمدان في سنة ثمان عشرة وثلاثمائة وأحرق منازلهم، وبطل أمرهم من الدواوين والدنيا، وتقدم أبو العلاء عند الراضي بالله لأنه نصر أباه في حربه، واغتاله ابن أخيه أبو محمد ناصر الدولة، وقُتل بالموصل سنة أربع وعشرين وثلاثمائة.
سعيد بن حمزة بن مالك:
الهمداني الأرذي، من الغزاة المذكورين، غزا الروم واجتاز بحلب في غزواته.
ذكر أبو محمد عبد الله بن سعيد القطربلي عن الواقدي قال: قال مشيخة من أهل الشام: كان سفيان بن عوف الأزدي قد أتخف من كل جند من أجناد الشام رجالاً أهل فروسية ونجدة وعفاف وسياسة للحرب، وكانوا عدة له قد عرفهم وعرفوا به، فسمى لنا منهم من جند الأردن: سعيد بن حمزة بن مالك الهمداني، وحبيش بن دلجة القيسي، وعبد الله بن مكشوح المرادي، وذكر غيرهم.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: سعيد بن حمزة بن مالك الهمداني، من أهل الأردن، كان غزاءً يغزو الروم ويجتاز بدمشق.
سعيد بن حمزة بن أحمد:
ابن الحسن بن محمد بن منصور بن الحارث بن سارخ أبو الغنائم النيلي الكاتب، حدّث عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الحراني، وأبي المظفر هبة الله بن أحمد بن الشبلي، وكان شاعراً من أهل النيل، من عمل الحلة المزيدية، يشتمل على قرى كثيرة، وقدم حلب ودخل منها إلى بلد الروم، عنه رفيقنا الحافظ محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار.

أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: أخبرنا سعيد بن حمزة الكاتب - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الحراني قال: أخبرنا الحسين بن طلحة قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا أحمد بن الوليد الفحام قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا خلف بن طهمان أبو العلاء الخفاف قال: حدثني رافع بن أبي نافع عن معقل بن يسار عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من قال حين يصبح: أعوذ بالسميع العليم من الشيطان الرجيم، وقرأ الثلاث من آخر سورة الحشر وكل الله به سبعين ألف ملك يصلون عليه حتى يمسي، ومن قالها مساء فمثل ذلك.
وقال: أنشدنا أبو الغنائم سعيد بن حمزة الكاتب لنفسه:
لقد هجرتني أم هاجر وابتدت ... تقول لقد خابت لنا فيك آمال
رأت رجلاً أعشى مُسناً وما به ... حراك وقد أرداه بؤس وإقلال
ومن جاوز التسعين عاماً تعد له ... برود قواه رثة وهي أسمال
ولما رأت شيبتي وفقري تنكرت ... وصدّت ومالت حين مال بي الحال
وماذا على مثلي محب وما له ... شفيع إليها لا شفيع ولا مال
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب قال....
أخبرنا أبو عبد الله بن النجار كتابة قال: سعيد بن حمزة بن أحمد بن الحسن ابن محمد بن منصور بن الحارث بن سارخ، أبو الغنائم الكاتب من ساكني قراح بن أبي الشحم، كان كاتباً يتصرف في الأعمال الديوانية وفيه فضل وأدب، ويقول الشعر الحسن ويترسل، وقد سمع شيئاً من الحديث من أبي عبد الله بن عبد الحميد بن الحراني الشاهد وأبي المظفر هبة الله بن أحمد بن محمد ابن الشبل، كتبنا عنه، وكان حسن الأخلاق لطيف الطبع كيسا.
وقال: سألت أبا الغنائم عن مولده فقال: ولدت بالنيل لثلاث خلون من شهر ربيع الأول من سنة ثمان عشرة خمسمائة، ودخلت بغداد بعد عشرين سنة من عمري، وتوفي في شهر رمضان سنة ثلاث عشرة وستمائة يوم الجمعة لعشر خلون منه، ودفن بمقابر قريش.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من مات في سنة ثلاث عشرة وستمائة: وفي شهر رمضان توفي الشيخ أبو الغنائم سعيد ابن حمزة بن أحمد بن الحسن بن سارخ النيلي الكاتب ببغداد، ومولده بالنيل لثلاث خلون من شهر ربيع الأول سنة ثمان عشرة وخمسمائة.
سمع ببغداد من أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن الحراني، وأبي المظفر هبة الله ابن أحمد بن الشبلي، وحدّث، وكان له شعر ومدح جماعة من الأمراء والولاة، ودخل إلى بلاد الروم والشام.
سعيد بن رحمة بن نعيم:
أبو عثمان الأصبحي المصيصي، من أهل المصيصة، حدّث عن أبي إسحاق الفزاري وعبد الله بن المبارك، ومحمد بن خمير، ومحمد بن شعيب ابن شابور، وعلي بن بكار المصيصي، وإسماعيل الجعفري الكوفي.
روى عنه أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار، وعبد الله بن أحمد ابن معدان الغزّاء، ومحمد بن حماد، ومحمد بن عثمان المصيصيّون، وعمير بن يوسف بن جوصاء، وموسى بن عبد الرحمن الفلاّ الحلبي، وإبراهيم بن متوية الأصبهاني، ومحمد بن المبارك بن حماد الضبي، وأبو بشر محمد بن أحمد بن حماد وأبو محمد عبد الله بن بشر الطالقاني.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عم أبي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى المصيصي قال: حدثنا سعيد بن رحمة بن نعميم قال: سمعت عبد الله بن المبارك عن عبد الحميد بن بهرام عن شهر بن حوشب عن عبد الرحمن بن غنم عن معاذ بن جبل عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: والذي نفس محمد بيده ما شحب وجه ولا اغبرت قدم في عمل يبتغى به درجات الجنة، بعد الصلاة المفروضة، كجهاد في سبيل الله عز وجل، ولا ثقل ميزان عبدٍ كدابة تنفق له في سبيل الله أو يحمل عليها في سبيل الله عز وجل.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل الجوزدانية قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: أخبرنا إبراهيم بن متويه الأصبهاني قال:....
أنبأنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي - إجازة عن أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي - قال في الأحاديث التي رواها الكذبة والمجروحون والضعفاء والمتروكون حديث: من أكل درهماً من رباً فهو مثل ستة وثلاثين زنية، قال: سعيد بن رحمة بن نعيم المصيصي، وسعيد هذا ليس بحجة.
وقال في حديث من أعان ظالماً ليدافع بباطله حقاً: فيه سعيد بن رحمة المصيصي ليس بحجة في الحديث منكره.
سعيد بن زيد بن خالد:
أبو عثمان الهاشمي مولاهم الحمصي، شاعر من أهل حمص، حدث عن ديك الجن عبد السلام بن رعبان الحمصي بحديث قد سقناه عنه عن ديك الجن في ترجمته فيما يأتي بعد في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى، رواه عنه عبد الله بن محمد الفارسي الشاعر، قدم حلب وسمع منها بها أبو القاسم الحسين وأبو الحسين أحمد ابنا علي بن أبي أسامة الحلبيان.
أخبرنا الخطيب أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن الطوسي - في كتابة إلينا من الموصل غير مرة - قال: أخبرنا عمي عبد الرحمن بن محمد - بقراءتي عليه يوم الثلاثاء تاسع عشر رمضان سنة إحدى وستين وخمسمائة - قال: أخبرنا أبو منصور عبد المحسن بن علي بن محمد التاجر قال: أنشدني أحمد ابن علي المدائني بحلب.
قلت: ونقلته أيضاً من خط المدائني في مجموع وهبنيه والدي قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن أبي أسامة قال: أنشدني سعيد بن زيد الحمصي قال: أنشدنا ديك الجن لنفسه:
وعزيز بين الدلال وبين ال ... ملك فارقته على رغم أنفي
لم أكن أعلم الزمان يُحبيه ... فيجني فيه علي بصرف
صنت عن أكثري هواه فما ... يعلم ما بي إلا فؤادي وطرفي
والذي نقلته من خط المدائني: وعزير بين النعيم وبني الملك.....
سعيد بن سعيد الفارقي
أبو القاسم النحوي أديب فاضل عارف بالعربية وقفت له على مصنف فيه تقسيمات العوامل وعللها في النحو، وله كتاب تفسير المسائل المشكلة في أول المقتضب لأبي العباس المُبَردّ.
قرأ العربية على علي بن عيسى الربعي، وسمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، وروى عن عبد الله بن أحمد العجمي خبراً رواه عنه أبو محمد الحسن بن محمد الخلاّل الحافظ.
أخبرنا به أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني - في كتابه عن أبي المعالي عبد الله بن أحمد البزاز - قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الملك الأسدي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الخلاّل الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سعيد بن سعيد الفارق النحوي - إملاء في جامع المدينة، وما كتبته إلاّ عنه، وليس عندي عنه غيره، في رجب سنة خمس وسبعين وثلاثمائة - قال: أخبرنا بعد الله بن أحمد العجمي قال: حدثنا ابن دريد عن عبد الرحمن بن عمة قال: سمعت يونس بن حبيب يقول: كان ينادم المنذر بن ماء السماء جد النعمان بن المنذر ابن المنذر رجلان من بني أسد يقال لأحدهما خالد بن المطل والآخر عمرو بن مسعود ابن كلدة، وهما اللذان عناهما الشاعر بقوله:
ألا بكر الناعي بخيري بني أسد ... لعمرو بن مسعود بالسيد الصمد
فشرب ليلة معهما، فراجعاه الكلام، فأغضباه فأمر أن يحفر لكل واحد منهما حفيرة بظهر الكوفة، وجعلنا في تابوتين ثم يدفنان في الحفيرة، ففعل بهما ذلك، فلما أصبح سأل عنهما فأخبروه بهلاكهما، فركب حتى نظر إليهما فأمر ببناء الغريين فبُني عليهما، ثم جعل لنفسه يومين في السنة يجلس فيهما عند القبرين سمى أحدهما يوم نعيم الآخر يوم بؤس فكان يوضع سريره بينهما فأول من يطلع عليه في يوم نعيمه وهو على سريره يعطيه مائة من الإبل سُهْماً وهي السود وكانت مما يقتينها الملوك وكان أول من يشرف عليه في يوم بؤسه يعطيه رأس ضربان، ثم يأمر به فيذبح ويغري بدمه الغريين، فلبث بذلك برهة من دهره يعطي ويقتل ويغري بدماء القتلي الغربين.

فبينما هو ذات يوم من أيام بؤسه إذ طلع عليه عبيد بن الأبرص الأسدي أول من أشرف عليه، فقال له المنذر: هلا كان الذبح لغيرك يا عبيد؟ قال: أتتك بحائن رجلاه فأرسلها مثلاً، فقال المنذر: أو أجل بلغ أناه، قال: أنشدني يا عبيد شعرك فإنه يعجبني، فقال: حال الجريض دون القريض وبلغ الحزام الطبيين الجريض غصة الموت فأرسلها مثلاً، فقال له المنذر: أسمعني، فقال له عبيد: المنايا على الحوايا، فأرسلها مثلاً، فقال له بعض القوم: أنشد الملك هبلتك أمك قال: وما قول قائل مقتول! فقال له آخر: ما أشد جزعك من الموت يا عبيد؟ قال: لا يرحل رحلك من ليس معك، فأرسلها مثلاً، أي لا يدخل في أمرك من لا يهتم بك، قال له المنذر: قد أمللتني فأرحني قبل أن آمر بك، قال عبيد: من عزَّ بزّ، أي من غلب سلب، فأرسلها مثلاً، فقال له المنذر: أنشدني: أفقر من ساكنه ملحوب.
فقال عبيد:
أقفر من أهله عبيد ... فاليوم لا يبدي ولا يعيد
فقال له المنذر: أسمعني قبل أن آمر بذبحك، فأنشأ يقول: لا غرو من عيشه نافده.
وفي أخرى:
لا خير في عيشة ناكدة ... وهل غير ما سنة واحدة
فابلغ بني وأعمامهم ... بأن المنايا هي الراصدة
لها مدة فنفوس العباد ... إليها وإن كرهت قاصدة
فلا تجزعوا بحمامٍ العباد ... إليها وإن كرهت قاصدة
فلا تجزعوا بحمامٍ بنا ... فللموت ما تلد الوالدة
فقال له المنذر: يا عبيد لا بد من الموت، وقد علمت أن أبي لو عرض علي في هذا اليوم لم أجد بداً من ذبحه، فأما إذا كنت لها وكانت لك، فاختر إحدى ثلاث خصال: إن شئت من الأكحل، وإن شئت من الأبجل، وإن شئت من الوريد، فقال له عبيد، أبيت اللعن ثلاث خصال كسحاب عادٍ ورّادها شر ورّاد ومقادها شرُّ مَقاد ولا خير فيها لمرتاد، ولكن إن كان ولا بد فاسقني الخمر حتى إذا ماتت لها مفاصلي وذهلت لها ذواهلي فشأنك وما تريد، فأمر المنذر بالخمر فسقي منها حاجته حتى إذا أخذت منه، وطابت نفسه دعابه ليذبحه فأمر بقتله فقال:
وخيرني ذو البؤس في يوم بؤسه ... خصالاً أرى في كلها الموت قد برق
كما خيرت عاد من الدهر مرة ... سحائب ما فيها لذي خيرة أنق
سحائب لم تولك ببلدةٍ ... فتتركها إلاّ كما ليلة طلق
فأمر المنذر به ففصد حتى مات وغُري بدمه الغريين.
قرأت بخط ببعض الفضلاء في مجموع، وأظنه بخط الشريف إدريس بن الحسن ابن علي الإدريسي المصري قال من جزءٍ ضخم جمع كاتبه أو مصنفه فيه تواريخ الوفاة منذ سنة ثلاث وستين وثلاثمائة إلى آخر سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة: قتل الفارقي أبو القاسم سعيد بن سعيد في الموكب بعد المغرب عند بستان الخندق - يعني - بالقاهرة، يوم الجمعة لسبع بقين من جمادى الأولى سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة ودفن مكانه.
سعيد بن سهل بن محمد بن عبد الله:
أبو المظفر النيسابوري، ويعرف بالفلكي، حدّث عن أبي الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني وأبي علي نصر الله بن عثمان الخشناميّ، وهو من أهل نيسابور، وسكن خوارزم وكان كاتباً متصرفاً، ثم وزر لصاحب خوارزم، وتمكن عنده ثم خاف منه فخرج إلى الحج وقيل إنه خرج من خوارزم أيام فتنة الغُز، ووصل إلى الشام وقدم حلب وحدث بها بجزء من حديث أبي الحسن المديني ومجلس من إملاءٍ نفسه، ثم صعد إلى دمشق وحدّث بذلك الجزء، وأقبل عليه نور الدين محمود بن زنكي وأنزله خانقاه السميساطي، وطلب زيادة البيت المقدس، فأخذ نور الدين له إذناً من الفرنج، فزاره وعاد إلى دمشق فأمسكه نور الدين بدمشق وجعله شيخ رباط السميساطي، وطلب زيادة البيت المقدس، فأخذ نور الدين له إذاً من الفرنج، فزاره وعاد إلى دمشق فأمسكه نور الدين بدمشق وجعله شيخ رباط السميساطي فأثر آثاراً جميلة وأقام بدمشق إلى أن مات.
روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، والحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وأبو علي الحسين بن عبد الله بن رواحة، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي الحلبي، وعمر بن محمد العليمي أبو الخطاب، وكان قد سمع منه بخوارزم، وروى عنه تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم ابن محمد السمعاني بالإجازة.

روى لنا عنه عمي ووالدي أبو غانم وأبو الحسن، وأخبراني أنه نزل بحلب بمدرسة الحلاويين عند مدرسها علاء الدين عبد الرحمن بن محمود وأنه أملى عليهم هذا الجزء في سنة ثلاثٍ وخمسين وخمسمائة، وروى لنا عنه من الدمشقيين أبو عبد الله محمد بن حسين بن المجاور، وأبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن ابن هبة الله زين الأمناء، ومحمد بن غسان بن غافل الأنصاري، والسلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي، وولده محمد بن بهرام.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد ووالدي أبو الحسن أحمد ابنا أبي الفضل هبة الله ابن محمد بن أبي جرادة - قراءة مني عليهما بحلب - قالا: حدثنا أبو المظفر سعيد ابن سهل الفلكي - إملاء بحلب - قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد ابن أحمد بن عبيد الله المديني قال: أخبرنا الشيخ أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد المزكي رحمه الله قال: أخبرنا الباقي بن قانع الحافظ قال: أخبرنا عبد الوارث بن إبراهيم العسكري قال: حدثنا سيف بن مسكين قال: حدثنا المبارك بن فضالة عن الحسن قال: قال عتي: خرجت في طلب العلم فقدمت الكوفة فإذا أنا بعبد الله بن مسعود رضي الله عنه، فقلت: يا أبا عبد الرحمن هل للساعة من علم يعرف به؟ قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن ذلك فقال: من أعلام الساعة أن يكون الولد غيظاً والمطر قيظاً، ويفيض الأشرار فيضاً ويُصدق الكاذب، ويكذب الصادق، ويؤتمن الخائن، ويخون الأمير، ويسود كل قبيلة منافقوها، وكل سوق فجارها، وتزخرف المحاريب، وتخرب القلوب ويكتفي الرجال بالرجال والنساء بالنساء وتخرب عمران الدنيا ويعمر خرابها، وتظهر الفتنة، وأكل الربا، وتظهر المعازف والطبول وشرب الخمر، وتكثر الشرط والغمازون والهمازون.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن عبد الله بن رواحة قال: أخبرنا أبي أبو علي الحسين بن عبد الله بن رواحة قال: أخبرنا الصدر الكبير الوزير الزاهد زين الدين أبو المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي، بقراءتي عليه يوم عيد الفطر سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، بين حران والفرات، عند وصوله من مكة حرسها الله إلى الشام، ح.
وأخبرنا عمي أبو غانم ووالدي أبو الحسن، وأبو عبد الله محمد بن حسين بن المجاور بحلب، وأبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله، ومحمد بن غسان بن غافل الأنصاري بدمشق، والسلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي، وولده محمد بالمزّة من غوطة دمشق، وقالوا: أخبرنا. وقال عمي ووالدي: حدثنا سعيد بن سهل الفلكي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن عبدوس الطرائفي قال: أخبرنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: أخبرنا سعيد بن أبي مريم قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثني أبو حازم عن سهل بن سعد رضي الله عنه أن رجلاً كان من أعظم المسلمين غناءً عن المسلمين في غزوة غزاها مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا، فاتبعه رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جُرح. فاتبعته رجل من القوم وهو على تلك الحال من أشد الناس على المشركين حتى جُرح. فاستعجل الموت فجعل ذبابة سيفه بين ثدييه حتى خرج من بين كتفيه، فأقبل الرجل الذي كان معه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم مسرعاً، فقال: إني أشهد أنك رسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ذلك؟ قال: قلت من أحب أن ينظر إلى رجل من أهل النار فلينظر إلى هذا، فكان من أعظمنا غناءً عن المسلمين، فقلت إنه لا يموت على ذلك، فلما جرح استعجل الموت فقتل نفسه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن العبد ليعمل عمل أهل الجنة، وإنه لمن أهل النار، ويعمل بعمل أهل النار وإنه لمن أهل الجنة، وإنما الأعمال بالخواتيم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: حدثنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني - قراءة علينا من لفظه - قال: أخبرنا سعيد بن سهل الفلكي إجازةً، ح.
وأخبرنا والدي وعمي قالا: أملى علينا أبو المظفر سعيد بن سهل بحلب، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن حسين المجاور بحلب، وبدمشق، وزين الأمناء أبو البركات ومحمد بن غسان بدمشق قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل قال: حدثنا نصر الله بن أحمد بن عثمان الخُشنامي - إملاءٌ - قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا محمد بن سنان القزاز قال: حدثنا محبوب بن الحسن الهاشمي قال: حدثنا يونس عن الحسن عن عمران بن حصين رضي الله عنهما أن رجلاً اعتق ستة مملوكين له عند موته، لم يكن له مال غيرهم، فبلغ ذلك النبي صلى الله عليه وسلم فجزأهم ثلاثة، ثم أقرع بينهم، وأعتق اثنين وأرقّ أربعة.
أخبرنا عمي ووالدي وأبو عبد الله بن المجاور، وأبو البركات بن عساكر، ومحمد بن غسان الأنصاري وبهرام بن محمود، وابنه محمد قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل الفلكي - قال عمي ووالدي إملاءً بحلب - قال: أنشدنا علي بن أحمد المديني قال: أنشدنا أبو سعد بن عليك الحافظ قال: أنشدنا محمد بن أحمد بن حمدان قال: أنشدنا الصولي قال: أنشدنا إبراهيم بن المعلى قال: أنشدنا علي بن عبد الله الطوسي لنفسه:
هجم البرد والشتاء وما ... أملك إلا رواية العربية
وقميصاً لو هبت الريح لم ... يبق على عاتقي منه بقية
ويقل الغناء عني فنون العلم ... إن عصف شمالٌ عرية
أخبرنا تاج الأمناء أحمد بن محمد بن الحسن - في كتابه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن عمي قال: سعيد بن سهل بن محمد بن عبد الله أبو المظفر النيسابوري المعروف بالفلكي، سمع بنيسابور أبو السحن المديني وأبا علي الخشنامي، وقد كان وزر لصاحب خوارزم، ثم خافه فخرج عن خوارزم وحج وتصدق بالحجاز بصدقات كثيرة، ثم قدم دمشق في سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة واستوطن دويرة أبي القاسم السميساطي، وجدّد بها الصفة الغربية والبركة التي تقابلها، وجدّد قناتها من ماله، ولم يأخذ من الشركاء في القناة شيئاً تصدق بذلك عليهم لما رأى من سوء مشاركتهم وقلة إنصافهم فيما يلزمهم، وتفقد أحوال الصوفية ونظر في أوقافه، واحتاط عليهم، وأثر فيها أثراً حسناً وكان شيخاً مسناً، وثقة، حسن الاعتقاد، متواضعاً رحمه الله، كتبت عنه شيئاً يسيراً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي: أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: قال لنا تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: سعيد بن سهل بن محمد الفلكي أبو المظفر من أهل نيسابور، سكن خوارزم وولي بها أعمالاً سنية إلى أن صار المتصرف فيها، وكان يصدر صاحب خوارزم عن رأيه ويشاوره في مهماته، واستوزره وكان حسن التدبير ذا رأي وكفاية وشهامة، ومع هذه الكفاية في الأمور الديناوية خيرّ حسن السيرة كثير البذل والإنفاق على أهل القرآن والصلاح، يشتغل في أكثر أوقاته بقراءة القرآن والعبادة ويجهد أن يأكل من الحلال ورد بغداد حاجاً نوباً عدة منها في سنة خمس وثلاثين وخمسمائة وكنت بها ولقيته.
سمع بنيسابور أبا الحسن علي بن أحمد بن محمد المديني، وأبا علي نصر الله ابن أحمد بن عثمان الخشنامي وغيرهما، وكنت قد نفذت إليه جزءاً من سمرقند إلى خوارزم من مسموعاته، وكان يقرأ الحلية واستجزت منه، وظني أنه أجاز لي لأني لما رأيته ببغداد ما عرفت أنه سمع شيئاً من الحديث حتى أكتب عنه أو أستجيز، وكان يسألني الرجوع إلى خراسان والمصاحبة في الطريق فلم يتفق ذلك.
ذكر رفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن محمود بن النجار في التاريخ المجدد لمدينة السلام وأجاز لنا روايته عنه قال: سعيد بن سهل بن محمد بن عبد الله، أبو المظفر المعروف بالفلكي من أهل نيسابور، سمع أبا الحسن علي بن أحمد ابن عثمان الخشنامي وغيرهما، ثم إنه سكن خوارزم وولي الوزارة لأميرها، ودخل بغداد مراراً، وحدَّث بها.

فروى لنا عنه عبد الوهاب بن علي الأمين وابن أخيه عبد السلام بن عبد الرحمن وأبو محمد بن الأخضر، ثم إنه سافر إلى الشام لزيارة بيت المقدس، فوردها في أيام الملك نور الدين محمود بن زنكي، فأكرم مورده، وطلب له أذناً من الفرنج حتى زار بيت المقدس وعاد إلى دمشق، وطلب العود إلى بلاده، فلم يسمح نور الدين بفراقه وأمسك بدمشق، وأنزله في خانكاه السميساطي، وجعله شيخا بها، فأقام بها مدة لا يتناول من وقفها شيئاً ونصيبه من الخانكاه يجمعه عنده إلى أن صار بيده منه جملة حسنة، فعمر بها الإيوان الذي في الخانكاه والسقاية، وأقام هناك إلى حين وفاته وحدث، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، وروى لنا عنه جماعة بدمشق والقدس ومصر.
حدثني شيخنا معين الدين أبو عبد الله محمد بن حسين بن المجاور قال: قدم هذا الشيخ - يعني - أبا المظفر الفلكي الشام في أيام الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي، فأكرمه وطلب زيارة البيت المقدس فطلب له إذناً من الفرن فزاره وعاد على حمار وحش في غاية العلو، وطيب العود إلى بلاده، فلم يسمح به الملك العادل، وأمسكه بدمشق وأنزله خانقاه السميساطي وجعله شيخها، فأقام بها مدة، ولم يكن يتناول من وقفها شيئاً، ونصيبه من الخانقاه يجمعه عنده إلى أن صار عنده منه جملة حسنة، فعمر به الإيوان في الخانقاه والسقاية، وأقام بها إلى أن مات.
قرأت بخط عمر بن أسعد عمار الموصلي: الشيخ سعيد بن سهل بن محمد الفلكي النيسابوري كان أولاً من أهل الكتابة، ووزر لخوارز مشاه مدة ثم إنه خرج من خراسان أيام فتنة الغزَّ وترك الدنيا وأسبابها، وانعكف على الزهد وطريق الآخرة، وصار شيخاً للصوفية مقدماً عليهم مُسلكاً لهم، وله كلام حسن في الطريق، مات سنة ستين وخمسمائة.
قرأت على ظهر الجزء الذي أملاه سعيد بن سهل الفلكي بحلب على عمي ووالدي وغيرهما بخط النجيب سعد الله بن محمد بن الوزان، وكان كاتب الحكم بحلب، واحد من سمع الجزء من الفلكي: سئل أبو المظفر الفلكي عن مولده، فقال: في شوال سنة سبع وسبعين وأربعمائة بنيسابور.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: قرأت بخط سعيد بن سهل الفلكي: المولد بنيسابور في شهر شوال سنة ثمان وسبعين وأربعمائة.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان - في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: مات سعيد الفلكي عصر يوم الأحد، ودفن يوم الاثنين الحادي والعشرين من شوال سنة ستين وخمسمائة بعد صلاة الظهر بمقبرة الصوفية المقابلة للميدان الأخضر.
سعيد بن سلام:
وقيل سعيد بن سلم أبو عثمان بن أبي سعيد المغربي الصوفي العارف، دخل التينات، وصحب بها أبا الخير التيناتي، وصار من كبار مشايخ الصوفية. 304 - ظ.
///بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر المعروفين بالكنى
الألف
أبو إبراهيم الزهري: واسمه أحمد بن سعد بن إبراهيم بن سعد، كان من الزهاد، ودخل المصيصة، وجال في جبل اللكام، ولقي به رجلاً من العباد يقتات لبن الظباء، وحكى عنه ذلك، وقد ذكرنا الحكاية فيما تقدم من كتابنا هذا في ترجمته في باب الأحمدين.
أبو إبراهيم العلوي الحراني
واسمه محمد بن أحمد، واشتهر بالشريف أبي إبراهيم، وعقبه بحلب وما زالت فيهم نقابة العلويين بعده، وقد ذكرنا ترجمته في باب الأحمدين أيضاً.
أبو الأبطال:
رجل قدم دابق على سليمان بن عبد الملك وحكى دخوله على سليمان وعلى ابنه أيوب، وموت أيوب وخلو منازله منه، حكى عنه حاتم بن مطارد، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أيوب.
أبو الأبيض العبسي الشامي:
من بني زهير بن جذيمة، وقيل من بني عامر، وسماه محمد بن أبي حاتم عيسى، وأظنه رأى في بعض الأسانيد أبو الأبيض عبسي فتصحف عليه، فظنه عيسى، فإن أبا زرعة قال: لا يعرف اسمه.
روى عن حذيفة بن اليمان، وأنس بن مالك. وروى عنه إبراهيم بن أبي عبلة، وربعي بن خراش، ويمان بن المغيرة.
وغزا أبو الأبيض العبسي الطوانة، ونزل بدابق مع الجيش الذي كان عليه مسلمة بن عبد الملك بن مروان واستشهد في غزاة الطوانة.

أخبرنا أبو عبد اللطيف بن يوسف إذناً قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أحمد بن احمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يونس بن حبيب قال: حدثنا أبو داود قال: حدثنا شعبة بن منصور عن ربعي حدث عن أبي الأبيض عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يصلي العصر والشمس بيضاء محلقة.
قال أبو نعيم: رواه الثوري وزائدة عن منصور مثله، ولا يعرف لربعي عن أبي الأبيض عن أنس غيره.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا.
قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبان قال: حدثنا أبو بكر بن علي بن عبيد قال: حدثني يعلى قال: حدثنا سهل بن عاصم عن علي بن غنام بن علي قال: حدثني عمر أبو حفص الجزري قال: كتب أبو الأبيض وكان عابداً إلى بعض أخوانه: أما بعد فإنك لم تكلف من الدنيا إلا نفساً واحدة، فإن أنت أصلحتها لم يضرك إفساد من فسد بصلاحها، وإن أنت أفسدتها لم ينفعك صلاح من صلح بفسادها، واعلم أنك لن تسلم من الدنيا حتى لا تبالي من أكلها من أحمر وأسود.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم قال: ومنهم يعني من الأولياء: المتبع للأوجب الأفرض. المفارق للأنزر الأرمض، العابد المكنى بأبي الأبيض، أسند عن أنس بن مالك رضي الله عنه.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن الحافظ أي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن جعفر قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن بكر قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: أبو الأبيض شامي تابعي ثقة.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي إذناً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم البسري قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرنا الوليد بن مسلم قال: حدثني إسماعيل بن عياش أن رجلاً من الجيش أتى أبا الأبيض العبسي بدابق قبل نزولهم على الطوانة فقال: رأيت بيدك قناة وفيها سنان يضئ سنانه لأهل العسكر كضوء كوكب، قال: إن صدقت رؤياك فإنها للشهادة، قال: فاستشهد في قتال أهل الطوانة.
قال أبو عبيد بن عائذ: فحدثني محمد بن يحيى الثقفي أن أبا الأبيض قال هذه الأبيات:
ألا ليت شعري هل يقولن قائل ... وقد حان منكم عند ذاك قفول
تركنا ولم يخبز من الطير لحمه ... أبا الأبيض العبسي وهو قتيل
فعري أفراسي ورنت حليلتي ... كأن لم تكن بالأمس ذات حليل
وذي أمل يرجو تراثي وإن ما ... يصير له منه غداً لقليل
ومالي تراث غير درع حصينة ... وأجرد من ماء الحديد صقيل
وفي غير هذه الرواية أن أبا الأبيض خرج مع العباس بن الوليد في الصائفة: فقال أبو الأبيض: رأيت كأني أتيت بتمر وزبد، فأكلته، ثم دخلت الجنة، فقال العباس: يعجل لك الزبد والتمر، والله لك بالجنة، فدعا له بتمر وزبد، فأكله، ثم لقي أبو الأبيض العدو فقاتل حتى قتل، وكانت غزوة طوانة سنة ثمان وثمانين غزاها مسلمة والعباس بن الوليد.
أبو أحمد بن هرون الرشيد:
ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي، حكى عن المأمون، حكى عنه نشو الصغير، وقدم حلب صحبة المتوكل حين مر بها مجتازاً إلى دمشق.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد المؤدب قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري قال: أخبرنا أبو القاسم آدم بن محمد بن آدم البلخي قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال: أخبرني عمي قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني عبد الله بن أبي سعد قال: قال لي نشو الصغير: حدثني أبو أحمد بن الرشيد قال: كنت يوماً عند المأمون وإلى جانبي عماي: منصور وإبراهيم، فجاء ياسر رجله فسار المأمون، فقام فقال لإبراهيم: إن شئت يا إبراهيم فانهض فنهض ونظرت إلى ياسر قد رجع مما يلي دار الحرم، فما كان بأسرع من أن سمعت شيئاً أقلقني، فنظر إلي المأمون وأنا أميل، فقال: يا أبا أحمد مالك تميل؛ فقلت له: إني سمعت شيئاً ما سمعت مثله، قال: هذه عمتك علية تطارح عمك إبراهيم خفيف الرمل في شعرها:
مالي أرى الأبصار بي حافية ... لم تلتفت مني إلى ناحية
لا تنظر الناس إلى المبتلي ... وإنما الناس مع العافية
صحبي سلوا ربكم العافية ... فقد دهتني بعدكم داهية
صار مني بعدكم سيدي ... فالعين من هجرانه باكية
ويروي هذا الشعر لأبي العتاهية.
أنبأنا أحمد بن محمد الحسن عن عمه أبي القاسم الحافظ الدمشقي قال: أبو أحمد بن هرون الرشيد وذكر نسبه كما سقناه، قدم دمشق في صحبة المتوكل مع من قدم معه من أهل بيته في سنة ثلاث وأربعين ومائتين فيما قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر.
وقد نبهنا في غير موضع من هذا الكتاب على أن المتوكل خرج من بغداد في أواخر سنة ثلاث وأربعين وقدم الشام سنة أربع وأربعين.
ذكر أبو أحمد بن كامل القاضي أن أبا أحمد بن الرشيد مات في شهر رمضان سنة أربع وخمسين ومائتين وصلى عليه أحمد بن المتوكل.
أبو أحمد الزاهد:
روى بأذنة عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي. روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.
نقلت من خط القاضي أبي عمرو الطرسوسي قاضي معرة النعمان في كتابه الذي وسمه بسير الثغور: حدثنا أبو أحمد الزاهد بأذنة قال: حدثنا أبو أمية محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي قال: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد الشيباني النبيل قال: أخبرت عن إبراهيم بن أدهم أنه قال: لقد أعربا في كلامنا فما نلحن ولحنا في أعمالنا فما نعرب.
أبو أحمد الهاشمي:
أمير الثغور الشامية، كان من ولد العباس بن عبد المطلب رضي الله عنه، وقدم حلب وافداً على الأمير سيف الدولة، وذلك أن أبا أحمد الهاشمي كان مقيماً بثغر طرسوس، فتنكر الطرسوسيون على سيف الدولة بن حمدان لظلمه، وقبض وقوفهم في أعماله، وقطعوا دعوته فتضمن رشيق التميمي للطرسوسيين عمارة الثغر إن أقاموا الدعوة لأنوجور بن الأخشيذ وكافور بعده، فأجابوا إلى ذلك، وكان أبو أحمد الهاشمي بطرسوس فاجتمع ومحمد بن الحسين بن الزيات وسائر وجوه الطرسوسيين في دار ابن الزراد منهم، فأبرموا هذا الأمر على أن يكون أبو أحمد الهاشمي وابن الزيات أميري الثغور، فكان الخاطب يخطب لابن الهاشمي ولابن الزيات بعده، وأرسلوا رسولاً إلى أنوجور وكافور في البحر يعرف بأحمد بن الجصاصي من ولد العلوي البصري، وأضافوا إليه أمير قبرس علياً وبدر التميمي.
وطال مقامهم بمصر ولم يبق بالثغر مال ينفق فراسل سيف الدولة أبا أحمد وابن الزيات سراً من رشيق ورشيق بالمصيصة، وضمن لهنا ود الوقوف المقبوضة وحمل مال ينفق بالثغر وترد دعوته وكان السفير في ذلك يمن التربية غلام شعيب، فأجابا إلى ذلك، وأقاما الدعوة لسيف الدولة ولهما بعده، وأخرجا رسلهما إلى سيف الدولة.
وغزا الناس غزاة شتوية وبلغوا أألس فغنموا وعادوا إلى أن نزلوا مغارة الكحل فوجدوا ابن الملايني قد جمع في الدرب الكبير، واختلف أبو أحمد وابن الزيات في كونها في المقدمة والساقة، فاختار الناس للساقة ابن الزيات، وتقدم الهاشمي إلى المقدمة مكرهاً، ودخل الناس الدرب، وكانت في الساقة تحت مغارة الكحل وقعة عظيمة بين ابن الزيات والثغريين وابن الملايني، فسلم المسلمون وأصابوا من الروم طرفاً وعادوا إلى الثغر.

وتنكر الأميران بعضهما لبعض، وكثر الخلاف بينهما، وهم أبو أحمد الهاشمي بالوثوب بابن الزيات وجمع له جموعاً، فبادره ابن الزيات وبطش به وقيض عليه وعلى عدة ممن كان معه، فقتل أكثرهم، واعتقل الهاشمي في بعض حصون الثغر، وغزا ابن الزيات وإليه وحده الإمارة غزاة صائفة تسمى غزاة قونية من درب الراهب، فغنم المسلمون وسلموا.
وهرب الهاشمي من الحصن الذي كان فيه إلى سيف الدولة، وعاد إلى طرسوس فدخلها فسر به أهلها إلا طائفة كان هواها مع ابن الزيات منهم إبراهيم بن أبي الأسود صاحب الشرطة، فلما حصل أبو أحمد الهاشمي بطرسوس ركب إلى السجن ليخلص من كان فيه من شيعته فخالفه ابن أبي الأسود إلى الجامع فاستنهض الناس إلى السجن، وقال لهم: إن الهاشمي يريد فتحه واطلاق الأعلاج، وإن فعل ذلك يبقى أسراؤكم في بلد الروم لا فداء لهم، فنفر الناس إليه قبل وصوله إلى السجن، فوثبوا إليه وأنزلوه عن دابته وقبضوا عليه، وورد ابن الزيات من الغزاة فتسلمه وحمله إلى حصن يقال له مقيل عياش، فيقال إن علي الجماس الذي تولى حمله، وهو كان صاحب البحر خنقه ورداه من أعلى الحصن، وأظهر أنه أراد الهرب، فتدلى في حبل وانقطع به وسار ابناه إلى بغداد متظلمين من ابن الزيات، فكتب لهما المطيع إلى سيف الدولة كتاباً بإقادة الهاشمي من ابن الزيات فلم يعبأ بالكتاب، وكان للهاشمي قوم يميلون إليه بالثغر، فتنكروا لابن الزيات، وكان للهاشمي من أهل بيته رجل يعرف بابن الواحد يعاديه، فعاضد ابن الزيات، فأقام في نفسه أنه إن حصل في يد علي بن عبد الله امتثل فيه أمر المطيع، ولم يعصه، فاستوحش من سيف الدولة.
وأبو العباس ابن كاتب البكتمري، وأبو الحسن المعنوي، فأنشد عمار بيتاً على فص خاتمه وهو:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وسأل الجماعة إجازته، فقال أبو إسحاق بن شهرام:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وقد قال لي قوم تبدل سواهم ... لعلك تسلو إنما الحب كالحب
ومن لي بسلوى عنهم لو أطقتها ... ولكن عذلي ليس يقبله قلبي
فيا حب لا تبخل علي بقبلة ... ترد بها نفسي فيغبطني صحبي
فإني وبيت الله فيك معذب ... الفؤاد عليل القلب مختلس اللب
ولي مثل قد قاله قبل شاعر ... إذا ازددت منه زدت ضرباً على ضرب
خرجت غداة النفر أعترض الدمى ... فلم أر أحلى منك في العين والقلب
فوالله ما أدري أحباً رزقته ... أم الحب أعمى مثل ما قيل في الحب
وقال أبو العباس بيتين وقال أبو الحسن المعنوي ثلاثة أبيات قد ذكرناها قي ترجمتيهما، وقد ذكرنا الحكاية بتمامها في ترجمة الحسين بن علي بن حماد الموصلي، والد عمار المذكور فيما تقدم من هذا الكتاب.
وتوفي في شهر ربيع الآخر سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.
أبو إسحاق الحنبلي:
قدم حلب علي أبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري الحلبي العابد، وحكى عنه.
أبو إسحاق الأنطاكي:
روى عن أبي عبد الله الجوزجاني، روى عنه أبو القاسم نصر بن منصور، وعبد الله بن الحسين.
أبنأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أنبأنا الشريف أبو القاسم النسيب قال: حدثني أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو العباس البردعي قال: حدثنا عبد الله بن الحسين عن أبي إسحق الأنطاكي قال: حدثني أبو عبد الله الجوزجاني رفيق إبراهيم قال: غزا إبراهيم بن أدهم في البحر، فذكر الحكاية في موت إبراهيم، وقد ذكرناها في ترجمته.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار البغدادي الحافظ قال: أنبأني أبو القاسم الظفري، والآزجي ذاكر بن كامل، ويحيى بن أسعد بن بوش عن أبي سعد بن الصيرفي عن أبي عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ قال: أخبرنا المؤمل بن غدير التنوخي قال: حدثنا الحسن بن منصور الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن منصور الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن منصور قال: سمعت أبا إسحق الأنطاكي يقول: لقي رجل رجلاً فقال له: من أين جئت؟ قال من الطوس، قال وأين تريد؟ قال: كوفة، فهل لك من حاجة؟ قال: نعم تحمل الألف واللام من الطوس حتى تأتي بها كوفة.
أبو إسماعيل الطغرائي الكاتب:
واسمه الحسين بن محمد وقد قدمنا ذكره.
أبو الأسود الدؤلي:
واسمه ظالم بن عمرو بن سفيان، وهو أول من وضع علم النحو، وقد قدمنا ذكره في حرف الظاء، وذكرنا أنه شهد صفين مع علي رضوان الله عليه.
نقلت من أخبار النحويين تأليف أبي بكر محمد بن عبد الملك التاريخي في ذكر أبي الأسود الدؤلي قال: وقد ولي أبو الأسود البصرة لابن عباس، وشهد صفين
أبو أمامة الباهلي:
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم واسمه صدي بن عجلان، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، تقدم ذكره.
أبو أمية السندي:
خصي عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، واسمه عبد الرحمن، تقدم ذكره.
أبو أمية الخصي:
خادم عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، غير الأول، اسمه منصور، قد تقدم ذكره.
أبو أمية الطرسوسي:
اسمه محمد بن إبراهيم، تقدم ذكره.
أبو أيوب:
مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، شهد صفين مع علي رضي الله عنه وغيرها، حكى عنه، روى عنه علي بن مطرف.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي إجازه إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال: كتب إلي أبو الحسن محمد بن علي بن صخر الأزدي: حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا يونس بن أرقم قال: حدثنا محمد بن المغيرة عن علي بن مطرف عن أبي أيوب مولى عثمان، وكان انقطع مع علي وشهد معه المشاهد قال: جاء رجل إليه، فقال: يا أمير المؤمنين أرأيت هذه الخطايا التي استوجب الناس بها من الله العقوبات أهي من الله أم من الناس؟ قال: خلقها من الله وعملها من الناس، لا تسأل عنها أحداً غيري.
حرف الباء
من الكنى
أبو البختري:
شهد وفاة عمر بن عبد العزيز، رضي الله عنه، بدير بن سمعان، وحكى عنه، روى عنه سفيان، وليس بسعيد بن فيروز.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو القاسم إبراهيم بن أبي جعفر محمد بن إبراهيم الدواتي قال: أخبرنا أبو منصور بن شكرويه قال حدثنا أبو الحسن علي بن القاسم بن الحسن النجاد املاءً قال: حدثنا يعقوب بن محمد بن صالح قال: حدثنا بكر بن أحمد بن سعدويه القطان العبدي قال: حدثنا نصر بن علي عن محمد بن يزيد عن سفيان عن أبي البختري قال: دخلنا على عمر بن عبد العزيز وهو يجود بنفسه، فقلنا: يا أمير المؤمنين من توصي بأهلك؟ فقال: إذا نسيت الله فذكروني، قال: فأعدنا، فأعاد به، ثم قال: " إن ولي الله الذي نزل الكتاب وهو يتولى الصالحين " ، بني أحد رجلين: رجل أطاع الله فما كان الله ليضيعه، ورجل عصى الله فيما أبالي على أي جنب سقط.
قال الحافظ أبو القاسم: أظن أبا البختري هذا مغراء العبدي، والله أعلم.
أبو بدر الحلبي:
حدث عن عبد الله بن عبيد بن نمير روى عنه بكر بن خنيس.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا إسماعيل بن
هم الورى في العيد قطع ثيابهم ... جدداً وأكثر همنا الصابون
والبن والزيتون جل طعامنا ... فيه وأين البن والزيتون
قرأت في بعض تعاليقي لأبي البركات بن عمرو الأطروش في نواب أبي مسلم:
مضى أبو مسلم حميداً ... وجاره الله خير جار

وما علا موته علينا ... براحة الناس من نزار
أبو البركات بن أبي جوزة المعري:
شاعر من شعراء معرة النعمان، متوسط الشعر، وهو من بني عمرو المعريين.
نقلت من خط أسامة بن مرشد بن منقد، وأنبأنا به عنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: ومن شعراء الشام أبو البركات بن أبي جوزة، وليس من المشهورين بجيد الشعر، من شعره:
نثرت مقلتاي دمعاً فريداً ... حين بانوا عني فبت فريداً
يا أخلائي ليس قلبي على البين ... كما تعهدون قدماً جليداً
شفه وجده بكم فهو نضو ... مستهام لا يستطيع مزيداً
يا زمان اللوى سقتك الغوداي ... والسواري ما كنت إلا حميداً
يا مغاني الأحباب بدلت منهم ... سرب وحش دعج النواظر غيدا
أشبهوها سوالفاً وعيوناً ... ونفاراً وخالفوها خدوداً
قال أسامة بن منقذ: ومن شعره:
ألم خيال من سليمي فسلما ... وهيج لي داء من الوجد أقدما
وألهب في الأحشاء نار صبابة ... أبى جمرها في الحب إلا تضرما
على أنه لم يجر في القلب ذكرها ... وإن بعدت إلا جرت أدمعي دما
وإني لذو وجد بها وصبابة ... إليها وإن لم تشف ما بي من الظما
أحن إليها كلما هبت الصبا ... وغرد قمري الضحى فترنما
ألا ليت شعري هل يعود كما مضى ... زمان بإدراك الأماني تصرما
وذكر ابن الزبير في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان قال: أبو البركات بن أبي جوزة المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، هو وأخوه أبو نصر، وأورد لأبي البركات القصيدة الميمية المتقدمة البيتين الأولين والبيتين الآخرين.
أبو البركات بن الدويدة:
واسمه محمد بن أحمد بن محمد المعري، وقد سبق ذكره.
أبو البركات بن أبي جرادة الحلبي:
واسمه عبد القاهر بن علي، وكان كاتباً مجيداً، وشاعراً حسن الشعر، أديباً، راوياً للحديث، وقد ذكرناه.
أبو البركات بن علي:
ابن عبد الرزاق بن الخضر بن عجلان، البالسي، شيخ من أهل بالس، له شعر، كتب عنه عمر بن الربيب أبي المعالي أسعد بن عمار الموصلي.
فإنني قرأت بخطه في مجموع له: أنشدني بالقاهرة سديد الدين أبو البركات بن علي بن عبد الرزاق بن الخضر بن عجلان من بني النابغة الجعدي، الشاعر المشهور لنفسه في العشر الأول من جمادى الأولى سنة تسع وعشرين وستمائة، حين قصد الديار المصرية من مدينته وهي بالس بالشام، شاكياً من نواب الملك الحافظ نور الدين أرسلان بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب إلى السلطان الملك الكامل، وسألته عن عمره فقال: لي تسعة وسبعون سنة، وقد عزم على النقلة عن بالس:
سأرحل عنكم رحلة ليس بعدها ... رجوع إليكم ما أمدني الدهر
لأني رأيت الحال تبدي لي الجفا ... ولم يستقم لي في بليدتنا أمر
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سليمان بن أيوب بن إسحق العباداني قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عبد الملك بن مروان الدقيقي الواسطي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا أبو بشر الحلبي عن الحسن قال: ليس الإيمان بالتحلي ولا بالتمني، ولكن ما وقر في القلب وصدقته الأعمال، من قال حسناً، وعمل غير صالح رده الله عز وجل على قوله: ومن قال حسناً وعمل صالحاً رفعه العمل ذلك بأن الله عز وجل يقول: " إليه يصعد الكلم الطيب والعمل الصالح يرفعه " .
أبو بشر المؤذن:
مؤذن مسجد دمشق، يقال أنه من أهل قنسرين، روى عن عامر بن لدين الأشعري، وعمر بن عبد العزيز ومكحول، روى عنه معاوية بن صالح الحضرمي وراشد بن سعد، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي.

أنبأنا أبو حفص بن قشام الحلبي عن أبي العلاء الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد قال: أبو بشر مؤذن مسجد دمشق، روى عن عامر بن لدين الأشعري، روى عنه معاوية بن صالح الحضرمي، حديثه في أهل الشام، قال: ويحتمل أنه هو الذي روى عنه راشد بن سعد، ويقال أنه من أهل قنسرين، وهو الذي روى عنه من مكحول أبي عبد الله الهذلي وأبي حفص عمر بن عبد العزيز بن مروان القرشي.
وقال الحاكم: أخبرنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو همام الوليد بن شجاع قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني معاوية بن صالح عن أبي بشر أنه رأى عمر بن عبد العزيز.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أجاز لي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن أحمد بن محمد الطبري قال: حدثتنا أم الضحاك عاتكة بنت أحمد بن عمرو بن أبي عامر النبيل. قالت: قرأت في كتاب أبي أحمد بن عمرو بن أبي عامر النبيل، وأجاز لي أن أروي عنه، قال: حدثنا أبو بكر يعني ابن شيبة قال: توفي أبو بشر مؤذن دمشق سنة ثمان وعشرين ومائة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن نسيم في كتابه عن أبي القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو محمد بن بوه قال: أخبرنا أبو الحسن اللبناني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أبو بشر مؤذن مسجد دمشق مات سنة ثلاثين ومائة، وقال غيره عن ابن سعد: في خلافة مروان بن محمد.
أبو بشر العطار:
كان بطرسوس، وحكى عن رجل مجهول كان بالثغر من رهط قيس بن ذريح، روى عنه أبو زكريا بن إبراهيم المزكي.
قرأت بخط تاج الإسلام أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وأنبأنا به ولده أبو المظفر عبد الرحيم عنه قال: أخبرنا أبو محمد سفيان بن إبراهيم التككي بقراءتي عليه بأصبهان قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن المؤمل البشتني، قدم علينا، قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي املاء قال: سمعت أبا بشر العطار يقول: كنت بطرسوس فوقع النفير، فلما قربنا من الجوزات سمعت أصوات حراسها فوق السطوح يكبرون بأنواع التكبير والتحميد ما سمعت بمثلها في حسن الصوت والهيئة والتعظيم لذكر الله عز وجل، فسمعت بعد ذلك منشداً ينشد هذه الأبيات، فوقع علي البكاء ولم أدر من ينشده، فلما أصبحنا قلت لبعض أهل طرسوس: سمعت البارحة كذا وكذا، فقال: قم معي فجاء بي إلى شيخ، ذكر أنه من فرسان العرب، وصعاليك الغزاة، فقال: أنا من رهط قيس بن ذريح حدثني أبي عن آبائه وأجداده، أن قيس بن ذريح لما فارق لبنى أنشأ هذه الأبيات واشتهر بذكرها وهي:
ولو أنني أستطيع صبراً وسلوة ... تناسيت لبنى غير ما مضمر حقدا
ولكن قلبي قد تقسمه الهوى ... شتاتاً فما ألفى صبوراً ولا جلدا
سار الليل عني كيف أرعى نجومه ... وكيف أقاسي الهم مستخلياً فردا
كأن هبوب الريح من نحو أرضكم ... يثير فتات المسك والعنبر الندا
أبو بشر التنوخي:
وقيل أبو بشير حكى بعض أمر وقعة اليرموك، وكان نصرانياً من تنوخ، خرج من أنطاكية مع باهان ملك الروم حين توجه إلى اليرموك، حكى ذلك عنه أبو جهضم الأزدي، ذكر ذلك عبد الله بن محمد بن ربيعة القدامي، وأبو إسماعيل محمد بن عبد الله الأزدي البصري.
أبو بشر الوزير الحلبي النصراني:
كان وزيراً للأمير محمود بن نصر بن صالح بن مرداس الكلابي، أمير حلب، وكان قد ساعد محموداً بماله حتى ملكه حلب واستجذب إليه العرب، وكان محمود في أول ملكه حسن الأخلاق، كريم النفس، ثم تغير بعد ذلك على أصحابه وشحت نفسه، وتغيرت أخلاقه بعد رحيل السلطان العادل ألب أرسلان عن حلب.

فتغير على وزيره أبي بشر، وكان القائد أبو الحسن بن أبي الثريا الذي كان وزيراً لعطية بن صالح بن مرداس قد سعى بأبي بشر ليلي وزارة محمود، فقبض محمود أبا بشر الوزير، وطالبه بمال جليل، وكان محمود قد رغب في جمع المال وغلب عليه حب الدنيا، فذكر له أبو بشر أنه عاجز عن أداء ما طولب به، وأنه مما لا تصل يده ولا إلى بعضه، فأمر محمود بقتل ولد كان لأبي بشر وبقتل أخيه فقتلا، وقطع رأساهما وعلقا في عنقه، فسمع أبو بشر وهو يقول:
ويح دهري ما أمره ... ما وفى خيره بشره
وحلف أبو بشر أنه بعدما فعله بابنه وأخيه لا يظهر له شيئاً من ماله، وقال: كل من عنده لي شيء مودع فهو في حل منه وسعة، وندم محمود على ما فعل وأراد الرجوع له وأرسل إليه شافع بن الصوفي أن يقرر عليه شيئاً ويطلقه، فامتنع واتفق أن محموداً اصطبح وقدم إليه طعام بعد سكره، فأنفذ منه لأبي بشر مع فراشه، فقام قائماً وقبل الأرض وشكر ودعا، فعرف ابن أبي الثريا، فركب ولقي الفراش ودفع إليه مائة دينار وسأله أن يقول لمحمود إن هذا شيخ خرف لأنه لم يقبل طعام مولانا، وقال: كافأه الله وعجل عليه، ففعل الفراش ذلك، ودخل ابن أبي الثريا عقيبه على محمود، وجاراه في حديث لا يتعلق بأبي بشر، فلم يقبل عليه ووجده مملوء القلب غيظاً من جواب الفراش، فقال ابن أبي الثريا: الله لا يشغل لمولانا خاطراً فما أراه منبسطاً في مجلسه ولا مصغياً إلى المملوك، فحدثه بما قال الفراش فقال: يا مولانا لم تزل إليه محسناً، ويقابله بالإساءة فكيف يكون بعدما جرى عليه وعلى ابنه وأخيه ما جرى، وأنا أدري أنك تريد ماله وقد تكرر قوله أن لا يعطيك شيئاً.
قال محمود: هذا سيفي وخاتمي خذهما وامض إليه، فإن لم يقر بشيء فاقتله، فقام ابن أبي الثريا من عنده بذلك واشتغل محمود بالشرب فلهي عنه، وأحضر ابن أبي الثريا أبا بشر فلم يطالبه بمال، بل قاله له: ما زلت تتجلد حتى صرت إلى هذه الحال، فقال: يا قائد السوء قد علمت أن هذا كله من سعيك، والأجل لا مرد له، وهذا موت الشهداء، ولكن استعد لرجلك بحبل فستموت ميتة الكلاب وتجر جيفتك إلى الخندق، وقتل أبو بشر ورمي وسط بئر بستان القصر.
وصعد أبو نصر بن النحاس ثاني يوم قتل أبي بشر إلى خدمة محمود، فقال له سراً تمضي إلى أبي بشر لتقرير ما عليه ويطلق، فقال: يا مولانا وما قتلته! فأطرق محمود ساعة ثم قال: تمت عليه وعلي الحيلة ويجب يا أبا نصر أن نكتم هذا الأمر، قال أبو نصر: فما حدثت به إلا بعد موت محمود.
ووزر ابن أبي الثريا لمحمود فلما ولي نصر بن محمود حلب أمر بقتل ابن أبي الثريا فقتل تحت القلعة وجر بحبل على ما ذكرناه في ترجمته، وصدق فأل أبي بشر.
نقلت ذلك من خط الشريف محي الدين أبي حامد محمد بن الشريف أبي جعفر الهاشمي الحلبي، رحمه الله.
أبو بقية:
راجز قدم مع المتوكل حلب في سنة أربع وأربعين ومائتين وقال مزدوجة يصف المنازل من سامراء إلى دمشق أولها:
يا نفس إن العمر في انتقاص ... وليس من موتك من مناص
أما تخافين من القصاص ... وترتجين الفوز بالخلاص
فبادري بالطاعة المعاصي
وهي طويلة.
ذكر من كنيته أبو بكر
أبو بكر بن أحمد بن علي بن عبد العزيز:
البلخي السمرقندي الحنفي الفقيه المعروف بالظهير، أصله من بلخ، وهو من أهل سمرقند، فقيه فاضل، مفت على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، قرأ الفقه على الإمام قطب الدين علي بن محمد الأسبيجابي بعد الخمسمائة، ودرس الفقه بمراغة، وقدم حلب في أيام نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، وأظنه نزل بها بالمدرسة الحلاوية ومدرسها إذ ذاك علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي، ثم توجه إلى دمشق وولي التدريس بها في الخزانة الغربية من جامع دمشق، ثم ولي التدريس بمسجد خاتون ظاهر دمشق.
ووقفت له على كتاب ألفه في شرح الجامع الصغير، وهو كتاب حسن في بابه، ووقف كتبه على المدرسة النورية الحلاوية بحلب، ووجدت تاريخ وقفه إياها في شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وفي هذه السنة مات بدمشق، ولاح لي بقرائن الحال أنه كان أودع كتبه بحلب عنه الإمام علاء الدين الغزنوي مدرس الحلاوية بحلب، فلما حضره الموت بدمشق وقف كتبه على المدرسة بحلب.

وقرأت بخطه على ظهر كتاب من كتبه الموقوفة: رأيت فيما يرى النائم بمراغة وأنا مدرس بمدرسة الخليفة ليلة الجمعة أواخر ذي الحجى سنة سبع وأربعين وخمسمائة، الشيخ الإمام الزاهد أبا بكر محمد بن أبي سهل السرخسي رحمه الله، فناولني يده اليمنى فأخذتها ومسستها وقبلتها، وقلت له اقبلني فقال لي بالفارسية: من أن توم، فقلت له: ومن ترا زان توم، ثم أدخل طرف لسانه في فمي فامتصصته وابتلعت ريقه وقد أخذني وأسندني إلى حائط في مسجد كبير واسع كأنه مسجد الجامع، وكان طلق الوجه أبيض أحمر، حسن العينين خفيف اللحية.
قرأت بخط ظهير الدين أبي بكر السمرقندي، من شعره، على ظهر كتاب من كتبه الموقوفة بالمدرسة الحلاوية: ومما ظهر لي من أمر الشام أن قلت:
الشام كامرأة لها دل به ... شغف الرجال وإنها حسناء
فاقنع بذاك وخلها بقناعها ... لا تكشفن فإنها قرعاء
وقرأت أيضاً بخطه على ظهر كتاب من الكتب الموقوفة بيتين من شعره هما:
يا زائداً في أكله لقمة ... أسقمت جسماً سالماً بالتخم
فيا لها من لقمة أسقمت ... جسماً وردت عدةً من لقم
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني ونقلته أنا من خط السمعاني قال: وقال عمر بن محمد بن أحمد النسفي: التمس الإجازة مني الإمام أبو بكر بن أحمد البلخي السمرقندي بهذه الأبيات:
أيا مقتدي الأيام يا ذا العلا عمر ... وقاك حفيظ الخلق من شبهة الضرر
أجز لأبي بكر بن أحمد مفضلاً وبدل ... له بالأجر بالصفوة الكدر
جميع الذي صنفته وسمعته وخذ ... صالح الدعوات في ظلمة السحر
قال: فكتبت إليه:
أجزت لسيدي وفريد عصري ... أبي بكر بن أحمد ما ابتغاه
على شرط التحرز والتوقي ... وذكر بالدعاء كما حكاه
أجيب دعاؤه فينا وفيه ... وفي الدارين تم له مناه
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أبو بكر السمرقندي الحنفي الفقيه المعروف بالظهير. قدم دمشق وأقام بها مدة، وعقد له مجلس التدريس في الخزانة الغربية بشام من جامع دمشق التي جعلت مسجد، ثم فوض إليه التدريس بمسجد خاتون إلى أن مات بدمشق ليلة الاثنين، ودفن يوم الاثنين الثالث والعشرون من شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
أبو بكر بن أنس بن مالك:
الأنصاري البصري، غزا الروم واجتاز بدابق، وقدم على أبيه أنس بن مالك رضي الله عنه، وحكى له حكاية حكاها عنه ثابت البناني.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: حدثنا الحسن بن الصباح البزاز قال: حدثنا إسحق ابن بنت داود بن أبي هند قال: أخبرنا عباد بن راشد البصري عن ثابت البناني قال: كنت عند أنس بن مالك، وقدم علينا ابن له من غزاة له، يقال له أبو بكر فسائله فقال: ألا أخبرك عن صاحبنا فلان، بينما نحن قافلين في غزاتنا إذ ثار وهو يقول: وا أهلاه، فثرنا إليه وظننا أن عارضاً عرض له، فقلنا: ما لك؟ فقال: إني كنت أحدث نفسي أن لا أتزوج حتى أستشهد فيزوجني الله تعالى من حور العين، فلما طالت علي الشهادة، قلت في سفري هذا إن رجعت تزوجت قم فقد زوجك الله العيناء، وانطلق بي إلى روضة خضراء معشبة فيها عشر جوار بيد كل واحدة صنعة تصنعها، لم أر مثلهن في الحسن والجمال، فقلت: فيكن العيناء؟ فقلن نحن من خدمها، وهي أمامك فمضيت فإذا روضة أعشب من الأولى، وأحسن فيها عشرون جارية في يد كل جارية صنعة تصنعها ليس العشر إليهن بشيء من الحسن والجمال فقلت: فيكن العيناء؟ قلن نحن من خدمها وهي أمامك فإذا أنا بروضة وهي أعشب من الأولى والثانية في الحسن والجمال فيها أربعون جارية في يد كل واحدة منهم صنعة تصنعها ليس العشر والعشرون إليهن بشيء في الحسن والجمال، قلت: فيكن العيناء؟ قلن نحن من خدمها، وهي أمامك، فمضيت فإذا أنا بياقوتة مجوفة فيها سرير عليه امرأة قد فضل جنباها السرير، قلت: أنت العيناء؟ قالت: نعم مرحبا فذهبت أضع يدي عليها قالت: مه إن فيك شيئاً من الروح بعد، ولكن تفطر عندنا الليلة، قال: فانتبهت قال: فما فرغ الرجل من حديثه حتى نادى المنادي: يا خيل الله اركبي قال: فركبنا وصافنا العدو، قال: فإنني لأنظر إلى الرجل وأنظر إلى الشمس وأذكر حديثه فما أدري رأسه سقط أم الشمس سقطت.
أنبأنا حسن بن أحمد الصوفي عن الحافظ أبي طاهر قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسن بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثني أبي قال: وأبو بكر بن أنس بن مالك بصري تابعي ثقة.
أبو بكر بن أيوب بن شاذي:
الملك العادل سيف الدين، واسمه محمد، وقد سبق ذكره في المحمدين من هذا الكتاب.
أبو بكر بن جمهور:
كان من المجاهدين بطرسوس، وقرأ القرآن علي أبي بكر بن مجاهد وحكى عنه.
وقع إلي مجلد فيه أجزاء تتضمن أخباراً وحكايات عن أبي نصر إبراهيم بن علي بن عيسى بن الجراح، فقرأت في بعضها مما هو ملحق بها، وليس بإسناد قال أبو بكر بن جمهور، وكان ممن يلزم طرسوس ويواصل الغزو: كنت بيد يدي أبي بكر بن مجاهد، رحمه الله حتى جاءه رجل يريد القراءة عليه فوجده يقرئ رجلاً قد تقدمه، فجلس في ناحية من الحلقة فلما فرغ الأول قام فجلس موضعه ثم ابتدأ يقرأ الحمد وأراد أن يقرأ أول سورة البقرة، فلما قال: " ألم ذلك الكتاب لا ريب فيه " قال له أبو بكر: حتى تتم الختمة الأولة، ثم تقرأ غيرها فقال الرجل: وأي ختمة يا أستاذ؟ قال: التي بلغت منها إلى عبس، فاحتشم الرجل، ونهض وقرأ غيره، فسأله سائل عن الحديث، فقال: هو والله كما قال: ابتدأت عليه ختمة منذ ثلاث عشرة سنة ولم أفرغ منها، وبلغت منها إلى عبس، وعرض لي سبب فخرجت إلى البصرة، وطالت غيبتي فلم أقدم إلا في هذا الوقت.
أبو بكر بن حماد بن علي بن عبد الله الحلبي:
شاعر كتب عنه أبو البركات بن المستوفي أبياتاً من شعره وذكره في تاريخ إربل بما أجازه لنا قال: أبو بكر بن حماد بن علي بن عبد الله الحلبي، اجتمعت به في منزلي بإربل في ثاني شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وعشرين وستمائة، وأنشدني لنفسه أبياتاً عملها على الفرات:
ويوم مررنا بالفرات وجمعنا ... كرام وأوقات السرور تساعد
نزلنا بها والماء يرقص ضاحكاً ... نرى العيش صفواً والغرام فرائد
وأمواهها تجري كدمع موله ... رماه بفقد الإلف دهر معاند
أبو بكر الدقي:
اسمه محمد بن داود، دخل الثغر، وقد قدمنا ذكره.
أبو بكر الضحاك:

ابن قيس بن خالد بن وهب بن ثعلبة الفهري، وقد تقدم نسبه في ترجمة أبيه، كان في صحبة سليمان بن عبد الملك بدابق وحكى عن وفاته.
قرأت في كتاب الوصايا لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: حدثونا عن أبي بكر بن الضحاك بن قيس الفهري قال: شهدنا مع سليمان بن عبد الملك جنازة رجل من قريش، فجلست قريباً منه، فأخذ حفنة من تراب، فقبض عليها، ثم أرسل أصابعه وبسط كفيه والتراب فيها، ثم قال: إن هذا لمدفن طيب، قال: فوالله الذي لا إله غيره ما أتت له جمعة حتى دفناه إلى جنب القرشي ليس بينها أحد.
أبو بكر بن عثمان قجمك:
السلوري المنبجي الحنفي، فقيه حنفي المذهب عارف بالفقه، صالح ورع تركماني من خيل سلور، من تركمان بلد منبج، سكنها واشتغل بالفقه وسمع الحديث بها من القاضي رافع الفايوي. وروى لنا عنه بحلب أمالي الإمام برهان الدين البلخي في سنة ثمان وعشرين وستمائة في جمادى الأولى وسألته في هذا التاريخ عن مولده فقال: لي ثمانية وستون سنة تقديراً، وكان له شعر متوسط، وكان مشغوفاً به وبنثره أيضاً يعرضهما على الناس مستحسناً لهما.
أخبرنا بدر الدين أبو بكر بن عثمان بن قجمك السلوري الفقيه بحلب قال: أخبرنا القاضي. أنشدني الفقيه أبو بكر بن عثمان المنبحي لنفسه بحلب:
إذا اخترت أن تحيا فمت عن عوائق ... من الحس خمس ثم عن مدركاتها
وقابل بوجه العقل عالم قدسه ... فذاك حياة النفس عند مماتها
توفي الفقيه بدر الدين أبو بكر بن عثمان بمنبح.....
أبو بكر بن عمير الجرجاني:
سمع بأنطاكية القاسم بن أحمد بن محمد البغدادي، وبحلب سيار بن نصر بن سيار. روى عنه أحمد بن إبراهيم الإسماعيلي، وقد سقنا عنه حديثاً رواه عن القاسم في ترجمة القاسم من هذا الكتاب.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: حدثني أبو بكر بن عمير قال: حدثنا سيار بن نصر بن سيار البزاز البغدادي بحلب قال: حدثنا سهل بن عبد الرحمن الجرجاني لقيته بالبادية بسوق فيد عن محمد بن مطرف عن محمد بن المنكدر عن عروة بن الزبير عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " استعينوا على الحوائج بكتمانها فإن لكل نعمة حاسداً " .
أبو بكر بن محمد بن علي بن مغفل الأسدي الطيبي:
من أهل القرآن، فقير حسن السمت من أهل الطيب، وعنده فضل وخوض في شيء من كلام أرباب الطريقة، قدم علينا حلب، ونزل في المسجد المعروف بنا، وكان حلو الكلام والمحاضرة، وما كان خالياً من التصنع.
أنشدني أبو بكر بن محمد بن مغفل الطيبي في شهر رمضان من سنة إحدى وثلاثين وستمائة بمسجدنا بحلب، قال: أنشدني البحراني الشاعر لنفسه بالموصل في سنة خمس وعشرين تقديراً.
يظن نحولي ذو السفاهة والغبا ... غراماً بهند واشتياقاً إلى دعد
ولم يدر أني ما جد شف جسمه ... لقاء هموم خيلها أبداً تردي
عدمت فؤاداً لا يبيت وهمه ... كرام المساعي وارتقاء إلى المجد
خليلي ما دار المذلة فاعلما ... بداري ولا من ما أعدادها وردي
ولا لي في أن أصحب النذل حاجة ... لصحة علمي أنه جرب يعدي
أبو بكر بن مسعود بن أحمد الكاساني:
الإمام علاء الدين، أمير كاسان، بلدة من وراء النهر من بلاد الترك، أقام ببخارى واشتغل بها بالعلم على شيخه الإمام علاء الدين محمد بن أبي أحمد السمرقندي، وقرأ عليه معظم تصانيفه مثل: التحفة في الفقه، وشرح التأويلات في تفسير القرآن العظيم، وغيرهما من كتب الأصول، وسمع منه الحديث، ومن غيره وبرع في علمي الأصول والفروع، وزوجه شيخه السمرقندي بابنته فاطمة الفقيهة العالمة.
وخرج بها معه إلى بلاد الروم وكان محترماً بها، فجرى بينه وبين فقيه من كبار الفقهاء كلام، فرفع الكاساني المقرعة على ذلك الفقيه، وتأذى ملك بلاد الروم من ذلك ولم يقل له شيئاً، وكان يركب الحصان إلى أن مات، وله رمح يصحبه في الحضر والسفر، وعنده نخوة الإمارة وعزة النفس.

وسير من الروم رسولاً إلى حلب إلى نور الدين محمود بن زنكي، فعرض عليه المقام بحلب والتدريس بالمدرسة الحلاوية، فأجابه إلى ذلك، ووعده أن يعود إلى حلب بعد رد جواب الرسالة، فعاد إلى الروم وأعاد الجواب على ملك الروم. ثم قدم حلب فأكرمه نور الدين محمود بن زنكي وولاه التدريس بالمدرسة الحلاوية المعروفة بمسجد السراجين، وفوض إليه نظرها، وزاوية الحديث بالشرقية بالمسجد الجامع، فحدث بالزاوية المذكورة عند خزانة الكتب، ودرس بالمدرسة المذكورة وبالجاولية، وكان حريصاً على تعليم العلم ونفع الطلبة، وكان فقيهاً عالماً صحيح الاعتقاد، كثير الذم للمعتزلة وأهل البدع يصرح بشتمهم ولعنهم في دروسه، وصنف كتباً في الفقه والأصول منها كتابه في الفقه الذي وسمه ببدائع الصنائع في ترتيب الشرائع رتبه أحسن ترتيب وأوضح مشكلاته بذكر الدلائل في جميع المسائل، ومنها كتابه الذي وسمه بالسلطان المبين في أصول الدين وكان مواظباً على ذكر الدرس ونشر العلم.
حدثني والدي رحمه الله تعالى قال: كان علاء الدين الكاساني كثيراً ما يعرض له النقرس في رجليه والمفاصل، فكان يحمل في محفة من منزله بالمدرسة، ويخرج إلى الفقهاء بالمدرسة ويذكر الدرس ولا يمنعه ذلك الألم من الاشتغال، ولا يخل بذكر الدرس، وكانت زوجته فقيهة فاضلة تحفظ التحفة من تصنيف والدها، وتنقل المذهب وربما وهم الشيخ في الفتوى في بعض الأحيان، فتأخذ عليه ذلك الوهم وتنبهه على وجه الصواب فيرجع إلى قولها.
وسنذكرها في حرف الفاء فيمن اسمه فاطمة من النساء إن شاء الله تعالى.
أنبأنا جماعة من شيوخي عن الشيخ الإمام علاء الدين الكاساني، ونقلته من خطه، قال: أخبرنا الشيخ الإمام الأجل الأستاذ علاء الدين يعني محمد بن أبي أحمد السمرقندي قال: حدثني الشيخ الإمام أبو علي الحسن بن محمد بن خدام البخاري قال: حدثنا الشيخ القاضي الإمام أبو علي الحسين بن الخضر بن محمد النسفي، جدي رحمه الله، قال حدثنا الشيخ الإمام الجليل أبو بكر محمد بن الفضل الكاغدي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي الشيخ الفقيه الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسحق السمناني قال: حدثنا إسماعيل بن توبة القزويني قال: حدثنا إمام المسلمين محمد بن الحسن الشيباني رحمة الله عليه قال: حدثنا أبو حنيفة رحمه الله قال: حدثنا علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه كان إذا بعث جيشاً قال: اغزوا بسم الله، وفي سبيل الله، قاتلوا من كفر بالله. لا تغلوا، ولا تغدروا، ولا تمثلوا ولا تقتلوا وليداً، وإذا حاصرتم مدينة أو حصناً فادعوهم إلى الإسلام فإن أسلموا فأخبروهم أنهم من المسلمين لهم ما لهم وعليهم ما عليهم الحديث.
أخبرني الشريف أبو عبد الله محمد بن عمر بن الحسن بن محمد البخاري الأصل الحلبي المولد والمربي، والشيخ نظام الدين محمد بن عتيق الديباجي الحنفي قالا: قال الشيخ الإمام علاء الدين أبو بكر الكاساني في أول اعتقاده، وسمعناه منه: لا شيء أرضى عند الله تعالى من هداية العباد إلى سبيل الرشاد، والإبانة لهم عن المرضي من الاعتقاد، وهو اعتقاد السنة والجماعة إذ به ينال خير الدارين وسعادة المحلين، فمن تمسك به فقد اتبع الهدى، ومن حاد عنه فقد ضل وغوى، وذكره إلى آخره.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
حدثني محب الدين محمد بن محمود بن النجار الحافظ قال: سمعت جماعة يحكون لي عن الإمام علاء الدين الكاساني المقيم بحلب أنه كان أقعد من رجليه لنقرس عرض له فيها، فنزل إليه نور الدين محمود بن زنكي ودخل إليه يعوده، فتحرك علاء الدين الكاساني له فظن نور الدين أنه يحاول القيام له، فقال له بالفارسية: بنشي بنشي أي اقعد لا تقم، فقال له: يا مولانا بنشي من الله.

سمعت شمس الدين أبا عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قال: قدم علاء الدين الكاساني إلى دمشق فحضر إليه الفقهاء وطلبوا منه الكلام معهم في مسألة، فقال: أنا ما أتكلم في مسألة فيها خلاف أصحابنا، فعينوا مسألة، قال: فعينوا مسائل كثيرة، فجعل يقول: ذهب إليها من أصحابنا فلان، فلم يزل كذلك حتى أنهم لم يجدوا مسألة إلا وقد ذهب إليها واحد من أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه، فانفض المجلس، وعلموا أنه قصد الغض منهم فقالوا إنه طالب فتنة، فلم يتكلموا معه.
قلت: وللشافعي رضي الله عنه مسائل انفرد فيها لم يذهب إليها أحد من أصحابنا أصلاً كمسألة الخلوفة من ماء الزاني ونحوها، فكأن الفقهاء الذين حضروا مع الكاساني تجنبوا الكلام فيها لظهور دليل أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه فيها وأراد الكاساني أن يلجئهم إلى تعيين مسألة من هذا النوع، فنكبوا عن ذلك لهذا المعنى، والله أعلم.
سمعت الفقيه شمس الدين الخسروشاهي بالقاهرة يقول لي: لأصحابكم في الفقه كتاب البدائع للكاساني، وقفت عليه ما صنف أحد من المصنفين من الحنفية ولا من الشافعية مثله، وجعل يعظمه تعظيماً، قال لي: ورأيته عند الملك الناصر داود صاحب الكرك أهداه إليه بعض الفقهاء الحنفية، وأظنه قال الشمس نجا أحد المدرسين بدمشق فعجبت ممن يكون عنده مثل ذلك الكتاب ويسمح بإخراجه من ملكه.
سمعت النقيب السديد داود بن علي البصراوي يقول: كان الشيخ علاء الدين الكاساني لا يركب إلا الحصان ويقول: لا يركب الفحل إلا الفحل، وكان له رمح لا يفارقه وكان شجاعاً، قال لي: وكان لا يأكل عمره إلا اللحم المطبوخ بالماء والحمص رحمه الله.
سمعت الفقيه جمال الدين أبا السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة الكاتب قال: كان علاء الدين الكاساني قال: قد أقام في بلاد الروم فتشاجر هو ورجل فقيه يعرف بالشعراني ببلاد الروم في مسألة المجتهدين هل هما مصيبان أم أحدهما مخطئ، فقال الشعراني: المنقول عن أبي حنيفة رضي الله عنه أن كل مجتهد مصيب، فقال الكاساني: لا بل الصحيح عن أبي حنيفة: إن المجتهدين مصيب ومخطئ، والحق في جهة واحدة، وهذا الذي تقوله مذهب المعتزلة، وجرى بينهما كلام في ذلك، فرفع عليه الكاساني المقرعة فشكي إلى ملك الروم، فقال سلطان الروم لوزيره: هذا قد افتات على الرجل فاصرفه عنا، فقال الوزير: هذا رجل شيخ وله حرمة ولا ينبغي أن يصرف بل ننفذه رسولا إلى نور الدين محمود بن زنكي ونتخلص منه بهذا الطريق، فسير من الروم رسولا إلى نور الدين إلى حلب، وكان قدم الرضى السرخسي صاحب المحيط حلب وولاه نور الدين المدرسة الحلاوية بعد ولد العلاء الغزنوي، وكان في لسانه لكنة، فتعصب عليه جماعة من الفقهاء الحنفية بحلب وصغروا أمره عند نور الدين على ما ذكرناه في ترجمته في باب المحمدين، فأوجب ذلك أن عزل عن التدريس بها، وتوجه إلى دمشق وكوتب عالي الغزنوي في الوصول إلى حلب لتولي تدريس المدرسة، وكان بالموصل واتفق وصول الكاساني رسولا من الروم إلى نور الدين، واحترمه وأكرمه، واجتمع فقهاء المدرسة وطلبوا من نور الدين أن يوليه التدريس بالمدرسة المذكورة، فعرض نور الدين عليه ذلك، فدخل المدرسة ورآها فأعجبته وأجاب نور الدين إلى ما عرضه عليه، وقال له: هذه الرسالة أمانة معي فإذا أعدت الجواب إليهم عدت بعد ذلك، وقدمت حلب، وكتب نور الدين محمود خطه لعلاء الدين الكاساني بالمدرسة، ورجع الكاساني وأعاد جواب الرسالة وعاد إلى حلب، ووصل الخبر بوصوله فخرج جماعة عظيمة من الفقهاء إلى لقائه إلى باب بزاعا.

قال لي خليفة: وكنت إذ ذاك صبيا صغيرا، فخرجت مع والدي فيمن خرج، فعهدي بالشيخ الكاساني والفقهاء مجتمعون حوله، وأقام ذلك اليوم بباب بزاعا على عزم الدخول صبيحة تلك الليلة، فجاءه في أثناء النهار رجل من الفقهاء وقال له: عبر هاهنا رجل شيخ فقيه ومعه جماعة من الفقهاء. وقالوا: هذا عالي الغزنوي وقد جاء إلى حلب لأخذ المدرسة، فقال النجيب يعني محمد بن سعد الله بن الوزان وجماعة غيره من الفقهاء للكاساني: المصلحة أن نقوم وندخل إلى حلب، فبقي وقام وسار فوصل حلب بكرة: وكان عالي قد وصلها العصر من البوم المتقدم، ونزل بالحجرة، فوصل الكاساني ودخل المدرسة والفقهاء حوله، فأرسل الفقهاء إلى عالي وقالوا له تقوم وتخرج لأجل الشيخ، فامتنع فأعادوا له القول ثانيا، وقالوا المصلحة: أنك تخرج بحرمتك وإلا يدخل من يخرجك قسر بغير اختيارك، فلما رأى الجد في ذلك خرج من الحجرة ومضى إلى حجرة صغيرة كانت في جانب المدرسة، فنزلها وكان نور الدين إذ ذاك غائبا أن حلب فكوتب في ذلك فولى الكاساني المدرسة الكبيرة، وكان ابن الحليم مدرساً بمدرسة الحدادين فاستدعي إلى دمشق، وولي مكانه عالي الغزنوي.
قال لي مقرب الدين أبو حفص عمر بن قشام: إن الشريف النقيب أبا طالب يعني أحمد بن محمد، نقيب العلويين بحلب، خرج وتلقى الكاساني وحرضه على سرعة الوصول إلى حلب، وقال لي ابن قشام: لما ورد الكاساني في الرسالة من الروم، وطلبه نور الدين لتدريس المدرسة أجاب إلى ذلك، وقال: أعود وأودي جواب الرسالة، ثم أرجع، فمضى وبسطت له سجادة بالمدرسة وكانت تبسط كل يوم ويجتمع الفقهاء حولها إلى أن قدم واستقل بالتدريس والنظر.
قال لي خليفة بن سليمان: ولم تزل حرمة الكاساني تعظم وتزيد، ويرتفع أمره عند نور الدين ومن بعده من الملوك إلى أن تناقصت في أيام الملك الناصر صلاح الدين فلزم مكانه بالمدرسة، ثم عظم بعد ذلك أمره عند الملك الظاهر وما زال يحترمه إلى أن مات.
وقال لي السديد النقيب داود البصراوي: كان الكاساني يصعد إلى قلعة حلب راكباً وينزل حيث ينزل الملك الظاهر، فاتفق أن صعد يوماً والفقهاء بأجمعهم بين يديه، فلما وصل إلى باب القلعة قام البواب وقال: يدخل الشيخ، ويرجع الفقهاء، فلوى الشيخ عنان حصانه وقال: يرجع الشيخ أيضاً، فبلغ الملك الظاهر، فأرسل في الحال من أدخل الشيخ والفقهاء معه إلى أن نزل الشيخ حيث ينزل، ودخل الشيخ والفقهاء معه إلى مجلسه.
قلت: ولما توفي الكاساني تولى الملك الظاهر تربية ولده وكان صبيا واستخدم عتقاءه وولاهم تربية ولده بالقلعة، واجتهد في اشغاله بالفقه فلم ينجب.
قال لي خليفة بن سليمان: مات علاء الدين الكاساني يوم الأحد بعد الظهر وهو عاشر رجب في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، ثم قرأت بخط خليفة على ظهر كتاب: توفي الأستاذ الإمام علاء الدين الكاساني ذو المكارم أبو بكر بن مسعود عاشر رجب بعد الظهر سنة سبع وثمانين وخمسمائة، وتولى التدريس بعده الأستاذ الإمام افتخار الدين في سابع عشر رجب.
سمعت ضياء الدين محمد بن خميس الوكيل المعروف بابن المغربي يقول: حضرت الشيخ علاء الدين الكاساني عند موته، فشرع في قراءة سورة إبراهيم عليه السلام حتى انتهى إلى قوله تعالى: " يثبت الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة " فخرجت روحه عند فراغه من قوله: " في الآخرة " .
قلت: ودفن رحمه الله داخل مقام إبراهيم عليه السلام ظاهر حلب في قبة من شماليه كان دفن فيها زوجه فاطمة بنت علاء الدين السمرقندي ولم يقطع زيارة قبرها كل ليلة جمعة إلى أن مات رحمه الله وزرت قبريهما في هذه القبة المذكورة غير مرة.
أبو بكر بن مسلم العابد:
صاحب قنطرة بردان كان من أهل طرسوس، وبردان هو نهر طرسوس، سمع بطرسوس أبا حمزة الأسلي العابد، حكى عنه الحسين بن شبيب الآجري الزاهد، وحكي عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروروذي وصحبه الجنيد بن محمد.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكر المقرئ قال: أخبرنا إسماعيل بن علي بن محمد بن عبد الله الفحام قال حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد الصيدلاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي قال: حدثنا الحسين بن شبيب الآجري وكان هذا من النساك المذكورين قال: حدثنا أبو حمزة الأسلي بطرسوس قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبي وإسرائيل عن أبي اسحق عن عبد الله بن خليفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الكرسي الذي يجلس عليه الرب عز وجل ما يفضل منه إلا قدر أربع أصابع وإن له أطيطا كأطيط الرحل الجديد.
قال أبو بكر المروزي: قال لي أبو بكر بن مسلم العابد: حين قدمنا إلى بغداد أخرج ذلك الحديث الذي كتبناه عن أبي حمزة، فكتبه أبو بكر بن مسلم بخطه وسمعناه جميعاً، فقال أبو بكر بن مسلم: إن الموضع الذي يفضل لمحمد صلى الله عليه وسلم ليجلسه عليه، قال أبو بكر الصيدلاني: من رد هذا، فإنما أراد الطعن على أبي بكر المروزي، وعلى أبي بكر بن مسلم العابد.
أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف فيما أذن لنا في روايته عنه، وقد سمعت منه غيره قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: سمعت مظفر بن سهل القرئ يقول: قال أبو بكر محمد بن أحمد بن الحجاج المروروذي: دخلت على أبي بكر بن مسلم، صاحب قنطرة بردان، يوم عيد فوجدت عليه قميص مرقوع نظيف مطبق، وقدامه قليل من خرنوب يقرضه، فقلت له: يا أبا بكر اليوم عيد الفطر، وتأكل خرنوب؟ فقال لي: لا تنظر إلى هذا ولكن انظر إلى أنه إن سألني من أين هو إيش أقول.
أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: وأما أبو بكر بن مسلم، فمن المستأنسين بالله لا ينفك من مشاهدته ومذاكرته، وكان الجنيد من تلامذته.
أبو بكر بن نوفل بن الفرات بن مسلم الحلبي:
روى عن أبيه نوفل بن الفرات، روى عنه منصور بن أبي مزاحم، وذكر أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري في كتاب الوزراء أنه كان من كتاب المهدي.
أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف إذناً قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد يعني ابن حيان قال: حدثنا أحمد يعني ابن الحسن قال: حدثنا أحمد يعني ابن إبراهيم قال: حدثنا منصور بن بشير قال: حدثنا أبو بكر يعني ابن نوفل بن الفرات عن أبيه أن عمر استعمل جعونة بن الحارث على ملطية فغنم، أو أصاب وغنم، ووفد ابنه إلى عمر، فلما دخل عليه وأخبره الخبر، قال له عمر: هل أصيب من المسلمين أحد؟ قال: لا، إلا رويجل، فغضب عمر وقال: رويجل، مرتين. تجيئون بالشاة والبقرة ويصاب رجل من المسلمين، لا تلي لي أنت ولا أبوك عملاً ما كنت حياً.
أبو بكر بن يوسف بن محمد الحكيم الرسعني:
الملقب بالتقي، حكيم فاضل من أهل رأس عين، مهر في علم الطب. وشذا شيئاً من الأدب، وتمول ودخل إلى بلاد الروم، واتصل بخدمة علاء الدين كيقباذ بن كيخسرو وحظي عنده، واتخذ بها أملاكاً كثيرة، ثم صار بعده مع ولده غياث الدين كيخسرو، ثم بعده مع ولده كيكاوس، وأرسله إلى حلب إلى الملك الناصر يوسف، وتوجه إلى مصر إلى الملك العظيم تورانشاه، ثم عاد إلى مخدومه، ثم جاء رسولاً إلى الملك الناصر وفي صحبته بنت علاء الدين زوج الملك الناصر، وأعطاه عطاء حسناً، وذلك في سنة إحدى وخمسين وستمائة، وعاد إلى الروم، ثم أرسله كيكاوس إلى الملك الناصر فقدم حلب مجتازاً، ونفذ إلى الملك الناصر، ثم عاد، ثم قدم عليه رسولاً حين طرق التتار بلاد الروم، فقدم دمشق، وأقام بها مدة، ثم عزم على التوجه إلى مصر ليسير في البحر إلى بلاد الروم، فسيره المصريون في البحر لإبرام الصبح بينهم وبين الملك الناصر، فقدم إلى دمشق واستحلف لهم الملك الناصر ثم صعد إلى مصر وحضر يمين صاحبها الملك المنصور للملك الناصر، ثم عاد إلى دمشق فأقام بها مدة.

وعزم على التوجه إلى مصر لانقطاع الطرق إلى الروم، فورد قاصد من كيكاوس بكتاب إلى الملك الناصر يطلب منه أن يوجه إليه الحكيم المذكور، وأخبرني القاصد المذكور أنه لو وصل إليه قتله، فخاف خوفاً عظيماً ومرض وكتب إلى الفرنج بالساحل يطلب منهم أماناً على نفسه وماله، فأجابوه إلى ذلك، وأقام مريضاً أياماً وتوفي بدمشق في شهر ربيع الأول بين سنة سبع وخمسين وستمائة، وأوصى أن يتصدق عنه بثلث ماله ويستفك منه أسارى، وأسند وصيته إلى الأمير جمال الدين موسى بن يغمور.
ووصل رسوله إلى الفرنج بالأمان له بعد موته وأحضره إلي، وكان الحكيم المذكور قد اجتمع بي مراراً، وكان حلو النطق دمث الأخلاق، وجري بيني وبينه مذاكرات، وأنشدني عدة مقطعات من شعره أكثرها هجاء، فلم أكتب عنه شيئاً، وأنشدني عماد الدين علي بن عبد الله بن التلمساني بحماة، قال: أنشدني الحكيم تقي الدين أبو بكر الرسعني لنفسه، وكتبها على باب شباك بالجوسق بحماة:
انظر إلى أثر الملوك ... يرعك منه الرونق
فالرسم بعد الظاعنين ... لسان حال ينطق
عمرو القصور وعمروا ... وتجمعوا وتفرقوا
وتأبدوا زمناً بها ... ومضوا كأن لم يخلقوا
؟أبو بكر بن أبي الخصيب المصيصي: روى عن أحمد بن صالح، واسمه محمد، وأظنه محمد بن أحمد بن محمد المستنير وجده أبو الخصيب. وقد تقدم ذكره.
؟أبو بكر بن أبي علي بن أبي سالم: التنوخي المعري الأصل الحلبي المولد والمنشأ، السمسار في الخضر بباب الجنان بحلب، وهو ابن أخت أبي العلاء بن أبي الندى، شاعر حسن الشعر أدركته بحلب، وحضرته، وسمعت منه شيئاً من شعره وشعر غيره من المعريين روى لنا عن خاله أبي القاسم بن أبي الندى، وعن أبي بكر المجلد النقيب بالحلاوية، وكان سمساراً بدار كوره بحلب، سألته في سنة خمس وعشرين وستمائة عن مولده، فقال: يكون عمري الآن أربعة وخمسين أو خمسة وخمسين سنة، فيكون مولده على هذا في حدود السبعين والخمسمائة.
وبلغني أنه وقف بين يدي الملك الظاهر رحمه الله، وأنشده قصيدة من شعره في مدحه، وكان ذلك من أول نظمه الشعر، فلما فرغ من إنشاده قال: من هو هذا؟ فقيل هو ابن أخت أبي العلاء بن أبي الندى، فقال له الملك الظاهر: الخال لا يورث.
أنشدني أبو بكر بن أبي علي التنوخي الحلبي بها لنفسه:
كل يوم أسى لقلبي المشوق ... واكتئاب على فراق فريق
حملوني ثقل الغرام وقد كنت ... لثقل الغرام غير مطيق
يا رفيقي رفقاً علي فما ينفع ذا ... الوجد مثل رفق الرفيق
إن يكن يطلق الأسير فما بال ... فؤادي المشوق غير طليق
أنا ملقى ما بين قلب حريق ... من جوى لوعتي وجفن غريق
لو رأى حالتي عدوي لما ... سر بها حاله فكيف صديقي
وأنشدني لنفسه:
وأسمر حياني عشية زرته ... بما اعتصرت من طرفه واحوراره
سقاني بلحظ العين خمراً شرابها ... إلى اليوم عندي فضلة من خماره
سلافة لحظ أسكرتني ولم تكن ... سلافة كأس عتقت من عقاره
فبت أسقاها طلا ذات سورة ... تفرق ما بين الفتى واصطباره
على ورد خديه وسوسن صدغه ... ونرجس عينيه وآس عذاره
وأنشدني لنفسه وقال: هذه طريقة سلكتها على نهج أبي العلاء بن سليمان في استغفر واستغفرني، أتعمد في أول الأبيات إلى كم، وتارة كم:
إلى كم أيها اللاهي ... تجريك على الله
أتسهو عن رضا من لي ... س عن رزقك بالساه
ألا ينهاك يا ذا الجهل ... عن عصيانه ناه
أتستمسل للنفس ... بدنيا حبلها واه
وتمشي مشية المختال ... في سربالك الزاهي
ولا تفكر يا مغرور ف ... ي صرف الردى الداهي
كن الأواه إن الله ... يهوى كل أواه
ولا تبد له تيها ... فيشنا كل تياه
توفي أبو بكر السمسار التنوخي هذا بحلب في شهر ذي القعدة من سنة اثنتين وثلاثين وستمائة.

أبو بكر بن أبي الفتح المكي:
إمام الحنفية بالحرم الشريف، كان شيخاً حسناً تقياً حنفي المذهب، يؤم بالحنفية بين يدي الحجر، قدم علينا حلب في سنة إحدى وستمائة وافدا على الملك الظاهر غازي رحمه الله، مسترفدا فوصله وأحسن قراه، ورجع إلى مكة حرسها الله.
حدث عن أبي محمد المبارك بن علي بن الطباخ، نزيل مكة. روى عنه داود ابن سليمان بن خليل العسقلاني المكي، وكنت اجتمعت به بحلب حين قدمها، وكان يتردد إلى والدي وعمي رحمهما الله، ولم أسمع منه شيئاً.
وتوفي بمكة حرسها الله في المحرم سنة عشرين وستمائة، ودفن في المعلاة، وولي ولده إمامة الحنفية بعده.
أبو بكر بن أبي مريم الغساني:
وأسمه عبد الله بن محمد، تقدم ذكره.
أبو بكر بن الأصبهاني المقرئ:
ويعرف بأبي بكر الاسكاف، أحد أئمة جامع طرسوس ذكره أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، فيما نقلته من خطه، في كتاب سير الثغور في ذكر أئمة الجامع بطرسوس، بعد أن ذكر أبا حفص عمر بن الحسين الموصلي ثم قال: وكان أبو بكر الاسكاف المقرئ تقدم قبله، فصلى بالناس ثلاثا يعني في صلاة التراويح وامتنع من الإمامة، وقد رأيته وقرأت عليه، وكان من الابدال المبرزين، حدثني من أثق به أنه لقن في مدة خمسين سنة في جامع طرسوس، هو ومن يقرأ عليه في مجلسه أكثر من عشرة آلاف رجل لمواظبته على دراسة القرآن، وتلقينه وأن حلقته كانت أكثر الحلق عدد من يتلقن ويلقن، وكان قد وفده أهل طرسوس إلى بغداد هو وأبو علي بن الاصبهاني مستصرخا حين ضايقها نقفور.
أبو بكر الأحنف البغدادي:
سمع بالمصيصة شاكرا البغدادي، روى عنه أبو العباس النسوي.
قرىء على فخر الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمد العقري الحميدي بالموصل قال: أخبرنا أبو المظفر عبد الصمد بن الحسين بن عبد الغفار الزنجاني قال: أخبرنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم اليوناراتي الاصبهاني قال: حدثنا الحسين بن عبد الملك الأديب قال: أخبرني أحمد بن الفضل المقرئ أجازه أن أبا العباس النسوي أخبرهم قال: سمعت أبا بكر الأحنف البغدادي بدمشق يقول: سمعت شاكرا بالمصيصة يقول: رأيت رب العزة في المنام بعد قتل حسين بن منصور، رأيت كأني واقف بين يديه، أو كما قال، فقلت: يا سيدي أنت حكمت في كتابك من قتل قتل، ومن سرق قطع فايش كان جرم الحسين بن منصور حتى قتل وقطع يداه ورجلاه وصلب؟ فقال: ذلك أودعناه سرا من سرائرنا فأذاعه فعاقبناه، قال: فقلت: يا سيدي هو ذا الشبلي يجيء بالعظائم! قال: وقال عز وجل: " وأعرض عن الجاهلين " قال: فغدوت إلى الشبلي فقصصت عليه مثل ما رأيت، قال: فقال الشبلي: أعرضت عما دونه، أو كما قال.
أبو بكر الدينوري الطرسوسي:
شيخ الحرم، حكى عن مظفر القرميسيني، روى عنه أبو نعيم الحافظ.
أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي، في كتابه، قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال: أخبرنا أبو صالح الحفظ قال: سمعت أبا نعيم الحافظ يقول: سمعت أبا بكر الدينوري الطرسوسي يقول: سئل مظفر القرميسيني: ما خير ما أعطي العبد؟ قال: فراغ العبد عما لا يعنيه ليشتغل ويتفرغ إلى ما يعنيه.
أبو بكر النيسابوري:
المعروف بالمغازلي من شيوخ الصوفية، حكى بحلب عن المزني صاحب الإمام الشافعي، وبمنبج عن المرتعش، روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن بهضم الهمذاني ومنصور الهروي وقد ذكرنا حكايته عن المزني في ترجمة منصور الهروي.
قرأت بخط عبدوس بن عبد الله بن محمد بن عبدوس أبي الفتح، حدثنا الشيخ أبو منصور محمد بن عيسى بن عبد العزيز واللفظ له، ح.
وأخبرنا الحفظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قالا: حدثنا أبو الحسن الهمذاني قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري، المعروف بالمغازلي، بمنبج وقد أتى عليه مائة سنة وأكثر، ورأيت تحته قطعة خصاف، وذكر أنه جالس عليها منذ أربعين سنة، ورأيت عليه عباءة مخمل رومي ذكر أنه يلبسها منذ ثلاثين سنة.

قال: قال لي جعفر المرتعش رحمه اله: سافرت خمسين سنة ليس نعيش إلا بالحيلة، وسافرت ثلاثين سنة أمشي كل سنة ألف فرسخ، لم يفارقني فيها ثلاثة أخلاق: لم أعاشر إلا من عرفته، ولم أنزل عن الفقر وإن فتح لي بشيء ولو نصف رغيف طالبت نفسي بالمواساة.
أبو بكر المعوج الانطاكي:
الشاعر، شاعر مجيد من أهل أنطاكية، وينسب أيضا المصري، ولعله من أنطاكية وسكن مصر.
روى عنه شيئاً من شعره أبو بكر الصولي، وأبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون، ح.
وأنبأنا زيد بن الحسن النحوي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو علي بن وشاح بن محمد بن عبد الصمد بن أحمد بن حبش الخولاني أنشدنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد قال: أنشدنا المعوج الانطاكي لنفسه في بدر الحمامي وسقط عن فرسه فقصد:
لا ذنب للطرف أن زلت قوائمه ... وليس يلحقه من عائب دنس
حملت بأسا وجودا فوقه وندى ... وليس يقوى بهذا كله الفرس
قالوا فصدت فما خلق به حرك ... خوفا عليك ولا نفس بها نفس
كف الطبيب دعا كفا نقبلها ... ونطلب الغيث منها حين يحتبس
قرأت في كتاب العيادة لأبي بكر محمد بن يحيى الصولي أظنه بخط كاتبه قال: وزعم لي أبو بكر المعوج الشاعر المصري أن بدراً الحمامي، ركب إلى الميدان بمصر، فتقطر به فرسه، فاحتاج إلى الفصد، فافتصد فدخل عليه فأنشده:
لا ذنب للطرف أن زلت قوائمه ... وليس يلحقه من عائب دنس
حملت بأسا وجوداً فوقه وندى ... وليس يقوى بهذا كله الفرس
قالوا افتصدت فما نفس العلي معها ... خوفاً عليك ولا نفس لها نفس
كف الطبيب دعا كفا نقبلها ... ونطلب الرزق منها حين يحتبس
وقد روي البيتان من هذه الأبيات لأبي تمام، ورويا لآبي دلف، وقد ادعاهما أبو عبد الله بن خالويه، والصحيح أنهما لأبي بكر المعوج الانطاكي في جملة هذه الأبيات، والله أعلم.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني في مجموع وهبنية أبي رحمه الله: أبو بكر المعوج يهجو وصيف البازمازي:
مدجتك يا وصيف البازمازي ... ولم أتلق بخلك باحتراز
دعوتك للندى فهربت مني ... كأني قد دعوتك للبراز
وكيف أقول ترغب في المعالي ... إذا ما كنت ترغب في المخازي
ولم ألبسك ثوب المديح إلا ... وجدتك قد خريت على الطراز
أبو بكر القرشي المصيصي:
شاعر من أهل المصيصة مذكور حسن الشعر.
سير إلي بعض الأصدقاء بالقاهرة. قطعة من تاريخ أبي اسحق السقطي صاحب كتاب الرديف، فقرأت فيه ما ذكره في حوادث سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة قال: وفيها كانت غلبة الروم والنقفور بن الفقاص على عين زربة، وتل موزة، وتل صوغا، وحمام لوفل، وأرقينية، وما بين هذه المدن من القرى والرساتيق، وقيل بل ذلك كان في سنة تسع وأربعين، ثم قال: وأكثر شعراء الثغور والمنكوبون المراثي فيما حل بهم، ثم قال: وقال أبو بكر القرشي المصيصي في ذلك:
لا تبكين خليط الدار إذ بانا ... ولا المعارج من دعد وأظعانا
وابك الثغور التي أضحت معالمها ... دوارسا أقفرت ربعا وقيعانا
أبلغ خليفتنا عنا رسالتنا ... لقيت يا صاح إن بلغت رضوانا
خليفة الله لو عاينتنا لجرت ... منك الدموع لنا سكبا وتهتانا
جر العدو علينا في عساكره ... كأنها قطع في الليل تغشانا
يسبي ويقتل ما يلقاه من أحد ... كأنما ألبس الإسلام خذلانا
بعين زربة إذ حطت عساكره ... وتل موزا إلى أعبار جيحانا
وتل صوغا وما ولاه صبحه ... وبالخليج وحوز المرج مسانا
وبالكنيسة والحمام زلزلها ... وبالملندين قبل العيد وازانا

وحصن أرقان والأحواق ضعضعها ... وبالمثقب والتينات غادانا
وأهل بياس ابتاعوا مدينتهم ... من العدو كفى بالبيع خسرانا
وكم حصون إذا عددتها كثرت ... يكفيك من باطن المنشور عنوانا
مدائن أضحت بالثغر موحشة ... منابر عليت بالبغي صلبانا
ترى الخنازير تسعى في مساجدها ... وطالما عمرت فقها وقرآنا
ترى أئمتها صرعى وقد ذبحوا ... عند المحاريب إذلالاً وإيهانا
ترى المصاحف والأجزاء محرقة ... هلا بكيت لها سرا وإعلانا
ترى الرجال كبدن الحج قد نحروا ... حول الحصون عليها الطير قطعانا
ترى النساء مع الولدان يجمعهم ... أراذل الروم أبكارا وصبيانا
ترى العرائس أقران العلوج ... معاً عوضن بالسيف أزواجاً وأختانا
يقول فيها:
محمد يا رسول الله لو نظرت ... عيناك أو سمعت أذناك شكوانا
وقد جفانا بنو الإسلام كلهم ... فلا مغيث لنا والله مولانا
لأبكين على الإسلام مكتئباً حتى ... أوسد في الأجداث أكفانا
ثم ذكر سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة وقال: وفيها وردت الأخبار بإغارة الروم على الحصون الثملية واجتياح بلد الإسلام وهرب بقايا أهل الثغور عن معاقلهم إلى الأقاصي.
وقال: ووافت قصيدة لأبي بكر القرشي المصيصي، وتداولها الناس أولها:
إلى أهل الديانة أجمعينا ... رسالة أهل ثغر صابرينا
وهي مائة وستون قافية، فيها ما حل بأهل الثغر من القتل والسبي والحرق والنهب وأمور في استماع بعضها إذكار " وما تغني الآيات والنذر عن قوم لا يؤمنون " ، فلم يحفلوا بها ولا انثنوا عليها.
أبو بكر الزبيري:
حكى بأنطاكية عن أبي الحسين الدراج، روى عنه عبد الواحد بن بكر الورثاني.
أنبأنا أبو محمد، وأبو العباس ابنا عبد الله بن علوان، قالا: كتب إلينا أبو الفضل محمد بن بنيمان قال: أخبرنا بنجير بن منصور قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي، قال: أخبرنا عبد الواحد بن بكر الورثاني قال: سمعت أبا بكر الزبيري بأنطاكية يقول: سمعت أبا الحسين الدراج قول: الناس في السماع على ثلاث أصول، فمن أشار إلى الذات ألحد، ومن أشار إلى المخلوقين أشرك، ومن ملكته حكمته فسمع من حاله فقد وجد.
أبو بكر المروذي:
روى عن رجل لم يسمه لقيه بطرسوس
أبو بكر الطرسوسي:
حكى عن نعيم بن حماد، روى عنه أحمد بن محمد بن سهل الخالدي.
أخبرنا أبو اليمن الكندي إجازة فقال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حمويه بن أبرك الهمذاني بها قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: سمعت أبا العباس أحمد بن سعيد بن معدان يقول: سمعت أحمد بن محمد بن سهل الخالدي يقول: سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول أخذ نعيم بن حماد في أيام المحنة سنة ثلاث وعشرين أو أربع وعشرين، وألقوه في السجن، ومات في سنة سبع وعشرين، وأوصى أن يدفن في قيوده وقال: إنني مخاصم.
أبو بكر الطرسوسي:
من طبقة أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، حدث هو وأبو أمية جميعاً عن أبي اليمان الحمصي.
روى عنهما أبو عوانة يعقوب بن إسحق النيسابوري الحافظ.
أبو بكر الدينوري الطرسوسي:
شيخ الحرم حكى عن مظفر القرميسيني، روى عنه أبو القاسم الأصبهاني.
أنبأنا أبو الفضل جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل لعثماني الديباجي، قال: قرأت على الشيخ أبي بكر يحيى بن عمر بن شبل فأقر به، ح.

قال الهمداني: وأخبرني السلفي أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ فيما أجازه لي قال: أخبرنا أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني في كتابه إلي من خراسان وأخبرني عنه ابن شبل المذكور أيضاً قال: حدثنا الشيخ أبو حفص عمر بن الحسن الدهستاني قال: وسمعته، يعني، عبد الكريم ابن بنت بشر الحافي يقول: سمعت أبا القاسم الأصبهاني يقول: سمعت أبا بكر الدينوري الطرسوسي شيخ الحرم يقول: قال مظفر القرميسيني وسئل: ما خير ما أعطى العباد ربهم؟ قال: فراغ القلب عما لا يعنيه ليتفرغ إلى ما يعنيه.
أبو بكر الطرسوسي:
إن لم يكن المتقدم فهو غيره، حكى عن الحسين الحلاج، روى عنه أبو يعقوب إسماعيل بن يوسف الجبان.
أخبرنا أبو الحسن المؤيد بن محمد بن علي في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: سمعت الشيخ أبا سهل عبد الواحد بن محمد الصوفي يقول سمعت أبا يعقوب إسماعيل بن يوسف بن الجبان بقزوين يقول: سمعت أبا بكر الطرسوسي يقول: كان أبو منصور الحلاج يصحب عمرو المكي، فوقع بيده اسم الله الأعظم، فخرج من عنده فقال: عمر قد حمل من عندنا ما يقطع عليه يديه ورجليه ويجرد بالسياط، ويحرق بالنار.
أبو بكر الطرسوسي:
روى عن حامد بن يحيى، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عقيل البلخي.
أبو بكر المصري:
من العباد، وكان بالمصيصة، حكى عن بعض العباد لقيه بالمصيصة، روى عنه أبو بكر محمد بن داود الدقي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة، وابن عمه محمد بن زياد بن رواحة الحمويان كتابة من كل واحد منهما قالا: أخبرنا أبو أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفضل محمد بن الحسن بن الحسين السلمي بدمشق عن أبي علي الحسن بن علي بن إبراهيم الأهوازي قال: حدثنا أبو محمد عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي الطائي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داود الدقي قال: حكى لي أبو بكر المصري أنه كان بالمصيصة، وكان يبيت في الجامع، ولم يكونوا يتركون أحداً يبيت فيه إلا من يعرفونه، فجاء القوام إلى فتى قائم يصلي وراء المحراب ليخرجوه، والفتى يصلي ما يخاطبهم، فجاءوا إلي وأنا مع أصحابي فقالوا: يا أبا بكر، هذا الفتى المصلي مع أصحابك؟ فقلت: لا، قال: فرجعوا إليه ليخرجوه فتخطى من الجامع إلى كفربيا وجعل يقول: صدق أبو بكر ما أنا من أصحابه، ما أنا من أصحابه.
أبو بكر الجويني الصوفي:
من صوفية الثغر وعبادهم، ذكره أبو عبد الرحمن السلمي في تاريخ الصوفية بما أخبرنا به أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني في كتابه إلينا من مرو قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي: أبو بكر الجويني من أهل الثغر ومتأخريهم.
أبو بكر المجلد الحنفي:
نقيب المدرسة الحلاوية بحلب، كان من جملة الفقهاء بها، وكان نقيبهم، وكان يجلد الكتب في بيته بالمدرسة، وكان شيخاً حسناً بهي المنظر عنده محاصرة وكيس، رأيته ولم أسمع منه شيئاً، وكان سمع الإمام علاء الدين الكاساني، وشيخنا افتخار الدين أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وروى شيئاً من شعر أبي العلاء بن أبي الندى عنه وروى لنا عنه أبو بكر بن أبي علي التنوخي السمسار الشاعر بيتين من شعر أبي الندى، وقد ذكرناهما في ترجمة أبي العلاء المحسن بن أبي الندى من هذا الكتاب.
أبو بكر بن الداية:
الأمير مجد الدين، كان أميراً حسناً يرجع إلى دين وخير، وأمه داية نور الدين محمود بن زنكي، فلذلك عرف بابن الداية، واسمه محمد بن محمد بن نشتكين، وقد قدمنا ذكره في بابه، وكان خصيصاً بنور الدين وجيهاً عنده وكان يعتمد عليه واستنابه في الملك بحلب حين غاب عنها، وحدث بحلب عن جماعة من الشيوخ الذين أجازوا له، وأخذ الإجازة تاج الدين محمد البندهي، سمع منه شيخنا أبو هاشم وغيره، وقد أوردنا من حديثه شيئاً في ترجمته فيما تقدم من هذا الكتاب.
حرف التاء
من الكنى
أبو الترك السلمي:
كان من أهل العلم والحديث والجهاد في سبيل الله بطرسوس، ذكره القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور، وأثنى عليه ثناء حسناً.

قرأت بخط أبي عمرو الطرسوسي، وذكر سكك طرسوس فقال: ثم تذهب لوجهك فتجد عن يمينك كنيسة أبي سليم فرج الخادم، وهي دار كبيرة، تشتمل على دور كبيرة، يسكنها مواليه، فيها ديوانه وعاملهم وكاتبهم، ورئيسهم، وخزائن أسلحتهم وعددهم، وهذا الوقف أزجى وقوف طرسوس وأكثرها مالاً، وأوفره وأكثره موالي صالحين مجاهدين متمسكين، قد عرفت منهم الأكثر، وعرفت منهم رجلاً نبيلاً فارساً من أهل العلم والحديث، ذا صباحة ووضاءة ومنظر حسن، يعرف بأبي الترك لسلمي، ما ركب قط إلى نفير في صيف ولا شتاء، قرب النفير أم بعد مداه، صدق خبره أم كذب إلا لبس لأمته وسترها بدراعة، فسألته عن السبب في ذلك، فذكر أنه نودي في بعض الأزمنة بالنفير إلى باب قلمية فبادر مسرعاً، وكذلك كان رسم النجباء المتحركين في الجهاد، المسارعة إلى النفير، فلقي العدو بمكان قريب من البلد، وكان السلطان حينئذ في الغزو، فباشر القتال، وأعانه من المسلمين قوم آخرون فظفرهم الله بمن ورد، ونصرهم وعادوا إلى طرسوس سالمين غانمين فعقد بينه وبين الله عز وجل، لا ركب بعدها إلى جهاد ولا نفير، إلا بعد أن يتأهب أهبة الحرب، كما يتأهب من يبارز عدوه في مصافه وأوقات حذره وخوفه.
أبو تمام الطائي:
اسمه حبيب بن أوس، تقدم ذكره.
أبو تمام الخراساني:
شاعر من طبقة المتنبي وأقرانه، كان بحلب.
قرأت في حكاية من أخبار أبي الطيب المتنبي، أنه كان عنده بحلب أبو تمام الخراساني وجماعة من الشعراء، فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي، خادم المتنبي، بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي، وسألهم إجازته، وهو في أوله شين وفي آخره شين:
شبه الهلال على غصن منعمة ... بيضاء ناعمة في كفها نقش
فقال كل منهم بيتاً وقال أبو تمام الخراساني:
شوقي إليك شديد غير منتقص ... كأن في القلب أفعى فهو ينتهش
أبو توبة المصري:
حدث عن عبد الله بن عمر، روى عنه محمد بن أبي حميد. ووفد على عمر بن عبد العزيز حين استخلف فقد قدم عليه دابق أو خناصرة.
أبو توبة الحلبي:
واسمه الربيع بن نافع، قد تقدم ذكره في حرف الراء.
حرف الثاء
في الكنى
أبو ثعلبة الخشني:
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وممن بايعه تحت الشجرة، روى عنه صلى الله عليه وسلم، وروى عن أبي عبيدة عامر بن الجراح، ومعاذ بن جبل.
روى عنه أبو إدريس الخولاني، وسعيد بن المسيب، وجبير بن نفير، وأبو أسماء الرحبي، وأبو الزاهرية حدير بن كريب، وعمير بن هانئ، وحميد بن عبد الله المزني، وأبو رجاء العطاردي، ومكحول، وعطاء بن يزيد الليثي، وأبو عبد الله مسلم بن مشكم، وأبو أمية الشعباني.
واختلف في اسمه واسم أبيه اختلافاً كثيراً فقيل جرثومة بن ناشم، وقيل جرثومة بن الأشتر بن جرثم، وقيل جرثومة بن ناشر، وقيل جرثومة بن عبد الكريم، وقيل جرثومة بن ناشج، وقيل جرثوم بن عمرو، وقيل جرثوم بن ناشم، وقيل جرثوم بن ناشب، وقيل جرثوم بن قيس، وقيل جرثم بن ناشب وقيل جرهم بن ناشم، وقيل جرهم بن لاشم، وقيل جرهم بن ناشج، وقيل لاشر بن حمير، وقيل لاشر بن جرهم، وقيل لاشر بن جرثوم، وقيل لاش بن حمير، وقيل لاشر بن جرهم، وقيل لاش بن حميد وقيل لاشومة بن جرثومة، وقيل لاشومة بن جرثوم وقيل الاشر بن جرهم، وقيل الأسن بن جرهم، وقيل الأشر بن جرثوم، وقيل الأسن بن جرهم، وقيل الأشر بن جرثوم، وقيل الأسن بن جرهم، وقيل الأشق بن جرهم، وقيل الأشق بن جرثومة وقيل ناشر بن حمير، وقيل ناشب بن عمرو، وقيل عمرو بن جرثوم، وقيل عرنوق بن لاشم.
وخشينة حي من قضاعة، وقيل هو من خشين، وهو وائل بن النمر بن وبرة بن ثعلبة بن حلوان بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير.
غزا أبو ثعلبة الخشني القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، واجتاز بحلب أو ببعض عملها.

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن محمد بن البسري قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الله بن يحيى بن عبد الجبار السكري قال: قرئ على أبي علي إسماعيل بن محمد بن صالح الصفار قال: حدثنا سعدان بن نصر بن منصور قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا داود بن أبي هند عن مكحول عن أبي ثعلبة الخشني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحبكم إلي وأقربكم مني مجلساً يوم القيامة أحاسنكم أخلاقاً، وأبغضكم إلي وأبعدكم مني مجلساً يوم القيامة أساوئكم أخلاقاً.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمرو الدمشقي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: سمعت بقية بن الوليد يقول: اسم أبي ثعلبة الخشني لاشومة بن جرثومة.
أبو جحيفة:
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: حدثني يوسف بن عدي قال: حدثنا غنام عن الأعمش عن إبراهيم قال: خرج عليهم بعث فقال لي عبد الرحمن بن يزيد: اغد غداً حتى نطلب رجلاً نجعل له فإني قد ثقلت عن هذا البعث، قال: فغدوت عليه فقال: اشتر لي فرساً فما أراني إلا تام في هذا البعث، فقلت: ما بدا لك؟ فقال: إني قرأت سورة براءة فوجدتها تحث على الجهاد، فخرج فإنه ليسير في بعض الطريق ومعه أبو جحيفة، فمرض فتخلف عليه، وعلى الساقه رجل من بني تميم غليظ، يقال له أبو برذعه، فلحقه فقال: ما خلفك؟ فقال: مرض هذا الرجل فتخلفت عليه، فجلده خمسين سوطاً فمات، فكان يرون أنه مات شهيداً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
حرف الجيم
في الكنى
ذكر من كنيته أبو جعفر
أبو جعفر بن خلادة الأنطاكي:
كتب عنه الحسين بن علي بن عمر بن كوجك العبسي الحلبي.
أبو جعفر بن سهل المروزي:
الكاتب، كان يتقلد الخراج بجند قنسرين والعواصم، وهو زوج ابنه أبي صالح بن يزداد، حكى عنه أبو عبادة البحتري، وكتب إليه شعراً.
قرأت في أخبار أبي عبادة البحتري، جمع أحمد بن فارس المنبجي الأديب، قال: حدثنا أبو أحمد يعني عبيد الله بن يحيى بن أبي عبادة الوليد البحتري عن أبيه عن جده قال: كان بيني وبين أبي جعفر بن سهل المروزي وهو زوج ابنة أبي صالح بن يزداد مودة ومؤانسة، وكان يتقلد الخراج بجند قنسرين والعواصم، فأردت الخروج إلى منبج، وكنت معه بحلب، فخرجت ولم أودعه فكتبت إليه.
الله جارك في انطلاقك ... تلقاء مروك أو عراقك
لا تعذلني في مسيري ... يوم سرت ولم ألاقك
إني خشيت مواقفا ... للبين تسفح غرب ماقك
وعلمت أن لقاءنا ... حسب اشتياقي واشتياقك
وذكرت ما يجد الم ... ودع عند ضمك واعتناقك
فتركت ذاك تعمدا ... وخرجت أهرب من فراقك
أبو جعفر بن علي المحسن:
الحلبي الفقيه الشاعر، من أهل حلب، كان فقيهاً على مذهب الإمامية، ورحل إلى العراق، واشتغل على أبي جعفر الطوسي، وروى عنه، روى عنه سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي.

أخبرنا أبو المؤيد محمد بن محمود بن محمد، قاضي خوارزم، قال أخبرنا محمد بن محمد بن سعيد الراوندي قال: أخبرني والدي محمد بن سعيد بن هبة الله الراوندي قال: أخبرني والدي قطب الدين سعيد بن هبة الله بن الحسن الراوندي قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر الحلبي قال: أخبرنا الشيخ الفقيه الثقة أبو جعفر محمد بن الحسن الطوسي قال: أخبرنا الشيخ المفيد محمد بن محمد بن نعمان الحارثي قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن علي بن محمد التمار عن محمد بن أحمد عن جده عن علي بن حفص المدائني عن إبراهيم بن الحارث عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر، رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تكثروا الكلام بغير ذكر الله، فإن كثرة الكلام بغير ذكر الله قسوة القلب، وإن أبعد الناس من الله القلب القاسي.
قرأت بخط بعض أدباء حلب، في تعليق له: أبو جعفر بن علي بن المحسن الحلبي، شاعر من أهل حلب، وقيل إنه كان فقيهاً على مذهب الإمامية ورحل إلى العراق واشتغل على أبي جعفر الطوسي، وعاش بعده إلى حدود السبعين وأربعمائة، وقيل إن له مصنفات على مذهبهم، وذكر أن له من قصيدة يمدح بها بعض الملوك:
مليك على هام الثريا مهاده ... وفوق متون الصافنات مهوده
تمطق ثدي الملك وهو ابن يومه ... وما جال في خيط التميم وريده
وسار على النهج الذي سلكت به ... مسالكه آباؤه وجدوده
يعد المذاكي وهي جرد صواهل ... ليوم يذيب الصافنات وقوده
ويدخر المران حتى يرده ... وأملوده ما طوره أو قصيدة
سليل مليك في العلاء معرق ... يمت بمجد لا ترد شهوده
فيذعن بالتقصير كل منادد ... وما الفخر إلا ما رواه نديده
يقول فيها:
فيا ملكاً تضحي الملوك أذلة ... لديه كما ذلت لمولى عبيده
ويسجد رب التاج خوفاً لبأسه ... وقل له من رب تاج سجوده
بقيت على رغم الحسود مبلغاً ... من العمر ما تختاره وتريده
أبو جعفر بن أبي كريث:
أو ابن أبي كريب الخاطب المصيصي، خطب المصيصة له ذكر.
قرأت في شعر العباس الخياط الصيصي أبياتاً في أبي جعفر الخاطب المصيصي يهجوه:
لنا خاطب من خرو يكنى أبا جعفر ... له خطب بردها يحض على المنكر
فقل لأبي الأصبغ الأمير ولا تصغر ... يعد له جبة وفرواً مع الممطر
فإني على برده من البعد لم أصبر ... فكيف ترى حال من إلى جانب المنبر
ومن شعر العباس فيه أيضاً:
يستريح العباد لو قد عمينا ... يا بغيضاً من الرجال مقيتا
لك في منبر المصيصة وعظ ... ينشف الحزن ثم ينسي القنوتا
ذاك من أجل أن حلقك في ... ه جمل ليس يستطيع السكوتا
أنت لو شئت أن تكون بليغاً ... للزمت السكوت حتى تموتا
وكان هذا العباس المصيصي مولعاً بهجو الناس والأكابر منهم حتى أنه لا يكاد يقع له شعر في غير الهجاء، ولم يقع في هجوه هذا طعن على أبي جعفر الخاطب في دينه، فدل على صلاحه.
أبو جعفر الهاشمي القاضي الحلبي:
وأظنه والله أعلم ابن الخشاب الهاشمي، قاضي حلب الذي كان قاضياً بها في أيام شريف بن سيف الدولة، فعز له بالحسن الزيدي، والد أبي الغنائم النسابة، وتزوج القاضي الزيدي ابنته على ما ذكر أبو الغنائم في كتاب النسب، فإن لم يكن فهذا أبو جعفر قاضي حلب من أولي النباهة والفضل، فإنني قرأت في كتاب ذيل اليتيمة، الذي ذيل به أبو منصور الثعالبي كتابه، في ترجمة أبي الفتح الموازيني، وهو أحمد بن عبيد الله الماهر الحلبي، قال: وله يعني الموازيني في مرثية القاضي الهاشمي بحلب:
ناعي أبي جعفر القاضي دعوت إلى ... الردى فلم ندر ناع أنت أم داع
تنعي العظيمين من مجد ومن شرف ... بعد الرحيبين من خلق ومن باع
مهلاً فلم تبق عيناً غير باكية ... ولا تركت فؤاداً غير مرتاع
قد كان ملء عيون بعده امتلأت ... حزناً ونزهه أبعاد وأسماع
أبو جعفر المبرقع الهاشمي:

أحد العباد الذين كانوا بأنطاكية روى عنه أبو سفيان العباسي.
أخبرنا عثمان بن أزريق إذناً قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد القادر بن يوسف، وأبو الحسين بن الطيوري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل قال: سمعت أبا الحسن علي بن عبد الله بن الحسن الهمذاني يقول: سمعت أبا بكر الدقي يقول: سمعت أبا سفيان العباسي يقول: قال لي أبو جعفر المبرقع الهاشمي: خرجت من انطاكية وأنا جائع أريد الساحل، فجئت إلى معبر، فإذا رغيف مطروح، فقلت: هذا وقع من إنسان، ولم أر أخذه، فإذا الرغيف قد طفر من الشط إلى النهر، ثم جرى في عرض النهر، وطفر من النهر إلى الشط، فقلت: هذا خبز المولى فأخذته وأكلته.
أبو جعفر الفقيه:
حدث بأنطاكية عن أبي محمد الحارث بن أبي أسامة. روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني قال: حدثنا أبو جعفر الفقيه بأنطاكية قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة أبو محمد قال: حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا الجريري عن أبي نضره عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إذا أتى أحدكم على راعي فلينادي ثلاثاً فإن أجابه وإلا فليحلب وليشرب ولا يحملن، وإذا أتى أحدكم حائط بستان فلينادي ثلاثاً صاحب الحائط فإن أجابه وإلا فليأكل ولا يحمل.
أبو جعفر الملطي:
روى عن علي بن موسى الرضا، روى عنه أبو القاسم الاسكندراني.
أخبرنا المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا جدي عباسة الفرخرادي قال: أخبرنا أبو اسحق الثعلبي قال: سمعت محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت منصور بن عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم الاسكندراني يقول: سمعت أبا جعفر الملطي يقول: عن علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جعفر بن محمد في هذه الآية قال: ما تيسر لكم فيه خشوع القلب وصفاء السر.
أبو جعفر المغازلي المصيصي:
حدث عن محمد بن حمير، روى عنه أحمد بن النضر العسكري.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي فما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الراراني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أحمد بن النضر قال: حدثنا أبو جعفر المغازلي المصيصي قال: حدثنا محمد بن حمير عن الأوزاعي عن أبي سفيان عن أبي نضرة عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الوضوء مفتاح الصلاة.
قال الطبراني: لم يرو هذا الحديث عن الأوزاعي إلا محمد بن حمير تفرد به المغازلي.
أبو جعفر المصيصي "
إن لم يكن المغازلي فهو غيره، حكى عن سهل بن عبد الله التستري، روى عنه فريج بن عبد الله النصيبي.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه إلينا من حران قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي بن أحمد بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن علي عبد الله بن الحسن الهمذاني قال: حدثني فريج بن عبد الله النصيبي قال: سمعت أبا جعفر المصيصي يقول: سمعت سهل بن عبد الله يقول: احفظوا السواد على البياض فيما أحد ترك الظاهر إلا خرج إلى الزندقة.
أبو جعفر الجلابي:
وقيل الجياني، من شيوخ الصوفية كان بالتينات عند أبي الخير التيناتي حكى عنه أبو القاسم بكير بن محمد المنذري.
أبو جفنة المصيصي:
شاعر مذكور من أهل المصيصة، لم أظفر له بشيء من شعره، ووقع إلي أبيات قالها عباس بن الخياط المصيصي في أبي جفنة الشاعر المصيصي يهجوه وهي:
أصبح دينارك في الأنفس ... يزهر كالزهرة في الحندس
جاء مع الرقعة ذا سرعة ... فيه غنى للرجل المفلس
كأنما في راحتي ثقله ... ثقل أبي جفنة في المجلس
أبو جمل بن عمر بن قيس الكندي:

كان أميراً على أهل قنسرين في الجيش الذي سيره مروان مع جويرية بن سهيل الباهلي إلى مصر، فبعثه جويرية إلى الصعيد، فأتى بكاتب رجاء، يزيد بن موسى بن وردان، فقيد وحبس، واستخرج منه ثلاثمائة ألف دينار، نقلت ذلك من تاريخ مختار الملك المسبحي.
أبو الجنوب:
رجل مذكور من أصحاب علي بن أبي طالب رضي الله عنه، شهد معه صفين، وحكى عنه، روى عنه النضر بن منصور.
أنبأنا أبو الحسن بن محمود الصابوي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الأديب إذناً قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن اسحق الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال: حدثنا النضر بن منصور عن أبي الجنوب قال: شهدت مع علي صفين، قال: فأسر علي من أصحاب معاوية خمس عشر رجلاً جرحى، فلم يزل يداويهم يموت واحد بعد واحد، يكفنهم ويصلي عليهم ويدفنهم.
أبو الجويرية الجرمي:
واسمه حطان، غزا بلاد الروم مع معن بن يزيد، واجتاز بحلب أو بعملها في إمارة معاوية بن أبي سفيان، روى عن معن بن يزيد، روى عنه عاصم بن كليب.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي الصوفيان وأبو القاسم بن رواحة وأبو الحسن بن الصابوني قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب بن البطر قال: أخبرنا أبو محمد بن البيع قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا أحمد بن منصور داج قال: حدثنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو حمزة عن عاصم بن كليب قال: حدثنا أبو الجويرية قال: أصبت جرة في إمارة معاوية، فيها دنانير في أرض الروم، وعلينا رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم يقال له معن بن يزيد، قال: فأتيناه بها فقسمها بين المسلمين وأعطاني مثل ما أعطى رجلاً، ثم قال لولا أني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم ورأيته يفعله يقول: لا نفل إلا بعد الخمس، لأعطيتك، ثم أخذ فعرض علي من نصيبه، قال: فأبيت فقلت: ما أنا بأحق به منك.
أبو جهمة الأسدي:
شاعر شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال يومئذ شعراً يجيب به كعب بن جعيل.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن بشير في حديثه يعني في قتل عبيد الله بن عمر أن كعب بن جعيل قال في ذلك:
ألا إنما تبكي العيون لفارس ... بصفين ولت خيله وهو واقف
تركن عبيد الله بالقاع مسنداً ... تمج دم الحوف العروق النوازف
تميل فتغشاه سبائب من دم ... كما لاح في جنب القميص الكفائف
تنافسن فاستسمعن من أين صوته ... فأقبلن شتى والعيون ذوارف
يسفن دماً قد ضاع في يوم ضيعة ... وأنكر منه بعد إلف معارف
تبدل من أسماء أسياف وائل ... وكان فتى لو أخطأته المتالف
وفرت تميم سعدها وربابها ... وحالفت الجعداء فيمن تحالف
وزاد غيره في قول كعب بن جعيل:
معاوي لا تنهض بغير وثيقة ... فإنك بعد اليوم بالذل عارف
فأجابه أبو جهمة الأسدي في ذلك:
تعرف والعراف ينجح أمه ... فإن كنت عرافاً فإني لعائف
أغرتم علينا تسرقون ثيابنا ... وليس لنا في أرض صفين قائف
وقال يحيى بن سليمان: أخبرني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال: وقال أبو جهمة الأسدي: أنا أبو جهمة في جلد الأسد.
أهجو بني تغلب بتال البعد.
أقود من شئت وصعباً لم أقد.
أبو الجيش بن لؤلؤ السيفي:

أخو مرتضى الدولة أبي نصر بن لؤلؤ. كان أخوه مرتضى الدولة ملك حلب، وحضر أبو الجيش معه في الوقعة مع صالح بن مرداس على تل حاصد، فلما كسر مرتضى الدولة انهزم أبو الجيش وأبو سالم أخو مرتضى الدولة، وقصدا قلعة حلب، وأسر مرتضى الدولة فضبط أبو الجيش القلعة والبلد، وقويت به نفوس من كان في البلد من أهله ومن عاد من الجيش المفلول، وضبط البلد أبو الجيش وأمه ضبطا حسناً، فرأى صالح بن مرداس أنه لا يقدر على أخذ البلد لضبطه بأبي الجيش، فرأى أن يوقع الصلح فتراسلوا في ذلك، وأشركوا أبا الجيش في حديث الصلح وتقريره فاجتمعوا بمرتضى الدولة وهو في القيد، وتحدثوا معه، فقال لهم: تديرون الأمر على حسب ما ترونه ويستصوبه أخي أبو الجيش الذي هو الآن المستولي على القلعة والمدينة، فلم يزالوا يترددون حتى استقر الأمر مع صالح على الوجه الذي ذكرناه في موضعه، ولما أطلق مرتضى الدولة عاد إلى القلعة والبلد، ولم يعارضه أبو الجيش في شيء.
حرف الحاء
في الكنى
ذكر من كنيته أبو حاتم
أبو حاتم الرازي:
واسمه محمد بن إدريس، وقد تقدم ذكره.
أبو حاتم بن حبان البستي:
وأسمه محمد أيضاً، وقدم تقدم ذكره.
ذكر من كنيته أبو الحارث
أبو الحارث الاولاسي:
من حصن أولاس، واسمه فيض بن الخضر، تقدم ذكر
أبو الحارث الرقي:
المقرئ أحد أئمة القراء المذكورين، قرأ القرآن العظيم على أبي شعيب صالح بن زياد السوسي، قرأ عليه بطرسوس أبو بكر محمد بن الحسن بن زياد النقاش، وروى عنه.
أبو الحارث بن السندي الانطاكي:
أنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن قشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربع وسبعين ومائتين، أبو الحارث بن السندي الأنطاكي يعني مات.
ذكر من كنيته أبو حازم
أبو حازم المديني الأعرج:
اسمه سلمة بن دينار قدم خناصرة على عمر بن عبد العزيز وقد تقدم ذكره.
أبو حازم الأسدي:
الخناصري من أهل خناصرة من الأحص، من عمل حلب، حدث بخناصرة عن أبي هريرة رضي الله عنه، وحكى عن عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، روى عنه أبو الزناد ورجل غير مسمى.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف فيما أذن لي فيه قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا اسحق بن إسماعيل الرملي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا بقية بن الوليد عن رجل عن أبي حازم الخناصري الأسدي قال: قدمت دمشق في خلافة عمر بن عبد العزيز يوم الجمعة، والناس رائحين إلى الجمعة، فقلت إن أنا صرت إلى الموضع الذي أريد نزوله فاتتني الصلاة، ولكن أبدأ بالصلاة، فصرت إلى باب المسجد فأنخت بعيري ثم عقلته، ودخلت المسجد، فإذا أمير المؤمنين على الأعواد يخطب الناس، فلما أن بصر بي عرفني، فناداني: أبا حازم إلي مقبلً، فلما ن سمع الناس نداء أمير المؤمنين لي أوسعوا لي، فدنوت من المحراب، فلما أن نزل أمير المؤمنين، فصلى بالناس، التفت إلي فقال: يا أبا حازم متى قدمت بلدنا؟ قلت: الساعة وبعيري معقول بباب المسجد، فلما أن تكلم عرفته فقلت: أنت عمر بن عبد العزيز قال: نعم، فقلت: الله لقد كنت عندنا بالأمس بخناصرة أميراً لعبد الملك بن مروان، فكان وجهك وضياً، وثوبك نقياً ومركبك وطياً، وطعامك شهياً، وحرسك شديداً، فما الذي غير بك وأنت أمير المؤمنين؟ قال لي: يا أبا حازم أناشدك الله ألا حدثتني الحديث الذي حدثتني بخناصرة، قلت له: نعم سمعت أبا هريرة يقول سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أن بين أيديكم عقبة كؤوداً لا يجاوزها إلا كل ضامر مهزول.
قال أبو حازم: فبكى أمير المؤمنين بكاء عاليا حتى علا نحيبه، ثم قال: يا أبا حازم أفتلومني أن أضمر نفسي لتلك العقبة، لعلي أن أنجو منها وما أظني منها بناج.
قال أبو حازم: فأغمي على أمير المؤمنين فبكى بكاء عاليا حتى علا نحيبه، ثم ضحك ضحكاً عالياً حتى بدت نواجذه واكثر الناس فيه القول، فقلت: اسكتوا فإن أمير المؤمنين لقي أمرا عظيماً.

قال أبو حازم: ثم أفاق من غشيته، فبدرت الناس إلى كلامه فقلت له: يا أمير المؤمنين لقد رأينا منك عحباً؟ قال: ورأيتم ما كنت فيه؟ فقلت نعم قال: إني بينما أنا أحدثكم إذ أغمي علي فرأيت كأن القيامة قد قامت، وحشر الله الخلائق، وكانوا عشرين ومائة صف، أمة محمد صلى الله عليه وسلم من ذلك ثمانون صفا وسائر الأمم من الموحدين أربعون صفاً إذ وضع الكرسي، ونصب الميزان ونشرت الدواوين ثم نادى المنادي أين عبد الله بن أبي قحافة فإذا بشيخ طوال يخضب بالحنة والكتم، وأخذت الملائكة بضبعيه فارتقوا به أمام الله فحوسب حساباً يسيراً، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة.
ثم نادى المنادي: أين عمر بن الخطاب فإذا شيخ طوال يخضب بالحناء بحنا فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله فحوسب حساباً يسيراً، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة.
ثم نادى مناد: أين عثمان بن عفان؟ فإذا بشيخ طوال يصفر لحيته، فأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله فحوسب حساباً يسيراً، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة.
ثم نادى مناد: أين علي بن أبي طالب، فإذا بشيخ طوال أبيض الرأس واللحية، عظيم البطن، دقيق الساقين، وأخذت الملائكة بضبعيه فأوقفوه أمام الله، فحوسب حساباً يسيراً، ثم أمر به ذات اليمين إلى الجنة.
فلما أن رأيت الأمر قد قرب مني اشتغلت بنفسي فلا ادري ما فعل الله بمن كان بعد علي، غذ نادى المنادي: أين عمر بن عبد العزيز؟ فقمت فوقعت على وجهي، ثم فمت فوقعت على وجهي، ثم قمت فوقعت وجهي، وأتاني ملكان فأخذا بضبعي فأوقفاني أمام الله تعالى فسألني عن النقير والقطمير وعن كل قضية قضيت بها حتى ظننت أني لست بناج، ثم إن ربي تفضل علي وتداركني منه برحمة وأمر بي ذات اليمين إلى الجنة، فيينا أنا مار مع الملكين الموكلين بي إذ مررت بجيفة ملقاة على رماد، فقلت: ما هذه الجيفة؟ قالوا: ادن منه فسله يخبرك، فدنوت منه فوكزته برجلي وقلت له: من أنت؟ قلت: أنا عمر بن عبد العزيز، قال لي: ما فعل الله بك وبأصحابك؟ قلت: أما أربعة فأمر بهم ذات اليمين إلى الجنة، فقال: أنا كما صرت ثلاثاً، قلت: أنت من أنت؟ قال: أنا الحجاج بن يوسف، قلت له: حجاج أرددها عليه ثلاثاً، قلت: ما فعل الله بك؟ قال لي: قدمت على رب شديد العقاب ذو بطشه منتقم من عصاه، فقتلني بكل قتلة قتلت بها مثلها، ثم ها أنا موقف بين يدي ربي انتظر ما ينتظر الموحدون من ربهم، إما إلى جنة، وإما إلى نار.
قال أبو حازم: فأعطيت الله عهدا بعد رؤيا عمر بن عبد العزيز أن لا أوجب لأحد من هذه الأمة ناراً.
قال الحافظ أبو نعيم: رواه إبراهيم بن هراسة عن الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم مختصرا، أخبرناه محمد بن أحمد بن إبراهيم إجازة قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا السري بن عاصم قال: حدثنا إبراهيم بن هراسة عن سفيان الثوري عن أبي الزناد عن أبي حازم قال: قدمت على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، وهو يومئذ أمير المؤمنين، فلما نظر إلي عرفني، ولم أعرفه، فقال لي: أدن يا أبا حازم فلما دنوت منه عرفته، فقلت: أنت أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قلت الم تكن عندنا بالأمس بالمدينة أميراً لسليمان بن عبد الملك، فكان مركبك وطياً، وثوبك نقياً، ووجهك بهياً، وطعامك شهياً، وقصرك مشيداً، وحديثك كثيراً، فما الذي غير بابك وأنت أمير المؤمنين؟ قال: أعد علي الحديث الذي حدثتنيه بالمدينة، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، سمعت أبا هريرة يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن بين أيديكم عقبة كؤودا مضرسة لا يجوزها إلا كل ضامر مهزول، فبكى طويلاً.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي العجائز الأزدي الدمشقي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي الدمشقي قال: أبو حازم الأسدي الخناصري، حدث عن أبي هريرة، وحكى عن عمر بن عبد العزيز، ووفد عليه إلى دمشق، روى عنه رجل غير مسمى، وأبو الزناد عبد الله بن ذكوان المقرئ.
هكذا قال الحافظ إنه وفد على عمر إلى دمشق يناء على حديث بقية، وحديث ابن هراسه عن سفيان أقرب إلى الصحة، وقد رواه ابن المبارك عن سفيان وقال فيه: قدمت على عمر بن عبد العزيز وقد ولي الخلافة.
ذكر من كنيته أبو حامد
أبو حامد بن محمد بن جعفر الحلبي:
المعروف بسناء الدولة.

قرأت بخط بعض الأدباء من أهل حلب قال: سناء الدولة، أبو حامد بن محمد بن جعفر الحلبي، شاعر مجيد كان في أيام الصنوبري، روى أن الصنوبري شرب دواء فكتب إليه سناء الدولة:
أبن لي كيف أمسيت ... وما كان من الحال
وكم سارت بك الناق ... ة نحو المنزل الخالي
فكتب إليه الصنوبري:
كتبت إليك والنعلان ما إن ... أقلهما من السير العنيف
فإن رمت الجواب إلي فاكتب ... على العنوان يدفع في الكنيف
أبو حامد الزاهد:
حدث بأذنة عن جعفر بن محمد الخفاف، وأبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان.
نقلت من خط القاضي أبي عمرو الطرسوسي: حدثنا أبو حامد الزاهد، بأذنة قال: حدثنا جعفر بن محمد الخفاف قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا عثمان بن كثير عن بقية عن إبراهيم قال: قال يونس بن عبيد: ما ندمت على شيء ندامتي على أن لا أكون أفنيت عمري في الجهاد.
أبو حامد:
صاحب بيت المال، له ذكر، وكان بحلب، حكى عنه ابنه أبو علي بن أبي حامد وقد ذكرنا عنه حكاية.
ذكر من كنيته أبو الحسن
أبو الحسن بن ثوابة:
كاتب مشهور، قدم حلب صحبة الوزير أبي الفتح الفضل بن الفرات حين مر بها.
أبو الحسن بن أحمد بن محمد بن الدويدة:
واسمه علي، وقد تقدم ذكره.
أبو الحسن بن جعفر المتوكل:
ابن محمد المعتصم بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي، قدم حلب مع أبيه المتوكل سنة أربع وأربعين ومائتين وكان يعرف بابن فريدة.
أبنأنا أبو منصور بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: أبو الحسن بن جعفر المتوكل، وذكر نسبه، قدم مع أبيه المتوكل دمشق سنة ثلاث وأربعين ومائتين، فيما قرأته بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي. وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الوراق قال: مات أبو الحسن بن المتوكل المعروف بابن فريدة في آخر ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين ومائتين.
أبو الحسن بن جهشم:
الطرسوسي، روى عن الباغندي ويحيى بن محمد بن صاعد. وكان ضعيفاً في الرواية.
أبنأنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي عن أبي سعد السمعاني قال: دفع إلي الشيخ الإمام الحافظ أبو علي الحسن بن مسعود الوزير الدمشقي جزءاً خفياً بخط الشيخ الإمام الحافظ الزاهد الحسن بن إبراهيم بن بقي الأندلسي، رحمة الله عليه مكتوب: رأيت بخط الشيخ الإمام الحافظ أبي سعد مسعود بن نابه السجزي رحمه الله في ورقة مربعة مكتوبة، وسألته أن يمل علي فقال: وجدت عند الشيخ أبي سعد مسعود بن علي بن معاذ السجزي ثم النيسابوري، رحمه الله تعالى، بخط الحاكم أبي عبد الله محمد بن عبد الله البياع الحافظ، رحمه الله في ورقة مربعة: اجتمعنا غداة الخميس الرابع والعشرين من شعبان سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة، فذكرنا الكذابين بنيسابور الذين ظهر لنا جرحهم، فأثبتناه في هذا الطبق للاعتبار، ونسأل الله تعالى العصمة من ذلك بمنه وطوله: أبو الحسن بن جهشم الطرسوسي، يروي عن الباغندي وابن صاعد وأقرانهما، ثم ذكر جماعة وقال: جماعة من في هذا الطبق كذبة في الرواية، كتب محمد بن عبد الله بخطه.
قال الشيخ مسعود: وأشهد على ذلك جماعة وأثبتوا خطوطهم عقيب خطه منهم، كما ذكره الحاكم أيده الله، وكتبه: عبد الرحمن العماري بخطه.
آخر: هؤلاء القوم الذين ذكر أساميهم في هذه الورقة، كلهم كذبة، تاب الله علينا وعليهم ولا تحل الرواية عنهم لمن أراد أن يأخذ ما يأخذه لله عز وجل، وكتب أبو جعفر العزائمي بخطه.
وآخر: عرفت المذكورين فيه بالصفة المذكورة فيه، وكتبه سعيد بن محمد بخطه.
قال الشيخ مسعود: فسألت الشيخ مسعود السجزي أن يثبت خطه عقيب ما كتب عنه، ليكون لي حجة بذلك، فكتب: نسخ هذا من ورقة بخط الحاكم الإمام أبي عبد الله الحافظ رحمه الله، وفيه خطوط المشايخ: العماري، والعزائمي والشعيبي، رحمهم الله تعالى، والورقة عندي.
؟أبو الحسن بن زيد الشيزري: شاعر مجيد، من أهل شيزر، كان في أيام نور الدين محمود بن زنكي، ووعظ أبا بكر بن الداية نائبه بحلب بأبيات.

قرأت بخط الفقيه إمام الدين أبي عبد الله محمد بن سعيد بن سلامة الحلبي، المعروف بابن الركابي، وقال: أبو الحسن بن زيد الشيزري:
لئن حالت الأيام بيني وبين ما ... أحاول أو أنحى علي زماني
ورمت مراماً لم يرمه من الورى ... سواي على ضعفي وبعد مكاني
ففي ظل نعمى ابن الوصي مواهب ... تحقق آمالي وتعظم شاني
إمام هدى لولا اهتدائي بنوره ... ضللت ونالتني يد الحدثان
وإن تك داري عنه أضحت بعيدة ... فشكري على بعد المسافة دان
وقال: ونقلتها من خط المذكور:
بالله أقسم صادقاً ... قسماً يجل عن المحال
إني امرؤ ما غيرتني ... بعد بعدكم الليالي
كلا ولا خطر السلو وإن ... تسليتم ببالي
بل حافظ لعهودكم ... في حال حلي وارتحالي
أنتم وإن بنتم أحب إلي ... من أهلي ومالي
وحديثكم أشهى إلى ... قلبي من العذب الزلال
ومحلكم مني بمنزل ... ة اليمين من الشمال
وتعز فرقتكم عل ... ي وإن أغيب فما احتيالي
فعليكم مني السلا ... م وبات حاسدكم بحالي
وبقيتم في نعمة ... ووقيتم عين الكمال
وقال: من قصيدة في مجد الدين بن الداية رحمه الله، ونقلتها من خط المذكور:
فلا تجورن مجد الدين مقتدرا ... فالجور أقبح ما يستحسن الملك
وانظر لنفسك واعمل للمعاد ... ولا يطغيك أدراك ما في طيه الدرك
وخف إصابة سهم من سهام يد ... تمد في الليل والظلماء تحتبك
فطائر الجور لولا الحب أوقعه ... في الحب تلقطه ما صاده الشرك
فإن أبيت سوى ما قد أتيت به ... بغيا ولا بد للأصوات تشتبك
أبو الحسن بن عبد الفوطي:
الطرسوسي الصوفي، روى عن أبي القاسم الجنيد بن محمد، وعلوش الدينوري، روى عنه عبد الله بن يوسف الأصبهاني.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن بن حموية قال: أخبرنا عبد الوهاب بن شاه بن أحمد الشاذياخي. ح.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالت: أخبرنا الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول: سمعت أبا الحسن بن عبد الله الفوطي الطرسوسي يقول: سمعت الجنيد يقول: سمعت السري يقول: اللهم ما عذبتني من شيء فلا تعذبني بذل الحجاب.
وقال أبو القاسم القشيري: سمعت عبد الله الأصبهاني يقول: سمعت أبا الحسن بن عبد الله الطرسوسي يقول: سمعت علوش الدينوري يقول: سمعت المزين الكبير يقول: كنت بمكة فوقع لي انزعاج فخرجت أريد المدينة، فلما وصلت إلى بئر ميمونة إذا أنا بشاب مطروح، فعدلت إليه وهو ينزع، فقلت له: قل لا إله إلا الله، ففتح عينه وأنشأ يقول:
أنا إن مت فالهوى حشو قلبي ... وبداء الهوى يموت الكرام
ثم مات فغسلته وكفنته، وصليت عليه، فلما فرغت من دفنه سكن ما بي من إرادة السفر، فرجعت إلى مكة.
أبو الحسن بن عمر:
ابن أبي الحسن بن محمد بن حموية الجويني، شيخ الشيوخ، هذا يكتب بخطه فيما يكتبه، ولا يسمي نفسه، وبعضهم يسميه علياً، وبعضهم يسميه محمداً، والصحيح أن اسمه كنيته، وكان شيخاً حسناً فقيهاً فاضلاً حسن السمت مليح الشيبة كريم النفس نزيهاً، حسن الكلام والمنطق إذا تكلم، كثير السكوت إلا فيما يعنيه، وكان لكثرة سكوته لا يكاد يعرف فضله من رآه، فإذا تكلم في الفقه أو في غيره كان كلامه أحسن الكلام وأكثر المتكلمين صواباً.

ولي القضاء بحران، ثم تولى التدريس بمصر في مدرسة الإمام الشافعي، وتولى مشيخة الشيوخ بالديار المصرية ودمشق في دولة الملك العادل أبي بكر بن أيوب وبعده في دولة ابنه الملك الكامل، وكان عظيم الحرمة والمكانة عندهما، وكان والد الملك الكامل صاحب مصر من الرضاع، وسيره الملك العادل وابنه لملك العادل في رسائل متعددة إلى حلب وبغداد وغيرها من البلاد، واجتمعت به بالياروقيه ظاهر مدينة حلب، وقد وردها رسولاً من الملك الكامل محمد إلى أخيه الملك الأشرف موسى وهو إذ ذاك مقيم بالياروقية بحلب، وسمعت منه الأربعين حديثاً لأبي الفتوح الطائي بروايته سماعاً منه، وأحاديث من أول مسند الشافعي بسماعه للمسند من أبي زرعة، وأخبرنا أن مولده سنة ثلاث وأربعين وخمسمائة في شوال.
وحدث شيخنا شيخ الشيوخ عن هذين المذكورين، وعن أبي الفرج الثقفي، وأبي منصور شهردار بن شيرويه الديلمي.
أخبرنا الشيخ الفقيه الإمام أبو الحسن بن عمر بن حموية شيخ الشيوخ بالياروقية ظاهر مدينة حلب، قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي.
سمعت جمال الدين أحمد بن عثمان بن الصلاح الحراني الصوفي قال: كان الشيخ صدر الدين بن حموية لا يترك أحداً يباشر خدمته، وإذا دخل الحمام غسل نفسه وحك رجله بيده، ولا يمكن أحداً غيره من مباشرة ذلك، فدخلت يوماً الحمام معه فأخذت حجر الرجل وجئت إليه، فقال: ما تريد؟ فقلت له مازحاً: أحك رجلك لتعود من بركتي عليك فمد رجله فحككتها.
وقال لي: قدم شيخ الشيوخ صدر الدين إلينا، إلى حران، وكان من عادته أن لا يأكل من وقف الخوانك شيئاً أصلاً، فقال لي: اطبخ لنا أرزاً ودفع إلي ما أطبخه به، قال: فلما أردت الطبخ أفكرت في ماء نهر جلاب، وهو نهر بحران، وهو عكر من التراب الأحمر، ولا يصفو إلا إذا وضع في الإناء، ورست فيه الطين، فقلت: هذا أرز وأطبخه بهذا الماء يجيء أحمر اللون، فعدت إلى نفسي وقلت: آخذ من ماء الصهريج الذي في الخانكاه، ثم أفكرت في أن الشيخ لا يتناول شيئاً من وقف الخانكاه، ثم قلت للشافعي وجه في أن الماء لا يملك بحال، وهو على الإباحة، فأخذت منه وطبخت فلما استوى أتيته به وقدمته بين يديه، فنظر فيه، وأنكره وقال: ما أي ماء طبخت هذا الأرز؟ فقلت من ماء الصهريج الذي للخانكاه، فقال: وما عرفت عادتي فقلت فلنا وجه في أن الماء مباح، وأنه لا يملك، فقال لي: وتعلمني الفقه أيضاً ارفعه إلى الصوفية، فأخذته وجئت به الصوفية ولم يأكل منه شيئاً، وقال لي: ارتد لنا جبناً ولبناً وما أشبه ذلك، فجئته بما طلب، فأكل منه، ولم يأكل من الأرز رحمه الله.
توفي شيخنا شيخ الشيوخ أبو الحسن بالموصل في العشر الآخر من جمادى الأولى سنة سبع عشرة وستمائة بالموصل، وكان بها رسولاً، وبلغنا خبر وفاته إلى حلب، فعمل له العزاء بالمدرسة النورية المعروفة ببني أبي عصرون، وتولى ذلك شهاب الدين عبد السلام بن المطهر بن عبد الله بن أبي عصرون مدرسها لمصاهرة كانت بينهما، ولما قدمت الموصل رسولاً في بعض السنين زرت قبر قضيب البان ظاهر الموصل وشيخ الشيوخ في تربة قضيب البان، وهو مدفون إلى جانبه، وقرأت على الرقعة التي على قبره تاريخ وفاته رحمه الله.
أبو الحسن بن محمد بن محمد بن يوسف البخاري:
ابن أبي ذر قاضي القضاة بخراسان، وكان عابداً زاهداً سائحاً قدم طرسوس للتعبد بها.
وذكره الحافظ أبو عبد الله الحاكم في تاريخ نيسابور في ترجمة أبيه أبي ذر القاضي، كما أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشبحامي قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني والبحيري وأبو بكر البيهقي والحيري فيما أجازوه لي قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: محمد بن محمد بن يوسف قاضي القضاة بخراسان، أبو ذر البخاري كان ينتحل مذهب الحديث ويذب عن السنة وأهلها قال: وأعقب الولد الشيخ الزاهد العالم السياح العابد أبا الحسن بن أبي ذر، كان يتعبد إما بمكة أو بطرسوس، وإما في جبالنا بنيسابور وقال ما كان يسكن بخارى تجنباً للدخول على السلطان.
أبو الحسن التهامي:
الشاعر، واسمه علي بن محمد، وقد تقدم ذكره.
أبو الحسن الفاسي:

الزاهد، نزيل حلب من أهل فاس، بلدة بالمغرب، واسمه علي بن محمد بن يوسف، وقد تقد ذكره.
أبو الحسن بن يزيد:
الحلبي أنشد عنه الأستاذ أبو سعد الجرحوسي الزاهد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا القاضي أبو النجح يوسف بن شعيب الشيرواني بنيسابور قال: أنشدنا حمزة بن هبة الله الحسني قال: أنشدنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال: أنشدنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: أنشدني الأستاذ الزاهد أبو سعد هو الجرجوسي قال: أنشدنا أبو الحسن بن يزيد الحلبي لبعضهم:
وحمائم نبهنني ... والليل داجي المشرقين
شبهتها لما بكين ... وما ذرين جفون عيني
بنساء آل محمد ... لما بكين على الحسين
أبو الحسن بن أبي بكر بن جعفر اليزدي:
شيخ كان بطرسوس، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وقد ذكرنا عنه حكاية جرت له بطرسوس في ترجمة أبي القاسم يوسف بن يعقوب السوسي.
أبو الحسن بن أبي جرادة:
الحلبي، واسمه علي بن عبد الله، قد تقدم ذكره.
أبو الحسن بن أبي خازن:
القلانسي البغدادي واسمه علي بن يحيى، واشتهر بكنيته وكنية أبيه، وهو سبط صدقه البغدادي صاحب التاريخ، شاعر مجيد قدم حلب وكتب عنه بها شيء من شعره، روى لنا عنه الزين يونس بن أبي الغنائم البغدادي المقرئ.
أنشدنا أبو الفتح بن أبي الغنائم البغدادي قال: أنشدنا أبو الحسن بن أبي خازن القلانسي البغدادي بحلب:
سهرت جفوني في هوى من لم يدر ... ذكر السهاد بجفنه والناظر
يا أيها البدر الذي ألحاظه ... تغنيه عن حمل الحسام الباتر
أأمنت أن تهوى وتخضع مثلما ... أنا خاضع فلبست حلة غادر
حكى لنا شيخنا الصاحب قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: كان أبو الحسن بن أبي خازن شاباً ذكياً، وكان يقرأ علي الفقه بالموصل هو وجماعة معه، فشاورني يوماً في أكل تمر البلاذر فنهيته عن ذلك، فمضى هو ورفيقان له واشتروا منه شيئاً ودقوه وجعلوه في هريسة وأكلوها فجاءني أبو الحسن ابن أبي خازن ووجهه قد اكمد، فوقف معي في صحن المدرسة وأخبرني أنه أكل تمر البلاذر، فلم أنكر عليه خوفاً أن يستشعر ويتوهم، فهونت الأمر عليه، فجعل يحادثني ونحن نمشي، ثم دخل إلى بيته في المدرسة فأخرج الجرة والإبريق والكانون وجميع حوائجه، فعلمت أنه قد أثر معه، فسكنته ثم أقمت عليه من يعالجه ويطعمه الهريسة في كل يوم، فواظب ذلك إلى أن سكن عنه، ثم غلب عليه الأدب وأثر الذكاء معه في الشعر، فكان ينظم شعراً جيداً إلى الغاية وجاء إلينا إلى حلب ونزل عندنا بالمدرسة.
قال لي أبو الفتح البغدادي المقرئ: توفي أبو الحسن بن أبي خازن القلانسي بميافارقين.
أبو الحسن بن أبي نصر:
الكناني العسقلاني، واسمه علي بن محمد، وهو مشهور بكنيته وكنية أبيه، شاعر قدم حلب ولم أظفر بشيء من شعره، ووقفت في شعر أبي بكر الصنوبري على أبيات كتبها الصنوبري يجيبه عن أبيات كتبها إليه ويشكره عن شعر مدحه به أولها:
إن تكن يا أخي ظبي الشعر قلت ... وتشظت صفاته فاضمحلت
منها:
أبهذا المهدي طرائف ألفاظ ... كما ريحت الرياض وظلت
من مديح يدق عن كل فهم ... وإذا دقت المدائح جلت
في معان عزت على الخلق إلا ... أنها حين رمتها أنت ذلت
حرمت يا أخي على قائل الشعر ... ولكنها الراوية حلت
فهي تحفى لطفا وتظهر حسنا ... مثل ما أغمدت سيوف وسلت
أنت شمس العلا الذي بعلاه ... يتحلى العلى إذا ما تحلت
بإخائيك يا أبا حسن عادت ... ليالي الإخاء لما تولت
ضحكت عنك طرتا حلب حسناً ... وذابت سماؤها فاستهلت
وخلت عسقلان يا بن أبي نصر ... من المجد حين منك تخلت
أبو الحسن البغراسي:
واسمه علي، من شيوخ الصوفية بالثغور الشامية، وبغراس حصن قريب من أنطاكية، حكى عن أبي الخير التيناتي.

روى عنه أبو القاسم الحسن بن أحمد بن هاشم المقرئ، وكان أحد الصالحين الزهاد.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: سمعت أبا عبد الله الصوري يقول: سمعت أبا القاسم الحسن بن أحمد يقول: سمعت أبا الحسن البغراسي يقول: قال لي أبو الخير التيناتي: إياك وكثرة السفر فإنه يقسي القلب ويذهب بالدين.
وقال سمعت أبا عبد الله يقول: سمعت أبا القاسم يقول: سمعت أبا الحسن البغراسي يقول: قرأت فيما أوحى الله إلى داود: يا داود قل لبني إسرائيل لا تجاوروني بالمعاصي فأبتليهم بالأسفار أمحق فيها الأعمار وأقل فيها الأعمال.
أبو الحسن العيشي:
أبو العبسي المؤدب، كان ببالس، وحكى عن بعض المجانين، حكى عنه أبو الفوارس بن حنيف الطبري.
أخبرنا أبو نصر عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الزبيدي ببغداد قال: أخبرتنا شهدة ابنة أحمد بن الفرج بن الأبري قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد الأردستاني بمكة في المسجد الحرام قال: أخبرنا الأستاذ أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب المذكر قال: سمعت أبا الفوارس بن حنيف بن أحمد بن حنيف الطبري قال: سمعت أبا الحسن العيشي المؤدب يقول انحدرت من بالس أريد العراق، فدخلت الموصل فأقمت بها أياماً فبينا أنا مار في بعض أزقتها فإذا صياح وجلبة، فسألت عنها فقيل هاهنا دار المجانين وهذا صوت بعضهم، فدخلت فإذا شاب مشدود متشحط في الدم، فسملت فرد، فقال: من أين تجيء؟ قلت: من بالس قال: وأين تريد؟ قلت: العراق، فقال: تعرف بني فلان فأشار إلى أهل بيت؟ قلت: نعم، قال: لا صنع الله لهم ولا خار، هم الذين أدهشوني وتيموني وأحلوني هذا المحل، قلت: وما فعلوا؟ قال:
زموا المطايا واستقلوا ضحى ... ولم يبالوا قلب من يتموا
ما ضرهم والله يرعاهم ... لو ودعوا بالطرف أو سلموا
ما زلت أذري الدمع في إثرهم ... حتى جرى من بعد دمعي دم
ما أنصفوني يوم بانوا ضحى ... ولم يفوا عهدي ولم يرحموا
أبو الحسن المشوق:
الشامي، صاحب المتنبي، وقيل أبو الحسين، روى عن أبي الطيب المتنبي، روى عنه محمد بن عمر الزاهر، وقاضي القضاة أبو بشر الفضل، وكان شاعراً مجيداً من العصريين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي إذناً عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أنبأنا أبو يعقوب الأديب عن أبي منصور الثعالبي قال: وأنشدني محمد بن عمر الزاهر قال: أنشدني أبو الحسن المشوق صاحب المتنبي لنفسه:
ليلة بتها بقربى أسقى ... عاتقاً عانقت مداها الدهور
وكأن السماء والبدر والأنج ... م روض ونرجس وغدير
قال أبو منصور الثعالبي: وأنشدني أبو الحسن محمد بن أحمد الإفريقي في كتاب شعار الندماء لأبي الحسن المشوق الشامي ولست أتحقق اسمه في المشمش:
أما ترى المشمش يا خل الأدب ... مشطباً أكرم بهاتيك الشطب
مثقب الهامات من غير ثقب ... كأنها بنادق من الذهب
أبو الحسن المشعوف:
شاعر من طبقة أبي الطيب المتنبي وأقرانه، كان معه بحلب.
قرأت في بعض أخبار المتنبي أنه اجتمع عند أبي الطيب المتنبي بحلب أبو القاسم الناصبي، وأبو العدل، وأبو تمام الخراساني، وأبو عبد الله الدنف وأبو الحسن المشعوف، فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي خادم المتنبي بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي وسألهم إجازته وهو في أوله شين وآخره شين:
شبه الهلال على غصن منعمة ... بيضاء ناعمة في كفها نقش
قال: فبدر أبو الحسن المشعوف فقال:
شفت بطلعتها من كان ذا نسك ... فالقلب منه لما قد ناله دهش
وتمام الحكاية تأتي في ترجمة أبي عبد الله الشبلي، إن شاء الله تعالى.
أبو الحسن الدلفي:

الشاعر المصيصي، روى عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، ولقيه بمعرة النعمان، روى عنه أبو منصور الثعالبي في ذيل اليتيمة، وقال: حدثني أبو الحسن الدلفي المصيصي الشاعر، وهو ممن لقيته قديماً وحديثاً في مدة ثلاثين سنة قال: لقيت بمعرة النعمان عجباً من العجب، رأيت أعمى شاعراً طريفاً يلعب بالشطرنج والنرد، ويدخل في كل فن من الجد والهزل، يكنى أبا العلاء وسمعته يقول: أنا أحمد الله على العمى كما يحمده غيري على البصر، فقد صنع لي أحسن بي إذ كفاني رؤية الثقلاء والبغضاء.
هكذا قال فإن صح عن أبي العلاء بن سليمان فلعله كان في أيام حداثته وصباه، فإنه كان بعيداً من اللعب والهزل، وقد ذكر الثعالبي هذه الحكاية في ترجمة أبي العلاء بن سليمان ويحتمل أن يكون آخر يكنى أبا العلاء، والله أعلم.
أبو الحسن الحلبي:
حكى عن السري الرفاء، روى عنه أبو الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب.
قرأت في كتاب المفاوضة تأليف محمد بن علي بن نصر الكاتب بخطه، وأنبأنا به شيخنا أبو اليمن الكندي وغيره عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن نصر قال: حدثني أبو الحسن الحلبي، وكان شيخاً يعرف أخبار سيف الدولة، قال: كنا مجتمعين يوماً في دهليز سيف الدولة، وجماعة من الشعراء والشيوخ المتقدمين: كأبي العباس النامي وأبي بكر الصنوبري، ومن النشئ اللاحقين كأبي الفرج الببغاء والخالديين والسري، فتذاكروا الشعر، وأنشدت قصيدة المتنبي التي أولها:
فديناك من ربع وإن زدتنا كربا......
فاستحسن الجماعة قوله في إعظام الربع.
نزلنا عن الأكوار نمشي كرامة ... لمن بان عنه إن نلم به ركبا
فقال السري: لولا أنكم إذا سمعتم ما قلته بعد هذا ادعيتم أنني سرقته منه لأمسكت، وأنشد قصيدة لامية قال فيها:
نحفي وننزل وهو أعظم حرمة ... من أن يذال براكب أو ناعل
فحكم الجماعة له بالزيادة في قوله نحفى وننزل. قلت في هذه الحكاية نظر فإن الصنوبري توفي سنة أربع وثلاثين، وأبو الفرج لم يكن ورد إلى سيف الدولة.
أبو الحسن المصيصي العابد:
غزا بلاد الروم، وروى عن أبي خيثمة زهير بن حرب، روى عنه أبو علي الحسن بن قتيبة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله إجازة قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا الحسن بن قتيبة قال: حدثنا أبو الحسن المصيصي. قال أبو علي: وقد غزا معنا بلاد الروم، وكان رجلاً صالحاً عابداً، فحدثنا عن أبي خيثمة عن علي رفعه أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من صلى ركعتين بعد ركعتي المغرب قرأ في كل ركعة فاتحة الكتاب وقل هو الله أحد خمس عشرة مرة جاء يوم القيامة، فقيل هذا من الصديقين فيجوزهم، فيقال: هذا من الشهداء، فيجوزهم فيقال: هذا من النبيين فيجوزهم، فيقال: هذا من الملائكة فيجوزهم، فلا يجب حتى ينتهي إلى ظل عرش الرحمن. حديث منكر.
أبو الحسن المصيصي:
شاعر ظفرت له بأبيات في مجموع بخط بعض أهل الأدب وهي:
أطيب من عود على جمر ... ومن زلال شيب بالخمر
ومن نسيم النور في روضة ... أنهارها ما بينها تجري
مقالة يسمعها ماجد ... من شاكر يطنب في الشكر
أبو الحسن الأنطاكي:
شاعر من شعراء العصر، ذكره أبو منصور الثعالبي في يتيمة الدهر بما أنبأنا به عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو يعقوب الأديب فيما كتب به إلينا قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: أبو الحسن الأنطاكي، أنشدني له الزاهر:
لما تأمل جودك القطر ... وسما ليدرك صدرك البحر
خجلا جميعاً مثل ما خجلا ... مذ قابلاك الشمس والبدر
يا صالح الخيرات ما صلحا ... إلا لك التأييد والنصر
قال: وأنشدني له في وصف عود:
يملي القريض عليه لفظاً محسنة ... فينبري مخبراً عنها بأخبار
ما جس أوتاره في وجه نائبة ... إلا استقاد بثارات وأوتار

تحنو عليه له أم تخاطبه ... سراً فيخبرنا النجوى بإظهار
وإن هفا فركت آذانه شفقا ... عليه من وصمة النقصان والعار
أبو الحسن المعري:
شاعر مجيد من أهل معرة النعمان، وقع إلي كذلك غير مسمى ولا منسوب، قرأت ذكره في المجموع المعروف بالربيبة جمع مستنير بن عبد الغالب المعري بخطه، قال: من قصيدة لأبي الحسن المعري:
دار غدت للفضل داره ... أفلاك أسعدها مداره
منها المحامد مست ... قاة والمحاسن مستعاره
شرفاتها هيف الخص ... ور لها بها حسن وشاره
فلكل طرف نحوها ... ولكل جارحه إشاره
وعلى جميع الدور في ... الدنيا تقلدت الإماره
فترابها مسك سح ... يق شق برد الليل فاره
لا يهتدي لنعوت أد ... ناها الفحول بنو عماره
وله أشعار كثيرة في الأطعمة منها قوله في صفة تقليه، ونقلتها من مختار كتاب رياض المهج تأليف محمد بن علي بن محمد بن أبي خالد السيرافي:
تقليه ما أنس لا أنسها ... معقودة ذات عقاقير
قابلتها خضراء قد فوفت ... بالبيض تفويف الأزاهير
كأنما داراته فوقها ... دراهم تحت دنانير
وقرأت في رياض المهج للسيرافي: أبو الحسن المعري يصف عجة:
ومنبسط إلي بلا انقباض ... وذاك لأننا صنوا ولاء
تشهى عجة وأتى بنعت ... يدل على النباهة والذكاء
فجئت بها ذراعاً في ذراع ... مدورةً مهندسة البناء
بلا ثلم ولا شق تراه ... عيون الناظرين ولا انطواء
أقاصيها أدانيها اعتدالا ... تروق ذوي المروءة والثراء
كمثل سبيكة الذهب المصفى ... وللشمس انحنت عند المساء
مزجت بيضها بصلاً ولحماً ... وأبزارا ومربا ذا صفاء
فجاءت كالحياة لها نسيم ... يرد الروح من بعد الفناء
وأنى للطهاة إذا أردنا ... ونعم العلم إصلاح الغذاء
أبو الحسن البصري:
سمع بحلب أحمد بن محمد الرافقي روى عنه حنش بن غالب.
نقلت من مجموع وقع إلي بماردين بخط بعض الفضلاء فيه قال ولم يذكر من قال.
وأخبرنا الشيخ الصالح الواعظ أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى الزبيدي قال: أخبرنا حنش بن غالب قال: أخبرنا أبو الحسن البصري قال: حدثنا أحمد بن محمد الرافقي بحلب قال: حدثنا عبد الله بن الحسن بن زيد الحراني قال: حدثنا يحيى بن إسحق بن يزيد الخطابي قال: دفع إلي عمر كتاباً فقال: هذا كلام عمر بن عبد العزيز، فكان فيه: ما استحكمت ضلالة على قوم حتى يعترفوا بالذنوب ثم لا يتوبون، ليس الفقه بمعرفة ما لا يستطاع، ذلك شك فيه، ولكن بمعرفة ما يكون الوقوف عليه، كل تأويل رد إلى إنكار كفر، ومن الريبة الخفية رقة القلوب مع المعاصي، والشغل بالحسنات مع المقام على السيئات، ومن الضلالة الموبقة الاعتراف بالذنب لا ينزع عنه، ومن العقوبات الخفية ترك علم لا يعمل له، وولاية لا يعدل فيها وبكتمان العلماء العلم وتضاغن قلوب أهل الملة، واعتساف المكسب، والتعرض للدنيا يفسد الدين وما بعد القدرة إلا الحسرة والندامة، وما بعد الامكان من الفرصة إلا الفوت، وستعلمون ما أقول لكم، وأفوض أمري إلى الله " إن الله بصير بالعباد " .
أبو الحسن الفراء
شاعر مجيد، كان بحلب يعمل الفراء، وينظم شعرا جيدا، روى لنا عنه أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي غانم بن سندي.
أنشدنا أبو الفضل بن سندي الحلبي قال: أنشدني أبو الحين الفراء لنفسه بحلب:
أعد حديث العذيب يا عامر ... وقل عن النازلين بالحاجر
يطربني ذكرهم وكم وله ... جدد ذكر الأحباب للذاكر
يقول لي عاذلي تموت أسى ... لو كان يغني ملامة الزاجر
والوفد قد أربحت تجارتهم ... وأنت من ربح أجرهم خاسر
لا ناسك محرم أخو ورع ... ولا جهول بما رجا ظافر

أقنع بطيف الخيال فهو ... عسى يأتيك في خندس الدجى زائر
فقلت من لي بما تقول ... وقد أمسيت صباً مولهاً ساهر
قال: كان أبو الحسن الفراء من ظراف الناس، ومدح أكابر الحلبيين، ولم يأخذ على شعره جائزة قط، وكان يقول إذا مدح كبيراً أو غيره: أنا أعمل هذا محبة، فإذا دفع إليه جائزة ردها وانقطع عنه، ويقول: أنا أعمل في صنعتي كل يوم بدرهم يكفيني فلا حاجة لي إلى أحد.
أبو الحسن الديلمي
كان بأنطاكية، وحكى عنه الوليد بن مسلم.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عم بن علي بن محمد الجويني.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي.
وأخبرنا أبو النجيب الفارسي في كتابه قال: أخبرنا أبو الأسعد بن عبد الواحد بن عبد الكريم قال: أخبرنا جدي أبو القاسم القشيري، قال: ويحكى عن أبي الحسن الديلمي أنه قال: دخلت أنطاكية لأجل أسود قيل لي إنه يتكلم عن الأسرار، فأقمت إلى أن خرج من جبل اللكام ومعه شيء من الطعام يبيعه، وكنت جائعا منذ يومين لم آكل شيئا، فقلت له: بكم هذا وأوهمت أني أشتري ما بين يديه؟ فقال: أقعد ثم حتى إذا بعناه نعطيك ما تشتري به شيئاً فتركته وصرت إلى غيره أوهمه أني أساومه، ثم رجعت إليه فقلت: إن كنت تبيع هذا فقل لي بكم؟ فقال: إنما جعت يومين أقعد حتى إذا بعناه نعطيك ما تشتري به شيئا فقعدت، فلما باعه أعطاني شيئاً ومشى فتبعته فالتفت إلي وقال: إذا عرض لك حاجة، فأنزلها بالله إلا أن يكون لنفسك فيها حظ، فتحجب عن الله.
بسم الله الرحمن الرحيم
أبو الحسن الرفني
من أهل رفنية بلدة من العواصم وأعمال حلب، له كتب مصنفة في الحكمة والحساب، ذكر له منها كتاب الجبر، ويعرف بالحدود وعلله بالبرهان والهندسة. وكتاب قسمة الأعداد.
ذكر من يكنى بأبي الحسين
أبو الحسين بن أحمد بن الطيب:
الفقيه البصير المعروف بالحكاك، له ذكر في التاريخ.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ إجازة إن لم يكن سماعا قال: قرأت في كتاب لأبي محمد بن الأكفاني، ذكر أنه بخط عبد المنعم بن علي، المعروف بابن النحوي، قال: وفي يوم الاثنين لإحدى وعشرين ليلة خلت من صفر سنة خمس وسبعين وثلاثمائة خرج أبو الحسين الحكاك الفقيه من دمشق إلى مصر، مستصرخاً إلى الملقب بالعزيز ومستحثا له بإخراج عسكر إلى الشام بسبب العدو، وأنه قد نزل على حلب.
والظاهر أنه سير من شريف بن سيف الدولة حين خطب للعزيز، واجتاز بدمشق وذكر عبد المنعم يوم خروجه منها.
أبو الحسين بن حذيق:
كان من العباد بالمصيصة، وله كلام حين وصحب إبراهيم الخواص، وحكى عن علي الرفاء وغيره من العباد، روى عنه أبو بكر القي وأبو القاسم منصور بن أحمد وقد سقنا عنه حكاية حكاها عن رجل بالمصيصة فيما يأتي.
أنبأنا الحفظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسين بن حهضم قال: حدثني أبو القاسم منصور بن أحمد قال: سمعت ابن حذيق يقول: لهذه العلوم ثلاثة آداب: أحدها ألا يذكر إلا مع أهلها، والثانية ألا يذكر إلا في وقته، والثالثة وهو تاجه أن ينطوي الإنسان على كتمانه وترك ذكره على دائم الأوقات حتى يسمعه من غيره.
انبأنا أبو المظفر بن أبي سعد السمعاني قال: أخبرنا محمد بن الحسين السلمي قال: أبو الحسين بن حذيق، صحب إبراهيم الخواص وغيره، بغدادي، نزل المصيصة، وكان يقول: أنفع الناس جهدك، فإن لم تستطع فارفع أذاك عنهم.
أبو الحسين بن أبي التمام القاضي:
روى عن يونس بن علي بن يونس البوقي، إمام بوقا، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.
أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة بن الصوفي:

المقدسي الزاهد، أحد الأولياء المذكورين والأصفياء المستورين، وأرباب الكرامات المشهورين، كان قد أقام بحلب مدة، وكان يأوي إلى دار الشيخ أبي محمد بن الحداد، وكان يتستر عن إظهار العبادة والكرامات، حتى أنه ما رآه أحد يصلي فرضا، ولا نفلا إلا قليلا، ويظهر حاله في صورة البله، وقيل إنه من نسل عمر الطراف من ذرية علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
ذكر لي حفيده أبو العباس أحمد بن يحيى بن أبي الحسين قال: جدي أبو الحسين بن أبي عبد الله بن حمزة بن الصوفي المقدسي قال: وذكر أن حمزة كان شريفاً عمرياً من بيت المقدس، من ولد عمر الأطراف، وعرف بذلك لحسن عينيه، وكان يشبه بعلي بن أبي طالب، رضي الله عنه.
لقي الشيخ أبو الحسين يوسف بن أيوب الهمذاني، وسمع وعظه بمرو، ولقي فيره من الزهاد والعباد.
روى عنه يوسف بن محمد بن مقلد التنوخي أبو نصر عبد الواحد بن محمد ابن أبي سعد الكرجي، والشيخ أبو محمد بن الحداد الحلبي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا يوسف بن محمد الدمشقي من لفظه، وكتب لي بخطه قال: أنشدني أبو الحسين بن عبد الله المقدسي الزاهد بدمشق:
ما لنفسي وما لها ... قد هوت في مطالها
كلما قلت قد دنا ... وتجلى ضلالها
رجعت تطلب الحرام ... وتأبى حلالها
عاتبوها لعلها ... ترعوي عن فعالها
وأعلموها بأن لي ... ولها من يسألها
كذا قال " أبو الحسين بن عبد الله " والصحيح " أبي عبد الله " .
سمعت الشيخ أبا الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص آلحموي يقول: أنشدت هذه الأبيات، وقيل لي إن الشيخ أبا الحسين الزاهد كان يتمثل بها كثيرا، قال: فلا أدري هي له، أو لغيره:
أراني كلما يممت أمرا ... تصرم دون مبلغه حبالي
يظن الناس في خلاف أمري ... وتلك قضية فيها وبالي
على الدنيا مثابرتي وحزني ... وبالدنيا همومي واشتغالي
وإذا فاتت زخارفها يميني ... مددت إلى تناولها شمالي
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الإمام تاج الإسلام أبو سعد المروزي قال: سمعت أبا نصر عبد الواحد بن محمد بن أبي سعد الكرجي الشيخ الصالح، وقد قطع البادية على التجريد، وشرط القوم من غير زاد وراحلة مرات، يقول لي مذاكرة: سألت الشيخ أبا الحسين المقدسي: هل رأيت أحداً من أولياء الله تعالى؟ قال: رأيت في سياحتي عجمياً بمرو يعظ الناس ويدعو الخلق إلى الله تعالى، يقال له يوسف.
قال أبو نصر: أراد بذلك الإمام يوسف بن أيوب الهمذاني.
قال أبو سعد المروزي: أبو الحسين أحد عباد الله الصالحين، ومن يضرب به المثل في الأحوال السنية والكرامات الظاهرة، وقطع البوادي على الوحدة، ولقي المشايخ، وصحبته الأكابر حتى سمعت أن الفرنج يعتقدون فيه، ويقولون إن السباع والوحوش مثل البهائم والغنم تسجد لأبي الحسين المقدسي.
وأخبرني والدي رحمه الله وغيره أن الفرنج كانوا يعظمون أبا الحسين الزاهد ويعتقدون فيه.
وقال لي: إن جماعة رأوه مرارا راكب الأسد.
حدثني القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخض بن حدثني رجل كان من الفقهاء الحنفية بدمشق، يقال له سلطان، قال: حكى لي رجل كان يصحب الشيخ أبا الحسين ويلازم خدمته قال: كان الشيخ يأتي إلى الجبال المباحات يجني منها العنب ويعصره ويطبخه رباً ويهدي منه إلى أصحابه ومعارفه، فأتى إلى جبل لبنان، وجمع منه شيئاً وعصره، وقال لي: امض إلى القرية الفلانية إلى فلان وقل له: أبو الحسين يسلم عليك ويقول لك: أعره المرجل الذي لك ليطبخ فيه رباً، وكانت تلك القرية على فراسخ من ذلك الموضع الذي هو فيه، قال: فقلت له: يا شيخ الموضع بعيد، والطريق مخوف، وفيه السباع والفرنج، فقال لي: ما عليك بأس، إركب حماري وخذ عصاي وامض فإن السباع متى رأت حماري وعصاي لا تعترضك وكذلك الفرنج.

قال: فأخذت العصا وركبت الحمار ومضيت فجعلت السباع تمر بي فأريها عصا الشيخ، وترى حماره تحتي فلا تلوي إلي وتمضي لشأنها، ولقيني جماعة من الفرنج فوجدت منهم من الخوف شيئاً عظيماً، فلما رأوا الحمار والعصا عرفوهما فلم يؤذني أحد منهم، وجئت إلى القرية وأنا على غاية من الخوف الذي أصابني، فقلت لذلك الرجل: الشيخ يسلم عليك ويقول: خذ المرجل الذي لك وجئ إليه، فقال لي: الشيخ مقصوده المرجل وماله حاجة في أن يعنيني في هذا الطريق وما أظنه قال كلك في أن أجيء، فقلت لما غشيني من الوحشة في الطريق والجزع: بلى قال لي تأخذه وتجيء، فجاء صحبتي إلى المكان الذي به الشيخ، ووضعت المرجل على رأسي لأستظل به من الحر، فلما جئته قال لي: وما الذي حملك على أن تعني الرجل إلى ها هنا؟ فقلت ما وجدته في الطريق من السباع والفرنج، فقال لي: أولم يكفك ما شاهدته في طريقك وما الذي يؤمنك أن يكون في المرجل عقرب تلدغك الساعة؟ قال: فما استتم الشيخ كلامه حتى لدغتني عقرب بن عيني وسقطت لوجهي وبقيت مطروحا ساعة حتى جاء الشيخ وأمر يده على الموضع فسكن وقمت.
قلت: ذاكرت بهذه الحكاية الشيخ الفقيه محمد اليونيني، فعرفها وقال: الموضع الذي كان الشيخ به، وجرى له فيه هذه القضية هي يونين، وهذه البرية خرج منها جماعة من الصالحين ودخلتها غير مرة.
أخبرني عمي جمال الدين أبو غانم بن هبة الله قال: حدثني الشيخ أبو محمد بن الحداد الحلبي قال: حدثني الشيخ أبو الحسين الزاهد قال: كنت يوما بالقحوانة فصادفت جماعة من خيالة الفرنج وهم يشربون، فجئت إلى قرية من قرى المسلمين التي تجاورهم وتقرب منهم، فقلت لهم: تعالوا حتى أعطيكم خيول الفرنج، قال: فأخذتهم وجئت بهم إلى الموضع، والفرنج قد ناموا سكارى فانتقيت لهم أربعين حصان، من خيار خيولهم، وسلمتها إليهم، فأخذوها ومضوا، فانتبه الفرنج فلم يجدوا خيولهم، فافتكروا وقالوا: انظروا المجنون لا يكون ها هنا، قال: ففتشوا علي إلى أن رأوني، فقالوا: أين خيولنا؟ فقلت لهم: عندي قد ربطتها لكم تأكل، قال: فقالوا لي: تعال أرنا إياها قال: قال: فأخذتهم وجعلت أصعد بهم جبلا وأنزل واديا إلى أن علمت أن المسلمين قد وصلوا بالخيول إلى مأمنهم، فجئت بهم إلى مغارة هناك، فأدخلتهم إليها وقلت: ها هي ذه خيولكم، وكنت قد ربطت قصباً على معالف وجعلت بين يديها تبناً وربطتها ثم، قال: فنظروا إلى ذلك وصلبوا على وجوههم وقالوا عمل عليا هذا المجنون، ولم يتعرضوا لي بسوء.
حكى لي عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله قال: كان للشيخ أبي الحسن حمير، فكان يرسلها بكرة فتخرج إلى تل عرن، قرية بالنقرة، وليس معها أحد فترعى ثم تجيء إلى منزله سالمة وقد شبعت.
قال لي أبي رحمه الله: وكان يسوق حميره هذه بين يديه. فإذا جاء إلى مفرق طرق صاح فيها: خذي يميناً فتأخذ يميناً، وإن قال خذي يساراً أخذت يساراً، وإن قال شرقاً أو غرباً فعلت ما يقول.
قال لي والدي: وسيرت إليه خاتون زوجة قسيم الدولة أتابك زنكي شقه أطلس ليفصلها لامرأته، فاستدعى خياطاً وفصلها سراويلات لحميره.
وكان تعمد مثل ذلك ستراً لحاله.
وسمعت أبا الفضل محمد بن أبي البركات بن قرناص الصالح بن الصالح يقول: بلغني أن الشيخ أبا لحسين الزاهد دخل على الشيخ أبي البيان الزاهد فأعطاه أبلوجاً من السكر، فأخذه منه ولم يرده، وخرج من عنده فدفعه إلى أصحاب الشيخ أبي البيان، فقالوا له: خذه فإن الشيخ أعطاك إياه، فقال: ايش أعمل به أنا لا يأكل حماري سكراً.
وأخبرني القاضي شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر إن شاء الله قال: حج الشيخ أبو الحسين الزاهد إلى مكة حرسها الله على حمار، ووسطه على آخر ورجليه على آخر، وتمشي به كذلك، لا يتقدم أحد منها على الآخر، ولم يطلب من أحد في الطريق لها علفاً، وكان يعلق عليها المقالي، قال: فمد بعض الناس يده إلى مخلاة منها، فوجد فيها رملاً.

حدثني عمي أبو غانم قال: حدثني الشيخ أبو محمد بن الحداد قال: كنت يوماً جالساً على باب داري فجاء إلي شاذ بخت وسنقرجا، وكانا خادمين من خواص خدم نور الدين ومعها أربعون أسيرا الفرنج، فقالا: أين الشيخ أبو محمد؟ فقلت لهما: ما تريدان ها أنا ذا؟ فقالا: المولى نور الدين يسلم عليك ويقول لك، انتق من هؤلاء، الأسارى أسيراً للشيخ أبي الحسين، قال: فاخترت له أسيراً منهم وتركته، فلما أقبل الشيخ أبو الحسين سلمته إليه، قال: فأخذه الشيخ أبو الحسين، ولم يحتجر عليه، وتركه باختيار نفسه، فكان ينام وجده ويمضي ويجيء وحده ولا يهرب، والله يحفظه بحيث لا يستطيع الهرب، قال: وكان يركب الشيخ أبو الحسين حماره ويعطي الأسير الغاشيه يحملها بين يديه، ويجيء إلى السوق إلى أشد الناس عداوة له من الروافض، فيقف عليه فيشتمونه ويقصد ذلك فصداً، قال: فكانت عاقبة ذلك الأسير أنه أسلم، وحسن إسلامه.
حدثني أبو عل محمد بن يوسف بن الخضر، قاضي العسكر، قال: حدثني صاحب للشيخ أبي الحسين الزاهد كان يخدمه، واسمه علي، قال: قال الشيخ أبو المعالي بن الحداد للشيخ أبي الحسين يوم جمعة: سألتك بالله العظيم إلا صليت اليوم الجمعة، وشدد عليه المسألة، فأجابه إلى ذلك، فلما غص المسجد الجامع بحلب بالزحام، جاء الشيخ أبو الحسين وهو متلفع بكساء له، والماء يتقاطر من لحيته، فجلس إلى جانب المنبر، فلما أقيمت الصلاة انقسم الناس طائفتين، فطائفة رأته يصلي، وطائفة رأته قاعداً لم يقم، فحلف بعضهم بالطلاق أنه رآه يركع ويسجد مع الإمام وهو يصلي، وحلف البعض الآخر بالطلاق أنه رآه قاعداً لم يتحرك من مكانه، ولم يصل فذهبت الطائفتان إلى القاضي تاج الدين الكردري، وهو إذ ذاك يتولى القضاء والفتيا بحلب، فسألوه عن هذه الواقعة، وعن وقوع الطلاق وعدم وقوعه، فقال: إذهبوا إلى الشيخ أبي الحسين فهو يفتيكم فيها، وهو أخبر بها، فذهبوا إليه فقال الذين حلفوا أنه لم يصل: أرأيتموني أصلي؟ قالوا: لا والله، قال فاذهبوا فإنكم لم تحنثوا، وقال للذين حلفوا أنه صلى: أرأيتموني صليت؟ قالوا: نعم، قال: اذهبوا فإنكم لم تحنثوا، فعادوا جميعاً إلى الكردري وذكروا له ما قال، فقال: أفتاكم بالحق.
وحدثني عمي أبو غانم قال: قال لي أبو محمد بن الحداد: كنت لا أرى أبا الحسين الزاهد يصلي، وكان إذا حضر وقت الصلاة يناديني: أبو محمد قم إلى الصلاة، فأقوم إلى المسجد وأصلي بجماعة المسجد، ففكرت ذات يوم فيه وكنت أريد أن أرتقبه في وقت المغرب فإنه أضيق الأوقات، قال: فلما حان وقت المغرب وأذن المؤذن قال لي: قم إلى الصلاة، فقلت له: نعم. وتباطئت فناداني الثانية، فقلت له: نعم وتغافلت، فناداني الثالثة وهو منزعج، فقلت له: نعم وتغافلت، فالتفت إلي وهو منزعج وقال لي: يا ميشوم أن أريد أن أكون مثل الكلب يخسا ولا يرجى، ثم تركني ومضى.
وحدثني عمي أبو غانم، وقاضي العسكر محمد بن يوسف: أن الشيخ أبا الحسين حج في بعض السنين من دمشق، فسير معه بعض أهل دمشق وديعة جامداناً فيه قماش وكتاب إلى صاحبه إلى مكة حرسها الله قالا: فلما خرج أبو الحسن من دمشق ألقى الجامدان ومضى، فظفر به بعض الحجاج فحمله وجاء به إلى مكة فنزل ذلك الرجل بمكة وأودع الجامدان عند صاحبه الذي أرسل إليه، فنظر إلى الجامدان فعرفه ففتحه فوجد فيه قماشه ووجد فيه كتاباً من الرجل الذي سيره يذكر فيه أنه قد أرسل الجامدان مع الشيخ أبي الحسين.
قال: فقال صاحب الجامدان للرجل الذي تركه عنده: هذا الجامدان لي والقماش قماشي، وهذا الكتاب إلي وأراه الكتاب فقال: أنا وجدته ملقى في المكان الفلاني، قال: فالتقى صاحب الجامدان الشيخ أبا الحسين، فقال له: مثلك يكون أساس ما أنت إلا أمين فالتفت إليه وقال: يا بارد ألم يصل إليك جامدانك فما وجه عتبك، ثم تركه ومضى.

سمعت أبا لعباس أحمد بن يحيى بن الشيخ أبي الحسين الزاهد بالميطور من سفح جبل قاسيون، قال: أخبرتني عمتي يعني بنت الشيخ أبي الحسين قالت: كنت في اللبن، وهي قرية بين نابلس والبيت المقدس، والشيخ أبو الحسين والدي بها: وابني في الحج، وكان ذلك قبل عيد النحر بيومين، فعمل بعض من في اللبن للشيخ أبي الحسين عجة، فاشتهيت أن يأكل ابني منها، فقلت: اشتهيت ابني فلاناً يأكل من هذه العجة، فقال لي والدي أبو الحسين: هاتي، فدفعت إليه العجة والغضارة التي هي فيها والخبر، فأخذ ذلك وخرج بالمنديل، نجح ابني ورجع، وأحضر إلي تلك الغضارة بعينها، فقلت: ما هذه؟ فقال: هذه أحضرها إلي الشيخ أبو الحسين وفيها العجة مع الخبز.
قال لي أحمد بن يحيى: وحدثتني عمتي المذكورة قالت: أخبرني أخي، بعض ولد الشيخ أبي الحسين قال: كان والدي أبو الحسين يجمع قشور البطيخ التي تلقى فيجعلها في قدر، ويأخذ مغرفة ويحركها ويخرجها فنأكلها، فنجدها من أطيب الأطعمة، فلما توفي الشيخ عمد بعض ولده فعل مثل ما كان يفعل، فلم يطق أحد أن يأكلها، فقال بعضهم: القشور القشور، والقدر القدر، والمغرفة المغرفة، ولكن اليد التي كانت تحركها ليست اليد.
سمعت سيف الدين موسى بن شيخنا محمد بن راجح المقدسي يقول لي بحلب: حكى لي الفقيه يعقوب الزنكلوني، من أصحاب الشيخ عثمان بن مرزوق عن صاحب الشيخ أبي الحسين الزاهد أنه قال: سافرت أنا والشيخ أبو الحسين رحمه الله من غزة إلى عسقلان، فاشتد بنا الحر وعطشنا، فقال لي: يا فلان تجيء حتى تزرع مقثأة؟ فقلت له: مبارك، فقال: أيما أحب إليك تحفر أم تزرع؟ فقلت: أحفر والشيخ يزرع، فحفرت له جوباً كثيرة وهو يطرح في كل جوبة حصاتين من الأرض، إلى أن زرعنا شيئاً كثيراً، ثم انتقلنا فاستظللنا تحت شجرة بعيداً عن الموضع، فقال لي بعد ساعة: يا فلان، أذهب فآتنا من المقثاة ببطيخ، فذهبت فلم أر شيئاً، فجئت معه فأقبلنا على المقثاة فإذا هي كلها لجة خضراء، فيها من البطيخ شيء كثير كبار وصغار، فأكلنا حتى شبعنا، ثم اخذ من ذلك البطيخ فوضعه في الخرج على الدابة، وحملناه معنا إلى عسقلان، وكان قد أصاب أهل عسقلان مرض، فما أكل أحد من أهل عسقلان قطعة إلا وبرأ من ذلك المرض.
قال لي موسى: وحكت لي ستي أم الشيخ عمر زوجة الشيخ أبو عمر قالت: جاء الشيخ أبو الحسين إلينا ليلاً بمردا قرية من نابلس، في وقت بارد فقعد عند جماعتنا ساعة وبين أيديهم نار يصطلون بها، ثم نهض قائماً، فقالوا له: يا سيدي أين تمشي في هذا الوقت المظلم البارد؟ فقال: أنا آخذ من هذه النار وأستضيء بها، فأخذ قطعة من حطب الزيتون وهي تشتعل من تلك النار كبيرة، ووضعها في ثوبه، ثم استضاء بها فلم يحترق الثوب، وأخذها وذهب.
سمعت عمي أبا غانم رحمه الله يقول: حدثني الشيخ أبو محمد بن الحداد قال: لما نزل الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي علي عزاز يحاصرها، جاءني الشيخ أبو الحسين الزاهد يوماً من الأيام وقال: تعال حتى نحاصر عزاز ونعاون المسلمين، ثم عمل صورة قلعة من طين، وقال لي: امش حتى نزحف عليها، ثم جعل يقول: نصر من الله وفتح قريب: نصر من الله وكسر الصليب وجعل يكرر ذلك، ثم قال: ها أخذناها، أخذناها، أخذنا، ثم سكت، فوقع طائر عقيب ذلك ببطاقة يخبر بأنها فتحت في الوقت الذي كان من الشيخ أبو الحسين ما كان.
فوقي الشيخ أبو الحسين الزاهد المقدسي بحلب.
ودفن بمقابر المقام خارج باب العراق بتربة بني الحداد قبلي مقام إبراهيم عليه السلام، وقبره ظاهر يزار وتنذر عنده النذور وزرته مراراً.
أبو الحسين المالكي:
كان من شيوخ الصوفية بطرسوس وصحب خيراً النساج، روى عنه الحسين بن أحمد بن جعفر الصيرفي إنشاداً ذكرناه فيما تقدم من كتابنا هذا.
وحكى أبو القاسم القشيري عنه حكاية غير مسندة.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن بن حموية.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال وقال أبو الحسين المالكي: كنت أصحب خير النساج سنين كثيرة، فقال لي قبل موته بثمانية أيام: أنا أموت يوم الخميس قبل صلاة المغرب وأدفن يوم الجمعة قبل الصلاة وستنسى هذا، ولا تنس.

قال أبو الحسين: فأنسيته إلى يوم الجمعة فلقيني من خبرني بموته فخرجت لأحضر جنازته فوجدت الناس راجعين يقولون: يدفن بعد الصلاة، فلم أنصرف فحضرت فوجدت الجنازة قد أخرجت قبل الصلاة كما قال، فسألت من حضر وفاته فقال: إنه هشي عليه ثم أفاق، ثم التفت إلى ناحية البيت وقال: قد تقدم ذكره عافاك الله فإنما أنت عبد مأمور وأنا عبد مأمور، والذي أمرت به لا يفوت والذي أمرت به يفوتني، فدعا فماء وجدد وضوءه وصلى وتمدد وغمض عينيه فرأي في المنام بعد موته، وقيل له: كيف حالك؟ فقال: لا تسل خلصت من دنياكم الوضرة.
أبو الحسين الفراء:
الفقيه الطرسوسي روى عن حامد بن يحيى البلخي، روى عنه محمد بن خم.
نقلت من خط عبد الله بن علي بن عبد الله بن سويدة التكريتي بها وأنبأنا به عنه سماعاً منه علي بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا تميم قال: حدثنا الفقيه أبو الليث بن محمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خم قال: حدثني أبو الحسين الفراء الفقيه الطرسوسي قال: حدثنا حامد بن يحيى البلخي قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: كان عندنا بمكة رجل من أهل خوزستان وكان رجلاً صالحاً وكان الناس يودعونه ودائه لهم، فجاء رجل فأودعه عشرة آلاف دينار، وخرج الرجل في حاجة فقدم مكة وقد مات الخوزستاني فسأل أهله وولده عن ماله، فلم يكن لهم به علم، فقال الرجل لفقهاء بمكة، وكانوا يومئذ مجتمعين متوافرين: أودعت فلاناً عشرة آلاف دينار، وقد مات وسألت أهله وولده، ولم يكن لهم بها علم، فما تأمرون؟ فقالوا: نحن نرجو أن يكون الخوزستاني من أهل الجنة، فإذا مضى من الليل ثلثه أو نصفه إئت زمزم فاطلع فيها وناد يا فلان بن فلان، أنا صاحب الوديعة، ففعل ذلك ثلاث ليال فلم يجبه أحد، فأتاهم فأخبرهم فقالوا: إنا لله وإنا إليه راجعون نخشى أن يكون صاحبك من أهل النار إئت اليمن فإن فيها وادياً يقال له برهوت، وفيه بئر فطلع فيها فإذا مضى ثلث الليل أو نصفه فناد: يا فلان بن فلان أنا صاحب الوديعة، ففعل ذلك، فأجابه في أول صوت، فقال: ويحك ما أنزلك ها هنا وقد كنت صاحب خير؟ قال: كان لي أهل بيت بخراسان فقطعتهم حتى مت فأخذني الله عز وجل بذلك فأنزلني الله هذا المنزل، فأما مالك فهو على حاله وإني لم أأتمن ولدي على ذلك، فدفنته في بيت كذا، فقل لولدي ليدخلك داري، ثم صر إلى البيت فاحفر فإنك ستجد مالك، وهو على حالته، فرجع فوجد ماله على حالته.
أبو الحسين الكرجي:
كان من الصالحين، وكان يرابط بطرسوس.
حكى عنه عمويه الزنجاني.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين عن الحفظ أبي طاهر السلفي قال: سمعت عمويه الزنجاني الأشتر يقول: سمعت أبا الحسين الكرجي بنهاوند يقول: كانت أخت لي صالحة في الصغر، وكنت أنا أشتو في أكثر السنين بطرسوس، فلما كان سنة من السنين عزمت على الخروج إليها، فسألتني أن لا أخرج فقلت: لا أصبر على برد قهستان والثلوج، فهتف بي هاتف: راع قلبها وأقم عندها، فنحن لا ننزل الثلج في هذه الشتوة، فأقمت عندها، فلم يقع والله عندنا الثلج في تلك السنة.
أبو الحسين القرافي:
دخل التينات ولقي بها أبا الخير التيناتي.
أبو الحسين المستهام:
الحلبي، غلام المتنبي، والببغاء، شاعر كان يصحب المتنبي بحلب.
قرأت في مجموع جمعه بعض الأدباء: لأبي الحسين المستهام الحلبي غلام المتنبي:
نزلت على ابن حماد فحيا ... ويسر عنده سبل المقيل
وقال علي بالطباخ حتى ... يزيد من البوادر البقول
فغداني برائحة الأماني ... وعشاني بميعاد جميل
قرأت في ذيل اليتيمة لأبي منصور الثعالبي.
أبو الحسين الحلبي:
إن لم يكن المستهام المقدم ذكره فغيره، روى عن أبي الطيب المتنبي وأبي العباس النامي.
قرأت بخط مفلح بن علي البغدادي الأديب: قيل كان سيف الدولة يضع الشعراء على هجاء أبي الطيب فلا يجيب أبو الطيب أحداً ترفعاً فذكر أبو الحسين الحلبي أن النامي هجاه فقال:
قد صح شعرك والنبوة لم تصح ... فدع النبوة لا أبا لك واسترح
واربح دماً أصبحت توجب سفكه ... إن الممتع بالحياة لمن ربح
فأجابه أبو الطيب فقال:

نار النبوة من زنادي تقتدح ... يغدو علي من المها ما لم يرح
أمري إلي فإن سمحت بمهجه ... كرمت علي فإن مثلي من سمح
فقال له النامي:
أطللت يا أيها الشقي دمك ... لا رحم الله روح من رحمك
أقسم لو أقسم الأمير على ... قتلك قبل العشاء ما ظلمك
فأجابه المتنبي فقال:
إيهم أتاك الحمام فاصطلمك ... غير سفيه عليك من شتمك
همك في أمرد تقلب في ... عين دواة لظهره قلمك
وهمتي في انتضاء ذي شطب ... أقد يوماً بحده أدمك
فإخسأ ملوماً واربع على ظلع ... والطخ بما بين إليتيك فمك
قلت: ولعمر إن المتنبي صفيه في شتمه وهجائه، ولم يكن مجيداً في الهجاء، وكان يملك الفحش المستقبح في هجائه كما في قصيدته التي يهجو بها ضبة.
أبو الحسين الحلبي الصائغ:
شاعر روى عنه الرشيد بن الزبير بيتاً مفرداً في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، بعد أن ذكر في شعر الشريف البياضي أبياتاً يهجو بها أبخر، وذكر بعدها بيتين لأبي الصلت في مثل ذلك، ثم قال: ومثله ما أنشدنيه أبو الحسين الحلبي الصائغ لنفسه من أبيات يهجو بها ابن حديد الشاعر، وهو:
بغم كمثل القبر بعد ثلاثة ... في نتنه وصديده وعظامه
وابن حديد هذا هو عبد المحسن بن حديد المعري، وقد قدمنا ذكره.
أبو الحسين الوامق المعري:
شاعر خليع من أهل المعرة.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الرحمن بن أبي العجائز قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أبو الحسين الوامق المعري الشاعر، قدم دمشق، أنشدنا أبو اليسر شاكر بن عبد الله الكاتب قال: أنشدني جدي القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان للوامق من قصيدة.
يا فتوني بمن رضاه فتوني ... زد فؤادي من وجده المكنون
وفيها:
يا نواعير شيزر استقبلي ... بالشجو قلبي وشيعي بالحنين
ذكريني بنهرك العذب أنهار ... دمشق يا طيب ما تذكريني
أبباب البريد أذكر وجدي ... أم بباب الجنان أم جيرون
ها إليها كالنجم ينقض أو كالماء ... يجري من شاهق مسنون
أو كظمآن مفتر عاين الموقد بي ... ن المنشور والياسمين
عزمات كأنما خلقت من ... عزمات الأمير بنجوتكين
وفيها:
يا أمير الجيوش شاعرك ... الوامق رب المثقف الموزون
قال: وأنشدنا له:
وفى لي الدهر بموعود ... وتابع النعمى بتجديد
ولاحت الأنوار في موضع ... مرتفع الأنوار مسعود
يا عمري زد في المدى ... فسحة ويا ليال ذهبت عودي
ومهمهة خبت نتجو به ... من المهاري الوخد القود
عادتها قطع الفلا والدجى ... ما بين إرفال وتوخيد
لما انبرت بي من دمشق ... إلى ورد من الأنعام مورود
لاذ بها سكان جيرون عن ... وجد وصبر غير موجود
وكاد دمع القوم يحكي به ... سواد تلك الدرج السود
وودعت من ودعت واعتدت ... تنصاع من بيد إلى بيد
تزاحم الثلج بمن قلبه ... يوقد ناراً بهوى الغيد
أنشدني أبو البركات الفضل بن سالم بن المهذب الكاتب المعري بها للوامق المعري:
أنا بالخراج مطالب ... ووحق من أرجوه للغفران مالي درهم
والملك وقف لو قدرت أبيعه ... لفعلت إلا أن ذاك محرم
قرأت بخط أبي العلاء بن الندى، في جزء وقع إلي بخطه، وذكر فيه جماعة من شعراء المعرة، فكان فيما نقلته منه: الوامق شاعر خليع متهتك، سهل الألفاظ بالمرة، ولم يذكر شيئاً من شعره.
من اسمه أبو حصين
أبو حصين القاضي:
الرقي، قاضي حلب، واسمه علي بن عبد الملك، وإليه ينسب حمام أبي حصين بحلب، وقد تقدم ذكره.
أبو حصين المعري:

واسمه عبد الله بن محمد وإليه ينسب بنو أبي حصين بمعرة النعمان، وقد تقدم ذكره.
أبو حفص الشافعي:
الفقيه، كان بحلب وله شعر روى عنه الحفظ أبو المواهب الحسن بن صصرى، وخرج عنه في معجم شيوخه.
أنشدنا الشيخ الأمين أمين الدين سالم بن الحسن بن موهوب بن صصرى الدمشقي الصنمين، ونحن متوجهون إلى الحج سنة ثلاث وعشرين وستمائة قال: أنشدنا أبي قال: أنشدنا الفقيه الأديب أبو حفص الشافعي لنفسه بدمشق، وكان قد كتب بها من حلب إلى شيخنا الإمام أبي المعالي فقيه الحرمين رحمه الله، وأنشدناها فلما قدم علينا استعدناها منه:
أصاب الدهر مني ما أصابا ... وأوجب لي بلا جرم عقابا
وأوطأني على أمر شديد ... ومن يبغي مع الأفعى حرابا
ولو خصصت منكم باعتناء ... قلعت لصرفه بالكره نابا
لئن سعدت بخدمتكم عيوني ... ملأت جناب حضرتكم عتابا
فكم أنفذت نحوك من كتاب ... ولم أقرأ له بوماً جوابا
بقيت اليوم في حلب عليلاً ... فلا مكثاً أطيق ولا ذهابا
وخالطني على رغمي شكاة ... بها أفني ليالي انتحابا
أنادي في ظلام الليل صحبي ... ودمع العين يسعدني انسكابا
فلا أحد يصيخ إلى ندائي ... ولا نومي يوافيني انتيابا
وأصعب ما ألاقي أن قلبي ... يريد لقاءكم والدهر يابا
يعوقني عن الإتيان سقمي ... وفقداني المماطر والثيابا
لعل الله يشفيني سريعاً ... ويفتح لي من الأبواب بابا
أخبرنا الأمين سالم بن أبي المواهب قال: أخبرنا أبي قال: توفي رحمه الله يعني أبا حفص الفقيه عندنا، بدمشق، في شهور سنة خمس وسبعين وخمسمائة.
أبو حفيص القاضي:
قاضي حلب، وكان يسكن فها بسوق السراجين، واسمه عمر بن الحسن، ويكنى أبا الحسن، وأبو حفيص لقب له يعرف به، وقد تقدم ذكره في باب العين.
أبو حلمان الحلبي:
الصوفي، اسمه علي، ويكنى أبا الحسن، وأبو حلمان لقب له، وقد ذكرناه فيما تقدم.
ذكر من يكنى بأبي حمزة
أبو حمزة الأسلي:
حدث بطرسوس عن وكيع، روى عنه أبو بكر بن مسلم العبد، وأبو علي الحسين بن شبيب، وسمعاه بطرسوس، وبد سقنا عنه حديثاً في ترجمة الحسين بن شبيب، وترجمة أبي بكر بن مسلم.
أبو حمزة الفقيه:
ابن أبي حصين، عبد الله بن محمد بن عمرو بن سعيد بن محمد بن داوود بن المطهر المعري، واسمه الحسن، ولي قضاء منبج، وهو الذي رثاه أبو العلاء المعري بالقصيدة الدارية التي أولها:
غير مجد في ملتي واعتقادي ... نوح باك ولا ترنم شاد
وكان فقيها حنفيا، عارفا بالفقه، راويا للحديث، وقد تقدم ذكره.
أبو حمزة بن أبي حصين:
قاضي معرة النعمان، عزل عن القضاء وصودر في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة، وتولى قضاءها بعده أبو محمد عبد الله بن محمد بن سليمان.
قرأت ذلك بخط بعض المعريين، وهذا غير الأول، لأن ذاك توفي قبل هذا التاريخ بمدة طويلة،
أبو حميد المصيصي:
واسمه عبد الله بن محمد وقد سبق ذكره.
حدث عن الحجاج بن محمد، روى عنه أبو عوانه، وعب بن محمد الغزاء، أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني في كتابه إلي من مرو قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي.
وأنبأنا أبو بكر بن الصفار قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قراءة عليه وأنا أسمع وأبو البركات الفراوي إجازة قال: أبو الأسعد: أخبرنا أبو محمد البحيري، وقال أبو البركات: أخبرنا أبو عمرو المحمي قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الاسفرائيني قال أخبرنا أبو عوانه الاسفرائيني قال: حدثنا أبو حميد المصيصي قال: حدثنا حجاج يروي شعبه عن قتاه عن أنس قال: جمع رسول الله صلى الله عليه وسلم الأنصار فقال: فيكم أحد من غيركم. قالوا: لا إلا ابن أخت لنا فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن ابن أخت القوم منهم، أو من أنفسهم، قال: إن قريشا كانت حديث عهد بجاهلية فأردت أن أتألفهم، أما ترضون أن يرجع الناس بالدنيا وترجعون برسول الله إلى بيوتكم، لو سلك الناس واديا وسلك الأنصار شعباً لسلكت شعب الأنصار.

أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن قشيش قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وستين ومائتين أبو حمد المصيصي يعني مات.
أبو حيه بن عبد عمرو:
قيل إن له صحبة، روى عنه عمار بن أبي عمار، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وفي الصحابة أبو حبة البدري وهو ابن عبد عمرو بن غزية، من بني مازن ابن النجار، قيل اسمه عامر، وقيل اسمه مالك، روي عنه عبد الله بن عمرو، ويحتمل أن يشبه به إلا أن أبا علي سعيد بن عثمان بن السكن فرق بينهما.
انبأنا علي بن المفضل المقدسي عن أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: ومنهم يعني من الصحابة أبو حيه بن عبد عمرو، يقال له صحبة، شهد صفين مع علي بن أي طالب، وروى عنه عمار بن أبي عمار، مولى بني هاشم قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن السرخسي قال: حدثنا أحمد بن حرب بح عفان قال: حدثنا حماد بن سلمه عن علي بن زيد عن عمار بن أبي عمار قال: سمعت أبا حيه قال: لما نزلت: " لم يكن الذين كفروا " إلى آخرها، قال جبريل: يا رسول الله إن ربك يأمرك أن تقرئها أحمد أبياً فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأبي: إن جبريل أمرني أن أقرئك هذه السورة، قال أبي: وذكرت ثم يا رسول الله؟ قال: نعم فبكى.
وأنبأنا أبو محمد بن الأخضر عن الحافظ أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن علي بن جعفر بن ماكولا قال: وقال الواقدي وأبو حبة بن غزية بن عمرو، من بني مازن بن النجار، ولم يشهد بدراً، وكذلك أبو حبة بن عبد بن عمرو، الذي كان مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين.
حرف الخاء
في الكنى
ذكر من كنيته أبو خالد
أبو خالد التنوخي:
القنسريني، شاعر من أهل قنسرين، كان في زمن المأمون. نقلت من كتاب طبقات الشعراء لدعبل بن علي الخزاعي في شعراء الجزيرة والشام قال: ولهم أبو خالد التنوخي، من أهل قنسرين يقول يحرض أهل الشام على طاهر بن الحسين.
إيهن نزار وإيهن عنك قحطان ... حتام شغلكم حرب وشنآن
فيم التحارب يال الشام قد جشأت ... عليكم بتلواها خراسان
لا المال مال يال الشام إن قطعت ... خيل الفرات ولا الأوطان أوطان
هذي أراكم بشر فئة رقم ... فوها إلى هلككم غرثان ظمآن
قد يممتكم فأدنى عفوها نقم ... وودها لكم غل وأضغان
أبو خالد الفارسي:
مولى عمر بن عبد العزيز روى عنه حيوة بن شريح.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام، عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: أبو خالد فارسي أعتقه عمر بن عبد العزيز، وكان رجلاً صالحاً عن عمر بن عبد العزيز، روى حيوة بن شريح. قاله البخاري.
أبو خالد النجار:
من الثغر الشامي صحب إبراهيم بن أدهم، وحكى عنه روى عنه يوسف بن سعيد بن مسلم.
أنبأنا أبو منصور بن محمد بن الحسن عن عمه أبي القاسم الحافظ قال: أنبأنا الشريف النسب قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البردعي قال: حدثنا سلامة بن محمد بن سلامة قال: حدثنا يوسف بن سعيد قال: حدثنا أبو الخطاب النجار قال: كنا في البحيرة نرعى الخيل ومعنا إبراهيم بن أدهم فغشيهم السبع فنفرت الخيل وتقطعت، وأفزعنا، فخرج إبراهيم نحوه وجعل يقول: يا قسورة إن كنت أمرت فينا بشيء فامض لما أمرت به وإلا فارجع، فقد فزعت دوابنا، فرجع وهو يبصبص.
أبو الخصيب بن المستنير المصيصي:

واسمه محمد وقيل أحمد غلبت كنيته على اسمه، روى عن بشر بن المنذر وأبي اليمان، وسعيد بن المغيرة، روى عنه ابنه أحمد بن محمد بن المستنير، ومحمد بن المسيب، وأبو عوانة الاسفرائيني، وقد تقدم ذكره.
ذكر من يكنى أبا الخطاب
أبو الخطاب بن عون الحريري:
روى عن أبي العباس النامي شيئاً من شعره. روى عنه أبو القاسم المطرز، وكان شاعراً.
نقلت من خط أبي الحسن محمد بن علي بن نصر في كتاب المفاوضة وأخبرنا به أبو حفص عمر بن محمد المكتب إجازة عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران إجازة قال: قرأ علينا محمد بن علي بن نصر قال: قال أبو الخطاب بن عون الحريري: وحدثني عنه أبو القاسم الشاعر بذلك، وقد رأيته ولم أسمع هذه الحكاية منه، قال: دخلت إلى أبي العباس النامي فوجدته جالساً ورأسه كالثغامة بياضاً وفيه شعرة واحدة سوداء. قلت له: يا سيدي في رأسك شعرة سوداء؟ قال: نعم هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها ولي فيها شعر، قلت: أنشدنيه، فأنشدني:
رأيت في الرأس شعرة بقيت ... سوداء تهوى العيون رؤيتها
فقلت للبيض إذ تروعها: ... بالله ألا رحمت وحدتها
وقل لبث السوداء في وطن ... تكون فيه البيضاء ضرتها
ثم قال: يا أبا الخطاب، بيضاء واحدة تروع ألف سوداء، فكيف سوداء بين ألف بيضاء.
وقرأت بخطه في هذا الكتاب، وهو روايتي بالإسناد المذكور، قال: وأنشدني يعني أبا يوسف بن البريدي لأبي الخطاب الحريري:
يا قرة العين الذي ... صار عليها رمدا
مللت من عد ذنوب ... ليس تحصى عددا
ما زلت تستفد حبي ... لك حتى فسدا
قال ابن نصر: وله إقطاع ملاح، وهو صاحب الأبيات المشهورة يغنى بها وهي:
يا غائباً عن سوداء عيني ... سكنت من قلبي السوادا
وشهرتها تغني عن ذكرها إلا أن فيها ما هو طرازها عند الشعراء أنشدنيه الأستاذ أبو الحسن مهيار وهو:
تميمة الوصل هجر يوم ... في الدهر لكن أراه زادا
وكيف أرجو الوصال ممن ... تاب من الهجر ثم عادا
أبو الخطاب النحوي:
الشاعر، دخل حلب، وسمع بها بعض أولاد الشريف أبي إبراهيم العلوي.
قرأت بخط أبي الحسن محمد بن علي بن نصر في كتاب المفاوضة، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسن بن علي بن نصر قال: ومن المليح النسيج ما أنشدنيه أبو الخطاب النحوي الشاعر لأبي إبراهيم العلوي الحلبي، ولم يلقه، وإنما رواه له وأنشده إياه بعض أولاده بحلب:
أومت بكف خلته بارقاً ... لولا عبير عرفه ساطع
وأبرزت وجهاً كشمس الضحى ... يؤخذ من أنواره الطالع
ذكر من يكنى أبا الخير
أبو الخير الأقطع التيناتي:
المغربي، وكان يقال له المباحي لأكله من المباحات، وقيل اسمه حماد بن عبد الله، وكان أسود اللون مغربياً، فسكن التينات وهي على أميال من المصيصة، وقد ذكرناها في صدر كتابنا هذا، فنسب إليها وإنما قيل له الأقطع لأنه كان في جبال أنطاكية يطلب المباح، وكان عاهد الله ألا يشارك الطير في مأكولاتها، فرأى شجرة فيها ثمر فأكل منها، ونسي معاهدته، فاتفق أن تناش أمير الثغر، اتفق بلصوص فأمسكهم، وأخذه في الجملة، فقطع أيديهم وأرجلهم، وقطع يده معهم وأمسك عن رجله، وسنذكر صورة حاله في هذه الترجمة إن شاء الله.
روى عنه أبو القاسم بكير بن محمد، وعبد العزيز البحراني، وأبو الحسين أحمد بن الحسين الرازي، وأبو الحسين القيرواني، وأبو علي الأهوازي، وأبو الحسن محمد بن يزيد، وأبو بكر محمد بن عبد الله الرازي، ومنصور بن عبد الله الأصبهاني، وأبو بكر أحمد بن محمد الجيلي، وإبراهيم بن داود الرقي، وابنه عيسى بن أبي الخير، وحمزة بن عبد الله العلوي، وأبو الحسن علي بن محمود الزوزني الصوفي، وأبو الحسن علي بن الحسن العابد، وأبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الأسدي، وأبو الحسن البغراسي، وأبو بكر محمد بن خميس الصوفي، ومنصور بن عبد الله، وعبد الله بن محمد الشيحي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو الحسين بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن علي الصوري يقول: سمعت أبا عمرو عثمان بن سعيد الأسدي يقول: قصدت زيارة أبي الخير التيناتي، فلما حصلت عنده رمى إلي حبلاً، فقال: خذ هذا فاصعد الجبل فاقطع حزمة حطب فبعها بدانقين فتقوت بدانق وتصدق بدانق. فقلت: قد ضاقت خزانة مولاي حتى أحمل الحطب وأطعم عباده فصاح وقال: الحلال، ثم القرآن ثم الله عز وجل، فبالحلال يستعان على القرآن، وبالقرآن يعرف الله عز وجل.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن عبد الباقي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: سمعت غير واحد من لقي أبا الخير الأقطع، أن سبب قطع يده أنه كان قد عاهد الله أن لا يتناول بشهوة نفسه شيئاً مشتهى فرأى يوماً بجبل لكام شجرة زعرور، فاستحسنها فقطع منها قصناً، فتناول منها شيئاً من الزعرور، فذكر عهده وتركه، ثم كان يقول: قطعت عضواً فقطع مني عضو.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن عبي ابن أحمد بن الفضل قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن جهضم الهمذاني قال: حدثنا بكير بن محمد بن كنت عند الشيخ أبي الخير بالتينات فبسطني بمحادثته لي بذكر بدايته إلى أن تهجمت عليه، فسألته عن سبب قطع يده، وما كان منه فقال: يد جنت فقطعت، فظننته أنه كانت له صبوة في حداثته من قطع طريق أو نحوه مما أوجب ذلك، فأمسكت، ثم اجتمعت معه بعد ذلك بسنين مع جماعة من الشيوخ فيهم أبو الحسن علي البغراسي، وأبو سليمان التل سابي، وأبو جعفر الجبائي، وإبراهيم بن إمام راغب، فتذاكروا مواهب الله عز وجل لأوليائه وأكثروا ذكر كرامات الله عز وجل لهم، إلى أن ذكروا طي المسافات، فتبرم الشيخ لذلك فقال: كم يقولون فلان مشى إلى مكة في ليلة، وفلان مشى في يوم، أنا أعرف عبدا من عبيد الله عز وجل حبشي، كان جالسا في جامع اطرابلس ورأسه في جيب مرقعته فخطر له طيبة الحرم، فقال في سره يا ليتني كنت بالحرم، فأخرج رأسه من مرقعته فإذا هو في الحرم، ثم أمسك عن الكلام، فتغامز الجميع واتفقوا على أنه ذلك الرجل.

ثم قال أحدهم: تسأل الجماعة الشيخ أيده الله أن يخبرهم بسبب قطع يده، فقال كما قال لي: يد جنت فقطعت، فقيل: قد سمعنا منك هذا مراراً كثيرة أخبرنا كيف كان سببه؟ فقال: نعم أنتم تعلمون أني من أهل الغرب، فوقعت لي مطالبة السفر فسرت حتى بلغت الاسكندرية، فأقمت اثني عشرة سنة، فقيل له: اسكندرية بلد عامر أمكنك القيام بها اثنا عشر سنة، وبين دمياط وشطا مفازة لا زرع ولا ضرع فما كان قوتك؟ فقال: نعم كان في الناس خير في ذلك الزمان، وكان يخرج من مصر خلق كثير يرابطون بدمياط، وكنت بنيت كوخاً على شط خليج، فكنت أجيء من ليل إلى ليل إلى تحت السور، فإذا أفطروا المرابطين ونفضوا سفرهم خارج السور زاحمت الكلاب على قمامة السفر فآخذ كفايتي، فكان ذلك فوتي صيفاً، قالوا: ففي الشتاء؟ قال: نعم كان ينبت حول الكوخ من هذا البردي الجافي فيخصب في الشتاء فأقلعه مما كان منه في التراب يخرج غصن أبيض فآكله، وأرمي بالأخضر الجاسي، فكان هذا قوتي إلى أن نوقرت في سري: يا أبا الخير تزعم أنك لا تشارك الخلق في أقواتهم وتشير إلى التوكل، وأنت في وسط المعلوم جالس فقلت: الهي وسيدي ومولاي. وعزتك لا مددت يدي إلى شيء مما تنبته الأرض حتى تكون أنت الموصل إلي برزقي من حيث لا أكون أنا أولاً فيه، فأقمت اثني عشر يوما أصلي الفرض وأتنفل، ثم عجزت عن النافلة، فأقمت اثني عشر يوماً أصلي الفرض والسنة، ثم عجزت عن السنة فأقمت اثني عشر يوماً أصلي الفرض لا غير، ثم عجزت عن القيام فأقمت اثني عشر يوماً اصلي جالساً، ثم عجزت عن الجلوس فرأيت أن طرحت نفسي ذهب فرضي، فلجأت إلى الله عز وجل بسري، وقلت: إلهي وسيدي افترضت علي فرضاً تسألني عنه وقسمت لي رزقاً وضمنته لي فتفضل علي برزقي ولا تؤاخذني بما اعتقدت معك، فوعزتك لأجتهدن إني لا حللت عقداً عقدته معك، فإذا بين يدي قرصين بينهما شيء ولم يذكر الشيء، ولا سأله أحد من الجماعة قال فكنت آخذه على الدوام من ليل إلى ليل، ثم طولبت بالمسير إلى الثغر، فسرت حتى دخلت فومه. ووافق ذلك يوم جمعة، فوجدت في صحن الجامع قاصا يتكلم على الناس، وحوله حلقة، فوقفت بينهم اسمع ما يقول فذكر قصة زكريا عليه السلام والمنشار، وما كان من خطاب الله عز وجل له حين هرب منهم، فنادته الشجرة: إلي يا زكريا، فانفرجت له فدخلها انطبقت عليه، ولحقه العدو فتعلقوا بعباءته، وناداهم الشيطان إلي، فهذا زكريا. فأن، فأوحى الله إليه: يا زكريا لئن صعدت منك أنة ثانية لأمحونك من ديوان النبوة فعض زكريا عليه السلام على الصبر حتى قطع بشطرين فقلت في نفسي: لقد كان زكريا صباراً، إلهي وسيدي لئن ابتليتني لأصبرن وسرت حتى دخلت أنطاكية فرآني بعض أخواني، وعلم أني أريد الثغر فدفع إلي سيفاً وترسا للسبيل، فدخلت الثغر وكنت حينئذ أحتشم من الله عز وجل أن آوي وراء سور خيفة من العدو، فجعلت مقامي في غابة، فأكون فيها بالنهار وأخرج بالليل إلى شط البحر فأغرز الحربة على الساحل وأسند الترس إليها محرابً، وأتقلد سيفي وأصلي إلى الغداة، فإذا صليت الصبح غدوت إلى الغابة، فكنت فيها نهاري أجمع، فبدوت في بعض الأيام فعبرت بشجرة بطم قد بلغ بعضه وبعضه أخضر، وبعضه أحمر وقد وقع عليه الندى وهو يبرق، فاستحسنته وأنسيت عهد ربي، وقسي به أني لا أمد يدي إلى شيء مما تنبت الأرض، فسددت يدي إلى الشجرة، فقطعت منها عنقودا، وجعلت بعضه في فمي وأنا ألوكه، ثم ذكرت العقد، فرميته من يدي، وبزقت ما كان في فمي، ثم قلت: حلت المحنة، ورميت الترس والحربة، وجلست موضعي يدي على رأسي، لما استقر بي جلوسي حتى داروا بي فرسان، وقالوا لي: قم، وساقوني حتى أخرجوني إلى الساحل، فإذا الأمير بياس وحوله جماعة على خيول، ورجالة كثيرة، وبين يديه جماعة سودان خماسين كانوا يقطعون الطريق قبل ذلك اليوم في ذلك الموضع، فأسرى إليهم أمير بياس فكبسهم في السحر وأخذ من كان منهم حاضرا في الأكواخ، وافترقت الخيل تطلب من هري منهم في الغابة، فوجدوني أسود معه سيف وترس وحربة، فلما قدمت إلى الأمير، وكان رجلاً تركياً، قال لي: إيش أنت؟ قلت: عبد من عبيد الله، فقال للسودان: أتعرفونه؟ قالوا: لا، قال: بلى هو رئيسكم، وإنما تفدونه بنفوسكم لأقطعن أيديكم وأرجلكم، قدموهم، فلم يزل يقدم رجلاً رجلاً، ويقطع رجله ويده، حتى انتهى إلي آخرهم، ثم قال لي:

تقدم مد يدك فمددتها فقطعت ثم قال: مد رجلك فمددتها، ثم رفعت رأسي إلى السماء وقلت: إلهي وسيدي يدي جنت، رجلي إيش عملت؟ وإذا بفارس قد وقف على الحلقة ورمى بنفسه إلى الأرض، وصاح إيش تعملون، تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء، هذا رجل صالح يعرف بأبي الخير المباحي، وكنت أعرف بذلك، فرمى الأمير نفسه عن فرسه، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها، ويتعلق بي ويبكي ويقول: سألتك بالله عز وجل أن تجعلني في حل، فقلت: من أول ما قطعت يدي، ثم قال الشيخ أبو الخير، وهو يبكي: فأي مصيبة أعظم من مصيبتي هذه قطعت يدي، وانقطعت عني القرصين.م مد يدك فمددتها فقطعت ثم قال: مد رجلك فمددتها، ثم رفعت رأسي إلى السماء وقلت: إلهي وسيدي يدي جنت، رجلي إيش عملت؟ وإذا بفارس قد وقف على الحلقة ورمى بنفسه إلى الأرض، وصاح إيش تعملون، تريدون أن تنطبق الخضراء على الغبراء، هذا رجل صالح يعرف بأبي الخير المباحي، وكنت أعرف بذلك، فرمى الأمير نفسه عن فرسه، وأخذ يدي المقطوعة من الأرض يقبلها، ويتعلق بي ويبكي ويقول: سألتك بالله عز وجل أن تجعلني في حل، فقلت: من أول ما قطعت يدي، ثم قال الشيخ أبو الخير، وهو يبكي: فأي مصيبة أعظم من مصيبتي هذه قطعت يدي، وانقطعت عني القرصين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الحموي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني إجازة أن لم يكن سماعا قال: أخبرني أبو الحسين بن عبد الجبار الطيوري قال: حدثنا محمد بن علي الصوري قال: اخبرني أبو بكر محمد بن خميس الصوفي عن أبي الخير التيناتي أنه قصده رجل من مكان بعيد فلما وصل إليه وحضرت صلاة الظهر والعصر، فلما كان صلاة المغرب صلى وجهر بالقراءة، لم يحقق التلاوة، فوجد ذلك الرجل في نفسه، وقال: كابدت مشقة السفر إلى رجل لا يقيم فاتحة الكتاب وبات تلك الليلة، فلما أصبح خرج إلى عين بالقرب ليتوضأ وجد السبع رابضاً عندها فرجع هارباً والتقى به أبو الخير فتبين الخوف في وجهه إلى العين، وتوجه الرجل يمشي خلفه ليرى ما يصنع فجاء أبو الخير إلى السبع، فأخذ بأذنيه، وجعل يعركهما ويقول له: كم أقول لك إذا كان عندنا ضيف لا تؤذنا، فانصرف، فولى السبع ذاهباً، ورجع أبو الخير يريد المسجد، فلحقه الرجل في الطريق، فقال له كن كذا، والحن في الحمد.
قلت: هذا الرجل هو إبراهيم بن داوود الرقي.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن أبي الحسن بن حموية الجويني.
وأخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن في كتابها إلي غير مرة من نيسابور فالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي.
وأخبرنا أبو النجيب إسماعيل بن عثمان الفارسي في كتابه قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري فالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: وأبو الخير التيناتي مشهور بالكرامات، حكى عن إبراهيم الرقي أنه قال: قصدته مسلماً، فصلى صلاة المغرب فلم يقرأ الفاتحة مستقيماً، فقلت في نفسي: ضاعت سفرتي، فلما سلمت خرجت الطهارة فقصدني السبع، فعدت إليه، فقلت: إن الأسد قصدني، فخرج وصاح على الأسد وقال: ألم أقل لك لا تعرض لضيفاني، فتنحى، وتطهرت، فلما رجعت قال: اشتغلتم بتقويم الظواهر، فخفتم الأسد، واشتغلنا بتقويم القلب فخافنا الأسد.
انبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحفظ قال: سمعت محمد بن الحسين قال: وسمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: دخل على أبي الخير جماعة من البغداديين يتكلمون بشطحهم بحضرته، فضاق صدره من كلامهم، فخرج فجاء السبع فدخل البيت، فانضم بعضهم إلى بعض ساكتين وتغيرت ألوانهم، فدخل أبو الخير فقال: يا ساداتي أين تلك الدعاوي؟.
قال أبو نعيم: ومنهم يعني من الأولياء: أبو الخير الأقطع التيناتي له الآيات والكرامات توفي بعد الأربعين والثلاثمائة، كانت السباع والهوام يأنسون بمجالسته ويأوون إليه، وكان ينسج الخوص بإحدى يديه.
سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أحمد بن الحسين الرازي يقول: سمعت أبا الخير يقول من احب أن يطلع الناس على عمله فهو مرائي، ومن أحب أن يطلع الله على حاله فهو كذاب.

قال: وكان يقول: ما بلغ أحد حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفريضة، وصحبة الصالحين، وخدمة الفقراء الصالحين.
وكان يقول: القلوب ظروف، فقلب مملوء اسماناً وعلامته الشفقة على جميع المسلمين والاهتمام بما يهمهم، ومعاونتهم على مصالحهم وقلب مملوء نفاقا فعلامته الحقد والغل والغش والحسد.
أخبرنا عمي أبو غانم بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح بن حموية، وأنبأتنا زينب الشعرية قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: ومنهم يعني من مشايخ الصوفية: أبو الخير الأقطع، مغربي الأصل، سكن تينات، وله كرامات وفراسات حادة، كان كبير الشأن.
قال أبو الخير: ما بلغ أحد إلى حالة شريفة إلا بملازمة الموافقة، ومعانقة الأدب وأداء الفرائض وصحبة الصالحين.
بسم الله الرحمن الرحيم
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي إمام الكلاسة بدمشق قال: أخبرنا الحفظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم قال: أخبرنا الفقيه أبو الفتح نصر الله بد بقراءة والدي عليه وأنا أسمع عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن أبي الحسن علي بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بكير بن محمد المنذري قال: سمعت أبا الخير التيناتي يقول: بعثت إلى الثغر فبكيت، فقيل لي: محروسة ما علمت وفلان وفلان طائفة من الأخيار وما بقي منهم غيري، كلهم ماتوا، وعاش أبو الخير التيناتي مائة وعشرين سنة، ومات سنة تسع وأربعين وثلاثمائة أو قريباً منه.
أخبرنا عمي أبو غانم قال: أخبرنا أبو الفتح بن حمويه.
وأنبأتنا زينب النيسابورية قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي.
وأنبأنا أبو النجيب القارىء قال: مات يعني أبا الخير الأقطع سنة نيف وأربعين وثلاثمائة.
أبو الخير الموزة:
الشاعر، من أهل حران نفذ منها إلى دمشق وعلم بها الصبيان، واجتاز بحلب في طريقه إليها، وفي عودة منها إلى خرتبرت وذكره العماد في السيل والذيل ولم يذكره في الخريدة وقال في ذكره، ورأيت ذلك في مسودته، وقال كان رجلاً خيراًٍ من أهل حران، معلما بدمشق، يعلم أولاد الأمراء، وتوفي بخرتبرت، وسبب تسميته الموزه أنه سئل عن هذين البيتين:
اسم من أهواه رطلان ... وباقيه مدينه
ذات بر ذات بحر ... من قرى الشام حصينه
فقال: هما في الموزة، فسمي بها ونبز بالموزه، ويقول أبو الحكم المغربي فيه من أرجوزته:
والموزة الشاعر في قصته ... أعجوبة وعبرة لمن وعي
وشعره في كبك مشتهر ... ليس به بين الأنام من خفي
قال: وككبك غلام قال فيه أبو الخير الموزة:
لو تقاسي ما أقاسي يا كبك ... من سقام وغرام فتلك
لست من حسن تفردت به ... آدمياً إنما أنت ملك
عذب القلب بما تختاره ... ليس هذا القلب لي بل هو لك
حرف الدال
في الكنى
أبو دجانة الأنصاري
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه.... شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقد ذكرناه.
أبو الدرداء:
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه عويمر بي زيد، غزا الصائفة واشته بكنيته، وقد ذكرناه في حرف العين.
أبو الدنيا الأشج:
أسمه عثمان بن خطاب بن عبد الله بن عوام البلوي وإنما كني أبا الدنيا لطول عمره، وقيل إن كنيته أبو عمرو، وهو مغربي، ذكر أنه لقي علي بن أبي طالب رضي الله عنه بصفين، وله نسخة يرويها عنه، لا يعتمد على روايته، وقد قدمنا ذكره في الأسماء في حرف العين.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، في تعليق له: الأشج المغربي، هو أبو عمرو عثمان بن خطاب بن عبد الله عوام البلدي المريذي، ومريذة بالمغرب على ما روى، ولم أر أحداً من المغاربة يعرفها، ولعلها قد دثرت، وفي رواة أهل المغرب زيادة الله المرندي، وهو فيما أظن صقلي، والله أعلم.
حرف الذال
في الكنى
أبو ذر الطرسوسي:
الفقيه الحنفي، فقيه معتبر من أهل طرسوس، له كتاب في الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه سماه كتاب الخصال، وقفت عليه وهو كتاب حسن، وكان بطرسوس قبل انتقالها إلى الروم.
حرف الراء
في الكنى
أبو رافع:

مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، واسمه أسلم، وقيل إبراهيم، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم أحداً، والخندق وما بعدها. وشهد مع علي رضي الله عنه صفين، والجمل والنهروان، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو سليم مولاه، والمطلب وكان يكتم إسلامه حين كان للعباس بن عبد المطلب، ووهبه العباس للنبي صلى الله عليه وسلم، وقدم المدينة بكتاب قريش إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فأظهر إسلامه، وكان قبطيا.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن سيدهم الأنصاري الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي المصيصي قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن أحمد المصري قال: حدثنا عبد الله بن أبي مريم قال: حدثنا دب يوسف قال: حدثنا سفيان عن ابن أبي ليلى عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس قال:: استعمل رسول الله صلى الله عليه وسلم أرقم بن الأرقم الزهري على الصدقة فاستتبع أبا رافع، فأتى أبو رافع النبي صلى الله عليه وسلم فاستشاره، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يا أبا رافع إن الصدقة حرام على محمد وآل د، وغن مولى القوم منهم، أو من أنفسهم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قراءة عليه وأنا اسمع قال: أخبرنا معود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي عاصم قال: حدثنا صالح بن زياد.
قال أبو نعيم: وحدثنا محمد بن علي قال: حدثنا الحسين بن أحمد بن حماد قال: حدثنا المغيرة بن عبد الرحمن قالا: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن.
قال: وحدثت عن أبي جعفر محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا يزيد بن هرون واللفظ له قالا: حدثنا الجراح بن منهال عن الزهري عن أبي سليم مولى أبي رافع عن أبي رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: كيف بك يا أبا رافع إذا افتقرت؟ قلت: أو لا أتقدم في ذلك؟ قال: بلى، قال: ما مالك؟ قلت: أربعون ألفا وهي لله عز وجل، قال: لا، أعط بعضا وأمسك بعضا وأصلح إلى ولدك، قال: قلت أولهم علينا يا رسول الله حق كنا لنا عليهم؟ قال: نعم حق الولد على الوالد أن يعلمه الكتاب وقال عثمان بن عبد الرحمن: كتاب الله والرمي والسباحة زاد يزيد: وان يورثه طيباً.
قال: ومتى يكون فقري؟ قال: بعدي، قال أبو سليم: فلقد رأيته افتقر بعد. حتى كان يقعد فيقول: من يتصدق على الشيخ الكبير الأعمى. من يتصدق على رجل أعلمه رسول الله أنه سيفتقر بعده، من يتصدق فإن يد الله العليا، ويد المعطي الوسطى، ويد السائل السفلى، ومن سأل عن ظهر غنى كان له شية يعرف بها يوم القيامة، ولا تحل الصدقة لغني ولا لذي مرة سوي.
قال: فلقد رأيت رجلاً أعطاه أربعة دراهم، فرد عليه منه درهماً، فقال لا ترد علي صدقتي فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهاني أن أكنز فضول المال، قال أبو سليم: فلقد رأيته بعد استغنى حتى أني عاشر عشره وكان يقول: ليت أبا رافع مات في فقره، أو هو فقير، قال: ولم يكن بكاتب مملوكاً إلا بثمنه الذي اشتراه به.
أنبأنا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن هزار مرد الصريفيني قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داود الطوسي قال: حدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار قال: وحدثني أبو غزية قال: حدثني هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة قالت: أتت سلمى مولاة رسول اله صلى الله عليه وسلم. امرأة أبي رافع، مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم تستعديه على أبي رافع، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مالك ولها يا أبا رافع؟ فقال تؤذيني يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لم آذيته؟ فقالت: والله يا رسول الله ما آذيته بشيء، ولكنه أحدث وهو يصلي، فقلت: يا أبا رافع إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أمر المسلمين إذا خرجت من أحدهم ريح أن يتوضأ، فقام يضربني، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضحك ويضحك، ويمزج إلى أبي رافع.

أخبرنا الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم كان قبطياً قال علي بن المديني: أسمه أسلم، ويقال هو ممن يعد في أهل المدينة، مات قبل علي ويقال كان للعباس بن عبد المطلب فوهبه للنبي صلى الله عليه وسلم، فلما بشر النبي بإسلام العباس اعتقه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل قال كتب إلينا أبو القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عقاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا أحمد بن سعيد الدمشقي قال: أخبرنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو رافع مول النبي صلى الله عليه وسلم، اسمه إبراهيم.
قال ابن السكن اسلم أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، كان شهد أحد والخندق وما بعدهما، وكان على ثقل النبي، وشهد فتح مصر، وهم يختلفون في اسمه، فيقال إبراهيم، وكان قبطياً مات في آخر خلافة علي بن أبي طالب، ويقال مات بالمدينة قبل قتل عثمان رضي الله عنه.
وقال ابن السكن: الصحيح أن أبا رافع مات في خلافة علي، وكان خازناً لعلي ابن أبي طالب، وأوصى بولده إلى علي، وكان شهد مع علي الحمل، وصفين، والنهروان رضي الله عنه، وكان يكفلهم ويزكي أموالهم.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: ومنهم أسلم أبو رافع مولى النبي صلى الله عليه وسلم، أسلم قبل بدر، وكان يكتم إسلامه مع العباس، وقدم بكتاب من قريش إلى المدينة على رسول الله، صلى الله عليه وسلم فأظهر إسلامه ليقيم بها، فرده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: إنا لا نحبس البرد ولا نخيس العهد، كان ممن أخبره النبي صلى الله عليه وسلم أنه يصيبه بعده فقر، ونهاه أن يكنز فضول الدنيا، وأعلمه عقوبة من يحوز المال ويكنزه.
ذكر من كنيته أبو الرضا
أبو الرضا بن النحاس:
الحلبي ابن أخت أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس، واسمه سالم، وقد قدمناه ذكره في حرف السين، وذكرناه ها هنا لشهرته بالكنية، وعرف بابن النحاس من قبل أمه.
وكان شاعراً مجيداً، روى عنه أبو عبد الله بن الملحي.
أخبرنا عبد الرحمن بن نسيم إذنا عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد بن الملحي السلمي بلفظه وكتبه لي بخطه، قال: أبو الرضا بن النحاس شيخ حلبي: هو ابن أخت أبي نصر الوزير العالم المفيد الكاتب الشاعر المجيد، وكان أبو الرضا وصل إلى دمشق عند القبض على خاله، لأخذ خاله، فاجتمعت به، وتحدثت معه وأنشدني أبو الرضا لخاله:
يا قلب أنت أذنت لي في هجره ... وزعمت أنك قاصر عن ذكره
ورجعت تطلبه وأنت أضعته ... هيهات فات الحزم فارط أمره
فاستحسنت هذه البيات، حتى غنى بها القيان، وهام بها الشيوخ والشبان.
فعمل أبو الرضا:
يا طرف أنت طرحتني في حبه ... وزعمت قلبك في هواه كقلبه
حتى إذا لفحتك نيران الجوى ... فحرمت ما أملته من قربه
أنشأت تنكر ما جنيت وقلت خذ ... قلبي المعنى في هواه بذنبه
ذق مر ما ستحليته وجنيته ... لا ينكر المقرور صرعة عجبه
وأغرق بدمعك في البكاء فربما ... قتل المتيم نفسه من كربه
قال ابن الملحي: وكتب إلي يوما:
يا من إذا ما البليغ الحبر جاذبه ... حبل الفصاحه منسوب إلى النوك
وأين الأولى عمر الأحرار فصلهم ... حتى لقد أصبحوا مثل المماليك
الواهبي كل مصقول ومسمعه ... وكل أجرد كالسرحان محبوك
قوم إذا ترك الأمجاد مكرمة ... فمجدهم لسواهم غير متروك
ما زلت تدأب في العلياء تعمرها ... مجاهدا في طريق غير مسلوك

دعوتنا دعوة بالأمس معجزة ... فثن لا تجعلنها بيضة الديك
أبو الرضا بن اللعيبة:
الحلبي، شيخ حسن مستور، عنده ذكاء وفطنة وحسن محاضرة، وجميل معاشرة وصناعة جيدة فيما يعمله بيده ويتكسب به وكان يعمل السروج وغيرها ويشبهها بالكلاهي الذي يجلب من الصين، وصان بذلك ماء وجهه، وكان قليل الاختلاط بالناس مشتغلاً بما يعنيه، وكان عنده فضل وأدب وينظم شعراً حسناً، اجتمعت به ولم يتفق لي سماع شيء منه، وأنشدني شهاب الدين أبو جعفر يحيى بن خالد بن محمد بن القيسراني قال: أنشدني الرضي أبو الرضا بن اللعيبة لنفسه:
ولما نزلنا بالمحصب من منى ... غداة أفاض الجمع من عرفات
تذكركم قلبي فأضحت مدامعي ... عليكم تجيد الرمي بالجمرات
توفي أبو الرضا بن اللعيبة بحلب بجبل بانقوسا، وكان قد سكن فيه.
أبو رضوان بن سعيد:
المصيصي المؤدب، واسمه اليمان وقد تقدم ذكره في حرف الياء، روى عن محمد بن حمير، روى عنه عمر بن محمد الأسدي، وعبد الله بن زياد بن خالد المعروف بابن أبي سفيان، وأبو بكر محمد بن أبي يعقوب الدنيوري.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن اسحق قال: حدثنا عمر بن بحر الأسدي قال: سمعت أبا رضوان بن سعيد المصيصي قال: حدثنا محمد بن حمير قال: حدثنا محمد بن زيا عن أبي أمامة الباهلي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قرأ آية الكرسي في دبر كل صلاة مكتوبة، لم يحل بينه وبين دخول الجنة إلا الموت.
أبو رمادة الضبي:
هو من هجان بن كعب بن بجالة بن ذهل بن مالك بن بكر بن سعد بن ضبة ابن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، نزل بأرض الشام، بأرض حلب بالنقرة وحاوى لبني أسد في دارهم، وولد له نحو من عشرة أولاد ذكور، وولد لهم أيضاً أولاد تعرف بقبيلة أبي رمادة، وتأمر فيهم من تأمر، وساد فيهم من ساد، ونسلهم إلى اليوم.
قلت ذكر ذلك محمد بن أحمد بن عبد الله الأسدي النسابة، في كتابه الذي قدمناه ذكره في أول كتابنا هذا، وبقرية الملوحة من نقرة بني أسد قوم يقال لهم بنو الرمادي إلى الآن، وهم والله أعلم من قبيلة أبي رمادة المذكور.
أبو رويحة الخثعمي:
قيل اسمه عبد الله بن عبد الرحمن، وقيل ربيعة بن السكن آخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين بلال، وقدم معه الشام للجهاد، روى عنه عبد الجبار بن عبد الله الخثعمي وقد ذكرناه في الأسماء.
أبو الرياح المصيصي:
وقيل فيه أبو الرماح أيضاً، شاعر، وقع إلي من شعره قوله في الفستق:
مثل الزبرجد في حرير أحمر ... في حق عاج في غشاء أديم
وقوله:
ورد البشير مع الصباح بأنه ... لي زائر فاستعبرت أجفاني
يا عين قد صار البكا لك عادة ... تبكين في فرحي وفي أحزاني
أبو الريان الأصبهاني:
الملقب بالأثير، كان بحلب، وحكى عنه عبد الرحمن بن جوشن بن مزروع التنوخي حكاية سمعها منه بحلب، وقد ذكرناها في ترجمة عبد الرحمن.
أبو ريحانة:
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه سمعون، وكان مجاب الدعوة. وقد ذكرناه فيما تقدم.
حرف الزاي
في الكنى
أبو الزاهرية: قدم طرسوس ودخل على أبي معاوية الأسود، وحكى عنه.
روى عنه من لم يسم.
أنبأنا أبو محمد بن يحيى عبد الرحمن بن علي قال: أخبرنا أحمد بن صفر قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن البناء قال: أخبرنا هلال بن محمد ل أخبرنا علي بن أخبرنا المصري قال: سمعت عثمان بن السكن قال: سمعت مؤذن غزة قال: حدثت عن أبي الزاهرية قال: قدمت طرسوس فدخلت علي أبي معاوية الأسود، وهو مكفوف البصر، وفي منزله مصحف معلق، فقلت: رحمك الله مصحف وأنت لا تبصر! فقال: تكتم يا أخي حتى أموت؟ قال: قلت: نعم، قال: إني إذا أردت أن أقرأ القرآن فتح لي بصري.
أبو الزبير بن المنذر بن عمرو:
الكاتب، كان كاتبا للوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان معه حين وصل إلى الرصافة بعد موت هشام بن عبد الملك له ذكر.
ذكر من كنيته أبو زرعة
أبو زرعة اللخمي:

كان مع مسلمة بن عبد الملك حين غزا القسطنطينية، وكان من وجوه عسكر مسلمة.
أبو زرعة الشيباني:
اسمه يحيى بن أبي عمرو زرعة، تق من ذكره.
أبو زكريا بن مبشر:
كان بحلب، وكان من الأدباء في غالب ظني، فإني رأيت ذكره بخط أبي الحسن الشمشاطي في كتاب الديرة في مقدمة الكتاب، في ذكر الخالديين ذكر أن ابن كشاجم وغلامه أنشدا بحلب أبا الصقر القبيصي وأبا زكريا بن مبشر أبياتا لكشاجم، وذكر أن الخالديين إدعياها لهما.
أبو الزناد:
اسمه عبد الله بن ذكوان، كان عند هشام بن عبد الملك بالرصافة، وقد تقدم ذكره.
أبو زهير العبسي:
شهد صفين مع علي رضوان الله عليه، وروى شيئاً من خبرها، وقد ذكرنا ذلك عنه في ترجمة عباس بن شريك.
أبو زياد الحلبي:
من رواة الشيعة، روى عن أبي عبد الله جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، روى عنه ابن محجوب.
ذكر من كنيته أبو زيد
أبو زيد الدمشقي:
حكى عن عمر بن عبد العزيز وفاته، روى عنه هشام بن عبيد الله الرازي، وكانت وفاته بدير سمعان.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد وهو ابن الحسين البرجلاني قال: حدثنا هشام بن عبد الله الرازي قال: حدثنا أبو زيد الدمشقي قال: لما ثقل عمر بن عبد العزيز دعي له طبيب، فلما نظر إليه قال: أرى الرجل قد سقي السم.
قال الطبيب هل حسست بذلك يا أمير المؤمنين؟ قال: نعم، قد عرفت حين وقع في بطني، قال: فتعالج يا أمير المؤمنين فإني أخاف أن تذهب نفسك، قال: ربي خير مذهوب إليه، والله لو علمت أن شفائي عند شحمة أذني ما رفعت يدي إلى أذني فتناولته، اللهم خر لعمر في لقائك، فلم يلبث إلا أياما حتى مات رحمه الله.
أبو زيد الأعمى:
وفد على هشام بن عبد الملك بالرصافة، وشهد وفاته وروى عن ابن عبد الأعلى، روى عنه عبيد الله العتبي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري فيما أذن لي في روايته عنه قال: أخبرنا أبو الحسن الفرضي إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم معلم بن عدنان الحلبي قال: حدثنا المنقري قال: حدثنا العتبي عن أبيه قال: قال أبو زيد: وفدت إلى هشام بن عبد الملك، فشهدت وفاته فسمعت ابن عبد الأعلى يتمثل بهذه الأبيات:
وما سالم عما قليل بسالم ... ولو كثرت حراسه وكتائبه
ومن يك ذا باب شديد وحاجب ... فعما قليل يهجر الباب حاجبه
ويصبح بعد الحجب للناس مفرداً ... رهينة باب لم تنفس جوانبه
وما كان إلا الدفن حتى تفرقت ... إلى غيره أحراسه ومواكبه
وأصبح مسرورا به كل كاشح ... واسلمه أحبابه وحبائبه
فنفسك اكسبها السعادة جاهداً ... فكل امرئ رهن بما هو كاسبه
أبو زيد الطرسوسي:
التاجر سمع أبا سعيد محمد بن علي النقاش، كتب عنه أبو زكريا يحيى بن مندة، وذكره في تاريخ أصبهان فقال: أبو زيد الطرسوسي الشيخ الصالح الثقة المتدين، ثقيل الأذن، كان من وجوه التجار والأمناء سمع من أبي سعيد محمد بن علي النقاش، سكن سكة الغلالين في درب قدامة، سمع منه أبو زكريا بن مندة في ربيع الآخر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة.
أبو زينب بن عوف:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها وهو من رهط مخنف بن سليم، وقد ذكرنا خبر قتله في ترجمة صخر بن سمي وفي ترجمة مخنف بن سليم.
حرف السين
في الكنى
أبو ساسان الرقاشي:
هو حضين بن المنذر، وكنيته أبو محمد، وأبو ساسان لقب له، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، و قد تقدم ذكره.
ذكر من كنيته أبو سالم
أبو سالم بن الذكوري الباري:
من أهل البارة، قرية كبيرة من عمل حلب، لها كورة تنسب إليها، وكان خطيباً ببعلبك، أنشد عنه أبو العباس أحمد بن الحسن بن أحمد الكفر طابي إنشاداً ذكرناه في ترجمة أبي العباس الكفر طابي.

أبو سالم بن معد بن سعيد:
القاضي، شاعر كان بحلب ظفرت بشيء من شعره في مديح نشو الدولة سوتكين حاجب الأمير سيف الدولة سوار، بخط أبي عبد الله العظيمي.
قرأت بخط الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في مدائح نشو الدولة المذكور قطعتين في مدحه، قال العظيمي: وقال أبو سالم بن معد بن سعيد القاضي يمدحه:
غزاني غزال باعتدال بقده ... وحسن معانيه وحمرة خده
وأمرض جسمي بالقطيعة والجفا ... وما هكذا فعل المليك بجنده
وكيف اصطباري عنه والقلب قد صبا ... إليه وشوقي زائد فوق حده
فإن لم يجرني بالرضا من صدوصه ... وإلا فإني ميت قبل صده
خليلي مالي من معين على الأسى ... ولا من يسليني بخالص وده
وينصفني من صرف دهر كأنني ... جنيت عليه ناقضاً عقد عهده
سوى الحاجب الندب الجواد الذي رقا ... مراتب مجد قابلت شهب سعده
فذلك نشو الدولة الناهض الذي ... كفانا ملمات الزمان بحده
وأوسعنا من جوده وعطائه ... كرائم مال حمدها بعض حمده
تراه إذا ما جئته متطلباً ... عطاياه يبدي بشره عند وفده
فترجع مملوء الحقائب موقراً ... عطاء بلا من يشاب برفده
فما حاتم جوداً وكعب بن مامة ... ومعن الندى إلا عبيد لعبده
له شرف فوق السماك وهمة ... وعلم بإرخاء الزمان وشده
أخو عزمات قاطعات كأنها ... حسام تجلى متنه بفرنده
إذا الحرب دارت كان قطباً وأحجمت ... فوارس موت عاينوا هول ورده
وثار غبار النقع ليلاً وحرقت ... قلوب رماها الخوف في حر وقده
تراه يخوض الموت في غمراته ... يذب بحد السيف عن نيل مجده
فلا زال محروس الجناب ممتعاً ... مدى الدهر ما غنى الحمام بوجده
أبو سالم بن يحيى النصراني:
شاعر كان مقيماً بأنطاكية، حسن الشعر ظفرت بقائمتين بخط بعض أدباء الحلبيين، وفيها لأبي سالم بن يحيى النصراني المقيم بأنطاكية:
أيا من برده القاني ... وفي الشقوة ألقاني
ويا من طرفه الفان ... ي من قتلاه ألفاني
قضيب قد من بان ... تعالى الله من باني
غرير الحسن ما شاني ... ولا يعلم ما شاني
فصرف الدهر ألجاني ... إلى طالبي الجاني
فيا ليت مشت البي ... ن أوطاني أو طاني
ذكر من كنيته أبو سعد
أبو سعد بن عبد الغالب بن أبي حصين:
المعري، ذكره ابن الزبير في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان وقال: أبو سعد بن عبد الغالب بن أبي حصين، مدحه شاعر متعرضاً لنيله فقال:
يا منشدي شعراً يخبر أنه ... يبدي قديم مفاخري ومآثري
لو زرتني أنآك كاره باطني ... عني كما أدناك رونق ناظري
وجهلتني فقدمتني وقرينة ال ... حرمان كدية شاعر من شاعر
هكذا ذكر ابن الزبير وأظنه والله أعلم أبو سعد عبد الغالب بن أبي حصين، وهو شاعر كثير الشعر، وقد تقدم ذكره.
أبو سعد بن عليجة النسوي:
ذكر أنه سمع صحيح البخاري إما عن الكشميهني أو من في طبقته، وسمع الحسن السمرقندي، لقيه المؤتمن الساجي بحلب، وحكى عنه ما يدل على كذبه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري قراءة عليه قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي إجازة قال: سمعت الشيخ الإمام أبا نصر المؤتمن بن أحمد بن علي الساجي البغدادي يقول: دخلت حلب فرأيت أبا سعد بن عليجة النسوي، وذكر لي أنه سمع صحيح البخاري بعلو إما عن الكشميهني أو من كان في طبقته، فطالبته بالأصل، فقال: قد قرئ علي بحران وليس معي أصلي، فلما دخلت حران حضرت ابن جلبة قاضيها، وكان له قارئ يقرأ الحديث في مجلسه، فسألت عن ذلك، فقيل لي ذكر أنه سماعه وأخذنا نسخة فقرأناه عليه، فلما دخلت نيسابور ذكرته للحسن السمرقندي فقال: هو دجال من الدجاجلة، كان يسمع علي من حديث إسماعيل الصابوني ومن في طبقته ثم يسقطني من البين، ويثبت في كتابه عنهم.
قال المؤتمن: ثم بلغني أنه دخل مصر، وكان أيام المستنصر، فترفض وعمل أحاديث في فضائل أهل البيت، وسأل المستنصر أن لا يبقي في البلد أحد ممن يتسمى بالعلم إلا ويحضر مجلسه، فأكرهوا على ذلك حتى الحبال الحافظ.
أبو سعد بن مالك:
كان من أهل الحديث بحلب وسماه أهل الحديث أنساً، فكانوا يدعونه أنس بن مالك.
نقلت من خط الحافظ المفيد أبي عبد الله محمد بن يوسف البرزالي، فيما كتبه عن الفقيه العالم أبي نزار ربيعة بن الحسن بن علي اليمني: سمعته يقول: كان بحلب رجل يقال له أبو سعد بن مالك، فسموه أهل الحديث أنس بن مالك، وكان أيضاً بهمذان رجل يقال له أبو بكر بن الأسقع، فقيل له: ما اسمك؟ فقال: أبو بكر بن الأسقع، فسمي بواثلة بن الأسقع، وهو كبير السن شيخ.
أبو سعد بن المفضل بن عبد الرزاق بن أبي حصين:
حكى عن أبيه أبي الفتح المفضل، روى عنه بعض أدباء معرة النعمان.
قرأت في جزء بخط بعض الأدباء من المعربين: حدثني القاضي الأجل هلال الدولة، أبو سعد بن أبي حصين بمعرة النعمان، قال: حدثني والدي أبو الفتح المفضل بن عبد الرزاق بن أبي حصين رحمه الله قال: كنا في بعض أعياد الضحية قد صلبنا وأكلنا الطعام، فسقط علينا طائر على جناحية كتاب وفي رجليه زردتان من ذهب فمسكناه وفضضنا الكتاب، فوجدنا فيه مكتوب: سرح هداه الله بعد النحز من مكة عمرها الله، وقد علمنا أنه لا يصل إلى مطاره في يومه، فمن وقع عنده فليكرم مثواه، ويأخذ ما في رجليه حلالاً ويطلقه، فكتب القاضي المقدم ذكره أبو غانم عبد الرزاق في ظاهر الكتاب هذه الأبيات:
لله ما أحملك الرسائلا ... ليس على قلب بلى على كلا
غدوت محمولاً وعدت حاملاً ... أنملةً تصدر عن أناملا
فوقه مذكياً وقابلاً ... وبقه لكل عام قابلا
وذكر أن الطائر كان من حلب من حمام ابن صعصعة.
هكذا وجدت هذه الأبيات منسوبة في هذا الجزء إلى أبي غانم عبد الرزاق، ووجدتها في موضع آخر منسوبة إلى أبي يعلى بن عبد الرزاق.
وقرأت في ورقة وقعت إلي بخط بعض الحلبيين، وأظنه شمس الدين محمد بن خالد بن القيسراني وصورة المكتوب فيها: أخذت هذه الورقة من الأستاذ أبي المعالي بن البدوي، وروى لي أن ما في باطنها صحيح عن من رواه له عن المشايخ عن المذكور في باطنها بالمعرة المعروفة بالنعمان في مدينة حلب حماها الله، وفي باطنها مكتوب ما نسخته.
بسم الله الرحمن الرحيم، حكى لي القاضي أبو حصين عبد الباقي بن المحسن بن عبد الباقي بن أبي حصين بالمعرة في سلخ صفر سنة أحد وثمانين وخمسمائة عن والده وأعمامه، وهم القاضي أبو اليمان محمد بن عبد الرزاق بن أبي حصين، وأبو الفتح المفضل بن عبد الرزاق، وأبو القاسم المحسن بن عبد الباقي أنه وقع في دار القاضي أبو حمزة بن أبي حصين بالمعرة قبل هجم الإفرنج لها طائر حمام، الظهر من يوم الجمعة، وكان يوم عيد النحر، سقط على جرن فيه ماء في تلك الدار فمسك، فوجد على جناحه كتاب يقول فيه: سرح هذا الطائر بعد صلاة الصبح من يوم العيد من مكة، وكتب على ظهر الكتاب: وقع هذا الطائر بالمعرة، الظهر من يوم العيد وسرحه فوصل الخبر إلى المعرة أنه وصل إلى حلب وزف بها العصر من ذلك اليوم، وكان الطائر للوزير بن صعصعة، فعمل القاضي أبو يعلى بن عبد الرزاق هذه الأبيات:
لله ما أحملك الرسائلا ... لست على قلب بلى على كلا=

12.   بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

غدوت محمولاً وعدت حاملاً ... أنملة تصدر عن أناملا
فبقه مذكيا وذاكيا ... وأبقه لكل عام قابلا
الصواب فوقه، ووقع في هذه الورقة كما ذكرنا، ووقع إلي ديوان شعر القاضي أبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين عبد الله، وفيه هذه الأبيات، وهي له في ديوانه، وهو الصحيح، وفيها زيادة على الأبيات المذكورة في هاتين الروايتين، ولا يبعد عندي أن القاضي أبا يعلى عبد الباقي وأخاه القاضي أبا غانم عبد الرزاق كانا مجتمعين، فاجتمعا على نظم الأبيات، فنسبت إلى كل واحد منهما، فأما نسبتها إلى أبي يعلى بن عبد الرزاق فلا أعرفه.
وأبو يعلى هو أخو عبد الرزاق، وكلاهما ابنا أبي حصين، والذي وجدته في ديوان أبي يعلى عبد الباقي بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة وكان محققاً:
لله ما أحملك الرسائلا ... مضيت محمولاً وعدت حاملا
أنملة تصدر عن أناملا ... إن كنت في عي اللسان باقلا
فأنت سحبان بليغ وائلا ... أقبلت لا تجنب القبائلا
ولا القنا تخشى ولا القنابلا ... فقص يا رب له الأجادلا
وقصه الحيول والحبايلا ... ووقه مذكياً وقاتلا
وبقه لكل عام قابلا
معنى قصه أي أبعده وأخره.
أبو سعد بن الوليد بن عبيد البحتري:
روى عن والده أبي عبادة البحتري شعره، وكان فاضلاً أديباً، وكان يسكن منبج، وقد ذكرنا في ترجمة أخيه أبي الغوث ملاحاة جرت بينه وبين أخيه أبي سعد، وأن أباهما قال لهما: إن الغصنين من هذه الشجرة.
أبو سعد بن أبي الحسين بن عبد الله:
الشرابيشي الحلبي، والد شيخنا أبي عبد الله محمد بن أبي سعد، حكى عن الحافظ المرادي، وقطب الدين الحسن بن عبد الله بن العجمي، حكى عنه ولده محمد بن أبي سعد.
سمعت الشيخ الصالح أبا عبد الله محمد بن أبي سعد قال: حدثني أبي قال: كان بحلب رجل يقال له ابن سميع يسكن بباب اليهود الذي يقال له الآن باب النصر، وكان ضامن سوق الدواب مكاسا. قال الشيخ محمد: وكان بينه وبين والدي معرفة، فاتفق أن حضرته الوفاة فأوصى إلى والدي أن يخرج عنه حجة وصدقة، وغير ذلك، وكان له أخوات لم يكن له وارث غيرهن، وكان لبيت المال معه تعلق، وأثبت والدي وصيته عند محي الدين بن الشهرزوري، وحضر بعد موته بمدة نواب الحشر ووالدي داره لاعتبار تركته.
قال والدي: فابتدر أحد الجماعة وقال: رأيته في النوم وهو على حال حسنة، وقال لي: غفر الله له بهذه القطيطة، فنظرت فإذا هرة مبتلة في الشمس، فسمع أخواته من أعلى الدار قول القائل عن المنام فقالوا: والله نعرف له حكاية مع هذه القطة التي تذكر، وذلك أنه كان له هرة يألفها، وتدور به ويحضنها ويطعمها على مائدته ويأنس بها، فاتفق أنه خرج يوماً إلى سوق الدواب فمضت الهرة إلى المستراح فسقطت فيه، فلما جاء من سوق الدواب وعليه التراب جلس ومد رجليه إلى أسفل القاعة، وطلب ماء ليغسل رجليه وسأل عن طعام هيئ له، فصعدت أخته لتصب له الطعام، وبقيت أخته الأخرى عنده تغسل رجليه، فقالت له ما تعلم يا أخي ما جرى على القطيطة؟ فقال لها: وما ذلك؟ قالت: سقطت في المستراح، فقال: لا آكل حتى أخرجها، ومنعهم من إنزال الطعام، وقام وشمر ثيابه، وأخذ المجرفة، وجاء إلى المستراح وفك البلاط، وحفر حتى وصل إلى رأس الجب الذي يستخرج منه الغائط، فأراد رفع الطابق فامتنع عليه، فخرج إلى خارج الدار واستعان بمن أعانه على قلعه، ثم حفر في الحائط، وعارض خشبة، وجعل فيها حبلاً وأمسكه بيده وانخرط فيه حتى نزل، فوجد الهرة جالسة على التقن، فأخذها وصعد، وغسلها وتركها في الشمس حتى يبست، فهذا حاله مع الهرة.
ذكر من كنيته أبو سعيد
أبو سعد التيمي:
شهد صفين مع علي عليه السلام وروى عنه، حدث عنه حبيب بن أبي ثابت.

أنبأنا أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عبد العزيز بن سياه الأسدي عن حبيب بن أبي ثابت قال: حدثنا أبو سعيد التيمي قال: كنا مع علي بن أبي طالب في مسيره إلى الشام حتى إذا كنا ببعض السواد عطش الناس واحتاجوا إلى الماء، فانطلق بنا حتى أتى صخرة ضرساء من الأرض كأنها ربضة عنز، فأمرنا فاقتلعناها، فخرج لنا ماء كثير فشربنا وشرب الناس منه حتى ارتووا، ثم أمرنا علي فأكفأناها عليه.
ثم سار وسرنا حتى أتينا المنزل، فقال علي عليه السلام: أمنكم أحد يعرف مكان هذا الماء الذي شربتم منه؟ قالوا: نعم، قال: فانطلقوا إليه، فانطلق منا رجال ركباناً ومشاة، فاقتصينا الطريق حتى أتينا المكان الذي نرى فيه، فطلبناه فلم نقدر على شيء حتى إذا عيل علينا الجهد، انطلقنا إلى دير قريب منا فسألناهم: أين هذا الماء الذي عندكم هاهنا؟ فقالوا: وما قربنا ماء، فقالوا: بلى نحن شربنا منه، فقالوا: أنتم شربتم منه؟ قلنا: نعم، فقالوا: ما بني هذا الدير إلا لهذا الماء، وما استخرجه إلا نبي أو وصي نبي أو خليفة نبي.
أبو سعيد المعيطي:
مولاهم، غزا القسطنطينية مع مسلمة بن عبد الملك، روى عنه الوليد بن مسلم وهو مولى محمد بن عمر المعيطي.
أبو سعيد الحرشي:
القاضي، له ذكر ومروءة وكان من أهل بالس، وسكن حلب وأدركت بحلب شيخاً من ذريته، أو من أقاربه، وكان شيخاً حسناً، وقف ربعات كثيرة على المشاهد بحلب، وكان له اختلاط بوالدي رحمه الله.
وهذا أبو سعيد من أرباب الفضل، وجدت ذكره في تاريخ جمعه أبو المغيث منقذ بن مرشد بن علي بن منقذ، وذيل به تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري، قال فيه: في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة مات القاضي أبو سعيد الحرشي بالرقة، رحمه الله، وكان من أفاضل المسلمين، قد جمع الدين والأمانة والصدق، والصيانة والرأفة والكرم.
وحدثني بعض الأصدقاء قال: رأيته بالرقة وقد نصب ثلاث خشبات، وقد أحضر قوماً يدلونه في زنبيل إلى ركية محفورة، قلت: يا سيدي لم تفعل هذا؟ قال: هاهنا قوم أسراء وقوم حبسوا من الفرنج والمسلمين، ومعهم مرض أنزل أداويهم، فلمته على ذلك، فقال: هم من خلقة الله عز وجل، وما عمل شيئاً قط بأجرة، وكان يداوي الضعفاء ويعطيهم الحوائج ويمشي إليهم ويغرم عليهم من ماله.
قال ابن منقد، وكان حسن الخلق طيب العشرة ضحوك السن. حدثني أخي مؤيد الدولة قال شكوت إليه بعض حالي وما أعانيه من شقاء السفر، فقال: أصبر على ما تكره وإلا بليت بما لا تطيق.
وحدثني عنه جماعة قالوا: أمرنا أتابك بحمله من حلب إلى الموصل ليشاهد البركة المعروفة بالقلعة، فحمل من حلب على جمل في محارة، وجعلوا معه صبية أرمنية مأسورة، فكان يلطف بها ويطعمها، فقال يوما: يا صبية من أين أسروك أنت؟ قالت: من بلد كذا وكذا، ثم قالت له: فبالله يا عمي من أين أسروك أنت؟ قال: من الشرقية التي في جامع حلب.
قرأت بخط أبي عبد الله القيسراني في ديوان شعره أبياتاً رثي بها القاضي أبا سعيد الحرشي، واخبرنا بها أبو اليمن الكندي وغيره، إجازه عنه:
توخاك يسر الله جار ابن ياسر ... أخا الصلحات والتقى والمآثر
يريد بابن ياسر، عمار بن ياسر، لأنه مدفون بالرقة.
أبا سعيد انحلت على ذلك الثرى ... سماء تحلى بالسعود الزواهر
وإما تجافى عن صدا تربك الحيا ... فجادتك أنوار الجفون المواطن
متى هجرته لا ترى غير عاذل ... وإن واصلته لا ترى غير عاذر
لقد صدرت عنك القلوب صوادباً ... من الوجد فاعجب للصوادي الصوادر
غداة ثنى منك السحولي كسره ... على ذي خلال طيبات المكاسر
ومد الأسى باعاً إلى كل مهجه ... وألقى البكا ستراً على كل ناظر
بنفسي غريب الجار والدار طوحت ... بآماله إحدى الليالي الجوائر
أقام على شط الفرات وجهزت ... إليه الدموع بين سار وسائر

قريباً إلى داعي الخطوب يجيبها ... بعيداً على ذي خلة ومعاشر
فإن تمس في مثواك لا في عشرة ... فقد كنت من تمهيده في عشائر
من البر في الأبرار والدين والتق ... و هجر الدنايا واجتناب الكبائر
كذاك الغريب والبذل إن يمت ... يمت بقربى في العلى وأواصر
فيا هل بكى ماء الفرات نزيله ... أم الرقة البيضاء رقت لزائر
وإن جرت القربى من الله رحمة ... إلى جارها فلهن أهل المقابر
أبو سعيد المصيصي:
حكى عن عمر بن عبد العزيز حكاية منقطعة، روى عنه بشر بن مصلح.
نقلت من خط روح بن محمد بن أحمد بن محمد بن السني: أخبرنا أبو القاسم عيسى بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن موسى البلخشتي قال: حدثنا عبد الله بن مسلم قال: حدثني الأوزاعي عن بشر بن مصلح عن أبي سعيد المصيصي أن قوماً دخلوا على عمر بن عبد العزيز يعودونه في مرض فإذا فيهم شاب ذابل ناحل، فقال له عمر: يا فتى ما الذي بلغ بك ما أرى؟ قال: يا أمير المؤمنين ذقت حلاوة الدنيا فوجدتها مرة، فصغر في عيني زهرها وحلاوتها، واستوى عندي حجرها وذهبها، وكأني أنظر إلى عرش ربي بارزاً وإلى الناس يساقون إلى الجنة، وأنا أساق إلى النار فأظمأت لذلك نهاري وأسهرت له ليلي، فقليل حقير كل ما أنا فيه، في جنب عذاب الله وعقابه.
أبو سعيد الأسود:
رفيق إبراهيم بن أدهم، كان معه بالمصيصة، وحكى عنه، روى عنه محمد بن الحسين.
أنبأنا أبو منصور بن محمد بن الحسن عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: أنبأنا الشريف النسيب قال: حدثني أبو محمد بن الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البردعي قال: حدثنا عبيد الله بن الحسين القاضي قال: حدثنا أبو حفص النسائي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أبو سعيد الأسود رفيق إبراهيم بن أدهم قال: خرجنا من المصيصة نريد بيت المقدس، فنزلنا إلى سفح جبل فتفرق أصحابنا، فبعضهم قائم يصلي، وبعضهم مضطجع نائم، وأنا جالس مع إبراهيم، فأحب الله أن يرينا كرامة إبراهيم فقال بعض أصحابنا: يا أبا إسحق ألا ترى إلى هذا الجبل وما فيه من كثرة الشجر والحطب لو كان معنا لحم لانتفعنا ببعض حطب هذا الجبل، فقال إبراهيم: وتشتهون لحماً؟ قالوا: نعم، فقال: اللهم أطعمهم وإيانا لحماً فسمعنا وجبة في الجبل، فقلنا إنه سبع، فإذا بتيس عظيم قد تشبك في الشجر، فقصدنا إليه حتى أخذناه وذبحناه وسلخناه، وأججنا ناراً وكببنا، وأكلنا وتزودنا وارتحلنا.
أبو سعيد الأذني:
روى عنه أبو الحسين بن جميع في معجمه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن أحمد بن جميع قال: حدثنا أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة اثنين وعشرين حرفاً يجتمع إليها علماء بني إسرائيل يقرؤونها كل يوم أولها: لا كنز أنفع من الحلم، ولا مال أربح من الحلم، ولا حسب أرفع من الأدب، ولا سبب أوضع من الغضب، ولا قدر أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أكبر من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الشهوات، ولا عقل أفضل من التفكر، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوأ من الفقر، ولا دواء ألين من الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا دليل أوضح من الصدق ولا غنى أسمى من الحق، ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حارس أحرس من الصمت ولا معيشة أهنأ من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
أبو سعيد الحلبي:
شاعر ذكره أبو القاسم علي بن منجب بن سليمان الكاتب المعروف بابن الصيرفي في أشعار من سكن الأندلس، وأورد بيتين من شعره مستشهداً بهما لا أنه من ساكني الأندلس وهما:
أذل بجمعه فكفاك جد ... يفل سعوده الجيش اللهاما
ضربناه بذكرك وهو لفظ ... فكان القلب واليد والحساما
أبو سعيد الشجي:
المعري، شاعر من شعراء معرة النعمان.

قرأت له أبياتاً بخط أبي القاسم المحسن بن عبد الله بن عمرو التنوخي المعري في كتابه الذي وسمه بالنائب عن الأخوان وهي:
ولما رأيتك خوانة ... ترين القبيح فعالاً جميلا
تريدين هذا وذا ثم ذا ... ولا ترحمين فؤاداً عليلا
تبدلت في حبكم غيركم ... فدب السلو قليلاً قليلاً
أبو سعيد العطاردي:
رجل فاضل شاعر، قال أبياتاً من الشعر على لسان أبي الحسن علي بن عبيد الله بن أحمد العجمي البزاز، وقد ذكرنا الأبيات في ترجمة أبي الحسن العجمي، وكان ذلك بحلب في زمن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، يذكر في أبياته ابن خالويه.
أبو السفر:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى شيئاً من خبرها، روى عنه أبو إسحق.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله البغدادي عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: حدثني عمر بن سعد عن أبي إسحق أو يونس بن أبي إسحق عن أبي إسحق عن أبي السفر قال: لما التقى الناس يومئذ يعني بصفين وجدناهم خمس صفوف قد قيدوا أنفسهم بالعمائم فقتلنا صفاً ثم قتلنا صفاً حتى قتلنا ثلاث صفوف وخلصنا إلى الصف الرابع، وما على الأرض شامي ولا عراقي يولي دبره، وأبو الأعور السلمي يقول:
إذا ما فررنا كان أسوأ فرارنا ... صدود خدود وازورار المناكب
ثم إن بجيلة والأزد كشفوا همدان حتى ألجؤوهم إلى تل فصعدوا عليهم حتى أحدروهم، فقتل منهم خلق كثير، ثم إن همدان عبأت لعك فقيل:
همدان همدان وعك عك ... سيعلم اليوم من الأرك
فقالت همدان: خدموا أي اضربوا سوقهم عك برك كبرك الجمل، فبركوا كما يبرك الجمل، ورموا بحجر بينهم، فقالوا: لا نفر حتى يفر هذا الحجر.
ذكر من كنيته أبو سفيان
أبو سفيان بن حويطب بن عبد العزى:
له ذكر، وشهد مع علي رضوان الله عليه صفين.
أبو سفيان القيني:
وقيل القتبي، كان من حرس عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، وكان معه بخناصرة.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الحسن الفرضي قال: أخبرنا أبو الفتح الزاهد، و عبد الله بن عبد الرزاق قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: أخبرنا أبو علي بن منير قال: أخبرنا ابن خريم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا عثمان بن علاق قال: حدثنا أبو سفيان القيني قال: كنت في حرس عمر بن عبد العزيز فكان على كل رجل منا يوكل به إذا أبطأ آذنه، فأبطأ في يوم جمعة فقال لي المؤذن: آذنه، فدخلت فوجدته يعتم على مرآة، فقلت: إن المؤذن قد استطال، قال: نعم حبستني هذه العمامة أصلح خروقاً فيها وأواريها.
قال: وكان عمر رجلاً مقروراً فقال لغلامه في الشتاء: أسخن لي الماء أتوضأ به، فأقام بذلك مدة، ثم قال له عمر: إني لا أدعوك بالماء إلا وجدته عندك عتيداً سخناً فأنى ذلك؟ قال: يطبخ للعامة من الحرس وغيرهم فيفضل الجمر فأجعله عليه، ثم أطمره لك، قال: فكم لذلك، احتط وزد، قال: شهرين، قال فأمر بنفقة فجعلت في بيت المال لموضع ما انتفع به من ذلك الجمر.
أبو سلمة الإمام الحلبي:
واسمه عمر بن عبد الرحمن، حدث بحلب عن أبي محمد عبد الله بن ناجية، روى عنه أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد.

دفع إلي رفيقنا الحافظ أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن الأزهر بخطه ما ذكر أنه نقله من كتاب المعجم بأسماء التابعين قال علي بن الخضر بن سليمان بن سعيد السلمي: أخبرنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد بجامع دمشق قال: حدثنا أبو سلمة الإمام بحلب قال: حدثنا أبو محمد بن ناجية قال: حدثنا إبراهيم بن يوسف قال: حدثنا أبي عن عبيد الله الصيرفي عن يحيى بن عروة المرادي قال: سمعت علياً يقول: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنا أرى أني أحق الناس بهذا الأمر، فاجتمع الناس على أبي بكر فسمعت وأطعت، ثم حضر أبو بكر فكنت أرى أنه لا يعدلها، فولاها عمر بن الخطاب فسمعت وأطعت، ثم إن عمر أصيب فظننت أنه لا يعدلها عني فجعلها في ستة أنا أحدهم، فولوها عثمان، فسمعت وأطعت، ثم إن عثمان بن عفان قتل فجاؤوا فبايعوني طائعين غير مكرهين، ثم خلعوا بيعتي، فما وجدت إلا السيف أو الكفر بما أنزل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال علي بن الخضر: حدثنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن محمد بن سهل المنبجي الشاهد قال: حدثنا أبو سلمة الإمام بحلب قال: حدثنا أبو محمد بن ناجية قال: حدثنا أحمد بن يحيى الجلاب قال: حدثنا محمد بن الحسين عن سفيان عن عبد الملك بن عمير عن رجاء بن حيوة عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: " إنما الحلم بالتحلم وإنما العلم بالتعلم، ومن يتحر الخير يعطه، ومن يتقي الشر يوقه " .
أبو سليط الشامي:
غزا الروم، وروى عن عبد الله بن محيريز، روى عنه الحكم بن حجل.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بالبيت المقدس قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قال: وأخبرنا جدي قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن عصام قال: حدثنا معاذ بن هشام قال: حدثني أبي عن أبي سعيد الحكم بن حجل عن أبي سليط رجل من أهل الشام قال: غزونا الروم فلما رجعنا قال عبد الله بن محيريز لرجاء بن حيوة: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من رفع حاجة ضعيف إلى ذي سلطان لا يستطيع رفعها إليه ثبت الله عز وجل قدميه يوم القيامة " .
ذكر من كنيته أبو سليمان
أبو سليمان المرعشي:
حكى عن علي رضي الله عنه، روى عنه الجعد بن عثمان، ومرعش من أعمال حلب.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي الطشتي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: حدثنا شهاب بن عباد قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن الجعد بن عثمان عن أبي سليمان المرعشي قال: لما سار علي إلى أهل النهر، سرت معه، فلما نزلنا بحضرتهم أخذني غم لقتالهم لا يعلمه إلا الله تعالى، قال: حتى سقطت في الماء مما أخذني من الغم، قال: فخرجت من الماء وقد شرح الله صدري لقتالهم، قال: فقال علي لأصحابه: لا تبدؤوهم.
قال فبدأ الخوارج فرموا، فقيل: يا أمير المؤمنين قد رموا، قال: فأذن لهم بالقتال، قال فحملت الخوارج على الناس حملة حتى بلغوا منهم شدة، ثم حملوا عليهم الثانية فبلغوا من الناس أشد من الأولى، ثم حملوا الثالثة حتى ظن الناس أنها الهزيمة، قال: فقال علي: والذي فلق الحبة، وبرأ النسمة لا يقتلون منكم عشرة، ولا يبقى منهم عشرة.
قال: فلما سمع الناس ذلك حملوا عليهم، فقتلوا، قال: فقال علي: إن فيهم رجلاً مخدج اليد أو مثدون أو مودن اليد، قال: فأتي به قال: فقال علي من رأى منكم هذا؟ فأسكت القوم، ثم قال علي: من رأى منكم؟ فأسكت القوم، ثم قال علي: من رأى منكم هذا؟ فقال رجل: يا أمير المؤمنين رأيته جاء كذا وكذا قال: كذبت ما رأيته، ولكن هذا أمير خارجة خرجت من الجن.
قال أبو بكر الخطيب أبو سليمان المرعشي، سمع علي بن أبي طالب وحضر معه قتال الخوارج بالنهروان، روى عنه الجعد بن عثمان اليشكري.
أبو سليمان الأنطاكي:
روى عن هشام أبي المقداد، حدث عنه أبو سلمة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا الشريف النقيب أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي القاضي ببغداد قال: أخبرنا الشيخ الثقة العدل أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن أحمد الفقعسي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله بن الفضل الديبلي المكي قال: حدثنا أحمد بن الحسين الموصلي قال: حدثني أبو سلمة قال: حدثنا أبو سليمان الأنطاكي عن هشام أبي المقداد عن محمد بن كعب القرظي بمثلة ونحوه.
يعنى ما حكاه محمد بن كعب القرظي من دخوله على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، ونظره إليه، وقد تغيرت حاله وسؤاله إياه عن ذلك، وما أجابه به عمر، وقد تقدم ذلك في ترجمة محمد بن كعب، وترجمة عمر بن عبد العزيز.
أبو سليمان الداراني:
واسمه عبد الرحمن بن أحمد بن عطية كان قد مر بجبل اللكام وقد قدمنا ذكره ومروره باللكام.
أبو سليمان البرساني:
الزاهد من الشيوخ المعروفين بالزهادة، كان بالتينات عند أبي الخير التيناتي، وحكى عنه أبو القاسم بكير بن محمد، ويغلب على ظني أنه التل سابي الآتي ذكره، وقد تصحف.
أبو سليمان التل سابي:
منسوب إلى قرية من قرى حلب على مقربة منها، يقال لها تل ساب، كان زاهداً عابداً من شيوخ الثغر وعبادهم وسياحهم، كان عند أبي الخير التيناتي مع جماعة من شيوخ الثغر.
روى عنه أبو القاسم بكير بن محمد اجتماعه بأبي الخير التيناتي، وقد قدمنا ذكر الحكاية في ترجمة أبي الخير.
أبو سليمان المغربي:
الزاهد، نزل طرسوس والمصيصة، وكان مشهوراً بالكرامات، معروفاً بالعبادة، روى عنه أبو عبد الله بن الجلاء، وأحمد بن عبد السلام، وأحمد بن محمد، وأبو علي البردعي.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله في كتابه إلينا من حران قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثني محمد بن داود قال: سمعت أبا عبد الله بن الجلاء يقول: سمعت أبا سليمان المغربي يقول: كنت أحمل الحطب من الجبل، وأتقوت منه، وكان طريقي فيه التوقي والتحري، قال: فرأيت جماعة من البصريين في العوم منهم: الحسن ومالك بن دينار، وفرقد السبخي، فسألتهم عن علم حالي، فقلت: أنتم أئمة المسلمين دلوني على الحلال الذي ليس لله عز وجل فيه تبعة، ولا للخلق فيه منة، فأخذوا بيدي فأخرجوني من طرسوس إلى مراج فيه خبازي، فقالوا لي: هذا الحلال الذي ليس لله عز وجل فيه تبعة، ولا لمخلوق فيه منة. قال: فمكثت آكل منه نصف سنة ثلاثة أشهر في دار السبيل، وثلاثة أشهر في غيره، آكله نياً ومطبوخاً، فصار لي حديث، فقلت: هذه فتنة، فخرجت من دار السبيل فكنت آكله ثلاثة أشهر أخر، وأوجدني الله عز وجل قلباً طيباً، حتى قلت: إن كان أهل الجنة بهذا القلب الذي لي فهم والله في شيء طيب، وما كنت آنس بكلام الناس.
فخرجت يوماً من باب قلمية إلى صهريج يعرف بالدنف، فجلست عنده فإذا أنا بفتى قد أقبل من ناحية لامش يريد طرسوس، وقد بقي معي قطيعات من ثمن الحطب الذي كنت أجئ به من الجبل، فقلت أنا قد قنعت بهذا الخبازي أعطي هذه القطع هذا الفقير إذا دخل طرسوس اشترى بها شيئاً وأكله، فلما دنا مني أدخلت يدي إلى جيبي حتى أخرج الخرقة، فإذا أنا بالفقير قد حرك شفتيه، وإذا كل ما حولي من الأرض ذهب يتقد حتى كاد يخطف بصري، ولبسني منه هيبة فجاز ولم أسلم عليه من هيبته.
قال أبو بكر يعني محمد بن داود الدقي: وزادني أبو الفرج بن إبان في هذه الحكاية قال: فقلت له فرأيته بعد ذلك؟ فقال: نعم خرجت يوماً خارج طرسوس فإذا أنا بالفتى جالس تحت برج من الأبرجة، وبين يديه ركوة فيها ماء، فسلمت عليه ثم استدعيت منه موعظة، فمد رجله فقلب الماء، ثم قال لي: كثرة الكلام تنشف الحسنات كما نشفت الأرض هذا الماء، قم يكفيك.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الحموي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا الإمام الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن السلمي عن أبي علي الحسن بن علي الأهوازي قال: حدثنا أبو محمد عيدان بن عمر بن الحسن المنبجي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داود الدقي فذكر الحكاية.
كتب إلينا الحافظ عبد القادر قال: أخبرنا أبو الفضل الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثنا أحمد بن عبد السلام قال: حدثني أبو سليمان المغربي قال: كنت ماراً في البادية، فبقيت أياماً لم أجد شيئاً آكله، وقربت من بعض المنازل، فوقع في سري لو كان معي درهم لاشتريت به في المنزل شيئاً، فنظرت فإذا حوالي دراهم ودنانير، فمددت يدي فأخذت منها درهماً، فخوطبت في سري: لو لم يكن معك هذا ما كنا نطعمك شيئاً؟ فرميت به وقلت: ذنب أتيته لا أعود إليه.
وقال: حدثنا محمد بن داود الدقي قال: حدثني أبو علي البردعي قال: قال أبو سليمان المغربي: ركبت حمارة لي أمر من المصيصة إلى عين زربة، وفي الطريق ذباب أزرق، فكانت الحمارة تحيد عن الطريق تطلب الدغل حتى لا يصيب بطنها الذباب، وكنت أضرب رأسها وأردها إلى الطريق، فعلت هذا بها ثلاث مرات، فقالت لي الحمارة في الثالثة: أوجع في رأس نفسك توجع.
وقال ابن جهضم: حدثني أحمد بن محمد قال: سمعت أبا سليمان المغربي يقول، وقد سئل عن قوله في كلام الحمارة له، فقال: كان عندي حمار فحملته ذات يوم حملاً ثقيلاً وضربته مرة أو مرتين، ففي الثالثة حرك رأسه إلي فقال: كم تضربني وأنت أحق بالضرب مني، قد حملتني ما أنسيت ذكر الله عز وجل به.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أبو سماك الأسدي
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن سليمان المعري عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر يعني بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد عن عبد الرحمن بن زياد بن أنعم الإفريقي يرفعه إلى عمار، أن عماراً يومئذ كان عليه درع بيضاء، وهو يقول: أيها الناس الرواح إلى الجنة، فخرج الناس إلى القتال وزحف بعضهم إلى بعض، فاقتتلوا قتالاً شديداً، وكثرت القتلى حتى أن الرجل ليشد طنب فسطاطه بيد رجل أو برجله.
قال: وزاد عمر بن سعد في حديثه: وجعل رجل من بني أسد يكنى أبا سماك يأخذ أداوة من ماء وشفرة، ويطوف في القتلى فإذا رأى رجلاً جريحاً ويرى من أقعده، فيقول: من أمير المؤمنين؟ فإن: قال علياً غسل عنه الدم وأقعده وسقاه، وإن سكت وجأه فكان يسمى المخضخض.
أبو السمراء الغساني:
واسمه العلاء بن عاصم، قدمنا ذكره.
ذكر من كنيته أبو سهل
أبو سهل المصيصي:
روى عن أيوب بن سويد، روى عنه أحمد بن علي الخزار.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن قدامة إذناً قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن زكريا الطريثيثي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا أبو سهل المصيصي، قدم علينا هاهنا، قال: حدثنا أيوب بن سويد قال: حدثنا يونس عن الزهري عن سالم عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم، نهى أن يبال على قارعة الطريق.
أبو سهل بن سليمان المعري:
القاضي، شاعر من أهل المعرة، من بني سليمان، واسمه عبد الرحمن بن مدرك.
قرأت بخط الوزير نظام الدين محمد بن الحسين الطغرائي، في مجموع له: للقاضي أبي سهل بن سليمان المعري:
إن كان هجرك عن خوف الرقيب فصل ... بالذكر منك فكم ساع بلا قدم
وابعث إلى الطرف طيفاً إن بعثت كرى ... فإنه مذ حجبتم عنه لم ينم
وما رأى حسناً من بعد فرقتكم ... كأنه مذ رأى يوم الفراق عمي

ولو ملكت اختياري في زيارتكم ... مشيت شوقاً إليكم مشية القلم
حرف الشين
في الكنى
أبو شجاع الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن محمد الصابوني عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: سمعت الشعبي يذكر عن صعصعة بن صوحان، وذكر شيئاً من حديث صفين، قال: فنادى أبو شجاع الحميري يومئذ، وكان من ذوي البصائر، مع علي بن أبي طالب، فقال: يا معشر حمير من أهل الشام أترون أن معاوية خير من علي، أضل الله سعيكم، ثم أنت يا ذا الكلاع فوالله إن كنا نرى أن لك نية في الدين والخير! فقال له ذو الكلاع: هيهات أبا شجاع والله إني أعلم ما معاوية بأفضل من علي، لكنني أقاتل على دم عثمان، فاقتتلوا قتالاً شديداً حتى قتلوا ذا الكلاع الحميري.
أبو شملة بن المرة:
الحلبي، حكى عنه أبو عبد الله محمد بن يوسف بن المنيرة الكفر طابي حكاية، ذكرته لأجلها، وهؤلاء بنو المرة كان لهم اتصال بابن الأيسر بحلب، ونسبوا إلى ابن الأيسر، والمنسوبون إلى بني الأيسر في زماننا هم بنو المرة، وينتسبون إلى بني الأيسر بالأم، ولا يعرفون إلا ببني الأيسر، لأن بني الأيسر أعلى نسباً، وكانوا أكثر وجاهة وانتقلوا إلى مصر، وبقي بنو المرة بحلب.
نقلت من خط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ قال: وحدثني الأستاذ أبو عبد الله بن يوسف بن المنيرة، وهو أستاذي، قال: حدثني أبو شملة بن المرة الحلبي، وكان قد سكن كفر طاب، قال أصبحت يوماً في ثلج وبرد يزيد عن الحد، فقلت لهم في داري: اعملوا لنا كبولا، وهي العصيدة، وأسرعوا بها من أجل الصبيان، فعملوها، وبالغوا في جودتها، فهم يريدون غرفها وإنسان يدق الباب، قلت: م؟ قال: رسول الأمير أبي سالم ناجية يستدعيك إلى المعرة بأمر وصله فيك من محمود لتدخل إليه.
قال: قلت: أدخل فنحن في غداء تتغدى ونسير، قال: لا والله ما أقدر أتركك ولا آكل أنا، ودخل فما برح إلى أن لبست عدتي وخرجت والماء علي يكاد ينفذ اللباد، فمضينا وعجوز لنا تقول: أسأل الله الراحة المعجلة، فقد والله سئمنا، فمضينا إلى باب المدينة، وإذا فارس آخر يخبرنا بموت محمود، ويأمره بردي، فرجعت إلى داري فوجدت فيها كالجنازة فدققت الباب ففتحوا، ودخلت فأجد الطعام على جهته ما انتقص حره، فأكلت أنا والرسول الثاني، وعجبت من حرمان الأول وحرماني، ورزق الثاني ورزقي وإجابة دعوة عجوزنا.
أبو شمر بن أبرهة:
ابن الصباح بن لهيعة بن شيبة بن مزيد بن ينكف بن ينوف بن شرحبيل شيبة الحمد بن معدي كرب، ويقال ابن شرحبيل بن لهيعة بن عبد الله وهو مصبح بن عمرو بن ذي أصبح، واسمه الحارث بن مالك بن زيد بن غوث بن سعد بن عوف بن عدي بن مالك بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جثم بن عبد شمس بن وائل بن عوف بن حمير بن قطن بن عوف بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الأصبحي، أخو كريب بن أبرهة. قيل إن له صحبة، وأنه وفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو مصري، وقيل إنه قتل مع معاوية بصفين.
أبو الشياب:
رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، واسمه محلم بن سوار، نزل حماة، وقيل فيه: الشياب أبو السكينة محلم، والشياب لقب له روى عنه بلال بن سعد، وقد ذكرناه.
ذكر من كنيته أبو شيبة
أبو شيبة الخدري:
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم بحديث واحد، روى عنه والد مشرس، وغزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، واجتاز بحلب، وتوفي بالقسطنطينية، وهو غاز.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام الفقيه إذناً قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: فيمن لا يقف عن اسمه أبو شيبة الخدري سمع النبي صلى الله عليه وسلم، مات بأرض الروم.
أبو شيبة:

كان حاضناً لعمر بن عبد العزيز، وكان معه بدير سمعان من أرض فنسرين، وحكى عن عمر، روى عنه ابن أخته أبو الأصبغ الأشعري.
أنبأنا... قال: أ... أبو الفتح ناصر بن عبد الرحمن بن محمد النجار قال: حدثنا نصر بن إبراهيم بن نصر الزاهد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأنصاري الأندلسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد فيما كتب إلي قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن بن علي اللخمي البراحي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني اسود بن سالم قال: حدثنا سعد بن عمارة عن أبي الأصبغ الأشعري عن خاله أبي شبة - وكان حاضنا لعمر بن عبد العزيز قال: إني معه جالس بدير سمعان في مجلس يرى منه الطريق، فتبين لي الغضب في وجهه، فأمسكت عن حديثه حتى صعد غلينا كاتبه الليث بن أبي رقية فقال: يا ليث يحضر معك رجل من المسلمين وأنت ترفع دابتك لا تقف عليه تسأله عن حاجته؟ قال: ما فعلته في عسكرك إلا مرة، وما عجلت إلا إليك مخافة أن تسألني عن شيء من أمر المسلمين، قال: لئن عدت لم تصحبني.
أبو شيبة القاص:
غزا بلاد الروم، واجتاز في غزاته بحلب، أو ببعض عملها، وكان مع مكحول وعبد الله بن زيد، روى عنه علي بن أبي حملة، وقد ذكرنا عنه حكاية في ترجمة مكحول.
أبو شيخ بن عمرو الجهني:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وأخذ راية نهد بعد عبد الله بن عمر بن كبشة، وأظنه قتل يومئذ، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة صخر بي سمي.
حرف الصاد
في الكنى
ذكر من كنيته أبو صالح
أبو صالح الأنطاكي:
حكى عن أبي اسحق الغزاوي روى عنه أحمد بن يحيى البلاذري فإني قرأت في كتاب البلدان للبلاذري: حدثني أبو صالح الأنطاكي قال: كان أبو اسحق الفزاري يكره شراء أرض بالثغر، ويقول: غلب عليه قوم في بدء الأمر وأجلوا الروم عنه، فلم يقتسموه، وصال إلى غيرهم، وقد دخلت في هذا الأمر شبهة، العاقل حقيق بتركها.
أبو صالح المتعبد الدمشقي:
واسمه مفلح بن عبد الله، صحب أبا بكر بن سيد حمدويه وتخرج به، وحكى عنه.
روى عنه أبو بكر الدقي، وأبو الحسن علي القجة، قيم مسجد أبي صالح الدمشقي خارج الباب الشرقي، والمؤيد بن إبراهيم بن اسحق بن البري، وكان يدخل إلى جبل اللكام، يطلب الزهاد به، وقد ذكرناه في حرف الميم فيما نقدم.
أبو صالح بن نانا:
الملقب بالسديد، كاتب الأمير أبي المعالي شريف بن سيف الدولة بحلب، وكان يتولى أمر مملكته بعد موت أبيه ويحل منه محل الوزارة، ووجدت قراءته بخطه على أبي عل الحسين بن خالويه في كتاب الجمهرة لأبي بكر بن دريد، ثم إنه انفصل عن أبي المعالي سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة في شهر رمضان بأولاده وأسبابه وتوجه إلى بغداد، واسمه يونس بن عبد الله بن نانا، وقد ذكرناه.
أبو صالح بن المهذب المعري:
وهذا غير أبي صالح محمد بن علي بن المهذب الذي كان في عصر أبي العلاء ابن سليمان، فإن هذا متأخر العصر بعد الخمسمائة.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي الفنكي بدمشق، قال: أنشدنا مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ لنفسه، وذكرنا أنه قالها على لسان الشيخ أبي صالح بن المهذب رحمه الله، وكانت فيه حدة مع فضل وعلم وتقي، وكان نزل بشيزر فريق من العرب معهم جارية اسمها شوق مستحسنة، وكتب الأبيات ورمى بها نسخاً بشيزر، فوقع منها بيع الشيخ أبي صالح رحمه الله، فقامت قيامته، ولم يدر أحد من عمل الأبيات، فقال له الشيخ العالم أبو عبد الله بن يوسف المعروف بابن المنيرة، رحمه الله، وهو مؤدبه: هذه الأبيات التي قد رميت ما يحسن بقولها إلا أنا أو القاضي أبو مرشد بن سليمان، أو أنت، وأنا وأبو مرشد ما قلناها، وما قالها غيرك وهي:
قولا لريم في حلة العرب إليك ... اشكو ما يصنع اسمك بي
بما استجازت عيناك سفك دمي ... وأخذ قلبي في جملة السلب
لو لاك والدهر كله عجب ... ما خفرت في ذمة العرب
جارك أولى برعي ذمته ... إن أنت راعيت حرمة الصقب
هذا هوى كنت في بلهنية ... عنه فيا للرجال للعجب
أيسترق الكريم ذا النسب ال ... واضح عند مستعجم النسب

ويحمل الثأر من به خور ... عن احتمال الحجال والقلب
نشدتك الله في احتمال دمي ... فمعشري ما يفوتهم طلبي
ما فات قومي آل المهذب من ... قبلي ثأر في سالف الحقب
فلا تريقي دماً لذي أدب ... يسطو بأقلامه على القضب
أبو صرمة:
غزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية، وروى عن أبي أيوب الأنصاري حين حضرته الوفاة.
ذكر من كنيته أبو الصقر
أبو الصقر القبيصي:
واسمه عبد العزيز وقد سبق ذكره.
أبو الصقر الزهري:
كان متصلاً بسيف الدولة أبي الحسن بن حمدان بحلب، وروى عنه أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الديارات في ذكر دير قنسري، قال: هو على شاطئ الفرات من الجانب الشرقي، من ديار مضر، مقابل جرباس وجرباس شامه، وبين هذا الدير وبين منبج اثنا عشر ميلاً.
قال: و حدثني أبو الصقر الزهري قال: دخلته ونقلت منه خشب صنوبر إلى حلب إلى الجوسق الذي بناه سيف الدولة، وكان وجهني لحمل ذلك قال وقرأت في صدر الدير مكتوباً بخط حسن:
أيا دير قنسرى كفى بك نزهة ... لمن كان في الدنيا يلذ ويطرب
هواء كدمع الصب إذ بان إلفه ... وماء كريق الحب بل هو أعذب
فلا زلت معموراً ولا زلت آهلا ... ولا زلت مخضراً تزار وتعجب
قال: فعرفني جماعة من أهل منبج أنه من أهل منبج وأدبائهم، وكان كثيراً ما يمضي إلى هذا الدير ويقصف فيه.
ذكر من كنيته أبو طالب
أبو طالب الجعفري:
كان صاحب أخبار، وله شعر وكان في صحبة المتوكل بحلب حين غزا سنة ثلاث وأربعين، وتوجه إلى دمشق، حكى عنه أبو نصر الأوسي، وأبو الفضل أحمد بن أبي طاهر صاحب تاريخ بغداد.
أبو طالب البغدادي:
أحد العلماء الفضلاء الأدباء الحفاظ، واسمه أحمد بن نصر بن طالب، كان بحلب ويحضر مجلس سيف الدولة بن حمدان مع جماعة من العلماء.
قرأت في سيرة سيف الدولة تأليف أبي الحسن بن الحسين الديلمي الزراد قال: وكان لسيف الدولة مجلس يحضره العلماء كل ليلة فيتكلمون بحضرته، وكان يحضر أبو إبراهيم الشريف، وابن ماثل القاضي، وأبو طالب البغدادي، وقد قدمنا ذكره في الأحمدين.
أبو طالب الأنطاكي:
شاعر من العصريين، واسمه الحسين بن علي، وقد ذكرناه في حرف الخاء، وأورد له أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الأنوار أشعاراً كثيرة.
أبو طالب الواعظ:
وصل إلى حلب رسولاً من الخليفة المسترشد في سنة ست عشرة وخمسمائة، واجتمع ببني منقذ بشيزر، وذكره أبو الحسن علي بن مرشد بن علي في تاريخه، قال: ونقلته من خطه: سنة ست عشرة وخمسمائة، وفيها وصل الواحد أبو طالب من الخليفة فانتسجت بيني وبينه مودة، فكتب إلي أبياتاً وأنا داخل من الركوب.
يا ليل ما جئتكم زائراً ... إلا رأيت الأرض تطوي لي
ولا ثنيت العزم عن داركم ... إلا تعثرت بأذيالي
فلم أعلم ما معناها في وصولها وأنا مع أبي دخول من الصيد، فأريته الرقعة، وقلت: ما معنى هذا؟ فقال: والله لا أعلم، وأريتها لعمي عز الدين في الحال، فقال: ما أعلم، فأمرني أن أخلع عدتي وأرجع سريعاً فخطر لي أنه يختبرني ليعلم بديهتي فكتبت في ظهرها:
كم لي إلى دارك من صبوة ... أعدت فأبكت لي عذالي
وحر نار في الحشى محرق ... لبعدكم يقضي بتر حالي
إن كنت أضمرت سلواً ولا ... بلغت من وصلك آمالي
وعشت من بعدك وهو الذي ... أخشى لأن الموت انتهى لي
ورجعت إلى مجلس عمي، فقعدت فيه ساعة، وحضر الرجل، فقلت: يا سيدنا جمال الأدب والعلماء ما علمت ما معنى البيتين وأريتهما لموليي: عمي وأبي، فما علما، فقالا: والله كذلك كان، قلت: بل وقع لي أنك أردت تختبرني، فعملت في ساعتي هذه الأبيات وأنشدتها، فقال لي من حضر: والله لولا أنها مكتوبة في ظهر الرقعة لظنناها من حفظك، وكان والله أديباً مليحاً، وهو كان لازماً لبني الشهرزوري والأبيات لابن الشهرزوري، وأنشدني له أيضاً وقد مر بقبر أخيه.
مررت على قبر تداعت رسومه ... ومنزله بين الجوانح آهل
فريد وفي الأخوان والأهل كثرة ... بعيد ومن دون اللقاء الجنادل

فحرك مني ساكناً وهو ساكن ... وثقف مني مائلاً وهو مائل
وقلت له إن كنت أخليت منزلا ... فقد ملئت بالحزن منك المنازل
عليك سلام الله ما ذر شارق ... وما حن مشتاق وما ناح ثاكل
أبو طالب الشريف:
النقيب، هو أحمد بن محمد بن جعفر الإسحاقي، نقيب العلويين بحلب، وكان مشهوراً بكنيته، وقد تقدم ذكره في الأحمدين.
ذكر من كنيته أبو طاهر
أبو طاهر بن المحسن:
المعروف بابن الجدي الكاتب الحلبي، واسمه محمد، كان أحد الكتاب المجيدين بحلب، ومن أهل الفضل والرتب، وإياه عنى أبو محمد عبد الله بن محمد الخفاجي في قصيدته التائية التي كتبها من القسطنطينية يداعبه، وكان ممن أشار على صاحب حلب بإرساله إلى القسطنطينية:
دع ذا وقل لي أنت يا بن محسن ... وجفاء مثلك من تمام الحرفة
ما كان حقك أن تمل وإنما ... تاريخ وصلك من حصار القلعة
كانت وزارتك التي دبرتني ... فيها كمثل الخدمة التاجية
صاح الغراب بها ففرق بيننا ... قدر رمت فيه الخطوب فأصمت
قرأت بخط أبي البيان نبا بن محفوظ الأديب الدمشقي، فيما نقله من شعر أبي محمد الخفاجي، من نسخة منقولة من خط عبد الودود بن عيسى النحوي، وعلى المنقول منها خط عبد الودود بالتصحيح قال: قيل هذا أبو طاهر بن المحسن، وهو أحد الكتاب وأهل اللسن.
أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم قال: أخبرني أبي هاشم قال: أخبرني أبي أحمد عن أخيه أبي نصر سعيد بن عبد الواحد بن هاشم أن أبا محمد الخفاجي كتب إليه يعرض بروشن عمله أبو طاهر بن المحسن بن الجدي:
بحياة زينب يا بن عبد الواحد ... وبحق كل نبية في ياقد
ما صار عندك روشن ابن محسن ... فيما يقول الناس أعدل شاهد
نسخ التعاقل منه خلط عمارة ... وافاه في هذا الزمان البارد
ياقد قرية بحلب، وكان لأبي نصر بها ملك وله بها فلاح له بنت كلن يزعم ذلك الفلاح أنها نبية.
أبو طاهر بن أبي عبد الله المديني:
سمع بعين زربة إبراهيم بن سعيد الجوهري، وروى عنه، وعن بديل بن محمد بن أسد، روى عنه أحمد بن الحسن بن إسحق الرازي.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد فارس بن أبي القاسم بن فارس قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء قال: ذكره أبو نصر السجزي الحافظ رحمه الله فقال: إن أبا العباس أحمد بن علي بن الحسن المقرئ كتب إلي، وأدى إلي إجازته القاضي أبو الحسن بن الصخر الأزدي قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن إسحق الرازي قال: حدثنا أبو طاهر بن أبي عبد الله المديني قال: حدثني بديل بن محمد بن أسد قال: دخلت أنا و إبراهيم بن سعيد الجوهري على أحمد بن حنبل رضي الله عنه في اليوم الذي مات فيه، أو مات في تلك الليلة التي تستقبل ذلك اليوم، قال: فجعل أحمد رضي الله عنه يقول لنا: عليكم بالسنة، عليكم بالأثر، عليكم بالحديث، ثم قال له إبراهيم بن سعيد: يا أبا عبد الله إن الكرابيسي وابن البلخي قد تكلما، فقال أحمد رحمه الله: فيم تكلما؟ قال: في اللفظ فقال أحمد: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو جهمي كافر.
قال أبو طاهر: ثم لقيت إبراهيم بن سعيد ببغداد وما دخلت عليه إلا بعد كد في داره وسألته فقلت: أخبرني بديل بن محمد أنك سألت أحمد بن حنبل عن اللفظ بالقرآن فأخبرني إبراهيم أنه سأل أحمد رحمه الله فقال: اللفظ بالقرآن غير مخلوق، ومن قال لفظي بالقرآن مخلوق فهو كافر، ثم دخلت عليه بعد ذلك بعين زربة، فسألته عن هذه اللفظة، فأخبرني بها كما أخبرني أول مرة.
أبو الطفيل:
واسمه عامر بن واثلة، شهد صفين مع معاوية وقد تقدم ذكره.
أبو الطيب بن جهور القاضي:
قاضي طرسوس، وكان سلفه قضاة طرسوس وهم بيت مشهور بها.
روى عنه أبو عمرو الطرسوسي، وأبو عيسى بن الطبيب عامل خراج الثغور.

نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي القاضي في كتاب سير الثغور، وذكر سكة تعرف بابن دينار بطرسوس قال: فيها دور بني جهور القضاة، وآخر من مات منهم القاضي أبو الطيب بن جهور، وعنه كتبنا كتاب الفرائض، تصنيف أحمد بن فهد بن خالد بن مقرن توفي عن خمسمائة ألف درهم سوى دوره وضياعه، وخلف ولدين وابنة، فأما الولد الذكر فإنه أنفق جميع ما خصه من ميراثه عن أبيه في مدة ثمانية أشهر كما ينفقه الشباب في بطالتهم، وتوفي ودفن إلى جانب أبيه.
حرف الظاء
في الكنى
أبو ظبيان:
غزا بلاد الروم، وحكى عن أبي أيوب الأنصاري، وحدث عنه وكان معه في الغزاة، واجتاز بحلب، أو بعض علمائها، روى عنه الأعمش.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا معاوية يعني بن عمرو قال: حدثنا أبو إسحق عن الأعمش عن أبي ظبيان قال: غزونا مع أبي أيوب أرض الروم فمرض فلما ثقل قال: أحملوني فإذا صافيتم العدو فادفنوني تحت أرجلكم، فإني محدثكم بحديث سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم لولا اني على حالي هذه ما حدثتكموه سمعته يقول: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
وقد رويت هذه الحكاية عن أبي ظبيان عن أشياخ لم يسمهم عن أبي أيوب.
أنبأنا الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن فادشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا الحسين بن إسحق التستري قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أشياخ لهم قال: كنا مع أبي أيوب في أرض الروم فمرض فأوصانا إحملوني حتى إذا صافتم العدو فإدفنوني تحت أقدامكم، ثم قال: إني محدثكم حديثاً لولا اني على حالي هذه ما حدثتكموه، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقول من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.
حرف العين
في الكنى
أبو عادية الجهني:
شهد صفين مع معاوية وحدث عن عبد الله بن عمرو بن العاص، روى عنه كلثوم بن جبر، وقيل إنه هو الذي طعن عمار بن ياسر يوم صفين فألقاه عن فرسه.
وقيل فيه أبو غادية بالغين المعجمة وقيل اسمه يسار بن سبع، وسمع من رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرناه في حرف الياء.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان و إبراهيم بن منصور سبط بحروية قالا: أخبرنا ابن المقرئ قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي قال: حدثنا عمرو بن مالك النصري قال: حدثنا يوسف بن عطية السعدي قال: حدثنا كلثوم بن جبر قال: سمعت أبا عادية الجهني يقول: حملت على عمار بن ياسر يوم صفين، فدفعته فألقيته عن فرسه وسبقني إليه رجل من أهل الشام، فاحتز رأسه فاختصمنا إلى معاوية في الرأس، ووضعناه بين يديه كلانا يدعي قتله، وكلانا يطلب الجائزة على رأسه، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعمار: تقتله الفئة الباغية، بشر قاتل عمار بالنار، فتركته من يدي فقلت: لم أقتله، وتركه صاحبي من يده فقال: لم أقتله، فلما رأى ذلك معاوية أقبل على عبد الله بن عمرو فقال: ما يدعوك إلى هذا؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال قولاً، فأحببت أن أقوله.
أبو عامر الراهب:
توجه إلى هرقل إلى أنطاكية فمات بها.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو الفتح ناصر بن محمد بن أبي الفتح القطان قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن عبد الواحد الثقفي قال: أخبرنا أبو منصور الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد بن حيان قال: وفيها يعني في السنة العاشرة من الهجرة مات أبو عامر الراهب بأرض الروم عند هرقل.
ذكر من كنيته أبو العباس
أبو العباس بن جعفر المتوكل:
ابن محمد المعتصم بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي المعروف بأبي العباس الكبش، قدم حلب من أبيه المتوكل سنة أربع وأربعين ومائتين.

ذكر قدومه مع أبيه إلى دمشق الحافظ أبو القاسم في سنة ثلاث وأربعين، فيما ذكر أنه قرأه بخط عبد الله بن محمد الخطابي، والصحيح ما ذكرناه.
وكان المعتمد بن المتوكل قد خاف أن يبايع لأبي العباس الكبش بالخلافة فحدره وأخاه أبا محمد ابني المتوكل إلى بغداد فحبسا يوم الخميس لعشر خلون من جمادى الآخر سنة إحدى وسبعين ومائتين، ثم رضي عنهما وخلع عليهما في صفر سنة اثنتين وسبعين وأذن لهما في الشخوص إلى سر من رأى.
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن أبي الفوارس الوراق قال: وفي صفر سنة أربع وسبعين ومائتين مات أبو العباس الكبش بسر من رأى.
أبو العباس بن القاضي:
أبي الحسن علي بن يزيد الحلبي، روى عن أبيه وغيره.
أخبرنا عبد الوهاب بن رواح بمنظرة سيف الإسلام بين مصر والقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني، ح.
قال ابن رواج: وأخبرتنا أم أحمد بنت ابنه أبي طاهر إسماعيل بن مكي بن عوف قالت: أنبأنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن السمرقندي، ح.
وأنبأنا عمر بن طبرزد عن ابن السمرقندي قالا: كتب إلينا أبو إسحق الحبال سنة ثمانين وثلاثمائة. أبو العباس بن القاضي أبي الحسن بن يزيد الحلبي يوم الأحد، وأخرج يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، حدث.
أبو العباس بن فارس:
الأديب المنبجي، هو أحمد بن فارس، روى عن أبي الغوث بن البحتري، روى عنه أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي، وجمع أخبار أبي عبادة البحتري، وقد قدمنا ذكره في الأحمدين.
أبو العباس التنوخي المنبجي:
وأظنه الأول، كان له مجلس للأدب يقرأ عليه، ووقع إلي أمالي ابن خالويه فقرأت على ظهرها: أنشدنا أبو العباس التنوخي المنبجي لابن حميد المنبجي:
فشبهت ما ينثج من فتقاته ... على دير قزمان أكف بني عوف
أبو العباس البغدادي:
صحب بشر بن الحارث العابد، وحكى عنه، وكان رجلاً صالحاً روى بحلب عن بشر، روى عنه علي بن خليد، والعباس بن يوسف الشكلي، وأبو محرز، وقد ذكرنا روايته بحلب عن بشر في ترجمة علي بن خليد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي فيما أذن لي في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن أحمد بن إبراهيم البزاز بالبصرة قال: حدثنا الحسن بن محمد بن عثمان الفسوي قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو محرز قال: كنت مع أبي العباس البغدادي بمكة فنظر إلى نواة مطروحة فأخذها، فلما دخلنا المسجد إذا سائل يسأل، قال: فناوله النواة وقال: هذا جهد المقل.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا أبو عمر الحسن بن عثمان الواعظ قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا العباس بن يوسف الشكلي قال: رأيت أبا العباس البغدادي جالساً على صخرة بساحل الإسكندرية والأمواج تضرب الصخرة ويده على خده ينظر إلى الأمواج، فوقفت أنظر إليه، فأقبل علي بوجهه وأنشأ يقول:
أنست بالوحدة من بعدما ... كنت من الوحدة مستوحشا
فصرت بالوحدة مستأنساً ... وصارت الوحشة لي مجلسا
أبو العباس بن الموصول:
الحلبي الأسدي، وهو جد بني الموصول الحلبيين، وهم بين من كبار بيوت الحلبيين، فيهم الوزراء والفضلاء، وهذا أبو العباس روى عنه أبو الفرج الببغاء حكاية حرت له بحلب، ذكرها القاضي التنوخي في كتاب الفرج بعد الشدة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي.
أبو العباس البدوي العابد:
جال في أقطار الشام، وكان ببعلبك والرقة، ففيما بينهما اجتاز بحلب، أو ببعض عملها.
روى عنه أبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الأسدي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ إذناً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ يقول: سمعت أبا عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الأسدي يقول: سمعت أبا العباس بدوي ببعلبك، وقد سأله أبو بكر بن وصيف فقال له: يا أستاذ حدثنا بأحسن شيء رأيت، فقال له: احذر شطح النفوس ودعاويها، فإني خرجت من صيدا أريد بيروت، فلما حصلت بأقطار بيروت قالت لي نفسي: الساعة يخرج العدو ويأخذك، فقلت: علام الملك يأخذه العدو، فجعلت أخطر وأقول: علام الملك يأخذه العدو، وإذا قد أحاط بي الأعلاج فأخذوني وطرحوني في شيني، ومضوا إلى قبرس، فلما نزلنا إلى البرية إستأذنتهم في الصلاة فأذنوا لي، فأديت ما فاتني من الفرائض ثم تنفلت بما فتح الله تعالى لي، ثم سألت الله تبارك وتعالى أن لا يؤاخذني بشطح نفسي في دعاويها وأن يسامحني، ثم غلبني النوم فنمت، ثم انتبهت في المكان الذي أخذت منه.
فقال له أبو بكر بن وصيف: حدثنا بشيء آخر مما رأيت، فقال له: عليك بالسكون إلى الله تعالى، والتوكل عليه، فإني خرجت من الرقة أريد الشرق فحصلت في مكان معروف بكثرة السباع، فقالت لي نفسي: الساعة يخرج السبع يأكلك، فقلت: ويلك ثقي بالله واسكني إليه، فبينما أنا أراجعها إذا أنا بشيء قد وقع بيديه على كتفي، فالتفت لأنظر ما هو، فمع لفتتي قبل خدي اليمين وذهب هارباً في الغابة، فنظرت إليه فإذا هو السبع.
؟؟أبو العباس الأديب الأنطاكي:
روى عن حنش بن محمد، روى عنه أبو القاسم يحيى بن عبد الباقي الأذني.
قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، قاضي معرة النعمان، حدثني أبي عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي بطرسوس قال: حدثني عمي أبو القاسم يحيى بن عبد الباقي قال: حدثنا أبو العباس الأديب الأنطاكي قال: حدثنا حنش بن محمد قال: حدثني العباس بن هشام بن الكلبي قال: حدثني أبي عن أبيه قال: خرج النعمان بن المنذر متنزهاً إلى ظهر الحيرة بعقب مطر، في أيام نوروز فنظر إلى قبر دائر، فقال له عدي بن زيد: أما تدري ما يقول هذا القبر؟ قال: لا، قال: يقول القبر: أيها الركب على الأرض كما أنتم كنا، وكما نحن تكون، قال: فقال له النعمان: لقد كدرت علي صفو ما أنا فيه، ثم رجع، فرأى قبراً آخر فقال له عدي بن زيد: أتدري ما يقول هذا القبر؟ قال: لا قال: إنه يقول:
رب ركب قد أناخوا عندنا ... يشربون الخمر بالماء الزلال
عطف الدهر عليهم عطفة ... وكذاك الدهر حالاً بعد حال
أبو العباس الطرسوسي:
حدث بطرسوس، روى عنه أبو أحمد محمد بن محمد بن يوسف بن مكي الجرجاني.
أبو العباس المصيصي:
روى عن يوسف بن سعيد بن مسلم، روى عنه عبد الله بن بيان السامري.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا مسعود بن محمد الثقفي في كتابه عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرني أبو الحسين علي بن حمزة بن أحمد المؤذن بالبصرة قال: حدثنا يوسف بن يعقوب النجيرمي إملاء قال: حدثنا عبد الله بن بيان السامري قال: سمعت أبا العباس المصيصي يقول: سمعت يوسف بن سعيد بن مسلم يقول: سمعت العمري يعني خالد بن يزيد يقول: الحبر في ثوب صاحب الحديث مثل الخلوق في ثوب العروس.
أبو العباس المصيصي:
روى عنه أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي أبياتاً في دير مران لابن أبي جبلة.
ذكر من كنيته أبو عبد الله
أبو عبد الله بن أحمد بن محمد:
المقرئ كان بطرسوس.
أبو عبد الله بن جباءة:
المعري، شاعر من بيت مشهور بالمعرة.
أنشدني أبو البركات بن سالم الكاتب المعري بحماة لأبي عبد الله بن جباءة المعري بيتين يهجو بهما علوي بن المهنا المعروف بخصا البغل:
لم يخلق الرحمن من خلقة ... أقل نفعاً من خصا البغل
لا خيرها يرجى ولا شرها ... يخشى ولا يصلح للنسل
أبو عبد الله بن حسان المغربي:
أحد أولياء الله تعالى، واسمه محمد وإنما يعرف بالكنية، قدم حلب، وسكن في جوارنا، حكى لنا عنه عمي أبو غانم وغيره، وقد قدمنا ذكره في المحمدين.

أبو عبد الله بن مانك:
أحد الزهاد، واسمه محمد، قدمنا ذكره.
أبو عبد الله بن واصل المعري:
شاعر مشهور كان بمعرة النعمان معاصراً للقاضي أبي المجد محمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان، أنشد له أبو اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان الكاتب بيتين في جده أبي المجد القاضي وأخبرنا بهما في الإجازة أبو الحسن محمد بن أبي جعفر إمام الكلاسة، عن أبي اليسر وهما:
لا ملك هذا الحكم غيركم ... ولا انقضى من أب إلا إلى ولد
ولا خلت منكم الدنيا فإنكم ... بني سليمان منها الروح في الجسد
ووجدت في بعض تعاليقي من الفوائد: أبو عبد الله بن واصل المعري في أبي المغيث، كاتب جلال الملك، يعني ابن عمار صاحب اطرابلس:
وارحمتي لغريب حث أنيقه ... إلى طرابلس يبغي بها فرجا
وافى فقيل له هذا الأجل ... أبو المغيث ملجأ محروب إليه لجا
أبش كل الورى وجهاً وأخلفهم ... وعداً وأكذب خلق دب أو درجا
فقلت هذا كبير واجتمعت ... به فزاد شيخي على ما حدثوا درجا
أبو عبد الله بن أبي كامل:
كان بحلب عند الأمير ذكا، ومعه أبو الغوث بن البحتري، وابن بسام، وروى عنهما شيئاً من شعرهما، روى عنه أبو الحسن الماذرائي.
قرأت بخط بعض الأدباء على ظهر كتاب: قال أبو الحسن الماذرائي: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي كامل قال: كنت أنا وأبو زنبور وأبو الغوث بن البحتري وابن بسام عند الأمير ذكا، فلما كادت الشمس تغرب دخل شعاعها من الشباك على أترج منضد بين أيدينا، فقال ابن بسام:
إذا الشمس مجت مجة من لعابها ... على صبغ أترج لدينا منضد
نظرت فأنفدت التعجب كله ... وأفنيته من عسجد فوق عسجد
وشعر أبي الغوث ذكرناه فيما تقدم.
أبو عبد الله الجزري:
قدم على عمر بن عبد العزيز دابق أو خناصرة وولاه قسمة مال بالرقة، روى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بدار الوزارة بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن جامع قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن بنت جناد البغدادي قال: حدثنا بشار بن موسى الخفاف قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي قال: حدثني أبو عبد الله وكان من أعوان عمر بن عبد العزيز قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز، فدفع إلي مالاً أقسمه بالرقة، وكتب إلى وابصة كتاباً يبعث معيب بشرط يكفون الناس عني وقال لا تقسم بينهم إلا على شاطئ نهر فإني أخاف أن يعطشوا، قال: قلت: إنك تبعثني إلى قوم لا أعرفهم، وفيهم غني، وفقير؟ فقال: يا هذا كل من مد يده إليك فأعطه.
قال أبو علي: ولا أظن هذا إلا خطأ، لأن وابصة لم يتأخر موته إلى خلافة عمر بن عبد العزيز، فلعله يكون إلى ابن وابصة، لأن سالماً ذكروا أنه ولي الرقة بعد أبيه.
أبو عبد الله الشامي:
حكى عمر بن عبد العزيز عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبو المليح الحسن بن عمر الرقي.
أبو عبد الله:
حرسي كان لعمر بن عبد العزيز، حكى عنه، حكى عنه جعفر بن برقان، وجعفر بن سيدان الأزدي، وكأنه الأول.
أبو عبد الله:
مولى لعمر بن عبد العزيز، سمع أبا بردة بن أبي موسى يحدث عمر بن عبد العزيز في مجلس عمر، روى عنه مروان بن جناح.
أبو عبد الله الأنطاكي:
حكى قول عمر بن عبد العزيز، روى عنه مبشر بن إسماعيل الحلبي.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي بالاسكندرية عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن بكر عبد الله بن أحمد بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن الصباح قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل عن أبي عبد الله الأنطاكي قال: قال عمر بن عبد العزيز: كانت المساجد على ثلاثة أصناف: فصنف ساكت سالم، وصنف في ذكر الله عز وجل والذكر معروج به، وصنف في صلاة، والصلاة لها من الله نور، فجعلت من أفناء الدور وأندية الأسواق، فكان معدن خوضهم ومراجم ظنونهم، يتفكهون بالغيبة ويفيد بعضهم بعضاً النميمة.
أبو عبد الله الأنطاكي:
له كلام في الحقيقة، روى عنه أحمد بن أبي الحواري.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح بن حموية، ح.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي، ح.
وأنبأنا أبو النحيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الركيم بن هوازن القشيري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي رحمه الله يقول: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي: قال: حدثنا عباس بن حمزة قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: قال أبو عبد الله الأنطاكي إن أقل اليقين إذا وصل إلى القلب يملأ القلب نوراً، فينفي عنه كل ريب ويمتلئ القلب به شكراً، ومن الله خوفاً.
أبو عبد الله المزابلي:
الأنطاكي، رجل صالح كان بأنطاكية، وكان لا يأكل إلا من المباح، حكى عنه علي بن محمد التنوخي جد أبي القاسم.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن القاضي أبي بكر بن محمد بن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي بن محمد التنوخي عن أبيه قال: حدثني أبي قال: كان عندنا بجبل اللكام رجل متعبد يقال له أبو عبد الله المزابلي، وإنما سمي بذلك، لأنه كان يدخل البلد بالليل، فيتتبع المزابل، فيأخذ ما يجد فيها، فيغسله ويقتاته، لا يعرف قوتاً غير ذلك، أو أن يوغل في الجبل فيأكل من الثمار المباحات، وكان صالحاً مجتهداً إلا أنه كان العقل، وكانت له سوق عظيمة في العامة، وكان بأنطاكية موسى الزكوري صاحب المجون، وكان له جار يغشى المزابلي، فجرى بين موسى الزكوري وجاره شر، فشكاه إلى المزابلي، فلعنه المزابلي في دعائه، وكان الناس يقصدونه في كل جمعة، فيتكلم عليهم ويدعو، فلما سمعوا اللعنة لابن الزكوري جاء الناس إلى داره أرسالاً لقتله، فهرب ونهبت داره، وطلبه العامة فاستتر.
فلما طال استتاره قال: إني سأحتال على المزابلي بحيلة أتخلص منه بها فأعينوني، فقالوا: ما تريد؟ قال: أعطوني ثوباً جديداً، وشيئاً من مسك ومجمرة وناراً وغلماناً يؤنسوني الليلة في هذا الجبل.
قال أبي: فأعطيته ذلك كله فلما كان في نصف الليل مضى، وخرج الغلمان معه إلى الجبل حتى صعد فوق الكهف الذي يأوي فيه المزابلي، فبخر بالند ونفج المسك فدخلت الرائحة إلى كهف أبي عبد الله المزابلي، فصاح بصوت عظيم: يا أبا عبد الله المزابلي، فلما اشتم المزابلي الرائحة وسمع الصوت قال: مالك عافاك الله، ومن أنت؟ قال: أنا الروح الأمين جبريل، رسول رب العالمين أرسلني إليك، فلم يشك المزابلي في صدق القول، وأجهش بالبكاء، والدعاء، وقال: يا جبريل ومن أنا حتى يرسلك الله إلي! فقال: الرحمن يقرئك السلام ويقول لك: موسى بن الزكوري غداً رفيقك في الجنة، فصعق أبو عبد الله، وسمع صوت الثياب ورأى بياضها، وتركه موسى ورجع، فلما كان من الغد كان يوم الجمعة، فأقبل المزابلي يخبر الناس برسالة جبريل، ويقول: تمسحوا بابن الزكوري، وسلوه أن يجعلني في حل واطلبوه لي، فأقبل العامة أرسالاً إلى دار ابن الزكوري يطلبونه ويستحلونه فظهر وأمن.
أبو عبد الله الحلبي:
سمع أبا إسحق الفزاري، روى عنه عبد الله بن خبيق.
وكان من شيوخ الصوفية وصحب الجنيد.

أخبرنا يوسف بن خليل بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا النهرواني الجريري قال: حدثنا أحمد بن علي القاضي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثني عبد الله بن خبيق قال: حدثني أبو عبد الله الحلبي قال: سمعت أبا إسحق الفزاري يقول: إن للحوائج فرساناً كفرسان الحرب، وقال لي أبو إسحق: إن الرجل ليسألني عن حالي، ولو أخبرته لشمت بي.
أبو عبد الله بن جباءة:
المعري شاعر من أهل معرة النعمان، من بيت معروف بها.
أنشدني موفق الدين أبو البركات الفضل بن سالم بن مرشد بن المهذب الكاتب المعري بحماة لأبي عبد الله بن جباءة المعري يهجو علوي بن المهنا المعروف بخصا البغل:
لم يخلق الرحمن من خلقه ... أقل نفعاً من خصا البغل
لا خيرها يرجى ولا شرها ... يخشى ولا تصلح للنسل
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أبو عبد الله الحلبي:
روى عن حيوة، روى عنه أحمد بن حنبل، إن لم يكن الأول فهو غيره.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله الدامغاني البغدادي قال: أخبرنا أبي جعفر قال: أخبرنا الشريف أبو العز بن المختار قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو عبد الله الحلبي عن حيوة عن يزيد بن أبي حبيب في قول الله عز وجل: " الذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا " قال: أولئك أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم، كانوا لا يأكلون طعاماً يلتمسون به تنعماً ولا يلبسون ثياباً يلتمسون جمالاً، وكانت قلوبهم على قلب واحد.
أبو عبد الله المغربي الزاهد:
واسمه محمد بن إسماعيل، تقدم ذكره في المحمدين.
أبو عبد الله الحلبي:
روى عن عبد الله بن الفرات، روى عنه عمر بن خالد القرشي، إن لم يكن المتقدمين، أو أحدهما، فهو غيرهما.
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن علي بن هبة الله الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الديباجي قال: أخبرنا أبو الحسن بن المشرف المسلم الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن علي بن إبراهيم الدقاق قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي البغدادي قال: حدثني أبو محمد الحسن بن عبد الرحمن بن خلاد الرامهرمزي قال: حدثنا هرون بن يوسف قال: حدثنا ابن أبي عمر العدني قال: حدثنا عمر بن خالد القرشي قال: حدثنا أبو عبد الله الحلبي عن عبد الله بن الفرات عن عثمان بن الضحاك يرفع الحديث إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: عبد مناف عز قريش، وأسد بن عبد العزى ركنها، وعضدها، وعبد الدار قادتها وأوائلها، وزهرة الكبد، وبنو تميم وعدي بيتها، ومخزوم فيها كالأراكة في نصرتها، وسهم وجمح جناحاها، وعامر ليوثها وفرسانها، وقريش تبع لولد قصي، والناس تبع لقريش.
؟أبو عبد الله الشريف:
الحسيني الزمن الفاسي، من أهل فاس مدينة بالمغرب، أحد الأولياء الصالحين نزل حلبها وسكنها، وأقام بها إلى أن مات بها بعد أن أقعد.
وسمعت عمي أبا غانم يثني عليه، ومضيت مع عمي ووالدي إلى زيارته وهو مقعد وتبركت به.
وأخبرني عمي أبو غانم قال: أخبرني الشريف أبو عبد الله الفاسي الزمن قال: للمحموم ينجم الماء وتقرأ عليه: " ذلك تخفيف من ربكم ورحمة " . " الآن خفف الله عنكم وعلم أن فيكم ضعفاً " " يريد الله أن يخفف عنكم وخلق الإنسان ضعيفا " . " ربنا اكشف عنا العذاب إنا مؤمنون " ويرش الماء على المحموم عند أخذها إياه، يستعمل ذلك للمحموم.
توفي الشريف الزمن الفاسي بحلب قبل الستمائة ودفن في تربة الشيخ أبي الحسن الفاسي خارج باب الأربعين، وكان قد اجتمع بحلب ثلاثة من الأولياء الصالحين من أهل فاس، فدفنوا كلهم في هذه التربة: الشريف الزمن هذا، والشيخ عبد الحق الفاسي والشيخ أبو الحسن الفاسي، وكلهم اجتمعت به نفعنا الله ببركتهم.
أبو عبد الله المصيصي:
حكى عن مملوك لم يسم، كان بالمصيصة، روى عنه مخلد، وسنذكر حكايته في المجهولين الأسماء إن شاء الله تعالى.
أبو عبد الله النباحي:

صلى بأهل طرسوس، واسمه سعيد بن بريد.
أبو عبد الله الخليع:
الشامي شاعر مجيد من شعراء سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان بحلب: واسمه الغمر بن أبي الغمر، روى عنه أبو بكر الخوارزمي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري إذناً عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أنبأنا أبو يعقوب الأديب قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: أما الخليع فكنيته أبو عبد الله، وقد ذهب علي اسمه، وكان شاعراً مفلقاً قد أدرك زمان البحتري، وبقي إلى أيام سيف الدولة رحمه الله، فانخرط في سلك شعرائه.
فحدثني أبو بكر الخوارزمي قال: رأيت الخليع بحلب شيخاً قد أخذت منه السن العالية، وثقلت عليه الحركة فمما أنشدني لنفسه قوله:
جيراننا جار الزمان عليهم ... إذ جار حكمهم على الجيران
ما الشأن ويحك في فراق ... فريقهم الشأن ويحك في جنون جناني
خذ يا غلام عنان طرفك فاثنه ... عني فقد حوت الشمول عناني
سكران سكر هوى وسكر مدامة ... أنى يفيق فتى به سكران
وقوله وهو مما يعنى به:
بأي المدامين لم أسكر ... بكأسك أم طرفك الأحور
سقيت من الشمس مشمولة ... على غرة القمر الأزهر
إذا الماء خالطها جمحت ... كأكليل در على جوهر
وقوله لسيف الدولة:
أنا شاعر أنا شاكر أنا ناشر ... أنا راجل أنا جائع أنا عار
هي سكتة فكن الضمين لنصفها ... أكن الضمين لنصفها بعبار
والنار عندي كالسؤال فهل ترى ... أن لا تكلفني دخول النار
أبو عبد الله البغدادي المنجم:
منجم سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان، كان في صحابة سيف الدولة بحلب، وهو الذي كتب إلى سيف الدولة أبياتاً ذكر أنه رآها في المنام يشكو فيها الفقر، فأجابه المتنبي بقوله:
قد سمعنا ما قلت في الأحلام.
وقع إلي نسخة من شعر المتنبي بخط بعض الأفاضل من المغاربة فيها أبيات كتبها في الحاشية عند الأبيات التي للمتنبي، ونسخة الحاشية: كتب أبو عبد الله المنجم إلى سيف الدولة يستقضيه صلة، وكانت قد تأخرت عنه، وذكر أنه صنع في ذلك أبياتاً في المنام، وحلف أنه لم يغير منها شيئاً ولا بد لها عن حالها التي صنعها عليه:
ولك الفضل في تطولك ... هو حسناً كلؤلؤ النظام
لم أقدر لقاءك في الن ... وم فاستظهرت بالشعر فيه والإتمام
ولك الفضل في تطولك ... الجم وذاك الإحسان والإنعام
فتفضل به ووقع فإني ... موثق الحال في يد الإعدام
زادك الله رفعة وعلوا ... وسمواً يبقى مع الأيام
فوردت على سيف الدولة والمتنبي معه، فلما قرأها استقبحها وكذبه فيها، وقال: يا أبا الطيب أجب هذا البارد، فكتب إليه:
قد سمعنا ما قلت في الأحلم ... وأنلناك بدرة في المنام
وانتبهنا كما انتبهت بلا شيء ... فكان النوال قدر الكلام
كنت فيما كتبته نائم العين ... فهل كنت نائم الأقلام
أيها المشتكي إذا رقد الإعدام ... لا رقدة مع الإعدام
افتح الجفن واترك القول ... في النوم وميز خطاب سيف الأنام
الذي ليس عنه مغن ولا منه ... بديل ولا لما رام حام
كل إخائه كرام بني الدنيا ... ولكنه كريم الكرام
أبو عبد الله بن المنجم:
كان شاعراً في صحابة سيف الدولة، وأظنه الذي قدمنا ذكره.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة في حاشية شعر أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان في ذكر أبي الحسن علي بن نصر بن حمدان قال: اخترم حدثاً، وفيه يقول ابن المنجم:
رآك عداك تغني السيف ضرباً ... فقد نبزوك بالسيف المحلى
فرمحك في صفاحهم المجلى ... وسيفك في رؤوسهم المعلى
أبو عبد الله الشبلي:

خادم المتنبي وأبو عبد الله الدنف الشاعر، من طبقة المتنبي وأقرانه، كانا عند أبي الطيب بحلب مع جماعة من الشعراء، فجمعت بينهما هذه الترجمة لتضمن الحكاية ذكرهما جميعاً.
أخبرنا ياقوت بن عبد الله الرومي الحموي، وكتبه لي بخطه قال: اجتمع عند أبي الطيب بحلب أبو القاسم الناصبي، وأبو العدل، وأبو تمام الخراساني، وأبو عبد الله الدنف، وأبو الحسن المشعوف فأنشدهم أبو عبد الله الشبلي خادم المتنبي بيت أبي المنصور المكفوف المقدسي وسألهم إجازته، وهو في أوله شين وآخره شين:
شبه الهلال على غصن منعمة ... بيضاء ناعمة في كفها نقش
فبدر أبو الحسن المشعوف فقال:
شفت بطلعتها من كان ذا نسك ... فالقلب منه لما قد ناله دهش
ثم قال أبو القاسم الناصبي:
شغل المحب عن اللذات إن عرضت ... والصب بالوصل منها كان ينتعش
ثم قال أبو العدل:
شهدت أن هواها لست تاركه ... حتى أموت وإن أودى بي الطيش
ثم قال أبو تمام الخراساني:
شوقي إليك شديد غير منتقص ... كأن في القلب أفعى فهو ينتهش
ثم قال أبو عبد الله الدنف:
شيئان فيها لعمري فيهما عجب ... وجه جميل وفعل كله وحش
ثم سألوا أبا الطيب القول فقال:
شمس تلوح على وجه تروق به ... ما شانه كلف فيه ولا نمش
أبو عبد الله الرصافي:
الحلبي الشاعر، مولى لبني أمية، شاعر روى عن دعبل بن عمي الخزاعي. روى عنه من لم يذكر اسمه.
قرأت في كتاب المستنير للمرزباني في أخبار دعبل بن علي قال: حدثني بعض أصحابنا عن أبي عبد الله الشاعر الرصافي الحلبي، وهو مولى لبني أمية، قال: كان دعبل مولعاً بالهجاء، وكان لا يمدح أحداً إلا أقل ذاك لا لأن ذلك لم يكن في طبعه، ولكنه كان يرفع نفسه عنه، فإذا اضطر إلى المديح قال البيت أو البيتين أو الأبيات القلائل، وكانت له نفس عجيبة.
قال: واجتاز بحفص بن عمر، وهو يتولى ديار مضر فلم يعطه حفص شيئاً وأداره على أن يمتدحه ليعطيه على المديح فلم يفعل وقال له: عرضت لي نفسك طمعاً في أن أهجوك، كما هجوت الخلفاء ومن يتلوهم، فيقال إن دعبلاً هجا فلاناً أمير المؤمنين وهجا حفص بن عمر، هيهات أن أفعل ذلك.
أبو عبد الله الرازي:
من عباد الصوفية، وكان بطرسوس، وحكى عن بعض الصالحين.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية الجويني، ح.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذياخي، ح.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: وحكى عن أبي عبد الله الرازي قال: خرجت من طرسوس حافياً، وكان معي رفيق فدخلنا بعض قرى الشام، فجاءني فقير بحذاء، فامتنعت من قبوله فقال لي رفيقي: البس هذا فقد عميت فإنه فتح عليك بهذا النعل بسببي فقلت: مالك؟ فقال: نزعت نعلي موافقة لك ورعاية لحق الصحبة.
أبو عبد الله الأقساسي العلوي:
شريف فاضل، قدم حلب وافداً على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، وحضر وفاته وصلى عليه وكبر خمساً واسمه........وقد ذكرناه.
ذكر من كنيته أبو عبد الرحمن
أبو عبد الرحمن السلمي:
واسمه عبد الله بن حبيب، شهد صفين مع علي رضوان الله عليه، وقد قدمنا ذكره في العبادلة.
أبو عبد الرحمن الحلبي:
روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنه، روى عنه قيس بن الحجاج.
قرأت في كتاب الخيل والفروسية: تأليف محمد بن يعقوب بن أخي خزام الختلي: حدثني إبراهيم يعني بن عبد الله بن الجنيد الحلبي قال: حدثني يحيى بن بكير قال: حدثني عبد الله بن لهيعة قال: حدثني قيس بن الحجاج عن أبي عبد الرحمن الحلبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: رباط شهر أفضل من صيام دهر.
أبو عبد الرحمن المصيصي:
روى عن سفيان الثوري، ورجل لم يسمه، روى عنه زهير بن عباد الرواسي.

أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر فيما أذن لنا في روايته عنه عن أبيه عمر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أسد بن عمار قال: أخبرنا عبد العزيز الكتاني بالإجازة المطلقة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا إسحق بن إبراهيم قال: حدثنا الحسين بن حميد العكي قال: أخبرنا زهير بن عباد الرواسي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المصيصي عمن أخبره عن يونس بن عبيد عن الحسن قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن في وجه جبريل وميكائيل خدوداً من أثر الدموع لو أن سفن المواقير أرسلت فيها لجرت قال: فاطلع الله تبارك وتعالى إليهما فقال: ما هذا الخوف الذي أرى بكما وأنتما عبدي لم تعصياني طرفة عين، وأنتما تعلمان اني حكم عادل لا أجور؟ قالا: أجل ربنا إنك حكم عدل لا تجور، ولكنا لا نأمن مكرك، فقال الله تبارك وتعالى: أجل فلا تأمنا مكري فإنه لا يأمن مكري إلا القوم الخاسرون.
أنبأنا أبو الميمون عبد الوهاب بن عتيق بن وردان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حميد الأرتاحي قال: أنبأنا أبو الحسن بن الفراء قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حمزة بن محمد بن علي بن العباس الحافظ قال: حدثنا عمران بن موسى قال: حدثنا زهير بن عباد قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المصيصي عن سفيان الثوري قال: كان في إزار علي رضي الله عنه ثمانية عشر رقعة فقيل: يا أمير المؤمنين لو لبست فقال: هذا أخشع للقلب، وأجدر أن يقتدي بي المسلم، قال سفيان: ولم أغالي بإزاري وهذا إزار أمير المؤمنين.
أبو عبد الرحمن القرشي الحلبي:
شاعر مجيد قديم العصر في زمان ابن المعتز أو قبله، هاشمي النسب.
قرأت في كتاب الأنوار تأليف أبي الحسن علي بن محمد الشمشاطي قال: ومن حسن الكلام وعذبه ومليحه قول أبي عبد الرحمن القرشي الحلبي:
ويوم حجب الغيث ... به الصحو عن الأرض
بنوعين من القطر ... بمعقود ومرفض
فلما مخضته الريح ... أبدى صادق المخض
وحض الرعد والبرق ... العوالي أيما حض
فسد الجو بالطول ... وسد الأرض بالعرض
وسح الماء حتى صارت ... الربوة كالخفض
فباتت تتبارى ... كتباري الخيل في الركض
وكالأسهم إذ فوقن ... للأغراض بالنبض
فوجه الأرض معتم ... بزهر ناعم غض
بمصفر ومحمر ... ومخضر ومبيض
إذا هبت له الريح ... تدانى البعض من بعض
كما التفت به الأهواء ... بين الشم والعض
قال الشمشاطي: ولأبي عبد الرحمن الهاشمي:
كأن صبين باتا طول ليلهما ... يستمطران على غدرانها المقلا
وقرأت في مجموع بخط الأدباء ذكر أنه نقله من خط مسكويه من مجموعه المعروف بنديم الفريد، لأبي عبد الرحمن الحلبي:
شبهت حمرة خده وعذاره ... بنقاب ورد معلم ببنفسج
أبو عبد الرحمن بن أبي الرضا بن سالم:
الرحبي، روى بحلب عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن المتفنه الرحبي قصيدته في الفرائض في رجب من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، سمع منه في هذا التاريخ أبو العباس أحمد بن الحسين العراقي، وأبو الحجاج يوسف بن حرب بن يوسف.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد المقدسي قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو العباس أحمد بن الحسين العراقي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن أبي الرضا بن سالم الرحبي قال: أنشدني الشيخ الإمام أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد المقيم بالرحبة، المعروف بالموفق، وذكر أنه لقنه إياها، وقرأتها أنا عليه من الكتاب وهو يقابلني بحفظه ونحن يومئذ بحلب بمدرسة ابن العجمي في رجب من سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة:
أول ما نستفتح المقالا ... بذكر حمد ربنا تعالى
والحمد لله على ما أنعما ... حمدا به نجلو عن القلب العما
ثم الصلاة بعد والسلام ... على نبي دينه الإسلام
محمد خاتم رسل ربه ... وآله من بعده وصحبه

ونسأل الله لنا الإعانة ... فيما توخينا من الإبانة.
وذكر القصيدة إلى آخرها
أبو عبيدة بن الجراح:
فتح حلب وقنسرين، واسمه عامر بن عبد الله بن الجراح، وقد تقدم ذكره في حرف العين.
ذكر من كنيته أبو عبيد
أبو عبيد البسري الزاهد:
واسمه محمد بن حسان، غزا الروم في بعض السنين واجتاز بحلب أو بعض عمله في غزاته، وقد ذكرناه.
أبو عبيد بن حربوبة:
واسمه.... حدث بمعرة النعمان روى عنه أبو زكريا يحيى بن مسعر المعري، وقد ذكرناه.
أبو عبيد:
صاحب الغريب، واسمه القاسم بن سلام، قاضي طرسوس قدمنا ذكره في حرف القاف.
أبو عبيد بن أبي عمرو:
حاجب سليمان بن عبد الملك بن مروان ومولاه، إختلف في اسمه إختلافاً كثيراً، فقيل أسمه عبد الملك، وقيل حيي وقيل حوي، وقيل مسلم بن عبيد حدث عن أنس بن مالك، وعمرو بن عبسة السلمي، ونعيم بن سلامة، ونافع مولى ابن عمر، وعطاء بن يزيد الليثي، وعمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيوة، وعقبة بن وشاح، وعبادة بن نسي، والقاسم بن محمد بن أبي بكر.
روى عنه سهيل بن أبي صالح، وعبد الله بن أنس والأوزاعي ورجاء بن أبي سلمة، ومحمد بن عجلان، وعبد الله بن عامر الأسلمي، وعمرو بن الحارث وأبو رزين الفلسطيني، وبشر بن عبد الله بن يسار، وصالح بن راشد، وصالح بن الأخضر، وعبد الله بن سعد بن أبي هند، وأيوب بن موسى القرشي.
أخبرنا أبو منصور بن محمد بن الحسن الدمشقي بها قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد طاوس قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن أبي العلاء الفقيه.
قال أبو القاسم: وأخبرها أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن علي بن الفصل بن طاهر بن الفرات قالا: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر قال: حدثنا الحسن ابن حبيب قال: حدثنا أبو أمية قال: حدثنا محمد بن يزيد بن سنان قال: حدثنا يزيد يعني أباه قال: حدثنا أبو رزين عن أبي عبيد حاجب سليمان عن نافع عن ابن عمر عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أنه قال: اللهم بارك لنا في مكتنا. وبارك لنا في مدينتنا، وبارك لنا في شامنا، وبارك لنا في يمننا وبارك لنا في صاعنا، وبارك لنا في مدنا، فقال رجل: يا رسول الله العراق ومصر فقال هناك نبئت قرن الشطان، وثم الزلازل والفتن.
أبو عتبه مولى عبد العزيز بن مروان:
كان بدابق في عسكر سليمان بن عبد الملك، حكى عن يزيد بن المهلب، وموسى ابن نصير، ويزيد بن أبي مسلم، وعثمان بن حيان.
ذكر من كنيته أبو عثمان
أبو عثمان بن حرب الأنطاكي:
حدث عن أحمد بن إبراهيم البالسي ببغراس، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ الحافظ.
أخبرنا أبو الغنائم بن أبي طالب بن شهريار في كتابه إلينا من أصبهان قال: أخبرنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن أبي علي البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم ابن المقرئ قال: حدثنا حاجب بن مالك بن أركين الفرغاني بدمشق وببغداد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم البالسي قال: حدثنا عيسى بن سليمان الشيزري عن أبي إسحق الفزاري قال: قلت لسفيان الثوري: أعظم الله أجرك في شعبة، فقال: رحم الله أبا بسطام، حدثني شعبة عن الحكم عن ابن أبي ليلى عن ابن مسعود أن النبي صلى الله عليه وسلم حج مقرناً.
قال الشيخ أبو بكر: ذكرت الحديث لأبي عثمان بن حرب الأنطاكي ببغراس فقال، حدثنا أحمد بن إبراهيم البالسي قال: حدثنا عيسى بن سليمان عن أبي إسحق عن أبيه قال: قلت لسفيان الثوري: أعظم الله أجرك في شعبه، ولم يقل الفزاري ولا غيره.
أبو عثمان الصنعاني:
واسمه شراحيل بن مزيد، قد تقدم ذكره.
أبو عثمان بن مروان:
ابن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي كان مع أبيه لما اجتاز بحلب هارباً من جيش بني العباس فلما قتل أبوه ببوصير أسر، وحمل إلى أبي العباس السفاح، فسجنه وبقي في السجن إلى أن أطلقه الرشيد.
أبو عثمان الواسطي:
دخل الثغور الشامية، وغزا الصائفة، وحكى عن شقران الثغري، روى عنه أبو عبد الله محمد بن الضو، وقد ذكرنا في ترجمة شقران حكايته عنه.

أبو عثمان الكرجي:
حكى بطرسوس حكاية سمعها منه أبو بكر عثمان بن محمد بن الحسين، صاحب الكتاني، رواها عن عبد الرحمن بن عمر رسته، وقد ذكرناها في ترجمة أبي بكر عثمان بن محمد.
أبو العدل الشاعر:
قد ذكرنا في ترجمة أبي عبد الله الشبلي وأبي عبد الله الدنف، حين أنشدهم الشبلي خادم المتنبي، وهم عند المتنبي، بيت أبي منصور المكفوف، وسألهم إجازته فقال أبو العدل:
شهدت أن هواها لست تاركه ... حتى أموت وإن أودى بن الطيش
وذكرنا الحكاية بكمالها في ترجمتهما.
أبو العز بن صدقه:
الحراني البغدادي وزير أبي المكارم مسلم بن قريش العقيلي، واسمه علي، كان يرجع إلى فضل وعلم وأدب وحسن تدبي وسياسة للملك، وكان مغالياً في مذهب السنة، وأبو المكارم مغال في التشيع.
وقدم مع أبي المكارم حلب حين ملكها وكان يتوسط عنده بالخير وعنده تدين، ثم إنه وصل إلى حلب في سنة أربع وسبعين وأربعمائة، سيره أبو المكارم لجمع أموال حلب، وعدل عما كان يعمله في أول الأمر من العدل والإحسان، وصادر جماعة وضاعف الخراج، وكان أبو المكارم بالقادسية، فبلغ أبا العز الوزير أن مملوكين أرادا قتل شرف الدولة أبي المكارم فعاد من تحلب إلى القادسية، فقبض عليه شرف الدولة وحبسه وصادره في سنة سبع وسبعين.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن محمد الكاتب الأصبهاني في حوادث سنة ثمان وسبعين وأربعمائة: في صفر كان مقتل شرف الدولة مسلم بن قريش، وكان أبو العز بن صدقة في اعتقال شرف الدولة فورد إلى بغداد فاراً من حبسه، وكان قد أعتقله بع أن وزر له السنين الطويلة ومهد أمره، ثم تغير عليه وقبضه فعاتبه بعض أصحابه فقال: ما آمنه لأنه عازم على قتال ابن جهير، ومتوجه إلى حربه ولولا ذلك لأطلقته، فإنني أخاف أن يخرج منه علي ما لا أتلافاه.
وحبسه بالحبة وساعده ابن الجسار وعمل سفينة خفيفة، وأصهر إنه يريد أن يخدم بها شرف الدولة، فلما تم خرج في زي امرأة من بيت عجوز إلى جنب الحبس نقب إليه، وخرج فلما وصل إلى الباب قال بعض الناس: هذه الامرأة ما أطولها: فقال ابن الجسار: امسك قطع الله لسانك لا تذكر حرم الناس وكان الفرات ناقصا فلما جلس في السفينة زاد ذراعاً، فانحدر إلى الأرحاء ببغداد، وقصد باب المراتب.
وحكي عنه أنه كان يخاطب أصدقاءه بعد أن ولي الأعمال العظيمة والولايات بما كان يخاطبهم به، ويقول: لم ينقصوا بل زدت أنا، وزيادتي لا تمنع من توفيتي ما عودتهم. وتوفي ابن صدقة بعد وصوله بأربعة أشهر في جمادى الأولى من هذه السنة.
أبو العز بن علي بن المهنا:
المعري، أخو الناصر المعري، شاعر مجيد ومن شعره ما نقلته من خط يحيى ابن أبي طي النجار في مجموع له:
ونائم عن سهري قال لي ... وقد طواني حبه طياً
أأنت حي بعد قلت: إنتبه ... فالميت في النوم يرى حياً
وله أيضاً:
أيها البدر الذي حاز الملح ... وحوى تيهاً ودلاً ومرح
بالذي أعطاك في الحسن المنى ... إرحم الصب الذي فيك افتضح
لتعطف على ذي لوعة ... أفسد الهجران ما منه صلح
أبو عساف العقيلي:
شاعر كان بباب سيف الدولة بن حمدان من أهل البادية روى عنه أبو علي الهائم شيئاً من شعره.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي القاسم علي عن أبيه المحسن بن علي التنوخي قال أنشدني أبو علي الهائم قال: أنشدني أبو عساف الحاجي العقيلي، شيخ طويل كان بباب سيف الدولة حيناً، ورجع إلى باديته:
ولقد عهدت بها نعائم ترتعي ... وكأنها نوق فدت في أحلس
قصباً الحشائش سوقها فكأنها ... قصب الزمرد أو عيون النرجس
أبو عطاء:
دخل على هشام بن عبد الملك بالرصافة فسأله عن فقهاء الأمصار، روى ذلك عنه ابنه عثمان بن أبي عطاء.

ذكر أبو المؤيد الموفق بن أخبرنا المكي الخوارزمي في مناقب أبي حنيفة رضي الله عنه قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن محمد بن علي الرشكى، قال: قرأت على الإمام الحاكم أبي سعد المحسن بن محمد الملقب بابن كرامة الجشمي رحمه الله قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد النجار قال: أملى علينا أبو نصر الحسن بن أبي مروان قال: حدثنا أبو تراب أحمد بن سهل الطوسي قال: حدثنا أبان بن عبد الله قال: حدثنا قثم بن أبي قتادة عن عثمان بن أبي عطاء عن أبيه قال: دخلت على هشام بن عبد الملك بالرصافة فقال: يا أبا عطاء هل لك علم بعلماء الأمصار؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين، قال: فمن فقيه أهل المدينة؟ قلت: نافع مولى ابن عمر، قال: فمن فقيه أهل مكة؟ قلت: عطاء بن أبي رباح، قلت: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل اليمن؟ قلت: طاوس بن كيسان، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل اليمامة؟ قلت: يحيى بن كثير، قال: مولى أم عربي؟ قلت: بل مولى، قال: فمن فقيه أهل الجزيرة؟ قلت: ميمون بن مهران، قال: مولى أم عربي؟ قلت لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل خراسان؟ قلت: الضحاك بن مزاحم، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل مولى، قال: فمن فقيه أهل البصرة؟ قلت: الحسن وابن سيرين، قال: موليان أم عربيان؟ قلت: لا بل موليا، قال: فمن فقيه أهل الكوفة؟ قلت: إبراهيم النخعي، قال: مولى أم عربي؟ قلت: لا بل عربي، قال: كادت تخرج نفسي ولا تقول واحد عربي.
ذكر من كنيته أبو علي
أبو علي بن الضراب:
الحلبي الشطرنجي الشاعر، شاعر مجود، كان بحلب، وكان يجالس سديد الدولة أبا الحسن بن منقذ، روى عنه أبو علي الحسن بن محمد بن الفضل الكرماني السيرجاني، وسمع منه بحلب، وقد ذكرنا روايته عنه في ترجمته.
قرأت بخط القاضي أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة قال الشيخ أبو علي بن الضراب الحلبي يمدح العميد الرشيد شرف الملك أمين الحضرتين أبا سعد محمد بن منصور الأصبهاني:
خليلي إن لم تسعداني على وجدي ... فلا تعذلاني ما شتت الهوى وجدي
تسومان مني سلوة بعد ما بدا ... لعيني لمع البرق بالأبلق الفرد
ولو كنتما خدني سهاد ولوعة ... وعندكما من لاعج الشوق ما عندي
لما لمتماني في الهوى ورثيتما ... لمن بات منه في جهاد وفي جهد
فهل نفحة من جو هند أسوفها ... وقد عبقت أعطافها من ربى نجد
عليلة أنفاس إذا ما تنفست ... أتتك بأنباء عن البان والرند
لعلي أن أطفي بها نار لوعتي ... إذا خطرت أو أن أكف بها وجدي
وكيف تكف النار ناسمة الصبا ... وما برحت بالريح ساطعة الوقد
أيا طللي هند سلام عليكما ... وإن هجتما لي الوجد يا طللي هند
فكم أرب قضيته في رباكما ... وعيش تقضى في ظلالكما رغد
وخالية بالحسن حالية به تروح ... على وصل وتغدو على صد
من البيض يمتار الضحى من جبينها ... وجنح الدجى من فرعها الفاحم الجعد
إذا جال لحظ العين في حسن وجهها ... أبى الحسن فيه أن يقر على حد
وإن سحبت ريط الدياجي لزورة ... وأبدت من الأشواق مثل الذي أبدي
فمن ريقها خمري ومن حسن لفظها ... سماعي ومن توريد وجنتها وردي
وفت لي ولون الرأس أسود حالك ... يروق فلما حال حالت عن العهد
لإن بيضت رأسن السنون بمرها ... لما هصرت فرعي ولا ثلمت حدي
وما زلت وراداً على كل خطة ... إذا ما أنارت حلة للردى تردي
وأعرض عن شرب النمير وبي ظمأ ... شديد وذود الهون يسرع في وردي
وإني إذا ما استفحل الخطب وانبرت ... زحوف الرزايا في طراد وفي طرد
لأركب أطراف العوالي إلى العلى ... وقد صح عندي أنه مركب مرد
وأركب حتفي والحياة شهية ... لها بن أنياب الأساود والأسد

ولو كان يجدي الاحتراز لعفته ... فكيف وما يغني فتيلا ولا يجدي
سأقري الفيافي الغر كل نجيبة ... تفر إلى الارقال من عنت الوخد
براها السرى حتى تخيلت أنها ... حباب تلوى أو صليف من القد
تجزى بخفاق النسيم عن الكلا ... وتغني برقراق السراب عن العد
وكيف ترود الروض والروض من يدي ... وتستام ورد الماء والماء في غمدي
أبو علي بن كوجك:
الحلبي، كان من أهل حلب، وله شعر، وقيل أنه ينتحل الشعر، واسمه محمد ابن علي.
قرأت في تاريخ مختار الملك المسبحي في سنة ثمان وأربعين وثلاثمائة قال: وفي هذه السنة وصل أبو علي بن كوجك إلى مصر، ومعه جاريته حسن، وكانت صبية من أهل حلب تعرف بحسن بنت خاقان، من أهل بيت فيهم تصون وستر، واشتهت معاشرة الناس.
قال: ولها شعر صالح يستطرف من مثلها، وكانت تهوى غلاما من أولاد الكتاب المحارفين، وكان أديباً يعمل لأبي علي الشعر بعد الشعر، يمتاح به الناس، وكانت تكثر زيارته، فولدت على فراش أبي علي بن كوجك ولداً سمته المحسن، وكنته أبا عبد الله، فخرج ثقيل الطلعة، بارد الشاهد، غث الأدب، وترسم بتعليم الصبيان فكانت تلك معيشته.
قال من أحسن غنائها شعر يزعم أنه لأبي علي بن كوجك وهو:
بكيت فأضحكني قوله ... أتبكي ولي ناظر يطرف
وكيف أحذر جور الهوى ... ولي سيد في الهوى منصف
قرأت في كتاب الطنبوريين والطنبوريات لعلي بن الحسين بن علي بن كوجك العبسي الحلبي قال: حسن جارية أبي على بن كوجك وليس المصنف وذكر من حالها شيئاً أضربت عن ذكره لقبحه.
وذكر المسبحي أيضاً شيئاً من ذلك، وذكرا جميعاً أن سيدها سافر بها إلى مصر يعني من حلب.
أبو علي الصقلي:
أديب فاضل، حضر بحلب مجلس أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، وحكى عنه وعن أبي الطيب اللغوي. تحكى عنه أبو الحسن علي بن منصور المعروف بدوخلة الحلبي.
قرأت في رسالة أبي الحسن علي بن منصور التي كتبها إلى أبي العلاء أخبرنا ابن عبد الله بن سليمان، وأجابه أبو العلاء عنها برسالة الغفران: قال علي بن منصور: حدثني أبو علي الصقلي بدمشق قال: كنت في مجلس ابن خالويه إذ وردت عليه من سيف الدوله رحمه الله مسائل تتعلق باللغة فاضطرب لها ودخل خزانته واخرج كتب اللغة وفرقها على أصحابه يفتشونها ليجيب عنها، وتركته وذهبت إلى أبي الطيب اللغوي، وهو جالس وقد وردت عليه تلك المسائل بعينها، وبيده قلم الحمرة، فأجاب به ولم يغيره، قدرة على الجواب.
قلت كان هذا بحلب، لأن أبا الطيب ورد حلب إلى سيف الدولة، وجمع بينه وبين ابن خالويه وأقام بها إلى أن مات، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته.
أبو علي بن أبي حامد:
كان بحلب في أيلام سيف الدولة، والمتنبي إذ ذاك بها، وحكى شيئاً من أحواله. روى عن أبيه أبي حامد صاحب بيت المال، روى عنه المحسن بن علي التنوخي، وقد ذكرنا في ترجمة المتنبي عنه ما حكاه عنه.
أبو علي بن عمار:
القاضي، فخر الملك صاحب طرابلس الشام، كان بها مستولياً على أمرها إلى أن قصده الفرنج، فسار من طرابلس إلى بغداد، واجتاز في طريقه بحلب، أو عملها، وورد بغداد مستنفراً على الفرنج، فأنفد السلطان محمد شبارة ليركب فيها، وأمر جميع الأمراء، وأرباب دولته بتلقيه وإكرامه وكذلك أرباب دولة الإمام المستظهر بالله، فلما نزل الشبارة قعد بين يدي الدست احتراماً لمكان السلطان، فلما حضر عنده أكرمه واعمد معه ما لم يعتمد مع الملوك الذين معه مثله، ثم ذكر له ما ورد لأجله، ووصف له قوة عدوه، وطلب أن ينجده عليهم، ثم حضر إلى دار الخليفة فذكر مثل ذلك ثم حمل الهدايا إلى المستظهر وإلى السلطان، وكان فيها أشياء نفيسة، فوعده السلطان بالنجدة، وسير معه عساكر، وخلع عليه.
ثم أن الفرنج استولوا على طرابلس في ذي الحجة من سنة ثلاثين وخمسمائة ونهبوها وسبوا النساء والأطفال، وغنموا الأموال، ثم ساروا إلى جبيل وبها فخر الملك أبو علي بن عمار، فملكوها، وخرج منها هارباً فسلم وقصد طغد كين صاحب دمشق فأكرمه وأقطعه بلاداً كثيرة.
أبو علي الحلبي:

خطيب المسجد الأقصى، كان ورعاً متديناً، وله كلام حسن مبين، أخذ عنه أبو بكر ابن العربي الإمام، صاحب كتاب الأحكام، وذكره في أول كتابه المسمى سراج المريدين، فقال وإني وإن لم أكن متخلقاً بما أورده، ولا ضابطاً ما أعقده، فإن لي قدوة في شيخنا أبي علي الحلبي خطيب المسجد الأقصى، طهره الله، حضرت جمعه فيه، وقد علا على أعواد منبره فخطب: الحمد لله الذي تفرد دون خلقه بملك الدنيا والآخرة، وغمر برزقه كل نفس برة وفاجرة، ثم ردهم بعد ذلك إلى الحافرة " فإنما هي زجرة واحدة. فإذا هم بالساهرة " ، أحمده على نعمته الوافرة، وأشكره على آلائه المتظاهرة وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، شهادة باطنه ظاهرة، وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، ردده بين الأرحام المحصنة والأصلاب الفاخرة حتى أبرزه الله آية باهرة وابتعثه حجة قاهرة، فقام بأمر الله وشقاشق الكفر هادره، وبحاره زاخرة، ودعاته ثائرة، فلم يزل يجادل في الله بالأدلة المتناحرة، ويناضل عن دينه بالقواضب الباثرة حتى أطفأ النائرة، وأعاد العيشة الناضرة، وأصلح أمر الدنيا والآخرة، صلى الله عليه وعلى الله وصحبه ما هطلت السحب الماطرة وجرت في البحار السفن الماخره.
عباد الله علوت على منبركم ولست بخيركم والله لو كانت الذنوب منظراً لكنت أقبحكم، أو ملبسا لكنت أخشنكم، أو صارت خبراً لكنت أفظعكم، أو فغمت رائحة لكنت أتفلكم، فإن تكلمت فنفسي أخاطب، ولئن وعظت فإني للتوبة طالب، وفي الإثابة راغب، يدعو إليها النهى ويصرف عنها الهوى.
قال: فأنزلتها من قلبي ثالثة الإيمان، وأضمرتها في نفسي حاجة لم أقضها إلى الآن، ولكل شيء أوان، مع اعتقادي أنها بكر كلامه، وفضيضة ختامه، حتى رويت عن الحسن أن أبا بكر خطب فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يعصم بالوحي، وكان معه ملك، وإن لي شيطاناً يعتريني، فإذا غضبت فاجتنبوني لا أؤثر في أشعاركم وأبشاركم ألا فراعوني فإن استقمت فأعينوني وإن اعوججت فقوموني، ووليتكم ولست بخيركم، قال الحسن: بلى والله إنه لخيرهم ولكن المؤمن يهضم نفسه.
أبو علي الأنطاكي:
شاعر، قرأت له بيتين في الحماسة العراقية:
لا وحلو الهوى ومر التجني ... ومخط العذار في صحن خده
لأذيبن وجنتيه بلحظى ... مثل ما قد أذاب قلبي بصده
أب علي الفقيه الخراساني:
الوزير، كان فقيهاً نبيلاً، وزر لبعض القواد القادمين إلى حلب في نفير خراسان، فإن بعض القواد من الاسبا سلارية قدم حلب، وكان هذا الفقيه وزيراً له، واجتمع بأبي القاسم الأفطسي بحلب، وحكى له مناماً رآه: رأى النبي صلى الله عليه وسلم يأمره بالنفير، وحكى عنه الحكاية أبو القاسم الأفطسي قال في ذكر فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الشبيه، ما ذكره أبو الغنائم الزيدي في كتاب نزهة عيون المشتاقين، ورواه عن أبي إسماعيل يحيى بن أبي يعلى حمزة بن أحمد الشاعر الأنطاكي قال: حدثني والدي أبو يعلى حمزة عن والدته فاطمة بنت محمد بن أحمد بن محمد الشبيه فذكر حديث فتح الروم حلب في سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة، وأسرها وخلاصها من الأسر على ما نذكره في ترجمتها مع النساء إن شاء الله تعالى قال: ثم جاء نفير من خراسان إلى حلب مع اسباسلار من القواد جليل في خمسة آلاف فارس، فأنزلهم سيف الدولة، وحمل إليهم ما أعده لهم من الهدايا والعلوفات الكثيرة، وكان وزير هذا الاسباسلار شيخاً كبيراً نبيلاً يعرف بأبي علي الفقيه، فسأل عن امرأة شريفة أسرت فعرفوه خبرها فجاء إلى أبي القاسم الأفطسي الشاعر يعني زوج فاطمة المذكورة، وقال له: إنا لم نعلم بفتح حلب، إلا أني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم، فقال لي: يا أهل خراسان ما تنفرون؟ فقلت: إلى أين يا رسول الله؟ فقال: إلى حلب فإن العدو قد فتحها وأسر لي منها بنتاً، فقلت: يا رسول الله فتدع بنتك مع الروم؟ فقال: لا ما تركتها، فتنبهت، وقد جئت وأنا أسأل عن الخبر، وذكر تمام الحكاية، ذكرناها في ترجمة فاطمة.
أبو علي الضرير المقرئ:

البجائي من بجاية بلد بالمغرب رجل مقرئ، عارف بالقراءات تصدر بجامع حلب لإقراء الناس، وإفادتهم، وأدركته وكان يقرأ على شيخنا أبي الحسن علي بن قاسم بن الزقاق الاشبيلي، حين ورد حلب، وكان أبو علي هذا رجلاً صالحاً، حسن الأداء، وانتفع به جماعة من الطلبة، وقرأ بحلب في ليلة من الليالي ثلاث ختمات وسورة البقرة من الختمة الرابعة في ركعة واحدة، وهو قائم وأكمل من سورة آل عمران إلى آخر الربع الأول وهو جالس، وصلى الصبح في أول الوقت، وحضر ذلك جماعة من القراء، وكتبوا خطوطهم بذلك، وعرفت ذلك في وقته بحلب.
وكان سبب ذلك أن بعض القراء الشيعة استصغر فعل عثمان رضي الله عنه أنه ختم القرآن في ركعتين إلى الصباح، وقال: أنا أفعل أكثر من فعله، وختم القرآن في ركعة واحدة قبل الصبح، أو أنه زاد على الختمة بما لا أتحققه الآن، فحمله ذلك على أن فعل ذلك إظهاراً لزيادة قدرته على الإسراع في القراءة، وأن الفضيلة في فعل عثمان ترتيله القرآن وتدبره.
وبلغني عن أبي علي المقرئ هذا أنه قرأ على محي الدين محمد بن علي بن محمد بن العربي الحاتمي، في ليلة من الليالي الصيف بحلب ختمة جمع فيها للقراء الثمانية، أعني السبعة ويعقوب، وتوفي أبو علي المقرئ هذا بحلب، بعد العشر والستمائة بسنين.
ذكر من كنيته أبو عمر
أبو عمر بن عامر المصيصي:
روى عن الفرج بن سعيد الطرسوسي روى عنه عمر بن أحمد بن السني.
أخبرنا السلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتابكي فيما أذن لي فيه وقد سمعت منه غيره بظاهر دمشق، قال: أخبرنا الحافظ عبد الخالق بي أسد بن ثابت قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن محمد بن أبي سعد البغدادي الحافظ بأصبهان من لفظه إملاء، قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار بن محمد قال: حدثنا أبو سعد بن حسنويه قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا عمر بن أحمد بن السني قال: حدثني أبو عمر بن عامر المصيصي قال: حدثني فرج بن سعيد قال: حدثني مبشر بن إسماعيل قال: قلت للأوزاعي: الرجل نراه يجالس أصحاب البدع فنلقاه فنعاتبه فيقول: أنا ليس بيني وبين الناس إلا خير؟ فقال الأوزاعي: هذا رجل يريد أن يجمع بين الحق والباطل، وهما لا يجتمعان.
أبو عمر المنبجي:
روى عن خالد بن سعيد، روى عنه محمد بن بكر البالسي.
أبو عمر الريحاني:
الواعظ، سمع بمعرة النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، روى عنه أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب.
أنبأنا أبو عبد الله بن الدبيثي قال: أنشدني أبو عبد الله أحمد بن علي الخطيب من حفظه بباب منزله بدار القز قال: أنشدني أبو محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب النحوي قال: أنشدني أبو عمر الريحاني الواعظ قال: أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله التنوخي لنفسه:
أأمكث في الدنيا كما هو عالم ... ويسكنني ناراً كقيصر أو كسرى
عبرت أسيراً في يديه ومن ... يكن له كرم تكرم بساحته الأسرى
ذكر من كنيته أبو عمرو
أبو عمرو مولى بني هاشم:
سمع بحلب محمد بن أيوب الأنماطي، روى عنه أبو عبد الله بن مندة الحافظ.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الدمشقي، وأبو الفضائل محمود بن أحمد بن عبد الواحد قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا والدي قال: أخبرنا أبو عمر مولى بني هاشم قال: حدثنا محمد بن أيوب الأنماطي بحلب، فذكر حديثاً سقناه في ترجمة محمد بن أيوب بهذا الإسناد.
أبو عمرو العثماني:
سمع بحلب محمد بن عبد الرحمن الهمذاني، واسمه عثمان بن محمد، وقد ذكرناه فيما تقدم، وسقنا عنه حكاية في ترجمة محمد بن عبد الرحمن.
أبو عمرو الأوزاعي:
اسمه عبد الرحمن بن عمرو بن يحمد، تقدم ذكره.
أبو عمرو الكرجي:
الطرسوسي، قاضي معرة النعمان، واسمه عثمان بن عبد الله الطرسوسي قد تقدم ذكره.
أبو عمرو الضبابي:
كان من العباد الغزاة، وصحب الصوفية وتأدب بأخلاقهم وصحب محمد بن الخضر التيمي، وغزا معه، ومات في غزاته تلك، حكى عنه محمد بن الخضر التيمي.

أخبرنا أبو نصر عبد العزيز بن يحيى بن المبارك الزبيدي ببغداد قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قالت: أخبرنا جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أحمد أبو إسحق إبراهيم بن سعيد بمصر قال: أخبرنا أبو صالح السمرقندي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن القاسم بن اليسع بالقرافة قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عمرو قال: حدثنا أبو محمد جعفر بن عبد الله الصوفي قال: قال أبو حمزة محمد بن إبراهيم الصوفي: حدثني الصلت بن بهرام المجاشعي قال: حدثني محمد بن الخضر التيمي قال: كان أبو عمرو الضبابي من أحسن من رأيته وجهاً ممن صحب الصوفية، وكان لا يرافق أحداً ولا يجالسه ولا يؤانسه إلا في طريق، فأتاني ذات يوم، ونحن ببلاد الروم، فقال: هل لك في مرافقتي فإني قد مللت الوحدة، وطالت علي الوحشة؟ فقلت: على خلال ثلاث، قال: وما هي؟ قلت: على أخبرنا لا أراك ضاحكاً إلى أحد من خلق الله، ولا مشتغلاً بغير طاعة الله عز وجل ولا تعمل عملاً حتى أقول لك، قال: قد فعلت، وكان معي لا يفارقني في حج ولا غزو، فكنت أرى منه أموراً أعلم أن الله سيرفعه بها في الدنيا والآخرة من حسن صلاته، وكثرة صيامه، وطول صمته، وقلة كلامه، فقلت له ذات يوم لأتبين معرفة عقله: ألا أشتري لك جارية، فقال: وما صنع بها؟ قلت: ما يصنع الرجل بملك يمينه، فقال: لو أردت هذا لم أترك أهلي وأشخص عن وطني، وأخرج عن دنياي، ولكان لي منهم مقنع، وفي المقام معهم متسع، فقلت: ألق هذا الصوف عنك فإنه قد أثر ببدنك، وأنهك جسمك، فقال: أتأمرني أن ألقي عني ثوباً أتقرب إلى الله عز وجل بخشونته وبفساعة ريحه، وأنا أرجو منه حسن الثواب عليه عند منقلبي إليه! قلت: فهل لك أن تفطر فإن الصيام قد أنحلك والظمأ قد غيرك؟ فقال: سبحان الله ما أعجب ما تأمرني به، هل الدنيا إلا يومان: فيوم قد مضى لي أو علي، ويوم أنا فيه لا أدري بما يختم لي من رحمة أو عذاب، فإن عذبني وأنا على حالة أتقرب إليه بها فهو أجدر أن يعذبني إذا فعلت أمراً أنا فيه مقصر، قلت: فصم يوماً وأفطر يوماً، فقال: ذلك صوم الأبرار ومن أمن النار، الذين علموا أن الله عز وجل متجاوز عنهم، وقابل منهم، فأما أنا فأنت تعلم اني غير عامل بما سبق في الكتاب من شقاء وسعادة، والله لئن عذبني الله على طاعته أحب إلي من أن يغفر لي وأنا على معصيته، على أنه غير جائر على من خلقه، ولا معذباً له إلا بذنب، قلت: أفلا أشتري لك وطاءً تنام عليه؟ فقال: وأي وطاء أوطأ من ظهر الأرض وقد سماه الله عز وجل مهاداً والله لا أفرش فراشاً ولا أتوسد وساداً حتى ألحق بالله عز وجل، فقلت: فهل لك أن تريح نفسك في هذه الغزاة وترجع، فقال: واعجباه من قولك تأمرني أن أرجع عن الجنة وقد فتح لي بابها، والله لا أزال أعرض نفسي على الله تعالى لعله يقبلني، فإن رزقني وخصني بالشهادة فهو الذي كنت أحاول وفيه أطالب، وإن حرمني ذلك فبالذنوب التي سلفت وأنا أسأل الله أن يتفضل علي بما سألته ويجيبني فيما دعوته، فغزا معنا ونحن في خلق كثير مع محمد بن مصعب فلقينا العدو، فكان أول من خرج، فقلت: أبشر بثواب الله عز وجل فقد أعطاك الرضا، وفوق المزيد، فقال بصوت ضعيف: الحمد لله على كل حال، لقد نظرت إلى كل ما تمنيت فوق ما اشتهيت، وبلغت ما أحببت، وأدركت ما طلبت من حور وولدان وسلسبيل وريحان، وإياك والتقصير لعل الله عز وجل أن يبلغك ما بلغني، ويرزقك ما رزقني.
ذكر من كنيته أبو عمران
أبو عمران الطرسوسي:
روى عن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل، وأبي يوسف الغسولي، روى عنه أحمد بن علي بن الجارود، وأحمد بن الحسن بن عبد الملك، ويوسف بن محمد المؤذن.
أنبأنا أبو الحجاج بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد قال: أخبرنا أبو طاهر الراشتياني، ح.
قال أبو الحجاج: وأخبرنا أبو المحاسن بن الأصفهبذ قال: أخبرنا أبو الفضل الثقفي قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر الذكواني قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: سمعت يوسف بن محمد المؤذن يقول: سمعت أبا عمران الطرسوسي قال: سمعت أبا عبد الله أحمد بن حنبل يقول: ما تحت أديم السماء أحفظ لأحاديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من أبي مسعود.

أخبرنا يوسف الآدمي إذناً قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: أبو عمران الطرسوسي قدم أصبهان.
حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن علي بن الجارود قال: سمعت أبا عمران الطرسوسي يقول: سمعت أبا يوسف الغسولي يقول: دخلت على سفيان بن عيينة وبين يديه قرصين من شعير فقال: يا أبا يوسف أما إنها طعامي منذ أربعين سنة.
أبو عمران الملطي:
من أهل ملطية، وكان أحد العباد والفرسان المجاهدين.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني في كتابه إلينا من مرو قال: أخبرنا أبو سعيد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي في كتاب تاريخ الصوفية قال: أبو عمران الثغري من أهل ملطية أحد الفرسان، سئل عن التصوف فقال: حال حير فبلبل فلم يبق للمتحير ما يعرف به.
ذكر من كنيته أبو عمرة
أبو عمرة الأنصاري:
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها، واختلف في اسمه فقيل أسير، وقيل بسير بن عمرو، وقيل بشير وقيل اسمه عمرو بن محصن وقيل ثعلبة بن عمرو، وقيل ثعلبة بن محصن، وقيل أسد بن مالك، وقيل عبد الرحمن. وقد تقد ذكره فيما سبق.
روى عنه المطلب بن عبد الله بن حنطب.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: في ذكر من كنى من الصحابة على حرف العين، من كتاب الحروف، ومنهم أبو عمرة الأنصاري زعم بعضهم أن اسمه ثعلبة بن عمرو، ويقال بشير بن عمرو، وقتل مع علي بصفين وابنه.
روى عن عثمان بن عفان.
وقال ابن السكن: أخبرنا محمد بن زبان الحضرمي قال: حدثنا عيسى بن حماد قال: أخبرنا الليث عن محمد بن عجلان عن عاصم بن عبيد الله عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أبي عمرة الأنصاري أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان في غزوة فأصابتهم شدة حتى هموا بنحر ظهرهم، ثم إن عمر بن الخطاب قال: يا رسول الله: لو أنك أمرت الناس فجمعوا أزوادهم، فدعوت فيها بالبركة، رجوت أن يبلغهم الله بها، فأمرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجمعوا أزوادهم على نطع، فدعا فيه بالبركة، ثم أمرهم أن يأتوه رسلا لا يبادر بعضهم بعضاً فاحتملوا الزاد حتى لم يبق منهم أحد، وبقي منه بعد فراغ الجيش، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم: هو الآن أكثر أو حين جمع؟ قالوا: والذي أكرمك بما أعطاك ما ندري أهو الآن أكثر أو حين أتي به، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أشهد أن لا إله إلا الله، وأشهد أني رسول الله، وأشهد أن لا يشهد بها أحد مخلصاً إلا وجبت له الجنة.
روى هذا الحديث إبراهيم بن عبد الله بن زيد عن أبيه عن الأوزاعي، و إبراهيم جميعاً عن المطلب بن عبد الله عن عبد الرحمن بن أبي عمرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يروه بهذا الإسناد غير إبراهيم والله أعلم.
أبو عمرة المازني:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها.
قال الواقدي: وفيها يعني سنة سبع وثلاثين قتل بصفين: عمار، وخزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي.
ذكر من كنيته أبو العلا
أبو العلاء بن بوين المعري:
وهو من أقارب أبي الحسن علي بن جعفر بن بوين المعري، الشاعر المشهور، شاعر وقع إلي بيتان من شعره رواهما عنه أبو جعفر محمد بن أبي البيان محمد بن علي التنوخي المعري.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي. وأخبرنا به إجازة عنه أبوا: القاسم بن رواحة، وابن الطفيل، وغيرهما قال: أنشدني أبو جعفر محمد بن محمد بن علي بن الجواري التنوخي، وسمعته يقول: أنشد أبو العلاء بن بوين المعري قريب ابن بوين الكبير بيتين من نظمه لوالدي، وسأله إجازتهما، وكنت حاضراً بمصر، وهما:
بخل الزمان على الكرام بصفوه ... وكذاك فعل مباين الأخلاق
وذهبت أسعى في البلاد موازراً ... عزماً يقوم بصالح الأعراق
فقال أبى:

وسلكت فيه نهج كل ممجد ... لو ساعدته معونة الخلاق
ولقيت في أبنائه وصروفه ... وخطوبه ماذو البصيرة لاق
وتباعدت عني الحظوظ ... وإنما بيد الإله مفاتح الأرزاق
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من كنيته أبو العلاء
أبو العلاء بن سليمان المعري:
اسمه أحمد بن عبد الله بن سليمان، وقد قدمنا ذكره.
أبو العلاء بن العين زربي:
أصله من عين زربة من الثغور الشامية، وكان يسكن دمشق، وكان شاعراً مجيداً، روى عنه أبو الحسن علي بن مسهر الموصلي.
أنبأنا عبد المحسن بن عبد الله الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خميس الموصلي قال: حكى لي بعض الفضلاء من الأدباء وهو الرئيس الأديب أبو الحسن علي بن مسهر الموصلي رحمه الله أنه جاءه بدمشق في سنة نيف وسبعين وأربعمائة أبو العلاء بن العين زربي باكياً حزيناً، فسأله عن حاله، فقال: إنني عملت في المنام أشعاراً كثيرة، لما أهذي به في اليقظة، فما حفظت منها شيئاً، وقد رأيت ملك الموت عليه السلام في هذه الليلة الماضية وهو يقول لي: أنا ضيفك فعملت في المنام هذين البيتين وحفظتهما وهما:
قضى الله أن أقضي وتقضى منيتي ... ولم أقض في الدنيا مناي ومنيتي
فلله ضيف زارني فقريته ... حياتي فولى ظاعناً حين ولت
قال: ثم إنه خرج عني، فوصلني خبره بعد يومين أو ثلاثة أنه مات إلى رحمة الله تعالى.
أبو العلاء بن أبي الندى:
المعري، واسمه المحسن، تقدم ذكره.
ذكر من كنيته أبو عيسى
أبو عيسى بن موسى:
ابن أبي القاسم بن محمد القزويني، شيخ حسن، حدث بحلب عن أبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، وتوفي بحلب في منتصف شعبان سنة ثمان وثلاثين وستمائة، رحمه الله.
أبو عيسى بن الطبيب:
العامل على خراج الثغور حدث بطرسوس عن أبي الطيب بن جهور القاضي. روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي.
حرف الغين
في الكنى
أبو الغادية المري:
وقيل الفزاري شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وقيل إنه هو الذي قتل عمار بن ياسر، وقد سبق في باب العين المهملة ذكر أبي عادية الجهني، وأنه طعن عماراً، وقتله غرة، وذكر شبيهاً بهذه القصة.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري التغلبي قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي الحمصي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسن بن إبراهيم العتكي الأنطاكي قال: حدثنا علي يعني أبا الحسن بن محمد بن السكن اللؤلؤي قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبان المكين عن أبي هاشم الرماني أن معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه كان جالساً على سرير إذ جيء برأس عمار بن ياسر، وألقي بين يديه، وعنده عبد الله بن عمرو بن العاص، فجاء رجل فقال: أنا والله قتلته، فقال عبد الله بن عمرو: ما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: إنا لله وإنا إليه راجعون، قال: اذهب ما أنت قتلته، أو قال ما أنت قاتله، إذ جاء قاتله أبو الغادية المري، فقال أنا والله قتلته، فقال له عبد الله بن عمرو: ما سمعته يقول؟ قال: سمعته يقول: يا جبريل يا ميكائيل، قال عبد الله: أوه أنت والله قاتله، أو أنت والله قتلته، أنا سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: قاتل عمار وسالبه في النار، فقال له معاوية: ما تريد مني يا عبد الله تريد تضل الناس عني، فقال عبد الله بن عمرو: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول شيئاً فقلت مثله.
وقد قيل أن أبا الغادية طعنه وابن حوي احتز رأسه، وأن عمرو بن العاص قال لابن حوي: وقد قال: أنا قتلته، فقال له عمرو: فما كان منطقه؟ قال: ابن حوي: سمعته يقول:
اليوم ألقى الأحبة ... محمداً وحزبه
وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن حوي فيما يأتي إن شاء الله تعالى من هذا الكتاب، وقد ذكرنا في ترجمة أبي عادية الجهني أنه هو الذي طعنه، والله أعلم.
ذكر من كنيته أبو غالب
أبو غالب الأنطاكي:

حدث عن يحيى بن السكن، روى عنه علي بن حمزة بن صابح الأنطاكي علون وأحمد بن محمد بن مسعود الأنطاكي.
أبو غالب الملطي:
روى بطرسوس عن أبي زرارة الريحاني، روى عنه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي القاضي.
أبو غالب بن عبد الحق:
وزير آق سنقر البرسقي، قدم حلب سنة ثمان عشرة وخمسمائة، صحبة البرسقي، حين قدم حلب والفرنج محاصروها فرحلهم عنها، وملكها، ولما قتل البرسقي وزر لابنه مسعود بعده.
ذكر من كنيته أبو غانم
أبو غانم بن سعيد بن عبد المنعم بن المنذر الحلبي:
الملقب بالشرف بن الصيفي، أبي الفضل، شاب حسن فاضل اشتغل بالأدب، وقال الشعر الحسن، وولاه الملك الظاهر غازي بن يوسف القرية التي كانت له بالغور اقطاعاً من عمه، وتعرف بالزراعة، فأقام مدة في دمشق وكان بيني وبينه اجتماع ومؤانسة، جمع بيننا اشتغالنا بالنحو في الحلقة، واجتماعنا في حلق الكتب لابتياعها، كتب لي أبياتاً من شعره، وكنت قد وعدته بإعارة ديوان شعر ابن عمار الكوفي، فأرسلها إلي يقتضيني إنجاز الوعد بإعارته.
قل لفلان الدين يا سيداً ... أضحى به زند الورى واري
وعدك بالأمس غداً باعثاً ... شوقي إلى شعر ابن عمار
فأعمر به ربع سروري فقد ... نادته في ناديك أشعاري
أبو غانم بن المفضل:
ابن عبد الرزاق بن أبي حصين المعري، الملقب بالصفي، روى عن جده القاضي أبي غانم عبد الرزاق، وعمه القاضي أبي البيان محمد بن عبد الرزاق، روى عنه العماد أبو حامد محمد بن محمد بن أخي العزيز الكاتب.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار المقدسي قال: أخبرنا أبو حامد محمد بن محمد الكاتب قال: أنشدني القاضي الصفي أبو غانم بن أبي حصين قال: أنشدني أبو البيان محمد قال: أنشدني عمي أبو يعلى في الزلي والمنشفة الرومي عند دخول الحمام:
ورومي خلعت عليه يوما ... ثيابي كلها مع طيلساني
فلا بالمنطق الرومي أثنى ... علي وقال هذا قد كساني
ولا قال اشكروا عني فلانا ... فإني لا يطاوعني لساني
فعدت لآخذها فتشبثت بي ... له أخت من البيض الحسان
وقال العماد أبو حامد الكاتب: أنشدني القاضي أبو غانم بالشام سنة سبعين وخمسمائة قال: أنشدني جدي أبو غانم لنفسه يصف الفقاع:
ومحبوس بلا جرم جناه ... له حبس بباب من رصاص
وقد ذكرنا الأبيات الثلاثة في ترجمة جده عبد الرزاق.
أبو غانم بن أبي الفتح بن الموصول:
الحلبي الأسدي له شعر، أنشدني عنه بعضه ابن عمي أبو يعلى عبد الكريم بن عبد الصمد.
أنشدني ابن عمي أبو يعلى عبد الكريم بن عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أنشدني أبو غانم بن أبي الفتح بن الموصول الحلبي لنفسه بها:
صاح دعني وما تقول الأعادي ... وارتقي بي إلى مكان الرشاد
وذر اللهو واسقني بنت كرم ... عتقت في الدنان من عهد عاد
نزلت في الكؤوس كالنار يحكي ... نورها نور كوكب وقاد
واستدار الحباب فاللؤلؤ الرطب ... عليها كحل عقد اعتقادي
إن تعسفتني بظلم فإني ... مستجير بسادة أنجاد
أبو غانم بن الحلاوي:
الشاعر الحلبي، واسمه.........، تقدم ذكره.
أبو غانم بن العديم:
الزاهد عمي، اسمه محمد بن هبة الله، قد تقدم ذكره.
أبو غانم النجار:
الحلبي الحاجي روى عن ابن منير الشاعر شعراً له. روى لنا عنه الشريف أبو الحسين علي بن محمد بن داود بن الناصر الحلبي.
أنشدني الشريف أبو الحسين بن الناصر الحسني الحلبي بها قال: أنشدني الحاجي أبو غانم النجار الحلبي ببليرمون قال: أنشدني أبو الحسين أحمد بن منير لنفسه في ملك النجاة، وقد خمشه قط في يده:
عتبت على قط ملك النحاة ... وقلت أتيت بغير الصواب
خمشت يداً خلقت للندى ... وفك العناة وضرب الرقاب
فقال لي القط ويك اتئد ... أليس القطاط عداة الكلاب
وقد قيل أن هذه الأبيات لوحيش الشاعر، وقيل إنها لفتيان الشاغوري.
أبو الغريب الأصبهاني:

ووجدته في موضع آخر أبو العريب بالضم، فلا أدري الضم بالغين أو بالعين وكان أحد الفقراء المجردين، أقام بطرسوس مدة، حكى عنه الحسين بن جعفر، وأبو القاسم فارس بن أبي الفوارس.
قرأت في كتاب الإخبار بفوائد الأخبار، من كلام أبي بكر محمد بن إبراهيم بن يعقوب الطرسوسي قال: سمعت أبا القاسم فارس بن أبي الفوارس يقول: كنا بمصر جماعة من الفقراء ومعنا أبو الغريب، وكان يأتينا بالجامع حدث من أبناء المياسير، فوقع في قلب أبي العريب، فكان إذا رآه تغير وأدخل رأسه في مرقعته لا ينظر إليه، فقلنا له يوماً: باسطه لعله يخف عنك، فمد كفه إليه كالسائل، وهو عنه معرض فدفع الفتى إليه خاتمه، فلبسه أبو العريب، وذهب الفتى وأخبر أبوه بذلك، فأرسل إلى أبي العريب يسترد خاتم ابنه، فأدخل أبو العريب اصبعه في فيه يخرج الخاتم فامتنع عليه، فلم يملك اصبعه أن قطع اصبعه بأسنانه، ووضعها مع الخاتم في كف الرسول، وقام فخرج.
قال أبو القاسم: فخرجنا في الفداء بعد سنين، فإذا أنا به في بعض بلاد الروم، فقلت له: كيف تجدك؟ فقال: كما كنت، قلت: ويحك قد عاش الفتى ومات أبوه، فلو قدمت معنا، فقال: والله لا دخلت ديار الإسلام وسري يعبد سواه.
ونقلت من كتاب سير السلف تأليف الحافظ أبي القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل: ذكر أبي الغريب الأصبهاني، رحمه الله، لقي المتقدمين من المشايخ، أقام بطرسوس برهة، ثم رجع إلى مكة، ثم رجع إلى شيراز فاعتل فيها علة شديدة وظننا أنه يموت، فقال: إن مت بشيراز فادفنوني في مقابر اليهود فتعجبنا من قوله، وسألناه عن ذلك فقال: إني سألت الله عز وجل أن يكون موتي بطرسوس ولا أشك أن موتي هنالك، فبرأ من العلة وخرج، وآخره مات بطرسوس.
وقال: قال الحسين بن جعفر: دخلنا على أبي الغريب بطرسوس وقد ورمت فخذاه، وشق من وركه إلى ركبته، وسال منه القيح الكثير وهو بحالة عجيبة، فقال له بعض أصحابنا: كيف أنت؟ فقال: كما ترى، وبعد ما قلت مسني الضر مات بطرسوس.
أبو الغزير:
صاحب أبي عبيد البسري الزاهد، حكى عن أبي عبيد حكاية جرت له معه، وهو في الغزاة ببلاد الروم، رواها عنه عبيد بن فايد، فقد دخل في غزاته حلب أو بعض عملها.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو علي الحسين قال: حدثنا أحمد بن أبي حريصة الهمذاني إجازة قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر بن الجبان قال: وحدثني أبو القاسم الفضل بن جعفر بن محمد المؤذن قال: حدثنا أبو يعقوب الأذرعي قال: حدثنا عبيد بن فايد قال: قال لي أبو الغزير: كنت أنا وهو يعني أبا عبيد في بلاد الروم، وكنا قد هادفنا العدو فوقع فرس أبي عبيد للموت فجعلت أنا أتقلى من عدو مواجهنا وفرس يموت وهو قائم يصلي، فلما التفت من صلاته قلت: في هذا الموضع تصلي؟ فقال: ما أجد في قلبي شيئاً، ثم نهض الفرس، وركب أبو عبيد، فقلت: لا أسأله بعدها عن شيء.
أبو الغنائم تاج الملك:
واسمه.
كان يتولى خزانة السلطان ملكشاه، وكان وجيهاً عنده، وقدم معه حلب، حين قدمها، وهو الذي تولى عمارة المسجد المعروف بمقام إبراهيم عليه السلام خارج باب العراق وشاهدت اسمه مكتوباً على الرواق الذي بين يدي المسجد منقوراً في الحجر مع اسم ابنه محمد بن ملكشاه، وقد ذكرناه في حرف الخاء فيما تقدم من الكتاب.
قرأت في تاريخ أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ بخطه في حوادث سنة خمس وثمانين وأربعمائة: قتل نظام الملك، وأنه أتهم بذلك متولي الخزانة تاج الملك.
قال: وكان تاج الملك لا يفارق السلطان إلى أن يدخل فراشه، ويدخل إليه وهو وخاتون في الفراش لا تختبي منه.
قال: وكان شيخاً مليح الشيبة، أبيض الحواجب، يقول لي أبي: والله كأنه جدك رحمهم الله.
فلما مات السلطان يعني ملكشاه اجتمع مماليك خواجاً بزرك، وكانوا في سبعة آلاف مملوك مزوجين إلى سبعة آلاف مملوكة له، وقالوا: ما قتل مولانا نظام الدين إلا بأمر تاج الملك، فإنه باطني، وأمر به الباطنية فقتلوه، فوثبوا على تاج الملك فقتلوه، وتوازعوا جثته، فصار إلى كل واحد منهم عظم أو قطعة لحم لفها، وجعلها في خريطته، حدثني بذلك جماعة من الثقات.
أبو الغوث بن محجز المنبجي:

شاعر مجيد، قيل إنه انتقل من منبج إلى حلب، وسكنها، وإن درب أبي محجز بالقطيعة ينسب إليه، وله مسجد حسن فيه، كان يقرئ فيه القرآن، وعندي في ذلك شك، فإن الدرب ينسب إلى أبي محجز لا إلى ابن محجز.
وذكره أبو منصور الثعالبي في تتمة اليتيمة، وذكر له من الشعر قوله في غلام إلتحى:
في سبيل الله خداً ... كان في الملمس خزا
خانه الشعر فأضحى ... يوسع اللاثم وخزا
قال: وله:
أيها الظبي الذي ... أعرض عني وجفاني
فهو من أعظم همي ... حين أخلو بالأماني
ابتلاك الله مني ... بالذي منك ابتلاني
ساعة حتى ترى كيف ... الهوى ثم كفاني
قال: وكان يحفظ شعر البحتري.
قال: وكان أحضر الناس جواباً، وكان في عينيه سوء، فقال له صاحب منبج وقد رمدت عينه مرة: يا أبا الغوث قد أشرفت على العمى فماذا تعمل إذا عميت؟ فقال: أقرأ على قبرك أيها الأمير.
حرف الفاء
في الكنى
أبو فاختة:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى عنه، حدث عنه ابنه، وعمرو بن دينار.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن محمد الصابوني قال: أخبرنا أبو محمد بن الخشاب النحوي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى الجعفي قال: حدثني سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار عن أبي فاختة قال: أتيت علياً يوم صفين بأسير، فقال له الأسير: لا تقتلني، فقال له علي: لا أقتلك صبراً إني خاف الله رب العالمين، ثم قال له علي: أفيك خير، أتبايع؟ فقال الرجل: نعم، فقال علي للذي جاء به: خذ سلاحه، وخل سبيله.
ذكر من كنيته أبو الفتح
أبو الفتح بن أحمد بن أبي الرؤوس السروجي:
القاضي، دخل معرة النعمان، وقرأ بها على أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وروى عنه شيئاً من شعره، روى عنه أخوه القاضي أبو المهذب عبد المنعم بن أحمد بن أبي الرؤوس.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري قراءة عليه بمنزلي بحلب قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت أبا الزاكي حامد بن بختيار بن جروان النميري الخطيب بالشمانية مدينة بالخابور يقول: سمعت القاضي أبا المهذب عبد المنعم بن أحمد بن أبي الرؤوس السروجي يقول: سمعت أخي القاضي أبا الفتح يقول: دخلت على الشيخ أبي العلاء التنوخي بالمعرة، ذات يوم، في وقت خلوته بغير علم منه، وكنت أتردد إليه وأقرأ عليه، فسمعته وهو ينشد قيله:
كم غودرت غادة كعاب ... وعمرت أمها العجوز
أحرزها الوالدان خوفاً ... والقبر حرز لها حريز
يجوز أن تبطئ المنايا ... والخلد في الدهر لا يجوز
أبو الفتح بن الأباريقي:
الحلبي الأديب، شاعر من أهل حلب روى عنه شيئاً من شعره القاضي أبو البركات محمد بن علي بن محمد الأنصاري، قاضي سيوط وخرج عنه إنشاداً في مشيخته. وسمع منه بحلب.
أخبرنا مرتضي بن حاتم المقدسي في كتابه قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن علي القاضي قال: أنشدني الشيخ الأديب العفيف أبو الفتح بن الأباريقي الحلبي لنفسه:
شاور أخا اللب الفصي ... ح فإن هديك في يديه
فمن استبد برأيه ... عميت مراشده عليه
أبو الفتح بن بيان بن علي:
الحلبي الملقب بالتاج ابن أخت الأستاذ ثابت بن شقويق الأمان، واسمه أحمد، وهو معروف بالكنية، رجل كيس، حسن المحاضرة، طيب المذاكرة ينظم الشعر، وهو متستر متدين، وكان متشيعاً، روى لنا عن الأستاذ حماد البزاعي، وأبي جعفر بن المؤيد الحواري المعري، والمؤيد محمد بن يوسف بن الدخوار، وروى عن الشريف النسابة محمد بن أسعد الجواني.
سألته عن مولده في الحادي والعشرين من شعبان سنة أربع وعشرين وستمائة، فقال لي خمسة وستون سنة، فيكون مولده تقديراً في سنة ثمان أو سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
أنشدني أبو الفتح بن بيان بن علي الحلبي بياقد قال: أنشدني حماد البزاعي لنفسه:
يا بدر متعت بإشراقك ... يا غصن مليت بأوراقك

يا حسن الوجه عسى خلقك البد ... يع يعدي سوء أخلاقك
يا نائم الليل هنيئاً وإن ... حرمت فيه نوم عشاقك
فداء عينيك وحاشاهما ... مما تلاقي عين مشتاقك
فاحذر علي بعدك من داره ... إذا بكى سرعة اغراقك
أنشدني أبو الفتح بن بيان الحلبي قال: أنشدني أبو جعفر بن المؤيد بن حواري المعري لنفسه:
لاحظته فجرى النجيع بخده ... فاقتص لا متعديا من ناظري
فكلاهما حتى المعاد مضمخ ... بدمائه من جائر أو ثائر
توفي أبو الفتح بن بيان بحلب......وخمسين وستمائة.
أبو الفتح بن عبد الرحمن بن علوي بن المعلى:
السنجاري الحنفي، كان أديباً له شعر حسن، ونثر، وخطب، وروى عن الحيص بيص شيئاً من شعره وقدم حلب متوجهاً إلى دمشق، فأقام بدمشق إلى أن توفي فيها سنة تسع وعشرين وستمائة.
أبو الفتح بن عبد المحسن:
ابن سعيد بن عمرو التنوخي المعري، شاعر مجيد، من بني عمرو المعريين، ويقول علماء المعرة: الشعر عمري، لأن بني عمرو كان فيهم كثرة، وهم مجيدون.
نقلت من خط عبد المنعم بن الحسن بن الحسين بن اللعيبة الحلبي، في مجموع له، علق فيه فوائد، قال: حكى لي القائد أبو اليمن بن أبي خريبة من أهل معرة النعمان، ونحن نتصرف قي جبل السماق في شوال سنة تسعة عشر وخمسمائة قال: كان عندنا بالمعرة من بني عمرو أخوان الواحد يكنى بأبي الفتح، والآخر أبي البركات، وكانا أطروشيين يعاشران من أهلها عبد المنعم بن الأصفر، وكان أيضاً أطروشاً، ويتنادمون على الشراب، فكتب أبو الفتح بن عمرو إلى الناظر الشاعر، وكان أعمش:
أنا وأخي أبو البركات عندي ... وعبد المنعم الخل المصافي
فسر لتجيب عنا سائلينا ... ونبصر نحن دونك من يوافي
أبو الفتح بن محمد بن هبة الله:
ابن محمد بن هبة الله بن الرعباني الحلبي، من بيت كبير بحلب، يقال لهم بنو أمين الدولة.
أبو الفتح بن النن القطان:
شاعر من أهل معرة النعمان، قرأت له أبياتاً بخط أبي المجد محمد بن عبد الله بن محمد بن سليمان المعري وهي:
أنا واف ولست لي بالواف ... فأقلي أسرفت في الإسراف
قرحت مقلتي عليك فما ... أفرق ما بين دمعتي ورعافي
وتلافيتني فقلت كما قي ... ل محال بعد التلاف التلافي
وله أيضاً ونقلتها من خط أبي المجد المذكور:
يا نصير بن بنت شهدة ألحا ... ظك عندي أمضى من الأقدار
ذاب جسمي به فلو هبت الري ... ح مضى تحت قوسه في الغبار
أبو الفتح بن محمد بن عمر الأبيوردي:
الصوفي الحلبي واسمه عمر لكنه لا يعرف إلا بالكنية، ولد بحلب. وكان أبوه صوفياً من أهل أبيورد، ونشأ أبو الفتح بحلب، وكان جارنا بحلب، وسمع أبا الفرج الثقفي، وحدث عنه بحلب، وكان يخيط في حال شبابه ويرتزق من ذلك، وكان صوفياً حسناً من أهل الخير والصيانة، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وتوفي بحلب في يوم الاثنين الثاني والعشرين من ذي القعدة من سنة تسع وأربعين وستمائة، ودفن بالتربة التي جددها إلى جانب المدرسة التي أنشأتها ظاهر حلب، خارج باب العراق رحمه الله.
أبو الفتح بن النحاس:
الأنصاري الدمشقي، من بيت مشهور بدمشق شاعر مجيد قدم حلب ومدح بها السلطان الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب سنة تسع وسبعين وخمسمائة.
روى عنه العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن أخي العزيز الكاتب، وذكره في ذيل الخريدة مما نقلته من خطه، قال: ومنهم أبو الفتح بن النحاس الأنصاري من أهل دمشق، رأيته في مجلس الملك الناصر ينشده قصيدة منها:
تجلت في الدجى شمس النهار ... وزارت بعد هجر وازورار
ألمت بعد ما حيت فأحيت ... قتيلاً نضو شوق واذكار
فتى أودى به فتان طرف ... تألف من فتور وانكسار
أتت والليل قد وافى بهيما ... كليل الشعر مربد الشعار
وقد بثت كواكبه جيوشاً ... لها في الجو كالنقع المثار
ونامت أعين السمار لما ... خبا النبراس من بعد استعار

وقالت بعد ما ألقت رداها ... تنبه واصح من هذا الخمار
وعاد الليل من ذاك المحيا ... منيرا ضاحكا مثل النهار
إلى كم ذا الكرى بل أنت ميت ... تنبه واصح من هذا الخمار
وقم يا صاح فالواشون عنا ... هجود تحت أسمال الدثار
وعود العود قد وافاك لدنا ... نضيراً ذا اهتزاز واخضرار
فقمت مقبلاً منها جبينا ... سرت منه البدور إلى السرار
وخداً مثل قاني الورد غضاً ... حوى الضدين من ماء ونار
وثغرا فيه در في عقيق ... وشهد في رضاب كالعقار
ونحراً لم أكن لولا اعتذاري ... به في الحب مخلوع العذار
وبت معانقاً منها قضيبا ... رشيق القد حلو المستدار
أبو الفتح النقاش الحلبي:
نقاش السكة، واسمه مسعود بن أبي الفضل، وتلقب بالتاج، وقد قدمنا ذكره.
أبو الفتح نديم سيف الدولة علي بن حمدان:
شاعر أورد له أبو منصور الثعالبي في كتاب اللطف واللطائف:
قم فاسقني قبل خفق الناي والعود ... ولا تبع طيب موجود بمفقود
نحن الشهود وخفق الناي خاطبنا ... نزوج ابن سحاب بنت عنقود
أبو الفتح البالسي:
قرأت بخط صديقنا تقي الدين إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنماطي على ظهر كتاب: ما صورته: جمال الدين أبو الفتح البالسي:
لما حدا الحادي بهم ... بانوا وبان الجلد
وظلت من يوم النوى ... قلبي المعنى أنشد
وخلفوا بين الحشى ... نار الهوى تتقد
وناظري من بعدهم ... أقسم أن لا يرقد
وإن أرادوا شاهداً ... فدمع عيني يشهد
وزاد ما بي من جفا ... حتى جفاني العود
ولست أخفي حبهم ... ولا غرامي أجحد
ساروا وشت شملنا ... فمتهم ومنجد
وكان صبري منجداً ... فيهم فخان المنجد
آه على دهر مضى ... فعوده مستبعد
وقد شقيت بالهوى ... ترى بقرب أسعد
وقفت أبكي ربعهم ... حيناً ومالي مسعد
إلا حمامات اللوى ... تبكي وطوراً تنشد
وهذا أبو الفتح هو نصر بن الحسن بن إبراهيم، الملقب جمال الدين، وقد تقدم ذكره، في حرف النون من الأسماء.
أبو الفتح البصري:
سمع بطرسوس أبا الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفا ض الفيريابي. روى عنه.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: روى أبو الحسن هذا يعني الفيريابي عن أحمد بن منصور الرمادي، وعباس بن محمد الدوري وإسحق بن الحسن الحربي وأقرانهم، روى عنه أبو الفتح البصري وغيره وكان البصري قد سمع عليه بطرسوس.
أبو الفتح الطرسوسي:
روى عن محمد بن محمد بن داود الكرجي الطرسوسي، روى عنه رشاء بن نظيف.
أبو الفتح الرحبي الروحاوي:
قدم من الرحبة إلى دمشق واجتاز في طريقه بطرف جبل البشر من عمل حلب، وكان رجلاً صالحاً.
قرأت في كتاب الاستسعاد بمن لقيه ابن الحنبلي من صالحي العباد في البلاد: قرأت بخط أبي محمد عبد الرحمن بن نجم الحبلي قال: الشيخ أبو الفتح الرحبي، وهو من قرية يقال لها الروحا، من قرة الرحبة، قدم دمشق مرتين من الرحبة في حوائج له إلى نور الدين محمود، وكان نور الدين يحسن فيه الظن، وكان شيخاً حسناً ديناً متعبداً، شافعياً سلفياً صائم الدهر، وكان إذا قدم نزل عندنا في مجلس المدرسة التي لنا، وكان حسن الملقى طيب الخلق، يفشي السلام ويهديه إلى الغائب عنه، وكان يأتيه الخبز من الرحبة من طعام يعرفه، فيأكل منه، وسمعته يقول للشيخ أبي الفرج عندنا راوية تعرف به، يعني جد أبي، رحمه الله.
أبو الفتيان بن حيوس:
الشاعر، نزيل حلب، واسمه محمد بن سلطان وقد تقدم ذكره في المحمدين.
ذكر من كنيته أبو فراس
أبو فراس بن حمدان:
واسمه الحارث بن سعيد بن حمدان الأمير، وقد قدمنا ذكره في حرف الحاء.
أبو فراس بن أبي الفرج البزاعي:

الأستاذ، وقيل فيه أبو الفوارس وهو الصحيح، لكن غلب على ألسنة الناس أبو فراس، وهو ابن أخت الأستاذ حماد البزاعي، وسنذكره مع من كنيته أبو الفوارس إن شاء الله تعالى.
أبو فراس العامري:
المعروف بمجد العرب شاعر فاضل أديب، قدم الشام، وجالس أدباءها، وخالط كبراءها، وأقام مدة بشيزر عند بني منقذ، روى عنه العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن أخي العزيز الكاتب.
ذكر من كنيته أبو الفرج
أبو الفرج بن أبي بكر العلاف:
الشاعر، واسمه علي بن الحسن بن علي، قدم حلب وروى بها قصيدة أبيه في مرثية الهر، وقد قدمنا ذكره.
أبو الفرج بن أبي حصين:
علي بن عبد الملك الحلبي القاضي، وكان أبوه أبو حصين الرقي قاضي حلب، شاعر مجيد، ذكره أبو منصور الثعالبي في ذيل اليتيمة وقال: أبو الفرج بن أبي حصين القاضي الحلبي، من أظرف الناس وأحلاهم أدباً، وأبوه الذي كاتبه أبو فراس وساجله، ومدحه السري وأخذ جائزته، ولم أسمع لأبي الفرج أصلح من قوله فيمن أبى أن يضيفه:
وأخ مسه نزولي بقرح ... مثل ما مسني من الجوع قرح
بت ضيفاًً له كما حكم الدهر ... وفي حكمه على الحر قبح
وابتداني يقول وهو من الس ... كرة بالهم طافح ليس يصحو
لم تغربت؟ قلت: قال رس ... ول الله والقول منه نصح ونجح
سافروا تغنموا فقال: وقد قال عليه السلام: صوموا تصحوا
قال: ولم أسمع في عموم الخيانة ووراثة الناس أباهم آدم غير قوله:
كيف ترجو الوفاء من نس ... ل من لم يف لله في الجنان بحبه
وعزيز في العالمين أمين ... خان عهدا أبوه في الخلد ربه
وقوله في عتاب الدهر على قصده الكرام:
يا دهر مالك طول عهدك ترتعي ... روض الأماني بارضاً وحميما
يا دهر مالك والكرام ذوي العلى ... ماذا يضرك لو تركت كريما
أبو الفرج بن عبيد الله بن الحسين:
الهلالي النحوي الحلبي، المعروف بالوأواء، واسمه عبد القاهر شاعر، أديب فاضل، نحوي، وقد قدمنا ذكره.
أبو الفرج النحوي:
المعروف بالمستور، واسمه الحسين بن محمد، روى عن أبي الطيب المتنبي، وأبي القاسم عبد الرحمن بن إسحق الزجاجي، وأراه لقيهما بحلب، وتوفي سنة تسع وثمانين وثلاثمائة أو بعدها، فإنه حدث عنهما في هذه السنة، وقد تقدم ذكره.
أبو الفرج بن نصر المخزومي:
المعروف بالببغاء، واسمه عبد الواحد، وقد قدمنا ذكره.
أبو الفرج بن الشام يده الطرابلسي:
حكى عن أبي الفتيان بن حيوس، والبليغ المعري حكاية شهدها بحلب مع نصر بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس رواها عنه أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله القيسراني قال: سمعت أبا الفرج بن الشام الطرابلسي يحدث شيخي أبا محمد توفيق بن محمد قال: كنت عند نصر بن محمود بحلب، وقد خرج للشرب في ظاهرها فأجريت له ساقية من قويق ونضد حولها الفاكهة والعقيق والجزع وغير ذلك، فكان يملأ العين بهجة، وكان أبو الفتيان إذ ذاك بحلب، فقال نصر بن محمود جيئوا بأبي الفتيان ليعمل في موضعنا هذا شعرا، فأتى أبو الفتيان وأعاد عليه الأمير ما وقع في نفسه، فقال: أيها الأمير أنا أسأل أن أعفى من هذا فإني رجل شيخ والى يومي هذا ما عرف لي سقطة ولا وقف لي أحد على زلة في الشعر، والبديهة مزلة للشاعر، وإن أذن لي رويت في هذا وأنشدته فيما بعد، فأعفاه، وكان النابغ يومئذ بحلب، قد عمي، فذكروه لنصر بن محمود، فأحضره، وعمل في ذلك الماء مقاطيع عدة على ما وصف له في الحال.
هكذا وقع في الأصل المنقول منع النابغ، وهو والله أعلم تصحيف، وإنما هو البليغ المعري.
أبو الفرج مولى عمر بن عبد العزيز:
حكى عن عمر حكايات كثيرة، وكان معه بخناصرة.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن عن عمه أبي القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين الأبرقوهي، وأبو عبد الله الخلال إذناً قالا: أخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد، إجازة، ح.

قال: وأخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا علي قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: أبو الفرج مولى عمر بن عبد العزيز روى عن عمر بن عبد العزيز حكايات كثيرة، وقال أبو محمد بن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول قدم علينا الري شيخ يقال له أبو الفرج، مولى عمر بن عبد العزيز، فكان يحدث عن عمر بن عبد العزيز حكايات كثيرة، وكان يكذب.
أبو الفرج الطرسوسي الصوفي:
شيخ الصوفية ببيت المقدس، وكان من كبار الشيوخ وأعيانهم.
نقلت من خط الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي ما أخبرنا به أبو الحجاج يوسف بن بليل الدمشقي بحلب قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي قال: سمعت أبا الحسن علي بن يوسف الهكاري شيخ الصوفية، يقول: تدري لم سمت الصوفية القسمة طرسوس؟ قلت: لا، قال: لأن القسمة لم تكن بين الجمع إلى زمان الشيخ أبي الفرج الطرسوسي شيخ بيت المقدس، فأحدث القسمة على الجمع ليزول شغل قلب المتأهل، ويتصرف في نصيبه كما يريد، فاختصروا هذا الكلام وقالوا: طرسوس.
أبو الفرج الحلبي:
روى عن أبي طاهر الرستمي روى عنه أبو القاسم الفضل بن عبيد الله.
قرئ على فخر الدين أبي العباس أحمد بن عبد الله بن محمد العقري الحميدي بالموصل قال: أخبرنا أبو المظفر عبد الصمد بن الحسن بن عبد الغفار الزنجاني قال: أخبرنا الحافظ الحاكم أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم اليوناري الأصبهاني قال: أخبرنا سليمان بن إبراهيم بن محمد الحافظ في كتابه أن الإمام أبا الحسن محمد بن عبد الواحد بن عبيد اله حدثه قال: سمعت أبا القاسم الفضل بن عبيد الله يقول: أخبرني أبو الفرج الحلبي قال: سمعت أبا طاهر الرستمي ببغداد قال: قال لي ابن شريح الفقيه: رأيت في المنام كأن القيامة قد قامت وحشر الخلق، نادى مناد: ماذا أجبتم المرسلين؟ فالتفت فلم أر أحداً، ولم أسمع جواباً حتى كررها، فأجبت وقلت: يا رب بالتصديق والإيمان، ثم قلت: يا رب لم أزن قط، ولم أسرق، ولم أقتل نفساً فسمعت النداء: إني أغفر لكم ما دون الكبائر.
أبو الفرج العجلي الكاتب:
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أنبأنا أبو يعقوب الأديب قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال:
أبو الفرج بن الطيب الأنطاكي:
الطبيب النصراني القس، كان طبيباً حاذقاً من أهل أنطاكية، وله مصنفات حسان، منها: ثمار كبت جالينوس، اختصر فيها الستة عشر في مجلد واحد، وشرح فصول بقراط، وشرح العلل والأعراض، وشرح فاطيغورياس وبارا ارمينياس وغير ذلك.
وكان ابن سينا يغض مه ويتنقصه، ويلقبه عجوز النصارى إذا تكلم في قرأ عليه المختار بن بطلان الطب ولازمه سنين عدة.
أبو فضالة الأنصاري:
صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، بدري، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها، روى عنه ابنه فضالة.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحفظ قال: حدثنا القاضي أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال: حدثنا الحسن بن حفص قال: حدثنا شيبان قال: حدثنا محمد بن راشد المكحولي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عقيل عن فضالة بن أبي فضالة الأنصاري قال: خرجت مع أبي عائداً لعلي بن أبي طالب وعلي يومئذ بأرض يقال لها نقيع وهو مريض، فقال له: ما يقيمك بهذا المنزل. لو أصابك أجلك وليك أصحابك وصلوا عليك. وكان أبو فضالة من أهل بدر، فقال له علي: إني لست بميت من مرضي هذا، إن النبي صلى الله عليه وسلم عهد إلي أن لا أموت حتى أدمى. ثم تخضب هذه يعني لحيته من دم هذه يعني هامته قال: فقتل أبو فضالة مع علي بصفين.
ذكر من كنيته أبو الفضائل
أبو الفضائل الأنطاكي:
وقيل كنيته أبو إسحق، واسمه إبراهيم بن أحمد وأبو الفضائل لقب له غلب عليه، شاعر محسن من أهل أنطاكية.
قرأت بخط أبي حليم ظافر بن جاب الطبيب الحراني نزيل حلب لأبي الفضائل الأنطاكي في مصحف أهداه.
ولما تولى رد كل هدية ... عفافك والدنيا تضوع برياها
بعثت الذي يأبى لك الدين رده ... وإن خفت حيفاً منك أذكرك الله
أبو الفضائل بن سعيد بن مكي:

الحلبي، شاعر قديم العصر ظفرت له بأبيات يصف فيها الدبادب وهي:
وللدبادب في أرحائه زجل ... تكاد منه قلوب الناس تنصدع
كهدة الطود تهوى بين أودية ... او صوت سيل تردى ماؤه دفع
أو الصواعق في طيخاء مظلمة ... أو كالزئير إذا ما هيج السبع
فالأرض ترجف والأبطال تزحف والأ ... سياف تهبط والأرواح ترتفع
أبو الفضائل سعيد الدولة:
ابن حمدان، صاحب حلب، واسمه سعيد بن سعد بن سعد الدولة شريف بن سيف الدولة علي بن عبد الله بن حمدان، تقدم ذكره.
ذكر من كنيته أبو الفضل
أبو الفضل الدهخذائي الشقاني:
واسمه العباس بن أبي العباس أحمد بن محمد قدم حلب، وكان من أهل الأدب، روى عن أبي بكر أحمد بن منصور بن خلف، وأبي عبد الله محمد بن إبراهيم الزكي.
روى عنه أبو المعالي بن شاهفور الاسفرائيني، وأبو منصور المظفر بن ازدشير العبادي الواعظ.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: سمعت الإمام أبا شجاع البطامي يقول بهراة: سمعت الإمام أبا المعالي بن شاهفور الأسفرائيني ببلخ يقول: حكي عن الدهخذائي أبي الفضل الشقاني أنه قال: قدمت حلب، فوجدت شعراءها يقبحون شعر العجم وأهل خراسان، ويقولون آثار التكلف بادية في أشعارهم، فقلت: ما كلهم كما تصفون، وأنشدتهم بيتين لأبي الحسن بن طلحة:
ألا هاتها وردية عنبية ... فقد شوشت ريح الصبا طرة الورد
ولاح هلال العيد نضواً كأنه ... بدو غرار السيف من أسفل الغمد
فقالوا: قال لنا شيخنا أبو هاشم: قال أبو سعد السمعاني: ولهما ثالث أنشدناه أبو الفضل أحمد بن تميم التميمي، إملاء من حفظه بأسفرائين، قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن طلحة الأسفرائيني لنفسه:
ألا هاتها وردية عنبية ... فقد شوشت ريح الصبا طرة الورد
ولاح هلال الفطر نضواً كأنه ... بدو غرار السيف من أسفل الغمد
ولا تخش أطوار الليالي فإنها ... تلون ولا تبقي على النحس والسعد
أبو الفضل بن تحجر الأنطاكي:
شاعر ظفرت له ببيت مفرد.
فقلت من خط روح بن محمد بن أخبرنا السني من مجموع من فوائده عن شيوخه: أنشدني أبو منصور بن المرزبان لأبي الفضل بن حجر الأنطاكي:
وقالوا تطأمن تجزك الحادثات وقد ... تطامنت حتى بلغت الحوت وهي معي
أبو الفضل بن الديعاص:
الوزير الحلبي، كان وزيراً بحلب لبعض ملوكها، وكان أديباً شاعراً، ذا ثروة، وكان له عقب بحلب، أدركت منهم رجلاً شيخاً ممولاً بحلب، وتوفي ولم يخلف غير بنت، وانقطع نسلهم، ووقع إلي من شعره بيت مفرد.
وجدت بخط الشيخ أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب في أثناء مجموع من تعليقه، في دار وقف القرآن بسنجار ما صورته: أنشدني الأثير يعني الفضل بن سهل الحلبي لابن ديعاص الحلبي يهجو وزير رضوان صاحب حلب، والمشرف ابن الخلال:
قد زنجر الدهر على الناس ... ما بين خلال ونحاس
قلت: يريد أبا نصر بن النحاس، ولم يكن وزير رضوان، ولا أدرك ولايته.
أخبرنا سعيد بن أبي طاهر الأسدي إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي في كتابه قال: حدثني أبو الحسن يحيى بن علي بن عبد اللطيف التنوخي المعري بدمشق، من حفظه وإملائه قال: دخل أبو نصر المهنا بن علي بن المهنا التنوخي المعري، الملقب بالناظر، على أبي الفضل بن الديعاص الحلبي الوزير يوماً عند وصوله من مصر مسلماً عليه، وعنده قرد قد أتى به في صحبته من هناك، وكانت بينهما ممازحة، فأومأ إلى القرد فصفعه، فأطرق رأسه ساعة، ثم أنشده بيتين، فندم أبو الفضل على فعله، وسأله إخفائهما، فقال: هب أني أخفيتهما فالحاضرون ترى ما حفظوا، وهما:
قل لأبي الفضل هكذا أبداً ... مثلك من في السمو قد زادا
أحسنت يا سخنه العيون كما ... سرت وزيراً وعدت قرادا
أبو الفضل بن سالم العطاردي:

المنبجي، شاعر، كان في أيام الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، وقيل إنه يكتب له على الرسائل، وذكر له بعض الناس في مصلوب هذين البيتين وتروى لغيره:
انظر إليه كأنه في جذعه ... لما توشح بالحبال ودرعا
رام رمى عن فوسم بمفوق ... وأراد صحة رميه فتسمعا
قال: وله أيضاً:
وعصبة أصبحوا راكباً على خشب ... منصوبة قد رمى في الأرض راسيها
مجردين سوى ما كان من أزر ... ما ترتجي خلفاً يوماً لياليها
أبو الفضل بن صالح المعري:
روى عن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري، روى عنه أبو المجد عبد الرحمن بن محمد بن أبي السرايا الحلبي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أنشدنا أبو المجد عبد الرحمن بن محمد بن أبي السرايا الحلبي، إملاءً من حفظه بالرقة، ح.
وأخبرنا به إجازة عالياً أبو اليمن الكندي ولامعة بنت المبارك بن كامل عن أبي المجد عبد الرحمن بن محمد بن أبي السرايا الحلبي قال: أنشدنا أبو الفضل بن صالح المعري بحلب قال: أنشدني أبو العلاء أحمد بن عبد الله المعري لنفسه في الثلج:
أتانا في الولادة وهو شيخ ... فأزرى بالشباب وبالشيوخ
وقال أريد عندكم تنوخاً ... فقلت أصبت إنا من تنوخ
أبو الفضل بن أبي منصور القمي:
شاعر كان بحلب في سنة ثلاث وستين وأربعمائة مع عسكر السلطان العادل ألب أرسلان ومدح نظام الملك في منزلة العسكر خارج باب قنسرين، ذكره أبو الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر فقال: أبو الفضل بن أبي منصور القمي ريحانة الظراف، ولهزة الشراف، فيه أثر النسيم في القضب اللطاف، وله شعر حسن كوجهه، وفضل يضعف الوصف عن بلوغ كنهه، وليس يحضرني من شعره إلا ما مدح به الصاحب نظام الملك على باب قنسرين في رجب سنة ثلاث وستين وأربعمائة:
ماذا على طيف الكرى لو ... عادا دنفاً تناهى سقمه وتمادى
فنهاية المأمول منه لمامه لو ... كان في إلمامه منقادا
أبداً أضم جفون عيني عله ... يأوي إلي إنسانها معتادا
فيقر قلب ليس يهدأ ساعة ... وينام طرف لا يذوق رقادا
هيهات ليس يزور طيف ... مقلة ألفت سكوب مدامع وسهادا
يا راحة الأرواح أنصف مرة ... فلقد بلغت بظلمك الآمادا
أو ما ترى فصل الربيع وقد ... غدا أشهى الأوان إلى القلوب مرادا
والأرض من خلع الغمام تدرعت ... حللاً تعم تهائما ونجادا
وتلفعت صلع الأباطح والربى ... من مونق العشب الأثيب بجادا
فتظن أنفاس الشمال مريضة ... والطير حول وسادها عوادا
وشباه ممشوق القوام مهفهف ... فلت مذربه الشفار حدادا
إن سله من غمد مقلمة غدا ... صلا يمج من اللهاة مدادا
أرى لمن أبدى خلوص ولائه ... ونقيع سم للمريد عنادا
وإذا مشى بين الثلاث لكتبة ... أبصرت منه فضائلاً آحادا
خط يروق رواؤه فكأنما ... نشرت أنامله بها أبرادا
ذكر من كنيته أبو الفوارس
أبو الفوارس بن أبي الفرج:
البزاعي ابن أخت الأستاذ حماد البزاعي الأستاذ من أهل بزاعا، وكان مؤدباً بحلب، وله مكتب يعلم فيه أولاد الأعيان من الحلبيين، وانتفع به جماعة، وكان فيه صلاح وتقى، وعنده فضل وأدب، وينظم شعراً جيداً.
روى عنه شيئاً من شعره أبو عبد الله محمد بن محمد العماد الكاتب، وعلي بن سنان الحلبي السراج، وروى لنا عنه شيئاً من شعره الزكي عبد الرحمن بن أبي غانم بن إبراهيم بن سندي الحلبي، والقاضي أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الفقيه، واسمه محمد بن أبي الفرج، واشتهر بالكنية، وقد قدمنا ذكره في المحمدين أيضاً.

أنشدنا الزكي عبد الرحمن بن أبي غانم بن سندي قال: أنشدنا الأستاذ أبو الفوارس بن أبي الفرج البزاعي لنفسه، وذكر لي أنه عملها بديهاً، وفد اجتاز بدير عمان، وهو دير بجبل سمعان من غربي حلب وإلى جانبه دير سابان:
قد مررنا بالدير دير عمانا ... ووجدناه داثراً فشجانا
ورأينا منازلاً وطلولاً ... دارسات ولم نر السكانا
وأرتنا الآثار من كان فيها ... قبل تفنيهم الخطوب عيانا
وبكينا فيه فكان علينا ... لا عليه لما بكينا بكانا
لست أنسى يا دير وقفتنا في ... ك وإن أورثتني النسيانا
من أناس حلوك دهراً فخلو ... ك وأمسوا قد عطلوك الآنا
فرقتهم يد الخطوب ... فأصبحت خرابا من بعدهم أسيانا
وكذا شيمة الليالي تمي ... ت الحي منا وتهدم البنيانا
حرباً ما الذي لقينا من الدنيا ... وماذا من خطبها قد دهانا
نحن في غفلة بها وغرور ... وورانا من الردى ما ورانا
أنشدنا القاضي ضياء الدين صقر بن يحيى بن صقر قال: أنشدني أبو الفوارس الأستاذ لنفسه وقد عزل عامل بزاعا عنها وولي غيره.
مد براً يعزلونه ... ويولون مدبرا
شبه من يغسل الثياب ... من البول بالخرا
قرأت للأستاذ أبي الفوارس البزاعي على ظهر كتاب:
يا من كحلت بحسن صورته ... عيني وكانت تشتكي الرمدا
فجلا القذا منها وآمنها ... من أن تراه بعدها أبدا
أوليت عيني يا لشفاء يداً ... فأنعم وأول القلب منك يدا
فكلاهما في حبك اشتركا ... وعلى هواك معي قد اعتضدا
أنت الشفاء لمدنف وصب ... لورام ذاك سواك ما وجدا
سألت غير واحد من أهل بزاعا عن وفاة أبي الفوارس الأستاذ فقال: قرب الستمائة. وسألت صديقنا زين الدين ابن النصيبي، وكان معلمه، عن وفاته، فقال: توفي في غالب ظني في سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي
أبو الفوارس بن الطلائي:
الاسكندراني الواعظ، الملقب بالشمس، واعظ حسن، له قبول، قدم علينا حلب، ووعظ بها، وحضرت مجلسه وأنا صبي، ولا أتحقق ما سمعته منه، وله شعر حسن، روى لنا عنه شيئاً منه الزين يونس بن أبي الغنائم المقرئ بالألحان.
أنشدني زين الدين أبو..........يونس المقرئ قال: أنشدني أبو الفوارس الاسكندراني الواعظ بالقاهرة لنفسه:
رقصت لطيفة جوهر الأرواح ... في جرم قالب هيكل الأشباح
وتمايلت مثل الغصون كأنها ... شربت وما شربت سلاف الراح
وهي التي ما لم تزل سكرانه ... من خمرة تسقى بلا أقداح
وإذا صحت من سكرة فلسكرة ... لكنها سكرى بغير جناح
عربية عجمية صوفية ... شامية مدنية يا صاح
ترتاح عند سماع ذكر حبيبها ... شوقاً له والعيش للمرتاح
وتأن أنة عاشق جذب الهوى ... بزمامه عن لذة الأفراح
علمت مباديها وعودتها له ... وحي أتى من فالق الأصباح
حرف القاف
في الكنى
ذكر من كنيته أبو القاسم
أبو القاسم بن إبراهيم بن هبة الله:

ابن إسماعيل بن نبهان بن محمد الشافعي القاضي الفقيه الحموي، الملقب بالعماد، ويعرف أبوه بابن المقنشع، فقيه فاضل متورع، ولي قضاء حماة سنة اثنتي عشرة وستمائة، وبقي قاضياً بها إلى أن عزل عن القضاء، وتوجه إلى حلب فأقام بها مدة وتأهل بها، وقطن، ثم رحا منها إلى حمص واتصل بخدمة الملك المجاهد شيركوه بن محمد بن شيركوه، وحظي عنده ثم من بعده عند ولده الملك المنصور إبراهيم، وسير إلى بغداد منها رسولاً مراراً متعددة، وإلى حلب وغيرها من البلاد، ثم انتقلت حمص إلى الملك الأشرف موسى بن إبراهيم، فسيره رسولاً إلى مصر إلى صاحبها الملك الصالح أيوب، وكان قد صاهر وزير الملك الأشرف المخلص بن قرناص على ابنته، فتجدد من الحوادث أن قبض الملك الأشرف على وزيره المذكور، حميه ابن قرناص، فلم يعد إليه من مصر، وأقام بالديار المصرية إلى أن ولاه الملك الصالح أيوب القضاء بمدينة مصر، فبقي قاضياً يحكم بين الناس إلى أن عزل عن القضاء في سنة إحدى وخمسين وستمائة.
وكان موفقاً في أحكامه عادلاً في أقضيته حافظاً لناموس القضاء، فقيهاً معتبراً، عارفاً بالمذهب والخلاف، له هيبة وتصون وكان قد ولي التدريس بالمدرسة الأسدية بحلب، وولي التدريس بالنورية بحماة.
ولما عزل عن قضاء مصر توجه منها إلى دمشق، فأقام بها مدة، ثم استدعي إلى حماة ليتولى قضاءها، وطلب من الملك الناصر يوسف لذلك، فسير إليه في ذلك، وقرر أمره، وعين له ما يكفيه، واشترط في ولايته شروطاً فيما يرجع إلى صيانة مجلس الحكم، وأن لا يعارض في أحكامه ولا يتجوه عليه بجاه من ذي سلطان ولا غيره، فأجيب إلى ذلك جميعه، وخرج من مدينة دمشق مبرزاً للتوجه إلى حماة، فمرض بذات الجنب ثلاثة أيام، وتوفي يوم الخميس ثالث عشر المحرم من سنة اثنتين وخمسين وستمائة بمدرسة ابن الزنجاري بالعقيبة، ودفن بجبل الصالحين رحمه الله.
أبو القاسم بن برية:
الرقي القاضي درس العلم بحلب، وقرأ عليه بها أبو القاسم الخضر بن عبد الله البالسي، وحكى عنه.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد بن مرزوق الزعفراني قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الفراء المقرئ البصري الدمشقي بالقدس قال: سمعت أبا القاسم الخضر بن عبد الله البالسي يقول: قال لنا القاضي أبو القاسم بن برية الرقي بحلب، ونحن ندرس عليه الفرائض والحساب، وغير ذلك: العلم أشد المعشوقين دلالاً، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أعطيته كلك على غرر من إعطائه لك البعض.
أبو القاسم بن جلبات المعري:
شاعر مذكور، وتلقب بالكامل، واسمه علي، وقد قدمنا ذكره.
أبو القاسم بن حسن بن أبي القاسم المقدادي:
قاضي رحبة مالك بن طوق، فقيه شافعي المذهب، من ولد المقداد بن الأسود، رأيته بالرحبة، وذكر لي أنه قدم حلب، ثم عدت إلى الرحبة مرة ثانية، فقيل لي إنه توجه إلى حلب في شغل يتعلق بصاحب الرحبة.
سمع مني شيئاً من الحديث بالرحبة، وسمعت منه بها الأحاديث الخمسة التي خرجها الشيخ عسكر النصيبي من جزء الأنصاري، من حديث أنس بن مالك وهي الثمانيات، سمعتها منه بسماعه من عسكر النصيبي عن ابن منينا عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قاضي المارستان وهي سماعي في جزء الأنصاري، من أبي اليمن الكندي، وأبي حفص ابن طبرزد عن قاضي المارستان، وإنما كتبناها عنه لأجل البلدة، وهو شيخ حسن فقيه.
أبو القاسم بن الحسين بن السيمدع:
الأنطاكي، روى عنه القاضي أبو علي السرخسي حكاية مضحكة حكاها عن عامل كان بأنطاكية وكاتبه.
أنبأنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف فقال أخبرنا أبو الفتح بن البطي في كتابه عن أبي عبد الله الحميدي قال: أخبرني غرس النعمة أبو الحسن بن الصابئ إجازة قال: وحدثني القاضي أبو علي السرخسي قال: حدثني أبو القاسم بن أبي علي الحسين بن السميدع الأنطاكي قال: كان عندنا بأنطاكية عامل من قبل أمير حلب، وكان له كاتب أحمق، فغرق في البحر شلنديان من مراكب المسلمين التي يقصدون فيها الروم، فكتب الكاتب عن صاحبه إلى الأمير بحلب: بسم الله الرحمن الرحيم

أعلم الأمير أعزه الله أن شلنديين اعني مركبين صفقا أي غرقا من خب البحر أي من شدة موجه فهلك من فيها أي تلفوا.
فأجابه أمير حلب: ورد كتابك أي وصل وفهمناه أي قرأناه فأدب كاتبك أي اصفعه واستبدله أي اصرفه فإنه مائق أي أحمق والسلام، أي قد انقضى الكتاب.
أبو القاسم بن أبي عبد الله الحسن بن أبي الندى:
المعري التنوخي، أخو أبي العلاء بن أبي الندى لأبيه، وكان مقيماً بحلب، وروى عن أخيه أبي العلاء شيئاً من شعره.
وأدركته ولم أسمع منه، وأنشدنا عنه ابن أخته أبو بكر بن أبي علي بن أبي سالم الحلبي.
أخبرني أبو بكر بن أبي علي السمسار الحلبي، أن خاله أبا القاسم هذا توفي منذ خمسة عشر سنة، وكان قوله ذلك لي في سنة خمس وعشرين وستمائة، فتكون وفاته في حدود العشر والستمائة.
أبو القاسم الشيظمي:
واسمه نصر بن خالد، وكان شاعراً مجيداً، وهو أحد معلمي سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان.
روى عنه أبو الفرج الببغاء، وقد ذكرنا في حرف النون بعض أخباره وشعره، ولم نخل الكنى من ذلك، لشهرته بالكنية.
قرأت في كتاب أبي القاسم عبيد الله بن عبد الرحيم الذي وضعه في أخبار الشعراء قال: حدثني أبو نصر بن نباتة قال: كان الشيظمي الشاعر أحد معلمي سيف الدولة، وكان يتبسط عليه بدالة التربية والصحبة ولم يكن يجلس بحضرته غيره من أبناء جنسه وكان شيخاً مبدناً لا يستطيع الوقوف، وكان سيف الدولة كثيراً ما يمازحه، فأنشده يوماً:
والشيظمي إذا تنحنح للقرى ... حك أسته وتمثل الأمثالا
فضرب بيده على فخذه وقال: ليس كذا علمك المعلم يا عزيز أبوه، بهذا اللفظ غير معرب له، وكان سيف الدولة، على ما حكى يكايده بما يفعله مع المتنبي، ويقصد مغايظته، وينفذ إليه في الليل من يدق عليه بابه، ويزعجه، بأن يقول له: إني رسول الأمير إليك، فإذا تكلف الخروج إليه واستعلام ما حضر فيه، قال له: ألست المتنبي؟ فيقول: لا، ثم يعود عليه بالشتم، وعلى من أنفذه، وعلى المتنبي الذي ذكره.
قلت: أراد أبو القاسم الشيظمي بقوله: ليس كذا علمك المعلم، أن البيت:
والتغلبي إذا تنحنح للقرى.
يعرض بالرد على سيف الدولة.
قال ابن نباتة: وحمل إليه يوماً مع بعض أصحابه ثياباً كثيرة وطيباً ودنانير لهما قدر، وصى رسوله بأن يسلم إليه الجميع فإذا حصل في قبضته، قال له: أليس الشيخ هو المتنبي؟ والتمس خطه بالوصول، ففعل الرسول ما أمره به، فعظم هذا على الشيظمي وسبه وألقى ما سلمه إليه في وجهه فارتجعه الرسول وانكفأ به، فلما كان في الليل استدعاه وداعبه وأعاد إليه الصلة جميعها، وكان دائماً يستعمل معه هذا الجنس وأمثاله من العبث.
قرأت في كتاب المفاوضة تأليف أبي الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب بخطه وأخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إذناً قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي غالب بن بشران قال: قرأ علينا أبو الحسن محمد بن علي بن نصر الكاتب قال: حدثني أبو الفرج عبد الواحد بن نصر قال: كان الشيظمي منقطعاً إلى سيف الدولة قبل ورود المتنبي إليه، يقول شعراً مختل النسج مضطرب النظم، حتى إذا قامت للمتنبي سوق عند سيف الدولة دخله شبيه شيطان، فقال شعراً جيداً.
وكان سيف الدولة شجر بينه وبين أخيه ناصر الدولة منافرة بسبب الرحبة، لأنها كانت لأخته، وماتت ورام ناصر الدولة استضمامها إلى أعماله، وهي جارية في أعمال سيف الدولة، فقال لنا: قد عرفتم ما كان من ناصر الدولة، فمن حضره في ذلك شيء فليقل، فغدا الشعراء عليه، فأنشدوه، فسمع من كل منهم، وقال: اسمعوا إلى من اختصر واقتصر، وأنشدنا لنفسه:
تركت لك الكبرى لتدرك سبقها ... وقلت لهم بيني وبين أخي فرق
ولست أبالي أن أجئ مصليا ... إذا كنت أهوى أن يكون لك السبق
وما عاقني عنها نكول وإنما ... تغاضيت عن حقي فتم لك الحق
فاستحسنا ذلك ودعونا له، وأنشدني لنفسه في ذلك من قطعة ميمية أولها:
في الحلم ما ينهى ذوي الأحلام ... عما يخالف عادل الأحكام
قال فيها:
يا ناظري ويعز أن أقذى ... ويا قلبي وكيف أروعه بملام
لأعاتبنك مبقياً مستصلحا ... قبل الظبا بعبارة الأقلام

أسخطت عمداً في عقوقي دولة ... ثبتها نصراً بحسن قيامي
إن كنت ناصرها فإني سيفها ... والقتل لا يرضى بغير حسام
وبكفك الصمصام مني فارعه ... حفظاً ولا تخدع عن الصمصام
لك في الأباعد من عداتك شاغل ... عما تعق به ذوي الأرحام
وحضر الشيظمي، كان قد تأخر فأنشده:
سوق المكارم آذني بكساد ... شغل المكارم عنك بالأحقاد
أأخي وما أحلى دعاءك يا أخي ... هذا وقد جرحت مداك فؤادي
أتضيمني وأبي أبوك وإنما ... التفضيل بالآباء والأجداد
وبلادك الدنيا ولم تجدب ولا ... استوبلتها فلم انتجعت بلادي
يا طارق الغايات غير محاذر ... إياك فهي مكامن الآساد
الآن أعذر حاسدي وحجتي ... في ذاك أنك صرت من حسادي
قلت: قد نسب بعض الناس البيت الثاني والثالث والرابع إلى الأمير سيف الدولة، وزعم أنه كتب بها إلى أخيه وليس ذلك بصحيح، والصحيح أنها للببغاء.
قال الببغاء في تمام ما رواه عنه ابن نصر في المفاوضة: وكان سيف الدولة يمازحه كثيراً، ويولع به دائماً ويتبسط الشيظمي عليه فضل تبسط ويحتمله، فقال لنا أبو الفرج: كنا بحضرة سيف الدولة ليلة من الليالي، فدخل الشيظمي، فقال سيف الدولة: انظروا كيف أجننه ويرجع، فقال له حين أقبل: أي وقت هذا يقصد فيه السلاطين، وما الذي عرض حتى جئت فيه، ولم يزل يوبخه ويظهر الغيظ منه، فلما سمع الشيظمي ذلك رجع، فقال له سيف الدولة: إلى أين؟ قال: انصرف فإني قد بلغت غرضي وقضيت حاجتي، قال: وما هي؟ قال: حضرت لأغيظك وقد اغتظت، ولم يبق لي شغل، قال: فضحك سيف الدولة حتى استلقى، ثم قال: بحياتي أمعك شعر؟ قال: نعم، فأنشده قصيدة أولها:
من جانب الغي توخى رشده ... ومن بغى الشكر بجود وجده
وفعلك الخير مفيد خيرة ... أفلح من أطلق بالخير يده
ومضى فيها فاستحسنها سيف الدولة وأحسن جائزته عنها.
قرأت بخط المفضل بن أسد الفارزي الحلبي للشيظمي من قصيدة:
فإن ضاقت علي ديار بكر ... فما ضاق العراق ولا الشام
إذا ستر لرجاء ثناه راج ... تكلم حيث يتسع الكلام
أبو القاسم بن السحلول:
الزاهد، رجل من العباد الأتقياء، له كرامات كان بشيزر.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن منقذ في تاريخه: سنة أربع وثلاثين وخمسمائة في شوال وفي حادي عشر مات أبو القاسم بن السحلول الزاهد رحمه الله، وكان لا يأكل خبزاً لأحد قط إلا ما يعمل، ولقد حدثني جماعة، وهو حاضر يتحدث حينئذ، أنه حج وجاءت طريقه إلى خيبر هو وجماعة من الحجاج فأخذوهم العرب، قال: ومشينا حتى نال الحر والعطش منا، وقال له أصحابه: ما تشتهي يا أبا القاسم؟ قال: اشتهيت رحمة الله وشربة من ماء، قالوا: أين ذاك؟ قال: أما أنا فأتكل على الله وأموت ولا أتعب، ورجع إلى موضع يلتجئ إليه، فوجد ماء معيناً فغرف منه بيده فنادى أصحابه فجاءوا وشربوا واستراحوا، فإذا ناقة قد أقبلت من التي كانت لهم، وقد أخذها العرب، فجاءت إلى أن حققوها، فرأوها ناقة أبي القاسم، فما وقعت إلا في يده، فقال: يا قوم لي فيها وديعة، سبعة دنانير، قفوا نتبلغ بها إن كانت ناقته، فمد يده إلى قتبها، فوجد ذهبه في المكان الذي عمله، فسلم وسلمنا ببركته.
أبو القاسم بن محمد بن بديع:
ابن عبد الله بن عبد الغفار أخو أبي النجم بن بديع، واسمه علي، وزر أبو القاسم هذا لتاج الدولة تتش بن ألب أرسلان بدمشق، وقدم معه حلب حين افتتحها، وكان قد جعله تتش بحلب حين توجه إلى بلاد العجم، فلما مات تتش وصل ابنه رضوان فسلم إليه أبو القاسم حلب، وكان له شعر، روى عنه أخوه أبو النجم وزير رضوان.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي بالقاهرة عن الإمام أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدنا أبو النجم هبة الله بن الأصبهاني ببغداد، قال: أنشدنا أخي أبو القاسم لنفسه:
بأصبهان سقاها الله لي سكن ... لولا الضرورة ما فارقته نفسا
لا خلص الله قلبي من مودته ... إن كان سلوانه في خاطري هجسا

ويلي فقلبي عراقي يرق له ... وقلبه جبلي قد عسى وقسا
أبو القاسم بن مبارك:
الشاعر المنبجي، شاعر من أهل منبج، روى عنه أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الديرة، فقال: دير قزمان شمالي حلب ما بين جبرين وتل خالد، دير حسن، أنشدني أبو القاسم بن عبدان الشاعر من أهل منبج:
فشبهت ما ينثج من فتقاته ... على دير قزمان أكف بني عوف
سراة بني معن ومفزع مالك ... وذروة ذودان ومعتمد الضيف
رأيتهم والنجم قد باح نوره ... وثقلت الأيدي على الدرهم الزيف
فما قرعت ألفاظهم باب علة ... ولا استعملوا القول المقيم على كيف
ولكنهم قد حنطوا لا وكفنوا ... عسى أن سيأتينا وصلوا على سوف
أبو القاسم بن عبدان:
الأستاذ وجيه الدولة الحلبي.
فاضل أديب شاعر، وكان قد جمع إلى فضله ركوب الخيل، وحضور الحرب، وكان منقطعاً إلى معز الدولة ثمال بن صالح، وكان ينادمه، وله فيه من قصيدة أولها:
أشاقك أظعان الخليط المفارق ... وهاجك لمع البرق من أرض بارق
يقول فيها:
بكم يا بني مرداس يستنزل الحيا ... ويستدفع المضرور شر البوائق
وقيل أنه عاش إلى أيام أبي المكارم مسلم بن قريش، وقتل في الحرب التي قتل فيها مسلم على نهر عفرين، وهو شيخ كبير.
ذكر هذا أو نحوه عنه رجل من أهل حلب يقال له ابن النحوي في مصنف له سماه مناجاة الأرواح.
أبو القاسم بن أبي المكارم بن المهذب:
المعري التنوخي شاعر من أهل المعرة من أكابر بيوتها.
قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر، تأليف عبد القاهر بن علوي قاضي معرة مصرين لأبي القاسم بن أبي المكارم بن المهذب إلى سديد الملك ابن منقذ بشيزر:
لا در در زمان صرت أمدحكم ... فيه لأطلب من جدواكم عدسا
مدحتكم غرة مني فكنت كمن ... يبخر الثوب بالهندي ثم فسا
أبو القاسم بن الحمامي:
خطيب طرسوس، كان خطيباً فصيحاً حسن المقاصد، ذكره القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور ونقلته من خطه، وعد أئمة جامع طرسوس وخطبائه، فقال ومن الخطباء أبو القاسم بن الحمامي، وقد كان أوتي حظاً من الحكمة والبيان ونصيباً وافراً من الخطب، لكل شأن، ورزق من حسن النثر في كلامه أمراً بديعاً ومن تأتيه لما يحدث من أحوال الناس سبباً صعباً منيعاً.
قال القاضي أبو عمرو: حدثني أبو الفرج أبان بن أحمد بن أبان، أحد أمراء الثغر وحماته وفرسانه، وقد ذكر ذاكر فضل أبي القاسم بن الحمامي الخطيب، وحسن فصاحته، فقال: كان بعض الأمراء نادى بغزاة عقدها، فلما حضر المسجد الجامع للخروج منه على الرسم، اتصل الشتاء، ودامت الأمطار والأنداء فثبط فريق من الناس عن السفر، وعاين أبو القاسم وهو على المنبر دون ما يعهد من عدد من حضر، فخطب على رسمه ثم تلا وأومأ إلى الرعية يقول: ما كان لأهل المدينة ومن حولهم من الأعراب أن يتخلفوا عن رسول الله وأومأ إلى السلطان الحاضر، لعقد تلك الغزاة، والخروج فيها، ثم قال: ولا يرغبوا بأنفسهم عن نفسه يومي إليه مرة وإليهم أخرى " ذلك بأنهم لا يصيبهم ظمأ ولا نصب ولا مخمصة في سبيل الله ولا يطئون موطئاً يغيظ الكفار ولا ينالون من عدو نيلاً إلا كتب لهم به عمل صالح إن الله لا يضيع أجر المحسنين " ، فتجددت نيات جماعته موعظته في خطبته، وتجهزت طائفة كثيرة منهم للغزو مسرعه من وقته الذي ذكر فيه وساعته، وتخلى لما برزوا إلى ظاهر البلد ما كان اتصل من المطر وشدته، ورزقوا في غزوهم الظفر والقهر والغلبة والنصر، وآبوا بالأعلاج مصفدين، وبالسبايا والغنائم مثقلين، فاعترف من تجددت نيته لأبي القاسم بفضله وأن غزاته بحسن اختراعه في خطبته، وإن كان الله تمم ذلك بعونه وقدرته.
أبو القاسم القحطبي:
الصوفي كان أحد الصلحاء الصوفية بطرسوس، وذكره أبو عمرو الطرسوسي.
أبو القاسم الأبار:
وكان أيضاً من الزهاد بطرسوس، ذكره أيضاً.

نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور، قال: وفي هذا الشارع يعني شارع النهر بطرسوس من الدور المذكورة، دار ابن القحطبي، على ضفة نهر بردان، قال: وفيها كان يسكن أبو القاسم بن القحطبي، أحد صلحاء الصوفية، وأبو القاسم الأبار، أحد الزهاد الأخيار.
أبو القاسم الزيدي:
الحراني الشريف قدم حلب ومنبج، وحكى أبو الحسن علي بن أحمد الشهرزوري أنه كان يقدم منبج مستميحاً، ونزل على أبي علي بن الأشعث، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة الحسن بن الأشعث المنبجي، واسم أبي القاسم علي بن محمد بن علي الزيدي، وقد ذكرناه في الأسماء.
أبو القاسم الملطي:
الصوفي صحب أبا القاسم الجنيد.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أبو القاسم الملطي من أصحاب الجنيد.
سمعت عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب يقول: بلغني أن أبا القاسم الملطي مر مع الجنيد ببغداد بسوق النحاسين فوقعت منه التفاتة إلى جارية، فرأى الجنيد ذلك، فلما رجع أبو القاسم إلى البيت ذهب الجنيد واشترى تلك الجارية، وجاء بها إلى أبي القاسم وقال: خذ ما التفت إليه.
أبو القاسم القاضي:
حدث بحلب عن أبي كامل بن مخلد بن كامل. روى عنه أبو عبد الله الحسين بن خالويه.
أخبرنا الشيخ الأثير أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف بن الحسن بن طلحى التنيسي إجازة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن موسى بن عبد الله السلمي الحداد، المعروف بالمحاسني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عمر الفقيه قال: حدثنا ابن خالويه قال: حدثنا أبو القاسم القاضي بحلب قال: حدثنا أبو كامل محمد بن كامل قال: حدثنا أبو زيد عن عمرو بن جميع عن جوبير عن الضحاك عن النزال بن سبرة عن علي عليه السلام قال: مسألة الرجل السلطان مسألة الولد والده ولا عار فيه ولا منقصة.
أبو القاسم الأفطسي:
العلوي شريف فاضل شاعر أديب كان بحلب في أيام سيف الدولة، واسمه أحمد بن الحسين بن علي بن محمد، وقد ذكرناه في الأسماء ونذكرها هنا شيئاً من خبره، لشهرته بالكنية.
قرأت في كتاب التاريخ المجدد تأليف أبي الحسن محمد بن العباس بن محمد بن الحسن الكتاني الدمشقي، قال: كان أبو القاسم الأفطسي من فتيان آل أبي طالب على تكهله، وظرافهم على قلة حاله، له لسان وهمة وعارضه ومحبة للأدب وأهله، وقصد كافوراً فأحسن إليه بعد وفاة سيف الدولة، وأقام بمصر إلى الوقت الذي خرج فيه مع تبر، وكانت المودة بيني وبينه انتسجت، والحال وشجت في آخر أيام سيف الدولة في نواحيه، وكنت أتفقده وهو معتقل بحلب ولا يجسر أحد على ذلك، فراعى ذلك وشكره، وقوي ما بيننا وأكده، وكان كثير الجنايات على سيف الدولة، وحتى أنه من أقوى الأسباب كان في أمر ابن الأهوازي ورشيق النسيمي، ودزبر الديلمي الخوارج عليه، فأسخطه ذلك، وكان سبب اعتقاله بعد ظفره بهم.
ومن جرأته عليه وطرائفه معه ما حدثني به أبو القاسم قال: اجتمعت يوماً مع القنائي الكاتب بأنطاكية، فذكر فضائل سيف الدولة وأطراه، ووصف شجاعته وفروسيته، وسخاءه وفهمه وعلمه، فقلت: أنا أفضله في هذه الخلال كلها، وأزيد عليه بالشرف فأنا خير منه من كل وجه، فمضى القنائي، فحكى ذلك له، وجئته بعد يوم فلما رآني قال للحاجب، وهو ينظر إلي: أحضر القنائي، فقلت: ولم أيها الأمير؟ قال: ليعيد بحضرتك كلاماً أعاده علي عنك، فقلت: ما تحتاج إليه، أنا أذكره لك، فقال: هاته، فأعدت عليه القول من غير زيادة ولا نقص، فقال: وما حملك على هذا؟ فقلت: غلط لم يضررك الله به، ولم ينفعني فضحك، وقال: الله حسيبك.

وحدثني أيضاً قال اضطررت في خراج كان علي بحارم وسبب به لقوم آذوني إلى أن بعت حلي بعض بناتي وأديت الخراج، وركبت بعد يوم أو يومين فاجتمعت مع جماعة من الأشراف والكتاب في طريق الميدان بحلب، فاجتاز بنا بدوي، قد خلع عليه سيف الدولة وطوقه بطوق ذهب، فقلت لمن كان معي: أريكم حلي ابنتي ها هوذا طوق في عنق هذا البدوي قد أخذه سيف الدولة من غير حقه، وصرفه في غير وجهه، فنقل بعضهم هذا القول إليه، فرد علي الخراج الذي كنت أديته، وكان سيف الدولة قبل موته بأيام أطلقه، وفك قيده وخلع عليه، وأطلق له ألوف دراهم واستحله فأحله، واتفق أنه حضر وفاته، فتولى هو الصلاة عليه.
؟أبو القاسم المقرئ بالالحان: شاعر من معرة النعمان، كان حضر في مجلس أبي العلاء بن سليمان، ولم أظفر بشيء من شعره، ولما حضر قال له أبو العلاء: إن رأيت أن تحيي القلوب بقراءة نوبة، فقرأ: " ومن كان في هذه أعمى فهو في الآخرة أعمى وأضل سبيلا " فلما أنهى النوبة أقبل عليه أبو العلاء وقال: أحسنت لو رآك محمد بن عبد الله صلى الله عليه وسلم لقرت عينه بك، ثم أنشد:
هذا أبو القاسم أعجوبة ... لكل من يدري ولا يدري
ولا يحسن الشعر ولا يحفظ القرآن وهو الشاعر المقرئ
وقد ذكرنا الحكاية مسندة في ترجمة محمد بن الحسين بن صعصعة لأنه رواها، وقيل إن هذين البيتين لأخيه أبي مسلم وادع، وهي به أليق.
أبو القاسم الناصبي:
شاعر كان بحلب، ظفرت له ببيت مفرد من الشعر، وهو قوله في مجلس المتنبي إجازة لبيت أوله شين وآخره شين.
شغل المحب عن اللذات إن عرضت ... والصب بالوصل منها كان ينتعش
وقد ذكرنا الحكاية بتمامها، وسبب ارتجاله هذا البيت في ترجمة أبي عبد الله الشبلي وأبي عبد الله الدنف.
أبو القاسم المصيصي المؤدب:
روى عنه القاضي أبو علي المحسن بن علي التنوخي شيئاً من شعره.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن القاضي أبي علي المحسن بن علي التنوخي قال: أنشدني أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن عبد الله الكاتب الصروي لنفسه بالأهواز، ونقلته في ظهر تقويم لي كنت علقته فيه:
إذا حمد الناس الزمان ذممته ... ومن كان فوق الدهر لا يحمد الدهرا
قال: وزعم أنه حاول أن يضيف إليه شيئاً يليق به، فتعذر عليه مدة طويلة، فضجر منه وتركه مفرداً، وكان عندي في الحال أبو القاسم المصيصي المؤدب، فسمع القول، فعمل في الحال إجازة له، وأنشدناها لنفسه:
وإن أوسعتني النائبات مكارهاً ... ثبت ولم أجزع وأوسعتها صبرا
إذا ليل خطب سد طرق مذاهبي ... لجأت إلى عزمي فاطلع لي فجرا
أبو القاسم بن المقرئ:
كتب عنه بعض الأدباء بحلب وأظنه أبا غانم بن الأغر، وكان قبل الخمسمائة أو في حدودها.
سير إلي الرئيس أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب الحلبي بخط بعض الأدباء من الحلبيين، كتب فيه عن أبي الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي وغيره من الحلبيين، قال فيه: أنشدني أبو القاسم بن المقرئ:
إذا ما سخرت بمن لا تشك ... بأنك حقاً به تسخر
فقد صرت أنت له ضحكةً ... فيسخر منك ولا تشعر
أبو القاسم الحموي:
شاعر من أهل حماة، حسن الشعر من طبقة أبي الفتيان بن حيوس.
قرأت له أبياتاً بخط وزير رضوان مشيد الملك أبي النجم بن بديع في كراسة وقعت إلي بخطه، من كتابه الذي جمعه في الشعراء.
قال: أبو القاسم الحموي من حماة وهي بلد من العواصم:
لا تقل بيت هجاء ... لا ولا بيت مديح
سبق الناس إلى ك ... ل قبيح ومليح
ونقلت من خطه له:
لما فزعت إلى الخضاب استهزأت ... سعدى وقالت والمحب لما به
ما كان ينفعه لدي شبابه ... فعلام يتعب نفسه بخضابه
وله، ونقلتهما من خطه:
يا من حديثي حيث كن ... ت فكله عنه يكون
حتى يقال فكم ... إذاً ماذا هوىً هذا جنون
أبو قتادة بن ربعي:
الأنصاري، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه واسمه........وقد ذكرناه في الأسماء.

نقلت من خط بنوسة وراق بني مقلة، عن أبي الحسن المدائني: تسميته من شهد صفين من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم: عمار بن ياسر، وأبو أيوب خالد بن زيد بن ثابت الأنصاري، وأبو اليسر كعب بن عمرو، ومالك بن التيهان، وخزيمة بن ثابت الخطمي، وأبو قتادة بن ربعي، ورفاعة بن رافع بن مالك، والنعمان بن عجلان.
أبو قدامة العابد:
الفلسطيني الرملي البكاء، كان غازياً بعين زربة حكى عن سليمان الخواص، روى عنه أحمد بن سهل الأردني، وأبو قدامة العابد.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو سهل محمود بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الفرج العكبري قال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: وحدثت عن محمد بن الحسين قال: حدثني أحمد بن سهل الأردني قال: حدثني أبو قدامة الرملي قال: قرأ رجل هذه الآية: " وتوكل على الحي الذي لا يموت وسبح بحمده وكفى به بذنوب عباده خبيراً " فأقبل علي سليمان الخواص فقال: يا أبا قدامة ما ينبغي لعبد بعد هذه الآية أن يلجأ إلى أحد غير الله في أمره، ثم قال: والله يا أبا قدامة لو عامل عبد الله عز وجل بحسن التوكل عليه، وصدق النية له بطاعته لاحتاجت إليه الأمراء، فمن دونهم، فكيف يكون هذا يحتاج وموئله وملجؤه إلى العزيز الحميد.
نقلت من خط القاضي أبي عمرو الكرجي، قاضي معرة النعمان، حدثني أبو أحمد عبد الله بن داود الحناط الكرجي بطرسوس، قال: حدثني أبي داود بن محمد أبو صالح قال: قرأ علينا الساوي عبد الله بن علي المقرئ خطبة أبي السري منصور بن عمار الواعظ رحمه الله في الجهاد، وكتبنا هنا عنه، إملاءاً.
قال منصور بن عمار: وذكر الخطبة، وقال في آخرها: الدليل على ما أقول حديث أبي قدامة العابد الفلسطيني البكاء قال أبو قدامة: بينا أنا خارج من عين زربة في سرية، وكنت على ساقة الناس، إذا أنا بهاتف يهتف من ورائي: أبا قدامة، فلم ألتفت إليه ومضيت غير ملو عليه، فهتف بي الثانية، فإذا أنا بامرأة كأجمل ما يكون من النساء، فتركتها ومضيت، وخفت أن تكون مكيدة من إبليس يقطعني عن غزوتي ويشغلني عن سبيل ربي قال: فصوتت بي الثالثة بصوت حزين أوجعت قلبي وأدمعت عيني، وهي تقول: أبا قدامة تواضع رحمك الله، ليس هكذا كان من مضى قبلك، وقد تقدم ذكره علي فوقفت عليها، فلما بلغت إلي قالت: تنح عن الطريق، فعدلنا فقالت: أبا قدامة إني أريد أن أستودعك وديعة فاكتمها علي. قال: قلت: وما هي؟ قال: فضربت بيدها إلى ردائها والدموع تنحدر على نقابها، فقالت: أبا قدامة إني أريد أن أستودعك وديعة، إني عمدت إلى ناصيتي ومواضع السجود من قصتي فأخذته وجعلته قيداً لفرس الغازي في سبيل الله، لعل الله ينظر إلى شعري في الثرى قد وطئته الخيل بسنابكها فيرحمني، فوالله لولا أنك غريب في زمني هذا ما أطلعتك على سري، ولا أخبرتك بداخلة أمري، قال: قلت: إني أخاف أن آثم قالت: لا يؤثمك الله، فوددت إني قدرت أن أقد من جلدي سيراً يكون عذاراً لفرس الغازي في سبيل الله لينظر إلي الرحيم بخلقه الرؤوف المنان بعباده، وينظر إلى جولان فرس الغازي في سبيل الله وينظر إلى سيور من جلدة حرة من حرائر المسلمين ويرحمني.
قال: فبينا أنا أسير إذا هاتف ينادي: يا عم، قال: فالتفت فإذا أنا بغلام قد أقبل، فقال: يا أبا قدامة خذ هذه السكين في سبيل الله، فلم يزل يطلب إلي حتى أخذتها منه.

فبينا نحن نسير إذ نودي بالنفير، قال: فتقدم الغلام أمام الخيل، وكثر العدو فخشيت عليه أن يقتل، قال: فرجعت في طلبه، فقلت له: حبيبي ليس هذا موضع مثلك، أنت راجل بغير دابة، ولست آمن عليك جولان الخيل وثوران الحرب، فقال: أبا قدامة أتأمرني بالرجوع وقد سمعت الله تعالى يقول في محكم كتابه: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم الذين كفروا زحفاً فلا تولوهم الأدبار. ومن يولهم يومئذ دبره إلا متحرفاً لقتال أو متحيزاً إلى فئة فقد باء بغضب من الله ومأواه جهنم وبئس المصير " . أفتأمرني بالرجوع بعد علمي بوعد ربي عز وجل! قال: فلما أن أبى علي حملته على هجين كان معي فتقدم فلم يزل يضرب يمنة ويسرة، ثم رجع فسلم علي سلام مودع كأنه أحس بالموت، ثم انطلق ليرمي السهم الثالث فلما وضعه في كبد قوسه أتاه مزراق، فضربه بين عينيه، فنكس الغلام رأسه على عنق فرسه، وهو يقول: نجوت ورب الكعبة، ثم نادى، أخفض من الأول: نجوت ورب الكعبة.
قال: فخشيت أن يموت فدنوت منه فقلت: حبيبي لا تنسى حاجتي الشفاعة، قال: لا يا أبا قدامة، ولكن لي إليك حاجة، قلت: وما هي؟ قال: أنا ابن صاحبة الوديعة، فإذا أنت أتيت المدينة فات دكان يحيى العلاف فإن لي عنده خرجاً، فخذه وانطلق به إلى والدتي، وصبرها فإنها عام أول أصيبت بوالدي، والعام يزيد عليها ثكلي، قال: ثم سكت فمات.
فلما سكنت الحرب ودفنا القتلى، حفرنا له مطمورة، فألقيناه فيها بأطماره، ودفناه، فوالله ما تمالكنا النهوض حتى نبذته الأرض على ظهرها، وأقبل علي أصحابي فقالوا: يا أبا قدامة ألم نقل لك إنه غلام، ولعله خرج عن غير إذن أبويه، فقلت: مهلاً إن الأرض لتقبل من هو شر منه، إنها لتقبل اليهود وغيرهم، ثم تنحيت فصليت ركعتين، ودعوت ربي وقلت: اللهم إنه عبدك ابن عبدك، ابن أمتك، فإن كنت تعلم منه شيئاً فاستره عليه، قال: فوالله ما استتممت الدعاء حتى سمعت وقع خلاخيل الحور العين، وهم يقولون: تنح يا أبا قدامة وخل بيننا وبين ولي الله، فتنحيت وأقبلت السباع والطير من كل ناحية فتقاسمت لحمه في أسرع من طرفة عين.
فلما رجعت إلى المدينة أخذت خرجه ومضيت به إلى منزله، فلما قرعت بابه، خرجت إلي أخت له صغيرة، فلما نظرت إلي قالت: يا أمه هذا أبو قدامة قد قدم، وما أرى أخي معه، قال: فخرجت والدته فسلمت علي، وقالت: أبا قدامة أمهني أم معزي؟ قلت: وما مهني، وما معزي؟ قالت: أبا قدامة إن كان ولدي قد مات فعز، وإن كان استشهد فهن، قال: قلت: بل مهن رحمك الله، إن ولدك استشهد رحمة الله عليه، فقالت: الحمد لله، يا أبا قدامة إن لي في ولدي علامة هل رأيتها فيه؟ قلت: نعم قال: إن الأرض لم تقبله، قالت: الحمد لله ما فعل خرجه يا أبا قدامة؟ فناولتها ففتحه وأخرجت منه مدرعة شعر وغلاً من حديد، ثم قالت: أبا قدامة كان ولدي إذا جنه الليل وغارت النجوم ولم يبق إلا الحي القيوم، تدرع بهذه المدرعة، وغل بهذا الغل يده إلى عنقه، ثم ناجى من لا تأخذه سنة ولا نوم، وكان يقول في مناجاته: أي رب لا تحشرني إلا من بطون السباع وحواصل الطير، فالحمد لله الذي من عليه بذلك.
أبو القعقاع الجرمي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وحكى عن الوقعة روى عنه أبو جناب الكلبي.
أبو القوارير:
ولي طرسوس بعد يزيد بن مخلد الفزاري، كما قرأته في كتاب البلدان تأليف أحمد بن يحيى البلاذري، قال: قالوا: وكان عبد الملك بن صالح قد استعمل يزيد بن مخلد الفزاري على طرسوس، فطرده من بها من أهل خراسان، فاستوحشوا منه للهبيرية، فاستخلف أبا القوارير فأقره عبد الملك بن صالح، وذلك في سنة ثلاث وتسعين ومائة.
حرف الكاف
في الكنى
ذكر من كنيته أبو كامل
أبو كامل الأحمسي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، له ذكر.
أبو كامل مولى الغاز بن ربيعة الجرشي:
غزا بلاد الروم واجتاز بدابق في دخوله، وكان مع مكحول وسابق البربري في الغزاة، وروى عنهما، روى عنه أبو مسهر الغساني.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد الدقاق قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني الحافظ قال: حدثنا علي بن عثمان النفيلي قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا أبو كامل مولى الغاز بن ربيعة قال: سمعت سابقاً البربري ينشد مكحولاً، وهو في الغزو: يا نفس كل قابر مقبور فيهلك الزائر والمزور ويقبض العارية المعير ليس على صرف الردى عمور كم من غني مكثر فقير.
حتى انتهى إلى قوله: والصدق بر والتقى تطهير والبر معروف يسوقه المقدور فقال مكحول: لا، كان مكحول يقول أولا بالقدر، ثم رجع عن ذلك.
أبو كرب العراقي:
شهد قتال برجان غازياً عام حاصر مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية، واجتاز مع الجيش بدابق في غزاته، وقتل فيها شهيداً.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرني عمي الحافظ أبو القاسم إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن بسر قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد: وقد كنت سمعت عبد الرحمن بن يزيد بن جابر يذكر أن نفراً من أهل دمشق كان يسميهم بأسمائهم فيهم رجل كان يكنى بأبي كرب، وقد كان أصاب دماً بالعراق فاستفتى جماعة من الفقهاء، فاجتمع قولهم إنهم لا يعرفون وجهاً إذا لم يعرف ولي الدم إلا أن يجاهد في سبيل الله حتى يقتل في سبيل الله فلم تزل تلك حاله يغزو المغازي، ويطلب القتل في الله، حتى كان ذلك اليوم جرح هؤلاء النفر، وساروا حتى إذا كان في بعض طريقهم خرج خارج منهم ليأتيهم بعنب، فإذا بقية ذهب عليها جلال حرائر أخضر، وإذا فيها حوراء، كان يخبر عما رأى من حسنها، فقالت: إلي فأنا زوجتك، وأنت قادم علينا يوم كذا ومعك فلان وفلان، سمت أولئك النفر، فانصرف الرجل، ولم يأت بعنب وأخبرهم بما رأى، فكتب وصيته، وكتبوا، و مع شراحيل بن عبيدة وأصحابه، فكان من مصيبتهم ما كان.
ثم أمر بانصراف الناس إلى ذلك المرج الذي رجعت إليهم فيه برجان، فاقتتلوا قتالاً شديداً، فقتل هؤلاء النفر جميعاً، فيهم أبو كرب، وأرسلت برجان النار على ذلك المرج، وعلى قتلى المسلمين فحرقت ما حرقت حتى انتهت إلى أبي كرب وأصحابه فأطافت بهم ولم تأكل النار منهم أحداً، يعني عام حاصر مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية.
أبو كريب الغساني:
وقيل فيه أبو كرب الغساني، غزا الصائفة، واجتاز بدابق وقتل في وقعة برجان شهيداً، وهو عندي الأول، واشتبه أبو كرب بأبي كريب، أو صغرت كنيته، فإن القصة واحدة، حكى عنه حكاية قتله عطاء بن قرة السلولي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحق الحربي قال: حدثنا حمزة بن العباس قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا ابن أبي زكرياء، ومعنا مكحول أن رجلاً مر بكرم بأرض الروم فقال لغلامه: أعطني مخلاتي حتى آتيكم من هذا العنب، فأخذها، ثم دفع فرسه فبينما هو في الكرم إذا هو بامرأة على مثل لم ير مثلها، فلما رآها صد عنها، فقالت: لا تصد عني فإني زوجتك فامض أمامك فستري ما هو أفضل مني، فمضى فإذا هو بأخرى فقالت له مثل ذلك، وأظنه أبا مخرمة.
قال عبد الرحمن بن يزيد: فأخبرني عطاء بن قرة السلولي قال: كنا مع أبي مخرمة، فما عدا أن جاءنا من ذلك العنب، فوضعه ودعا بقرطاس ودواة، فكتب وصيته، فلما رآه أبو كريب الغساني كتب وصيته، ثم قام مقاتل الليثي فكتب وصيته، ثم قام عمار بن أبي أيوب فكتب وصيته، ثم قام عوف اللخمي فكتب وصيته، ثم لقينا برجان فما بقي من هؤلاء الخمسة إلا قتل، قال: ولم نكتب نحن وصايانا فلم نقتل.
أبو الكرم بن الوزان:
الشريف الحلبي كتب عنه عبد المنعم بن الحسن بن الحسين بن اللعيبة الحلبي.
قرأت بخط ابن اللعيبة: أنشدني الشريف أبو الكرم بن الوزان الحلبي ببغداد في المحرم سنة خمس وخمسين وخمسمائة:

شكوت فقالت كل هذا تبرما ... بحبي أراح الله قلبك من حبي
فلما كتمت الحب قالت لشد ما ... صبرت وما هذا بفعل شجي القلب
وأدنو فتقصيني فأبعد طالبا ... رضاها فتعتد التباعد من ذنبي
فيا قوم هل من حيلة تعرفونها ... أشيروا بها واستوجبوا الأجر من ربي
أبو كعب الخثعمي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وقتل بها، وكان رأس الخثعميين من الكوفة.
أخبرنا أبو الحسن بن الصابوني إذناً عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا ابن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال: حدثني أبو علقمة الخثعمي قال: ثم اقتتلوا قتالاً شديداً يعني خثعم الشام وخثعم العراق قال: وحمل شمر بن عبد الله الخثعمي، من أهل الشام على أبي كعب رأس خثعم الكوفة فطعنه فقتله، ثم انصرف يبكي ويقول: رحمك الله يا أبا كعب لقد قتلتك في طاعة قوم أنت أمس بي رحماً منهم وأحب إلي نفساً منهم، ولكن والله ما أدري ما أقول ولا أرى الشيطان إلا وقد فتننا، ولا أرى قريشاً إلا قد لعبت بنا، ووثب كعب ابن أبي كعب إلى راية أبيه فأخذها، ففقيت عينه وصرع.
وذكر تمام القصة، قد ذكرناها في ترجمة شريح بن مالك.
أبو الكنود:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى خبرها، روى عنه الحارث بن كعب الوالبي وسليمان بن أبي راشد والحارث بن حصيرة.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بي سعد عن سليمان بن أبي راشد عن أبي الكنود أن معاوية بعث حبيب بن مسلمة وشرحبيل ابن السمط ومعن بن قرة بن الأخنس السلمي، فدخلوا علي وأنا عنده وذكر شيئاً من حديث صفين، قال: ثم مكث الناس على ذلك حتى دنا انسلاخ المحرم.
حرف اللام
في الكنى
ذكر من كنيته أبو الليث
أبو الليث النحوي:
ابن أخي سعيد النحوي، وأظن اسمه عبد الرحمن بن د، وقد قدمنا ذكر عبد الرحمن في بابه.
روى عن علي بن سليمان الأخفش، روى عنه أبو الحسين علي بن الحسين المغربي، وأبو علي محمد بن عمر البلخي، وسمع منه بحلب.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد المجيد بن حفص الصفراوي إذاً قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن النقور ببغداد، قال: أخبرنا أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال: أنشدنا محمد بن عمر أبو علي البلخي قال: أنشدنا أبو الليث النحوي بحلب لبعض المحدثين:
لست من يقول كان وكنا ... غير أن الحبيب خان فخنا
زار أعداءنا فزرنا سواه ... فاستوينا وكان أظلم منا
قرأت في أول مجموع، يخط بعض الأدباء المتقدمي العصر ما صورته: أملى علي أبو علي محمد بن عمر البلخي، من نحفظه، قال: أخبرنا أبو الليث بن أخي سعيد النحوي بحلب قال: أخبرنا علي بن سليمان الأخفش أن رجلاً أنشد ضادية أبي الشيص في مجلس المبرد، فقال المبرد: كم من ضادية لا تعرف، وهي أحسن منها وأطرف، ثم أنشدنا لبشار بن برد العقيلي:
غض الجديد بصاحبيك فغمضا ... وبقيت بعدها تحاول منهضا
وكأن قلبك عند كل مصيبة ... عظم تكرر كسره فتهيضا
وأخ فجعت به فأذكره أخ ... يمضي فتذكرك الحوادث ما مضى
فاشرب على بعد الأحبة آنفا ... حزن المنية ظاعنين وخفضا
ولقد جريت مع الصبى طلق الصبى ... ثم ارعويت فلم أجد لي مركضا
وعلمت ما علم امرؤ من دهره ... فأطعت عاذلتي وأعطيت الرضا
وصحوت من سكري وبت موكلا ... أرعى الحمامة والغزال الأبيضا

ولرب سارية تجود بمائها ... وكذاك لو صدق الربيع لروضا
ومنيعة المرقا بذلت لها الهوى ... إما مكافأه وإما مقرضا
أيام يسحرني الكتاب إذا أتى ... وأظل منها بالحديث ممرضا
باعدتها لتزيدني من ودها ... فأبت فكنت من الإباء محرضا
وتخوفت هجري وليس بكائن ... فشكت إلى الجيران شكوى مرمضا
حتى إذا شربت مياه مودتي ... وشربت برد شرابها متبضا
قالت لأختيها اذهبا فتجسسا ... ما باله ترك السلام وأعرضا
قد دقت ألفته وذقت فراقه ... فوجدت ذا عسلاً وذا جمر الغضا
ويلي عليه وويلتي من بينه ... كان الذي قد كان حلما فانقضى
سبحان من خلق الشقاء لذي الهوى ... ما كان إلا كالخضاب قد انقضى
أبو الليث الخراساني:
كان من العباد بطرسوس، لقيه إبراهيم بن مخلد الواسطي بطرسوس، وحكي عنه.
أخبرنا أبو الفضل مرجاً بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي بحلب قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي، قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم المعروف ببحشل قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا عمي يعني إبراهيم بن مخلد بن عثمان الواسطي قال: رأيت أبا الليث الخراساني بطرسوس يعزى، قلت: ما شأنه؟ قال: فتته الصلاة في جماعة.
أبو ليلى الأنصاري:
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قيل ليس له اسم، وقيل اسمه يسار، وقيل داود بن بلال بن بلبل بن أحيحة بن الجلاح بن الحريش بن جحجبا بن كلفه بن عوق ابن عمرو بن عوف الأنصاري، وقيل اسمه بلال، وقيل اسمه بلبل بن أحيحة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عبد الحمن بن أبي ليلى.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وشهد الجمل، ويقال كانت راية علي رضي الله عنه معه.
بسم الله الرحمن الرحيم
حرف الميم في الكنى
أبو المتوكل القنسريني:
حدث عن حميد بن العلاء، روى عنه بقية بن الوليد الحمصي.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس وأبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن رواج بمصر قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو نصر الفضل بن علي بن أحمد الحنفي المقرئ بأصبهان قال: أخبرنا أبو سعيد بن علي بن عمرو بن مهدي الحافظ النقاش قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أبو مسلم الكشي قال: حدثنا محمد بن عمر المعيطي قال: حدثنا بقية بن الوليد عن أبي المتوكل القنسريني عن حميد بن العلاء عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قضى لأخيه المسلم حاجة كان كمن خدم الله عمره.
ذكر من كنيته أبو المجد
أبو المجد منصور بن أبي القاسم:
الزجاج الآمدي، سمع عبد القاهر بن يحيى بن سلامة بن الثقفي الحموي بحماة، وحدث عنه بشيزر، وبمشهد برصايا من بلد عزار في سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وفيها دخل حلب، وحدث أيضاً في سنة اثنتي عشرة وستمائة، فقد توفي بعد ذلك.
أبو المجد بن فضلان:
الضرير الدقي البغدادي الشطرنجي، شاعر من أهل بغداد، قدم حلب، وامتدح السلطان الملك الظاهر غازي، كتب عنه شيئاً من شعره علي بن معنان السراج المعروف باللطيف، وكان شيعياً غالياً.
قرأت بخط المنتجب يحيى بن أبي طي النجار، في مجموعه، قال: أبو المجد بن فضلان الضرير الدقي البغدادي الشطرنجي، ورد إلى حلب، وامتدح السلطان الملك الظاهر، وذلك في سنة خمسة وثمانين وخمسمائة، وكان طبقة لا يلحق في لعب الشطرنج وله شعر لطيف، منه ما أنشدنيه اللطيف السراج، قال: أنشدني بن فضلان لنفسه يمدح أهل البيت عليهم السلام:
يا لائمي في حب آل أحمد ... ما يبغض الخمسة غير مشرك
أقصر فمل لي في سواهم حاجة ... إن أنا أخلصت لهم تنسكي
هم جنتي في هذه وجنتي ... في تيك والله ضمين الدرك
لو كان في الأرض لهم من سادس ... ما سدسوا تحت العبا بالملك

أبو المجد بن أخت أحمد بن خلف:
الممتع المعري، شاعر من أهل معرة النعمان. قرأت في جزء وقع إلي بخط بعض المعريين يتضمن المراثي التي رثي بها أبو العلاء بن سليمان حين مات، وفيه لأبي المجد بن أخت الممتع:
صروف الليالي لا يحيط بها خير ... يصرفها فينا ويحتكم الدهر
فسيان إذ قصر النفوس مالها ... إلى الموت قسراً طال أم قصر العمر
سبيل الردى في سائر الخلق واضح ... ومسلكه ألا يفعل التقى وعر
ولم أر عالماً مثل جاهل ... يضل على علم وبالدهر يغتر
فلولا التساوي مات قوم بدائهم ... ولكن تساوى في الردى العبد والحر
وما العمر إلا مثل حول قطعته ... وكان سواء فيه يومك والشهر
حكت سفناً في لج بحر جسومنا ... تسير بأرواح وغايتها الكسر
وكل طليق في الحياة تظنه ... أسير حمام لا يفك له أسر
يسر بتشييد المساكن ساكن ... ومسكنه المسكين لو علم القبر
وليس غناه بالحميد مآله ... وأحمد منه في عواقبه الفقر
وشرخ شباب المرء في العذر مطمع ... فأما إذا شباب العذار فلا عذر
بنفسي مفقود جزعنا لفقده ... فأصبح إلا فيه يستحسن الصبر
يعز علينا أن نعزي به العلى ... ويصبح مفجوعاً به المجد والفخر
ونفقد من أخلاقه وعلومه ... رياض ربيع لم يصوح بها الزهر
لئن عدم الأولاد من ظهره لقد ... حوى بأبي المجد الذي عدم الظهر
قلت: يريد بأبي المجد أخاه، لأن أولاد أخيه كانوا يتولون خدمة عمهم أبي العلاء.
نجوم سماء لا يغض ضياءها ... تزايد أنوار الشموس ولا البدر
لهم حكم لم يعط لقمان بعضها ... وأحكام داود الذي عنده الزبر
وفضل سماح تنقص السحب عنده ... فليس بمحسوب إذا قطر القطر
وحسبهم فخراً بعمهم الذي ... يفضله بدو البسيطة والحضر
علا علماء الدهر فهي جداول ... وأبرز ما يبديه من علمه بحر
فتى علمت بغداد غاية علمه ... وما جهلت من ذاك ما علمت مصر
أقام بها حولين يجني علومه ... كما جنيت من خير أغراسها التمر
وآب مع الأعراب يزهى بلفظه ... ويعظم منها في فصاحته الفكر
أقر بنعماه مقيماً وظاعناً ... وكفر أياديه التي سلفت كفر
وأنظم ما عمرت في وصف فضله ... مراثي ترويها ويحدو بها السفر
فأيسر ما فيه من الفضل غاية ... يقصر عن إدراكها النظم والنثر
أبو المحاسن بن إسماعيل الشواء:
المعروف بابن الكوفي، ويلقب بالشهاب الحلبي، شاعر مجيد، كان بحلب من شعراء الملك الظاهر، ثم من شعراء ولده الملك العزيز بعده، وكان له بحلب حانوت يشوي فيه الشواء، سمعته مراراً ينشد الملك الظاهر، والملك العزيز بحلب.
أبو محجن بن عبد الله:
ابن المنذر بن قيس بن سمير بن نمران بن جندب بن هلال بن صعب بن عمرو بن دميمة بن حريش بن اريش بن إراش بن حرملة بن لخم، واسم لخم مالك بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد بن زيد بن يشجب بن عريب اللخمي الأراشي من شجعان أهل الشام وفرسانهم، والمشهورين منهم المذكورين، غزا مع مسلمة بن عبد الملك القسطنطينية، وقتل بها، وكان بدابق مع الجيش.
ذكر من كنيته أبو محمد
أبو محمد بن جعفر المتوكل:
ابن محمد المعتصم بن هرون الرشيد بن محمد المهدي بن عبد الله المنصور بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس الهاشمي، ويعرف بابن لجين، كان في صحبة المتوكل سنة ثلاث وأربعين ومائتين، حين خرج من بغداد للغزاة، وقدم معه حلب في أوائل سنة أربع وأربعين ومائتين.

ذكر أبو محمد عبد الله بن محمد الخطابي قدومه إلى دمشق صحبه أبيه فيما حكاه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن أنه قرأه بخطه، قال الحافظ: وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق قال: مات أبو محمد بن المتوكل، المعروف بابن لجين، في شعبان سنة سبع وسبعين ومائتين.
أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية:
ابن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس الأموي، غلب على قنسرين بعد استيلاء عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس عليها، وعبد الله بدمشق، وكان مقدم الجيش، وكان المدبر للجيش أبا الورد، مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث وكان ذلك في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، فسير عبد الله بن علي أخاه عبد الصمد بن علي فلقيهم، فهزم السفياني عبد الصمد ومن معه، فلما قدم على أخيه عبد الله، اقبل عبد الله بن علي بعسكره لقتال أبي محمد، وأبي الورد ومعه حميد بن قحطبة، فالتقوا بمرج الأجرم وثبت لهم عبد الله وحميد، فهزموهم، وقتل أبو الورد، وهرب أبو محمد ومن معه من الكلبية إلى تدمر ثم خرج إلى الحجاز، فظفر به هناك، وقتل.
هكذا وقع في التاريخ بمرج الأجرم، والصواب فيه الأجم، وهو بناحية قنسرين بالمطخ.
أبو محمد بن مضاء بن عبد الباقي:
الأزدي الأذني، من أهل أذنة حدث عن محمد بن سليمان لوين المصيصي، روى عنه أبو بكر بن المقرئ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قراءة عليه قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن الأخوة وصاحبته عين الشمس، قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي. قالت: إجازة، قال: أخبرنا.............
أبو محمد بن معمعة:
الكندي المنبجي، خطيب حمص، وقيل إنه خطب بحلب، واسمه عبد الله وقد قدمنا ذكره في العبادلة، وهو الذي كتب إليه أبو فراس حمدان:
قم فما للسقم والحمى ... على جسمك وقع
إنما يخشى على من ... فيه للعالم نفع
أبو محمد بن أبي النجيب:
شاعر من شعراء حلب، ظفرت بشيء من شعره في مجموع وقع إلي بخط الأديب أبي الحسن هبة الله بن عيسى النصراني الكاتب، ذكر أنه نقله من مجموع وقع إليه بحلب يتضمن أشعاراً للحلبيين، فقرأت بخط هبة الله بن عيسى في أثنائه ما صورته:
قالت وفي يدها قلبي تقلبه ... هذا الذي لم أزل مذ غاب أطلبه
قلت احفظيه فقد ضعيت مهجته ... واستعطفيه وإلا عز مطلبه
وله، ونقلته من خطه:
لم أنس من لاقيتها ... تهتز كالغصن الرطيب
مع كل خود كالمها ... ة وكل فاتنة لعوب
يسلبن حبات العيون ... لصيد حبات القلوب
وقد اعترتها خجلة ... وبدا بها وله المريب
وأبدت إلي مخضباً ... وأظنه بدم الندوب
قالت لمن يختصها ... لسرائر القلب الكئيب
ها منيتي ومنيتي ... وطبيب إسعافي وطيبي
أبو محمد الحلبي:
شاعر مجيد من أهل حلب، قرأت له أبياتاً بخط اللطيف علي بن سنان السراج الحلبي في مجموع:
وأسيل الخد شاحبه ... تركت عيناه بالفتن
تركت حماه وجنته ... في اصفرار اللون تشبهني
وأرى خديه وردهما ... ما جنى ذنبا فكيف جني
نهبا حتى كأنهما ... ما حوت كفا أبي الحسن
ذو جفون تشتكي أيداً ... عشرات النقع بالوسن
ويد تندى ندى ورداً ... تجمع الضدين في قرن
قال: ومن منشور كلامه: خلص من سبك النقد خلوص الذهب من اللهب واللجين من يد القين والمدام من نسج الفدام.
وقوله: أين السماك من السمك، والغرقد من الفرقد، والشراب من السراب.
أبو محمد الأموي:
شاعر حسن الشعر، كان يسكن جبل السماق، من نواحي حلب، قرأت له أبياتاً في مجموع بخط القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني، فقلت منه ما صورته: أبو محمد الأموي ساكن جبل السماق:
يا صاحبي فدت نفسي نفوسكما ... دعا الصبابة تستذكي وتستعر
إن الملامة لا تنفك تحدث لي ... لجاجة كلما عنت لي الذكر

وكيف بالصبر في أرض الحجاز على ... نبوها بي ونحو الشام لي وطر
يا صاحبي وقدما ما سألتكما ... لما اسمدر بساعات النوى النظر
هل تونسان بأعلى الشام هاضبة ... أم تشهدان غريباً عنده الخبر
إن الغريب ولو دامت سلامته ... وكان في نعمة تسري وتبتكر
تعتاده ذكر تمري بها درر ... فما تزال دموع العين تبتدر
ما أنس لا أنس أياماً لنا سلفت ... والعود أخضر في أفنانه ثمر
هل مبلغ أهل قنسرين أن لهم ... مني الثناء إلى أن ينفد العمر
أبو محمد الموصلي:
شاعر كان في عصر سيف الدولة أبي الحسين بن حمدان، وكان معه بحلب، لم يقع إلي من شعره إلا أبيات خاطب بها سيف الدولة، وقد ماتت أم سيف الدولة نعم.
قرأت بخطط صالح بن إبراهيم بن رشدين، من مجموعه، قال: ماتت أم الأمير أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، فرثاها الناس على طبقاتهم فأطالوا، فقال أبو محمد الموصلي يخاطبه:
يا أميراً علا على النجم همه ... مثل ما قد زرى على الخلق عزمه
اكثر الناس في التعازي وقالوا ... كل معنى ينسي أخا الهم همه
فاختصرت العزاء في نصف بيت ... كل خطب إذا تعداك نعمة
أبو محمد الأديب المعري:
شاعر من أهل معرة النعمان، روى عنه نصر بن الحسن الدمشقي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الأنصاري بحلب، وأبو يعقوب يوسف بن محمد الصوفي بالقاهرة عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدني نصر بن الحسن بن محمد الدمشقي ببغداد قال: أنشدني أبو محمد الأديب المعري بالمعرة:
الصدق حلو وهو المر ... والكذب لا يألفه الحر
جوهرة الصدق لها زينة ... يحسدها الياقوت والدر
أبو محمد الأنطاكي:
شعر من أهل أنطاكية، ظفرت له ببيتين من الشعر وهما قوله:
وكنت على حفظي هواها وغدرها ... أراها بعين لا أرى فوقها خلقا
فما زال منها الغدر حتى ترحلت ... عن القلب غرباً واستقل الهوى شرقاً
أبو محمد الرصافي:
من رصافة هشام، من عمل قنسرين حكى عن أبي حمزة العابد، روى عنه محمد بن علي الكرجي.
أنبأنا إبراهيم بن عثمان بن يوسف قال: أخبرنا أبو المعالي أحمد بن عبد الغني ابن حنيفة الباجمرائي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثني محمد بن علي الكرجي قال: حدثني أبو محمد الرصافي قال: خرج أبو حمزة يشيع بعض الغزاة فسمع قائلاً يقول:
نقل فؤادك حيث شئت من الهوى ... ما الحب إلا للحبيب الأول
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن عبد الوهاب الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن علي بن الفتح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا الحسين بن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر القرشي.
وأنبأنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان عن أبي علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبان قال: ج أبي قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا علي بن الحسي قال: كان رجل بالمصيصة ذاهب النصف الأسفل لم يبق منه إلا روحه في بعض جسده، ضرير على سرير مثقوب، فدخل عليه داخل فقال: كيف أصبحت يا أبا محمد ؟ قال: ملل الدنيا، منقطع إلى الله، مالي إليه حاجة إلا أخبرنا يتوفاني على الإسلام.
أبو محمد المرعشي:
من مشايخ الصوفية، روى عنه أبو عبد الله محمد بن عمار الهمذاني.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموية.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي.
وأنبأنا أبو النجيب بن عثمان القارىءْ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت عبد الله بن يوسف الأصبهاني يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن عمار الهمذاني يقول: سمعت أبا محمد المرعشي يقول: سئل شيخي عن التصوف فقال: سمعت الجنيد، وقد سئل عنه فقال هو أن يميتك الحق عنك ويحبيك به.

أبو محمد الملطي:
المقرئ، قرأ على يونس، عن ورش، قرأ عليه الفقيه أبو الفضل محمد بن جعفر، وطريقه في القرآن في روايته ورش طريق معروف.
أبو محمد المراغي:
سمع بحلب علي بن عبد الحميد الغضائري، وروى عنه، وعن قتيبة، روى عنه الحاكم أبو أحمد بن محمد، وأبو الفضل العباس بن ابكجور.
أبو المخارق القاضي:
قاضي الثغر اسمه بشر بن حيان بن بشر بن حيان الأسدي، وقد تقدم ذكره.
قرأت في شعر العباس الخياط المصيصي، في أبي المخارق القاضي:
قاض لنا بالثغر لم يحكم ... إلا بحكم دنس مظلم
في رأسه الدهر رصافية ... لم تخط في القد من القمقم
تراه من شدة وسواسه ... يسعط مشدودا على سلم
ولم يزل دهراً بأغلاله ... يشغب في الدير على مريم
من ثم يقضي بيننا دائما ... قضية الشيخ أبي ضمضم
كذب الخياط، وجرى على عادته المستقبحة في القرية على أهل العلم والدين في هجوه.
أبو مخرمة السعدي:
من التابعين الأخيار سمع أبا أمامة الباهلي حكى عنه سليمان بن حبيب المحاربي، وسليمان بن موسى، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعطاء بن قرة السكوني، ومزيد. وغزا أرض الروم وقتل في غزاته تلك مع مسلمة بن عبد الملك في وقعة برجان وكان في الجيش بدابق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قراءة عليه قال: أخبرنا أبو القاسم هبة اله بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا إبراهيم بن إسحق الحربي قال: حدثنا الحسين بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو حفص قال: سمعت سعيداً يقول: لا نعلم أحداً رأى الحور العين عياناً إلا في المنام، إلا ما كان من أبي مخرمة، فانه دخل كرماً لبعض حاجته، فرأى الحور عياناً في قبتها، وعلى سريرها، فلما رآها صرف وجهه عنها، فقالت: إلي يا أبا مخرمة، فإني أنا زوجتك. وهذه زوجة فلان وهذه زوجة فرن، فانصرف إلى أصحابه فأخبرهم فكتبوا وصاياهم ولم يكتب أحد وصيته إلا استشهد.
سعيد المذكور هو سعيد بن عبد العزيز.
وذكر أسماء الجماعة الذين كتبوا وصاياهم، وقد ذكرناهم في ترجمة أبي كريب الغساني. أخبرنا بذلك أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا حمزة ابن العباس، قال: حدثنا علي بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن االمبارك قال: حدثنا عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: أخبرني عطاء بن قرة السلولي قال: كنا مع أبي مخرمة فما عدا أن جاءنا من ذلك العنب، فوضعه ودعا بقرطاس ودواة، فكتب وصيته، فلما رآه أبو كريب الغساني كتب وصيته ثم قام مقاتل الليثي فكتب وصيته، ثم قام عمار بن أبي أيوب فكتب وصيته، ثم قام عوف اللخمي فكتب وصيته، ثم لقينا برجان فما بقي من هؤلاء الخمسة إلا قتل، قال: ولم نكتب نحن وصايانا، فلم نقتل.
أبو مرشد بن سليمان المعري:
شاعر مجيد، كان مقيماً بشيزر واسمه سليمان بن علي وقد قدمنا ذكره.
أبو مروان المغربي:
أحد العباد وأرباب الكرامات من أهل المغرب، ورد إلى حلب وأقام بها بمسجد المعقلية إلى أن مات.
أخبرني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان القاضي بحلب قال: أخبرني الشيخ أبو غانم إمام مسجد المعقلية وغيره أنه كان بحلب رجل مغربي، يقال له مروان المغربي، وكان على غاية من الزهد والصلاح، وكان يذكر بالمنارة التي بمسجد المعقلية، وكان من كراماته أنه يضع الحب على يده، فيسقط الطير على يده ويأكله، قال: فلما حضره الموت أوصى أن يدفن بالجبيل بالتربة التي بها قبر الحافظ المرادي وابن الطحان، وبها جماعة من الزهاد والأولياء، وأوصى أن يدفن عند باب التربة، وقال: أريد أن أكون بواب هذه التربة، فدفن عند بابها ودخلت هذه التربة مع القاضي أبي محمد وأراني قبر أبي مروان عند بابها، وزرته معه، وزرت من بها من الصالحين رحمهم الله أجمعين، ونفعنا ببركاتهم آمين.
ذكر من كنيته أبو مسلم
أبو مسلم الخولاني:
دخل بلاد الروم غازياً، واسمه عبد الله بن ثوب، وقد ذكرناه فيما تقدم في العبادلة.
وقال ابن منده أنه توفي بأرض الروم بحمة بسر.
أبو مسلم الخراساني:

واسمه عبد الرحمن وقيل.
أبو مسلم الثقفي:
سياف الحجاج بن يوسف، قدم دابق للغزو فرده عمر بن عبد العزيز منها، ومنعه من الدخول مع المسلمين.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف إذنا قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا يحيى بن عبد الباقي قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا أبو إسحق الفزاري عن الأوزاعي أن أبا مسلم لما خرج في بعث المسلمين، رده عمر بن عبد العزيز من دافق، وقال: ليس بمثله يستعين المسلمون في قتال عدوهم، وكان عطاؤه ألفين، فرده عمر إلى ثلاثين، فرجع من دابق إلى طرابلس لأنه كان سيافاً للحجاج، وكان ثقيفياً.
أبو مسلم المرعشي:
حدث.
أبو مسلم الطر سوسي:
روى عن.
روي عنه أبو نعيم عبد الرحمن بن قريش الجلاب.
أبو مسلم الحداد:
إمام مسجد طرسوس، روي عن إسحق بن إبراهيم القارئ. روى عنه أبو بكر أحمد بن مروان المالكي.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني، وأبو الحسن محمد ابن أبي جعفر بن علي. قال أبو بكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر السلمي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن إسماعيل.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله الملثم قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن عمر المصلي وقال الأرتاحي: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو مسلم الحداد إمام مسجد طرسوس قال: حدثني إسحق بن إبراهيم القارئ قال سمعت أبي يقول: قيل لبعض الحكماء: ما أرادوا بالخلوة والعزلة؟ قال: ليستدعوا بذلك دوام الشكر، ويثبت في قلوبهم، ليحيوا حياة طيبة، يذوقوا لذاذة حلاوة المعرفة.
أبو مسهر الغساني:
واسمه عبد الأعلى بن مسهر، واشتهر بكنيته وقد قدمنا ذكره.
أبو المشرف الدجرجاوي:
شاعر مجيد، ذكر الوزير جمال الدين أبو الحسن علي بن يوسف القفطي أن أبا المشرف الدجرجاوي كان من حلب، وانتقل إلى دجرجا قرية بالصعيد من الديار المصرية، فنسب، ووقع إلي شكة بالديار المصرية، فيها ذكر جماعة من الشعراء، وأورد فيها لأبي المشرف الدجرجاوي:
قاض إذا انفصل الخصمان ردهما ... إلى الخصام بحكم غير منفصل
يبدي الزهادة في الدنيا وزخرفها ... جهراً ويقبل سراً بعرة الجمل
يهلل الدهر لا في وقت هيللة ... ويلزم الصمت وقت القول والعمل
وما أسميه لكني نعت لكم نعتاً ... أدلكم فيه على الرجل
أبو المشكور بن أبي العباس الحلبي:
شاعر مجود من أقران الماهر الحلبي.
قرأت في كتاب جامع الفنون وسلوة المحزون في ذكر الغناء والمغنين، تأليف أبي الحسين بن الطحان في باب ما مدح به المغنون في زماننا هذا يعني زمانه قال: وكتب إلي أبو المشكور الحلبي.
أبا من كل ذي فضل ... متين منه يمتار
تعود القلب من شدوك ... أشواق وتذكار
فخبرني أللأوتار ... عند القلب أوتار
وهذا ابن الطحان كان مغنياً حاذقاً، وعنده فضل وأدب.
ذكر من كنيته أبو المصبح
أبو المصبح الأعشى:
أعشى همدان، من الخطباء البلغاء والشعراء الفصحاء، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وله فيها أشعار مذكورة، قال فيه أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب البيان والتبيين: ومن الخطباء الشعراء العلماء وممن قد سافر الأشراف أعشى همدان.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد إذناً قال: أنبأنا أبو القاسم بن البسري عن محمد بن جعفر بن النجار، في تسمية من نزل الكوفة من الشعراء، وكان بها، قال: وأعشى همدان، وكان مع أمير المؤمنين عليه السلام وله أشعار في صفين.

أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى بن حكيم قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن ياقوت بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: حدثنا أبو عبد الله الضبي أن عبد الله بن أبي سعيد حدثهم قال: حدثنا عبد الله بن الحسين بن الربيع قال: حدثني الهيثم بن عدي قال: لما عزل النعمان بن بشير عن الكوفة وولاه معاوية حمص، وفد عليه أعشى همدان قال: ما أقدمك أبا المصبح؟ قال جئتك لتصلني وتحفظ قرابتي، وتقضي ديني، قال: فأطرق، ثم رفع رأسه، فقال: والله ما شيء، ثم قال: هه كأنه ذكر شيئاً، فقام فصعد المنبر، فقال: يا أهل حمص وهم يومئذ في الديوان عشرون ألفاً هذا ابن عم لكم من أهل القرآن والشرف، قد قدم عليكم يستر فدكم، فما ترون فيه؟ قالوا: أصلح الله الأمير احتكم له، فأبى عليهم، فقالوا: إنا قد حكمنا له على أنفسنا من كل رجل في العطاء بدينارين دينارين فعجلها له من بيت المال فعجل له أربعين ألف دينار، فقبضها ثم أنشأ يقول:
لم أر للحاجات عند التماسما ... كنعمان نعمان الندى ابن بشير
إذا قال أوفى بالمقال ولم يكن ... كمدل إلى الأقوام حبل غرور
متى أكفر النعمان لم أك شاكرا ... وما خير من لا يغتدي بشكور
قرأت في جزء من فوائد جعفر بن الفضل بن الفرات، إما بخطه أو بخط كاتبه: حدثني أبو الحسين قال: حدثنا أحمد يعني أبا العباس بن عبد الله بن عمار قال: حدثنا ابن سلام قال: حدثنا أبان بن عثمان قال: كان الأعشى أعشى همدان مع ابن الأشعث، وكان له مداحاً فقال فيه:
ولقد سألت الجود أين محله ... فالجود بين محمد وسعيد
بين الأشد وبين قيس باذخ ... بخ بخ لوالده والمولود
فلما أتي به الحجاج بعد هزيمة ابن الأشعث قال له: أأنت المبخبخ للخائن؟ قال: أنا الذي أقول:
أبى الله إلا أن يتمم نوره ... وتطفى نار الفاسقين فتخمدا
فقال: إقعد يا غلام اكتبها، فلما فرغ منها قال: يا غلام اضرب عنقه والله لا يبخبخ لأحد بعده.
أبو مصبح الحمصي:
روى عن جابر بن عبد الله الأنصاري، ومالك بن عبد الله الخثعمي، روى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وحصين بن حرملة المهري.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصري التغلبي إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء، ح.
وأخبرنا ابن طبرزد عن ابن البناء إجازة قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن الأبنوسي قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي المصيصي قال: حدثنا أبو يوسف محمد بن سفيان بن موسى الصفار المصيصي صاحب المصاحف في المسجد الجامع بالمصيصة قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن نعيم الأصبحي المصيصي قال: سمعت عبد الله المبارك عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثني أبو مصبح قال: غزونا مع مالك بن عبد الله الخثعمي أرض الروم، فسبق رجل الناس فنزل يمشي ويقود دابته، فقال مالك: يا أبا عبد الله ألا تركب؟ فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من اغبرت قدماه في سبيل الله ساعة من نهار فهما حرام على النار، وأصلح دابتي لتغنيني عن قومي.
قال: أبو مصبح فنزل الناس فلم أر نازلاً أكثر من يومئذ، الرجل الذي ناداه مالك: يا أبا عبد الله هو جابر بن عبد الله الأنصاري رضي الله عنه، وكان في الغزاة مع مالك بن عبد الله، وقد روينا ذلك مصرحاً باسمه في ترجمة جابر بن عبد الله، فيما تقدم من رواية حصين بن حرملة المهري، قال: حدثني أبو مصبح الحمصي وذكر نحواً من هذا، وقال إذ مر مالك بجابر بن عبد الله وهو يمشي.
أبو مضر:
سمع بالمصيصة طاهر بن عبد الملك.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الفضل إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي قال: أنبأنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد الأكفاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب من لفظه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا، قال: كتب إلي أبو مضر قال: قال لي طاهر بن عبد الملك بالمصيصة: سمعت أبي يقول: سمعت الفضيل يقول: أنا في طلب رفيق منذ عشرين سنة إذا غضب لا يكذب علي.
أبو المطرف الأنطاكي:
روى الحماسة عن أبي تمام الطائي، رواها أبو عبد الله النمري عن أبي رياش عنه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن الجواليقي.
قلت: ونقلتها من خط ابن الجواليقي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي بن الحسن بن علي بن عمر، ويعرف بابن الصقر الواسطي ببغداد قال: قرأت على شيخنا أبي الحسن محمد بن محمد بن عيسى الخيشي النحوي قال لي: قرأت كتاب الحماسة على أبي عبد الله النمري، ورواه لي عن أبي رياش رحمه الله، وقال أبو رياش: فيما قرأته أنا بخط عبد السلام البصري: أنشدنا أبو المطرف الأنطاكي قال: أنشدنا أبو تمام الطائي قال: وقال المرار بن سعيد الفقعسي:
إذا شئت يوماً أن تسود عشيرة ... فبالحلم سد لا بالتسرع والشتم
وللحلم خير فاعلمن مغبة ... من الجهل إلا أن تشمس من ظلم
أبو المعافى بن المهلب الحموي:
شاعر من أهل حماة، قرأت له بيتين أوردهما قاضي معرة مصرين عبد القاهر بن علوي بن المهنا في كتاب زهر الرياض في المنثور.
قال لي الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله العباسي: سمعت هذا الكتاب من عبد القاهر، ثم شاهدت سماعه منه، وأجاز لنا الشريف أبو حامد إن شاء الله تعالى والبيتان:
انظر إلى الخيري ما بيننا ... ملبساً بالطل قمصانا
كأنما صاغته أيدي الحيا ... من أصفر الياقوت صلبانا.
أبو المعالي بن أبي الجيش:
ابن أبي المعالي المقرئ الدنيسري الحصري الزاهد، رجل من أهل الدين والقرآن، راغب عن صحبة أرباب الدنيا مشتغل بما يعنيه، سافر من دنيسر إلى دمشق وقرأ بها القرآن على أبي جعفر أحمد بن علي القرطبي إمام الكلاسة وعلى غيره، واجتاز بحلب في طريقه إليها.
ذكره عمر بن الخضر بن اللمش في كتاب حلية السريين في أخبار الدنيسريين وقرأته بخطه فقال: قرأ القرآن على أبي جعفر القرطبي بدمشق، وقرأ على غيره، وهو رجل زاهد يحب الانقطاع عن الناس والخمول وكثرة قراءة القرآن، ويكره الجاه والقرب من السلطان وأن يؤم بهم أو بأتباعهم وإذا عرض عليه شيء من ذلك امتنع حتى أنه امتنع من الإمامة بالجامع الغربي بدنيسر لكونها ولاية سلطانية.
أبو معاوية الأسود:
الزاهد مولى بني أمية، قيل إن اسمه اليمان وقد قدمنا ذكره في حرف الياء من الأسماء.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام إذناً عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو بكر الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال: فيمن يعرف بكنيته ولا نقف على اسمه: أبو معاوية الأسود الزاهد.
أبو معشر:
خرج من حمص غازياً إلى الثغر، وحكى عن امرأة خرجت إلى الغزاة. روى عنه أحمد بن عبد الرحمن، وقد سقنا الحكاية عنه في المجهولات من النساء، فيما يأتي في آخر الكتاب إن شاء الله تعالى.
أبو المغيث الرافقي:
اختلف في اسمه، فقيل موسى بن إبراهيم بن سابق، وقيل عيسى بن سابق، ولاه عيسى بن منصور ابن عمه، والى حمص ربع أفامية، ثم عزله عنها، فتوجه منها إلى الرافقة. وقد قدمنا ذكره في الأسماء.
أبو المفلفل التنوخي:
الحلبي الشاعر، شاعر من أهل حلب، ظفرت بذكره ولم أظفر بشيء من شعره.
قرأت في أخبار أبي نواس لأبي عبد الله المرزباني قال: حدثنا علي بن أبي عبد الله الفارسي قال: أخبرني أبي قال: أتى أبو المفلفل الشاعر، وهو رجل من تنوخ من حلب أبا نواس عند قدومه من مصر يستجديه فطال اختلافه جداً.

قال: فأمر أبو نواس غلاماً له فحلق رأسه وكتب عليه أربعة أبيات، وقال: إذا جاء أبو المفلفل فقل له: يقول لك مولاي: اقرأ ما على رأسه، فكان ما على رأسه:
وأشمط دلاج علي ورائح ... يطالب نيلاً لو يعان بجود
وإني وإياه لقرنان نصطلي ... من المطل ناراً غير ذات خمود
زويت له وجهاً قطوباً عن الندى ... وأقصيته من نائلي بوعيد
ويروى:.......... وألبسته من وعده بوعيد
فإن كنت لا عن سوء رأيك مقلعاً ... فدونك فاستظهر بنعل جديد
فعندي مطل لا يطير غرابه ... عتيد ولا يدعى له بوليد
قال: المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى أن أبا نواس خاطب بهذه الأبيات أبا المفلفل الشاعر، قال: ويقال إنه قالها للأبزاري.
أبو المنى بن علي الحلبي:
شاعر كان بحلب، ظفرت له بأبيات مدح بها حاجب سوار سوتكين، فإني قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي هذه القصيدة لأبي المنى بن علي يمدح بها الحاجب سوتكين حاجب سوار بحلب الملقب نشو الدولة:
الحرب من شيمي والشعر من شغلي ... والمدح في أفرس الفرسان من عملي
وعفتي وصلاحي دائبان ولي ... إليهما الفضل والأجواد تشهد لي
والغادة الكاعب الحسناء ليس ترى ... مني سوى الصد والهجران والملل
ولا جزعت وقد شط المزار بها ... ولا صبوت إلى سيارة ذلل
ولا أرقت أشتياقا حيث ما رحلت ... ولا نظرت إلى سجف ولا كلل
ولا وقفت على آثارها أسفاً ... ولا بكيت على ربع ولا طلل
قال فيها:
لسوتكين نظمت الشعر ممتدحا ... للحاجب الأريحي الضيغم البطل
ليث الكتائب مقدام الضرائ ... ب وهاب الرغائب إعطاء بلا ملل
وافي العزائم معطاء الغنائ ... م غفار الجرائم ساقي الموت بالذبل
ثبت الأصيلة عال في القبيل ... ة بالكف الجميلة حلو الخلق كالعسل
حصن لشدتنا ذخر لفاقتنا ... نشو لدولتنا أمن من الزلل
أبو المنجى بن مسعر التنوخي:
المعري واسمه هبة الله بن ميسر بن مسعر، شاعر من بيت مشهور بمعرة النعمان، فيهم الرواة والعلماء والشعراء.
روى عنه شيئاً من شعره أبو عبيدة محمد بن عبد العزيز بن محمد بن همام بن المهذب، وقد ذكرناه في حرف الهاء، وذكرنا شيئاً من شعره.
ووقع إلي بعد ذلك قصيدة من شعره يشكو فيها حاله وهو في الحبس والقيد، ويشكو إلى أهله، وقد ذكرنا بعض هذه القصيدة في حرف الهاء في ترجمته بالإسناد، فنورد القصيدة بكمالها هاهنا لأن بقية القصيدة أجود مما مضى منها، وفيها تفصيل حاله.
نقلت من جزء وقع إلي بخط بعض المعربين أودع فيه شيئاً من أشعار المعربين وغيرهم، فنقلت منه ما صورته: القاضي أبو المنجى بن مسعر رحمه الله:
يا أخوتي كيف السبيل إليكم ... لا كان يوم بنت فيه عنكم
فارقت مذ فارقتكم سنة الكرى ... ووصلت حبل الدمع منذ صرمتم
ولقد أرى بيني وبينكم نوى ... من دونها وضح المسالك مبهم
تالله ما أجفوكم لملالة ... أجفوكم ويعز أن أجفوكم
والله لا نهنهت مدمع ناظري ... أنى جرى منه لفرقتكم دم
والله ما أسفي على الدنيا ولو ... فارقتها أسفي بكم وعليكم
أدعوكم شوقاً ونيران الأسى ... بين الجوانح والحشا تتضرم
وإذا ذكرتكم تفيض مدامعي ... بدم وكل جوارحي تبكيكم
أفني الليالي بالتحرق والبكا ... وكذاك أيامي به تتصرم
عين مؤرقة وجسم ناحل ... وحشاً معلقلة وقلب مغرم
ولقد حملت الحزن طفلاً فاغتدى ... دوني إذا ذكر الحزين ملمم
حتى لو أن يلملماً حملته ... بعض الذي لي ما استقل يلملم
أبنى أبي إن غبتم عن ناظري ... فلأنتم عن خاطري ما غبتم

أجد الحياة مريرة ما لم أكن ... أنا في الحياة كما أحب وأنتم
يا ليتني فارقت مذ فارقتكم ... روحي وبنت إلى البلى مذ بنتم
فالوجد بعدكم علي محلل ... والصبر بعدكم علي محرم
أبكي وتند بني القوافي حين لا ... خل يرق ولا نسيب يرحم
وتهيج نار الشوق بين جوانحي ... فكأنما بين الصفاق جهنم
فأبيت من حر الصبابة والأسى ... في جذوة لا أستطيع أهوم
وإذا ذكرت أبا الكرام تقطعت ... كبدي وبرح بي نزاع مؤلم
ولقد أحن إلى أبي الفضل الذي ... عيني تسح دما عليه وتسجم
فيلوم في جزعي أبي ويلومني ... عمي ولومهما أعق وألوم
أمعنفي بملامة لتحرقي ... أسلوهم هيهات أن أسلوهم
أبني أبي والأكرمين متى دعوا ... للمكرمات وللندى فهم هم
هل مسعد أشكو إليه وإنما ... أشكو صروف الدهر لا أشكوهم
ذاد الكرى عن مقلتي خيالكم ... فالنوم أقلع والسهاد مخيم
بخل الزمان بكم علي فبان بي ... عنكم وساعدة القضاء المبرم
أتراه يسمح بالوصال فاشتكي ... وأبث ما لاقيت منه إليكم
إن خف وبلكم وشط مزاركم ... فخليفتي رب السماء عليكم
كنا نذم من الزمان حميده ... قدماً فكيف الآن وهو مذمم
في كل يوم من الزمان نكبة ... تعتادني ختلاً ويوم أيوم
تقضي حوادثه علي بجورها ... وصروفها أنى تشاء وتحكم
حظ خصصت به وجد نازل ... بي في الحضيض وجانب متهضم
ومن العجائب أنني عاينته ... فيما جناه فأعقبتني الصيلم
لا تسألي يا عز عما نابني ... فمن الحديث محدث ومكتم
كفي كفاك ولا أبا لك أنني ... أصبحت والأعداء في تحكموا
ملقىً بدار مذلة مستوطنا ... سجناً أسام الخسف فيه وأظلم
لا ناصر لي ألتجي بفنائه ... أنى انتصرت ولا ولي مكرم
أمسي وأصبح في الحديد مكبلاً ... من غير ما جرم كأني مجرم
متقمصاً ثوب الأسى قد بزني ... ثوب التصبر والتأسي أدهم
قيد ثقيل قد يراني حمله ... وجوىً أكابده، وسجن مظلم
سيان فيه ليلنا ونهارنا ... وحياتنا ماذيها والعلقم
ولذاك أيسر من مقالة حاسد ... يسدي التمائم بالمحال ويبرم
قل للمريق دماءنا كف الأذى ... عنا فحسبك سعيك المتقدم
ألزمتنا جرما ولما نجنه ... ظلماً فصار لزوم ما لا يلزم
أمحمد أدعوك حين اظلني ... خطب يجل عن الخطوب ويعظم
ما خلت أنك تاركي تنتاشني ... طلس الذئاب وأنت أنت الضيغم
وتنوشني سمر الرماح ولا أرى ... بيضاً تسل ولا قنى تتحطم
يا خال لا تقطع أواصر بيننا ... واحلم فمثلك من يعق فيحلم
واعطف على الأطفال عطفة والد ... حدب فإنك أمهم وأبوهم
واذكر لهم ما ليس ينسى مثله ... فلأنت من نسيان ذلك أكرم
احفظ لهم ما ليس يجهل حقه ... ذمم مؤكدة وعقد محكم
ذكر من كنيته أبو منصور
أبو منصور بن بابا الحلبي:
شاعر ناثر مجيد فيهما جميعاً من اهل حلب، كان متصلاً بخدمة الوزير أبي نصر بن النحاس واستخدمه في بعض الجهات بحلب وذكره أبو الطيب الباخرزي في كتاب دمية القصر فقال: ابن بابا، باب الأدب عليه مفتوح، ودستور الفضل له مطروح، وزند الشعر به مقدوح، قال يمدح الصاحب نظام الملك على باب قنسرين من الشام سنة ثلاث وستين وأربعمائة، ح.
باب قنسرين باب مدينة حلب وبظاهره كان نزول السلطان ومعه نظام الملك:
يمينك أندى العارضين سحابا ... وعزمك أمضى الصارمين ذبابا

وأنت أعم الناس طولاً وسؤددا ... وأطيبهم جرثومة ونصابا
وأسرعهم في النائبات إغاثة ... وأمرعهم يوم العطاء جنابا
شهادة بر لا يحابى بمثلها ... إلا ربما كان السحاب يحابى
يقولون إن المزن يحكيك صوبه ... مجاملة ها قد شهدت وغابا
وكم أزمة عم البرية بؤسها ... فهل ناب فيها عن نداك منابا
همت ذهباً فيها يداك عليهم ... وضنت يداه أن ترش ذهابا
ولو كان للأسياف عزمك ما نبت ... ولا ناط بالخصر النجاد قرابا
وما زلت ترضي الله في نصر دينه ... بمألكه تزجي الأسود عضابا
إذا طويت كانت وغاً وقساطلا ... وإن نشرت كانت ظبى وحرابا
وما حملت غير السيوف رسالة ... ولا طلبت غير الرؤوس جوابا
قد اخترطت أيدي الخلافة منكم ... سيوفاً على هام العداة غضابا
ومن يأت عن قوس السعادة رامياً ... نحور أعادية رمى فأصابا
دعاك على شحط المزار ابن صالح ... فلم ترض إلا أن تكون جوابا
غدا طالبا في ظل ملكك عيشه ... فوافاه أحظى الوافدين طلابا
وكان إلى نيل السلامة سلماً ... أتى وإلى باب السعادة بابا
هو الجد فليمس الفتى في ظلاله ... فلو أخطأ المجدود قيل أصابا
سقى حلباً من جود كفك ماطر ... إذا لم تصب فيها المواطر صابا
سموت بها نحو السماء كأنما ... ضربت عليها بالنجوم قبابا
فإن يئست منها الصقور فطالما ... رفعت عليها باللواء عقابا
قال الباخرزي: لله دره في الجمع بين الصقر والعقاب بهذا المعنى المقرطس لهدف الصواب.
بحق توليت الخلافة معتقاً ... برأيك من رق الخلاف رقابا
نظمت نظام الملك منثور مجدها ... عقوداً على لباتها وسخابا
وجليت يا شمس الكفاة غياهباً ... برأي غدا في النائبات شهابا
غصبت على المجد الرجال فسدتهم ... غلابا ومنهم من يسود خلابا
قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي في ديوان شعر الوزير أبي نصر بن النحاس الحلبي، وكان لقي أبا نصر وسمع منه، قال: وكان أبو منصور يعني ابن بابا متصلاً بخدمة أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس، فكتب إليه أبو نصر يعاتبه على تشاغله بالشرب:
خدمة الأتراك ... والكاسات من أيدي الملاح
ليس يلتامان فاختر ... خدمة أو شرب راح
وهذا البيتان يرويان لغير الوزير أبي نصر، فلعله تمثل بهما.
قرأت بخط أبي اليمن محمد بن الخضر المعروف بالسابق بن أبي مهزول قطعتي شعر من نظمه في هجو ابن بابا المذكور أحدهما:
أنشا ابن بابا مذهباً أنسى به ... في الدهر كل مطفل ومطفنشل
أبداً تراه بغير داع والجاً ... في منزل أو خارجاً من منزل
متغنما زاد النديم وراحة ... في خسة وضراعة وتذلل
يبدي السجود لمطمع في سكره ... والود عنه بمعزل
ولقد يبيت على الطوى ويظله ... حتى ينال به لئيم المأكل
والأخرى.
أبا ابن بابا إن طلبت الندى ... يوماً بمدح ابن سميكات
فإنه من يده سبة ... والعار في كسب الدنيات
لا خير في الدنيا ولا أهلها ... ما عد من أهل المروات
ابن سميكات رجل نصراني من تناء الحلبيين.
أبو منصور بن الخلال:

الرحبي المعروف بتاج الرؤساء، كان وجيهاً بحلب ممدحاً، ووزر لكربغا صاحب الموصل سنة تسعين وأربعمائة ووصل كربغا إلى الرحبة وحاصرها في هذه السنة ففتحت له أبوابها، فآمن أهل أبي منصور بن الخلال، وأقام من يحفظ محلتهم، وأخرج الباقين منها ونهبها، وكان السلطان أبو الفتح ملكشاه استخدمه بحلب حين فتحها في سنة تسع وسبعين وأربعمائة في جمع المال بعد عوده من أنطاكية وترتيبه بحلب قسيم الدولة آق سنقر، وكان لؤلؤ الملكي الخادم مملوكاً له أخذه منه رضوان بن تتش، وقد مدحه الوزير أبو نصر بن النحاس مع جلالة قدره، وتقلده الوزارة قبله، فإنني قرأت بخط أبي الحسن بن أبي جرادة، في ديوان شعر أبي نصر بن النحاس، قال: وكتب بها إلى تاج الرؤساء أبي منصور بن الخلال:
أجلك عن مدح ينعتك إنني ... رأيتك أسنى منه قدراً وأعظما
وأي رئيس يستحقك تاجه ... ولو كان فوق الفرقدين مخيما
مناقب لولا أنها غير أفل ... يدوم نهاراً نورها كن أنجما
لكفك جود ليس يبرح جوده ... ملثاً إذا ما قيل أنجم أنجما
فتى عم آفاق البلاد بسجله ... وأصبح وادي معبري فيه مفعا
وعمم بالنوار هام رباهم ... وأسحب ذيل النسر من كان معدما
وذاك حباء لو بعلت بشكره ... لكان لسان الحال عني مترجما
جزيتك بالإحسان قولاً لأنني ... وجدت طريق الفعل بالعدم مبهما
وأفضل ما يجزى به سحر منعما ... أفاض عليه البر أن يتكلما
وفيه وفي أبي نصر بن النحاس قال ابن الديعاص البيت الذي قدمنا ذكره:
قدم زنجر الدهر على الناس ... ما بين خلال ونحاس
ذكر من كنيته أبو موسى
أبو موسى الأشعري:
واسمه عبد الله بن قيس، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد صفين مع علي رضي الله عنه وقد قدمنا ذكره في حرف العين.
أبو موسى بن يونس الطرسوسي:
حدث عن محمد بن مصعب القرقساني، روى عنه أحمد بن النضر العسكري.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الراراني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أحمد بن النضر العسكري قال: حدثنا أبو موسى بن يونس الطرسوسي قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني قال: حدثنا همام بن يحيى عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال الله عز وجل: " أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " .
أبو موسى الوراق:
روى عن فردك الجنون حكاية ذكر فيها أنه كان بحلب، ذكرها مؤلف كتاب عقلاء المجانين قال: قال أبو موسى الوراق سنح لي خروج من حلب إلى الرها، فوصلت إلى منبج فإذا أنا بفردك المجنون، وذكر الحكاية عنه، وذد ذكرناها في ترجمة فردك.
حرف النون
في الكنى
أبو النجاء الأندلسي:
من المشايخ الزهاد الصالحين الأولياء المعروفين، أخبرني قطب الدين أبو عبد الله محمد بن شيخنا أبي العباس أحمد بن علي العسقلاني أن أبا النجاء الأندلسي حج وعاد إلى العراق، وقدم الموصل واجتمع بها بقضيب البان، ووصل إلى الشام، فدخل حلب ودمشق، ومضى إلى الديار المصرية، وسكن جزيرة فوة ومات بها، ودفن.
قال: وله بها عقب.
قال لي أبو عبد الله: فبلغني عن الشيخ أبي النجاء أنه لما حج وقدم المدينة جاء من الشباك الذي عند أرجل الصحابة، وسلم منه على النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يدخل المسجد احتراماً للنبي صلى الله عليه وسلم.
قال: وكان موسراً، فكان يسافر بالجمال الكثيرة والأحمال الكثيرة، وكان إذا دخل بلداً سير من يخطب له امرأة، ويستأجر له داراً، وسير من يكتري له للسفر، فأي الأمرين تيسر له فعله من سفر أو إقامة.
قال: وكان أبو النجاء من تلامذة ابن العريف، قال: وتوفي أبو النجاء بعد السبعين والخمسمائة بفوه.
ذكر من كنيته أبو النجم
أبو النجم الراجز:
واسمه الفضل بن قدامة، كان برصافة هشام وبدابق، وقد سبق ذكره في الأسماء في حرف الفاء.

أبو النجم الدكاني:
شاعر مجيد، كاتب من كتاب الأمير وهسو ذان، دخل حلب واسمه......وقد قدمنا ذكره في موضعه.
أبو النجيب السهروردي:
الفقيه الواعظ الصوفي، واسمه عبد القاهر بن عبد الله، دخل حلب، ووعظ بها، وقد ذكرناه.
ذكر من كنيته أبو نصر
أبو نصر الطرسوسي الشيرازي:
كان شيرازياً، وأقام بطرسوس سنين فنسب إليها، حكى عن أبي عبد الله بن خفيف، روى عنه محمد بن عبد الله بن عبيد الله.
أبو نصر البرمكي:
الحلبي، شاعر مجيد من أهل حلب، ويكنى أبا علي أيضاً، واسمه الحسن بن منصور، وقد ذكرناه في حرف الحاء.
أبو نصر بن أبي جوزه:
المعري، من بني عمرو بن سعيد بن محمد بن داود بن المطهر التنوخي، وهو أخو أبي البركات، ذكرهما ابن الزبير في كتاب جنان الجنان، فقال: أبو البركات ابن أبي جوزه المعري، شاعر من أهل معرة النعمان، هو وأخوه أبو نصر، وأورد لأبي البركات ما ذكرناه في ترجمته وأورد لأبي نصر هذا البيت:
إذا استغنيت عن عرض بحظ ... فكل يد تصول بها يمين
أبو نصر بن أبي الحليم الطبيب:
كان طبيباً حاذقاً في صحبة أتابك زنكي بن آق سنقر، وأبوه أيضاً طبيب مذكور قد ذكرناه، ولأبي نصر هذا ذكر.
أبو نصر الأولاسي:
من الزهاد بحصن أولاس روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: حدثنا علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: سمعت أبا نصر الأولاسي يقول: رأيت في بيت المقدس قوماً فقراء نياماً في المسجد في يوم شديد البرد، فرأيت حصيراً تحتهم ارتفع بنفسه ما كان فضل عنهم منه، فانقلب عليهم وغطاهم، من غير أن يمسه أحد، فقال له بعض الحاضرين: لعل الريح فعلت ذلك، فقال: لم تكن ريح تهب البتة.
أبو نصر بن هشام الحلبي:
شاعر مجيد، روى عنه شيئاً من شعره رافع بن ظافر بن علي الرحبي.
أنبأنا عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الخطيب الموصلي قال: أنبأنا عمي قال: أنبأنا أبي قال: أنشدني أبو المجد رافع بن ظافر بن علي الرحبي قال: أنشدني أبو نصر بن هشام الحلبي لنفسه:
رأت فلتات الشيب تلبس مفرقي ... ضياء كما يبدو الحسام من الغمد
رويدك ما عندي شباب يزيله ... المشيب فأخشى منك عادية الصد
إذا لم يكن شرخ الشبيبة نافعي ... فما رغبتي في حالك اللون مسود
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
أبو النعمان الأنطاكي:
أحد مشايخ الثغر، حكى عنه أحمد بن يحيى البلاذري في أخبار البلدان، قال: وقال أبو النعمان الأنطاكي: كان الطريق فيما بين أنطاكية والمصيصة مسبعه يعترض الناس فيها الأسد، فلما كان الوليد بن عبد الله شكي ذلك إليه، فوجه أربعة آلاف جاموسة وجاموس، فنفع الله بها.
أبو النمر بن العنزي:
القاضي، من بيت كبير بالشام، مشهور ولهم اتصال بملوكها، وحرمة عندهم، وأصلهم من كفر طاب، وسكنوا حماة بعد استيلاء الفرنج على كفر طاب، وهذا القاضي أبو النمر كتب عنه مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ.

فإنني نقلت من خط أسامة من كتابه الموسوم بأزهار الأنهار قال: حدثني القاضي أبو النمر بن العنزي رحمه الله بحصن شيزر قال: سافرت إلى اليمن فاتصلت ببعض سلاطين اليمن، فأتاه الخبر بعصيان أهل بلد من بلاده، فركب وسار إليه، وأنا صحبته، وهو في خلق كثير على الركاب، وأقسم ليستبيحن دماءهم وأموالهم، فسرنا حتى نزلنا على المدينة، وأمر بالتأهب لقتالهم وهجم المدينة، فرأينا امرأة قد خرجت من المدينة، وجاءت تتخطى الناس حتى وصلت إلى السلطان وأنا عنده فسلمت عليه فرحب بها، وأكرمها وأجلسها، ثم قال لها: ما حاجتك؟ قالت: جئتك أسألك أن تهب لي هذه المدينة وأهلها، فقال: هؤلاء قد أظهروا العصيان والشقاق، وقد أقسمت أن أستبيح دماءهم وأموالهم، فقالت: بل ترجع عن هذا إلى المعتاد من صفحك وكرم عفوك، وتهب لي ذنبهم ودماءهم وأموالهم، فقال ما أفعل ولا أفسد مملكتي وأستدعي عصيان رعيتي بصفحي عن هؤلاء المنافقين، فغضبت، وقامت، وقالت: نسيت حقي وحرمتي واطرحتني، حتى إني أسألك في مدينة من مدائنك لتقضي بها حقي، ولا توجب سؤالي، ثم ولت، فأطرق، ثم قال: ردوها، فلما عادت اعتذر إليها وتلطفها، وقال: قد وهبت لك البلد وأموال أهله ودماءهم، وها أنا راحل، ثم أمر الناس بالرحيل ونفذ من رتب أمر البلد وسار.
فسألت عن تلك المرأة، فقيل لي إن هذه امرأة كانت ترضعه، وكان أبوه مالك هذه البلاد فقام عليه أخوه فقتله، وملك البلاد، وهذا إذ ذاك طفل، فتطلبه عمه ليقتله فخبته هذه المرأة بينها وبين ثيابها، وأخفته، وخرجت به من البلد فربته في خمول، واختفى حتى كبر وجار عمه على الرعية، وأساء إليهم، فوثبوا عليه قتلوه، ونفذوا أحضروا هذا وملكوه عليهم كما ترى، فهي تذكره بما فعلته في حقه، وهو يرعى لها ذلك الصنع.
ذكر من كنيته أبو نواس
أبو نواس الحكمي:
الشاعر، واسمه الحسن بن هانئ، ويكنى أبا علي، وأبو نواس لقب له، وذد ذكرنا ذلك في ترجمته في حرف الحاء.
أبو نواس الأنطاكي:
الشاعر، حسن الشعر مختاره، روى عنه أبو علي محمد بن عمر الزاهي، وذكره أبو منصور الثعالبي في اليتيمة.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: كتب إلينا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي أن أبا يعقوب الأديب أنبأهم قال: أخبرنا أبو منصور الثعالبي قال: وأنشدني يعني محمد بن عمر الزاهي قال: أنشدني الأنطاكي لنفسه، يعني أبا نواس:
ومتيم أبدى إلي غرامه ... فعذلته والعذل فعل الجاهل
حتى إذا أبصرت مالك رقة ... كادت لواحظه تصيب مقاتلي
إن عدت أعذل عاشقاً من بعدها ... فأصابني ربي بحتف عاجل
أبو نوح الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وروى عن ذي الكلاع الحميري حديثاً في ذكر أهل صفين، قد ذكرناه في مقدمة هذا الكتاب.
حرف الواو
في الكنى
أبو وائل الأسدي:
واسمه شقيق بن سلمة تقدم ذكره.
أبو الورد بن الهذيل:
ابن زفر بن الحارث، واسمه مجزأة، وقد قدمنا ذكره.
أبو الوفاء الحراني:
المعروف بالقائد، شاعر مطبوع، كان بحران وبحلب منقطعاً إلى آل وثاب، وكان يأس إلى أبي المعالي بن الملحي، عارض الجيش بحلب، ثم إنه انتقل إلى دمشق عند انقراض آل وثاب النميريين، فاستوطنها إلى أن مات.
أنبأنا تاج الأسناء أحمد بن محمد بن الحسن عن عمه الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد بن الملحي من لفظه، كتبه لي بخطه قال: القائد أبو الوفاء، نزهة العالم، وأظرف بني آدم، ينشئ نوادر أحر من النار، وأحاديث تقصر عنها الأفكار، ويتحدث أشهراً فلا يعيد حديثاً، ولا يري مستريثاً، بل قد خص من هذا الفن بما لم يخص به بشر، ولا يلحقه فيه من نظم أو نثر، ولم ير في الجامع المعمور إلا مصلياً في يومه ما فات في أمسه فالناس يجمعون على استحسان مقاصده فيقفون على مصادره وموارده، فكان كما قال أبو نواس:
يصلي هذه في وقت هاذي ... فكل صلاته أبداً قضاء

وكان آل وثاب اقتطعوه إليهم وأخذوه بكلتى يديهم، يتنافسون في الخلع عليه، والإحسان إليه، ولزمهم سنين كثيرة إلى أن عبثت بهم أيدي الزمان، وتنبهت لهم أعين الحدثان، ففارقهم وانتقل إلى دمشق، فأقام بها إلى أن قضى نحبه، ولقي ربه، وكان أبو الوفاء لعب بالشطرنج مع والدي فغلبه والدي، وأخذ خاتمه مازحاً، فعمل أبو الوفاء بديها:
يا سيدا كف عني أيدي النوب ... من بعد أن أشرفت نفسي على العطب
أعدائي لو غلبوني قمت تنصرني ... فهل أبالي من الشطرنج بالغلب
يا بن الذين شأوا أبناء عصرهم ... في حلبة الجد والإحسان والأدب
قوم مناقبهم لما مضوا بقيت ... منيرة في سماء المجد كالشهب
يكون جاهك يحميني فيؤخذ لي ... في اللعب أو غيره شيء من الذهب
هيهات سالمني دهري وصرت وفي ... يدي منه ذمام غير مقتضب
وكان لأبي الوفاء خاتم، مزح معه رجل، فقال: بعني هذا الخاتم، فقال: ما أبيعه، ولكن خذه، فأخذه ومضى، ومطله برده فعمل فيه:
صار بهذا الزمان مخرقة ... قوم يحبون منحة الشعرا
تغير الناس والزمان معا ... وأهملوا الفضل فهو قد دثرا
مازحت بالأمس أهيفا حسنا ... قد كمل الظرف من بني الأمرا
إذا تفكرت في محاسنه ... حسبته من جماله قمرا
فسامني خاتمي فقلت له ... اقبله مني فحازه وجرى
من يقبل الرفد والهدية من ... قائل شعر فذاك ذقن خرا
ذكر من كنيته أبو الوليد
أبو الوليد الأنطاكي:
روى عنه أبو عبد الله إبراهيم بن عرفة نفطويه.
أبو الوليد الباجي:
واسمه سليمان بن خلف، تولى قضاء حلب، وقد ذكرناه في الأسماء.
حرف الهاء
في الكنى
ذكر من كنيته أبو هاشم
أبو هاشم بن عتبة:
ابن ربيعة بن عبد شمس، وقيل إن اسمه شيبة. روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه سمرة بن سهم. غزا مع معاوية سنة إحدى وعشرين.
قرأت في مغازي سعيد بن يحيى بن سعيد الأموي قال: حدثني أبي عن ابن إسحق قال: ثم كانت غزوة الأميرين: معاوية بن أبي سفيان وعمير بن سعيد الأنصاري، عمير على دمشق والبثنية وحوران وحمص وقنسرين والجزيرة، ومعاوية على فلسطين والأردن، والسواحل وأنطاكية، ومعرة مصرين، وقلقية، وحينئذ صالح على قلقية وأنطاكية ومعرة مصرين أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة.
قال ابن إسحق: وفي ذلك العام كانت وقعة نهاوند بالعراق، في سنة إحدى وعشرين.
قلت: قد كان أبو هاشم بن عتبة والياً من قبل معاوية على هذه المواضع التي صالح عليها.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: حدثني محمد بن أحمد بن عمارة، وعبد الله بن أحمد بن خشيش قالا: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا جرير عن مغيرة عن أبي وائل عن سمرة بن سهم رجل من قومه قال قال: نزلت على أبي هاشم بن عتبة بن ربيعة، وهو طعين فأتاه معاوية يعوده، فبكى أبو هاشم فقال معاوية: ما يبكيك أي خال أوجه يشيزك أم حرصاً على الدنيا، فقد ذهب صفوها، فقال: على كل لا، ولكن رسول الله صلى الله عليه وسلم عهد إلي عهداً وددت إني كنت تبعته، قال: إنك لعلك أن تدرك أموالاً تقسم بين أقوام، وإنما يكفيك من الدنيا خادم، ومركب في سبيل الله، فأدركت فجمعت.
قال أبو علي بن السكن: أبو هاشم بن عتبة بن ربيعة بن عبد شمس، وهو أخو مصعب بن عمير لأمه، وأخو أبي حذيفة لأبيه، وخال معاوية بن أبي سفيان، يقال اسمه شيبة، أسلم يوم فتح مكة، ونزل الشام حتى مات في خلافة عثمان.
قلت: معنى يشيزك: يقلقك.
حدث عن المعتمر بن سليمان. روى عنه سعيد بن عبد العزيز الحلبي.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله إذناً قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن نصر الصيدلاني، وأبو المحاسن محمد بن الحسن بن الحسين التاجر قال: أخبرنا أبو الفتح إسماعيل بن الفضل بن أحمد بن الأخشيد السراج قال الصيدلاني: وأبو علي الحسن بن أحمد الحداد، وأنا حاضر قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أحمد الجصاص قال: حدثنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحق الحافظ بنيسابور قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي قال: حدثنا أبو هاشم الحلبي قال: حدثنا المعتز بن سليمان عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن أحب الأسماء إلى الله عبد الله وعبد الرحمن " .
كذا وقع أبو هاشم، ويعلب على ظني أنه أبو نعيم بن هشام الحلبي، فإنه يروي عن المعتمر بن سليمان ويروي عنه سعيد بن عبد العزيز الحلبي والله أعلم.
ذكر من كنيته أبو هريرة
أبو هريرة الدوسي:
صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، قدم صفين ليصلح بين علي ومعاوية، واجتاز بفامية مرة فلم يضيفوه، واختلف في اسمه اختلافاً كبيراً، قيل كان اسمه في الجاهلية عبد شمس، فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وقيل عبد الرحمن بن عبد الله غنم، وقيل كان اسمه عبد عمرو، وقيل عامر بن عبد شمس، وقيل عبد نعم، وقيل عبد نهم بن عامر، وقيل اسمه سكين بن عمرو، وقيل عبد الله بن عامر، وقيل عبد شمس بن عبد عمرو، وقيل جرثوم، وقيل عبد العزى، وقيل عبد الرحمن بن صخر، وقيل عبد الله بن عبد العزى، والأصح أنه عبد الله بن عمرو، وقد ذكرناه فيما تقدم في باب العبادلة من هذا الكتاب.
أبو هريرة الأنطاكي:
واسمه محمد بن علي بن حمزة بن صابح، ويكنى أبا بكر، وأبو هريرة لقب له.
حدث عن محمد بن إبراهيم الصوري، وأحمد بن هاشم، ومحمد بن العباس بن المبارك، وابن نجدة، روى عنه أبو حفص عمر بن شاهي، ومحمد بن سيما البزاز وسعيد بن عثمان بن السكن، والحميدي.
أخبرنا أبو محمد يوسف بن عبد الرحمن بن علي البكري قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا....قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: أخبرنا محمد بن سيما البزاز قال: حدثنا أبو هريرة الأنطاكي قال: حدثنا ابن نجدة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن خالد عن عبد الله بن الوليد الوصافي عن ابن سوقه عن الحارث عن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الجهاد أربع: أمر بالمعروف ونهي عن المنكر، والصدق في مواطن الصبر، وشنآن الفاسق، فمن أمر بالمعروف شد عضد المؤمنين، ومن نهى عن المنكر أرغم أنف الفاسق، ومن صدق في مواطن الصبر، فقد قضى ما عليه.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في تعليق له يتضمن فوائد قال: من جملة من يكنى بأبي هريرة: أبو هريرة محمد بن علي بن حمزة الأنطاكي، روى عن محمد بن إبراهيم الصوري عن مؤمل بن إسماعيل، حدث عنه سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي بمصر، وكان قد كتب عنه.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي إذناً قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، أبو هريرة الأنطاكي، في شهر رمضان، يعني مات.
أبو هريرة إمام مسجد عرفة:
كان بالحدث، وهي بلدة من أعمال حلب على تخم الروم، حكى حكاية جرت له مع عبد الله بن العباس بها روى عنه خصيب بن إبراهيم.

أنبأنا سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل الأنصاري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت قال: أخبرني ضحاك بن يزيد قال: حدثنا وريزه بن محمد قال: حدثنا خصيب بن إبراهيم قال: حدثنا أبو هريرة إمام مسجد عرفة قال: قدم عبد الله بن صالح الحدث، فخرجت أسلم عليه، فلم أر طعاماً من حر وبارد أكثر من طعامه، قال: فقلت له: أيها الأمير العدس يرق القلب، ويحدر الدمعة، قال: فأمر طباخه أن يغير لنا ألوان الطعام العدس، فلما مر يوم واثنين، قلت للطباخ: أين ألوانك تلك الطيبة؟ قال: هذا فعلك حدثت الأمير حديثاً فأخذ به، قال: فقمت فدخلت إليه، قلت: أصلح الله الأمير، الحديث الذي حدثتك في العدس إسناده ضعيف، قال: فضحك ودعا بالطباخ فقال: أعد لهم الطعام الأول.
أبو همام الشعباني:
كان مرابطاً بقورس من أعمال حلب، روى عن رجل من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم من خثعم، روى عنه أبو سلام الدمشقي، ويحيى بن أبي كثير.
أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي فيما أذن لنا في روايته عنه، عن علي بن أبي محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد البغدادي قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع قال: حدثنا معاوية بن سلام عن زيد بن سلام أنه سمع أبا سلام يقول: حدثني أبو همام الشعباني أنه كان مرابطاً بقورس، وكان فينا رجل من خثعم من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم....مقبلين إلى تبوك فذكر الحديث لم يزد هذا.
أبو هنيدة:
كان من الغزاة، غزا عمورية، واجتاز بحلب في دخوله إلى الغزاة من دابق، حكى عنه خالد بن دهقان.
أبو هلال الراغبي الخادم:
مولى راغب مولى الموفق بالله، كان من الغزاة المجاهدين في سبيل الله، الموصوفين بالشجاعة والنجدة والشهامة، وكان مقيماً بطرسوس بدار راغب مولاه وهي الدار الكبرى.
نقلت من خط أبي عمرو عثمان بن عبد الله إبراهيم الطرسوسي القاضي، من كتاب سير الثغور، الذي ألفه لابن الفرات، قال: وفي هذه الدار يعني دار راغب الكبرى خدم وشيوخ من الفرسان المتقدمين، منهم: أبو هلال الراغبي، أدركته أنا وهو ابن قريب من مائة سنة.
قال أبو عمرو: وحدثني أبو الطيب يمن بن عبد الله الريداني أحد فرسان طرسوس وقوادها أنهم كانوا في بعض المغازي فوافقوا العدو فظفر أبو هلال الخادم الراغبي بالمرلس أحد فرسان الروم، فأخذه أسيراً فعرفه المرلس نفسه، وقال: أبق علي فأنا المرلس فدفعه إلى بعض السواس أو المكاريين، وقال له: امض له إلى الأمير ثمل وعرفه أنك أنت أسرته ليدفع إليك ما جرى الرسم بمثله فيمن أخذ أخيذاً، فلما حصل عند ثمل قال له: من أسرك؟ قال: رجل خادم من حاله وعلامته، وجدته على فرس من شيته وآله وسلاح، هو كذا وكذا، قال له ثمل: وما أخذك هذا السائس؟ قال: لا والله، فأذن ثمل للناس في المقام في ذلك المنزل، وكان إذا أقام العسكر في بلاد الروم بمكان نودي: ألا إن الأمير مقيم ليتسع الناس في الذبائح وغيرها من المآكل، ومن عرض له قبل الأمير مهم قصده في مضربه، فقضى وطره، فلما أقام أتاه المسلمون بالتهنية بالفتح وبالظفر بالمرلس، والمرلس جالس بقرب ثمل بحيث يرى الناس ولا يرونه، ويسمع ثمل مناجاته، فكلما دخل رجل للسلام قال له ثمل: أهذا الذي أسرك؟ فيقول: لا حتى جاء أبو هلال الراغبي، فقام المرلس قائماً وسجد لأبي هلال تعظيماً، وقال لثمل: أيها الأمير هذا الذي أسرني، فقال أبو هلال: ما أعرف شيئاً مما تقول ولا هو أخيذتي فاستحلفه ثمل بحياته، فقال: نعم إلا أنه ليس من المروءة أن يظهر الرجل أحسن أفعاله، وإنما يحسن بالإنسان أن يتحدث عنه غيره بما يأتي من الجميل، قال ثمل: يا أبا هلال لو غيرك أخذ المرلس لم يسعنا معه أرض النصرانية، ولا أرض الإسلام، قال أبو هلال: فأطلق للسائس أن يتكلم، قال: ثمل لا رونق للكذب ولا نفاذ.
أبو الهيثم بن القاضي أبي حصين:
علي بن عبد الملك بن بدر بن الهيثم، ولي الوزارة لشريف بن سيف الدولة، وكان له شعر حسن، وروى عن أبي فراس بن حمدان، روى عنه أبو المطاع ذو القرنين بن ناصر الدولة الحسن بن عبد الله بن حمدان.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد إذناً قال: أنبأنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: وأنشدنا الأمير أبو المطاع قال: أنشدني الحصيني أبو الهيثم قال: أنشدني أبو فراس:
أفي كل يوم رحلة بعد رحلة ... أجرع نفسي حسرة وتروعها
فلي أبداً قلب كثير نزاعه ... ولي أبداً نفس كثير نزوعها
لحى الله قلباً لا يهيم صبابة ... إليك وعينا ى تفيض دموعها
قرأت بخط القاضي أبي عمرو قاضي معرة النعمان في ديوان شعر أبي الحسن محمد بن عيسى النامي اليشكري الذي قرأه عليه قال: وكتب إليه أبو الهيثم يعني الوزير أبا الهيثم بن القاضي أبي حصين، وزير سعد الدولة:
أستودع الله أخواناً ناؤوا فكووا ... قلبي فحشو الحشا من بعدهم نار
كأن نفسي قدت من نفوسهم ... فليس تسكن أو تدنيهم الدار
فأجابه يعني أبا الحسن النامي:
روحي وروحك في أجسامنا امتزجا ... كالخمر والماء والأخلاق أنوار
قد روق الود من أسرارنا فغدا ... يشف من باطن الجسمين إضمار
حرف الياء
في الكنى
ذكر من كنيته أبو يحيى
أبو يحيى مولى عمر بن عبد العزيز:
كان مع مولاه بخناصرة وأشهده على نفسه فقال عدة وعدها دكينا الراجز.
أبو يحيى الموصلي:
إمام بني خليد بالموصل، حكى عن عبد العزيز بن مروان. روى عنه الوضاح أبو عوانه، واستوفده عمر بن عبد العزيز عليه حين ولي الخلافة، وقد قدم عليه دابق أبو خناصرة.
أبو اليسر:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أبو يسير مولى مسلمة بن عبد الملك:
روى عن مولاه مسلمة، روى عنه سعيد بن مسلمة، وكان مع مولاه مسلمة في منزله بالناعورة.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف إذناً قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يزيد بن حكيم أبو خالد العسكري قال: حدثنا سعيد بن مسلمة عن أبي يسير مولى مسلمة بن عبد الملك عن مسلمة قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز في البوم الذي مات فيه، وقاطمة بنت عبد الملك جالسة عند رأسه، فلما رأتني تحولت وجلست عند رجليه، وجلست أنا عند رأسه، فإذا عليه قميص وسخ مخرق الجيب، فقلت لها: لو أبدلتم هذا القميص، فسكتت، ثم أعدت القول عليها مرارا حتى غلطت فقالت: والله ما له قميص غيره.
ذكر من كنيته أبو يعقوب
أبو يعقوب البوقي:
من أهل قرية من قرى أنطاكية، حكى عن يوسف بن أسباط، روى عنه عبد الله بن خبيق الأنطاكي.
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، حدثنا أبو عمران موسى بن عبد الرحمن الإمام ببيروت قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحافظ عن ابن خبيق قال: حدثني أبو يعقوب البوقي قال: رأيت رجلاً يسلم على يوسف بن أسباط فذهب يعانقه، فدفع يوسف في صدره فقال له الرجل: لا بد لنا عافاك الله، فقلت: يا أبا محمد أليس قد جاء في المعانقة؟ قال: أو كل أحد يستحق أن يعانق.
أبو يعقوب الطبري:
ساكن طرسوس، حكى عن أبي بشر الطالقاني الصوفي روى عنه أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم الهمذاني.
أخبرنا الحافظ عبد القادر الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا أبو الفضل الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن بن جهضم قال: سمعت أبا يعقوب ساكن طرسوس يقول: سمعت أبا بشر الطالقاني الصوفي يقول: حدثني بعض أصحابنا عن معروف قال: رأيت رجلاً في مرج الديباج، فذكر تمام الحكاية، وقد ذكرناها بتمامها في المجهولين الأسماء فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
ذكر من كنيته أبو يعلى
أبو يعلى السلمي الملطي:
مشهور بالكنية واسمه محمد بن أحمد بن عبد الله الأقطع، قدمنا ذكره في بابه.
أبو يعلى الجعفري:
الشريف، رجل من أهل الفضل ورد إلى حلب بعد الأربعمائة هارباً من العراق. روى عنه أحمد بن الحسن بن عيسى بن الخشاب الحلبي.

قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن الحسن بن عيسى بن الخشاب قال: سمعت هذه الحكاية من الشريف أبي يعلى الجعفري في بلد حلب حين ورد إليها هارباً من العراق أن بعض خلفاء بني العباس استحضر أبا جعفر محمد بن جرير الطبري صاحب التاريخ لأمر من أموره وكان أبو جعفر لا يقوم لأحد، فهو جالس في دار الخليفة إذ دخل وزير الخليفة، فقام له الناس بأجمعهم إلا أبو جعفر، فنظر إليه الوزير ولم يخف عليه أنه لم يقم له، فقال حين جلس مجلسه: من هذا الجالس؟ فقالوا: هذا صاحب التاريخ أبو جعفر محمد بن جرير الطبري، فقال: ما له في بلد بغداد من الربع؟ فقيل: له شيء، فقال: فله من البسط في ظاهر البلد؟ فقالوا: ليس له شيء، قال: فايش رسمه على السلطان؟ فقيل له: ليس رسم على السلطان، فقال الوزير: يحق لهذا أن لا يقوم للسلطان.
أبو يعيش:
رجل كان يغزو بالشام، واستقدمه عمر بن عبد العزيز عليه فقد دخل دابق أو خناصرة، ودخل الثغر الشامي، له ذكر.
ذكر من كنيته أبو يوسف
أبو يوسف الغسولي:
كان من العباد من أقران إبراهيم بن أدهم، والسري، وكان مقيماً بالثغر الشامي ملازماً للغزو والجهاد، حكى عن سفيان بن عيينة، روى عنه أبو عمران الطرسوسي.
أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني جعفر بن محمد قال: حدثني الجنيد بن محمد قال: سمعت السري يذكر أبا يوسف الغسولي، وكان أبو يوسف يلزم الثغر ويغزو، فكان إذا غزا مع الناس ودخلوا بلاد الروم أكل أصحابه من ذبائح الروم ومن فواكههم وكان أبو يوسف لا يأكل، فيقال له: يا أبا يوسف تشك أنه حلال؟ فيقول: لا هو حلال، فيقال له: كل من الحلال، فيقول: إنما الزهد في الحلال.
وأخبرنا بذلك الحافظ عبد القادر الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثنا جنيد قال: سمعت سرياً يذكر أبا يوسف الغسولي فذكر مثله.
قال أبو الحسن بن جهضم: حدثنا أحمد بن محمد بن سهل بن عبد الرحمن قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال: كان إبراهيم بن أدهم وأبو يوسف الغسولي بالشام، فتعرضوا للعمل، فكان أبو يوسف صائماً، وكان إبراهيم مريضاً، فقالوا لرجل: نعمل معك جميعاً، وأعطنا بالعشي كري رجل فعملا جميعاً في الحصاد فأعطاهم أجرة رجل، فاشترى أبو يوسف شيئاً يأكلانه، فلما وضعه، قال لإبراهيم: تقدم كل، قال: أليس قد أوفاك الأجرة؟ قلت: نعم، قال: أفتعلم أنك قد أوفيته العمل؟ قال: لا، فقال إبراهيم: فكيف آكل ما لا أدري! أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن محمد في كتابه إلينا من مرو قال: أخبرنا أبو سعد الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: أبو يوسف الغسولي من الورعين من أقران السري، وكان ورعاً ديناً ملازماً للثغور والغزو، وكان لا يأكل مما يجدونه في بلاد العدو، فيقال له تشك في أنه حلال؟ فيقول: لا أشك في أنه حلال، ولكن الزهد في الحلال.
أنبأنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد المفيد قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن هارون بن عبد الله البزاز قال: مات أبو يوسف الغسولي رحمه الله بطرسوس سنة أربعين، وكان قد رأى إبراهيم بن أدهم.
أنبأنا حسن الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربعين ومائتين أبو يوسف الغسولي بطرسوس يعني مات.
أبو يوسف العين زربي:
حكى عن إبراهيم بن أدهم روى عنه إبراهيم بن عبد الله بن الجنيد الختلي.

أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أنبأنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثني أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر الميداني قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن علي بن هرون البردعي قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو العباس بن مسروق قال: حدثنا إبراهيم بن الجنيد قال: سمعت أبا يوسف العين زربي يقول: كان إبراهيم بن أدهم يحث من صحبه على التكسب، ويقول: لا تزال بخير عزيزاً ما استغنيت عن الناس.
آخر الكنى من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب
ذكر المعروفين بالنسبة إلى آبائهم
ممن لم يعرف له اسم ولا كنية
الألف
ابن اصطفانوس الرومي الأنطاكي:
فيلسوف شاعر، وجدت ذكره في سيرة الوزير اليازوري، جمع بعض المصريين لا أعرف اسمه.
قرأت في سيرة الوزير أبي الحسن علي بن عبد الرحمن اليازوري، وزير المستنصر بمصر قال: وكان عند استقرار الهدنة مع الروم في أيام أبي نصر الفلاحي، قد وصل رسولان أحدهما هو المتكلم والمترجم عن الروم، وكان ذا هيئة أديباً شاعراً نحوياً فيلسوفاً نظاراً، ولد بالروم، ونشأ بأنطاكية، وسافر إلى العراق، ولقي العلماء به ولقن من العلوم والآداب ما علا صيته به، واشتهر ذكره في الآفاق، يعرف بابن اصطفانوس، والآخر متحمل الهدية وهو كصاحب حرب يعرف بميخائيل وذكر بعد ذلك أن مملكة الروم عادت إلى ميخائيل هذا.
أبن الأصيلح:
كان معلماً بكفر طاب له بيتا شعر في يوسف بن المنيرة الكفر طابي، وكان قبل التعليم حائكاً، ثم صار معلماً، فعمل فيه ابن الأصيلح:
أي عقل لحائك في الأنام ... ولو قيد نحوه بزمام
نصفه نازل مع الجن ... في البئر وباقيه قاعد من قيام
الباء
ابن باقي المعري:
الواعظ، وكان يلقب جلال الدين، وكان واعظاً حسناً فصيحاً، حسن النادرة، له قبول عند الناس من أهل معرة النعمان.
قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر تأليف عبد القاهر بن علوي بن المهنا المعري المعروف بابن خصا البغل قال: وعظ جلال الدين بن باقي المعري الواعظ بالمعرة فكتب إليه شخص، ما يقول سيدنا في قوم إذا جن عليهم الليل أسبلوا الذيل، وجثوا على الركب، وطلعوا في الثقب، وقالوا: يا كريم بك ندفع؟ فقال: أولئك أقوام للمضاجع في حبه هجروا، وللأعين في طاعته أسهروا فقال في حقهم مولاهم: " أولئك يجزون الغرفة بما صبروا " إذا جن عليهم ليل المحبة أسبلوا ذيل الطاعة، وجثوا على الركب، تراهم ركعاً سجداً، وطلعوا في الثقب، في ثقب صحف أعمالهم، وقالوا: يا كريم بك ندفع كيد الشيطان الرجيم.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي، ونقلته من خطه، قال: وسمعته، يعني أبا الحجاج يوسف بن محمد بن حيدرة الأنصاري الحلبي يقول: قدم الموصل من عندنا ابن باقي الواعظ، وكان له قبول في الوعظ فجعل يعظ عندهم في الجامع، وفي غيره فإذا كان الليل يخرج وينام على الشط، وقيل له في ذلك: لم لا تدخل عندنا البلد؟ فقال: يا أهل الموصل أنا نازل على الشط، مجاور لهذا البط، موصلكم لا أدخلها قط.
ابن بشر بن البراء:
ابن معرور بن صخر بن خنساء بن سنان بن عبيد بن عدي بن غنم بن كعب بن سلمة بن سعد بن علي بن أسد بن شاردة بن يزيد بن جشم بن الخزرج الأنصاري، كان من أصحاب معاوية، ووجهه رسولاً إلى القسطنطينية، واجتاز في طريقه بحلب، أو ببعض عملها، واجتمع فيها بجبلة بن الأيهم الغساني وحكى عنه.
ابن بطة:
شاعر كان بحلب في أيام سيف الدولة علي بن حمدان وهجا أبا الطيب المتنبي بأبيات وجدتها في بعض أمالي أبي عبد الله بن خالويه.
ذكر أبو عبد الله بن خالويه في أمالي أملاها أنه جرى بينه وبين المتنبي كلام آل به إلى أن قال له في مجلس سيف الدولة: وهذا ابن بطة يقول فيك لأن أباك عيدان السقاء.
بحق المزادة والراوية ... وفضل الفرات على الساقية
وبالدلو تزهى بأوذامها ... وداني مياهك والقاصية
ودعوى النبوة بين الورى ... بشعر دلائله واهية

وصبرك للصفع يدمي القفا ... بجيرون طوراً وبالجابية
وبالشيخ عيدان شيخ الخنا ... وبالطيز من أمك الزانية
علام جحدت أباً ساقطا ... وقلت أبي سيد البادية
وقد بان هذا فلا تخفه ... فليست أمورك بالخافية
ابن البليغ المعري:
واسم البليغ إبراهيم بن الحسن، وابنه هذا شاعر ظفرت له بأبيات في جزء يتضمن ما رثي به أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، قال جامعه: ولد البليغ المعري:
قالوا اقتصر في البكاء جهلا ... والعلم يدعو إلى البكاء
وأي عين تكف دمعا ... بعد سناها أبي العلاء
وجدي على فقده مقيم ... ما نجمت أنجم السماء
فما أعزي بني أخيه إذ ... أنا خلو من العزاء
ولو تمكنت من فداء ... ما سبقوني إلى الفداء
فظفروا بالمنى جميعاً ... وبلغوا غاية البقاء
ابن بلال بن سعد بن تميم:
السكوني، غزا القسطنطينية، واجتاز بدابق في طريقه، له ذكر.
ابن بيض:
بكسر الباء، ويقال بالفتح أيضاً، شاعر قدم حلب، وامتدح بها يزيد بن المهلب وهو في سجن عمر بن عبد العزيز بحلب، واسمه حمزة بن بيض، وقد قدمنا ذكره.
التاء
ابن تريك الرفني:
شاعر كان في صحبة أبي المعالي الحسن بن أحمد بن الملحي، من أهل رفنية، بلدة من العواصم دثرت، وكان متوسط الشعر، يكتب خطاً حسناً، ويترسل.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد السلمي من لفظه، وكتبه لي بخطه قال: ابن تريك وصل مع أبي من رفنية سنة سبع وثمانين، فأقام عدة أشهر، رأيت فيه من النخوة والأريحية وصدق اللهجة ما لا يماثله فيه بشر، وكان يكتب خطاً مليحاً، ويترسل بديعاً سريعاً، ويحفظ من الأشعار لأهل تلك الناحية كثيراً وهو القائل بديهاً وقد اجتمعنا بمقرى في بستان أبي الحسين بن النحات.
يا ليت أني بمقرى ... قضيت كل زماني
وكان ذلك عندي ... يفوق كل الأماني
مع كل خل ظريف ... ندب من الأخوان
يسعى إلي بكاس ... من قبل صوت الأذان
صفراء كالشمس أولا ... حمراء كالأرجواني
فما يكاد يراني ... وقتا سوى سكران
هذا هو العيش ... لا شربها مع الفرغاني
إذا تفسحت في ... مجلس مع الاخوان
يقول خاموش بيسى ... وإن دعا زند كانى
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم إذناً إن لم يكن سماعاً قال: ابن تريك شاعر كان في صحبة أبي المعالي المحسن بن أحمد بن الملحي، ووصل معه من رفنية إلى دمشق، وأظن ابن تريك هذا أبو البركات مسلم بن صاعد بن تريك، وقد سمع مسلم هذا مع والد ابن الملحي من أبي إسحق إبراهيم بن عقيل بن المكبرى، فالله أعلم.
الثاء
فارغ
الجيم
ابن جعونة بن الحارث العامري:
كان عمر بن عبد العزيز استعمل أباه جعونة بن الحارث على ملطية، وكان ابنه معه فغزا وأصاب وغنم، وسير ابنه إلى عمر بالغنيمة، فلما دخل ابنه وأخبر عمر الخبر قال له عمر: هل أصيب من المسلمين أحد؟ فقال: لا إلا رويجل، فغضب عمر، وقال رويجل مرتين، تجيئون بالشاة والبقرة، ويصاب رجل من المسلمين، لا تلي لي أنت ولا أبوك عملاً ما دمت حياً.
وقد ذكرنا هذا الخبر مسنداً في ترجمة أبي بكر بن نوفل بن الفرات في الكنى. وأظن صاحب الترجمة منصور بن جعونة، والله أعلم.
ابن جناح:
كان من صحابة عبد الله بن محمد الأمين وندمائه، وكان شاعراً، روى عن عبد الله بن محمد.
روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن المطهر الشمشاطي أبياتاً قالها في دير قزمان بالقرب من عزاز.

قرأت في كتاب الديرة تأليف أبي الحسن الشمشاطي قال: حدثني ابن جناح قال: مضيت إلى دير قزمان، ومعي من آنس به من أخواني، فرأيته ديراً حسناً طيباً نزهاً، فأقمت أياماً، ورأيت فيه شماساً أمرد كالبدر بقد يقد القلوب، فأنفذت إليه ليحضر عندنا، فامتنع فأنسته وجعلت لا أفارقه، وتناولت معه القربان ودخلت معه كل مدخل إلى أن أنس بي وعاشرني، وانصرفت وقلبي معه وقلت:
يا دير قزمان كم لي فيك من وطر ... فضيته فسقاك الله تهتانا
أقمت فيه أسقى من مشعشعة ... تنفي بسورتها هماً وأحزانا
تجلو الدجى بسناها وهي نيرة ... تخالها في كؤوس الشرب نيرانا
حيال روض أريض زهره عطر ... بديع نور يؤدي الحسن ألوانا
له بدائع أشجار تجاوب في ... أفنانها الطير مثنى ثم وحدانا
منادماً قينة دهراً وربما ... نادمت قساً وشماسا ورهبانا
وفيهم قمر في ليل مدرعة ... على قضيب حوى حسنا وإحسانا
فلم أزل أتأنى في تبسطه ... وقد أخذت لقربي منه قربانا
حتى استكان إلى وصلي ونادمني ... وكان من يعد ذامنه الذي كانا
يا دير قزمان لا عريت من سكن ... ومن سكوب حيا يا دير قزمان
يا جنة خص من فيها بها فغدا ... ينال ساكنها روحاً وريحانا
الحاء
ابن حوي السكسكي:
شهد صفين مع معاوية، وحكى عن عمار بن ياسر، وقيل إنه هو الذي قتله.
أنبأنا أبو العلاء بن شاكر قال: كتب إلينا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي قال: سمعت الشعبي رجع إلى حديثه عن الأحنف بن قيس قال: ثم حمل عمار بن ياسر عليهم، فحمل عليه ابن حوي السكسكي، وأبو الغادية الفزاري، قال: فأما أبو الغادية فطعنه، وأما ابن حوي فاحتز رأسه، وقد كان ذو الكلاع سمع قبل عمرو بن العاص يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعمار بن ياسر: تقتلك الفئة الباغية، وآخر شربة تشربها صاح لبن، فكان ذو الكلاع يقول لعمرو: ويحك ما هذا يا عمرو، فيقول له عمرو: أنه سيرجع إلينا، فأصيب عمار بعد ذي الكلاع مع علي عليه السلام، وأصيب ذو الكلاع مع معاوية قبل ذلك، فقال عمرو بن العاص لمعاوية والله: يا معاوية ما أدري بقتل أيهما أنا أشد فرحاً، بقتل عمار أو ذي الكلاع والله لو بقي ذو الكلاع حتى يقتل عمار لمال بعامة أهل الشام، ولأفسد علينا جندنا وكان لا يزال رجل يجيء إلى معاوية وعمرو بن العاص فيقول: أنا قتلت عماراً، فيقول له عمرو: فما سمعته يقول عند ذلك؟ فيخلطون حتى قال ابن حوي: أنا قتلته، فقال له عمرو: فما كان آخر منطقه. قال ابن حوي: سمعته يقول:
اليوم ألقى الأحبه ... محمداً وحزبه
قال له عمرو: صدقت أنت صاحبه، ثم قال له: رويداً أما والله ما ظفرت يداك، ولقد أسخطت ربك عز وجل.
ابن حوقل النصيبي:
رجل فاضل من أهل نصيبين، كان ببغداد وخرج منها يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وثلاثمائة وكان شاباً حينئذ، وشرع في جمع كتاب جغرافيا فجمعه جمعاً حسناً، وذكر فيه شؤون البلاد وأحوالها ذكراً استقصى فيه، وذكر فيه أنه شاهد طرسوس، ودخل حلب، وغيرها من البلاد وبقي حياً إلى قريب السبعين والثلاثمائة.
الخاء
ابن خدام الكلبي:
وقيل ابن خذام بالدال والذال جميعاً، شاعر من شعراء الجاهلية، كان مع امرئ القيس لما دخل الروم، واجتاز معه بناحية حلب على المواضع التي ذكرها في قصيدته الرائية مثل: حماة وشيزر، وتل ماسح، وتاذف، وباطرطل، وقذاران.
قرأت بخط أبي عبد الله بن خالويه: قال أبو بكر يعني ابن دريد: ابن خادم رجل من كلب، كان مع امرئ القيس في بلاد الروم، وكلب تروي له شعراً كثيراً.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا.

قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد في كتاب الجمهرة قال: ابن خدام هو شاعر قديم لا يحفظ له شعر إلا ما ذكر في هذا البيت يعني بيت امرئ القيس.
عوجا على الطلل المحيل لأننا ... نبكي الديار كما بكى ابن خدام
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو محمد عبد الدائم بن محمد بن حسين الكناني العسقلاني قال: أخبرنا القاضي أبو البركات محمد بن حمزة بن الحسن العرقي، ح.
قال شيخنا أبو العباس: وأجازه لنا ابن العرقي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن جعفر المعروف بابن القطاع قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن البر اللغوي قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن محمد النيسابوري قال: أخبرنا أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري الفارابي قال: وابن خذام رجل من الشعراء في قول امرئ القيس:
عوجا على الطلل المحيل لعلنا ... نبكي الديار كما بكى ابن خذام
ابن الخرزي:
رجل من الشجعان المجاهدين، من أهل الثغر الشامي.
ذكر محمد بن يزيد المبرد أبو العباس، أن الرشيد لما حاصر أهل هرقلة خرج منها رجل والرشيد قائم فدعا إلى البراز، فلم يخرج إليه أحد، فقال: ليخرج إلي منكم اثنان، فلما أحجم عنه القوم قال: فليخرج إلي ثلاثة، ثم لم يزل يزيد حتى قال: ليخرج إلي منكم عشرون، فلما يئس انصرف والرشيد نائم فلما انتبه الرشيد خبر بخبره فأسف واغتم لما كان من حجابه حيث إذ لم ينبهوه، فأحضر الرشيد قواده ليختار منهم من يبارزه فضج الثغريون وسألوا أن يسمع منهم، ودعا بهم فقالوا: إنك إن وجهت رؤساء أصحابك مثل يزيد بن مزيد، ونظرائه فقتل هذا العلج قتل من لا يعرف، وإن قتل كان ذلك وصمه على الإسلام، وأعلموه أن فيهم شيخاً يعرف بابن الخرزي يثقون بشجاعته، وأن يخرج لمبارزته، فإن ظفر فالحمد لله، وإن استشهد فرجل من العامة لا يؤبه له، فاستصوب قولهم.
ودعا الشيخ، وأمر له بفرس وسيف ودرقة، فقال: أنا بسيفي هذا أوثق وعن فرسي راض، وأخذ الدرقة وخرج إلى العلج ومعه عشرون يشيعونه، ويدعون له، فلما بصر بهم العلج، قال: إنما كانت الشريطة أن يبرز إلي عشرون منكم، وقد زدتم على العدد واحدا، فقالوا له: ما يخرج إليك منا إلا رجل واحد، فلما التقيا تطاعنا بالرماح حتى تكسرت، وبالسيوف حتى انثنت، فبينما هما كذلك إذ انهزم ابن الخرزي، واتبعه العلج وارتفع صياح الروم بالجذل والاستبشار، ودخل المسلمين بذلك جبن شديد، وإنما كان ذلك حيلة من ابن الخرزي، فرماه بوهق معه، فإذا هو في حلقه، وحطه عن سرجه، وأتى به يسحبه، فكبر المسلمون تكبيرة تضعضع بها الروم، وقال الرشيد: لا قوام لهم بعد قتل العلج فاحملوا عليهم فحملوا على الجيش، فكان هذا السبب في فتح هرقلة.
ابن الخشاب:
أديب كان يقرئ الأدب بحلب في أيام سيف الدولة.
نقلت من خط صديقنا عبد المحسن بن الأنماطي قال: ذكر لنا شيخنا الإمام أبو الثناء حماد بن هبة الله بن حماد الحراني، وفقه الله، أن المتنبي وقف على مجلس ابن الخشاب بحلب، وهو في حلية العرب، والشيخ المذكور يقرأ عليه، فربما وهم الشيخ فغلطه بالطالب، فرد عليه المتنبي دفعة بعد أخرى، وكان الشيخ لا علم له بالمتنبي، فلما أكثر من الرد التفت إليه الشيخ وقال له: ادخل فلما دخل ناوله الشيخ رقعة كانت في الدواة فيها بيت شعر يمتحن به هو:
كلما قلت قد دنا الوصل منها ... صدها العاذلات من كل وجه
فكتب المتنبي:
وإذا ما نأى العواذل عنها ... وتراءت له تعج وتعج هي
فقال له: أنت المتنبي؟ فقال: نعم أنا هو.
قال الشيخ حماد: فبقي البيتان إلى زمان أبي العلاء بن سليمان فزاد فيهما فقال:
ولها منزل من الود عاف ... وطريق إلى القطيعة مجهي
أتلقى رسولها بنجاح ... كتلقائها رسولي بنجه
وقرأت بخط أبي اليمن السابق بن أبي مهزول المعري: سألت أبا العلاء يعني المعري إجازة هذا البيت، فقال: لا أعرف فيه غير حرفين من اللغة ونظمها بديها لوقته:
كلما قلت قد دنا الوصل منها ... صدها العاذلات من كل وجه
الإجازة.
أتلقى رسولها بخضوع ... كلما قابلت رسولي بنجه
الرد القبيح.
ولها منزل من الود عاف ... وطريق إلى التجنب مجهي

تخفيف مجهي وهو الواضح.
ولم يذكر السابق بيت المتنبي، والقافية فيه مركبة من كلمتين.
قلت: والعجب أنهم تكلفوا لذلك هذا التكلف، وأغفلوا ذكر الوجه، الذي هو وجه الإنسان، لأن الوجه المذكور في البيت المجاز هو الجهة لا الوجه المواجه به، فقلت بيتاً آخر:
وإذا رمت سلوةً صدفتني ... بقوام وناظر وبوجه
ابن الخشاب:
القاضي الهاشمي، هكذا وقع إلي فيما ذكره الشريف أبو الغنائم عبد الله بن الحسن بن محمد الزيدي في كتاب عيون المشتاقين في ذكر أبيه القاضي المطهر الحسن بن محمد، وذكر أن أباه قدم حلب في أيام أبي المعالي شريف بن سيف الدولة، وكان قاضيها رجل يقال له ابن الخشاب الهاشمي، فعزله شريف عن القضاء وولى القاضي أبا محمد الحسن بن محمد.
قال: وتزوج الحسن بن محمد بحلب بنت القاضي الهاشمي المعزول. وولده......منها وقد ذكرناه.
؟ابن الخفاني:
صحب أبا الفتيان محمد بن سلطان بن حيوس بحلب، وروى عنه شيئاً من شعره، روى عنه أبو عبد الله بن الملحي وذكر أنه مات بحلب.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي إذناً إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن لفظاً، وكتبه لي بخطه، قال: ابن الخفاني رجل شيخ طاعن في السن، كان كثير الاجتماع والاختلاط بأبي الفتيان بن حيوس، يحفظ عيون شعره، وينشد طبعاً بلا تلحين، أحسن إنشاد وأطيب نغمة، وكان سافر صحبة أبي الفتيان وأقام نائياً عن دمشق مدة سنين كثيرة، وبحلب مات، أنشدني بيتاً سمعه من أبي الفتيان، وقال هذا ما سمعه أحد غيري من أبي الفتيان كنا خرجنا نتصيد ببزاة ومعنا فلان أمير ذكره فأرسل بازه فحرم، ثم أرسل ثانية، فكان كذلك، وفي كل مرة يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله فقال أبو الفتيان:
مكثر عند صيده قول لا ... حول إذا قال غيره الله أكبر
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي
ابن خلف الجمحي:
شاب من قريش من أصحاب معاوية بن أبي سفيان، شهد معه صفين.
أخبرنا القاضي أبو عبد الله محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن إذناً قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد أبو بكر محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الخضر قال: أخبرنا أحمد بن أبي طالب قال: حدثني علي بن محمد قال: حدثني أبو عمرو السعيدي قال: حدثني جعفر بن أحمد بن معدان قال: حدثنا الحسن بن جهور قال: حدثنا القاسم بن عروة مولى أبي أيوب المكي عن ابن داب قال: بلغني أن شاباً من قريش من بني جمح ابنا لخلف الجمحي وكان مع معاوية بصفين، وكان فارس أهلها، والذي رد الأشتر عن معاوية بعد ما غشيه، دخل على معاوية وقال: يا أمير المؤمنين إنا تركنا الحق عياناً، وعلي بن أبي طالب يدعونا إليه في المهاجرين والأنصار وبايعناك على ما قد علمت، ثم طاعنت عنك أسد أهل العراق بعد ما غشيك، حتى إذا نلت ما رجوت وأمنت ما خفت جعلت الدهر أربعة أيام: يوماً لسعيد بن العاص، ويوماً لمروان بن الحكم، ويوماً لعمرو بن العاص، ويوماً للمغيرة بن شعبة، وصرنا لا في عير ولا في نفير ثم خرج من عنده وهو يقول:
أظن قريشاً باعثي الحرب مرة ... عليك ابن هند أو تجر الدواهيا
أيوم لمروان ويوم لصهره ... سعيد ويوم للمغير معاويا
ويوم لعمرو والحوادث جمة ... وقد بلغت منا النفوس التراقيا
أتنسى بلائي يوم صفين والقنا ... رواء وكانت قبل ذاك صواديا
إذ الأشتر النخعي في مرجحنة ... يمانية يدعو رئيساً يمانيا
فطاعنت عنك الخيل حتى تبددت ... بداد بنات الماء أبصرن ناريا
تركنا عليا في صحاب محمد ... وكان إلى خير الطريقة داعيا
فلما استقام الأمر من بعد فتله ... وزحزح ما تخشى ونلت الامانيا
دعوت الأولى كانوا لملكك آفة ... وخلت مقامي حية أو أفاعيا

فلما بلغ معاوية قوله، بعث إليه وعنده وجوه قريش، فقال: يا بن أخي إني مثلت بين تركي إياك وبين معاشك، فوجدت معاشك أبقى لك، وايم الله ما أخاف عليك نفسي، ولكني أخاف عليك من بعدي فإني رأيتك رحب الذراعين بمساءة عمل شديد التقحم عليه، فليضق به ذرعك، وليقل علي تقحمك فإنك لست كل ما شئت تجد من يحمل سفهك، فخرج الفتى من عنده واستحى وارتدع، وأنشأ معاوية يقول:
أيا من عذيري من لؤي بن غالب ... فيخسئ كلبا كاشر الناب عاويا
فما لي ذنب في لؤي بن غالب ... سوى أنني دافعت عنها الدواهيا
وإني لبست الجود والحلم فيهم ... وإن من رماهم بالأذى قد رمانيا
فأصبحت ما ينفك صاحب شرة ... يقوم لها بين السماطين لاهيا
فإن أنا جازيت السفيه بذنبه ... فمنها يميني أفردت من شماليا
وإن أنا لم أجز السفيه بذنبه ... لوى رأسه وازداد غيا تماديا
فوليتهم أذني وكانت سجيتي ... ليالي لم أملك وإذ كنت واليا
فكم قائل إما هلكت لقومه ... وقائلة لا تبعدن معاويا
وإني لكم عود ذلول موقر ... فقل للأولى ينهاهم ما نهانيا
حدثني وحدثنا السعيدي قال: حدثني موسى بن محمد بن عبد الله الأنصاري عن أبي مخنف قال: حدثني الصقعب عن محمد بن سليم بمثله، وزاد في آخر الخبر بعد الشعر، ثم دعا بالفتى فعقد له على بعض كور الشام، وزاد في شعر معاوية بعد البيت الثالث:
ألم أعف عن أهل الذنوب وأعطهم ... عطية من لا يحسب المال فانيا
الدال والذال والراء والزاي
فارغات
السين
ابن سابط الجمحي:
واسمه عبد الرحمن، مر بقنسرين غازياً، روى عنه عمر بن سعيد بن أبي حسين، وأبو السوداء، وقد قدمنا ذكره.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن إذناً قال: أخبرنا الشيخان: أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي، وأبو الحسن علي بن هبة الله بن عبد السلام قال أبو الحسن علي: أخبرنا أبو طاهر عبد الكريم بن الحسن بن رزمة، وأبو عبد الله بن سكينة قالا: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن رزمة، وأبو عبد عاصم العاصمي، وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو......قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران السكري قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن جميل المروزي قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا عمر بن سعيد بن أبي حسين عن ابن سابط الجمحي أنه خرج من قنسرين وهو قافل قال: فأشار لي إنسان إلى قبر عبد الملك بن مروان، فوقفت أنظر فمر عبادي فقال: لم وقفت هاهنا؟ فقلت: أنظر إلى قبر هذا الرجل الذي قدم علينا مكة في سلطان وأمر، ثم عجبت إلى ما رد إليه! فقال: ألا أخبرك خبره لعلك تذهب، قلت: وما خبره؟ قال: هذا ملك الأرض بعث إليه ملك السماء والأرض فأخذ روحه، فجاء به آلة فجعلوه هاهنا حتى يأتي الله عز وجل يوم القيامة مع مساكين أهل دمشق.
ابن سنان الخفاجي:
إمام مسجد الغضائري داخل باب أنطاكية بحلب كان في أيام سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان.

قرأت بخط القاضي أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أبي جرادة الحلبي: حدثني الشيخ الإمام الأمين أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة رضي الله عنه، أن بعض بني سنان الحلبيين كانت له حجر مقرب من الخيل العتاق في زمان سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان، وكان يسكن بها بدرب العدول، وجماعة أهل حلب يومئذ يرتبطون الخيل العربية ويعدون العدد للقاء الروم، ومجاورة الثغور، وشن الغارات عليهم في أكثر الأوقات، وكان سحر كل يوم ينزل من بيته إلى المسجد المعروف بالغضائري داخل باب أنطاكية، يصلي بالناس فيه، ويقال إنه أول مسجد بني بها، لأن أبا عبيدة بن الجراح لما فتحها دخل من الباب، واختط ذلك المكان، وأمر أن يبنى مسجداً فبني، وهو الآن أعمر مما تقدم فصلى بهم الفجر في بعض الأيام، فلما سلم ودعا، أقبل على الجماعة، وهو جالس في المحراب، فقال لهم: قد رأيت في هذه الليلة مناماً سرني، وأسأل الله أن يحققه لي يوم القيامة، ثم قصه عليهم فقال: رأيت القيامة قد قامت، وقد جمع الخلق للحساب، ونصب الميزان ومنادياً ينادي: يا فلان بن فلان فيحضر ويحاسب، وتوضع أعماله في كفتيه، والكاتب يحصيها، فمن ثقلت حسناته أمر به إلى الجنة، ومن ثقلت سيئاته أمر به إلى النار، وقد رأيت في ذلك الجمع هول المطلع، ثم نادى المنادي باسمي، فأحضرت ونشرت صحيفتي، وززنت حسناتي وسيئاتي، فرجحت سيئاتي، فأمر بي إلى النار، فسحبت وبي من الهلع ما لم يستطع، وإذا المنادي يصيح: ردوه، فرددت وقيل للوزان ضع هذا في كفة الميزان، فحط فيها مهرة غراء غشواء، لم تر العين أحسن من شياتها، فرجحت حسناتي، فأمر بي إلى الجنة فنالني من الفرح والاستبشار ما أيقظني، فقمت وتوضأت، وأتيت إلى الصلاة فعجب الحاضرون من هذا المنام، ولم يلبث أن جاء الغلام فقال له: يا سيدي إن الفرس قد ولدت في هذه الساعة مهرة، ووصف صفة المهرة التي رآها سيده في منامه، ولم تبق إلا يسيراً وماتت، فكثر العجب من تحقيق الرؤيا، وقام صاحب الفرس ومعه جماعة مع الغلام إلى أن عاينوا المهرة في الحال بالصفة التي ذكرها في المنام، فكثر حمد صاحبها لله إذ كانت تلك المهرة فكاكه من النار، فنسأل الله خاتمة الخير والنجاة منها، إنه عفو غفور.
ابن سيف المعري:
كتب عنه أبو المحاسن عبد اللطيف بن سعد الدولة أبي المكارم بن الأثير بيتين لابن الفقاعي الشاعر المعري، قد ذكرناهما في ترجمة ابن الفقاعي بعد هذا.
الشين
ابن شكاب الأنطاكي:
روى عن مرار بن حموية، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروقا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن رزقوية قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن محمد بن نصير الخواص قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد مسروق قال: حدثنا ابن شكاب الأنطاكي قال: حدثنا مرار بن حموية قال: حدثنا سعيد بن شعيب قال: حدثنا عبد الله بن الوليد بن صفوان قال: حدثنا عاصم بن بهدلة عن زر بن حبيش قال: سمعت عبد الله بن مسعود يقول: الصبر عدة العاقل وملجأ المغلوب.
الصاد
ابن صدقة الموصلي:
النحوي، كان من النحاة المتصدرين بحلب في أيام سيف الدولة ابن حمدان واجتمع به ابن خالويه بين يدي أبي المرجى بن حمدان، وجرى بينهما كلام.
روى عن أبي بكر بن دريد، روى عنه بعض علماء حلب، وأظنه سلامة الممرث الحلبي.
ابن صدقة الهاشمي:
شاعر، له أبيات في أبي عبد الله بن خالويه يمدحه فيها وأظنه يعرض بابن صدقة الموصلي فيها.
نقلت من خط علي بن ثروان الكندي في أمالي أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه، وذكر أنه نقلها من خط ابن خالويه، لابن صدقة الهاشمي فيه:
إذا ما المرء أشبه والديه ... فأية حجة بقيت عليه
وما زال الحسين له سجابا ... تذكرنا مخايل خالويه
شأى كبراء أهل العلم طراً ... بفطنته وحدة أصغريه
وفل الموصلي له لسان ... به أنحى على ابن درستوية
كنصل السيف يضحك والمنايا ... تعبس تارة في مضربيه

فأجلب حين لم يغلب خداعاً ... فكاد الصفع يأخذ أخدعيه
حرف الضاد
فارغ
الطاء
ابن طليب الكوكبي:
شاعر مجيد، كان في أيام المأمون كان من أهل قرية يقال لها كوكباً من قرى أنطاكية، حضر عند المأمون حين اجتاز إلى أنطاكية، حكى عنه رجل من أهل أنطاكية لم يسم.
قرأت في كتاب الزهرة للوشاء أبي الطيب قال: أخبرني أبو محمد القاسم بن محمد النحوي قال: أخبرني علي بن سليمان القيسي قال: أخبرني رجل من أهل أنطاكية بأنطاكية قال: لما مر بنا المأمون غازياً بلاد الروم نزل بكوكبا، وهي قرية من قرى أنطاكية، فنظر إلى زيتون حامل وإلى كروم كذلك، قال: لمن هذا فقالوا لرجل من أهل كوكبا يقال له ابن طليب فقال لعله صاحب الشعر الذي يقول:
غش بني آدم فكلهم ... لله عاص وكن لهم دغلا
قالوا: يا أمير المؤمنين، قال وما فعل؟ قالوا: شيخ كبير في منزله، قال: آتوني به، فجاؤوا به، فلما مثل بين يديه قال: أنشدني شعرك، فأنشده: قال:
غش بني آدم فكلهم ... لله عاص وكن لهم دغلا
وكل بضرس وطا الأنام بظلف ... تأت حزماً وتحكم العملا
لا تحف بالنازل المقيم ولا ... تبك على ظاعن إذا رحلا
من غاب أوحال عن مودته ... فخل عنه واطلب به بدلا
ولا تقل احفظ الذمام ولا ... أنسى فلانا وحسن ما فعلا
إنس أباك المفروض طاعته ... عليك فيما يحيي لك الأملا
ومل مع الريح ميل منتقل ... عن كدر العيش وابتغ الدولا
وكن من الناس من أبيك فلا ... أقرب منه مستوحشا وجلا
إن مستشير أتاك منتصحاً ... فامدد له كيف ما اشتهى الطولا
خلط على الناس ينسبوك إلى ... الظرف وشتت عليهم السبلا
قدم وأخر واسلك بهم ... طرقاً يلقون فيها العثار والزللا
واسقهم السم إن ظفرت بهم ... وامزج لهم من لسانك العسلا
إن رجال الوفاء قد ذهبوا ... لأن نجم الوفاء قد أفلا
قال: فلما بلغ هذا البيت الأخير، قال له المأمون: أولى لك، لقد استحققت القتل لأمرك بغير ما أمر الله به، ولكنك نجوت بهذا البيت، امض لسبيلك، فقال: يا أمير المؤمنين إلى أين؟ إلى عجائز الحي وصبية صغار يعيرونني بأني وقفت بين يدي أمير المؤمنين، ثم رجعت صفراً! قال: أو ما ترضى أن تفلت بحشاشتك؟ قال: يا أمير المؤمنين وأنى بك أن تضيف الفضل إلى الفضل، وتقرن الإحسان بالإحسان، فضحك المأمون وقال: ادفعوا إليه عشرة آلاف درهم.
حرف الظاء
فارغ
العين
ابن العارف:
هذا رجل متزي بزي الأجناد خدم السلطان الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وكان يشعر جيداً، ووقفت له على قصيدة حسنة مزدوجة في التاريخ، وأدركته، ولم أسمع منه شيئاً وأدركت أباه العارف وكان شيخاً صوفياً من صلحاء الصوفية بحلب، وكان له اختلاط بعمي ووالدي وجماعة من الزهاد بحلب.
قرأت بخط الخطيب تاج الدين محمد بن هاشم بن أحمد بن هاشم، خطيب حلب، في مجموع له: لبدر الدين ابن العارف رحمه الله.
يا حادي الأظعان وقد قدمنا ذكره بهنة ... عساي أحيا بودا عهنه
واستوقف الركب ولو هنية ... أو كوميض البرق في الأجنة
لعلني أحظى ولو بنظرة ... تكون لي من السقام جنة
جننت لما جن ليلي بيننا ... وليس بي لولا الفراق جنة
أصبحت من هجرانهن في لظى ... وكان لي من وصلهن الجنة
ودعن فاستودعن قلبي زفرة ... يحترق الأنس بها والجنة
إن عادت العيس بهن عودة ... كان لها علي أي منة
سرت وقلبي في الحمول مغرم ... يهيم ما بين قبابهنه

ناشدتك الله تحمل حاجة ... في النفس يا حادي ركابهنه
إذا حدوت الظعن في جنح الدجى ... عرض بذكري بين عيسهنة
وقل رأيت في الديار ناحلا ... جنح الدجى يقرع من الفراق سنه
لم يبق فيه السقم غير أنة ... فلم يكد يظهر لولا الأنه
توفي ابن العارف هذا بحلب بعد وفاة الملك الظاهر بمدة.
ابن عبد الرحمن الهاشمي:
شاعر من أهل حلب له شعر قاله في دير إسحق بقرب الناعورة، ويقال فيه دير الزبيب أيضاً، ذكرها أبو الحسن الشمشاطي، وذكر أنه كتب بها إلى آخر، وهي:
أما طربت لهذا العارض الطرب ... أما رأيت الصبا والجو في لعب
تعانقا فكأن القطر بينهما ... من فضة وكأن الزهر من ذهب
ونحن في دير إسحق ومجلسنا ... يشكو مغنيك فأحضره ولا تغب
لنجعل اليوم عيداً في ملاحته ... وننخب الهم بالأدوار والنخب
قال أبو الحسن الشمشاطي: وأنشدني النامي لابن عبد الرحمن الهاشمي في دير إسحق:
وافق أخاك تجده خير رفيق ... إن كنت لست عن الصبا بمفيق
وإذا مررت بدير إسحق فقل ... جادتك غر سحائب وبروق
دير يشبه ماؤه بهوائه ... وهواؤه بملاءة المعشوق
وكأن عيشي كان في أفنائه ... درك المنى في كاشحي ورفيقي
ابن العصب المنبجي:
المؤدب النحوي واسمه محمد بن عثمان، وكان أديباً فاضلاً عارفاً بالعربية، صحب الشغواني الشاعر المنبجي، وروى عنه.
ابن عفيف الحمصي:
شهد صفين مع معاوية، وكان على الحميريين والحضرميين يومئذ، وله ذكر.
ابن عمر بن عبد العزيز:
حكى عنه أنه أمرهم بمشترى موضع قبره بدير سمعان، وهو دير النقيرة من بلدة معرة النعمان، روى عنه عبد العزيز بن الربيع بن سبرة.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي فيما أذن لي في روايته عنه قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن الحسين الحذاء قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا حرملة بن عبد العزيز قال: حدثني أبي عن ابن لعمر بن عبد العزيز قال: أمرنا أن نشتري موضع قبره فاشتريناه من الراهب قال: فقال الشاعر:
أقول لما نعى الناعون لي عمرا ... لا يبعدن قضاء العدل والدين
قد غادر القوم في القبر الذي لحدوا ... بدير سمعان جريان الموازين
ابن عون:
غزا مع معاوية بن هشام، وحكى عنه وعن محمد، روى عنه يزيد بن هرون.
نقلت من خط أبي بكر محمد بن عبد الملك من كتاب نتائج الأفكار قال: وحدثنا يحيى يريد يحيى بن جعفر بن الزبرقان، قال: أخبرنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا ابن عون قال: ذكر عند محمد: يصلح الكذب في الحرب؟ فأنكر ذلك، وقال: ما أعلم الكذب إلا حراماً، قال ابن عون فغزوت، فخطبنا معاوية بن هشام فقال: اللهم انصرنا على عموريه، وهو يريد غيرها، فلما قدمت ذلك لمحمد، فقال أما هذا فلا بأس به.
أظن هذا محمد بن شهاب الزهري، والله أعلم، فإنه كان عند هشام بن عبد الملك بالرصافة، والذي ذكره عن معاوية بن هشام ليس من الكذب في شيء بل هو من المعاريض.
الغين
فارغ
الفاء
ابن الفقاعي المعري:
كان أبوه فقاعياً بمعرة النعمان، وقال ابنه الشعر.
أنشدني أبو طالب عبد الرحمن بن مرشد بن عبد الرحمن بن الأثير قال: أنشدني خالي أبو المحاسن عبد اللطيف بن سعد الدولة أبي المكارم بن الأثير قال: أنشدني ابن سيف المعري لابن الفقاعي الشاعر المعري، وكان أبوه يبيع الفقاع بمعرة النعمان:
تملكت يا مهجتي مهجتي ... وأسهرت يا ناظري ناظري
وفيك تعلمت نظم القريض ... فلقبني الناس بالشاعر

قال: وروي أن الفقاعي دخل على أبي العلاء بن سليمان، وابنه هذا الشاعر معه، فقال له: لي صغير يقول الشعر، وما أدري ما هو، فقال: أحضره، فلما أحضره أنشده هذين البيتين، فقال له: قم لعن الله هذه المدرة.
وقد رويت بزيادة في الأبيات:
مكانك يا ناظري ناظري مكان ... السواد من الناظر
وشخصك إن لم يكن حاضراً ... فتمثال شخصك في خاطري
ملكت فرق لمستضعف ... ويا ناصر الشوق كن ناصري
ولا كان ذا أملي يا ملول ... ولا خطر الهجر في الخاطر
وفيك تعلمت نظم القريض ... فلقيني الناس بالشاعر
القاف
فارغ
الكاف
ابن كعب:
شهد صفين مع معاوية، وهو الذي نشر المصاحف يومئذ ورفع المصحف على الرمح ودعا إليه.
أنبأنا أبو البركات الأمين عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: وحدثني عبد الله بن وهب قال: أخبرني يونس عن ابن شهاب الزهري قال: لما كره أهل الشام القتال، وملوه من طول منازلتهم بالسيوف، قال عمرو بن العاص لمعاوية، وهو يومئذ على القتال، هل أنت مطيعي فتأمر رجالاً ينشرون المصاحف، ثم يقولون: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن ما بين فاتحته إلى خاتمته، فإنك متى ما تفعل ذلك يختلف أهل العراق ولا يزيد أمر الشام إلا اجتماعاً، فأطاعه معاوية، فأمر عمرو بن العاص رجلاً من أهل الشام يقال له ابن كعب فنشر المصاحف، ثم نادى ورفع المصحف على الرمح، فقال: يا أهل العراق ندعوكم إلى القرآن من فاتحته إلى خاتمته تأخذوا بما فيه وتعطون ما فيه، فاختلف أهل العراق فقالت طائفة منهم، كرهوا القتال: أجبنا إلى كتاب الله، وقالت طائفة منهم: أو لسنا على كتاب الله وسنته، فاختصموا بينهم، فلما رأى علي عليه السلام اختلافهم ووهنهم قارب معاوية فيما يدعوه إليه من ذلك.
ابن الكواء:
شهد صفين مع علي، واسمه عبد الله بن أوفى، وقد تقدم ذكره في العبادلة.
ابن الكلابي:
راوية أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان، روى عن أبي فراس، روى عنه بعض الناس.
قرأت بخط بعض الأدباء، ويغلب على ظني أنه خط محمد بن الخضر، المعروف بالسابق بن أبي مهزول المعري قال: حدثني ابن الكلابي راوية أبي فراس قال: كنت عند أبي فراس يوماً فإذا بغلام خشن الوجه قد أقبل في ثوب أخضر ومطرف أخضر مسلماً عليه، فلما رآه قال:
وغدوت في خضر الثياب مسلما ... فكأن وجهك ضفدع في طحلب
حرف اللام
فارغ
حرف الميم
ابنا مالك الأسلميان:
شهدا صفين مع علي رضي الله عنه، وقتلا بها مع هاشم المرقال، وقيل إن علياً رضي الله عنه مر عليهم فقال:
جزى الله خيراً عصبة أسلميةً ... حسان الوجوه صرعوا حول هاشم
يزيد وعبد الله منهم ومنقذ ... وعزره وابنا مالك في الأكارم
ويروى: وابنا هاشم ذي المكارم.
وسنذكر ذلك إن شاء الله تعالى.
ابن ماسوية الطبيب:
كان طبيباً حاذقاً قدم مع المأمون حلب حين قدم غازياً، وكان معه حين مرض بالبذ ندون وعالجه فلم ينجع علاجه وقد ذكرناه.
ابن مقبل شاعر:
شهد صفين مع معاوية، واسمه تميم بن أبي بن مقبل، وقد ذكرناه في حرف التاء واستقصينا نسبه، وهو من بني العجلان بن عبد الله بن كعب.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء إجازة قال: أخبرنا أبو غالبي بن بشران في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عرفة نفطوية فيما يرويه قال: وكان ابن مقبل في عسكر معاوية، وكان يمدح أهل الشام، ويحث على الطلب بدم عثمان رحمه الله، ويعرض بعلي رحمه الله، وكان النجاشي في عسكر علي فمن شعر ابن مقبل النجاشي:
ولو شهدت أم النجاشي ضربنا ... بصفين فدتنا بكل مكان
ولو كنت وجه الخنفسا شهدتنا ... حملت قناة غير ذات سنان
فأجابه النجاشي فقال:

ما دفنت قتلى سليم وعامر ... بصفين حتى حكم الحكمان
ونجى ابن حرب سابح ذو غلالة ... أجش هزيم الركض والذألان
إذا قلت أطراف الرماح ينلنه ... مرته به الساقان والقدمان
قرأت في ديوان شعر ابن مقبل من رواية أبي عمرو وابن الأعرابي، قال أبو عمرو: وخرج ابن مقبل في بعض أسفاره فمر بمنزل عصر العقيلي، وقد جهده العطش، فاستسقى فخرجت إليه ابنتاه بعس، وكان أعور كبيراً، فأبدتا له بعض الجفوة، فقالت أحديهما: لا خير في العيش بعد الكبر والشيب، وقالت الأخرى: إن هذا لقي بلية من عورة وخبث مرآته فنفذ ولم يشرب شيئاً، فبلغ ذلك أباهما فتبعه ليرده فأبى عليه فقال له: ارجع ولك أعجبهما إليك، فرجع.
ولم يعرف هذا الحديث ابن الأعرابي، فقال:
يا حر أمسيت شيخاً قد وهى بصري ... والتاث ما دون يوم البعث من عمري
يا حر من يعتذر من أن يلم به ... ريب الزمان فإني غير معتذر
يا حر أمسى سواد الرأس خالطه ... شيب القذال اختلاط الصفو بالكدر
يا حر أمست لبانات الصبى ذهبت ... فلست منها على عين ولا أثر
قد كنت أهدي ولا أهدى فعلمني ... حسن المقادة أنى فاتني بصري
كان الشباب لجاجات وكن له ... فقد فرغت إلى حاجاتي الأخر
راميت شيبي كلانا قائم حججا ... ستين ثم ارتمتنا أقرب الفقر
راميته منذ راع الشيب فاليتي ... ومثله قبله في سالف العمر
أرمي النحور فأشويها وتثلمني ... ثلم الإناء فأغدو غير منتصر
في الظهر والرأس حتى يستمر به ... قصر الهجار وفي الساقين كالقتر
قالت سليمى ببطن القاع من سرح ... ولا خير في العيش بعد الشيب والكبر
واستهزأت تربها مني فقلت لها ... ماذا تعيبان مني يا ابنتي عصر
لولا الحياء ولولا الدين عبتكما ... ببعض ما فيكما إذ عبتما عوري
قد قلتما لي قولا لا أبا لكما ... فيه حديث على ما كان من قصري
ما أنتما والذي تهدي حلو مكما ... إلا كحيران إذ يسري بلا قمر
إن ينقض الدهر مني مرة لبلىً ... فالدهر أزور بالأقوام ذو غير
لقد قضيت فلا تستهزئا سفهاً ... مما تقمأته من لذة وطري
يا جارتي على ثأج سبيلكما ... سيرا حثيثاً ألما تعلما خبري
إني أقيد بالمأثور راحلتي ... ولا أبالي ولو كنا على سفر
لا تأمن السيف إذ روحتها إبلي ... حتى ترى نيبها يضمزن بالجرر
ما يصب السيف ساقيه فحق له ... وما تدع ضربتي لا ينجه حذري
ولا أقوم على حوضي فأمتعه ... بذل اليمين بسوطي باديا حسري
وما تهيبني الموماة أركبها ... إذا تجاوبت الأصداء بالسحر
ولا أقوم إلى المولى فأشتمه ... ولا يخرقه نابي ولا ظفري
أبقى الخطوب وحاجات تضيفني ... وما جنى الدهر من صفو ومن كدر
مثل الحسام كريماً عند خلته ... لكل أزرة هذا الدهر ذا إزر
وقال: تزوج امرأة من بني نهم، وهو عمرو عبد الله بن ربيعة بن عامر، يقال لها كبيشة عوراء، فنهاه عنها أخوته وتشاءموا بها، فأبى إلا أن يتزوجها، وقال له رجل من قومه: ألا تزوج فلانة فإنه بالحراء أن تكون ولوداً، وتنجب لك، فقال: والله لو تزوجت كلبة لولدت مني وأنجبت، فولدت له عشرة أنفس منهم جارية، فنزلوا ناحية ضلع، والضلع الممدود من الأرض، أراد ناحية ضلع بني شيصبان، وهم من الجن، ناحية الكانف، فطرقتهم حية فقتلت سبعة من ولده، وقتلت أيضاً كبيشة، فقال ابن مقبل:
ألا ناد يا ربعي كبيشة باللوى ... بحاجة محزون وإن لم تناديا
وذكر الأبيات بطولها.
ابن الملثم:

ولد الوزير عز الدين بن الملثم، كان والده قد وزر للملك الأفضل علي بن يوسف بن أيوب، وكان ابنه هذا شاباً حسناً فاضلاً، قدم حلب واشتغل بها على شيخنا أبي البقاء يعيش بن علي بن يعيش ونظم شعراً جيداً.
أنشدني أبو الربيع سليمان بن بليمان الإربلي لابن الملثم:
وذي هيئة يزهى بحال مهندس ... أموت به في كل يوم وأبعث
محيط بأشكال الملاحة وجهه ... كأن به إقليدساً يتحدث
فعارضه خط استواء وخاله ... به نقطة والشكل شكل مثلث
وأنشدني أيضاً لابن الملثم أيضاً.
وعلى الفتي أن لا يقصر سعيه ... يوم الرهان ولا يرد عنانه
فإذا جفاه الفضل عيبت نفسه ... وإذا جفاه الحظ عيب زمانه
ابن الموصول الأسدي:
من تناء حلب، ومن بيت كبير فيهم الوزارة، كان حسن التعبير للرؤيا.
أنبأنا الخطيب عبد المحسن بن عبد الله بن الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن خميس قال: وحكي أنه كان بحلب رجل يعرف بابن الموصول من تناء البلد وأعيانها، وكان شيخاً جيد التعبير، فجاءه رجل من أهل الموصل ويعرف بابن حطام فقال: رأيت في المنام كأني حملت لحم بقر، فقال له: يموت رجل عامل وترثه، فقال له: ما أعرف لي بحلب قرابة أرثه، فلما كان بعد أيام قدم حلب ابن عم له، فتقلد بعض أعمال حلب، ومات فورثه ذلك الرجل، فقال له: من أين أخذت ذلك التعبير فقد صح، فقال لأن البقر عوامل واللحم مال.
شاعر من بني المنخل:
المعريين تنوخي.
أنشدني العفيف عبد الرحمن بن عوض المعري لشاعر من بني المنخل المعريين.
عاينت في المحراب دميته التي ... نطقت ونطق مثالها لم يعرف
وسمعت سورة يوسف من قارئ ... قابلته فرأيت صورة يوسف
النون والواو
فارغ
حرف الهاء
ابنا هاشم الأسلميان:
قيل كانا من القراء الذين شهدوا مع علي رضي الله عنه صفين وقتلا بها مع هاشم المرقال.
أنبأنا أبو البركات الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا ابن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم عن عمر بن سعد عن رجل عن أبي سلمة قال: ولما أصيب هاشم أصيب معه عصابة من القراء فمر عليهم علي بن أبي طالب عليه السلام فترحم عليهم ثم أنشأ يقول:
جزى الله خيراً عصبة أسلمية ... صباح وجوه صرعوا حول هاشم
يزيد وعبد الله منهم ومعبد ... وسلمان وابنا هاشم ذي المكارم
وعزرة لا يبعد ثناه وذكره ... إذا اخترط البيض الخفاف الصوارم
ابن هبيرة:
غزا مع حبيب بن مسلمة الفهري بلاد الروم، وحدث عنه. روى عنه عبد الله بن لهيعة، وقد ذكرنا حكايته عن حبيب في ترجمة حبيب بن مسلمة فيما تقدم، فقد اجتاز معه بناحية حلب.
ابن هرمة الشاعر:
اسمه إبراهيم بن علي بن هرمة قدمنا ذكره.
حرف الياء
ابن يعلى:
غزا الصائفة مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، وحكى عن أبي أيوب الأنصاري، روى عنه بكير بن الأشج، واسمه عبيد بن يعلى، وقد قدمنا ذكره في الأسماء.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب إذناً قال: أخبرنا أبو الفتح مفلح بن أحمد بن محمد المرزمي الوراق قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا القاضي أبو عمر القاسم بن جعفر بن عبد الواحد الهاشمي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد اللؤلؤي قال حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الله بن وهب قال: أخبرني عمرو بن الحارث عن بكير بن الأشج عن ابن يعلى قال: غزونا مع عبد الرحمن بن خالد بن الوليد فأتي بأربعة أعلاج من العدو فأمر بهم فقتلوا صبراً.
قال أبو داود: قال لنا عن سعيد عن ابن وهب في هذا الحديث عن ابن وهب قال: بالنبل صبراً، فبلغ ذلك أبا أيوب الأنصاري فقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم: نهى عن قتل الصبر، فوالذي نفسي بيده لو كانت دجاجة ما صبرتها، قبلغ ذلك عبد الرحمن بن خالد بن الوليد، فأعتق أربع رقاب.
الكنى
ابن أبي البيان المعري:

وأبو البيان هو محمد بن عبد الرزاق بن عبد الله بن أبي حصين، وقد ذكرنا ترجمته، وكان له ولد يقال له أبو المعالي توفي شاباً ورثاه ببيتين ذكرناهما في ترجمته فلعله هو والله أعلم.
نقلت من خط ولد مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي بن منقد، في مجموع فيه شيء من أشعار المعريين، قال فيه: أين أبي البيان في كتاب معنون بحمرة:
هذا كتاب فتى جفاؤك مضرم ... ناراً من الأشجان بين ضلوعه
ودليله في فيض مقلته دما ... إن الكتاب معنون بنجيعه
ابن أبي الجهم المعري:
وأظنه أبا المرجا بن أبي الجهم، شاعر من أهل معرة النعمان، له أبيات قالها، وقد هجم الفرنج معرة النعمان، وقتلوا أهله.
قرأت في كتاب نزهة الناظر وروضة الخاطر، تأليف القاضي عبد القاهر بن علوي بن المهنا، المعروف بابن خصا البغل لابن أبي الجهم المعري:
إلى كم إلى أبلى ببين وفرقة ... وتشتيت شمل لا تقر بي الدار
وقد قتلوا أهلي وأضحت ديارهم ... قفاراً وفيها للأحبة آثار
سأبكيهم ما لاح نجم وما دجى ... ظلام وما حنت على الأيك أطيار
لعل الليالي الماضيات بقربنا ... تعود فتقضى بالمعرة أوطار
أنشدني أبو البركات الفضل بن سالم المعري بها لعلي بن الدويدة المعري في أبي المرجا بن أبي الجهم، وكان يتشاءم بطلعته، ويغلب على ظني أنه ابن أبي الجهم صاحب الترجمة، والله أعلم.
أبو المرجا له وجه سماجته ... تهدي إلى من رآه البؤس والمرضا
رأيته ومعي صحب دعوتهم ... لكي نقضي بهم من يومنا غرضا
فقلت بالرغم سر معنا على مضض ... ولم أزل حاملاً من نحوه مضضا
بطلعة لو بدت للشمس ما طلعت ... من الكآبة أو للبرق ما ومضا
فقال والله لا آتي فقلت له ... منك الصدود ومني بالصدود رضا
ابن أبي الحصين:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها. وقد ذكرنا حديثه، وحديث عبد الله بن الحجاج حين عبرا على جسر الرقة، فسقطت قلنسوة هذا وقلنسوة هذا. فنزل كل واحد منهما وأخذ قلنسوته، وركب فقال عبد الله بن الحجاج: إن يكن زاجر الطير صادقاً أقتل وشيكا، وتقتل، فقال له ابن أبي الحصين: ما شيء أوتاه أحب إلي مما ذكرت، فقتلا جميعاً يوم صفين، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة عبد الله بن الحجاج بإسناد.
ابن أبي زرعة الدمشقي:
شاعر اجتاز بدير محلى بنواحي المصيصة، وله فيه شعر ذكرته في ترجمة محمد بن عبد، كان كاتب ابن طولون.
ابن أبي سرح:
هو شهد صفين مع معاوية.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران إجازة قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا نفطويه.
ابن أبي سمينة:
إمام جامع طرسوس كان قارئاً صالحاً له ذكر.
قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتابه، الذي سماه سير الثغور، قال: ومن أئمة طرسوس الصلحاء المذكورين بالقراءة وطيب الصوت ابن أبي سمينة صلى بالناس بضعة عشر سنة لم يقبل لأحد براً ولا أجاب إلى قبول صلة.
قال أبو عمرو: حدثني أبو الطيب الجرجرائي شيخ من المجاهدين أن أبا محمد الأولاسي حدثه أن ابن أبي سمينة حمل إليه بعض الأمراء ألف دينار ليصرفه في الصالحين المسجدية، فقال ابن أبي سمينة للرسول: أبلغ صاحبك السلام وقل له: لو علمت أن في هذا المسجد من يؤثر أن يرتزي مما أنفذت درهماً واحداً لما صليت بهم يوماً واحداً، فليردوا المال على أهله.
ابن أبي قباس:
خطيب جامع طرسوس وإمام أهلها.
قرأت بخط أبي عمرو القاضي الطرسوسي في كتاب سير الثغور في ذكر أئمة المسجد الجامع بطرسوس، قال: وقد صلى بأهل هذا المسجد أئمة من أهل العفاف والستر واليقين والتقوى والصبر والزهادة والعبادة وسمو الذكر منزلتهم في الدنيا والآخرة عظيمة، ومواقع منافع الإسلام وأهله بهم حسن جسيمة، يفتخر بذكرهم عند القراء، وتستنزل بهم بركات السماء، منهم: ابن أبي قباس وكان من فرسان المحراب.

حدثني أبو حفص عمر بن أحمد البروجردي المقرئ، شيخ عابد فاضل، قال: حدثني أستاذي السوسنجردي أن ابن أبي قباس كان إذا قرأ في محراب طرسوس سمعت قراءته في سوق الصفارين، وكان إذا خطب حير السامعين وألهى المحزونين.
وقال أبو عمرو: حدثني أحمد بن هرون الكوفي كهل من أبناء طرسوس ووجوهها قال: حدثني أبي قال: كتب السلطان قديماً إلى الأقاليم بسب ابن طولون فسب على منبر طرسوس على لسان ابن أبي قباس، كما سب بكل مكان، وحج ابن أبي قباس فسلك الركب الذين كانوا معه طريق مصر، فدخلوها في شهر رمضان، وكان يصلي بابن طولون عشرة أئمة كل واحد منهم تسليمه واحدة، فصار ابن أبي قباس إلى باب ابن طولون، فدخل في جملتهم، ووقع للحجاب والبوابين أن ابن أبي قباس أحد العشرة المرسومين للصلاة، فلما أقيمت تقدم وكل واحد من العشرة يحسبه يصلي عن اذن ومؤامرة، ومنهم من يحسبه أحدهم فافتتح فقرأ فحير السامعين شجى وطيباً، وتمموا صلاتهم فلما أرادوا النهوض للتراويح أمر ابن طولون أن يصلي ترويحته ففعل ثم أخرى، ثم أخرى حتى فرغ من جميعها، ومن الوتر، وانصرفوا، ولم يصل أحد من العشرة فرضا ولا نافلة، فسأل ابن طولون حجابه عنه، فقالوا: ما نعرفه ولا رأيناه قبل وقتنا هذا، وقال بعضهم ما ظنناه إلا واحدا من العشرة المرسومين بالصلاة فتقدم ابن طولون إلى الحجاب إن عاد أن لا يحجب فعاد لليلته المقبلة وتقدم وصلى، فلما أراد الانصراف استوقفه الحجاب، وسألوه من هو ومن أين هو فما أجابهم، فرد إلى ابن طولون فخاطبه وسأله عن اسمه ونسبه فقال أنا ابن أبي قباس فسر به سروراً عجيباً، وأمره بالصلاة به ما بقي من الشهر وحده وأمره بسبه بحيث يسمع كما سبه على منبر طرسوس، فاستعفاه فأبى عليه واستعفاه فما وجد له منه محيصاً، وسأله الآمان فآمنه وقام فخطب، فلما وصل إلى حيث يسب رخم واختصر فحتم عليه أن لا يغادر من السب حرفاً واحداً إلا لفظ به، ففعل وأتى عليه عن آخره، فأمر له بألف دينار، وزوده إلى مكة، وحمله فحج وعاد إلى طرسوس شاكراً لابن طولون حامداً.
ابن أبي عياش الالهاني:
كان على حرس عمر بن عبد العزيز، وكان معه بخناصرة، وعزله عمر، وولى عمرو بن مهاجر مولى الأنصار.
ابن أبي موسى الحلبي:
شاعر مجيد، كان في عصر البرامكة.
قرأت في أخبار البرامكة، تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني في ذكر موسى بن يحيى بن خالد بن برمك قال: وفيه يقول ابن أبي موسى الحلبي:
ألا إنما موسى بن يحيى بن خالد ... سماء علينا بالرغائب تمطر
على كل حال من يسار وعلة ... فتروى كما تروي البقاع فتزهر
وإن له في الحرب إن هي شمرت ... ودارت رحاها والقنا تتكسر
سنانا شكا طول الحصار لشربه ... دما من نحور في الوغا تنفجر
ذكر جماعة عرفوا بغير آبائهم
جد أبي عمرو بن العلاء:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أنبأنا أبو القاسم ابن رواحة، وابن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر السلفي إذنا إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي إذناً إن لم يكن سماعاً أنه سمع أبا مسلم عمر بن علي بن أحمد بن الليث يقول: سمعت أبا الحسن علي بن أبي بكر الحافظ الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن علي السجزي قال: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ يقول: جد أبي عمرو بن العلاء، كان مع علي بن أبي طالب في الجمل وصفين.
أبو القاضي أبي عمر:
دخل إلى صفين، وحكى أنه شاهد على جدار بيت المال بها أبياتاً، رواها عنه ابنه القاضي أبو عمر.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي، وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي بكر: البيهقي والحيري أبوي عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني عبيد الله بي منصور قال: سمعت القاضي أبا نصر محمد بن محمد الحافظ المعروف بالبنص بحلب قال: سمعت أبا عمر القاضي يقول: سمعت أبي يقول: دخلت بيت المال بصفين، بعد أن دثر، فرأيت على أحد جدرانه مكتوباً: قال أمير المؤمنين علي بن أبي طالب صلوات الله عليه:

أبى الله إلا أن صفين دارنا ... وداركم ما لاح في الأفق كوكب
إلى أن تموتوا أو نموت وما لنا ... ولا لكم من حومة الموت مذهب
ابن بنت علي بن بكار:
المصيصي الزاهد، حكى عن جده علي بن بكار، روى عنه محمد بن عيسى الطباع.
قرأت بخط أبي عمرو القاضي الطرسوسي: حدثنا محمد بن سعيد بن الشفق قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: سمعت ابن ابنة علي بن بكار قال: كان جدي في طول ليالي الشتاء إذا سمع صوت الديك، يقول: أوه إنقطع ظهري، أحب أن يكون الليل أطول مما هو.
أخو أبي القاسم:
علي بن محمد بن أبي حامد الكاتب، اجتاز بنواحي بلد الروم مما يلي خرشنة، واجتاز بحلب أو بعملها في طريقه إليها، وحكى عن رجل حكى له عن شاب عراقي كتب أبياتاً على حائط، روى عنه أخوه أبو القاسم المذكور، وقد ذكرنا ما حكاه في المجهولين الأسماء والأنساب والألقاب فيما يأتي بعد هذا إن شاء الله تعالى.
عم يحيى بن سعيد الأنصاري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثني زيد بن الحباب قال: حدثنا جويرية بن أسماء الضبعي قال: حدثنا يحيى بن سعيد الأنصاري عن عم له شهد صفين مع علي قال: لما كنا بصفين كان الرجل من أصحاب علي يشد على أصحاب معاوية حتى يدخل خندق معاوية فيقتل، ويشد الرجل من أصحاب معاوية على أصحاب علي فيدخل خندق علي فيقتل، حتى امتنع العسكران من القتل، وعقرت الخيل فأرسل علي إلى عمرو بن العاص، وكان يلي حرب معاوية: إن عسكرنا قد امتنع علينا من القتلى ولا أراكم إلا قد لقيكم مثل ما لقينا، فليؤمن بعضنا بعضاً حتى نواري قتلانا، وتواروا قتلاكم، فبعث إليه عمرو: إني قد فعلت، فجلس عمرو على باب الخندق، فكان إذا مر عليه بالرجل من أصحاب علي سأل عنه فيخبر، فمر عليه برجل من أصحاب علي من المتهجدين، أظنه سماه، فسأل عنه عمرو فأخبر، فقال عمرو بن العاص: ترى علي ومعاوية بريئان من دم هذا؟!
عم الحسين بن الفهم:
كان في صحبة المعتصم حين قدم حلب، وغزا معه بلاد الروم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن علان الوراق قال: حدثنا أبو عيسى الطوماري قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثني عمي قال: كنت مع المعتصم في بعض الغزوات، قال: فنزلنا على حصن فحاصرناهم وقاتلناهم فلحق أمير المؤمنين صداع فأمرنا بالكف عن القتال، فاطلع علينا بطريق من الحصن فقال: لم كففتم عن القتال؟ فلنا: لحق أمير المؤمنين صداع، فمضى ورجع وألقى إلينا قلنسوة، فقال: يلبس أمير المؤمنين هذه فإنه يهدأ عنه الصداع، فلبس أمير المؤمنين القلنسوة، فهدأ عنه الصداع، فقال: افتقوا هذه القلنسون وانظروا ما فيها، فوجدوا فيها رقاقية مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، سبحان من لا ينسى من نسيه، ولا ينسى من ذكره، كم نعمة لله على عبد شاكر وغير شاكر في عرق ساكن وغير ساكن، حم عسق.
غلام كشاجم:
كان أديباً، روى عن سيده، وذكر أبو الحسن الشمشاطي فيما نقلته بخطه أن ابن كشاجم وغلامه أنشدا بحلب أبا الصقر القبيصي، وأبا زكريا بن مبشر أبياتاً لكشاجم في دير إسحق، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن كشاجم.
جد أبي عبد الله الحسن المزني:
روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه حفيده، وأقدمه عمر بن عبد العزيز عليه حين استخلف، فقدم خناصرة أو دابق، وكانت عنده قطيعة من أديم أحمر للنبي صلى الله عليه وسلم.
ابن بنت حامد:
من كبار المعتزلة المتكلمين قدم حلب وافداً على الأمير سيف الدولة بن حمدان، وتكلم مع أبي عبد الله بن خالويه بحضرته في مسألة خلق القرآن، وذكر ابن خالويه أنه قطعه، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن خالويه، وهذا ابن بنت حامد كان يكنى أبا بكر، واسمه أحمد بن عبيد الله، وقد سبق ذكره.

ابن بنت أبي عبد الله:
محمد بن يوسف بن المنيرة كان من أهل شيزر، روى أبياتاً لجده أبي عبد الله بن المنيرة، رواها عنه عثمان بن عيسى البلطي.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفتح عثمان بن عيسى البلطي، إجازة، ح.
وأنبأنا حمزة بن علي بن عثمان المخزومي قال: أنشدنا البلطي قال: أنشدني رجل من أهل شيزر يزعم أنه ابن بنت الشيخ أبي عبد الله محمد بن يوسف بن منيرة لجده المذكور:
ومهند تقفو المنون سبيله ... أبدا فكيف يقال ريب منون
شرك المنايا في النفوس فرحن عن ... غبن وراح وليس بالمغبون
لو أن سيفاً ناطقاً لتحدثت ... شفراته بسرائر وشجون
فكأنما القدر المتاح مجسما ... في حده أو عرض عز الدين
والد مشرس:
حدث عن أبي شيبة الخدري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه مشرس، وغزا القسطنطينية مع يزيد بن معاوية واجتاز بحلب، أو ببعض عملها.
ابن أخي شهر بن حوشب:
غزا مع عمه شهر أنطاكية، ومات عند قفوله من الغزاة، وقد ذكرنا حكاية موته في ترجمة شهر بن حوشب.
مولى عمر بن عبد العزيز:
كان بدابق.
أنبأنا عبد اللطيف بن يوسف قال: أخبرنا ابن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا ابن عيينة عن عمر بن ذر قال: قال مولى لعمر بن عبد العزيز لعمر حين رجع من جنازة سليمان: مالي أراك مغتماً؟ قال: لمثل ما أنا فيه يغتم له، ليس من أمة محمد صلى الله عليه وسلم أحد في شرق الأرض وغربها إلا وأنا أريد أؤدي إليه حقه غير كاتب إلي فيه، ولا طالبه مني.
مولى آخر لعمر:
إن لم يكن الأول، حدث عنه عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز.
وبالإسناد قال أبو نعيم قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا عمر بن حفص المعيطي قال حدثنا عبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز قال: قلت: كم ترك لكم عمر من المال؟ فتبسم وقال: حدثني مولى لنا كان يلي نفقته قال: قال لي عمر حين احتضر: كم عندك من المال؟ قال قلت أربعة عشر ديناراً قال: فقال: تحتملون بها من منزل إلى منزل؟ فقلت: كم ترك من الغلة؟ قال ترك لنا غلة ستمائة دينار كل سنة، ثلاثمائة دينار ورثناها عنه، وثلاثمائة دينار ورثناها عن أخينا عبد الملك، وتركنا اثني عشر ذكراً وست نسوة اقتسمنا ماله على خمس عشرة.
ابن أخي أبي قلابة:
دخل أنطاكية غازياً ورآه أبو قلابة في المنام أنه من أهل الجنة.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان فيما أجازه لي قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد الأزدي قال: حدثني العلاء بن أيوب عن إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثني زيد بن يزيد الموصلي عن الأوزاعي عن القاسم بن مخيمرة قال: كان لأبي قلابة ابن أخ مسرف على نفسه: فتوفي.
قال أبو قلابة: فكنت شبه النائم فإذا طائران أبيضان عظيمان قد صارا في كوة البيت فقال أحدهما لصاحبه: إنزل فتشه، فنزل يدور حوله، ثم رجع إلى صاحبه فقال: لم أجد شيئاً، فنزل إليه الآخر فجعل يدور حوله ويفتشه، ثم غمز منقاره في جوفه، ثم أخرجه وهو يقول: لا إله إلا الله، وجدت في جوفه تكبيرتين كبرهما على سور أنطاكية في سبيل الله، ثم قال لأبي قلابة: يا أبا قلابة قم إلى ابن أخيك فإنه من أهل الجنة.
وقد روى نحو من هذه الحكاية عن ابن أخي شهر بن حوشب رواها شهر، وقد ذكرناها في ترجمة شهر إلا أنه لم يذكرها مناماً.
ابن عم للأشعث بن قيس:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال شعراً يوم منعهم أهل الشام الماء بصفين.
فرأت في كتاب صفين، مما روى عن عمر بن سعد قال: ثم مضى يعني علياً نحو رايات كندة فإذا مناد ينادي إلى جنب مضرب الأشعث بن قيس رافع صوته، وهو أحد بني عمه وهو يقول:

لئن لم يجلي الأشعث اليوم كربة ... من الموت فيها للنفوس تفلت
فنشرب من ماء الفرات بسيفه ... فهبنا أناساً قبل كانوا فموتوا
فإن أنت لم تجمع لنا اليوم أمرنا ... وتلقي التي فيها التشمت
فمن ذا الذي تثنى الخناصر باسمه ... سواك ومن هذا إليه التلفت
وهل من بقاء بعد يوم وليلة ... نظل عطاشا والعدو يصوت
هلموا إلى ماء الفرات ودونه ... صدور العوالي والصفيح المشتت
وأنت امرؤ من عصبة يمنية ... وكل امري من عصبة حيث يثبت
قال: فرجع علي مغموماً إلى منزله واستيقظ الأشعث لقول الرجل، فأتى علياً من ساعته، وهو لا يرجو جد الأشعث ولا مناصحته، وعند علي تلك الساعة قوم من أصحابه فيهم الأشتر، فقال الأشعث: يا أمير المؤمنين أيمنعنا القوم ماء الفرات، وأنت فينا، ومعنا سيوفنا، خل عني وعن الناس، فوالله لا أرجع إليك، حتى أرده أو أموت دونه، وأمر الأشتر أن يعلو بخيله على الفرات فيقف حتى آمره بأمري، قال علي: ذلك إليك، فانصرف الأشعث إلى مضربه، وذكر تمام القصة، وغلبته على الماء.
أخو بشر بن غالب:
روى عن الحسن بن علي رضي الله عنه، روى عنه أخوه بشر ولم يسمه، وكان قدم من أنطاكية على الحسن رضي الله عنه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد بن جعفر الخلمي قال: حدثنا علي بن أحمد بن عبد الصمد بن شاه الكشاني إملاء ببخارى قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن علي بن أيوب العكبري بها قال: حدثنا عم أبي الحسن بن علي بن أيوب قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن يحيى بن داود بن الفحام العكبري بعكبرا قال: حدثنا يوسف بن الحكم قال: حدثنا شريح بن يونس قال: حدثنا عمرو بن جميع الحلواني عن الأعمش عن بشر بن غالب عن أخيه قال: وفدت على الحسن بن علي رضي الله عنهما فسائلني عن أميرنا وعن بلدنا وعن مؤذنينا فأخبرته فقال: سمعت جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من مدينة كثر فيها المؤذنون إلا قل بردها " .
وقد رواه هبيرة بن جرير عن الأعمش عن بشر بن غالب أن أناساً من أهل أنطاكية شكوا إلى الحسن بن علي برد بلادهم فقال: سمعت جدي يقول: وذكر نحوه.
أخبرنا بذلك أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي، إذناً عن أبي الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن يحيى القطان قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الأذرعي قال: حدثنا محمد بن الخضر بن علي قال: حدثنا موسى بن أيوب قال: حدثنا النعمان بن العباس، وكان من خيار الناس بأنطاكية، عن هبيرة بن جرير عن الأعمش عن بشر بن غالب أن أناساً من أهل أنطاكية شكوا إلى الحسن بن علي برد بلادهم فقال: سمعت جدي يقول: أيما بلدة باردة كثر فيها النداء بالأذان انكسر بردها.
وقد روي عن بشر بن غالب قال: قدم علي الحسين بن علي عليهما السلام ناس من أهل أنطاكية، وفي رواية قدم أهل أنطاكية، فسألهم عن حال بلدهم وعن سيرة أميرهم فذكروا خيراً إلا أنهم شكوا إليه البرد، فقال الحسين بن علي: حدثني أبي عن جدي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكر نحواً من ذلك، وقد تقدم ذكره في مقدمة الكتاب في باب فضل أنطاكية فدل على أن أخا بشر بن غالب كان من أنطاكية، والله أعلم.
مولى مسلمة بن عبد الملك:
روى عن مولاه مسلمة، روى عنه هشام بن الغاز، وكان مع مولاه بمنازله.

أخبرنا عبد اللطيف بن يوسف فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا حمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قال: حدثنا هشام بن الغاز قال: حدثني مولى لمسلمة بن عبد الملك قال: حدثني مسلمة قال: دخلت على عمر بعد الفجر في بيت كان يخلو فيه بعد الفجر، ولا يدخل عليه أحد، فجاءت جارية بطبق عليه تمر صيحاني، وكان يعجبه التمر، فرفع بكفه منه فقال: يا مسلمة أترى لو أن رجلاً أكل هذا، ثم شرب عليه الماء، فإن الماء على التمر طيب، أكان يجزيه إلى الليل؟ قلت: لا أدري، فرفع أكثر منه، قال: فهذا؟ قلت: نعم يا أمير المؤمنين كان كافيه دون هذا حتى ما يبالي أن لا يذوق طعاماً غيره، قال: فعلى ما يدخل النار؟ قال مسلمة: فما وقعت مني موعظة ما وقعت هذه.
ذكر المعروفين بالألقاب
الألف
أجدع السكاسك:
شاعر شهد صفين مع معاوية وقال شعراً كتب به مع كتاب معاوية بن حديج إلى الأشعث بن قيس حين عزله علي رضي الله عنه عن رئاسة كنده.
قال محمد بن خالد الهاشمي في أخبار صفين: بعد أن نزل معاوية صفين وبلغه عزل الأشعث قال: وأمر معاوية بن أبي سفيان معاوية بن حديج الكندي أن يكتب إلى الأشعث بن قيس، فكتب إليه كتاباً ذكرناه في ترجمة معاوية بن حديج قال: ثم دعا أجدع السكاسك فقال: الق إلى الأشعث شيئاً تحركه فأنشأ يقول:
أشعث الخير يا شبيه أبيه ... أنت فينا الهمام وابن الهمام
إنما الشام كالعراق ولكن ... غم أهل العراق بعض الشآم
فلهم دينهم وحب علي ... ولنا ديننا وحب الإمام
ثم لا حاكم يميز ما بي ... ن الفريقين دون يوم الخصام
قد ترى بالعراق جمعاً عظيماً ... يمنيين من رؤوس الأنام
كعدي ومالك وسعد ... وشريح وذاك فاس اللجام
وزياد وشيخ كندة حجر ... وابن قيس وزحر نعم المحامي
والمرادي هاني ورجال ... كأولاكم في النقض والإبرام
لا ينادون بالعتاب ولا يطم ... ع في فيئهم ذوو الأحلام
قد دعوناك بالتي تجمع الش ... مل وفيها تعاطف الأرحام
ثم فيها إحدى الخلال من الله ... ونزع الشجا وترك الحرام
لا ينادي لها سواك من ال ... ناس فخذها يا بن الملوك العظام
الأحوص الأنصاري:
الشاعر، وفد على عمر بن عبد العزيز بخناصرة، واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الله، وقد قدمنا ذكره.
الأحوص الذفافي:
ويعرف بالمختزر أيضاً. واسمه عبد الله بن محمد، وكان شاعراً، وهو منسوب إلى ذفافة بن عبد العزيز العبسي، وقد ذكرناه في العبادلة، وكان يصحب أبا طالب علي بن إسماعيل بن صالح الهاشمي بحلب، وتزوج علوة التي كان يشبب بها أبو عبادة البحتري، فهجاه البحتري.
الأخطل التغلبي:
الشاعر، كان برصافة هشام واسمه غياث بن عوف، وقد قدمنا ذكره.
أعشى همدان:
ويكنى أبا المصبح، شهد صفين مع علي وقد ذكرناه.
الباء
الببغاء الشاعر:
كان من شعراء سيف الدولة بحلب، وهو أبو الفرج عبد الواحد ولقب بالببغاء للثغة كانت في لسانه، وقد قدمنا ذكره.
البديع الحلبي:
شاعر ذكره ابن الزبير فيمن قدم الديار المصرية من الشام، في جنان الجنان ورياض الأذهان، وذكر له هذه الأبيات:
وإذا الفتى قحطت به أيامه ... لم يرضه فعل الزمان الأنكد
يمسي ويصبح في اكتئاب ممرض ... يرنو إلى الدنيا بعيني أرمد
وكثير أيام الحياة أقل من ... أن يبتلى بتفرق وتبعد
قرأت في كتاب جامع الفنون تأليف أبي الحسين بن الطحان المغني، في باب ما مدح به المغنون في زماننا هذا، يعني زمانه قال: وللبديع في:
لو كان يرزق بالفضائل فاضل ... كانت بفضلك تقرن الأرزاق
فلقد حويت أبا الحسين فضائلاً ... لم يحوها فيما مضى إسحق

قرأت في تاريخ الأمير مختار الملك المسبحي في حوادث سنة إحدى عشرة وأربعمائة ذكر جماعة من الشعراء الذين مدحوه وكتبوا إليه، وكانوا موجودين في هذا التاريخ، فذكر جماعة وقال: ومنهم البديع الحلبي وأنه شاعر متوسط الشعر، فمما كتبه إلي قوله:
يا أيها الملك الذي طابت أرومة عوده
والسيد السامي إلى أعلى مناقب صيده
ومن الأولى حازوا العلى من قومه وجدوده
والأفضلين بجمعهم من جنده وعبيده
ندب أطال يد المعالي في الزمان بجوده
جمع المناقب والنهى مقرونة بسعوده
نصح المليك فأضحت الأملاك طوع جنوده
واسترشد الملك العقيم برشده ورشيده
يا عز ملك الحاكم المحمود ظل عميده
كم نار حرب أضرمت مشبوبه بوقوده
وخميس ملك مصحر في حده وحديده
نكست بالأقلام طول رماحه وبنوده
وفللت بالآراء حد صفاحه وعميده
فاليمن في يمناك قد ملكت من إقليده
يا أيها البحر الذي عذبت رشاف وروده
مغناك كالبيت الذي ضاق الفضاء بوفوده
لو يستطيع لزاره غور الثرى بنجوده
يا سيدا فهم الورى من نظمه وفريده
اخترت جوهر سلكه فانصاع نظم عقوده
ولقد حويت مناقباً خلدتها بخلوده
باد الزمان ولم تبدهل حيلة لمبيده
يا أيها المختار فهمك دق عن تحديده
أنت الذي غمر الورى بطريفه وتليده
فارفع ظلامة من رمى مرماته بوعيده
وسطا عليه بجوره وبصرفه وحقوده
فسعى إليك مشمراً برسيمه ووخيده
لتسد منه فاقةً عزت على تسديده
فامنن عليه بخلعه ليشق قلب حسوده
من جيد الرقم الذي يختال في توريده
فلقد حباك جواهراً من مدحه وقصيده
يزهو بجوهرها على ضليله ولبيده
أمحمد بمحمد ووصيه وشهيده
أنظر إليه نظرة تغنيه عن ترديده
فلأنت أكرم من مشى بالله فوق صعيده
واسلم سلمت على الزمان وأنت درة جيده
قال المسبحي: وله أيضاً الأبيات التي ذكرها ابن الزبير من هذه القصيدة:
صب يروح إلى الغرام ويغتدي ... ومفند في الحب أي مفند
غريت به العذال حتى أنه ... يلفى الأسى بغرور عذل موصد
كم لائم في الحب لام ومرشد ... في عذله أضحى وليس بمرشد
دنف أضر به الغرام ولا يرى ... نصحاً لقول عذوله والحسد
شط المزار به فأصبح مفرداً ... متأسفاً يبكي لفرقة مفرد
كيف السلو وفي الحشى نار الأسى ... تزداد بين تضرم وتوقد
عهدي بهم والعيش غض جامع ... شمل الوصال ولم يكن بمبدد
فأزاح صرف الدهر حتى صبحنا ... ليل وحتى ليلنا بالسرمد
وإذا الفتى قحطت به أيامه ... لم يرضه فعل الزمان الأنكد
يمسي ويصبح في اكتئاب ممرض ... يرنو إلى الدنيا بعيني أرمد
وكثير أيام الحياة أقل من ... أن يبتلى بتفرق وتبعد
وركائب خلفتها دلج السرى ... والليل في لون الغداف الأسود
والنجم في أرجائه متحير ... عان كتحيير الضرير المقعد
أطوي بها أجواز كل تنوفه ... قفر وأقطع كل خرق فدفد
حتى أنخت بباب عز الملك في ... نعم تزيد على النعيم الأرغد
ملك إذا استمطرت مزن بنانه ... جادت يداه بمزن برق مرعد
ورث المعالي عن أبيه وجده ... فجرى طريفاً في الأنام بمتلد
قوم تردوا بالمكارم واكتسوا ... حلل الرئاسة بالأغر الأمجد
أموالهم مبذولة لعفاتهم ... وديارهم لوفودهم كالمسجد
حرم تحرمت الوفود بربعهم ... فسما إليه بمقسم ومؤكد
الواهبون تكرماً أموالهم ... والمجزلون حبا الوفود الوفد
والمطعمون إذا المرابع أمحلت ... والواهبون لكل ما لم يوجد
والقائمون بكل جد واجب ... والصافحون عن المسيء الأعتد

والضاربون إذا الكتيبة أحجمت ... رأس المتوج في العجاج الأربد
وإلى جدودك ينتمي كرم الورى ... وإليك مقصد كل سفر منجد
ولديك مغنم كل طالب حاجة ... ويزين ذكرك في القريض المنشد
يا أيها المختار خيرة عصره ... يا سيداً قد ساد كل مسود
حزت المكارم والمناقب والحجى ... يا ذا المعالي والنهى والسؤدد
ورقيت في العلياء أعلى رتبة ... شرفت على شرف السها والفرقد
يا وارث الماضين محض علومهم ... يا كامل العلم الشريف المقعد
يا أيها الملك الهمام ومن غدا ... متكفلاً بحبا الوفود القصد
إني استجرت من الزمان ... بنداك أنت على البرية مسعدي
أما وقد حلت بجودك فاقتى ... رشداً وحازت حبل نائله يدي
فسأغتدي وأروح غير مروع ... مما تروح به الخطوب وتغتدي
وسأقتدي بذوي المعالي والنهى ... وأخو الحجى بذوي المعالي يقتدي
ولأصبحن بعزة ذا عزة ... تسطو على صرف الزمان المعتدى
ولأسطون على الزمان بصارم ... من جوده في النائبات مجدد
ملك إذا استسقى العفاة سحابه ... رووا بوابلها عطاش الورد
خلط الوقائع بالصنائع فاستوى ... ميل وذلل كل صعب أعند
يزهو بأنمله اليراع لأنها ... تجري بحتف عدى ونيل مرفد
ما تنتضي يوماً لدفع ملمة ... إلا وفلت غرب كل مهند
فنوالها للمعتفي يحيي الندى ... وعقابها للخالع المتجرد
يا حلية الدنيا وزينة أهلها ... يا واحداً في كل فضل أوحد
قضيت صومك بالصلاة وبالتقى ... والعيد عاد بسعد جدك فأسعد
سعد عليك مجدد يحظى به ... وتبيد ثوب خليعه بمجدد
لا زلت ترقى في المعالي صاعداً ... أبداً على رغم العدى والحسد
مولاي قد أجهدت فانف بنعمة ... جهدي وجودت القريض فجود
البديع المعري:
شاعر من أهل المعرة، واسمه علي وقع إلي من شعره قوله:
يا صاح أنسني دهري وأوحشني ... منهم فأضحكني فيهم وأبكاني
قد قلت أرض بأرض بعد فرقتهم ... فلا تقل لي جيران بجيران
البليغ المعري:
شاعر محسن واسمه إبراهيم بن الحسن، وقد قدمنا ذكره في حرف الألف.
البنص:
حافظ أديب، وهو أبو نصر محمد بن محمد القاضي، ولقب البنص تركيباً من أبي نصر كنيته، وقد ذكرناه.
البرهان الرندي الفقيه:
كان من الفقهاء المفتين بحلب، وكان حنفي المذهب، ولم أعرف اسمه، ووقفت له على فتوى أفتى فيها مع علاء الدين عبد الرحمن الغزنوي وشرف الدين بن أبي عصرون في مسألة سئلوا عنها في رجل يقول: إني سلفي المذهب، ويزعم أن الله تعالى في الجهة. فأفتى وقال في أثناء كلامه: أما السلف الصالح رضوان الله عليهم أجمعين ما كانوا يثبتون لله من الصفات ما كان يستحيل في حقه من صفات المحدثات كالأجسام والأعراض والجواهر، بل ينزهونه سبحانه وتعالى عما يستحيل في حقه، ويثبتون له ما يجوز في حقه وما كانوا يتحدثون في الله وفي ذاته إلا عند الحاجة والضرورة، ولهذا قيل عنهم: تفكروا في آلاء الله ولا تتفكروا في الله، في كلام حسن اختصره.
الجيم
جران العود:
شاعر من العرب، لقب بجران العود لقوله:
عمدت لعود فالتحيت جرانه ... وللكيس أمضى في الأمور وأنجح
والجران عرق على عنق البعير. قدم خناصرة، وذكرها في شعره، وجعلها خناصرات حيث قال:
نظرت وصحبتي بخناصرات ... ضحياً بعد ما متع النهار
إلى ظعن لأخت بني نمير ... بكابة حيث زاحمها العقار
العقار الرمل، واسم جران العود المستورد.....العقيلي، وقد ذكرناه.
الخاء
الخلب التنوخي:
المعري أديب فاضل من أهل معرة النعمان، قرأ بحلب على أبي عبد الله بن خالويه الكثير.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي

خطير الملك ابن الوزير اليازوري:
أبي محمد، وزير المستنصر الفاطمي توجه من الديار المصرية إلى حلب في حياة أبيه لترتيب أمورها وإصلاح أحوالها.
قرأت في كتاب جنان الجنان ورياض الأذهان، تأليف ابن الزبير، قال بعد حكاية نذكرها: ومثل ما ذكرته من اختلال أحوال ذوي الجاه والمال ما حدثني به القاضي إبراهيم بن مسلم الفوي بمصر، وقد جرى مثل هذا الحديث، قال: شاهدت خطير الملك، ولد الوزير اليازوري أبي محمد، وزير المستنصر بالله بمصر وكان من أعظم وزراء الدولة الفاطمية خطراً وأوفاهم قدراً، وولى ابنه خطير الملك المذكور قضاء القضاة بسائر أعمال الدولة، والمظالم، وناب عن والده في الوزارة، وسار إلى حلب وغيرها من أعمال الشام لتمهيد أمورها، وإصلاح أحوالها، وتقريرها.
وآلت به الحال بعد قتل أبيه إلى الفقر المدقع، والحاجة الشديدة إلى أن جلس للخياطة بالأجرة في بعض مساجد فوة.
قال ابن مسلم: فرأيته في بعض الأيام يطالب رجلاً بأجرة خياطة خاطها له والرجل يدافعه ويماطله وهو يلج في الطلب، ولا يرخص له في الإنظار والمهلة، فلما ألح عليه قال: يا سيدنا إجعل هذا المقدار اليسير من جملة ما ذهب منك في السفرة الشامية، فقال: ذع ذكر ما مضى.
قال ابن مسلم: فٍسألته عما قصده الرجل، فلم يفصح عنه إلى أن علمت من غيره أنه كان أنفق برسم مائدة في سفره ستة عشر ألف دينار، وأنه كان لا يمد سماطة في الطريق التي يعدم فيها الماء للشرب فضلاً عن غيره إلا وعليه ما جرت عادة الرؤساء بتقديمه من الخضر والطعام في الحضر، وذلك أنه كان اتخذ حياضاً من الخشب مملوءة من الطين، وزرع فيها من البقل ما يجنى منه الذي يحتاج برسم مائدته في كل يوم.
الدال
الدميك النحوي:
الحلبي الشاعر، واسمه منصور بن المسلم بن أبي الخرجين، وقد قدمنا ذكره.
الدنف الشاعر:
كنيته أبو عبد الله، تقدم ذكره في الكنى.
الذال
ذو ظليم:
شهد صفين واسمه حوشب تقدم ذكره.
الراء
الراعي الشاعر:
واسمه عبيد بن حصين، ولقب الراعي لكثرة وصفه الإبل في شعره، وقيل لوصفه الرعي في قصيدته اللامية التي أولها:
ألم يشقك بوادي العذبة الطلل
وقدم حلب وذكر ذلك في شعره. وقد قدمنا ذكره.
الرقعمق:
شاعر ماجن يحكي أصوات الطيور والطبول، وغير ذلك في شعره، واسمه أحمد بن محمد أبو حامد الأنطاكي، وقيل فيه أبو الرقعمق أحمق وهو لقب، وقد ذكرناه.
الزاي
الزاهي:
وقيل فيه الزاهر، اسمه محمد بن عمر، تقدم ذكره.
الزاهي:
غير الأول المعري في غالب ظني متأخر العصر، بلغني أنه أنشد قول ابن المغربي:
قال الطبيب وقد تأمل علتي ... هذا الفتى أودت به الصفراء
فعجبت منه وقد أصاب وما درى ... لفظاً ومعنى والراد خطأ
فقال الزاهي في الحال الراهنة:
رثا طبيبي لسقامي ومن ... اسقمني هجرانه ما رثا
وقال هذا مرض معضل ... وربما أشفقت أن يلبثا
وهذه الصفراء قتالة ... فليته ذكر ما أنثا
الزاهر المعري:
واسمه الحسين بن محمد، وقد ذكرناه وهو شاعر مجيد، ووقع إلي أبيات من شعره بخطه كتبها إلى بعض بني سليمان يعزيه بميت من أهله.
أرى كل حزن دون ما بي من الحزن ... وما نال قلبي من مصاب أبي اليمن
هلال ثوى تحت التراب وغيبت ... محاسن وجه كان مجتمع الحسن
فإن سر قلبي بعده بمسرة فلا ... نظرت عيني ولا سمعت أذني
رمته الليالي بغتة بحمامه ... على صغر منه وعن غفلة مني
فإن لم أمت حزناً عليه وحسرة ... فلا زال جسمي في ثياب من الحزن
أبا اليمن إن أصبحت في الترب غائبا ... فقد كان ودي أن تغيب في جفني
وإني على حزني عليك وحسرتي ... أظن الردى والعلم يؤخذ بالظن
فصبراً عليه يا ذويه فأنتم أولوا ... الحلم والأرباب والرجح الوزن
فما زال يسري نحوكم رب حاجة ... فيبلغ ما يرجوه من شاسع المدن

وكم نعمة أهديتموها لطالب ... وكم منة أسديتموها بلا من
وآل سليمان هم خير معشر ... من الناس طرا لا أحاشي ولا أكني
متى أتاهم خائف فكأنما ... يلوذ ويأوي من ذراهم إلى حصن
فلا روعوا من بعده برزية ... وعاشوا من الدهر المشتت في أمن
السين
السابق بن أبي مهزول المعري:
شاعر أديب فاضل واسمه محمد بن الخضر، وقد قدمنا ذكره، وكان يكتب خطاً حسناً، ووقع إلي كراسه من شعره بخطه وكتب على ظاهرها من صهيل السابق.
؟سجادة الفقيه: وكان قاضياً على المدائن، وقدم حلب مع المتوكل سنة ثلاث وأربعين ومائتين.
أنبأنا أبو البركات الأمين عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد الخطابي الشاعر في أسماء من شخص مع المتوكل إلى دمشق من الفقهاء سجادة.
وقال الحافظ أبو القاسم قرأت على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيوية قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت سجادة يقول: كنت قاضياً على المدائن فبعث إلي المأمون بخادم له يوماً نصف النهار، فقال: المأمون يأمرك أن تهدم دار فلان وتستخرج منها قبر سليمان، قال: فدعوت صاحب الدار فسألته عن الدار فقال: داري توارثناها، قال: فكتبت إلى المأمون: إن هذا حق في يد رجل لا يخرج إلا ببينة، قال: فلما كان بعد أيام إذا رسول المأمون قد جاء إلى صاحب المعونة يأمره بهدمها، فهدم الدار واستخرج منها قبراً فقالوا: هذا قبر سليمان.
الشين
شكر الحافظ أحد الرحالين، سمع بالمصيصة وطرسوس يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، وأبا أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، واسم شكر محمد بن المنذر بن سعيد بن عثمان، وقد قدمنا ذكره.
الشهاب اليازكجي:
كان يصحب يازكوج الناصري، فنسب إليه، وكان فقيهاً فاضلاً مترسلاً، يرجع إلى أدب وفضيلة وكفاية في الأمور، قدم علينا حلب في أيام الملك الظاهر، فأحسن إليه ووصله، واجتمعت به في مجلس أبي عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر، وجالسته ولم أتحقق شيئاً من مجالسته ومحاضرته، وكان قصيراً جداً، كافياً جلداً، وبلغني أنه كان وزر لحسام الدين أبي الهيجاء السمين، ومضى معه إلى بغداد، وكان هو المتحدث بينه وبين وزير بغداد، فضمن للوزير أشياء عن مخدومه، وضمن لمخدومه شيئاً عن الوزير فأقام أبو الهيجاء أياماً، فلم يظهر أثر لما قاله عن كل واحد منهما، فأرسل إلى الديوان وقال: أين ما وعدتم به؟ فقالوا: وأين ما قررته على نفسك على لسان صاحبك، فأنكر أبو الهيجاء ذلك، فطلب الشهاب اليازكجي إلى الوزير، وقيل له: أتنقل عنا ما لم نقل؟ فقال: أنا أردت للخليفة مملوكاً مثل أبي الهيجاء السمين، وأردت لأبي الهيجاء أستاذاً مثل الخليفة، فإن كان ما أعجبكم ذلك فافسخوا البيعة، وما جرى شيء، فأعجب الوزير ذلك منه، ودخلوا فيما أراد، وكان حسن التوصل، مطبوعاً حلو النادرة، ونفق على الملك الظاهر، وكان يستحليه، ثم سافر من حلب إلى الديار المصرية، ولم يزل بها إلى أن مات في سنة سبع عشرة وستمائة.
الغين
الغراب:
شاعر من أهل معرة النعمان، ولا نعرف له اسماً.
أخبرنا القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن سليمان قال: كان لبعض أهل المعرة زوجة فغاب عنها إلى مصر، ففسخ القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن سليمان نكاحها وزوجها رجلاً يقال له الغراب من أهل المعرة، فكتب زوجها الأول إلى القاضي:
أعبد الله قاضي الشام جمعاً ... أعيذك أن ترى غير الصواب
وأن تقضي على أحد بما لم ... يوافق في الشريعة والكتاب
خلفت علي إذ زوجت عرسي ... بشيخ وهو يدعى بالغراب
فكتب القاضي أبو محمد إليه:
إذا فارقت عرسك عن ملال ... ولم ترجع تحن إلى إياب
ولم تترك لها فرضاً مقيماً ... كما يهدي لربات الحجاب
رأيت بأن أبلغها مناها ... لتأخذ من تريد من الشباب
فأفقس فخها لما صلته ... تصيد به على ساق الغراب
قال: فبلغ الغراب ذلك فقال:

كتابك جاء يخسف بالغراب ... وينسبه إلى غير الصواب
بليت بحية من عهد عاد ... لها بين الجنادل والصلاب
لها من عمرها سبعون عاما ... وعشرونا وعشر في الحساب
إذا نفخت علي رأيت ريشي ... لنفختها يطير مع السحاب
فقم إن كنت ذا حرص عليها ... فخذها مع قماشي مع ثيابي
لئن أنجاني الرحمن منها ... وفك يدي من أسر العذاب
فلا شيدت في العمران وكراً ... ولا عششت إلا في الخراب
الفاء
الفاخر الحلبي:
شاعر من أهل حلب، واسمه سالم بن منصور، وقد ذكرناه في حرف السين فمين اسمه سالم.
الفرخ:
شاعر من موالي بني أمية، اجتاز بدير حنينا، وهو دير في طرف بلد حلب بالقرب من الناعورة بين بالس والرصافة، وكتب على حائطه شعراً له.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسين الرازي: أخبرني أبو علي الحسن بن القاسم بن دحيم بن إبراهيم الدمشقي قال: حدثني محمد بن سعيد الربعي قال: لما أراد جعفر المتوكل الخروج من الشام إلى العراق أحب أن يجعل طريقه على البرية لينظر إلى آثار بني أمية وبضائعهم، وكان في طريقه دير يعرف بدير حنينا، فلما أزمع على ذلك اتصل خبره ببعض موالي بني أمية، فقال: والله لأنغصن عليه نزهته بأبيات أحبرها، ثم تقدمه إلى الدير فجعل لصاحب الدير جعلا على أن يدعه يكتب في صدر الهيكل أبياتاً، فأذن له فكتب:
أيا منزلا بالدير أصبح ثاويا ... تلاعب فيه شمأل ودبور
كأنك لم تقطنك بيض نواعم ... ولم يتبختر في فنائك حور
وأبناء أملاك عباشم ساده ... صغيرهم عند الأنام كبير
إذا نزعوا تيجانهم فضراغم ... وإن لبسوا تيجانهم فيدور
على أنهم يوم اللقاء قساور ... ولكنهم يوم النوال بحور
ولم يصبح الصهريج والناس حوله ... عليه فساطيط لهم وخدور
وحولك رايات لهم وعساكر ... وخيل لها بعد الصهيل نخير
ليالي هشام بالرصافة قاطناً ... وفيك ابنه يا دير وهو أمير
إذ الملك غض والخلافة لدنة ... وأنت خصيب والزمان طرير
وروضك مرتاض وينعك يانع ... ودهر بني مروان فيك نضير
بمسلمة الميمون وهو الذي له ... تكاد قلوب المشركين تطير
بلى فسقيت الغيث صوباً مباكراً ... إليك به بعد الرواح بكور
تذكرت قومي فيكم فبكيتهم ... وإن شجياً بالبكاء لجدير
فعزيت نفسي وهي نفس لها إذا ... جرى ذكر قومي أنة وزفير
رويدك إن اليوم يعقبه غد ... وإن صروف الدائرات تدور
لعل زماناً جار يوماً عليهم ... لهم بالذي تهوى النفوس يحور
فيفرح مرتاد ويأمن خائف ... ويطلق من ذل الوثاق أسير
قال فلما قرأه المتوكل قال: والله ما كتب هذا إلا رجل من بني أمية يريد أن ينغص علي ما أنا فيه، فمن أتاني به فله ديته، فطلب فأتي به، وإذا هو رجل من بني أمية من أهل دمشق يعرف بالفرخ، فأمر المتوكل بقتله، وقال: ذلك بما قدمت يداك وما الله بظلام للعبيد.
قال أبو الحسين: وزادني في هذه الحكاية بعض أهل العلم أن المتوكل لما قرأها بكى بكاءً شديداً، وأمر بهدم الموضع فهدم الحائط.
وقد ذكر أبو الحسين الشمشاطي أن قائل هذا الشعر رجل من ولد روح بن زنباع، ودير حنينا كان معاوية بن هشام بن عبد الملك قد نزله، واتخذه متنزها له يتصيد فيه، فخرج يوماً يتصيد فمر به ثعلب، وهو بالناعورة فمضى خلفه، فسقط به الفرس، فمات وقد ذكرنا القصة في ترجمة معاوية بن هشام بن عبد الملك.
الفرزدق الشاعر:
قدم......... واسمه همام بن غالب، وقد تقدم ذكره.
الفرقد المعري:
شاعر.
القاف
قنزع الشاعر المعري:

شاعر من أهل المعرة لم أظفر بشيء من شعره، وكان في حدود الأربعمائة، وكانت له امرأة شاعرة وقد ذكرناها فيمن لا يعرف اسمها من النساء.
القنوع المعري:
شاعر مجيد، واسمه أحمد بن محمد، وقد ذكرناه.
ذكره أبو المظفر إبراهيم بن أحمد بن الليث الآزدي فقال: والقنوع الشاعر فلا أنساه، هذا شيخ عجيب الخلقة، جيد الكديه، سامي القمة، بديع العمة، قصير الهمة، في عينيه خفش إذا باهى الشخص خاله شخصين وإذا لمح الواحد حسبه اثنين، قد رضي من الثواب باليسير، ومن النوال بالقليل، لا بل رضي من دنياه بسد الجوع، ولبس المرقوع فلهذا تلقب بالقنوع، ومن شعره المليح المطبوع قوله:
أرى الادلال داعية الدلال ... فمالي قد جزعت لذاك مالي
نعم أشفقت من تلفي ولكن ... أبى لي حسن صدي أن أبالي
تصدى للصدود وكان قدماً ... على حال اتصال من وصالي
فقال سلوت متهماً غرامي ... ولست وإن سلاعني بسال
نويت عتابة أنى إلتقينا ... ولكني بدالي إذ بدالي
نقلت هذا الفصل والأبيات من خط الحافظ أبي طاهر السلفي، من رسالة كتب بها أبو المظفر الآزدي إلى الكيا أبي الفتح الحسن بن عبد الله بن صالح الأصبهاني، جواب عن رسالة كتبها إليه وسأله عن من لقي من الشعراء بمعرة النعمان.
وقال أبو منصور الثعالبي: لقب بالقنوع لأنه قال: رضيت من الدنيا بكسرة وكسوة.
الكاف
الكامل المصري:
الشاعر واسمه علي بن جلبات، قد تقدم ذكره.
الكامل بن المغربي:
هو أبو القاسم الحسين بن علي، وقد تقدم ذكره.
كشاجم:
هو أبو الفتح محمود بن الحسين، ولقب كشاجم لأنه كان: كاتباً شاعراً منجماً، وكان بحلب، وقد قدمنا ذكره.
الكمال الاسكندراني:
رجل فاضل اجتاز بحلب، ونفذ منها إلى ملطية، وله شعر أنشدنا عنه بعضه الشيخ عماد الدين عبد الله بن الحسن بن النحاس، قال لي: كان لي صديق يقال له الكمال الاسكندراني، ولم يعرف اسمه، وكان بملطية، فسألت عنه فدللت على منزله فجئته ودققت الباب عليه، وكنت إذ ذاك أسمع، ولم يحدث بي الصمم، فقال: من؟ قلت: صديق مشتاق، فقال: لعلك فلان؟ فقلت: أنا هو، فخرج إلي وأدخلني منزله، فتحادثنا حديث الدنيا، فأنشدني ارتجالاً لنفسه بملطية:
هذه الدنيا عيوب كلها ... غير شيء واحد فيها مليح
كيف ما عبرتها قد عبرت ... حسن كان وإن كان قبيح
الميم
الماهر الحلبي:
واسمه أحمد بن عبيد الله، وقد ذكرناه.
المتنبي الشاعر:
واسمه أحمد بن الحسين، وقد تقدم ذكره.
المجتبى الأنطاكي:
كان حكيماً وله تصانيف في الحكمة.
نقلت من خط مظفر الفارقي، قال: نقلت من خط محمد بن إسحق النديم في كتاب الفهرست: الأنطاكي ويلقب بالمجتبي واسمه.... كذا، مات قريباً في سنة ست وسبعين وثلاثمائة، وله من الكتب: كتاب البحث الكبير في الحساب الهندي، كتاب في الحساب على البحث بلا محو، كتاب تفسير الأرثما طيقي، كتاب استخراج التراجم، كتاب تفسير إقليدس، كتاب في المكعبات.
المجاهد:
لم يقع إلي اسمه، وكان رجلاً صالحاً من أولياء الله تعالى.
قال لي عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة: كان المجاهد عندنا بحلب، مقيماً بالمدرسة الحلاوية، وكان من أولياء الله تعالى.
قال لي عمي: وكان الشريف الزاهد محمد العلوي له قبول عند بعض نساء الأمراء بحصن كيبا، فلما فارقها وقدم حلب دفعت إليه عنبريتا، وقالت: خذا هذا معك وديعة، اذكرنا به إلى أن تعود، قال فأخذه، وكان معه فوضعه في المشهد الذي كان نازلاً به، خارج باب العراق، المعروف بمشهد بدر الدولة: قال: فسرقه بعض أصحابه.
قال: فحمل على قلبه من ذلك، وضاق صدره وقال لي الشريف: والله ما بي إلا أنهم يظنون بي ظن السوء، ولكن أخي المجاهد عندهم يخبرهم.
قال: وكان المجاهد إذ ذاك عندهم بحصن كيبا، قال عمي: فقال لهم المجاهد في ذلك الوقت، إن الوديعة التي لكم عند فلان قد سرقت في هذا اليوم.
المرصع المعري:
شاعر اسمه.....تقدم ذكره.
المحترز الذفافي:

وقيل المخترز الشاعر، وهو لقب، واسمه عبد الله بن محمد، ويلقب أيضاً الأحوص، وينسب إلى ذفافة بن عبد العزيز العبسي، وكان يصحب بعض بني صالح بن علي بحلب، وقد ذكرناه، وذكرنا شيئاً من شعره.
وتزوج علوة الكراعة التي كان البحتري يشبب بها في شعره فهجاه البحتري.
المستهام الحلبي:
كنيته أبو الحسين، وقد تقدم ذكره.
المشتهي الحلبي:
شاعر مجيد، تقدم ذكره.
الممتع المعري:
اسمه أحمد بن خلف الشاعر، تقدم ذكره.
المعوج الأنطاكي:
كنيته أبو بكر، تقدم ذكره في الكنى.
النون
النابغة الجعدي:
واسمه حبان، وقيل قيس، وقد تقدم ذكره.
الناشئ الصغير:
شاعر متكلم، واسمه علي بن عبد الله بن وصيف، وقد ذكرناه.
النامي المصيصي:
الشاعر، اسمه أحمد بن محمد، كان من شعراء سيف الدولة بحلب، وقد قدمنا ذكره.
النامي اليشكري العراقي:
واسمه محمد بن عيسى، كان من شعراء سعد الدولة أبي المعالي شريف بن سيف الدولة، وقد ذكرناه.
؟الناظر المعري:
شاعر من أهل المعرة، واسمه مهنا بن علوي، وقد تقدم ذكره.
الواو
الواله:
شاعر متقدم العصر، لا يعرف اسمه، وكان من أهل الشام، وله أبيات في دير رمانين، من جبل سمعان من أعمال حلب، والقرية تعرف الآن في زمننا بتر مانين.
قرأت في كتاب الديرة تأليف أبي الحسن الشمشاطي قال: دير رمانين بين حلب وأنطاكية يشرف على بقعة سرمدا في أحسن موضع وأنزهه، وفيه يقول الواله:
ألف المقام بدير رمانينا ... للروض إلفاً والمدام خدينا
والكاس والإبريق يعمل دهره ... ويداه تجنى الورد والنسرينا
يغدو إذا الناقوس أيقظه على ... عذراء أوطنت الدنان سنينا
بكر إذا ما الهم عاين كاسها ... يوماً رأى في ما يرى السكينا
ومن العجائب مسكة ترضى بأن ... يختار قاراً في اللباس وطينا
ويطارح الطنبور طول حياته ... حتى كأن عليه فيه يمينا
إن الذين غدوا بلبك غادروا ... وشلاً بعينك لا يزال معينا
هانت على طرباته عذاله ... لما اشترى الدنيا وباع الدينا
عمر هو البلد الحرام فكم ترى ... فيه الندى والتين والزيتونا
الوامق المعري:
شاعر تقدم ذكره، والوامق لقب له.
نقلت من خط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي: وكان بمعرة النعمان شاعر يعرف بالوامق موصوف بالخلاعة والمجون، فكان ينظم أشعاراً في حائك واسكاف وصانع ومن يجري مجراهم، ويستعمل ألفاظ تلك الصناعة ومعانيها في ذلك الشعر، فمما يروى له في غلام إسكاف قوله:
إن سن بالهجران شفرته ... ليقد قلبي قد مجتهد
فلأصبرن كصبر تختجه ... متمسكاً بمحلل العقد
الوأواء الحلبي النحوي:
وهو أبو الفرج عبد القاهر بن عبيد الله الفراش، وكان نحوياً شاعراً فاضلاً، قرأ على الطليطلي النحوي، وأبي عبد الله الأصبهاني صاحب أبي العلاء، وقد ذكرناه فيما تقدم.
الوصاف:
صاحب المخصرة، شاعر كان بحلب في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، ودخل إليه بحلب وامتدحه مع الواصلي والصقري.
وقع إلي جزء من تاريخ جمعة أبو إسحق بن حبيب السقطي، صاحب كتاب الرديف فقرأت فيه في حوادث سنة ست وأربعين وثلاثمائة: وفيها كان قدوم المهلبي الوزير إلى البصرة من الأهواز في يوم الأربعاء سلخ شهر ربيع الأول، فنزل بني يشكر، ثم دخل معه من الجيش، فنزل الأبلة، فمدحه بها المعروف بالوصاف صاحب المخصرة:
قريب هوى الحسناء والوصل ... شاسع ممنعة قربها البعد مانع
تقل البعير المستقل إذا مشى بها ... ولها الإنسان بالماء جارع
وحورية أودعتها القلب والحجى ... وروحي فلم تردد علي الودائع
يقول فيها:
أنا الشاعر الوصاف أولعت بالعلى ... فمجدي محفوظ ومالي ضائع
ومخصرتي شمس النهار وبدرها ... أضاء لكفي والنجوم الطوالع
رفعت بشعري الشعر يا بن محمد ... وأنت وزير للوزارة رافع

لبحر عمان موج ماء إذا طما ... وبحرك در موجه متدافع
أحليك مدحاً لم تزل عنه غائبا ... وقد يلبس السيف الحلى وهو قاطع
ذكر من عرف بالنسبة إلى القبائل
أو البلاد أو الآباء أو إلى الصنائع
الألف
الأنطاكي الشاعر:
هو أبو طالب الحسين بن علي الأنطاكي شاعر مجيد مكثر أورد له أبو الحسن علي بن محمد الشمشاطي في كتاب الأنوار شعراً كثيراً، ويطلقه منسوباً إلى أنطاكية ولا يسميه ولا يكنيه، وفي بعض المواضع يذكر اسمه ونسبه فمن ذلك ما قرأته في كتاب الأنوار قال: وللأنطاكي في الدواة وما فيها:
يسطو بخطار كأن خاطري ... مسلط في جسمه فهو سلط
يكتن في زنجية كأنما ... كيانها من النظام منخرط
كأنما سوادها وحليها ... تأليف ضدين شباب وشمط
كأنما مقطعها مهند ... محتبس في غمده لم ينض قط
كأنما سكينها صدغ على ... خد مهاة بفتيت المسك لط
وقرأت في كتاب الأنوار قال: أنشدنا أبو القاسم العلوي قال: وأنشدني الأنطاكي من قصيدة يعني في رحى الماء.
وللماء من حولنا ضجة ... إذا الماء كافح تلك العروبا
جبال تؤلفها حكمة ... فتمحو البحار بها لا السهوبا
يقابلنا في قميص الدجى ... إذا الأفق أصبح منه سليبا
حيازيمها الدهر منصوبة ... تعانق للماء وفداً غريبا
عجبت لها شاحبات الخدود ... لم يذهب الري عنها الشحوبا
إذا ما هممنا بغشيانها ... ركبنا لها ولداً أو نسيبا
يجاور هنا كل ساع يرى ... وإن جد في السير منها قريبا
خلي الفؤاد ولكنه ... يحن فيشجي الفؤاد الطروبا
الأنطاكي:
شاعر كان في عصر ابن خالويه، ومدحه بأبيات.
قرأت في كتاب أطرغش، تأليف أبي عبد الله بن خالويه قال بعد أن ذكر أبيات ابن صدقة الهاشعمي التي ذكرناها في ترجمته، ثم قال: وقال للأنطاكي شرواه:
وما ماتوا وكيف يقول ماتوا ... وفينا ابن المقدم خالويه
فإن حققت موتهم فحقق ... حصول علومهم في قبضيه
يريد بذلك الخليل وسيبويه وابن درستويه جاء ذلك في شعر الجفني، وسنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمته، وفي شعر ابن صدقة الهاشمي، وقد ذكرناه.
الأنطاكي المقرئ:
روى عنه أبو عبد الله محمد بن السرى.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر في كتابه قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن أبي نصر بن عبد الله الحميدي قال: أنشدنا الرجل الصالح أبو مروان عبد الملك بن سليمان الخولاني رحمه الله بالأندلس قال: أنشدنا أبو عبد الله محمد بن السري قال: أنشدنا الأنطاكي المقرئ للمناسكي:
أصبحت قد شف قلبي خوف عليه مقيم
خوف تمكن مني والقلب مني سقيم
لولا رجائي لوعد وعدته يا كريم
في سورة الحجر نصاً لقابلتني الغموم
على لسان نبي قلبي لديه عليم
نبئ عبادي أني أنا الغفور الرحيم
فقد وثقت بهذا والقلب مني كليم
من آية أذهلتني فيها وعيد جسيم
هي التي قلت فيها والقول منه حكيم
ألا وإن عذابي هو العذاب الأليم
فالقلب بين رجاء وبين خوف يعوم
الأنطاكي الحاسب:
رجل له تصانيف في الحساب، والهندسة، وأظنه والله أعلم هو المجتبى الأنطاكي.
قرأت بخط علي بن عبد الله بن بدر الهذباني قال: الأنطاكي الحاسب، وكان يعمل الأسطر لابات وغيرها، وله من الكتب البحث الكبير في حساب الهندي، كتاب في الحساب على البحث بلا نحو تفسير الأرثما طيقي، استخراج التراجم تفسير أوقليدس.
الأوزاعي:
اسمه عبد الرحمن بن عمرو، وقد تقدم ذكره.
الباء
البالسي الضرير:
شاعر من أهل بالس، ذكر له ابن زولاق في سيرة أحمد بن طولون أبياتاً قالها في أحمد بن طولون، حين حصر الموفق المعتمد على الله وحبسه، يخاطب أحمد بن طولون ويمدحه حين قام بنصرة المعتمد:

يا سمي النبي لا نسى الله ... لك الذب عن حريم النبي
دولة الدين والخلافة عزت ... بك لا بالطريد عنها النفي
المزال اسمع على الرغم من كل مقام امرئ كريم سني
رام مالا ينال فلقد خاب وخاب اعتداده بالخصي
البحتري:
من ولد بحتر بن عتود الطائي المنبجي، واسمه الوليد بن عبيد، الشاعر أبو عبادة المشهور، وقد قدمنا ذكره.
البيزوربي المغربي:
المقرئ الحمصي، من حمص الأندلس، وكان مقرئاً مجوداً، عارفاً بالنحو والأدب، وأقام بحلب مدة يقرئ الناس، وكان متهماً في دينه وله شعر، واسمه عبد الله بن محمد أبو محمد، وقد قدمنا ذكره.
الجيم
الجفني:
شاعر كان في عصر ابن خالويه، ومدحه، فإني قرأت في كتاب أطرغش تأليف أبي عبد الله بن خالويه وعليه خطه قال ابن خالويه: وكتب إلي الجفني يهجو ابن صدقة، لما قطعته بين يدي أبي المرجى رحمه الله.
كشرت له فأصبح مجلخداً ... لحر جبينه ولوجنتيه
وأيدك الإله عليه نصراً ... بقدرته وأدحض حجتيه
وأشبهت الخليل وكان طباً ... وسرت على مذاهب سيبويه
وذكر بعدها أبياتاً لابن صدقة الهاشمي، وبعدها للأنطاكي، وقد ذكرنا ذلك.
الحاء
الحاجري الحلبي:
وقع إلي ببغداد مجموع فيه شعر منسوب إلى الحاجري الحلبي، وذكره هكذا، ولم أسمع به ولا عرفته، والأبيات:
بحق الهوى يا سعد أسعد أخا ... وجد ومل بي إلى ذاك الأبيرق من نجد
لأسأل عن قلبي فثم تركته ... أسير غرام لا يعيد ولا يبدي
يميل إذا هبت صبا حاجرية ... ويهتز شوقاً إن تأوه ذو وجد
ومل بي على رمل العقيق لعلني ... على ربع من أهوى أسلم من بعد
فما أكثر الأسرى لديه بحبه ... ولكنني المقتول من بينهم وحدي
الحلبي:
حكى عن سلام الأسود حكاية رواها عنه عمر بن عبد الله.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا عبد العزيز الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن قال: حدثنا عمر بن عبد الله قال: سمعت الحلبي يقول: نظر سلام الأسود إلى رجل ينظر إلى حدث فقال له: يا هذا أبق على جاهك عند الله عز وجل فإنك لا تزال ذا جاه ما دمت له معظما.
الحلبي الفقيه:
فقيه على مذهب العراقيين، كان في أيام البرامكة.
نقلت من كتاب في أخبار البرامكة تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني، قال: ذكر أحمد بن محمد أن الفضل بن يحيى بن خالد حدثهم يوماً عن يحيى بن أبي مريم المديني، وكان يخاصم رجلاً يقال له الحلبي في الفقه، وكان ابن أبي مريم يقول بقول أهل المدينة، والحلبي يقول بقول أهل العراق، قال: فلما جاء ابن أبي مريم إلى أبي علي فقال: جعلت فداءك خاصمت اليوم الحلبي بين الملأ وأفحمته، وذاك أني سألته عن قول الله عز وجل: وقيل من راق، قال: إذا مات الإنسان قالت الملائكة بعضها لبعض: أيكم يرقى بروحه، فيقول: هذا أنت، ويقول: هذا أنت، قال: فقلت: هم والله أطوع من أن يتدافعوا أمره، والله ما يرضى أبو الوزير الكاتب أن يتدافع فيوج الديوان بأمره فكيف يرضى الله بذلك من ملائكته، وإنما تفسير ذلك أنه إذا مرض الإنسان قيل من راق يرقيه، فقال: قال أبو علي: فقد كان ينبغي لك أن تحتج بقوله تبارك وتعالى: وظن أنه الفراق، فإن ذلك يدل على أنه حي بعد، قال: فقال له ابن أبي مريم: ولو كان لي هذا العقل كنت يحيى بن خالد.
الحلبي المتكلم:
إن لم يكن الفقيه المتقدم، فهو غيره، وهو من أصحاب حسين النجار.
وإياه عنى أبو أحمد يحيى بن علي النديم بقوله في شهادة شهدها الحلبي على أبي سهل بن نوبخت:
وفي الحلبي كل نحس وشنعه ... ونعم أخو الأخوان عند الحقائق
على أنه ممن يجور ربه ... وينحله مذموم فعل الخلائق
وما يأمن الجيران منه شهادة ... عليهم بعظمى ليس فيها بصادق
وينشدك الشعر الغثيث لنفسه ... فيحلف عنه أنه غير سارق

وما ضرني لو أنه لي موافق ... ولا ضرني أن كان غير موافق
وذلك أنه شهد على أبي سهل إسماعيل بن نوبخت أنه يتعرض بحرم المسلمين ويدخلهن إلى منزله، وحمله على ذلك رجل يعرف بابن أبي عوف، وكان الحلبي صديقاً لأبي سهل، وكان أبو سهل يفضل عليه ولكنه استشهد.
هكذا ذكر عبيد الله بن أحمد بن أبي طاهر في ذيل تاريخ أبيه.
الحلبي:
غير مسمى ولا مكنى، ذكر له أبو الحسن الشمشاطي أشعاراً كثيرة في كتاب الأنوار، ولم يذكر اسمه، ولا اسم أبيه فمن ذلك قوله:
ما الدار في حلب بدار ثواء ... هذا الشتاء بها كألف شتاء
ألقى عليها الزمهرير ملاءة ... نسجت من الأرواح والأنداء
خفت بها ظلم الغيوم وأصبحت ... ونهارها كالليلة الليلاء
كم قطرة في إثر أخرى خلتها ... بحراً أمامي زاخراً وورائي
ما كنت من سمك البحار أظنني ... حتى سكنت مدينة من ماء
ومما أورده له في كتاب الأنوار:
أرى خطرات ما تزال كأنها ... صدور القنابين الجوانح تخطر
وعينا تصوم الدهر من لذة الكرى ... فإن أفطرت ظلت على الدمع تفطر
أقلب طرفا للنجوم مسامرا ... ونجم الدجى وسط السماء مسمر
وأورد له أيضاً:
قضيب متى تضممه تضم بضمه ... قضيب نسيم في قميص نعيم
تألف من ضدين ضدين رانيا ... بعين صحيح في جفون سقيم
له ليل شعر في صباح جبينه ... ونيران خد في مياه أديم
وخصر حكى عرض البخيل نحافة ... وردف حكى في النيل عرض كريم
ونقلت من الجزء الأول من كتاب الأنوار للشمشاطي، وأظنه بخطه قال: وللحلبي:
وفي الخوان للأخوان عز وما ... تغنى السهام بلا قسمي
ومثلك من أطاعته المعالي ... وأدته إلى الشرف العلي
لأنك للوفاء أخ وخل ... إذا عزى الوفاء إلى الوفي
متى يهززك ذو شرف يصادف ... مضاءك من مضاء المشرفي
وإنك للسوي الود إما ... نشوه ود ذي الود السوي
سبيلي في هواك سبيل قصد ... يوديه إلى الود النقي
فشق مني بود أخ ودود ... توقى الود إلا من تقي
وقال الشمشاطي في كتاب الأنوار وله يرثي أبا تمام:
سألتكما أن تعقبا سقمي سقما ... وأن تتركا قلبي على دمه يدمي
دعاني وفكرا لو بثثت شجونه ... على ردم يأجوج هتكت به الردما
فما الميت أبكي بل حجى ومروءة ... وعلما أرى فيه المذلة واليتما
فيا لحبيب دعوة لو تغرغرت ... بمسمع آجال إذا لغدت صما
تشتت رأي كنت في عينه قذى ... وفي أذنه وقراً وفي فمه سما
وما كنت دون الناس أشرف منصبا ... وفرعا ولكن كنت أشرفهم علما
قلت: إن كثيراً من الناس يقولون إن الحلبي الذي ذكره الشمشاطي وأورد شعره في كتاب الأنوار هو أبو بكر الصنوبري، وليس الأمر كذلك لأنه أورد له هذه الأبيات التي رثى بها الحلبي أبا تمام حبيب بن أوس، والصنوبري لم يدرك أبا تمام الطائي، لأن أبا تمام توفي سنة إحدى أو اثنتين ومائتين ولم يكن الصنوبري ولد بل يحتمل أن يكون هذا الحلبي هو عمران الحلبي الذي نذكره بعد هذا. وتروى هذه المرثية لديك الجن في أبي تمام.
الحلبي:
شاعر كان في عصر البحتري، واسمه عمران، وقيل محمد بن عمران وهو الذي يقول فيه البحتري:
سل الحلبي عن حلب ... وعن إغبابه حلباً
ولخالد الكاتب فيه أهاج كثيرة، وقد ذكرناه في حرف العين.
الحلبي:
شيخ شاعر، غلب على عقله، إن لم يكن عمران الحلبي، فهو غيره، روى عنه أبو بكر محمد بن أبي الأزهر.
قرأت بخط أبي القاسم عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن شاذان قراءة عليه وأنا أسمع.

وأنبأنا مكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر ويسمى الحسين بن علي بن الخضر بن أبي هشام قال: أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الله بن طاوس قال: أخبرنا أبو القاسم علي التنوخي قال: أخبرنا أبو بكر بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أبي الأزهر قراءة عليه قال: وكنت يوماً عند إبراهيم بن رومي كاتب أحمد بن محمد الطائي، وعنده شيخ يعرف بالحلبي، وكان أديباً شاعراً، فغلب على عقله، إذ دخل علينا البكثري ومعه أخوه، قد تولى في ذلك الوقت نهر بوق والزيبين، فلم يستقر بهما المجلس حتى التفت الحلبي إلى البكثري فضحك، ثم نظر إلى أخيه وتفرس في أذنه، وكانت كأنها كنف قد ملئ شعراً، فقال غير محتشم لأحد:
بالله يا بكثري قل لي ... مقالة الصادق الصدوق
أشعر أذني أخيك أزكى ... عندك أم زرع نهر بوق
فخجلا وأقبل ابن رومي يغتاظ ولا يتهيأ له التعرض لما يكره، فنظر إليه الحلبي على تلك الحال فقال، وكان ابن رومي ألثغ فقال:
إن كنت أنكرت ... قولي يا ألثغ الكتاب
فجئ بأذن شبيه ... لمثله في الكلاب
حتى تقول بأني ... أخطأت فيه صوابي
فوثب البكثري لينصرف فأسر إليه ابن رومي شياً كأنه أقام به العذر عنده، ثم أقبل الحلبي فعذله ووثب فوثبنا لوثبته فقال الحلبي:
إن كنت قمت لأن أقوم فبا ... ب دارك لي مناص
لي أن أردت مخلص ... منكم وما لكم خلاص
لأجرحنك يا بن رومي ... بما فيه القماص
فلقد رأيت ابن رومي يضحك إليه ويمسح أعطافه وما يثنيه عن الباب شيء، حتى خرج وخرجت أنا بخروجه، فبصر بي الحلبي خارجاً عن الدار فوقع لي عنده ذاك أحسن موقع فأنشأ يقول:
إن فضل الأديب إن حصل ... الخلق عسى غيره لفضل مبين
لم يطق حمل ما سمعت أبا بكر ... فبادرت والفؤاد ضمين
لا تفكر في كان وارم بها الع ... رض وفكر إن شئت فيما يكون
وقال: والله لأهجونه، والله لأهجونه، وكرهت أن أزيد في المعنى، وانصرف على الجملة، فكان إذا رآني والصبيان يعبثون به يقصدني فتهمني نفسي فيقول: سبحان الله حقك الحق الواجب، حقك الحق الواجب، فأتفادى منه، وانصرف.
الخاء
الخالديان الموصليان:
وهما: أبو بكر محمد، وأبو عثمان سعيد ابنا هاشم بن وعلة بن عرام بن يزيد بن عبد الله بن يثربي بن عبد السلام بن خالد العبدي، قيل نسبا إلى جدهما الأعلى خالد العبدي، وقيل إلى قرية من قرى الموصل يقال لها الخالدية، ويحتمل الأمران جميعاً، قدما حلب وافدين على الأمير سيف الدولة ابن حمدان وكانا يجتمعان معاً على نظم الشعر، وإنشاده وعلى التصنيف، وقد ذكرناهما فيما تقدم.
الدال
الديلمي العابد:
كان شيخاً زاهداً غزا بلاد الروم، واجتاز بحلب أو ببعض عملها، حكى عنه الوليد بن مسلم. وهو أبو الحسن الديلمي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا القاضي أبو المكارم أحمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أنبأنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا عمر بن الحسن الحلبي قال: حدثنا محمد بن المبارك الصوري قال: سمعت الوليد بن مسلم يقول: غزا المسلمون غزاة فيهم الديلمي فأسره الروم فصلبوه على الدقل، فلما رآه المسلمون مصلوباً حملوا على الروم فأخذوا المركب الذي فيه الشيخ، فأنزلوه من الدقل، فقال لهم: أعطوني ماءاً أصب علي، فقالوا: لم تصب عليك؟ قال: إني جنب لأنهم لما صلبوني تجلت لي نعسة فرأيت نفسي كأني على نهر فيه وصائف فمددت يدي إلى واحدة منهم فافترعتها، فأصابتني جنابة.
الراء
الرفيشي:
الأديب الأنطاكي.
الزاي
الزهري:
هو محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، قد تقدم ذكره.
السين
السو سنجردي المقرىء:
كان مقيماً بطرسوس مرابطاً، حكى عن ابن أبي قباس. قرأ عليه أبو حفص عمر بن أحمد البروجردي، وحكى عنه، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة ابن أبي قباس.
الشين

الشامي المقرىء: شاعر ذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب في خريده القصر، من شعراء حلب، وقال: أنشدت له بيتاً واحداً من شعر له في مسلم بن قريش في عصره، وهو على حصار حران وهو:
بقية صفين والنهروان ... فدونك ما سن فيهم علي
أنبأنا بذلك أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج قال: أخبرنا المعاد الكاتب.
الشباميون:
من بني شبام، شهدوا صفين مع علي رضي الله عنه.
قرأت بخط أبي علي البرداني قال: والمشارق بطن من همدان، وهم أخوة شبام الذين قتل منهم في يوم صفين ثمانمائة، فلما رجع علي رضي الله عنه إلى الكوفة سمع النوح عليهم فقال:
مررت على شبام فلم تجبني ... وعز علي ما لقيت شبام
الشغواني المنبجي:
الشاعر، شاعر من أهل منبج، صحب أبا عبادة البحتري، وروى عنه شعره وجمعه، روى عنه ابن العصب محمد بن عثمان المنبجي المؤدب النحوي.
الشيباني:
شاعر كان بمعرة النعمان.
قرأت في مراثي بني المهذب المعريين له أبياتاً يرثي بها أبا صالح محمد بن المهذب، وتوفي بالمعرة في رجب من سنة خمس وستين وأربعمائة، وذكره هكذا منسوباً إلى شيبان، ولم يذكر اسمه ولا نسبه وقال: وقال الشيباني رحمه الله يرثيه:
هم يروح به الفؤاد ويغتدي ... ومدامع نطقت بحزن مكمد
ورزية فجع الأنام بكونها ... فغدا اللبيب لها بعظم تبلد
حزناً على الشيخ الجليل سما العلى ... نجل المهذب ذي الفخار محمد
كنا نعوذ به ونسأل كفه ... فينالنا من فيضها السح الندي
يا قوم قيل قضى الزمان بفقده ... لا كنت من يوم عبوس أنكد
شردت طيب النوم عن أجفاننا ... بعد الهجوع لذةً في المرقد
لهفي على الشيخ الجليل وقد ثوى ... بعد الجلالة في ضريح الفدفد
مستبدلاً للترب بعد وسائد ... ومن الحشايا صم ذاك الجلمد
أما المعرة فهي بعد وفاته ... وفراقه في يوم حزن أسود
وكذا الذين بها هنالك أصبحوا ... من سيد فيها وغير مسود
منها:
قد قلت لما أن رأيت سريره فوق ... الأكف ودمع عيني منجدي
يا حامل النعش الذي من فوقه ... بحران من علم ونيل العسجد
يا حامل النعش الذي من تحته ... أملاك ذي العرش الكريم الأمجد
مهلاً به فلقد حملت ممجداً ... يهدي إلى الخيرات من لم يهتدي
ما كان إلا رحمةً في أرضنا ... من ذي الجلال بها نروح ونغتدي
فاليوم قد فقد العزاء لفقده ... شق القلوب مع الجيوب وعدد
الصاد
الصنفري:
جماعة يقال لهم بنو الصفري من موالي صالح بن علي بن عبد الله بن العباس وعليهم وقف بحلب، وأظن أن جدهم كان يخدمه في استعمال آلات الصفر مثل الطشت والإبريق وغير ذلك، والحلبيون يسمون هؤلاء الطشتية، ويزعمون أن جدهم حمل رأس الحسين عليه السلام في طست، فوقف الأعداء عليه وقفاً، وهذا لا أصل له، بل هذه الوقوف كلها على موالي صالح بن علي، ولم يكن في زمن الحسين.
فمن الصفريين: عبد الله بن عبيد الله بن عبد الله، أبو العباس الصفري وقد ذكرناه.
ومنهم: عبد الله بن إسحق الصفري الحلبي، روى عنه أبو القاسم الطبراني، وقد ذكرناه أيضاً.
الصنوبري:
واسمه أحمد بن محمد، وقد ذكرناه، وذكرنا أن جده كان في حدة وذكاء، فقيل له: إنك لصنوبري الشكل فعرف بذلك.
الضاد
الضبعي:
كان في جملة ابن الفرات، وقلده المظالم بحلب، له ذكر.
الطاء
الطرسوسي النجراني الشاعر:
وقفت على شيء من شعره في أمالي عبد الله بن خالويه بخط علي بن ثروان الكندي، ذكر أنه نقله من خط ابن خالويه، قال في أثناء كلام جرى بينه وبين المتنبي في مجلس سيف الدولة بن حمدان: وهذا الطرسوسي النجراني يقول فيك يوم أرجف بقتلك:
يا دارس النفاق والكفر والتعطيل مذ باد أحمد المتنبي
تارة ينتمي إلى هاشم الجود وطوراً ينمى لصخر وحرب

ومتى ما صحبت تصحب كل خس والله أن يقاس بكلب
لم تكن طاهر الولادة أصلياً وفرع الدفل عن الأصل ينبي
إن يكن كان يعرف الشعر طبعاً فهو لم يعرف اعترافاً برب
لا يشن الإله كف فتى أهوت إلى كافر بجزر وعضب
حسبه النار والمقامع يصلاها بما كان فيه والله حسبي
العين
العماني الشاعر:
الراجز النهشلي، من بني نهشل بن دارم من بني فقيم، واسمه محمد بن ذؤيب، وقد ذكرناه في موضعه من المحمدين، وعرف بالعماني ولم يكن عمانياً، وإنما غلب عليه العماني، لأن دكينا نظر إليه وهو يسقي الإبل ويرتجز فرآه مصفراً ضريراً، فقال: من هذا العماني لصفرة وجهه، فلازمه ذلك.
قرأت في مجموع وقع إلي قيل أنه بخط أبي علي الحسن بن إبراهيم الآمدي صاحب الوزير أبي الفضل بن الفرات ذكر فيه أخباراً قال في أولها: اختيار من كتاب أجزاء بخط اليزيدي ترجمتها أخبار أبي الأسود النوشجاني، يعني الخليل بن أسد، قال النوشجاني: حدثني العمري قال: حدثني فراس بن محمد بن عطاء الشامي قال: أدخل عبد الملك بن صالح بن علي على هرون وهو بمنبج العماني الشاعر الراجز فأنشأ يقول:
يا ناعش الجد إذا الجد عثر
وجابر العظم إذا العظم انكسر
أنت ربيعي والربيع ينتظر
وخير أنواء الربيع ما بكر
فقال هرون: لا جرم والله لنبكرن عليك ولأعجلن ذلك، فأمر له بأربعة آلاف دينار وخمسين ثوباً فقال: وأنشده:
هارون يا بن الأكرمين حسباً
لما ترحلت فكنت كثبا
من أرض بغداد تؤم المغربا
طابت لنا ريح الجنوب والصبا
ونزل الغيث لنا حتى ربا
ما كان من نشر وما تصوب
فمرحباً ومرحبا ومرحبا
فقال هرون: وبك أهلا
العمري:
هو حفص بن عمر.
العبسي:
صاحب إسحق بن إبراهيم الموصلي، قدم حلب مع إسحق في صحبة المأمون حين قدمها، ونفد منها إلى دمشق.
وحكى عن المأمون.
أنبأنا أبو محمد وأبو العباس ابنا عبد الله، وأبو البركات سعيد بن هاشم الأسديون قالوا: كتب إلينا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميدان قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: وذكروا عن العبسي صاحب إسحق بن إبراهيم قال: كنت مع المأمون بدمشق، وكان قد قل المال عنده حتى ضاق وشكى ذلك إلى أبي إسحق المعتصم، فقيل له: يا أمير المؤمنين كأنك بالمال قد وافاك بعد جمعه.
قال: وكان حمل إليه ثلاثون ألف ألف من خراج ما كان يتولاه، قال: فلما ورد عليه ذلك المال قال المأمون ليحيى بن أكثم: اخرج بنا ننظر إلى هذا المال.
قال: فخرجا حتى أصحرا، ووقفنا ينتظران، وكان قد هيء أحسن هيئة، وحليت أباعره، وألبست الأحلاس الموشاة، والجلال المصبغة، وقلدت العهن وجعلت البدر بالحرير الصيني الأحمر والأخضر والأصفر، وأبديت رؤوسها.
قال: فنظر المأمون إلى شيء حسن فاستكثر ذلك، وعظم في عينه واستشرفه الناس ينظرون إليه ويتعجبون منه، فقال المأمون ليحيى بن أكثم: يا أبا محمد ينصرف أصحابنا هؤلاء الذين تراهم الساعة خائبين إلى منازلهم، وننصرف لهذه الأموال قد ملكناها دونهم، إنا إذاً للئام.
ثم دعا محمد بن يزداد فقال: وقع لآل فلان بألف ألف، ورجله في الركاب، ولآل فلان بمثلها، ولآل فلان بمثلها، قال: فوالله إن زال كذلك حتى فرق أربعة وعشرين ألف ألف ورجله في الركاب، ثم قال: ادفع الباقي إلى المعلى لعطاء جندنا.
قال العبسي: فخرجت حتى قمت نصب عيني، فلم أرد طرفي عنه يلحظني إلا رآني بتلك الحال، فقال: يا أبا محمد وقع لهذا بخمسين ألف درهم من الستة آلاف ألف، لا يخلسن ناظري، فلم يأت علي ليلتان حتى أخذت المال.
الفاء
الفصيصي الحلبي:
وهو من بني الفصيص التنوخيين، الذين كانوا بحلب.

وجدت ذكره هكذا في تاريخ المختار عز الملك أبي عبد الله المسبحي في حوادث سنة إحدى عشرة سنة وأربعمائة، وقد ذكر الشعراء الذين كتبوا إليه ومدحوه وعد جماعة منهم وقال: ومنهم المعروف بالفصيصي الحلبي، من أهل حلب، وهذا رجل أديب مفنن، وكان قد وصل إلى مصر لأجل ما جرى بينه وبين عزيز الدولة وشكواه لأمير المؤمنين الحاكم بأمر الله سلام الله عليه، فكتب إلي:
إلى المختار أشكو ما ألاقي ... من المطل القرمط والنفاق
لأن الحاكم المولى إمامي ... حباني منه بالنعم الوثاق
وقال لمعشر الكتاب مشوا ... أمور العبد حباً لانطلاقي
فما فعلوا ومشوني طويلاً ... إلى أن صحت من ألم بساقي
وأظهر بعضهم حسداً وشراً ... يدل على التهاب واحتراق
فلو أني استحل لما استحلوا ... سبقت بكشفهم سبق العتاق
ولكني رجعت إلى أصول تنزه ... عن قبيح واختلاق
فذكر حضرتي تشفي غليلي ... وتسعدني وتطلق من رباقي
ويغنيني بحسن الرأي منها ... عن القوم الذين نووا شقاقي
فمالي غير خير الخلق جمعاً ... أمير المؤمنين لدى اعتياقي
يزيل صعوبة الأوقات عني ... بأفضال على الأيام باق
سلام الله في شرق وغرب ... عليه ورحمةً ذات اتساق
القاف
القشيري المغربي:
رجل فاضل أديب عارف بالحساب من أهل المغرب، قدم حلب، ونزل بها بالمدرسة النورية الحلاوية، وكان يلقب تقي الدين.
أنشدني ضياء أبو بكر بن الجبلي الحلبي قال: أنشدني التقي القشيري الحاسب المغربي بحلب ببعض المغاربة يصف نهراً:
ومهدل الشطين تحسب أنه ... متسيل من فضة لصفائه
فاءت عليه مع الظهيرة سرحة ... صديت لفيئتها صفيحة مائه
فتراه أسمر في غلالة أزرق ... كالدارع استلقى لظل لوائه
الكاف
الكمدي:
منسوب إلى جده كمد واسمه يحيى بن.... بن كمد الحراني، وقد سبق ذكره فيما تقدم.
الميم
المصيصي:
شاعر من أهل المصيصة إن لم يكن العباس بن الوليد، فهو غيره، أورد له أبو الحسن الشمشاطي في كتاب الأنوار هذين البيتين:
تقول وعانقتني يوم بين ... وما أن عانقت غير السقام
أجسمك ذا خيال زار جسمي ... فقلت نعم ووصلت كالمنام
المصيصي:
وأظنه العباس بن الوليد.
قرأت بخط جعفر بن شمس الخلافة له في قصير:
تقطع دواجاً سابغاً ... وريقة من ورق التوث
إني أراه في حشا أمه ... صور من نطفه برغوث
المعتصمي:
شاعر متقدم العصر ذكر الشمشاطي في كتاب الديرة في ذكر دير القائم الأقصى، وهو غربي الفرات على طريق الرقة، من أعمال حلب، أن المعتصمي نزله.
روى عنه الأيمني.
قال الشمشاطي في كتاب الديرة: أنشدني الداري قال: أنشدني الأيمني قال: أنشدني المعتصمي في دير القائم الأقصى.
قال: ونزلته فرأيت فيه راهباً أمرد لم تر عيني قط أحسن منه وجهاً وقداً، فسألته أن يجلس لأشرب على وجهه، فجعل يسقيني ليلتي، فلما قارب طلوع الفجر نهض إلى صلاته، فسمعته يقرأ مزاميره بصوت ما رأيت قط أشجى ولا أطيب منه، فعلق قلبي به وتهيأ مسيره في غد فقلت:
رأيت البدر مجلواً بدير القائم الأقصى
له عينان لحظهما مطاع الأمر ما يعصى
على غصن يميل به رطب قدعلاد عصا
وأفئدة الورى وخداً تسير إليه أو نصا
ولم أر مثله بكمال لطف الحسن قد خصا
فرص الحب في قلبي ملاحة لحظه رصا
شربت بكفه بكراً كأن بكاسها خصا
إلى أن خلت أن الفجر في جنح الدجى لصا
فقام ينص مزماراً بألحان له نصا
كأن بقلبي الولهان من تذكاره حرصا
قال: فانصرف، وفي قلبي من حبه النار.
؟المغازلي: روى بحلب عن المزني صاحب الإمام الشافعي. روى عنه منصور الهروي، وقد ذكرنا عنه حكاية رواها عن المزني عن الشافعي في ترجمة منصور بن عبد الله الهروي، وأظن أن المغازلي هذا هو أبو بكر النيسابوري، والله أعلم.
؟الملطي:

من أهل ملطية، له كلام حسن.
قرأت في كتاب الجواهر تأليف إسحق بن إبراهيم الموصلي قال: وقال الملطي: إذا جالست العلماء فكن على أن تسمع أحرص منك على أن تقول، وتعلم حسن الاستماع كما تعلم حسن القول فإن غلبت على حسن القول فلا تغلبن على حسن الصمت.

=

التعقيب علي طلاق السنة والبدعة وبيان خطأ هذا المصطلح اصلا

 التعقيب علي طلاق السنة والبدعة وبيان خطأ هذا المصطلح اصلا   والتعقيب من المدون/ قال القرطبي /السابعة : عن عبدالله بن مسعود قال: طلاق ...