2

احكام فروق الطلاق بين سورتي البقرة والطلاق

الثلاثاء، 28 يونيو 2022

بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم ج9وج10.

 

9.  بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصري الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أبو عمر هلال بن العلاء الرقي قال: حدثنا سعيد بن عبد الملك قال: حدثنا محمد بن سلمة عن أبي عبد الرحيم عن زيد عن أبي إسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن أبُيّ بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: قام موسى عليه السلام يوماً في قومه فذكرهم بأيام الله، وأيامه نعماه، ثم قال: ليس أحد خيراً مني ولا أعلم مني، فأوحى الله إليه، أما خير منك فالله أعلم من هو خير منك، وأما من أعلم منك فرجل على شاطيء البحر، فلما أراد أن يطلبه قيل له تزود معك حوتاً مالحاً، فحيث تفقد الحوت ثم تجد الرجل، قال: فخرج هو وفتاه حتى أتيا الصخرة وهو على شاطيء البحر فقال موسى لفتاه: مكانك حتى آتيك، فانطلق موسى لحاجته فحز الحوت فوقع في البحر فاضطرب فجعل لا يصيب شيئاً من ذلك الماء إلا جمد ذلك الماء، فاتخذ سبيله في البحر شبه النقب، فقال الفتى: لو جاء موسى لأخبرته بما رأيت من العجب فجاء موسى، ونسي الفتى قال: فانطلقا فأصابهما ما يصيب المسافر من التعب والنصب فقال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصباً قال: فذكر الفتى، فأخبره، فقال موسى: ذلك ما كنا نبغي فارتدا على آثارهما قصصاً، يقتصان الأثر حيث جاءا حتى أتيا شط البحر، فإذا رجل نائم مستغش ثوبه فسلما عليه فرد عليهما، فقال: من أنتما؟ فقال: موسى بني إسرائيل، قال: ما جاء بك؟ قال: جئت لتعلمني مما علمت رشدا، قال: فما كان فيما أنزل الله عليك من التوراة شفاء إنك ستراني أعمل أشياء أمرت بها ولا تستطيع عليها صبراً، فقال: ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً فانطلقا حتى أتيا سفينة، وكانت تلك السفينة لا يركبها أحد حتى يعطي الكراء، فركبا ولم يعطيا الكراء، فلما بلغ شط البحر خرقها، قال له موسى: سبحان الله، أخرقتها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا، قال ألم أقل إنك لن تستطيع مع صبراً فانطلقا حتى أتيا على غلمان يلعبون فنظر إلى أنضرهم وجهاً وأخدرهم فأخذه فذبحه، فقال له موسى: سبحان الله أقتلت نفساً زكية بغير نفس جئت شيئاً نكرا والزكية التي لم تذنب، قال: فكأن موسى تذمم مما قال له، فانطلقا حتى أتيا أهل قرية استطعما أهلها فلم يطعموهما ويضيفوهما، فوجدا فيها جداراً مائلاً فنقضه فأقامه فقال له موسى عليه السلام: سبحان الله والله ما أبلوك هذا البلاء، استطعمتهم فلم يطعموك وتضيفتهم فلم يضيفوك، فلو اتخذت عليه أجراً، قال: فقال له الخضر: سأنبئك بتأويل ما لم تستطيع عليه صبراً قال: فأخذ موسى بثوبه فقال: بين لي، فقال: أما السفينة فكانت لمساكين يعملون في البحر إلى قوله غصبا إلا سفينة يرى بها عيبا، فخرقها فإذا تركها الملك رقعها أصحابها خشبة وانتفعوابها، وأما الغلام فإنه طبع على الكفر، وكان قد ألقى عليه من أبويه محبة منه، فتخوفنا أن يرهقهما طغياناً وكفراً، فأراد ربك أن يبدلهما الآية، فثقلت أمه بغلام هو خيراً منه زكاة وأقرب رحماً. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة إلى قوله: صبراً فقال النبي صلى الله عليه وسلم: رحمة الله علينا وعلى موسى أما إنه لو صبر لرأى الأعاجيب.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز ابن الحسن بن إسماعيل، قالا: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب أن الخضر قال لموسى عليهما السلام: يا موسى إن الناس معذبون في الدنيا على قدر همومهم بها.

قال: وأخبرنا ابن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا ابن خبيق قال: سمعت يوسف بن أسباط يقول: بلغني أن الخضر قال لموسى عليهما السلام لما أراد أن يفارقه: يا موسى تعلم العلم لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به.
قال: وحدثنا ابن مروان قال: أخبرنا الحسن بن علي بن موسى بن طريف عن يوسف بن أسباط قال: بلغني أن موسى قال للخضر: ادع لي، فقال له الخضر: يسر الله عليك طاعتك.
أخبرنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد الحريري قال: أخبرنا أبو طالب العشاري قال: حدثنا أبو الحسين بن شمعون الواعظ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن جعفر المطيري قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي قال: حدثنا محمد بن يزيد بم حبيش قال: حدثنا محمد بن جعفر المخزومي عن المغيرة ابن زياد عن الشعبي قال: قال ابن عباس: الكنز الذي ذكره الله في كتابه: وكان تحته كنز في ذلك الكنز لوح من ذهب مكتوب فيه: أشهد إن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، عجبت لمن أيقن بالقدر كيف ينصب، وعجبت لمن رأى تقلب الدنيا بأهلها كيف يطمئن إليها.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الخطيب أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن حميد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد ابن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحق السني الحافظ قال: حدثني أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الوقاز قال: حدثنا عبد الله بن وهب وأنا أسمع على الثوري قال مجاهد: قال أبو الوداك: قال أبو سعيد: قال عمر: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قال أخي موسى عليه السلام: يا رب أرني الذي أريتني في السفينة، فأوحى الله إليه يا موسى إنك ستراه، فلم يلبث موسى إلا يسيراً حتى أتاه الخضر عليهما السلام وهو طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها، فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك عز وجل يقرئك السلام، قال: ورحمة الله وبركاته. قال موسى عليه السلام: هو السلام ومنه السلام والحمد لله رب العالمين، لا أحصي نعمة ولا أقدر على أداء شكره إلا بمعونته، ثم قال موسى: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك، قال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثتهم، واعلم أن قلبك وعاء فانظر ماذا تحشو به وعاءك، واعزف عن الدنيا وانبذها وراءك فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل ولا قرار، وإنما جعلت بلغة للعباد ولتزودوا منها للمعاد، يا موسى وطن نفسك على الصمت تلقى الحكمة وأشعر قلبك التقوى تنل العلم ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا موسى تفرغ للعلم تريده فإنما العلم لمن تفرغ له، ولا تكونن مكاثراً بالمنطق مهذاراً، فإن كثرة المنطق يشين العلماء ويبدي مساويء السخط، وليكن عليك بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد، وأعرض عن الجاهل واحلم عن السفهاء فإن ذلك فعال الحكماء، وزين العلماء، وإذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حليماً، وجانبه حزماً فإن ما بقي من جهله عليك وشتمه إياك أكثر وأعظم يا بن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلاً فإن الانكلاف والتعسف من الإقحام والتكلف، يا بن عمران لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه، ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه، يا بن عمران من لا تنتهي من الدنيا نهمته ولا تنقضي منها رغبته كيف يكون عابداً، ومن يحقر حاله ويتهم الله عز وجل فيما قضى له كيف يكون زاهداً هل يكف عن الشهوات من قد غلب عليه هواه أو ينفعه طلب العلم والجهل قد حواه، لأن سفره إلى آخرته وهو مقبل على دنياه، يا موسى تعلم ما تعلمت لتعمل به ولا تعلمه لتحدث به، فيكون عليك بوره، ويكون لعيرك نوره، يا موسى اجعل الزهد والتقوى لباسك والعلم والذكر كلامك، واستكثر من الحسنات فإنك مصيب السيئات وزعزع ما بالخوف قلبك فإن ذلك يرضي ربك، واعمل خيراً فإنك لا بد عامل شراً. وقد وعظت إن حفظت، قال: فتولى الخضر عليه السلام حزيناً مكبوتاً ينظر.

أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر محمد بن نصر بن منصور بن علي بسمرقند قال: أخبرنا السيد أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسيني البغدادي إملاء بسمرقند قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي اليقطيني قال: حدثنا محمد بن المعافى الصيداوي بصور قال: حدثنا أبو يحيى زكريا الوقار قال: قريء على عبد الله بن وهب وأنا أسمع قال الثوري: قال مجالد: قال أبو الوداك، قال أبو سعيد الخدري، قال عمر بن الخطاب: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال أخي موسى عليه السلام يا رب وذكر كلمه فأتاه الخضر، وهو فتى طيب الريح حسن بياض الثياب مشمرها فقال: السلام عليك ورحمة الله يا موسى بن عمران إن ربك يقرأ عليك السلام، قال موسى: هو السلام وإليه السلام والحمد لله رب العالمين الذي لا أحصي نعمه ولا أقدر على شكره إلى بمعونته، ثم قال موسى عليه السلام: أريد أن توصيني بوصية ينفعني الله بها بعدك، قال الخضر: يا طالب العلم إن القائل أقل ملالة من المستمع، فلا تمل جلساءك إذا حدثنهم، وأعلم أن قلبك وعاء فارغ فانظر ماذا تحشو به وعاءك، وانحرف عن الدنيا وانبذها فإنها ليست لك بدار ولا لك فيها محل قرار وإنما جعلت بلغة للعباد وتزود منها للمعاد، ورض نفسك على الصبر تخلص من الإثم، يا موسى تفرغ للعلم إن كنت تريده فإن العلم لمن تفرغ له ولا تكوننَّ مكثاراً بالمنطق مهذاراً فإن كثرة النمطق تشين العلماء وتبدي مساوئ السخفاء، ولكن بالاقتصاد فإن ذلك من التوفيق والسداد وأعرض عن الجهال وباطلهم واحلم عن السفهاء فإن ذلك فعل الحلماء وزين العلماء إذا شتمك الجاهل فاسكت عنه حلماً، وجانبه حزماً فإن ما بقي من جهله عليك وسبه إياك أعظم يابن عمران، ولا ترى أنك أوتيت من العلم إلا قليلاً فإن الاندلاث والتعسف من الأقتحام والتكلف، يا بن عمران لا تفتحن باباً لا تدري ما غلقه ولا تغلقن باباً لا تدري ما فتحه.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله السنجي وأبو محمد بختيار بن عبد الله الهندي قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن عبد العزيز بن إسماعيل التككي قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد السماك قال: حدثنا الحسن ابن عمرو قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: قال موسى للخضر عليهما السلام: أوصيني قال: ستر الله عليك طاعته.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشاهد بقراءتي عليه في دار أبيه الخليل، ح.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن وجيه بن طاهر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن علي التاجر قال: أخبرنا أبو بكر بن عمر بن روح بن علي النهرواني بها قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا أبو عبد الرحمن الحسين بن محمد قال: سمعت كثير بن الحارث يقول: لما ودع الخضر داوود عليهما السلام قال: ستر الله عليك طاعتك.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو محمد صقر بن يحيى الحلبي قاضي منبج، قال: أنبأنا الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم الحلبي، قال: أخبرنا أبو الأسوار عمر بن منخل الدربندي قال: حدثنا محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الغفار، وتميم بن عبد الواحد، وعمر بن أحمد بن عمر الأصبهانيون بها، قالوا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو ابن مهدي، قال: أخبرنا أبو الحسن المحمودي محمد بن محمود بن عبد الله الفقيه، قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عمر بن هشام الرازي بمرو، قال: حدثنا أحمد ابن العلاء بن هلال القاضي، قال: حدثنا سليمان بن عبد الله، ح.

قال أبو سعيد: وأخبرنا أبو الحسن أحمد بن الحسن بن أيوب النقاش، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر الضحاك، قال: حدثنا محمد بن علي بن ميمون العطار، قال: حدثنا أبو الخطاب سالم بن عبد الله، قال: حدثنا بقية بن الوليد قال: حدثنا محمد بن زياد الأرهاني عن أبي أمامة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال ذات يوم لأصحابه: ألا أحدثكم عن الخضر؟ قالوا: بلى يا رسول الله، قال: بينما هو ذات يوم يمشي في سوق من أسواق بني إسرائيل، إذا أبصره رجل مكاتب، فقال: تصدق علي بارك الله فيك، فقال الخضر: آمنت بالله ما يرد الله من أمر يكن، ما عندي من شيء أعطكيه، فقال المسكين: أسألك بوجه الله أن تتصدق علي إني نظرت إلى سيماء الخير في وجهك، ورجوت البركة عندك. فقال الخضر: آمنت بالله ما عندي شيء أعطيك إلا أن تأخذني فتبيعني، قال المسكين: فهل يستقيم هذا؟. قال: نعم. الحق أقول لك، لقد سألتني بأمر عظيم، أما إني لا أخيبك بوجه ربي، فبعني. فقدمه إلى السوق فباعه بأربعمائة درهم، قال: فمكث عند المشتري زماناً لا يستعمل في شيء، فقال الخضر: إنما ابتعتني التماس خيري فأوصني بعمل، قال: أكره أن أشق عليك، قال: ليس يشق علي، فقال: أضرب من اللبن لبيتي حتى أقدم عليك، ومضى الرجل لسفره، فرجع وقد شيد بناءه، قال: أسألك بوجه الله ما حسبك، وما أمرك؟ قال: سألتني بوجه الله، ووجه الله أوقفني في العبودية، وقال الخضر: سأخبرك من أنا، أنا الخضر الذي سمعت به، سألني مسكين صدقة، فلم يكن عندي شيء أعطيه، فسألني بوجه الله فأمكنته من رقبتي فباعني، فأخبرك أنه من سئل بوجه الله فرد سائله وهو يقدر، وقف يوم القيامة جلد ولا لحم إلا عظم يتقعقع، فقال الرجل: آمنت بالله، شققت عليك يا رسول الله ولم أعلم. فقال: لا بأس أبقيت وأحسنت، فقال الرجل: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، أحكم في أهلي ومالي ما أراك الله أن أخيرك فأخلي سبيلك، فقال: أحب أن تخلي سبيلي يا عبد الله، فخلي سبيله، فقال الخضر: الحمد لله الذي أوقعني في العبودية وأنجاني منها.
وفي هذا دليل على أن الخضر كان نبياً مرسلاً لقوله: يا رسول الله في إخبار رسول الله صلى الله عليه وسلم عن قول القائل يا رسول الله.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله، قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش، قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري، قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داود، قال: حدثنا حسين بن علي بن مهران قال: حدثنا عامر بن فرات عن أسباط عن السدي، قال: كان ملك، وكان له ابن يقال له الخضر وإلياس أخوه أو كما قال: قال: فقال الناس للملك: إنك قد كبرت وابنك الخضر لا يدخل في ملكك فلو زوجته لكي يكون ولده ملكاً بعدك، فقال له: يا بني تزوج، قال: لا أريد، قال: لا بد لك، قال: فزوجني، فزوجه امرأة بكراً، فقال لها الخضر: إنه لا حاجة لي في النساء، فإن شئت عبدت الله معي وأنت في طعام الملك ونفقته، وإن شئت طلقتك؟ قالت: بل أعبد الله معك، فلا تظهري سري فإنك إن أحفظت سري حفظك الله وإن أظهرت عليه أهلك أهلكك الله، فكانت معه سنة لم تلد فدعاها الملك، فقال: أنت شابة، وابني شاب فأين الولد، وأنت من نساء ولد؟ فقالت: إنما الولد بأمر الله، ودعا الخضر فقال له: أين الولد يا بني فقال: الولد بأمر الله، فقيل للملك، فلعل هذه المرأة عقيم لا تلد، فزوجه امرأة قد ولدت، فقال للخضر: طلق هذه، فقال: تفرق بيني وبينها وقد اغتبطت بها. قال: لا بد، فطلقها ثم زوجه ثيبا قد ولدت، فقال لها الخضر كما قال للأولى، فقلت: بل أكون معك، فلما كان الحول دعاها فقال: إنك ثيب قد ولدت قبل ابني فأين ولدك، فقالت: هل يكون الولد إلا من بعل، وبعلي مشتغل بالعبادة لا حاجة له في النساء.

فغضب الملك وقال: اطلبوه. فهرب، فطلبه ثلاثة، فأصابه اثنان منهم، فطلب إليهما أن يطلقاه، فأبيا، وجاء الثالث فقال: لا تذهبا به فلعله يضربه وهو ولده، فأطلقاه، ثم جاؤوا إلى الملك فأخبره الاثنان أنهما أخذاه وإن الثالث أخذه منهما. فحبس الثالث، ثم فكر الملك فدعا الاثنين، فقال: أنتما خوفتما ابني حتى ذهب، فأمر بهما فقتلا، ودعا بالمرأة فقال لها: أنت هربت ابني، وأفشيت سره لو كتمت عليه لأقام عندي، فقتلها، وأطلق المرأة الأولى والرجل. فذهبت المرأة فاتخذت عريشاً على باب المدينة فكانت تحتطب وتبيعه وتتقوت بثمنه، فخرج رجل من المدينة فقير، فقال: بسم الله. فقالت المرأة: وأنت تعرف الله؟ قال: أنا صاحب الخضر، قالت: وأنا امرأة الخضر، فتزوجها وولدت له، وكانت ماشطة ابنه فرعون.
فقال أسباط عن عطاء بن السائب عن سعيد بن جبير عن ابن عباس: أنها بينما هي تمشط ابنة فرعون سقط المشط من يدها، فقالت: سبحان ربي، فقالت ابنة فرعون: أبي؟. قالت: لا، ربي ورب أبيك، فقالت: أخبر أبي؟. قالت: نعم، فأخبرته فدعا بها فقال: ارجعي، فأبت. فدعا بنقرة من نحاس وأخذ بعض ولدها فرمى به في النقرة وهي تغلي، ثم قال: لها: ترجعين؟ قالت: لا فأمر بها، قالت: إن لي حاجة. فقال: وما هي؟. قالت: إذا ألقيتني في النقرة، تأمر بالنقرة أن تحمل ثم تكفي في بيتي الذي على باب المدينة وتنحى النقرة، وتهدم البيت علينا حتى يكون قبورنا، فقال: نعم إن لك علينا حقاً، قال: ففعل بها ذلك.
قال ابن عباس: قال النبي صلى الله عليه وسلم: مررت ليلة أسري بي فشممت رائحة طيبة. فقلت: يا جبريل ما هذا؟ فقال: هذا ريح ماشطة فرعون وولدها.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه، قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمر، وهبة الله بن محمد بن محمد، قالا: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد، قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم، قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن حبيب، قال: حدثنا أبو عبد الله القرشي قال: حدثنا أبو الطاهر بن السرح، قال: حدثنا عبد الله بن وهب عمن حدثه عن ابن عجلان عن محمد بن المنكدر، قال: بينما عمر بن الخطاب يصلي على جنازة، إذ بهاتف يهتف من خلفه لا تسبقنا بالصلاة يرحمك الله. فانتظره حتى لحق بالصف، فكبر عمر، وكبر معه الرجل، فقال الهاتف: إن تعذبه فكثير عصاك، وإن تغفر له ففقير إلى رحمتك، قال: فنظر عمر وأصحابه إلى الرجل فلما دفن الميت وسوى الرجل عليه من تراب القبر، قال: طوبى لك يا صاحب القبر، قال: طوبى لك يا صاحب القبر إن لم تكن عريفاً أو جابياً أو خازناً أو كاتباً أو شرطياً، فقال عمر: خذوا لي الرجل، نسأله عن صلاته وكلامه هذا عمن هو قال: فتوارى عنهم فنظروا فإذا أثر قدمه ذراع فقال عمر: هذا والله الخضر الذي حدثنا عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن عمر بن محمد الحافظ بأصبهان بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد العزيز بن علي ببغداد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن محمد بن رزقويه قال: حدثنا أبو علي حامد بن محمد الرفاء الهروي قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حماد قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن الوليد قال: حدثنا محمد بن جميل الهروي عن سفيان الثوري عن عبد الله ابن محمد عن يزيد الأصم عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: بينما أطوف بالكعبة إذا رجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع، يا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبرمه إلحاح الملحين، أدفني برد عفوك وحلاوة رحمتك، فقال علي: أعد علي الكلام يا عبد الله، قال: وسمعت؟ فقال: نعم، قال: والذي نفس الخضر بيده وكان هو الخضر ما من عبد يقولهم في دبر الصلاة المكتوبة إلا غفر الله له ذنوبه وإن كانت مثل رمل عالج أو مثل زبد البحر أو مثل عدد ورق الشجر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه بدمشق وأنا أسمع قال: أنبأنا علي بن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن شيخ الإسلام محمود بن الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا، وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أنبأنا أبو الحسن الفراء قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو إسماعيل الترمذي قال: حدثنا مالك بن إسماعيل قال: حدثنا صالح بن أبي الأسود عن محفوظ بن عبد الله الحضرمي عن محمد بن يحيى قال: بينما علي بن أبي طالب رضي الله عنه يطوف بالكعبة إذا هو برجل متعلق بأستار الكعبة وهو يقول: يا من لا يشغله سمع عن سمع ويا من لا يغلطه السائلون، يا من لا يبترم بالحاج الملحين، أذقني برد عفوك وحلاوة رحمتك، قال: فقال له علي عليه السلام: يا عبد الله دعاؤك هذا، قال: وقد سمعته؟. قال: نعم. قال: فادع به في دبر كل صلاة، فو الذي نفس الخضر بيده لو كان عليك من الذنوب عدد نجوم السماء ومطرها وحصى الأرض وترابها لغفر لك أسرع من طرفة عين.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا عبيد الله بن محمد جعفر الأزدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم الباهلي قال: حدثنا عبد الله بن بكر السهمي قال: حدثنا الحجاج بن فرافصة قال: كان رجلان يتبايعان عند عبد الله بن عمر فكان أحدهما يكثر الحلف فمر عليهم رجل فقام عليهما فقال للذي يكثر الحلف: يا عبد الله اتق الله ولا تكثر الحلف فإنه لا يزيد في رزقك إن حلفت ولا ينقص من رزقك إن لم تحلف، قال: امض لما يعنيك. قال: إن ذا مما يعنيني، فلما أخذ ينصرف عنهما قال: أعلم أنه من آية الأيمان أن تؤثر الصدق حيث يضرك على الكذب حيث ينفعك، وأن يكون في قولك فضل على عملك، واحذر الكذب في حديث غيرك، ثم انصرف فقال عبد الله بن عمر لأحد الرجلين: الحقه فاستكتبه هؤلاء الكلمات، فقام فأدركه، فقال: اكتبني هؤلاء الكلمات رحمك الله، قال: ما يقدره الله من أمر يكن، قال: فأعادهن علي حتى حفظتهن، ثم مشى معه حتى إذا وضع رجله في باب المسجد فقده، قال: فكأنهم كانوا يرون أنه الخضر أو إلياس.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي قال: أخبرنا أبو سهل محمود ابن عمر بن محمود العكبري قال: حدثني أبو الحسن علي بن محمد بن ينال البغدادي قال: حدثنا الحسن بن سليمان الماوردي قال: حدثنا أبو القاسم علي بن المخرمي قال: حدثنا عمر بن روح قال: حدثنا عبد الرحمن بن حبيب الحارثي عن سعد بن سعد عن أبي ظبية عن كرز بن وبره قال: أتاني أخ لي من أهل الشام فقال لي: يا كرز أقبل مني هذه الهدية فإن إبراهيم التيمي حدثني قال: كنت جالساً في فناء الكعبة أسبح، وأهلل فجاءني رجل فسلم علي وجلس عن يميني، فلم أر رجلاً أحسن وجهاً منه ولا أطيب منه ريحاً، فقلت له: من أنت رحمك الله؟ قال: أنا أخوك الخضر جئتك لأسلك عليك وأعرفك أن من قرأ عند طلوع الشمس وانبساطها الحمد سبع مرات، وقل هو الله أحد سبع مرات، وقل يا أيها الكافرون سبع مرات، وآية الكرسي سبع مرات، وقال: سبحان الله والحمد لله ولا إله إلا الله والله أكبر سبع مرات، وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم سبع مرات، واستغفر لنفسه ولوالديه ولجميع المسلمين والمسلمات والمؤمنين والمؤمنات سبع مرات حاز من الأجر مالا يصفه الواصفون، فقلت للخضر: علمني شيئاً إن علمته، رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في منامي. فقال: أفعل إن شاء الله، إذا أنت صليت المغرب فواصل الصلاة إلى عشاء الآخرة، ولا تكلم أحداً وسلم من كل ركعتين واقرأ في كل ركعة ما تيسر من القرآن، فإذا انصرفت إلى منزلك، فصل فيه ركعتين خفيفتين ثم ارفع يديك إلى ربك وقل: يا حي يا قيوم يا ذا الجلال والإكرام، يا إله الأولين والآخرين يا رحمن الدنيا والآخرة ورحيمهما، يا رب يا رب يا رب، يا الله، يا الله، يا الله صل على محمد وعلى آل محمد، وافعل ذلك وأنت مستقبل القبلة ونم على شقك الأيمن حتى تغرق في نومك وأنت تصلي على النبي صلى الله عليه وسلم، قال: ففعلت ذلك فذهبت عني النوم من شدة الفرح فأصبحت على تلك الحال حتى صليت الضحى ثم وضعت رأسي فذهبت بي النوم فأتاني النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بيدي وأجلسني فقلت له: يا رسول الله إن الخضر عليه السلام أخبرني بكذا وكذا، فقال: صدق الخضر، قالها ثلاثا، وكلما يحكيه الخضر حق وهو عالم أهل الأرض، ورأس الابدال وهو من جنود الله في الأرض.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو القاسم القشيري قال: سمعت محمد بن عبد الله الصوفي قال: أخبرنا أبو سعيد الجسري إن شاء الله قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن علي الميانجي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن المطرف قال: حدثنا محمد ابن الحسين العسقلاني قال: حدثنا أحمد بن أبي الحوراني قال: اشتكى محمد بن السماك فأخذنا ماءه وانطلقنا إلى طبيب نصراني فبينما نحن بين الحيرة والكوفة استقبلنا رجل حسن الوجه طيب الرائحة، نقي الثوب، فقال لنا: إلى أين تمرون؟ فقلنا: نريد فلان الطبيب نريه ماء ابن السماك، فقال: سبحان الله، تستعينون بعدو الله على ولي الله، اضربوه الأرض وارجعوا إلى ابن السماك، وقولوا له: ضع يدك على موضع الوجع وقل: وبالحق أنزلناه، وبالحق نزل، ثم غاب ولم نره، فرجعنا إلى ابن السماك فأخبرناه بذلك فوضع يده على موضع الوجع وقال ما قال الرجل فعوفي في الوقت وقال: ذاك الخضر عليه السلام.
نقلت في خط القاضي أبي عمرو عثمان ابن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي قاضي معرة النعمان قال: حدثنا محمد بن سعيد الشفق قال: حدثنا محمد ابن أحمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: سمعت يعقوب بن كعب يقول: فقلنا من غزاة لنا فنزلنا تل سويد، قال: فنام أصحابي وبقيت أنا، قال: فإذا بهاتف يهتف من وراء التل وهو يقول: سبحان خالق النور، سبحان مدبر الأمور، سبحان باعث من في القبور، طوبى لمن يسكن الثغور، قال: فأيقظت أصحابي فأخبرتهم، قال: فدرنا على تل على أن نرى أحداً فلم نر أحداً فظننا أنه الخضر عليه السلام.

أخبرنا يوسف بن خليل فيما أجازه لنا، وسمعت منه بعضه قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا الحسن ابن مقسم يحكي عن أبي محمد الجريري قال: سمعت أبا إسحاق المارستاني يقول: رأيت الخضر عليه السلام فعلمني عشر كلمات وأحصاها بيده: اللهم إني أسألك الإقبال عليك والإصغاء إليك، والفهم عنك، والبصيرة في أمرك والنفاذ في طاعتك، والمواظبة على أرادتك والمبادرة في خدمتك وحسن الأدب في معاملتك والتسليم والتفويض إليك.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل السوسي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن الحسين ابن محمد العطار قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد التميمي قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم الأذرعي قال: حدثنا الحسين بن حميد العكي قال: حدثنا زهير بن عباد قال: محمد بن جامع قال: بلغنا أن الخضر عليه السلام بينما هو يساير رجلاً إذ جلسا للغذاء فإذا بينهما شاة مشوية فلم يروا من وضعها مما يلي الخضر قد شوي ومما يلي الرفيق نيئاً لم يشو، فقال له الخضر: إنك زعمت أنك لا تنال رزقك إلا بالصب والعناء فيه فقم فأعن به واشوه. أما أنا فقد كفيته لأني زعمت أنه من يتوكل على الله كفاه فقد كفيته.
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي إجازة قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محرز بن حيان عن سفيان بن عيينة قال: رأيت رجلاً في الطواف حسن الوجه حسن الثياب منيفا على الناس، قال: فقلت في نفسي ينبغي أن يكون عند هذا علم، قال: فأتيته فقلت: تعلمنا شيئاً، لعل شيئا، قال: فلم يكلمني حتى فرغ من طوافه قال: فأتى المقام فصلى خلفه ركعتين خفف فيهما، ثم قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا وماذا قال ربنا؟ قال: أنا الملك الذي لا أزول فهلموا إليَّ أجعلكم ملوكاً لا تزولون، ثم قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا: ماذا قال ربنا؟ قال: قال: أنا الملك الحي الذي لا أموت فهلموا إليَّ أجعلكم أحياء لا تموتون، ثم قال: أتدرون ماذا قال ربكم؟ قال: قلنا: ماذا قال ربنا؟ قال: قال: أنا الذي إذا أردت أمراً أقول له كن فيكون، يعني فهلموا إليَّ أجعلكم إذا أردتم أمراً قلتم له كن فيكون.
قال ابن عيينة: فذكرته لسفيان الثوري فقال: أما أنا فعندي أنه كان ذاك الخضر عليه السلام ولكن لم تعقله.
أنبأنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل إملاء قال: حدثنا عبد الواحد بن إسماعيل الروياني في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر الخبازي قال: سمعت أبا الحسن النهاوندي الزاهد في ديار المغرب يقول: لقي رجل خضراً النبي عليه السلام فقال له: أفضل الأعمال أتباع رسول الله صلى الله عليه وسلم والصلاة عليه، قال: الخضر: وأفضل الصلوات عليه ما كان عند نشر حديثه وإملائه يذكر باللسان، ويكتب في الكتاب، ويرغب فيه شديداً، ويفرح به كثيراً، إذا اجتمعوا لذلك حضرت ذلك المجلس معهم.
وقال علي بن أبي محمد: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن المزرقي قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا أبو نصر القمار قال: أخبرنا مسكين أبو فاطمة عن مورع بن موسى عن عمرو بن قيس الملائي قال: بينما أنا أطوف بالكعبة إذا أنا برجل بارز من الناس وهو يقول: من أتى الجمعة فصلى قبل الإمام وصلى مع الإمام وصلى بعد الإمام، ومن أتى الجمعة فصلى مع الإمام وصلى بعد الإمام كتب من العابدين، ومن أتى الجمعة فلم يصل قبل الإمام ولا بعد الإمام كتب من الغابرين ثم ذهب فلم أره، فخرجت من الصفا أطلبه بأبطح مكة، فأحتبست عن أصحابي فسألوني فأخبرتهم قالوا: الخضر؟ قلت: الخضر صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.

وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قراءة من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء ابن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب، قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن خالد عن عمر ابن عبد العزيز القرشي قال: رأيت الخضر صلى الله عليه وسلم يمشي مشياً سريعاً وهو يقول: صبراً يا نفس صبراً لأيام ينفذ لتلك الأيام الأبد، صبراً لأيام قصار لتلك الأيام الطوال.
أخبرنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا ضمرة عن السري بن يحيى عن رباح بن عبيدة قال: رأيت رجلاً يماشي عمر ابن عبد العزيز معتمداً على يديه، فقلت في نفسي: إن هذا لرجل كافي، فلما انصرف من الصلاة قلت: من الرجل الذي كان معتمداً على يدك آنفاً: قال: وهل رأيته يا رباح؟ قلت: نعم، قال: ما أحسبك إلا رجلاً صالحاً، ذاك أخي الخضر بشرني أني سألي وأعدل.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نعيم النسوي البويطي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا عمي أبو علي محمد بن القاسم بن معروف قال: حدثنا أبو عبد الله بن خالد قال: حدثني أبو بكر محمد بن عبد الله الملطي إمام مسجد الجامع بمصر قال: حدثني أبي قال: كان سعيد الأدم يصلي في اليوم والليلة ألف ومائتي ركعة وكان قطوباً عبوساً، فاتصل به عن أبي عمرو إدريس الخولاني وكان رجلاً صالحاً حسن الخلق ولم يكن له اجتهاد مثل سعيد الأدم في الاجتهاد والعبادة، وكان الخضر يزور إدريس الخولاني، فجاء إليه سعيد فسأله واستشفع به إلى الخضر ليكون له صديقاً قال: فقال له إدريس لما رآه: إن سعيد الأدم سألني مساءلتك لتكون له صديقاً، وأنا أسالك أن تكون له صديقاً وتلقاه فتسلم عليه، قال: فلقيه وهو داخل من باب البرادع فأخذ يده بكلتا يديه وقال له: يا مرحبا يا أبا عثمان كيف أنت، وكيف حالك؟ قال: فقال له سعيد: ما بقي إلا أن تدخل في حلقي، قال: فاتفت فلم يره، فعلم أنه هو الخضر، فكان غرضه أن صلى الغداه، فخرج سعيد يريد إدريس، وكان سعد يدخل مع النجم ويخرج مع النجم، فصلى الغداة وخرج إلى إدريس فوجد الخضر قد سبقه إليه، فقال له: يا أبا عمرو كان حالي مع سعيد كذا وكذا، والله لا رآني بعدها أبداً، إن حدثت أن جبلاً زال عن موضعه فصدق، وإن حدثت عن رجل أنه زال عن خلقه فلا تصدق.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حامد بن الشرقي قال: حدثنا محمد ابن يحيى الذهلي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري قال: أخبرني عبيد الله بن عبد الله بن عتبة أن أبا سعيد الخدري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً طويلاً عن الدجال فقال فيما حدثنا: يأتي الدجال وهو محرم عليه أن يدخل نقاب المدينة فيخرج إليه يؤمئذ رجل وهو خير الناس أو من خيرهم، فيقول: أشهد أنك أنت الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديثه، فيقول الدجال: أرأيتم إن قتلت هذا ثم أحييته أتشكون في الأمر؟ فيقولون: لا، فيقتله ثم يحييه، فيقول حين يحيى: والله ما كنت أشد بصيرة مني الآن، قال: فيريد قتله الثانية فلا يسلط عليه.
قال معمر: بلغني أنه يجعل على حلقه صفيحة نحاس، وبلغني أنه الخضر الذي يقتله الدجال ثم يحييه.
الخضر بن أحمد أبو ذر الطبري:
نزل طرسوس وروى عن قاضيها أبي العباس أحمد بن أبي أحمد القاص، روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي.

أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير عن الفضل بن سهل الحلبي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو طالب عمر بن إبراهيم ابن سعيد الفقيه قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن محمد بن الفتح الحلبي قال: حدثني أبو ذر الخضر بن أحمد الطبري قال: قال لي أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري المعروف بابن القاص: لا خلاف بين أهل الفقه في قبول خبر الآحاد إذا عدلت نقلته، وسلم من النسخ حكمه.
الخضر بن التونتاش:
الأقرع بن أسن بن بكلار، أبو البركات الخاقاني الأمير، أمير فاضل شاعر حسن الشعر كان مقيماً بحماة، وكان يكتب خطاً حسناً وسمع من علي بن ثروان الكندي، ومسافر بن مختار الشيزري، ذكره العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتاب ذيل الخريدة وسيل الجريدة بما أخبرنا به أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي إجازة عنه قال: أبو البركات خضر بن ألتونتاش مدح صفي الدين ابن القابض وأنفذها إليه من حماة إلى دمشق يهنيه بشهر رمضان سنة ثمانين:
حيّ بالخيف خيالاً زار وهنا ... أخذ الخوف وأعطى الصب أمنا
أرسل النوم غراراً رثيما ... بذل الوصل غروراً واستسنا
يا له من طارق تحت الدجى ... كدت أحظى بالتمني لو تأنا
يا أصيحابي على الحب أما من ... معين لفتى أضحى معنى
كلما راوح أرواح الصبا ... راح ذا شوق إلى الإلف وحنا
يتسلى بأكاذيب المنى ... فإذا جن عليه الليل جنا
لائمي في الحب حسبي كلفي ... لا تزدني بعدهم شوقاً وحزنا
مقلتي عبرى عليهم أسفا ... لم تذق طعم الكرى والجسم مضنى
لا تخوفنني تلافي في الهوى ... فإذا مت خلياً مت غبنا
آه وا لهفي على عيش مضى ... في الحمى ما كان أصفاه وأهنا
حيث صرف الدهر في غفلته ... صارفاً وجه النوى والبين عنا
وقضيت تحت بدر في دجى ... يخجل الأغصان حسناً إن تثنى
ما جنا باللحظ من وجنتيه ... لحظ مفتون به إلا تجنى
تارة ألثم منه قمرا ... وإذا ماس صبا ألزم غصنا
أحسنت حسن وجمل أجملت ... ورضى أرضت ولبناي بلبنى
بذلت سر الهوى مازحه ... وكتمنا الحب إجلالاً وصنا
وادعت أنصافنا ظالمة ... فسقى الله الحيا الظالم منا
كلما جارت عدلنا طاعة ... أو دعتنا لتباريح أجبنا
ودليل الصدق في الحب لها ... كلما عزت مع الهجران هنا
أين قلبي ما أرى قلبي معي ... فارق الصدر ضحى لما افترقنا
أيها الساري على عيرانة ... تقطع البيد بها سهلاً وحزنا
زر دمشق إن ترم رفداً فما ... بعدها للمستفيد الرفد مغنى
زر صفي الدين إن شمت الغني ... لتصب صوب حياً جماً وحسنا
زر أبا الفتح ترى الفتح من ... الله والنصر قريباً مطمئنا
شرعت يسراه للوراد يسراً ... ودعت يمناه للقصاد يمنا
ومنها:
فتهن الصوم يأخذن العلي ... فيك الأشهر والصوم يهنا
الخضر بن حسن بن عامر البابي:
من أهل باب بزاعا، ونشأ بحلب وتولى بها في ديوان السلطان ثم في ديوان القاضي بحلب، وأبوه كان قاضي باب بزاعا، وقد ذكرناه فيمن اسمه الحسن، وسمع الخضر هذا أبا الفرج يحيى بن محمود الثقفي وحدث عنه بحلب، سمع منه رفيقنا محب الدين محمد بن محمود النجار وغيره، وكان لي به اجتماع وخلطة ولم أسمع منه شيئاً وتوفي بحلب في سنة تسع وأربعين وستمائة.
الخضر بن الحسن بن يوسف الحلبي المقريء:

سمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي، وأبا الطيب محمد ابن الحسين الزعري الفقيه المقريء وأبا محمد عبد الله بن إبراهيم بن محمد المقريء الطرسوسي، وكان معتنياً بالحديث، وأقرأ القرآن بحلب وأظن أنه حدث ولم يقع إليّ شيء من حديثه متصل الإسناد، وقرأت بخطه: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن محمد الزعري قال: حدثنا محمد بن بركة القنسري أبو بكر سنة عشرين وثلاثمائة وقال: لفظ لي يعني بهذا الإسناد في داره، قال: حدثنا يوسف يعني ابن سعيد بن مسلم المصيصي قال: حدثنا حجاج عن عثمان ابن عطاء عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل تجاوز لأمتي ما حدثت به أنفسها ما لم يتكلموا أو يعلموا به.
الخضر بن شبل بن الحسن بن علي بن عبد الواحد:
أبو البركات بن أبي طاهر الحارثي الدمشقي المعروف بابن عبد، خطيب دمشق صحب الفقيه أبا الحسن أحمد بن علي بن قبيس وتفقه على الشيخين الفقيهين جمال الإسلام أبي الحسن علي بن المسلم السلمي، وأبي الفتح نصر الله المصيصي، وسمع أبا القاسم علي بن إبراهيم وأبا الحسن بن الموازيني، وأبا طاهر الحنائي، وأبا القاسم عبد المنعم بن علي بن الغمر الكلابي، وأبا الوحش سبيع بن المسلم المقريء.
وحدث بحلب في سنة أربع وأربعين وخمسمائة عن أبي محمد هبة الله بن أحمد ابن الأكفاني، سمع منه بحلب الأستاذ أبو محمد عبد الله بن علوان بن عبد الله الأسدي وأبو نصر عبد الصمد بن ظافر القباتي، وأبو عبد الله محمد بن علي العظيمي الأديب وأبو الجيوش عسكر بن خليفة الحنفي الحموي، وأبو طالب محمد بن سعد الله بن إبراهيم الكلابي الدمشقي، ويوسف بن الخضر بن عبد الله المعروف بالبدر الأبيض، والشريف أبو جعفر عبد الله بن محمد بن عبد الملك الهاشمي الحلبي.
وحدث عنه جماعة من الأئمة الكبار منهم أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وأبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله بن عساكر، وابنه أبو محمد القاسم بن علي، وأبو المواهب الحسن بن هبة الله الحافظ، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي.
وشيوخنا: أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني، وأبو الفتوح محمد بن محمد البكري، وأبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي وأبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصري، وزين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد وغيرهم.
وروى لنا عنه أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بإجازة منه وكان فقيهاً متميزاً من الفقهاء الشافعية، كتب كثيراً من الفقه والحديث، ودرس الفقه في جامع دمشق، وبالمدرسة المجاهدية وبزاوية الفقيه نصر المقدسي، ووقف عليه نور الدين محمود بن زنكي مدرسته التي داخل باب الفرج ودرس بها، وتولى الخطابة بجامع دمشق وكان متقناً في علوم شتى، كثير المحفوظ.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، قال: أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبي بن الحسن الحارثي بحلب يوم الجمعة الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة أربع وأربعين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الأكفاني سنة اثنتين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو الحسين طاهر بن أحمد القايني المحمودي قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن محمد بن السوسي البزاز قال: حدثنا حمزة بن عمر بن الحسين ابن عمر قال: حدثنا علي بن داود القنطري قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا المعلى بن هلال عن ليث بن أبي سليم عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لكل نبي أمينين ووزيرين فأميني ووزيري من أهل السماء: جبريل وميكائيل ووزيري وأميني من أهل الأرض: أبو بكر وعمر.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو البركات الخضر بن شبل بن الحسن الحارثي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر بن علي المهدوي، قال شيخنا أبو محمد: وأخبرنا به إجازة مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي بكر بن علي قال: حدثنا عبد العزيز بن علي قال: سمعت علي بن عبد الله يقول: أنشدنا محمد بن عطية لابن عطاء هو أحمد بن سهل بن عطاء:

ومستحسن للهجر والوصل أعذب ... أطالبه ودي فيأبى ويهرب
تعلمت ألوان الرضا خوف هجره ... وعلمه حبي له كيف يغضب
ولي ألف وجه قد عرفت طريقه ... ولكن بلا قلب إلى أين أذهب
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أبو البركات هذا يعني الخضر بن شبل الحارثي أفادني كثيراً عند قدومي دمشق في أواخر سنة تسع وخمسمائة عن شيوخها: أبي طاهر الحنائي وابني الموازيني وغيرهم، وكان تيوقد ذكاء، وقرأ الفقه على نصر الله وابن الشهرزوري الشافعيين، وابن قيس المالكي وصار بعد موتهم ممن يفتي ويدرس مذهب الشافعي وفوضت إليه الخطابة في الجامع. وكتب عن أبيه شبل حديثاً أو أكثر. وسمع الخضر علي شيئاً يسيراً في مجلس أبي محمد الأكفاني. وبلغني أنه توفي في أوائل شهور سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة.
أنبأنا عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم ابن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن، قال فيما ألحقه في تاريخ أبيه: الخضر بن شبل بن الحسين بن عبد الواحد أبو البركات بن أبي طاهر الحارثي الفقيه الشافعي المعروف بابن عبد.
سمع أبا القاسم النسيب، وأبا الحسن الموازيني وأبا طاهر الحنائي وأبا الوحش المقريء، وجماعة كثيرة من أهل دمشق.
وتفقه على الفقيه أبي الحسن بن أبي الفتح المصيصي، وكتب كثيراً من الحديث والفقه، ودرس الفقه في سنة ثمان عشرة في حلقة ابن الفرات، وأفتى وكان سديد الفتوى، واسع المحفوظ ثبتا في روايته، نزه النفس ذا مروءة ظاهرة، ودرس في المدرسية المجاهدية مدة، ثم تولى التدريس بالزاوية الغربية، ثم وقف عليه نور الدين رحمه الله مدرسته التي تلي باب الفرج، وتولى الخطابة بجامع دمشق، سمعت منه الحديث ولزمت درسه مدة، وعلقت عنه من مسائل الخلاف وكان عالماً بالمذهب يتكلم في مسائل الخلاف والأصول، سأله والدي عن مولده فقال في شعبان سنة ست وثمانين وأربعمائة ومات ليلة الأربعاء ودفن يوم الأربعاء الثاني من ذي القعدة سنة اثنتين وستين وخمسمائة ودفن بمقبرة باب الفراديس.
أخبرنا أبو الغنائم سالم بن الحسن بن صصري إجازة قال: أخبرنا أبو المواهب قال: توفي الفقيه أبو البركات رحمه الله في ليلة الأربعاء، ودفن صبيحتها ثاني عشر ذي القعدة سنة اثنتين وستين، ودفن بمقبرة باب الفراديس، حضرت دفنه والصلاة عليه، وحضره خلق عظيم من الأعيان والعوام، وكان رحمه الله لتفننه وكثرة محفوظه لايعتمد على إيراد المعهود عند الناس، بل يأتي من كل شيء بطرف، فحصل من السامعين النكرة له، ولم يكن ذلك بالعائب له ولا الناقص من منزلته رحمه الله وابانا.
الخضر بن عبد الله بن الخضر بن حلوان:
روى عن أبيه عبد الله بن الخضر، وأبي سالم واصل بن محمد بن واصل المعري التنوخي، والأصفهسلار عبد المجيد الصوفي الهمذاني وأبي الحسن علي بن مقلد الدمشقي، وقدم حلب في سنة عشرين وخمسمائة فانني قرأت بخطه ما صورته: دخلت معرة النعمان في سنة عشرين وخمسمائة، فقرأت كتابة على باب المسجد الجامع بها، وهي: يقول القاضي، ونمام الحكاية مذكورة في ترجمة أخيه.
وقرأت بخطه: وأخبرني الشيخ أبو سالم واصل بن محمد بن واصل المعري التنوخي رحمه الله قال: دخل القاضي أبو المجد بن عبد الله بن سليمان معرة النعمان بعد ما جرى عليها من الخراب، وتفرق الأصحاب، فوقف على دار أخيه القاضي أبي مسلم وادع بن عبد الله بن سليمان رحمه الله، فكتب على حائط منها:
مررت بالدار وقد عط ... لت معالم منها وآثار
فقلت والقلب به لوعة ... محرقة والدمع مدرار
أين زمان بك قضيته ... وأين سكانك يا دار
فأجابه ابن عمه القاضي أبو سهل مدرك بن سليمان، وكتب تحت الأبيات:
أجابت الدار على عيها ... أن سكوت الدار إخبار
أخنى على من كان بي ساكنا ... صروف أزمان وأقدار
وأرتجع العيش ولذاته ... معيرة والدهر دوار
وها أنا اليوم قد ترى ... مقفرة ما في ديار

ومن خط الخضر أيضاً قال: وحدثني الاستفهسلار عبد المجيد الصوفي الهمذاني وكان من مشايخ الصوفية وظرافهم، سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة قال: خرجت من الري إلى مزدغان فدخلت بعض مساجدها فإذا على حائط مكتوب:
إقتنع بقوت فإن المرء مرتحل ... من هذه الدار عريانا كما دخلا
وتحته مكتوب: كتبه طاهر بن سعد بن علي، ثم دخلت دمشق واجتمعت بالوزير كمال الدين رحمه الله، فأنشدته البيت فقال من اين سمعت هذا البيت فقلت: يا مولانا قرأته على مسجد بمزدغان فقال الوزير: هذا والله خطي، كتبته وعمري سبع سنين.
ونقلت ذلك من خط الخضر وقد أثبته في آخر آداب الغرباء لأبي الفرج الأصبهاني مع حكايات غيرها جعلها ذيلاً تاريخ كتبه في سنة ثمان وستين وخمسمائة.
الخضر بن عبد الله بن الهيثم بن جابر الطرسوسي المقريء:
قرأ القرآن بروايته الكسائي على أبي شبيل عبيد الله بن عبد الرحمن بن واقد الواقدي عن أبيه وأبي عمر الدوري عن الكسائي، قرأ عليه بها أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن الحسين الجبي المقريء.
الخضر بن عبد الله البالسي أبو القاسم:
سمع بحلب أبا القاسم بن بريه الرقي القاضي، روى عنه أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الغراء المقريء.
أخبرنا محب الدين أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن النجار البغدادي قال: أنبأني ذاكر بن كامل ويحيى بن أسعد عن محمد بن مرزوق الزعفراني، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرني الشيخ أبو الحسن محمد ابن مرزوق الزعفراني قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن محمد بن الفراء المقريء الربعي بالقدس قال: سمعت أبا القاسم الخضر بن عبد الله البالسي يقول: قال لنا القاضي أبو القاسم بن برية الرقي بحلب ونحن ندرس عليه الفرائض والحساب وغير ذلك: العلم أشد المعشوقين دلالاً، لا يعطيك بعضه حتى تعطيه كلك، وأنت إذا أغطيته كلك على غرر من إعطائه لك البعض.
الخضر بن عبد الواحد بن علي بن الخضر:
أبو القاسم بن أبي المنى الحلبي القاضي هو ولد شيخنا السابق أبي المنى الشروطي، ولد بحلب ونشأ بها، وسار منها إلى خراسان وتفقه على أبي الخطاب الطبري، وسمع الحديث بنيسابور من المؤيد بن محمد بن علي الطرسوسي، ثم قدم علينا حلب ونزل بها عند أبيه، ولازم درس شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف ابن رافع بن تميم، وأعاد درسه وشاهدته وسمعت بحثه، ثم سار إلى مكة حرسها الله تعالى واستوطنها وتولي بها التدريس بالمدرستين المعروفة إحداهما بزبيدة والأخرى بمظفر الدين صاحب إربل، وأقام بمكة مجاوراً مشتغلاً بالفتوى وإفادة المسلمين ثم تولى قضاء مكة سنة ست وعشرين وستمائة ولاه إياه الملك المسعود اقس بن الملك الكامل محمد، فاستمر على ذلك إلى أن هجم راجح مكة وانهزم منه وقصد أذاه وعزله عن القضاء، ودام مجاوراً بمكة إلى أن توفي وكنت اجتمعت به بمكة في السنة التي حججت فيها في سنة ثلاث وعشرين وستمائة مراراً ولم أسمع منه شيئاً، وروى لنا عنه أبو الحسين يحيى بن علي القرشي ومحمد بن أحمد بن علي القسطلاني.
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي القرشي العطار بمصر قال: أخبرنا القاضي الفقيه أبو القاسم الخضر بن عبد الواحد بن علي بن الخضر الشافعي الحلبي بقراءتي عليه بالحرم الشريف تجاه الكعبة المعظمة قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين المؤيد بن محمد بن علي الطوسي بنيسابور،ح.

وأجازه لنا المؤيد غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصامدي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الغافر بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عيسى بن عمرويه الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد المروزي قال: حدثنا مسلم، قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: حدثنا مروان يعني ابن محمد الدمشقي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن ربيعة بن يزيد عن أبي إدريس الخولاني عن أبي ذر عن النبي صلى الله عليه وسلم فيما يروي عن الله تبارك وتعالى أنه قال: يا عبادي إني حرمت الظلم على نفسي وجعلته بينكم محرماً فلا تظلموا، يا عبادي كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم، يا عبادي كلكم جائع إلا من أطعمته فاستطعموني أطعمكم، يا عبادي كلكم عار إلا من كسوته فاستكسوني أكسكم، يا عبادي إنكم تخطئون الليل والنهار وأنا أغفر الذنوب جميعاً فاستغفروني أغفر لكم، يا عبادي لن تبلغوا ضري فتضروني ولن تبلغوا نفعي فتنفعوني، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أتقى قلب رجل واحد منكم ما زاد ذلك في ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم كانوا على أفجر قلب رجل واحد ما نقص ذلك من ملكي شيئاً، يا عبادي لو أن أولكم وآخركم وإنسكم وجنكم قاموا في صعيد واحد فسألوني فأعطيت كل إنسان مسألته ما نقص ذلك مما عندي إلا كما ينقص المحيط إذا أدخل البحر، يا عبادي إنما هي أعمالكم أحصيها لكم أوفيكم إياها فمن وجد خيراً فليحمد الله ومن وجد غير ذلك فلا يلومن إلا نفسه.
قال سعيد، كان أبو إدريس الخولاني إذا حدث بهذا الحديث جثا على ركبتيه.
قال مسلم: حدثنيه أبو بكر بن إسحق قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثني سعيد بن عبد العزيز بهذا الإسناد غير أن مروان أتمهما حديثاً.
أنشدني قطب الدين محمد بن أحمد بن علي القسطلاني المكي قال: أنشدني الخضر بن عبد الواحد قاضي مكة ولم يسم قائلاً:
ولما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح ركن البيت من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسالت بأطراف المطي الأباطح
وأنشدني ابن القسطلاني قال: أنشدنا الخضر القاضي ولم يسم قائلاً، وذكر أنه كان في العجم، وكان عندهم في المدرسة إنسان غريب وكان ينشد هذين البيتين فيشوق الغرباء:
إذا ما الصبا في آخر الليل هبت ... فلست ألوم النفس إن هي صبت
وما هي إلا أنها مشرقية ... إذا نسمت أدت نسيم أحبتي
قال لي الحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي العطار قال: القاضي أبو القاسم الحلبي هذا من أعيان فقهاء الشافعية وأكابرهم ويعرف بابن السابق، استوطن مكة وجاور بها إلى حين وفاته، وكان يدرس بالحرم الشريف ويفتى واستقضي في آخر وقت بها، وقرأت عليه أحاديث يسيرة من صحيح مسلم ولم أقف على سماعه، وإنما اعتمدت في ذلك على قوله، وكان ممن يعتمد عليه والحمد لله وسألت الشيخ أبا عبد الله بن أبي الفضل الأندلسي عنه فوثقه، وأخبرني الفقيه جابر بن أسعد اليماني بمصر أنه توفي في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة بعد الوقفة، رضي الله عنه.
قلت: أخبرني القاضي زين الدين أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بحلب عند ورود أبي القاسم بن السابق أنه سمع صحيح مسلم بنيسابور من المؤيد الطوسي، وواعدني على أن نسمع منه شيئاً، فلم يتفق وسافر ولم نسمع منه.
سمعت محمد بن أحمد القسطلاني المكي يقول أن القاضي أبا القاسم دام مجاوراً بمكة إلى أن توفي بها في ذي الحجة سنة إحدى وثلاثين وستمائة بالمعلاة.
الخضر بن عبد الوهاب بن يحيى بن جعفر بن منصور بن سوار:
أبو القاسم الحراني سمع باطرابلس خيثمة بن سليمان الأطرابلسي وبالموصل أبا جابر عرس بن فهد بن أحمد الأزدي، روى عنه أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن ودعان الموصلي، ومحمد بن الحسين بن إبراهيم الخفاف، وأبو محمد هشام بن محمد بن هشام الكوفي اليماني، ونزل الموصل ودخل حلب أو بعض عملها في طريقه ما بين حران واطرابلس.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا القاضي أبو المظفر هناد بن إبراهيم بن نصر النسفي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن عبيد الله بن ودعان الفقيه بالموصل قال: حدثنا الخضر بن عبد الوهاب بن يحيى الحراني قال: حدثنا محمد بن عوف الطائي بحمص قال: حدثنا عثمان بن سعد قال: حدثنا محمد بن مهاجر الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة قالت: رحم الله لبيداً إذ يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
فقلت عائشة: كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال عروة: رحم الله عائشة كيف لو أدركت زماننا هذا؟ قال الزهري: رحم الله عروة، كيف لو أدرك زماننا هذا، قال الزبيدي: رحم الله الزهري كيف لو أدرك زماننا هذا، قال ابن مهاجر: رحم الله الزبيدي: كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال خيثمة: رحم الله ابن عوف، كيف لو أدرك زماننا هذا، قال الخضر: رحم الله خيثمة كيف أدرك زماننا هذا؟ قال ابن ودعان: رحم الله الخضر كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال هناد: رحم الله ابن ودعان كيف لو أدرك زماننا هذا؟ قال الحافظ أبو القاسم: رحم الله أبا الحسن كيف لو أدرك زماننا هذا.
وقال الحافظ: كذا وقع في هذه الرواية وقد سقط قول عثمان بن سعدة.
الخضر بن علي بن الخضر بن أبي هشام:
أبو القاسم السمسار، وقيل اسمه الحسين، ذكر أنه شهد الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبا القاسم بن أبي العلاء، وأبا البركات بن طاوس، وأبا محمد بن الحسن البعلبكي، روى عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن علي قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن الحسن بن حمزة العطار في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن ابن محمد بن ياسر قراءة عليه وأنا حاضر أسمع قال: أخبرنا أبو موسى هارون ابن محمد الموصلي قال: حدثنا أبو يحيى زكريا قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا مسلم بن خالد عن ابن جريج عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر كانوا يمشون أمام الجنازة.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: الخضر بن علي ابن الخضر بن أبي هشام، أبو القاسم السمسار، ويسمى أيضاً الحسين، سمع الفقيه أبا الفتح نصر بن إبراهيم، وأبا محمد عبد الله بن الحسين بن حمزة بن أبي محمد البعلبكي، وأبا البركات بن طاوس، وذكر لي أنه سمع أبا القاسم بن أبي العلاء، ولم أظفر بسماعه منه، وسمعت منه شيئاً يسيراً.
قال: سألت أبا القاسم عن مولده فقال: سنة خمس وسبعين وأربعمائة، وشهدت حصار أنطاكية سنة تسعين وأنا بالغ، مات ليلة الأحد الثامن من ربيع الأول سنة خمس وستين وخمسمائة، ودفن في مقبرة الباب الصغير، وكان يترفض.
الخضر بن علي بن محمد الأنطاكي:
أبو القاسم البزاز الأموي مولاهم حدث عن أبي بكر محمد بن القاسم بن الأنباري، روى عنه أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الطيان الغساني.
أخبرنا أبو عبد الله بن محمود بن النجار البغدادي قال: أنبأنا الحافظ أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل، وأبو نصر غالب بن أحمد بن المسلم قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد ابن زهير التميمي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد بن عثمان الطيان الغساني قال: حدثنا أبو القاسم الخضر بن علي بن محمد النطاكي البزاز قدم علينا دمشق قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن الأنباري قال: حدثنا ابن ناجية قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: حدثنا محمد بن خالد بن عثمة قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن المنكدر عن أبيه عن جابر قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ما أمعر حاج قط.
قال ابن الأنباري معناه ما افتقر قط، وأصله من قولهم: مكان معرف إذا ذهب نباته.
الخضر بن محمد بن أزهر:

أبو القاسم الجماهيري، شاعر من أهل معرة النعمان، أو من الطارئين عليها، وفقت له على أبيات في مراثي بني المهذب المعريين، يرثي بها أبا عبد الله الحسين بن إسماعيل بن المهذب، وقد توفي سنة سبع عشرة وأربعمائة وهو صغير، والأبيات:
قد غرَّ أكثر هذا العالم الأمل ... وكلهم بسوافي روحه أجل
وإنما المرء طيف والحياة له ... كالآل والموت ورد شر به علل
فلا تغرنك الدنيا وزينتها ... فإنها زخرف يا أيها الرجل
هل أنت فيها مقيم لا تفارقها ... أم أنت فيها مع الأيام مرتحل
أين النبي الذي القرآن آيته ... وأين من قبله الأحبار والرسل
أين الملوك الأُلى اغتروا بما فعلوا ... وساكنوا الأرض قبل اليوم ما فعلوا
لا شك أنهم في الأرض قد دفنوا ... وأنهم قد عفت آثارهم وبلوا
ونحن لا بد حتماً أن نموت كما ... ماتوا وننهل في الورد الذي نهلوا
يا حسرتا إن هذي الأرض قد أكلت ... هياكلاً كان فيها جوهر صقل
مثل الحسين بن إسماعيل حين ثوى ... طفلاً يقصر عن عليائه زحل
ما كان إلا حساماً ماضياً فمضى ... فيه القضاء وأسباب الدُّنا دول
عم البرية هذا الخطب حين قضي ... على الحسين ومات السهل والجبل
فكل قلب به ما حاز طاقته ... حزناً وقد دميت من دمعها المقل
يال المهذب صبراً إن أسرتكم ... من أسرة عرفوا الدنيا فما جهلوا
لا يطربون إذا ما نالهم فرح ... ولا إذا نابهم صرف الردى نكلوا
لكنهم صبر في كل فادحة ... وكل أمر عظيم خطبه جلل
الفضل صفهم والحلم خلقهم ... والفخر ما فخروا والرفد ما بذلوا
فاصبر على الحزن إسماعيل محتسباً ... والجأ إلى الله إن ضاقت بك السبل
إن الجديدين سارا بالذين مضوا ... قصد الفناء فلم يدركهما ملل
ونحن في إثرهم نسعى كسعيهم ... إلى النوى دائباً نسري ونرتحل
فاستيقظوا يا أولي الأبصار واعتبروا ... بالغابرين ففي آثارهم مثل
جدوا إلى عمل في الدار يسعدكم ... فليس يقبل في الأخرى لكم عمل
يا رب عفوك إن النفس تأمله ... فلا يخيبن منها عندك الأمل
الخضر بن محمد بن عبد الله المصيصي
ثم الحلبي المعروف بابن أبي الرماح، أصله من المصيصة، واستوطن حلب، وحدث بها عن أبي القاسم حسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي، وأبي علي محسن ابن هبة الله بن عبيدة الله الشافعي الرملي.
روى عنه ابنه إبراهيم بن الخضر الحلبي، ووقع إلي جزء من حديثه بخط ابنه إبراهيم المذكور، وهو مترجم بما صورته: جزء فيه أخبار منتخبة حسان عن الشيوخ الثقات العوالي رضي الله عنهم، سماع لإبراهيم بن الخضر بن محمد بن عبد الله الحلبي من أبيه الخضر بن محمد بن عبد الله المصيصي، فنقلت منه: حدثنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن الحسين الصابوني قال: حدثنا أحمد بن عبد المؤمن قال: حدثنا سعيد بن هبيرة قال: حدثنا معتمر بن سليمان عن ليث عن مجاهد عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اثنان يوم القيامة على منبرين: أنا على منبر من نور، وعلى رأسي تاج من نور، في يدي قضيب من نور، في رجلي نعل من نور، وأمتي بين يدي غر محجلون، وأنا أخطب على منبري وأقول: الحمد لله الذي صير مصيري أمتي إلى الجنة لا موت فيها أبداً وإبليس لعنه الله على منبر من نار عليه ثياب من نار، في رجله نعل من نار، على رأسه تاج من نار، في يده قضيب من نار، بين يديه اليهود والنصارى والمجوس وأتباعه، وهو يقول في خطبته: الويل لي ولكم إذ صير مصيري ومصيركم إلى النار لا موت فيها أبداً.
الخضر بن يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان

أبو الدوام، وقيل أبو العباس بن أبي المظفر الملقب بالملك الظافر بن الملك الناصر.
سمع بالاسكندرية الحافظ أبا طاهر أحمد بن محمد السلفي، وحدث عنه بحران، والفقيه أبا الطاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عوف، وحدث عنه بدمشق، وسمع بمصر أبا القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبا سعيد محمد بن عبد الرحمن البنجديهي، وأبا الفتح محمود بن أحمد الصاعدي، وأبا القبائل عشير بن أحمد المزارع وأبا محمد عبد الله بن بري النحوي.
سمع منه بعض أصحابنا شيئاً يسيراً، خرج عنه صاحبنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي حديثاً معجم شيوخه، وروى لنا عنه أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي إنشاداً أخرجه عنه في معجم شيوخه، وكان يزور عمي أبا غانم، وكنت أجتمع به عنده في المسجد المعروف بنا، فلم أتحقق ما سمعته منه، فإنه كان يورد أشياء حسنة، لم أتحقق منها إلا مناماً ذكره له، وكان حضر لوداعه وهو يريد الحج وذكر لعمي: وأنا أسمع، قال: رأيت كان امرأة وابنتها حضرتا، وقد وطئت البنت وعزمت على وطء الأم، وذكر ذلك لعمي على وجه أن المنام قد تحقق لشروعه في التوجه إلى الحج.
فمضى إلى الحج ودخل المدينة، فسير الملك العادل أبو بكر أيوب ورده من الطريق من بدر خوفاً أن يدخل اليمن ويملكها، فتوسل لي من حضر لرده أن يؤخذ تحت الحوطة والتضييق حتى يقضي حجه، فلم يجيبوه إلى ذلك، وعاد إلى حلب واجتمع بعمي ووالدي وأنا معهما، وذكرهما بالمنام الذي قصه علينا لما ودع عمي: وقال: الأم هي مكة أم القرى، والبنت هي المدينة، ووطئت المدينة وهي البنت، ولم يتهيأ لي وطء الأم وهي مكة، وكان هذا من أعجب المنامات التي تحقق تأويلها.
وكان جواداً سخياً شجاعاً عارفاً بالتواريخ وأيام الناس، وكان من جلة بني الملك الناصر يوسف بن أيوب وكان ينبز بالملك المشمر، بحيث أنه غلب على لقبه الملك الظافر، وبلغني أنه إنما غلب عليه هذا اللقب لأن أباه قسم البلاد على أكابر أخوته، قال: أنا مشمر، فغلب عليه المشمر، وهجر ما سواه، وأقام بحلب عند أخيه الملك الظاهر غازي سنين عديدة، وسكن بالياروقية ظاهر حلب، وابنتى بها منازل وحماماً، فلما مرض الملك الظاهر مرضته التي توفي فيها خاف منه على ابنه الملك العزيز محمد، فأمر برحيله من حلب، وأقطعه إقطاعاً حسناً مضافاً إلى ما كان له عليه، فتوجه إلى منبج ومات الملك الظاهر، فلم يتم له أمر الإقطاع، فتوجه إلى أخيه وشقيقه الملك الأفضل علي إلى سميساط وأقام بها إلى أن مات الملك الأفضل، فانتقل إلى حران وأقام بها عند ابن عمه الملك الأشرف موسى بها إلى أن توفي بها رحمه الله.
وكانت أمه أم ولد، وهي أم الملك الأفضل علي، وأخبرني أخوه الملك المحسن أحمد أن مولد أخيه الظافر خضر بمصر سنة ثمان وستين وخمسمائة.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي إجازة قال: أخبرنا الأمير أبو الدوام الخضر بن السلطان الملك الناصر أبي المظفر يوسف بن أيوب بن شاذي بقراءتي عليه بجبل قاسيون، بظاهر دمشق، في يوم الأحد العشرين من شهر رمضان سنة ست وعشرين وستمائة قال: أخبرنا الفقيه أبو الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي نزيل الإسكندرية قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن احمد بن عيسى الفسوي الفارسي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح بن شجاع المفسر الدمشقي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم القاضي المروزي في زقاق عطاف قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين بن عون بن زياد بن بسطام بن عبد الرحمن البغدادي قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثنا أبي إسحاق قال: حدثني يحيى بن الأشعث عن إسماعيل ابن إياس بن عفيف الكندي عن أبيه عن جده قال: كنت امرأً تاجراً فقدمت الحج فأتيت العباس بن عبد المطلب أبتاع منه بعض التجارة، وكان امرأً تاجراً، قال: فو الله إني لعنده إذ خرج رجل من خباء قريب منه فنظر إلى الشمس، فلما رآها مالت قام يصلي، قال: ثم خرجت امرأة من ذلك الخباء الذي قد خرج منه ذلك الرجل، فقامت خلفه، ثم خرج غلام حين راهق الحلم من ذلك الخباء فقام يصلي، فقلت للعباس: ما هذا يا عباس؟ قال: هذا محمد بن عبد الله بن عبد المطلب ابن أخي، قال: فقلت من هذه المرأة؟ قال: هذه امرأته خديجة ابنة خويلد قال: فقلت من هذا؟ قال: هذا علي بن أبي طالب ابن عمه، قال: فقلت: ما هذا الذي يصنع؟ قال: يصلي وهو يزعم أنه نبي ولم يتبعه على أمره إلا امرأته وابن عمه، وهو يزعم أنه ستفتح عليه كنوز كسرى وقيصر، قال: وكان عفيف وهو ابن عم الأشعث بن قيس يقول وأسلم بعد ذلك فحسن إسلامه لو كان الله رزقني الإسلام يومئذ فأكون ثانياً مع علي بن أبي طالب.
أنشدني أبو الفداء إسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الملك الظافر مظفر الدين أبو العباس الخضر بن السلطان الملك الناصر صلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب رحمه الله في طريق مكة شرفها الله تعالى، وكان أمير الحاج يومئذ سنة عشر وستمائة لرضي الدين يحيى بن سالم بن أبي حصينة المعري يمدح والده الملك الناصر:
قالوا نرى ناصر الإسلام منذ ولى ... لم يدخر ذهباً عن أهل دولته
وكل من قد مضى من قبل من ملك ... بالجمع للمال أفنى طول مدته
أما ترى النحل يحوي قوته سنة ... والليث لا يقتني قوتاً لليلته
فقلت للضعف أضحى ذاك مدخراً ... وترك ذا الذخر من إفراط شدته
قال لنا القوصي: وأنشدني رحمه الله لرجل من أدباء أهل الأندلس، ورد على والده السلطان الملك الناصر رحمه الله، وأنشده هذه الأبيات الثلاثة، وأجازه عليها جائزة:
يا ملك مصر وملك الشام واليمن ... ومن عساكره في البر والسفن
ومن تملك ما لم يحوه ملك ... ما يلحق المرء من هذا سوى الكفن
فاستغنم الخير فالدنيا على أحد ... ليست تدوم وهذي عادة الزمن
أخبرنا أبو الفداء القوصي قال: هذا الملك الظافر مظفر الدين الخضر بن يوسف رحمه الله، كان كريماً لطالب جاهه ومسترفد رفده، وجمع لي في طريق مكة تلك السنة بين تلطفه وحسن وده إلى أن وصل عسكر من الديار المصرية برجوعه عن وجهته، ورده، فصد ونحن ببدر عن تتميم قصده وكان يخشى من دخوله إلى اليمن، وقل ما تسلم الملوك أو الرعايا من حوادث الزمن، وكان شقيق أخيه الملك الأفضل نور الدين أبي الحسن، وكان مولده بالقاهرة في خامس من شعبان سنة ثمان وستين وخمسمائة، أخبرني بذلك شيخنا الإمام عماد الدين ذو البلاغتين الأصبهاني الكاتب.
بلغني خبر وفاة الظافر خضر أنه توفي بحران في جمادى الأولى سنة سبع وعشرين وستمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
خضر
رجل كان بطرسوس روى عن إسحق بن راهويه، روى عنه أبو بكر المزودي وسمع منه بطرسوس.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو بكر المزودي قال: سمعت خضراً بطرسوس يقول: سمعت إسحاق بن راهويه يقول: سمعت يحيى بن آدم يقول: أحمد بن حنبل إمامنا.
ذكر من اسمه خطاب
الخطاب بن سعد بن عثمان
أبو القاسم الخير الأزدي، وقيل هو الخطاب بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى ابن مسلمة بن عبد الله بن قرط الحمصي الدمشقي.
سمع بحلب أبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وحدث عنه وعن المؤمل بن إهاب وهشام بن عمار، والربيع بن سليمان، وهاشم بن القاسم الحراني ومحمد بن رجاء السجستاني ومحمد بن سماعة الرملي، وعمر بن عثمان الحمصي، ونصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة، وأبي عمرو عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد الحمصي، وأبي جعفر محمد بن عبيد الهاشمي، والفتح بن نصر بن عبد الرحمن، وعبد الله بن عبد الوهاب، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن أيوب بن شنبوذ، وأبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث الزجاج، وأبو علي محمد بن هارون بن شعيب الأنصاري وأبو عمر سعيد بن عثمان ابن نصر الهمذاني وابن أخيه أحمد بن إبراهيم بن سعد بن عثمان.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الخطاب بن سعد الخير بن عثمان بن يحيى بن مسلمة بن عبد الله بن قرط، أبو القاسم الأزدي أصله من حمص، وسكن دمشق، وحدث عن هشام بن عمار وهاشم ابن القاسم الحراني، ونصر بن محمد بن سليمان بن أبي ضمرة، والمؤمل بن إهاب ومحمد بن رجاء السجستاني، وأبي عمرو عبد الرحمن بن أيوب بن سعيد الحمصي، وعبد الله بن عبد الوهاب، وأبي نعيم الحلبي ومحمد بن أحمد بن إبراهيم، والربيع ابن سليمان، ومحمد بن سماعة الرملي وأبي جعفر محمد بن عبيد الهاشمي، وعمرو ابن عثمان الحمصي والفتح بن نصر بن عبد الرحمن.
وروى عنه أبو الحسن أحمد بن محمد بن أيوب بن شنبوذ، وأبو علي بن شعيب الأنصاري، وسليمان بن أحمد الطبراني، وابن أخيه أبو عمر أحمد بن إبراهيم بن سعد الخير وأبو عمرو سعيد بن عثمان بن نصر الهمذاني، وأبو بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث الزجاج.
خطاب بن سنان الحراني:
أخو حسين بن سنان، نزل أنطاكية وحدث عن بقية بن الوليد وروى عنه صالح ابن زيادة بن شعيب السوسي.
الخطاب صاحب عروة بن مروان:
غزا الصائفة إلى بلاد الروم مع عبد الملك بن صالح بن علي بن العباس، حكى عن عبد الله بن المبارك، روى عنه عروة بن مروان.
أخبرنا محمد بن هبة الله بن محمد القاضي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو نصر القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال أخبرني محمد بن عمر قال: حدثنا محمد بن المنذر قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الحدثي قال: حدثنا عروة بن مروان قال: أخبرني الخطاب صاحب لنا قال: رأيت الجفان بأرض الروم على رؤوس الشرط فيها الكعك والسويق والتمر فقلت: لأتبعنها حتى أنظر إلى من يذهب بها، قال: فجيء بها إلى رحل ابن المبارك، فقالوا: بعث بها عبد الملك، فسمعته يقول للشرط: انطلقوا لا حاجة لي فيها فردها.
خطلبا بن عبد الله:
مملوك السلطان محمود، ملك حلب، ويقال له: ختلغ أبه أيضاً ويعرب فيقال خطلبا وقد ذكرناه فيما تقدم.
خفاف بن منصور التميمي المروروذي:
كان من أهل خراسان، وصحب عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس حين ورد حلب، وشهد معه حصار دمشق وله ذكر في التاريخ.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خفاف بن منصور التميمي المروروذي، شهد حصار دمشق مع عبد الله بن علي، تقدم ذكر ذلك في ترجمة جبريل بن يحيى.
خفيف بن عبد الله:
أبو علي الغازي الدينوري، غزا بلاد الروم فعرف بذلك، روى عن هشام بن عمار وإبراهيم بن موسى النجار الطرسوسي، وحماد بن يحيى البلخي، روى عنه أبو أحمد القاسم بن الحسن بن القاسم الهمذاني وأبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الدينوري.

أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضائل ناصر بن محمود بن علي قال: حدثنا علي بن أحمد بن زهير قال: حدثنا علي بن محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن عبد الله بن الهيثم البهراني الخطيب، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن أحمد بن سعيد الخزرجي الأنصاري البخاري قال: حدثنا الحسين بن عبد الله بن الحسين ابن الحارث بهمذان قال: حدثنا أبو أحمد القاسم بن الحسن قال: حدثنا أبو علي خفيف بن عبد الله الغازي قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر قال: حدثنا صالح بن رستم أبو عبد السلام مولى بني هاشم عن عبد الله بن حواله أنه قال: يا رسول الله اكتب لي بلداً أكون فيه فلو أعلم أنك تبقى لم أختر على قربك، قال: عليك بالشام ثلاثاً، فلما رأى النبي صلى الله عليه وسلم كراهيته الشام قال: هل تدرون ما يقول الله عز وجل، يقول: يا شام يا شام أنت صفوتي من بلادي، أدخل فيك خيرتي من عبادي، أنت سيف نقمتي وسوط عذابي، أنت الأندر وإليك المحشر، ورأيت ليلة أُسري بي عموداً أبيض كأنه لؤلؤ تحمله الملائكة، قلت: ما تحملون؟ قالوا: عمود الإسلام أمرنا أن نضعه بالشام، وبينما أنا نائم رأيت كتاباً أختلس من تحت وسادتي فظننت أن الله تخلى عن أهل الأرض فاتبعت بصري فإذا هو نور ساطع بين يدي حتى وضع بالشام فمن أبى أن يلحق بالشام فليلحق بيمنه وليسق من غدره، فإن الله قد تكفل لي بالشام وأهله.
قال الحافظ: روى عنه علي بن محمد بن شجاع حديثاً آخر فقال: خفيف الرازي بالراء.
قال الحافظ: خفيف بن عبد الله أبو علي الدينوري الغازي، سمع بدمشق هشام بن عمار، وحماد بن يحيى البلخي وإبراهيم بن موسى النجار الطرسوسي.
روى عنه أبو أحمد القاسم بن الحسن بن القاسم الهمذاني، وأبو القاسم عبد الرحمن بن أحمد الدينوري نزيل قينية.
ذكر من اسمه خلف
خلف بن تميم بن أبي عتاب مالك التميمي:
أبو عبد الرحمن الجعدي الدارمي وقيل البجلي وقيل المخزومي المصيصي مولى آل جعدة بن هبيرة كوفي نزل المصيصة وأنطاكية، وكان من العباد الخشن في العبادة، وطاف بلاد الشام، وحدث عن أبيه تميم بن مالك وعبد الله بن السري الأنطاكي الزاهد، وإبراهيم بن أدهم، وإسماعيل بن مهاجر الكوفي، وسفيان ابن سعيد الثوري وأبي الأحوص سلام بن سليم، وعبد الله بن محمد بن سعد الأنصاري، وعاصم بن محمد بن زيد العمري، والمفضل بن يونس وزائدة بن قدامة الثقفي، ومحمد بن عبد العزيز التميمي، وعمارة بن شبيب وعبد الجبار بن عمر الأيلي، وعبد الله بن المبارك.
روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري وعلي بن محمد بن علي بن أبي المضاء وعبد الله بن خبيق، ومحمد بن غالب بن غصن، والفضل بن سهل الأعرج الأنطاكيون، وأبو حميد عبد الله بن محمد بن تميم، وأبو الحسن محمد بن أحمد ابن عبد الله بن صفوة، ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصيون، وأبو سعيد أحمد ابن بكر البالسي، ومحمد بن إسماعيل بن علي الأنصاري، ومحمد بن إسحاق الصغاني، ويعقوب بن شيبة، والحسن بن الصباح، ومحمد بن يزيد المستملي، وعبد العزيز بن المبارك الدينوري، وإسماعيل بن أبي الحارث، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وعباس بن محمد الدوري، وهارون بن الحسن، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن الحسين بن إشكاب ومحمد بن الفرج الأزرق، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأحمد بن الخليل البغدادي، ومحمد علي السرخسي ومحمد ابن الحسين البرجلاني ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة والعلاء بن سلمة، وسريج بن يونس، وأبو جعفر محمد بن جعفر السمناني، وإسحق بن بهلول.

أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصري الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو يعلى بن كروس السلمي قال: حدثنا الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر الأملوكي، قال: حدثنا أبو حفص العتكي قال: أخبرنا أبو عمير عدي ابن أحمد الأذني قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير بن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن الله عز وجل ليعطي على الرفق ما لا يعطي على الخرق، وإذا أحب الله عبداً أعطاه الرفق. وما من أهل بيت يحرمون الرفق إلا وقد حرموا.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المعدل قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبي قال: سمعت خلف بن تميم يقول: رأيت إبراهيم بن أدهم بجبيل وسألته: منذ كم قدمت الشام؟ قال: مذ أربع وعشرين سنة، فقلت هنيئاً لك مرابط ومجاهد، فقال: والله ما قدمت مرابطاً ولا مجاهداً وإنما قدمت الشام لأشبع من خبز الحلال، تراني أحمل هذا الحطب من الجبل فأبيعه فلا يراني أحد إلا قال فلاح أو حمال.
أنبأنا أبو القاسم بن صصرى قال: أخبرنا أبو الكرم بن الشهر زوري إذنا عن أبي القاسم بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا يحيى بن صاعد قال: حدثنا محمد بن عبد الرحيم أبو يحيى صاحب السابري ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ومحمد بن اشكيب ومحمد بن إسحق وعباس بن محمد وغيرهم قالوا: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم يومئذ فليظهره، فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: قال لنا ابن صاعد: وقد رواه سريج بن يونس وقدماء شيوخنا عن خلف بن تميم هكذا وكانوا يرون إن عبد الله بن السري هذا شيخ قديم، ممن لقي ابن المنكدر، وسمع منه، وممن صنف المسند، فقد رسمه باسمه في الشيوخ الذين رووا عن ابن المنكدر، فحدثنا به عن شيخ خلف بن تميم، فإذا هو أصغر منه وإذا خلف قد أسقط من الإسناد ثلاث نفر.
قال ابن عدي: حدثناه ابن صاعد، قال: حدثنا موسى بن النعمان أبو هارون بمصر قال: حدثنا عبد الله بن السري بأنطاكية قال حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة ابن عبد الرحمن القرشي عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: قال لنا ابن صاعد: وقد حدثونا عن الشيخ الذي حدث به عنه شيخ خلف بن تميم، حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا محمد بن معاوية الأنماطي قال: حدثنا سعيد بن زكريا عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد ابن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعنت آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.
قال ابن عدي: حدثناه الحسين بن الحسن بن سفيان ببخارى قال: أخبرنا أحمد ابن نصر قال: حدثنا عبد الله بن السري الأنطاكي قال: حدثنا سعيد بن زكريا المدائني عن عنبسة بن عبد الرحمن عن محمد بن زاذان عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها فمن كان عنده علم فليظهره فإن كاتم العلم يومئذ ككاتم ما أنزل الله عز وجل على محمد صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: حدثنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا الحسن بن الصباح قال: حدثنا خلف بن تميم أبو عبد الرحمن الكوفي قال: حدثنا عبد الله بن السري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا لعن آخر هذه الأمة أولها: قال أبو عبد الله: لا أعرف عبد الله ولا له سماعاً من ابن المنكدر.
قلت عبد الله بن السري الأنطاكي معروف وكان من الصالحين، وستأتي ترجمته في هذا الكتاب، وإنما انكره البخاري بروايته عن محمد بن المنكدر، وعصره لا يقتضي ذلك، وقد بين ابن عدي في ذلك ما فيه كفاية.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح المؤذن قال: حدثنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا عباس بن محمد قال: حدثنا خلف بن تميم قال: حدثنا عبد الله ابن المبارك قال: سمعته يقول: من أراد الشهادة فليدخل دار البطيخ بالكوفة ويترحم على عثمان، قال خلف بن تميم: فدخلت دار البطيخ بالكوفة فرأيت الأرطال والكيالج، فكرهت أن أقول شيئاً.
قال يحيى بن معين: وكان الفزاري يحدث عن خلف بن تميم يقول: خلف مولى جعدة بن هبيرة.
وأنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: أخبرنا أبي قال: قال أبو زكريا يحيى بن معين: خلف بن تميم مولى جعدة بن هبيرة.
أنبأنا الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قال: خلف بن تميم أبو عبد الرحمن، سمع إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر يقال مولى جعدة بن هبيرة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم التميمي الدارمي من أنفسهم، ويقال: مولى جعدة بن هبيرة المصيصي، سمع إسماعيل بن إبراهيم وزائدة، روى عنه إبراهيم بن محمد أبو إسحاق.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قيس الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا خلف بن تميم البجلي أبو عبد الرحمن قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن المهاجر فأسند حديثاً.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: خلف بن تميم بن مالك أبي عتاب، أبو عبد الرحمن التميمي الدارمي، ويقال البجلي، ويقال المخزومي مولى آل جعدة بن هبيرة، كوفي نزل المصيصة، وطاف بالشام، سمع إبراهيم بن أدهم بجبيل من ساحل دمشق، وحدث عنه وعن إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر الكوفي، وعبيد الله بن محمد بن سعد الأنصاري، وعبد الله بن السري الزاهد الأنطاكي، وزائدة بن قدامة الثقفي وأبي الأحوص سلام بن سليم، ومحمد بن عبد العزيز التيمي، والمفضل بن يونس وعمارة بن شبيب وسفيان الثوري، وعاصم بن محمد بن زيد العمري، وأبيه تميم بن مالك.

روى عنه أبو إسحاق إبراهيم بن محمد الفزاري، والحسن بن الصباح، وعبد العزيز بن المبارك الدينوري، وعلي بن محمد بن علي بن أبي المضاء، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي وهارون بن الحسن، والفضل ابن سهل الأعرج، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، ومحمد بن الفرج الأزرق، وأحمد ابن الخليل البغدادي نزيل نيسابور، وأبو حميد عبد الله بن محمد ابن تميم المصيصي، ومحمد بن الحسين البرجلاني، ومحمد بن علي السرخسي، وشريح بن يونس، ومحمد بن عبد الرحيم صاعقة، ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه ومحمد بن الحسين بن بشران، ومحمد بن غالب بن حصن الأنطاكي، ومحمد بن إسحاق الصغاني، وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن بكر البالسي، وإسماعيل ابن أبي الحارث، ومحمد بن يزيد المستملي، وأبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن صفوة المصيصي ويعقوب بن شيبة وغيرهم.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم ابن الحجاج يقول: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم المصيصي سمع إسماعيل بن إبراهيم بن مهاجر وعمار بن محمد.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن يحيى بن إبراهيم التميمي قراءة قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله، قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم.
قال ابن ناصر: أنبأنا أبو طاهر بن الأنباري قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن المهتدي قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: أبو عبد الرحمن خلف بن تميم.
أخبرنا أبو القاسم بن الحسين بن رواحة فيما أذن لنا فيه قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد عن المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن أحمد بن حمة الخلال قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي قال: وخلف بن تميم أبو عبد الرحمن ثقة صدوق، أحد النساك والمجاهدين، صحب إبراهيم بن أدهم.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خلف بن تميم بن أبي عتاب أبو عبد الرحمن سمعت أبي يقول ذلك، وسألته عنه فقال: ثقة صالح الحديث.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد فيما أذن لي في روايته عنه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أحمد بن عمر السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً عن أبي القاسم بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعد قال: سألت يحيى بن تميم عن خلف بن تميم أي شيء حاله؟ فقال: هو المسكين شيخ صدوق.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحلبي بها قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري الحافظ قال: أخبرنا القاضي عياض بن موسى إذنا قال: أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ، ح.
وأنبأنا الحافظ أبو الحسن على المفضل المقدسي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبار قال: حدثنا أبو الحسن الفالي قال: حدثنا القاضي ابن جلاد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الغزاء قال: حدثنا يوسف ابن مسلم قال: حدثنا خلف بن تميم قال: كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة: يا أبا الصلت إني كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فقال لي: لا تحدث إلا بما تحفظ بقلبك وتسمع بأذنك، قال: فألقيتها.
قال أبو الحسن المقدسي: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبار قال: حدثنا أبو الحسن الفالي قال: حدثنا أحمد بن إسحق النهاوندي قال: حدثنا الحسن بن عبد الرحمن قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن معدان قال: حدثنا يوسف بن مسلم قال: حدثنا خلف بن تميم قال: أتيت حيوة بن شريح فسألته، فأخرج إلي كتاباً، فقال: اذهب فانسخ هذا واروه عني، قلت: لا تقبله إلا سماعاً، قال: كذا أفعل بغيرك فإن أردته وإلا فذره، قال: فتركه.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي القاسم نصر بن أحمد ابن مقاتل قال: أخبرنا جدي أبو محمد قال: حدثنا أبو علي الأهوازي قال: أخبرنا عمران بن الحسن بن يوسف الخفاف قال: حدثنا عبد الله بن ضوء الرقي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد قال: حدثنا محمد بن العباس قال: كنت عند يوسف ابن أسباط وعنده خلف بن تميم فقال له خلف: أوصني، قال أوصيتك يا عم بترك الحديث، فقال له خلف: يا أبا محمد فلم كتبناه وأدلجنا فيه بالأسحار، ولم رحلنا فيه؟ فقال له يوسف: يا أبا عبد الرحمن أليس قد أكل به الألباء العقلاء واستزاروا به الولاة واستطالوا به على أهل بلادهم، أينا جلس مجلساً فأحب أن يقوم منه حتى يعرف مكانه، فمن سلم من هذا فما أخشى ما هذا، أو كلام هذا معناه.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم رمضان بن علي بن عبد الساتر الزيادي بتنيس قال: أخبرنا أبو الحسن أبو الحسن أحمد بن محمد بن عمر بن نصير قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن أحمد السمرقندي قال: حدثنا أبو أمية محمد ابن إبراهيم الطرسوسي قال: حدثنا أبو مسلم المستملي قال: ومات حجاج الأعور سنة ست ومائتين وفيها مات الهيثم بن عدي، ويزيد بن هارون، وشبابه بن سوار، ومحاضر، وعمر بن حبيب، وخلف بن تميم، ومحمد بن جعفر المدائني.
قال أبو القاسم وذكر أبو عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي فيما سقط من رواية أحمد بن معروف، عن الحسين بن الفهم عنه. قال: خلف بن تميم الكوفي كان عالماً توفي بالمصيصه سنة ثلاث عشرة ومائتين في خلافة عبد الله بن هارون.
قال أبو القاسم: وذكر أبو عبد الله محمد بن سعد كاتب الواقدي فيما سقط بباب الصغير، وأن قبره إلى جانب مقبرة ابن المصيصي وهي مقبرة البهجة ابن أبي عقيل.
أخبرنا أبو علي الأوقي إذناً قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة ومائتين: خلف بن تميم، قاله أبو عبيدة معمر بن المثنى يعني مات فيها.
خالد بن سالم أبو محمد المخرمي السندي مولى المهالبة:
دخل حلب صحبة أحمد بن حنبل وسمعا بها من مبشر بن إسماعيل الحلبي، ثم خرج معه إلى طرسوس، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أحمد بن حنبل.
روى عن مبشر بن إسماعيل، وعبد الصمد بن عبد الوارث ويحيى بن آدم، وأبي بكر بن عياش، وهشيم بن بشير ومعن بن عيسى، ويحيى بن سعيد القطان، وسعد ويعقوب ابني إبراهيم بن سعد، وعبد الرزاق بن همام، وإسماعيل بن عليه، ومعن بن عيسى، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي نعيم الفضل بن دكين، ويزيد بن هارون، ومحمد بن جعفر غندر، ووهب بن جرير.
روى عنه أبو علي صالح بن محمد البغدادي وأبو بكر يعقوب بن يوسف المطوعي، وأبو عبد الله أحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي وإسماعيل بن أبي الحارث، والحسن بن علي المعمري، ويعقوب بن شيبة وعباس الدوري، وأحمد بن أبي خثيمة، وحاتم بن الليث وجعفر الطيالسي، وعبد الله بن محمد البغوي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب العباسي، قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن محمد بن أحمد الخلمي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد ابن الحسين بن خدام البخاري قال: حدثنا الفقيه الصالح أبو إسحاق إبراهيم بن مسلم الشكاني قال: أخبرنا أبو حفص أحمد بن أحيد بن حمران قال: حدثنا أبو علي صالح بن محمد البغدادي قال: حدثنا خلف بن سالم قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا محمد بن ثابت قال: حدثني أبي ثابت البناني عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا مررتم برياض الجنة فارتعوا، قالوا يا رسول الله: وما رياض الجنة؟ قال: حلق الذكر.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن عدي بن زحر البصري في كتابه قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: قال أبو داود سليمان بن الأشعث: سمعت من خلف بن سالم خمسة أحاديث سمعتها من أحمد بن حنبل، وكان أبو داود لا يحدث عن خلف بن سالم.

وقال أحمد بن علي: حدثت عن محمد بن العباس بن الفرات قال: أخبرني الحسن بن يوسف الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرنا علي بن سهل بن المغيرة البزاز قال: سمعت أحمد بن حنبل وسئل عن خلف بن سالم: قال: لا يشك في صدقه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: حدثنا البرقاني قال: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألته يعني أحمد بن حنبل عن خلف المخرمي فقال: نقموا عليه تتبعه هذه الأحاديث، قلت: هو صادق؟ قال: ما أعرفه يكذب مع أنه قد دخل مع الأنصاري في شيء يحكي عنه أمر بغيض كان إذا أمر لإنسان بشيء اشتراه قلت: كان يعين؟ قال: العينة أحسن من ذا، ثم قال: كنت أعرفه عفيف البطن والفرج.
وقال الحافظ أبو بكر: أخبرنا علي بن الحسين صاحب العباسي، أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الفارسي قال: حدثنا بكر بن سهيل قال: حدثنا عبد الخالق بن منصور قال: سألت يحيى بن معين عن خلف المخرمي فقال: صدوق، فقلت له: يا أبا زكريا إنه يحدث بمساويء أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال: قد كان يجمعها وأما أن يحدث بها فلا.
أنبأنا عمر بن محمد الدار قزي قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: ليس بخلف بن سالم المسكين بأس لولا أنه سفيه.
وقال أحمد بن زهير: أخبرني من سمع أبا المحلم يقول: إن أخانا خلف بن سالم ليس عليه أحد بسالم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن يعقوب بن شيبه قال: حدثنا جدي قال: حدثنا خلف بن سالم وكان ثقة ثبتاً قال: وذكر جدي مسدداً والحميدي فقال: كان خلف بن سالم أثبت منهما.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن محمد بن إبراهيم التميمي قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد خلف بن سالم بغدادي مخرمي ثقة.
أخبرنا أبو حفص بن طبرزد إذناً قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: خلف بن سالم أبو محمد المخرمي مولى المهالبه، وكان سندياً، سمع أبا بكر بن عياش وهشيم بن بشير ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وإسماعيل بن علية، وسعد بن إبراهيم بن سعد وأخاه يعقوب بن إبراهيم ومعن بن عيسى وأبا نعيم الفضل بن دكين ومحمد بن جعفر غندراً، ويزيد بن هارون ووهب بن جرير، وعبد الرزاق بن همام.
روى عنه إسماعيل بن أبي الحارث وحاتم بن الليث ويعقوب بن شيبه، وأحمد ابن أبي خيثمة وجعفر الطيالسي، وعباس الدوري، ويعقوب بن يوسف المطوعي، والحسن بن علي العمري، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي.
أخبرنا أبو الفرج حمزة القبيطي الحراني في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد يقول: سمعت عباس بن محمد الدوري يقول: سمعت خلف بن سالم يقول: سماع الحديث هين والخروج منه شديد.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: كتب إلي محمد ابن إبراهيم الجوزي من شيراز يذكر أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: كان موت خلف بن سالم ببغداد وهو ابن سبعين سنة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي ثابت الخطيب قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي الأبار قال: ح.

قال الخطيب أبو بكر: وأخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات خلف بن سالم سنة إحدى وثلاثين ومائتين، زاد البغوي في آخر شهر رمضان، قال: وقد رأيته وسمعت منه.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الرحمن بن عثمان التميمي بدمشق قال: أخبرنا القاضي أبو بكر الميانجي قال: قال لنا الصوفي وهو أحمد بن الحسن بن عبد الجبار: مات خلف بن سالم يوم الأحد لسبع بقين من شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين ومائتين، وهو ابن تسع وستين سنة.
وقال الخطيب أخبرنا محمد بن أحمد بن زرق قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن زرق قال: أخبرنا بن إسحاق بن وهب البندار قال: حدثنا أبو غالب علي ابن أحمد بن النضر قال: ومات خلف بن سالم سنة ثنتين وثلاثين، قال الخطيب: والقول الأول الصواب والله أعلم.
خلف بن القاسم بن سهل
وقيل ابن سهلون بن محمد بن يونس بن الأسود أبو القاسم الأزدي القرطبي الحافظ المعروف بابن الدباغ، سمع بالأندلس أحمد بن يحيى بن زكريا بن الشامة، ثم رحل إلى المشرق، وحج وسع بمصر أبا الحسن محمد بن عثمان بن أبي التمام إمام الجامع، وأحمد بن محمد بن موسى الحضرمي والحسن ابن الخضر الأسيوطي، وأبا أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح بن المفسر، وحمزة ابن محمد الكتاني، والحسن بن رشيق، وأبا بكر محمد بن الحارث الأطروش، وأبا بكر أحمد بن صالح بن عمر المقريء البغدادي، وأبا الفضل يحيى بن الربيع ابن محمد العبدي، وأبا علي سعيد بن عثمان بن السكن الحافظ.
وحج إلى بيت الله الحرام، فسمع بمكة أبا بكر أحمد بن محمد بن سهل الحداد، وأبا بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت، وسمع بدمشق أبا القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب، وأبا الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي، وبحران أبا عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأبا الحسن علي ابن الحسن بن علان، وجماعة يطول ذكرهم.
ففي طريقه ما بين دمشق وحران اجتاز بحلب أو ببعض أعمالها.
روى عنه أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر الحافظ، وأبو عمرو عثمان ابن سعيد بن عثمان الداني، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، وأبو الفتح بن مسرور البلخي.
كتب إلينا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال في كتابه قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الملك بن مروان الحراني وبشر بن سعيد أبو الطيب الرافقي، وسلم بن معاذ الدمشقي.
قال: وحدثنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن نصر ومحمد بن إبراهيم الأنماطي ومحمد بن سعيد الحراني قالوا كلهم: حدثنا أحمد بن عبد الرحمن بن المفضل الحراني قال: حدثنا مسكين بن بكير قال: حدثنا المسعودي عن عبد الملك بن عمير عن أيمن بن خريم بن فاتك عن أبيه قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الفتى خريم بن فاتك لو قصر من شعره ورفع من إزاره، قال خريم: لا يفارق شعري أذني ولا إزاري كعبي.
قال ابن السكن وليس يروى عن خريم هذا الحديث بإسناد متصل إلا من هذا الوجه. أخبرنا الشيخ أبو الحسن.....
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم صدقه بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي قراءة قال: قرأ لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ بلفظه من كتابه بدمشق قال: قرأت في كتاب أبي الفتح عبد الواحد بن محمد بن مسرور البلخي بخطه: قال: حدثنا أبو القاسم خلف بن القاسم بن سهلون الأندلسي قال: حدثنا أحمد بن زكريا بن الشامة قال: حدثني أبي قال: حدثني خالي إبراهيم بن قاسم بن هلال قال: حدثني فطيس السبائي قال: سمعت مالكاً يقول في قول الله عز وجل: " ما يلفظ من قول إلا لديه رقيب عتيد " ، قال: يكتب عليه حتى الأنين في مرضه.

قال: وأخبرنا أبو القاسم صدقه بن محمد قال: قال لنا أبو عبد الله الحميدي في كتاب تاريخ الأندلس تصنيفه: خلف بن قاسم بن سهل، ويقال له أيضاً ابن سهلون بن أسود، أبو القاسم، المعروف بابن الدباغ، كان محدثاً مكثراً حافظاً، سمع بالأندلس من يحيى بن زكريا بن الشامة وغيره، ورحل قبل الخمسين وثلاثمائة إلى مصر ومكة والشام وسمع جماعة منهم أبو الحسن محمد بن عثمان ابن أبي التمام جامع مصر، صاحب أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي وأبو قتيبة سلم بن الفضل البغدادي، وأبو بكر محمد بن الحارث الأبيض القرشي الأطروش وأحمد بن محمد موسى بن عيسى الحضرمي صاحب أحمد بن شعيب النسائي، والحسن بن الخضر الأسيوطي وأبو أحمد عبد الله بن محمد بن ناصح بن شجاع المعروف بابن المفسر بمصر، وأبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الموت المكي صاحب علي بن عبد العزيز وأبو محمد عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد ابن زنجويه البغدادي وعلي بن يعقوب بن إبراهيم بن أبي العقب الدمشقي، وأبو محمد الحسن بن رشيق المصري المعدل، وأبو بكر محمد بن أحمد بن المسور المعروف بأبي طنه، وأبو الميمون عبد الرحمن بن عمر بن راشد البجلي صاحب أبي زرعة الدمشقي، وأبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس الكتاني، وأبو بكر محمد بن الحسين بن محمد بن عبد الخالق الحطاب بالحاء المهملة وأبو عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني، وأحمد بن محبوب بن سليمان الفقيه وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي، وأبو الحسن علي بن الحسن بن علاّن صاحب تاريخ الجزيرة، وأحمد بن محمد الأصبهاني المعروف بابن أشنه صاحب كتاب المحبر في القراءات، والحسن بن أبي هلال صاحب النسائي، وأبو بكر أحمد بن صالح بن عمر المقريء البغدادي صاحب ابن مجاهد، لقيه بمصر، وأبو حفص عمر ابن محمد بن القاسم التنيسي صاحب بكر بن سهل الدمياطي، وأبو الفضل يحيى بن الربيع بن محمد العبدي لقيه بمصر، وأبو الحسن علي بن العباس ابن محمد بن عبد الغفار، المعروف بابن الونّ، وأبو بكر محمد بن أحمد بن كامل ابن الوليد بن صالح بن خروف، وأبو علي عبد الواحد بن أحمد بن محمد بن أبي الخصيب، وأبو الحسن علي بن محمد بن إبراهيم المعلم الحلاب، وأبو عمر محمد ابن يوسف بن يعقوب، وعبد الله بن محمد بن إسحق بن معمر الجوهري والحسين ابن جعفر الزيات، وأحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الحداد، والسليل بن أحمد السليل صاحب محمد بن جرير الطبري، وأبو علي سعيد بن السكن الحافظ.
وذكر غيرهم ثم قال: وجمع مسند حديث مالك بن أنس، ومسند حديث شعبة ابن الحجاج، وأسماء المعروفين بالكنى من الصحابة والتابعين وسائر المحدثين، وكتاب الخائفين وأقضية شريح، وزهد بشر بن الحارث وغير ذلك.
روى عنه شيخنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ فأكثر، وكان لا يقدم عليه من شيوخه أحداً، وذكره لنا فقال: أما خلف بن القاسم بن سهل الحافظ، فشيخ لنا وشيخ لشيوخنا أبو الوليد بن الفرضي وغيره، كتب بالمشرق عن نحو الثلاثمائة رجل وكان من أعلم الناس برجال الحديث، وأكتبهم له وأجمعهم لذلك وللتواريخ والتفاسير، ولم يكن له بصر بالرأي، يعرف بابن الدباغ وهو محدث الأندلس في وقته.
قال الحميدي: وقد كتب عنه أبو الفتح عبد الواحد بن محمد ابن مسرور.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خلف بن القاسم بن سهل بن محمد بن يونس بن الأسود أبو القاسم المعروف بابن الدباغ الأزدي القرطبي الحافظ، سمع بدمشق أبا الميمون بن راشد، وأبا القاسم بن أبي العقب، وبمكة أبا بكر أحمد بن محمد بن سهل بن رزق الله، المعروف ببكير الحداد وأبا بكر بن أبي الموت، وبمصر عبد الله بن محمد بن المفسر الدمشقي، وحمزة بن محمد الكتاني الحافظ، والحسن بن رشيق وغيرهم.
روى عنه أبو عمر يوسف بن محمد بن عبد البر الحافظ، وأبو الفتح بن مسرور البلخي، وأبو الوليد عبد الله بن محمد بن يوسف بن الفرضي، وأبو عمرو عثمان بن سعيد بن عثمان الداني.

قال الحافظ: ذكر أبو الوليد عبد الله بن محمد الفرضي أنه قرأ القرآن على جماعة من أهل القراءة، وكان حافظاً للحديث عالماً بطرقه، ألف كتباً حساناً في الزهد، ومولده سنة خمس وعشرين، وتوفي ليلة السبت لثلاث عشرة ليلة بقيت من شهر ربيع الآخر سنة ثلاث وتسعين وثلاثمائة ودفن يوم الأحد.
خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي أبو محمد الحافظ:
حدث بمعرة النعمان وغيرها عن أبي بكر أحمد بن إبراهيم بن العباس الإسماعيلي، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم البدوي النيسابوري، وعبد الله بن محمد بن عثمان المزني وأبي بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي، وأبو الفضل محمد بن عبد الله خميرويه، والحسين بن أحمد الديني، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن معدان المروزي الفقيه، وأبي محمد الحسن بن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عيسى بن بشر بن شيرويه القشيري، وأبي محمد عبد الله بن ماسي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد، وأبي سليمان محمد بن عبد الله ابن أحمد بن زبر الدمشقي.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، والحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري، وعبد الرحمن بن علي بن محمد بن رجاء الأطرابلسي، وأبو صالح محمد بن المهذب المعري التنوخي، وأبو الحسن علي بن محمد الحنائي الدمشقي وأبو علي الحسن بن علي الأهوازي، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري، وأبو عبد الرحمن محمد ابن علي الصوري.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي فيما أذن لي فيه غير مرة قال: أخبرنا محمد بن كامل بن ديسم في كتابه عن أبي صالح محمد بن المهذب بن علي المعري قال: حدثنا أبو محمد خلف بن علي الحافظ الواسطي رحمه الله في المسجد الجامع بمعرة النعمان في صفر سنة اثنتين وتسعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو بكر بن إبراهيم بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن حمدان بن وهب الدينوري الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن عبد الله بن محمد المقدسي قال: كنت بمكة فسمعت أبا عبد الله محمد بن إدريس الشافعي رضي الله عنه يقول: سلوني أخبركم من كتاب الله تعالى وسنة رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقام إليه رجل فقال: يا أبا عبد الله ما تقول في المحرم يقتل الزنبور؟ فقال: بسم الله الرحمن الرحيم، قال الله تبارك وتعالى: " ما أتاكم الرسول فخذوه وما نهاكم عنه فانتهوا " .
وحدثنا سفيان بن عيينة عن مالك بن عمير عن ربعي بن خراش عن حذيفة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلمك اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر وعمر.
وحدثنا سفيان بن عيينة عن مسعر عن قيس بن مسلم عن طارق بن شهاب عن عمر بن الخطاب رضي الله عنه أن المحرم يقتل الزنبور.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وعبد الرحمن بن عمر الغزال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: خلف بن محمد الواسطي أبو محمد، وكان من الحفاظ، قدم نيسابور سنة إحدى وسبعين وثلاثمائة فسمع من مشايخه ثم دخل مرو وهراة، وانصرف إلينا مدة ولنا به أنس، ثم انصرف إلى العراق وثبت على طلب الحديث، ودخل الشام ومصر وورد علي كتابه وقد أخذ لي جملة من الإجازات بأحاديث استنفدتها، وكان حافظاً لحديث شعبة وغيره.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل فيما أجاز لنا، وقرأت عليه إسناده قال: أخبرنا.... قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون الواسطي، قدم علينا قدمتين وصحبناه بنيسابور وأصبهان من الكتبة، آخر قدمته علينا سنة إحدى وثمانين وثلاثمائة.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون، أبو محمد الواسطي سمع عبد الله بن محمد بن عثمان المزني، وورد ببغداد فسمع من ابن مالك القطيعي، وأبي محمد بن ماسي، ووافق أبا الفتح بن أبي الفوارس في رحلته فكتب الكثير، وسمع من أبي بكر الإسماعيلي بجرجان، ودخل بلاد خراسان، فكتب عن شيوخها وعاد إلى بغداد فأقام بها مدة، ثم خرج إلى الشام فسمع ممن أدرك بها ودخل مصر فانتقى على شيوخها، وكتب الناس بانتخابه، وخرج أطراف الصحيحين وكان له حفظ ومعرفة، ونزل بعد ذلك ناحية الرملة واشتغل بالتجارة، وترك النظر في العلم إلى أن مات هناك، وقد كان حدث ببغداد شيئاً يسيراً، حدثني عنه الأزهري.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خلف بن محمد بن علي بن حمدون، أبو محمد الواسطي الحافظ صاحب كتاب أطراف أحاديث صحيحي البخاري ومسلم، حدث عن أحمد بن جعفر القطيعي والحسين بن أحمد المديني، وأبي بكر الإسماعيلي، وأبي العباس أحمد بن سعيد بن معدان المروزي الفقيه، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم العدوي النيسابوري، وأبي الفضل محمد بن عبد الله بن خميرويه الهروي، وأبي بكر محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب المفيد وأبي محمد الحسن ابن أحمد بن محمد بن يعقوب بن عيسى بن بشر بن شيرويه القشيري.
روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو الحسن علي بن محمد الحنائي الدمشقي، وأبو نعيم الأصبهاني، وأبو علي الأهوازي، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن عثمان الأزهري، وعبد الرحمن بن علي بن محمد بن عمر بن رجاء بن أبي العيش الأطرابلسي.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن علي قال: سمعت الأزهري يقول: كان خلف بن محمد الواسطي حافظها، وكان محمد بن أبي الفوارس أستاذه. قال أحمد بن علي: وقال لي محمد بن علي الصوري: مات خلف الواسطي بعد سنة أربعمائة.
خلف بن ملاعب الأشهبي الملقب سيف الدولة
كان كريماً شجاعاً جباراً ظالماً يقطع الطريق، ويخيف السبيل، وإليه تنسب قبة ابن ملاعب، وهي حصن دثر في طرف بلد حلب، بينها وبين سلمية، وكان في يده حمص وأفامية، فكتب الولاة بالشام إلى السلطان ملك شاه وشكوا إليه خلف ابن ملاعب، فكتب إلى أخيه تاج الدولة صاحب دمشق، وإلى قسيم الدولة آق سنقر صاحب حلب، وإلى بزان صاحب الرها وإلى يغي سغان صاحب أنطاكية يأمرهم بمحاصرته وانتزاع معاقله من يده وحمله إليه، فاجتمعوا عليه وهو بحمص وسبقهم بزان فلم يمكنه من الخروج من حمص، فافتتحوا حمص وسيروا خلف بن ملاعب في قفص حديد إلى السلطان ملك شاه فأطلق حمص لأخيه تتش، وحبس ابن ملاعب، وبقي في حبسه إلى أن أطلقته خاتون امرأة السلطان ملك شاه، فمضى إلى مصر إلى الأفضل أمير الجيوش جماعة من أهل أفامية في سنة تسع وثمانين، وقيل سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وكان ولاتهم فيها، والتمسوا منه والياً يكون عليهم، ووقع اقتراحهم على ابن ملاعب، فوصل في ذي القعدة من إحدى السنتين، ودخل أفامية وملكها وتجددت وحشة بينه وبين ابن منقذ، أظنه أبا المرهف نصر بن علي بن منقذ، وكان قسيم الدولة آق سنقر حين فتح أفامية جعله بها واتصلت غارات ابن ملاعب على شيزر وكفر طاب والجسر وزحف ابن منقذ إليه ومعه خلق من رجاله فظفر بهم ابن ملاعب وكان في نفر يسير، فقتل جماعة، وأسر جماعة وباعهم أنفسهم، واستقرت الحال بينهم بعد ذلك ثم عمل الباطنية حيلة على القلعة وعليه حتى قتلوه في سنة تسع وتسعين وأربعمائة.

قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مشد بن علي بن منقذ الذي ذيل به تاريخ أبي غالب همام بن المهذب المعري قال: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة فيها كتب ولاة الشام إلى السلطان شاه يشكون فيها ما يلقونه من خلف بن ملاعب بحمص من قطع الطريق وإخافة السبيل، فأمر السلطان أن يسير إليه بوازن وقسيم الدولة وتاج الدولة ويغي سغان، فسبق إليه بزوان، فنزل قريباً من حمص فكتمه ما يريد حتى بلغ منه غرضاً، ودخل إليه رسوله فقال: عاش لك ملاعب، ثم حصر بزان المدينة واجتمع عليها كل من في الشام فافتتحت، وكل من الأمراء المذكورين طلبها، فكتبوا جميعاً إلى السلطان فأنعم بها على أخيه تاج الدولة، وأمر السلطان بحمل خلف بن ملاعب في قفص من حديد إلى قلعة أصبهان، فحمل وحبس بها حتى مات السلطان.
وقال سنة أربع وثمانين وفيها نزل قسيم الدولة آق سنقر على أفامية، وملكها وسلمها إلى عمي عز الدين أبي المرهف نصر بن سديد الملك، وذلك في شعبان.
أنبأنا أبو محمد بن عبد الله الأسدي قال: كتب إلينا أبو المظفر أسامة بن مرشد ابن علي بن منقذ قال: كانت حمص في سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة لسيف الدولة خلف بن ملاعب الأشهبي فنزل على سلمية وأخذ الشريف إبراهيم الهاشمي فرماه في المنجنيق إلى برج سلمية، وأخذ قوماً من بني عمه مأسورين فمضى من بقي منهم واستغاثوا عليه بالخليفة والسلطان ملك شاه، فخرج أمر السلطان إلى أمراء الشام: تاج الدولة تتش صاحب دمشق، وقسيم الدولة صاحب حلب، وبزان بن ألب صاحب الرها ويغي سغان صاحب أنطاكية بالنزول على حمص والقبض على سيف الدولة خلف بن ملاعب وتسييره إليها فنزلوا على حمص وحاصروه وأخذوه وسيره إلى السلطان، فأقام في الحبس إلى أن توفي ملك شاه في شوال سنة خمس وثمانين وأربعمائة فأطلقته خاتون امرأة السلطان وتسلم قسيم الدولة آق سنقر مدينة حمص وقلعتها، فلما قتل قسيم الدولة، قتله تاج الدولة، وتسلم البلاد وسلم حمص إلى جناح الدولة حسين.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي وقال: سنة ثلاث وثمانين وأربعمائة: وفيها سار الأمير قسيم الدولة وبزان وغسيان وتاج الدولة، ونزلوا حمص وفتحوها في يد ابن ملاعب، وحملوا ابن ملاعب في قفص حديد إلى عند السلطان، فلما هلك السلطان خلص ابن ملاعب وصعد إلى مصر، وعاد منها تسلم قلعة أفامية، وأقام بها سبعة عشر سنة وقتل.
وقال: سنة أربع وثمانين وأربعمائة فيها تسلم الأمير قسيم الدولة قلعة أفامية من يد ابن ملاعب، وترك فيها بعض بني منقذ، وعاد إلى حلب في العاشر من رجب.
قلت هكذا ذكر العظيمي، ونقلته من خطه من كتاب في التاريخ جمعه وسماه المؤصل على الأصل الموصل، وقال: وعاد منها يعني من مصر تسلم قلعة أفامية وأقام بها سبعة عشر سنة، وهذا وهم فإن قتل ابن ملاعب سنة تسع وتسعين وعوده من مصر فيها، وإن كان أراد ولايته الأولى فالكلام غير مستقر لأنه أخبر أنه تسلم قلعة أفامية وأقام بها سبعة عشر سنة، وقتل، وقد خرجت عن يده في سنة أربع وثمانين وأربعمائة، وقتل سنة تسع وتسعين فبقيت خارجة عن يده قبل قتله أربع سنين وثلاثة أشهر، وكانت أفامية في يد ابن ملاعب مع حمص في أيام أبي المكارم مسلم بن قريش، فإنني قرأت في كتاب العظيمي بخطه قال: سنة خمس وسبعين وأربعمائة وفيها في صفر حاصر شرف الدولة ابن ملاعب بقلعة حمص، وفيها عاد شرف الدولة إلى حلب وقد صالح ابن ملاعب.
قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرشد الذي ذيل به تاريخ ابن المهذب قال: في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وفيها طلع قوم من أهل أفامية إلى الأفضل يسألونه أن يولي عليهم سيف الدولة خلف بن ملاعب فنهاهم، وقال: لا تفعلوا وحذرهم من فسقه، فقالوا: نحن نجعل عيالاتنا لنا ليلة وله ليلة، فسيره معهم، ووصل أفامية ليلة الأربعاء الثاني والعشرين من ذي القعدة.
قلت: هؤلاء تلك الجبال أكثرهم دهرية درزية يستبيحون ذوات الأرحام ولا يعتقدون تحريم الحرام.

قرأت بخط عمر بن محمد العليمي المعروف بابن حوائج كش الحافظ، وأخبرنا به، إجازة عنه، أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة، وذكر العليمي أنه نقله من خط ابن زريق يعني أبا الحسن يحيى بن علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق، وكان عالماً بالتاريخ، قال: وقدم إلى أفامية يعني خلف بن ملاعب من مصر سنة تسع وثمانين وأربعمائة لأن أهل أفامية مضوا إلى مصر يلتمسون والياً يكون عليهم، ووقع اقتراحهم عليه، فوصل في يوم الأربعاء الثامن من ذي القعدة، ودخلها وملكها.
قال: ثم قتل في السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين، قتله جماعة وصلوا من حلب من أصحاب أبي طاهر الصائغ القائم بمذهب الباطنية بعد موت المنجم المعروف بالحكيم بحلب، وكانوا من أهل سرمين، وقاموا فيها بموافقة رجل داع كان بأفامية يقال له ابن القنج، أصله من سرمين وأقام بأفامية يحكم بين أهلها وقرر ذلك مع أهلها، وأحضر هؤلاء ونقب أهلها نقباً في سورها حتى قارب الوصول، فلما وصل هؤلاء لقيهم ابن ملاعب فأهدوا إليه فرساً وبغلة كانوا أخذوها من أفرنج لقوهم في الطريق، فأعلموه أنهم جاؤوا بنية الغزو إلى بلاد الروم وباتوا بظاهر الحصن إلى الليل، ودخلوا من ذلك النقب، ورتبوا بعضهم على دور أولاده لئلا يخرجوا ينجدونه، وصعدوا إليه، فخرج إليهم فطعن في بطنه، فرمى بنفسه ممن القلة يريد دار بعض أولاده فطعن أخرى ومات بعد ساعة، وحين صاح الصائح على القلة، ونادى بشعار رضوان بن تاج الدولة ترامى أولاده وخاصته من السور، فبعضهم قتل وأخذ أكثرهم فيما بين أفامية وشيرز، وقتلوا وسلم الله مصبح ووصل إلى شيزر، وأقام عند ابن منقذ مدة وأطلقه، ودخل طنكلي إلى أفامية عقيب هذا الحادث طمعاً في الحصن ومعه أخ لهذا ابن القنج من سرمين كان مأسوراً فقرروا له شيئاً وعاد عنها فوصل بعض أولاد ابن ملاعب الذين كانوا بدمشق والذي كان بشيزر فذكروا لطنكلي قلة القوت بها، فعاد في رمضان نزل عليها فأقام إلى آخر السنة وفتحها في الثالث عشر من محرم سنة خمسمائة وأسر ابن القنج والصائغ وعاقب ابن القنج وقتله وأطلق بعض أهل أفامية.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الفنكي قال: أخبرنا مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ الكناني في كتابه أن قوماً من أهل أفامية من الإسماعيلية عملوا على ملكها، وتحيلوا عليه بأن جاء منهم ستة نفر وقد حصلوا حصاناً وبغلة وعدداً أفرنجية وتراسا وزردية، وخرجوا من بلد حلب إلى أفامية بتلك العدة والدواب، وقالوا لسيف الدولة خلف بن ملاعب، وكان رجلاً كريماً شجاعاً: جئنا قاصدين خدمتك فلقينا فارس من الإفرنج فقتلناه، وجئنا إليك بحصانه وبغلته وعدته، فأكرمهم وأنزلهم في حصن أفامية في دار بمجاورة السور فنقبوا السور وواعدوا الفاميين إلى ليلة الأحد الرابع والعشرين من جمادى الأولى سنة تسع وتسعين وأربعمائة، فطلع الفاميون من ذلك النقب فقتلوا خلف بن ملاعب وملكوا حصن أفامية.
قرأت بخط العضد أبي الفوارس مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ سنة تسع وتسعين وأربعمائة فيها قفز أهل أفامية مع القاضي ابن القبج على سيف الدولة خلف بن ملاعب وقتلوه أولاده في الرابع والعشرين من جمادى الأولى.
نقلت من خط أبي عبد الله محمد بن علي بن العظيمي في تاريخه وأنبأنا به أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، والمؤيد بن محمد الطوسي وغيرهما عنه قال: سنة تسع وتسعين وأربعمائة وفيها عمل الباطنية على قلعة أفامية وقتلوا ابن ملاعب فيها غيلة وملكوا القلعة، فعاجلهم الفرنج ونزلوا عليهم وحصروهم بها إلى أن أخذوها.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
خلف بن هشام بن عبد الملك بن مروان
ابن الحاكم بن أبي العاص بن أمية الأموي، كان برصافة هشام مع أبيه له ذكر.
خلف بن يزيد الأفقم
ابن هشام بن عبد الملك بن مروان بن الحكم الأموي، ابن أخي المتقدم، كان برصافة هشام وله ذكر.
خليد بن دعلج السدوسي
أبو عبيد وقيل أبو حلبس، وقيل أبو عمر، وقيل أبو عمرو البصري ثم الجزري، نزل الموصل ثم توجه إلى الشام، وسكن بيت المقدس واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.

روى عن مالك بن دينار وعطاء بن أبي رباح، وثابت البناني، والحسن البصري، ومحمد بن سيرين، وقتادة، ومعاوية بن قرة، وكلاب بن أمية، وسعيد بن عبد الرحمن وسعد بن المرزبان البقال، ومطر الوراق.
روى عنه توبة الربيع بن نافع الحلبي، وأظنه سمع منه بحلب، وموسى ابن داود، والوليد بن مسلم، وأبو توبة جرول بن جيفل النميري، ورواد بن الجراح، وعلي بن معمر القرشي، ويحيى بن يمان، وعمر بن حفص العسقلاني، وزيد بن يحيى بن عبيد الله بن الوليد، وإسحاق بن سعيد بن الأركون، وأبو جعفر النفيلي، وروح بن عبد الواحد الحراني، وسلمة بن سليمان بن الموصلي، ومنبه بن عثمان اللخمي، وعلي بن الحسن القرشي، وأبو الجماهر، ومروان الموصلي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة وزوجته نور الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قالت إجازة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقريء قال: حدثنا أبو عسلي الحسن بن القاسم بن دحيم الدمشقي بمصر قال: حدثنا أبو حفص عمر بن مضر قال: حدثنا منبه بن عثمان قال: أخبرنا خليد بن دعلج عن الحسن عن عبد الرحمن بن سمرة قال: قال: يا حسن سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لا تسأل الإمارة فإنه من سألها وكل إليها، ومن ابتلي بها، ولم يسألها أعين عليها. قال ابن دعلج: وقال عمر بن عبد العزيز: إن هذا شيء ما سألت الله عز وجل.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا إسماعيل ابن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عمر الحراني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن يزيد الفردواني قال: حدثنا أبي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو عمر البصري، قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن منير قال: حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال: حدثنا إسحق بن سعيد الدمشقي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو عمر السدوسي قال: وأخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: خليد بن دعلج يكنى أبا عمر، ويقال أبو عمرو السدوسي جزري ويقال أصله بصري، قال البخاري: حدث عن قتادة. روى عنه يحيى بن يمان.
كتب إلينا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أبو أحمد عبد الوهاب ابن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله بن إسماعيل البخاري قال: خليد بن دعلج، سمع الحسن وعن ابن سيرين، وسمع عطاء، وقتاده روى عنه يحيى بن اليمان والنفيلي.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أنبأنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد بن هشام قال: حدثنا الحسن بن محمد بن بكار بن بلال قال: حدثني أبو سلمة إسحاق بن سعيد بن الأركون أن خليد بن دعلج كان يكنى أبا عمرو، وكان سدوسياً.
أنبأنا أبو طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم ابن عمر الصواف قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن حماد الدولابي قال: أبو حلبس خليد بن دعلج.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ قال: أبو عمرو خليد بن دعلج السدوسي بصري الأصل نزل الموصل، وسمع الحسن بن أبي الحسن.

أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: خليد بن دعلج أبو حلبس، ويقال أبو عبيد، ويقال أبو عمرو، ويقال أبو عمر السدوسي البصري سكن الموصل، ثم قدم الشام فسكن ببيت المقدس، حدث بدمشق عن عطاء بن أبي رباح، والحسن، وقتادة، وابن سيرين وسعيد بن عبد الرحمن أخي أبي حرة، ومعاوية بن قرة وأبي سعد سعيد بن المرزبان البقال، وكلاب بن أمية، ومالك بن دينار، وثابت البناني.
روى عنه الوليد بن مسلم، وأبو الجماهر، وزيد بن يحيى بن عبد الله بن الوليد، وموسى بن داود، ورواد بن الجراح، وإسحاق بن سعيد بن الأركون، وأبو توبة الربيع بن نافع، وسلمة بن سليمان الموصلي، وروح بن عبد الواحد الحراني، ومنبه بن عثمان اللخمي، ويحيى بن اليمان وأبو جعفر النفيلي، وعلي بن الحسن القرشي، وجرول بن جيفل أبو توبة النميري، وعمر بن حفص العسقلاني، وعلي بن معمر القرشي.
وقال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا الحسن بن عبد الله الكندي قال: قرأت على علي بن جعفر المالكي قلت: حدثكم أبو إسحاق محمد بن القاسم ابن شعبان أن خليد بن دعلج دمشقي.
وقال الكتاني: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد قال حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال في تسمية نفر قدموا الشام: خليد بن دعلج.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أبو حلبس خليد بن دعلج ليس بثقة.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر إذناً وقرأت عليه إسناده قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المدني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد ابن شعيب بن علي النسوي قال: خليد بن دعلج ليس بثقة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء إجازة عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خليد بن دعلج، سمع الحسن وابن سيرين، وعطاء، وقتادة، ومطر الوراق. روى عنه يحيى بن اليمان، وأبو الجماهر، ومنبه بن عثمان وسلمة بن سليمان وأبو جعفر النفيلي وغيرهم.
قال ابن طبرزد: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة أو سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وخليد بن دعلج بصري الأصل تحول إلى الشام، وهو أمثل من سعيد بن بشير.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن خليد بن دعلج فقال ضعيف.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إذناً قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا يوسف ابن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمرو بن موسى قال: حدثنا عبد الله ابن أحمد بن حنبل قال: سئل لأبي عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف الحديث.
قال العقيلي خليد بن دعلج شامي.
وقال: أخبرنا الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي أبو عبد الرحمن قال: وضعيف يحيى بن معين: سعيد ابن بشير وخليد بن دعلج جمعياً، وقال في موضع آخر: سعيد بن بشير وخليد بن دعلج ضعيفان.
قال الأنماطي: وأخبرنا ثابت قال: أخبرنا أبو العلاء قال: أخبرنا الأحوص قال: أخبرنا أبي قال: قال يحيى بن معين: خليد بن دعلج، وسعيد بن بشير، وعثمان بن عطاء يضعفون.
أنبأنا الكندي عن وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن، قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول خليد بن دعلج ليس بشيء.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان فيما أذن لنا فيه قال: كتب إلينا مسعود بن الحسن الثقفي أن أبا بكر الخطيب أنباناهم في كتابه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: سمعت أبا الحسن أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت: ليحيى بن معين: فخليد بن دعلج؟ قال: ضعيف.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن أبي طاهر الأسدي عن مسعود بن الحسن قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: سمعت أبي يقول: سألت يحيى ابن معين عن خليد بن دعلج فقال: ضعيف الحديث، قلت لأبي: فما تقوله أنت في خليد: فقال: صالح ليس بالمتين في الحديث، حدث عن قتادة أحاديث بعضها منكرة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: وحكى أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن محمد الكتاني الأصبهاني أنه قال لأبي حاتم: ما تقول في خليد بن دعلج؟ قال: كان بصري الأصل سكن ببيت المقدس ليس بمشهور بالبصرة، وليس هو عندي بالمتين.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق قال: أخبرنا محمد بن علي، وعلي بن محمد بن الحسن في كتابيهما عن أبي الحسن الدارقطني، ح.
قال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد قال: أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب إجازة قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني، من المتروكين: خليد بن دعلج، شامي عن قتادة والحسن.
قال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله أيضاً قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال سمعت أبا الحسن الدارقطني وقلت له: خليد بن دعلج ثقة، قال: لا.
أنبأنا ابن طبرزد أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: وعامة حديثه يعني خليداً تابعه عليه غيره، وفي بعض حديثه إنكار، وليس بالمنكر الحديث جداً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي قراءة عليه بنابلس قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد ابن محمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثنا علي ابن أبي مريم عن خالد بن يزيد قال: حدثنا مروان الموصلي قال: قال لي خليد ابن دعلج: دع من الكلام مالك منه بد فعسى إن فعلت ذلك تسلم ولا أراك.
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص البغدادي بها قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن القزار قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد الحراني قال: خليد بن دعلج بصري نزل الموصل وحدث عنه أهل حران وأهل الشام يحدث عن قتادة.
وحدثني محمد بن عبيد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا خليد بن دعلج أبو عمرو السدوسي من أهل البصرة قال: وحدثنا إسحاق بن زيد ومحمد بن يحيى بن كثير قالا: سمعنا أبا جعفر بن نفيل يقول: مات خليد بن دعلج سنة ست وستين ومائة.
ذكر من اسمه خليفة
خليفة بن أحمد بن صدقة:
أبو الماضي الشيزري التاجر من أهل شيزر، تاجر كتب عنه القاضي عبد القاهر ابن علوي المعري المعروف بابن خصا البغل.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي قاضي معرة مصرين قال: وأنشدني الشيخ أبو الماضي خليفة بن أحمد بن صدقة الشيزري التاجر قال: رأى هذه الأبيات على فص خاتم:
جعلت تأمل زرقة في خاتمي وتقول ... فصك ذا لباس المأتم
فأجبتها مذ غاب وصلك وانقضى ... بكيته بدم ودمع ساجم
ورغبت في لبس الحداد لأنه ... لبس الحزينة والحزين الهائم
وخشيت إن أنا في الثياب لبسته ... أن يفطنوا فلبسته في الخاتم
خليفة بن بركة بن خليفة أبو الماضي التادفي:
شاعر حسن أديب من أهل تادف، قرية في وادي بطنان بناحية بزاعا، كثيرة الماء والأشجار وهي التي ذكرها امرؤ القيس بقوله:

ألا رب يوم صالح قد شهدته ... بتادف ذات التل من فوق طرطرا
روى خليفة هذا عن صاعد بن صاعد الرحبي شيئاً من شعره. روى عن الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي، وخرج عنه إنشاداً في معجم السفر وأثني عليه.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أنشدني أبو الماضي خليفة بن بركة ابن خليفة التميمي التادفي، وهي من قرى حلب بالرحبة قال: أنشدني صاعد بن صاعد الرحبي لنفسه من قصيدة:
من القاصرات الطرف شاقك نعتها ... بما أفتن فيه الحسن وهو أفانين
فبالخد ياقوت وبالثغر لؤلؤ ... بمعدن مرجان حقيق وموضون
وتجلو رضاباً لم تشره معسَّل ... وتأرج طيباً حيث لا الطيب مظنون
منعمة لم تدر ما أرض بابل ... وحاجبها المقرون بالسحر مقرون
كأن خط فيها عنوان حسنها ... فسيماه شطر الحاء والسين والنون
وأول القصيدة:
أعين المها بالسجف أم حورها العين ... أم الدر والياقوت فيهن مكنون
قرأت بخط رجل أديب يقال له ذو النون بن سعيد بن بديل بن موسى الموقاني قال الشيخ أبو الماضي خليفة بن بركة النميمي التادفي أدام الله توفيقه وقد كتبها خليفة إليه:
قل للسحاب إذا وافى خراسانا ... مثعنجراً لجب الأرجاء ملآنا
دعج الرعود هزيم الودق منسكباً ... مستصحباً من قرار البحر حيتانا
يحط أثقاله في خير منزلة ... ويستخص من البلدان موقانا
يهمي على ربعها المأنوس هيدبه ... حتى يصير يفاع الأرض غدرانا
وتكتسي جنزة البيضاء من حلل ... الديباج والوشي ألوانا وألوانا
من كان ذو النون منها فهي أجدر أن ... يصوبها الغيث أحيانا وأحيانا
عف الضمائر محمود طريقته ... يرضيك سراً كما يرضيك إعلانا
صفا فأصفيته ودي وخولني ... وداً فكنا على المعروف إخوانا
لو سامحتني الليالي ما سمحت به ... حتى يصير ببطن الأرض مثوانا
لا كان يوم يفاجئني بفرقته ... لا كان من عدد الأيام لا كانا
أخبرنا أبو يعقوب الساوي عن الحافظ أبي طاهر السلفي، ونقلته من خط السلفي، قال: خليفة هذا من أهل الأدب وكان ظاهر الصلاح محموداً ببلده ممدوحاً من أهله.
خليفة بن سليمان بن خليفة بن محمد القرشي:
أبو السرايا الحنفي الحوراني الأصل الحلبي المولد والدار الفقيه المعدل: فقيه حسن، قرأ الفقه بحلب على علاء الدين بن أبي بكر بن مسعود الكاساني ورحل إلى بلاد العجم وتفقه بها على جماعة منهم الصفي الأصبهاني صاحب الطريقة وسمع الحديث بدمشق من أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني، وحدث عنه بعوالي الفراوي بحلب، وسمعت منه أحاديث منها، وكان أبوه من أهل بصرى، قدم منها مع الأيام برهان الدين أبي الحسن علي بن الحسن البلخي، وولد له ابنه خليفة بحلب واشتغل بالعلم ومهر في الشروط واستكتبه والدي رحمه الله حين ولي القضاء كاتباً بين يديه، وكتب بعد ذلك بين يدي شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وجعله من المعدلين بحلب، وتولى التدريس بالمدرسة الحنفية المعروفة بالجاولي، ثم ولاه ألأتابك طغرل بن عبد الله مدرسته التي وقفها على أصحاب أبي حنيفة رضي الله عنه المجاورة لدار صاحب شيزر مضافة إلى الجاولية، وأضيفت كتابة الحكم إلى غيره ودام يدرس بالمدرستين إلى أن مات.

أخبرنا أبو السرايا خليفة بن سليمان بن خليفة القرشي الحنفي قراءة عليه وأنا أسمع بحلب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني بدمشق قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد بن محمد الفراوي قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأديب رحمه الله قال: أخبرنا أبو أحمد الحسين بن علي التميمي قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا حماد بن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كانت شجرة تضر بالطريق فقطعها رجل فنحاها عن الطريق فغفر له.
قال الفراوي: رواه مسلم عن محمد بن حاتم عن بهز بن أسد عن حماد بن سلمة، فصار كأن شيخي سمعه من مسلم رحمه الله.
أخبرني خليفة بن سليمان الحنفي أن مولده بحلب في سنة ست وستين أو سبع وستين وخمسمائة.
وأخبر غيري أنه ولد سنة خمس وخمسين تقريباً على ما ذكره له والده وكتب بخطه في إجازة أن مولده سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وتوفي خليفة بن سليمان سحرة يوم الاثنين الثالث والعشرين من شوال سنة ثمان وثلاثين وستمائة بحلب، ودفن يوم الاثنين بتربته بجبانة مقام إبراهيم عليه السلام خارج باب العراق رحمه الله.
خليفة بن المبارك أبو الاغر السلمي:
قائد مذكور مشهور ولي حلب في سنة تسع وثمانين ومائتين ولاه إياها المكتفي حين تولى الخلافة، وتوجه إليها لمحاربة القرمطي صاحب الخال، وقدمها في عشر آلاف فارس فأنفذ القرمطي سرية إليه إلى حلب في سنة تسعين ومائتين فخرج أبو الأغر فنزل وادي بطنان، فلما استقر وافاهم جيش يقدمه المطوق غلامه فكسبهم، وقتل منهم خلقاً عظيماً فانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغر، فدخل حلب ومعه ألف رجل لا غير، وصار القرمطي إلى باب حلب، فحاربهم أبو الأغر فيمن بقي معه من أصحابه وأهل البلاد فذهبوا وانصرفوا عنه، ثم عزل عن ولاية حلب بعد ذلك.
ذكر أبو عبد الله محمد بن يوسف في رسالته إلى أخيه بخبر القرمطي أن القرمطي وجه بخيل كثيرة ورجاله كثيفة مع المعروف بعميطر، وهو أحد دعاته وثقاته، إلى ناحية حلب، فلما كان يوم الأربعاء لعشر ليال بقين من شهر رمضان يعني سنة تسعين أوقعوا بخليفة بن المبارك المعروف بأبي الأغر وهو في عسكره على غاية الطمأنينة، وما يقدر أن خيل المارقة تبلغ إليه، لأنه لم يكن وصل إلى حلب، وكان أبنه بها فقتل القرامطة عامة من كان في عسكره من الأولياء والتباع والتجار، فأبيد خلق من الناس وسلم أبو الأغر، فصار إلى قرية من قرى حلب وخرج إليه ابنه من المدينة في جماعة من الأولياء والرجالة، فأقاموا على مدينة حلب على سبيل المحاصرة لأهلها، فلما كان يوم الجمعة سلخ شهر رمضان أسرع أهل مدينة حلب إلى الخروج للقاء عدوهم، فمنعوا من ذلك، فكسروا قفل الباب، وخرجوا إلى الفسقة، فدامت الحرب بين الفريقين، ورزق الله الرعية النصر عليهم، وخرج السلطان فأعانهم فقتل من القرامطة جماعة كثيرة.
ولما كان يوم السبت يوم العيد خرج أبو الأغر خليفة بن المبارك إلى المصلى وعيَّد المسلمون وخطب الخاطب ثم عادت الرعية على حال سلامة. وأشرف خليفة ابن المبارك على عسكر الفسقة فما خرج إليه منهم أحد وانصرف فلما آيسوا رحلوا في النصف من ليلة الأحد عن معسكرهم وصاروا إلى صاحبهم الخائن.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: سنة تسعين ومائتين خلع على أبي الأغر ووجه لحرب القرمطي بناحية الشام، فمضى إلى حلب في عشرة آلاف.
قال: وللنصف من شهر رمضان مضى أبو الأغر إلى حلب، ونزل وادي بطنان قريباً من حلب، ونزل معه جميع أصحابه، فنزع فيما ذكر جماعة من أصحابه ثيابهم ودخلوا الوادي يتبردون بمائة وكان يوماً شديد الحر، فبينما هم كذلك إذ وافاهم جيش القرمطي المعروف بصاحب الشامة مقدمهم المعروف بالمطوق، فكبسهم على الحال، فقتل منهم خلقاً كثيراً، وانتهب العسكر، وأفلت أبو الأغر وجماعة من أصحابه، فدخل حلب، وأفلت معه مقدار ألف رجل وكان في عشرة آلاف رجل ما بين فارس وراجل، وقد كان ضم إليه جماعة ممن كان على باب السلطان من قواد الفراغنة ورجالهم، فلم يفلت منهم إلا اليسير، ثم صار أصحاب القرمطي إلى باب حلب فحاربهم أبو الأغر ومن بقي معه من أصحابه وأهل البلاد فانصرفوا عنه.

قرأت في حوادث سنة سبع وتسعين ومائتين من تاريخ ثابت بن سنان بن ثابت بن قرة قال: في أيام المقتدر، وفيها قدم أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي من الرقة بغير إذن فقبض عليه وعلى جماعة من أهله، وكسر سيفة وخرق سواده وحبس.
وقال في حوادث اثنتين وثلاثمائة: وفي يوم الأربعاء لليلتين بقيتا من رجب أطلق أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي من الاعتقال في دار السلطان، وخلع عليه خلع الرضا في يوم الخميس مستهل شعبان.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي إذناً قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خليفة بن المبارك أبو الأغر، ولاه المعتضد قتال الأعراب بطريق مكة، فقتل منهم جماعة وأسر رأسهم صالح بن مدرك بالحيلة، وقدم بغداد في المحرم سنة سبع وثمانين فخلع عليه وطوق بطوق ذهب، ثم ولي حلب، وقدم دمشق مع محمد بن سليمان وغيره من الأمراء الذين وجههم المكتفي لحرب الطولونية بمصر، وغزا بلاد الروم مع مؤنس الخادم في ذي القعدة سنة ست وتسعين ومائتين ثم خالف على السلطان فأخذ وأدخل بغداد هو وأولاده فقيدوا يوم الاثنين لأربع بقين من شوال سنة سبع وتسعين ومائتين ثم أطلق يوم الخميس، وخلع عليه يوم الخميس مستهل شعبان سنة ثلاث وثلاثمائة فمات فجأة يوم الأربعاء لثمان خلون من ذي الحجة من سنة ثلاث وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان بن ثابت الصابيء، في كتاب وقع إلي يتضمن وفاءات من توفي في كل سنة من سنة ثلاثمائة إلى السنة التي مات فيها، قال سنة اثنتين وثلاثمائة، أبو الأغر خليفة بن المبارك السلمي مات لسبع خلون من ذي الحجة فجأة.
ذكر من اسمه خليل
الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل:
ابن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك السجزي أبو سعيد، القاضي الحنفي، وقيل إن اسمه محمد، والخليل لقب له، ويعرف بشيخ الإسلام وإليه ينسب أبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي الزيادي، حل إلى بلاد العراق والشام والجزيرة والحجاز وخراسان وفي طريقه من حران إلى الشام دخل حلب أو بعض عملها، وكان فقيهاً على رأي أبي حنيفة رضي الله عنه.
روى عن أبي القاسم البغوي، وأبي بكر محمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي العباس السراج وأبي بكر عبد الله بن أبي داود، وأحمد بن منيع، وأبي العباس أحمد بن جعفر بن نصر، وأبي محمد يحيى بن صاعد وأبي سعيد الحسن بن علي العدوي، وأبي الحسن محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي، وأبي بكر محمد بن حمدون بن خالد النيلي وأبي جعفر محمد بن إبراهيم عبد الله الديبلي، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء وأبي العباس الأصم.
روى عنه أبو مضر محلم بن إسماعيل بن مضر بن إسماعيل الضبي، وأبو العباس جعفر بن محمد المستغفري، وأبو منصور أحمد بن محمد بن إبراهيم البلخي، والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، وأبو علي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن فضالة الحافظ، وأبو الحسن محمد بن علي ابن جعفر، وأبو الحسن علي بن بشرى، وأبو سهل عبد الرحمن بن يوسف بن داود السجزي، وأبو عمر النوقاني، وعبد الوهاب الخطابي، وإسحاق بن إبراهيم الحافظ وأبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله الرشيدي، وأبو بكر عقيل بن محمد الخطيب، وأبو عبد الله محمد بن سعيد بن علي الخطابي وابنه أبو سعد عبد الله بن الخليل بن أحمد، وإسماعيل بن محمد المفسر، وكان شاعراً واعظاً.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد، وعبد الرحمن بن عمر في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري كتبوا إليه: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: الخليل بن أحمد القاضي، شيخ أهل الرأي في عصره وكان من أحسن الناس كلاماً في الوعظ والفكر، مع تقدمه في الفقه، وكان ورد نيسابور قديماً.
سمع من محمد بن إسحاق بن خزيمة وأقرانه، وسمع بالري أبا العباس أحمد ابن جعفر بن نصر وأقرانه، وسمع بالعراق أبا القاسم بن منيع، وأبا محمد بن صاعد وأقرانهما، وسمع بالحجاز محمد بن إبراهيم الديبلي وأقرانه، ورد نيسابور محدثاً ومفيداً سنة تسع وخمسين وثلاثمائة وأنا ببخارى، ثم جاء إلى بخارى فكتبت بها عنه.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن الأمير أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما جنك أوله جيم مفتوحة وبعدها نون ساكنة فهو أبو سعيد الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل ابن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك السجستاني حدث عن ابن صاعد ومحمد بن حمدان بن خالد وغيرهما، جليل مكثر.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان كتابة قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن أحمد الأشرف الحسني المروزي بدمشق قال: قال لنا أبو نصر هبة الله بن عبد الجبار بن فاخر بن معاذ بن أحمد السجزي بها: القاضي الخليل بن أحمد بن محمد بن الخليل بن موسى ابن عبد الله كنيته أبو سعيد، سكن سجستان، ثم انتقل إلى بلخ وسكنها، وسمع الكبار في البلدان.
روى عن الأصم والثقفي، وابن خزيمة، والبغوي وغيرهم. روى عنه ابنه القاضي أبو سعد وأبو عمر النوقاني، وعبد الرحمن الطبري الحافظ، وأبو الحسن علي بن بشرى، وعبد الرحمن بن يوسف وغيرهم.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد....
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي فيما أجاز لي روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الخليل بن أحمد بن محمد ابن الخليل بن موسى بن عبد الله بن عاصم بن جنك أبو سعيد السجزي القاضي الحنفي، سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصاء، وبنيسابور أبا العباس السراج، وأبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس أحمد بن جعفر بن نصر بالري، وأبا القاسم البغوي، وأبا محمد بن صاعد، وأبا بكر بن أبي داود، وأبا سعيد الحسن بن علي العدوي، وأبا جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله الديبلي وأبا بكر محمد بن حمدون بن خالد النيلي، وأبا الحسن محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي بطبرستان.
روى عنه أبو منصور أحمد بن محمد بن إبراهيم البلخي، وأبو مضر محلم بن إسماعيل بن مضر الضبي، والحاكم أبو عبد الله وأبو العباس جعفر بن محمد بن المعتز المستغفري، وأبو ذر عبد بن أحمد الهروي الحافظ، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد الله الرشيدي اللوكري، وابنه أبو سعيد عبد الله بن الخليل، وأبو الحسن علي بن بشرى، وأبو عمر النوقاني، وأبو سهل عبد الرحمن بن يوسف بن داود بن سليمان السجزيون، وأبو علي عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن فضالة النيسابوري، وقيل إن اسمه محمد وخليل لقب.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو الفضل محمد بن حمزة بن إبراهيم الزنجاني بزنجان قال: أنشدنا القاضي أبو حفص عمر بن أبي بكر البخاري قال: أنشدنا أبو إبراهيم إسماعيل بن محمد المفسر، قال: أنشدنا القاضي الإمام أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه: قال: أنشدنا القاضي الإمام أبو سعيد الخليل بن أحمد لنفسه:
سأجعل لي النعمان في الفقه قدوة ... وسفيان في نقل الأحاديث سيدا
وفي ترك ما لم يعنني عن عقيدتي ... سأتبع يعقوب العلا ومحمدا
وأجعل درسي من قراءة عاصم ... وحمزة بالتحقيق درساً مؤكدا
وأجعل في النحو الكسائي قدوة ... ومن بعده الفراء ما عشت سرمدا
وإن عدت للحج المبارك مرة ... جعلت لنفسي كوفة الخير مشهدا
فهذا اعتقادي وهو ديني ومذهبي ... فمن شاء فليبرز ليلقى موحدا
ويلقى لساناً مثل سيف مهند ... يقل إذا لاقى الحسام المهندا
أخبرنا أبو الخير بدل بن أبي المعمر التبريزي مشافهة قال: أخبرنا أبو سعد عبد الله بن عمر بن أحمد الصفار النيسابوري قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر ابن إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي قال: أنشدنا والدي قال: أنشدنا أبو الفوارس عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أنشدنا عمر بن أحمد بن إسحاق أبو القاسم المعمري قال: أنشدنا أبو الحسن محمد بن علي بن جعفر قال: أنشدني أبو سعيد الخليل بن أحمد القاضي السجزي لنفسه:
رضيت من الدنيا بقوت يقيمني ... ولا أبتغي من بعده أبداً فضلا
ولست أروم القوت إلا لأنه ... يعين على علم أرد به جهلا
فما هذه الدنيا بطيب نعيمها ... لأيسر ما في العلم من لذة عدلا

أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبوا بكر: البيهقي والحيري وأبو عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: توفي الخليل بن أحمد بسرخس وهو قاض بها في جمادى الآخرة من سنة ثمان وسبعين وثلاثمائة، ورد بذلك على كتاب أبي محمد الترمذي بخطه. وقال غيره: مات بفرغانه سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة.
أنبأنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو رجاء هبة الله بن محمد بن علي الشيرازي إجازة قال: أنشدني أحمد بن أصرم أبو حامد السجزي بالبصرة، وكان يكتب معنا الحديث قال: أنشدني أبو بكر عبد العزيز ابن محمد الطبسي قال: أنشدنا أبو الحسن الضرير قال: أنشدنا أبو بكر الخوارزمي في الخليل بن أحمد في المرثيه:
ولما رأينا الناس حيرى لهدة ... بدت الدين بعد تأطد
أفضنا دموعاً بالدماء مشوبة ... وقلنا عسى مات الخليل بن أحمد
خليل بن إلياس بن خليل بن عبد الله:
أبو بكر الدمشقي، حدث بحلب عن أبي طاهر الخشوعي، وكان مولده سنة تسعين وخمسمائة بدمشق وتوفي في يوم الأربعاء خامس وعشرين من شهر رمضان سنة أربعين وستمائة بحلب في آخر النهار.
خليل بن خمرتكين الحلبي:
كان فقيهاً من فقهاء الشيعة، وصل إلى خراسان وقرأ على القطب الراوندي وصنف كتاباً في الأصول، وروى عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي، وأبي الفوارس سعد بن محمد بن الصيفي المعروف بالحيص بيص.
روى عنه يحيى بن أبي طي النجار، وقرأت بخط يحيى المذكور في تعليق له: خليل بن خمرتكين من أهل حلب وهو فقيه من فقهاء الأمامية، وصل إلى خراسان ودخل إلى الري وتفقه وأجاد في علم الأصول، وعاد إلى حلب وكان مقدماً عند الملوك ورحل إلى مصر إلى طلائع بن رزيك وزير مصر فأعطاه ألف دينار، فعاش بها إلى أن مات، ولقي القطب الراوندي، وروى عنه جميع مؤلفاته ورواياته، وروى عن الملك الصالح طلائع بن رزيك كتابه الذي ألفه، ولم يخرج عنه شيء من التصنيف غير مقدمة في الأصول، ولقيته وقرأت عليه وأذن لي في الرواية عنه، وكان يروي ديوان الطغرائي عن عبد العزيز بن سهل الخوارزمي عن الطغرائي، وقد روى شعر الحيص بيص سماعاً منه، وروى الكتاب الذي ألفه الوزير ابن هبيرة عنه، وأنشدني بها يعني بحلب أبياتاً فسألته أهي لك؟ فسكت، فلما مات وجدتها بخطه وقد عزاها لنفسه وهي:
ما أحب النبي من مال عن ... حب علي أخيه خير الأنام
كيف ولا والنبي قد قال: حبي ... حب صنوي المهذب القمقام
وقبيح تهوى من الناس شخصاً ... ثم ترمي محبوبه بالضرام
قال ابن أبي طبي: وتوفي في وبيض وكتب بعده وتسعين وخمسمائة، ودفن بالتربة المستجدة بمشهد الحسين عليه السلام يعني بحلب.
الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله:
ابن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير بن أسد بن يزيد بن عبد الله أبو إبراهيم التميمي القرائي، سمع بمعرة النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله ابن سليمان المعري، وبصور سليم بن أيوب الرازي، وبمصر القاضي أبا الحسن الهمذاني، وأبا القاسم بن الحسين بن الأقفاصي، ومحمد بن الحسين بن الطفال، وأبا القاسم عبد الرحمن بن مظفر الكحال وغيرهم، وبتنيس أبا الحسن علي بن الحسين ابن عثمان بن جابر، وبقزوين أبا يعلى الخليلي وغيره.
روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، وخرج عنه حديثاً في معجم السفر، وأبو علي أحمد بن محمد بن البرداني، وأبو البركات بن السقطي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة بحلب، وأبو يعقوب يوسف ابن محمود الصوفي بالقاهرة قالا: أنبأنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو إبراهيم الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله التميمي القرائي بقزوين قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر القاضي بتنيس قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن علي بن الحسن النقاش قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي النسوي قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا جعفر بن سليمان عن ثابت عن أنس قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يدخر شيئاً لغد.
وقال أبو طاهر بعد ذكر هذا الحديث الخليل بيتهم بيت الحديث، وله رحلة إلى العراق والشام ومصر والحجاز وخراسان وغيرها، وكان ثقة، وروى عن قوم لم يرو لنا عنهم سواه، وهو الخليل بن عبد الجبار بن عبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير بن أسد التميمي محدث بن محدث بن محدث بن محدث بن محدث، وبيتهم بيت قديم في العلم، والخليل هذا فقد سمع أبا يعلى الخليلي وآخرين بقزوين، وبمصر ابن الطفال والكحال وابن الأقفاصي والقاضي أبا الحسن الهمذاني ونظرائهم، وبالشام سليم بن أيوب الرازي وأبا العلاء المعري، وبالبصرة وأذربيجان وغيرها من المواضع، وكان ثقة وأمارة الصدق على أجزائه حين تأملتها وانتخبت منها واضحة.
أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود الحسن بن النجار قال: الخليل ابن عبد الجبار بن عبد الله بن عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن زهير ابن أسد بن يزيد بن عبيد الله التميمي أبو إبراهيم القرائي من أهل قزوين من بيت الحديث والرواية. رحل إلى خراسان والشام وديار مصر في طلب الحديث ولقي المشايخ. سمع بقزوين عمه علي بن عبد الله وأبا يعلى الخليل بن عبد الله الخليلي، وبالشام سليم بن أيوب الرازي وأبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري وبمصر أبا الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن الطفال وأبا الحسن عبد الملك بن عبد الله ابن محمود بن مسكين وأبا الحسن علي بن عبيد الله الكناني الهمذاني وأبا القاسم يحيى بن الحسين بن موسى الأقفاصي وأبا القاسم عبد الرحمن بن المظفر الكحال والقاضي أبا عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي، وبتنيس القاضي أبا الحسن علي بن الحسين بن عثمان بن جابر، ودخل بغداد وسمع بها القاضي أبا الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله وأبا الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون وغيرهما وحدث باليسير.
روى عنه أبو علي البرداني وأبو البركات بن السقطي.
خليل بن علي بن الحسين بن علي:
أبو علي الحموي الحنفي القاضي، تولى قضاء عسكر الملك العادل أبي بكر بن أيوب بعد الستمائة، وكان عارفاً بالفقه وله حظ من الأدب وينظم شعراً حسناً، وكان يدرس بدمشق الفقه على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه بالمدرسة الخاتونية بقرب باب البريد بالمدرسة الريحانية، قدم علينا حلب مراراً متعددة في رسائل من الملك العادل ومن بعده، واجتمعت به بحلب ودمشق، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وروى لنا عنه شيئاً من شعره رفيقنا أبو الفتح نصر الله بن الصفار المعروف بالنجيب.
أنشدنا نجيب الدين أبو الفتح بن الصفار قال: أنشدنا القاضي نجم الدين أبو علي خليل بن علي قاضي العسكر لنفسه:
إذا ناب الخطب فاستشر فيه صاحبا ... وإن كنت ذا رأي تشير على الصحب
فإني رأيت العين تجهل نفسها ... وتدرك ما قد حل في موضع الشهب
وأنشدنا ابن الصفار قال: أنشدني خليل بن علي لنفسه:
كأن عذاره لام وفاه ... من الخط البديع الحسن صاد
وطرة شعره ليل بهيم ... فلا عجب إذا سلب الرقاد
يعني لص في الليل.
وأنشدني ابن الصفار قال: أنشدني النجم خليل لنفسه:
ضاهى ابن فيروز مدينة جلق ... وكلاهما يوم الفخار فريد
ألفاظه بردى وصورة خلقه ... تورى ونقص العقل منه يزيد

توفي القاضي نجم الدين أبو علي خليل قاضي العسكر فجأة يوم الثلاثاء بعد العصر سلخ صفر من سنة إحدى وأربعين وستمائة، ودفن ضحوة يوم الأربعاء، ووصلت إلى عذرا ليلة السبت الرابع من شهر الأول متوجهاً إلى الديار المصرية في رسالة فخرج إلي من دمشق من أخبرني بوفاته على الوجه المذكور وأخبرت بدمشق أنه في اليوم الذي توفي فيه كان يحدث بموت جماعة ممن مات فجأة، فاتفق أنه مات فجأة في ذلك اليوم رحمه الله.
الخليل بن محمد بن سعيد أبو الحسن الصيمري:
حدث بحلب عن.....
سمع منه بها أبو الحسن إسماعيل بن أحمد بن أيوب البالسي الخيرازاني.
الخليل بن محمد بن فيروز الحلبي:
سمع محمد بن سليمان لوينا، والمسيب بن واضح التلمنسي، وأبا سعيد الأشج، وهشام بن عمار، وعمرو بن عثمان بن سعيد الحمصي.
روى عنه أبو الحسين علي بن الحسين الفرغاني.
خمار تاش بن عبد البجني التركي:
كان بحلب وذكر أنه رأى بها مناماً، كان سبباً لبناء المشهد المجدد بدمشق بالقرب من مشهد صهيب، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأخبرنا به عنه إجازة أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: سمعت خمار تاش بن عبد الله البجني التركي في المشهد المجدد على باب دمشق، وسألته عن سبب بنائه فقال: كنت من شرار الأجناد وأوغادهم، فرأيت ليلة وأنا بحلب فيما يرى النائم كأن الخضر عليه السلام أتاني وأراني هذا الموضع، وكان على الجادة بين طريقين، فقال: هذا موضع شريف، فاقصد فلاناً سماه خمار تاش وقل له حتى يبني هذا مشهداً، وانطر وتنبه فمن ها هنا إلى مشهد القدم مثل ما من ها هنا إلى البلد، وعلى أحد جانبيك مغارة، وعلى الآخر ثلاث شجرات حتى لا تنسى وغاب عني فانتبهت وأنا مذعور، فقلت ومن أنا حتى أرى مثل هذا المنام، وسكت ولم أظهر شيئاً، فمضى على هذا زمان ثم رأيته في المنام فعاتبني وقال: لم لم تبلغ رسالتنا؟ فلما أصبحت تأهبت للسفر وجئت إلى دمشق وذكرت للرجل ما قاله، فتوانى في ذلك وسكت أنا ولم أراجعه، فرأيته في المنام ثالثاً وقال: بلغ الرسالة ولا بأس عليك وقل لهم: ههنا آبار ثلاث قد طمت، وقبور من قبور الصالحين قد انطمست، وأراني علامات، فنحن في الحديث وإذا قد ظهر رجل على فرس أشهب وعليه ثياب بيض وخلفه رجلان على زيه، فقصده الخضر عليه السلام وسلم عليه وعليهما، واستقى من إحدى الآبار وشرب وشربوا، فلما ولى الرجل واللذان معه قال: تعلم من هذا؟ هذا خاتم النبيين محمد صلى الله عليه وسلم ومعه صاحبان له، فلما أصبحت قمت وقلت: ليس بعد هذا شك، وقصدت صاحب البلد وذكرت له القصة، فركب في عسكره وجاء فدللته على البئر الأولى فضحك أمير من أمراء الدولة، فصاح عليه وزبره وأمر بحفر الموضعين فلم يحفروا كثيراً حتى ظهر حجر عظيم فنحوه وإذا البئر كما قيل لي فكبروا واستقوا وشربوا منها وبنوا هذا المشهد، وقد تبت أنا وقعدت في هذا الموضع ولعل الله يغفر لي ذنوبي، وكان هنالك نفر فشهدوا له بأن الأمر كما ذكر، وأن الموضع به ظهر وقالوا. تعجب من ذلك أهل دمشق كلهم والأجناد.
خمار بن أحمد بن طولون:

أبو الجيش، الأمير المعروف بخمارويه بن الأمير أبي العباس، ولي امرة حلب والثغور، وقنسرين والعواصم ودمشق ومصر بعد أبيه أحمد في سنة سبعين ومائتين، ونزل بعساكره حتى هزم الخزري واتبعه إلى بالس، فهرب الخزري إلى بريه سنجار، فعاد خمارويه إلى حلب، وكاتب الموفق بأن يولى على سائر أعمال جند قنسرين والعواصم وديار مضر، والثغور الشامية والجزرية وعمل الفرات، وديار ربيعة والموصل وأرمينية، وقاليقلا، فإنها كلها كانت قد صارت في يده، ويدعى له على منابرها، فلم يجبه إلى ذلك، وتجدد بينه وبين الأفشين محمد بن ديوداد مواحشة آلت إلى أن استوحش من الموفق أبي أحمد، فسير الموفق ابنه أبا العباس الملقب بالمعتضد بعد ذلك في أيام أخيه المعتمد على الله في سنة إحدى وسبعين ومائتين، ورجع خمارويه، ووصل أبو العباس بن الموفق إلى الرملة، فلقي خمارويه بن أحمد ابن طولون وجرت بينه وبينه وقعة الطواحين من أرض الرملة، فهزم أبو العباس خمارويه في شوال سنة اثنتين وسبعين ومائتين، واحتوى على عسكره، ونزل في مضربه، واشتغل أصحاب أبي العباس بالنهب، فكر عليهم عسكر خمارويه، فانهزموا ونهب جميع ما في العسكرين، وانجاز أبو العباس إلى صور بعد أن قتل من أصحابه وفقد خلق، ثم مضى إلى طرسوس، ثم إلى بغداد.
وأما خمارويه فإنه لما كسر عسكره انهزم إلى مصر، فلحقه من رده وأخبره بما تجدد لعسكره من الظفر والغلبة، وعاد ونزل إلى دمشق، وقدمها سنة ثلاث وسبعين، ثم وصل خمارويه إلى حلب، وكاتب ابن أبي الساج، فخطب له ابن أبي الساج في جميع عمله، وقيل أن خمارويه وجه لابن أبي الساج ولكتابه ستمائة ألف دينار وفسدت الحال فيما بين ابن أبي الساج وبين إسحق بن كندا جيق، وسير ابن أبي الساج ابنه ديوداد إلى ابن طولون رهينة، وقدم ابن طولون عبد الله ابن الفتح إلى ابن أبي الساج، ثم صار هو إليه بنفسه، فاجتمعوا على محاربة إسحق ابن كندا جيق وواقعوه فقي موضع يعرف بقطيعة سليم على ثلاثة فراسخ من الرقة، فانهزم إسحق، ودخل خمارويه بن طولون وابن أبي الساج الرافقة، فدعوا بها للأمير الناصر أبي أحمد الموفق، وكتبوا إليه بذلك، فلما وردت كتب ابن طولون وابن أبي الساج إلى الموفق أنفذ الموفق الحسين بن عطاف إلى خمرويه برسائل وكتب معه من الموفق ومن المعتمد بتجديد العقد له على جميع أعمال المعاون والخارج والضياع والبريد: ببرقة، ومصر والإسكندرية، وأسوان، والمعادن، وطريق الحجاز، وفلسطين والأردن وصور ودمشق وحمص والثغور وقنسرين، والعواصم، وديار مضر وما يتصل بها، وتكنيته في كتب أمير المؤمنين وولي عهده، وحمل الحسين بن عطاف معه الخلع والتاج والوشاح والبدنة من الجوهر، واستقامت ولاية ابن طولون على حلب ورتب فيها نوابه، وعاد إلى مصر.

وأما ابن أبي الساج فإنه فسد الحال فيما بينه وبين خمارويه بعد اجتماعهما على محاربة إسحق وذلك لأنه كان لا بد أبي الساج خادم يقال له نقيطا، فطلبه ابن طولون منه وأخذه شبيهاً بالقهر فأوحش ذلك ابن أبي الساج، واعتقد عداوته واحتال في مفارقته بأن قال له: ينبغي أن تتوجه في طلب إسحق لئلا يثبت، فعقد له على ديار مصر وكل ما افتتحه من البلدان وأنفذه في طلب إسحق، وفد حصل في نفسه ما حصل فأنفذ ابن أبي الساج كثير بن سلمة الكلابي أحد قواده فسرق نقيطا الخادم من ابن طولون ببالس ورده إليه، فصارت عداوته لابن طولون مستحكمة، وقصده خمارويه بعد ذلك، وجرت بينه وبينه وقعات كثيرة ضعف ابن أبي الساج في آخرها عن مقاومته، لقلة من كان معه، وكثرة من مع ابن طولون، فهرب ابن أبي الساج ولحق بأبي أحمد الموفق في سنة ست وسبعين ومائتين. ولما آل أمر الخلافة إلى المعتضد صالح المعتضد على أن يقتصر خمارويه على أعمال حمص ودمشق والأردن وفلسطين ومصر وبرقة وما والاها ما كان في يده، ويخلي عن ديار مضر قنسرين والعواصم، وطريق الفرات والثغور، واتفقا على ذلك، وتزوج المعتضد ابنته قطر الندى، وأفنى خمارويه خزائنه في جهازها، وأظهر من التجمل مالا يحد ولا يحصى، وقيل إنه دخل معها مائة هاون ذهب في جهازها، فإن المعتضد دخل خزانتها وفيها من المنائر والأباريق والطاسات وغير ذلك من الآنية الذهب فقال: يا أهل مصر ما أكثر صفركم، فقال له بعض القوم: يا أمير المؤمنين إنما هو ذهب. وقد ذكرنا في ترجمة المعتضد وترجمة قطر الندى ما فيه كفاية.
قرأت في كتاب الغرباء ممن دخل مصر تأليف أبي القاسم يحيى بن علي الحضرمي المعروف بابن الطحان قال: خمارويه بن أحمد بن طولون أبو الجيش أمير مصر، قتل وهو ابن ثلاثين أو إحدى وثلاثين سنة أخبرني بذلك ابن رشيق عن عدنان بن أحمد بن طولون قال: حدثني عبد الرحمن بن إسماعيل العروضي قال: حدثني سعيد بن نفيس قال: تنزهنا إلى دير القصير في عقب نزهة الأمير خمارويه ابن أحمد إليه، قال: فقرأت في الحائط بخط حسن ما رأيت أحسن منه ولا أتم حروفاً:
أيها العاشق المعذب أبشر ... فخطايا ذوي الهوى مغفورة
زفرة في الهوى أحط لذنب ... من غزاة وحجة مبرورة
وتحت ذلك وكتب خمارويه بن أحمد بخطه. قال: وكان أبو الجيش من أحسن الخط كاتب اليد.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: حكى أنه مرض خمارويه بن أحمد بن طولون فدخل إليه السلمي الشاعر ويعرف بالصيرفي فأنشده:
كيف أصبحت قد عدمنا العقولا ... عميت مقلة تراك عليلا
جعل الله صحتي لك والأجر ... ولا زال بي ضناك نزيلا أو بديلا
قال: وكان بين يديه سفط جوهر فرمى إليه بجوهرة لها قيمة.
نقلت من خط محمد بن الحسن بن محمد الصيرفي من جزء سمعه من أبي محمد علي بن أحمد المادرائي فيه أخبار ونوادر عن شيوخه قال المادرائي: وحدثني جدي أبو عبيد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم بن الحسن الأطروش المادرائي قال: حدثني أبو علي زكريا بن يحيى بن زيوبه الكاتب قال: دعاني الأمير أبو الجيش خمارويه ابن أحمد بن طولون في يوم من الأيام لشيء أراد أن يأمر به، فدخلت إليه وبين يديه أسد غير مشدود، فحين رأيته أفزعني ووثبت فصرت مع الأمير فوق السرير، فقال لي: ويلك ما هذا؟ فقلت ليس مع الموت لعب، وكان الأسد يدور حوله وينام بحضرته، وكانت معه لبوة تفعل مثل فعله. فصاح على الأسد فلم يبرح، فقبض يده ثم ضرب بها جبهة الأسد ضربة شديدة، فولى الأسد هارباً، ثم أتى إلى باب المجلس الذي كان الأمير فيه فقبض على مسمار كبير مقبب كان فيه وعضه فاقتلعه وطرحه ومضى وقد أخرج غيظه عليه، فخاطبني الأمير حينئذ بما أراد وخرجت.

وذكر علي بن أحمد المتطبب في كتاب الآراء والمشاورات قال: حدثني أبو عيسى الداعية قال: حدثني معلم لأبي الجيش خمارويه بن أحمد قال: حدثني خادم لأبي الجيش قال: دخلت في يوم صائف على غفلة فوجدت مولاي أبا الجيش وهو يقبل رجل ويد جاريته وهو يقول لها: ويلك لو علم الناس بموضعك مني لما حلفوني إلا بك، وأحب إلي منك أسود بعشرة دنانير يقاتل عني وعنك، قال الخادم: ولو التفت حتى يراني لذهبت نفسي، فرجعت القهقرى حتى غبت عن عينهما.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم.
نقلت من خط أبي الحسين بن المهذب في تعليق له في التاريخ قال: وفيها يعني سنة ثماني وثمانين ومائتين قتل أبو الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون، قتله خدمه على فراشه بدمشق بحضرة دير مران.
خناصرة بن عمرو بن الحارث:
ابن كعب بن الوعاء بن عمرو، وقيل خناصر بن الحارث بن كعب الوكاء بن عمرو ابن عبد ود بن عوف بن كنانه بن عوف بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن زيد بن كلب بن وبرة بن تغلب بن حلوان كان ملكاً مذكوراً بالشام، وبه سميت خناصرة في ناحية الأحص من عمل حلب، وهي التي نزلها عمر بن عبد العزيز رحمة الله عليه، وقيل بناها خناصرة بن عمرو خليفة الأثرم إبراهيم صاحب الفيل، خلفه بالمثمن بصنعاء إذ سار إلى كسرى أنوشروان.
الخندق:
رجل من أصحاب علي رضي الله عنه، وكان شديداً شهد معه صفين، وقيل إنه قاتل ذي الكلاع الحميري، وسيأتي ذكر ذلك في ترجمة ذي الكلاع إن شاء الله تعالى.
خويد بن خالد:
ابن محارب بن زبيد بن مخزوم بن صاهلة بن كاهل بن الحارث بن تميم بن سعد بن هذيل بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو ذؤيب الهذلي أحد الشعراء الهذليين، وكان شاعراً مجيداً أدرك زمن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يلقه، وتوجه إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم على يده، فقدم المدينة يوم مات النبي صلى الله عليه وسلم، فدخل على أبي بكر الصديق رضي الله عنه وهو في سقيفة بني ساعدة، وغزا بلاد الروم، ومات عند قفوله معهم، واجتاز بحلب عند دخوله إلى الغزاة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي ابن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حميد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء. قال الأرتاحي: إجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الغساني قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال: أبرع بيت قالته العرب بيت أبي ذؤيب:
النفس راغبة إذا رغبتها ... وإذا ترد إلى قليل تقنع.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
قرأت بخط توفيق بن محمد بن الحسن في مجموع: روت الرواة أن أبا ذؤيب غزا أرض الروم مع المسلمين، فلما قفلوا أخذه الموت فأراد ابنه وابن أخيه أن يتخلفا عليه جميعاً فمنعهما صاحب الساقة، وقال ليخلف عليه أحدكما وليعلم أنه مقتول فاقترعا فطارت القرعة لأبي عبيد، فتخلف عليه ومضى ابنه مع الناس، فكان ابن أخيه يحدث قال: قال لي: احفر ذلك الجرف برمحك، ثم اعضد من الشجرة بسيفك واجررني إلى هذا النهر فإنك لا تفرغ حتى أفرغ، فاغسلني وكفني بكفني، واجعلني في حفرتك وأهل علي الجرف برمحك، والق علي الغصون والحجارة، ثم اتبع الناس فإن لهم رهجة تراها في الأفق إذا أمسيت كأنها جهامة.
قال: فما أخطأ مما قال شيئاً، ولولا نعته لم أهتد لأمر الجيش.
ذكر من اسمه خلاد
خلاد بن رافع:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وله ذكر.
خلاد بن محمد بن هاني بن واقد:
أبو زيد الأسدي الخناصري من أهل خناصرة من إقليم الأحص، وكان إمام مسجدها.

حدث بحلب وبدمشق عن أبيه محمد بن هانيء الأسدي، والمسيب بن واضح التلمنسي، وعبد الله بن خبيق الأنطاكي، وأبي رضوان يمان بن سعيد المصيصي وعثمان بن سماك الحمصي. روى عنه أباء بكر: محمد بن الحسين السبيعي، ومحمد بن الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي وأحمد بن إسحق الملحمي، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، وأبو علي حامد بن محمد بن عبد الله الهروي الرفاء.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والحافظ أبو الشيخ أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي قال: حدثنا أبو يزيد خلاد بن محمد بن هانيء بن واقد الأسدي الخناصري بحلب قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا بقية بن الوليد عن ورقاء عن عبد الله بن ذكوان عن الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا صلى الرجل في العلانية فأحسن وصلى في السر فأحسن قال الله تبارك وتعالى: أنت عبدي حقاً.
خيثمة بن سليمان بن الحر
ويلقب حيدرة بن سليمان وقيل خيثمة بن سليمان بن الحر بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان بن وبرة المري القرشي، وأبو الحسن الأطرابلسي، وقيل خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان بن داوود بن خيثمة بن سليمان بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن حيان أبي النضر وقيل ابن النضر، والصحيح هو الأول، وأبو النضر حيان بن وبرة المري صاحب أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
وقرأت بخط بعض أحفاد حيدرة في نسبه: حيدرة الحسن بن سليمان.
رحل خيثمة إلى البلاد في طلب الحديث والإسناد، وسمع بحلب من صالح بن علي النوفلي، وأبي عمرو محمد بن عبد الله السوسي، وبأنطاكية من أبي من أبي عمرو وعثمان ابن خرزاد، وأبي الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وأبي سليمان وأبي داود بن أحمد البوقي وأبي الوليد بن برد الأنطاكيين، وبدمشق من أبي محمد عبد الرحمن ابن عبد الحميد بن فضالة، وبحمص من محمد بن عوف الحمصي، وببيروت من العباس بن الوليد البيروتي، وبجبلة من يوسف بن بحر، وبصور من محمد بن علي الطبري، وبالرقة من أبي علي الحسين بن منصور البغدادي، وببغداد من عبد الله ابن أحمد بن حنبل، وعبد العزيز بن معاوية، وبواسط من أبي الحسن علي بن عبد الله بن علان الواسطي، ومحمد بن مسلمة الواسطي، وبالكوفة من أبي عبيدة السري بن يحيى الكوفي، وباليمن من إسحاق بن إبراهيم الدبري وجماعة يطول ذكرهم.
روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني وتمام بن محمد الرازي وأبو علي محمد بن القاسم بن معروف، وأبو الحسين محمد بن أحمد الكرخي، وأبو أحمد عبد الله بن بكر بن محمد الطبراني، وأبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي، وعبد الله بن محمد بن عبد الغفار البعلبكي، وأبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد بن أبي كامل، وأبو حفص بن شاهين، وأبو الحسن أحمد بن محمد ابن سلامة الستيني، ومحمد بن يوسف الإخباري، وجماعة آخرون يطول ذكرهم.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء الصوفي بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب، قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن معروف قراءة عليه في منزله بدمشق قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا أبو يحيى عبد الله بن أبي مسرة المكي قال: حدثنا أبو عبد الله بن الزبير الحميدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثنا داود بن شابور عن أبي قزعة عن أبي الخليل عن أبي حرملة عن أبي قتادة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: صيام يوم عرفة يكفر هذه السنة والسنة التي تليها، وصيام يوم عاشوراء يكفر سنة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري بدمشق قراءة عليه قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفرائيني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله الأزدي المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة القرشي قال: حدثنا الحسين بن منصور أبو علي البغدادي بالرقة قال: حدثنا أبو الجواب قال: حدثنا عمار بن زريق عن منصور عن الشعبي عن وراد كاتب المغيرة، عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: إن الله ينهاكم عن قيل وقال وإضاعة المال وكثرة السؤال.
قال أبو الحسن الحلبي: تفرد به عمار بن زريق.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن محمد بن علي بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا صالح بن علي النوفلي بحلب قال: سألت النفيلي عن تفضيل أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وجرى بينه وبينه كلام فقلت: يا أبا جعفر فإنما أجعلك حجة بيني وبين الله عز وجل، قال: ومن أنا؟ قلت: لم أر مثلك قال: يابن أخي فإنا نقول خير الناس بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر، ثم عمر، ثم عثمان، ثم علي، قلت: يا أبا جعفر إن أحمد بن حنبل ويعقوب بن كعب يقولان عثمان ويقفان عن علي، قال: أخطيا جميعاً، أدركت الناس وأهل السنة والجماعة على هذا.
أخبرنا عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي بانتخابي عليه من أصول كتبه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن علي بن عبد الله الصوري الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد القيسي قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان بن حيدرة ابن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان أبي النضر وسمعته يقول: ولدت سنة خمسين ومائتين، وسمعته يقول: مازح عباس بن الوليد جارية له فدفعته فانكسرت رجله، فلم يحدثنا عشرين يوماً، فكنا نلقي الجارية ونقول: حسيبك الله كما كسرت رجل الشيخ وأحرمتينا الحديث.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله قراءة عليه وأبا أسمع قال: خيثمة بن سليمان بن حيدرة، ويقال خيثمة بن سليمان بن الحر بن حيدرة بن سليمان بن هزان بن سليمان بن حيان أبو الحسن القرشي الأطرابلسي أحد الثقات المكثرين الرحالين في طلب الحديث.

سمع بالشام واليمن وبغداد والكوفة وواسط. حدث عن العباس بن الوليد ابن مزيد البيروتي، ويحيى بن أبي طالب جعفر بن الزبرقان، وأبي عتبة الحجازي وأبي بكر الحسين بن محمد بن أبي معشر، وإبراهيم بن عبد الله بن عمر القصار، ومحمد بن عبد الحكم القنطري الرملي، والحسن بن مكرم وأبي عبيدة السري بن يحيى الكوفي، ومحمد بن عوف الطائي ومحمد بن عيسى بن حيان المدائني، وإسحاق بن سيار النصيبي، وإسماعيل بن محمد بن إسماعيل الترمذي، وعثمان بن خرزاد، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعبد العزيز بن معاوية البغدادي، وأبي عبد الله أحمد بن محمد بن غالب، وأبي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل، وأبي الحسين خلف بن محمد بن عيسى كردوس، وأبي يحيى بن أبي ميسرة، ومحمد ابن مسلمة الواسطي، وأبي قلابة الرقاشي ويعقوب بن يوسف القزويني، ومحمد ابن غالب بن حرب تمتمام، ومحمد بن أحمد بن أبي العوام الرياحي، وعبد الكريم ابن الهيثم، ومحمد بن سعد العوفي، وأحمد بن حازم بن أبي غرزة، وأبي عوف عبد الرحمن بن مرزوق البزوزي، وعبيد بن محمد الكشوري، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الحميد بن فضالة، سمع منه بدمشق، وأبي الوليد بن برد الأنطاكي وأحمد بن أبي الخناجر، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ، وأحمد بن محمد بن يحيى ابن حمزة، وسليمان بن عبد الحميد البهراني وأحمد بن المعلى بن يزيد، والحسين ابن الحكم الحيري، وإسحاق بن إبراهيم الدبري، وأبي قرصافة محمد بن عبد الوهاب العسقلاني، وأبي الحسن علي بن عبد الله بن موسى القراطيسي علان الواسطي، ومحمد بن علي الطبري بصور، وأبي علي بن قيراط، ونجيح بن إبراهيم النخعي، وموسى بن عيسى بن المنذر.
روى عنه أبو علي محمد بن القاسم بن أبي نصر وأبو الحسن بن داود المقريء الداراني، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو بكر بن أبي الحديد، وأبو الحسين بن جميع وتمام بن محمد، وأبو محمد بن أبي نصر، والحسن بن جبارة الضراب، وأبو عبد الله بن أبي كامل وأبو الحسن أحمد بن محمد سلامة الستيني، وعلي بن محمد بن أحمد بن إدريس الأنماطي، وأبو الحسن محمد بن يوسف الإخباري البغدادي الأديب، وعبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان البعلبكي، وأحمد بن عبد الله بن حميد بن زريق، والقاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحاق بن يزيد الحلبي، وأبو عبد الله بن محمد بن عبد الصمد بن محمد بن لاو الزرافي، وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن عبيد الله الكلاعي، وأبو نصر عبد الله ابن محمد بن بندار الهمذاني، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطان، وأبو حفص بن شاهين، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن تمام بن حبان السكسكي المقريء.
قال: وذكر أبو عبد الله بن أبي كامل أن مولده سنة خمسين ومائتين.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين بالقاهرة قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت الناهض أبا الحسن علي بن يحيى بن هبة الله الكتامي بالإسكندرية يقول:حكى يعني أبا حامد المفضل بن عبيد الله بن المرطل الطرابلسي بها أن خيثمة كان يشهد بطرابلس، قال: ولما علا سنه امتنع من حضور مجلس القاضي، فورد أمر السلطان بأن يحضر القاضي الجامع، ويحضر خيثمة عنده هناك فيؤدي شهادته، قال: وكان خيثمة يقول: إذا رأيت أصحاب الخلقان الغرباء هبتهم فالعلم عندهم وتحت خلقانهم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي: سألت أبا بكر الخطيب عن خيثمة ابن سليمان الأطرابلسي فقال: ثقة ثقة، قلت: يقال إنه كان يتشيع، قال: ما أدري غير أنه جمع فضائل الصحابة، لم يخص واحداً عن الآخر.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر الحسن ابن محمد بن إبراهيم الأصبهاني إجازة. وأخبرنا أبي عنه قال: أخبرنا أبو الفضل المقدسي، ح.
وأخبرنا به عاليا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه إلينا غير مرة قال: أخبرنا أبو مسعود عبد الرحيم بن أبي الوفاء بن أبي طالب الحاجي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد

بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن الشيزري بحلب قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن محمد ابن إسحاق بن أبي كامل بأطرابلس الشام قال: سمعت خيثمة بن سليمان بن حيدرة يقول: ركبت في البحر وقصدت جبلة أسمع من يوسف بن بحر، خرجت منها أريد أنطاكية لأسمع من يوسف بن سعد بن المسلم فلقينا مركب من مراكب العدو فقاتلناهم وكنت ممن قاتل فسلموا المركب قوم من مقدمه، فأخذوني فضربوني ضرباً وجيعاً وكتبوا أسماء الأسرى، فقالوا لي: اسمك؟ قلت خيثمة. قالوا ابن من؟ قلت ابن حيدرة، فقال: اكتب حمار بن حمار. قال: فلما ضربوني سكرت ونمت فرأيت في النوم كأني في الآخرة، وكأني أنظر إلى الجنة وعلى بابها الحور العين جماعة يتلاعبن، فقالت إحداهن لي: يا شقي إيش فاتك، فقالت الأخرى: أي شيء فاته؟. قالت: لو كان قتل مع أصحابه كان في الجنة مع حور العين، قالت لها الأخرى: يا فلانة لئن يرزقه الله الشهادة في عز من الإسلام وذل من الشرك خير من أن يرزقه في ذل من الإسلام وعز من الشرك، ثم انتبهت وجعلت في الأسر فرأيت في بعض الليالي في منامي كأن قائلاً يقول لي: إقرأ براءة من الله ورسوله، فقرأتها إلى أن بلغت: " فسيحوا في الأرض أربعة أشهر " ، قال: فانتبهت فعددت من ليلة الرؤيا أربعة أشهر، ففك الله تعالى أسري.
ذكر من أسمه خير
خير بن علي أبو الفرج الطرسوسي
المعروف بالرسول، وعرف بالرسول لأنه أرسل من طرسوس إلى خراسان مستنفراً.
روى عن محمد بن هارون الطزري، روى عنه أبو سعد عبد الرحمن بن محمد ابن محمد بن عبد الله بن إدريس الحافظ الإستراباذي، وذكره في تاريخ سمرقند، فقال: خير بن علي، أبو الفرج الطرسوسي يعرف بالرسول، قدم علينا بسمرقند مستنفراً.
كان أمياً ساذجاً، حدثنا بحديث وحكاية عن محمد بن هارون بن القاسم الطزري، شيخ كتب عنه بطرسوس، ومات خير هذا بسمرقند سنة تسعين وثلاثمائة. وثلاثمائة.
خير بن محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحواري
أبو بشر العميد المعري، شاعر من أهل معرة النعمان وقد ذكرناه في الكنى أيضاً لأنه مشهور بالكنية.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي بن المهنا المعري قال: أنشدني الشيخ الأجل أبو منصور المؤيد بن أحمد بن الحواري لعمه أبي بشر خير بن محمد بن الحواري المعري، وقد وقف على داره بعد خراب المعرة فنفر منها ثعلب:
أهذه بين إنكاري وعرفاني ... مسارب الوحش أم داري وأوطاني
جهلتها ولقد أبدت ملاعبها ... عهد الصبا بين إخواني وخلاني
فعجت أسألها والدمع منسكب ... والقلب من لوعة وجداً بها عانِ
يا دار مالي وللأيام قد حكمت ... فينا وفيك بحكم الجائر الجاني
فلو أجابت لقالت هكذا فعلت ... قدماً بجيرة نعمان ونعمانِ
وفي مدائن نوشروان معتبر ... للسائلين وفي سيف وغمدانِ
فاذهب لشأنك فالدنيا لها دول ... تمضي وتأني وكل بينها فانِ
حرف الدال
ذكر من اسمه داوود
داوود بن ايشاي
ابن عوبذ باعز بن سلمون بن نحشون بن عوينادب بن أرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقيل هو داوود بن زكريا بن بشوي، وقرأت بخط بعض العلماء بالنسب أنه داوود بن أشي ابن عوبذ بن باعز بن سلمون بن نحسون بن عمي نادب بن رام بن حضرون بن فارض ابن يهوذا بن يعقوب النبي صلى الله عليه وسلم، ودفع إلي شيخنا أبو الحسن علي ابن محمد بن عبد الكريم الجزري الموصلي جزاءاً بخط شيخه عثمان بن جلدك الموصلي، ذكر فيه تعاليق كتبها من أبي محمد الفارس، وقال: كان قسيساً وأسلم على يد الملك الناصر يوسف بن أيوب.

قال لي شيخنا أبو الحسن: وقال لي عثمان بن جلدك: كان أبو محمد الفارس عالماً بالكتب المتقدمة وأخبار الأوائل فقرأت بخط عثمان بن جلدك قال: سمعت الشيخ الجليل أبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله الناصري المعروف بالفارس الذي كان قسيساً للفرنج بقراءتي عليه بدمشق يقول وذكر فيما ذكر هذا النسب لداود بهذا الضبط: داود بن إيشاي بن غوبيذ وضبطه أيضاً عويذ بن بوعز بن سلمون بن عمينا داب بن أرم بن حصرون بن فارض بن يهوذا بن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم عليهم السلام.
وذكر أبو الحسين محمد بن القاسم التميمي النسابة في كتاب القزع والشجر وقد عد ملوك حمير والسواد أنه داوود بن اشي بن عميناب بن حصرون وكان داوود نبي الله وخليفته في أرضه، ورثه الله نبوة شموئيل وملك طالوت.
وقرأت في تاريخ وقع إلي لبعض الأوائل أن داوود صلى الله عليه وسلم قدم مع طالوت في جيشه، وأنهم حاصروا مدينة حلب حتى نزل إليهم الملك الذي كان بها وأطاع طالوت.
وقيل أن مشهد برصايا بأرض كفر شيغال من ناحية عزاز، في الجبل المطل على عزاز، هو موضع مقام داوود عليه السلام ومتعبده.
أخبرنا أبو جعفر الدامغاني قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير يعني ابن بكار قال: حدثني أبو الحسن بن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال: أول نبي بعثه الله تبارك وتعالى في الأرض إدريس، ثم ذكر الأنبياء إلى أيوب قال: ثم الخضر وهو خضرون ثم داود بن ابشايم.
واقتص بقية الأنبياء على ما ذكرناه بهذا الإسناد في ترجمة إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو يعقوب بن محمد الساوي قال: أنبأنا أبو الطاهر السلفي قال: أخبرنا أبو عمرو العلاء بن عبد الملك بن منصور بن أحمد بن قيس بن نصران البزاز بنهاوند قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن عبد الرحمن بن محمد بن خرجه القاضي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب المفيد بجرجرايا قال: حدثنا أبو سعيد علي بن الحسين بن محمد الخلنجي قال: حدثنا أحمد بن صالح التميمي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم الصنعاني قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب بن منبه قال أنزل الله تعالى على داوود عليه السلام الزبور مئة مزمور.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا عثمان ابن محمد قال: حدثنا سفيان بن عينية عن عمرو يعني ابن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو يرفعه قال: أحب الصيام إلى الله صيام داود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وأحب الصلاة إلى الله صلاة داوود كان يصلي نصفاً، وينام ثلثاً، ويسبح سدساً.
قال أبو محمد هذا اللفظ الأخير غلطاً وخطأ وإنما هو أنه ينام نصف الليل، ويصلي ثلثه ويسبح تسبيحه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي إملاء قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إسحاق قال: حدثنا بشر بن معاذ العقدي قال: حدثنا حماد بن يحيى الأبح قال: حدثنا سعيد بن مينا عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قلت: يا رسول الله إني رجل أسرد الصوم أفأصوم الدهر؟ قال لا، قلت: فأصوم يومين وأفطر يوماً؟ قال: لا، قال: فجعلت أناقصه حتى قال لي: صم صوم داوود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إلي صلاة داوود وأحب الصيام إلي صيام داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه، قال: وكان يصوم يوماً ويفطر يوماً.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو المظفر محمد بن محمد ابن سعيد بن سعدان الفناكتي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن مسعود البغوي قال: أخبرنا عبد الواحد بن أحمد المليحي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن سمعان قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار الرياني قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان بن عينيه عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن أحب الصيام إلى الله صيام داوود وأحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً وكان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه، وينام سدسه.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء قال: أخبرنا مسعود بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن البسري قال: أخبرنا أبو محمد بن يحيى السكري قال: أخبرنا أبو علي إسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا عباس بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا بسرة بن صفوان قال: حدثنا محمد بن مسلم بن دينار قال: سمعت عمرو بن أوس قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول إن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن خير الصيام صيام داوود، وكان يصوم نصف الدهر وخير الصلاة صلاة داوود، كان يرقد نصف الليل، ويصلي آخر الليل حتى إذا بقي سدس الليل رقد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل العباسي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد ابن محمد بن جعفر الخلمي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن الحسين بن خدام البخاري قال: حدثنا أبو نصر أحمد بن الحسن بن الحسين المراجلي قال: حدثنا أبو حفص أحمد بن أحيد بن حمدان بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن غالب القطان قال: حدثنا سعيد بن عبد الرحمن المخزومي قال: حدثنا سفيان عن عمرو بن دينار عن عمرو بن أوس عن عبد الله بن عمرو بن العاص رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أحب الصلاة إلى الله صلاة داوود، كان ينام نصف الليل ويقوم ثلثه وينام سدسه. وأحب الصيام إلى الله صيام داوود كان يصوم يوماً ويفطر يوماً.
أخبرنا أبو الصادق الحسن بن يحيى بن صباح قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد البزاز قراءة عليه وأنا أسمع قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن ابن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: حدثنا يحيى بن بكير قال: حدثني الليث عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال عن ابن شهاب أن سعيد بن المسيب وأبا سلمة بن عبد الرحمن حدثاه عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم أني أقول: لأصومن الدهر، ولأقومن الليل، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنت الذي يقول لأصومن الدهر، ولأقومن الليل؟ فقال: قد قلت ذلك يا رسول الله فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنك لن تستطيع ذلك، فأفطر، وقم ونم وصم من الشهر ثلاثة أيام فإن الحسنة بعشرة أمثالها ذلك مثل صيام الدهر، قال: قلت إني أطيق أفضل من ذلك؟ قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صم يوماً وأفطر يوماً، ذلك صيام داوود، وهو أعدل الصيام، قلت إني أطيق أفضل من ذلك فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا أفضل من ذلك.
قال محمد بن طاهر المقدسي في هذا الحديث: الصواب الليث عن عقيل عن الزهري.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي في المسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر المقريء الحمامي قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحسن بن مهران القريسيني قال: حدثنا الحسن بن سهل قال: حدثنا يحيى قال: حدثنا إبراهيم بن أبي يحيى عن صفوان بن سليم عن علقمة عن أبي علقمة عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أفضل الصيام صيام داوود، ومن صام الدهر كله فقد وهب نفسه لله.

أخبرنا أبو صادق بن صباح قال: أخبرنا أبو محمد بن رفاعة قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن محمد بن سعيد المالكي البزاز قال: حدثنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمرو المديني قال: حدثنا يونس بن عبد الأعلى قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الله بن عباس القتباني عن يزيد بن قرذر عن كعب قال: كان داوود النبي صلى الله عليه وسلم يصوم يوماً ويفطر يوماً فإذا وافق صومه يوم الجمعة أعظم فيه الصدقة، ويقول إن صيامه يعدل صيام خمسين ألف سنة كطول يوم القيامة، قال: وكذلك سائر الأعمال تضاعف فيه.
أخبرنا محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان الحلبيان قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن أبي الحسن المسعودي قال: أخبرنا أبو الخير محمد بن أحمد بن محمد بن عمر المقدر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق بن مندة قال: أخبرنا والدي أبو عبد الله محمد بن إسحاق، ح.
قال المسعودي: وأخبرنا أبو المحاسن مسعود بن محمد بن غانم الغانمي بهراة وأبو النجيب سعد بن عبد الله بن الحسين المرو الروذي، وأبو منصور شهر دار بن شيرويه بن شهر دار الديلمي، وأبو علي الحسن بن أحمد بن محمد الموسياباذي بقراءتي عليهم بهمذان، وأبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي بقراءتي عليه بخيبر قالوا جميعاً: أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن علي بن خلف الشيرازي في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الخليل القطان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن يوسف السلمي قال: حدثنا عبد الرزاق بن همام بن نافع الحميري عن معمر عن همام بن منبه قال: هذا ما حدثنا أبو هريرة عن محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر أحاديث وقال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: خفف على داوود القرآن، فكان يأمر بدوابه تسرج فكان يقرأ القرآن من قبل أن تسرج دابته وكان لا يأكل إلا من عمل يده.
أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد بن حمزة التاجر بداريا وأبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي وأم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي بن الخضر القرشي بدمشق قالوا: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن الحسن: قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن ابن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا أبو إسحاق محمد بن أبي ثابت قال: حدثنا محمد ابن حماد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه عن أبي هريرة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: خفف على داوود القرآن، فكان يأمر بدوابه فتسرج فيقرأ القرآن قبل أن تسرج، وكان لا يأكل إلا من عمل يده.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثنا محمد بن أبي بشر قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا الحسين بن جعفر قال: سمعت أبي قال: قال وهب بن منبه: كان داوود إذا قرأ القرآن لم يسمعه شيء إلا حجل كهيئة الرقص.
وقال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثنا محمود بن أبي بشر قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا أبو معاوية قال: حدثنا هشام بن عروة عن أبيه قال: كان داوود النبي عليه السلام يعمل القفة من الخوص ثم يبعث بها فيبيعها وهو على المنبر ويأكل منها.
وقال: حدثنا إسحاق قال: وحدثنا محمد قال: وحدثنا أبو الأحوص قال: حدثنا حماد بن خالد الخياط قال: حدثنا معاوية بن صالح عن أبي الزاهرية قال: كان داوود يعمل القفاف، ثم يبيعها ويأكل ثمنها وهو موسع عليه.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر ابن أبي الحسن البسطامي قال: أخبرنا أبو بكر الشيروي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد القايني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الجوزقي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن بن إسماعيل الجلودي قال: حدثنا محمد ابن عبد الرحمن قالا: حدثنا الأشجعي عن سفيان عن عبد الله عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان الناس يعودون داوود يظنون أن به مرضاً وما به إلا شدة الخوف من الله عز وجل.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا منصور بن محمد المسعودي قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسين بن أحمد الخزاعي بمرو قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد الشيرنخشيري إملاءً قال: أخبرنا أبو محمد عمر بن محمد بن أحمد الشعراني قال: حدثنا الحسين بن محمد بن مصعب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا نعيم بن حماد قال: حدثنا ابن المبارك قال: حدثنا ابن لهيعة عن خالد بن يزيد عن سعيد بن أبي هلال أن داوود النبي عليه السلام كان يعوده الناس ما يظنون إلا أنه مريض وما به إلا شدة الفرق من الله تعالى.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصري قال: أخبرنا أبو يعلى بن كردوس السلمي قال: حدثنا الفقيه نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد ابن علي الأملوكي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي العتكي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن فيل قال: حدثنا أبو الجارود مسعود بن محمد الرملي قال: حدثنا عمران بن هارون قال: حدثنا عبد الله بن لهيعة عن عبد الرحمن بن هرمز الأعرج عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لما بنى داوود عليه السلام بيت المقدس بنى المحراب أعلى من المسجد، وأوحى الله عز وجل إليه: يا داوود بنيت لك بيتاً، ولي بيتاً فجعلت بيتك فوق بيتي ولكن من ملك استأثر يا داوود.
قلت زرت برج المحراب الذي من بناء داوود، وكان برجاً عظيماً بحجارة عظيمة هائلة وكان ثلاث طبقات والمحراب في الطبقة الوسطى وكان شاهقاً، وكان عالياً على المسجد وعلى جميع أبنية البيت المقدس، وهدمه الملك الناصر داوود بن الملك المعظم في سنة سبع وثلاثين وستمائة وحضرت في البيت المقدس وقت هدمه وكنت متوجهاً إلى الديار المصرية في رسالة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي إجازة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق قال: حدثنا محمد بن أحمد بن علي أبو يعقوب النحوي إملاء قال: حدثنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا إسماعيل هو ابن عيسى العطار قال: أخبرنا إسحاق ويعني ابن بشر قال: وأخبرنا سعيد بن بشير عن قتادة عن الحسن قال: قال داوود لبني إسرائيل حين ملك: والله لأعدلن عليكم فلم يستثن فابتلي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الآبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن بشير الكندي قال: حدثنا عبد المجيد المكي عن أبيه عن صدقة بن يسار قال: بينما داوود عليه السلام في محرابه إذ مرت به درة فنظر إليها وفكر في خلقها وعجب منها وقال: ما يعبأ الله بهذه، قال: فأنطقها الله عز وجل فقالت: يا داوود أتعجبك نفسك فو الذي نفسي بيده لأنا على ما آتاني الله من فضله أشكر منك على ما آتاك الله من فضله.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن المبارك بن الأخضر إجازة وأخبرنا عنه سماعاً أبو المظفر يوسف بن زغلي بن عبد الله الواعظ قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو هشام قال: حدثنا أبو الحسين وهو زيد بن الحباب العكلي قال: حدثني أبو كعب عن بكر بن عبد الله المزني قال: قال داوود: يا رب اغفر لي ومن أكثر ذكر الله مني، وقام على صخرة إلى جنب نهر حتى أصبح فناداه ضفدع: يا داوود أتمن على الله وأنا ضفدع أسبح الله الليل والنهار من خشيته، فنظر فإذا هي قائمة على الماء قال: رب اغفر لي فإن نعمتك علي أكثر من ذكري لك.
أخبرنا أبو عبد الله بن إبراهيم الأربلي قال أخبرتنا شهدة بنت الآبري قالت: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثني خالد بن محدوج أبو روح قال: سمعت أنس بن مالك يقول: إن داود نبي الله عليه السلام ظن في نفسه أن أحداً لم يمدح خالقه أفضل مما مدحه، وأن ملكاً نزل وهو قاعد في المحراب والبركة إلى جنبه فقال: يا داوود افهم إلى ما تصوت به الضفدع فأنصت داوود فإذا الضفدع تمدحه بمدحةٍ لم يمدحه بها داوود، فقال له الملك: كيف ترى يا داوود أفهمت ما قالت؟ قال: نعم. قال: ماذا؟ قال: قالت سبحانك وبحمدك منتهى علمك يا رب، قال داوود: لا والذي جعلني نبيُّه إني لم أمدحه بهذا.
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد ابن أحمد الفقيه قال: قال لنا علي بن أحمد الواحدي المفسر في تأويل قوله تعالى " وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير " قال: وتقدير الكلام: وسخرنا الجبال يسبحن مع داوود وهو أنه كان إذا وجد فترة أمر الجبال فسبحت حتى يشتاق هو فيسبح، وقال وهب: كانت الجبال تجاوبه بالتسبيح وكذلك الطير.
وقال الواحدي في تأويل قوله تعالى " ولقد آتينا داوود منا فضلاً يا جبال أو بي معه والطير " . قال: فضلاً يعني النبوة والكتاب، وما أعطي من الملك في الدنيا. يا جبال أو بي معه معناه وقلنا: يا جبال أو بي معه، فكان إذا سبح داوود سبحت الجبال معه والطير.
قال ابن عباس: وكانت الطير تسبح معه إذا سبح، وقال في تأويل قوله تعالى: " وعلمناه صنعة لبوس لكم " : اللبوس الدرع لأنها تلبس، قال قتادة: أول من صنع الدرع داوود، وإنما كانت صفائح، فهو أول من سردها وحلقها فجمعت الخفة والتحصين. وفي قوله تعالى: وألنا له الحديد، حتى صار عنده مثل الشمع، فكان يأخذه بيده فيصير كأنه عجين، فكان يعمل به شيئاً من غير نار ولا قرع " أن اعمل سابغات " دروعاً كوامل يجرها لابسها على الأرض وقال قتادة: وقدر في السرد نسيج الدرع والمعنى لا تجعل المسامير دقاقاً فتقلق ولا غلاظاً فتكسر الحلق، وهذا قول جميع أهل التأويل.
أخبرنا أبو المحاسن قال: أخبرنا الجياني قال: أخبرنا عبد الجبار قال: أخبرنا الواحدي قال: أخبرنا سعيد بن العاص القرشي فيما أجاز لي قال: حدثنا العباس بن الفضل بن زكريا قال: أخبرنا أحمد بن أبي نجدة القرشي قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرني عبد الوهاب بن مجاهد عن أبيه عن ابن عباس في قوله تعالى: وقدر في السرد قال لا تدقق المسامير وتوسع الحلقة، فتسلس ولا تغلظ المسامير وتضيق الحلقة فتنقصم، اجعله قدراً، قال مقاتل ثم قال الله تعالى لآل داوود اعملوا صالحاً. قال ابن عباس: اشكروا الله بما هو أهله. وقال الواحدي في تأويل قوله تعالى: " واذكر عبدنا داوود ذا الأيد " لكي يتقوى على الصبر يذكر قوته على العبادة وهو قوله ذا الأيد ذا القوة على العبادة وفي طاعة الله.
قال الزجاج: وكانت قوة داوود على العبادة أتم قوة، كان يصوم يوماً ويفطر يوماً، وذلك أشد الصوم، وكان يصلي نصف الليل إنه أواب راجع عما يكره الله إلى ما يحب.

وقوله تعالى " وشددنا ملكه " قوينا ملكه بالحرس والجنود، قال سعيد ابن جبير عن ابن عباس: كان يحرسه كل ليلة ستة وثلاثون ألف رجل، فإذا أصبح قيل ارجعوا فقد رضي عنكم نبي الله وهذا قول جماعة المفسرين.
قال: وقوله: " وآتيناه الحكمة " قال ابن عباس النبوة والمعرفة بكل ما حكم، وقال مقاتل: الفهم والعلم " وفصل الخطاب " ، يعني الشهود والأيمان البينة على المدعي واليمين على من أنكر، لأن خطاب الخصوم إنما ينقطع ويفصل بهذا، هذا قول الأكثرين، وقال ابن مسعود ومقاتل: وقتادة هو العلم بالقضاء والفهم.
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو بكر الجياني قال: أخبرنا عبد الجبار الفقيه قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرني أبو عمرو محمد بن عبد العزيز فيما أجاز لي أن أبا الفضل الحدادي أخبرهم عن أبي يزيد الخالدي قال: أخبرنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الله بن يزيد المقريء قال: حدثنا داوود بن أبي الفرات عن علباء بن أحمر عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً من بني إسرائيل استعدى على رجل من عظمائهم عند داوود فقال: إن هذا غصبني بقراً لي فسأل داوود الرجل عن ذلك فجحده، فسأل الآخر البينة فلم تكن له بينة، فقال لهما داوود: قوماً حتى أنظر في أمركما فقاما من عنده فأوحى الله إلى داوود في منامه أن يقتل الرجل الذي استعدى عليه، فقال: هذه رؤيا ولست أعجل حتى أتثبت فأوحى الله إليه في منامه أن يقتله، فلم يفعل فأوحى الله إليه الثالثة أن يفعل أو تأتيه العقوبة، فأرسل داوود إليه فقال له: إن الله أوحى إلي أن أقتلك، فقال الرجل تقتلني بغير بينة؟ قال داوود: نعم والله لأنفذن أمر الله فيك، فلما عرف الرجل أنه قاتله قال: لا تعجل علي حتى أخبرك إني والله ما أخذت بهذا الذنب، ولكني كنت اغتلت أبا هذا فقتلته فبذلك أخذت، فأمر به داوود فقتل فاشتدت هيبة بني إسرائيل لداوود عند ذلك وشدد به ملكه وهو قوله تعالى " وشددنا ملكه " .
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي السلامي إجازة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال: حدثنا يحيى بن أيوب قال: حدثنا يحيى هو ابن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث عن أبي معشر عن سعيد بن أبي سعيد أنه قال: إن داوود دعا الله فقال: يا رب أرني الحق كما تراه، فأوحى الله إليه: إنك لن تطيق ذلك، فاقض بينهم بالبينات، قال: يا رب أرني الحق كما تراه، قال: اقض. فجاءه رجل فقال يا رسول الله: إن فلاناً جاء ببقرة فأكل حرثي، فقال: لصاحب البقر: اذهب اقتله وخذ ماله، فلما خرج به ليقتله قال: يحلّ لك أن تقتلني عوض بقرك، أكلت حرثي وتقتلني وتأخذ مالي؟ فجاءه: فقال: يا رسول الله بقري أكلت حرثه، قال: فاذهب فقاتله وخذ ماله حتى إذا فعل ذلك ثلاث مرات، فلما جلس ليقتله قال: إنه قضى بالحق إني قتلت أباه وأخذت ماله فهو يقتلني كما قتلته، ويأخذ مالي، فأوحى الله عز وجل إلى داوود إنك لن تطيق ذلك فاقض بينهم بالبينات.

أخبرنا أبو الحسن عن ابن ناصر قال: أنبأنا أبو إسحاق الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن محمد بن الورد قال: حدثنا يحيى ابن أيوب قال: حدثنا يحيى هو ابن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث عن أبي معشر عن محمد بن قيس عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه أنه قال: ما كان الناس قط أحوج إلى السلسلة منهم اليوم في زمانهم هذا فقالوا: وما السلسلة؟ قال: السلسلة أعطيها داوود في فصل الخطاب، قال: لا يختصم إليه إلا كان أولاهما بالعذر ينالها وإن كان قصيراً، قال: فاستخبأ رجل رجلاً لؤلؤاً فابتغاه منه فجحده وقال: قد دفعتها إليك قال: فجاء إلى داوود فقال: إن هذا استخبأته لؤلؤاً فجحدنيه قال: فاذهبا إلى السلسلة قال: فأخذ الرجل عصا فنقبها فجعل فيها اللؤلؤ قال: فجاء صاحب اللؤلؤ فقال: اللهم إن كنت تعلم إني استخبأته اللؤلؤ ولم يرد إلي فأسألك أن أنالها، قال: فنال السلسلة وقال: الآخر كما أنت أدعو أنا زيادة قال: أمسك هذه العصا فأخذها، ثم قال: اللهم إن كنت تعلم إني قد دفعت إليه اللؤلؤ فأسألك أن أنالها، قال: فنالها زيادة، قال داوود: ما هذا ينالها الظالم والمظلوم فأوحى الله إليه إن اللؤلؤ في العصا ورفعت السلسلة.
أخبرنا أبو المحاسن القاضي قال: أخبرنا محمد بن علي بن ياسر قال: أخبرنا الفقيه عبد الجبار الخواري قال: أخبرنا علي بن أحمد الواحدي المفسر قال: قوله: وهل أتاك نبؤ الخصم قال مقاتل: بعث الله إلى داوود ملكين جبريل لينبهه على التوبة فأتياه في المحراب وهو قوله إذ تسوروا المحراب قال محمد بن إسحاق: بعث الله إليه ملكين يختصمان إليه مثلاً ضربه الله له ولصاحبه، فلم يرع داوود إلا بهما واقفين على رأسه في محرابه فقال لهما داوود: ما أدخلكما علي فقالا: لا تخف وهو قوله: إذ دخلوا على داوود ففزع منهم قالوا لا تخف خصمان أي نحن خصمان بغى بعضنا على بعض فجئناك لتقضي بيننا وهو قوله: فاحكم بيننا بالحق ولا تشطط يقال شط الرجل وأشط شططا واشطاطا إذا جار في حكمه وقضيته.
قال المفسرون: لا تجر علينا واهدنا إلى سواء الصراط احملنا على الحق لا تخالف بنا غيره فقال داوود: تكلما فقال أحد الملكين: إن هذا أخي أي على ديني له تسع وتسعون نعجة يعني امرأة والنعجة البقرة الوحشية والنعجة يكنى بها عن المرأة، وتشبه النساء بالنعاج من البقر وإنما عني بهذا داوود لأنه كانت له تسعة وتسعون امرأة ولي نعجة واحدة امرأة واحدة فقال اكفلنيها ضمها إلي واجعلني كافلها وهو الذي يعولها وينفق عليها والمعنى طلقها لأتزوجها وعزني في الخطاب. قال عطاء عن ابن عباس كان أعز مني وأقوى على مخاطبتي لأنه كان الملك، والمعنى أنه كان أقدر على الخطاب لعزة ملكه، وهذه القصة تتمثل لأمر داوود مع أوريا زوج المرأة التي أراد أن يتزوج بها، فقال داوود: لقد ظلمك بسؤال نعجتك إلى نعاجه أي بسؤاله نعجتك ليضمها إلى نعاجه، أي إن كان الأمر على ما تقول، فقد ظلمك أخوك بما كلفك من تحولك عن امرأتك ليتزوجها هو، وإن كثير من الخلطاء هم الشركاء يريد أن الشركاء كثير منهم يظلم بعضهم بعضاً وهو قوله: ليبغي بعضهم على بعض وظن داوود أنهما شريكان، فلذلك قال: وإن كثيراً من الخلطاء قال المفسرون: فلما قضى بينهما داوود نظر أحدهما إلى صاحبه فضحك وصعد إلى السماء فعلم داوود أن الله ابتلاه وإن ما ذكرا من القصة تمثيل لقصته، هو قوله: وظن داوود إنما فتناه أي أيقن وعلم أنا ابتليناه بما وقع له من القصة ونظره إلى المرأة وافتتانه بها وكان قد أعجب بعبادته فلما ابتلى بها هويها وقال لزوجها: تحول لي عنها فعوتب على محبته امرأة من له امرأة واحدة وله تسع وتسعون امرأة، فكان ذلك ذنباً من ذنوب الأنبياء التي يعاتبون عليها وذلك قوله: فاستغفر ربه وسأل ربه غفران ذلك الذنب وخر راكعاً وأناب، قال ابن عباس: ساجداً، وعبر عن السجود بالركوع لأن كلاهما بمعنى الانحناء. وأناب: راجع ما يحب الله من التوبة والاستغفار.

وقال في قوله تعالى: " فغفرنا له ذلك " قال ابن عباس: غفر له ذلك الذنب " وإن له عندنا لزلفى " ، لقربه ومكانه ومنزلة حسنة، وقال الواحدي: أخبرنا سعيد بن محمد الزاهد قال: أخبرنا أبو علي الفقيه قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله العسكري قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثني محمد بن منصور البرواني عن جعفر بن سليمان عن مالك بن دينار في قوله: وإن له عندنا لزلفى، قال: يقول الله لداوود وهو قائم عند ساق العرش: يا داوود مجدني بذلك الرخيم فيقول: كيف وقد سلبته في الدنيا؟ فيقول: إني أرده إليك قال: فيرفع داوود صوته بالزبور فيستفرغ نعيم أهل الجنة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج البغدادية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد ابن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا مالك بن دينار في قوله: وإن له عندنا لزلفى وحسن مآب قال: يقيم الله داوود عند ساق العرش فيقول: يا داوود مجدني بذلك الصوت الحسن الرخيم. فيقول: إلهي وكيف أمجدك به وقد سلبتنيه في دار الدنيا؟ فيقول: فإني راده عليك اليوم فيرد عليه، فيرفع داوود صوته فيستنزع صوت داوود نعيم أهل الجنة.
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشفري المعروف بوالده بأزرتق وأبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب. قال أبو إسحاق: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز. وقال أبو الحجاج: أخبرنا ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمر بن أحمد البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مزدك البرذعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن حاتم قال: حدثنا محمد يعني ابن يحيى بن عمر الواسطي قال: حدثنا محمد يعني ابن الحسين البرجلاني قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا عباد بن كلثوم اليماني عن أبيه عن وهب بن منبه قال: كان لداوود صلى الله عليه وسلم حشية محشوة بالرماد ويصلي عليها وكان يسجد فيبكي حتى يبل موضع سجوده، ثم يحول طرفها الآخر فيصلي عليه فيسجد فيبكي حتى يبل موضع سجوده ثم تغلبه الدموع فتجري حتى يبتل الحشيش تحته. قال: وكان ينادي في سجوده: قرح الجبين وجفت الدمعه وخطيئتي لم تغفر، فقيل له يا داوود أظمآن فتسقى؟ أجائع فتطعم؟ أعار فتكسى؟. قال: فازداد بكاء على بكائه وأخذ في الأنين عند منقطع النحيب قال: فعند ذلك رحم فغفر له.
وقال: حدثنا عبد الرحمن يعني ابن أبي حاتم قال: حدثنا محمد قال: حدثني محمد قال: حدثنا الصلت بن حكيم أبو مريم الواعظ وغيره عن سعد ابن إبراهيم الأموي عن محمد بن خوات أن داوود صلى الله عليه وسلم لما أطال البكاء على نفسه قيل له: اذهب إلى قبر زوج المرأة، فاستوهبه ما صنعت، قال: فأتى القبر فأذن الله لصاحب القبر أن يتكلم فناداه: يا أوريا أنا داوود ولك عندي مظلمة، قال: قد غفرتها، فانصرف وقد طابت نفسه فأوحى الله إليه، إرجع فبين له ما صنعت، فرجع فأخبره فناداه جبريل: يا داوود هكذا يفعل الأنبياء.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم من مسلم بن سلمان الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بن الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثني محمود بن أبي بشر الخراساني قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا الحسين بن جعفر قال: سمعت أبي قال: قال سليمان التيمي ومالك بن دينار: لما أصاب داوود الخطيئة أكثر في الدعاء فلم يستجب فلما رأى أنه لا يستجاب له أخذ في نحو من النياحة، فرحم فغفر له.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو التقى صالح ابن بنت أبي جدار قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن موسى النقاش قال: أخبرنا محمد بن صالح الخولاني قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الخولاني قال: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا مجالد بن عبيد الله قال: حدثنا مسمع بن عاصم بن عبد العزيز الراسبي قال: كان داوود عليه السلام يبكي حتى يملأ حجره ثم يأخذ دموعه بيديه فيملأ كفيه ثم يقول: ارحم دموعي، فأوحى الله عز وجل إليه تذكر دموعك وتنسى ذنوبك؟.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عيد الكريم بن محمد إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الطلحي إملاء قال: حدثنا عبد الله بن علي بن زكرى الدقاق قال: حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران المعدل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا المحول بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود ارفع رأسك فقد غفرت لك غير أنه ليس عندك ذاك الود الذي كان.
أخبرنا حسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا محول بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الكريم قال: حدثنا عبد الصمد بن معقل عن وهب قال: أوحى الله تعالى إلى داوود ارفع رأسك فقد غفرت لك غير أنه ليس عندي ذلك الود الذي كان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإربلي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن عساكر بن المرحب البطائحي قال: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبيد الوراق بابن العسكري.
قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن الحسين الدقاق، قال: حدثنا القاسم بن بشر قال: حدثنا الوليد بن مسلم، ح.
وقال شيخنا أبو عبد الله الإربلي: أخبرتنا الكاتبة بنت الآبري قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله الهروي قال: أخبرنا الوليد بن مسلم قال: حدثني عبد الرحمن ابن يزيد بن جابر عن عطاء الخراساني. وقال القاسم بن بشر: حدثني عطاء الخراساني أن داوود النبي عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكي لا ينساها فكان إذا رآها اضطربت يداه، أو قال: اضطرب، وقال الهروي: كي لا ينساها، فكان إذا رآها اضطرب أو اضطربت يده.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حميد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حميد: إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان حدثنا أحمد بن محرز الهروي قال: حدثنا الحسن بن عيسى قال: حدثنا ابن المبارك عن شبل بن عباد عن ابن أبي نجيح عن مجاهد أن داوود عليه السلام جعل خطيئته في كفه فكان لا يتناول طعاماً ولا شراباً ولا يمد يده إلى شيء إلا أبصر خطيئته فأبكاه.
وقال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي عن الوليد بن مسلم عن ابن جابر عن عطاء الخراساني أن داوود عليه السلام نقش خطيئته في كفه لكي لا ينساها فكان إذا رآها اضطربت يداه.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا السيد أبو طالب علي بن الحسين عبد الواحد الصالحاني بأصبهان قال: أخبرنا السيد أبو طالب علي بن الحسين الحسني الهمذاني إملاء قال: حدثنا عبد الله بن عيسى بن إبراهيم قال: حدثنا الفضل بن الفضل بن العباس الكندي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن عباد قال: حدثنا أبو صالح السواق قال: حدثنا بشر بن محمد بن أبان اليشكري قال: حدثنا الحسن بن عبيد الله عن رجل من الأنصار أن داوود عليه السلام لما أصاب الخطيئة عمد إلى غار ينتابه العباد قال: فصرخ لصاحبه فلم يجبه، فلما أطال عليه أجابه وقال: من هذا الذي يدعوني بصوت عالٍ لم تغيره العبادة، فقال: داوود عليه السلام: أنا داوود، قال: داوود صاحب المدائن الحصينة والخيل المسومة والنساء والشهوات لئن نلت بهذا الجنة لأنت أنت، فقال له داوود عليه السلام: فمن أنت قال: راغب وراهب مترقب، قال له داوود: فمن أنيسك ومن جليسك؟ قال الرجل: ها هناك تراه إن أردت ذلك، قال فتخلل داوود الجبل فإذا غار قد حاذى رأس الجبل فإذا رجل مسجى، فقال: هذا أنيسك وهذا جليسك؟ قال: نعم، قال: فمن هذا؟ قال: ها تلك قصته مكتوبة عند رأسه في لوح من نحاس قال: فأخذه داوود فإذا فيه أنا ملك الأملاك عشت ألف عام وهزمت ألف جيش، وفتحت ألف مدينة وافتضضت ألف عذراء، وأحصنت ألف امرأة، قال: فبينا أنا في ملكي إذ أتاني ملك الموت فأخرجني مما أنا فيه فها أنذا التراب فراشي والدود جيراني والنار أمامي، قال: فخر داوود عليه السلام مغشياً.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الأرتاحي إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان، قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثنا هدبة بن خالد قال: حدثنا حماد بن مسلمة عن ثابت البناني عن صفوان بن محرز قال: كان داوود عليه السلام ينادي في جوف الليل أوهّ من عذاب الله أوهّ من قبل أن لا ينفع أوهّ.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد الفرج قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد ابن السماك قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم بن سنين قال: حدثني علي بن مسلم قال: حدثنا سيار قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت البناني قال: لم يشرب داوود شراباً من بعد المغفرة إلا ونصفه ممزوج بدموع عينيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان البغدادي وأبو الحجاج يوسف بن خليل ابن عبد الله الدمشقي. قال إبراهيم: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد، وقال يوسف: أخبرنا ذاكر بن كامل الخفاف ويحيى بن أسعد بن بوش قالوا: أخبرنا عبد القادر بن محمد قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن البرذعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن يعني ابن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني بن أبي زكريا قال: حدثنا سعيد بن يونس عن عمران بن أبي الهذيل عن وهب بن منبه قال: لما أصاب داوود الخطيئة قال: يا رب اغفر لي قال: قد غفرت لك وألزمت عارها بني إسرائيل، قال: كيف يا رب وأنت الحكم العدل لا تظلم أحداً أعمل أنا بالخطيئة وتلزم عارها غيري؟ فأوحى الله إليه إنك لما اجترأت عليّ بالمعصية لم يعجلوا عليك بالنكرة.
أخبرني أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين ابن عمر الموصلي. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن ابن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا أبي عن الوليد عن عثمان بن أبي العاتكة قال: كان داوود صلى الله عليه وسلم يقول في مناجاته: إلهي إذا ذكرت خطيئتي ضاقت علي الأرض برحبها، وإذا ذكرت رحمتك ارتد إلي روحي سبحانك إلهي أتيت أطباء عبادك ليداووا خطيئتي فكلهم عليك يدلني.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقيرة بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر إجازة قال: أنبأنا أبو إسحاق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال: أخبرنا علي بن جعفر بن أحمد الفريابي قال: حدثنا محمد بن يوسف قال: حدثنا محمد ابن صالح قال: حدثني الحسين بن جعفر عن أبيه عن يزيد الرقاشي قال: كان في بني إسرائيل أربعمائة جارية عذارى متبتلات قال: قال فلما كان في يوم َنْوحُ داوود عليه السلام قمن حيث يسمعن الصوت، ولم يرون الشخص، وفتح داوود عليه السلام الزبور وأخذ في ضرب من النياحة فصعقن فمتن فلم ير يوماً كان أكثر ميتاً ولا باكياً من يومئذ.
أخبرنا أبو نصر الزبيدي ببغداد قال: أخبرنا أبو نصر بن السدنك قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: حدثنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: حدثنا ابن السماك قال: حدثنا الحسن قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: أوصى الله تعالى إلى داوود: يا داوود إني لم أخلق الشهوات إلا للضعفاء من عبادي فأما الأبطال فما لهم وللشهوات.
أخبرنا حسن بن إبراهيم بن هبة الله بن دينار بالقاهرة قالب: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد ابن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا الحسن بن عمرو قال: سمعت بشر بن الحارث يقول: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود إني لم أخلق الشهوات إلا للضعفاء من عبادي فأما الأبطال فما لهم ولها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله المقريء بمرو قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسين الربعي ببغداد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن شبيب قال: حدثنا أحمد بن أبي الخواري قال: قال لي أبو سليمان شهدت مع أبي الأشهب جنازة بعبادان فسمعته يقول: أوحى الله عز وجل إلى داوود عليه السلام حذر وأنذار أصحابك أكل الشهوات، فإن القلوب المعلقة بشهوات الدنيا عقولها محجوبة عني.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال ابن حمد: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عبد المتعال قال: حدثنا حمزة بن معاوية عن بجير قال: أوحى الله تبارك وتعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود اتخذ نعلين من حديد، وعصا من حديد، واطلب العلم حتى يتخرق نعلاك وتنكسر عصاك.

أخبرنا أبو علي حين بن أحمد بن يوسف بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن إبراهيم الرازي عن أبيه عن أبي العباس الفقيه أن أبا الحسن محمد بن المغلس ابن جعفر البزاز أخبرهم بمصر قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق المعدل قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن سهل السكري قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية قال: حدثنا مهدي بن جعفر قال: حدثنا حمزة عن أبي مطيع معاوية بن يحيى قال: أوحى الله إلى داوود: اتخذ نعلين من حديد وعصا من حديد واطلب العلم حتى يتخرق النعلان وتنكسر العصا.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي قال: أخبرنا الداوودي قال: أخبرنا الحموي قال: أخبرنا أبو عمران قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا نعيم بن حماد قال: حدثنا بقية عن عبد الله بن عبد الرحمن التستري قال: قال داود صلى الله عليه وسلم: قل لصاحب العلم يتخذ عصا من حديد ونعلين من حديد ويطلب العلم حتى تنكسر العصا ويتخرق النعلان.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو الفوارس الأنباري بها يعني خليفة بن محفوظ بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد ابن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن المغلس بن جعفر بن المغلس البزاز بالفسطاط في الجامع العتيق قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن محمد بن سهل السامري بالرملة قال: حدثنا عبد الرحمن بن معاوية قال: حدثنا مهدي بن جعفر قال: حدثنا ضمرة عن أبي مطيع معاوية بن يحيى قال: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: اتخذ نعلين من حديد وعصا من حديد واطلب العلم حتى يتخرق النعلان وتنكسر العصا.
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المعري، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم بن الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن الحسين عن صالح المري قال: أوحى الله تعالى إلى داوود عليه السلام: يا داوود اسمع مني الحق أقول لك: إنه من ذكر ذنوبه في الخلاء فاستحيا عند ذكرها سترتها عن الحفظة وغفرتها له، يا داود اسمع مني الحق أقول لك: إنه من عمل من الذنوب حشو الأرض من شرقها إلى غربها ثم ندم عليها خشائنا سترتها عن الحفظة وغفرتها له، يا داود اسمع مني الحق أقول لك: إنه من عمل حسنة واحدة أدخلته جنتي. قال داود: يا إلهي فما تلك الحسنة؟ قال تكشف عن مكروب كرباً ولو بشق تمرة.
وقال: حدثنا ابن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أبي ومحمد بن الحسين عن صالح المري قال: قال داود عليه السلام: يا رب دلني على حمل يدخلني الجنة، قال: آثر هواي على هواك.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي بها قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طاهر الحلبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا قبيصة عن سفيان عن العلاء بن المسيب عن رجل عن مجاهد قال: قال داوود: يا رب طال عمري وكبرت سني وضعف ركني، قال: فأوحى الله إليه: يا داوود طوبى لمن طال عمره وحسن عمله.

أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي التاجر قال: أخبرنا العدل بن أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن الكتاني قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أسلم بن سهل ابن أسلم الواسطي قال: حدثنا زيد بن صالح قال: حدثنا عبد العزيز ابن داوود الواسطي قال: حدثنا فضالة بن حسين بن عبد الرحمن عن عمه موسى بن عبد الرحمن قال: أوحى الله تعالى إلى داوود: يا داوود من لقيني بحسنة واحدة أدخلته الجنة، قال داوود: إلهي وما تلك الحسنة؟ قال: تفرج عن مكروب من المسلمين، قال داوود: إلهي فمن لا ينبغي لأحد أن يقطع رجاءه منك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن هبة الله بن الطفيل الدمشقي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الغفار بن أحمد بن علي بن أشنة قال: أخبرنا أبو سعيد بن علي ابن عمر النقاش قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن شيران قال: حدثنا أحمد بن محمد العطار الأبلي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: بلغني أن داوود عليه السلام قال: اللهم ما جزاء من فاضت عيناه من خشيتك؟ قال جزاؤه أن أؤمنه يوم الفزع الأكبر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا هبة الله بن علي بن سعود وأبو عبد الله محمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي. قال ابن أحمد: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن ابن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر أخو خطاب قال: حدثنا خالد بن خداش عن صالح المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال: قرأت في مناجاة داوود صلى الله عليه وسلم: إلهي ما جزاء من بكى من خشيتك حتى تسيل دموعه على وجهه؟ قال: جزاؤه أن أحرم وجهه عن النار، وأومنه يوم الفزع الأكبر.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الآبري قالت: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن بسام قال: حدثني صالح المري عن أبي عمران الجوني عن أبي الجلد قال: قرأت في مسألة داوود أنه قال: أي رب كيف لي أن أشكرك وأنا لا أصل إلى شكرك إلا بنعمتك؟ قال: فأتاه الوحي أن يا داوود أليس تعلم أن الذي بك من النعم مني؟ قال: بلى يا رب، قال: فإني أرضى بذلك منك شكراً.
وقال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبو أيوب القرشي مولى بني هاشم قال: قال داوود: يا رب أخبرني بأدنى نعمك علي، فأوحى الله إليه: يا داوود تنفس فتنفس، فقال: هذا أدنى نعمي عليك.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي بها قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طالب الحلبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن الحسين بن قريش قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم ابن عمر بن أحمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف بن بخيت الدقاق قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن عمرو بن مرة قال: كان داوود عليه السلام يقول: يا رب كيف أحصي نعمك وأنا نعمة كلي.

أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت ابن الآبري قالت: أخبرنا أبو الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الحشمي قال: حدثنا معاوية بن عبد الكريم قال: حدثنا الحسن قال: قال داوود: إلهي لو أن كل شعرة مني لسانين يسبحان الليل والنهار ما قضتا نعمة من نعمك.
أخبرنا أبو إسحاق بن أبي عمرو الزركشي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن المعدل قال: أخبرنا ابن شاذان قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك إجازة قال: حدثنا الحسن بن عمرو السبيعي قال: سمعت بشرا يقول: أوحى الله إلى داوود: لا تتخذ بيني وبينك عالماً مفتوناً يعدل بشكره طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي.
أخبرنا أبو نصر الزبيدي قال: أخبرنا أبو نصر بن السدنك قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا ابن السماك قال: حدثنا الحسن قال: سمعت بشرا قال: أوحى الله تعالى إلى داوود: يا داوود لا تتخذ بيني وبينك عالماً مقترناً فيصدك بشكره عن طريق محبتي أولئك قطاع طريق عبادي.
وقال: سمعت بشرا يقول: أوحى الله تعالى إلى داوود إغضب لي أشد مما تغضب لنفسك.
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصليحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان قال: حدثنا أسلم بن سهل بن أسلم قال: حدثنا محمد بن عبد الملك قال: حدثنا فضيل بن عبد الله التمار أبو معاذ قال: حدثنا أبو الربيع الأعرج عمرو بن سليمان قال: حدثنا يزيد بن إبراهيم التستري عن الحسن قال: أوحى الله إلى داوود: يا داوود مالي أراك وحدانياً؟ قال: إلهي فارقت الناس فيك، قال: يا داوود خالط الناس، واصبر على أذاهم لعلك ترد حيراناً عن حيرته، أو سكراناً عن سكرته، فاكتبك عندي جهبذاً، ومن كتبته عندي جهبذاً ضمنت السحاب رزقه لا يخاف إذا خاف الناس.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبه الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه قال: أخبرنا أبو الفتوح عبد الوهاب بن شاه ابن أحمد الشاذياخي، ح.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور قالت: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب إسماعيل بن عثمان بن إسماعيل في كتابه إلينا من هراة قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت الأستاذ أبا علي الدقاق رحمه الله يقول: خرج داوود عليه السلام يوماً إلى بعض الصحارى منفرداً فأوحى الله تعالى إليه: مالي أراك يا داود وحدانياً؟ فقال: إلهي استأثر الشوق إلى لقائك على قلبي فحال بيني وبين صحبة الخلق، فأوحى الله إليه: ارجع إليهم فإنك أن أتيتني بعبد ابق أثبتك في اللوح المحفوظ شهيداً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بنابلس قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني حمزة بن العباس قال: أخبرنا عبدان بن عثمان قال: أخبرنا عبد الله قال: أخبرنا ابن لهيعة قال: حدثني الحارث بن يزيد عن علي بن رباح قال: سمعت وهب الرمادي يحدث عن فضالة بن عبيد أن داوود النبي صلى الله عليه وسلم سأل ربه أن يخبره بأحب الأعمال إليه، فقال: عشر إذا فعلتهن يا داوود، لأتذكرن أحداً من خلفي إلا بخير، ولا تغتابن أحداً من خلفي، ولا تحسدن أحداً من خلفي، قال: يا رب هؤلاء ثلاث لا أستطيع أن أعملهن.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الإربلي قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج قالت: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا علي بن الجعد قال: سمعت سفيان بن سعيد وذكر داوود النبي عليه السلام فقال: قال: الحمد لله حمداً كما ينبغي لكرم وجه ربي تعالى وعز جلاله، فأوحى الله إليه: يا داوود أتعبت الملائكة.
أخبرنا أبو صادق الحسن بن صباح بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد بن محمد بن عباس الغسال قراءة عليه وأنا أسمع قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن مهدي الدارقطني الحافظ إملاء قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الله الوكيل قال: حدثنا أحمد بن بديل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا عبد الله ابن لاحق عن ابن شهاب قال: قال داوود عليه السلام: الحمد لله كما ينبغي لكرم وجهه وعز جلاله، فأوحى الله تبارك وتعالى إليه: يا داوود قد اتعبت الكتبة.
أخبرنا أبو طاهر الحسن بن أحمد بن الحسن التميمي الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو سعد عبد الواحد بن علي بن حمويه الجويني الصوفي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه ابن طاهر الشحامي قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسين علي بن محمد الدينوري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران الشاهد ببغداد قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا بكتابه في ذكر الراضين بقضاء الله قراءة على الشيخ الحافظ أبو الحجاج يوسف بن محمد بن فيره الأنصاري الأندلسي من أصل الشيخ أبي منصور علي بن محمد الطريثيثي بتاريخ السادس من شهر ربيع الآخر سنة ثلاثين وخمسمائة في أثناء هذا الكتاب يقول الله عز وجل لداود عليه السلام: بشر الراضي بالمقدور بالسرور والحبور.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد السلمي قال: أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا الدوري قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحاق عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كان داوود عليه السلام يقول: كن لليتيم كالأب الرحيم.
أخبرنا أبو بكر بن أبي المحاسن القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد الكاتبة، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن أحمد الموصلي قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا إبراهيم ابن الجنيد قال: حدثنا محفوظ بن الفضل قال: حدثنا إبراهيم بن خالد الصنعاني قال: حدثني عمر بن عبد الرحمن قال: سمعت وهب بن منبه يقول: قال داوود عليه السلام: أي رب أي عبادك أحب إليك؟ قال: مؤمن حسن الصورة، قال: فأي عبادك أبغض إليك؟ قال كافر حسن الصورة، شكر هذا وكفر هذا.
أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن فضل الله بن جهبل الحلبي قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن أبي طاهر الحلبي قال: أخبرنا أبو العباس بن قريش قال: أخبرنا أبو إسحاق البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن خلف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن ذريح قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو أسامة عن الفزاري عن الأعمش عن المنهال عن عبد الله بن الحارث عن ابن عباس قال: أوحى الله إلى داوود النبي صلى الله عليه وسلم: قل للظلمة ألا يذكروني فإني أذكر من ذكرني، وإن ذكري إياهم أن ألعنهم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أخبرنا علي بن أحمد بن قبيس قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد ابن أحمد قال: أخبرنا جدي محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر السامري قال: حدثنا إسرائيل عن أبي إسحق عن عبد الرحمن بن أبزي قال: كان داوود صلى الله عليه يقول: نعوذ بالله من صاحب إن أنت ذكرت الله جل وعز لم يعنك وإن أنت نسيت لم يذكرك.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الوهاب الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني أبو حاتم الرازي قال: حدثنا أصبغ قال: حدثني ابن وهب قال: أخبرني عبد الحميد بن سالم المهري عن عبد الله بن حبيب أن داوود النبي صلى الله عليه وسلم قال: رب كلام قد ندمت عليه ولم أندم على صمت قط.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد بن الآبري الكاتبة، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي العدل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن أحمد الموصلي قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا حماد بن الحسن بن عنبسة الوراق قال: حدثنا شيبان بن حاتم العنزي قال: حدثنا جعفر بن سليمان الضبعي قال: قال مالك بن دينار قال داوود عليه السلام: يا معشر الأنبياء تعالوا حتى أعلمكم خشية الله عز وجل أيما عبد منكم أحب أن يحيى ويرى الأيام الصالحة فليحفظ عينيه أن ينظر سوءاً ولسانه أن ينطق بالإفك.
أخبرنا أبو عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد البغدادي قال: حدثنا معاوية بن عمرو عن طلحة بن زيد عن الأحوص بن حكيم قال: كان من دعاء داوود النبي صلى الله عليه وسلم يا رب يا رازق النعاب في عشه، وذلك أن الغراب إذا فقس عن فرخه خرجت بيضاً، فإذا رآها كذلك نفر عنها فتفتح أفواهها ويرسل الله تعالى لها ذباباً فتدخل في أفواهها فيكون ذلك غذاءها حتى تسود، فإن اسودت عاد الغراب فغذاها ويرجع الله الذباب عنها.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن الواسطي بحشل قال: حدثنا الحسن بن زياد بن زبالة المدني قال: حدثنا محمد بن يزيد عن هيثم الجذاب عن حسين بن قيس عن عكرمة عن ابن عباس رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كان من دعاء داوود عليه السلام: اللهم إني أعوذ بك من مال يكون علي فتنة ومن ولد يكون علي رياء ومن حليلة تقرب الشيب قبل المشيب.
وقال: أخبرنا أبو بكر بن سمعان الحافظ قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن سنان قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر عن محمد بن عجلان عن سعيد المقبري قال: كان داوود النبي صلى الله عليه يدعو: اللهم إني أعوذ بك من مال يكون عليّ وبالاً، ومن ولد يكون عليّ رياء، وزوجة تشيبني قبل المشيب، وجار سوء يراني وقلبه يرعاني إن رأى حسنة كتمها وإن رأى سيئة أذاعها.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أنبأنا أبو العباس النيسابوري أن محمد بن موسى بن الفضل أخبرهم قال: أخبرنا محمد بن عبد الله، ح.
وأخبرنا المؤتمن بن أبي السعود بن قميرة البغدادي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج عن طراد بن محمد الزيبني قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قالا: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: قال أبو نصر التمار: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال داوود: سبحان مستخرج الدعاء بالبلاء، سبحان مستخرج الشكر بالرخاء.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا عبد الغني بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الأرتاحي إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن. قالا: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر المالكي قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا ابن خبيق قال: سعت يوسف ابن أسباط يقول: إن داوود عليه السلام أتاه ملك الموت وهو يرقى في درجة، فقال: ما جاء بك؟ قال: جئت لأقبض روحك، قال: فدعني أرقى، قال: لا والله، قال: فدعني أنزل أوصي، قال: لا والله، ثم قال له: يا داوود ما فعل فلان؟ قال: مات، قال: فما فعل فلان؟ قال: مات، فقال له: يا داوود فما كان لك فيهم عبرة، وقال عبد الغني: أفما كان.
داوود بن إبراهيم بن تميم:
ابن جابر بن هانيء بن زيد بن عبيد بن مالك بن مربط بن عمرو بن الحارث ابن عمرو بن فهم بن تيم الله بن أسد بن وبرة بن مضر بن تغلب بن حلوان بن عمران بن الحاف بن قضاعة أبو الفهم التنوخي الأنطاكي.
حدث بأنطاكية. روى عنه ولده القاضي أبو القاسم علي بن داوود.
ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه داوود
داوود بن أحمد بن حيان الأنطاكي:
حدث عن تميم بن تميم البصري. روى عنه الحسن بن صاحب بن حميد الشاشي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر وعبد الرحمن بن عمر ابن أبي نصر الغزال في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل ابن يوسف قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر أن أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبا بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وأبا عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبا بكر محمد بن عبد العزيز الحيري كتبوا إليه قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن بندار الزاهد قال: حدثنا الحسن بن صاحب قال: حدثنا داوود بن أحمد بن حيان الأنطاكي قال: حدثنا تميم ابن تميم البصري قال: حدثنا زكريا بن يحيى عن ابن عون عن علي بن زيد بن جدعان عن سعيد بن المسيب عن أبي ذر قال: قال له أصحابه: إنا نراك إذا صليت الفريضة لم تطوع بعدها؟ قال: إني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم قال لي: يا أبا ذر لئن تعلم باباً من العلم خير لك من ألف ركعة تطوعاً، وإذا علمت الناس باباً من العلم يعمل بها أو لم يعمل بها خير لك من ألف ركعة تطوعاً.
داوود بن أحمد بن سعيد:
ابن خلف بن داوود بن عثمان بن عزيزي الطيبي الواسطي التاجر من أهل الطيب مدينة بين واسط وخوزستان، من أعيان التجار الأخيار والنبلاء الكبار الجوالين في الآفاق، المعروفين بكرم الشمائل والأخلاق، كان شيخاً حسناً بهي الخلقة حلو النطق، كثير البشر حسن المحاضرة له معرفة تامة بالتواريخ وأخبار الملوك والوزراء.
سمع ببخارى أبا المظفر أحمد بن الحسين بن أحمد بن محمد البغدادي الصفار وصدر جهان عبد العزيز بن محمد بن عمر بن مازه، وبسمرقند محمد ابن أحمد بن أبي سعد بن أبي الخطاب، وبواسط أبا الغنائم محمد بن علي بن المعلم الهرثي الشاعر وجماعة سواهم.
كتب عنه الحافظ حماد بن هبة الله الحراني، وكتبت عنه بحلب شيئاً يسيراً من الحديث، وعلقت عنه مقطعات من الشعر، وسألته عن مولده فقال: ولدت في الطيب في الثاني عشر من رجب من سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وقدم حلب مراراً.

أخبرنا داوود بن أحمد بن سعيد الطيبي بحلب قال: أخبرنا برهان الله والدين صدر جهان عبد العزيز بن محمد بن عمر إملاء قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن نصر قال: حدثنا أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور النسفي إملاء قال: حدثنا الأستاذ شمس الأئمة أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الحلواني قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأزدي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد ابن أحيد بن حمدان قال: حدثنا أبو حفص عمر بن محمد بن بجير قال: حدثنا العباس بن عبد العظيم العنبري، ح.
قال عبد العزيز بن محمد: وأخبرنا تاج الإسلام أبو سعد السمعاني قال: أخبرنا الرئيس أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد العقيلي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الحلبي قال: أخبرنا أبو عبد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين بن صالح السبيعي قال: حدثنا أبو بكر الخضر بن داوود بن عبد الله البزاز بمكة قال: حدثنا زيد بن أخرم قالا: حدثنا حماد بن مسعدة واللفظ للإسناد الأول عن عمران القمي عن الحسن عن أنس بن مالك رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: مازلت أشفع إلى ربي ويشفعني وأشفع ويشفعني حتى أقول: أي ربي شفعني فيمن قال لا إله إلا الله، فيقول عز وجل: هذه ليست لك يا محمد إن هذه لي، فوعزتي وحلمي ورحمتي لا أدع في النار أحداً قال لا إله إلا الله.
أخبرنا بهذا الحديث أعلى درجة إلى أبي الحسن العقيلي عمي أبو غانم محمد ابن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان وولده القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد ابن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد أبي جرادة العقيلي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد الحلبي قال: أخبرنا أبو عبد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي فذكره.
أنشدنا نجيب الدين داوود بن أحمد بن سعيد الطيبي التاجر وكتبه إلي بخطه قال: أنشدنا أبو الغنائم محمد بن علي بن المعلم بواسط لنفسه:
يا صاحبي الهوى شديد ... ووعد سلطانه وعيد
فعللا بالمنى فؤادا ... قريب أطماعه بعيد
وخلياني فرداً وحيداً ... أبكي عسى يرحم الوحيد
هون قتلي علي علمي ... أن قتيل الهوى شهيد
خذا دمي من ظباء نجد ... فلي علها به شهود
إن جحدت سفكه عيون ... فقد أقرت به خدود
غويت في الحب دون صحبي ... ويلي من منهم الرشيد
أهل الهوى لا الشقي منهم ... يعرف أمناً ولا السعيد
يا قاسياً ما وعى اشتكائي ... أصخرة أنت أم حديد
لان لك الصعب من قيادي ... وفي الهوى يخضع الجليد
يا من له عزة الموالي ... صبراً فقد ذلت العبيد
وحق دين الهوى يميناً ... آلي بها المدنف العميد
ما غيرت عهدي الليالي ... فيك ولا حالت العهود
قالوا أتى العيد قلت أهلاً ... إن جاء بالوصل فهو عيد
من طفرت بالمنى يداه ... فكل أيامه سعود
وأنشدنا داوود الطيبي أيضاً وكتبه لي بخطه قال: أنشدنا ابن المعلم لنفسه:
كيف تؤدي التحية الرسل ... ودون ليلى العسالة الذبل
أم كيف يلحى من بالغرام له ... دمع وسمع جار ومعتقل
هان علي العاشق الغرام فما ... يزيد منه الملام والعذل
نعم هي العيش للمحب وما ... في ذلك لا مرية ولا عدل
إن قربت فالسيوف مصلتة ... تبطل عنها ما يدعى البطل
أو سمحت ضنت الرماح بها ... فجودها لا متناعها بخل
عزت فلو جاءت الصبا سحراً ... تسأل عنها أجابها الأسل
تعافها الأسد وهي آمنة ... خوفاً فكيف المروع الوجل

بلغني في سنة سبع عشرة وستمائة أن النجيب داوود الطيبي قتل ببخارى شهيداً بأيدي التتَّار حين هجموها.
وأخبرني أبو الفضل المرّجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي أن داوود الطيبي هلك في فتنة التتار بنيسابور هو وأولاده رحمهم الله.
داود بن أحمد بن محمد بن علي بن الحسن بن عشائر:
أبو سالم الحلبي، حدث عن جده لأمه أبي طالب عبد الكريم بن عبد المنعم ابن الطرسوسي بحلب، روى لنا عنه أبو طالب عبد الكريم بن محمد بن محمد ابن عبد الكريم بن عبد المنعم الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي.
أخبرنا أبو طالب عبد الكريم بن محمد بن محمد بن عبد الكريم بن عبد المنعم ابن الطرسوسي وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبيان قالا: أخبرنا أبو سالم داوود بن أحمد بن علي بن عشائر الحلبي في ذي القعدة من سنة تسع وسبعين وخمسمائة قال: أخبرنا جدي لأمي أبو طالب عبد الكريم بن عبد المنعم بن هبة الله قال: أخبرنا أبي عبد المنعم قال: أخبرنا أبو صالح محمد بن المهذب بن علي بن المهذب قال: حدثنا جدي أبو الحسين علي بن المهذب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن هرون الدينوري قال: حدثنا عبد الله بن محمد السعدي قال: حدثنا عثمان بن الهيثم بن الجهم المؤذن قال: حدثنا هشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سبعة في ظل العرش يوم لا ظل إلا ظله: رجل ذكر الله عز وجل ففاضت دموعه، ورجل يحب عبداً لا يحبه إلا له، ورجل قلبه في المساجد من شدة حبه إياها، ورجل يعطي الصدقة بيمينه يكاد أن يخفيها عن شماله، ورجل عرضت عليه نفسها ذات جمال وحسب فقال: إني أخاف الله رب العالمين، فيتركها لجلال الله عز وجل، ورجل كان في سرية مع قوم فانكشفوا فحمى أدبارهم حتى نجا ونجوا أو استشهد.
توفي داود بن أحمد بن عشائر في حد من الثمانين وخمسمائة بحلب.
داوود بن أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن الحارث بن ملاعب:
أبو البركات بن أبي عبد الله البغدادي الآزجي الوكيل، ويعرف بالربيب.
سمع ببغداد من أبي بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني، وأبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، والحاجب أبي منصور نوشتكين بن عبد الله الرضواني، وأبي العباس أحمد بن محمد العباسي، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي القاسم نصر بن نصر العكبري، وأبي الكرم المبارك بن أبي الحسن بن الشهرزوري، وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبي العباس ابن المندائي وغيرهم، قدم حلب وأقام بها مدة يورق بباب المسجد الجامع، ثم سافر عن حلب إلى دمشق، وأقام بها، وصار فيها وكيلاً بمجلس الحكم، واجتمعت به بدمشق، وسمعت منه أجزاء من الحديث، وكان شيخاً حسناً صحيح السماع من بيت الحديث والرواية، وسمع الكثير بإفادة أبيه وأخبرني أن مولده في النصف من المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة، وكتبه لي بخطه.
أخبرنا ربيب الدين أبو البركات داوود بن أحمد بن ملاعب قراءة مني عليه بدمشق قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال: أخبرنا الشيخ أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن المسلمة قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله ابن عبد الرحمن الزهري قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد ابن الحسن الفريابي.
أخبرنا أبو البركات بن ملاعب قال: أخبرنا الحاجب الأجل خطير الملك أبو منصور نوشتكين بن عبد الله الرضواني قراءة عليه وأنا أسمع في شهر رمضان سنة ست وأربعين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد ابن البسري قراءة عليه وأنا أسمع في ذي الحجة سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس المخلص قراءة عليه وأنا أسمع في ربيع الآخر سنة إحدى وتسعين وثلاثمائة، ح.

قال شيخنا أبو البركات بن ملاعب: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن عبيد الله بن سهل الزاغوني قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا الشيخان: الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قراءة عليه وأنا أسمع وأبو القاسم علي بن البسري إجازة قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله هو ابن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا أبو عمران محمد بن جعفر الوركاني قال: حدثنا سعيد بن ميسرة البكري عن أنس بن مالك رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى على حمزة رضي الله عنه سبعين صلاة.
أنبأنا الحافظ عبد العظيم المنذري في كتاب التكملة لوفيات النقلة قال: وفي رجب يعني من سنة ست عشرة وستمائة توفي الشيخ أبو البركات داوود بن أبي عبد الله أحمد بن محمد بن منصور بن ثابت بن الحارث بن ملاعب البغدادي الأزجي الوكيل المعروف بالربيب بدمشق.
سمع ببغداد بإفادة ابنه من أبوي الفضل محمد بن عثمان الفقيه، ومحمد ابن ناصر الحافظ، وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني وأبي القاسم نصر ابن نصر العكبري وأبي العباس أحمد بن بختيار الندائي وأبي الكرم المبارك بن الحسن بن الشهرزوري وأبي الوقت عبد الأول بن عيسى وغيرهم، وحدث ببغداد ودمشق، ولقيته بدمشق وسمعت منه وسألته عن مولده فقال: في نصف المحرم سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
هكذا قال عبد العظيم إنه توفي في رجب، ووجدت فيما علقته من الفوائد: توفي داوود بن أحمد بن ملاعب بدمشق يوم السبت الخامس والعشرين من جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمائة.
داوود بن أحمد الناصر بن يحيى الهادي بن الحسين:
ابن القاسم الرسي بن إبراهيم طباطبا بن إسماعيل بن إبراهيم بن الحسن ابن الحسن بن علي بن أبي طالب، أبو الحمد بن أبي الحسن الحسنى، له ذكر.
قدم حلب وافداً على الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان فأكرمه وحباه.
قرأت في كتاب نزهة عيون المشتاقين تأليف أبي الغنائم الزيدي النسابه قال وحدثني بعض بني عمي أن داوود بن الناصر وفد إلى الأمير سيف الدولة علي ابن حمدان بحلب وهو متقلد بسيف ومصحف، فقال له الأمير سيف الدولة: ما هذا يا شريف أراك متقلداً بمصحف وسيف؟ فقال: أيها الأمير من خالفني عما في هذا ضربت رأسه بهذا، فأعجبه وأكرمه وانتقل الرشيد وأبو القاسم إلى حلب يعني أخويه: أبا الفضل الرشيد وأبا القاسم محمد ابني الناصر.
داوود بن أحمد أبو سليمان البوقي الأنطاكي:
وبوقه ويقال بوقا هي قرية من قرى أنطاكية. روى عن عبد الله بن جعفر الرقي ومعمر بن مخلد السروجي وسليمان بن سلمة الخبائري. روى عنه خيثمة ابن سليمان الأطرابلسي وأبو بكر محمد بن حمدون بن خالد.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو العشائر محمد بن فارس القيسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلا المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا أبو سليمان داوود بن أحمد البوقي قال حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: حدثنا إسماعيل بن عياش عن يحيى بن سعيد الأنصاري عن نافع عن ابن عمر قال: كنا نقول على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم: خير هذه الأمة بعد نبيها صلى الله عليه وسلم أبو بكر وعمر وعثمان.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي في كتابه عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ قال: داوود بن أحمد البوفي أبو سليمان سكن أنطاكية، سمع أبا عبد الرحمن معمر بن مخلد السروجي كناه لنا أبو بكر محمد بن حمدون بن خالد.
داوود بن بلال بن مالك:

ابن أحيحة بن الجلاح بن خريش بن جحجبا بن كلفه بن عوف بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مالك بن أوس بن حارثة الأنصاري الأوسي أبو ليلى، وقيل اسمه يسار بن عبوة بن بليل بن بلال بن أحيحة، وقيل بلال أخوه، وقيل لا اسم له غير كنيته، وهو والد عبد الرحمن بن أبي ليلى. صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وكان خصيصاً بعلي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد معه صفين وكان يسمر معه وينقطع إليه.
وسنذكره إن شاء الله تعالى في حرف الياء فيمن اسمه يسار.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو حازم العبدوي إملاء بنيسابور قال: سمعت أحمد بن الحسن بن علي القاضي الهمذاني يقول: حدثنا محمد بن عبد الله بن أحمد بن أسيد بأصبهان قال: حدثنا جعفر بن محمد بن شاكر قال: سمعت محمد بن عمران بن أبي ليلى يقول: اسم أبي ليلى داوود بن بلال، ولقبه أيسر.
قال أبو بكر الخطيب: وزعم عبد الله بن عمارة بن القداح أن اسم أبي ليلى يسار بن عبوة بن بليل بن بلال بن أحيحة.
وقال الخطيب: أبو ليلى الأنصاري والد عبد الرحمن بن أبي ليلى إسمه يسار ويقال داوود.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا أبو سعد ابن حسنويه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وأبو ليلى اسمه يسار بن بلال بن مالك ابن أحيحة بن الجلاح بن حريش بن جحجبا بن كلفه بن عوف بن عمرو بن مالك ابن أوس بن حارثة.
وقال خليفة في موضع آخر: اسم أبي ليلى بلال بن أحيحة وساق نسبه إلى أن قال: ابن كلفه بن عوف بن عمرو بن عوف بن عمرو بن مالك بن الأوس قال: ويقال ليس لأبي ليلى اسم. ويقال بلال هو أخو أبي ليلى.
داوود بن رسلان بن غازي الدمشقي:
الملقب بالشرف الحنفي، كان فقيهاً فاضلاً متميزاً صالحاً، ينظم الشعر، اشتغل بالفقه على برهان الدين مسعود بن شجاع الحنفي، ولزمه بالمدرسة النورية إلى أن مات وأعاد عليه، وتولى نيابة القضاء بدمشق، وقدم علينا حلب مراراً وكان يقدم إليها لقبض مغل وقف المدرسة الخانونية من الحصة الموقوفة على المدرسة بالقرية المعروفة بمعرستان من الأرتيق على مقربة من حلب، واجتمعت به مراراً، وكان يحضر عند عمي أبي غانم ويكايره، وكان قد خرج مع عمي أبي غانم إلى صمع الفوقا في أيام البطيخ، كما جرت عادة الحلبيين، وكنت معهم فشاهدته وقد كتب أبياتاً على حائط قبلة مسجد صمع وهي:
يا أهل صمع إني حاسد لكم ... بقربكم من جمال الدين ذي الورع
مولى عبادته لله منذ نشا ... لم يطرحها ولم يهمل ولم يدع
هناكم بل أهني الناس كلهم ... به وأفديه من بؤس ومن وجع
وكان لعمي ملك بهذه القرية وكان يخرج بأهله وأولاده في كل سنة إليها، واتفق في هذه السنة أننا توجهنا مع عمي إلى زيارة مشهد روحين، والشرف داوود معنا، فكتب أبياتاً حسنة من نظمه على حائط المشهد عند القبور الثلاثة وأنشدناها وأنسيتها، وكان رحمه الله قد انقطع في آخر عمره في مدرسة عز الدين أيبك المعظمي يدرس الفقه وهو منجذب عن الناس قليل المخالطة لأرباب الدنيا وكان قد تولى تربية أولاد شيخه برهان الدين مسعود بعد موته وأشغلهم بالفقه وكان يذكر الدرس عنهم بمدرسة نور الدين بدمشق إلى أن استقل أحدهم بها، وبلغني أنه توفي بدمشق في أحد الجمادين من سنة ثمان وثلاثين وستمائة.
وأنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في كتاب التكملة لوفيات النقلة في ذكر من توفي في سنة تسع وثلاثين وستمائة: وفي الثامن والعشرين من جمادى الأولى توفي الشيخ الفقيه الصالح داوود الحنفي، مدرس الحنفية بدمشق.
داوود بن رشيد:

أبو الفضل الخوارزمي الأصل البغدادي الدار مولى بني هاشم، كان أبوه رشيد مولى المنصور، وحدث عن المهدي، وكان من خوارزميا، وسمع داوود ابنه بحلب أبا سعيد عمر بن حفص، وروى عنه وعن مجاعه بن الزبير وأبيه رشيد، وزكريا بن منظور ومعمر بن سليمان، وإسماعيل بن علية، وإسماعيل بن جعفر المدني، وهشيم بن بشير، وأبي حفص الأبار، وصالح بن عمر الواسطي، وأبي المليح الرقي، وشعيب بن إسحاق والوليد بن مسلم والوليد بن صالح، ويزيد بن هارون، ومحمد بن ربيعة، وحفص بن غياث، ومروان بن معاوية، وعباد بن العوام وعمر بن أيوب، ووكيع بن الجراح، وسويد بن عبد العزيز، وإسماعيل بن عياش، وجماعة سوى هؤلاء.
روى عنه أبو بكر محمد بن خلف المعروف بوكيع، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وأبو يحيى صاعقة، وعمر بن أيوب السقطي، وأبو جعفر محمد بن المنادي، وعبد العزيز بن محمد بن ناجية، وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وإبراهيم بن هانيء النيسابوري، وعياش بن محمد بن عيسى الجوهري، وأبو عيسى موسى بن علي بن موسى الختلي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد عبد الله البغوي، وأبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم المنجنيقي، وأبو محمد بنان بن أحمد الدقاق، وأبو عبد الله الحسين بن عبيد الله بن الخصيب الأبزازي، وأحمد ابن سعيد المرثدي، وأبو علي حسنون بن الهيثم الدويري، وأبو الحسن علي بن إبراهيم بن مطر السكري وغيرهم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي المقريء قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن عبد الله بن هارون الدقاق قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قراءة عليه وأنا اسمع قال: حدثنا داوود بن رشيد أبو الفضل الخوارزمي قال: حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن سالم بن أبي الجعد عن جابر بن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تسموا باسمي ولا تكنوا بكنيتي فإني أبو القاسم أقسم بينكم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن وعمر بن محمد بن طبرزد إجازة منهما وأخبرنا عنهما سماعاً أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قالا: أخبرنا علي بن هبة الله بن عبد السلام قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد البزاز قال: أخبرنا عمر بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا عبد الله هو ابن محمد قال: حدثنا داوود هو ابن رشيد قال: حدثنا أبو سعيد عمر بن حفص لقيته بحلب عن أبي محمد الأنصاري الساعدي عن يزيد بن زيد عن أبي حميد الساعدي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبد المودة لمن واددت فإنها أثبت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين الشافعي بالقاهرة قال: أنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السبيي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله ابن الحسن التنيسي إجازة قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر بن أبي الحديد قال: حدثنا أبو عبد الله يعني محمد بن يوسف بن بشير بن النضر بن النضر بن مرداس الهروي بدمشق قال: سمعت أحمد بن سعيد المرثدي ببغداد يقول: سمعت داوود بن رشيد يقول: كنت أستملي لإسماعيل بن إبراهيم بن علية فأكثر الناس الرد فغضب وتكلمت فقال لي إسماعيل: إحتملهم فإن أولى الناس بالاحتمال أنا وأنت، الرئاسة لها مؤونة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم النسيب علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سلمان بن بنين الشافعي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال إسماعيل بن إسحاق السراج قال: حدثنا داود بن رشيد قال: كانوا يكرهون أن يزيد منطق الرجل على عقله.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني علي بن محمد المروزي قال: وسألته يعني صالح بن محمد جزرة عن داوود بن رشيد فقال: كان يحيى بن معين يوثقه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: داوود بن رشيد، أبو الفضل مولى بني هاشم خوارزمي الأصل، بغدادي الدار، سمع أبا المليح الرقي وإسماعيل بن جعفر المدني، والوليد بن مسلم وشعيب بن إسحاق الدمشقيين وهشيم بن بشير وإسماعيل بن علية وأبا حفص الأبار ومروان بن معاوية، ومحمد بن ربيعة، وعباد ابن العوام، وصالح بن عمر الواسطي، روى عنه أبو يحيى صاعقة، وأبو جعفر ابن المنادي، وإبراهيم بن هانيء النيسابوري وإبراهيم بن عبد الله بن الجنيد، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وعمر بن أيوب السقطي، وأبو القاسم البغوي وغيرهم.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وثلاثين ومائتين داوود بن رشيد ببغداد يعني مات.
أخبرنا أبو حفص المكتب إذناً قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات داوود بن رشيد سنة تسع وثلاثين.
ذكر من اسم أبيه سليمان ممن اسمه داوود
داوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود:
أبو بشر الكوفي ثم الطرسوسي، حدث عن زكريا بن منظور بن ثعلبة القرظي الغافقي. روى عنه أبو الطيب أحمد بن عبد الله الدارمي.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو بشر داوود ابن سليمان بن حفص بن أبي داوود الكوفي كتب عنه بطرسوس عن زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي، كناه وسماه لنا أبو الطيب أحمد بن عبيد الله الدارمي بأنطاكية، وأخبرنا عنه.
داوود بن سليمان بن حميد:
أبو سليمان الصوفي البلبيسي الفقيه المعروف بابن كساء، فقيه صوفي فاضل أديب شاعر قدم حلب وأقام بها سنين في مدرسة شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم واجتمعت به مراراً وسمعت منه شيئاً من شعره لا أتحققه الآن، وأنشدنا عنه شيئاً من شعره الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي العطار القرشي، وكان سمع بحلب من شيوخنا قاضي القضاة أبو المحاسن، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيرهم، وسمع معنا بدمشق من أبي الفتوح البكري وغيره، وهو الذي جدد بناء جامع بلدته بلبيس، وكان راغباً في فعل الخير.
أنشدنا رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي القرشي قال: أنشدي الشيخ أبو سليمان داوود بن سليمان بن حميد الصوفي البلبيسي لنفسه:
سلا هل سلا عن بانة العلم الفرد ... فتى يهواها لا يعيد ولا يبدي
وإلا فكفا قد كفاه غرامه ... غريماً وحسب المستهام الهوى النجدي
سألتكما بالله قلا فقلما ... أقال الملام العاشقين من الوجد
ولا تحسبا أني وإن كنت سامعاً ... كلامكما في حق قاتلتي يجدي
خليلي خافا الله في وحققا ... فما بكما من لاعج الشوق ما عندي
ألم ترياني كلما هبت الصبا ... صبوت وأعداني الغرام إلى هند

قال رشيد الدين أبو الحسين: هذا من أهل بلبيس صوفي فاضل حسن الأخلاق صحب جماعة من المشايخ، وتأدب بآدابهم ورجل إلى بغداد، ولقي بها جماعة من شيوخ التصوف منهم عمر البزاز والخفاف، والشهاب السهروردي، وكان مجتهداً في عمارة بيوت الله تعالى، وما فيه نفع للمسلمين، وله شعر جيد كتبت عنه مقطعات من نظمه، ويعرف بابن كساء بلغني أنه توفي في جمادى الآخرة سنة تسع وثلاثين وستمائة ببلبيس غفر الله لنا وله.
داوود بن سليمان بن عبد الملك بن مروان:
ابن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس الأموي، وأمه أم ولد غزا الصائفة في سنة ثمان وتسعين، وكان في الجيش الذي سيره أبوه سليمان بن عبد الملك من دابق لغزو القسطنطينية، وتوفي أبوه وهو بقسطنطينية، وعزم على أن يعهد إليه في مرض موته فصدفه عن ذلك رجاء بن حيوة، فعهد إلى عمر بن عبد العزيز وقيل إن رجاء أشار به أولاً فامتنع سليمان لكونه ابن أمة، وكانت بنو أمية يتجنبون ولاية الخلافة لأولاد الإماء، ويقولون إنها تخرج عنهم من يد ابن أمة فخرجت من يد مروان بن محمد وهو آخرهم وكان ابن أمة.
وذكر أبو حاتم سهل بن محمد السجستاني في كتاب الوصايا قال: وحدثونا عن عياش قال: أخبرني حصن قال: كان ابن سليمان غزا معنا الصائفة قال: فما رأينا رجلاً كان أروع ولا أحسن صلاة ولا أكثر صدقة منه، قال: فواله إني لقائم على رأس سليمان أذب عنه إذ تشحم فذكر حديث مرض سليمان ووصيته، وطلبه رجاء ابن حيوة إلى أن قال له: من ترى لهذا الأمر يا رجاء؟ قال: ابنك داوود، قال: كيف وهو ابن أم ولد وأهل بيتي لا يرون ذلك، وذكر تمام الحكاية.
داوود بن سليمان:
إمام طرسوس. روى عنه حفص بن عمر الحوضي، روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد أبو محمد.
داوود بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي:
له ذكر وأمه أم ولد، يقال لها جوهر، ولا عقب له الآن من بني صالح بن علي. وكان من أكابر ولد صالح بالرصافة، ومات بحلب.
نقلت ذلك من خط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي قاضي حلب في نسب بني صالح بن علي بن عبد الله بن العباس.
داوود بن عبد الله الحلبي:
وجدت ذكره في تعليق بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، وأخبرنا به إجازة عنه جماعة منهم أبو علي حسن بن أحمد الأوقي. قال السلفي ونقلته من خطه: داوود بن عبد الله الحلبي تتلمذ على أبي الحسن الذماري بسروج وأبي أحمد بن الدقم الرقي وغيرهما من الصالحين وأرباب الكرامات وحكى عنهم حكايات، وابن الدقم هذا صحب أبا الحسين بن سمعون البغدادي ومن قبله.
ذكر من اسم أبيه علي ممن اسمه داوود
داوود بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي:
أبو سليمان، عم السفاح والمنصور، حدث عن أبيه علي بن عبد الله.
روى عنه ابنه محمد ومحمد بن أبي ليلى، والأوزاعي، وعبد الرحمن بن ثابت ابن ثوبان والحسن بن عمارة ومحمد بن شعيب وسعيد بن عبد العزيز وابن حي، ومحمد بن أبي رزين الخزاعي، وولاه السفاح الحجاز كلها، وهو أول من حج بالناس حين ولي بني العباس، وقدم الرصافة على هشام بن عبد الملك حين كتب يوسف بن عمر إلى هشام يذكر أن خالد القسري ادعى عليه وعلى زيد بن علي ابن الحسين وسعد بن إبراهيم الزهري أنه أودعهم مالاً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن ابن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو بكر جدي قال: أخبرنا أبو محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا عمران بن موسى المؤدب قال: حدثنا محمد بن عمران بن أبي ليلى قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن أبي ليلى عن داوود بن علي عن أبيه عن جده ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تجلسوا في المجالس فإن كنتم لا بد فاعلين فردوا السلام وغضوا الأبصار واهدوا السبيل وأعينوا على الحمولة.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي بدمشق وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي بحلب قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا شاذان بن الحسن بن أحمد القاساني بالقسطاط قال: حدثنا أحمد بن حميد بن بدر القاضي قال: حدثنا مسدد بن يعقوب قال حدثنا موسى ابن سفيان قال: حدثنا عبد الله بن الجهم قال: حدثنا عمرو بن أبي قيس عن ابن أبي ليلى عن داوود بن علي عن أبيه عن ابن العباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: صوموا عاشوراء وخالفوا فيه اليهود، صوموا يوماً قبله وصوموا بعده يوماً.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: سألت يحيى بن معين عن داوود بن علي بن عبد الله بن عباس فقال شيخ هاشم: فقلت: كيف حديثه؟ قال: أرجو أنه ليس يكذب إنما يحدث بحديث واحد.
وذكر ابن عدي الحديث الذي سقناه في صوم عاشوراء من طرق مختلفة، وقال وهذا الحديث ذكر ابن معين إنما يحدث بحديث واحد أظنه يعني هذا الحديث، حديث عاشوراء، وداوود عن أبيه عن جده قد روى غير هذا الحديث بضعة عشر حديثاً، وذكرها ابن عدي بأسانيدها وقال: إنه لا بأس برواياته عن أبيه عن جده، فإن عامة ما يرويه عن أبيه عن جده.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي إذناً عن أبي الفتح نصر الله ابن محمد قال: أنبأنا نصر بن إبراهيم المقدسي عن أبي خازم محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء قال: أخبرنا منير بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو مسهر أحمد بن مروان الرملي قال: حدثنا الوليد بن طلحة قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة قال: إنما كان سبب زيد بالعراق إنه يعني يوسف بن عمر سأل القسري وابنه عن ودائعهم، فقالوا: لنا عند داوود ابن علي وديعة وعند زيد بن علي وديعة، فكتب بذلك إلى هشام بن عبد الملك، فكتب هشام إلى صاحب المدينة في إشخاص زيد بن علي، وكتب إلى صاحب البلقاء في إشخاص داوود بن علي فقدما على هشام، فأما داوود بن علي فحلف لهشام أنه لا وديعة لهم عندي، فصدقه وأذن له بالرجوع إلى أهله، وأما زيد بن علي فأبى أن يقبل منه وأنكر أن يكون لهما عنده شيء وذكر القصة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا القاضي الشريف أبو محمد عبد الله بن القاضي أبي الفضل عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل العثماني الديباجي قال: قرأت على أبي بكر يحيى بن عمر بن شبل فأقر به، ح.
قال: وأخبرني السلفي أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ فيما أجازه لي قال: أخبرنا أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني في كتابه إلي من خراسان، وأخبرني عنه ابن شبل المذكور أيضاً بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو حفص عمر بن الحسن الدهستاني قال: وسمعته يعني أبا نصر عبد الكريم ابن محمد الداوودي يقول: سمعت أبا مكتوم الداوودي الشيرازي بها لفظاً يقول: سمعت أبا عبد الله بن خفيف الشيرازي يقول: سمعت رويم بن أحمد الصوفي يقول: سئل أبو سليمان داوود بن علي في جامع بغداد عن العقل فقال: ما صحت الربوبية إلا بإبطال العقول إياها عز وجل.
قرأت في كتاب نسب بني العباس تأليف أبي موسى هارون بن محمد ابن إسحاق بن موسى بن عيسى بن موسى بن علي بن عبد الله بن العباس: كان مولد داوود بن علي بالشراة سنة اثنين وثمانين، وكان يكنى بسليمان، وتوفي بالمدينة وهو وال عليها سنة ثلاث وثلاثين ومائة وله إحدى وخمسون سنة، وحج بالناس سنة اثنتين وثلاثين ومائة وهو عامل الحجاز كلها.
وقال أبو موسى: أخبرنا أبو مسلم المؤدب عن المدائني قال: قدم داوود بن علي واسط على خالد بن عبد الله القسري وكان جميلاً جهيراً طويل الصلاة، فكان الناس إذا رأوه قالوا: هذا ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، فشهروه فوصله خالد بمائة ألف، ورجع إلى الشام.

وقال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد بن عبد الله الرقاشي قال: حدثني جارود بن الجارود قال: حدثنا محمد بن أبي رزين الخزاعي قال: سمعت داوود بن علي يخطب وهو مسند ظهره إلى الكعبة حين بويع لبني العباس وهو يقول: شكراً شكراً إنا والله ما خرجنا لنحفر فيكم نهراً ولا لنبني قصراً، ظن عدو الله أن لن نقدر عليه، أمهل له في طغيانه، وأرخي له من زمانه حتى عثر في فضل خطامه، الآن أخذ القوس باريها، وعادت النبال إلى النزعة، وعاد الملك في نصابه في أهل بيت نبيكم أهل بيت الرأفة والرحمة، والله إن كنا لنسهر لكم ونحن على فرشنا، أمن الأسود والأبيض لكم ذمة الله وذمة رسوله وذمة العباس، لا ورب هذه البنيه لا نهيج أحداُ. ثم نزل.
وقال الزبير: وداوود بن علي أول من ولي المدينة من بني العباس صلوات الله عليهم، وأقام الحج سنة اثنتين وثلاثين ومائة وتوفي بالمدينة واستخلف عليها ابنه موسى بن داوود وهو أول من أقام الحج للناس حين ولي بنو العباس.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد بن نصر بن زياد النيسابوري قال: حدثنا عبد الملك بن محمد أبو قلابة عن جارود بن أبي السلمد قال: حدثني محمد بن رزين الخزاعي قال: سمعت داوود بن علي حين بويع لبني العباس وهو مسند ظهره إلى الكعبة فقال: شكراً شكراً، إنا والله ما خرجنا لنحتفر فيكم نهراً ولا نبني قصراً، فذكر حكاية تركتها لأنه صحف فيها.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد القاريء كتابة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار قال: حدثنا يعقوب بن جعفر بن سليمان قال: حدثني منهال الطويل مولى داوود بن علي قال: لما ظهر أبو العباس بالكوفة صار إلى المسجد الجامع فصعد المنبر وصعد عمه داوود بن علي، فصار دونه بمرقاة وابتدأ فحمد الله وصلى على نبيه عليه السلام، ثم أراد الكلام فلم يواته، فقال لداوود بن علي: تكلم فقال داوود: شكراً شكراً أنا والله ما خرجنا لنحتفر منكم نهراً، ولا لنبني فيكم قصراً، ولا لنسير سير الجبابرة الذين ساموكم الخسف ومنعوكم النصف، أظن عدو الله مروان لن يقدر عليه أرخي له في زمانه حتى عثر بفضل خطامه، فالآن عاد الأمر إلى نصابه وطلعت الشمس من مطلعها وأخذ القوس باريها، وصار السهم إلى النزعة، ورجع الحق إلى مستقره إلى أهل بيت نبيكم وورثته، أهل الرأفة والرحمة، والله لقد كنا نتوجع لكم ونتألم لاستمرار الظلم عليكم ونحن على فرشنا، وفي مستحقنا أمن الأبيض والأسود، لكم أمان الله وذمته وذمة رسوله صلى الله عليه وسلم، وذمة العباس، وتكلم بعد ذلك بما لا يذكر.
قال: وحدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد قال: حدثني الجارود بن أبي الجارود السلمي قال: حدثني محمد بن أبي رزين الخزاعي قال: شهدت داوود بن علي وذكر نحوه.
نقلت من خط أبي بكر محمد بن يحيى الصولي: وتوفي داوود بن علي عم السفاح وعامله على الحجاز والطائف مستهل ربيع الآخر سنة ثلاث وثلاثين ودفن بالبقيع.
داوود بن علي بن محمد بن عبد الله بن هبة الله:
أبو أحمد بن أبي نصر بن أبي الفرج بن أبي الفتوح البغدادي ولد ببغداد في يوم الثلاثاء خامس عشرين من صفر سنة خمس وستين وخمسمائة، وذكر لي عنه أنه قال: دخلت حلب عند مسيري إلى دمشق سنة إحدى وثمانين وخمسمائة.
داوود بن علي الحلبي:
كتب عنه أبو بكر الخرائطي إنشاداً.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر التاجر قراءة عليه بحلب، فأقر به قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.

وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش الحلبي بها قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد ابن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن جعفر بن سهل الخرائطي قال: أنشدني داوود بن علي الحلبي:
وإني لأهواها وإن طال هجرها ... وأمنحها ودي وإن صرمت حبلي
إذا كنت أجزيها بسوء صنيعها ... إلي فقد صارت إذاً في الهوى مثلي
داوود بن علي أبو أيوب الكاتب:
كاتب وصيف البكتمري. كان كاتباً له بحلب في أيام ولايته، وله ذكر، ومدحه أبو بكر الصنوبري.
داود بن عمر بن حفص:
سمع بطرسوس أبا سهل أحمد بن عمر الهمذاني. وأحمد بن محمد الزنجاني نزيلي طرسوس، وروى عنهما وعن عمر بن عثمان الحمصي، ومحمد بن الحسين القاضي بحلوان.
روى عنه أبو بكر أحمد بن علي الحبال الحلبي الصوفي.
داوود بن عيسى:

ابن أبي بكر محمد بن أيوب بن شاذي بن يعقوب بن مروان، الملقب بالملك الناصر بن الملك المعظم بن الملك العادل اشتغل بالفقه والأدب وحصل منهما طرفاً صالحاً، وقرأ المنطق على شمس الدين الخسر وشاهي، ولازمه مدة دولته، وملك دمشق حيت توفي أبوه الملك المعظم عيسى في سنة أربع وعشرين وستمائة فقصده عمه الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب فسير إلى عمه الملك الأشرف موسى يعتضد به إلى سنجار، وكنت رسولاً عند الملك الأشرف بسنجار، فتوجه إليه إلى دمشق وأقام عنده بها والملك الكامل على تل العجول، فصالح الفرنج وتوجه الملك الأشرف إلى أخيه الكامل ليصلح أمر ابن أخيه داوود، فاستماله الملك الكامل وجعل له دمشق، وكان الملك الأشرف يحب دمشق حباً مفرطاً فاتفقا جميعاً على قصد دمشق وإخراجها من يد داوود فقصداه وحصراه في دمشق إلى أن سلمهما إليهما وملكها الملك الأشرف في سنة ست وعشرين وستمائة وكنت نازلاً بظاهرها بالمزة حينئذ وأبقى في يده من البلاد: البيت المقدس سوى ما صولح الفرنج عليه منه، ومدينة نابلس والكرك والصلت، وأخذ الملك الكامل من الملك الأشرف حران والرها وسروج والرقة ورأس عين، ودامت البلاد التي أقرت في يد الملك الناصر داوود في يده إلى أن مات الملك الأشراف، واستولى الملك الصالح إسماعيل بن أبي بكر بن أيوب على دمشق وانتزعها الملك الكامل، ثم مات الملك الكامل، واستولى الملك الصالح أيوب على البلاد الشرقية، وأخوه الملك العادل أبو بكر على الديار المصرية، وحصلت دمشق في يد الملك الجواد بن ممدود، فراسله الملك الصالح أيوب وعوضه عن دمشق بسنجار وعانة والرقة، وحصل الملك الصالح أيوب بدمشق وعمه إسماعيل ببعلبك فطمع أيوب بالديار المصرية، وسار إلى نابلس فنزلها، وكاتب أمراء بمصر، وعمل عمه الملك الصالح إسماعيل والملك المجاهد شيركوه على دمشق، واستوليا عليها فقبض الملك الناصر داوود على ابن عمه الملك الصالح أيوب وسجنه بالكرك وترددت رسله إلى الملك العادل أبي بكر بن الملك الكامل إلى مصر في أمور اقترحها عليه منها مساعدته على أخذ دمشق من عمه إسماعيل، فلم يجبه إلى ذلك، فكاتب أمراء مصر في إخراج الملك الصالح أيوب من سجن الكرك وتمليكه الديار المصرية، فأجابوا إلى ذلك، وأخرجه من السجن وسار به إلى الديار المصرية وقبض الأمراء على الملك العادل ببلبيس، ودخل الملك الناصر داوود والملك الصالح أيوب إلى الديار المصرية وملكها وأقام الملك الناصر معه بها مدة، وكان قد عاهده على أمور لم يف الملك الصالح له بها، فنزل من الديار المصرية إلى بلاده، ثم حصل بينهما وحشة اقتضت أن أخذ منه نابلس، وبقي في يده الكرك والصلت وعجلون، وفيها علي بن قلج من جهة الملك الناصر، ثم نزل الملك الصالح إلى الشام، وتسلم من الملك الناصر الصلت، ولم يبق بيده غير الكرك، ثم أرسل إلى الكرك عسكراً يحصرها، فنزل الملك الناصر داوود منها، وقصد حلب وأبقى أولاده بها، وقدم حلب وافداً على الملك الناصر يوسف بن محمد بن غازي في يوم الأربعاء الرابع والعشرين من شهر ربيع الأول من سنة سبع وأربعين وستمائة، وخرج الملك الناصر يوسف وتلقاه إلى قرنبيا، وكنت معه وأنزله في دار قيصر الطاهري بالحاضر، وأقام له الضيافة والراتب، ووصل إليه الخبر بحلب باستيلاء عسكر الملك الصالح أيوب على الكرك بتسليم أولاده إليهم، وبقي بحلب مقيماً في ضيافة الملك الناصر إلى أن توجه الملك الناصر يوسف إلى دمشق بعد قتل الملك المعظم توران شاه بن أيوب وفتح دمشق وهو معه وبدت منه أحوال أنكرت عليه، وطلب من الملك الناصر الأذن في التوجه إلى بغداد فأذن له وزوده فأبلغ عنه أنه ربما خبط عليه فاعتقله وسيره إلى حمص وسجنه في قلعتها وشفع فيه الخليفة المستعصم، فأطلق من الاعتقال، وعاد إلى دمشق في شهر شوال من سنة إحدى وخمسين وستمائة، ثم توجه إلى بغداد وشفع المعتصم في أن يرتب له ولأولاده ما يقوم بهم، فأجابه الملك الناصر إلى ذلك وعاد إلى دمشق وأقام بها، وأطعمه جماعة من الأمراء البحرية بملك دمشق وتحدث معهم في ذلك وبلغ الملك الناصر ذلك فاستشعر منه وطلب الأذن في المسير إلى بغداد وسار إليها فلم يؤذن له بالدخول إليها فمضى إلى الحلة، وكان له بها جوهر نفيس أودعه في الديوان فلم يسمحوا له به وصالحوه على أن أطلقوا له ذهباً وطلب

العود إلى الشام، وسمح الملك الناصر له في ذلك فعاد إلى جهة الكرك واتصل بالعربان في تلك الناحية وتوهم منه الملك المغيث صاحب الكرك فعمل عليه حتى قبضه وسجنه، واتفق وصول التتار إلى بغداد، فسير المستعصم رسولاً في طلبه ليقدمه على العساكر ويلتقي التتار، فوصل الرسول وأخرجه من السجن وقدم به إلى دمشق وأنزل بالبويضا من الغوطة، ووصل الخبر باستيلاء التتار على بغداد فأقام بالبويضا، ووكل الملك الناصر به بعض الأمراء وهو نازل في دار بالبويضا كانت لعمه مجير الدين يعقوب بن الملك العادل واجتمعت به فيها غير مرة، ولم يزل بها إلى أن مات رحمه الله، وكان فاضلاً أديباً شاعراً مجيداً فقيهاً متكلماً شجاعاً حسن المحاضرة دمث الأخلاق، فصيح اللسان جميل الصورة.د إلى الشام، وسمح الملك الناصر له في ذلك فعاد إلى جهة الكرك واتصل بالعربان في تلك الناحية وتوهم منه الملك المغيث صاحب الكرك فعمل عليه حتى قبضه وسجنه، واتفق وصول التتار إلى بغداد، فسير المستعصم رسولاً في طلبه ليقدمه على العساكر ويلتقي التتار، فوصل الرسول وأخرجه من السجن وقدم به إلى دمشق وأنزل بالبويضا من الغوطة، ووصل الخبر باستيلاء التتار على بغداد فأقام بالبويضا، ووكل الملك الناصر به بعض الأمراء وهو نازل في دار بالبويضا كانت لعمه مجير الدين يعقوب بن الملك العادل واجتمعت به فيها غير مرة، ولم يزل بها إلى أن مات رحمه الله، وكان فاضلاً أديباً شاعراً مجيداً فقيهاً متكلماً شجاعاً حسن المحاضرة دمث الأخلاق، فصيح اللسان جميل الصورة.
أنشدني مقاطيع وقصائد من شعره بنابلس وبحلب وبدمشق وكان قبل ذلك قد اجتاز بناحية بزاعا وبمنبج متوجهاً إلى البلاد الشرقية إلى خدمة عمه الملك الكامل في سنة ثلاث وثلاثين وستمائة.
أنشدني الملك الناصر داوود بن عيسى بنابلس في أرض بلاطه، وقد خرج إلى لقائي وقد توجهت رسولاً إلى مصر، لنفسه يخاطب الله سبحانه وتعالى:
يا من تردى بالجلال جماله ... وله من الأنوار حجب تبهر
مالي إليك وسيلة أنجو بها ... يوم المعاد إذا أزم المحشر
إني لمعتذر بذنبي غافل ... فيما يقربني إليك مقصر
لكنني أرجو لكل كبيرة ... ثقتي بعفوك إن عفوك أكبر
وإذا الملوك تكثرت بعد يدها ... ألفيتني بسواك لا أتكثر
وإذا طغت وبغت بما خولتها ... أقبلت نحوك خاضعاً استغفر
يا مالكاً رقي وقلبي ذائب ... في حبه بين الأنام مشهر
إن النهار بغير وجهك مظلم ... عندي وليلى من بهائك نير
أشتاق وجهك لا سواه إذا غدا ... قوم تشوقهم الجنان النضر
ويروق لي من ماء وجهك شربة ... تروى الصدى إن راق غيري الكوثر
مالي رجاء في جنان زخرفت ... كلا ولا أخشى حميماً تسعر
لكن رجائي أن أراك وخشيتي ... من أن تهيجني الذنوب فأهجر
يا من تفرد بالبقاء فماله ... ندّ يضاهي أو شريك يذكر
أنت الجواد فما يقلل جوده ... ذنب ولا الحسنات فيه تكثر
كن لي إذا الرسل الكرام تعاظمت ... ذنبي فظنت أنه لا يغفر
فلأنت أولى بالتجاوز محسناً ... والعفو عن أهل القنوط وأجدر
وأنشدني الملك الناصر داوود بن عيسى لنفسه بحلب يمدح الإمام المستنصر بالله أمير المؤمنين:
ودان ألمت بالكثيب ذوائبه ... وجنح الدجى وحف تجول غياهبه
تقهقه في تلك الربوع رعودة ... وتبكي على تلك الطلول سحائبه
أرقت له لما توالت بروقه ... وحلت عز إليه وأسبل ساكبه
إلى أن بدا من أشقر الصبح قادم ... يراع له من أدهم الليل هاربه
وأصبح ثغر الأقحوانة ضاحكاً ... تدغدغه ريح الصبا وتداعبه
تمر على بنت الرياض بليلة ... تجشمه طوراً وطوراً تلاعبه
وأقبل وجه الأرض طلقاً وطالما ... غدا مكفهراً موحشات جوانبه

كساه الحيا وشياً من الأرض فاخراً ... فعاد قشيبا غوره وغواربه
كما عاد بالمستنصر بن محمد ... نظام المعالي حين فلت كتائبه
إمام تحلى الدين منه بماجد ... تحلت بآثار النبي مناكبه
هو العارض الهتان لا البرق مخلف ... لديه ولا أنواره وكواكبه
إذا السنة الشهباء شحت بطلها ... سخي وابل منه وسحت سواكبه
فأحيا ضياء البرق ضوء جبينه ... كما تجلت جود الغوادي مواهبه
له العزمات اللاء لولا نصاله ... لزعزع ركن الدين وانهد جانبه
بصير باحوال الزمان وأهله ... حذور فما تخشى عليه نوائبه
بديهته تغنيه في كل مشكل ... وإن حنكته في الأمور تجاربه
حوى قصبات السبق مذ كان يافعاً ... وأربت على زهر النجوم مناقبه
نزينت الدنيا به وتشرفت ... بنوها فأضحى خافض العيش ناصبه
لئن نوهت باسم الإمام خلافة ... ورفعت الزاكي النجار مناسيه
فأنت الإمام العدل والمعزف الذي ... به شرفت أنسابه ومناقبه
جمعت شتيت المجد بعد افتراقه ... وفرقت جمع المال فانهال كاثبه
وأغنيت حتى ليس في الأرض معدم ... يجود عليه دهره أو يحاربه
ألا يا أمير المؤمنين ومن غدت ... على كاهل الجوزاء تعلو مراتبه
ومن جده عم النبي وخدنه ... إذا صارمته أهله وأقاربه
أيحسن في شرع المعالي ودينها ... وأنت الذي تعزى إليه مذاهبه
وأنت الذي يغني حبيب بقوله ... ألا هكذا فليكسب الحمد كاسبه
بأني أخوض الدو والدو مقفر ... سباريته مغبرة وسباسبه
وأرتكب الهول المخوف مخاطراً ... بنفسي ولا أعيا بما أنا راكبه
وقد رصد الأعداء لي كل مرصد ... فكلهم نحوي تدب عقاربه
وآتيك والعضب المهند مصلت ... طرير شباه قانيات ذوائبه
وأنزل آمالي ببابك راجياً ... فواضل جاه يبهر النجم ثاقبه
فتقبل مني عبد رق فيغتدي ... له الدهر عبداً طائعاً لا يغالبه
وتنعم في حقي بنا أنت أهله ... وتعلي محلي فالسها لا يقاربه
وتلبسني من نسج ظلك ملبساً ... تشرف قدر النيرين جلائبه
وتركبني نعمي أياديك مركبا ... على الفلك الأعلى تسير مواكبه
وتسمح لي بالمال والجاه يغيتي ... وما الجاه إلا بعض ما أنت واهبه
ويأتيك غيري من بلاد قريبة ... له الأمن فيها صاحب لا يجانبه
وما اغبر من جوب الفلا حر وجهه ... ولا أنضيت بالسير فيها ركائبه
فيلقي دنوا منك لم ألق مثله ... ويحظى وما أحظى بما هو طالبه
وينظر من لألاء قدسك نظرة ... فيرجع والنور الإمامي صاحبه
يشير بذلك إلى مظفر الدين كوكبوري بن زين الدين بن علي صاحب اربل وكان قد قدم بغداد على المستنصر فأحضره إليه، واجتمع به وسأله الملك الناصر داوود لما قدم بغداد أن يعامل بذلك، وإن يجتمع بالخليفة المستنصر كما فعل في إكرام مظفر الدين فما أجيب إلى ذلك:
ولو كان يعلوني بنفس ورتبة ... وصدق ولاء لست فيه أصاقبه
لكنت أسلي النفس عما ترومه ... وكنت أذود العين عما تراقبه
ولكنه مثلي ولو قلت أنني ... أزيد عليه لم يعب ذاك عائبه
ولا أنا ممن يملأ المال عينه ... ولا بسوي التقريب تقضى مآربه
ولا بالذي يرضيه دون نظيره ... ولو أنعلت بالنيرات مراكبه
وبي ظمأ رؤياك نهل ريه ... ولا غرو أن تصفو لوردي مشاربه
ومن عجب أني لدى البحر واقف ... وأشكو الظما والبحر جم عجائبه
وغير ملوم من يؤمك قاصداً ... إذا عظمت أغراضه ومطالبه

وقد رضت مقصودي فتمت صدوره ... ومنك أرجي أن تتم عواقبه
وأنشدني لنفسه يرثي الإمام المستنصر رحمه الله:
أيا رنة الناعي عبثت بمسمعي ... فأججت نار الحزن ما بين أضلعي
وأخرست مني مقولاً ذا براعة ... يصوغ أفانين القريض الموشع
نعيت إلي الجود والبأس والندى ... فأوقفت آمالي وأجريت أدمعي
رويداً فقد فاجأتني بقطيعة ... يضيق بها صدر القضاء الموسع
أبا جعفر يا باني المجد بعدها ... تهدم ركن المجد في كل موضع
ويا كافل الإسلام في كل موطن ... وراعي رعاة الدين في كل مجمع
ومن كنت أرجو أنني في زمانه ... أبادر أيام الزمان المضيع
فأستدرك الماضي بفضل تضرع ... واستقبل الآتي بدرع تورع
أحقاً طوتك الحادثات كما طوت ... قروناً مضت من عهد كسرى وتبع
وغالك ريب الدهر والدهر جائر ... إذا صال لا يبقي وإن جال لا يعي
فأيأس أمالا تدانى لها الغنى ... فراحت بفقر من رجائك مدقع
دعا باسمك الناعي حين غفلة ... فأصمى سويداء الفؤاد المصدع
فقلت وإني في الفصاحة قسها ... مقالة مسلوب الروية ألكع
أيا دهر قد أمنتني كل خيفة ... فلست لميت بعده بمفجع
فغل كل مأمور وكل مؤمر ... وخذ بعده يا دهر من شئت أو دع
ولو كان خطب الموت يقبل فدية ... ويدفعه سعي الكمي المدرع
فديتك بالنفس النفيسة طائعاً ... ودافعت بالجيش اللهام الممنع
بضرب طليق الكف حران ثائر ... وطعن ربط الجأش في الروع أروع
ببيض تقد البيض من حر وقعها ... وسمر ترد القرن قاني المقنع
وكل فتى يلقى المنايا بصدره ... بقلب ثبوت لا بقلب مزعزع
يفضون بنيان المقانب في الوغى ... بكبات آساد مشابيل جوع
ولكنه من لا يتاقى ويلتقى ... ببذل فداء أو بأطراف شرع
لقد كنت لي حصناً حصيناً من العدى ... إليه التفاني في الخطوب ومفزعي
وعارض جود منه أستنزل الندى ... فأسقى بغيث من عطاياه ممرع
فأضحي ومن بحر المكارم مشربي ... وأمسي وفي روض المواهب مربعي
سأبكيه أيام الحياة وإن أمت ... بكته عظامي في قرارة مضجعي
وأشكره شكر الثرى لسمائه ... بدر من اللفظ البليغ المرصع
وما كلف بالشيء مثل مكلف ... ولا داعيات الطبع مثل التطبع
ولا كل من يولى جميلاً بشاكر ... ولا كل من يدعى خطيباً بمصقع
هو المرء أدناني فأبعد غايتي ... ووسع في ذرعي وطول أذرعي
فتى بدأ الإحسان حيا وميتاً ... بفرط اصطناع لا بفرط تصنع
بإسداء معروف وإلغاء منكر ... يسكن مسلوب الجنان المروع
وتسليمه تاج الخلافة بعده ... إلى خير مدعو وأوثق مودع
هوى قمر العلياء من برج سعده ... فأطلع شمس المجد من خير مطلع
بفرع نما من دوحة طاهرية ... نما عرفها عن طيبها المتضوع
بمستعصم بالله منتصر له ... بحزم التأني لا بحزم التسرع
أقام منار الملك بعد أعوجاجه ... وشيد واهي الدين بعد التضعضع
بإقدام منصور وعزمة قادر ... وسيرة مهدي وإخبات طيع
به رجعت شمي المكارم والعلى ... كما رجعت شمس النهار ليوشع
ففرق شمل المال بعد اجتماعه ... وجمع أشتات العلاء الموزع
سأشكر للأيام حيلة برئها ... لإبلال قلب بالرزية موجع

بإقبالها تزهي بأكرم مودع ... وإن تك قد ولت بخير مودع
ولائي لكم يا آل أحمد صادق ... وإن مان مذاق وتمق مدع
وإني لشيعي المحبة فيكم ... وإن لم يشن ديني غلو التشيع
فلي من نداكم خفض عيش مرفه ... ولي في ذراكم عز قدر مرفع
أخبرني الملك الأمجد أبو علي الحسن بن داود بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب قال: سير الخليفة المستعصم إلى أبي رسولاً عندما قصد التتار بغداد يستصرخه ويحثه على سرعة الوصول إليه ولو على الهجن، ويأمره أن يترك أولاده ويأمرهم أن يستصحبوا معهم من يرى استصحابه من أولاد الملوك والأمراء والأجناد وكان أبي إذ ذاك مع العرب في أطراف تيه بني إسرائيل فوافاه الرسول وقد سير إليه الملك المغيث بن العادل بن الكامل عسكراً فقبضه، ثم سيره إلى طور هارون صلى الله على نبياً وعليه السلام، وتركه هنالك فقصد الرسول الملك المغيث وقال له: الخليفة قد طلب هذا الرجل لهذا المهم العظيم، فسير إليه وأحضره وجاء هو والرسول حتى نزلا بالبويضا خارج دمشق على عزم التوجه إلى الخليفة فقال لي أبي: والله يا والدي ما أنا متوجه إلى بغداد أرجو دنيا ولا تقدماً على العساكر، وإنما أريد أن أبذل نفسي في سبيل الله تعالى وأرجو أن أنفع المسلمين وأموت شهيداً فلعل الله يكفر عني ما اقترفته فيما مضى من عمري، وأقام على هذه النية يقصر الصلاة اعتقاداً منه أنه يقيم أياماً يسيرة يتجهز فيها، ثم يتوجه إلى وجهته، فلما وردت الأخبار بأن التتار قد ضايقوا بغداد أشار عليه جماعة من أصحابه أن يتثبط ريثما يتحقق أمرها فقال: أنا قد بعت الله نفسي فما أرجع فيما بيني وبين الله تعالى، فلما وصلت الأخبار بأن التتار قد أخذوا بغداد وتواتر ذلك، أظهر بعض الناس أن الخليفة قد نجا بنفسه والتحق بالعرب، فقال لا بد لي من اللحاق به فإن بيعة في عنقي وقد أمرني بأمر وما يمكنني مخالفته، والذي يخشاه الناس في ذلك هو القتل، وأنا أتمناه فإن الموت لا بد منه وقد حان حينه، فإن هذا الشيب كما تروه فأحسن ما كان الموت بأيدي المشركين في سبيل الله تعالى، فلما تحقق أن الخليفة أخذ فيمن أخذ توجع لفوات ما أمله، وقال: ما كنت أرجو إلا أن أكون بين قتلى المعركة ولكن ما يريده الله هو الكائن.
قال لي ولده الحسن: فجزاه الله بنيته وآتاه الشهادة فإنه مات بالطاعون، وقد صح عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما اتفق عليه الإمامان عن أنس رضي الله عنه قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: الطاعون شهادة لكل مسلم.
قال لي ولده: وحدثت أنه سأل الله عز وجل ذلك قبل مرضه بيوم أو يومين، فإنه حدثني الحاجي عبد الله بن فضل بن رداد وفارس بن آق سنقر بن عبد الله الأمجدي قالا: كنا جالسين عند والدك رحمه الله أيام اشتداد الوباء عقب كائنة بغداد، فتسخطنا بالوباء، وقلنا: هذا سخطة أرسلها الله على الناس، فقال: لا تقولوا هذا فإن الطاعون لما وقع بعمواس قال بعض الناس هذا رجز، هذا الطوفان الذي بعث على نبي إسرائيل، وبلغ ذلك معاذاً فقال: يا أيها الناس لِمَ تجعلون دعوة بينكم، ورحمة ربكم عذاباً وتزعمون أن الطاعون هو الطوفان الذي بعث على بني إسرائيل وإن الطاعون لرحمة من ربكم رحمكم بها، ودعوة من نبيكم لكم وكفت الصالحين قبلكم، اللهم أدخل على آل معاذ منه نصيبهم الأوفى فطعن عبد الرحمن بن معاذ وامرأته، ودخل عليه معاذ يعوده فقال: أبني كيف تجدك؟ قال يا أبة " ألحق من ربك فلا تكونن من الممترين " ، فقال: يا بني " ستجدني إن شاء الله من الصابرين " ، فمات الفتى وامرأته، وطعنت امرأتان لمعاذ فماتتا في يوم واحد، فأقرع بينهما فقدم أحدهما قبل صاحبتها في القبر وطعنت خادمة وأم ولده فتوفيتا فدفنهما، حتى إذا لم يبق غيره طعن في كفه بثبرة صغيرة كأنها عدسة، فجعل ينظر إليها ويقول: إنك لصغيرة، وإن الله ليجعل في الصغير الخير الكبير، ثم يقبلها ويقول: ما أحب أن لي بك حمر النعم، فلما نزل به الموت فجعل يغت به ثم يغمى عليه، ثم يتنفس عنه فيقول غم غمك، فوعزتك غمك إنك لتعلم أني أحبك، ثم يقول: جرعني ما أردت.

قال الحسن بن داوود: قالا لي: فلما فرغ والدك من هذه القصة رفع يديه مبتهلاً وقال: اللهم اجعلنا منهم وارزقنا ما رزقتهم، فأصبح من الغد أو من بعد الغد مريضاً، وكنت أنا غائباً عنه فلما بلغني مرضه جئت إليه فإذا هو يشكو ألماً شديداً بجنبه الأيسر بحيث لا يستطيع الاضطجاع، وكان يقول أحس من جنبي مثل الطعن بالسيف، ولم يزل كذلك أربعة أيام وليلة الخامس إلى السحر لم يذق النوم إلا إعفاءاً نسند رأسه بأيدينا، ثم وجدنا خفاً واضطجع ونام وأصبح بارئاً، وبقي على ذلك يومه وليلته، فلما أصبح في اليوم السادس شكا ألماً خفيفاً بجنبه الأيمن، وأخذ في التزايد يومه وليلته فتحقق في اليوم السابع أنه طاعون، واشتد الألم وعاد كما في المرة الأولى، وانحطت قواه فلما كان بين الصلاتين كنت جالساً عنده وقد أغفى فانتبه ترعد فرائصه وأشار إلي أن أقترب منه، فقال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم والخضر عليه السلام وقد جاءا إلي يعوداني فجلسا عندي ثم انصرفا، فلما كان أواخر النهار قال لي: ما بقي في رجاء فتهيأ في تجهيزي، فبكيت وبكى الحاضرون من أولاده وغيرهم، فقال لي: لا تكن إلا رجلاً، ولا تعمل عمل النساء ولا تغير هيئتك، وكن على مقتضى طريقتك، فلما كان الليل اشتد به الضعف وانصرفت في حاجة فحدثني بعض من كان جالساً عنده من أهله أنه أفاق فزعاً مرتعباً، فقال: بالله تقدموا إلي فإني أجد وحشة، فسئل مم ذلك، فقال: أرى صفاً عن يميني فيهم أبو بكر وسعد صورهم جميلة، وعليهم ثياب بيض، وصفاً عن يساري صورهم قبيحة فيهم أبدان بلا رؤوس وهؤلاء يقولون: تعال إلينا، وهؤلاء يقولون: تعال إلينا وأنا أريد أن أروح إلى أهل اليمين، وكلما قال لي أهل الشمال مقالتهم قلت: والله ما أجيء إليكم خلوني من أيديكم، وقد ارتعبت منهم ثم أغفى اغفاءة، ثم قال: الحمد لله خلصت منهم، وقال: رأيت امرأة جميلة لم أر أحسن منها قد جاءت إلي فأعرضت عنها فكلمتني كالتي تستميلني فقلت: والله ما لي بك من حاجة هذه زوجتي عندي وأنا عنها مشغول، فروحي عني فإن نومة أحب إلي فقالت: زوجتك ما تدوم لك وما يدوم لك إلا نحن.
قال الحسن: وتوفي رحمه الله صبيحة هذه الليلة حين تنفس الصبح من يوم السبت السادس والعشرين من جمادى الأولى سنة ست وخمسين وستمائة بالبويضا.
كذا قال لي ولده، ووجدت تاريخ وفاته بخطي أنه توفي أول طلوع الفجر من يوم السبت الثامن والعشرين من جمادى الأولى من سنة ست وخمسين وستمائة وحضر الملك الناصر يوسف بن محمد الصلاة عليه، واستصحبني معه إلى البويضا، وقدمني للصلاة عليه، فصليت عليه بإذن من أولاده، وكان قد أوصى أن يغسله القاضي شمس الدين عبد الله بن محمد بن عطاء الحنفي قاضي دمشق، قال لي ولده الحسن فغمضت عينيه وشددت لحيته وقلبت الماء عليه، فرأيته كأحسن نائم فقلت للقاضي شمس الدين عبد الله: ما ترى وجهه؟ فقال: هو الآن أحسن منه حياً.
وحملت جنازته إلى جبل الصالحين، فدفن في تربة أبيه الملك المعظم رحمه الله إلى جانبه من الشمال، ودخل الملك الناصر به إلى والدته بعد الصلاة عليه وعزاها وسلاها، ووعدها في مخلفيه خيراً رحمه الله رحمة واسعة.
ذكر من اسم أبيه محمد ممن اسمه داوود
داوود بن محمد بن الجراح:
الكاتب كاتب مذكور مشهور، كان على مظالم المتوكل، وقدم معه حلب اجتاز بها إلى دمشق في سنة ثلاث وأربعين وولي ديوان الزمام في أيام المتوكل وفي أيام المستعين.
داوود بن محمد بن الحسن بن خالد:
وقيل ابن أبي خالد، أبو سليمان الخالدي القاضي الإربلي، ثم الموصلي، ثم الحصكفي الشافعي، اصله من إربل، وولد بالموصل، ثم تولى القضاء بحصن كيفا، وقدم حلب رسولاً مجتازاً إلى دمشق، وحدث بها عن أبي منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي وعن ابن بيان وأبي طاهر الفضل بن عمر النسائي. كتب عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصري، وأخوه شيخنا أبو القاسم الحسين، وعبد الله بن عيسى المرادي نزيل حماة، وروى لنا عنه زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الدمشقي.

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا القاضي مجد الدين أبو سليمان داوود بن محمد بن الحسن بن أبي خالد الموصلي الإربلي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن محمود الكراعي المروزي قراءة عليه بمرو قال: أخبرنا جدي أبو غانم أحمد بن علي بن الحسن الكراعي قال: أخبرنا أبو العباس عبد الله بن الحسين بن الحسن النضري القاضي قال: أخبرنا أبو محمد الحارث بن محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثنا سفيان بن سعيد عن الأعمش عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة قالت: قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وإن درعه لمرهونة بثلاثين صاعاً من شعير.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم إجازة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن فيما ألحقه في تاريخ والده قال: داوود بن محمد بن الحسن بن أبي خالد، أبو سليمان الإربلي ثم الموصلي الفقيه الشافعي قدم دمشق غير مرة، وحكى لي بعض أصحابنا أنه ولد بالموصل في سنة ثلاث وتسعين، وتفقه بالعراق، وسمع الحديث من جماعة منهم أبو القاسم بن بيان الرزاز، ودخل خراسان وأقام بمرو مدة، وسمع بها من أبي منصور الكراعي، وأبي طاهر الفضل بن عمر بن أحمد النسائي المعروف بليلى الصوفي، وحدث بدمشق والموصل وغيرهما من البلاد، وولي القضاء بحصن كيفا، وذكر لي بعض أصحابنا أنه ذاكره يوماً فيما عنده من مسموعات الكتب الكبار، فأخبر أنه سمع منها قطعة صالحة، منها: الجامع الصحيح للبخاري، وذكر أن بينه وبين البخاري فيه ثلاث أنفس، وسمعت والدي يستبعد ذلك، ويقول: الآفة في ذلك من شيوخ القاضي فإن القاضي أبا سليمان لم يتعمد ذلك وإنما دخل الوهم فيه على شيخه أو شيخ شيخه، ولا شك أنه سقط من الإسناد رجل. توفي رحمه الله بالموصل يوم عيد الأضحى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة.
وقفت على معجم شيوخ الحافظ أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن صصري بخطه وخرج فيه حديثاً عن داوود بن محمد الخالدي وقال: بعده توفي هذا الشيخ رحمه الله في يوم عيد الأضحى سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة بالموصل فيما حكاه لي أخي عن بعض أصحاب هذا الشيخ ولم يسمه، وكان قد حدثنا أيضاً عن ابن بيان والكراعي في تلك المرة، وقدم دمشق قدمة أخرى وأنا بالعراق فسمع منه بعض أصحابنا وعاد إلى الموصل فاستوطنها، وروى لهم هناك أشياء منها جامع الصحيح للبخاري رحمه الله إلا أنه أسقط عن عدة الشيوخ إليه رجلاً فإما أن يكون الوهم مضى عليه أو على شيخه وهو معذور، إذ لم يكن هذا الشأن من صناعته.
أخبرنا بذلك أبو الغنائم سالم بن أبي المواهب إجازة قال: أخبرني أبي.
داوود بن محمد بن محمود بن أحمد القرشي:
الأصبهاني أبو سعيد الحلبي كان أبوه صوفياً من أصبهان، وكان شيخ خانكاه مجد الدين أبي بكر بن الداية التي هي داخل مدينة حلب بالقرب من باب العراق، وولد له داوود هذا بحلب وسمعه والده من أبي الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه الجويني شيئاً من الحديث بحلب وقرأته عليه بها، وكان رجلاً صالحاً كثير العبادة خشن العيش متنزهاً عن الدنيا شديد الحرص على طلب الحلال، وكان يقتات مما يعمل بيده ولا يخالط أحداً من أرباب الدنيا.
أخبرنا شهاب الدين داوود بن محمد بن محمود القرشي قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه قال: حدثنا عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد الساوي قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن مسرور الزاهد قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن حمديه بن موسى قال: حدثنا أحمد بن زيد قال: حدثنا يعقوب بن حميد بن كاسب قال حدثنا سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد عن جده أبي سعيد أنه سمع علي بن أبي طالب رضي الله عنه يقول: ما حدثني أحد حديثاً لم أسمعه أنا من رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا أمرته بأن يقسم بالله أنه سمعه من رسول الله صلى الله عليه وسلم، إلا أبو بكر فإنه لا يكذب فحدثني أنه سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما ذكر عبد ذنباً فقام حين ذكره فتوضأ وأحسن وضوءه، ثم تقدم فصلى ركعتين ثم استغفر لذنبه ذلك إلا غفر له.

توفي شيخنا أبو سعيد داوود بن محمد بحلب سنة سبع عشر وستمائة ودفن خارج باب العراق بالقرب من مقام إبراهيم عليه السلام.
داوود بن محمد:
الإمام الطرسوسي، إمام مسجد طرسوس، حدث بها عن محمد بن عبد الرحمن العلاف البصري، ومحمد بن دينار، ومحمد بن خالد وأبي الربيع والقواريري.
روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني وكان ثقة.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص، ح.
وأنبأنا أبو الفضل عبد السلام بن عبد الله بن عمران قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن أبي مسعود الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي شريح قالا: أخبرنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا داوود بن محمد الإمام بطرسوس، ومحمد بن بشر بن مطر الوراق وجعفر بن عثمان صاحب الطيالسة قالوا: حدثنا محمد بن عبد الرحمن العلاف البصري قال: حدثنا ابن سواء قال: حدثنا ابن عون وهشام عن ابن سيرين عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: يوم تقول لجهنم هل امتلأت، وقال المخلص قال: نقول لجهنم هل امتلأت وتقول هل من مزيد فيضع فيها قدمه تبارك وتعالى حتى تقول قط قط بكرمك وعظمتك.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد السمعاني في كتابه إلينا من مرو قال: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، ح.
أخبرنا أبو بكر القاسم بن أبي سعد عبد الله بن عمر الصفار في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا الشيخان أبو الأسعد عبد الرحمن بن عبد الواحد بن أبي القاسم القشيري قراءة عليه وأنا أسمع وأبو البركات الفراوي. قال أبو الأسعد: أخبرنا أبو محمد عبد الحميد بن عبد الرحمن البحيري قراءة عليه وقال أبو البركات: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن محمد بن عبد الله المحمى قالا: أخبرنا أبو نعيم عبد الملك بن الحسن الإسفرائيني قال: أخبرنا خالي الإمام الحافظ أبو عوانة يعقوب بن إسحاق الإسفرائيني قال: حدثنا داوود بن محمد الطرسوسي قال: حدثنا أبو الربيع قال: حدثنا منصور بن أبي الأسود عن عبد الملك بن أبي سليمان عن عطاء عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: تسحروا فإن في السحور بركة.
وقال أبو عوانة: حدثنا داوود بن محمد إمام مسجد طرسوس قال: حدثنا القواريري قال: حدثنا حماد بن زيد عن عبد العزيز بن صهيب عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
داوود بن محمد أبو صالح الكرجي:
روى بطرسوس عن عبد الله بن علي المقريء وأبي صالح الفراء. روى عنه ابنه أبو أحمد عبد الله بن داوود الحافظ الكرجي.
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي: حدثنا عبد الله بن داوود أبو أحمد بن أبي صالح الحناط قال: حدثنا أبي وعمومتي عن أبي صالح الفراء عن أشعث قال: كان إبراهيم بن أدهم يقول للرجل: اكتسب فإن لم تفعل احتجت فداهنت الناس للطمع والحاجة فتحالف حينئذ الحق وأهله، وكان داوود وأخوته من الغزاة المرابطين بطرسوس من الكرجيين.
داوود بن معاذ البصري:
أبو سليمان العتكي المصيصي ابن أخت مخلد بن الحسين، أصله من البصرة ونزل المصيصه وسكنها. روى عن عبد الوارث بن سعيد وسوار بن مجشر ومسمع بن عاصم، وحماد بن زيد، وأبي عوانة، وخالد مخلد بن الحسين والحسن الخفري.
وعنه جعفر بن محمد الفريابي، ومحمد بن مشكان الأنطاكي، ويوسف ابن سعيد بن مسلم وأبو عطاء محمد بن إبراهيم بن الصلت المصيصيين. وأبو الهيثم خالد بن يزيد المعروف بابن مخبط، وهارون بن محمد بن إسحاق أبو موسى صاحب كتاب النسب، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.

أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عبد الله المبارك بن علي بن عبد الباقي بن علي البغدادي قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي النرسي المعروف بأُبيّ قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد الرزاز قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي قال: حدثنا داوود بن معاذ المصيصي قال: حدثنا عبد الوارث بن سعيد عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، رؤيا المؤمن جزء من ستة وأربعين جزءاً من النبوة.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الأخضر في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا الحاجب الأشرف قراتكين ابن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد بن صالح الأبهري قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن يزيد ويعرف بابن مخبط قال: حدثنا أبو سليمان داوود بن معاذ ابن أخت مخلد بن الحسين منذ خمس وثمانين سنة قال: حدثنا مسمع بن عاصم المسمعي عن سعيد بن أبي عروبة عن الأشعث عن شهر بن حوشب عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فضل كلام الله على سائر الكلام كفضل الله على سائر خلقه.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا جعفر الفريابي قال: حدثنا داوود بن معاذ المصيصي بالمصيصه في سنة ثلاث وثلاثين قال حدثنا الحسن الحفري عن أيوب عن عكرمة عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تفتخروا بآبائكم الذين ماتوا في الجاهلية فوالذي نفسي بيده َلمَا يُدَهْدِه الجعل بأنفها خير من أبائكم الذين ماتوا في الجاهلية.
توفي داوود بن معاذ في حدود سنة خمس وأربعين ومائتين.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: قال أخبرنا مسعود بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة إجازة أو سماعا قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: داوود بن معاذ العتكي ابن ابنة مخلد بن الحسين البصري، سكن المصيصة، روى عن عبد الوارث والحسن بن أبي جعفر، روى عنه محمد بن عبد الرحمن بن أخي حسين الجعفي وسمع منه أبي، سمعت أبي يقول ذلك.
داوود بن منصور بن أبي سليمان البغدادي:
أبو سليمان قاضي المصيصة، أصله من نسا، وسكن بغداد، ثم تحول إلى الثغر وولي قضاء المصيصة، وحدث بها عن مالك بن أنس وجرير بن حازم وإلياس ابن مطرف وقيس بن الربيع، وعمر بن موسى الوجيهي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، ومحمد بن راشد المكحولي، والليث بن سعد، وإبراهيم بن طهمان، وأيوب ابن حوط، وعبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، ووهب بن خالد، وأبي معشر المدني، وأبي السري منصور بن عمار وهمام.
روى عنه أبو حاتم الرازي، وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ويوسف بن سعيد ابن مسلم، والهيثم بن خالد وجعفر بن هارون المصيصيون، وأحمد بن هاشم الأنطاكي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي ببلخ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الشخير قال: حدثنا القاسم ابن يحيى بن نصر بن أخي سعدان بن نصر قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا داوود بن منصور قاضي المصيصه قال: حدثنا عمر الوجيهي عن أبي الزبير بن جابر عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: عليكم بقيام الليل فإن فيه قربة إلى الله عز وجل وتكفيراً للسيئات ومطردة للداء عن الجسد.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: داوود بن منصور أبو سليمان، نسائي الأصل، بغدادي الدار، ولي قضاء المصيصة، وانتقل عن بغداد إليها فسكنها، وحصل حديثه عند أهلها، فروى عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، وأبو حاتم الرازي، والهيثم ابن خالد المصيصي، وقال ابن أبي حاتم سئل أبي عنه فقال صدوق.
وقال الخطيب: حدثت عن أبي الحسن بن الفرات قال: أخبرني الحسن بن يوسف الصيرفي، قال: أخبرنا أبو بكر الخلال قال: أخبرني محمد بن علي قال: حدثنا مهنا قال: سألت أحمد عن داوود بن منصور بن أبي سليمان النسائي فقال: جار أبي نصر التمار؟ قلت: نعم، كان قاضي المصيصة، قال: أعرفه، قلت كيف هو؟ قال لا أدري وكرهه.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: داوود بن منصور قاضي المصيصة بغدادي سكن المصيصة.
روى عن عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان وحمد بن راشد وإبراهيم بن طهمان وعامر بن كيسان، وأبي معشر، وجرير بن حازم ووهيب، سمع منه أبي في سنة عشرين ومائتين، سئل أبي عنه فقال: صدوق.
داوود بن الوسيم بن أيوب بن سليمان:
أبو سليمان البوشنجي سمع بطرسوس أبا بكر بن يزيد، وروى عنه وعن عبد الرحمن بن أخي الأصمعي وكثير بن عبيد وموسى بن عبد الله، وإبراهيم بن هاني ومحمد بن الوليد، وعلي وموسى ابني سهل الرمليين ويحيى الحمصي، والحسن ابن عرفة، وإبراهيم بن يعقوب ومحمد بن عوف وأبي التقى هشام بن عبد الملك ومحمد بن عبد الملك بن زنجويه، وأبي سعيد الأشج، ومحمد بن إسماعيل الأحمسي، ومحمد بن خلف، وعمر بن شبه، وأحمد بن سنان، ومحمد بن حسان الأزرق وعمرو بن عبد الله الأودي، والحسن بن محمد بن الصباح، والعباس بن الوليد البيروتي، وجميل بن الحسن العتكي وغيرهم.
روى عنه أبو محمد بن زياد النقاش، وأبو عبد الله محمد بن الحسن النيرجاني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن أحمد البوشنجي، وأبو القاسم منصور بن العباس الفقيه.
أخبرنا مرّجا بن أبي الحسن بن هبة الله التاجر قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو منصور عبد المحسن بن محمد بن علي بن أحمد فيما أذن لنا في الرواية عنه قال: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن محمد بن علي الوراق قال: حدثنا القاضي المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد ابن الحسن بن زياد النقاش قال: حدثنا داوود بن وسيم قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أخي الأصمعي عن عمه قال: قال لي أبو عمرو بن العلاء، يا عبد الملك كن من الكريم على حذر إذا أهنته، ومن اللئيم على حذر إذا أكرمته، ومن العاقل إذا أحرجته ومن الأحمق إذا مازحته، ومن الفاجر إذا عاشرته، وليس من الأدب أن تجيب من لا يسألك، أو تحدث من لا ينصت لك.
داوود بن يوسف بن أيوب بن شاذي:
ابن يعقوب بن مروان، أبو سليمان مجير الدين الملك الزاهر بن الملك الناصر صاحب البيرة، وكان شقيق الملك الظاهر غازي، وكان مقيماً عنده بحلب، وعهد إليه الملك قبل أن يولد له ولد، ثم إنه أعطاه البيرة والبرسمان إقطاعاً ونيابة عنه، وأقام بالبيرة إلى أن توفي الملك الظاهر، فاستقل بها مع عدة مواضع غيرها.
وأخبرني أخوه الملك المحسن أبو العباس أحمد أن مولد الملك الزاهر داوود بمصر لسبع بقين من ذي الحجة من سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، وكان قد سمع الحديث من الفضل بن سليمان بن البانياسي بدمشق، وأجاز له جماعة من الشيوخ: أبو محمد بن بري، وأبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن علي الحراني، وأبو الحسين أحمد بن حمزة بن علي السلمي ولا أعلم أنه حدث بشيء، وتوفي بقلعة البيرة في سنة اثنتين وثلاثين وستمائة، واستولى ابن أخيه الملك العزيز محمد ابن غازي صاحب حلب على ما كان بيده من المعاقل والحصون، وخرج إلى البيرة بنفسه ورتب فيها الولاة من قبله.
داوود بن المغربي القرشي:
الملقب بالصفي، شاعر مجيد، دخل حلب وامتدح بها الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، وسمعت بعض من لقيه يثني عليه كثيراً، ويصفه بالخير والصلاح وحسن العبادة، وخرج عن حلب وأقام بحماة.

وروى لنا عنه شيئاً من شعره أبو القاسم عبد الله بن رواحة وأبو حامد أحمد بن المفضل بن رواحة الأنصاريان الحمويان، وقرأت بخط يحيى بن أبي طي الحلبي أنه ورد حلب سنة خمس وتسعين وخمسمائة واتصل بخدمة أبي الفتح بن الملك الناصر صلاح الدين وامتدحه بقصيدة أولها:
ألحظك أم ما تطبع الهنديا هند....
أنشدنا هذه الأبيات شيخنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أنشدني داوود بن المغربي القرشي لنفسه:
ألحظك أن ما تطبع الهند يا هند ... وقدك أم غصن من البان أم رند
ووجهك أم بدر من النقص آمن ... وشعرك أم قطع من الليل ممتد
وريقك أم صرف من الراح قرقف ... وخدك أم ورد وثغرك أم عقد
وجسمك أم ماء من المزن جامد ... ولفظك أم سحر وقلبك أم صلد
ورياك أم نشر من المسك عابق ... تكسب منه المندل الطيب والند
أبيني لنا يا هند كيف تجمعت ... صفاتك يا من ما يدوم لها عهد
ومني على من شفه الوجد والضنى ... بوصل إلى كم ذا التهاجر والصد
تجاوزت حد الظلم يا ابنة مالك ... وجرت فمني بالوصال ولو وعد
يقول في مدحها:
إذا ما امتطى طرفاً وجرد صارماً ... صقيلاً فأعناق الملوك له غمد
أو اعتقل الرمح الرديني كفه ... غداة هياج فالكماة به عقد
أنشدني شهاب الدين أبو حامد أحمد بن المفضل بن رواحة الحموي وأملاها علي من لفظه بظاهر حمص قال: أنشدني الصفي داوود بن المغربي القرشي لنفسه في هوى له، ومدح بها الملك المنصور محمد بن تقي الدين بن عمر صاحب حماة.
هاتا الحديث عن الغزال الأغيد ... وتغنيا قول الغريض ومعبد
ثم اسقياني قهوة ذهبية ... صفراء صرفاً كالسنا المتوقد
من كف ممشوق القوام مهفهف ... كالصعدة السمراء أسمر أملد
في خده ورد وآس ناضر ... عطر ذكي النشر ريان ند
فكأنمما قوس السحاب بخده ... يبدو لنا في أخضر ومورد
ذي مقلة سحارة سخارة ... كحلاء ما كحلت بكحل الأثمد
آه على برد بفيه منضد ... كالدر في الياقوت تحت زبرجد
والهفتا من لي يرشف رضابه ... فهو الشفاء لغلة الدنف الصدي
جان على العشاق فتكة لحظة ... يخشى كبأس محمدٍ ومحمدِ
داوود الحراني:
له ذكر وجهة المعتصم رسولاً إلى الروم فاجتاز بحلب أو ببعض عملها، وحكى عن ملك الروم روى عنه أحمد بن عبد الصمد.
قرأت بخط علي بن أبي موسى عن إسحاق الرزاز في نوادر أبي بكر محمد ابن المزربان سماع الرزاز منه: حدثني محمد بن زكريا قال: حدثني أبو نصر أحمد ابن عبد الصمد قال: أخبرني داوود الحراني قال: وجهني المعتصم بالله إلى ملك الروم فتغديت معه فأتوه من الأطعمة بما لم أر أكثر منها، ثم دعا بشيء أو مأ إليهم، فأتي ببرنية صفراء ملمعة بشقائق النعمان مختومة، ففك الخاتم ثم استخرج من جوفها برنية أخرى، فأخرج بيده منها قضيبين من كبر فأكله، ودفع إلي مثل ذلك ثم ختمها بيده وقال: عندكم من هذا شيء؟ قلت: عندنا يأكله الدواب كثرة، فقال لي: فبلادكم إذا أخرب بلاد الله هذا لا ينبت إلا في الخراب، وبلادنا ليس فيها منه شيء إلا العود بعد العود.
داران بن كشير داد بن شمر بن قيومرت بن كيكاوس:
ابن صما بخت بن كيار دشير بن كيوسا بن يزدجرد بن سابور كرمانشان بن هرمز بن نرسي بن بهرام بن هرمزان بن سابور بن أردشير بن بابك بن ساسان بن بابه بن ساسان بن بلاس بن شهر أباد، ابن أولاد ملوك الفرس أسلم على يد علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وشهد معه صفين وقتل بها رحمه الله.
دارا بن منصور بن دارا بن العلاء:
ابن أحمد بن علي بن عبد الرحمن بن علي بن عيسى بن يزدجرد بن شهريار الشيرازي أبو الفتح الفارسي الكاتب.

روى عن جده دارا إنشاداً، رواه عنه القاضي أبو اليسر شاكر بن عبد الله ابن سليمان الكاتب، وكان بحلب في صحبة نور الدين محمود بن زنكي بن آق سنقر يكتب له بالعربي والعجمي، وتولى ديوان الأشراف بحماة وأقام بحمص مدة مرابطاً لحصن الأكراد وكان جده أبو الفتح دارا كاتباً للسلطان أبي الفتح ملك شاه، وكان من رؤساء فارس وفرسانهم في الأدب، وكان يروي عن شيوخ خراسان وأبي محمد الأسود والغندجاني، ثم ترك الكتابة وانقطع في منزله وقال يصف حاله أبياتاً رواها ابن ابنه أبو الفتح هذا عنه.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي عن القاضي أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن سليمان قال: أنشدنا أبو الفتح دارا قال: أنشدنا جدي لنفسه:
قالت أميمة إذ رأت من عطلتي ... ما استنكرته وحق ذا من شاني
أنبا بك الديوان أم بك نبوة ... عنه فتقعد خارج الديوان
إذ أنت من شهد اليراعة أنه ... في خليقتها فارس الفرسان
أو كنت من أفنى ثميلة عمره ... وشبابه في خدمة السلطان
ولكم مقام قمت فيه ومجلس ... رفعت فيه إلى أعز مكان
وكتابة سيرت من أبرادها ... ما سيرته البرد في البلدان
فلم أطرحت ولم جفتك عصابة ... لهم بحقك أصدق العرفان
فأجبتها إن الأحاظي لم تزل ... مقدورة لرجال كل زمان
إن لم أنل فيها كفاء فضيلتي ... فالفضل ينطق لي بكل لسان
ولو أن نفسي طاوعتني لم أكن ... في نيل أسباب الغني بالواني
ولربما لحق الجواهر بذلة ... من بعدما رصعن في التيجان
دامس أبو الهول:
من موالي طريف من ملوك كندة، كان مع الجيش الذي أمد به عمر رضي الله عنه أبا عبيدة رضي الله عنه وهو على حلب، وتسور قلعة حلب مع جماعة وفتحوها على ما نقله بعض الرواة.
وحكي عن الواقدي أنه قال: كان أبو الهول دامس شديد السواد بصاصا، وكان إذا ركب البعير أو الفرس العالي من الخيل تخط رجلاه الأرض وإذا ركب البعير العالي البازل من الإبل تقارب رجلاه ركبتي البعير، وكان فارساً شجاعاً قد شاع ذكره ونما أمره، وعلا قدره في بلاد كندة، وأدوية حضرموت وجبال مهرة وأرض الشحرة، وقد أخاف البادية، وانتهب أموال الحاضرة، وكان مع ذلك لا تدركه الخيل العتاق حصونتها، ولا جحورتها، وكان إذا ذكرته العرب في أنديتها تعجب من صولته وشجاعته وجرأته.
داوود أبو الساج:
قائد مذكور من قواد بني العباس ولي ديار مضر وقنسرين والعواصم في أيام المعتز وكانت قنسرين أيضاً في ولايته أيام المعتمد.
قرأت في تاريخ في شهر ربيع الأول سنة أربع وخمسين ومائتين عقد صالح ابن وصيف لداوداد على ديار مضر وقنسرين والعواصم.
ونقلت من كتاب بخط أبي الفوارس بن الخازن جمع فيه أخبار الخلفاء من بني العباس وأمرائهم قال: وقال الموفق لصاعد يعني ابن مخلد، ذي الرئاستين هذه السنة يعني سنة اثنتين وسبعين ومائتين سنة الانغلاق لا سنة الافتتاح: مصر وسائر الشامات في يد خمار بن طولون، والجزيرة مع إسحاق لا فضل فيها عنه، وقنسرين والعواصم مع أبي الساج وخراسان وما وراء النهر في يد نصر بن أحمد وطخارستان وبلخ وسمرقند في يد داوود بن هاشم بن كنجور ونيسابور في يد رافع سجستان، وكرمان والسند وفارس وأصفهان في يد عمرو بن الليث وذكر البلاد بأسرها وأسماء من هي في يده، وقال: ليس في الدنيا غير سقي الفرات.
أنبأنا أبو روح عبد المعز محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر، عن أبي القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد القاريء إذناً قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال في كتاب الأوراق: وانصرف أبو الساج عن عسكر عمرو بن الليث يريد بغداد فمات بجند يسابور في شهر ربيع الاخر يعني من سنة ست وستين ومائتين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
دبيس بن صدقة:

ابن منصور بن دبيس بن علي بن مزيد بن مرثد بن زنجي بن ريان بن عدني ابن عذور وقيل ريان بن عذور بن عدي بن جلد بن حي بن عمرو بن أبي المظفار مالك بن عوف بن معاوية بن كسر بن ناشرة بن سعد بن سواءة بن مالك بن سعد ابن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، الأمير أبو الأغر بن الأمير سيف الدولة صدقة بن الأمير بهاء الدولة منصور بن الأمير أبي الأغر دبيس بن الأمير سند الدولة علي الأسدي صاحب الحلة المزيدية، هكذا ذكر نسبه أبو السعادات محمد بن عبد الرحمن فيما أخبرنا به أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي إجازة عنه ذكره في شرح المقامات.
وذكر الأبيوردي أنه أبو الأغر دبيس ملك العرب بن سيف الدولة صدقة بن منصور بهاء الدولة بن دبيس نور الدولة بن علي الأمير بن مزيد الأمير بن مرشد الأمير بن الريان بن عدني بن خالد بن مالك بن حي بن عبادة بن مالك بن عوف ابن معاوية بن كسر بن ناشرة بن نصر بن سواء بن مالك بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة، قدم حلب ونزل على ظاهرها في نصف شعبان سنة ثمان عشرة وخمسمائة وحاصرها مع إبراهيم بن الملك رضوان ومع الملك بغدوين الرويس الفرنجي فطال حصارهم لها، واجتمع عليها ثلاث رايات لهؤلاء الملوك الثلاثة إلى أن تداركها الله بآق سنقر البرسقي فوصل إلى حلب ورحلوا عنها وقدم دبيس مرة ثانية إلى حلب حين أسر بنواحي صرخد أسره ابن طغتكين فباعه على زنكي بن آق سنقر صاحب حلب بخمسين ألف دينار، وخاف من زنكي فلما وصل إلى حلب أطلقه وأكرمه واحترمه وأنزله في دار لاجين بحلب وأعطاء مائة ألف دينار وخلع عليه خلعاً سنية.

فأما منازلة دبيس حلب فكان سببها أن دبيساً نهب بلد بغداد في سنة أربع عشرة وخمسمائة وسار بنفسه إلى بغداد وضرب خيمته بإزاء دار الخليفة المسترشد، وأظهر ما في نفسه منه وتهدد المسترشد، وذكر له أنه طيف برأس أبيه صدقة، فأنفذ المسترشد إليه شيخ الشيوخ إسماعيل برسالة ضمن فيها أن يصلح بينه وبين السلطان محمود فكف عن الأذى، وسار إلى الحلة في رجب ووصل السلطان محمود إلى بغداد، فأنفذ دبيس زوجته بنت عميد الدولة بن جهير ومعها أموال عظيمة وهدايا سنية، وسأل العفو فأجابه السلطان إلى ذلك على قاعدة لم يرض بها، ولم يجب إليها، ثم إنه نهب جشير السلطان، فسار السلطان إلى الحلة لمحاربته فأرسل دبيس نساءه وأمواله على البطائح، وسار إلى ايلغازي ابن أرتق والتجأ إليه وأقام إلى سنة خمس عشرة وخمسمائة ووصل السلطان إلى الحلة ولم ير بها أحداً، فعاد وعاد دبيس من مستقره عند ايلغازي إلى الحلة ودخلها وملكها. وسير دبيس إلى المسترشد والسلطان يعتذر إليهما فلم يقبلا عذره، وسيرا عسكراً عظيماً إليه، ففارق الحلة وقصد الأزيز، فوصل العسكر الحلة، وحفظوا الطريق على دبيس فسير إلى مقدم العسكر، برنقش يستعطفه وشرط أن ينفذ أخاه منصوراً على سبيل الرهن ويدخل في الطاعة فأجابه، وعاد بالعسكر في سنة ست عشرة، وكان دبيس قد تزوج بنت ايلغازي بماردين حين كان بها، وحملها إلى الحلة فسير المسترشد إلى ايلغازي بأمره بفسخ نكاح ابنته من دبيس، وذكر أنه كان لها زوج من السلجوقية، وقد دخل بها فقبض عليه السلطان واعتقله، وكان الرسول إلى ايلغازي القاضي الهيتي فعرفه أن النكاح فاسد فأجاب بجواب أرضاه، وأما دبيس فكاتب المسترشد يستميله، فعلم أن ذلك خديعة وكان السلطان ببغداد فحثه المسترشد على قتال دبيس فسير إليه جيشاً فأحرق دار أبيه بالحلة، وخرج منها إلى النيل فأخذ ما فيها من الميرة، ودخل الأزيز فدخل العسكر الحلة، فرأوها خالية فقصدوه إلى الأزيز وحصروه. فسير أخاه منصور إلى خدمة السلطان، وخرج بعسكره ووقف بإزاء العسكر وتحالف العسكران، وعاد عسكر بغداد ومعهم منصور، ثم إن دبيس واقع آق سنقر البرسقي على الفرات فهزم البرسقي وتبعه إلى بغداد، وسأل المسترشد الأمان وأن يكون على الطاعة بشرط القبض على الوزير أبي علي بن صدقة، فقبض عليه، وسمع السلطان محمود بالوقعة مع البرسقي فقبض على منصور وولده وحبسهما ببعض القلاع فجز دبيس شعره ولبس السواد، وآذى الرعية، ونهب البلاد وأغار على كل ما كان للمسترشد فأمر المسترشد العسكر بالخروج، وخرج بنفسه وعبأ البرسقي عسكر بغداد، ووقف المسترشد وراءه وبين يديه الدعاة والمقرئون وبين يدي دبيس الاماء والمخانيث بالدفوف والملاهي فحمل العسكر الدبيسي على عسكر الخليفة فكشفه مرتين، فحمل زنكي بن آق سنقر فهزم عسكر دبيس وأسر أميرين من عسكره، وانهزم دبيس بعسكره وألقوا أنفسهم في الماء، وكان ما نذكره، ودخل المسترشد ظافراً يوم عاشوراء، وطلب دبيس غزيه والمنتفق واتفق معهم، وتوجه إلى البصرة فدخلها وقتل أميرها، ثم خاف فخرج عنها وسار على البرية وحمل ما قدر عليه من أمواله، ووفد على مالك بن سالم بن مالك بقلعة جعبر فاستجار به فأجاره وقبله، وأغضب المسترشد والسلطان، ثم إن دبيساً صادق جوسلين وبغدوين الفرنجيين وصافاهما بوساطة مالك له معهما، واتفق مع الفرنج على حصار حلب، وكاتب قوماً من أهل حلب وأنفذ لهم جملة دنانير، وسامهم تسليمها إليه فكشف ذلك رئيسها أبو الفضائل بن بديع، فأطلع عليه تمرتاش بن ايلغازي صاحب حلب، فأخذهم وعذبهم كل عذاب أمكنه، وشنق بعضهم وصادر بعضاً، وأحرق بعضاً وطمع دبيس بحلب لغيبة تمرتاش بماردين واشتغاله بمملكتها بعد أن خرج تمرتاش من حلب في الخامس والعشرين من رجب سنة ثمان عشرة وخمسمائة وأخرج بغدوين من السجن وقرر عليه ثمانين ألف دينار وأن يسلم قلعة عزار إليه وحلفه على ذلك، ورهن جماعة من الفرنج اثني عشر نفساً أحدهم ابن الجوسلين، وعجل من المال عشرين ألف دينار، فلما أن خرج غدر ونكث وعزم على قصد حلب وحصارها ورحل إلى نهر قويق وأفسد كلما عليه، وضايق حلب، وكان دبيس قد مضى إلى تل باشر إلى الجوسلين، فبرزا من تل باشر وقصدا ناحية الوادي وأفسد ما فيه بما قيمته مائة ألف دينار.

وأخبرني والدي رحمه الله عن أبيه أن دبيس بن صدقة عاهد الفرنج على أنهم يحاصرون حلب وتكون الأنفس والأموال للفرنج والبلاد لدبيس.
قال لي والدي عن أبيه: ولما طال الحصار بهم وقلت أزوادهم وقع فيهم المرض فكان يمر المار في الأسواق فيجد المرضى على الدكاكين، فإذا قارب الفرنج والعسكر البلد للقتال ووقع الصائح قام المرضى مع شدة مرضهم وقاتلوا أشد قتال وردوا العدو.
قال لي والدي: وبلغني أن عوام حلب كانوا يصعدون أسوار المدينة عند حصار دبيس ويضربون بطبل صغير ويصيحون: يا دبيس يا نحيس.
وتوجه جد أبي القاضي أبو غانم والشريف النقيب وابن الجلي يستغيثون إلى تمرتاش فما أغاثهم، فهربوا إلى الموصل من ماردين وحضروا عند البرسقي وطلبوا معونتهم فأجابهم ووصل إلى حلب ورحلهم عنها وقد ذكرنا ذلك في ترجمة البرسقي، ثم إن دبيساً مضى إلى سنجر السلطان فسلمه سنجر إلى السلطان محمود في سنة ثلاث وعشرين، وأوصاه فأخذ صحبته فأخذ دبيس ولده السنة المذكورة حين مرض السلطان محمود وسار إلى العراق، وكان مجاهد الدين قد أقطع الحلة مضافة إلى شحنكية بغداد، فلما سمع بهروز نائبه بحركة دبيس هرب عن الحلة، فدخلها دبيس في شهر رمضان وقصد عسكر المسترشد، وسار محمود إلى العراق وقد عوفي لأجل قتال دبيس ففارق دبيس العراق وقصد البصرة ومعه جمع كثير فاستولى على البصرة فأنفذ السلطان محمود إليه عسكراً ففارق البصرة، وطلب البرية ووصل بعد ذلك إلى الشام خوفاً من أن يسلموه إلى المسترشد فوصل إلى أرض سرمين هارباً على نجائب في نفر يسير، فالتجأ إلى الفرنج فأكرموه وانقلب إلى عزاز، واجتمع بجوسلين وكان صديقه فأكرمه ودفعه عند هربه إلى قلعة ابن مالك، وسيرت صاحبة قلعة صلخد بعد فقد زوجها إلى الأمير دبيس تطلبه لتتزوجه فسار نحو حلة مرى بن ربيعة، ثم إنها تزوجت أمين الدولة صاحب بصرى، وسار دبيس للأمر الذي طلبته، فوجد الأمر بخلاف ذلك فنزل بحلة أخي مرى، وكان بدمشق عند تاج الملوك فوصل إليه رسول نائبه بالحلة يخبره بدبيس، وكانت الحلة نازلة بموضع اسمه قصم، فسأله تاج الملوك فأعلمه، فقال: تخرج إليه الساعة وتشغله عن المسير بحجة الضيافة، فخرج إليه وشغله بالضيافة، ووصل عسكر دمشق فقبضوه وكل من معه، فسير زنكي وطلبه، فسير إليه إلى حلب.
وقرأت بخط الوزير جمال الدين عبد الواحد بن مسعود بن الحصين وأنبأنا به إجازة عنه أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: في سنة أربع وعشرين وخمسمائة وجد دبيس بن صدقة ضالا بحلة حسان بن مكتوم بأعمال صرخد،، فأسره ابن طغتدكين صاحب دمشق وباعه على زنكي بن آق سنقر صاحب حلب بخمسين ألف دينار، وكان زنكي عدوه فما شك دبيس أنه ابتاعه لهلاكه فلما حصل دبيس في قبضة زنكي أكرمه وخوله وأطلقه وروسل زنكي من دار الخلافة بتسليم دبيس فقبض على الرسول وهو سديد الدولة محمد بن عبد الكريم الأنباري كاتب الإنشاء.
وقيل بأن زنكي اشتراه بمائة ألف دينار، على ما سنذكره إن شاء الله تعالى.
أخبرنا أبو اليمن الكندي إجازة عن الأستاذ محمد بن علي العظيمي ونقلته من خط العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة أربع وخمسمائة أظهر العصيان دبيس ابن صدقة الأسدي ملك العرب على الخليفة المسترشد بالله ببغداد، وعلى السلطان محمود، فسار إليه محمود وكسره ونهب الحلة، وهرب دبيس إلى الشام فأجاره شهاب الدين بن مالك بالدوسريه وأكرمه وسيره إلى نجم الدين بن أرتق إلى ماردين، فأكرمه وصارت بينهما زيجة وأعاده إلى الحلة.
وقال: وفي جمادى الأولى يعني من سنة خمس عشرة كانت كسرة المسلمين ببلاد الكرج، وذلك أن داود ملك الكرج كان قد ظهر على الملك طغرل من الدروب فاستنجد بنجم الدين بن أرتق وجموع التركمان وصحبتهم دبيس بن صدقة ابن مزيد فانكفت الكرج في الدروب الضيقة وتبعهم خلق من المسلمين فأخذ الكرج عليهم الدروب ورضخوهم بالصخر فانكسروا.
وقال العظيمي: وفي يوم الأربعاء سادس عشر من جمادى الآخرة يعني من سنة ثماني عشرة وخمسمائة عبر الأمير دبيس بن صدقة بن مزيد من قلعة منبج ونزل بظاهر منبج وكان له عمل في حلب ومكاتبه فانكشفت على يد فضائل ابن صاعد بن بديع، وقتل بعض القوم، ونفى بعضاً وكان بها التمرتاش حسام الدين ابن نجم الدين ايلغازي بن أرتق.

قال: وفي يوم الجمعة سابع عشر رجب كان خلاص البغدوين يعني ملك الفرنج من شيزر، وكان استقر عليه ثمانون ألف دينار وقلعة عزاز، وحلف على ذلك، ورهن جماعة من الفرنج اثنى عشر نفساً أحدهم ابن الجوسلين، وعجل من المال عشرين ألف دينار فما هو إلا أن خرج حتى غدر ونكث ونفذ يعتذر إلى الأمير حسام الدين بن نجم الدين بأن البطريرك لم يوافقه على تسليم عزاز، وأن خطيئة اليمين تلزمه وترددت الرسل بينهم إلى يوم الأحد ثامن عشر شعبان، وعادت بنقض الهدنة، وخرج الملك إلى أرتاج وعزمه على حلب، فخرج التمرتاش من حلب بتاريخ الخامس والعشرين من رجب نحو ماردين ووعد بجمع العساكر، ورحل بغدوين من أرتاح إلى نهر فويق وأفسد كلما عليه، وضايق حلب واجتمع على باب حلب ثلاثة ألوية: لواء الملك إبراهيم بن رضوان، ولواء الأمير دبيس بن صدقه، ولواء الملك بغدوين، وكان الجوسلين ودبيس قد برزا من تل باشر، وقصدوا ناحية الوادي، وأفسد كلما فيه ما قيمته ألف دينار، ثم نزلا على باب حلب، وكان نزولهم على حلب على مضي ساعة وكسر من نهار يوم الاثنين سادس عشر من شعبان، والطالع من العقرب عشر درج والمريخ في الطالع في درجة واحدة، وقبل نزولهم بساعتين عند اتساع الفجر انفتح من السماء من نحو المشرق باب من نور ودام حتى هال الناس ولما كان في اليوم الثاني في ذلك الوقت عاد انفتح ذلك الباب، ولكن كان أضيق من الأول، وخرج من شيء كاللسان، ينعطف ويتطوق، ونزل الفرنج غربي البلد، وغربي قويق ومعهم علي بن سالم بن مالك، وصاحب بالس أخو بدر الدولة فقطعوا الشجر، وأخرجوا المشاهد الظاهرة، وكان عدد الخيم ثلاثمائة خيمة مائة للمسلمين، ونبش الفرنج القبور وأخرجوا الموتى بأكفانهم، وعمدوا إلى من كان طرياً فشدوا الحبال في أرجلهم وسحبوهم مقابل المسلمين.
أخبرني القاضي عز الدين أبو علي حسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي قال: حدثني والدي قال: أخبرني الشيخ أبو سعد بن النعماني قال: كان المسترشد قد جمع أرباب دولته وسيرهم في الصلح بينه وبين دبيس، واتفق أن ابن أبي العودي الشاعر دخل على دبيس في ذلك اليوم وكنت حاضراً الجلس فأنشده قصيدة أولها:
جدك يا تاج الملوك قد علا، حتى بلغ إلى قوله:
دونك صفين فهذي قد أتت ... آل زياد والحقوق تقتضى
قال: فتغيرت وجوه الجماعة أصحاب المسترشد، وتغير وجه دبيس وأمر بصفعه فصفع وأخرج من بين يديه وحبس وأمر بالجماعة فأنزلوا في الدور، وأكرموا غاية الإكرام، وحمل إليهم كلما يحتاجون إليه، فلما أتى الليل أخرجه من الحبس خلوة وقال له: ويحك أنا قد اجتهدت حتى ينتظم الصلح بيني وبين الخليفة وقد أرسل أرباب دولته لإتمام هذا الأمر فجئت أنت وقلت ما قلت لتفسد الحال فأنشده:
هم زرعوا العداوة لا لجرم ... فدونك واصطلمهم بالحصاد
ولا ترهب قعاقعهم فليست ... قعاقعهم سوى لبس السواد
إذا لي تشف في الدنيا غليلاً ... فتذخره إلى يوم المعاد
فقال: أنشدني بقية القصيدة فأنشده:
فهذه يا ذا الفخار دول ... ينزعها الله إلى حيث يشا
فانتهز العزيمة قبل فوتها ... وناد بالثأر فقد آن الندا
ولا تكن في النائبات هلعاً ... ولا جباناً ذرعاً يخشى الوغى
إما يقال أدرك العز الذي ... ما مثله أو خانه صرف الردى
فالداء لو يحسمه صاحبه ... إذا بدا أغناء عن شرب الدوا
فهل ترى السلطان إلا رجلاً ... يدركه الموت ويرديه البلا
لحم وعظم ودم مركب ... في صورة كبعض أبناء الورى
تنته العرقة أو تؤلمه ... في قرصها البقة شاء أو أبى
لا يستطيع مع حمى سلطانه ... دفع الأذى عنه إذا هم القضا
فهو وإن عز حمى سلطانه ... يخشى المنايا في الصباح والمسا
قال: فأمر له بمائة دينار وصرفه في تلك الليلة إلى بلدة النيل وجرت بين دبيس والرسل أرباب دولة المسترشد مقاولات واحتجوا بمراجعة الخليفة في ذلك ومضوا ولم تقض لهم حاجة.

وخرج المسترشد بعد ذلك لقتال دبيس في سنة ست عشرة، ولم ينتظم بينه وبين دبيس صلح، وخرج دبيس بأصحابه إلى لقائه، فنزل على شط النيل تحت مطير أباذ، وأتاه الخليفة من جانب البرية وأقام المصاف، فكانت الكسرة على أصحاب دبيس، وما نجا منهم إلا القليل، وقتل البعض وغرق الباقون في الماء، ونجا بحشاشة نفسه، ووصل إلى فوق مطير أباذ إلى قرية يقال لها قرية أم الأمين، وكانت أم الأمين المذكورة فوق سطح من أسطحة القرية، فقالت له حين رأته: دُبَيْر جئت؟ فقال لها: ويلك دبير من لم يجيء، أين المخاض؟ فقالت: ها هنا فخاض وعبر ووقف يشق خفه حتى نزل منه الماء، وقد تبعه مماليك المسترشد إلى ذلك الموضع، فسألوا العجوز فضيعتهم عنه إلى موضع آخر فلم يقدوا عليه، وانحدر إلى أن لحق بالعرب والتف بهم، وظهر بالبصرة بعد سنة فدخلها وهرب أمير البصرة، ودخل دار الإمارة وحكم وقال: أتدرون من نصحني والله ما نصحني غير ابن العودي الشاعر فإني لو قبلت منه ذلك اليوم وقتلت الذين سيرهم المسترشد للصلح لبقي المسترشد مدة حتى يحصل رجالاً مثل أولئك يعتضد بهم، ولما رجع دبيس إلى العراق ملك العجوز أم الأمين القرية وهي تعرف الآن بها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الشريف الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: دبيس بن صدقة بن منصور ابن دبيس بن علي بن مزيد الأسدي أبو الأغر من ملوك العرب، وكان فاضلاً مهيباً كريم الأخلاق، ولعل ما أنجبت عرب البادية بعده بمثله، وقد ترامت به الأسفار إلى أكناف الأمصار، وتقلبت به الأحوال إلى ارتكاب الأهوال، ورد بلاد خراسان، وجال في أطرافها مدة في ظل السلطان سنجر بن ملكشاه، وكانت خاتمة أمره أن فتك به في قصر السلطان، وختم به شرف بيته.
قلت: هذا قول أبي سعد السمعاني، ولعله رحمه الله لم يبلغه خبر دبيس واتفاقه مع الفرنج على حصار حلب، وبذله أموال المسلمين وأنفسهم لأعداء الدين على ما ذكرناه وبيناه، ولو بلغه هذا الفعل المستهجن القبيح الذي لا يصدر عن من خلص إيمانه، وإن جرى بلفظ الشهادة لسانه، ولا يقع إلا من سخيف الرأي سيء التدبير، لما قال: ولعل ما أنجبت عرب البادية بعده بمثله، وقال: وختم به شرف بيته، هذا مع علم دبيس أن البغدوين ملك الفرنج كان مأسوراً في حبس بلك بن أرتق، وأن تمرتاش أطلقه من الأسر وهادنه على أن لا يخرج عليه فغدر بالهدنة مع تمرتاش والمسلمين، ولم يف له بما استقر معه في اليمين، ولعل البغدوين لو تسلط على حلب لما وفى لدبيس بما كان قرره معه من ملك المدينة، ولعمري لقد محا دبيس شرف أبيه صدقة، ومكارمه المحققة ومآثر آبائه وأجداده المذكورون ومناقبهم المشهورة المسطورة بهذه الفعلة الدنيئة التي فعلها والقصة الشنعاء التي سطرها المؤرخ، ونقلها، ومن قبيح فعله خروجه على الإمام المسترشد وجمع العرب لمحاربته ومطاولته مع قيامه بأعباء الخلافة ومساجلته.
ومن قبيح أفعاله وعدم وفائه ما أخبرنا به شيخنا افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: كتبت من كتاب سر السرور لأبي العلاء محمد بن محمود النيسابوري قاضي غزنه قال: لما قام المسترشد بأعباء الخلافة واستتب أمره خالفه أبو الحسن علي بن أحمد الملقب بالذخيرة، أخو المسترشد بالله وانحدر إلى واسط ثم اتصل بدبيس بن صدقة، ولم تطل الأيام حتى خاس بعهده وأخفر ذمته على ما قيل، ومكن أخاه من ربقته فعند ذلك كتب إليه:
أأشمت أعدائي وأذهبت قوتي ... وهضت جناحاً أنبتته يد الفخر
وما أنت عندي بالملوم وإنما ... لي الذنب هذا سوء حظي من الدهر
فأين فعله هذا من فعل الأمير أبي العز مالك بن سالم بن مالك العقيلي صاحب قلعة جعبر معه وقد وفد عليه دبيس هذا منهزماً من المسترشد إلى قلعة جعبر، فأجاره منه، فكاتبه المسترشد في معناه ليسلمه إليه فمنعه منه ولم يخفر ذمته.

وسمعت الأمير شرف الدولة بدران بن حسين بن مالك يقول: سمعت أبي يقول نقل إلى دبيس وهو عند أبي بقلعة جعبر أن أبي يريد أن يسلمه إلى المسترشد وأنه قد كاتبه في معناه لتسليمه إليه، قال فجلسا يوماً، فبكى دبيس، فقال له أبي: أيها الأخ ما يبكيك؟ فقال: بلغني كذا وكذا، قال: فأمر غلامه فأحضر له خريطة فيها كتب المسترشد إليه وأحضر إليه نسخ الكتب التي كتبها في جوابه، وهو يقول: أنا والله لا أسلمه أبداً، فطاب قلب دبيس عند ذلك واطمأن.
وقد ذكر الفقيه معدان بن كثير البالسي فعل مالك بن سالم في قصيدة مدحه بها قرأتها بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة. أخبرنا بها شيخنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إجازة عن أبي الحسن المذكور قال: أنشدني الفقيه الأديب أبو المجد معدان بن كثير في الأمير أبي العز مالك بن سالم بن مالك يذكر وفود الأمير ملك العرب دبيس بن صدقة بن مزيد عليه أولها:
سلخت بالغيل آجال ... لليوث الغيل تغتال
وقال فيها:
ودبيس حين مال به ... دهره والدهر ميال
واشمأز الناس قاطبة ... منه أجواد وبخال
غير قيل أروع ندس ... لم يرعه القيل والقال
بل تفداه وقال له: ... ادن ولينعم لك البال
ثم لما أن تكنفه ... واسع الأرجاء محلال
آهل بالعز فاء له ... منه إكرام وإجلال
وحباه بالصفا أخ ... حافظ للود وصال
فلأدنى ما تكنفه ... رغبة في وده المال
وإذا نفس الفتى بذلت ... سهلت خيل وآبال
فترى عوف وأخوتها ... بالذي أو ليست جهال
ولقد نبئت أنهم ... شكروا والقوم قفال
وتألى من بني أسد ... أسدٌ غلب وأشبال
إنه ما أن يزال لهم ... أبداً بالشكر إهلال
ولنعم الفاعلون هم ... ما علمناهم لما قالوا
وأخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك قال: حكى لي والدي قال: لما قدم دبيس على والدي إلى قلعة جعبر منهزماً من المسترشد أجازه وأقام عنده فكاتبه المسترشد في تسييره إليه فمنعه منه. قال: وقدم مع دبيس أربعمائة ألف دينار عينا ومثلها جواهر، ومثلها عروض وأنفق في حاشية والدي حتى بيع الدينار بثلاثين قرطيساً. قال: فقال له والدي: يا أيها الملك أرخصت علينا الذهب.
قلت: وقد كان دبيس مع ما ذكر من أفعاله المستقبحة على غاية من الجود، وله خلال محمودة مستملحة فمن ذلك ما أخبرني به بدران بن حسين ابن مالك قال: لما قبض على دبيس بنواحي دمشق وقيد وسير إلى أتابك زنكي إلى حلب، وكان اشتراه بمائة ألف دينار جاءه بعض الشعراء وامتدحه في طريقه وهو مقبوض عليه مكبل، ولم يكن معه شيء فكتب له في رقعة هذين البيتين ودفعهما إليه وهما:
الجود فعلي ولكن ليس لي مال ... فكيف يفعل من بالفرض يحتال
خذ هاك خطي إلى أيام ميسرتي ... ديناً علي فلي في الغيب آمال
قال: فلما قدم حلب على أتابك زنكي أكرمه واحترمه وأنزله دار لاجين بحلب وأعطاه مائة ألف دينار وخلع عليه خلعاً سنية فخرج دبيس ذات يوم إلى ميدان الحصا يسير فعرض له ذلك الشاعر وقال له: يا أمير لي عليك دين، فقال: والله ما أعرف لأحد علي ديناً فقال: بلى وشاهده منك وأخرج له خطه، فلما وقف عليه قال: أي والله دين وأي دين، وأمره أن يأتي إليه إذا نزل فجاءه فأعطاه ألف دينار والخلعة التي خلعها عليه أتابك زنكي وكانت جبة أطلس وعمامة شرب.
أخبرني أبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل النيلي قال: أسر دبيس بناحية الشام فافتداه أتابك الشهيد بمال جزيل، ولما حصل دبيس عند السلطان مسعود كتب السلطان يستدعي أتابك الشهيد ليفتك به، وأطلع دبيس على شيء من ذلك فكتب كتاباً إلى أتابك يحذره فيه من المجيء إليه فامتنع من ذلك فعلم السلطان مسعود فكان ذلك سبب قتل دبيس.
قال لي أبو علي النيلي: وأخبرني بعض أحفاد أتابك الشهيد قال: كان جدي يقول: فديناه بالمال وفدانا بالروح.

أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعيد السمعاني قال: ذكر صديقنا أبو العلاء محمد بن محمود النيسابوري قاضي غزنة في كتاب سر السرور قال: حدثني من صحب ملك العرب أبا الأغر دبيس بن صدقة بن منصور بن دبيس الأسدي أن هجيراه كان إنشاد هذين البيتين:
إن الليالي للأنام مناهل ... تطوى وتبسط بينها الأعمار
فقصارهن مع الهموم طويلة ... وطوالهن مع السرور قصار
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان قالا: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد الفنجديهي: في كتابه قال: سمعت بعض الفضلاء ببغداد يقول: لما سمع الأمير دبيس أن الرئيس أبا محمد الحريري ذكره في مقاماته وأورد فيها بعض صفاته يعني قوله: خيل لي أن القرني أويس أو الأمير دبيس، نفذ إليه من الخلع السنية والجوائز الهنية بما عجز عنه الوصف وكل عنه الطرف واقتضاه علو همته وسمو قدرته.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الحلبي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال: قرأت ببلخ في كتاب وشاح دمية القصر كتب الملك بدران بن صدقة إلى إخوانه منهم الملك دبيس:
ألا قل لمنصور وقل لمسيب ... وقل لدبيس إنني لغريب
هنيئاً لكم ماء الفرات وطيبه ... إذا لم يكن لي في الفرات نصيب
فأجابه دبيس:
ألا قل لبدران الذي حن نازعاً ... إلى أرضه والحر ليس يخيب
تمتع بأيام السرور فإنما ... عذار الأماني بالهموم يشيب
ولله في تلك الحوادث حكمة ... وللأرض من كأس الكرام نصيب
ومما وقع إلي من شعر دبيس بن صدقة ما قرأته بخط عمر بن الربيب في مجموع:
ألا إن أخواني الذين عهدتهم ... أفاعي رمال لا تقصر في لسعي
ظننت بهم خيراً فلما بلوتهم ... حللت بواد منهم غير ذي ذرع
سمعت بعض الأدباء من أهل الموصل يحكى أن أبا الفوارس الحيص بيص خرج من بغداد سراً إلى الحلة، وامتدح دبيس بن صدقة وعاد وقد أجازه بألف دينار فبلغ المسترشد ذلك، وعلم الحيص بيص فخاف على نفسه فابتدى وعمل هذين البيتين:
وما دبيس إلا كجيفة ميت ... والضرورات ألجأتني إليه
ومن اضطر غير باغ ولا عاد ... فلا إثم في الكتاب عليه
فبلغت المسترشد فسير له خمسين ديناراً وزاد في معلومه وقبل عذره.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي سعيد محمد بن عبد الرحمن بن محمد البندهي قال: قتل الأمير دبيس بن صدقه بن مزيد في سنة ثلاثين أو في سنة تسع وعشرين وخمسمائة قتله السلطان مسعود بن محمد ابن ملكشاه لأمور أنكرها وأسباب امتعض لها نسبت إليه. وكان دبيس قد عصى على الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين أبي منصور الفضل بن المستظهر بالله، وسعى في إراقة دمه، وجمع العسكر وحشد وقصد بغداد في عسكر عظيم، وعاث في أطرافها وأفسد في أكنافها فخرج الإمام المسترشد بالله أمير المؤمنين من دار الخلافة، واجتمعت إليه الأخبار وظهر إليه وحمل عليه فهزم دبيساً وعسكره وتم إلى الحلة المزيدية وذلك في المحرم سنة سبع عشرة وخمسمائة، وانهزم دبيس من العراق في خواص أصحابه وغلمانه خوفاً من الخليفة وهرب نحو الشام.
قرأت في تاريخ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي بخطه في حوادث سنة تسع وعشرين وخمسمائة.
وأنبأنا به عنه المؤيد بن محمد النيسابوري وغيره قال: تواقع على مراغة السلطان مسعود والمسترشد بالله، فانكسر المسترشد وأسر فوثب عليه قوم بالسكاكين فقتلوه واضطرب العسكر فأوجب التدبير أن قتل دبيس بن صدقه بحضرة السلطان مسعود.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: قرأت بخط الإمام أبي نصر محمد بن محمد السره مرد الشجاعي على جلد كتاب السنن لأبي داوود: قتل دبيس بالمراغة يوم الأربعاء الرابع عشر من ذي الحجة سنة تسع وعشرين وخمسمائة.

نقلت من تاريخ جمعه الرئيس أبو علي الحسن بن علي بن الفضل الداري، وقع إلي بماردين، قال في حوادث سنة تسع وعشرين وخمسمائة: وفيها قتل دبيس ابن صدقه في ذي الحجة حدثني فراش كان يقال له حسن التمري، قال: كان الأمير المذكور قد استشعر الأمر الرديء من قبل السلطان وكان في تلك الليلة تقدم إلى خواصه أن ارحلوا فرحلوا وتركوا الخيام بآلاتها، وسار مقدر ثلاث فراسخ، فرده القدر الذي لا بد منه، وقال الصحبة: قد ضجرت من الشتات في أقطار الجهات وما قضاه الله فقد أمضاه، وعاد ولم يشعر به غير من كان معه، فلما أصبح ركب مع السلطان على عادته، ونزل السلطان في النوبتيه والأمراء معه على العادة المألوفة وحضر الطعام فأكلوا وأخذ الناس في الانصراف، وكان السلطان قد دخل إلى خركاه في جانب النوبتية فأراد الأمير دبيس الانصراف، فتقدم إليه رجل معمم بزي الكتاب وقال له: السلطان يقول لك قد ورد علينا كتب ونشتهي تسمعها، فجلس واستدعى مني خلالاً، وجعل يتخلل والكاتب بين يديه فرأيت تركيا قد خرج من الخركاه وبيده صمصامة مجردة فمشى حتى صار على رأس الأمير فلم يلتفت إليه، وعاد دخل الخركاه وليس في النوبتية جالس غيره والكاتب بن يديه ثم عاد الغلام التركي خرج حتى حاذى الأمير وضربه على رقبته فرأيت رأسه معلقاً بجلدة رقبته، فهربت من ساعتي وكان بباب خوي، وحمل بعد ذلك ودفن بالمشهد بماردين قلت: شاهدت المشهد المدفون به دبيس، وهو من غربي مدينة ماردين وقبليها داخل البلد بنته بنت ايلغازي بن أرتق زوج دبيس ونقلته من خوي فدفنته به.
دبية بن عدي:
ابن زيد بن عامر بن لوذان بن خطمة بن الأوس الأنصاري الأوسي شهد صفين مع علي عليه السلام، وله ذكر..
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة قال: أخبرنا الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: دبية بن عدي ابن زيد بن عامر بن لوذان بن خطمة بن مالك بن الأوس الأنصاري، قتل مع علي بصفين.
دخين بن عامر:
أبو ليلى الحجري، غزا بلاد الروم واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها، روى عن عقبة بن عامر.
روى عنه كعب بن علقمة ويزيد بن أبي منصور، وبكير بن سوادة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن الحرستاني عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما دخين بخاء معجمة فهو دخين بن عامر الحجري، يكنى أبا ليلى كاتباً لعقبة بن عامر، يروى عن عقبة بن عامر.
روى عنه يزيد بن أبي منصور، وبكر بن سوادة، وكعب بن عامر وغيرهم يقال قتلته الروم سنة (316) ومائة.
دحمان بن الجمال:
واسمه عبد الرحمن بن عمر، أبو عمر مولى بني ليث بن كنانة، ودحمان لقب اشتهر به، وسنذكره إن شاء الله تعالى فيمن اسمه عبد الرحمن.
درباس بن محمد:
الكردي المؤذن كان شيخاً صالحاً، كبير السن، كثير التسبيح والذكر، صحب عمي أبا غانم ولازم المسجد المعروف بنا، وكان يؤذن به، وكان عمي يعتقد فيه، ويثني عليه، وتأهل بحلب. وكان يسكن في جوارنا مع أن أعظم أوقاته كان بالمسجد، وأخبرني والدي رحمه الله قال: لم يكن لي ولد ذكر، وكان لي ولد صغير من والدتك فمات، وحزنت أنا ووالدتك عليه حزناً عظيماً، وكنت أتمنى ولداً ذكراً، وبقيت والدتك سنين لا تحمل، ثم إنها حملت بك، فجاءني الشيخ درباس وقال لي: رأيت في النوم قائلاً يقول لي: قل لنجم الدين يعني والدي يولد لك ولد ذكر، فإذا ولد فسمه عمر، فلما ولدت لي سميتك عمر.
وكان سمع الحديث معنا من شيوخنا بحلب من: يحيى بن عقيل السعدي، وعمي أبي غانم، وشيخنا عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وغيرهم، وتوفي بحلب بعد الستمائة وصلى عليه عمي أبو غانم، وحضرت دفنه والصلاة عليه رحمه الله.
دريع بن كامل بن عبد الرحمن:
الجمال البابي الحلبي، أظنه من أهل باب بزاعا، أو من أهل بابلا، والعامة تسميها باب الله، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وذكره في شيوخه في معجم السفر.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي بالقاهرة قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت دريع بن كامل بن عبد الرحمن الجمال البابي، من ضيعة على باب حلب يقال لها باب الرحمة وهو يحدو في طريق دمشق خلف الجمال، بصوت شجي وهي تسير سيراً عنيفاً:

ما للمطايا يا خليلي مالها ... تشكو إلى جمالها ملالها
وشدة السير وما قد نالها ... ولو درى بحالها رثى لها
ويكرر: رثى لها رثى لها.
دزبر بن أونيم الديلمي:
كان قائداً كبيراً مشهوراً، وكان من جملة الديلم الذين ينسب إليهم درب الديلم بحلب، وكان سيف الدولة بن حمدان قد توجه إلى ديار بكر واشتغل بالفداء مع الروم، واستناب بحلب الحاجب قرغويه، فاستأمن دزبر بن أونيم وجماعة من الديلم وأطعموا رشيقاً النسيمي في حلب، وتأميره عليهم، وكان قد ضعف أمر سيف الدولة، وكان رشيق بأنطاكية، وطمع بحلب فسير قرغويه غلامه يمن في عسكر، فخرج إليه رشيق من أنطاكية، فالتقوا بناحية أرتاح، فاستأمن يمن إلى رشيق، فسار رشيق إلى حلب وهاجمها، فنزل غلمان الحاجب بعد استيلاء رشيق على البلد وقتلوا رشيق على ما سنذكره إن شاء الله تعالى في ترجمة رشيق، وملك دزبر بن أونيم أنطاكية بعد رشيق، واستقر قرغويه في حلب، ثم إن قرغويه خرج إلى دزبر إلى أنطاكية، فخرج إليه دزبر فكسره وتبعه إلى حلب فملك حلب في جمادى الأولى من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، وسار سيف الدولة وخرج دزبر إليه، فالتقيا بالضيعة المعروفة بسبعين، فأوقع به سيف الدولة وأسره في ذي الحجة من سنة خمس وخمسين وثلاثمائة وقتله.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي مدينة عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي ونقلته من خط العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ملك حلب دون القلعة رشيق النسيمي والي أنطاكية، وكسر عسكر قرغويه الحاجب، وحاصر القلعة فقتل محاصرا القلعة، وعاد قرغويه ملك حلب، وملك أنطاكية دزبر الديلمي عند قتل رشيق، فسار إليه قرغويه، فخرج دزبر فكسر قرغويه، وانهزم إلى حلب وتبعه دزبر فملك البلد وحصره بالقلعة وملكها وتسلمها منه، وسار إليه سيف الدولة، وخرج إليه دزبر فالتقيا على نهر سبعين فانكسر دزبر وأسره سيف الدولة ووزيره أبا علي الأهوازي، وملك حلب في ذي الحجة سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان الصابيء، في جزء ذكر فيه من مات من الأعيان من سنة ثلاثمائة إلى أن مات، قال: دزبر الديلمي المتغلب على حلب قتل في سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء:
وقيل دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز بن جواس بن خلف ابن عبد بن دعبل بن أنس بن مالك بن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن إلياس بن مضر، ويقال في جَدّ جدِّه: تميم بن نهشل، وقيل بهنس بن خراش بن خالد بن عبد بن دعبل بن أ،س بن خزيمة ابن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، وقيل إن اسمه الحسن وكنيته أبو علي، وقيل إن اسمه محمد وكنيته أبو جعفر وقيل اسمه عبد الرحمن، ودعبل لقب له، والدعبل البعير المسن، وقيل إن دايته لقبته دعبلاً لذعابة كانت فيه، فأقلبت الذال المعجمة بالدال، وكان به طرش، وقدم الثغر، وحضر الجهاد، وقدم حلب أبو بعض عملها، وقيل هو واسطي وقيل إن أصله من قرقيسيا، وقيل من الكوفة وله شعر مجموع ومصنف في طبقات الشعراء.
روى عن مالك بن أنس، وسفيان الثوري وشعبة بن الحجاج وهارون بن محمد الرشيدي وعبد الله بن هارون المأمون، ويحيى بن سعيد الأنصاري وسالم ابن نوح الطائي، والحكم بن عبد الله البصري، وجرير بن عبد الحميد، وشريك ابن عبد الله النخعي، وموسى بن جعفر بن علي بن الحسين، وعبد الله بن كلثوم البصري الخزاعي، وشعبة بن الورد الواسطي وأبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو ابن العلاء، وخالد بن شعبة، ومجمع بن يحيى وعبد الله بن عبد الله بن حسن بن علي ومحمد بن عمر الواقدي وخزيمة بن خازم الأسدي والحسن بن قتيبة الخزاعي، وأبي نواس الحسن بن هانئ، ونصر بن مزاحم، وحفص بن غياث، وموسى بن سهل الراسبي، وسليم بن سفيان السعدي وأبي خالد القرشي.

روى عنه أخوه علي بن علي بن رزين الواسطي، والقاضي أحمد بن أبي داوود، ومحمد بن موسى بن حماد البربري، وعبد السلام بن رغبان الحمصي ديك الجن، وأبو عبد الله بن أسباط، ومحمد بن ميمون المصيصي، وأبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي، والحسن ابن عبد السلام الخطيب، وعون بن محمد وأبو هفان، وأبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة، وأبو العباس المبرد، ومحمد بن يحيى بن أبي المغيرة، وهارون بن عبد الله المهلبي، وأبو محمد عبد الله بن محمد الأنصاري، وأبو القاسم بن مهرويه، وابنه الحسن بن دعبل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد الله الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن عبد الله الخطيب بمرو، بقراءتي عليه قال: أخبرنا الفرج بن إبراهيم المرجيء بفيد قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن الحسين الحنائي بمصر قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد الدمشقي قال: حدثنا أبو نصر عبد الوهاب بن عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو سليمان محمد بن عبد الله ابن زبر الربعي الحافظ قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن البزاز ببغداد قال: حدثنا علي بن إبراهيم الشاعر قال: حدثنا محمد بن حفص الصفار الشاعر قال: حدثنا عبد السلام بن رغبان ديك الجن الشاعر قال: حدثنا دعبل بن علي الشاعر قال: حدثنا أبو نواس الحسن بن هانيء قال: حدثنا والبة بن الحباب الشاعر قال: حدثنا الكميت بن زيد الشاعر قال: حدثني همام بن غالب أبو فراس الفرزدق الشاعر، قال: حدثنا الطرماح بن عدي الشاعر قال: لقيت نابغة بني جعدة الشاعر فقلت: لقيت النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: نعم وأنشدته قصيدتي التي أقول فيها:
بلغنا السماء مجدنا وجدودنا ... وإنا لنرجو فوق ذلك مظهرا
فقال: إلى أين يا أبا ليلى؟ قلت: إلى الجنة يا رسول الله، قال: إلى الجنة إن شاء الله.
أخبرنا عمر بن محمد المكتب كتابة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحمامي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن بدر بن عبد الله السلامي قال: حدثنا محمد بن القاسم بن سليمان البزاز قال: حدثنا إسماعيل ابن علي بن رزين الخزاعي قال: حدثني أبي قال: حدثني أخي دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثنا هارون الرشيد قال: حدثنا سفيان بن عيينه عن ابن جريج عن عطاء عن يعلى بن منبه أن رجلاً جاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم متلطخ بزعفران فقال: إني أهللت بعمرة فكيف أصنع فيها؟ فأوحي إلى النبي صلى الله عليه وسلم حتى رؤي البشر في وجهه ثم قال: أين السائل، اطرح عنك هذه الجبة واغسل عنك هذا الزعفران، واصنع فيها كما تصنع في الحج.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال سمعت: القاضي أبا الفتح إسماعيل بن عبد الجبار بن محمد المالكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله ابن أحمد الخليلي الحافظ يقول: صدقة بن يسار الجزري يكنى أبا محمد، روى عنه مالك عن سعيد بن المسيب أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يتختم في يمينه وكذا في العطاء، يعني مرسلاً، وقد رواه غير معتمد وهو دعبل بن علي الشاعر عن مالك موصولاً عن أبي هريرة.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن كتابة قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرني الأزهري قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم ابن الحسن قال: سمعت أبا بكر أحمد بن القاسم أخا أبي الليث، يقول كان دعبل ابن علي أطروش، وكان في قفاه سلعة، وكان يجيء إلى علوي كان بالقرب منا قد سماه وعنده كان ينشدنا وأسمع منه.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي التاجر قال: أخبرنا نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد بن زريق، والكتابة شهدة بنت أحمد بن الفرح بن الآبري، ح.

وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي ابن محمد بن علي بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن إبراهيم بن علي الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا الحسين بن أيوب العكبرائي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أسباط قال: حدثني دعبل قال: كنت بالثغر فنودي بالنفير فخرجت مع الناس فإذا أنا بفتى يجر رمحه بين يدي، فالتفت فنظر إلي فقال لي: أنت دعبل؟ قلت: نعم، قال: اسمع مني بيتين فأنشدني:
أنا في أمري رشاد ... بين غزو وجهاد
بدني يغزو عدوي ... والهوى يغزو فؤادي
ثم قال: كيف ترى؟ قلت: جيد قال: والله ما خرجت إلا هارباً من الحب، ثم التقينا فكان أول قتيل.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب إذناً قال: أخبرنا أبو منصور بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا محمد بن خلف بن المرزبان المحولي قال: حدثني إسحاق بن محمد بن ابان قال: كنت قاعداً مع دعبل بن علي بالبصرة، وعلى رأسه غلام يقال له نفنف، فمر به أعرابي يرفل في ثياب خز، فقال لغلامه: ادع هذا الأعرابي إلينا فأومأ الغلام إليه فجاء، فقال له دعبل: ممن الرجل؟ قال: رجل من بني كلاب، قال: من أي بني كلاب؟ قال: من ولد أبي بكر، قال: أتعرف الذي يقول:
ونبئت كلباً من كلاب تسبني ... ومحض كلاب يقطع الصلوات
فإن أنا لم أعلم كلاباً بأنها ... كلاب وأني باسل النقمات
فكان إذاً من قيس عيلان والدي ... وكانت إذاً أمي من الحبطات
يعني بني تميم هم أعدى الناس لليمن، قال أبو يعقوب: وهذا الشعر لدعبل في بني عمرو بن عاصم الكلابي، فقال له الأعرابي: ممن أنت؟ فكره أن يقول له من خزاعة فيهجوه، فقال: أنا أنتمي إلى القوم الذين يقول فيهم الشاعر:
أناس علي الخير منهم وجعفر ... وحمزة والسجاد ذو الثفنات
إذا افتخروا يوماً أتوا بمحمد ... وجبريل والقرآن والسورات
وهذا الشعر أيضاً له.
قال: فوثب الأعرابي وهو يقول: محمد وجبريل والقرآن والسورات ما إلى هؤلاء مرتقىً، ما إلى هؤلاء مرتقى.
أخبرنا أبو الفضل المرجا بن أبي الحسن محمد بن هبة الله بن شقيرة الواسطي قراءة مني عليه بحلب قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي الكتاني الواسطي عن أبي منصور عبد المحسن بن محمد بن علي قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن الحسن ابن محمد بن شاذان من لفظه قال: أنشدنا أبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر زياد النيسابوري أخو أبي الليث الفرائضي قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن علي الخزاعي دعبل لنفسه:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منى ... وبالبيت والتعريف والجمرات
ديار علي والحسين وجعفر ... وحمزة والسجاد ذي الثفنات
قفا نسأل الدار التي خف أهلها ... متى عهدها بالصوم والصلوات
وأين الألى شطت بهم غربة النوى ... أفانين في الأطراف مختلفات
هم أهل ميراث النبي إذا اعتزوا ... وهم خير سادات وخير حماة
وما الناس إلا غاصب ومكذب ... ومضطغن ذو أحنة وتراب
إذا ذكروا قتلى ببدر وخيبر ... ويوم حنين أسبلوا العبرات
وكيف يحبون النبي ورهطه ... وقد تركوا أحشاءهم وغرات
لقد لا ينوه في المقال وأضمروا ... قلوباً على الأحقاد مشتملات
قبور بكوفانٍ وأخرى بطيبةٍ ... وأخرى بفخ نالها صلواتي
وأخرى بأرض الجوزجان محلها ... وأخرى بباخمرى لدى الغربات
وقبر ببغداد لنفس زكية ... تضمنها الرحمن في الغرفات

فأما المصيبات التي لست بالغاً ... مبالغها مني بكنه صفاتي
قبور لدى النهرين من بطن كربلا ... معرسهم منها بشط فرات
أخاف بأن أزدارهم ويشوقني ... معرسهم بالجزع ذي النخلات
تقسمهم ريب المنون فما ترى ... لهم عقوة مغشية الحجرات
خلا أن منهم بالمدينة عصبة ... مذودون أنضاء من الأزمات
قليلة زوار خلا أن زورا ... من الضبع والعقبان والرخمات
لها كل حين نوبة بمضاجع ... لها في نواحي الأرض مختلفات
وقد كان منهم بالحجاز وأرضها ... مغاوير نحارون في الشتوات
تنكب لأواء السنين جوارهم ... فما تصطليهم جمرة الجمرات
حمى لم تطره المنديات وأوجه ... تضيء من الأستار في الظلمات
إذا أوردوا خيلاً تمطر بالقنا ... شارع موت أفرجوا الغمرات
وإن فخروا يوماً أتوا بمحمد ... وجبريل والقرآن والسورات
أولئك لا منتوج هند وخدنها ... سمية من نوكى ومن قذرات
ملائك في أهل النبي فإنهم ... أحباي ما زالوا وأهل ثقاتي
تخيرتهم رشداً لأمري لأنهم ... على كل حال خيرة الخيرات
نبذت إليهم بالمودة طائعاً ... وسلمت نفسي طائعاً لولاتي
فيا رب زدني في يقيني بصيرة ... وزد حبهم يا رب في حسناتي
بنفسي أنتم من كهول وفتية ... لفك عناة أو لحمل ديات
وللخيل لما قيد الموت خطوها ... فأطلقتهم منهن بالذربات
أحب قصي الرحم من أجل حبكم ... وأهجر فيكم زوجتي وبناتي
وأكتم حبكم مخافة كاشح ... عنيف بأهل الحق غير موات
وكيف أداوي من جوى وبي الجوى ... أمية أهل الكفر واللعنات
وآل زياد في الحرير مصونة ... وآل رسول الله في الفلوات
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلظ الرقبات
أو لم تراني مذ ثلاثون حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهم من فيئهم صفرات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم ... أكفاً عن الأوتار منقبضات
فلولا الذي أرجوه في اليوم أو غدٍ ... تقطع نفسي دونهم قطعات
خروج إمام لا محالة خارج ... يقوم على اسم الله والبركات
يبين فينا كل حق وباطل ... ويجزي على الإحسان والنقمات
فيا نفس طيبي ثم يا نفس أبشري ... فغير بعيد كل ما هو آت
ولا تجزعي عن مدة الجوز إنني ... كأني بها قد آذنت ببتات
ويروي: ولا تستطيلي مدة الجور......
فإن قرب الرحمن من تلك موتي ... وأخر من عمري ووقت وفاتي
شفيت ولم أترك لنفسي ريبة ... ورويت منهم مقصلي وقناتي
عسى الله أن يرتاح للخلق إنه ... إلى كل نفس دائم اللحظات
سأقصر نفسي جاهداً عن جدالهم ... كفاني ما ألقى من العبرات
أحاول نقل الشم عن مستقرها ... وإسماع أحجار من الصلدات
فمن عارف لم ينتفع أو معاند ... تميل به الأهواء في الشهوات
فإن قلت عرفاً أنكروه بباطل ... وغطوا على التحقيق بالشبهات
ويروي:....... بمثله ... ...............
فقصري منهم أن أموت بغصة ... تردد بين الصدر واللهوات
كأنك بالأضلاع قد ضاق رحبها ... لما ضمنت من شدة الحسرات
لقد خفت في الدنيا وأيام سعيها ... وإني لأرجو الأمن بعد وفاتي

أخبرنا أبو الفضل المرجي بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال قراءة عليه قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني في كتابه قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي المعروف بابن الطيوري قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: حدثني أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد التنوخي قال: حدثني علي بن شيزان بن سهل القاضي بعسكر مكرم قال: حدثني أبو الحسين عبد الواحد بن محمد الخصيبي ابن بنت المدبر ببغداد قال: حدثني محمد بن علي قوس قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي الشاعر قال: حدثني أبي قال: لما قلت: مدارس آيات خلت من تلاوة قصدت بها أبا الحسن علي بن موسى الرضا سلام الله عليهما وهو بخراسان ولي عهد المأمون، فوصلت إليه فأنشدته إياها فاستحسنها، وقال لي لا تنشدها أحداً حتى آمرك، واتصل خبري بالمأمون فأحضرني وسألني عن خبري ثم قال لي: يا دعبل أنشدني مدارس آيات، فقلت: لا أعرفها يا أمير المؤمنين، فقال: يا غلام أحضر أبا الحسن علي بن موسى، قال: فلم يكن بأسرع من أن أحضر، فقال: يا أبا الحسن سألت دعبلاً عن مدارس آيات فذكر أنه لا يعرفها، قال: فالتفت إلي أبو الحسن وقال: أنشدنا دعبل فأنشدت القصيدة ولم ينكر ذلك المأمون إلى أن بلغت إلى بيت منها:
فآل رسول الله هلب رقابهم ... وآل زياد غلظ القصرات
فقال: والله لأهيننها، ثم تممتها إلى آخرها فاستحسنها، وأمر لي بخمسين ألف درهم، وأمر لي علي بن موسى بقريب منها فقلت له: يا سيدي أريد أن تهب لي ثوباً يلي بدنك أتبرك به وأجعله كفناً، فوهب لي ثوباً قد ابتذله ومنشفة، وأظنه قال: وسراويل قال: ووصلني ذو الرئاستين وحملني على برذون أصفر فراسان عجيب، وكنت أسايره في يوم مطير وعليه ممطر خز وبرنس منه، فأمر لي به ودعا بغيره جديد فلبسه، وقال: إنما آثرتك باللبيس لأنه خير الممطرين، قال: فأعطيت به ثمانين ديناراً فلم تطب نفسي ببيعه، وقضيت حاجاتي وكررت راجعاً إلى العراق، فلما صرت ببعض الطريق خرج علينا أكراد يعرفون بالهاونخان فسلبوني وسلبوا القافلة، وكان ذلك في يوم مطير فاعتزلت في قميص خلق قد بقي علي وأنا متأسف من جميع ما كان معي على القميص والمنشفة اللذين وهبهما لي علي بن موسى الرضا إذ مر بي واحد من الأكراد تحته الأصفر الذي حملني عليه ذو الرئاستين وعليه الممطر الخز، ثم وقف بالقرب مني وابتدأ ينشد مدارس آيات ويبكي، فلما رأيت ذلك عجبت من لص يتشيع، ثم طمعت في القميص والمنشفة، فقلت: يا سيدي لمن هذه القصيدة؟ فقال: ما أنت وذاك ويلك، فقلت لي فيه سبب أخبرك به فقال: هي أشهر بصاحبها من أن يجهل فقلت: من هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي شاعر آل محمد جزاه الله خيراً، فقلت له: يا سيدي فأنا والله دعبل وهذه قصيدتي، فقال: ويلك ما تقول؟ قلت: الأمر أشهر من ذلك فاسأل أهل القافلة تخبر بصحة ما أخبرتك به، قال: لا جرم والله لا يذهب لأحد من أهل القافلة خلالة فما فوقها، ثم نادى في الناس: من أخذ شيئاً فليرده على صاحبه فرد على الناس أمتعتهم وعلى جميع من كان معي حتى ما فقد أحد عقالاً، ثم بذرق بنا إلى مأمننا، فقال لي قوس: فحدثت بهذا الحديث علي بن بهرام الكردي فقال: ذاك والله أبي الذي فعل هذا.

أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير فيما أذن لي في روايته عنه قال: أنبأنا الأثير أبو المعالي الفضل بن سهل عن الخطيب أبي بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن عبد الله المقريء العطار قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي الكوفي المعروف بابن النجار قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قراءة قال: حدثنا أبي قال: قرأت على أبي جعفر أحمد ابن عبيد قال: قال صيني وهو أحمد بن عبد الله، رواية كلثوم بن عمرو العتابي، وكان سميرا لعبد الله بن طاهر أن عبد الله بن طاهر بينا هو معه ذات ليلة إذا تذاكرا الأدب وأهله وشعراء الجاهلية والإسلام إلى أن صار إلى المحدثين فذكرا دعبل ابن علي الخزاعي فقال له عبد الله بن طاهر: ويحك يا صيني إني أريد أن أوعز إليك بشيء تستره علي أيام حياتي، قال: قلت: أصلح الله الأمير أنا عبدك وأنا عندك في موضع تهمة؟ فقال: لا ولكن أطيب لنفسي أن توثق لي بالإيمان لأركن إليها ويسكن قلبي عندها فأخبرك قال: قلت: أصلح الله الأمير إن كنت عندك في الحال فلا حاجة بك إلى إفشاء سرك إلي واستعفيته مراراً فلم يعفني فاستحييت من مراجعته، فقلت: ليرى الأمير رأيه، فقال: يا صيني قل والله، فقلت: والله فأمرها علي غموساً ووكدها بالبيعة والطلاق وكلما يحلف به مسلم، ثم قال: ويلك يا صيني أشعرت أني أظن أن دعبلاً مدخول النسب وأمسك، قال: قلت: أصلح الله الأمير أفي هذا أخذت علي الإيمان والعهود والمواثيق؟ قال: أي والله، قلت: ولم ذاك؟ قال: لأني رجل لي في نفسي حاجة، ودعبل رجل قد حمل جذعه على عنقه ولا يجد من يصلبه عليه فأتخوف أن بلغه أن يلقي علي من الخزي ما يبقى علي الدهر وقصاراي إن أنا ظفرت به وأمكنني ذلك وأسلمه اليمن، وما أراها تسلمه لأنه لسانها وشاعرها والذاب عنها والمحامي دونها، أن أضربه مائة سوط وأثقله حديداً وأصيره في مطبق باب الشام، وليس في ذلك عوضاً مما سار من الهجاء، وفي عقبي من بعدي، وقلت: أتراه كان يفعل ويقدم على ذلك؟ قال: يا عاجز أهون عليه مما لم يكن أتراه أقدم على سيدي هارون ومولاي المأمون وعلى أبي نضر الله وجهه ولم يكن يقدم علي؟ قال: قلت: إذا كان الأمر على ما وصف الأمير فقد وفق فيما أخذ علي، قال: وكان دعبل لي صديقاً فقلت: هذا قد عرفته ولكن من أين؟ قال الأمير: إنه مدخول النسب فو الله لعلمته في البيت الرفيع من خزاعة وما أعلم فيها بيتاً أكرم منه إلا بيت أهبان مكلم الذئب وهم بنو عمه دنيه.
آخر الجزء الجزء الثامن والتسعين والمائة من كتاب بغية الطلب في تاريخ حلب ويتلوه في أول الجزء التاسع والتسعين والمائة تمام الحكاية قال: ويحك كان دعبل غلاماً خاملاً ترعرع لا يؤبه له.
الحمد لله رب العالمين كثيراً وصلى الله على سيدنا محمد نبيه المصطفى وعلى آله الطاهرين وصحبه أجمعين وسلم تسليماً دائماً إلى يوم الدين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه نستعين
قال: ويحك كان دعبل غلاماً خاملاً أيام ترعرع لا يؤبه له، وكان خله لا يدرك بقله، وكان بينه وبين مسلم بن الوليد ازار لا يملكان غيره شيئاً، فإذا أراد دعبل الخروج جلس مسلم بن الوليد في البيت عارياً، وإذا أراد الخروج فعل دعبل مثل ذلك، وكانا إذا اجتمعا لدعوة يتلاصقان يطرح هذا شيئاً منه عليه والآخر الباقي، وكانا يعبثان بالشعر إلى أن قال دعبل بن علي هذا الشعر:
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب فعل من هلكا
لا تعجبني يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
قصر الغواية عن هوى قمر ... وجد السبيل إليه مشتركا
وغدا بأخرى عز مطلبها ... صبا يطامن من دونها الحسكا
يا ليت شعري كيف يومكما ... يا صاحبي إذا دمي سفكا
لا تأخذ بظلامتي أحدا ... قلبي وطرفي في دمي اشتركا

إلى آخرها قال: فثقف أوله بعض المغنيين فغنى به هارون الرشيد فاستحسنه جداً واستجاد قوله: ضحك الشيب برأسه فبكى فقال للمغني: لمن هذا الشعر ويحك؟ قال: لبعض أحداث خزاعة ممن لا يؤبه له يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: دعبل بن علي الخزاعي قال: يا غلام أحضرني عشرة آلاف درهم وحلة من حللي ومركباً من مراكبي خاصة يشبه هذا، فأحضر ما أمره قال: ادع لي فلاناً فدعاه له، فقال له: اذهب بهذا حتى توصله إلى دعبل، وأجاز المغني بجائزة عظيمة، وتقدم إلى الرجل الذي بعثه إلى دعبل أن يعرض عليه المصير إلى هارون، فإن صار وإلا أعفاه من ذلك، فانطلق الرسول حتى أتى دعبلاً في منزله، وخبره كيف كان السبب في ذكره، وأشار عليه بالمصير إليه، فانطلق دعبل معه، فلما مثل بين يديه سلم فرد عليه هارون السلام وقربه ورحب به حتى سكن رعبه، واستنشده الشعر فأنشده، وأعجب به وأقام عنده يمتدحه، وأجرى عليه الرشيد أجزل جراية وأسناها، وكان الرشيد أول من ضراه على قول الشعر وبعثه عليه، فو الله ما كان إلا بعد ما غيب هارون في حفرته إذا أنشأ يمتدح آل الرسول صلى الله عليه وسلم ويهجو الرشيد فمن ذلك قوله:
وليس حي من الأحياء تعرفه ... من ذي كان ولا بكر ولا مضر
إلا وهم شركاء في دمائهم ... كما يشارك أيسار على جزر
قتل وأسر وتحريق ومنهبة ... فعل الغزاة بأهل الروم والخزر
أرى أمية معذورين إن قتلوا ... ولا أرى لبني العباس من عذر
أبناء حرب ومروان وأسرتهم ... بنو معيط ولاه الحقد والوغر
قوم قتلتم على الإسلام أولهم ... حتى إذا استمسكوا حازوا على الكفر
أربع بطوس على القبر الزكي به ... إن كنت تربع من دين على وطر
قبران في طوس خير الناس كلهم ... وقبر شرهم هذا من العبر
ما ينفع النحس من قرب الزكي ولا ... على الزكي بقرب النحس من ضرر
هيهات كل امرئ رهن بما كسبت ... يداه حقاً فخذ ما شئت أو فذر
قال العباس: والقبران اللذان ذكرهما بطرس: قبر هارون، والآخر قبر الرضا علي بن موسى، فو الله ما كافأه وكان سبب نعمته بعد الله عز وجل، فهذه واحدة يا صيني وأما الثانية فإنه لما استخلفه المأمون جعل يطلب دعبلاً إلى أن كان من أمره مع إبراهيم بن شكله وخروجه مع أهل العراق لطلب الخلافة فأرسل إليه دعبلاً شعراً يقول فيه:
علم وتحليم وشيب مفارق ... طلسن ريعان الشباب الرائق
وإمارة من دولة ميمونة ... كانت على اللذات أشغب عائق
فالآن لا أغدو ولست برائح ... في كبر معشوق وذلة عاشق
إنى يكون وذاك ليس بكائن ... يرث الخلافة فاسق عن فاسق
نفر ابن شكلة بالعراق وأهلها ... فهفا إليه كل اطلس مائق
إن كان إبراهيم مضطلعاً بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
فضحك المأمون وقال: قد غفرنا لدعبل ما كان هجانا بهذا البيت:
إن كان إبراهيم مضطلعاً بها ... فلتصلحن من بعده لمخارق
قال: فكتب إلى أبي طاهر أن يطلب له دعبلاً حيث كان ويعطيه الأمان، قال: فكتب أبي إليه وكان واثقاً بناحيته، فأقرأه كتاب أمير المؤمنين، وحمله وخلع عليه وأجازه بالكثير، وأشار عليه بالمصير إلى المأمون، قال: فتجمل دعبل إلى المأمون قال: وثبت في الخلافة المأمون وضرب الدنانير باسمه، وأقبل يجمع الآثار في فضائل آل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فتناهى إليه فيما تناهى من فضائلهم قول دعبل:
مدارس آيات خلت من تلاوة ... ومنزل وحي مقفر العرصات
لآل رسول الله بالخيف من مني ... وبالركن والتعريف والجمرات
قال: فما زالت تردد في صدر المأمون، حتى قدم عليه دعبل فقال: أنشدني ولا بأس عليك ولك الأمان من كل شيء فيها فإني أعرفها وقد رويتها إلا أني أحب أن أسمعها من فيك قال: فأنشده حتى إذا صار إلى هذا الموضع:

ألم تر أني مذ ثلاثون حجة ... أروح وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهم من فيئهم صفرات
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلظ القصرات
بنات زياد في الخدور مصونة ... وبنت رسول الله في الفلوات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم ... أكفا عن الأوتار منقبضات
فلو لا الذي أرجوه في اليوم أو غدا ... تقطع قلبي إثرهم حسرات
قال: فبكي المأمون حتى أخضلت لحيته وجرت دموعه على نحره، وكان دعبل أول داخل إليه وآخر خارج من عنده، فو الله إن شعرنا بشيء إلا وقد عتب على المأمون وأرسل إليه بشعر يقول فيه:
ويسومني المأمون خطة ظالم ... أو ما رأى بالأمس رأس محمد
يوفى على هام الخلائق مثل ما ... توفى الجبال على رؤوس القردد
لا تحسبن جهلي كحلم أبي فما ... حلم المشايخ مثل جهل الأمرد
إني من القوم الذين سيوفهم ... قتلت أخاك وشرفتك بمقعد
شادوا بذكرك بعد طول خموله ... واستنقذوك من الحضيض الأبعد
فلما سمع بهذا المأمون قال: كذب علي متى كنت خاملاً وإني لخليفة وابن خليفة وأخو خليفة، متى كنت خاملاً فرفعني دعبل فو الله ما كافأه ولا كافأ أبي ما أسدى إليه وذلك أنه لما توفي أنشأ يقول:
وأبقى طاهر فينا خلالاً ... عجائب تستخف لها الحلوم
ثلاثة أخوة لأب وأم ... تمايز عن ثلاثتهم أروم
فبعضهم يقول قريش قومي ... ويدفعه الموالي والصميم
وبعض في خزاعة منتماه ... ولاه غير مجهول قديم
وبعضهم يهش لآل كسرى ... ويزعم أنه علج لئيم
لقد كثرت مناسبهم علينا ... فكلهم على حال زنيم
فهذه الثالثة يا صيني، وأما الرابعة فإنه لما استخلف المعتصم بالله دخل عليه دعبل ذات يوم، فأنشده قصيدة، فقال: أحسنت والله يا دعبل فاسألني ما أحببت، قال: مائة بدرة قال: نعم على أن تمهلني مائة سنة وتضمن لي أجلي معها، قال: قد أمهلتك ما شئت، وخرج مغضباً من عنده، فلقي خصياً كان عوده أن يدخل مدائحه إلى أمير المؤمنين ويجعل له سهماً من الخلوة إذا قبضها، فقال: ويحك إني كنت عند أمير المؤمنين وأغفلت حاجة لي أن أذكرها له، فاذكرها في أبيات وتدخلها إليه، قال: نعم ولي نصف الجائزة، فماكسه ساعة ثم أجابه إلى أن يجعل له نصف الجائزة فأخذ الرقعة فكتب فيها:
بغداد دار الملوك كانت ... حتى دهاها الذي دهاها
ما غاب عنها سرور ملك ... أعاره بلدة سواها
وما سرى مرى بسر مرى ... بل هي بؤس لمن يراها
عجل ربي لها خرابا ... برغم أنف الذي بناها
وختمها ودفعها إلى الخصي فأدخلها إلى المعتصم فلما نظر إليها، قال للخصي: من صاحب هذه الرقعة؟ قال: دعبل يا أمير المؤمنين وقد جعل لي أمير المؤمنين نصف الجائزة، فطلب فكأن الأرض انطوت عليه فلم يعرف له خبر، قال: فقال المعتصم: أخرجوا الخصي فأجيزوه بألف سوط فإنه زعم أن له نصف الجائزة، فقد أردنا أن نجيز دعبلاً بألفي سوط، قال ثم لم يلبث أن كتب إليه من قم أبياتاً وهي هذه:
ملوك بني العباس في الكتب سبعة ... ولم تأتنا في ثامن منهم الكتب
كذلك أهل الكهف في الكتب سبعة ... غداة ثووا فيه وثامنهم كلب
وإني لأزهي كلبهم عنك رغبة ... لأنك ذو ذنب وليس له ذنب
كأنك إذ ملكتنا لشقائنا ... عجوز عليها التاج والعقد والإتب
فقد ضاع أمر الناس حين يسوسهم ... وصيف وأشناس وقد عظم الخطيب
وإني لأرجو أن يرى من مغيبها ... مطالع شمس قد يغص بها السرب
وهمك تركي عليه مهانة ... فأنت له أم وأنت له أب
وأما الخامسة فإن ابن أبي داؤد كان يعطيه الجزيل من ماله ويقسم له على أهل عمله فعتب عليه فقال فيه:

أنا عبد الاله أصخ لقولي ... وبعض القول يصحبه السداد
ترى طمساً تعود بها الليالي ... إلى الدنيا كما رجعت إياد
قبائل جذ أصلهم فبادوا ... وأودى ذكرهم زمناً فعادوا
وكانوا أغرزوا في الرمل بيضاً ... فأمسكه كما غرز الجراد
فلما أن سقوا درجوا ودبوا ... وزادوا حين جادهم العهاد
هم بيض الرماد يشق عنهم ... وبعض البيض يشبهه الرماد
غداً تأتيك أخوتهم جديس ... وجرهم قصراً وتعود عاد
فتعجز عنهم الأمصار ضيقاً ... وتمتليء المنازل والبلاد
فلم أر مثلهم بادوا فعادوا ... ولم أر مثلهم قلوا فزادوا
توغل فيهم سفل وخور ... وأوباش فهم لهم مداد
وأنباط السواد قد استحالوا ... بها عرباً فقد خرب السواد
فلو شاء الإمام أقام سوقاً ... فباعهم كما بيع السماد
وقال فيه وقد تزوج في بني عجل:
أيا للناس من خبر طريف ... تفرد ذكره في الخافقين
أعجل أنكحوا ابن أبي داؤد ... ولم يتأثموا فيه ابنتين
أرادوا نقد عاجلة فباعوا ... رخيصاً عاجلاً نقداً بدين
بضاعة خاسر بارت عليه ... فباعك بالنواة التمرتين
ولو غلطوا بواحدة لقلنا ... يكون الوهم بين العاقلين
ولكن شفع واحدة بأخرى ... يدل على فساد المنصبين
لحي الله المعاش بفرج انثى ... ولو زوجتها من ذي رعين
ولما أن أفاد طريف مال ... وأصبح رافلاً في الحلتين
تكنى وانتمى لأبي داؤد ... وقد كان اسمه ابن الفاعلين
فردوه إلى فرج أبيه ... وزرياب فألأم والدين
وهجاه بغير قصيدة، وقال في الحسن بن وهب، وكان على برد الآفاق.
ألا أبلغا عني الإمام رسالة ... رسالة ناه عن جنابيه شاحط
بأن ابن وهب حين يسجح ساجح ... يمر على القرطاس أقلام غالط
أحب بغال البرد حباً مداخلاً ... دعاه إلى غشيانها في المرابط
ولولا أمير المؤمنين لأصبحت ... نعول بغال البرد حشو الخرائط
وقال فيه أيضاً:
من مبلغ عني إمام الهدى ... قافيه للستر هتاكة
هذا جناح المسلمين الذي ... قد قصه تولية الحاكة
أضحت بغال البرد منظومة ... إلى ابن وهب تحمل الناكة
وهؤلاء أهل قم يعطونه الكثير من أموالهم ويمنعون الخلفاء منه، فكافأهم بأن قال فيهم:
تلاشى أهل قم فاضمحلوا ... تحل المخزيات بحيث حلوا
وكانوا شيدوا في الفقر مجداً ... فلما جاءت الأموال ملوا
وقال فيهم أيضاً:
ظلت بقم مطيتي يعتادها ... همان غربتها وبعد المدلج
ما بين علج قد تعرب فانتمى ... أو بين آخر معرب مستعلج
وقال وهجاهم بغير قصيدة، وقال في الحسن بن رجاء بعدما ولي المال يهجوه:
ما زالت تركب كل شيء قائم ... حتى اجترأت على ركوب المنبر
فلأنظرن إلى الجبال وأهلها ... وإلى المنابر باحتقار المنظر
ما زال منبرك الذي خلفته ... بالأمس منك كحائض لم تطهر
وقال فيه أيضاً:
يا من يقلب طوماراً ويلثمه ... ماذا بقلبك من حب الطوامير
شبهت شيئاً بشيء أنت وامقه ... طولاً بطول وتدويراً بتدوير
لو كنت تجمع مالاً مثل جمعكها ... إذاً جمعت بيوتاً من دنانير
قال: وهذا علي بن عيسى الأشعري قد دل بعض شعره على أنه قد أخذ منه ألوفاً وذلك في قوله لعلي بن عيسى:
فلا تفسدن خمسين ألفاً وهبتها ... وعشرة أحوال وحق تناسب
وشكراً تهاداه الرجال تهادياً ... إلى كل مصرٍ بين جاء وذاهب
بلا زلة كانت وإن تك زلة ... فإن عليك العفو ضربة لازب

فما كان بين هذا القول وبين أن هجاه إلا أياماً قلائل حتى قال فيه هذه الأبيات:
كنت من أرفض خلق الله إذ كنت صبيا
فتواليت أبا بكر وأرجأت الوليا
وتجنبت علياً ... إذ تسميت عليا
قال: وهذه خزاعة هجاهم وهي قبيلته فقال فيهم:
أخزاع غيركم الكرام فاقصروا ... وضعوا أكفكم على الأفواه
الراتقين ولات حيت مراتق ... والفاتقين شرائع الأستاه
فدعوا الفخار فلستم من أهله ... يوم الفخار ففخركم نسياه
قال: وهذا المطلب بن عبد الله الخزاعي قال فيه يمتدحه وكان يعطيه الجزيل فقال:
إن كاثرونا جئنا باسرته ... وواحدونا جئنا بمطلب
أبعد مضر وبعد مطلب ... ترجو الغنى إن ذا من العجب
وقال فيه يهجوه:
شعارك في الحرب يوم الوغى ... بفرسانك الأول الأول
فأنت إذا أقبلوا آخر ... وأنت إذا أدبروا أول
فمنك الرؤوس غداة الوغى ... وممن يحاربك المقصل
فذلك دأبكما أو يموت ... من القول بينكما الأعجل
قال وهذا الحسن بن رجاء وابنا هشام ودينار بن عبد الله ويحيى بن أكثم وكانوا ينزلون المخرم ببغداد فقال فيهم يهجوهم كلهم:
ألا فاشترا مني ملوك المخرم ... أبع حسناً وابني هشام بدرهم
وأعطي رجاء بعد ذاك زيادة ... واغلط بدينار بغير تندم
فإن رد من عيب علي جميعهم ... فليس برد العيب يحيى بن أكثم
وقال أيضاً في يحيى بن أكثم يهجوه:
رفع الكلب فاتضع ... ليس في الكلب مصطنع
بلغ الغاية التي ... دونها كل مرتفع
إنما قصر كل ش ... يء إذا طار أن يقع
قل ليحيى بن أكثم ... إن ما خففت قد وقع
لعن الله نخوة ... كان من بعدها ضرع
قال: وهؤلاء بنو أهبان مكلم الذئب، وهم بنو عمه دنية هجاهم فقال فيهم:
تهتم علينا بأن الذئب كلمكم ... فقد لعمري أبوكم كلم الذئبا
فكيف لو كلم الليث الهصور إذاً ... جعلتم الناس مأكولاً ومشروبا
هذا السنيدىُّ لا يسوى أتاوته ... يكلم الفيل تصعيداً وتصويبا
فاذهب إليك فإني لا أرى أبداً ... بباب دارك طلاباً ومطلوبا
قال: وهذا الهيثم بن عثمان الغنوي قد دل شعره على أنه قد كان إليه محسناً إذ يقول فيه:
يا هيثما يا بن عثمان افتخرت ... به المكارم والأيام تفتخر
أضحت ربيعة والأحياء من يمن ... تيهاً بنجدية لا وحدها مضر
وقال فيه يهجوه:
سألت أبي وكان أبي عليماً ... بساكنة الجزيرة والسواء
فقلت أهيثم من حي قيس؟ ... فقال: نعم كأحمد من داؤد
فإن يك هيثم من حي قيس ... فأحمد غير شك من إياد
وقال في أخيه رزين بن علي الخزاعي يهجوه:
مهدت له ودي صغيراً ونصرتي ... وقاسمته مالي وبوأته حجري
وقد كان يكفيه من العين كله ... رجاء وبأس يرجعان إلى فقر
وفيه عيوب ليس يحصى عدادها ... فأصغرها عيباً يجل عن الفكر
ولو أنني أبديت للناس بعضها ... لأصبح من بصق الأحبة في بحر
فدونك عرضي فاهج حياً وإن أمت ... فأقسم إلا ما خريت على قبري
وقال في امرأته يهجوها
يا ركبتي جزر وساق نعامة ... ونثيل كناس ورأس بعير
يا من أشبهها بحمى نافض ... قطاعة للمظهر ذات زئير
صدغاك قد شمطا ونخرك يابس ... والصدر منك كجؤجؤ الطنبور
يا من معانقها يبيت كأنه ... في محبس قمل وفي ساجور
قبلتها فوجدت طعم لثاتها ... فوق اللثام كلسعة الزنبور
وله هجاء قبيح في امرأته عليه. وله في جارتيه غزل يهجوها:
رأيت غزالاً وقد أقبلت ... فأبدت لعيني عن مبصقة
قصيرة الخلق دحداحة ... تدحرج في المشي كالبندقة

كأن ذراعا على كفها ... إذا حسرت ذنب الملعقة
تخطط حاجبها بالمداد ... وتربط في عجزها مرفقة
وأنف على وجهها ملصق ... قصير المناخر كالفستقه
وثديان ثدي كبلوطة ... وآخر كالقربة المفهقه
وصدر نحيف كثير العظام ... يقعقع من فوقه المخنقة
وثغر إذا كشفت خلته ... نحانح فاميه مغلقة
وقال في جارتيه برهان يهجوها:
برهان باردة المطبخ ... وحمامها واسع المسلخ
وإنك لو نلتها نيلة ... لأفضيت فيها إلى بربخ
ولو كشفت لك عن فعلها ... لأبصرت ميلين في فرسخ
وقال فيها أيضاً:
برهان لا تطرب جلاسها ... حتى تريك الصدر مكشوفاً
شبهتها لما تغنت لهم ... بنعجة قد مضغت صوفاً
ثم قال عبد الله بن طاهر لصيني: فعلى من بقي هذا ويحك يا صيني لا أحسبه إلا كما قلت ثم حشت علينا الكاسات، وبقيت من حفظه لهذه الأشياء متعجباً.
قال فلقيت دعبلاً بعد ذلك فخفت أن أذكر له شيئاً فضحكت فقال لي: ويلي عليك قد تحاماني الناس ضرطت الخلفاء وأنا عندك عندك موضع مطنزه وسخرية، قلت: لا ولكني إنما ضحكت استبشاراً بالنظر إليك، قال: ثم لقيته من بعد فضحكت فقال: ويلك أنت على ذاك الذي عهدت فالتفت إلى غلامه نفنف فقال: خذ برجله ابن كذا وكذا، قال: قلت: يا أبا علي إن هجرتني وصلتك وإن وصلتني وددتك وإن جفوتني زرتك ولا سبيل إلى إخبارك بهذا الذي أنا فيه، فلم يزل كذلك حينا حتى توفي عبد الله بن طاهر.
قال فلقيت دعبلاً يوما بكرخ بغداد فضحكت فقال: ليس لضحكك هذا آخر يا بن الفاعلة، قال: فقلت له امض بنا فقد فرج الله عني وعنك، فذهبت به إلى منزلي فطعمنا وأخذنا في الشرب وأخبرته الخبر على جهته، فقال: ويلي على ابن العوراء الفاعلة والله لو أعلمتني قبل وفاته لا علمتك كيف كانت تكون حاله، قال: قلت: هو والله كان أبصر منك، وأعرف بك إذ أخذ علي في أمرك ما أخذ، ثم أخذنا في لهونا وأمسك متعجباً.
أخبرنا عتيق بن الفضل السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قراءة علينا من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي ابن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: سمعت ابن قتيبة يقول: أدخلت على المعتصم فقال لي: يا عدو الله أنت الذي تقول في بني العباس أنكم في الكتب سبعة أمر بضرب عتقي، وما كان في المجلس إلا من كان عدواً لي وأشدهم علي ابن شكلة فقام قائما وقال: يا أمير المؤمنين أنا الذي قلت هذا ونميته إلى دعبل فقال له: وما أردت بهذا؟ قال: لما تعلم بيني وبينه من العداوة فأردت أن أشيط بدمه، قال: فقال: أطلقوه، فلما كان بعد مدة قال لابن شكلة: سألتك بالله أنت الذي قلته؟ فقال: لا والله يا أمير المؤمنين وما نظرة أنظر أبغض إلي من دعبل فقال له: فما الذي أردت بهذا؟ قال: علم أنه ماله في المجلس عدو أعدى مني فنظر إلي بعين العداوة ونظرت إليه بعين الرحمة، قال: فجزاه خيراً أو نحو ذلك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله ابن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون بن محمد قال: قال دعبل لإبراهيم بن العباس: أريد أن أصحبك إلى خراسان فقال له إبراهيم: حبذا أنت صاحباً ومصحوباً، إن كنا على شريطة بشار قال وما شريطة بشار قال قوله:
أخ خير من أحببت أحمل ثقله ... ويحمل عني حين يفدحني ثقلي
أخ إن نبا دهر به كنت دونه ... وإن كان كون كان لي ثقله مثلي
أخ ماله لي لست أرهب بخله ... وما لي له لا يرهب الدهر من بخلي
قال: ذلك لك ومزية فاصطحبا.

أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا جعفر أحمد بن يعقوب ابن يوسف الأصبهاني قال: أنشدنا أبو طالب الدعبلي قال: أنشدنا علي بن الجهم وليست له وجعله يعيدها ويستحسنها:
لما رأت شيبا يلوح بمفرقي ... صدت صدود مفارق متجمل
فظللت أطلب وصلها بتذلل ... والشيب يغمزها بألا تفعل
قال أبو طالب: ومن حسن ما قيل في هذا المعنى قول جدي:
لا تعجبني يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
أين الشباب وأية سلكا ... لا أين يطلب ضل من هلكا
لا تأخذي بظلامتي أحداً ... طرفي وقلبي في دمي اشتركا
أخبرنا زيد بن الحسن كتابة قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المزرباني قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يزيد النحوي قال: حدثني من سمع دعبلاً يقول: أنشدت أبا نواس شعري:
أين الشباب وأية سلكا ... لا أن يطلب ضل من هلكا
لا تعجبي يا سلم من رجل ... ضحك المشيب برأسه فبكى
فقال: أحسنت ملء فيك وأسماعنا قال: وكان والله فصيحاً.
كتب إلينا أحمد بن الأزهر بن عبد الوهاب السباك من بغداد قال: أجاز لي أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران إجازة قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: حكى لي عن عمرو بن مسعدة قال: كنت عند أمير المؤمنين فدخل عليه أبو دلف القاسم بن عيسى العجلي فقال له المأمون: فهل استحسنت من شعر أخي خزاعة شيئاً؟ قال: يا أمير المؤمنين أي أخو خزاعة المحسنون كثير فأيهم هو من المحسنين؟ قال: ومن عندك محسنوهم سمهم لي حتى أنبئك به منهم، قال: يا أمير المؤمنين طاهر بن الحسين، عبد الله بن طاهر، دعبل بن علي، ومحمد بن عبد الله بن زريق خال دعبل يعني أبا الشيص، قال: دعبل بن علي، قال: قابل يا أمير المؤمنين إحساناً بإساءة وبخل من منعه وجود من أعطاه فعدل بالصحيح المعوج وبالضيق المنفرج، قال: حيث يقول ماذا؟ قال: حيث يقول في المطلب بن عبد الله بن مالك، وقد وفد إليه إلى مصر ومدحه على أنه من رهطة وقومه فألصق ذمه بإحسان طلحة الطلحات من قومه، فقوم ذلك فاعتدل الحمل ولم يجعل بينهما علاوة وهو قوله:
اضرب ندى طلحة الطلحات مبتدياً ... ببخل مطلب فينا وكن حكما
تسلم خزاعة من لؤم ومن كرم ... فلا نعد لها لؤماً ولا كرما
فقال المأمون: لله دره ما أغوصه وأنصفه وأوصله ثم قال المأمون لعبد الله بن طاهر: ما تحفظ لدعبل؟ قال: يا أمير المؤمنين أبياته في أهل بيت أمير المؤمنين، قال: هاتها فأنشده:
سقياً ورعياً لأيام الصبابات ... أيام أرفل في أثواب لذاتي
أيام غصني رطيب من لدوتته ... أصبو إلى غير كناتي وجاراتي
دع عنك ذكر زمان فات مطلبه ... وأقذف برجلك عن متن الجهالات
وأقصد بكل مديح أنت قائله ... نحو الهداة بني بيت الكرامات
فقال المأمون: إنه وجد والله مقالاً، فقال: ونال من بعيد ذكرهم ما من غيرهم لا ينال، قال: ثم أنشد له المأمون في بعض غنياته:
وقائلة لما استمرت بي النوى ... ومحجرها فيه دم ودموع
ترى بعد هذا اللذين تحملوا ... إلى بلد فيه الشجي رجوع
فقلت: ولم أملك سوابق عبرة ... نطقن بما ضمت لهن ضلوع
قال فكم دار تفرق شملها ... وشمل شتيت عاد وهو جميع
كذاك الليالي صفوهن كما ترى ... لكل أناس جذبة وربيع
يا قاسم ما عرضت على سفر إلا هيأت هذه الأبيات مخاطبة لي، ونصبا بين عيني ومحدثة لي في أوبتي ومسلية عن فرقتي، إن الفهيم إذا فهم المعنى استحسن وإن المستغلق إذا لم يفهمه استبرمه.

أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد المروزي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا المبارك بن علي الشمري بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري البندار إملاء بجامع المنصور قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي المقريء قال: حدثنا أبو طاهر بن أبي هاشم قال: حدثنا إسماعيل بن يونس قال: حدثنا أبي يونس بن ياسين قال: سمعت المعتصم يقول لابن أبي دؤاد: مالي أراك منحرفاً عن دعبل، هو ابن علي الخزاعي الشاعر، إني ليعجبني من شعره أشياء حسنة من ذلك قوله:
إن القليل الذي يأتيك في دعة ... هو الكثير فاعف النفس من تعب
لا قسم أوفر من قسم تنال به ... وقاية الدين والأعراض والحسب
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني القاضي أبو الطيب طاهر بن عبد الله الطبري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الطبري قال: حدثني محمد ابن يحيى الحنفي قال: حدثني أبو كعب الخزاعي قال: وفد دعبل بن علي الخزاعي إلى عبد الله بن طاهر فلما وصل إليه قام تلقاء وجهه ثم أنشأ يقول:
أتيت مستشفعاً بلا سبب ... إليك إلا بحرمه الأدب
فاقض ذمامي فإنني رجل ... غير ملح عليك في الطلب
فانتعل عبد الله ودخل ووجه إليه برقعة معها ستون ألف درهم، وفي الرقعة بيتان فكانا:
أعجلتنا فأتاك أول برنا ... قلاَّ ولو أخرته لم يقلل
فخذ القليل وكن كمن لم يقبل ... ونكون نحن كأننا لم نفعل
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا القاضي الجريري قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثني عون بن محمد قال: لما هجا دعبل المطلي بن عبد الله بن مالك الخزاعي فقال:
اضرب ندى طلحة الطلحات متئداً ... ببخل مطلب فينا وكن حكما
تخرج خزاعة من لوم ومنه كرم ... فلا تعدلها لؤماً: لا كرما
ويروى تسلم خزاعة، فدعاه بعد ذلك المطلب، فلما دخل عليه قال: والله لأقتلتك لهجاك لي، فقال له: فاشبعني إذاً ولا تقتلني جائعاً فقال: قبحك الله هذا أهجى من الأول، فوصله فحلف أنه يمدحه ما عاش فقال فيه:
سألت الندى لا عدمت الندى ... وقد كان منا زماناً عزب
فقلت له طال عهد اللق ... اء فهل غبت بالله أم لم تغب
فقال بلى لم أزل غائباً ... ولكن قدمت مع المطلب
قال القاضي أبو الفرح: وفي هذا الخبر ما دل على دهاء دعبل ولطف حيلته، وأنبأ عن ذكاء المطلب ودقة فطنته، وقد روي مثل هذا عن معن بن زائدة وأتي بجماعة قد عاثوا في عمله فأمر بقتلهم، فقال له أحدهم: أعيذك بالله أن تقتلنا عطاشاً، فأمر بإحضار ماء يسقونهم فأحضر فلما شربوا قال: أيهل الأمير لا تقتل أضيافك فقال: أولى لك وأمر بتخليتهم.
قال: وأخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا عون قال: أنشدني دعبل لنفسه يرثي المطلب:
مات الثلاثة لما مات مطلب ... مات الحياة ومات الرعب والرهب
لله أربعة قد ضمها كفن ... أضحى يعزي بها الإسلام والعرب
يا يوم مطلب أصبحت أعيننا ... معاً يدوم لها ما دامت الحقب
هذي خدود بني قحطان قد لصقت ... بالترب منذ استوى من فوقك الترب
قال القاضي: قول دعبل في شعره الأول في الخبر المتقدم اضرب ندى طلحة الطلحات أسكن اللام في قوله الطلحات للضرورة وحقه التحريك، والعرب تقول طلحة الطلحات وحمزة وحمزات، وتمرة وتمرات وجمرة وجمرات، ومثله ومثله الركعات والسجدات، بفتح عين الفعل من فعلات في الأسماء من هذا الباب، ما لم تكن العين واواً، أو ياءً، أو ألفاً وقد أسكن الراجز العين من الاسم في الباب الذي وصفت فقال:
على صروف الدهر أودلالتها ... تديلنا اللمة من لماتها
فتستريح النفس من زفراتها

أنبأنا أبو حفص بن محمد بن المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: أهدى بعض العمال إلى دعبل بن علي برذوناً فوجده زمناً فرده وكتب إليه:
وأهديته زمناً فانياً ... فلا للركوب ولا للثمن
حملت على زمن شاعراً ... فسوف تكافأ بشعر زمن
وقال محمد بن خلف: أخبرني عبد الرحمن بن حبيب قال: قدم صديق لدعبل من الحج فوعده أن يهدي له فأبطأ عليه فكتب إليه:
وعدت النعل ثم صدفت عنها ... كأنك تبتغي شتماً وقذفا
فإن لم تهد لي نعلاً فكنها ... إذا أعجمت بعد النون حرفا
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن السري قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا أبو هفان قال: أنشدنا دعبل لنفسه:
وداعك مثل وداع الحياة ... وفقدك مثل افتقاد الديم
عليك السلام فكم من وفاء ... أفارق منك وكم من كرم
فقلت له: قد أحسنت غير أنك سرقت البيت الأول من الربعيين النصف الأول من القطامي.
ما للكواعب ودعن الحياة بأن ... ودعنني واتخذن الشيب ميعادي
والنصف الثاني من ابن بجرة حيث يقول:
عليك سلام الله وقفاً فإنني ... أرى الموت وقاعاً بكل شريف
فقال لي: بل الطائي والله سرق هذا البيت بأسره من ابن بجرة في قصيدته التي تعرف بالمسروقة رثى بها محمد بن حميد الطوسي وأولها:
كذا فليجل الخطب وليفدح الأمر ... وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
إلى قوله:
عليك سلام الله وقفاً فإنني ... رأيت الكريم الحر ليس له عمر
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي قال: أخبرنا علي ابن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد الحسين العكبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد ابن الصلت قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين بن محمد الأصبهاني قال: أخبرني محمد بن يزيد قال: حدثني الحسين بن دعبل بن علي الخزاعي قال: حدثني أبي قال: بينا أنا جالس على باب دار كنت أنزلها في الكرخ إذ مرت بي غصن جارية ابن الأحدب وكانت شاعرة مغنية بلغني خبرها ولم أكن شاهدتها، فرأيت وجهاً جميلاً، وقداً حسناً وقواماً وشكلاً، وهي تخطر في مشيتها وتنظر في أعطافها فقلت لها:
دموع عيني بها انبساط ... ونوم عيني به انقباض
فقالت بسرعة:
ذاك قليل لمن دهته ... بحسنها الأعين المراض
فقلت:
فهل لمولاتي عطف قلب ... أم للذي في الحشاء انقراض: فقالت
إن كنت تهوى الوداد منا ... فالود في ديننا قراض
فما دخل أذني كلام أحلى من كلامها ولا رأت عيني أنضر وجهاً منها فعدلت بها عن ذلك الروي فقلت:
أترى الزمان يسرنا بتلاق ... ويضم مشتاقاً إلى مشتاق
فقالت:
ما للزمان يقال فيه وإنما ... أنت الزمان فسرنا بتلاق
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الخالق بن عبد الوهاب بن محمد بن الحسين الأنباري قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش، ح.
قال أبو الحجاج وأخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن يحيى بن بوش قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن خلف بن المرزبان إجازة، وقد سمعته منه وضاع أصل السماع قال: وأنشد لدعبل بن علي الخزاعي:
عدو راح في ثوب الصديق ... شريك في الصبوح وفي الغبوق
له وجهان ظاهره ابن عم ... وباطنه ابن زانية عتيق
يسرك مقبلاً ويسؤك غيباً ... كذاك يكون أبناء الطريق

أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن الحسن الشافعي قال: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن محمد العنبري قال: كان أبو عمرو علي بن القاسم الخوافي مدح أبا عمرو أحمد بن نصر، وتردد إليه بعد أن مدحه ولم يخرج الجواب كما أحبه فكتب إليه رقعة يقول فيها قال: علي بن الجهم في مثل ما نحن فيه:
يا من يوقع لا في قصتي أبداً ... ماذا يضرك لو وقعت لي نعما
وقع نعم ثم تنوي الوفاء بها ... إن كنت من قوله باللفظ محتشما
أولا فوقع عسى كيما تعللني ... فإن قولك لا يبكي العيون دما
قال: وكتب في رقعة ومن أحسن ما يذكر لعبد الله بن طاهر:
افعل الخير ما استطعت وإن ... كان قليلاً فلست مدرك كله
ومتى تفعل الكثير من الخير ... وإذا كنت تاركاً لأقله
قال: وكتب في رقعة أن دعبل بن علي كتب في رقعة إلى عبد الله بن طاهر:
ماذا أقول إذا انصرفت وقيل لي ... ماذا أخذت من الجواد المفضل
إن قلت أعطاني كذبت وإن أقل ... ضن الجواد بماله لم يجمل
فاحتل لنفسك كيف شئت فإنني ... لا بد أخبرهم وإن لم أسأل
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال أبو سعيد بن يونس: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء الخزاعي، من أهل قرقيسيا قدم مصر هارباً من المعتصم لهجو هجاه به، وخرج منها إلى المغرب إلى الأغلب، وكان يجالس بمصر جماعة من أهل الأدب، منهم محمد بن يحيى بن أبي المغيرة يحكي عنه حكايات وإنشادات.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا الحافظ قال: دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن نهشل، وقيل بهنس بن خراش ابن خالد بن عبد بن خزعل بن أنس بن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقيا، شاعر محسن، واسمه محمد وكنيته أبو جعفر، ودعبل لقب وهو البعير المسن.
ثم قال في موضع آخر: وأما دعبل أوله دال مهملة، ثم عين ساكنة وياء معجمة بواحدة مكسورة فهو دعبل بن علي الخزاعي الشاعر المشهور، روى عن مالك ابن أنس وغيره روى عنه أخوه علي بن علي، وله كتاب في الشعراء تقدم نسبه في حرف الباء.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أجاز لي روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، أبو علي الخزاعي الشاعر أصله من الكوفة، ويقال من قرقيسيا، وكان ينتقل في البلاد، وأقام ببغداد مدة ثم خرج منها هارباً من المعتصم لما هجاه وعاد إليها بعد ذلك، وكان خبيث اللسان قبيح الهجاء، وقد روي عنه أحاديث مسندة عن مالك بن أنس وعن غيره، وكلها باطلة تراها من وضع ابن أخيه إسماعيل بن علي الدعبلي فإنها لا تعرف إلا من جهته، وقد روى عنه قصيدته التي أولها مدارس آيات وغيرها من شعره أحمد القاسم أخو أبي الليث الفرائضي، وزعم أحمد بن القاسم أن دعبلاً لقب، واسمه الحسن وقال ابن أخيه: اسمه عبد الرحمن، وقال غيرهما اسمه محمد وكنيته أبو جعفر والله أعلم.
قلت: هكذا قال الخطيب فإنها لا تعرف إلا من جهته، وقد ذكرنا في أول الترجمة حديثاً رواه عنه ديك الجن عبد السلام بن رعبان، وليس من جهة ابن أخيه.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: دعبل بن علي بن رزين بن عثمان بن عبد الله بن بديل بن ورقاء، ويقال دعبل بن علي بن رزين بن سليمان بن تميم بن بهز بن جواش بن خلف بن عبد بن خزعل بن أنس بن مالك ابن خزيمة بن مالك بن مازن بن الحارث بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن عامر بن قمعة بن الياس بن معن ويقال ابن تميم بن نهشل بن خراش بن خالد بن خزعل بن أنس ابن خزيمة بن سلامان بن أسلم بن أفصى بن حارثة بن عمرو بن عامر بن مزيقياء، أبو علي الخزاعي الشاعر المشهور، له شعر رائق، وديوان مجموع، وصنف كتاباً في طبقات الشعراء، يقال إن أصله من الكوفة، ويقال من قرقيسياء، وكان أكثر مقامة ببغداد، وسافر إلى غيرها من البلاد، قدم دمشق ومدح بها نوح بن عمرو ابن حوي السكسكي بعدة قصائد، وذكر في بعضها قصده إليه ورحلته نحوه، وخرج منها إلى مصر ومدح بها، ويقال إن اسمه محمد وكنيته أبو جعفر، ودعبل لقب، ويقال الدعبل البعير المسنة ويقال الشيء القديم.
حدث عن المأمون، ومالك بن أنس، ويقال إنه حدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وشعبة بن الحجاج، وسفيان الثوري، وسالم بن نوح الطائي، وخزيمة ابن خازم الأزدي، والحكم بن عبد الملك البصري، ومحمد بن عمر الواقدي، وموسى بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي، وعبيد الله بن كلثوم الخزاعي البصري، وأبي سفيان بن العلاء أخي أبي عمرو المقريء، وشريك بن عبد الله النخعي.
روى عنه أحمد بن أبي دؤاد، ومحمد بن موسى بن حماد البربري وأخوه علي بن علي بن رزين.
قال الحافظ: وبلغني أن سبب وفاته أن هجا مالك بن طوق التغلبي فبعث إليه رجلاً ضمن له عشرة آلاف درهم وأعطاه سماً، فلم يزل يطلبه حتى وجده قد نزل في قرية بنواحي السوس، فاغتاله في وقت من الأوقات بعد صلاة العتمة فضرب ظهر قدمه بعكاز له زج مسموم فمات من غد، ودفن في تلك القرية، وقيل بل حمل إلى السوس فدفن بها.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا بشرى بن عبد الله الرومي قال: حدثنا عمر بن أحمد بن يوسف الوكيل قال: حدثني محمد بن القاسم المعروف بابن أخي السوس قال: قال أبو القاسم إسماعيل بن علي الخزاعي: ولد دعبل سنة ثمان وأربعين ومائة ومات سنة ست وأربعين ومائتين بالطيب فعاش سبعاً وتسعين سنة وشهوراً من سنة ثمان، ويكنى بأبي علي واسمه عبد الرحمن بن علي وإنما لقبته دايته لدعابة كانت فيه، فأرادت ذعبلاً فأقلبت الذال دالاً.
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب التنوخي المعري، مما نقله من خط جد أبيه علي بن المهذب، ومن غيره قال فيه: سنة عشرين ومائتين فيها قتل المعتصم دعبل بن علي الخزاعي لهجائه له، وكان قد استجار بقبر الرشيد بطوس فلم يجره، هكذا ذكر والصحيح ما نقل عن ابن أخيه إسماعيل بن علي.
دعلج بن أحمد بن دعلج بن عبد الرحمن:
أبو محمد السجستاني، دخل الشام، ومر بالثغور الشامية، ووقف بطرسوس داراً على المجاهدين في سبيل الله تعالى، ووقف عليها وقفاً، وكان كثير المعروف والصدقات من أُلي اليسار والمال الكثير، موصوفاً بالعدالة والأمانة.

روى عن محمد بن إسحاق بن راهويه، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وآباء بكر ابن خزيمة، وابن أبي دواود، وعبد الله بن محمد بن زياد النيسابوري، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء والحسن بن سفيان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأبي القاسم البغوي، والعباس بن الفضل الأسفاطي، وأحمد بن علي الآبار، ومحمد ابن غالب التمتام وجعفر بن محمد بن الحسن الترك، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وأحمد بن خالد الدامغاني، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأحمد بن محمد بن مهدي الهروي، وأحمد بن إبراهيم بن ملحان، وموسى بن هارون الجمال وجعفر بن محمد بن الحسن الفريابي، وعبد الله بن أحمد بن الحسن الحراني، وأبي مسلم الكجي، وبشر بن موسى ومحمد بن سليمان الباغندي وابنه محمد بن محمد، وأبي المثنى معاذ بن المثنى بن معاذ العنزي، ويوسف بن يعقوب القاضي، وعبد العزيز بن معاوية ومحمد بن إبراهيم البوشنجي، وهشام بن علي السدوسي ومحمد بن عمرو الجرشي، وعلي بن الحسين بن الجنيد، ومحمد بن النضر الجارودي، ومحمد بن أيوب الرازي، وعثمان بن سعيد الدارمي، وعلي بن محمد ابن عيسى الهروي، وإبراهيم بن زهير الحلواني، ومحمد بن شاذان الجوهري، وعلي بن الحسن بن بيان الباولاني، وعبد الله بن موسى الأصطخري وإسحاق بن الحسن الحربي، ومحمد بن رخ البزاز، ومحمد بن يحيى بن المنذر القزاز، ومحمد بن علي بن زيد الصائغ المكي، ومحمد بن عبد الله الحضرمي وجماعة غيرهم.
روى عنه أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني الحافظ، والحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم، وأبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الغساني، وأبو عمر بن حيويه الخزاز، وأبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي، وأحمد ابن علي البادا، وأبو علي بن شاذان وأحمد بن عبد الله بن المحاملي، وأبو الحسين ابن الفضل القطان، وأبو الحسن بن زرقويه، وأبو الفضل أحمد بن أبي عمران الهروي، وأبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب، وعلي وعبد الملك ابنا بشران، وأبو عبد الله أحمد بن عمر بن محمد الحيري، وعلي بن أحمد الرزاز، ومحمد بن أحمد بن رزق البزاز، وعلي بن عبد الملك بن بشران، وغيلان بن محمد السمسار وغيرهم.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قراءة عليه قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع قال: حدثنا دعلج بن محمد بن دعلج أبو محمد السجستاني بمكة في المسجد الحرام قال: حدثنا أبو علي محمد بن عمرو بن النضر قشمرد النيسابوري قال: حدثنا حفص يعني ابن عبد الله قال: أنه سمع رجلاً من أهل الشام وهو يسأل عبد الله بن عمر عن التمتع بالعمرة إلى الحج، فقال عبد الله فهي الحلال، فقال الشامي: إن أباك قد نهى عنها، فقال عبد الله: أرأيت إن كان أبي نهى عنها وقد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم أتتبع أمر أبي أم أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ فقال الرجل: بل أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: قد صنعها رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو نصر بن القشيري، أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت علي بن عمر الحافظ يقول: صنف لدعلج المسند الكبير، فكان إذا شك في حديث ضرب عليه ولم أر في مشايخنا أثبت منه.
قال: وسمعت عمر بن بن جعفر البصري يقول: ما رأت ببغداد فيمن انتخبت عليهم أصح كتباً ولا أحسن سماعاً من دعلج بن أحمد.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر الدارقزي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد الزينبي قراءة عليه وأنا أسمع وأبو القاسم إسماعيل بن السمرقندي، وابن المجلى وغيرهما إجازة إن لم يكن سماعاً منهم أو من أحدهم قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: سئل أبو الحسن الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال: كان ثقة مأموناً، وذكر له قصة في أمانته وفضله ونبله.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن حمد القاضي قال: أخبرنا أبو المظفر بن القشيري في كتابه عن محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: وسألته يعني الدارقطني عن دعلج بن أحمد فقال: الثقة المأمون ملازماً لأصوله وكتبه.
أنبأنا سليمان بن الفضل البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال قرأت علي أبي محمد السلمي، وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي قال: كتبت إلي أبو ذر عبد بن أحمد وحدثني عبد الغفار بن عبد الواحد عنه قال: سمعت علي بن عمر، وذكر حكاية عن دعلج ثم قال: كان أبو محمد قليل الهزو سمعت أن معز الدولة إسترجع من غلامه جاشتكين، وأشهد عليه العدول وهو من وراء الستر فشهدوا، فلما شهد الناس قالوا لدعلج: أشهد: قال: أين المشهود عليه، لعله مقيد لعله مكره أبرزوه لي حتى أراه وأشهد عليه، وكان خلف الستر، فقال معز الدولة: ما كان فيهم مسلم غيره.
قال أبو ذر وسمعت أن أول ما أخذه معز الدولة من المواريث مال دعلج، خلف ثلاثمائة ألف مثقال ذهب فقال معز الدولة: دغرا ما أريد فقالوا: إنه كثير فأخذه.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن إذناً قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال: حدثني أبو القاسم الأزهري عن أبي عمر محمد بن العباس بن حيويه قال: أدخلني دعلج إلى داره وأراني بدراً من المال معبأة في منزله، وقال لي: يا أبا عمر خذ من هذه ما شئته فشكرت له وقلت: أنا في كفاية وغناء عنها ولا حاجة لي فيها.

قال الخطيب: وحدثني أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري قال: حدثني أبو الحسين أحمد بن الحسين الواعظ قال: أودع أبو عبد الله بن أبي موسى الهاشمي عشرة آلاف دينار ليتيم فضاقت يده وامتدت إليها، فأنفقها، فلما بلغ الغلام مبلغ الرجال أمر السلطان بفك الحجر عنه وتسليم ماله إليه، وتقدم إلى ابن أبي موسى بحمل المال ليسلم إلى الغلام. قال ابن أبي موسى: فلما تقدم إلي بذلك ضاقت علي الأرض بما رحبت وتحيرت في أمري، لا أعلم من أي وجه أغرم المال، فبكرت من داري وقصدت الكرخ لا أعلم أين أتوجه، فانتهت بي البغلة إلى درب السلولي، ووقفت بي على باب مسجد دعلج بن أحمد فثنيت رجلي ودخلت المسجد، وصليت خلفه صلاة الفجر، فلما سلم انفتل إلي ورحب بي وقام وقمت معه، ودخل إلى داره، فلما جلسنا جاءته الجارية بمائدة لطيفة وعليها هريسة، فقال: يأكل الشريف، فأكلت وأنا لا أحصل أمري، فلما رأى تقصيري قال: أراك منقبضاً فما الخبر؟ فقصصت عليه القصة وأنني أنفقت المال، فقال: كل فإن حاجتك تقضى، ثم أحضر حلواً فأكلنا، فلما رفع الطعام وغسلنا أيدينا قال: يا جارية افتحي ذلك الباب، فإذا خزانة مملوءة زبلاً مجلدة، فأخرج إلي بعضها وفتحها إلى أن أخرج النقد الذي كانت الدنانير منه، واستدعى الغلام والتخت والطيار فوزن عشرة آلاف دينار وبدّرها، وقال: يأخذ الشريف هذه، فقلت: يثبتها الشيخ علي، فقال: أفعل وقمت وقد كاد عقلي يطير فرحاً، فركبت بغلتي وتركت الكيس على القربوس وغطيته بطيلساني وعدت إلى داري وانحدرت إلى دار السلطان بقلب قوي، وجنان ثابت فقلت: ما أظن إلا أنه استشعر في أني قد أكلت مال اليتيم واستبددت به، والمال فقد أخرجته فأحضر قاضي القضاة والشهود والنقباء وولاة العهود، وأحضر الغلام ففك حجرة، وسلم المال إليه، وعظم الشكر لي والثناء علي، فلما عدت إلى منزلي استدعاني أحد الأمراء من أولاد الخليفة، وكان عظيم الحال، فقال: رغبت في معاملتك وتضمينك أملاكي ببادورا ونهر الملك، فضمنت ذلك بما تقرر بيني وبينه من المال، وجاءت السنة ووفيته وحصل في يدي من الربح ماله قدر كثير، وكان ضماني لهذه الضياع ثلاث سنين، فلما مضت حسبت حسابي وقد تحصل في يدي ثلاثون ألف دينار، فعزلت عوض العشرة آلاف دينار التي أخذتها من دعلج وحملتها إليه وصليت معه الغداة، فلما انفتل من صلاته ورآني نهض معي إلى داره وقدم المائدة والهريسة، فأكلت بجأش ثابت وقلب طيب، فلما قضى الأكل قال: خبرك وحالك، فقلت: بفضل الله وبفضلك قد أفدت بما فعلته، معي ثلاثين ألف دينار وهذه منها عشرة آلاف عوض الدنانير التي أخذتها منك، فقال: يا سبحان الله، والله ما خرجت الدنانير عن يدي ونويت أخذ عوضها، حلّ بها الصبيان، فقلت له: أيها الشيخ أيش أصل هذا المال حتى تهب لي عشرة آلاف دينار، فقال: نشأت وحفظت القرآن وسمعت الحديث وكنت أتبزر فوافاني رجل من تجار البحر، فقال لي: أنت دعلج بن أحمد؟ فقلت: نعم، فقال: قد رغبت في تسليم مالي إليك للتجارة لتتجر به، فما سهل الله من فائدة كانت بيننا، وما كان من حائجه كانت في أصل مالي، وسلم إلي بارثامجات بألف ألف درهم وقال لي: أبسط يدك، ولا تعلم موضعاً ينفق فيه هذا المتاع إلا حملته إليه واستنبت فيه الكفاة، ولم يزل يتردد إلي سنة بعد سنة يحمل إلي مثل هذا والبضاعة تنمى، فلما كان في آخر سنة اجتمعا فيها قال لي: أنا كثير الأسفار في البحر فإن قضى الله علي بما قضاه على خلقه فهذا المال لك على أن تصدق منه، وتبني المساجد وتفعل الخير، فأنا أفعل مثل هذا وقد ثمر الله المال في يدي فأسألك أن تطوي هذا الحديث أيام حياتي.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: وحدثني أبو بكر محمد بن علي بن عبد الله الحداد، وكان من أهل الدين والقرآن والصلاح عن شيخ سماه فذهب عني حفظ اسمه قال: حضرت يوم الجمعة مسجد الجامع بمدينة المنصور فرأيت رجلاً بين يدي في الصف حسن الوقار ظاهر الخشوع دائم الصلاة، لم يزل يتنقل مذ دخل المسجد إلى قرب قيام الصلاة، قال: ثم جلس قال: فعلتني هيبته ودخل قلبي محبته، ثم أقيمت الصلاة فلم يصل مع الناس الجمعة فكبر ذلك علي من أمره وتعجبت من حاله وغاظني فعله، فلما قضت الصلاة تقدمت إليه وقلت له: أيها الرجل ما رأيت أعجب من أمرك أطلت النافلة وأحسنتها وتركت الفريضة وضيعتها؟ فقال: يا هذا إن لي عذراً وبي علة منعتني من الصلاة، قلت: وما هي؟ قال: أنا رجل عليّ دين اختفيت في منزلي مدة بسببه، ثم حضرت اليوم الجامع للصلاة فقبل أن تقام التفت فرأيت صاحبي الذي له علي الدين، ورآني فمن خوفه أحدثت في ثيابي فهذا خبري فأسألك إلاّ سترت علي وكتمت أمري، قال: ومن الذي له عليك الدين؟ قال: دعلج بن أحمد قال: وكان إلى جانبه صاحب لدعلج قد صلى وهو لا يعرفه، فسمع هذا القول فمضى في الوقت إلى دعلج فذكر له القصة: فقال له دعلج: امض إلى الرجل واحمله إلى الحمام واطرح عليه خلعة من ثيابي وأجلسه في منزلي حتى انصرف من الجامع ففعل الرجل ذلك، فلما انصرف دعلج إلى منزله أمر بالطعام فأحضر وأكل هو والرجل ثم أخرج حسابه فنظر فيه وإذا له عليه خمسة آلاف درهم، فقال: له انظر لا يكون عليك في الحساب غلط أو نسي لك نقدة؟ فقال الرجل: لا فضرب دعلج على حسابه وكتب عنه علامة الوفاء، ثم أحضر الميزان ووزن خمسة آلاف درهم، وقال له: أما الحساب الأول فقد حللناك فيما بيننا وبينك فيه وأسألك أن تقبل هذه الخمسة آلاف درهم وتجعلنا في حل من الروعة التي دخلت قلبك برؤيتك إيانا في مسجد الجامع أو كما قال.
//الجزء الثامن
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
حرف الراء
راجح بن اسماعيل الحلبي:
سمعت راجح بن إسماعيل الحلبي ينشد الملك الظاهر قصيدة يرثي بها الأمير أبا الحسن علي بن الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين، وقد ورد الخبر إلى حلب بوفاته، وجلس السلطان الملك الظاهر للعزاء فأنشدهم:
أكذا يهد الدهر أطواد الهدى ... ويرد بالنكبات شاردة الردى
أكذا تغيب النيرات وينطفي ... ما كان من أنوارها متوقدا
يا للرجال لنكبة نبوية طوت ... العلى قلباً عليها مكمدا
ولحظة شنعاء لاحظها الهدى ... دامي الجفون فغض جفناً أرمدا
لو كنت بالشهباء يوم تواترت ... أنباؤها لرأيت يوماً أسودا
يوم تزاحمت الملائكة العلى ... فيه فعزت عن علي أحمدا
قصدت أمير المؤمنين رزية ... عادات وقع سهامها أن تقصدا
هي ضعضعت شم الجبال وأخضعت ... من لم يكن لمذلة متعودا
شنت على حرم الخلافة غارة ... شعواء غادرت الفخار مطردا
فسقت أبا الحسن ثراك صنائع ... لك ليس تبرح غاديات عودا
يا طود زلت فزلزلت أرض ... ..... أن تتمهدا
يا ليث من يغني غناءك والظبى ... تبكي دماً يا غيث من يروي الصدا
يا وحشة المحراب منك إذا دجى ... غسق الظلام ولم يجد متعبدا
هذا كتاب الله لم غادرته ... من بعد أحكام الذي فيه سدى
أسفي لمنتجع وعاف معيل ... عدما سحاباً منك يمطر عسجدا
تا لله ما ظفر الحمام بمثلها ... يوماً ولم يمدد إلى أحد يدا
يا دهر لست وإن عرفت بعده ... في البغي أول من طغى وتمردا
أحيا بنيك وما عداك تعطف ... منه ففيم عليه صرفك قد عدا
تعساً لجدك إذ كففت أنا ملاً ... يا طالما وكفت نداً وكفت ردا
قال فيها:

ما للامامة أصبحت مفجوعة ... بأعزها حسباً وأزكى محتدا
ورث الخلائف علم يوم مصابه ... فلأجله اتخذوا الشعار الأسودا
منها:
يا خابط البيداء يحمي يومه ... أرق فيرمي بالمطيّ الفدفدا
لا تحدونّ اليعملات وخلها ... تسري سيغنيها الزفير عن الحدا
ميعاد طرفك بالبكاء متى بدا ... علم الحجاز ولاح معتلياً كدا
فهناك صح يا آل هاشم دعوة ... تذكي عليلاً وتبكيّ جلدا
واقرأ السلام على المشاعر والصفا ... واحبس هنالك النعي مرددا
واكتم عن الوفد الحلول مصابه ... فالقوم صرعى السير من بعد المدا
وصل السّرى حتى تحل بيثرب ... ليلاً فعزّ به النبي محمدا
وقل ابن عمك يومه أدناه من ... أجلٍ فكن جار الجنان له غدا
واعدل إلى العباس عم المصطفى ... إن أنت عاينت البقيع الغرقدا
وصف المصاب وقل فجعت بدوحةٍ ... نبوية كادت تطول الفرقدا
وتركت بالزوراء أهل قيامة ... كان النعيم عليهم قد خلدا
صلى الإله على قبور أئمة ... ملئت مع الحلم الشجاعة والندا
صبراً أمير المؤمنين فلم تزل ... في كل حادثة بصبرك يقتدى
إن السماء تكاد عند مصابكم ... تهوي وعقد الشهب أن يتبددا
وامنح غياث الدين صبراً منك لو ... أرشدته يوماً إليه لاهتدى
فهو الضعيف إذا تلم ملمة ... بكم وما زال القويّ تجلدا
واسلم فلا سعت الليالي بعدها ... أبداً إليك بما يسر به العدا
أنشدني الأمير شرف الدين راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الحلي لنفسه بحران في الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب، وذكر لي أنه كان مرض مرضة عظيمة، وكان هو أيضاً مريضاً، فلما أبل الملك الأشرف من مرضه عوفي الحلي أيضاً فأنشده مهنئاً:
هاجت فنون الهوى ورقاء في فنن ... ناهيك من شجر أمر بالشجن
ناحت وأفياؤها خضر مراتعها ... وإلفها عن فروع البان لم يبن
شدت فأصغيت ملتذاً بنغمتها ... جهلاً فماذا لقلبي هجتم يا أذني
وقفت ما بين ملتّف الأراك وبي ... من سجعها أنّة النائي عن الوطن
أبكي وتبكي فلولا أن علا نفسي ... فاستيقظ الركب لم يدر الجوى بمن
فبعدها لا أرى بالجزع ذا جزع ... على الديار ولا بالحزن ذا حزن
وأنت يا حامل الخطىّ معترضاً ... لقتل عشاقه خفف عن البدن
صل بالقوام ودع ما أنت حامله ... فأين من لدنه فعل القنا اللدن
يا من ثنته شمول من شمائله ... فاهتز مثل اهتزاز الذابل اليزني
في فترة الطرف أرسلت العذار فما ... هذا التثني الذي يدعو إلى الوثن
علمت إذ قمت للعشاق منتصباً ... أن سوف تظهر فيها دولة الفتن
سل خدك الأحمر القاني أيشعر ما ... شعاره فهو خوف الثأر في جنن
من صرف الخمر في عنقود عارضه ... واطلع البدر تحت الليل في غصن
واستبق أسراك من أهل الغرام فقد ... طاحت نفوسهم نهباً بلا ثمن
وهات قل لي أزيد الخيل في دمهم ... أفتاك بالفتك أم سيف بن ذي يزن
فمل إلى السّلم فالأيام خالية ... بصفو ملك بني أيوب من إحن
واشرب على برء موسى من ... مشعشعة مشمولة عتقت في الدن من زمن
واطرب على الدولة الغراء مقبلة ... تجر ثوب التهاني معلم الردن
حسب الهدى برء فياض الندى كلفٍ ... بالمكرمات نقي العرض من درن
لاحت بوارق بشراه فأطربني ... ما خلفها من عموم العارض الهتن

بشرى عرفت شذاها الشاذوي وقد ... خفيت عن عين عوّادي فلم ترني
جاءت وروحي قد راحت تقسمها ... أيدي الردى فأعادتها إلى بدني
منها
ما بعدكم يا بني أيوب منتجع ... لطالب الرزق يستعدى على الزمن
وكلتم بالرعايا عين عدلكم فما ... درت بعدكم ما لذة الوسن
تلاعب بصروف الدهر سطوتكم ... تلاعب الريح في الآذي بالسفن
فالملك بالشرق ممتد الرواق إلى ... فسطاط مصر فأقصى الهند فاليمن
وقل لمفتخر بالباس من مضر ... وبالسماحة من قيس ومن يمن
دعوا العلى أوفعدوا مثل سؤددهم ... هذي المناقب لاقعبان من لبن
ما كل رونق وجه تحته كرم ... هيهات قد ينبت المرعى على الدمن
ما يستوي العود مشتداً عريكته ... وابن اللبون إذا ما لذ في قرن
يا من يطوف به وفد العفاة كما ... طاف الحجيج ببيت الله والركن
أجرتني حين جار الدهر معتمداً ... جبري فكم منح عوضت من محن
وجدت لي بالذي صرت الغني به ... وكنت أجوج من ميت إلى كفن
أنشدني راجح بن إسماعيل الحلي لنفسه بحران يمدح الملك المعظم عيس ابن الملك العادل، وأنشده إياها بحضرة أخيه الملك الأشرف موسى، وكان قد جرت بينهما وحشة أو جبت أن الملك المعظم أغرى خوازم شاه جلال الدين ببلاد أخلاط، وهي بلاد أخيه الملك الأشرف وأوجب ذلك أن سار الملك الأشرف من الجزيرة إلى دمشق واجتمع بأخيه طمعاً في أن تزول الوحشة بينهما، فاتفق أن ورد الخبر إلى دمشق بنزول خوارزم شاه على أخلاط محاصراً لها، فأنشده هذه القصيدة يعرض فيها بتقريعه على ما فعل، ويحذره عاقبة الخلاف وذلك في سنة أربع وعشرين وستمائه:
ملكت كما شاء الهوى فتحكمّ ... وإلاّ ففيم الهجر لي وإلي كم
أخذت توريّ عن دمي أوما ... ترى بخديك من أثاره لون عندم
ولو جحدت عيناك قتلي وأنكرت ... أقر به خط العزار المتمم
أيحسن أن تمشي من الحسن مثريا ... وتمنع من ماعونه فقر معدم
وفوق يواقيت الشفاه زبرجد ... نقشت به أفراد در منظم
فما لي إذا حاولت منك التفاتة ... أحلت على تمويه طيف مسلم
وهبني أرضى بالخيال وزوره ... فمن لي إذ تجفو بجفن مهوم
وبي حرقٌ بين الجوانح كلما ... خلت منك عيدان الأراك بميسم
تحدّث عن برد الثنايا نسيمها ... فيا طيب ما أداه عن ذلك الفم
فظلت نشاوي مورقات غصونها ... تثنى وباتت ورقها في ترنم
لي الله من غصن وريق ومبسم ... وريق حماه اللحظ عن ورد حوم
فيا شغلي بالفارغ القلب والحشا ... أطلت شقائي بالغزال المنعم
وعيسٍ رحلناها قسيا فأرقلت ... إلى غرض الآمال منا بأسهم
تظل الثنايا مدميات نحورها ... فتقتص أيديهن من أنف مخرم
وزنجي ليل بات رومي ثلجه ... أغرّيريني منه تحجيل أدهم
تدرعته لما دجا وضريبه ... إذا ضربته الريح لم أتلثم
وفي شعب الأكوار أبناء مطلب ... شعارهم توشيع شعر منمنم
هداهم غلام من خزيمة عالم ... ملىء بأعمال المطيّ المخزّم
جنبنا المذاكي وامتطينا إلى العلى ... نجائب من نسل الجديل وشدقم
فكم من هلال فوق بدر تريكه ... إذا هي ألقت حافراً فوق منسم
تيممن أرض الغوطتين فلم تمل ... بنا العيس عن أبواب عيسى المعظم
إلى شرف الدين انبرت في برنيها ... حراجيج قد أدمين كل مخدّم
إلى ملك من دوحة شاذويه ... تفيء على ورد من الجود مفعم

إلى طود حلم ثابت الهضب شامخ ... إلى بحر علم زاخر اللج خضرم
إلى من كأن اللائذين بظله ... من الأمن ما بين الحطيم وزمزم
إلى مخبت يغضي حياء ودمعه ... يصيخ فيرضى دعوة المتظلم
إلى كعبة تدعو بحي على الهدى ... وتلبس أثواب الندى كل محرم
تريه وجوه الغيب مرآة فكره ... فتؤمنه من كل ظن مرجّم
ويغشى غمار الموت في كل معرك ... يراع له قلب الخميس العرمرم
ويطربه خلع النفوس على القنا ... إذا رنحت أعطافها حمرة الدم
له نشوة في الجود ليست لحاتم ... وشنشنة في المجد ليست لأخزم
فيا من له يوم النوال أنامل ... إليها الغيوث المستهلة تنتمي
سحبن الندى في كل قطر كأنما ... أغرن على نؤي سماك ومرزم
أعيذ علاكم أن يباح لملككم ... حمى وبكم غرّ الممالك تحتمي
فسفح خلاطٍ قاسيون وتركها ... تقلّد طوق العار جيد المقطّم
فقد أنف الجفني من عار لطمة ... فباع بعزّ الكفر ذلة مسلم
وجرّ على عبس وأشجع حتفها ... مغار دريد بعد طعنة زهدم
وصبّح في جوّ اليمامة حاجب ... بأشام يوم عابسٍ حيّ أشأم
وما مات من نجىّ الضغائن هلكة ... وأبقى جميل الذكر كابن مكدم
أبت لكم آباء صدق نمتكم ... تخيل ضغن يقتضي نقض مبرم
فقد جر قبح الغدر مصرع مالك ... فما رده ترصيع شعر يشأم
نصيحة عبد عاش في ظلم ملككم ... تقابله بالنجح أوجه أنعم
نداك به نادى فجاء مرخما ... وإن كان أصل الوضع غير مرخم
يعني أن راجح إذا رخمته حذفت الحاء فصار راج.
فدونكها أحلى من الأمن موقعا ... وأطيب من شوق إلي قلب مغرم
إذا حدّثت أبياتها عن علاكم ... غدت أم أوفى دمية لم تكلم
قال راجح: فسر الملك الأشرف بهذه، وحنق علي الملك المعظم بسببها، فلما خرجنا من المجلس استدعاني الملك الأشرف وقال لي: والله شفيت قلبي في هذا اليوم، وأما الملك المعظم فإنه أسر ذلك في نفسه حتى خرج الملك الأشرف من دمشق وخرجت عقب خروجه، وقبض على أخي وجعل له حجة وحبسه فبقى في السجن سنة.
أخبرني بعض الأصدقاء أن راجح الحلي توفي بدمشق في يوم الخميس الخامس والعشرين من شعبان سنة سبع وعشرين وستمائة.
وأنبأنا الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي ليلة السابع والعشرين من شعبان - يعني - من سنة سبع وعشرين وستمائة توفي الشيخ الأديب أبو الوفاء راجح بن إسماعيل بن أبي القاسم الأسدي الحلي الشاعر المنعوت بالشرف بدمشق، مدح جماعة من الملوك وغيرهم بمصر والشام والجزيرة وحدث بشيء من شعره بحلب وحران وغيرهما.
راجح بن الحسين:
- وقيل الحسن - بن عتاب بن عتاب أبو الحسن النشائي منسوب إلى النشاء المعمول من الحنطة، حدث بحلب عن محمد بن خلف بن صالح التيمي ومحمد بن كثير البصري. روى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي وأبو الحسن علي بن محمد بن إسماعيل الطوسي.

أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه القاضي أبو عبد الله محمد ابن عبد الرحمن وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرطوسي الحلبيون بها قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي - بها - قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي بها قال: أخبرنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير العابد الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن الراجح بن الحسين بن عتاب بن عتاب النشائي بحلب قال: حدثني محمد بن خلف بن صالح التيمي بكناسة الكوفة قال: حدثني سليمان الأعمش قال: بعث إلي أبو جعفر المنصور في الليل، فقلت في نفسي ما وجه إلي في هذا الوقت إلا وهو يريد أن يسألني عن فضائل علي بن أبي طالب عليه السلام، وذكر الحديث وقال فيه عن المنصور قال: حدثني أبي عن جدي قال: كنا جلوساً عند رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت فاطمة باكية فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما يبكيك يا بنية؟ قالت: يا رسول اله عيرنني نساء قريش وزعمن أنك زوجتني معدماً لا مال له، فقال لها رسول الله: والذي بعثني بالحق نبياً يا بنية ما زوجتك حتى زوجك الله من فوق عرشه وأشهد على ذلك جبريل وميكائيل.
راجح بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد:
أبو الوفاء العبدري القرشي الميورقي، شيخ حسن صالح من أهل ميورقه قدم الشام ونزل حماة فاتفق يوماً أن رأى صاحبها الملك المظفر محمود ابن محمد بن عمر بن شاهانشاه بن أيوب وهو يشرب في مركب في العاصي، فباداه: أما تخاف من الله؟ فنزل إليه وضربه وهو سكران ضرباً مبرحاً، فلما أفاق ندم على ذلك واعتذر وخرج راجح من حماة، وقدم علينا حلب وأقام بها مدة وتأهل بها، وصار له بها حرمة وافرة ورتب شيخاً في الخانقاة التي وقفها قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، ثم إنه رتب بعد ذلك شيخاً في خانقاه ابن المقدم بحب، ثم عزل عنها ورتب له معلوم على مصالح المسلمين إلى أن كسر التتار ملك الروم غياث الدين فخاف من التتار، وخرج من حلب في سنة إحدى وأربعين وستمائة وتوجه إلى الديار المصرية ورافقته من دمشق إلى مصر وكنت إذ ذاك قد سيرت رسولاً إلى مصر فحدثني ببيسان بشيء من الحديث عن أبي زكريا يحيى بن علي بن موسى المغيلي بعد مشاهدة سماعه عليه بموطأ يحيى بن يحيى، وأخبرني أنه سمع من محمد بن أحمد بن خير، وسألته عن مولده فقال: بميورقة في سنة ثمان وسبعين في آخرها أو أوائل سنة تسع وسبعين وخمسمائة ولم يبق صاحب حماه الملك المظفر بعد ضربه إلا مدة يسيرة وفلج وبطلت حركته ودام مفلوجاً إلى أن مات.
أخبرنا مخلص الدين أبو الوفاء راجح بن أبي بكر بن إبراهيم بن محمد العبدري القرشي المتوفي ببيسان قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن علي بن موسى المغيلي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي القيسي عرف بابن الرمامة قال: حدثنا أبو بحر سفيان بن العاصي الأسدي قال: حدثنا أبو عمر يوسف بن عبد البر قال: حدثني أبو عثمان سعد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك، قال أبو عمر ابن عبد البر: وحدثني أبو الفضل أحمد بن قاسم بن عبد الرحمن التاهرتي البزاز قال: أخبرنا أبو عبد الملك محمد بن عبد الله بن أبي دليم عن أبي الحرم وهب ابن ميسرة قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا يحيى بن يحيى عن مالك عن يحيى بن سعيد عن عمرة بنت عبد الرحمن عن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم أنها قالت: إن كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ليصلي الصبح فينصرف النساء متلففات بمروطهن ما يعرفن من الغلس.
توفي الشيخ راجح بن أبي بكر الميورقي في شوال سنة ثلاث وأربعين وستمائة بمكة شرفها الله ودفن بالمعلا، أخبرني بذلك عبد المؤمن بن خلف الدمياطي.
ذكر من اسمه راشد
راشد بن سعد المقراني:

ويقال الحبراني الحمصي شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وحدث عنه وعن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي أمامة الباهلي وعمرو بن العاص، وأبي الدرداء ويعلي بن مرة، وعبد الله بن بشر المازني، والمقدام بن معد يكرب وعبد الله بن نجي الهمداني، وعتبة بن عبد السلمي، وعبد الرحمن بن عائذ الثمالي وجبله بن الأزرق وعبد الرحمن بن قتاده وحمزه بن عبد كلال.
روى عنه حريز بن عثمان الرحبي وثور بن يزيد الكلاعي، ومحمد بن الوليد الزبيدي، ومعاوية بن صالح الحضرمي، وأبو ضمرة محمد بن سليمان بن أبي ضمرة السلمي، وبكير بن عبد الله بن أبي مريم، والمقراني منسوب إلى بطن بن حمير وكذلك الحبراني أيضاً.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم بن محمد بن خشيش.
وأخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري البغدادي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين.
قال أبو إسحق الكاشغري: وأخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان المعروف بابن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسين بن خيرون قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو روح الربيع الحمصي محمد بن حرب قال: حدثنا الزبيدي عن راشد بن سعد المقراني عن أبي عامر الهوزني عن أبي كبشه الأنماري أنه أتى رجلاً فقال له: أطرقني من فرسك وإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من أطرق مسلماً فعقب له الفرس كان له كأجر ستين فرساً يحمل عليها في سبيل الله عز وجل فإن لم تعقب كان له كأجر فرس في سبيل الله عز وجل.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري - إذناً - عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: راشد بن سعد شامي ثقه.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسن المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عمر بن أحمد الفقيه البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الدقاق قال: أخبرنا أبو حفص عمر ابن محمد بن عيسى الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن هاني الطائي الأثرم قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: راشد بن سعد لا بأس به.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - إذنا - قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: راشد بن سعد المقراني روى عن ثوبان وأبي أمامة ويعلى بن مرة وجبلة بن الأزرق ومعاوية. روى عنه ثور بن يزيد وحريز بن عثمان ومعاوية بن صالح ومحمد بن سليمان أبو ضمره، سمعت أبي يقول ذلك. سئل أبي عنه فقال: ثقة.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثنا علي بن الميدني قال: قلت ليحيى القطان: تروي عن راشد بن سعد؟ قال: ما شأنه هو أحب إلي من مكحول.
وقال ابن أبي حاتم: أخبرنا يعقوب بن إسحق الهروي في كتابه إلي قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: سألت يحيى بن معين عن راشد بن سعد فقال: ثقة.
ذكر الحافظ أبو بكر محمد بن عمر الجعابي في كتاب الأخوة الذين روي عنهم الحديث راشد بن سعد الحمصي، وأخوه هو خالد بن سعد وقال: حدثني إسحق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال: حدثنا أحمد بن يعقوب الكندي قال: حدثنا خالد بن عمرو قال: حدثنا بقية قال: حدثني صفوان عن راشد بن سعد قال: سألني طاووس: من أين أنت؟ فأخبرته فبسط إلي يده وقال: راشد الحمصي؟ قلت: نعم قال: إن هذا لوجه كنت أتمنى - أو قال أشتهي - أراه.

وقال أبو بكر الجعابي: حدثني أحمد بن موسى بن عمران الدوري قال: حدثنا الفيريابي قال: حدثنا ابن أبي السرى قال حدثنا السري قال: حدثنا حريز بن عثمان عن راشد بن سعد أنه حضر يوم صفين مع معاوية وكان يجيز على الجرحى.
وقال حدثني إسحق بن موسى قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد قال: حدثنا ابن مصفى قال: حدثنا بقية عن صفوان قال: شهد راشد بن سعد صفين وذهبت عينه فيها.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفاز قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ثلاث عشرة ومائة راشد ابن سعد المقراني بطن من حمير، يعني مات.
راشد:
غير منسوب غلام كان لعمار بن ياسر، له ذكر، وشهد صفين مع عمار رضي الله عنه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود المحمودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن الخشاب - إذناً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى ابن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن السدى عن ابن حريث قال: أقبل غلام لعمار بن ياسر يومئذ اسمه راشد وهو يحمل شربة من لبن ليسقي عماراً، فقال عمار أما إني سمعت خليلي رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن آخر زادك من الدنيا شربة من لبن ثم شرب.
راغب الخادم:
مولى الموفق أبي أحمد بن جعفر المتوكل كان قائداً معروفاً جليلاً، وكان فاضلاً فصيحاً حسن المجالسة وله مال وافر وغلمان متوافرون، ولما مات مولاه انتقل إلى ثغر طرسوس وأقام بها، وابتنى لها دوراً ومساكن له ولمواليه، وكان حين وصل إلى حلب سير ماله وثقله إلى طرسوس، وتوجه إلى خمارويه بن أحمد ابن طولون فأقام عنده مدة، وفرح أهل الثغر بكثرة غلمانه ومقامه بهم عنده، وتوهم أهل طرسوس أن خمارويه قبض عليه فعمدوا إلى والي طرسوس، وهو ابن عم خمارويه فقبضوا عليه ونهبوه وسجنوه إلى أن أطلق لهم راغب وهم خمارويه بعد ذلك بالقبض عليه فعصمه الله منه، وكان له ولمواليه نكاية في العدو، وآثار حسنه في الجهاد، وقيل إنه لما وصل حلب اجتمع بطغج بن جف لما لقيه بحلب، ووعده بأشياء عن خمارويه، فصعد إلى مصر في سنة تسع وستين ومائتين، ورد راغب خادمه مكنون مع سائر أمواله وسلاحه إلى طرسوس، ومضى إلى خمارويه إلى مصر في خمس غلمان، وكتب طغج إلى محمد ابن موسى الأعرج بالقبض على مكنون وما معه، ففعل، ووثب عليه أهل طرسوس ومنعوه من ذلك، وكتبوا إلى خمارويه وقالوا: أطلق لنا راغباً حتى نطلق الأعرج، وأنفذ معه أحمد ابن طغان والياً على الثغور، وعزل عنهم الأعرج. ذكر ذلك ابن أبي الأزهر والقطربلي في تاريخهما الذي اجتمعا على تأليفه.

وذكر أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق فما قرأته في سيرة أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون قال: وفي هذه السنة في صفر منها - يعني سنة ثمان وسبعين ومائتين - مات أبو أحمد الموفق وعقد العهد لابنه أبي العباس، وكان للموفق غلام خادم من جلة غلمانه يعرف براغب، فلما مات مولاه أحزنه موته، فأحب أن يسكن طرسوس، فاستأذن في ذلك، فأذن له، فخرج قاصداً يريد الثغر، وكان خمارويه يومئذ بدمشق فلما بلغ راغب إلى حلب وهم بالدخول إلى طرسوس قيل له: طرسوس من عمل أبي الجيش، وهو بالقرب منك، فلو صرت إليه زائراً وقضيت حقه، وعرفته ما عزمت عليه من المقام بالثغر ما ضرك ذلك، وكان أجل لمحلك وأقوى لك على ما تريده، فبعث بثقله وجميع ما كان معه مع غلام له يعرف بمكنون وأمره أن يتقدمه إلى طرسوس، ورحل هو مخفاً إلى دمشق، فلقي أبا الجيش فأحسن أبو الجيش تلقيه وسر بنظره ووصله وأحسن إليه وكان يكثر عنده ويحادثه، وكانت لراغب عارضه وبيان وحسن عبارة وكان قد رأى الخلفاء وعرف كثيراً من أخبارهم، فكان يصل مجلسه بشي من أخبارهم وسيرهم، فأنس به خمارويه، وكان يستريح إلى حديثه ومذاكرته، فلما رأى راغب ما يخصه به خمارويه من التكرمة والأنس به والاستدعاء إذا تأخر استحيا أن يذكر له الخروج إلى طرسوس، فلما طال مقامه بدمشق ظن مكنون غلامه أن أبا الجيش قد قبض عليه ومنعه من الخروج إلى الثغر، فأذاع ما ظنه عند المطوعة وشكاه إليهم، وأكثر هؤلاء المطوعة من أهل الجبل وخراسان، معهم غلظ الأعجمية وسوء أدب الصوفية فأحفظهم هذا القول وظنوه حقاً، فقالوا: تعمد إلى رجل قد خرج إلى سبيل الله محتسباً نفسه لله عز وجل. وفي مقام مثله في الثغر قوة للمسلمين وكتب لأعدائهم من الكافرين، فتقبض عليه وتمنعه من ذلك جرأة على الله فتلففوا وتجمعوا ومشى بعضهم إلى بعض وأقبلوا إلى واليهم وهو ابن عم خمارويه، فشغبوا عليه، فأدخلهم إليه ليسكن منهم ويعدهم بما يحبون، فقبضوا عليه وقالوا: لا تزال في إعتقالنا أو يطلق صاحبك صاحبنا، فإن قتله قتلناك به، وتسرع سفلهم إلى داره فنبهت وهتكت حريمه ولحقه كل ما يكره، وجاءت الكتب إلى أبي الجيش بذلك فأحضر راغباً وأقرأه الكتب: وقال له: والله ما منعناك ولا حظرنا عليك الخروج ولقد سررنا بقربك وما أوليت وأوليناك إلا جميلاً، وقد جنى علينا سوء ظن غلامك ما لم نجنه فإذا شئت فارحل مصاحباً، وقل لأهل طرسوس: يا جهلة ما يومنا فيكم بواحد تتسرعون إلى ما نكره مرة بعد أخرى ونغضي عنكم، ويحلم الله عز وجل، ولولا المحافظة على ثغر المسلمين وعز الإسلام لا خشية منكم ولا من كثرتكم، وإلى الله الشكوى، ولولا الخوف من غضبه عز وجل لجازيناكم على أفعالكم، فودعه راغب وحل إلى طرسوس، فلما صح عند أهل طرسوس خبر راغب أطلقوا عند محمد بن موسى بن طولون، فلما أطلق قال: أصلح الله بلدكم، ورحل عنهم فسكن بيت المقدس، وكان له دين وفيه خير كثير.
وقرأت في سيرة الأخشيد: تأليف أبي محمد بن زولاق قال: وحدثني أحمد ابن عبيد الله عن أبيه قال: قال: طغج كنت بدمشق أخلف أبا الجيش فجاءني كتابه يأمرني بالمسير إلى طرسوس، وأقبض على راغب وأقتله فسرت إلى طرسوس، وكان شتاء عظيماً فما أمكن أحد أن يتلقاني، فلقيني راغب وحده في غلمانه، وكان له مائتا غلام قد أشحو العدو، فأنزلني وخدمني وقضى حقي فأمسكت عنه وحضرت معه غزاة أشجى فيها العدو فقال لي جماعة من أهل طرسوس: بالله إلا صنت هذا الرجل وأحسنت إليه، ففعلت وآثرت رضا الله عز وجل فانصرفت إلى دمشق وكتب إلى أبي الجيش أعتذر وذكرت أشياء منعتني من القبض على راغب.
قال طغج: فما شعرت وأنا بدمشق حتى وافى أبو الجيش فلقيته وخدمته وجلست معه ليلة الشرب فلما تمكن منه الشراب قال لي: يا طغج شعرت بأنه ما جاء بي إلى دمشق سواك، فاضطربت فلما رآني قد تغرت اقلب الحديث، وانصرفت وأنا خائف منه وعلمت أنه يقتلني كما قتل صافي غلام أبيه بدمشق لأنه سار إليه من مصر وقتله فقتل أبو الجيش تلك الليلة وكفاني الله أمره لأني عملت مع راغب لله فكفيت.

قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي في كتاب سير الثغور الذي وضعه للوزير أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات قال في ذكر طرسوس ومنازلها: ويلاصق شارع البرامكة إلى جهة الغرب دار راغب مولى الموفق بالله، وهي الدار الصغيرة فيها مواليه وموالياته وأولادهم في حجر مفروزة، وكانت الرئاسة فيهم إلى بشرى الراغبي ثم انتقلت إلى أحمد بن بشرى، ووقوفهم بنقابلس وغيرها وضياع في أعمال طرسوس بنواحي باب قلمية، منها ما يضمن، ومنها ما يقوم به الموالي، وذكر من الموالي جماعة من أهل العلم ومن أهل النجدة والشجاعة قد ذكرنا بعضهم في كتابنا هذا، ثم قال بعد ذلك: ثم تسير فتجد عجالين وبيادر حتى تصل بها يسارك إلى دار راغب الكبرى وهي على مثال دار السيدة، غير أن تلك أعلى فناء، وفي هذه الدار خدم وشيوخ من الفرسان المقدمين، منهم أبو هلال الراغبي، وذكر حاله، وقد ذكرناه أيضاً في هذا الكتاب.
قال: وما زال الجهاد بأهل هذه الدار حتى قل عددهم ونفد مددهم، وتفانوا موتاً وقتلاً وأسراً، واختلت جوانبها، حتى رأيت عبد الله بن اشكام الخراساني قد نزلها، ثم رأيت علي بن عسكر بعد نزلها، وخرجنا عن طرسوس وهي معمورة.
وقرأت بخطه في هذا الكتاب: وحدثني أبو بكر أحمد بن أفلح الراغبي قال: سمعت أبي يحدث عن أبيه راغب مولى الراضي بالله أن قبر المأمون هو هذا الذي يظهر في داره المقببة صحيح يعلمه حقاً يقيناً.
قلت: إنما قال مولى الراضي لأن ولاءه في بني العباس وقد ذكر أولاً أن راغب مولى الموفق، وذكر أن أحمد بن أفلح من موالي راغب.
ذكر من اسمه رافع
رافع بن خديج:
ابن رافع بن عدي بن زيد بن عمرو بن يزيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس، أبو عبد الله الحارثي الأوسي الأنصاري، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه، وشهد معه أحداً والخندق وأكثر مشاهده.
روى عنه عبد الله بن عمر وابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع الأنصاري والسائب ابن يزيد ومحمود بن لبيد من الصحابة، ومن التابعين ابن ابنه عبيد الله بن رفاعة بن رافع، وعامر الشعبي ومجاهد بن جبر، وعطاء بن أبي رباح، وأبو النجاشي وعمرة بنت عبد الرحمن، وقيل ابن ابنه عيسى بن سهل بن رافع بن خديج.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وروى زيد بن حسن أنه شهد بصفين على كتاب الحكمين بين علي ومعاوية.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا محمد بن يوسف عن سفيان عن أبيه عن عباية بن رفاعة عن جده رافع بن خديج أن بعيراً ند وليس في القوم إلا خيل يسيرة فرماه رجل بسهم فحبسه فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن لهذه البهائم أوابد كأوابد الوحش فما غلبكم منها فاصنعوا به هكذا.
أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن علي الكاغدي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي.

قال أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر الحزامي قال حدثنا محمد بن طلحة عن بنين ابن ثابت بن أنس بن ظهير وأخته سعدى بنت ثابت عن أبيهما عن جدهما قال: لما كان يوم أحد حضر رافع بن خديج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فكأن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره فقال: هذا غلام صغير وهم برده فقال عم رافع بن خديج ظهير: رافع يا رسول الله ابن أخي رجل رام فأجازه فأصيت يوم أحد بسهم في لبته أو في صدره شك محمد بن طلحة، قال فانتضل النصل فجاء به عمه ظهير بن رافع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله ابن أخي أصيب بسهم، قال ما شئته إن شئت أن تخرجه أخرجناه وإن أحب أن ندعه فإن مات وهو فيه مات شهيداً، قال: أدعه يا رسول الله، قال إبراهيم قال لي محمد بن طلحة: فكان الحسين والمرأة يحدثان عن أبيهما عن جدهما أنه كان يقول كان رافع إذا سعل شخص النصل من وراء اللحم حتى ينظر إليه.
قال لي محمد بن طلحة: هلك رافع بن خديج في زمن معاوية بن أبي سفيان.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال أخبرنا أبو القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال في كتابه إلي قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف ابن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: ومن الصحابة من اسمه رافع جماعة منهم: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم ابن حارثة بن الحارث بن الخزرج أبو عبد الله الأنصاري الحارثي مديني مات قبل ابن عمر في سنة أربع وسبعين ومات وهو ابن ست وثمانين، أجازه النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد، ويقال إنه رمي يوم أحد بسهم فانتقضت في زمن معاوية وأمه خطمة بنت عروة بن مسعود بن سنان بن عامر بن الخزرج، وروى رافع عن رسول الله صلى الله عليه وسلم أحاديث يسيرة وهو ابن أخي ظهير ومظهر بن رافع ابن عدي.
وشهد رافع أحداً والخندق والمشاهد كلها، وكان أصابه يوم أحد سهم في ترقوته فقال النبي صلى الله عليه وسلم: إن شئت نزعت السهم وتركت القطبة وشهدت يوم القيامة أنك شهيد فتركها، وكان إذا ضحك واستغرب بدا ذلك السهم.
أسقط ابن السكن في نسبه بين زيد وجشم عمرو بن يزيد والله أعلم.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة - إذناً - قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: رافع بن خديج الحارثي الأوسي البصري المديني أبو عبد الله الأنصاري، له صحبه، روى عنه السائب بن يزيد ومجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة، سمعت أبي يقول ذلك، وروى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد وعمرة بنت عبد الرحمن.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - فيما كتب به إلينا من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله ابن عبد البر قال: رافع بن خديج بن رافع بن عدي بن زيد بن عمر بن يزيد بن جشم الأنصاري الحارثي الخزرجي، يكنى أبا عبد الله وقيل أبا خديج روي عن ابن عمر أنه قال له: يا أبا خديج، وأمه حليمة بنت مسعود بن سنان بن عامر ابن عدي بن أمية بن بياضة الأنصاري هو ابن أخي ظهير ومظهر ابني رافع بن عدي، رده رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم بدر لأنه استصغره، وأجازه يوم أحد، شهد أحداً والخندق، وأكثر المشاهد، وأصابه يوم أحد سهم، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا أشهد لك يوم القيامة، وانتقضت جراحته في زمن عبد الملك بن مروان فمات قبل ابن عمر بيسير سنة أربع وسبعين وهو ابن ست وثمانين.
قال الواقدي: مات في أول سنة أربع وسبعين وهو بالمدينة.

قال أبو عمر رحمه الله: روى عنه ابن عمر، ومحمود بن لبيد والسائب بن يزيد وأسيد بن ظهير. وروى عنه من التابعين من دون هؤلاء: مجاهد وعطاء والشعبي وابن ابنه عباية بن رفاعة بن رافع وعمرة بنت عبد الرحمن.
شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
قلت: وهكذا نسب ابن عمه أسيد بن ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن عمر بن يزيد بن جشم وكان ابن عمه لحا، وزاد بعد جشم بن حارثة بن الحارث ابن الخزرج بن عمرو بن مالك بن أوس الأنصاري الحارثي.
وقال في ترجمة عمه ظهير بن رافع بن عدي بن زيد بن جشم بن حارثة بن الحارث بن الخزرج بن عمرو، وهو النبيت بن مالك بن الأوس، وشهد أحداً وما بعدها من المشاهد، هو وأخوه مظهر بن رافع، وهو عم رافع بن خديج ووالد أسيد بن ظهير، فذكر نسب أسيد بن ظهير موافقاً لنسب رافع بن خديج، وأدخل في نسبته ظهيراً: عمراً ويزيد فيما بين زيد وجشم كما فعل ابن السائب، وقال في ذكر رافع بن خديج: الحارثي الخزرجي، وليس بخزرجي بل هو أوسي من ولد أوس أخي الخزرج الأكبر الذي هو أصل الخزرج ووقع في نسب رافع الخزرج، وهو الخزرج الأصغر بن عمرو بن مالك بن الأوس لا ينسب إليه الخزرجي وربما توهم أنه من أولاد الخزرج الأكبر أصل الفخذ الثاني، وليس به.
أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: أخبرنا محمد بن معاوية قال: سمعت محمد ابن إسماعيل البخاري يقول: مات رافع بن خديج في زمن معاوية. روى عنه عبد الله بن عمر، وقال ابن نمير، مات سنة أربع وسبعين بالمدينة.
أنبأنا أبو الحسن المقدسي عن ابن بشكوال قال أخبرنا ابن عتاب وابن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن السكن قال: حدثني محمد بن زهير قال: حدثنا نصر بن علي قال: أخبرنا غسان بن مضر عن أبي مسلمة عن أبي نضرة قال: لما مات رافع ابن خديج جعلن النساء يصرخن، أو يبكين، فقال ابن عمر: ويحكن أنه شيخ لا طاقة له بعذاب الله.
رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان القاضي:
أبو المعالي الفاياني، من الفايا قرية كبيرة من أعمال منبج، ولي القضاء بمنبج: وكان فقيهاً حنفياً ورعاً، درس الفقه بمنبج، وكان تفقه على الإمام برهان الدين أبي الحسن علي بن الحسن البلخي، وحدث عنه بأماليه التي أملاها بحلب.
روى عنه الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، وحدثنا عنه الفقيهان: إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم وأبو بكر بن عثمان بن محمد المنبجيان.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه إلينا من حران - وأخبرناه عنه - سماعاً - أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني.
وأخبرنا الفقيه بدر الدين أبو بكر بن عثمان بن قجمك السلوري الحنفي المنبجي بحلب قالا: حدثنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان الفاياني. قال عبد القادر إملاءً في مدرسته بمنبج قال: حدثنا أبو الحسن علي بن الحسن بن محمد بن أبي جعفر البلخي الفقيه بحلب قال: حدثنا القاضي أبو بكر محمد بن الحسن بن منصور قال: أخبرنا الاستاذ أبو محمد عبد العزيز ابن أحمد الحلوائي قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن علي بن إسماعيل القفال قال: حدثنا علي بن إسماعيل قال: حدثنا يحيى بن حكيم قال: حدثنا محمد ابن محمد بن حفص قال: حدثنا عوف عن زراره بن أوفى عن عبد الله بن سلام قال: لما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة انجفل إليه الناس وقيل قدم رسول الله، وكنت فيمن جاء فلما تبينت وجهه عرفت أن وجهه ليس بوجه كذاب، قال: فكان أول ما قال أن قال: أيها الناس أفشوا السلام واطعموا الطعام وصلوا الأرحام بالليل والناس نيام تدخلوا الجنة بسلام.

أخبرنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الرحيم المنبجي الحنفي - قراءة عليه بباب بزاعا - قال: أخبرنا القاضي أبو المعالي رافع بن عبد الله بن نصر بن سليمان بمنبج قال: حدثنا الشيخ الإمام برهان الدين أبو الحسن علي بن الحسن البلخي، إملاء بحلب، قال: حدثنا أبو المعين ميمون بن محمد بن معتمد المكحولي قال: أخبرنا الحسن بن أبي الحسن الفضلي قال: أخبرنا محمد بن علي الصوري قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثنا عمر بن محمد عن إبراهيم بن عبد الله المخرمي عن أبي الفضل عاصم عن مالك بن أنس رحمه الله عن جعفر بن محمد الصادق عن أبيه عن جده عن أبيه الحسين بن علي عن أبيه علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في كل يوم مائة مرة لا إله إلا الله الملك الحق المبين كان له أماناً من الفقر، وأمن من وحشة القبر واستجلب به الغنى واستقرع به باب الجنة.
توفي القاضي رافع بن عبد الله بمنبج في سنة اثنتين وستمائة، أخبرني بذلك إبراهيم بن محمد الأزهر الصريفيني عن بعض أهل منبج.
رافع بن عميرة الطائي:
كان دليلاً بصيراً بالطريق حاذقاً، دل بخالد بن الوليد على طريق السماوة حين سيره إلى الشام، وسلك به المفازة حتى وصل به إلى البشر جبل بالقرب من بالس من أعمال حلب وله ذكر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر - إجازة - قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المقرىء قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن موسى بن عماد قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني والهيثم بن عدي قال: لما مات أبو بكر الصديق رضي الله عنه أمر عمر بن الخطاب خالداً بالمسير إلى الشام والياً من ساعته فأخذ على السماوة حتى انتهى إلى قراقر، وبين قراقر وبين سوى خمس ليال في مفازة، فلم يعرف الطريق فدل على رافع بن عميرة الطائي، وكان دليلاً بصيراً فقال لخالد: خلف الأثقال واسلك هذه المفازة وحدك إن كنت فاعلاً، فكره خالداً أن يخلف أحداً، فقال له رافع والله إن الراكب المنفرد يخشى فيها على نفسه وما يسلكها إلا مغرر فكيف أنت بمن معك؟ فقال: لا بد وأحب خالد أن يوافي المفازة ويأتي القوم بغتة، فقال له الطائي: إن كان لا بد من ذلك فابغ لي عشرين جزوراً سماناً عظاماً، ففعل فظمأهن ثم سقاهن حتى روين، ثم قطع مشافرهن، وشرط شيئاً من ألسنتهن وكمعهن لئلا تجتر لأن الإبل إذا اجترت تغير الماء في أجوافهن وإذا لم تجتر بقي الماء صافياً في بطونهن، ففعل خالد ذلك وتزودوا من الماء ما يكفي الركب، وسار خالد فكلما نزل منزلاً نحر من تلك الجزر أربعاً، ثم أخذ ما في بطونها من الماء فسقيته الخيل، وشرب الناس ما معهم، فلما سار إلى آخر المفازه انقطع ذلك عنهم، وجهد الناس وعطشت دوابهم، فقال خالد الطائي: ويحك ما عندك؟ فقال: أدركت الري إن شاء الله، انظروا هل تجدون عوسجة على الطريق، فوجدوها فقال: احفروا في أسفلها، فاحتفروا فوجدوا عيناً غزيرة فشربوا منها وتزودوا، فقال رافع: ما وردت هذا الماء قط إلا مرة واحدة، وأنا غلام فقال راجز المسلمين.
لله در رافع أني أهتدى ... فوز من قراقر إلى سوى
أرض إذا سار بها الجيش بكى ... ما سار قبلك من أنس أرى
قال: فخرج خالد من المفازه في بعض الليل فأشرف على البشر وذكر تمام الحكاية وقد ذكرناها في آخر الكتاب في المجهولة أسماؤهم.
ذكر من اسمه الربيع
الربيع بن خثيم:
أبو عبد الله، وقيل أبو يزيد الكوفي الثوري، من ثور بن عبد مناة بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر. روى عن عمرو بن ميمون، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن مسعود الهذلي.
روى عنه هلال بن يساف، وأبو عمرو عامر بن شراحيل الشعبي، وأبو عمران إبراهيم بن زيد النخعي والمنذر الثوري أبو يعلى وكثير بن مره وبكر بن ماعز، وسعيد بن مسروق، وهلال بن مينا، وإبراهيم النخعي ونسير بن ذعلوق، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن بن قيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا سعدان بن يزيد البزاز قال: حدثنا علي بن عاصم عن إسماعيل بن أبي خالد عن عامر عن الربيع بن خثيم عن أبي أيوب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال في أول النهار لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير عشر مرات كان معدال أربع رقاب من ولد إسماعيل.
قال عامر: قلت للربيع بن خثيم: من حدثك هذا عن أبي أيوب؟ قال: عبد الرحمن بن أبي ليلى، قال عامر: فلقيت عبد الرحمن بن أبي ليلى فحدثني به.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد ابن محمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن خلاد قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا عبد الرحيم بن راقد قال: حدثنا مسعدة بن صدقة أبو الحسن قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن الربيع بن خثيم عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: سيأتي على الناس زمان تحل فيه العزلة ولا يسلم لذي دين دينه إلا من فر بدينه من شاهق إلى شاهق ومن حجر إلى حجر كالطير بفراخه وكالثعلب بأشباله، ثم قال: ما أبقاه ما اتقاه في ذلك الزمان راعي غنم أقام الصلاة بعلم ويؤتي الزكاة ويعتزل الناس إلا من خير، ولشاة عفراء أرعاها بسلع أحب إلي من ملك بني النضير وذلك إذا كان كذا وكذا.
قال أبو نعيم: هذا حديث غريب من حديث الربيع ومن حديث الثوري لم يروه إلا سعدة بن صدقة وعبد الرحيم بن واقد.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد ابن حمويه قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن خزيم الشاشي قال: أخبرنا أبو محمد عبد بن حميد الكشي قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن منصور عن هلال بن يساف عن ربيع بن خثيم عن عمرو بن ميمون عن عبد الرحمن بن أبي ليلى عن امرأة من الأنصار قالت: قال أبو أيوب قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أيعجز أحدكم أن يقرأ في ليلة ثلث القرآن فإنه من قرأ في ليلة: الله الواحد الصمد فقد قرأ الثلث أو قرأ ثلث القرآن.
قرأت بخط أبي الفتح محمد بن الحسين الأزدي الحافظ: حدثنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن علي بن خلف قال: حدثنا فضل بن عبد الوهاب قال: حدثنا يونس بن أرقم عن هارون بن سعد قال: قلت لمنذر الثوري: أشهد الربيع بن خثيم مع علي شيئاً من مشاهده؟ قال: أما صفين فقد شهدها.
أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري وأبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - قراءة عليهما بحلب في منزلي - قال أبو إسحق: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وقال أبو الحجاج: أخبرنا الشيخ ذاكر بن كامل بن أبي غالب الخفاف وأبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش الآزجي قالوا: أخبرنا أبو طالب عبد القادر بن محمد بن عبد القادر قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز بن مردك بن أحمد البردعي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن سنان الحمصي قال: حدثنا يحيى بن سعيد العطار قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمه بن مرشد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: عامر بن عبد الله وأويس القرني وهرم بن حيان، والربيع بن خثيم، وأبو مسلم الخولاني والأسود بن يزيد ومسروق بن الأجدع والحسن بن أبي الحسن، فذكرهم.

وقال: وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: قد عرفت أن الدواء حق، ولكن ذكرت عاداً وثموداً وقروناً بين ذلك كثيراً كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى. وقال غيره: ولا الناعت بقي ولا المنعوت له، قال: وقيل له: لا تذكر الناس، قال: ما أنا عن نفسي راض فأتفرغ من ذمها إلى ذم الناس، إن الناس خافوا الله في ذنوب الناس وأمنوا على ذنوبهم.
قال: وقيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا، وننتظر آجالنا.
قال: وكان عبد الله بن مسعود إذا رآه قال: وبشر المخبتين، أما إن محمداً لو رآك لأحبك.
قال: وكان الربيع بن خثيم يقول: أما بعد فأعد زادك، وخذ في جهازك، وكن وصي نفسك.
وقال يوسف بن خليل: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبي رحمه الله قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو حميد أحمد بن محمد الحمصي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين، وأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: وذكر جميع ما ذكرناه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: كتب إلينا أبو سعد محمد بن أبي عبد الله المطرز أن أحمد بن عبد الله الحافظ أخبرهم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا يزيد بن عطاء عن علقمة بن مرثد قال: انتهى الزهد إلى ثمانية من التابعين: فأما الربيع بن خثيم فقيل له حين أصابه الفالج: لو تداويت؟ فقال: لقد علمت أن الدواء حق ولكن ذكرت عاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً كانت فيهم الأوجاع وكانت لهم الأطباء فما بقي المداوي ولا المداوى.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن الحداد المقرىء قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبدان بن أحمد قال: حدثنا أزهر بن مروان قال: حدثنا عبد الواحد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن الربيع بن خثيم قال: حدثنا أبو عبيدة بن عبد الله بن مسعود قال: كان الربيع بن خثيم إذا دخل على عبد الله بن مسعود: لم يكن عليه إذن لأحد حتى يفرغ كل واحد من أصحابه، قال: فقال عبد الله: يا أبا يزيد لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك وما رأيتك إلا ذكرت المخبتين.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن إسماعيل عن حماد بن أبي سليمان قال: كان ابن مسعود إذا رأى ربيع بن خثيم قال: مرحباً يا أبا يزيد ويجلسه إلى جنبه، ويقول: لو رآك رسول الله صلى الله عليه وسلم لأحبك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وعبد الرحيم بن يوسف ابن الطفيل قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد السلفي - كتابة - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: الربيع بن خثيم يكنى أبا يزيد، كوفي تابعي ثقة، من أصحاب عبد الله، وكان خياراً، وكان ابن مسعود إذا نظر إليه قال: وبشر المخبتين أما لو رآك نبيك لأحبك، وكان الربيع إذا جاء باب ابن مسعود يستأذن قالت له الجارية: ذاك الأعمى بالباب فيقول ابن مسعود: ليس هذا أعمى، ذاك الربيع بن خثيم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده - إذناً - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: الربيع بن خثيم أبو يزيد الثوري، روى عن ابن مسعود، روى عن إبراهيم النخعي والشعبي ومنذر أبو يعلى وبكر بن ماعز وسريته، سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد بن أبي حاتم: أخبرنا ابن أبي خيثمه في كتابه إلي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي النضر قال: حدثنا أبو النضر قال: حدثنا الأشجعي عن مسعر بن كدام عن عمرو بن مرة عن الشعبي قال: حدثنا الربيع بن خثيم وكان من معادن الصدق.
ذكره أبي عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: الربيع بن خثيم ثقة لا يسأل عنه.
أخبرنا يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: في الطبقة الأولى من التابعين ومنهم المخبت الورع القنع الحافظ لسره، الضابط لجهره المعترف بذنبه، المفتقر إلى ربه أبو يزيد الربيع بن خثيم أحد الثمانية من الزهاد، وقيل إن التصوف مشارفة السرائر ومصارفة الظواهر.
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا خلاد بن يحيى قال: حدثنا سفيان قال: أخبرتني سريه الربيع بن خثيم قالت: كان عمل الربيع كله سراً، إن كان ليجىء الرجل وقد نشر المصحف فيغطيه بثوبه.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن رجل عن الربيع بن خثيم أنه كان يجهر بالقراءة فإذا سمع وقعاً خافت.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبو معمر قال: حدثنا مبارك بن سعيد عن أبيه قال: قيل لأبي وائل: أنت أكبر أم الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سناً، وهو أكبر مني عقلاً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: سمعت أبا الفتح إسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي يقول: حدثنا جدي قال: حدثنا علي بن محمد بن مهرويه قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أحمد بن حنبل عن عبد الرحمن بن سفيان عن أبيه عن أبي وائل وقيل له: أيكما أكبر أنت أو الربيع بن خثيم؟ قال: أنا أكبر منه سناً وهو أكبر مني عقلاً.
أخبرنا أبو الحجاج الآدمي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا مالك بن مغول عن الشعبي قال: ما جلس الربيع في مجلس منذ تأزر وقال: أخاف أن نظلم رجل فلا أنصره أو يفتري رجل على رجل فأكلف عليه الشهادة ولا أغض البصر ولا أهدي السبيل أو يقع لحامل فلا أحمل عليه.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن، قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بكر بن مروان قال: حدثنا أبو قلابة قال: حدثنا موسى بن مسعود قال: سمعت سفيان الثوري يقول: قيل للربيع بن خثيم: لو أرحت نفسك؟ قال: راحتها أريد.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي عن أبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن الصباح قال: حدثنا شعيب ابن حرب عن مالك بن مغول عن الشعبي قال: لم يجلس الربيع بن خثيم في طريق منذ تأزر، قلا: أخاف أن يفتري رجل على رجل فأتكلف الشهادة، أو تقع حمولة وغض البصر.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسن بن محمد الخلال قال: حدثنا محمد بن علي الوراق قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا جعفر قال: سمعت مالكاً يقول: قالت ابنة الربيع لأبيها: مالي أرى الناس ينامون وأنت لا تنام؟ قال: جهنم لا تدعني أنام.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن رسته قال: حدثنا أبو أيوب قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: سمعت مالك بن دينار يقول: قالت ابنة الربيع للربيع: يا أبة مالك لا تنام والناس ينامون؟ فقال: إن النار لا تدع أباك ينام.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن يزيد بن خنيس عن سفيان قال: بلغنا أن أم الربيع بن خثيم كانت تنادي ابنها الربيع فتقول: يا بني يا ربيع ألا تنام؟ فيقول: يا أمة من جن عليه الليل وهو يخاف البيات حق له أن لا ينام ! قال: فلما بلغ ورأت ما يلقى من البكاء والسهر نادته فقالت: يا بني لعلك قتلت قتيلاً؟ فقال: نعم يا والدة قد قتلت قتيلاً، فقالت، ومن هذا القتيل يا بني حتى نتحمل على أهله فيعفوك، والله لو يعلمون ما تلقى من البكاء والسهر بعد لقد رحموك، فيقول: يا والدة هي نفسي.
قال أبو نعيم: حدينا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا أحمد بن مساور قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن نسير بن ذغلوق عن بكر بن ماعز قال: انطلق الربيع بن خثيم وابن مسعود إلى شاطىء الفرات فمر بتلك الحدادين، فلما رأى تلك النيران خر مغشياً عليه فجاء به ابن مسعود يحمله إلى داره، فانطلق فصلى بالناس الظهر فرجع إليه: يا ربيع يا ربيع، فلم يجبه، فرجع وصلى بالناس العصر، ثم رجع إليه: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه فانطلق فصلى بالناس المغرب، ثم رجع: يا ربيع يا ربيع فلم يجبه، ثم رجع فصلى بالناس العشاء الآخرة، ثم رجع إليه: يا ربيع فلم يجبه حتى ضربه برد السحر.
قال أبو نعيم: رواه أبو وائل عن عبد الله حدثناه أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا عيسى بن سلم عن أبي وائل قال: خرجنا مع عبد الله بن مسعود ومعنا الربيع بن خثيم فمررنا على حداد فقام عبد الله ينظر حديدة في النار فنظر ربيع إليها فتمايل يسقط، فمضى عبد الله حتى أتينا على أتون على شاطىء الفرات فلما رآه عبد الله والنار تلتهب في جوفه قرأ هذه الآية: " إِذا رأتهم من مكان بعيد سمعوا لها تغيظاً وزفير اً " إلى قوله: " ثبوراً " فصعق الربيع فاحتملناه فجئنا به إلى أهله قال: ثم رابطه عبد الله إلى الظهر فلم يفق، ثم رابطه إلى العصر فلم يفق، ثم رابطه إلى المغرب فلم يفق، ثم إنه أفاق فرجع عبد الله إلى أهله.
قال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا حسين بن علي عن محمد عن رجل من أسلم من المبكرين إلى المسجد قال: كان الربيع بن خثيم إذا سجد فكأنه ثوب مطروح فتجىء العصافير فتقع عليه.

وقال: حدثنا أبو حامد بن جبله قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا ابن فضيل عن أبيه عن سعيد بن مسروق عن الربيع ابن خثيم أنه لبس قميصاً سنبلانياً أراه ثمن ثلاثة دراهم أبو أربعة فإذا مد كمه بلغ أظفاره وإذا أرسله بلغ ساعده، فإذا رأى بياض القميص قال: أي عبيد تواضع لربك ثم يقول: أي لحيمة، أي دمية كيف تصنعان إذا سيرت الجبال ودكت الأرض دكاً دكاً. وجاء ربك والملك صفاصفا. وجىء يومئذ بجهنم.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن سعيد قال: حدثنا أبو حيان قال: حدثني أبي قال: كان ربيع بعدما سقط شقه يهادي بين رجلين إلى مسجد قومه فكان أصحاب عبد الله يقولون: يا أبا يزيد لقد رخص الله لك، لو صليت في بيتك؟ فيقول: إنه كما تقولون ولكني سمعته ينادي حي على الفلاح فمن سمع منكم ينادي حي على الفلاح فليجبه ولو زحفاً ولو حبواً.
قال: رواه جرير عن أبي حيان نحوه حدثناه أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس الثقفي قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: أصاب الربيع الفالج فكان يحمل إلى الصلاة فقيل له: إنه قد رخص لك؟ فقال: لقد علمت، ولكني أسمع النداء بالفلاح.
قلت: وقد رواه عبد الله بن المبارك عن سفيان عن أبي حيان مثله.
أخبرناه الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن أبي المعالي الصالحي قال: أخبرنا عمر بن أبي الحسن قال: قرأت على محمد بن الحسين الإمام: أخبركم محمد ابن عبد العزيز قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا حماد بن أحمد وعبد الله بن محمود قالا: أخبرنا إبراهيم الخلال قال: أخبرنا عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان عن أبي حيان عن أبيه قال: عرض لربيع بن خثيم الفالج فكان يهادي بين رجلين، فقيل له: يا أبا يزيد لو جلست فإن لك رخصة فقال: إني أسمع حي على الفلاح فإذا سمع أحدكم حي على الفلاح فليجب ولو حبواً.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني زياد بن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد الصدائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن عجلان عن نسير قال: بت بالربيع بن خثيم ذات ليلة فقام يصلي فمر بهذه الآية: أم حسب الذين اجترحوا السيئات الآية فمكث ليلته حتى أصبح ما يجوز هذه الآية إلى غيرها ببكاء شديد.
قال أبو نعيم حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا علي بن يزيد قال: حدثنا حماد الأصم الحماني عمن حدثه - بعض أصحاب الربيع - قال: ربما علمنا شعره عند المساء وكان ذا وفرة ثم يصبح والعلامة كما هي فنعرف أن الربيع لم يضع جنبه ليله على فراشه.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو النضر العجلي قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا سفيان عن نسير بن ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم يبكي حتى تبل لحيته دموعه فيقول: أدركنا أقواماً كنا في جنبهم لصوصاً.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا يوسف الصفار قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن عاصم قال: قيل للربيع بن خثيم ألا تمثل ببيت شعر فقد كان أصحابك يتمثلون؟ قال ما من شيء يتكلم به إلا كتب وأنا أكره أن أقرأ في إمامي بيت شعر يوم القيامة.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد الحنبلي - بنابلس - قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله. قال: أخبرنا الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني العباس بن جعفر قال: حدثنا محمد بن سعيد عن أبي بكر بن عياش عن عاصم قال: قال رجل للربيع ابن خثيم ما يمنعك أن تمثل بيتاً من شعر فإن أصحابك كانوا يفعلون ذلك؟ قال: إنه ليس أحد يتكلم بكلام إلا كتب ثم يعرض عليه يوم القيامة وإني والله أكره أن أقرأ في إمامي يوم القيامة بيت شعر.

أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: حدثنا غسان ابن المفضل الغلابي قال: سمعت من يذكر أن الربيع بن خثيم كان بالأهواز ومعه صاحب له فنظرت إليه امرأة فتعرضت له ودعته إلى نفسها، فبكى الشيخ، فقال له صاحبه: ما يبكيك؟ قال: إنها لم تطمع في شيخين إلا ورأت شيوخاً مثلنا.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أبي المحاسن القرشي التاجر قال: أخبرنا أبو السعادات بن زريق وشهدة بنت الآبري الكاتبة.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي النحوي قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن محمد قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار العطاردي قال: حدثنا حفص بن غياث عن الأعمش عن إبراهيم قال: جاء الربيع بن خثيم إلى علقمة فدخل المسجد وكان في جانب المسجد جماعة من النساء فجعلن يمررن عليه في المسجد فغض بصره فلا يلتفت يميناً ولا شمالاً.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو همام قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال فلان: ما رأى ربيعاً تكلم كلاماً منذ عشرين عاماً إلا بكلمة نصعد.
وقال أبو نعيم حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سفيان عن منصور عن إبراهيم قال: قال رجل: صحبنا ربيع بن خثيم عشرين سنة فما تكلم إلا بكلمة نصعد، وقال آخر: صحبته سنتين فما كلمني إلا كملتين.
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا شجاع بن الوليد عن سفيان الثوري عن رجل من بني تيم الله قال: جالست الربيع عشر سنين فما سمعته يسأل عن شيء من أمر الدنيا إلا مرتين قال مرة: حية والدتك؟ وقال مرة: كم لكم مسجد؟.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي - قراءة عليه - قال: أخبرنا الشريف أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بن الحسن المكي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن إبراهيم العبقسي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم الديبلي قال: حدثنا أبو صالح محمد بن الأزهر المعروف بابن زنبور قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا الأعمش عن منذر الثوري قال: كان الربيع يكنس الحش مراراً فيقال له، فيقول: إني أريد أن آخذ نصيبي منه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين ابن صفوان البرذعي قال حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا داوود بن عمرو الضبي قال: حدثنا محمد بن الحسن الأسدي عن مفضل عن رجل عن إبراهيم - يعني - التيمي قال: أخبرني من سمع الربيع بن خثيم عشرين سنة لم يتكلم بكلام لا نصعد.
وقال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا محمد بن فضيل قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: ما سمعت الربيع بن خثيم يذكر شيئاً من أمر الدنيا قط.
أخبرنا الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر عن الربيع بن خثيم أنه كان يكنس الحش بنفسه فقيل له: إنك تكفى هذا، قال: إني أحب أن آخذ بنصيبي من المهنة.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن مالك بن مغول عن الحسن قال: قيل للربيع بن خثيم يا أبا عبد الله لو جالستنا فقال: لو فارق ذكر الموت قلبي ساعة فسد علي.

وقال: حدثنا أبو أحمد الغطريفي قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا غالب بن الوزير الغزي قال: حدثنا حفص بن عمر قال: كان الربيع بن خثيم لا يعطي السائل أقل من رغيف ويقول: إني لأستحي من ربي أن أرى غدا في الميزان نصف رغيف.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا محمد بن فضيل عن عبد الرحمن بن عجلان عن نسير ابن ذعلوق قال: كان الربيع بن خثيم إذا جاءه سائل قال: أطعموه سكراً فإن الربيع يحب السكر.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم أنه قال لأهله: اصنعوا لنا خبيصاً فصنعوه له فدعا رجلاً به خبل فجعل يلقمه ولعابه يسيل، فلما ذهب قال أهله: يكلفنا وصنعنا ما يدري هذا ما أكل ! قال الربيع: لكن الله يدري.
وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن عمرو بن مرة عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم خبل من الفالج فكان يسيل من فيه لعاب، قال: فمسحته يوماً فرآني كرهت ذلك، قال: والله ما أحب أنه بأعتى الديلم على الله عز وجل.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله.
وأخبرنا محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو عبد الله الارتاحي عن أبي الحسن بن الفراء قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا هاشم بن الوليد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: حدثنا عاصم قال: كان الربيع بن خثيم يصلي فسرق فرسه فقال له غلامه: يسرق فرسك وأنت تنظر إليه، هذا عمل الناس؟ قال: كنت بين يدي الله عز وجل ولم أكن أصرف وجهي عن الله تعالى.
أخبرنا يوسف الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا عطاء بن مسلم قال: سمعت العلاء بن المسيب يقول: سرق للربيع بن خثيم فرس فقال أهل مجلسه: ادع الله عليه، قال: بل أدع الله له: اللهم إن كان غنياً فأقبل بقلبه، وإن كان فقيراً فأغنه.
وقال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبه قال: حدثني أبي وعمي أبو بكر قالا: حدثنا عبد الله بن إدريس عن عمه عن الشعبي - وذكر أصحاب عبد الله - فقال: أما الربيع فأورعهم ورعاً.
وقال: أخبرنا أحمد قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا عبيد بن يعيش قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا مالك بن مغول قال: قال الشعبي: أصفهم لك - يعني أصحاب عبد الله كأنك شهدتهم - كان الربيع ابن خثيم أشدهم ورعاً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد بن الحسين الحلبيان بحلب والقاضي حسن بن عامر العباسي الكلابي البابي بباب بزاعا قالوا: أخبرنا أبو الفرج الثقفي قال: حدثنا أبو علي بن أحمد الحداد - قراءة عليه وأنا حاضر - قال: حدثنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الله بن علي المعروف بابن أبي الغرائم قال: حدثنا أبو عمرو أحمد ابن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبد الله - يعني - بن موسى قال: حدثنا الربيع بن منذر عن أبيه عن الربيع بن خثيم في قوله: ومن يتق الله يجعل له مخرجا قال: من كل أمر ضاق على الناس.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر ابن ماعز عن الربيع بن خثيم قال: يا بكر بن ماعز اخزن لسانك إلا فيما لك ولا عليك.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني شريح بن يونس قال: حدثنا المبارك بن سعيد عن رجل عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: يا بكر ابن ماعز اخزن لسانك إلا فيما لك فإني اتهمت الناس على ديني.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن بكر بن ماعز قال: قال لي الربيع بن خثيم: يا بكر بن ماعز اخزن عليك لسانك إلا مما لك ولا عليك فإني اتهمت الناس على ديني أطع الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد - يعني - ابن مسروق عن منذر الثوري قال: كان الربيع إذا أتاه الرجل يسأله قال: إتق الله فيما علمت، وما استؤثر به عليك فكله إلى عالمه لأنا عليكم في العمد أخوف مني عليكم في الخطأ، وما خيرتكم اليوم بخير ولكنه خير من آخر شر منه وما تتبعون الخير حق اتباعه وما تفرون من الشر حق فرارة، ولا كل ما تقرؤون تدرون ما هو، ثم يقول: السرائر السرائر اللاتي يخفين من الناس وهن لله تعالى بواد، والتمسوا دواءهن، ثم يقول: وما دواءهن إلا أن تتوب ثم لا تعود.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا النضر بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الملك بن الأصبهاني عمن حدثه عن الربيع بن خثيم أنه قال لأصحابه: تدرون ما الداء والدواء والشفاء؟ قالوا: لا، قال: الداء الذنوب والدواء الاستغفار والشفاء أن تتوب ثم لا تعود.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أنبأنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر، قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله ابن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - إجازة - قال: اخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا قبيصة عن سفيان الثوري قال: قال الربيع بن خثيم: داء البدن الذنوب ودواؤها الاستغفار وشفاؤها ألا تذنب في الدنيا.
قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا عبد الصمد بن يزيد قال: سمعت فضيل بن عياض يقول: كان الربيع بن خثيم يقول في دعائه: أشكو إليك حاجة لا يحسن بثها إلا إليك فاستغفرك منها وأتوب إليك.
وقال حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان الهروي قال: حدثنا أحمد بن عمرو بن عبيدة العصفري قال: حدثنا عثمان ابن زفر قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع بن خثيم: من استغفر الله كتب في راحته آمن من العذاب.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال: حدثنا عبد الله بن محمد العبسي قال: حدثنا حفص بن عتاب عن أشعث عن ابن سيرين عن الربيع بن خثيم قال: أقلوا الكلام إلا بتسع: تسبيح، وتكبير، وتهليل، وتحميد، وسؤالك الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءة القرآن.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي قال أخبرتنا تجني بنت عبد الله قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع بن خثيم يقول: لا خير في الكلام إلا في تسع: تهليل الله، وتكبير، وتسبيح، وتحميد وسؤالك من الخير، وتعوذك من الشر، وأمرك بالمعروف، ونهيك عن المنكر، وقراءتك القرآن.
أخبرنا الشريف أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن عبد الله بن طاووس الشامي، إمام جامع دمشق بها، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب بالأنبار قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن محمد بن يوسف بن محمد العلاف قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثنا عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع بن خثيم عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز عن الربيع بن خثيم أنه كان إذا قيل له: كيف أصبحت؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن عمر بن ذر قال: قيل للربيع بن خثيم: كيف أصبحت يا أبا يزيد؟ قال: أصبحنا ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: حدثنا سفيان الثوري عن أبيه عن أبي يعلى قال: كان الربيع إذا قيل له كيف أصبحتم؟ يقول: ضعفاء مذنبين نأكل أرزاقنا وننتظر آجالنا.
قال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا شريح بن يونس قال: حدثنا إسماعيل بن جعفر عن حبيب بن حسان عن مسلم البطين أن الربيع بن خثيم جاءته ابنته فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ قال: اذهبي فقولي خيراً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا الحسين بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن المنذر قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن عمران الأخنسي قال: محمد بن فضيل حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: رأيت لبنت الربيع بن خثيم ابنة فقالت: يا أبتاه أذهب ألعب؟ فقال: يا بنية اذهبي قولي خيراً.
وقال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثني محمد ابن عبد الله الأسدي قال: حدثنا قيس بن سليم العنبري عن خوات التيمي قال: جاءت أخت الربيع بن خثيم عائدة إلى بني له فانكبت عليه فقالت: كيف أنت يا بني؟ فجلس ربيع فقال: أرضعتيه؟ قالت: لا، قال: ما عليك لو قلت يا بن أخي فصدقت.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا سهل بن محمود قال: حدثنا مبارك بن سعد عن ياسين الزيات قال: جاء ابن الكواء إلى الربيع بن خثيم قال: دلني على من هو خير منك، قال: نعم من كان منطقة ذكراً وصمته تفكراً، ومسيره تدبراً فهو خير مني.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن المساور قال: حدثنا سهل بن عثمان قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال ابن الكواء للربيع بن خثيم: ما نراك تعيب أحداً ولا تذمه؟ فقال: ويلك يا بن الكواء ما أنا عن نفسي براض فأتفرغ من ذنبي إلى حديث الناس إن الناس خافوا الله على ذنوب الناس وأمنوه على نفوسهم.

وقال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو همام قال: حدثنا سعيد بن عبد الله بن الربيع عن أبي طعمة نسير بن ذعلوق عن بكر بن ماعز قال: قال الربيع بن خثيم: الناس رجلان مؤمن وجاهل، فأما المؤمن فلا توده وأما الجاهل فلا تجاهله.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا خلف بن خليفة عن سيار أبي الحكم عن أبي وائل قال: أتينا الربيع بن خثيم فقال ما جاء بكم؟ قلنا: جئنا لنحمد الله ونحمده معك ونذكر الله ونذكره معك، قال: الحمد لله الذي لم تأتوني تقولون: جئنا تشرب فنشرب معك وتزني فنزني معك ! أخبرنا عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجنى بنت عبد الله قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا الحسين ابن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني علي بن الحسن عن زيد بن الحباب عن صالح بن موسى عن أبيه قال: سمع الربيع بن خثيم رجلاً يلاحي رجلاً، فقال له: لا تلفظ إلا بخير ولا تقل لأخيك إلا ما تحب أن تسمعه من غيرك فإن العبد مسؤول عن لفظه محصى عليه ذلك، أحصاه الله ونسوه.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا أبو قدامة عبد الله بن سعيد قال: حدثنا سفيان عن سالم ابن أبي حفصة عن منذر الثوري عن الربيع بن خثيم قال: حرف وأيما حرف: من يطع الرسول فقد أطاع الله.
وقال أبو نعيم: حدثنا أبو بكر مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا أبو الأحوص عن سعيد بن مسروق عن منذر الثوري قال: قال الربيع بن خثيم سورة يراها الناس قصيرة، وأنا أراها طويلة عظيم لله تعالى بحتاً ليس لها خلط فأيكم قرأها فلا يجمعن إليها شيئاً استقلالاً لها وليعلم أنها مجزية، يعني سورة الاخلاص.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن مقاتل قال: حدثنا ابن المبارك عن سفيان.
قال: وحدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا جعفر بن الصباح قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا الأشجعي قال: ما سمعت سفيان يقول: قال الربيع ابن خثيم: أريدوا هذا الخير بالله تنالوه لا بغيره، وأكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله، فإن الغائب إذا طالت غيبته رجيت جيئته وانتظره أهله وأوشك أن يقدم عليهم.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا أبو بكر قال: حدثنا سعيد بن عبد الله عن نسير عن بكر بن ماعز قال: كان الربيع يقول: أكثروا ذكر هذا الموت الذي لم تذوقوا قبله مثله.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبيه عن أبي يعلى عن الربيع بن خثيم قال: ما غائب ينتظره المؤمن خير من الموت.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن سنان قال: حدثنا أبو العباس قال: حدثنا هناد قال: حدثنا أبو زبيد عن حصين قال: قال الربيع بن خثيم: عجبت لملك الموت ولثلاثة: لملك ممنع في حصونه يأتيه ملك الموت فينتزع نفسه ويدع ملكه خلفه، ومسكين منبوذ بالطريق يقذره الناس أن يدنوا منه لا يقذره ملك الموت أن يأتيه فينزع نفسه، ولطبيب نحرير يأتيه ملك الموت فينزع نفسه، ويدع طبه خلفه.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن مصعب قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا مروان بن معاوية قال: حدثنا الربيع بن المنذر عن أبيه قال: قال الربيع: يا منذر، قلت: لبيك، قال: لا يغرنك كثرة اليأس من نفسك فإنه خالص إليك عملك.
وقال: حدثنا أبو بكر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أحمد بن إبراهيم قال: حدثني عثمان بن زفر قال: حدثنا ربيع بن منذر عن أبيه الربيع بن خثيم قال: كل ما لا تبتغي به وجه الله يضمحل.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال: سمعت محمد بن النضر الحارثي قال: كان الربيع بن خثيم يقول تفقه ثم اعتزل.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحسن الموحد قال: أخبرنا أبو المظفر هناد بن إبراهيم النسفي القاضي قال: سمعت علي بن عمر ابن بلال قال: سمعت علي بن أحمد بن علي الوراق قال: سمعت محمد بن الحسن الزاهد يقول: أصاب ابن خثيم فالج فقيل له: لو تداويت؟ فقال: قد هممت ثم ذكرت عاداً وثموداً وقروناً بين ذلك كثيراً كانت فيهم الأوجاع وكان فيهم الأطباء فهلك المداوى والمداوي ولم يغن الدواء شيئاً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الرحمن الكشميهني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين القاري قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن شاذان قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبيد القرشي قال: حدثني أبي قال أخبرنا علي بن شقيق عن عبد الله بن المبارك عن سفيان الثوري قال: كتب الربيع خثيم إلى بعض أخوانه أن زم جهازك وكن وصي نفسك ولا تجعل أوصياءك الرجال.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد ابن سلم قال: حدثنا هناد بن السري قال: حدثنا المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: أنظروني، قال: فتفكر، ثم قال: عاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً قال: فذكر من حرصهم على الدنيا ورغبتهم كانت فيها، وقال: قد كانت فيهم أطباء وكان فيهم مرضى ولا أرى المداوي بقي ولا المداوى، وأهلك الناعت والمنعوت، لا حاجة لي فيه.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بن أبي بكر قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد الأرناحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين. قال ابن حمد: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن علي الوراق قال: حدثنا الحماني عن المحاربي عن عبد الملك بن عمير قال: قيل للربيع بن خثيم في مرضه الذي مات فيه: ألا ندعو لك طبيباً؟ قال: أنظروني أتفكر، فقال: إن عاداً وثموداً وأصحاب الرس وقروناً بين ذلك كثيراً قد كانت فيهم أطباء فلما أرى المداوي بقي ولا المداوى.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا أبو حيان التيمي عن أبيه قال: كتب الربيع بن خثيم وصيته: بسم الله الرحمن الرحيم هذا ما أوصى به الربيع بن خثيم وأشهد الله عليه وكفى به شهيداً وجازياً لعباده الصالحين ومثيباً بأن رضيت بالله رباً، وبالاسلام ديناً وبمحمد نبياً، وأن آمر نفسي ومن أطاعني أن نعبد الله في العابدين ونحمده في الحامدين وأن ننصح لجماعة المسلمين.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ: قال حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن موسى بن العباس قال: حدثنا اسماعيل بن سعيد قال: حدثنا جرير عن أبي حيان التيمي عن أبيه قال: كانت وصية الربيع: هذا ما أوصى به الربيع.

قال وحدثنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا سفيان عن أبيه عن منذر الثوري عن الربيع أنه أوصى عند موته فقال: هذا ما أوصى به الربيع على نفسه وأشهد الله عليه وكفى به شهيداً وجازياً لعباده الصالحين ومثيباً بأني رضيت بالله رباً، وبمحمد نبياً، وبالاسلام ديناً، ورضيت لنفسي ومن أطاعني بأن أعبده في العابدين، وأحمده في الحامدين وأنصح لجماعة من المسلمين.
قال أبو نعيم رواه شعبة عن سعيد بن مسروق عن الربيع. قال شعبة: فقلت لسعيد: من حدثك بهذا؟ قال: حدثنيه الحسن عن الربيع مثله.
قال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن أبي سهل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا ابن مهدي عن سفيان عن سرية الربيع قال: لما حضر الربيع بكت ابنته، فقال: يا بنية لم تبكين، قولي، يا بشراي لقي أبي الخير.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن حمد بن حماد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحسين بن عمر الفراء في كتابه عن أبي إسحق الحبال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر الحسين، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال: حدثني أبو الحسن بن الحسين قال: حدثنا محمود بن محمد قال: حدثني محمد بن علي قال: حدثنا الفريابي قال: حدثنا سفيان عن أبي حيان أن الربيع بن خثيم قال عند موته: لا تعلموا بي أحداً وسلوني إلى ربي سلاً.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي ابن قانع قال: سنة إحدى وستين: الربيع بن خثيم، يعني مات فيها.
الربيع بن زياد بن سابور:
ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب، كان بالرصافة كاتباً لهشام ابن عبد الملك على الرسائل، وولي خاتمه وحجابه وحرسه، وحكى عن هشام بن عبد الملك، وحكى عنه علي بن محمد المداري.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في تسمية عمال هشام: الخاتم: الربيع بن زياد بن سابور مولى بني الحريش الحرشي الحرس نصير مولاه، ثم عزله وولى الربيع بن زياد مع الخاتم الصغير والخاصة.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الربيع بن زياد بن سابور، ويقال ابن سليم بن سابور الحرشي مولاهم الكاتب كان حاجباً لهشام بن عبد الملك وكان على خاتمه وحرسه وحكى عن هشام، حكى عنه علي بن محمد المداري وأظنه لم يلقه.
وذكر أبو الحسين الرازي أن الربيع بن زياد كان كاتباً لهشام بن عبد الملك على الرسائل والخاتم.
ربيع بن عبد الله الحموي الشامي:
كان من أهل حماة، روى عنه الشريف النسابة أبو عبد الله محمد بن أسعد ابن علي الجواني ونقلت من خطه في كتاب المسمى بالجوهر المكنون في النسب. قال مؤلف هذا الكتاب الشريف النسابة، وكان أحد شيوخي في الحديث، ويسمى ربيع بن عبد الله الحموي الشافعي، يرقي العقرب ويأخذها بعد أن يتفل عليها قدامي، ويقول شيئاً لا أفهمه، فسألته: ما تقول عليها؟ فقال: لي رقية من بعض شيوخي يسندها عن بعض من هاجر إلى الحبشة أنه سمعها من الحبشة يقولونها ويأخذون العقرب بها وهي: هلسا بلسا بكفى فينا، برزاثا بد هدو، هدو، دار يكز بالشيينرز بكز مما ركز مؤنسه سمنكرة كرنكر، أره ثم قالها عليها قدامى بعد أن تفل عليها من ريقه، وأخذها، وقال لي: خذها أنت أيضاً فقلت: يا شيخ غر غيري، والله لا مسستها أبداً ولا دنوت منها إلا أن تكون ميتة، وإذا كانت ميتة ما أمسكها استقذاراً لها.
ربيع بن محمود بن هبة الله:

أبو الفضل المارديني أحد الأولياء المعروفين بالكرامات، ورد حلب مراراً، وكان له مع عمي أبي غانم ووالدي صحبة، وكان إذا قدم حلب نزل بالمسجد المعروف بنا، الذي أنشأه جد أبي أبو غانم محمد، وعمر له والدي زاوية إلى جانب هذا المسجد كان ينزلها إذا قدم حلب، وآخر قدمه قدم حلب قبل الستمائة أو فيها، وخرج والدي وعمي إلى لقائه وأنا معهما، فالتقيناه خارج باب الأربعين بالقرب من خان مجد الدين، وكنت إذ ذاك صبياً لم أبلغ الحلم، وسمع الملك الظاهر غازي بقدومه فخرج إلى لقائه، فوصل طارداً فرسه إلينا ونحن معه شرقي مسجد السبرير فترجل له عن فرسه، ومشى إليه وتبرك به، ودخل ونحن معه إلى الشيخ علي بن الصكاك أبي الحسن الفارسي وأحضرني والدي بين يديه بحضرة الشيخ أبي الحسن واستقرأني شيئاً من القرآن العظيم فقرأته، ودعا لي رحمه الله، وسمعته في ذلك اليوم يقول للشيخ أبي الحسن: يا شيخ مت حتى نموت فاتفق أن الشيخ أبا الحسن توفي سنة إحدى وستمائة ثم توفي ربيع في أوائل سنة اثنتين وستمائة ثم إن الشيخ ربيع انفصل من زاوية الشيخ علي الفاسي ودخل معنا إلى المسجد، فأقام به عندنا مدة، ثم سافر.
وكان الشيخ ربيع الحنفي المذهب، وسمع الحديث من الحافظ أبي محمد القاسم بن علي ابن الحسن، وروى عنه وعن ابن أبي الضيف المكي، روى لنا عنه أبو الفضل محمد بن هبه الله بن أحمد بن قرناص، وعمى أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وحكى لي عنه أبو موسى عيسى بن سلامة الحضرمي وأبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر الجزري الكردي، والأمير علي بن سليمان بن ايداش أمير الحاج الشامي، والقاضي أبو عبد الله محمد بن شيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن الاستاذ، وعمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله والشيخ أبو القاسم الأسعردي نزيل البيت المقدس وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد.
أخبرنا أبو الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص بحلب قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو الفضل ربيع بن محمود بن هبة الله المارديني بحماة، وقد قدم علينا سنة إحدى وتسعين وخمسمائة.
قال أخبرنا الحافظ أبو محمد القاسم بن الإمام أبي القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الشافعي الدمشقي قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن المسلم بن محمد بن الفتح السلمي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد ابن أحمد بن طلاب الخطيب - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن جميع الغساني بصيدا - قراءة منه علينا في داره - قال: حدثنا أبو سعيد الأذني قال: مكتوب على حاشية التوراة: اثنين وعشرين حرفاً يجتمعون إليها علماء بني إسرائيل يقرؤونها كل يوم، أولها: لا كنز أنفع من العلم، ولا مال أربح من الحلم، ولا حسب أربح من الأدب، ولا نسب أوضع من الغضب، ولا قدر أزين من العقل، ولا قرين أشين من الجهل، ولا شرف أكبر من التقوى، ولا كرم أجود من ترك الشهوات، ولا عقل أفضل من التقى، ولا حسنة أعلى من الصبر، ولا سيئة أسوأ من الفقر، ولا دواء ألين من الرفق، ولا داء أوجع من الحزن، ولا دليل أوضح من الصدق، ولا غناء أسمى من الحق، ولا فقر أذل من الطمع، ولا عبادة أحسن من الخشوع، ولا زهد خير من القنوع، ولا حياة أطيب من الصحة، ولا حارس أحرس من الصمت، ولا معيشة أهنأ من العافية، ولا غائب أقرب من الموت.
حدثني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وكتبه لي بخطه قال: قال لي الشيخ ربيع بن محمود: كنت مع فقراء في البرية في طريق مكة فتمشيت معهم وأبعدنا أمام الحاج، فقال بعضنا: والله كنا نشتهي في هذا الموضع رطباً، فقال فقير من الجماعة: وتريدون ذلك؟ فقلنا: نعم، فمضى وتوارى عنا فجاءنا برطب رطب وما على الأرض رطبة واحدة فأكلنا.
أنشدني أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري قال: سمعت الشيخ ربيع ينشد هذين البيتين، ونحن سائرون من مكة إلى المدينة ولم نسمعه ينشد غيرهما، وكان لا يرى إنشاد الشعر ولا سماعه وإذا سمع أحدنا ينشد بيتاً ينكر عليه والبيتان.
ليال وأيام تمر حواليا ... من الوصل ما فيها لقاء ولا وعد
إذا قلت هذي مدة قد تصرمت ... أتت مدة أخرى تطول وتمتد

أخبرني الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي قال: كان الشيخ ربيع من أهل ماردين وحكى لي أنه مضى إلى البيت المقدس ليزوره وهو إذ ذاك في يد الفرنج، قال: وكنت أعيش من عمل الفاعل، وكنت أعرف بماردين جماعة من النصارى، فنزلت عندهم في القدس وكنت أعمل عند الرهبان لأنهم لا يمنعوني من الصلاة وكنت أقتات مما يحصل لي من الأجرة، وآخذ ما يفضل لي من الأجرة وأزور به الصخرة، وأزن للذي على باب الصخرة لأخذ الجعل من المسلمين قرطسياً في كل مرة، وكلما فضل لي شيء فعلت به هكذا، ودخلت إلى الصخرة وزرت وصليت، فكنت في بعض الأوقات لا أجد شيئاً فجئت إليه يوماً وليس معي شيء فقال: هات فقلت: ما معي شيء، فقال: ادخل، فأنكر عليه النصارى وقالوا له: كيف تترك هذا الرجل يدخل ولا تأخذ منه شيئاً؟ قال: إنه كان يؤدي الذي يؤديه من وسط قلبه، فلو كان معه شيء لأداه فلهذا تركته.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة بن سليم بن عبد الوارث الحضرمي الحميري قال: كنت سمعت أن الشيخ ربيع بن محمود أمي لا يعرف الخط، وأنه يقرأ القرآن في المصحف فجئت يوماً إلى موضعه الذي يقرأ فيه القرآن فتواريت عنه فسمعته يقرأ سورة الفتح ويؤدي أداء حسناً كأنه مارس القراءة ومهر فيها، فسلمت عليه، وقلت: على من قرأت؟ فقال لي: على الذي أنزله، فقلت: هذا أجدر أن تخبرني به، وأسقي بالقربة، وما يحصل لي في النهار أعمل به جفنة للفقراء مدة اثنتي عشرة سنة ولما كان بعد ذلك جعلت أرى كل من ألقاه يكلمني بكلام حكمة من الطير والدواب والجماد والحيطان وغيرها فشق علي ذلك وقلت لا أطيق حمل هذا لأنني لا أحسن الكتابة، فوقع لي أن آتي النبي صلى الله عليه وسلم وأشكو إليه ما نزل بي فجئته وشكوت إليه ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: يا ربيع ادع الله تعالى أن يسهل عليك قراءة القرآن في المصحف فهي أفضل العبادة، فقمت وتوضأت وجئت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وصليت ركعتين عند ودعوت الله بما أمرني به الرسول صلى الله عليه وسلم ونمت فرأيت النبي صلى الله عليه وسلم وقال لي يا ربيع افتح المصحف واقرأ، فأخذت مصحفاً كان عندي ففتحته وجعلت أتبع سوره ويقع لي أن هذه الكلمة الحمد والأخرى لله، وما بعدها كذلك إلى أن ختمت القرآن جميعه. قال: وصارت عبادته بعد ذلك إلى أن مات رحمه الله.
حدثني الشيخ أبو الحجاج يوسف بن أبي طاهر بن علي الجزري المعروف بالملقن قال: كان الشيخ ربيع بن محمود الماردي قدس الله روحه لا يدخر لغداء من عشاء، ولا لعشاء من غداء، وكان لا يفطر في كل شهر غير يوم أو يومين، ويؤثر أصحابه على نفسه ولا يأكل من مال سلطان ولا جندي ولا من له قطيعة على وقف وصحبناه مدة طويلة في البلاد مثل مكة والمدينة، ودمشق، وغيرها.
قال: وصليت معه ليلة العشاء الآخرة في الحرم الشريف بمكة، فلما فرغ من الصلاة قال لنا: قوموا بنا إلى العمرة، وكنا معه أربعة نفر، وهو، فلما وصلنا إلى التنعيم وأحر منا بالعمرة وأقبلنا إلى مكة ووصلنا إلى متكأ النبي صلى الله عليه وسلم وجلسنا ساعة نتبرك بأثر النبي صلى الله عليه وسلم، ثم قمنا متوجهين إلى مكة فلما قربنا من موضع يقال له الشبيكة قال لنا الشيخ ربيع: قفوا مكانكم فوقفنا، ثم أخذ على يسار الطريق ومشى متياسراً إلى أننا ما بقينا نرى منه في ظلام الليل إلا شبحه، فسمعناه يقول: سلام عليكم ورحمة الله وبركاته فتأملنا وإذا بإنسان واقف معه، فصافحه ووقف معه ساعة ثم عاد إلينا فقال لنا، امضوا فصافحوه، فجئنا فسلمنا عليه وصافحناه فوجدنا يده على غاية من اللين والترف، وقلنا له: ادع لنا، فقال لنا: غفر الله لكم، ثم جذب يده منا ومشى على حاله متوجهاً إلى العمرة، فلما جئنا إلى الشيخ ربيع سألناه عنه فقال: هذا اسمه عبد المجيد اليمني من أهل اليمن يصلي الخمس الصلوات في الحرم ولا يراه أحد.

قال لي يوسف الملقن: ومضيت مع الشيخ ربيع ليلة إلى عمرة الحديبية وصلينا بها المغرب فلما أفطرنا أحرمنا وتوجهنا إلى مكة وكان الطريق وعراً فتهنا عن الطريق فقال لنا الشيخ ربيع: قفوا فان الطريق قد اشتبه علينا في ظلام الليل فوقفنا على على عزيز أن نقف مكاننا إلى الصباح، ثم نمضي ثم بدا للشيخ رأي فقال: سيروا بنا، فما أحسسنا بأنفسنا إلا في مكة حرسها الله، فسألناه - بعد أن طفنا بالبيت وسعينا - عن ذلك وقلنا: أن هذا لعجب قلت لنا: بيتوا فقد تهنا، ثم بدا لك فسرت بنا فجئنا على العادة ولم نته عن الطريق؟ فقال: لما قلت لكم قفوا اشتبه علي الطريق، فقلت لكم ذلك، فبعد ساعة رفع الله البيت لي حتى علا على جميع الجبال فوقع نظري عليه فقصدته ولم أزل أؤمه حتى وصلنا.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة والأمير علي بن سليمان ابن ايداش ابن السلار قالا: قال لنا الشيخ ربيع: كنت بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم قاعداً وجاء رجل تركي من أتراك المدينة إلى فقير في المسجد يستفتيه فقال له ذلك الفقير: امض إلى الشيخ ربيع فهو على مذهبك، يريد أنه حنفي المذهب فجاء إلي فقال أن رجلاً من الزيدية له بنت، وقد سافر عنها زوجها أو غاب وهم يريدون يفسخون النكاح ويزوجوني بها فهل يجوز ذلك لي؟ فقال له الشيخ ربيع: قد ذكر أبو الحسين القدوري في مختصره أنه لا يحل ذلك حتى يبلغ مائة وعشرين سنة من يوم ولد وبعد ذلك تزوج فقال: فأنا أفعل ذلك، قال الشيخ ربيع: فلما انفصل عني أخذني حياء وخجل من النبي صلى الله عليه وسلم وقلت: من أنا حتى أفتي بمحضر من رسول الله صلى الله عليه وسلم أمن الفقهاء أنا أم من المفتين، والله ما هذا إلا جرأة عظيمة وأخذني حياء عظيم وخجل فنمت وأنا قاعد فرأيته صلى الله عليه وسلم وهو يقول لي: أفلحت دنيا وآخرة، لو لم تعرف من العلم إلا هذه المسألة لكفتك، قال: فاستيقظت فسمعته يقول لي وأنا مستيقظ: أفلحت دنيا وآخرة لو لم تعرف من العلم إلا هذه المسألة لكفتك، قال: فطاب قلبي وزال عني ما كنت أجده.
قال لي عمي أبو غانم: قال لي الشيخ ربيع: كنت في طريق مكة ولحق الناس عطش شديد، وكان معي أداوة ملأى من الماء فرأيت اثنين من الصوفية وهما ماشيان وقد اسودت وجوههما من شدة العطش فقلت لهما: تريدان الماء؟ فقالا: نعم فناولتهما الاداوة وقلت: اشربا منها وخليا لي منها فأخذاها فشربا ما كان فيها جميعه ثم دفعاها إلي فأخذتها وربطتها على الجمل فلما نزل الحاج أخذتها وحللتها فإذا هي ملأى من الماء.

أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة الحضرمي قال: سافرت سنة سبع وتسعين وخمسمائة إلى بلاد المغرب فأقمت بها سنة، ثم خرجت إلى الاسكندرية فلما قربت من الاسكندرية رأيت في المنام كأن الشيخ ربيع في الاسكندرية، وقد فتح طاقاً على البحر فدعا وقال في أثناء دعائه: كتب الله سلامتك يا عيسى فبعد يومين أو ثلاثة وصلت إلى الاسكندرية وسمعت أن الشيخ ربيع فيها، فخرجت إليه، وسلمت عليه، وقلت له: رأيتك في المنام البارحة الأولى وقد فتحت الطاق ودعوت بكذا وكذا؟ فقال لي: نعم كذا جرى، ثم قدم لنا طعاماً فيه سمك، ولم يكن له عادة بأكل السمك، فقلت له: أراك تأكل السمك ولم يكن لك بذلك عادة؟ فقال لي: كنت في هذا العام بالبيت المقدس فخرج على قلبي طلوع، ولم يزل يكبر إلى أن صار قدر الأترجة الصغيرة فضيق علي فنمت فرأيت قائلاً يقول لي: إن أردت أن يزول هذا عن قلبك فكل السمك، رأيت ذلك مرتين أو ثلاثة، فعزمت على أكل السمك، وقلت: لا أسأل أحداً فيه، إن قدم بين يدي أكلته وإلا فلا أسأله فأقمت شهرين بالبيت المقدس إلى أن وصل رجل صالح فعزم علي بالتوجه إلى الديار المصرية فرحلت معه إلى الديار المصرية، ونزلت عند ابن السكري ومن عادتهم أن يعملوا لي طعاماً ليس فيه سمك ولا لحم فصنعوا لي أرزاً بلبن، فلما جاء صاحب المنزل بعد العشاء الآخرة طلب الأرز، وكان قد جاء إلى المرأة هدية زبدية فيها سمك مطبوخ فوضعتها إلى جانب زبدية الشيخ التي فيها الأرز فطفىء السراج فأرادت أن تدفع إليه الأرز فدفعت إليه زبدية السمك، فلما دخل إلى الشيخ وضعها بين يديه، فكشفها فإذا فيها السمك فخجل صاحب البيت وقال: والله ما تعمدت ذلك ولا علمت أن في الدار سمكاً وأراد أن يأخذ زبدية السمك ويرفعها فقال له الشيخ: دعها وامض وارفع الخبز ووجد فيها السمك فأكله وشرب مرقته ونام.
قال الشيخ: فرأيت ذلك الشخص الذي رأيته في بيت المقدس في النوم وقال: يا شيخ ربيع ألم أقل لك أنك إذا أكلت السمك برىء هذا الداء فانتبهت فأمررت يدي على صدري فلم أجد شيئاً.
قال لي أبو موسى الحضرمي: ثم سألت الشيخ ربيع: ما رأيت في خلوتك هذه وكان في الخلوة خارج الاسكندرية أربعين يوماً؟ فقال لي: كنت يوماً جالساً اقرأ القرآن في المصحف وإذا بغلام صاحب الموضع قد دخل علي بطبق فيه مشموم نارنج وليمون وريحان فنظرت إليه، وتركت النظر في المصحف فعميت ولم أر شيئاً، وكان زمن الصيف فبقيت كذلك من بكرة ذلك اليوم إلى الزوال، وما علمت من أين أتيت فلما كان عند الزوال وقل لي أن ذلك عقوبة ترك النظر إلى المصحف والنظر إلى ذلك الطبق وكشفت رأسي وسجدت وجعلت أتضرع إلى الله تعالى فأبصرت ورفعت رأسي فرأيت الشمس زالت فتوضأت وصليت.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

سمعت القاضي جمال الدين أبا عبد الله محمد بن شيخنا الإمام عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان يقول: سمعت الشيخ ربيع يقول لي: لا شك أن طبع البشرية يغلب الانسان في كثير من الأحوال، فإنني أحكي لك أنني كنت نائماً بمكة فرأيت كأنني راكب في البحر على ساحل الشام أقصد زيارة بعض الأماكن وكأن المركب الذي كنا به قد انكسرت رجله، ولم يكن معنا رجل فخفنا وكدنا نغرق ودعونا الله تعالى، وغلب الناس علينا، وإذا بمركب قد لاح لنا وأقبل وجاء نحونا يمشي مسرعاً حتى وصل إلينا فأخرجوا لنا رجلاً فعملناها لمركبنا فسلمنا، قال: وانتبهت وقلت: لأركبن البحر حتى أنظر ما يكون من هذه الرؤيا قال: فجئت لي ساحل جدة وطلبت الركوب في بعض المراكب فجعل أصحاب المراكب يطلبونني، وكل منهم يطلب أن أركب معهم لحسن عقيدتهم فيّ، فركبت في بعض المراكب وإذا به ذلك المركب الذي عاينته في المنام بعينه قال: فسرنا في البحر فانكسرت رجل المركب على ما رأيته في النوم ودخل الماء في المركب وخفنا من الغرق واستولى اليأس علينا، وكنت كأحدهم، ولحقني من الجبن والخوف كما لحق الباقين، مع ما ظهر لي من أوائل الأمر الذي شاهدته في المنام قال: وجعلت أصيح لصاحب المركب وهو على الصاوي انظر إلى هذه الجهة وأنا أنتظر الفرج كما شاهدت في النوم قال: فجعل ينظر إلى تلك الجهة ثم صاع بعد ساعة جاء الفرج قد لاح لنا مركب، قال: فجاء المركب الذي شاهدته في النوم على الصفة التي شاهدتها وساق نحونا حتى وصل إلينا، وقد كدنا نهلك وكان معهم رجل دفعوها إلينا فأصلحنا بها مركبنا وسلمنا ولله الحمد.
أخبرني يوسف بن أبي طاهر المنبجي قال: ورد الشيخ ربيع بن محمود من مكة إلى حلب وأقام بمسجد جمال الدين عمك أياماً ثم خطر للشيخ أبي الحسن علي الفاسي والشيخ ربيع وعمك أبي غانم أن يمضوا لزيارة الشيخ أبي زكريا إلى دير النقيرة فقاموا وخرجوا وخرجت معهم ونحن أربعة نمشي حتى بتنا بأقذار قرية والدك، ثم قمنا منها وصلينا الظهر بحاضر طيء وأقمنا بها إلى العصر ثم جئنا إلى تل باجر وقت المغرب وكنت أنا والشيخ ربيع صائمين لأني قد آليت على نفسي أن لا أفطر حتى أختم القرآن، ولم أكن ختمته بعد فأتانا الفلاحون بطعام وجاؤوا في جملته بصحن كبير فيه بطة وهم فرحون كيف قدموا لنا بطة حتى نأكلها فقال الشيخ ربيع: كلوا ولا تأكلوا من هذه البطة شيئاً فامتثلنا أمره ولم نأكل منها وأنفسنا تشتهيها فقال الفلاحون: يا مشايخ كلوا فما هو لمن جني بل هو لمن رزق، والتفت الفلاح الذي جاء بها إلى رفيقه وقال: يا فلان انظر إلى فعل ذلك الظالم كيف ألزمنا وكلفنا عمل هذه البطة وأحوجنا إلى أن نحتال في ثمنها فلم يجعلها الله في رزقه وكانت في رزق هؤلاء السادة، فلما سمعنا منه نظر كل منا إلى صاحبه وسكت وحمدنا الله تعالى على ذلك وعلمنا أن الشيخ ربيع كوشف بذلك.
قال لي يوسف المنبجي: وحججت في بعض السنين قبل أن يفتح البيت المقدس بسنة وكنت قد حججت ماشياً في ذلك العام واجتمعت بالشيخ ربيع بمكة، ولم يشعر بي إلا وأنا نائم على باب قبة الشراب وكنت قد قيل لي إنه ساكن بها، فرحب بي وقال لي: أنت رفيقي إلى الشام بعد الوقفة في هذه السنة فإن في هذه السنة الآتية يفتح الله البيت المقدس وبلاد الفرنج ولا تعلم بذلك أحداً، فخرجت بعد قضاء الحج في صحبته فلما أشرفنا على دمشق نزلنا من المحارة وقال للجمال: أنت في حل مما فيها وكان فيها له أشياء مما يحتاج إليه وأقمنا في دمشق أياماً ثم صعدنا إلى طبرية وقدر الله أن فتحت القدس والساحل في تلك السنة، وحضرت معه فتوح البلاد كلها.

قال لي يوسف المنبجي: وكنت مجاوراً مع الشيخ ربيع في بعض السنين وأنا إذ ذاك صبي فاشتقت إلى أهلي وقلت: هذه السنة أخرج إلى أهلي إن جاءني من أعرف منهم، فلما قضى الحج ولم أر أحداً من أهلي ولا ممن أعرف من البلاد جئت في بعض الأيام وطفت بالبيت، وتقدمت إلى الركن اليماني وأنا آيس من العود إلى البلاد في تلك السنة ففتح الله علي أن قلت: يا رب إن رزقتني جملاً أركب، وخبزاً آكل وماء أشرب عدت إلى أهلي في هذه السنة وإلا أقمت بمكة، وكان ذلك ضحوة ذلك النهار، وصليت الظهر في ذلك النهار عند الشيخ ربيع، فالتفت إلي وقال لي: يا يوسف قد حصلت لك جملاً تركب، وخبزاً تأكل وماء تشرب، ولم أعلمه بقولي، والتفت إلى بعض الجمالين وقال له: هذا الصبي الذي قلت لك في معناه، واكترى لي معه بأربعة دنانير مكفاً والخبز والماء عليه.
أخبرني عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: قال لي الشيخ ربيع حججت في بعض السنين ورجعت إلى البلاد فلما كنت في بعض الطريق نفد ما كان معي ولم يبق إلا الناقة فقلت لبعض الجمالين: احملني إلى الكوفة وخذا الناقة، ففعل فلما وصلت إلى الكوفة قلت لصاحب لي: إيش قعودنا نمضي إلى بغداد فمضيت أنا وصاحبي إلى بغداد وما أقمنا بها ومضينا منها على البوازيج ووصلنا إلى الموصل وما وصل خبر الحاج إلى الموصل فوجدنا قضيب البان على باب الموصل فقلنا له: ادع لنا، فقال: أنتم دعاؤكم مستجاب إلى أربعين يوماً، وكنا إذا قلنا إننا جئنا من الحج لم نصدق.
قال لي عمي: قال لي الشيخ ربيع: كنت مرة مع الحاج من الموصل إلى بغداد فنزلت وتمشيت أمام القافلة فرأيت رجلاً، فمشيت معه قليلاً، فقال لي: امش معي فمشيت معه ساعة، فقال لي: تدري أين أنت؟ قلت: نعم فودعني ومضى فبقيت في ذلك الموضع تلك الليلة وذلك اليوم إلى العشاء الآخرة من الغد حتى وصلت إلى قافلة الحاج.
أخبرني أبو موسى عيسى بن سلامة صاحب الشيخ ربيع قال: كنت مجاوراً بمكة في سنة إحدى وستمائة في صحبة الشيخ ربيع فقال لي: أريد أن أنفرد في هذه الأشهر يعني شهر رجب وشعبان، وشهر رمضان، بنفسي ولا يقربني أحد ففعل ذلك، فلما كان يوم العيد جئت إلى بابه فأردت الدخول إليه للسلام عليه، فضربت الباب فخرج إلي وسلم علي وسلمت عليه، وجاء الناس يسلمون عليه، فقال: مات الشيخ أبو الحسن الفاسي؟ فقلت له: نعم من أخبرك بهذا، وكنت قد سمعت بموته من مراكب جاءت في البحر، فقال لي: رأيت في المنام كأن ثنيتي العليا قد سقطت، فقلت له: يؤول هذا بالأخوة والآباء؟ فقال: أي أب وأخ أعظم من الشيخ أبي الحسن، ثم قال لي: قد قرب الموت يا أصحابنا ما بقينا نجتمع بعد هذه الوقفة إلا في الدار الآخرة إن شاء الله، ثم قال لي: كنت قد عزمت على أني لا أخرج وأن أصوم الستة أيام أتبع شهر رمضان، وما كنت فعلت هذا قبل ذلك لأن مذهبي وهو مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه أنه يكره صومها متتابعاً، فرأيت الشيخ أبا الحسن الفاسي في المنام وقال: لأي شيء رجعت عن مذهبك، وعادتك، قم فاخرج إلى الناس فقمت وخرجت لما سمعت ضربك الباب.
قال لي عمي أبو غانم: سمعت الشيخ ربيع يقول: رأيت الشيخ أبا زكريا رحمه الله في المنام فقال لي: يا ربيع أول من يموت منا أنا، ثم الشيخ علي الفاسي، ثم أنت، فمضى لذلك قليل فمات الشيخ أبو زكريا، ثم إن الشيخ ربيع قدم حلب فوجد الشيخ أبا الحسن مريضاً، فكان يقول له: يا شيخ مت حتى أموت أنا، فبقي الشيخ علي بعد ذلك مدة ثم مات بحلب، ثم مات بعده الشيخ ربيع بعد مدة قريبة بالبيت المقدس رحمهم الله تعالى.

حدثني عمي أبو المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة - وكان قد حج سنة إحدى وستمائة - قال: لما وصلت مكة حرسها الله وجدت الشيخ ربيع في أواخر مرض أشفى فيه على الموت أيس منه أصحابه فرآهم منزعجين بسببه، وبكوا حوله، فقال لهم: لا تشغلوا قلوبكم فأني لا أموت إلا في البيت المقدس، فلما قضينا حجنا وكنت قد حججت على العراق، عرضت على الشيخ ربيع أن أحمله إلى الشام، وعدت على طريق أيلة، وكان أكثر رغبتي في العود على طريق أيلة صحبة الشيخ ربيع، فصحبته وأصابه الذرب وقوي عليه في الطريق، وجئت إلى عقبة أيلة وهي عقبة مشقة لا يركب فيها أحد فلم يمكن الشيخ ربيع النزول وصعد راكباً على الجمل والجمل الذي تحته في العقبة يصعد به كأنه يمشي في أرض سهلة، قال: ووصلنا إلى قبر الخليل عليه السلام وزرناه، ووصلنا إلى البيت المقدس واشتد به المرض وفارقته منه فلما وصلت دمشق وصلني خبر وفاته، أنه توفي بالبيت المقدس في أواخر صفر أو أوائل شهر ربيع من سنة اثنتين وستمائة.
قال لي عمي أبو غانم: وبلغني أن الشيخ ربيع أوصى بأن يتولى غسله علي بن السلار، وكان ابن السلار بدمشق فتعجب أصحابه وقالوا: ابن السلار بدمشق، فكيف يغسله؟ فبينما هم على ذلك وصل ابن السلار من دمشق قبيل موته، قال: ولما احتضر خرج أصحابه من عنده فسمعوه من داخل وهو يقول بانزعاج: ألمثلي يقال هذا؟ ثم سكت، ثم قال: لمثل هذا فليعمل العاملون فدخلوا إليه فوجدوه قد قضى نحبه.
وقال لي الأمير علي بن سليمان بن ايداش بن السلار، أمير الحاج الشامي: أوصى الشيخ ربيع إلي في غسله وتجهيزه ودفنه، وكنت بدمشق ولم أعلم بذلك، فبلغني خبر وصوله إلى البيت المقدس فعزمت على قصده وجذبني إليه جاذب فركبت من دمشق إلى البيت المقدس واجتهدت في السير، وأظنه قال لي: وصلت في ثلاثة أيام فلحقته قبل أن يموت فتوليت غسله وتجهيزه ودفنه رحمه الله.
أخبرني الشيخ أبو القاسم الأسعردي بالمنحنى في طريق الحج، وكان حج في السنة التي حججت فيها على طريق تبوك في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان رجلاً صالحاً خياراً، قد صحب المشايخ، وتأدب بهم، وجاور البيت المقدس مدة، وكان له زاوية بالحرم مما يلي باب الرحمة، قال: دخل الشيخ ربيع البيت المقدس وهو مريض، وقوي مرضه فسألناه من يغسله فقال لنا: الساعة يقدم من دمشق من يتولى ذلك، فقدم هذا شجاع الدين علي بن سليمان بن السلار أمير الحاج، وأشار إليه، قال أبو القاسم، وسمعته يقول وقت موته لمثل هذا فليعمل العاملون.
قلت: ودفن بمقبرة البيت المقدس الغربية المعروفة بماملي، وزرت قبره عند مروري بالبيت المقدس، وقبره ظاهر معروف في تربة فيها جماع من الصالحين، رحمه الله.
الربيع بن نافع:
أبو توبة الحلبي نزيل طرسوس، أحد الثقات الأثبات.
حدث عن عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي، وأبي عثمان سعيد بن شبيب الطرسوسي، وعبد الله بن المبارك وسفيان وعيسى بن يونس وأيوب بن النجار اليمامي، وإسماعيل بن عياش، وشريك بن عبد الله، وأبي سليمان عبد الرحمن بن سليمان بن أبي الجون العنسي، وأبي كامل يزيد بن ربيعة الرحبي الصنعاني، وعبد الله بن عمرو الرقي، ويحيى بن حمزة، ومحمد بن القراب الجرمي، ومعاوية بن سلام، وسعد بن عبد العزيز، والهيثم بن حميد، وشهاب بن خراش، وأبي الأحوص، ومحمد بن المهاجر الأنصاري، وهشام بن يحيى بن يحيى، وأبو الخطاب مسلمة بن علي، وعلي بن سليمان الكسائي، والحكم بن ظهير، والربيع بن بدر عليلة، ومصعب بن ماهان الخراساني، وشعبة، وعمر بن المغيرة مفتي المساكن، وسليمان بن حيان الكوفي، والمعتمر بن سليمان، وأبي عمر الصنعاني والوليد بن صالح.

روى عنه أبو الليث يزيد بن جهور وعبد الله بن أبي مسلم الطرسوسيان، وأحمد بن خليد الكندي الحلبي، وأحمد بن إبراهيم بن فيل الأنطاكي، وإبراهيم ابن سعد الجوهري، وأبو بكر بن محمد بن عبده المصيصي، وأبو داوود سليمان ابن الأشعث السجستاني، وأبو سعيد عثمان بن سعيد بن خالد، وأبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدارميان، وفهد بن سليمان، وموسى بن سعيد بن النعمان، والعباس بن أحمد بن الأزهر المستملي اليمامي، وأحمد بن إبراهيم المقرىء، وعبد الكريم بن الهيثم القطان، وأحمد بن محمد بن حنبل، والحسن بن محمد بن الصباح، ومحمد بن عامر الأنطاكي، وأبو حاتم محمد بن إدريس بن المنذر الحنظلي، ورجاء ابن عبد الرحيم، ويحيى بن أكثم القاضي، وأبو جعفر محمد بن بكر، وإبراهيم بن الحسين بن ديزيل، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن الأشعث الدمشقي، وعلي ابن زيد الفرائضي، وزهير بن محمد بن قمير، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم قاضي عكبرا، وأبو القاسم عقيل بن الفضل التميمي، وأحمد بن الحسين بن جندب الترمذي، وأبو جعفر محمد بن جعفر السمناني، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، وروى أبو عبد الله البخاري عنه تعليقاً، وروى أبو عبد الله بن محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج، وأحمد بن شعيب النسائي، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة القزويني عن رجل عنه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري الحموي وأبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، وأبو طالب بار سطغان بن محمود بن أبي الفتوح القاضي قالوا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد ابن أحمد السلفي قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي، قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى النيسابوري المزكي قال: أخبرنا حمزة بن العباس بن الفضل قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا أبو توبة الربيع بن نافع الحلبي قال: حدثنا معاوية - يعني - بن سلام عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الرحمن بن أبي بكره عن أبي بكرة قال: نهانا رسول الله صلى الله عليه وسلم أن نبيع الفضة بالفضة إلا عيناً بعين، سواء بسواء، وأن لا نبيع الذهب بالذهب إلا عيناً بعين، وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبايعوا الذهب بالفضة كيف شئتم والفضة بالذهب كيف شئتم.
حدث صحيح رواه مسلم عن إسحق بن منصور عن يحيى بن صالح عن معاوية.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن دازيل قال: حدثنا الربيع بن نافع قال: قال بعض الحكماء: من أخطأته سهام المنايا قيدته الليالي والسنون.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه إلينا - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل قال: ربيع بن نافع أبو توبة سكن طرسوس، حلبي الأصل، سمع معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن بن القاسم الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة - اذنا إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيع بن نافع أبو توبة، روى عن معاوية بن سلام، ومحمد بن المهاجر، وعطاء بن مسلم، روى عنه أبي سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: أخبرنا علي بن أبي طاهر - في كتابه إلي - قال: حدثنا الأثرم قال: سمعت أبا عبد الله، وذكر أبا توبة فأثنى عليه، وقال: لا أعلم إلا خيراً.
سئل أبي عنه فقال: ثقة صدوق حجة.
ذكر أبو حاتم محمد بن حبان البستي في الطبقة الرابعة من تاريخ الثقات قال: الربيع بن نافع، أبو توبة الحلبي، سكن طرسوس، يروي عن معاوية بن سلام، وعطاء بن مسلم الحلبي، روى عنه إبراهيم بن سعيد الجوهري، مات بعد سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
الربيع بن يونس بن محمد بن كيسان أبي فروة:

أبو الفضل الحاجب، وقيل الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة الأموي مولى الحارث الحفار، مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه، وقيل هو مولى عثمان بن عفان. تولى الحجبة لأبي جعفر المنصور، وقدم معه حلب حين قدمها مجتازاً لزيارة البيت المقدس في سنة أربع وخمسين ومائة، ثم صار وزيراً له، ثم تولى الحجبة للمهدي، وقدم معه حلب حين قدمها في سنة ثلاث وستين ومائة وأغزى ابنة هارون، وجعل الربيع معه مدبر جيشه وقيل إنه وزر بعد ذلك للهادي.
حدث الربيع عن جعفر بن محمد الصادق رضي الله عنه، وعن أبي جعفر عبد الله بن محمد المنصور.
روى عنه ابنه الفضل بن الربيع، وموسى بن سهيل، وعبد الله بن عامر التميمي، وسليمان بن بشير، وخزيمة بن خازم، ومحمد بن عائشة القرشي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قالا: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد الشيباني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن محمد الحنائي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر بن شاذان البزاز قال: حدثنا محمد بن الحسن بن سهل قال: حدثنا عبد الله بن عامر التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل الشتاء دخل البيت ليلة الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة وإذا لبس ثوباً جديداً حمد الله وصلى ركعتين وكسا الخلق.
هكذا جاء في رواية أبي بكر الخطيب وقد سقط من الاسناد رجلان والله أعلم.
وقد رواه أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي عن أبي الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان عن محمد بن سهل بن الحسن عن عبد الله بن عامر الأنصاري عن أبي بلال الأشعري عن خزيمة بن خازم عن الربيع الحاجب، وهو أقرب إلى الصواب والله أعلم.
أخبرنا بذلك الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو البدر إبراهيم بن محمد ابن منصور القطيعي بكرخ بغداد قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور البزاز قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن هارون الضبي قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان قال: حدثنا محمد بن سهل بن الحسن قال: حدثنا عبد الله بن عامر بن سعد الأنصاري قال: حدثنا أبو بلال الأشعري قال: حدثنا خزيمة بن خازم التميمي قال: حدثنا الربيع الحاجب قال: حدثني أبو جعفر المنصور عن أبيه عن جده عن أبي جده رضي الله عنهم قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاء الشتاء دخل البيت يوم الجمعة وإذا جاء الصيف خرج ليلة الجمعة، وإذا لبس ثوباً جديداً حمد الله تعالى وصلى ركعتين وكسا الخلق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - اذنا - قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: ذكر أحمد بن كامل القاضي أن الربيع حاجب المنصور، هو الربيع بن يونس بن محمد بن أبي فروة، قال: واسم أبي فروة كيسان مولى الحارث الحفار مولى عثمان بن عفان قال: وكان ابن عباس المستوف يطعن في نسب الربيع طعناً قبيحاً ويقول للربيع: فيك شبه من المسيح يخدعه بذلك، فكان يكرمه لذلك حتى أخبر المنصور بما قال له، فقال إنه يقول: لا أب لك فتنكر له بعد ذلك، وفي الربيع يقول الحارث بن الديلمي:
شهدت بإذن الله أن محمداً ... رسول من الرحمن غير مكذب
وأن ولاء كيسان للحارث الذي ... ولي زمنا حفر القبور بيثرب
قرأت بخط بعض علماء النسب أن الربيع الحاجب هو الربيع بن يونس بن عبد الله بن أبي فروة، واسم أبي فروة فريذون بن نرسي بن بهرام بن توزل بن ماهشراد، وكان من أنباء مرازبة عمان وأم أبي فروة من بلي قضاعة، فهلك أبوه فباعه أخواله في أزمة، فسقط إلى عثمان بن عفان في أيامه فأعتقه حين عرف شرفه، وولي عبد الله بن أبي فروة خراج العراق لابن الزبير، وإلى الربيع تنسب قطيعة الربيع، وعم الربيع إسحق بن عبد الله بن أبي فروة أحد فقهاء المدينة.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الربيع بن يونس أبو الفضل حاجب أبي جعفر المنصور ومولاه.
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب صنعه أبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: وقلد المنصور الربيع مولاه نفقاته والعرض عليه، وهو الربيع ابن يونس بن أبي فروة، واسم أبي فروة كيسان، مولى الحارث الحفار مولى عثمان ابن عفان، وكان عبد الله بن أبي فروة كاتب مصعب بن الزبير على العراق، وكان يونس بن محمد شارياً شاطراً بالمدينة، فعلق أمة لقوم بالمدنية غلبها على نفسها فجاءت بالربيع فاستعبد ولم يكن ليونس حال أيام أبي العباس وأهداه إليه فخدمه، وخف على قلبه ثم خدم أبا جعفر بعده فخص به، واستولى على أمره قال: ولما عزم على تقليد الربيع العرض عليه قال له: اجلس في بيتك حتى يأتيك رسولي، فاغتم لذلك، فصار إليه الرسول بدراعة وطيلسان وشاشة، فقال له البس هذا واركب بهذا الزي، فركب وأمر الفراش أن يطرح له مرفقه تحت البساط تقصيراً به عن منزلة المهدي وعيسى بن علي لأنه كان يطرح لهما مرفقتين ظاهرتين، فلما وصل إليه قال له: قد وليتك الوزارة والعرض علي، ووليت ابنك الفضل الحجابة فدخل عليه الربيع يوماً والفضل يمشي خلفه، فأخذ الربيع بيده وقال: إن الحاجب لا يمشي خلف إنسان، فقال له المنصور: بلى يا ربيع هذا معك أنت وحدك.
قال: ولما قلد أبو جعفر الربيع العرض عليه حسن مذهبه، وآثر الخيرية حتى عرف بذلك، فكان أبو جعفر إذا أراد لانسان حيزاً أمر بتسليمه إلى الربيع، وإن أراد شراً أمر بتسليمه إلى المسيب فكتب العامل بفلسطين يذكر أن بعض أهلها وثب عليه، واستغوى جماعة منهم فعاث في العمل فكتب إليه أبو جعفر: دمك مرتهن إن لم توجه به فصمد له العامل فأخذه ووجه به فلما مثل بين يدي أبي جعفر قال: أنت المتوثب على عامل أمير المؤمنين لأنثرن من لحمك أكثر مما تبقى على عظمك، فقال وكان شيخاً كبيراً بصوت ضئيل:
أتروض عرسك بعدما كبرت ... ومن العناء رياضة الهرم
فقال يا ربيع: ما يقول؟ قال: يقول:
العبد عبدكم والمال مالكم ... فهل عذابك عني اليوم مصروف
فقال أبو جعفر: يا ربيع قد عفوت عنه فخل سبيله واحتفظ به وأحسن إليه.
قال: وهذا الشعر لعبد بني الحسحاس، كان مولاه اتهمه بابنته فعزم على قتله فقال هذا الشعر وأوله:
أمن سّمية دمع العين مذروف ... لو أن ذامنك قبل اليوم معروف
كأنها حين تبكى ما تكلمني ... ظبي بعلباء ساجي الطرف مطروف
لا تبك عينك إن الدهر ذو غير ... فيه يفرّق ذو ألف ومألوف
العبد عبدكم والمال مالكم فهل ... عذابك عني اليوم مصروف
قال: ولما استوزر المنصور الربيع ترك أن يسأله حاجة تخفيفاً فقال له المنصور يوماً: قد انقبضت عن مساءلتي حوائجك حتى أوحشتني، فقال: ما تركت ذاك أني وجدت لها غير أمير المؤمنين ولكني ملت إلى التخفيف، قال: فاعرض علي ما تحب من حوائجك قال: حاجتي يا أمير المؤمنين أن تحب الفضل ابني، قال: ويحك إن المحبة لا تقع ابتداء وإنما تقع بأسباب قال: قد أوجدك الله السبيل إليها قال: وما ذاك؟ قال: تنعم عليه فإذا أنعمت عليه أحبك، فإذا أحبك أحببته قال: فقد والله حببته إلي قبل أن يقع من هذا شيء، ولكن كيف اخترت له المحبة من بين سائر الأشياء؟ قال: لأنك إذا أحببته كبر عندك صغير إحسانه وصغر عندك كبير اساءآته وكانت حاجاته عندك مقضية وذنوبه عندك مغفورة.

قال الجهشياري: وكانت وفاه المهدي والهادي مقيم بجرجان وهرون مع المهدي في عسكره، وقد كان الربيع قام بأمر البيعة ببغداد، وشغب الجند عليه وأحرقوا بابه ولقي منهم شراً إلى أن أعطاهم أرزاق ثمانية عشر شهراً وسكنهم إلى أن ورد مولى الهادي، وقد كان موسى عتب على الربيع من أجل ما أطلقه من المال واستكثره ولأن الخيزران وجهت إليه وإلى يحيى بن خالد، فأما الربيع فدخل إليها، وأما يحيى فامتنع من ذلك، وقال: أعرف الهادي غيوراً وأكره الاقدام على الدخول إلى والدته فعتب على الربيع في دخوله، وأحمد من يحيى امتناعه، فوجه الربيع بابنه الفضل متلقياً له إلى همذان وحمل معه ألطافاً وهدايا وأمره بالاعتذار إليه مما أنكره وتعريفه السبب الداعي إليه فقبل هداياه ورجع له، وتجاوز عن زلته وقلده وزارته وتدبير أموره، وما كان عمر بن بزيع يتولاه من دواوين الأزمه.
قال: وحكي أن الربيع لما لقيه شرع في الاعتذار إليه مما أنكره فقال: لا حاجة بك إلى الاعتذار قد كفاك الصفح منا مؤونته، ثم صرف الربيع عن الوزارة وقلدها إبراهيم بن ذكوان الحراني الأعور، صاحب طاق الحراني وأقر الربيع على دواوين الأزمة، فلم يزل عليها إلى أن توفي في سنة تسع وستين ومائة، وكانت وفاته وسنه ثماني وخمسون سنة، وصلى عليه الرشيد وهو ولي عهد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي وغيره قالوا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا عن أبي غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: وكان المهدي يوم توفي ابن ثلاث وأربعين سنة، وكان على رسائله الربيع مولاه وعلى حجابته الفضل بن الربيع، وكان على حجابته قبل الفضل بن الربيع الربيع.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا الحسين علي الصيرمي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي الصيرفي قال: حدثنا محمد بن عمر ابن سلم الحافظ قال: ذكروا أنه لم ير في الحجابه أعرق من ربيع وولده، وكان ربيع حاجب أبي جعفر ومولاه ثم صار وزيره، ثم حجب المهدي، وهو الذي بايع المهدي وخلع عيسى بن موسى، ومن ولده الفضل حجب هرون ومحمد المخلوع وابنه عباس بن الفضل حجب محمد الأمين، فعباس حاجب بن حاجب بن حاجب، وقيل إن الربيع بن يونس وزر للمنصور وللهادي ولم يزل للمهدي وأنه مات في أول سنة سبعين ومائة.
ذكر من اسمه ربيعة
ربيعة بن شرحبيل:
له ذكر في وقعة صفين، وشهدها مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه شهد على كتاب لحكمين بين علي ومعاوية.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد بن الصابوني عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم ابن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا عمرو بن شمر عن جابر قال: سمعت زيد بن حسن يذكر كتاب الحكمين، وزاد فيه شيئاً على ما ذكر محمد بن علي والشعبي في كثرة الشهود وفي زيادة في الحروف ونقصان، أملاه علي من كتاب عنده وذكره وقال: شهد على ما في هذا الكتاب من أصحاب علي عليه السلام: الأشعث بن قيس، وعبد الله بن العباس، والاشتر مالك بن الحارث، وسعيد بن قيس الهمداني وحصين والطفيل ابنا الحارث، وأبو أسيد ابن ربيعه الأنصاري، ورفاعة بن رافع الأنصاري، وعوف بن مالك بن المطلب القرشي، وبريده بن الحصيب الأسلمي، وعقبة بن عامر الجهني، ورافع بن خديج الأنصاري، وحجر بن عدي الكندي، ووفاء بن سمي البجلي، وعبد الله بن الطفيل العامري، وعبد الله بن جحل العجلي وعقبة بن زياد الأنصاري ويزيد بن جحية الكندي، ومالك بن كعب الهمداني، وربيعه بن شرحبيل، والحارث بن مالك، وحجر بن يزيد وعقبة بن حجية.
ربيعة بن عاصم العقيلي:
قدم مع زفر بن الحارث الكلابي وسيابة السلمي على معاوية بن أبي سفيان وكان طريقهم على الجزيرة فاجتازوا بقنسرين، أو ببعض عملها في طريقهم ما بين الجزيرة ودمشق وله ذكر في الأخبار.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو محمد بن صابر قال: أخبرنا سهل بن بشر - قراءة عن أبي نصر عبيد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي - قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن القاسم قال: أخبرنا علي بن الحسين بن بندار قال: حدثنا محمود بن محمد قال: وأخبرني حبش بن موسى عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش أن قيسا أقبلت حين قتل عثمان من الكوفة والبصره يريدون الشام، قال ابن عياش: أخبرني أبي قال: أخبرني زفر بن الحارث الكلابي قال: أتبعنا علي خيلاً تبيتنا حتى وردنا عانات، قال: فمررنا بالجزيرة فإذا بلاد خصبة ريفية ومزدرع، وسعة، وقلة أهل وإنما كان الفرض والجند بحمص، والجزيرة وقنسرين يومئذ من حمص فقالوا: من لنا بالمقام بهذه البلاد ولكن مهاجرنا إلى غيرها، فلما قدموا على معاوية، قال: في الرحب والسعة، إنما هاجرتم إلى دينكم، وقد سبقكم أخوانكم من أهل الشام إلى الريف والحدائق، ولكن عليكم بالجزيرة، فانزلوها، فوافق قولة هواهم، فرجعوا فنزلوا على أثناء الفرات والمديبر والمازحين وفيهم ربيعه بن عاصم العقيلي وزفر بن الحارث وسيابة السلمي.
ربيعة بن عباد:
ويقال عباد، وقال بعضهم: عبادة: الدئلي الحجازي، ويقال فيه الدؤلي والدئلي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه، وكان من شهد اليرموك في خلافة عمر رضي الله عنه وغزا الروم في خلافة عثمان رضي الله عنه، واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها.
روى عنه محمد بن المنكدر، وسعيد بن خالد القارظي، وأبو الزناد، وهشام ابن عروة، وعبد الله بن يزيد، وزيد بن أسلم، وأبان بن صالح، وبكير بن الأشج، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي - قراءة مني عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر الشافعي - املاءً - قال: حدثنا إسحق بن الحسن بن ميمون الحربي قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: أخبرنا سعيد بن سلمة بن أبي الحسام قال: حدثنا محمد بن المنكدر أنه سمع ربيعة بن عباد الدؤلي أو عباد الدؤلي يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يطوف على الناس في منازلهم قبل أن يهاجر إلى المدينة فيقول: أيها الناس إن الله يأمركم أن تعبدوه ولا تشركوا به شيئاً، قال: ووراءه رجل يقول: يا أيها الناس إن هذا يأمركم أن تتركوا دين آبائكم، فسألت: من هذا الرجل؟ فقيل: أبو لهب.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف.
وأخبرنا عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري ومحمد بن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد: إجازة، قال أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا عباس محمد الدوري قال: حدثنا سليمان بن داود قال: حدثنا ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عباد رجل من بني الدئل قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم بسوق ذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ورجل يتعبه برمية يقول: يا أيها الناس إنه صابىء، إنه كذاب فقلت: من هذا فقالوا هذا عمه أبو لهب.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - إذناً، وسمعت منه غيره بدمشق - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله بن خرشيد قوله قال: حدثنا أبو بكر النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي رجاء قال: حدثنا حجاج قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي الزناد عن هشام بن عروة قال: رأيت ربيعة بن عباد وهو يحدث وأبي يسأله، فقال: إن ابن عفان كان أغزانا في مغزاة فمررنا فيها على معاوية، وكان قد وجد علينا في شيء قد بلغه من أمرنا في غزاتنا تلك، فدخلنا عليه فجعلنا نعتذر إليه ونكذب ما بلغه عنا وجعل يوقفنا على بعض ذلك ويؤنبنا فيه، ثم قام رجل منا فقال: أصلح الله الأمير إنا مكذوب علينا، فلينظر الأمير في أمرنا فإن كنا أثرنا عرف ذلك لنا، وإن كان لنا ذنب عفا عنا فقال معاوية: فذاك إذاً، ثم قال الرجل:
لئن كنت لم أذنب فلا تظلمني ... وإن كنت ذا ذنب فسوف أتوب
قال: ثم التفت في وجوه القوم جلساء معاوية فقال:
ولا ينسى قربان الأمير شفاعةً ... لكل امرىء مما أفاد نصيب
قال: فقبل منا معاوية وصنع بنا معروفاً.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله النجاري قال: ربيعه بن عباد الدؤلي حجازي، ويقال عباد لا يصح عباد.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: كتب إلينا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمر عبد الوهاب بن محمد بن إسحق بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ربيعه بن عباد الدؤلي، رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز يتبع الناس في رحالهم يدعوهم إلى الله.
روى عنه ابن المنكدر، وأبو الزناد، وبكير بن الأشج، وسعيد بن خالد، وحسين بن عبد الله بن عبيد الله بن عباس سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: ربيعة بن عباد الدؤلي من بني الدؤل بن بكر بن كنانة، مدني، روى عنه ابن المنكدر وأبو الزناد، وزيد بن أسلم وغيرهم، يعد في أهل المدينة، وعمر عمراً طويلاً لا أقف على وفاته وسنه، ويقال ربيعه بن عباد والصواب عندهم بالكسر من حديث أبي الزناد عن ربيعة بن عباد وأنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم بذي المجاز وهو يقول: يا أيها الناس قولوا لا إله إلا الله تفلحوا ووراءه رجل أحول ذو غديرتين وهو يقول: إنه صابىء إنه صابىء، إن كذاب، فسألت عنه فقالوا: هذا عمه أبو لهب قال: ربيعة بن عباد وأنا يومئذ أزفر القرب لأهلي.
قلت: وقع لي نسخة من كتاب الاستيعاب لأبي عمر وهي أصل يعتمد عليه مصحح، وعليه حواش بخط بعض العلماء وأهل الدراية من المغاربة، فقرأت في حاشية الكتاب بخطه عند هذه الترجمة ما صورته قال: عباس عن ابن معين: وفي حديث ابن أبي الزناد عن أبيه عن ربيعة بن عبادة وهو الصواب، ومن قال عباد فقد أخطأ.
ربيعة بن عمرو الجرشي الشامي:
قيل إن له صحبة وسماعاً من النبي صلى الله عليه وسلم، روى عن سعد، روى عنه خالد بن معدان، وعلي بن رباح، وأبو المتوكل الناجي.
ويقال إنه جد هشام بن الغاز، وكان فقيهاً وشهد صفين مع معاوية رضي الله عنه، وفقئت عينه يومئذ.

نقلت من كتاب القضاة تأليف الحافظ عبد الغني بن سعيد من نسخة منقولة من خطه: حدثنا عبد الله بن جعفر بن الورد املاء قال: حدثنا علي بن محمد بن حبون قال: حدثنا حرملة قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني ابن لهيعة عن الحارث ابن يزيد قال: لما كان يوم صفين اجتمع أبو مسلم الخولاني وحابس - يعني - الطائي وربيعة الجرشي، وكانوا مع معاوية، فقالوا: ليدع كل إنسان منكم بدعوة فقال حابس الطائي: اللهم اجمع بيننا وبينهم، ثم احكم بيننا وبينهم، وقال ربيعه الجرشي: اللهم اجمع بيننا وبينهم ثم ابلنا بهم وابلهم بنا، وقال أبو مسلم الخولاني: اللهم اكفنا وعافنا، فلما التقوا قتل حابس الطائي، وفقئت عين ربيعة الجرشي وعوفي أبو مسلم وقال في ذلك شاعر أهل العراق:
نحن قتلنا حابسا في عصابة ... كرام ولم نترك بصفين مغضباً
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال ربيعة الجرشي: قال بعض الناس: إن له صحته وليس له صحبة، هو شامي، جد هشام بن الغاز، روى عنه خالد بن معدان سمعت أبي يقول ذلك، حدثني أبي قال: حدثنا قرة بن حبيب قال: أخبرنا أبو عقيل الدورقي قال: حدثنا أبو المتوكل الناجي قال: سألت ربيعة الجرشي، وكان يفقه الناس في زمن معاوية.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - في كتابه - قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: ربيعة بن عمرو الجرشي يعد في أهل الشام، روى عنه علي بن رباح وغيره يقال: إنه جد هشام بن الغازي قال الواقدي: قتل ربيعة بن عمرو الجرشي يوم مرج راهط وقد سمع من النبي صلى الله عليه وسلم.
قال أبو عمر رحمه الله: له أحاديث منها أنه قال سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: في أمتي خسف ومسخ وقذف قالوا: ثم ماذا يا رسول الله؟ قال: باتخاذهم القينات وشربهم الخمور، ومنها قوله عليه السلام: استقيموا وبالحراء ان استقمتم، الحديث.
قال أبو عمر: حدثنا خلف بن قاسم قال: حدثنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا محمد بن أبي أسامة قال: حدثنا ضمرة عن الشيباني قال: لما وقعت الفتنة قال الناس: اقتدوا بهؤلاء الثلاثة: ربيعة بن عمرو الجرشي، ومروان الأرجي ويزيد بن نمران.
قال الشيباني: وقتل ربيعه بن عمرو الجرشي بمرج راهط.
ربيعة بن كعب القصر:
حكى عن سالم بن عبد الله بن عمر، وعمر بن عبد العزيز، وغزا معهما بلاد الروم واجتاز بحلب أو ببعض عملها، روى عنه أبو خالد يزيد بن يحيى القرشي الدمشقي.
ربيعة بن لقيط بن حارثة بن عميرة التجيبي القردمي المصري:
شهد صفين مع معاوية، وحدث عنه، وعن عمرو بن العاص، وعبد الله بن حوالة الأزدي، ومطعم بن عبيدة البلوي، وعبد الله بن سندر، ومالك بن زهدم. روى عنه ابنه إسحاق بن ربيعة، ويزيد أبي حبيب.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب - إذناً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن نينجاب قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثني يحيى بن سليمان قال: حدثني ابن وهب قال: حدثني الليث ابن سعد عن يزيد بن أبي حبيب أنه أخبره من حضر صفين مع علي ومعاوية، قال ابن وهب: وأخبرني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن ربيعة بن لقيط أخبره قال: شهدنا صفين مع علي ومعاوية، قال: فمطرت السماء علينا دماً عبيطاً. قال الليث في حديثه: إن كانوا ليأخذونه بالصحاف والآنية، وقال ابن لهيعة في حديثه: حتى إن الصحاف والآنية لتمتلىء ونهريقها.
أخبرنا سعيد بن هاشم الأسدي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل بن عبد الواحد عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: ربيعة بن لقيط التجيبي روى عن عبد الله بن حوالة ومالك بن زهدم، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، سمعت أبي يقول ذلك.
ربيعة بن نجوان:

وقيل اسمه النعمان بن نجوان بن معاوية المعروف بأعشى بني تغلب، أحد بني معاوية بن جشم بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب بن وائل بن قاسط بن هنب بن أفصى بن دعمى بن جديلة بن أسد بن ربيعة بن نزار التغلبي النصراني، شاعر مشهور من أهل الجزيرة، قدم دابق وافداً على عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة ومدحه فلم يعطه شيئاً، وكان في غزوة الطوانة مع مسلمة بن عبد الملك.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي - إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن ابن دينار اللغوي قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني الكاتب قال: أخبرني علي بن سليمان الأخفش قال: حدثنا أبو سعيد الحسين بن الحسن السكري قال: حدثنا محمد بن حبيب عن أبي عمرو الشيباني قال: كان الوليد بن عبد الملك محسناً إلى أعشى تغلب، فلما ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة وفد إليه ومدحه فلم يعطه شيئاً، وقال: ما أرى للشعراء في بيت المال حقاً، ولو كان لهم فيه حق لما كان لك لأنك امرؤ نصراني فانصرف الأعشى وهو يقول:
لعمري لقد عاش الوليد حياته ... إمام هدى لا مستزاد ولا نزر
كأن بني مروان بعد وفاته جلاميد ... ما تندى وإن بلها القطر
وذكر أبو محمد عبد الله بن سعيد القنطري عن الواقدي - يعني - في غزوة الطوانة قال: قيل لمسلمة بن عبد الملك إن القعقاع بن خليد العبسي هو الذي منع العباس بن الوليد بن عبد الملك من تعظيمه فقال لأعشى تغلب - وكان معه - : اهج بني عبس بيتين لا تزد عليهما، فقال:
تعلّم عبس مشية قرشية ... تلوي بها أستاهما ما تجيدها
فآخر عبس في الحديث نساؤها ... وأول عبس في القديم عبيدها
ربيعة الشعوذي:
قدم خناصرة من الأحص من عمل حلب، وافداً على عمر بن عبد العزيز، وحكى عنه سهل بن شعيب النخعي الكوفي.
ذكر من اسمه رجاء
رجاء بن أيوب الحضاري:
قدم حلب صحبة المتوكل، وكان على حرسه وولاه الواثق قتال أبي حرب المبرقع الذي خرج بفلسطين، وولاه حرب قوم من ذعار أهل الغوطة والمرج، وكان بالرقة فنفذ منها، إلى دمشق.
ذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس أن رجاء بن أيوب الحضاري مات في آخر جمادى الأولى سنة أربع وأربعين ومائتين منصرفاً من دمشق.
رجاء بن حيوة بن حنزل:
- وقيل جرول، وقيل جندل - بن الأحنف بن السمط بن امرىء القيس بن عمرو بن معاوية بني الحارث الأكبر بن معاوية بن ثور بن مرثع بن معاوية بن كندة، وهو ثور بن عفير بن عدي بن الحارث بن مرة بن أدد، أبو المقدام، وقيل أبو نصر بن أبي رجاء الكندي السكسكي الفقيه قيل إنه من أهل الأردن، وقيل من فلسطين، وقيل من حمص، وقيل إن جده جرول بن الأحنف له صحبة، وكان صحب سليمان بن عبد الملك بدابق إلى أن توفي، وكان كبير الصحبة لعمر بن عبد العزيز، وهو الذي أشار على سليمان بتولية عمر بن عبد العزيز، وتولى أمره وقت ولايته الخلافة بدابق، ودام في صحبته بها وبخناصره.
روى عن أبيه حيوة، وعن عمران بن حصين، ومعاوية بن أبي سفيان ومعاذ بن جبل، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأبي أمامة الباهلي، ومحمود بن الربيع الأنصاري، وعبد الرحمن بن غنم الأشعري، وعبادة بن الصامت، وأبي سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله الأنصاري، وجنادة بن أبي أمية الدوسي، وأبي الدرداء، وأم الدرداء، والنواس بن سمعان ويعلى بن عقبة، ووراد كاتب المغيرة وعبد الملك بن مروان، وعمر بن عبد العزيز، وخالد بن يزيد بن معاوية، ونعيم بن سلامة والحارث بن حرمل بن تغلب بن ربيعة الحضرمي الرهاوي، وأبي صالح السمان وقبيصة بن ذؤيب.

روى عنه ابنه عاصم بن رجاء ومكحول، وقتادة بن دعامة، وعبد الملك بن عمير، وحميد الطويل، وأبو مجالد جراد بن مجالد، وعبد الله بن عون، وعبد الكريم بن الحارث ومحمد بن عبد الله بن أبي يعقوب، وأبو سنان عيسى بن سنان، وأشعث بن أبي الشعثاء، وعبد الله بن أبي زكريا، وعمر بن سعيد الفدكي، وسليمان ابن أبي داوود، والوليد بن سليمان بن أبي السائب، وأبو عبيد حاجب سليمان بن عبد الملك، وعدي بن عدي، ومحمد بن جحادة، وعروة بن رويم ومحمد بن عجلان، ورجاء بن مهران بن أبي سلمة، ومحمد بن الزبير، وثور بن يزيد الكلاعي، وإبراهيم ابن أبي عبلة، وعبد الرحمن بن حسان الكناني، ومطر الوراق.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد - قراءة عليه بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا الحسين بن شاكر قال: حدثنا أحمد بن حفص قال: حدثني أبي عن إبراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن عمران بن حصين أنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الجلب والجنب، ونهى عن النجش والمس في البيع، ونهى أن يبتاع الرجل على بيع أخيه ويخطب على خطبة أخيه.
وقال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا محمد بن علي بن الأعرج قال: حدثنا قطن - يعني - ابن إبراهيم قال: حدثنا حفص بن عبد الله قال: حدثني إبراهيم عن مطر عن رجاء بن حيوة عن عمران بن حصين قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا جلب ولا جنب.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار بن محمد بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن بن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: كتب إلينا ضمرة عن يحيى بن أبي عمرو الشيباني قال: كان رجاء يرى تأخير العصر، وكان يصلي ما بين الظهر والعصر.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار في ذكر الأسامي والكنى قال: رجاء بن حيوة يكنى بأبي المقدام، حدثني بذلك أبو الحسن بن أبي قيس قال: حدثنا أبو الأصبغ محمد بن سماعة قال: حدثنا ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة قال: ودع رجل رجاء بن حيوة فقال: حفظك الله يا أبا المقدام.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن عبد الصمد العطار قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا أبو عمران عيسى ابن عمر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا الوليد ابن شجاع قال: حدثني محمد بن شعيب بن شابور قال: أخبرنا الوليد بن سليمان ابن أبي السائب عن رجاء بن حيوة أنه حدثه قال: كتب هشام بن عبد الملك إلى عامله أن يسألني عن حديث، قال رجاء فكنت قد نسيته لولا أنه كان عندي مكتوباً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني البغدادي قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد الحسن بن عبد الله السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن سلام قال: قال ابن عون: أدركت ستة: ثلاثة يؤدون الحديث بلفظه، وثلاثة إذا حدثوا بالمعنى لم يبالوا كيف قالوا، فأما الثلاثة المؤدون فابن سيرين والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ورجاء بن حيوة، وأما الثلاثة الذين يجيبون بالمعنى: فالحسن وإبراهيم والشعبي.

أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: رجاء بن حيوة السكسكي شامي ثقة.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: حدثنا ضمرة عن ابن شوذب عن مطر قال: ما رأيت شامياً أفقه من رجاء بن حيوة.
أنبأنا أبو الفضل عبد الواحد بن هاشم الأسدي عن مسعود بن الحسن عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: رجاء بن حيوة الشامي الكندي، أبو المقدام روى عن عبد الله بن عمرو، ومعاوية، ومحمود بن الربيع، روى عنه ابن عون وجراد بن مجالد، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو علي الأوقي - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة اثنتي عشرة ومائة رجاء بن حيوة مولى كندة، نزل الشام، يعني مات فيها.
رجاء بن سراج:
له ذكر في التاريخ، وقدم مع عبد الملك بن مروان إلى حلب سنة سبعين حين قدمها لقتال مصعب بن الزبير، فلما رجع عمرو بن سعيد الأشدق خالعاً لعبد الملك ومتوجهاً إلى دمشق، مضى معه حميد بن حريث بن بحدل ورجاء بن سراج وجماعة من أهل الشام إلى دمشق، وفتحوها وملكها عمرو، ذكر ذلك محمد بن أحمد بن مهدي في تاريخه.
رجاء بن عبد الرحيم:
أبو المضاء القرشي الهروي، رحل إلى الشام وسمع بطرسوس أبا توبة الربيع ابن نافع الحلبي نزيل طرسوس وبحمص أبا اليمان الحكم بن نافع، وبدمشق أبا مسهر عبد الأعلى بن مسهر الدمشقي، وحدث عنهم وعن أبي نعيم الفضل بن دكين، وعلي بن عياش وأبي الوليد الطيالسي وعبد الرحمن بن عمرو بن جبلة، وبشار بن موسى الخفاف، ومحمد بن المنهال الضرير، ويحيى بن عبد الله بن الضحاك، وسعيد بن أبي مريم، والقعنبي.
روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن الأزهر ومحمد بن علي ابن عمر المذكر، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، ومحمد بن سليمان بن فارس، وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، وزنجويه بن محمد اللباد وأبو يحيى البزاز. يحيى البزاز.
أخبرننا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه إلينا غير مرة - قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر.
وأنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن زاهر قال: أخبرنا أبو عثمان الصابوني والبحيري وأبو بكر البيهقي والحيري - إجازة - منهم - قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن عيسى قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن داوود قال: حدثنا رجاء بن عبد الرحيم الهروي قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا محمد بن الفرات قال: حدثنا أبو إسحق عن الحارث عن علي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يا معشر المسلمين احذروا البغي فإنه ليس عقوبة هي أشد من عقوبة البغي، وصلوا أرحامكم فإنه ليس من ثواب هو أعجل من ثواب صلة الرحم وإياكم واليمين الفاجرة فإنها تدع الديار بلاقع.
قال الحاكم أبو عبد الله الحافظ: رجاء بن عبد الرحيم أبو المضاء القرشي الهروي، أكثر حديثه عن الشاميين: أبي اليمان، وأبي توبة، وعلي بن عياش، وأبي مسهر، وهو كثير المناكير، حدث بنيسابور بالكثير، وسمع منه أبو يحيى البزاز، وإبراهيم بن محمد بن سفيان، وأبو يحيى زكريا بن داوود الخفاف، ومحمد بن سليمان بن فارس وغيرهم، حدث بنيسابور بعد الخمسين.
رجاء بن معبد بن علوان:
ابن زياد بن غالب بن قيس بن المنذر بن حرب بن حسان بن هشام بن مغيث ابن الحارث بن زيد مناة بن تميم التميمي، كان مع مسلمة بن عبد الملك حين دخل بلاد الروم غازياً، واستولى على بلد من بلاد الروم يقال له بلعم، وهو من أجداد الوزير أبي الفضل محمد بن عبيد الله بن محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله ابن عيسى بن رجاء بن معبد.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي - إجازة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا - قال: وكان رجاء بن معبد استولى على بلعم، وهو بلد من ديار الروم حين دخلها مسلمة بن عبد الملك، وأقام بها، وكثر نسله فيها فنسب ولده إليها.
رجاء بن مهران بن أبي سلمة:
أبو المقدام الفلسطيني الرملي، وكان أصله من البصرة وتحول إلى الشام، وسكن الرملة، وكان بدابق ورأى بها الوضين بن عطاء، وروى عن رجاء بن حيوة وعبدة بن أبي لبابة، وإسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وسليمان بن موسى، ويونس بن عبيد وعقبه بن أبي زينب والزهري، ونعيم بن سلامة، وإبراهيم بن يزيد البصري، وعبادة بن نسي، وعمرو بن شعيب، ويزيد بن عبد الله بن موهب، ومقبل بن عبد الله الفلسطيني.
روى عنه زيد بن الحباب والحمادان: ابن سلمه وابن زيد، ويحيى بن العلاء، وعبد الله بن عون ومحمد بن يوسف وضمرة بن ربيعة وبشر بن المفضل وضمرة بن ربيعة.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن ابن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران موسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرني العباس بن سفيان عن زيد بن حباب قال: أخبرني رجاء بن أبي سلمة قال: سمعت عبدة بن أبي لبابة يقول: قد رضيت من أهل زماني هؤلاء أن لا يسألوني ولا أسألهم، إنما يقول أحدهم: أرأيت، أرأيت.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري - فيما أذن لي روايته - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السلمي: وجدت بخط أبي الحسين محمد ابن عبد الله بن جعفر الرازي الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن بشر الهروي قال: حدثني سماعة بن محمد بن سماعة الرملي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا ضمره - يعني - ابن ربيعة عن رجاء - يعني - ابن أبي سلمة قال: رأيت الوضين بن عطاء بدابق وعليه هيئة رثة، ثم رأيته بدمشق عليه هيئة حسنة فقلت له: قد رأيتك بغير هذه الهيئة؟ قال: رأيتني وأنا مسافر.
أنبأنا عبد القادر بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا رجاء بن حامد المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب القراب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حمزة قال: حدثنا شكر قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثت عن ضمرة بن ربيعة قال: ولد رجاء بن أبي سلمة سنة إحدى وتسعين ومات سنة إحدى وستين.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني عن رجاء بن حيوة، روى عنه ابن عون، وحماد ابن زيد، ومحمد بن يوسف، وزيد بن حباب، وقال الحسن: عن ضمرة، مات سنة إحدى وستين ومائة.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رجاء بن أبي سلمة أبو المقدام الفلسطيني الرملي كان ينزل البصرة، ثم تحول إلى الشام.
روى عن رجاء بن حيوة، ونعيم بن سلامة، ويزيد بن عبد الله بن موهب وإسماعيل بن عبيد الله وعبادة بن نسي.
روى عنه ابن عون، وحماد بن سلمة، وحماد بن زيد، وبشر بن المفضل ويحيى بن العلاء، ومحمد بن يوسف، وضمرة، وزيد بن الحباب، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه إلي قال: سألت أبي عن رجاء بن أبي سلمة فقال: ثقة.
وقال: ذكره أبي عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رجاء أبو المقدام ثقة.

أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الحافظ في كتابه قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم القراب قال: أخبرنا أحمد بن إسماعيل قال: حدثنا البخاري قال حدثنا الحسن بن رافع قال: حدثنا ضمرة قال مات رجاء بن أبي سلمة سنة إحدى وستين ومائة وكنيته أبو المقدام الفلسطيني روى عنه ابن عون وحماد بن زيد وحماد بن سلمه ومحمد بن يوسف وزيد بن حباب.
أنبأنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين ومائه رجاء بن أبي سلمه أبو المقدام - يعني مات فيها.
رجب بن إبراهيم بن محمد الحنفي:
الفقيه تفقه بحلب، وسمع أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني.
قال لي الفقيه خليفة بن سليمان بن خليفة الحنفي: كان رجب هذا من الفقهاء الحنفيه بحلب، ثم أنه انتقل إلى دمشق، درس بها في مسجد من مساجدها، وأثنى عليه خيراً.
رزام المجنون:
كان مقيماً بطرسوس مجاهداً، يعد في عقلاء المجانين.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن، وأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان - فيما أذنا لي في روايته عنهما - قالا: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن - في كتابه - قال: أخبرني علي بن المؤمل قال: أخبرنا أبو عبد الله بن سعيد قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن إسماعيل الفارسي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب قال: سمعت علي بن عبد الملك بن دهثم القاضي يقول: كان بطرسوس مجنون يقال له رزام، وكان مدهوشاً يهذي ويسمع ويؤذي، فإذا خرج العسكر إلى أرض العدو خرج لخروجهم، وحمل درقة وسيفاً فكلما لقي العدو أفاق كأن لم يكن به جنون، وكان من أجسر الناس عليهم، وربما قتل في اليوم جملة من العدو فإذا عاد إلى أرض الاسلام عاد إلى جنونه.
ذكر من اسمه رزق الله
رزق الله بن عبد الوهاب:
ابن عبد العزيز بن الحارث بن أسد بن الليث بن سليمان بن الأسود بن سفيان ابن يزيد بن أكينة بن الهيثم بن عبد الله أبو محمد بن أبي الفرج بن أبي الفضل التميمي الحنبلي قيل إن جده الأعلى عبد الله له صحبه، وكان اسمه عبد اللات فسماه النبي صلى الله عليه وسلم عبد الله، وعلمه الوحي، وأرسله إلى اليمامة والبحرين ليعلمهم أمر دينهم، ومسح بيده على صدره وقال: نزع الله من صدر ولدك الغل والغش إلى يوم القيامة، وابنه الهيثم روى عن علي رضي الله عنه وما بين الهيثم، وبين رزق الله كلهم رواة، روى كل واحد منهم عن أبيه وكان رزق الله إمام الحنابلة في وقته في الفقه وكان عارفاً بالقراءات تصدر لإفادة القرآن وعلومه والفقه والحديث قرأ القرآن العظيم على أبي الحسن علي بن عمر الحمامي وتفقه على أبيه أبي الفرج عبد الوهاب وعمه أبي الفضل عبد الواحد والقاضي أبي علي بن أبي موسى الهاشمي، وسمع الحديث من أبيه وعمه المذكور، وأبي عمر عبد الواحد بن محمد بن مهدي الفارسي، وأبي علي أحمد بن محمد البرداني، وأبي الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن المتيم الواعظ، وأبي الحسين محمد بن الحسين بن الفضل القطان، وأبي الحسن علي بن أحمد الحمامي، وأبي الحسن أحمد بن علي بن البادا، وأبي علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز، وأبي الفرج أحمد بن محمد بن عمر بن المسلمة وأبي القاسم عبد الرحمن بن عبيد الله الحرفي، وأبي الفضل عمر بن إبراهيم بن إسماعيل الهروي، وأبي الفرج محمد بن عمر بن محمد بن الجصاص وأبي القاسم عبد الملك، وأبي الحسين علي ابني محمد بن عبد الله بن بشران، وأبي عبد الله أحمد بن عبد الله بن الحسين المحاملي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن مخلد وقيل إن اسمه سعيد بن حيان ورزيق لقب.
أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن علوان عن الخضر بن الفضل عن أبي عمرو ابن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رزيق بن حيان أبو المقدام مولى بني فزارة، كان على جواز مصر زمن الوليد وسليمان وعمر بن عبد العزيز.

روى عن مسلم بن قرظة وعمر بن عبد العزيز، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر ويزيد بن يزيد بن جابر، سمعت أبي يقول ذلك ويقال زريق بن حيان، وسمعت أبا زرعة يقول: رزيق بن حيان أصح.
رستم بن ترذوا الفرغاني:
كان قائداً جليلاً، من كبار القواد في أيام المكتفي، ولي طرسوس والثغور الشامية سنة اثنتين وتسعين ومائتين، فكان له نكاية وغناء في حرب الروم وغزا الصائفة في سنة أربع وستين، وغزا أيضاً في سنة تسع وتسعين ومائتين وأحرق ربض ذي الكلاع، وأظنه عزل عن ولاية الثغور أو مات سنة اثنتين وثلاثمائة.
وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - فيما قرأته بخطه - أن رستم كان قد قدم حلب مع محمد بن سليمان حين تجهز إلى حرب الطولونية، وعاد معه إلى حلب، وقد أمر بالعودة إلى طرسوس للغزو، فورد مبارك القمي إلي محمد - يعني - ابن سليمان يأمره أن يقلد رستم بن ترذوا طرسوس، ففعل ذلك وضم إليه ألف رجل وذلك في سنة اثنتين وتسعين ومائتين.
وقرأت بخط أبي بكر الصولي أيضاً، وكان الفداء بين المسلمين والروم في شوال من سنة خمس وتسعين، فبلغت عدة من خرج من بلاد الروم ألفين وثمانمائة إنسان، منهم ستمائة امرأة على يدي رستم بن ترذوا الفرغاني.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، - ونقلته من خط العظيمي قال: سنة اثنتين وتسعين ومائتين وفي النصف من شوال دخل مدينة طرسوس رستم بن ترذوا والياً عليها وعلى الثغور الشامية وكان الفداء بين المسلمين والروم لست بقين من ذي القعدة، فكان الفداء ألف ومائتين، ثم غدر الروم فانصرفوا، ورجع المسلمون بمن بقي معهم من الأسرى من الروم، وكان عقد الفداء والهدية مع أبي العشائر والقاضي ابن مكرم، فلما أغار أنذر بقش على مرعش وقتل أبا الرجال عزل أبو العشائر وولي رستم وكان الفداء وتمامه على يديه، وكان المتولي لفداء الروم مقدم اسمه أشكانه.
وقال: سنة أربع وتسعين فيها دخل ابن كيغلع طرسوس غازياً في أول المحرم، وخرج معه رستم، وهي غزاة رستم الثانية فبلغوا اسلندو ففتح الله عليهم، وصاروا إلى السبى في أيديهم نحواً من خمسة آلاف رأس وقتلوا من الروم مقتلة عظيمة وانصرفوا سالمين.
قال: وفيها كاتب أنذروا بقش السلطان يطلب الأمان، وكان على حرب أهل الثغور من قبل الروم فأمنوه وخلص معه أسرى من المسلمين، وكان ملك الروم بعث إليه من يقبضه فرجع إلى ذلك البطريق الموجه إليه فأوقع به وبمن معه وكان رستم قد خف إليه في جمادى الأولى ليخلصه فوجده قد ظفر فتسلم الحصن منه، وانهزم بقية الروم، وحمل أنذرو بقش كل ماله إلى بلاد المسلمين وخلى سلاحه.
وقال سنة تسع وتسعين ومائتين فيها غزاه رستم بن ترذوا الصائفة من طرسوس وهو والي الثغور، حصر حصن مليح وأحرق ربض ذي الكلاع.
رشاء بن نظيف بن ما شاء الله:
أبو الحسن المقرىء المعري، من أهل النعمان وسكن دمشق وحدث بها عن محمد بن إبراهيم الطرسوسي وأبي محمد الحسن بن إسماعيل ابن محمد الغساني، المعروف بالضراب، وسمعه بمصر وعن أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري ولقيه بمعرة النعمان.
روى عنه الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن رشاء بن نظيف ابن ما شاء الله في شهور سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو محمد الحسن ابن إسماعيل بن محمد الغساني الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري قال: حدثنا الحارث بن أسامة التميمي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد الحماني قال: حدثنا محمد بن أبان عن أبي إسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: وذكرهم بأيام الله، قال: بنعم الله عز وجل.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة:

أبو اليمن المعري من أهل معرة النعمان، شاعر مجيد، روى عنه شيئاً من شعره ابن أخيه علوي بن عبد القاهر بن المهنا.
وهذا الرشيد هو أخو الناظر المعري.
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف الكمال عبد القاهر بن علوي بن عبد القاهر ابن المهنا للشيخ أبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة يهجو أبا جعفر بن الشويهة:
رأيت في النوم أبي آدماً ... فقلت والقلب به وامق
أتعرف الشيخ أبا جعفر ... صلى عليك الملك الخالق
فقال إن كان أبو جعفر ... مني فحواء أمّكم طالق
وقرأت في هذا الكتاب: حدثني والدي - يعني - علوي بن عبد القاهر بن علي قال: حدثني عمي أبو اليمن الرشيد بن علي بن المهنا بن صدقة، فذكر حكاية سنذكرها في موضعها إن شاء الله تعالى.
أنبأنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله الهاشمي قال: أنشدنا عبد القاهر ابن علوي المعري لأبي اليمن الرشيد بن علي بن المهنا في القطايف:
شفاء نفسي لو به أسعفت ... قطايف تعذب في اللّقم
يشهد بالشهد لنا ظاهر ... وباطن في اللون والطعم
كأنها الاسفنج في مائه ... غريقة في دهنها الجمّ
قرأت في مجموع لبعض الشامين لأبي اليمن الرشيد المعري:
ونائم عن سهري قال لي ... وقد طواني حبّه طياً
أأنت حيّ بعد قلت انتبه ... فالميت في النوم يرى حياً
رشيد الخادم:
من خواص الرشيد، وكان له ذكر، وكان مع الرشيد في غزاته، ودخل معه الدرب حين غزا الروم، وحكى عنه.
ذكر من اسمه رشيق
رشيق بن عبد الله:
أبو الحسن الرقي المصيصي مولى رزق الله بن الحسن، أظن أن مولاه من الرقة، ونزل رشيق المصيصة فنسب إليها.
وحدث بها وببغداد وغيرهما عن أبي الحسن محمد بن عون الدمشقي وأبي بكر أحمد بن سعد الوراق، وعبد الله بن إبراهيم بن أيوب المخرمي، ومحمود بن محمد الواسطي، وأبي يعلى الموصلي، وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وجماهر بن محمد الزملكاني وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، ومحمد بن الربيع بن سليمان الحيري، ومحمد بن الحسن العسقلاني، وأبي القاسم عبد الله ابن محمد البغوي، وأبي حفص عمر بن عبد الرحمن، وأبي يزيد خالد بن النضر القرشي البصري، وأبي بكر محمد بن سعيد بن محمد القطان، قاضي عسقلان، وأبي محمد عبد الله بن قحطبة وأبي يعقوب إسحق بن أحمد الإمام.
روى عنه تمام بن محمد الرازي، ومحمد بن عيسى بن عبد العزيز، وأبو عبد الله محمد بن جعفر بن عبيد الله المكتب وسمع منه بالمصيصة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثني أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن أيوب المخرمي ببغداد قال: حدثنا سعيد بن محمد الجرمي قال: حدثنا أبو ثميلة عن سفيان الثوري عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن يقعد الرجل مكان أخيه أو يقيمه وقال: تفسحوا.
وذكر تمام بن محمد هذا الحديث في جزء آخر فقال فيه: أخبرني بن رشيق ابن عبد الله المصيصي مولى رزق الله بن الحسن.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البناء البغدادي بحلب قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن عبد السلام الأنصاري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الصوري قال: قرأت على أبي عبد الله محمد بن جعفر بن عبد الله بن صالح بن إبراهيم ابن عبد الله المكتب بطرابلس في مكتبه قلت: حدثكم أبو الحسن رشيق بن عبد الله المصيصي بالمصيصة في شعبان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عون الدمشقي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثنا الوليد عن جابر عن ابن أبي عائشة قال: إذا أراد المتكلم بكلامه غير الله عز وجل زل عن قلوب جلسائه كما يزل الماء عن الصفا.
رشيق بن عبد الله:

أبو الحسن النسيمي، مولى نسيم الشرابي، مولى المقتدر، كان قد حصل في الثغر الشامي مع محمد بن الزيات والي الثغور، وكان له أثر صالح في الجهاد، ولما جرى من ابن الزيات ما جرى وعزم على تغريق نفسه على ما نذكره في ترجمته كتب وصيته وتقدم إلى أخيه وإلى أبي الحسن رشيق النسيمي أن يطوفوا ليلتهم في طرسوس ويحفظوا البلد، ثم غرق محمد بن الزيات نفسه فوقع الاتفاق من بعده على أبي الحسن رشيق النسيمي لأنه كان يظهر الميل إلى سيف الدولة فأهله أهل طرسوس للإمرة بها وولاية الثغور الشامية، فكان رشيق يغزو بأهل الثغور وينكي في العدو نكايات يظهر أثرها ويتناقل خبرها فمنها غزاته في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة التي سار فيها بأهل النجدة والبأس ودخل إلى قرة وقلونية وسمندو، فسبى أهلها ونهب وقتل وأحرق وغنم غنائم كثيرة ومنها غزاته في سنة ثلاث وخمسين وثلاثمائة التي غزا من طرسوس بأهلها إلى قيسارية وهرقلة فدوخ تلك البلاد وغنم غنائم كثيرة، فلما ضعف أمر الثغور، وتراجع أمر سيف الدولة وكرهه أهل الثغور واستولى الروم على المصيصة وعين زربة وطرسوس، والتجى أكثر أهل الثغر إلى أنطاكية حصل رشيق النسيمي في أنطاكية وقطع خطبة سيف الدولة وكان سيف الدولة قد توجه إلى ديار بكر لإقامة الفداء في سنة أربع وخمسين وثلاثمائة واستناب الحاجب قرغويه في حلب فاستأمن أبو يزيد الشيباني ودزبر بن أونيم الديلمي وجماعة من الديلم الذين كانوا مع الحاجب بحلب إلى رشيق وأطمعوا رشيقاً في حلب، وحملهم على ذلك رجل ساقط يقال له ابن الأهوازي كان يتضمن الأرحاء بأنطاكية، وأدخلوا معهم في الرأي رجلاً علوياً يعرف بالأفطسي كان منحرفاً عن سيف الدولة فجبى ابن الأهوازي الأموال فلما أظهر رشيق مباينة سيف الدولة وحصل عنده من حصل سير الحاجب قرغويه غلامه يمن في عسكر إلى رشيق، فخرج إليه رشيق من أنطاكية والتقوا بناحية أرتاح فاستأمن يمن إلى رشيق، وخلى عسكره فعادوا إلى حلب، وسار رشيق وحصل على باب حلب وحصل على باب اليهود وهو المعروف الآن بباب النصر، وزحف على باب اليهود فخرج إليه بشارة الخادم الاخشيدي خادم سيف الدولة في جماعة معه فقاتل إلى وقت الظهر، فانهزم بشارة ودخل من باب اليهود، ودخلت خيل رشيق خلفه وحصلت في المدينة في اليوم الأول من ذي القعدة من سنة أربع وخمسين وكان الحاجب قرغويه في القلعة فأقام رشيق يقاتل القلعة ثلاثة أشهر وعشرة أيام، وفتح باب الفرج، ونزل غلمان الحاجب من القلعة فحملوا على أصحاب رشيق فهزموهم وأخرجوهم من المدينة فركب رشيق ودخل من باب أنطاكية فوصل إلى القلانسيين، وخرج من باب قنسرين ومضى إلى باب العراق فنزل غلمان الحاجب من القلعة وخرجوا من باب الفرج ووقع القتال بينهم وبين أصحاب رشيق، فطعن أبو يزيد الشيباني رشيقاً فرماه وأخذ رأسه ومضى به إلى الحاجب قرغويه، وكان أبو يزيد الشيباني ممن استأمن إلى رشيق من عسكر سيف الدولة، وقيل إن أبا يزيد طعن رشيقاً فوقع إلى الأرض وضربه حسنش الديلمي واحتز رأسه عبد الله التغلبي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين وثلاثمائة ملك مدينة حلب دون القلعة رشيق النسيمي والي أنطاكية وكسر عسكر قرغويه الحاجب وحاصر القلعة فقتل وهو محاصر القلعة وعاد قرغويه ملك حلب وملك أنطاكية دزبر الديلمي عند قتل رشيق.

وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب المعري: سنة أربع وخمسين وثلاثمائة قال: وفيها خرج ابن الأهوازي بأنطاكية وكان يتضمن بها المستغلات لسيف الدولة وكان قد حصل في أنطاكية رجل من وجوه أهل الثغر اسمه رشيق يعرف بالنسيمي، فعمل له ابن الأهوازي كتاباً ذكر أنه من الخليفة ببغداد بتقليده أعمال سيف الدولة فقرىء على منبر أنطاكية، وكان قد اجتمع لابن الأهوازي جملة من مال المستغل وطالب قوماً بودائع ذكر أنها عندهم، فعرض الرجال، وقبضهم من أموال أنطاكية، وفرض لجماعة فرسان ورجالة أكثرهم من أهل الثغر وسار بهم إلى حلب في عسكر كبير فحاصروا قرغويه الحاجب في القلعة بحلب، وكان القتال يجري بينهم كل يوم مدة شهور وقتل رشيق النسيمي في الحرب وكان فيما قيل متوجعاً، وعقد ابن الأهوازي الإمارة بعد رشيق النسيمي لرجل ديلمي كان من رجال سيف الدولة يقال له دزبر، وعاد العسكر إلى أنطاكية.
هكذا ذكر العظيمي وابن المهذب كما حكينا عن كل واحد منهما والصحيح أن استيلاء رشيق على مدينة حلب دون القلعة في ذي القعدة من سنة أربع وخمسين، وقتل رشيق على باب حلب في صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
قرأت بخط ثابت بن سنان بن قرة المؤرخ في جزء كتب فيه وفيات من توفي من الأعيان من سنة ثلاثمائة إلى السنة التي توفي فيها، قال ثابت: رشيق النسيمي المتغلب على حلب قتل في اليوم الرابع من صفر سنة خمس وخمسين وثلاثمائة.
ذكر من اسمه رضوان
رضوان بن إسحق القرشي:
أبو زفر السامي من بني سامة بن لؤي من أهل دمشق، سكن أذنه بلدة من الثغور الشامية وحدث بها عن أبي يعقوب إسحق بن إبراهيم الحنيني، وأبي عبد الله موسى بن داود الضبي القاضي بالثغر، وعثمان بن سعيد الحمصي، وأبي العلاء كثير بن الأسود الحبشي.
روى عنه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد الخطيب عن أبي طاهر الخضر بن المفضل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رضوان بن إسحق القرشي أبو زفر الدمشقي من بني سامة بن لؤي روى عن إسحق بن إبراهيم الحنيني وعثمان ابن سعيد بن كثير بن دينار، وموسى بن داوود كتب عنه أبي بأذنه عند ابن الطباع في رحلته الأولى، سئل أبي عنه فقال: صدوق.
رضوان بن تتش:
ابن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن دقاق، أبو المظفر التركي السلجوقي ولد سنة خمس وسبعين وأربعمائة، ونشأ في دمشق في حجر أبيه، وكانت أمه أو ولد فزوجها أبوه من جناح الدولة حسين، وجعله أتابكاً له ومربياً، ولما توجه أبوه تتش لمحاربة بركيارق ووصل إلى همذان كتب إلى ولده رضوان إلى دمشق، وكان قد تركه بها، يستدعيه إليه من دمشق، وأمره أن يحضر معه من تخلف بالشام من المعسكر، فامتثل أمر أبيه وخرج من دمشق بالعسكر متوجهاً إلى أبيه، ووصل إلى عانة وقيل إلى الأنبار، فبلغه قتل أبيه تتش، فحط خيمه وسار مجداً عائداً، فوصل إلى حلب وتسلمها من وزير أبيه أبي القاسم بن بديع في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وتولى حسين زوج أمه تدبير ملكه.
ووصل أخوه دقاق إلى حلب، ومضى سراً من رضوان إلى دمشق فملكها وقدم يغي سغان، ويوسف بن آبق بعسكرهما من أنطاكية إلى خدمة رضوان، وسارا معه إلى الرها ليتسلمها من نواب والده، فأرادا القبض على حسين لينفردا بتدبير رضوان، فبلغ حسين ذلك، فهرب إلى حلب، وتبعه رضوان إليها واستوحش رضوان منهما، فرجعا إلى أنطاكية.
وسار رضوان إلى دمشق ليأخذهما من أخيه دقاق، ونزل جناح الدولة حسين بحلب، وسار معه سكمان بن أرتق، فلما وصل رضوان إلى دمشق اعتقل دقاق نجم الدين ايلغازي بن أرتق، ولم يستتب لرضوان أمر دمشق فرجع إلى حلب، وتوجه سكمان إلى البيت المقدس، وتسلمه من نواب أخيه ايلغازي.
ووصل يوسف بن آبق إلى رضوان إلى حلب وسكنها فخاف منه رضوان وحسين فتقدما إلى المجن الفوعي فهجم عليه فقتله.

وخرج رضوان وحسين فتسلما تل باشر، وشيح الدير من نواب يغي سغان، وأغارا على بلد أنطاكية، ثم توجها إلى دمشق وسار يغي سغان إليهما منجداً دقاق، فضعفت نفس رضوان عن دمشق، فسار إلى البيت المقدس فتبعه دقاق وطغتكين ويغي سغان، وأشرف عسكر رضوان على التلف فهرب حسين على البرية إلى حلب، ووصل دقاق وطغتكين إلى ناحية حلب، واستنجد رضوان بسليمان بن ايلغازي صاحب سميساط، فوصل إلى حلب بعسكر كبير واجتمع العسكران على نهر قويق، وتحاربا، فهرب دقاق وطغتكين إلى دمشق يغي سغان إلى أنطاكية.
وتغيرت نية رضوان على حسين فهرب من حلب إلى حمص ومعه زوجته أم رضوان.
ثم تجدد بعد ذلك خروج الفرنج إلى أنطاكية، ووصل يغي سغان إلى الملك رضوان إلى حلب إلى خدمة رضوان، وتزوج رضوان بابنته خاتون جيجك، ونزل الفرنج على أنطاكية، وشنوا الغارات على بلد حلب، ووصل ابن يغي سغان إلى حلب مستنجداً على الفرنج، فسير رضوان معه عسكر حلب وسكمان، فلقيهم من الفرنج دون عدتهم، فانهزم المسلمون إلى حارم، وغلب أهل حارم من الأرمن عليها، وعاد سكمان بن أرتق مفارقاً رضوان، وصار مع دقاق.
واستولى الفرنج على أنطاكية، وضعف أمر رضوان، واستمال الباطنية وظهر مذهبهم بحلب، وشايعهم رضوان، واتخذوا دار دعوه بحلب، وكاتبه ملوك الاسلام في أمرهم، فلم يلتفتت، ولم يرجع عنهم، ودام على مشايعتهم.
وقوي الفرنج عليه فباع من أملاك بيت المال عدة مواضع للحلبيين، وقصد بذلك استمالتهم، وأن يتعلقوا بحلب بسبب أملاكهم فيها حتى أنه باع في ساعة واحدة ستين خربة من مزارع حلب لجماعة من أهلها وكتب بها كتاب واحد، يذكر حدود كل خربة ومشتريها وثمنها. وكان الكتاب عندي في جملة الكتب التي كانت لوالدي رحمه الله.
وكان الملك رضوان بخيلاً شحيحاً يحب المال، ولا تسمح نفسه باخراجه، حتى أن أمراءه وكتابه كانوا ينبزونه بأبي حبة، وذلك هو الذي أضعف أمره، وأفسد حاله مع الفرنج والباطنية. وجدد في حلب مكوساً وضرائب لم تكن، ومع هذا كله كان فيه لطف ومحاسنة للحلبيين حتى بلغني أنه مر يوماً راكباً ليخرج من باب العراق، فلما وصل إلى المرمى، وهو داخل السور بالقرب من باب العراق، سمع امرأة تنادي أخرى يا زليخا تعالي أبصري الملك، فأمسك رأس فرسه ووقف ساعة، ثم نظر فلم ير أحداً، فقال: أين هي زليخا؟ قولوا لها تأتي تبصرنا أو نمشي، وهذا من أبلغ اللطافة من ملك مثله.
وحدثني والدي قال: أخبرني أبي قال: وقع بين والدي أبي غانم وبين القاضي أبي الفضل بن الخشاب مشاجرة في التخم الذي بين قرية والدي أقذار وبين قرية ابن الخشاب عيطين، وآل الأمر في ذلك إلى مواشحة وغلظة، فبلغ الملك رضوان فقال: أنا أخرج بنفسي وأقف معكما على التخم، فخرجا مع الملك ووقف معهما وقال لأحدهما: إلى أين تدعي؟ فقال: إلى ها هنا، وقال، للآخر: إلى أين تدعي؟ فقال: إلى ها هنا، فقال لكل واحد منهما: أريد أن تهب لي نصف ما تدعي على صاحبك، فأجاباه جميعاً إلى ذلك، وأصلح بينهما على أن نزل كل واحد عن نصف المدعى به، وجعل بينهما تخماً إتفقا عليه، ورجع إلى المدينة، وهذا أيضاً من المآثر التي ينبغي أن تكتب وتسطر وتنقل في التواريخ وتذكر.

قرأت بخط الشريف إدريس بن الحسن الادريسي الاسكندراني قال الشيخ أبو الحسن بن الموصول، وأملانيه بدار الشريف أمين الدين أبي طالب أحمد بن محمد النقيب الحسيني الاسحاقي من تعليق لبعض أسلافه قال: وفي شهر ربيع الأول سنة خمس وخمسمائة وصل إلى حلب رجل كبير فقيه تاجر يقال له أبو حرب عيسى بن زيد بن محمد الخجندي ومعه خمسمائة جمل عليها أحمال أصناف التجارات، وكان شديداً على الاسماعيلية مسعداً لم يقصدهم، مبالغاً في بابهم، أنفق في المجاهدين لهم بسببهم أموالاً جليلة، فقام في غلمان له يستعرض أحماله وحوله جماعة من مماليكه وخدمه، وكان قد أصحب من خراسان باطنياً يقال له أحمد بن نصر الرازي، وكان أخوه قتله رجال هذا الخجندي، فدخل إلى حلب، واستدل على أبي الفتح الصايغ رئيس الملاحدة بها، وكان متمكناً من رضوان، فصعد إلى الملك رضوان، وعرفه ما جرى بينهم وبين الفقيه أبي حرب، وأطمعه في ماله، وأراه أنه بريء من التهمة في بابه إذ كان معروفاً بعداوة الملحدة، فطمع رضوان وانتهز الفرصة فيه، وطار فرحاً، فبعث بغلمان له يتوكلون به، فبرز إلى أبي حرب عيسى الفقيه أحمد بن نصر الرازي وهجم عليه، فقال لغلمانه وأصحابه: أليس هذا رفيقنا؟! فقالوا: هو هو، فوقعوا عليه فقتلوه، وهجم جماعة من أصحاب أبي الفتح الباطني الحلبي على أبي حرب فقتلوا عن آخرهم، ثم قال أبو حرب: الغياث بالله من هذا الباطني الغادر، أمنا المخاوف وراءنا وجئنا إلى الأمنة، فبعث علينا من يقتلنا، فرجعوا إلى رضوان، فأخبروه بما قال، فأبلس، وصار السنة والشيعة إلى هذا الرجل، وأظهروا إنكار ما تم عليه، وعبث أحداثهم بجماعة من أحداث الباطنية فقتلوهم، وأنهي ذلك إلى الملك رضوان فلم يتجاسر على إنكاره، وأقام الرجل بحلب، وكاتب أتابك ظهير الدين وغيره من ملوك الشام فتوافت رسلهم عند رضوان بكتبهم ينكرون عليه ما جاءه في بابه، فأنكر وحلف أنه لم يكن له في هذا الرجل نية، وخرج الرجل عن حلب مع الرسل، فخيروه في التوجه نحو الرقة، وعاد إلى بلده، ومكث الناس يتحدثون بما جرى على الرجل، ونقص في أعين الناس، فتوثبوا على الباطنية من ذلك اليوم.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي في حوادث سنة إحدى وخمسمائة قال: وفي هذه السنة بلغ فخر الملوك رضوان ما ذكر به عن مشايعة الباطنية واصطناعهم، وحفظ جانبهم، وأنه لعن بذلك في مجلس السلطان، فلما بلغه الخبر أمر أبا الغنائم بن أخي أبي الفتح الباطني بالخروج عن حلب فيمن معه، فانسل القوم بعد أن تخطف جانبهم، وقتل منهم أفراد.
قلت ولما ملك رضوان حلب قتل أخوين له كانا من أبيه، فلما مات رضوان وملك ابنه ألب أرسلان قتل أخوين له كانا من أحسن الناس صورة فانظر إلى هذه المؤاخذة العجيبة.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: وفيها - يعني سنة تسعين وأربعمائة - عصى المجن الموفق على الملك رضوان، وتعصب معه الحلبيون ثم تخاذلوا عنه، واختفى، فقبض عليه الملك رضوان، وعلى ذويه وبنيه، واستصفى أمواله في ذي القعدة وعذبهم بأنواع العذاب، ثم قتله بعد ذلك، وقتلهم حوله.
قال: وفيها وصل رسول مصر إلى الملك رضوان، يعني من المستعلي، بالتشريف والخلع، وخطب للمصريين شهراً، ثم عاد عن ذلك.
وقال: سنة ثلاث وتسعين، وفيها كسرت الافرنج للملك رضوان على موضع يقال له كلا، وكان المسلمون في خلق وكان الافرنج في مائة فارس، فقتلوا خلقاً من الناس، وأسروا خلقاً، وكانت الكسرة يوم الجمعة خامس شعبان.
وقال: سنة ثمان وتسعين وأربعمائة، فلما كسر الفرنج الملك رضوان على عين تسيلوا من أرض أرتاح. وكان سبب ذلك حصن أرتاح، خرجوا إليه ليأخذوه، وجمع رضوان الخلق العظيم، وخرج لنجدة الحصن، ومعه من الرجالة الخلق العظيم، وكان المصاف يوم الخميس، فانهزمت الخيل وأسلموا الرجالة، فقتل منهم الخلق العظيم، وفقد من الحلبيين جماعة كثيرة غزاة رحمهم الله، وانهزم أكثر من به.

قلت: بلغني أنه قتل من المسلمين مقدار ثلاثة آلاف ما بين فارس وراجل. وهرب من بأرتاح من المسلمين، وقصد الفرنج بلد حلب، فأجفل أهله، ونهب من نهب، وسبي من سبي، واضطربت أحوال بلد حلب من جبل ليلون إلى شيزر، وتبدل الخوف بعد الأمن والسكون وهرب أهل الجزر وليلون إلى حلب، فأدركتهم خيل الفرنج فسبوا أكثرهم وقتلوا جماعة، وكانت هذه النكبة على أعمال حلب أعظم من النكبة الأولى على كلا، ونزل طنكريد الفرنجي على تل أعذى من عمل ليلون وأخذه، وأخذ بقية الحصون التي في عمل حلب، ولم يبق في يد الملك رضوان من الأعمال القبلية إلا حماه، وليس في يديه من الأعمال الغربية شيء، وبقي في يده الأعمال الشرقية والشمالية وهي غير آمنة.
وضاق الأمر بأهل حلب، ومضى بعضهم إلى بغداد واستغاثوا في أيام الجمع، ومنعوا الخطباء من الخطبة مستصرخين بالعساكر الاسلامية على الفرنج، وكسروا بعض المنابر، فجهز السلطان محمد بن ملكشاه مودود صاحب الموصل وأحمديل الكردي، وسكمان القطبي في عساكر عظيمة ضخمة، ومات سكمان قبل وصوله إلى حلب، ووصلت العساكر إلى حلب، فأغلق رضوان أبواب حلب في وجوههم، وأخذ إلى القلعة رهائن عنده من أهلها لئلا يسلموها، ورتب قوماً من الجند والباطنية الذين في خدمته لحفظ السور، ومنع الحلبيين من الصعود إليه، وضبر إنسان من السور فأمر به فضربت عنقه، ونزع رجل ثوبه ورماه إلى آخر، فأمر به فألقي من السور إلى أسفل، وبقيت أبواب حلب مغلقة سبع عشرة ليلة، وأقام الناس ثلاث ليال لا يجدون ما يقتاتونه، وكثرت اللصوص، وخاف الأعيان على أنفسهم، وساء تدبير الملك رضوان، فأطلق العوام ألسنتهم بسبه وتعييبه وتحدثوا بذلك فيما بينهم، فاشتد خوفه من الرعية أن يسلموا البلد، وترك الركوب بينهم. وبث الحرامية تتخطف من ينفرد من العساكر فيأخذونه. وعاث العسكر فيما بقي سالماً ببلد حب بعد نهب الفرنج له، ورحل العسكر إلى معرة النعمان بعد استيلاء الفرنج عليها في آخر صفر من سنة خمس وخمسمائة وأقاموا عليها أياماً، وقدم عليهم أتابك طغتكين، فراسل رضوان بعضهم حتى أفسد ما بينهم، وظهر لأتابك طغتكين منهم الوحشة، فصار في جملة ممدود، وثبت له ممدود، ووفى له، وحمل لهم أتابك هدايا وتحفاً، وعرض عليهم المسير إلى طرابلس والمعونة لهم بالأموال، فلم يعرجوا، وسار أحمديل وبرسق بن برسق، وعسكر سكمان إلى الفرات، وبقي مودود مع أتابك، فرحلا من المعرة إلى العاصي، فنزلا على الجلالي، ونزل الفرنج أفامية: بغدوين، وطنكريد، وابن صنجيل، وساروا لقصد المسلمين، فخرج أبو العساكر سلطان بن منقذ من شيزر بأهله وعسكره، واجتمعوا بمودود وأتابك، وساروا إلى الفرنج، ودارت خيول المسلمين حولهم ومنعوهم الماء، والأتراك حول الشرائع بالقسي تمنعهم الورد، فأصبحوا هاربين سائرين يحمي بعضهم بعضاً.
ونزل طنكريد على قلعة عزاز وبذل له رضوان مقطعة عن حلب، عشرين ألف دينار وخيلاً وغير ذلك، فامتنع طنكريد من ذلك، ورأى رضوان أن يستميل طغتكين أتابك إليه، فاستدعاه إلى حلب، فوصل إليه وتعاهدا على مساعدة كل منهما لصاحبه بالمال والرجال، واستقر الأمر على أن أقام طغتكين الدعوة والسكة لرضوان بدمشق، فلم يظهر من رضوان الوفاء بما تعاهدا عليه، ووصل مودود إلى الشام، واتفق مع طغتكين على الجهاد، وطلب نجدة من الملك رضوان، فتأخرت إلى أن اتفق للمسلمين وقعة استظهروا فيها على الفرنج، ووصل عقبيها نجدة للمسلمين من رضوان دون المائة فارس، وخالف فيما كان قرره ووعد به، فأنكر أتابك ذلك وتقدم بابطال الدعوة والسكة باسم رضوان من دمشق في أول شهر ربيع الأول من سنة سبع وخمسمائة.

أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: رضوان بن تتش بن ألب أرسلان بن جغري بك بن سلجوق بن تقاق التركي كان بدمشق عند توجه أبيه إلى ناحية الري، فكتب إليه يستدعيه، فخرج إليه، فلما كان بالأنبار بلغه قتله، فرجع إلى حلب فتسلمها من الوزير أبي القاسم، وكان المستولي على أمرها جناح الدولة حسين في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، ثم قدم دمشق بعد موت أخيه دقاق، فحاصرها وقرر له الخطبة والسكة، فلم تستتب أموره وعاد إلى حلب، وأقام بها، وجرت منه أمور غير محمودة في قتال الفرنج، وظهر منه الميل إلى الباطنية، واستعان بهم بحلب، ثم استدعى طغتكين أتابك إلى حلب ولاطفه، وأراد استصلاحه، وقرر بينهما أموراً وأقام له طغتكين الدعوة والسكة بدمشق، فلم يظهر منه الوفاء بما وعد، فأبطلت دعوته.
وكان لما ملك حلب قد قتل أخويه أبا طالب وبهرام ابني تتش، ومات في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، ونقلته من خطه، قال: سنة سبع وخمسمائة، فيها مات الملك رضوان بن تاج الدولة صاحب حلب بحلب، وجلس موضعه ولده تاج الدولة ألب أرسلان، وفيها قتل تاج الدولة ابن الملك رضوان أخويه ملك شاه وإبراهيم صبيين أحسن الناس صوراً.
كذا وجدته، وإبراهيم بقي زماناً، ورأيت ولده بحلب. وأظنه مبارك والله أعلم.
وقرأت في كتاب تاريخ وقع إلي بماردين جمعه الرئيس أبو علي الحسن ابن علي بن الفضل الداري، وشاهدته بخطه. قال: وفيها، يعني سنة ثمان وخمسمائة مات الملك رضوان بن تتش بحلب، وتولى ولده الأخرس.
وقرأت في بعض ما علقته من الفوائد: مرض رضوان بحلب مرضاً حاداً، توفي في الثامن والعشرين من جمادى الآخرة سنة سبع وخمسمائة ودفن بمشهد الملك، فاضطرب أمر حلب لوفاته، وتأسف أصحابه لفقده، وقيل أنه خلف في خزانته من العين، والآلات، والعروض، والأواني ما يبلغ مقداره ستمائة ألف دينار.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني قال: وملكها - يعني حلب بعده، يعني بعد قتل أبيه تتش - في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة أبو المظفر رضوان بن تتش تسع عشرة سنة وشهوراً، وتوفي في سحرة يوم الأربعاء آخر يوم من جمادى الأولى سنة سبع وخمسمائة، وعمره اثنان وثلاثون سنة، وخلف عيناً وعروضاً تقارب ألف ألف دينار.
رضوان بن سعيد المصيصي:
ذكر أبو بكر أحمد بن ثابت الخطيب في ترجمة أبي العباس محمد بن أحمد بن عبد الكريم البزاز المخرمي، أنه روى عن رضوان بن سعيد المصيصي، وأظنه والله أعلم، وهما وقع في الرواية، وأنه أبو رضوان بن سعيد المصيصي واسمه اليمان.
رضوان بن علي الرقي الطبيب:
من أهل الرقة، سافر إلى بلاد الروم وصار بها طبيباً في خدمة كيخسرو بن كيقباذ، ولما دخل التتار بلاد الروم وكسروا كيخسرو. أسرو الحكيم رضوان ثم أطلقوه حين عرفوا أنه يعرف الطب، وسيره التتار رسولاً إلى حلب إلى الملك الناصر يوسف بن محمد مرتين، واجتمعت به بحلب وأنشدني لنفسه بحلب من أبيات:
من كل أروع يستلذ بطبعه ... طعم الشفار حديدها من صالب
شكت القنا منه الصداع وحاولت ... منه العلاج فشدها بعصائب
بلغني أن رضوان الحكيم توفي بموغان ووصل إلينا خبر وفاته في جمادى الآخرة من سنة خمس وأربعين وستمائة.
ذكر من اسمه رفاعة
رفاعة بن رافع بن مالك:
ابن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق أبو معاذ الأنصاري الزرقي وأمه أم مالك بنت أبي بن سلول، صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وشهد معه بدراً وأحداً وسائر المشاهد بعدهما، وشهد مع علي رضي الله عنه الجمل وصفين، وقيل إنه شهد على كتاب التحكيم بين علي ومعاوية، وقد ذكرنا ذلك في ترجمته ربيعة بن شرحبيل.
وروى عن أنس بن مالك. روى عنه عبيد الله بن عمر وابن أخيه يحيى بن خلاد بن رافع، وابنه معاذ بن رفاعة.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا إسحق بن عبد الله بن علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه رفاعة بن رافع، وكان رفاعة ومالك بن رافع أخوين من أهل بدر، قال: بينما نحن جلوس حول رسول الله صلى الله عليه وسلم أو رسول الله صلى الله عليه وسلم جالس ونحن حوله - شك همام - إذ دخل رجل فاستقبل القبلة فصلى، فلما قضى الصلاة جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وعليك ارجع فصل فإنك لم تصل فرجع الرجل فصلى وجعلنا نرمق صلاته لا ندري ما يعيب منها، فلما قضى صلاته جاء فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعلى القوم فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: ارجع فصل فإنك لم تصل - قال همام: ولا أدري أمره بذلك مرتين أو ثلاثاً - قال الرجل: ما ألوت فلا أدري ما عبت علي من صلاتي؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنها لا تتم صلاة أحدكم حتى يسبغ الوضوء كما أمره الله فيغسل وجهه ويديه إلى المرفقين، ويمسح برأسه ورجليه إلى الكعبين، ثم يكبر الله ويحمده ثم يقرأ من القرآن ما أذن الله له فيه، ثم يكبر فيركع فيضع كفيه على ركبتيه حتى تطمئن مفاصله وتسترخي، ويقول: سمع الله لمن حمده فيستوي قائماً حتى يقيم صلبه، فيأخذ كل عظم مأخذه، ثم يكبر فيسجد فيمكن وجهه - قال همام: وربما قال: جبهته من الأرض - حتى تطمئن مفاصله وتسترخي ثم يكبر فيستوي قاعداً على مقعده ويقيم صلبه - فوصف الصلاة هكذا أربع ركعات حتى فرغ - لا تتم صلاة أحدكم حتى يفعل ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو بكر بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الأنباري قال: أخبرنا عبد القاهر بن محمد بن محمد بن أحمد عترة قال: حدثنا محمد بن عمران قال حدثنا إسماعيل - يعني - ابن إسحاق قال: حدثنا إسماعيل بن أبي أويس قال: حدثني أخي عن سليمان بن بلال عن عبد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرثقي عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لي حوض بين صنعاء وأيلة وإن آنيته عدد نجوم السماء.
أخبرنا أبو عبد الله بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي بن عفراء، شهد بدراً نسبه قتيبة عن رفاعة بن يحيى، مديني ثم قال البخاري: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري المديني.
قال إسماعيل: حدثني به أبو بكر بن أبي أويس عن سليمان عن عبيد الله بن عمر عن رفاعة بن رافع الزرقي عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم: حوضي ما بين صنعاء وأيله.
قلت: هكذا فرق البخاري بينهما وجعلهما اثنين، والذي يغلب على ظني أنهما واحد، وأنه روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أنس بن مالك فظنهما اثنين، وقد تابعه أبو محمد بن أبي حاتم ففرق بينهما، وجعلهما اثنين أيضاً.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: رفاعة بن رافع الأنصاري الزرقي البدري، وهو ابن عفراء. روى علي بن يحيى بن خلاد عن أبيه عن عمه، وهو رفاعة بن رافع هذا، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال ابن أبي حاتم: رفاعة بن رافع الزرقي الأنصاري، روى عن أنس بن مالك، روى عنه عبيد الله بن عمر، سمعت أبي يقول ذلك، فجعلهما اثنين أيضاً كما ترى.

أنبأنا أبو الفتوح بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: رفاعة بن رافع بن مالك بن العجلان بن عمرو بن عامر بن زريق الأنصاري الزرقي، أمه أم مالك بنت أبي بن سلول، يكنى أبا معاذ، شهد بدراً وأحداً وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد معه بدراً أخواه خلاد ومالك ابنا رافع، شهدوا ثلاثتهم بدراً، واختلف في شهود أبيهم رافع بن مالك بدراً، وشهد رفاعة بن رافع مولى علي الجمل وصفين وتوفي في أول إمارة معاوية.
وذكر عمر بن شبة عن المدائني عن أبي مخنف عن جابر عن الشعبي قال: لما خرج طلحة والزبير كتبت أم الفضل بنت الحارث إلى علي بخروجهم فقال علي: العجب لطلحة والزبير إن الله عز وجل لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم قلنا نحن أهله وأولياؤه لا ينازعنا سلطانه أحد فأبى علينا قومنا فولوا غيرنا وأيم الله لولا مخافة الفرقة وأن يعود الكفر، ويبور الدين لغيرنا فصبرنا على بعض الألم، ثم لم نر بحمد الله إلا خيراً، ثم وثب الناس على عثمان فقتلوه، ثم بايعوني ولم استكره أحداً، وبايعني طلحة والزبير ولم يصبرا شهراً كاملاً حتى خرجا إلى العراق ناكثين، اللهم فخذهما بفتنتهما للمسلمين.
فقال رفاعة بن رافع الزرقي: إن الله لما قبض رسوله صلى الله عليه وسلم ظننا أنا أحق الناس بهذا الأمر لنصرتنا الرسول، ومكاننا من الدين فقلتم نحن المهاجرون الأولون وأولياء رسول الله صلى الله عليه وسلم الأقربون، وإنا نذكركم الله أن تنازعونا مقامه في الناس فخليناكم والأمر، فأنتم أعلم وما كان بينكم، غير أنا لما رأينا الحق معمولاً به والكتاب متبعاً والسنة قائمة رضينا، ولم يكن لنا إلا ذلك، فلما رأينا الإثرة أنكرنا لنرضي الله عز وجل، ثم بايعناك ولم نأل، وقد خالفك من أنت في أنفسنا خير منه وأرضى فمرنا بأمرك.
وقدم الحجاج بن غزية الأنصاري فقال يا أمير المؤمنين:
دراكها دراكها قبل الفوت ... لا وألت نفسي إن خفت الموت
يا معشر الأنصار انصروا أمير المؤمنين، أخرى كما نصرتم رسول الله أولى، والله إن الآخرة لشبيهة بالأولى إلا أن الأولى أفضلهما.
رفاعة بن شداد:
أبو عاصم، وقيل رفاعة بن عامر القتباني البجلي، وقتبان بطن من بجيلة شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان أميراً على بجيلة، ونزل الموصل وكان رفيق عمرو بن الحمق، وروى عنه، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان - إجازة - قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب الموصلي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي في كتاب طبقات محدثي أهل الموصل وفقائهم قال: ومنهم - يعني - من الطبقة الأولى:

رفاعة بن شداد وكان رفيق عمرو بن الحمق، أخبرني علي بن إبراهيم بن عيسى عن سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا محمد بن الحكم الشيباني قال: حدثنا أبو مخنف لوط بن يحيى بن سعيد قال: وحدثني المجالد بن سعيد عن الشعبي وابن أبي زائدة عن أبي إسحق أن حجر بن عدي لما قفي به من عند زباد نادى بأعلى صوته: اللهم إني على بيعتي لا أقيلها ولا أستقيلها، سماع الله والناس، وكان عليه برنس في غداة باردة فحبس عشر ليال وزياد يطلب رؤوس أصحاب حجر، فخرج عمرو بن الحمق ورفاعة بن شداد حتى نزلا المدائن، ثم ارتحلا حتى أتيا أرض الموصل فأتيا جبلاً فكمنا فيه وبلغ عامل ذلك الرستاق أن رجلين قد كمنا في جانب الجبل، فاستنكر شأنهما، وهو رجل من همدان يقال له عبد الله بن أبي تلعة، فسار إليهما في الخيل ومعه أهل البلد فلما انتهى إليهما خرجا، فأما عمرو بن الحمق فكان مريضاً وكان بطنه قد استسقى، فلم يكن عنده امتناع، وأما رفاعة بن شداد فكان شاباً قوياً فوثب على فرسه فقال أقاتل عنك، فقال: وما ينفعني أن تقتل، انج بنفسك إن استطعت، فحمل على القوم فأفرجوا له، وخرج يتعدى به فرسه، وخرجت الخيل في طلبه، وكان رامياً فأخذ لا يلحق به فارس إلا رماه فجرحه أو عقره، فانصرفوا عنه وأخذ عمرو بن الحمق فسألوه: من أنت؟ قال: إن تركتموه كان أسلم لكم، وإن قتلتموه كان أضر عليكم، فبعث به ابن أبي تلعة إلى عامل الموصل وهو عبد الرحمن بن عثمان الثقفي، وهو ابن أم الحكم، فلما رأى عمراً عرفه فكتب إلى معاوية يخبره، فكتب إليه إنه زعم أنه طعن عثمان تسع طعنات وإنا لا نزيد عليه فاطعنه تسع طعنات، فأخرج فطعن تسع طعنات فمات في الأولى أو في الثانية، فبعث برأسه إلى معاوية، وكان أول رأس حمل في الاسلام.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رفاعة بن شداد القتباني، أبو عاصم، ويقال رفاعة بن عامر، وقتبان بطن من بجيلة، روى عن عمرو بن الحمق، روى عنه السدي وعبد الملك بن عمير سمعت أبي يقول ذلك.
رفاعة بن ظالم الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وله ذكر في الوقعة ذكره المدائني.
رفق بن عبد الله الخادم:
أبو الفضل المستنصري، كان من خدم المستنصر، وكان علي المطالب بمصر وقدمه مولاه المستنصر وولاه دمشق، ووجهه إلى حلب في سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في الجيوش الكثيفة المصرية وقيل في سنة اثنين وأربعين وجعله المستنصر أمير الأمراء وأخرجه في التجمل العظيم وشيعه بنفسه عند خروجه ووصل رفق إلى حلب ونزل عند مشهد الجف، وثمال بن صالح في حلب وقد فسد ما بينه وبين المستنصر، وعصى عليه، وجرى بين الحلبيين وبينه قتال فانكسر رفق وخرج وقبض وهو مجروح فمات في قلعة حلب في الأسر ودفن في مسجد اتخذه لنفسه حين نزل على حلب إلى جانب مشهد الجف من شرقيه، وكان قبره ظاهراً في القبة الشرقية التي من قبلي الرواق الشرقي، وخلط ذلك المسجد بمشهد الجف، وكنت شاهدت القبر وأنا صبي فعفي أثره، وقال الأمير أبو الفتح بن أبي حصينة حين جرى على رفق ما جرى:
يا رفق رفقا ربّ فحل غره ... ذا المشرب الأهنى وهذا المطعم
حلب هي الدنيا تلذ وطعمها ... طعمان شهد في المذاق وعلقم
قد رامها صيد الملوك فما ... انثنوا إلا ونار في الحشا تتضرم
ونهب من العسكر المصري شيء عظيم من المال والقماش والآلات.
قرأت بخط بعض الحلبيين في قصيدة كتبها أبو نصر منصور بن تميم بن زنكل السرميني عن أبي زائدة الكلابي إلى أبي الفضائل سابق بن محمود ابن نصر بن صالح صاحب حلب يذكره فيها ويعرفه ما لبني كلاب من الوقائع والأيام المعروفة في نصرة صالح بن مرداس وبنيه قال فيها:
أليس هم أحيوا بذا ليوم ميتاً ... من الفخر وارتدوا من الملك ذاهبا
ومن قبله لما أتى الخادم التقوا ... عساكره كالأسد لاقت ثعالبا
فكانوا لنا مثل الهشيم لموقد ... فأيسر زاد ليس يشبع ساغبا=

10.  بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

ثم كتب كاتب القصيدة تحت هذه الأبيات شرحها وقال: هذا الخادم هو أمير الأمراء رفق أجل أمراء مصر وصل في عساكر عظيمة بعد انهزام الشيخ ناصر الدولة ابن حمدان عن حلب وكان وصوله في سنة اثنين وأربعين وأربعمائة، ونزل على حلب وعمل عليه أصحابه، فظفر به معز الدولة ثمال بن صالح وأسره مجروحاً وانهزمت عساكره وقعد ثلاثة أيام ومات.
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن مقلد بن منقذ في تاريخه: سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل أمير الأمراء أبو الفضل رفق خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم ومضى إلى حلب ونزل مسجد الجف فقيل إن الكلبيين داهنوا عليه فأشير عليه أن يرحل عنها إلى صلدع فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء فلم يفعل فأشير عليه أن ينشىء سجلاً عن السلطان باقطاع معز الدولة الشام فما فعل فلما رآه أمراء العسكر لا يقبل منهم انهزموا مع العسكر، وانهزم العسكر لما رأى رحيل أكثره، وأتوه أهل حلب وبنو كلاب فأخذوه وضرب على رأسه فشجه فمات بعد مدة في القلعة.
قال: وحدثني أبي قال: سمعت أن هذا الخادم لما أطلع إلى قلعة حلب استعظموا خلقته وطوله، فكان بعض الفراشين يخدمه ويكرمه، فوهب له يوماً سراويلاً من سراويلاته دبيقيه، ففصلها الفراش له ثوبين وسراويل، أو سراويلين وثوب كما قال، ومات فدفن في مسجد الجف وأخذ من العسكر شيء عظيم من الأموال والآلات والدواب وغير ذلك.
قال: ومضيت أنا إلى حلب في سنة سبع وعشرين وخمسمائة فرأيت مسجداً غير مسجد الجف، فشربنا منه فقلنا: ما هذا؟ فقالوا: هذا مسجد الخادم رفق.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي في كتابه، ونقلته أنا من خط العظيمي قال: سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، فيها كان السيل الذي أهلك عسكر المصريين على السعدى وصلدى قبلي حلب، وفيها كان قتل جعفر بن كليد، وفيها انهزم ناصر الدولة، وسيرت العساكر مع رفق الخادم وهو كاره لذلك، ولقبوه أمير الأمراء المظفر عدة الدولة وعمادها، وكان عمره فوق الثمانين، ثامن عشر ذي القعدة من السنة، وشيعه المستنصر وسير معه التجمل العظيم، والعدد الكثير من المشارفة والمغاربة والعرب، وكاتب كل من يلقاه من المقدمين بأن يترجلوا له إذا لقوه، وتوسل ثمال ابن صالح إلى الملك قسطنطين أن ينجده، فكتب قسطنطين إلى المستنصر في الصفح عن ابن صالح وقال: إن لم تقبل فيه الشفاعة اضطر إلى نجدته عليك، فوصل رسول الملك إلى الرملة، يوم وصول رفق الخادم إليها فأوصله رفق إلى مصر، وأعاد الرسالة وتوقف الوزير عن الجواب طمعاً أن يملكوا حلب، ويستأنف الجواب وتحقق الملك قسطنطين توجه العساكر المصرية، فبعث إلى أنطاكية عسكراً لحفظ الأطراف من نحو حلب، وبعث لثمال بن صالح مالا عيناً وخلعاً، وسار مقلد بن كامل بن مرداس إلى حمص واعتصم عليه واليها حصن الدولة حيدره بن منزو الكتامي، فحاصره ثم طلب الأمان فآمنه وأنزله من القلعة، وخربها وخرب السور، وعاد إلى حماة ففتحها وأخرب حصنها، وانتقل إلى معرة النعمان، وأخرب سورها أيضاً وظهر من فشل رفق الخادم ما أطمع الجند والكافة فيه، فعاثت السنابسة وهو بالرملة في طرف العسكر، وهربوا إلى البرية، فاتبعهم رفق بسرية من العساكر فعادت العرب عليهم وهزموهم، وأسروا الأمير مراد، ونهبوهم فسير إليهم رفق، جعفر بن حسان بن جراح فاسترجع منهم بعض ما نهبوه، وردهم إلى الديوان، فعرضهم وعليهم أكثر عدد العسكرية، ورحل رفق إلى دمشق، وأثبت خلقاً من قبائل العرب الكلبيين والطائيين، وانصرف من العسكر فرقة من العبيد والمشارقة ومن البحاترة فرقة والفزارين، وتحاربوا لأربع بقين من المحرم من السنة، وذلك يوم الجمعة، فقتل من الكتاميين نحو من مائة رجل، ونهبوا بعض الخيم، ثم تميزا من ذلك المكان ونزلوا على باب توما، وبقوا ثلاثة أيام متصافين ولم يجر بينهم قتال، وخاف رفق ودخل بالخيام القصر، وترك مضاربه الخاصة على حالها، وأصلح بين الطوائف، فتوقف الكتاميون حتى وصلهم من ماله بألوف دنانير دية القتلى وعوض الخيام، ونهبت العرب أكثر غوطة دمشق، وهرب أهل القرى إلى دمشق، ثم سار رفق إلى حمص، وعرض العساكر بها وأثبت من العرب الكلبيين ألف فارس أخرى، وبلغه ان راشد بن سنان بن عليان هرب من الاعتقال بصور، وحصل بظاهر دمشق واحتوى على أكثر أعمالها، وتسرعت العساكرية عند حصول رفق بحماة إلى نهب أعمال شيزر اذ هي على أعمال حلب، ووصل إلى صلدى يوم الثلاثاء الحادي والعشرين من ربيع الأول، وخيم على جبل جوشن يوم الأربعاء الثاني والعشرين منه، ووقع الطراد واستأمن سلطان القرمطي في خمسمائة فارس من الكلبيين، وكان أخوه نبهان معتقلاً في قلعة حلب، منذ أسر من كفر طاب، واقتتلوا يوم الجمعة واستراحوا السبت والأحد ورد رفق الخزانة السلطانية إلى ورائه، ليلة الاثنين سابع عشرين ربيع، وأمر العسكر أن يدفعوا أثقالهم إلى معرة مصرين فاستشعروا الهزيمة وأخذ العسكر من نصف الليل يرحلون، وانتهى ذلك إلى رفق، فأتبعهم برسله يرسم لهم العودة فلم يرجع أحد، وانهزموا وأسفر الصبح وخرج من حلب خيل، وظنوا أنها مكيدة فلما تحققوا هزيمة العسكر، نهبوا وأسروا، ونهب العرب بعضهم بعضاً والعسكر، وخرج الحلبيون نهبوا آثار العسكر، من غلات وغيرها، ولحقوا رفق الخادم وجرحوه ثلاث جراح وداخلوه إلى حلب أسيراً مكشوف الرأس، واختلط عقل رفق لاجل الجراح التي في رأسه، ومات في القلعة بعد ثلاثة أيام، ودفن في مسجد بظاهر حلب، وأسرت الروم أصحاب الأطراف من العسكر جماعة، فأنكر قسطنطين ذلك عليهم وردهم إلى بلد الاسلام وكساهم.

قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي ابن المهذب المعري سيره إلي بعض الشراف الهاشميين بحلب، قال: سنة إحدى وأربعين وأربعمائة فيها وصل الأمير أبو الفضل رفق، خادم كان على المطالب بمصر في عسكر عظيم، فانهزمت منه بنو كلاب عن حمص، وتبعها منزلاً منزلاً، حتى نزل على معرة النعمان، فلما رأى خراب السور، سأل: كم يحتاج إلى أن يعود إلى ما كان، فقدر له فكان ألفي دينار، فقال: أنا أعمره من عندي بمالي ولا أحوجكم إلى غيري، ثم إنه مضى إلى حلب، ونزل على مسجد الجف، فقيل إن الكلبيين داهنوا عليه، فأشير عليه أن يرحل عنها إلى صلدع، فلم يفعل فأشير عليه أن يقبض على أمراء طيء وكلب فلم يفعل، فقيل له أن ينشىء سجلاً عن السلطان بأنه قد أقطع الشام لمعز الدولة ويعود بهيبته، فلم يفعل، فلما رآه أمراء العسكر لا يلتفت إليهم، ولا يقبل مشورتهم، انهزموا مع العرب وانهزم العسكر لما رأى العرب قد انهزمت، فأخذ وضرب رأسه فمات في القلعة، ودفن في مسجد الجف، ونهب من العسكر شيء عظيم من الأموال والقماش والدواب وغير ذلك.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي، فيما أجاز لي روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني في تسمية أمراء دمشق الأمير أمير الأمراء عدة الدولة رفق، وصل إلى دمشق آخر نهار يوم الخميس الثاني عشر من المحرم من سنة إحدى وأربعين وأربعمائة في حال عظيمة، وعدد وأموال وأثقال، وسار من دمشق متوجهاً إلى حلب غداة يوم الخميس السادس من صفر من السنة المذكورة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
رفيع أبو العالية الرياحي البصري:
مولى امرأة من بني يربوع، أدرك الجاهلية وأعتق سائبة.
روى عن أبي بكر الصديق، وعمر بن الخطاب، وعلي بن أبي طالب، وأبي ابن كعب، وعبد الله بن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وسهل بن الحنظلية.
روى عنه داوود بن أبي هند، وقتادة وأبو خلدة، وعنبسة بن سعيد بن عثمان الطويل، وعاصم الأحول، وزياد بن حصين، والربيع بن أنس، وخالد بن دينار، وجعفر بن ميمون، وأبو المنهال، وحفصة بنت سيرين وحضر صفين، ورأى الصفين وعاد ولم يقاتل.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر بن مزيد الخواص الحنفي، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري البغداديان ببغداد قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني ببيت الله وأنا حاضر قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرىء قال: أخبرنا أبو محمد إسحق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن يحيى العدني قال: وحدثنا وكيع عن سفيان عن عوف الاعرابي عن زياد بن حصين عن أبي العالية عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى جمرة العقبة قال: القطه لي، قال: فناولته مثل حصا الخذف فقال: مثل هذا فارموا وإياكم والغلو في الدين.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حميد الدوني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحق السني قال: أخبرنا أبو عروبة قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا الثوري عن الأعمش عن زياد بن الحصين عن أبي العالية عن ابن عباس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم بقوم يرمون فقال: رميا بني إسماعيل فإن أباكم كان رامياً.
أخبرنا أبو القاسم محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداودي قال: أخبرنا الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عباد بن العوام عن عوف عن أبي العالية قال: سألت ابن عباس عن شيء فقال: يا أبا العالية أتريد أن تكون مفتياً؟ فقلت: لا ولكن لا آمن أن تذهبوا ونبقى، فقال: صدق أبو العالية.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا سوار بن عبد الله العنبري قال: حدثنا أبو داوود الطيالسي قال: حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية قال: لما كان قتال علي ومعاوية رضي الله عنهما، كنت رجلاً شاباً، فتهيأت ولبست سلاحي، ثم أتيت القوم فإذا صفان لا يرى طرفاهما، قال: فتلوت هذه الآية: " ومن يقتل مؤمنا متعمدا فجزاؤه جهنم " قال: فرجعت وتركتهم.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: ومنهم، يعني من العباد والصوفية، ذو الأحوال السامية والأعمال الخافية، رفيع أبو العالية، كان وصاياه في لزوم الاتباع وعهوده في مجانبة الأحداث والابتداع، روى أبو العالية عن أبي بكر الصديق وعلي بن أبي طالب وأبي بن كعب، وابن عباس، وأبي هريرة، وأبي موسى الأشعري، وسهل بن الحنظلية وغيرهم من الصحابة رضي الله عنهم.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان - فيما أذن لنا فيه - قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمرو بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: رفيع أبو العالية الرياحي من بني تميم بصري أدرك الجاهلية، وكان أعتق سائبة مولى امرأة، روى عن أبي بكر وهو غير محفوظ، ويثبت له عن عمر وعلي وابن مسعود وأبي أيوب وابن عباس.
روى عنه قتادة، وعاصم الأحول، والربيع بن أنس، وداوود بن أبي هند، وأبو خلدة، وحفصة بنت سيرين، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه زياد بن حصين ذكر أبي عن إسحق بن منصور عن يحيى بن معين قال: رفيع أبو العالية ثقة.
قال عبد الرحمن: سئل أبو زرعة عن أبي العالية رفيع، فقال: بصري ثقة.
أخبرنا أبو عبد الله بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: رفيع أبو العالية الرياحي بصري مولى امرأة أعتق سائبة.
وقال الانصاري وزائدة عن هشام عن حفصة عن أبي العالية سمع علياً.
وقال معاذ بن أسد: حدثنا الفضيل بن موسى قال: أخبرنا الحسين بن واقد عن ربيع بن أنس عن أبي العالية قال: دخلت على أبي بكر فأكل لحماً ولم يتوضأ.
وقال محمد: حدثنا سلم بن قتيبة عن أبي خلدة قال: سألت أبا العالية: هل رأيت النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: أسلمت في عامين من بعد موته.
وقال النضر: اعتقته امرأة من بني يربوع.
وقال آدم: حدثنا شعبة عن قتادة قال: لحقت أبا العالية، وكان أدرك علياً قال: قال علي: القضاة ثلاثة.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا علي بن أنس العسكري قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد عن سعيد بن زيد أخي حماد قال: قال مهاجر أبو خالد مولى ثقيف: كان أبو العالية جاري وكان يقول لي: سلني واكتب عني قبل أن تلتمس العلم عند غيري فلا تجده.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني. وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق، قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف.

وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن الملثم قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله ابن علي بن سعود البوصيري وأبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء. قال الارتاحي: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل ابن محمد الغساني الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا عبد الرحمن بن خراش قال: حدثنا محمد بن الحارث المروزي قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا ابن أبي زائدة عن أبي خلدة عن أبي العالية قال: كنت آتي ابن عباس وقريش حوله فيأخذ بيدي فيجلسني معه على السرير، فتغامزت قريش ففطن بهم ابن عباس فقال: هكذا هذا العلم يزيد الشريف شرفاً، ويجلس المملوك على الأسرة، قال: ثم أنشد محمد بن الحارث في أثره:
رأيت رفيع الناس من كان عالماً ... وإن لم يكن في قومه بنجيب
إذا حل أرضاً عاش فيها بعلمه ... وما عالم في بلدةٍ بغريب
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: حدثنا أبو بكر محمد بن شجاع بن محمد الحافظ - إملاء من لفظه بأصبهان - قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد بن عمر التاجر قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل الصيرفي بنيسابور قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: حدثنا محمد بن إسحق - هو - الصنعاني قال: أخبرنا أبو نوح قراد قال أخبرنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام لأسمع منه، فأول ما أتفقد منه صلاته، فإن أجده يقيمها أقمت وسمعت منه، وإن أجده يضيعها رجعت ولم أسمع منه، وقلت: هو لغير الصلاة أضيع.
أخبرنا أبو القاسم العطار قال أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا الداوودي قال أخبرنا الحموي قال أخبرنا أبو عمران بن عمر قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا أبو معمر إسماعيل بن إبراهيم قال أخبرنا عبد الله بن أبي جعفر الرازي عن أبيه عن الربيع عن أبي العالية قال: كنا نأتي الرجل لنأخذ عنه، فننظر إذا صلى فإن أحسنها جلسنا إليه، وقلنا: هو لغيرها أحسن، وإن أساءها قمنا عنه وقلنا: هو لغيرها أسوأ، قال أبو معمر: لفظه نحو هذا.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو أحمد محمد بن أحمد الجرجاني قال: حدثنا أحمد بن موسى بن العباس قال: حدثنا إسماعيل بن سعيد قال: حدثنا قراد أبو نوح عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: كنت أرحل إلى الرجل مسيرة أيام، فأول ما اتفقد من أمره صلاته، فإن أجده يقيمها ويتمها، أقمت وسمعت منه، وإن وجدت يضيعها رجعت ولم أسمع منه وقلت: لغير الصلاة أضيع.
وقال أبو نعيم: حدثنا عبد الله بن محمد قال حدثنا حاجب بن أركين قال حدثنا محمد بن إسماعيل الأحمسي قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني خالد بن دينار عن أبي العالية قال: تعلمت الكتاب والقرآن فما شعر بي أهلي ولا رؤي في ثوبي مداد قط.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله القاضي قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا جرير قال: أخبرني من سمع أبا العالية يقول: لا يتعلم مستحي ولا مستكبر.
وقال أبو نعيم: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا يحيى بن مطرف قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبو خلدة قال: سمعت أبا العالية يقول: تعلموا القرآن خمس آيات، خمس آيات، فإنه أحفظ لكم، فإن جبريل عليه السلام كان ينزل به خمس آيات، خمس آيات.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال أخبرنا أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد بن عبد الرحمن بن حمد الدولي قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسحق الحافظ قال: حدثني عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال حدثنا علي بن بكار عن أبي خلدة عن أبي العالية. قال يوسف: ثم جعله عن عمر بن الخطاب، وهكذا حدثنا قديماً قال: تعلموا القرآن خمساً خمساً كذلك نزل به جبريل عليه السلام على محمد صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا الداوودي قال أخبرنا الحموي قال أخبرنا أبو عمران قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال أخبرنا عمرو بن زائدة قال: حدثنا أبو قطن عمرو بن الهيثم عن أبي خلدة عن أبي العالية قال: كنا نسمع الرواية بالبصرة عن أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فلم نرض حتى ركبنا إلى المدينة فسمعناها من أفواههم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف الأدمي قال: أخبرنا أبو المكارم الأصبهاني قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر.
قال: وحدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا أبو همام قال: حدثنا عبد الله بن المبارك قالا: عن عاصم الأحول عن أبي العالية قال: تعلموا الاسلام فإذا علمتوه فلا ترغبوا عنه، وعليكم بالصراط المستقيم فإنه الاسلام ولا تحرفوا الصراط يميناً وشمالاً وعليكم بسنة نبيكم صلى الله عليه وسلم وأصحابه قبل أن يقتلوا صاحبهم وقبل أن يفعلوا الذي فعلوا فإني قرأت القرآن قبل أن يقتلوا صاحبهم وقبل أن يفعلوا الذي فعلوا بخمس عشرة سنة، وإياكم وهذه الأهواء المتفرقة فإنها تورث بينكم العداوة والبغضاء. زاد ابن المبارك في حديثه قال: فحدثت به الحسن فقال: صدق أبو العالية ونصح قال ابن المبارك فذكرته للربيع بن أنس قال: أخبرني أبو العالية أنه قرأه بعد النبي صلى الله عليه وسلم بعشر سنين.
قال أبو نعيم الحافظ: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا الحميدي قال حدثنا سفيان بن عيينة قال: سمعت عاصم الأحول يحدث عن أبي العالية قال: تعملوا القرآن فإذا تعلمتوه فلا ترغبون عنه، وإياكم وهذه الأهواء فإنها توقع بينكم العداوة والبغضاء، وعليكم بالأمر الأول الذي كانوا عليه قبل أن يتفرقوا، فإنا قد قرأنا القرآن قبل أن يقتل صاحبهم - يعني عثمان - بخمسة عشر سنة. قال عاصم: فحدثت به الحسن فقال: قد نصحك والله وصدقك.
وقال أبو نعيم: أخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم - فيما أذن لي - قال: حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا أبو خلدة قال: سمعت أبا العالية يقول: إن خير الصدقة أن تعطى بيمينك وتخفيها من شمالك.
قال: وسمعت أبا العالية يقول: زارني عبد الكريم أبو أمية وعليه ثياب صوف، فقلت: هذا زي الرهبان إن المسلمين إذا تزاوروا تجملوا.
وقال: حدثنا أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا أبو بكر بن النعمان قال: حدثنا محمد بن سعيد بن سابق قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: اعمل بالطاعة وأحب عليها من عمل بها، واجتنب المعصية وعاد عليها من عمل بها فإن شاء الله عذب أهل معصيته وإن شاء غفر لهم.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن سوار قال: حدثنا العلاء بن عمرو الحنفي قال: حدثنا حفص بن غياث عن عاصم عن أبي العالية قال: ما أدري أي النعمتين أفضل أن هداني للاسلام، أو عافاني من هذه الأهواء.
وقال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال حدثنا أحمد بن علي الخزاعي قال حدثنا محمد بن كثير قال: حدثنا حماد بن سلمة عن ثابت أن أبا العالية قال: إني لأرجو أن لا يهلك عبد بن نعمتين، نعمة يحمد الله عليها، وذنب يستغفر الله منه.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: حدثنا الجوهري قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية قال: ما مسست ذكري بيميني منذ ستين سنة أو سبعين سنة.

وقال: حدثنا أبي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا سفيان بن عيينة قال: حدثني نعيم عن عاصم قال: كان أبو العالية إذا جلس إليه أكثر من أربعة قام.
وقال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا قتيبة ابن سعيد قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: أول من أذن وراء النهر أبو العالية الرياحي.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شيبة قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي شبل قال: حدثنا يحيى بن سعيد عن التيمي عن رجل عن أبي العالية: أنه كان إذا أراد أن يختم القرآن من آخر النهار أخره إلى أن يمسي، وإذا أراد أن يختمه من آخر الليل أخره إلى أن يصبح.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال الارتاحي: إجازة. قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن ابن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إسماعيل بن إسحق قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا المحاربي وأبو خالد عن داوود قال: سألت أبا العالية فول وجهك شطر المسجد الحرام قال الشطر النصف وهي بلغة تغلب، ولكنه فول وجهك تلقاه المسجد الحرام.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن إسحق الموصلي قال: حدثنا محمد ابن أحمد بن المثنى قال: حدثنا جعفر بن عون قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله تعالى: " فلله الحمد رب السموات ورب الأرض رب العالمين " قال: الجن عالم، والأنس عالم وسوى ذلك ثمانية عشر ألف عالم من الملائكة على الأرض، والأرض لها أربعة زوايا، كل زاوية أربعة آلاف عالم وخمسمائة عالم خلقهم الله لعبادته.
وقال أبو نعيم حدثنا محمد بن علي وجماعة قالوا: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا علي بن الجعد قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن الربيع بن أنس.
قال: وأخبرنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال: حدثنا محمد بن أيوب قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن أبي جعفر الرازي قال: حدثنا أبي عن أبيه عن الربيع بن أنس عن أبي العالية في قوله ولا تشتروا: بآيات الله ثمناً قليلاً قال: لا تأخذ على ما علمت أجراً، فإنما أجر العلماء والحكماء والحلماء على الله عز وجل وهم يجدونه مكتوباً عندهم في التوراة: يا بن آدم علم مجاناً كما علمت مجاناً.
قال: لفظ محمد بن أيوب.
ولفظ علي بن الجعد قال: مكتوب في الكتاب الأول: ابن آدم علم مجاناً كما علمت مجاناً.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا روح بن عبادة عن هشام بن أبي عبد الله عن جعفر بن ميمون عن أبي العالية قال: سيأتي على الناس زمان تخرب صدورهم من القرآن وتبلى كما تبلى ثيابهم ثم لا يجدون له حلاوة ولا لذاذة، إن قصروا عما أمروا به قالوا: إن الله غفور رحيم لنا، وإن عملوا ما نهوا عنه قالوا: إن الله لا يغفر أن يشرك به ويغفر ما دون ذلك أمرهم كله طمع ليس معه خوف، لبسوا جلود الضأن على قلوب الذئاب، أفضلهم في أنفسهم المداهن.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو المكارم قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن ليث عن عثمان عن أبي العالية قال: قال لي أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم: لا تعمل لغير الله فيكلك الله إلى من عملت له.

وقال أبو نعيم: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق الثقفي قال: حدثنا علي بن مسلم قال: حدثنا روح قال: حدثنا أبو خلدة قال: كان أبو العالية إذا دخل عليه أصحابه يرحب بهم ثم يقرأ " وإذا جاءك الذي يؤمنون بآياتنا فعل سلام عليكم كتب ربكم على نفسه الرحمة " الآية.
وقال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله ابن سعيد بن الوليد قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا محمد ابن مصعب عن أبي جعفر الرازي عن الربيع بن أنس عن أبي العالية قال: إن الله تعالى قضى على نفسه أنه من آمن به هداة وتصديق ذلك في كتاب الله " ومن يؤمن باللّه يهد قلبه " ومن توكل على الله كفاه وتصديق ذلك من كتاب الله " ومن يتوكل على اللّه فهو حسبه " ومن أقرضه جازاه وتصديق ذلك في كتاب الله " من ذا الذي يقرض اللّه قرضاً حسناً فيضاعفه له " ومن استجاره من عذابه أجاره وتصديق ذلك في كتاب الله عز وجل " واعتصموا بحبل اللّه جميعاً " والاعتصام الثقة بالله، ومن دعاه أجابه وتصديق ذلك في كتاب الله " وإذا سألك عبادي عني فإني قريب أجيب دعوة الداع إذا دعاني " .
وقال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الربيع بن زيد عن سيار عن أبي المنهال قال: رأيت أبا العالية يتوضا فقلت: إن الله يحب التوابين ويحب المتطهرين قال: ليس المتطهرين من الماء ولكن المتطهرين من الذنوب.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: قال أحمد بن منيع: حدثنا أبو قطن قال: حدثنا أبو خلدة عن أبي العالية أنه مات في شوال يوم الاثنين سنة ثلاث وتسعين.
رمضان بن صاعد بن أحمد بن علي:
أبو الفضل بن أبي الفتح بن أبي الفضل الضرير القرشي الآمدي، ويلقب بالضياء، شاعر محسن عالم بالطب والعربية واللغة والحساب والمنطق، قدم حلب مراراً ممتدحاً لملوك بني أيوب، وكان مولده بماردين، روى شيئاً من شعر أبيه عنه.
روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى وخرج عنه أبياتاً من شعره في معجم شيوخه، وروى عنه أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب، وذكره في كتاب السيل والذيل الذي ذيل به كتاب الخريدة، ومما وقع إلي من شعره المختار:
لولا اعتراض الهوى كرها لما وقذا ... ومنه في الطرف دمع طارف وقذا
يا للرجال ألذّ الحبّ أقتله إذاً ... ومن عجب أن يستلدّ أذا
فيا عذولي كفّا إن أمركما ... للعاشقين بما لا يستطاع بذا
وإنما الحبّ داء لا دواء له ... يعطى الجنون متى عقل الفتى أخذا
وأسعد الناس جداً من تجنبه ... ومن علائقه عن قلبه نبذا
قرأت في معجم أبي المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الحافظ، وشاهدته بخطه، وأجازه لنا ولده أبو الغنائم سالم عنه، قال: رمضان بن أبي أبي المعالي صاعد بن أبي الفضل الديار بكري الأديب: أنشدنا الشيخ الفاضل أبو الفضل لنفسه من مرثية:
قلوب الورى من خيفة البين تخفق ... وآمالهم أن يحيوا الدهر تخفق
وإن اغترار المرء بالعيش بعدما ... تيقّن أن الموت لاقيه موبق
وما العمر إلاّ ساعة ثم تنقضي ... فكل جديد بالجديدين يخلق
وعيش الفتى كالطريف يطرف مرة ... ومرآه في دنياه كالطيف يطرف
وشيمة هذا الدهر اشمات حاسد ... وتشتيت ملموم ونأي ممزق
أجل كل حي ما خلا الله حائن ... له أجل عاداته ليس تخرق
وكل أليف سوف يحزن فقده ... وكل اجتماع يعتريه التفرق
قال ابن صصرى: والقصيدة أطول من هذا أنشدناها بتمامها.

قرأت بخط عماد الدين أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني في كتاب سيل الجريدة وذيل الخريدة. وأخبرنا به إجازة عنه أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي وغيره قال: رمضان بن صاعد بن أحمد القرشي، ذكر أن مولده بماردين، وينعت بضياء الدين الضرير، الآمدي الدار والمنشأ، شاب من أهل الأدب مكفوف البصر، كافي البصيرة عديم النظير والنظر، إن غاض قليب عينه فقد فاضت عينه قلبه، أو كبا طرف طرفه، فقد جرى قارح قريحته بطرائف تفوق في الأفق لمائع شهبه.
وفد إلى دمشق في آخر ذي الحجة سنة ثلاث وسبعين وحضرت انشاده قصيدتين للملك الناصر في دفعتين، وأثبت منها ما فيه روح وروح، وضوعت عرضة كتابي الفيحاء من عطره مما له فوح، فالقصيدة الأولى من نظمه قصد بها أسلوب أبي نواس في كلمته:
أجارة بيتينا أبوك غيور.
وما تعرض لمعارضة الفحول إلا من عرض نفسه لمحاولة الوحول، وعارض السمن بالنحول، والمخصب بالمحول، ومطلعها:
تذكر نجدا والمحب ذكور ... فللشوق في الاحشاء منه زفير
غريم غرام منجد القلب منهم ... عزيز الهوى فالدمع منه غزير
إذا ما رجا برد الصبابة بالصبا ... تضرم منها في الفؤاد سعير
كئيب كأنّ العشق بعشق ... قلبه فلا هجر إلاّ ان يكون نشور
أبى سمعه لوم اللوائم في الهوى ... فما يضمر السلوان منه ضمير
ومنها:
وقائلة والعيس ترحل للسرى ... أما دون مصر للرجاء مصير
فقلت لها والعين يسبق دمعها ... مقالي اني بالرحيل جدير
إلى ملك لم ينتج الدهر مثله ... وتعقم من بعد الدهور دهور
أغير صلاح الدين في الأرض يرتجى ... جواد وهل يغني غناه أمير
إلى الناصر الملك المكارم تعتزى ... فتى ماله في الأكرمين نظير
فتى ماله للمعتفين وماله ... به غير ذكر في البلاد يسير
ومنها ويذكر البلاد التي في طريقه:
إليك قطعنا كل أرض كأنها ... صحائف تطوى والركاب سطور
أخذه من قول ابن صردر.
صحائف ملقاة ونحن سطورها
على ضمّر قودٍ كأن رؤوسها ... علواً على هام الرجال قصور
رحلن بنا من ماردين وقد بدا ... من الصبح مثل الوجه منك منير
فما واجهتنا الشمس حتى أحلنا ... سميساط من شط الفرات عبور
ولما أتت رعبان أفرخ رعبنا ... وهنّ بنا عن تل باشر زور
إلى حلب أو رثت كرسي ملكها ... وقد أصبحت شوقاً إليك تمور
فلم نسقها نشجا إلى أن رعت حمى ... حماة ونيران الشهاب تنير
يعني شهاب الدين الحارمي.
فأصبحن بالعاصي يردن زلاله ... وأمسين في حمص لهن نفور
تيممن بالركبان جنة جلق ... ونحن إلى الملك المعظم صور
إليك صلاح الدين سارت ركائبي ... ولولاك لم يعل الركائب كور
فدونك بنت الفكر عذراء دونها ... أجارة بيتينا أبوك غيور
وإن ابن هانىء دون ناظم درها ... بصير بنظم الدر وهو ضرير
قال: ومطلع القصيدة الأخرى من نظمه:
أهدت إلى الصب أنفاس الصبا وصبا ... فحن شوقاً إلى عصر الصبا وصبا
وعاده في نسيم الريح رائحة ... للغور رائحة هاجت له طربا
فغاض من صبره ما فاض تسلية ... وفاض من دمعه ما غاض وانسكبا
وكاد يقضي لذكر الجزع من جزع ... أيام لم يقض من أحبابه أربا
إذ شام برقاً ذكا بالشام حين خبا ... أبدى من الوجد ما كان الضمير خبا
وفي كثيب الحمى لو أنه كثب ... لعاشق شعب شمل بات منشعبا
سقى الحيا عهد ذاك الحي إن له ... عندي عهود هوى لم أنسها حقبا
أيام أشرب كاس الحب تثملني ... عشقاً ألثم من كاس اللّها الحببا
وأجتني ثمرات الوصل يانعة ... ولا أراقب إذا أحني علي الرقبا

وللظبا بذاك الربع مرتبع ... وللهوى من فنون اللهو ما طلبا
حيث البدور به تلقاك بادرة ... إليك ساحبة من خمرها سحبا
من كل بيضاء كالبيضاء تشرق أو ... سمراء كالصعدة السمراء منتصبا
هيف القدود لها يهفو الحليم إذا ... أبدت نقائب يخفي نورها النقبا
ومنها في المخلص:
فدع هوى دعد المهوي فلست ترى ... منه نصيبك إلاّ الذل والنصبا
وحاول الشرف الأعلى فشر فتىً ... راض بدون علاء نيله صعبا
إن العلى في العوالي السمر مشرعة ... والعز في البيض تفري البيض واليلبا
صيرن للنصر أسبابا وصير للأ ... رزاق كف المليك الناصر السببا
لا ملك في الأرض إلاّ ملك مصرولا ... سلطان إلاّ صلاح الدين منتدبا
الناصر الحق لما قل ناصره ... والضابط الأمر لما ماج واضطربا
هو الذي ظهرت بالعدل آيته ... فاختاره الله للاسلام وانتخبا
ذو الزهد في الذهب المرغوب فيه وفي ... غير الذي يرتضي الرحمن ما رغبا
إذهابه لاقتناء المجد شيمته ... لا يقتني المجد من لا يذهب الذهبا
ومنها:
ملك يرى أن جمع المال يفقره ... وأن تفريقه يغنيه لا النشبا
كأن سائله يوم العطاء وقد ... أغناه واهبه المال الذي وهبا
محض الضريبة ميمون النقيبة منص ... ور الكتيبة يرضي الله إن غضبا
ماضي العزيمة فرّاج العظيمة وها ... ب الغنيمة جوداً يفضح الشهبا
صافي السريرة مصقول البصي ... رة ممدوح العشيرة بادي الفخر إن نسبا
يا مخجل البدر حسناً والحيا كرما ... والطود حلماً وليث الغاب إن قطبا
مذ غبت زلزلت الأمصار واضطربت ... خلفاً وقد ملئت أقطارها رعبا
فمذ قدمت ملأت الأرض من كرم ... وهيبةٍ كشفا عن أهلها الكربا
كم حملة لك في أهل الصّليب بها ... صارت رماحك فيهم تشبه الصلبا
لن يكمل الملك أو تجتث دابرهم ... وباذن اللّه أن تستأنف الغلبا
وتفتح المسجد الأقصى بمعشرك الأد ... نى ونصرٍ وفتحٍ منه قد قربا
فاجعل مفاتيحه البيض الصوارم ... والزرق اللهاذم والخطية السلبا
وناجه بمجانيق مخاطبة ... تتلو على سوره من فتحه خطبا
لا تعز من بغير السيف خطبته ... فالملك بالسيف والدنيا لمن غلبا
فجرد البيض واجعل أهله جزراً ... وأوقد النار واجعلهم لها حطبا
واسمع غريب مديح غير منتحل ... من معرب غير معدود من الغربا
صفات مجدك لا تفنى فإن تك قد ... أعيت على خاطري حصراً فلا عجبا
قال العماد الكاتب: وذكر والده أبا المعالي صاعد بن علي الكاتب: أنشدني رمضان - ولده - قال: كتب إلي وأنا بحلب:
يا أيها الولد المهذب دعوة ... من والد أودت به أشواقه
أفديك من ولد لنا متطلب ... عقّاً وامرض والديه فراقه
قال: فكتبت إليه في جوابه:
أفدي الذي أهدى إليّ كتابه ... موصوفة في ضمنه أشواقه
فكأن بهجة خطه صفحاته ... وكأن رقة لفظه أخلاقه
وكأنني لما فضضت لطيمتي ... نظم ونثر شابها إشفاقه
يعقوب حين أتته حلّة يوسف ... أو كالسليم أبله ترياقه
قرأت في بعض تعاليقي من الفوائد أن رضوان بن صاعد قيل إنه توفي سنة إحدى وستمائة بآمد.
رؤية بن العجاج:

واسم العجاج عبد الله - بن رؤبة بن صخر بن كنيف بن عميرة بن حيي بن ربيعة بن سعد بن مالك بن زيد مناة بن تميم أبو الجحاف وقيل أبو العجاج - بن أبي الشعثاء التميمي الراجز بن الراجز، وكان رؤبة من أعراب البصرة من المخضرمين وكان بليغاً فصيحاً، سمع أبا هريرة رضي الله عنه وأباه العجاج ودغفل ابن حنظلة النساب البكري.
روى عنه ابنه عبد الله والنضر بن شميل، وأبو عبيدة معمر بن المثنى، وأبو زيد الأنصاري، وأبو عمرو بن العلاء، وأبو زيد الأنصاري، وعثمان بن الهيثم، وخلف الأحمر، ويونس بن حبيب، والعلاء بن أسلم بن أخي العلاء بن زياد، والكميت بن زيد، والطرماح بن حكيم، وأبو عبيدة الحداد، وأبو الضحاك العقيلي ويحيى بن سعيد القطان، وكان في عسكر سليمان بن عبد الملك في بعض غزواته الروم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام - فيما أذن لنا أن نرويه عنه، عن الحافظ أبي العلاء المحسن بن أحمد بن الحسن العطار - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر بن رميس القصري قال: حدثنا يحيى بن محمد بن أعين المروزي قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثنا رؤبه بن العجاج أن أباه لقي أبا هريرة - قال أبو عبيدة: وأظنه كان شهد لذلك، يعني رؤبة أنه كان شهدهما - فقال له: هل ترى بهذا بأساً:
طاف الخيالان فهاجا سقما ... خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك رهبة أن تصرما ... ساق بخنداة وكعبا أدرما
فقال أبو هريرة: كنا نسافر مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فنحدى بمثل هذا.
هكذا رواه يحيى بن أعين عن أبي عبيدة.
وقد رواه أبو حاتم السجستاني، ومحمد بن سلام الجمحي عن أبي عبيدة معمر بن المثنى عن رؤبه عن أبيه عن أبي هريرة، ولم يذكر أبو عبيدة في هاتين الروايتين أن رؤبة شهد أبا هريرة.
فأما رواية أبي حاتم السجستاني عن أبي عبيدة فأخبرنا بها أبو الفضل ذاكر بن إسحاق بن المؤيد الهمذاني قراءة عليه وأنا أسمع بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني بأبرقوه، قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن أبو بكر الشيرازي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن إسحاق النيسابوري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن المسيب بن إسحاق قال: حدثنا أبو حاتم المقرىء سهل ابن محمد قال: حدثنا ابن المثنى أبو عبيدة وهو معمر قال: حدثني رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما ... خيال تكنى وخيال تكتما
باتا يجوسان أناسا نوّما ... ساقا بخنداة وكعبا أدرما
قال: فقال أبو هريرة: كنا ننشد على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مثل هذا ولا ينكر علينا.
وأخبرناه عالياً أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة ابن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا ابن صاعد وابن حماد قالا: حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد بن محمد السجستاني قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثنا رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما ... خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك رهبة أن تصرما ... ساقا خفنداة وكعبا أدرما
فقال أبو هريرة: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم ينشد بين يديه مثل هذا فلا ينكره.

وأما رواية محمد بن سلام الجمحي عن أبي عبيدة فأخبرنا بها الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن كامل بن ديسم بن مجاهد المقدسي الأمين - بقراءتي عليه بدمشق - قال: أنبأنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب الحافظ قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحاق الحافظ بأصبهان قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا محمد بن سلام الجمحي قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى قال: حدثني رؤبة بن العجاج عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة رضي الله عنه:
طافا الخيالان فهاجا سقما ... خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك خشية أن تصرما ... ساقا بخنداة وكعبا أدرما
فقال - يعني - أبا هريرة: كنا ننشد مثل هذا على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم فلا يعاب علينا.
وتابع عثمان بن الهيثم أبا عبيدة فرواه عن رؤبة عن أبيه عن أبي هريرة مثله.
أخبرناه أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا السمعاني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو سعد ظفر بن علي بن حمد بن العباس الهمذاني بها، قال: أخبرنا فيد بن عبد الرحمن بن شاذي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن شعيب بن علي قال: أخبرنا أبو زرعة أحمد بن الحسين بن علي الرازي قال: حدثنا أبو عبد الله بن مخلد قال: حدثنا أبو بكر حفص بن عمر بن يزيد الحبطي قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: حدثنا رؤبة بن العجاج قال: حدثني أبي قال: دخلت مسجد الحديقة فإذا أبو هريرة عليه قيام من الناس فقلت هكذا أفرجوا عن وجهه، قلت: أصلحك الله إني أقول مثل هذا طاف الخيالان وذكر مثله.
وقد تابعهما يونس بن حبيب فرواه رؤبة عن أبيه عن أبي هريرة إلا أنه خالفهما في أن حادياً حدا بهذا الشعر بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا بذلك عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن علي بن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز بن عبد الله بن عبيد الله بن عمر بن الخطاب الموصلي قال: حدثنا عمر بن شبة أبو زيد قال: حدثني أبو حرب البناني - رجل من حمير من آل حجاج بن باب - قال: حدثنا يونس بن حبيب عن رؤبة بن العجاج عن أبيه أبي الشعثاء عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر وحاد يحدو:
طاف الخيالان فهاجا سقما ... خيال تكنى وخيال تكتما
قامت تريك خشية أن تصرما ... ساقا بخنداة وكعبا أدرما
والنبي صلى الله عليه وسلم لا ينكر ذلك.
قال ابن عدي: قال أبو زيد: وهذا خطأ لأن الشعر للعجاج، والعجاج إنما قال الشعر بعد موت النبي صلى الله عليه وسلم بدهر طويل، إلا أن أبا عبيدة قال: قد قال: العجاج من رجزه في الجاهلية.
وقال ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني صالح بن أحمد، قال: حدثني علي قال: قال يحيى بن سعيد: دع رؤبة بن العجاج، قلت: كيف كان؟ قال: أما إنه لم يكذب، إنما أراد به روايته عن أبيه قال: أنشدت أبا هريرة:
طاف الخيالان فهاجا سقما..
لأنه لا يرويه عن رؤبة إلا أبو عبيدة معمر بن المثنى تفرد بهذا الحديث ولا يعرف هذا من غير رؤبة.
وقد بينا رواية عثمان بن الهيثم ويونس بن حبيب لهذا عن رؤبة، والعجب من ابن عدي أن يقول ذلك، ثم يورد حديث يونس بعده.
أنبأنا عبد البر قال: أخبرنا البرمكي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا ابن عدي قال: حدثنا يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن يزيد قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثنا محمد بن إسحاق السهمي قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد قال: حدثنا رؤبة بن العجاج عن أبيه عن أبي هريرة قال: السواك بعد الطعام يذهب وضر الأسنان.
قال ابن عدي: كذا قال في الاسناد أبو عبيدة الحداد. وعندي أنه معمر بن المثنى كما روى حديث طاف الخيالان أبو عبيدة معمر، وأبو عبيدة الحداد اسمه: عبد الواحد بن واصل.

قال ابن عدي: ولا يعلم لرؤبة مسنداً إلا ما ذكرت، والذي أشار يحيى القطان فقال: أما إنه لم يكذب، يعني، في هذا الحديث، وإذا لم يكن له إلا حديث واحد والحديث محتمل فيما كان يحدى بين رسول الله صلى الله عليه وسلم بالشعر، لم يكن بروايته بأس.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن إسحاق الحربي قال: حدثنا الرياشي قال: الاصمعي: أن أعرابياً لقي رؤبة بن العجاج فقال: ما اسمك؟ قال: رؤبة مهموزة، فقال له الأعرابي: والله لولا أنك همزت نفسك لبخستك.
قال الحربي: وسمعت الرياشي يقول: الروبة غير مهموزة: الناسب.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري إجازة عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أبو الحسين العباس بن العباس الجوهري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني يحيى بن محمد بن أعين المروزي قال: حدثنا أبو عبيدة قال: شهدت شبيل بن عزرة الضبعي أتى أبا عمرو بن العلاء وعنده يونس، فقال: إني سألت رؤبة عن اسمه فلم يدر من أين أخذ، فغضب يونس وقال: والله إني لأظنه أعلم بذلك من معد بن عدنان، فأنا أخبرك فيه بسبع لغات: أولهن مهموزة وهي من رأبت من القطبة التي يرأب بها القدح، والبقية غير مهموزة فمنهن روبة خميرة اللبن وروبة من النوم قال الشاعر:
فألفاهم القوم روبى نياما.
وأعطني روبة فرسك وهو جمامه، فإنه كان يضربه قبل ذلك، وتقول: بقيت علينا روبة من الليل، وفلان لا يقوم بروبته، أي بما هو فيه، كل ذلك غير مهموز الأول، قال: فغضب شبيل وقام فقال أبو عمرو ليونس: ما أردت إليه؟.
قال المرزباني: وأخبرني عبد الله بن يحيى العسكري عن أبي إسحاق الطلحي قال: أخبرنا أبو سهيل عبد الله بن ياسين قال: أخبرنا أبو عبيدة أن شبيل بن عزره أتى أبا عمرو بن العلاء وهو جالس في داره، وعنده يونس فقال: سألت رؤبتكم هذا عن اسمه فلم يدر ما معناه، فقال له يونس: أأنت سألت رؤبة عن اسمه فلم يدر ما هو، والله ما كان معد بن عدنان بأفصح من رؤبة، وإني لست كرؤبة، أفتدري ما رؤبة وروبة حتى عد سبعاً، فقام شبيل فانصرف، فقلنا، يا أبا عبد الرحمن فسر لنا، قال: أما رؤبة مهموز فقطعة الخشب يرأب القدح إذا انصدع، قال: أعطني روبة أشعب بها قدحي، وبهذه سمي رؤبه بن العجاج، وكان إذا لم يهمز اسمه غضب، ويقال: مضت روبة من الليل - غير مهموز - وهي ساعات الليل ومنه قول بشر بن أبي خازم: وأما تميم تميم بن مر البيت.
ويقال: طرقني روبة فرسك - غير مهموز - وهي جمامه، وروبة اللبن - غير مهموز - خميرته التي تطرح فيه، ويقال: إن فلاناً لا يقوم بروبته إذا لم يقم برباعته ورئاسته، ويقال ما زال على روبة واحدة غير مهموز.
قال المرزباني: وحدثني عبد الله بن جعفر النحوي قال: روي عن يونس أنه قال: قلت لرؤبة: لم سماك أبوك رؤبة أروبة الليل، أم روبة الفرس، أم روبة القدح، أم روبة اللبن؟ قال: وهذا يدل على صحة قول شبيل بن عزرة في رؤبة.
قال: وقد حكي أن رؤبة قال لشبيل: والله ما أدري لأيها سماني فهذا الذي عناه شبيل في قوله: لم يدر ما اسمه.
وقال المرزباني: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن العباس الرياشي عن أبيه عن الأصمعي قال: أقام رؤبة بالبصرة أربعين سنة لم يتغير لسانه، فلما ظهر إبراهيم بالبصرة خرج إلى البادية هرباً من الفتنة وقد كان تأله فلم يلبث أن جاء نعيه، قال: وكان آدم ضخماً أسلع ليس في رأسه شعر إلا حفاف، وليس في فمه إلا ناب واحد تقلقل، وكان أبو مسلم حمله على برذون أشهب، فلم يزل يهنؤه بالهناء حتى صار أدهم.

أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي المعروف بابن رواج قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو صادق المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسوي قال: رؤبة بن العجاج ليس بالقوي.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير - إذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن العطار - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو الحجاف رؤبة بن العجاج بن رؤبه التميمي، واسم العجاج عبد الله، عن أبيه العجاج التميمي، حديثه في البصريين، ويقال: شهد رؤبه بن العجاج أبا هريرة مع أبيه العجاج، روى عنه أبو سعيد يحيى بن سعيد القطان البصري، وأبو الحسن النضر بن شميل المازني، كناه لنا محمد بن سليمان.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب قال: أخبرنا أبو الفتح مسعود بن الحسن بن القاسم - إذنا - قال: أخبرنا أبو عمر عبد الوهاب بن محمد بن إسحاق - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: رؤبة بن العجاج روى عن أبي هريرة، واسم العجاج عبد الله أبو الجحاف، روى عنه ابنه عبد الله بن رؤبه، ويحيى بن سعيد القطان، والنضر بن شميل ومعمر بن المثنى سمعت أبي يقول ذلك.
قال ابن أبي حاتم: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثنا علي بن المديني قال: قال لي يحيى القطان: دع رؤبة بن العجاج قلت: كيف كان؟ قال: أما إنه لم يكذب.
أنبأنا أحمد بن الأزهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني إبراهيم بن شهاب قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام قال: رؤبة بن العجاج يكنى أبا الجحاف، وهو أول من قال في تقصير الاسم وتخفيف عدد النسب فقال:
قد رفع العجاج ذكرا فادعني ... باسمي إذا الأنساب طالت يكفني
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذنا - قال: أنبأنا أبو بكر محمد ابن عبد الباقي عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثني أحمد بن بشر عن المازني قال: حدثني الأصمعي عن خلف قال: سمعت رؤبة بن العجاج يقول: لقيني الكميت والطرماح فسألاني عن الغريب ثم سمعته في شعرهما.
أنبأنا عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أحمد بن علي المدائني قال: حدثنا علي بن عمر بن خالد قال: حدثني يحيى أبو زكريا عن الأصفر قال: سمعت الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: مدح رؤبة بن العجاج رجلاً كان والياً على كرمان من أشراف العرب بهذه الكلمة:
دعوت ربّ العزّة القدّوسا
دعاء من لا يقرع الناقوسا
حتى أرانا وجهك المرغوسا
قال: فإذا الكميت عن يمينه والطرماح عن يساره قال: فجعل أحدهما يقول لصاحبه: ويل أمك أفسح أفسح، قال: فلما فرغ جعلا يسألانه عن الغريب فجعل يخبرهما.
وقال أبو أحمد بن عدي: حدثني محمد بن سالم الكوفي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي قال: أخبرنا عمي عن أبي عمرو بن العلاء قال: لم أر بدوياً أقام بالحضر إلا أفسد لسانه غير رؤبة بن العجاج والفرزدق فإنهما زادا على طول الاقامة حدة وحدة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا عبيد الله المرزباني - إجازة - قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: الأصمعي: كان كلام رؤبة يشبه بسيل في صخر، وكان كلام الحسن البصري يشبه بكلام رؤبة.

وقال المرزباني: وأخبرني محمد بن العباس قال: حدثني أبو الحسن الأسدي قال: أخبرنا محمد بن صالح بن النطاح عن أبي عبيدة قال: سمعت أبا عمرو بن العلاء يقول: ختم الشعر بذي الرمة والرجز برؤبة فقيل له: إن رؤبة حي؟ قال: هو حي كميت قد ذهب شعره كما ذهب مطعمه ومشربه ونكاحه. فقيل: فهؤلاء الآخرون الذي يقولون اليوم؟ قال: مرقعون ومهندمون إنما هم كل على غيرهم إن قالوا حسناً سبقوا إليه وإن قالوا سيئاً فمن عندهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي القاسم بن بندار عن أبي أحمد القارىء قال: أخبرنا أبو بكر حمد ابن يحيى الصولي - إجازة - قال: حدثنا محمد بن العباس الرياشي عن أبيه أن الأصمعي قال: كان يشبه لسان رؤبة بسيل في صخر، وأقام بالبصرة أربعين سنة لم يتغير لسانه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر الفرضي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال: اختلفوا في الثلاثة من الرجاز فقال بنو تميم: العجاج أولهم ثم حميد بن مالك الأرقط، ثم رؤبة بن العجاج.
وقال المرزباني: حدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: ذكر عبد الله بن رؤبة أن العجاج قال لرؤبة: من أين جئت أرجز مني لا أبا لك؟ قال: قد والله علمت ذاك يا أبتاه من أن أني أرجز من أبيك، قال: أساب أنت أبي؟ قال: لا والله لا أسب أباك ولا أبوك للسب بأهل.
وقال المرزباني: أخبرني الحسين بن علي قال حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: قال أبو العباس - يعني - السفاح لرؤبة كيف باهك؟ قال: يمتد ولا يشتد، فإذا أكرهته ارتد.
قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: حدثني النهشلي قال: قال عبد الله بن رؤبة: دخل أبي على سليمان بن علي فشكا الباءة قال: يمتد ولا يشتد وأطيل الظمأ ثم أورد فلا أروى.
قال علي بن يحيى: وقال أبو عبيدة: سمعت رؤبة يحدث يونس قال: سألني الأمير سليمان بن علي: ما بقي من باهك؟ فقلت يمتد ولا يشتد وإذا أكرهته ارتد.
قال: وحدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني يموت بن المزرع قال: حدثنا عيسى بن إسماعيل قال: حدثنا الأصمعي عن عيسى بن عمر قال: كان ذو الرمة الشاعر يذهب إلى القدر، وكان رؤبة بن العجاج يذهب إلى الاثبات والسنه، فاجتمعا في يوم من أيامهما عند بلال بن أبي بردة وهو والي البصره وعرف بلال الخلاف بينما فحصهما على المناظرة، فقال رؤبة: والله ما تفحص طائر أفحصوصا ولا تقربص سبع قربوصا إلا كان ذلك بقضاء من الله وقدره، فقال ذو الرمة: والله ما أذن الله للذئب أن يأخذ حلوبة غالة غلائل ضراً بك، فقال له: رؤبة أفبمشيئته أخذها أم بمشيئة الله؟ فقال ذو الرمة بل بمشيئته وإرادته، فقال رؤبة: هذا والله الكذب على الذئب، فقال ذو الرمة: الكذب على الذئب خير من الكذب على رب الذئب.
وقال المرزباني: حدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة النحوي قال: من كلام رؤبة: من ساء خلقه عذب نفسه، ومن كثرت فكرته سقم جسمه، ومن لاحى الرجل سقطت مروءته وذهب كرمه.
وقال: حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني محمد بن عبد: كان الصيمري باسناد له قال: قيل لرؤبة - وكان أفصح العرب: ما للبلاغة؟ قال لمحة دالة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر - قراءة علينا من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله قال: حدثنا مسلم قال: قيل لذي الرمة: مالك خصصت فلاناً بمدحك؟ قال: لأنه وطأ مضجعي، وأكرم مجلسي، فحق علي أن يستولي على شكري.

أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبد الله المرزباني - إجازة - قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا خلف بن أحمد، أبو معاذ الضرير عن دماذ عن أبي عبيدة عن يونس قال: كان رؤبة بن العجاج يرعى إبل أبيه ويقوم عليها حتى صار كاملاً وهو لا يرجز ولا يشعر، وتزوج العجاج امرأة شابة يقال لها عقرب، فولدت له أولاداً وغلبت عليه فكان يقسم ابله على أولاده فيقول: الفلانة لفلان، والفلانه لفلان، فقيل ذلك لرؤبة فقال: ما العجاج بأحق بها مني لئن كان أفادها، إني لأقاتل عنها السنين وأنتجع بها الغيث وأفعل وأفعل، فقالت عقرب للعجاج: اسمع هذا وأنت حي فكيف بنا بعدك؟ فخرج إليه العجاج فزجره وصاح به وقال: اتبع إبلك ورجزه وقال:
لطال ما أجرى أبو الحجاف
في فرقة طويلة التجافي
لما رآني أرعشت أطرافي
استعجل الدهر وفيه كاف
يخترم الألف من الألاّف
سرهفته ما شئت من سرهاف
حتى إذا ما آض ذا أعراف
كالكودن المشدود بالاكاف
قال الذي عندك لي صوافي
من غير لا عصف ولا اصطراف
ليس كذاك ولد الأشراف
فخرج رؤبة يجر رجليه فقال للرعاء: موعدكم مكان كذا وكذا، ورمى بنفسه وبات يهمهم ليلته فلما كان بأعلى سحرين جاء إلى أشياخ من قومه فقال: قد كان هذا الشيخ ما قد علمتم، وأنتم وإن لم تكونوا شعراء فقد تروون الشعر وتعرفونه، وقد جاش صدري بشيء، لو كان شعراً فعندي منه بحر لا يغضغض وإلا يكن شعراً رجعت إلى إبلي فاصدقوني عن نفسي فقالوا: هات فأنشدهم:
إن أنت لم تنصف أبا الجحاف
وكان يرضى منك بالانصاف
وهو عليك دائم التعطاف
فمر في أرجوزة فقالوا: والله لقد أخذت غربه وسلكت منهجه ووردت بحره، ولأنت أشعر منه، قال: فو الله لا أتبع ذنب بعير أبداً، وسمع العجاج بانشاده فخرج إليه فقال: ألعبت بك جن بوى الليلة، يعني مرعىً لهم فليتك تقول شعراً، ولكنك أوغد من ذاك فأنشده، فقال: اشهدوا أن أمر عقرب بيده، فقال: اشهدوا أنها طالق سبعين.
قال: وأخبرني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثنا أحمد بن محمد الأسدي قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني قال: حدثنا أبو عبيدة قال: حدثنا عبد الله بن رؤبة قال: أول ما هاجني على قول الشعر أن أمي ماتت فخلفت لي قلائص أربع فجئت فدخلت حجر نباذة رويه فدخلت بيتها فجلست فيه قال: وجعل أبي يطلبني حتى دل علي، فدخل وقد أحتزم لي بعقال فكتفني، ومضى بي فأدخلني بيتاً له، وأغلق علي الباب وجعل يصلح قتباً له وهو يقول:
سرهفته ما شئت من سرهاف
حتى إذا ما آض ذا اعراف
كالكودن المشدود بالاكاف
يقول ما خلفته صواف
ليس كذاك ولد الأشراف
فأخرجت رأسي من خلف الباب وقلت:
إنك لم تنصف أبا الجحاف
وكان يرضى منك بالانصاف
تاللّه لو كنت مع الألاّف
يغدى عليّ بنبيذ صاف
قال: فوثب بالقتب فضرب به رأسي فشجه، ثم أدركته رقة الآباء فاشترى لي لحماً وشواءً، وأطعمني وقال لي: يا بني إن مالي لا يقوى على سرفك فهل لك في أن تخرج فتمتدح هؤلاء الملوك وعليك صدور القوافي، وعليّ أعجازها أو عليك أعجازها وعليّ صدورها؟ قال فقلت: استخر الله فأنشأ في قصيدته:
كم قد رحلنا من علاة عنس
فاشتركنا فيها ومدح بها سليمان بن عبد الملك، فأمر له بعشرة آلاف فقلت: النصف والنصف يا أبة قال: تعدو علي وأنت بولي ! قال: قلت: امدح أنت وحدك وأنا وحدي وفارقته.
قال: وحدثني أحمد بن إبراهيم البزاز وأحمد بن محمد الجوهري قالا: حدثنا العنزي قال: حدثنا قعنب بن المحرر أبو عمرو الباهلي قال: حدثنا أبو زيد الأنصاري عن رؤبة بن العجاج قال: أول رجز قلته أني خرجت مع أبي نريد سليمان بن عبد الملك حين قام فجعل يهمهم يقول الرجز، فهمهمت ثم قلت: يا أبة قد قلت رجزاً، قال: هاته فأنشدته:
كم قد رحلنا من علاةٍ عنس
كبداء كالقوس وأخرى حلس
إلى ابن مروان قريع الأنس
ولابن عباس قريع حبس
أكرم عرس جبلا وعرس

قال: حتى أتيت على آخرها فقال: أعد فأعدتها عليه فحفظها ثم قال: اخس لا يسمعن هذا منك أحد فنفتضح، قال: ثم قدمنا بيت المقدس وجلس سليمان بن عبد الملك للناس، وأذن لأبي وقدم على الشعراء فابتدأ في قصيدتي ينشدها سليمان وأردت أن أقوم فأقول الشعر لي، فكرهت أن أفضح أبي على رؤوس الناس فلما فرغ وأخذ الجائزة وخرجنا قتل: يا ابه المقاسمة قال: لا والله ولا فلس، أي بني أنت أشعر الناس اذهب فاطلب لنفسك، وأخرجني من عياله.
قال: وحدثنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد النحوي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني قال: قال رؤبة بن العجاج: اشتركت أنا وأبي في أرجوزه
إلى ابن مروان قريع الأنس
بين أبي العاصي وآل عبس
فأنشدتها رجلاً حتى انتهيت إلى الكلام الآخر، قال: ليس هذا من الكلام الأول، وجعل يميز كلامي وكلام أبي.
قال المرزباني: وحكي أن رؤبة أنشد سليمان بن عبد الملك هذه الأرجوزة وعمر ابن عبد العزيز حاضر حتى بلغ إلى قوله:
خرجت من بين قمرٍ وشمس
من بين مروان وبين عبس
يا خير نفسٍ خرجت من نفس
فقال عمر: كذبت ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فسكت سليمان فلم يرد عليه شيئاً.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزى عن إسماعيل بن أحمد عن عمر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النقور قال: حدثنا الحسين بن هارون الضبي - إملاءً - قال: وجدت في كتاب والدي: حدثني محمد بن الحسن بن دريد قال: حدثني أبو مسلم قتيبة بن عمر الحنفي عن أبيه قال: كنت في دار بني عمير إذ أقبل رجل على حجر دهماء معه عبد أسود، فوسع القوم له فسألت عنه فقالوا: هذا رؤبة، فقال لهم: أنشدكم شعراً قلت، ما قلت غيره ثم أنشد:
أيّها الشامت المعير بالشيب ... أقلن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب غضاَ طرياً ... فوجدت الشباب ثوباً معارا
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر الفرضي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله المزرباني - إجازة - قال: حدثنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو مسلم قتيبة بن عمر الحنفي عن أبيه قال: كنت يوماً في مجلس بني عمير باليمن، إذ أقبل أعرابي على حجر دهماء إلى جانبه عبد أسود قد حاذى رأسه، فتزحزح القوم وقالوا: أبو الجحاف، وإذا هو رؤبة بن العجاج فقال له بعض القوم: يا أبا الجحاف هل قلت شعراً قط غير الرجز؟ قال: نعم ثم أنشدنا:
أيها الشامت المعير بالشيب ... أقلن بالشباب افتخارا
قد لبست الشباب غضاً جديداً ... أقلن بالشباب افتخارا
قال المرزباني: كتب إلي أحمد بن عبد العزيز: أخبرنا عمر بن شبه قال: حدثني الأصمعي، قال: حدثنا عبد الله بن سالم قال: أتاني رؤبة فجلس في قبة لي مجلساً لا يراه من يدخل، ودخل أبو نخيلة فجلس خارجاً، فقيل له: أنشدنا أبا نخيله: فافتتح قصيدة لرؤبة فجعل ينشدها ورؤبة يئط كأن السياط في ظهره فلما بلغ نصفها قال رؤبة: كيف أنت يا أبا نخيلة؟ فقال أبو نخيلة: واسوأتاه ولا أشعر أنك ها هنا إن هذا كبيرنا وشاعرنا الذي يعول عليه، فقال رؤبة: إياك وإياه ما كنت بالعراق فإن أتيت الشام فخذ ما شئت.
وقال: حدثنا علي بن يحيى قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا البغوي قال: حدثنا أبو الحسن الأثرم قال: حدثني أبو عبيدة قال: قلت لرؤبة: أي القرآن أفصح؟ قال: كل القرآن فصيح إلا أني لم أقف على آية أفصح من قوله عز وجل: " فاصدع بما تؤمر وأعرض عن المشركين " .
كتب إلينا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن صالح بن شيخ بن عميرة قال: حدثنا الرياشي قال: قال عبد الله بن رؤبة: كانت لنا حاجة إلى بعض السلاطين فعسرت علينا فرشوت دراهم فسهلت الحاجة، فقال رؤبة بن العجاج:
لما رأيت الشفعاء بلدوا
وسألوا أميرهم فأنكدوا
أتيتهم برشوة فأقردوا
وسهل اللّه بها ما شددوا

ذكر أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة في كتاب الشعراء قال: حدثني الرياشي عن محمد بن سلام عن يونس قال: أتيت رؤبة ومعي ابن نوح، وكنا نفلس ابنه عبد الله، أي نعطيه الفلوس، فيخرجه إلينا فقال ابن نوح: أصبحت كما قلت:
كالكزر المربوط بين الأوتاد
ساقط عنه الريش قبل الايراد
فقال: ما زلت لك ماقتاً فقال يونس: فقلت: بل أصبحت كما قال ابن أبي سلمى:
فأبقين مني وأبقى الطراد ... بطنا خميصا وصلبا سمينا
فقال: سل عما شئت.
وقال ابن قتيبة: حدثني سهل قال: حدثني أبو عبيدة قال: دخلت على رؤبة وهو يمل جرذاناً في النار، فقلنا لنا: أتأكلها؟ فقال: نعم إنها خير من دجاجكم، إنها تأكل البر والتمر.
نقلت من خط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي: وزعم أبو زيد أنه دخل على رؤبة وإذا قدامه كانون وهو يمل في حجره جرذاناً من جرذان البيت يخرج الواحد بعد الواحد فيأكله ويقول: هذا أطيب من اليربوع هذا يأكل التمر والجبن ويحسو الزيت والسمن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر الفرضي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني - إجازة - قال: وحدثني عبد الله بن جعفر قال: حدثنا المبرد عن المازني قال: سمعت أبا زيد يقول: دخلت على رؤبة وهو يصيد الفأر ويشويهن ويأكلهن فقال لي: هلم يا أبا زيد، فقلت له: سبحان الله آكل الفار ! فقال: إنما هي يرابيع البيت.
قال المازني: وسمعت أبا زيد يقول: قلت لرؤبة: أتهمز الفارة فقال: الهرة تهمزها.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن أحمد الكاتب قال: حدثنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: قال رجل: دخلت على رؤبة بن العجاج فإذا معه قوس وهو ينبض بها ويرمي الفار بالشام، فقلت له: ما هذا؟ فقال آكلها، والله لهي أطيب من اليربوع وما تأكل إلا طيب الطعام.
وقال المرزباني: كتب إلي أحمد بن عبد العزيز قال: أخبرنا عمر بن شبه عن أبي عبيدة قال: مات رؤبة سنة خمس وأربعين ومائة.
قال: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى عن أبيه قال: ذكر أبو عبيده أن رؤبة مات سنة خمس وأربعين ومائة بعد مخرج إبراهيم بأيام.
قال: وروى محمد بن عبد الله اليعقوبي عن أبيه عن جده يعقوب بن داوود قال: لقيت الخليل بن أحمد يوماً بالبصرة، فقال لي: يا أبا عبد الله دفنا الشعر اليوم، جئنا من جنازة رؤبة.
ذكر من اسمه روح
روح بن إبراهيم:
أبو سعدة الأنصاري، حدث بالمصيصة عن عبد الله بن الحسين بن جابر المصيصي روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي حديثاً في معجم شيوخه، سمعه منه بالمصيصة.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الدمشقي بها، قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: حدثنا أبو الحسين بن جميع قال: حدثنا روح بن إبراهيم بالمصيصة قال: حدثنا عبد الله بن الحسين بن جابر قال: حدثنا الحسين بن محمد المروزي قال: حدثنا سليمان بن قرم عن الأعمش عن الحكم عن مقسم عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا يؤدى عني إلا أنا أو علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
روح بن حاتم بن قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة:
أبو حاتم، وقيل أبو خلف الأزدي، كان خصيصاً بالمنصور أثيراً عنده، وقدم معه حلب حين مر بها لزيارة البيت المقدس، وولاه افريقية ثم ولاه المهدي البصرة ثم الكوفة وكان شجاعاً كريماً.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن ابن نظيف.

وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو خيثمة قال: سمعت أبي يقول: بعث روح بن حاتم إلى كاتب له بثلاثين ألف درهم، وكتب إليه. قد بعثت بها إليك ولا أقللها تكثراً ولا أكثرها تمنناً، ولا أطلب عليها ثناء، ولا أقطع بها عنك رجاء.
روح بن زنباع الجذامي
شهد صفين مع معاوية، وجعله أميراً على جذام فلسطين.
روح بن معمر
أبو وائل الملطي شاعر من أهل ملطية، مدح يحيى بن خالد البرمكي وكان خصيصاً به.
قرأت في كتاب الوزراء والكتاب للجهشياري قال: وكان يحيى أحسن إلى روح ابن معمر الملطي، ويكنى أبا وائل حتى خص به فقال روح:
قرّ بني يحيى إلى نفسه ... وليس لي منه مكان قريب
فقلت للنفس صلي شكره ... بالشكر للّه فنعم المجيب
وقربى حالك من حفظه ... بالصّبر في الدهر على ما ينوب
وإنّ من يحفظ أسبابه ... عند الذي قرّبه لا يخيب
رود بن الحارث الكلاعي
وقيل ورقاء بن الحارث، فارس له ذكر، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان. وبارز علي بن أبي طالب رضي الله عنه في بعض أيام صفين فقتله علي.
أخبرنا أبو العلاء أحمد بن أبي اليسر بن سليمان - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أنبأنا أبو محمد بن أحمد الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن صعصعة بن صوحان العبدي أن علياً عليه السلام كان مصاف أهل الشام يوماً بصفين حتى بدر علياً رجل من حمير من آل ذي يزن اسمه كريب بن الصباح ليس في أهل الشام يومئذ أشهر بشدة البأس منه، فبدر بين الصفين، ثم نادى من يبارز فبرز إليه شرحبيل، فذكر في الحديث أنه قتله، وقتل اثنين بعده، ثم قال: هل بقي لي من مبارز؟ فخرج إليه علي بن أبي طالب، وذكر أنه قتله علي ثم قتل بعده الحارث بن وداعة الحميري فقتله علي، ثم نادى على من يبارز، فبرز إليه رود بن الحارث الكلاعي فقتله علي بن أبي طالب أيضاً، وذكر تمام الحديث وقد استقصينا خبره في ترجمة الحارث بن الجلاح الحكمي.
هذا في رواية ابن ديزيل، وذكر غيره أنه ورقاء بن الحارث الكلاعي والله أعلم.
ذكر من اسمه روزبهان
روزبهان بن جبهون الصوفي:
سمع الحافظ أبا طاهر السلفي وحدث عنه بالديار المصرية بالأربعين البلدانية، سمع منه رفيقنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري وأخبرني أنه دخل حلب ونزل بخانقاه القصر النورية، فإنه سمع منه سنة ثلاث وستمائة بالديار المصرية.
روزبهان:
وقيل روزبهار بن أبي بكر بن محمد بن أبي القاسم الفارسي الكازروني الديلمي، شيخ صالح من أصحاب الوجد والشوق صحب أبا زيد الصوفي، وكان مقيماً بالموصل ثم خرج عنها إلى حلب ونزل بمشهد علي خارج باب الجنان، وسار إلى دمشق، وأقام بها مدة، ثم خرج منها إلى مصر، فأقام بها إلى أن مات، وكان له كرامات ظاهرة.
وصحبه بحلب الشيخ يحيى بن عبد الله الصياح شيخ الرباط الذي فيه تربة الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين، وسلك طريقه في الصياح.

سمعت الصاحب قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: قدم علينا الموصل روزبهار، وكان يدعي أنه من المشتاقين، ويطرأ عليه حال مذهلة، ويصيح صياحاً عظيماً، وربما عرض له ذلك وهو في الصلاة، فيصيح في الصلاة فينكر عليه الفقهاء ذلك لما فيه من منافاة مذاهبهم ومخالفة الشرع، وكان قد نزل مسجداً ظاهر الموصل، وكان القاضي فخر الدين أبو الرضا بن الشهرزوري يزور روزبهار كثيراً، وكان إمام أهل الموصل في الفقه، قال: فأنكروا عليه ذلك، وقلنا له: أنت سيد الفقهاء وقدوة العلماء، وتزور هذا الرجل مع ما هو عليه من الأمور المضادة لقاعدة الشريعة، وانتمائه إلى ما ليس له قاعدة؟ فقال لنا: إعلموا أنني كنت ليلة النصف من شعبان - أو قال ليلة القدر الشك مني - مستقبل القبلة وأنا قاعد أحيي الليلة، فأغفيت وأنا جالس، فرأيت الملائكة في النوم قد نزلوا من السماء ومعهم أنوار عظيمة ومعهم علم، فسألتهم: إلى أين؟ فقالوا: إلى زيارة روزبهار، فقلت: وأنا أصحبهم، ومشيت صحبتهم فجاؤوا إلى المسجد، وسطعت الأنوار، فدخلنا فوجدنا روزبهار مستقبل القبلة وهو يصيح على جاري عادته، فسلم عليه الملائكة، وصافحوه وانصرفوا واستيقظت، وقلت في نفسي، لا بد من زيارة هذا الرجل، فلما أصبحت وفتحت أبواب الموصل، خرجت إلى المسجد الذي هو نازل به، ودخلت المسجد فوجدت روزبهار مستقبل القبلة على الحال التي رأيته عليها في النوم، وهو يصيح، فجلست في جانب المسجد إلى أن سكن صياحه، ثم التفت إلي وقال: تزورنا في الليل وفي النهار فقلت ما بقي بعد هذا شيء فأنا أزوره لذلك.
سمعت أبا بكر محمد بن الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري يقول لي: أخبرني أبي - ولي من أبيه إجازة - قال: قال: أخبرني جدك لأمك عبد الكافي بن بدر بن حسان الأنصاري قال: كان الشيخ روزبهان - يعني - ابن أبي بكر الفارسي رضي الله عنه إذا حضر يوم الجمعة إلى الجامع يذكر بصوت عال جهوري، فكنت في بعض أيام الجمع في جامع عمرو بن العاص بمصر والخطيب يخطب على المنبر إذ صاح الشيخ روزبهان صياحاً كبيراً على عادته، فقال بعض الحاضرين: لقد آذانا هذا الشيخ بصياحه وشوش علينا في مثل هذا الوقت، وقام مبادراً، ورفع يده ليضربه، فبقيت يده معلقة في الهواء، ولم يستطع أن يصل بها إليه.
كتب لي رفيقنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد البكري خبطه وسيره إلي - ويغلب على ظني أنني سمعته من لفظه - قال: سمعت أبا الحسن غلام الشيخ روزبهان الزاهد يقول: دخلنا حلب عند عودنا من الموصل ونزلنا بمشهد على ظاهر حلب ورأينا من أهلها إكراماً عظيماً، وانتقلنا منها إلى دمشق ثم إلى مصر وتوفي الشيخ بها.
قرأت بخط أبي البركات المبارك بن أحمد بن المستوفي في تاريخ - وأجاز لنا الرواية عنه في كتابه إلينا من إربل - قال: روزبهان الديلمي - ورأيته في موضع روزبهار بالراء - وهو صاحب أبي زيد الصوفي، سمعت الفقير إلى الله أبا سعيد كوكبوري بن علي بن بكتكين سامحه الله يقول: ورد إربل من نحو خمسين سنةً أو أكثر، ونزل بمشهد الكف فزاره مجاهد الدين قايماز وكان روزبهان يريد السفر إلى مصر فقال: لو أقمت بهذا المشهد، مشهد الكف فهو مشهد حسن، فقال: أنا أريد مشهد القلب لا مشهد الكف.
قال أبو البركات: وحدث بعض الاربليين أن روزبهان كان بالموصل في يده سسيخة خضراء وشعره منشور كالديلم، وفي يده طبرزين يصيح دائماً بصوت عال ثبج تخشع له القلوب إلا في الأسواق، لا يأكل إلا من الدروزة، هو وأصحابه، ومعه القوالون والشبابات، وفي أصحابه حاجب، ومدروز، وخادم فإذا أراد المدروز الخروج سأل الحاجب أن يستأذن له، فكان الحاجب يقف بين يده أكثر النهار أو أكثر الليل قياماً واحداً.
قال ابن المستوفي: وحدثني أبو المعالي صاعد الواعظ قال: كان روزبهان يصفق ويدخل في السماع من غير دف ولا شبابة، ويرقص هو وأصحابه.

زرت قبر روزبهان بن أبي بكر بن محمد أبي القاسم الفارسي بالقرافة بسفح جبل المقطم بمصر، في بعض قدماتي إلى مصر، فقرأت على عمود قبره مكتوباً أنه توفي صباح يوم الأربعاء خامس ذي القعدة من سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ورأيت قبيراً صغيراً عند باب التربة، ومعي بعض صلحاء مصر فقال لي: هذا قبر قط كان لروزبهار، كان لا يأكل في شهر رمضان شيئاً إلا وقت الإفطار، وكان يأنس به ويبيت عند رجليه ولما مات الشيخ مات القط يوم موته فدفن عنده في التربة، والقبير ظاهر يراه كل من يزوره.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: روزبهان هو الشيخ الصالح روزبهان بن أبي بكر بن محمد بن أبي القاسم الفارسي الكازروني الصوفي، توفي في يوم الأربعاء الخامس من ذي القعدة سنة ثمان وسبعين وخمسمائة وقبره ظاهر يزار ويتبرك به بجانب بئر الحاجب لولو.
رويم الشيباني:
وقيل يزيد بن رويم أحد وجوه أصحاب علي رضي الله عنه، وشهد معه صفين وكان على رجاله الذهليين يومئذ وقيل على ذهل الكوفة.
رئاب بن حنيف:
قيل إن له صحبةً، وأنه شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل يومئذ.
ذكر من اسمه رياح
رياح بن الحارث النخعي:
شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وروى عن علي وسعيد بن زيد وعمار، وأبي أيوب الأنصاري، وروى عن عمار بن ياسر قوله.
روى عنه ابنه عبد الله بن رياح، وحنش بن الحارث بن لقيط، وأبو الحكم الحسن بن الحكم النخعي، وابن ابنه صدقة عن المثنى بن رياح.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن أحمد بن عمر بن السمرقندي - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان، وأبو القاسم بن البسري، وأبو طاهر القصاري، وأبو الحسن الأنباري قالوا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي يعقوب قال: حدثنا يزيد ابن هارون قال: أخبرنا الحسن بن الحكم أبو الحكم عن رياح بن الحارث قال: كنت إلى جنب عمار بن ياسر بصفين وركبتي تمس ركبته فقال رجل: كفر أهل الشام، فقال عمار: لا تقل ذلك نبينا ونبيهم واحد، وقبلتنا وقبلتهم واحدة، ولكنهم قوم مفتونون جاروا عن الحق فحق علينا أن نقاتلهم حتى يرجعوا إليه.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: رياح بن الحارث سمع سعيد بن زيد وعلي، يعد في الكوفين، قال عبد الرحمن بن مغراء حدثنا صدقة بن المثنى سمع جده رياح أنه حج مع عمر حجتين.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله قال: أخبرنا الرئيس أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه قال: أنبأنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: رياح بن الحارث روى عن علي وسعيد بن زيد، وعمار بن ياسر، وأبي أيوب. روى عنه الحسن بن الحكم وحنش بن الحارث وابنه حدير بن رياح وابن ابنه صدقة بن المثنى ابن رياح سمعت أبي يقول ذلك.
رياح بن عتيك الغساني:
كان فارساً مذكوراً شاعراً معروفاً له رجز، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان وقتله الأشتر بصفين يوم الماء.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين عن أبي محمد عبد الله بن أحمد ابن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أحمد بن الحسن الباقلاني قال أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن إسحاق قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي عن الحارث بن أدهم وصعصعة بن صوحان، وأحدهما يزيد على الآخر قالا: فقتل الأشتر في تلك العركة بيده سبعةً مبارزة منهم صالح بن فيروز العكي، ومالك ابن أدهم السلاماني، ورياح بن عتيك الغساني، والأجلح بن منصور الكندي وإبراهيم بن الوضاح الجمحي، وزامل بن عتيك الجذامي ومحمد بن روضة الجمحي قال: وقتل الأشعث فيها خمسة، وذكرا قتل جماعة.
قال في الخبر: فخرج إليه رياح بن عتيك وهو يقول:

إني زعيم لكم بضرب
بذي غرارين جميع القلب
عبل الذراعين شديد الصلب
فشد عليه الأشتر وهو يقول:
رويد لا تجزع من جلادي
جلاد قرن جامع الفؤاد
يجيب في الروع دعا المنادي
قال: فاضطر باهوياً، ثم قتله الأشتر.
وروي في غير هذه الرواية:
رياح لا تجزع من جلادي.
ذكر من اسمه ريان
ريان بن صبره بن هوذه الحنفي:
روى عن علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقيل إنه شهد معه صفين، روى عنه عيسى بن حطان، وإسماعيل بن زربي.
أخبرنا الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا البخاري قال: ريان بن صبرة الحنفي، سمع علياً، روى عنه عيسى بن حطان.
أخبرنا الخطيب أبو البركات سعيد بن هاشم - فيما أجاز لنا روايته عنه - قال: أنبأنا أبو طاهر الخضر بن الفضل المعروف برجل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: ريان بن صبرة الحنفي روى عن علي، روى عنه عيسى ابن حطان سمعت أبي يقول ذلك، وروى أبو أسامة عن إسماعيل ابن زربي عنه: قرأت بخط أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة في حاشية كتبها في بعض الأجزاء: ريان بن صبره الحنفي له ذكر في الغارات على أهل الشام.
الريان المعروف بالمدلل:
حكى عن محمد بن كثير العبدي، حكى عنه أبو بكر أحمد بن علي بن الفرح الحلبي.
رئيس بن عبد الله النميري:
أبو شهاب كان بمنبج، وأنشد بها أبياتاً كتبها عنه ساعد بن فضائل بن ساعد أبو محمد المنبجي، ورواها عنه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني ساعد بن فضائل المنبجي - املاءً من حفظه - بسمرقند قال: أنشدني أبو شهاب رئيس بن عبد الله النميري بمنبج لبعضهم:
قد لزم العالم ضدّ الصواب ... وانتدبوا للظلم من كل باب
فأنت إن أحسنت ظنّا بهم ... أصبحت كالنعجة بين الذئاب
وإن ظننت الخير منهم فقد ... طلبت ماءً من لميع السّراب
حرف الزاي
زاكي بن كامل بن المسلم القطيعي:
أبو الفضل الهيتي، ويعرف بأسير الهوى قتيل الريم، ويلقب بالمهذب شاعر أديب حسن الشعر من أهل هيت، وصل إلى الموصل، وقدم منها إلى الشام واجتاز في طريقه بحلب أو ببعض عملها، كتب عنه أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله العليمي المعروف بابن حوائج كش بالموصل، وأبو عبد الله محمد بن حمزه بن أبي الصقر الفرشي الدمشقي، وخرج عنه بيتين من شعره في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي بدمشق قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمزة بن أبي الصقر الدمشقي - إجازة - قال: أنشدني زاكي بن كامل بن المسلم القطيعي الهيتي، أبو الفضل، ويعرف بأسير الهوى قتيل الريم لنفسه، ونقلته من خط ابن أبي الصقر في معجم شيوخه:
لي بهجة كادت بحرّ كلومها ... للناس من فرط الجوى تتكلم
لم يبق منها غير أرسم أعظم ... متجردات في الهوى بتظلّم
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد النسابة قال: أخبرنا أبو الخطاب عمر بن محمد بن عبد الله العليمي - إجازة - قال: أنشدني الأديب أبو الفضل زاكي بن كامل الهيتي - إملاً من حفظه لنفسه - بالموصل:
نار الجوى بين الحشا والأضلع ... أمطرت جذوتها سحائب أدمعي
يا ناكت الداء القديم بحبّه ... ومجرعي غصصى بكأسٍ مترع
مهلاً على معذبي حسب الأسى ... ما بي عليك وبعض ما بي مقنعي
قال العليمي: وأنشدني أيضاً لنفسه:
سيدي ما عنك لي عوض ... طال بي في حبّك المرض
كم بلا ذنبٍ تهددني ... فجفوني ليس تغتمض
أبغير الهجر تقتلني ... لا أبالي هجرك الغرض
ورضاي في رضاي فقل ... ما تشاء لست أعترض
أنت لي داء أموت به ... كم أداويه وينتقض

توفي زاكي بعد سنة ست وأربعين وخمسمائة، فإن أبا الخطاب العليمي سمع منه في شهر ربيع الأول من هذه السنة.
ذكر من اسمه زامل
زامل بن عتيك الجذامي:
فارس شاعر شهد صفين مع معاوية، وقتل في الوقعة قتلة الأشتر النخعي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن ابن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن اسحاق ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين الكسائي قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر قال: قال جابر الجعفي: خرج إليه - يعني الأشتر - زامل بن عتيك الجذامي فشد عليه وهو يقول:
يا صاحب السيف الخضيب المضرب
وصاحب الجوشن ذاك المذهب
هل لك في طعن غلام مجرب
يحمل رمحاً مستقيم الثعلب
قال: وشد على الأشتر فطعنه على الجوشن، فصرعه، وشد الأشتر بسيفه فنسف قوائم الفرس، ثم ضربه بالسيف فقتله وهو يقول:
لا بدّ من قتلي أو من قتلكا
قتلت منهم خمسةً من قبلكا
كلهم كانوا حماةً مثلكا
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر قال: أخبرنا أبو محمد بن أحمد الأديب إجازةً - قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن الشعبي عن الحارث بن أدهم وصعصعه ابن صوحان، وأحدهما يزيد على الآخر، قالا: فقتل الأشتر في تلك المعركة بيده سبعة مبارزة منهم: صالح بن فيروز العكي، ومالك بن أدهم السلاماني، ورياح ابن عتيل الغساني، والأجلح بن منصور الكندي، وإبراهيم بن الوضاح الجمحي، وزامل بن عتيل الجذامي، ومحمد بن روضة الجمحي.
قالا: وقتل الأشعث فيها خمسةً.
قال عمرو بن شمر: قال جابر فخرج إليه زامل بن عتيل الجذامي فشد عليه وهو يقول فذكر كما ذكره الحافظ سواء.
زامل بن عمرو السكسكي الحبراني الحميري الحمصي:
كان مع مروان بن محمد بحران، وولاه مروان حين أفضت إليه الخلافة دمشق وحمص.
روى عن أبيه وعن ذي الكلاع الحميري وعريب الحبراني وشهاب ابن عبد الله الخولاني. روى عنه سعيد بن أبي هلال، وصعصعة بن صوحان وعمر بن محمد بن صهبان والزبيدي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - فيما أذن لنا في روايته - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن إسحاق بن محمد بن يزيد قاضي حلب بدمشق قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن علي بن سهل المروزي بحلب قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا عمرو بن شمر عن جابر عن الشعبي عن صعصعة بن صوحان قال: سمعت زامل بن عمرو الجذامي يحدث عن ذي الكلاع قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول إنما يبعث المسلمون على النيات.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد السوسي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في الطبقة الرابعة: زامل بن عمرو من اليمن حمصي، ولاه مروان بن محمد دمشق بعد قتل الوليد - يعني - بن يزيد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال زامل بن عمرو السكسكي يعد في الشاميين عن عريب الحبراني، روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي.

أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زامل بن عمرو السكسكي روى عن عريب الحبراني روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زامل بن عمرو السكسكي الحبراني الحميري الحمصي أمير دمشق وحمص من قبل مروان بن محمد، روى عن أبيه عن جده وله صحبة، وعن عريب الحبراني وشهاب بن عبد الله الخولاني. روى عنه سعيد بن أبي هلال والزبيدي وعمر بن محمد بن صهبان.
ذكر من اسمه زائدة
زائدة بن قدامة الكوفي:
أبو الصلت الثقفي، سكن الكوفة، وقدم حلب غازياً فمات بها.
روى عن عبد الله بن عمر بن نافع، وعن سليمان بن مهران الأعمش، ومحمد ابن عمرو، وأبي إسحاق ومنصور وعمران بن مسلم، وعمر بن قيس، وسماك بن حرب.
روى عنه أبو إسماعيل ثابت بن محمد الزاهد، والهيثم بن جميل الأنطاكي، ومعاوية بن عمرو، والحسين بن الوليد وأبو أسامة وعبد الرحمن ابن مهدي ومصعب بن المقدام، والحسين بن الوليد القرشي، وخلف بن تميم وسفيان الثوري وعبثر بن القاسم، وحسين الجعفي.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي قال: أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر قال: أخبرنا علي بن إبراهيم بن سلمة قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه قال: حدثنا عمرو بن عبد الله الاودي ومحمد بن إسماعيل قالا: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا زائدة بن قدامة قال: حدثنا سماك بن حرب عن عكرمة عن ابن عباس قال: جاء اعرابي إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أبصرت الهلال الليلة فقال: أتشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله؟ قال: نعم، قال: قم يا فلان فأذن في الناس أن يصوموا غداً.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال - في كتابيهما - قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن أبوي عبد الرحمن الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيرى كتبوا إليه وقالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داوود بن سليمان، قال: حدثنا علي بن محمد القباني قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا زائدة عن عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر أن النبي صلى الله عليه وسلم حرق على قريظة والنضير نخلاً لهم، فقال حسان بن ثابت.
وهان على سراة بني لؤي ... حريق بالبويرة مستطير
قال الهيثم: كنت مع زائدة بأرض الروم فحدثني بهذا الحديث وأمرني بالحريق.
قال أبو بكر: فسمعت علي بن محمد بن العلاء يقول: سمعت عبد الرحمن ابن خراش على باب محمد بن يحيى يقول: ما دخلت إلى نيسابور إلا لهذا الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن علي الأشيري قال: أخبرنا القاضي عياض بن موسى - إذناً - قال: أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن سلفة الحافظ مكاتبة.
قال شيخنا أبو محمد الأسدي: وأجازه لنا أبو طاهر، قال: حدثنا المبارك بن عبد الجبار قال: حدثنا أبو الحسن الفالى قال: حدثنا القاضي ابن خربان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الغزاء قال: أخبرنا يوسف بن مسلم قال: حدثنا خلف ابن تميم قال: كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فكنت أستفهم جليسي فقلت لزائدة: يا أبا الصلت إني كتبت عن سفيان عشرة آلاف حديث أو نحوها فقال لي: لا تحدث إلا بما يحفظ قلبك وتسمع بأذنك، قال: فألقيتها.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو عبد الله السلماسي قال: أخبرنا الوليد ابن بكر قال: حدثنا أبو الحسن الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد ابن عبد الله قال: حدثني أبي أحمد قال: زائدة بن قدامة ثقة يكنى أبا الصلت، لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، فإن كان صاحب سنة حدثه وإلا لم يحدثه.

وقال: حدثني أبي قال: وزائدة بن قدامة الثقفي يكنى أبا الصلت، كان ثقة صاحب سنة لا يحدث أحداً حتى يسأل عنه، وإن كان صاحب سنة حدثه وإلا لم يحدث، وكان قد عرض حديثه على سفيان الثوري وروى عنه الثوري.
أخبرنا الحسين بن عمر بن باز الموصلي - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زائدة بن قدامة أبو الصلت الكوفي، سمع عمر بن قيس وأبا إسحاق، ومنصور، وروى عنه أبو أسامة.
قال ابن أبي الأسود: حدثني موسى بن داوود قال: حدثني عثمان بن زائدة الرازي قال: قلت لسفيان: أريد آتي الكوفة ممن أسمع؟ قال: عليك بزائدة وابن عيينة، قال: قلت: أبو بكر بن عياش؟ قال: إن أردت التفسير فعنده.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو ابن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زائدة بن قدامة أبو الصلت الثقفي الكوفي، روى عن أبي إسحاق وسماك ومنصور، روى عنه عبثر بن القاسم، وعبد الرحمن بن مهدي، وحسين الجعفي، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: ابن أبي حاتم حدثنا أحمد بن سنان قال: حدثنا موسى بن داوود قال: سمعت عمار بن زائدة الرازي قال: قدمت الكوفة قدمةً فقلت لسفيان الثوري: من ترى أن أسمع منه؟ قال: عليك بزائدة وسفيان بن عيينة.
وقال: حدثنا سليمان بن داود القزاز قال: سمعت أبا داود الطيالسي قال: حدثنا زهير قال: ولم يكن زائدة بالاستاذ في حديث أبي إسحق.
وقال: سمعت أبي يقول: زائدة بن قدامة ثقة صاحب سنة، أحب إلي من أبي عوانه وأحفظ من شريك ومن أبي بكر بن عياش، وكان يعرض حديثه على سفيان الثوري.
وقال: سمعت أبا زرعة يقول: زائدة صدوق من أهل العلم.
قرأت بخط مظفر الفارقي مما ذكر أنه ننقله من خط أبي إسحاق النديم في كتابه الفهرست: زائدة بن قدامة الثقفي، من أنفسهم ويكنى أبا الصلت، مات بالروم في غزاة الحسن بن قحطبة سنة إحدى وستين، وله من الكتب كتاب السنن يحتوي على ما مثل ما تحتوي عليه كتب السنن، كتاب القراءات، كتاب التفسير، كتاب الزهد، كتاب المناقب.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا ناصر بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن عبد الواحد الثقفي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرزاق بن أحمد بن عبد الرحمن الخطيب قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر ابن حيان قال: حدثنا ابن رستة قال: حدثنا ابن حميد قال: حدثنا عبد الرحمن ابن مصعب قال: مات زائدة سنة اثنتين وستين ومائة، قال شباب: مات زائدة سنة إحدى وستين ومائة، يكنى أبا الصلت.
قال أحمد بن يونس: سمعت سفيان الثوري يقول: زائدة ثقة - يمازحه - هذا زائدة بن قدامة أبو الصلت، سلوه، قالوا: مات بحلب، وقال غيره: مات بأرض الروم غازياً.
أخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن يحيى بن معاوية الطلحي قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: مات أبو الصلت زائدة بن قدامة الثقفي بأرض الروم عام غزا الحسن بن قحطبة بالصائفة سنة ستين أو إحدى وستين ومائة.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو البركات الفراوي قال: أخبرنا أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن عمرو الأحمسي - بالكوفة - قال قال: حدثنا الحسين بن حميد بن الربيع قال: حدثني أبي قال: مات زائدة بن قدامة سنة إحدى وستين ومائة.

أنبأنا الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعدائي عن محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا إسحاق بن أبي إسحاق أبو يعقوب القراب - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا أحمد بن محمد الماليني قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الجرجاني قال: حدثني أحمد بن سعيد بن موضح قال: حدثنا موسى بن الحسن قال: قال لنا علي بن الجعد: مات زائدة بأنطاكية في السنة التي مات فيها الحسن بن قحطبة وهو والي الثغر، وأظنه كان في سنة ثلاث وستين.
وقال القراب: وجدت في كتاب أبي معشر الخياط بخطه أنه سمع القيسي يقول: سمعت محمد بن سعد يقول: سمعت الواقدي يقول: وزائدة بن قدامة الثقفي، من أنفسهم، ويكنى أبا الصلت، مات بالروم عام غزا الحسن بن قحطبة الصائفة سنة ستين ومائة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - إذناً - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين ومائة زائدة بن قدامة الثقفي أبو الصلت سكن الكوفة، ومات غازياً بالثغر.
زائدة بن مزيدة بن زائدة العرضي:
شاعر من أهل عرض كتب عنه الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن شيئاً من شعره بالسخنة، وخرج عنه في معجم شيوخه، وعرض والسخنة من من أعمال حلب من المناظر.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة عن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: أنشدني زائد بن مزيدة بن زائدة العرضي لنفسه بالسخنة من أبيات:
ولم قضى بالبين ما بيننا ... لا درّ درّ الدهر من حاكم
ما اقتل البين لأهل الهوى ... وأصعب الحبّ على الكاتم
زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح:
أبو نعمة القشيري المعروف بالمجفجف، شاعر بني مالك، بدوي حسن الشعر، قدم حلب ومدح بها الملك رضوان بن تتش وغيره، وكان يتردد إليها كثيراً. روى عنه شيئاً من شعره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، وأبو عبد الله محمد بن المحسن بن الملحي وأبو البدر محمد بن علي بن أبي البدر.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن بن أحمد السلمي - من لفظه، وكتبه لي بخطه - قال: المجفجف، شاعر بدوي كثير الشعر، نقي الألفاظ مختارها، مستطرف المعاني، قليل اللحن، حسن الفن يمدح من العرب السادات وأهل البيوتات، وله في صدقة بن مزيد ما شئت من القصائد الناصعة والمعاني الرائعة، وصل إلى دمشق وأنشد أتابك قصيدة نونية، وخلع عليه خلعةً تامة، وحمله على فرس عتيق، ورأيته بحلب بمجلس الملك رضوان، وهو ينشده قصيدةً منها قوله لناقته:
لا راحة لك يا زيد ولا سنةٌ ... ولا لنا أو نرى السلطان في حلبا
أبا المظفر رضوان الذي أمنت ... به البريّة لما خافت العطبا
الواهب النعم الخضر الذي عظمت ... والجرد والمرد والهندية القضبا
سحابة تذهب العدم الضرّ بنا ... وتمطر الفضّة البيضاء والذهبا
وتوقد الحرب في أعدائه فترى ... عظامهم لا تني في قعرها حطبا
فالدهر يخدمه والنصر يقدمه ... واللّه يولى عداه الويل والحربا
يا بن الألى ملكوا الدنيا وعمّ ... جميع ما خولوه العجم والعربا
قومّ مناقبهم لمّا مضوا بقيت ... تخالها في سماء السؤدد الشهبا
لهم من اللّه نصرٌ لا يغبّهم ... ومدحهم جمّل الأشعار والخطبا
إني أتيتك لا أبغي سواك حياً ... ولا أرى في بلاد الله مضطربا
ومن أتاك طليحاً طالباً جدةً ... فإنه بالغٌ مما بغى الأربا
فأعطاه وخوله وأجزل صلته وجمله.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح أبو نعمة القشيري، المعروف بالمجفجف، شاعر قدم دمشق ومدح بها أتابك، ولقيته بالرافقة وأنشدني شيئاً من شعره.

أنبأنا سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنشدني أبو نعمة زائدة بن نعمة ابن نعيم بن نجيح القشيري المعروف بالمجفجف لنفسه بالرافقة:
أهند على ما كنت تعهدها هند ... أم استبدلت بعدي وغيرّها البعد
بلى غير شكٍ إنها قد تبّدلت ... لأنّ الغواني لا يدوم لها عهد
كما لم يدم عصر الشباب ولا الصبا ... ولا ماكثٌ في غير أيامه الورد
وعندي من الآراء والعزم صارم ... متى أنتضيه ليس ينبوله حدّ
أتيتك يا بن الفضل من آل مزيد ... ويا بن الألي ما فوق مجدهم مجد
وقد حكمت كل الملاحم أنه ... على الجانب السّعدي طالعك السعد
وقلنا بأرض الجامعين وبابل ... وقد أفسدت فينا الأعارب والكرد
ألا فتنحوا عن دبيس وداره ... فلا بدّ من أن يظهر الملك الجعد
ويجعله يوما عبوسا عصبصبا ... بقتل العدا حتى تشيب له المرد
فلم يقبلوا منا وكانت ضلالةً ... ومن ضلّ في الدنيا فليس له رشد
قال الحافظ أبو القاسم: وأنشدني أبو نعمة لنفسه أيضاً:
أصبح الربع من سمية خالي ... غير هيق وناشط وغزال
وثلاث كأنهن حمام في ... رماد وأشعث الرأس بال
هللته الرياح فما توالي ... نسجها بالغدوّ والآصال
برّحٌ غربلت حصاه فأمسى ... خالصاً وحده بلا غربال
من قبول ومن دبور نوج ... وجنوب ومن صبا وشمال
تجلب الغيث غير ريث حناه ... لرسوم الديار والأطلال
كل نبت من الربيع وزهر ... مثل جيد من العرائس حالي
أو كزيّ الذي عهدن لديه ... في ظلال الخيام أو في الحجال
كل برّاقة الثنايا ترايا ... برقيق الغروب عذب زلال
وكان الغمام من بعد وهن ... مازحته بقرقف جريال
تطّبى الشيب بعد طول مشيبٍ ... والكريم الحليم بعد اكتهال
كنت في عينها كمرود كحل ... صرت في عينها كشوك السّيال
حيث صار السواد مني بياضاً ... وتبدلت أرذل الإبدال
فإذا الخيل أصبحت بي قياماً ... صافناتٍ وأينقي وجمالي
بجناب ابن سالم وحماه ... احتمى جانبي وجاهي ومالي
مثل ما كنت في عراق دبيس ... لم تكن تخطر الهموم ببالي
فإذا سائلت قشير بمصرٍ ... ونمير بن عامرٍ كيف حالي
وكلاب وفتية من عقيلٍ ... ورجالٌ ببرقة من هلال
كان رد الجواب إني بخير ... ما عدت مالكاً صروف الليالي
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: كتب إلي أبو عبد الله محمد ابن محمد بن حامد الكاتب، ونقلته من خطه قال: أنشدني أبو البدر محمد بن علي ابن أبي البدر الكاتب الواسطي بها قال: أنشدني المجفجف البدوي لنفسه في بعض أصحاب سيف الدولة صدقه:
تريد الثنا ما للثنا عند معزل ... تريد مزيداً ما عليك مزيد
تمزّق ثوب المجد عن كل لابس ... وثوب سعيد الأريحي جديد
قال ابن النجار: زائدة بن نعمة بن نعيم بن نجيح، أبو نعمة القشيري، المعروف بالمجفجف، الشاعر، بدوي كثير الشعر، جيد الألفاظ، حسن المعاني، يمدح سادات العرب وأهل البيوت والتقدم، وله في سيف الدولة صدقة وابنه دبيس عدة قصائد، وقد دخل الشام، ومدح ملوكها.
أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال: كان المجفجف شاعر جدي مالك صاحب قلعة جعبر فقصد تاج الدولة ابن منقذ بشيزر، ممتدحاً له ونزل بمسجد بشيزر، فلم ير عند بني منقذ احتفالاً بأمره، فأمر غلامه أن يأتيه بدابته فركبها وفارقهم، وسار عن شيزر وكتب على حائط المسجد الذي كان نازلاً به:
بت ضيفاً ببني منقذ كهف الفقراء
غير أني بت في المسجد والماء غذائي
أشتكي الجوع إلى الفجر وأجتر خرائي

قال: فطلبه تاج الدولة بن منقذ بعد يومين فلم يجده فأسقط في يده، وقال: الساعة يمضي المجفجف إلى قلعة جعفر ويشتم أعراضنا، قال: فأرسل في الحال إلى جدك القاضي ابن العديم قاضي حلب مائة دينار وعشرة ثياب خز وقال له: ما أعرف خلاص أعراض نسائنا إلا منك فتستدعي المجفجف وتستطلقنا منه وتدفع إليه بهذه الدنانير وهذه الثياب.
قال: فسير جدك وأحضر المجفجف وقال: أسألك في شيء وهو أنك لا تتعرض بذكر بني منقذ بقبيح، وتأخذ هذه الدنانير وهذه الثياب وتطلقهم لي، قال: فقال: أذلهم الله والله إني كنت راضياً منهم بثوب واحد من هذه الثياب وعشرة دنانير، وأخذها ومضى وأجاب جدك إلى ما سأل.
قرأت في تاريخ أبي علي الحسن بن علي بن الفضل الداري، ورأيته بخطه بماردين، وذكر فيه قتل سيف الدولة صدقة بن دبيس بن مزيد، وقال: فرثاه جماعة من جملتهم رجل يقال له: المجفجف من العرب، وكان يسكن قلعة جعبر من جملة قصيدته:
لم يدر قاتله شلّت أنامله ... ما خوّلته يد الأيام من ظفر
كأنما كانت الأعراب قاطبةً ... أرواحها بين ذاك القوس والوتر
زائدة البزاز:
حكى حكاية شاهدها بحلب رواها عنه الأصمعي.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن عمر بن ظفر قال: أخبرنا أبو الوفاء محمد بن تركانشاه قال: أخبرنا السمسار قال: أخبرنا الأبهري قال: أخبرنا أبو عمرو بن حكيم قال: حدثنا أبو بكر بن أبي داوود قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا الأصمعي عن زائدة البزاز قال: رأيت بحاضر حلب شيخاً يقود شيخاً ويعنف به فقلت له: ارفق به فطالما رفق بك، قال: ومن تراه؟ قلت أبوك أو جدك قال: فإنه ابن ابني، قال: قلت: وما بلغ به ما أرى؟ قال: كانت له امرأة سيئة الخلق، وكان منزله على درجة.
زبرج الثملي الأسود:
من موالي ثمل الخادم أمير طرسوس، وكان زبرج من الصالحين المرابطين بطرسوس، المقيمين بجامعها المشتغلين بالعبادة آناء الليل وأطراف النهار، لا يشغله عن ذلك إلا الجهاد أو تشييع جنازة أو عيادة مريض.
قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي في كتابه الذي وسمه بسير الثغور، وذكر فيه جامع طرسوس وقال: وفي هذا المسجد زبرج الثملي الأسود، ترك اللذة وزينة الدنيا في أيام ثمل رحمه الله، وحفظ القرآن وبرع فيه وتنسك وجعل قوته من الملح وقوام عيشه مما يجمعه منه من سنة إلى سنة، وكان يأوي إلى دويرة له بباب الصاف، طريقه إليها على رجل يعرف بأبي الحسن بن العلاء الأذني وكان ابن العلاء هذا من تناء مدينة أذنة، وأحد وجوهها، ويظهر حب الصالحين، ويدخل أهل حصن أولاس ومن يجري مجراهم، فوشى به إلى بني عبد الباقي من أفسد حاله معهم واقتضت الصورة أن ينحاز عن أذنة إلى طرسوس لأنها كانت ملجأ كل طريد وعصمة كل شريد، وكنا ذا لسان وحال فحدث زبرج الثملي من تأنس به أن ابن العلاء هذا سأله مراراً، ورغب إليه أن يجعل إفطاره عنده، وأنه لما أكثر عليه استحيى منه، فأجابه فقدم له طعاماً عهد زبرج بمأكل مثله بعيد، فنال منه زيادةً على العادة من قوته وما وظفه على نفسه، وجاء إلى منزله فقام إلى ورده فلم يطق القيام لغلبة النوم عليه فنام فرأى في منامه رجلاً أسود قد تناول عصاً أطول ما يكون يضرب بها زبرجاً ولا يقلع عنه، ويكرر عليه، قال زبرج: فقلت له: يا هذا لم تضربني ولأي ذنب تضربني؟ قال: الساعة أقول لك فما زال ينتبه من منامه وتغلبه عينه ويعود الأسود لضربه، ويسأله زبرج عن ذنبه ليتنصل منه أو يعتذر إليه، فلما بلغ فيه غاية ما يكره وكده وتعسفه بالضرب المبرح قال له: يا زبرج أتأكل طعام ابن العلاء، هذا الضرب لذلك قال: فقلت فإني لا أعود، قال: إن عدت عدنا، فأصبح كئيباً مهموماً واجتاز بابن أبي العلاء لأنه على مدرجة طريقه وقد استحكم طمعه فيه فعاوده يسأل أن يفطر عنده، فأبى وعاوده وسأله ورغب إليه وقبل بين عينيه ويديه ورجليه، فقال: يا هذا ما يمكن بعدها أن أذوق لك طعاماً، فضيق عليه موضع الاعتذار فحدثه بما رأى في منامه ففارقه ولم يعد لمثلها.
وخرج زبرج عن طرسوس، وخواص الناس ينظرون إليه نظرهم إلى أبي الخير صاحب التينات أو أفضل لأن زبرجاً من القراء المجاهدين، وحصل ببيت المقدس يشار إليه، ومات بها رحمة الله عليه.

قلت أظن أن زبرجاً خرج من طرسوس إلى بيت المقدس لما استولى نقفور على طرسوس في شعبان سنة أربع وخمسين وثلاثمائة، والله أعلم.
زبيد بن عبد الخولاني المصري:
شهد صفين مع معاوية وكان معه راية خولان، فلما قتل عمار بن ياسر لحق بعلي ابن أبي طالب.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم، ثم حدثني أبو بكر اللفتواني عنه قال: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: زبيد بن عبد الخولاني، من بني يعلى شهد الفتح بمصر، وكانت معه راية خولان بصفين، فلما قتل عمار بن ياسر انكفأ إلى علي بن أبي طالب.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - اذناً - عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة قال: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما زبيد بضم الزاي وفتح الباء المعجمة بواحدة وسكون الياء التي تليها، فهو زبيد بن عبد الخولاني كانت معه راية خولان بصفين مع معاوية بن أبي سفيان - يعني - فلما قتل عمار بن ياسر إنكفأ إلى علي بن أبي طالب، قاله ابن يونس.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: زبيد بن عبد الخولاني المصري له ذكر في كتب المصريين، ووفد على معاوية وشهد معه صفين ثم لحق بعلي بن أبي طالب.
ذكر من اسمه الزبير
الزبير بن بكار:
ابن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي الزبيري، أبو عبد الله بن أبي بكر، قاضي مكة، قدم طرسوس، وحكى عن بعض الغزاة بها.
روى عن أبيه أبي بكر وعمه مصعب ابني عبد الله بن مصعب، وسفيان بن عيينة، وإسماعيل بن أبي أوبيس، ومحمد بن ثابت الأنصاري، وعبد الملك بن عبد العزيز بن عبد الله بن أبي سلمة، والنضر بن شميل، وعبد الله بن عمر، وعبيد الله ابن خالد بن أبي بكر بن عبيد الله بن عبيد الله بن عمر، وعبد الله بن نافع الصائغ، وأبي غزية محمد بن موسى، وعلي بن محمد، وإبراهيم بن عبد الله بن سعد، وإبراهيم بن عبد الرحمن، وعبد الجبار بن سعيد المساحقي، ومحمد بن يحيى ومحمد بن إسماعيل الجعفري، ومحمد بن محمد العمري، وعتيق بن يعقوب، وخالد بن وضاح وساعدة بن عبيد الله المزني، ومحمد بن الحسين، ويونس بن يحيى بن نباته، وحمزة بن عتبة، ويحيى بن المقداد بن يعقوب، ويحيى ابن محمد، ويحيى بن الحارث بن عبد الله الأصغر، وعمرو بن أبي سليمان، وإبراهيم بن حمزة وذؤيب بن عمامة، وإسحاق بن جعفر، وعلي بن صالح، ووهب ابن زمعة، وأحمد بن عبد الله بن المنذر، وأحمد بن أبي بكر الزهري، وهارون ابن عبد الله الزهري، وعمر بن أبي بكر المؤملي، وطريف بن مورق وإبراهيم بن ابن المنذر، وعبد الله بن عمر بن القاسم، وبكار بن رباح المكي، ومحمد بن عبد العزيز الدراوردي، وعمر بن عثمان بن عمر اليمني، ومحمد بن الضحاك بن عثمان الحزامي وعبد الله بن عنبسة بن عبد الله بن عنبسة بن عمرو بن عثمان بن عفان، وأحمد ابن سلمان، ومحمد بن سلام، وعبد الله بن كثير بن جعفر، وموسى بن جعفر ابن أبي كثير، وعلي بن المغيرة، وحميد بن محمد بن عبد العزيز، وعثمان بن عبد الله بن عبد العزيز، وسليمان بن داوود المجمعي، وجماعة غير هؤلاء يطول ذكرهم، ويكثر تعدادهم.
روى عنه أبو حاتم محمد إدريس الرازي، وجعفر بن أحمد الدمشقي، وإبراهيم ابن عبد الصمد الهاشمي، وأبو الحسن علي بن عبد العزيز بن يحيى الوراق، وأبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داوود الطوسي وعلي بن سعيد البصري، وأبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب، وأبو الحسن أحمد بن محمد المخرمي، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجة.
أخبرنا الإمام أبو نصر عمر بن محمد السهروردي، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي وأبو إسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف بن أيوب الكاشغري، كلهم بحلب، وأبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بن الخضر القرشي بحلب ودمشق، وموسى بن عبد القادر الجيلاني بدمشق، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بحران، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن سلمان البطي.

وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي، بحلب، قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي وأبو بكر يحيى بن عبد الباقي الغزال.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الاربلي بحلب، قال: أخبرنا ابن البطي وأبو الحسن بن تاج القراء قالوا: أخبرنا أبو عبد الله مالك بن أحمد بن علي بن إبراهيم البانياسي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال: حدثنا الزبير بن بكار - قاضي مكة - قال: حدثنا ساعدة بن عبد الله المزني عن داوود بن عطاء المزني عن زيد بن أسلم عن ابن عمر قال: استسقى عمر بن الخطاب عام الرمادة بالعباس بن عبد المطلب فقال: اللهم إن هذا عم نبيك صلى الله عليه وسلم نتوجه إليك به، فاسقنا، قال: فما برحوا حتى سقاهم الله، قال: فخطب عمر الناس فقال: أيها الناس إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يرى للعباس ما يرى الولد لوالده يعظمه ويفخمه ويبر قسمه، فاقتدوا أيها الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم في عمه العباس واتخذوه وسيلة إلى الله فيما نزل بكم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح الحربي العشارى قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل المعروف بابن سمعون قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلم المخرمي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني ساعدة بن عبيد الله قال: حدثني داوود بن عطاء مولى الزبير عن زيد بن أسلم عن عبد الله بن عمر قال: دعا رسول الله صلى الله عليه وسلم لعبد الله بن العباس رضي الله عنه فقال: اللهم بارك فيه وانشر منه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا يحيى بن ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبي ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشرى قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داوود الطوسي قال: قال حدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن محمد العمري قال: رأى إنسان فيما يرى النائم قبيل ظهور بني العباس على بني أمية كان عاتكة بنت عبد الله ابن يزيد بن معاوية عريانة ناشرة شعرها وهي تقول:
إن الشّباب وعيشنا اللذّا الذي ... كنا به زمناً نسرّ ونجذل
ذهبت بشاشته وأصبح ذكره ... حزناً يعلّ به الفؤاد وينهل
فتأول ذلك الناس زوال دنيا بني أمية، فكان كما أولوه، وهذان البيتان للأحوص في قصيدته التي يقول فيها:
يا بيت عاتكة الذي أتعزل ... حذر العدى وبه الفؤاد موكّل
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - قراءة مني عليه - قلت له: أخبركم أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال فأقر به قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن الحسين بن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني مسلم بن عبد الله بن جندب الهذلي قال: خرجت أنا وزبان السواق إلى العقيق فلقينا نسوةً نازلات من العقيق ذوات جمال وفيهن جارية حسناء العينين، فأنشد زبان قول أبي:
ألا يا عباد الله هذا أخوكم ... قتيل فهل منكم به اليوم ثائر
خذوا بدمي إن متّ كلّ خريدة ... مريضة جفن العين والطرف فاتر
قال: وأقبل علي وأشار إليها فقال: يا بن الكرام دم أبيك والله في أثوابها، فلا تطلب أثراً بعد عين، قال: وأقبلت عليّ امرأة معها جميلة وهي أجمل من تيك فقالت: ابن جندب؟ قلت: نعم فقالت: إن أسيرنا لا يفك وقتيلنا لا يؤدى فاحتسب أباك واغتنم نفسك ومضين.

قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأخبرنا به أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف - إجازة وغيره عنه - قال: أخبرنا القاضي أبو الطيب طاهر بن المسدد بن المظفر الجنزي - من أصل كتبه بثغر جنزة - قال: سمعت علياً - يعني - أبا القاسم بن عبد الرحمن بن الحسن النيسابوري يقول: سمعت أبا عبد الله - يعني - محمد بن عبد الله بن حمدويه الحافظ يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن محمد الفارسي يقول: سمعت أحمد بن محمود قاضي الأهواز يقول: سمعت جعفر بن أحمد الدمشقي يقول: سمعت الزبير بن بكار يقول: رأيت بطرسوس شاباً دائم التنفس وشمائل الحب لا تخفى بخفي وإن أخفيتها فاستنطقته فأنشأ يقول:
أنا في أمري رشاد ... بين غزو وجهاد
بدني يغزو عدوّي ... والهوى يغزو فؤادي
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني - إذناً أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال الأديب بأصبهان قال: حدثنا أبو مسلم عمر بن علي بن أحمد الليثي الحافظ - إملاءً - قال: أخبرنا أبو الفضل الطرواحي وعلي بن سباشي قالا: أخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: سمعت عبد الله ابن موسى يقول: سمعت هارون بن عيسى الحنفي يقول: سمعت علي بن سعيد البصري بمكة يقول: أقمت مع الزبير بن بكار قاضي مكة، وطال بنا الاجتماع والمؤانسة، ثم عزمت على الخروج فودعته فقلت: إن كان للقاضي حاجة بالبصرة، أو أمر فليأمرني أفعل أمره، فقال: يا أبا الحسن لقد بلغ أنسي بك أنس الروح بالبدن وبلغت مفارقتي لك مفارقة الروح للبدن وحاجتي أن يقيض الله الاجتماع ثم دمعت عيناه وأنشأ يقول:
ولقد بكيت من الف ... راق فهل بكيت كما بكيت
ولطمت وجهي جاه ... داً وخمشته حتى اشتفيت
ثم عانقني وخرجت من عنده.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن منده - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: الزبير بن بكار بن عبد الله بن مصعب بن ثابت بن عبد الله بن الزبير بن العوام، أبو عبد الله، روى عن عبد الملك بن عبد العزيز الماجشون، ومحمد بن الضحاك وعمه مصعب بن عبد الله كتب عنه أبي بمكة ورأيته ولم أكتب عنه.
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل - إذنا - عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو علي البرداني - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل ابن خيرون قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ قال: قال أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي: وفيها مات الزبير بن بكار - يعني - ست وخمسين ومائتين.
أنبأنا حسن بن أحمد بن يوسف الأوقى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست وخمسين ومائتين الزبير بن بكار، قاضي مكة، مات بها وقع من فوق بيته في جمادي.
الزبير بن جعفر:
ابن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم: أبو عبد الله بن أبي الفضل بن أبي إسحاق بن أبي جعفر بن أبي عبد الله بن أبي جعفر، المعتز بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد ابن المهدي بن المنصور الهاشمي، وقيل إن اسمه محمد، وقيل أحمد، وأمه قبيحة أم ولد، قدم حلب مع أبيه حين قدمها في سنة أربع وأربعين ومائة، وكان المتوكل استصحبه معه مع أمه قبيحة لحبه لهما، وضنه بهما، وقيل إنه لم ير في زمانه أصبح وجهاً منه ولا من أمه قبيحة، وولي الخلافة وهو أمرد وعمره تسعة عشر سنة وشهر، وبويع له بالخلافة بسر من رأى بعد المستعين في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين، وقيل في المحرم منها، ثم جددت له البيعة في محرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
قرأ القرآن على محمد بن عمران، مؤدبة، وتأدب على يعقوب بن السكيت، وسمع الحديث من علي بن حرب الطائي، وأحمد بن بديل الكوفي القاضي ولا أعلم أنه حدث بشيء.

وحكى عن أبيه المتوكل، حكى عنه ابنه عبد الله بن المعتز، ويزيد بن أحمد المهلبي، وعبد السميع الهاشمي والفضل بن العباس بن المأمون، والزبير بن بكار، وحمدون بن إسماعيل، وأحمد بن رزين القاضي وكان له شعر حسن.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو النجم بدر بن عبد الله الشيحي ببغداد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: كتب إلي أبو الفرج محمد بن إدريس بن محمد الموصلي يذكر أن أبا منصور المظفر بن محمد الطوسي حدثهم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزيد قال: وفد علي بن حرب الطائي على المعتز بسر من رأى، فكتب عنه المعتز بخطه ودقق الكتاب، فقال علي: أخذت يا أمير المؤمنين في شؤم أصحاب الحديث. فضحك المعتز أو نحو هذا.
أنبأنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله، وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر ابن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن إياس قال: ووفد على المعتز - يعني - علي بن حرب في سنة أربع وخمسين ومائتين، فذكر مثله، وقال: أخبرني بهذا غير واحد من شيوخنا وأحضره المعتز للطعام فأكل بحضرته، وأوعز له بضياع حرب كلها، فلم يزل ذلك جارياً له إلى أيام المعتضد.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن عمروس - إملاءً - قال: سمعت أحمد بن بديل الكوفي قاضينا قال: بعث إلي المعتز رسولاً بعد رسول فلبست كمتي، ولبست نعل طاق فأتيت بابه، فقال الحاجب: يا شيخ نعليك، فلم ألتفت إليه، ودخلت الباب الثاني فقال الحاجب: نعليك، فلم ألتفت إليه فدخلت إلى الثالث: يا شيخ نعليك، فقلت أبالواد المقدس أنا فأخلع نعلي ! أتعبتني وأذعرتني، فكيف بك إذا سئلت عني؟ فقال: ما أردنا إلا الخير، أردنا نسمع العلم فقلت: وتسمع العلم أيضاً، ألا جئتني فإن العلم يؤتى ولا يأتي فقال: تعتب أبا جعفر، فقلت له: خلبتني بحسن أدبك، أكتب قال: فأخذ الكاتب القرطاس والدواة، فقلت له: أتكتب حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في قرطاس بمداد، قال: فيما يكتب؟ قلت: في رق بحبر، فجاؤوا برق وحبر، فأخذ الكاتب يريد أن يكتب، فقلت: اكتب بخطك فأومأ إلى أنه لا يكتب، فأمليت عليه حديثين أسخن الله بهما عينيه، فسأله ابن البناء أو ابن النعمان: أي حديثين؟ فقال: قلت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من استرعى رعية فلم يحطها بالنصيحة حرم الله عليه الجنة، والثاني: ما من أمير عشرة إلا يؤتى به يوم القيامة مغلولاً.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن إسحاق بن محمد بن المؤيد - القاهرة - قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج بن مكي الهمذاني قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه بن شهردار الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أحمد بن عبد الرحمن أبو بكر الشيرازي في كتاب الألقاب قال: المعتز بالله أبو عبد الله، واختلفوا في اسمه فقالوا: محمد، وقالوا: الزبير بن جعفر بن محمد بن المتوكل، ولي في المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، كان المستعين خلع نفسه وسلم الأمر إلى المعتز، ثم خلع المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، وقتل بعد الخلع بخمسة أيام أدخل الحمام فعطش فيه حتى غشي عليه، وهو يطلب الماء ويمنعونه، ثم أخرج وهو يلهث عطشاً، فدفع إليه كوز مملوء بالماء والثلج فشربه، ثم سقط ميتاً، وهو يقول: احتلتم على قتلي الله حسيبكم.
سمعت عبد الله بن موسى الجوهري يقول: حدثنا محمد بن الطيب الكاتب قال: سمعت إبراهيم بن إسحق الغسيلي يقول: سمعت الحسين بن عيسى الدمشقي يقول: سمعت الفضل بن العباس بن سليمان يحكي ذلك عن أبيه.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا علي ابن أحمد الدمشقي قال: أخبرنا أحمد بن علي البغدادي قال: أخبرنا عبد العزيز ابن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني جعفر بن علي بن إبراهيم قال: كانت الجماعة علي أبي عبد الله المعتز بالله، واسمه الزبير بن جعفر بن محمد، وأمه قبيحه، أم ولد رومية في المحرم، سنة اثنتين وخمسين ومائتين، وإنما تحسب أيام ملكه منذ يوم خلع المستعين.
وقال أبو بشر: سمعت أبا الجعد يقول: اسم المعتز بالله الزبير، ويقال: محمد وقال: أخبرني جعفر بن علي الهاشمي قال: كان المعتز بالله رجلاً طويلاً جسيماً وسيماً، أبيض مشرباً حمرةً، أدعج العينين حسنهما، أقنى الأنف، حسن الوجه مليحاً، جعد الشعر، كث اللحية، مدور الوجه، حسن المضحك، شديد سواد الشعر، أكحل العينين، مات وهو ابن أربع وعشرين سنة، وكان قاضيه الحسن بن أبي الشوارب، ونقش خاتمه محمد رسول الله، وله خاتم آخر نقشه المعتز بالله.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: محمد أمير المؤمنين المعتز بالله بن جعفر المتوكل على الله بن محمد المعتصم بالله يكني أبا عبد الله، وقيل إن اسمه الزبير، وكان مولده بسر من رأى، فأنبأني إبراهيم بن مخلد قال: أخبرنا إسماعيل بن علي أن المعتز بالله ولد في شهر ربيع الآخر سنة ثنتين وثلاثين ومائتين.
قال: وأخبرنا الحسين بن علي الحنفي قال: أخبرنا الحسين بن هارون الضبي قال: أخبرنا محمد بن عمر الحافظ أن مولد المعتز يوم الخميس الحادي عشر من شهر ربيع الأول سنة ثلاث وثلاثين ومائتين.
قال: وكان منزله بسر من رأى والقول الأول عندنا أصح: بويع المعتز بسر من رأى عند خلع المستعين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: الزبير بن جعفر بن محمد بن هارون بن محمد بن عبد الله بن محمد ابن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو عبد الله المعتز بالله بن المتوكل بن المعتصم بن الرشيد بن المهدي بن المنصور، قدم دمشق مع أبيه المتوكل، وبويع له بالخلافة بعد المستعين، حكى عن أبيه المتوكل، حكى عنه ابنه عبد الله بن المعتز، واختلف في اسمه فقيل محمد، وقيل أحمد، وقيل الزبير. ذكر أبو العباس أحمد بن يونس بن المسيب الضبي أن اسمه أحمد.
وقال: أخبرني باسمه محمد بن عمران مؤدبه، وبعض الناس يقول اسمه الزبير وهو خطأ، محمد بن عمران أعلم به.
أخبرنا أبو الفضل بن إسحاق قال: أخبرنا عبد السلام بن أبي الفرج قال: أخبرنا شهردار بن شيرويه قال: أخبرنا أبو بكر البيع قال: أخبرنا حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الرحمن قال: أنشدنا عبد الله بن أحمد الفارسي قال: أنشدنا أبو محمد علي بن محمد بن علي بن أحمد بن الحسين ابن عيسى بن رستم الماذرائي الوزير بمصر قال: أنشدني الأمير أبو العباس عبد الله بن المعتز بالله، واسم المعتز الزبير بن جعفر بن المتوكل على الله بن المعتصم.
قلت: وقد حكي عن المتوكل أنه قال: كل من غلبت كنية على اسمه من ولدي فاسمه محمد.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن يحيى الدقاق قال: أخبرنا إسماعيل بن علي بن إسماعيل الخطبي قال: وقد كان المتوكل على الله بايع لابنه المعتز بالله بالعهد والخلافة بعد محمد المنتصر بالله، وللمؤيد بالله إبراهيم بن المتوكل على الله بالعهد بعد المعتز بالله، وكان المؤيد محبوساً مع المعتز بأخرج بخروجه، فلما بويع المعتز بالله بالخلافة وانتصب للأمر والنهي والتدبير وجه أخاه أبا محمد بن المتوكل على الله إلى بغداد لحرب المستعين بالله، وأوعز معه بالجيوش والكراع والسلاح والعدة والآلة، فصار أبو أحمد بالجيش إلى أكناف بغداد، وأخذ محمد بن عبد الله بن طاهر في الاستعداد للحرب ببغداد، وبنى سور بغداد وأحكمه، وحفر خندقها وحصنها، ونزل أبو أحمد بن المتوكل على الله على بغداد، وحضر المستعين بالله ومن معه من الناس ونصب لهم الحرب، وتجرد من ببغداد للقتال، فغدوا وراحوا على الحرب، ونصبت المناجيق والعرادات حول سور بغداد، فلم يزل القتال بينهم سنةً اثنا عشر شهراً، وعظمت الفتنة، وكثر القتل، وغلت الأسعار ببغداد لشدة الحصار وأضر ذلك بالناس، وجهدوا، وداهن محمد بن عبد الله بن طاهر في نصرة المستعين، ومال إلى المعتز وكاتب سراً، فضعف أمر المستعين، ووقف أهل بغداد على مداهنة ابن طاهر فصيحوا به وكاشفوه، فانتقل المستعين بالله من دار محمد ابن عبد الله إلى الرصافة فنزلها، وسعي في الصلح على خلع المستعين وتسليم الأمر للمعتز حتى تقرر الأمر على ذلك، وسعى فيه رجال من الوجوه منهم: إسماعيل بن إسحاق القاضي وغيره، ووقعت فيه شرائط مؤكدة فخلع المستعين بالله نفسه ببغداد في الرصافة يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين وسلم الأمر للمعتز بالله وبايع له وأشهد على نفسه بذلك من حضره من الهاشميين والقضاة وغيرهم، فكنت خلافة المستعين بالله منذ يوم بويع له بسر من رأى بعد وفاة المستنصر بالله إلى يوم خلع ببغداد ثلاث سنين وتسعة أشهر وأحدر المستعين بعد خلعه إلى واسط موكلاً به فخرج من مدينة السلام ليلة الجمعة لاحدى عشرة خلت من المحرم بعد خلعه بثمانية أيام، فوصل واسط وأقام بها تسعة أشهر في التوكيل، ثم حمل إلى سر من رأى فقتل بقادسية سر من رأى لثلاث خلون من شوال، وقيل ليومين بقيا من شهر رمضان سنة اثنتين وخمسين ومائتين، فتوفي وله من السن أحد وثلاثون سنة وشهران ونيف وعشرون يوماً، وكان المستعين مربوعاً أحمر الوجه خفيف العارضين بمقدم رأسه طول، حسن الجسم بوجهه أثر جدري في لسانه لثغة على السين يميل بها إلى الثاء.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا أبي علي قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد - إجازة - قالا: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد - في كتابه - قال: أخبرنا أبو بكر بن بيري - قراءة علينا - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: بويع المعتز بالله - واسمه - الزبير بن جعفر، ويكنى أبا عبد الله في آخر سنة إحدى وخمسين ومائتين، وجددت له البيعة سنة اثنتين وخمسين ومائتين في المحرم، وفي هذه السنة قتل المستعين، وقتل المعتز في رجب سنة خمس وخمسين ومائتين.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد أبي الفضل عن زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم بن البندار - إذنا - عن أبي أحمد القارىء قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن يحيى الصولي - إجازة - قال في أخبار المستعين حين انحدر إلى بغداد حين قتل باعر وشغب الأتراك عليه بسر من رأى قال: وبقي الأتراك بسر من رأى متحيرين فاجمع رأيهم على أن يبايعوا المعتز، فبايعوه ومنعوا القواد من الانحدار بعد أن خرجوا يطلبون رضا المستعين ورجوعه، وأقاموا على فرسخ من بغداد، فلم يجبهم بما يحبون فرجعوا، وكان بسر من رأى ممن لم يبرح جعفر الخياط، وسليمان بن يحيى بن معاذ فكان اخراجهم للمعتز ومبايعته بالخلافة لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم سنة إحدى وخمسين، وبايعوا أخاه إبراهيم المؤيد بالعهد بعده، وأعطوا الناس رزق شهرين فقنعوا بذلك لعوز المال، وذكر خلع المستعين نفسه على نحو ما ذكرناه في ترجمة محمد بن عبد الله بن طاهر.
وقال أبو بكر الصولي: بويع المعتز بالله، وهو محمد بن جعفر المتوكل على الله ويكنى أبا عبد الله، وأمه أم ولد رومية تسمى قبيحة البيعة الثانية في الوقت الذي خلع المستعين نفسه فيه، ومن هذا الوقت تحسب خلافته، وذلك يوم السبت لست خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين، ووصل إليه القضيب والبرد وجوهر الخلافة مع عبد الله بن عبد الله وشاهك الخادم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لي فيه - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا عبد العزيز ابن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني جعفر بن علي الهاشمي قال: خرج أحمد الإمام المستعين بالله أمير المؤمنين من سر من رأى يوم الأحد لخمس خلون من المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين إلى بغداد فوثب أهل سر من رأى فبايعوا لأبي عبد الله المعتز بالله.
قال أبو بشر: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: لما أنزل المعتز بالله من لؤلؤة، وبويع له ركب إلى أمه وهي في القصر المعروف بالهاروني، فلما دخل عليها وسألته عن خبره قال لها: قد كنت كالمريض المدنف، وأنا الآن كالذي وقع في النزع، يعني أنه بويع له بسر من رأى والمستعين خليفة مجتمع عليه في الشرق والغرب.
وقال أبو بشر: أخبرني علي بن الحسن بن علي قال: لما سأل الأتراك المستعين بالله الرجوع إلى سر من رأى، فأبى عليهم قدموا سر من رأى يوم الأربعاء لثلاث عشرة ليلة خلت من المحرم، فاجتمع الموالي وكسروا باب لؤلؤة، وأنزلوا المعتز بالله فبايعوه، وخلعوا المستعين، فركب المعتز بالله إلى دار العامة يوم الخميس في المحرم سنة إحدى وخمسين ومائتين، فبايعه الناس وعقد لنفسه لواءً أسود، وخلع على إبراهيم المؤيد بالله وعلى أحمد المعتمد على الله وعلى أبي الموفق وأنهضه إلى بغداد مطالباً ببيعته التي أكدها له المتوكل على الله في أعناقهم، ومعه جماعة من الفقهاء، فشخص أبو أحمد يوم السبت لسبع بقين من المحرم.
وحصن محمد بن عبد الله بن طاهر بغداد، ورم سورها، وأصلح أبوابها، وعسكر أبو أحمد بالشماسية، ووقع الحرب يوم السبت للنصف من صفر واتصلت الوقائع.
قال أبو بشر: وسمعت جعفر بن علي الهاشمي قال: بويع المعتز يوم الأربعاء لاثنتي عشرة ليلة خلت من المحرم، وتوجه أبو أحمد بن المتوكل على الله إلى بغداد في عشرة آلاف من سر من رأى فواقع أهل بغداد فقتل من الفريقين خلق عظيم وكانت هذه السنة فتنة المعتز والمستعين.
قال: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: لما وجه المعتز بالله أخاه أبا أحمد الموفق فحصرهم وأقام المستعين بالله ببغداد إلى أن خلع سنةً واشتد الحصار على أهل بغداد، وقد كان أهل بغداد لما رحل إليهم المستعين أحبوه، ومالوا نحوه غاية الميل حتى نزل بهم من الحصار ما نزل فنسبوا محمد بن عبد الله بن ظاهر إلى المداهنة في أمر المستعين بالله، وهجموا منزله يريدون نفسه.
قال: وأخبرني أبو موسى العباسي قال: فدس محمد بن عبد الله بن طاهر إلى المستعين بالله من يعرض له بالخلع على أنه يتوثق له من المعتز بالله، ويسلم إليه الأمر، وكان المستعين بالله رجلاً صالحاً ضعيفاً فأجاب المستعين بالله إلى ذلك، وكره الدماء بعد أن لم يجد ناصراً.

قال: وأخبرني جعفر بن علي قال: خلع المستعين بالله نفسه من الخلافة في المحرم أول سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن أبي أحمد قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: أخبرنا عمر بن حفص قال: ودعي للمعتز ببغداد يوم الجمعة لثلاث خلت من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أحمد بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران - إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء علي بن عبد الرحيم الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد ابن عرفة قال: ولم تزل الحرب دائمة بمدينة السلام إلى يوم الاثنين لثمان بقين من ذي الحجة ثم تبدى محمد بن عبد الله بن طاهر في الصلح على أن يبايع المعتز ويخلع المستعين يوم الخميس لثلاث من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين ودعي للمعتز بمدينة السلام يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين ودعي له بالمسجدين وبايع القواد وسائر الناس وأمر للجند برزق شهرين.
قال أحمد بن البناء: أخبرنا محمد بن أحمد الآبنوسي قال: أخبرنا عبد الله ابن عثمان بن يحيى قال: أخبرنا إسماعيل بن علي قال: خلافة أبي عبد الله المعتز بالله، واسمه محمد بن جعفر المتوكل على الله، وأمه أم ولد يقال لها: قبيحة أدركت خلافته، ومولده في شهر ربيع الآخر سنة اثنتين وثلاثين ومائتين، واجتمع الناس على بيعة أبي عبد الله المعتز بالله بعد خلع المستعين، وبويع له ببغداد يوم الجمعة لاربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين فكانت خلافته منذ يوم بويع له ببغداد، واجتمع الناس عليه إلى يوم خلع بسر من رأى، وقبض عليه صالح ابن وصيف فحبسه وذلك يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين، ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرين يوماً، وحبس خمسة أيام، ثم قتل يوم الجمعة وقت العصر مستهل شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين، وهو ابن ثلاث وعشرين سنة وثلاثة أشهر وعشرين يوماً، ومبدأ الوقت الذي بويع له فيه بسر من رأى بالخلافة إلى وقت قتل أربع سنين وخمسة عشر يوماً، وكان أبيض شديد البياض، معتدل الخلق جميل الوجه ربعة، حسن الجسم، على خده الأيسر خال أسود وشعره أسود خشن.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي منها: أن أبا القاسم الشحامي أخبرهم - إجازة - عن أبي القاسم البندار عن أبي أحمد القارىء قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: وكانت البيعة لولد المتوكل بالعهد يوم الاثنين غرة المحرم سنة ست وثلاثين ومائتين: بويع لمحمد وسمي المنتصر، ولأبي عبد الله وسمي المعتز، واسمه محمد وقيل الزبير، وبايعوا لإبراهيم وسموه المؤيد، وأعطى الجند لأربعة أشهر، وأمر للهاشمين بخمسة آلاف درهم لكل رجل منهم، وأخرج الشيعه إلى الآفاق ليأخذوا البيعة، وقسمت أعال الدنيا بين ولاة العهود، فكان إلى المنتصر الغرب كله إلا القليل إلى السواد والحرمين واليمن واليمامة والبحرين والسند والهند وكور الأهواز والمستغلات بسر من رأى وماءة الكوفة وماءة البصرة وما سبذان ومهرجانيه وأصبهان، وشهرزور، وقم وقاشان، وقزوين، وإلى المعتز كور خراسان وكور فارس وأرمينية وأذربيجان، وولي بعد ذلك في سنة أربعين حوز الأموال في جميع البلدان، ودور الضرب، فضرب اسمه على الدراهم، وإلى المؤيد جند حمص وجند دمشق، وجند الأردن، وجند فلسطين.
قال أبو بكر الصولي: حدثنا الحسين بن علي أبو علي الرازي قال: حدثني ابن أبي فنن قال: لما بنى المتوكل للمعتز داره ببركوارا وطهره فيها، دخل الشعراء فأطالوا وذهبوا كل مذهب وعرفت طبع المتوكل فدخلت وأنشدت:
قل لأمين اللّه في خلقه ... عشت سليماً عالي المجد
بنيت للمعتز أعجوبةً ... ينزلها بالطائر السعد
داراً ترى العزّ محيطاً بها ... مختارة باليمين والرشد
إذا رأيناها دكرنا بها ... لما رأينا جنّة الخلد
أبقاك رب الناس حتى ترى ... المعتزّ جداً وأبا جد
حولك من أبناء أبنائه ... تسعون من شيب ومن مرد

كلهّم قد نال ما ناله ... آباؤه الزهر من المجد
قال: فلما بلغ أحد ممن أطال ما بلغت.
قال الصولي ودعوة المتوكل هذه ببركورا لما أعذر المعتز دعوة مشهورة، يقال إنها دعوة الاسلام لم يكن قبلها ولا بعدها مثلها إلا ما يحكى في وقت بناء المأمون ببوران بنت الحسن بن سهل.
حدثني بها جماعة قد شاهدوها وجماعة من أولاد الخلفاء، والجلساء عن آبائهم: أن المتوكل جلس ومدت بين يديه مرافع ذهب مرصعة بالجوهر وعليها من العنبر والند والمسك المعجون أمثلة على جميع الصور، ومنها ما قد رصع بالجوهر مفرداً ومنها ما عليه ذهب وجوهر، وجعل بساطاً ممدوداً فأحضر الجلساء وسائر الناس، فوضعت بين أيديهم صواني الذهب مرصعةً بأنواع الجوهر، وجعل بين صوانيهم من الجانبين وبين طرفي هذا المعبى فرجة، وجاء الفراشون بزبل قد غشيت بالأدم مملوءة دنانير ودراهم نصفين فصبت في الفرجتين حتى ارتفعت على الصواني، وأمر الناس أن يشربوا ويتنقل من يشرب من تلك الدنانير ثلاث حفنات بكفه كأنها ما كانت، وكلما خف موضع جيء بالزبل فرد إلى حاله، ووقف غلمان في آخر المجلس فصاحوا: إن أمير المؤمنين يقول لكم: ليأخذ من شاء ما شاء، فمد الناس أيديهم إلى المال فأخذوه وكان الرجل منهم يثقله ما معه فيخرج فيسلمه إلى من معه ويرجع، وخلع على سائر الناس بعد أن صليت الظهر خلعاً حساناً، على مراتبهم، وكذلك بعد العصر والمغرب، وأعتق ستة آلاف نسمة ولم يتخلف عن هذا الأمر أحد وكان فيه جلساء المتوكل كلهم.
قال: وكانت دعوة المأمون حين بنى على بوران ابنه الحسن بن سهل تسمى دعوة الإسلام حتى جاءت دعوة بركوارا، فقيل هي مثلها، وقيل أقل وأكثر.
قال الصولي: وحدثني ابن المعتز قال: حدثني العنبري قال: حدثني حماد بن محمد عن ابن السمط قال: لما نثر على المعتز يوم بركوارا لم ألتقط، فقال لي المتوكل: لم لا تلتقط وأنكر ذلك فقلت: خفت أو أوليك ظهري، قال: أما ترى الفتح يلتقط فالتقطت وقلت:
هذي سماء تمطر الدراهما
عند إمام يعمر المكاربا
خليفة قد ولد الضراغما
جاء بهم خلائفاً أكارما
لا زال ملك الأرض فيهم دائما
فشتممني ابن الجهم، فقال لي المتوكل: إنما شتمك غيظاً لأنه لا يحسن أن يقول بديهاً كما تقول.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثني أبو يوسف يعقوب بن بيان الكاتب قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن موسى بن الفرات قال: حدثنا أبي وجماعة من شيوخنا قال: لما حذق المعتز القرآن دعا المتوكل شفيع الخادم بحضرة الفتح بن خاقان فقال: إني قد عزمت على تحذيق أبي عبد الله في يوم كذا، وتكون خطبته على حذاقته ببركوارا، فأخرج من خزانه الجوهر جوهراً بقيمة مائة ألف دينار في عشر صواني فضة للنثار على من يقرب من القواد مثل: محمد بن عبد الله ووصيف وبغا وجعفر الخياط ورجاء الحضاري، ونحو هؤلاء من قادة العسكر، وأخرج مائة ألف دينار عدداً للنثار على القواد الذين دون هؤلاء في الرواق الذي بين يدي الأبواب، وأخرج ألف ألف درهم بيضاً صحاحاً للنثار على من في الصحن من خلفاء القواد والنقباء.

قال شفيع: فوجهت إلى أحمد بن جناب الجوهري فأقام معنا حتى صنفنا في عشر صواني من الجوهر الأبيض والأحمر والأخضر والأزرق بقيمة مائة ألف دينار، ووزن كل صينية ثلاثة آلاف درهم، وقال شفيع لابن جناب: اجعل في صينية من هذه الصواني جوهراً يكون قيمته خمسة آلاف دينار وانتقصه من باقي الصواني حتى يكون في كل واحدة تسعة آلاف وخمسمائة دينار، فإن أمير المؤمنين أمرني أن أدفع هذه الصينية إلى محمد بن عمران مؤدب الأمير أبي عبد الله إذا فرغ من خطبته، ففعل ذلك وشدوا كل صينية في منديل وختمت بخاتم شفيع، وتقدم شفيع إلى كل من كان معه من الخدم أن ينثروا العين في الرواق، والورق في الصحن، ووعز إلى الناس من الأكابر ووجوه الموالي والشاكرية بحضور بركوارا في يوم سمي لهم ليشهدوا خطبة الأمير المعتز، وكتب إلى محمد بن عبد الله وهو بمدينة السلام بالقدوم إلى سر من رأى لحضور الحذاق.
قال: فتوافى الناس إلى بركوارا قبل ذلك بثلاثة أيام وضربت المضارب، وانحدر المتوكل غداة ذلك اليوم ومعه قبيحة ومن اختصت من حرم المتوكل وحشمها إلى بركوارا، وجلس المتوكل في الإيوان على منصته، وأخرج منبر آبنوس مضبب بالذهب، مرصع بالجوهر مقانعه عاج، وقال بعضهم: عود هندي، فنصب تجاه المنصة وسط الإيوان، ثم أمر بإدخال محمد بن عمران المؤدب فدخل فسلم على أمير المؤمنين بالخلافة ودعا له، فجعل أمير المؤمنين يستدنيه حتى جلس بين يدي المنبر، وخرج المعتز من باب في حنية الإيوان حتى صعد المنبر، فسلم على أمير المؤمنين، وعلى من حضر، ثم خطب فلما فرغ من خطبته دفعت الصينية إلى محمد بن عمران، ونثر شفيع صواني الجوهر على من في الإيوان، ونثر الخدم الذين كانوا في الرواق والصحن ما كان معهم من العين والورق وأقام المتوكل ببركوارا أياماً في يوم منها دعته قبيحة فيقال: إنه لم ير يوم مثله سروراً وحسناً وكثرة نفقة وإن الشمع كله كان عنبراً، إلا الشمعة التي في الصحن فإنه كان ومنها ألف منا، فكادت تحرق القصر، ووجد حرها من كان في الجانب الغربي من دجلة.
وقد كان أمر المتوكل أن يصاغ له سريران أحدهما ذهب والآخر فضة، ويفرش السرير الفضة ببساط حب وبرذعة حب ووسادى حب ومخدتي حب ومسند حب منظوم على ديباج أسود، وكان طول السرير تسعة أذرع.
قال: فأخرج من خزانة الجوهر حب عمل منه ذلك، فكان أرفع قيمة الحبة ديناراً، وأقل القيمة درهماً، فاتخذ له ذلك، وأمر بفرش السرير الذهب بمثل فرش السرير الفضة منقوشاً بأنواع الجوهر الأحمر والأخضر والأصفر والأنواع ففرشا فقعد عليهما هو وقبيحة ثم وهبهما لها.
أنبأنا أبو روح الهروي عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أنبأنا أبو أحمد القارىء قال: أخبرنا محمد بن يحيى - إجازة - قال: حدثني عون بن محمد بن علي قال: لما بلغ المعتز مبلغ الرجال جلس المتوكل للتهنئة فجاء الناس على طبقاتهم، ودخل البحتري فأنشده:
ردي على المشتاق بعض رقاده ... أو فاشركيه في اتصال سهاده
حتى بلغ قوله:
يهنيك في المعتز بشرى بيّنت ... فينا فضيلة هدية ورشاده
قد أدرك الحلم الذي أبدى لنا ... عن حلمه ووقاره وسداده
ومبارك ميلاد ملك مخبر ... بقريب عهد كان من ميلاده
تمت لك النعمة فيه ممتّعا ... بعلو همّته ووري زناده
وبيت حتى تستضيء برأيه ... وترى الكهول الشيب من أولاده
فأمر بإعادة هذا فأعاده، فقال: آمين: وأمر للبحتري بألف دينار.
قال الصولي: وعزل أحمد بن وزير البصرى عن قضاء سر من رأى إلا أنه لم يكن إليه قضاء القضاة. فحدثني يحيى بن أحمد بن وزير عن أبيه قال: ما رأيت أحسن وجهاً من المعتز ولا أبلغ خطاباً قال لي لما ولاني القضاء: يا أحمد قد وليتك القضاء، وإنما هي الدماء والفروج والأموال ينفذ فيها حكمك، ولا يرد أمرك، فاتق الله وانظر ما أنت صانع قال: فما قرع قلبي كلام قط مثله.

قال - يعني - أحمد بن وزير: وحضرت عنده وقد عرض عليه أسارى من عامة أهل بغداد أخذوا في الحرب فأمر بقتلهم فقلت: يا أمير المؤمنين قصاب وهراس استفزهم الجهل وأرادهم الطمع، فإن قتلتهم فليسوا بثأر وفي إطلاقهم نجاة لك من النار، فأمر بإطلاقهم وإن يدفع إلى كل واحد منهم ثوب ودينار.
وقال الصولي: حدثني أحمد بن محمد بن إسحاق قال: سمعت الفضل بن العباس يقول: كان المعتز حسن الأخلاق جميل المذهب، لولا أنه حمل على قتل أخيه المؤيد وخوف ما جسر على فعله به وما زال نادماً على ذلك، وكانت له فعلة أخرى أطعم المضحكين حيات على أنها سمك مرماهي فماتوا كلهم، وأعطى ورثتهم الديات، وتاب إلى الله عز وجل من ذلك وتصدق بمائة ألف درهم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن علي بن الحسين السمان - لفظاً بالري - قال: حدثنا الحسن بن محمد بن يحيى الشافعي بسامراء قال: أخبرنا أحمد بن علي بن يحيى بن حسان قال: حدثنا علي بن حرب الطائي قال: دخلت على المعتز بالله فما رأيت خليفة كان أحسن وجهاً منه، فلما رأيته سجدت فقال: يا شيخ تسجد لأحد من دون الله؟ قلت: حدثنا أبو عاصم الضحاك بن مخلد النبيل قال: حدثنا بكار بن عبد العزيز بن أبي بكرة عن أبيه عن جده أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رأى ما يفرح أو بشر بما يسره سجد شكراً لله عز وجل.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني أبو القاسم الأزهري قال: قال حدثنا عبد الله بن محمد المقرىء قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أبو الغوث بن البحتري قال: حدثني أبي قال: نظر إلي المعتز وأنا أنظر إلى وجهه فقال: إلى أي شيء تنظر؟ فقلت: إلى كمال أمير المؤمنين في جمال وجهه وجميل أفعاله.
أخبرنا أبو جعفر المؤدب في كتابه قال: أنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي غالب ابن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي، قال: أخبرنا أبو عبد الله نفطويه قال: ولم يتول الخلافة قبله أحد أصغر منه سناً - يعني المعتز - وكان جميلاً أبيض مشرباً حمرة حسن الجسم، ولا أعرف له شعراً ولا تمثلاُ غير أنه حكي لي عن الزبير بن بكار أنه قال: أجلسني المتوكل أملي على بنيه فأقبل المعتز فعثر فجزعت لعثرته فقال: يا زبير أقبل على املائك ثم تمثل:
يموت الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثني الحسن بن أبي طالب قال: حدثنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: حدثنا يزداد بن عبد الرحمن قال: قال لي الزبير بن بكار: صرت إلى أبي عبد الله المعتز بالله وهو أمير فلما علم بمكاني خرج مستعجلاً فعثر فأنشأ يقول:
يموت الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
وقد روي عن الزبير أنه حكى عن الرشيد أنه قدم إليه ليحدثه بالأخبار التي صنفها فأعجل المعتصم فعثر فقام وتمثل بهذا البيت رواه ثعلب عن الزبير، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة المعتصم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم العلوي، وأبو الوحش المقرىء عنه قال: أخبرنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو العيناء قال: دخل ابن السكيت على المعتز وكان يؤدبه وله عشر سنين فقال: بأي شيء يحب أن أبتدىء الأمير من العلوم قال: بالانصراف قال: أنا أخف نهوضاً منك، فوثب فعثر بسراويله فالتفت فقال:
يموت الفتى من عثرة بلسانه ... وليس يموت المرء من عثرة الرّجل
فخبر بها المتوكل فأمر لابن السكيت بخمسين ألف درهم، قال أبو العيناء: وإنما فعل ذلك المتوكل ليستر عوار ابنه في سوء أدبه على معلمه.

قلت: قال أبو عبد الله نفطويه: ولا أعرف له شعراً، وقد روي له مقاطيع عدة فمن ذلك ما ذكره أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق قال: حدثني أحمد بن يزيد المهلبي قال: حدثني أبي قال: كان المعتز يشرب على بستان مملوء بالنمام وبين النمام شقائق النعمان فدخل يونس بن بغا وعليه قباء أخضر وقد شرب فاشتدت حمرة وجناته فقال المعتز:
شبّهت حمرة خدّه في ثوبه ... بشقائق النعمان في النمام
ثم قال: أجيزوا، فبدر بنان المغني، فقال: وكان ربما عبث بالبيت والبيتين:
والقد منه إذا بدا في قرطق ... كالغصن في لينٍ وحسن قوام
فقال له المعتز: غنّ الآن فيه، فعمل لحنا وتغنى فيه.
قال الصولي: حدثني محمد بن عبد السميع قال: حدثني أبي قال: لما قتل بغا دخلنا فهنأنا المعتز بالظفر، فاصطبح ومعه يونس بن بغا وما رأينا وجهين قط اجتمعا أحسن من وجهيهما فما مضت ثلاث ساعات حتى سكرا ثم خرج علينا المعتز فقال:
ما أن ترى منظراً إن شئته حسنا ... إلا صريعا تهادى بين سكرين
سكر الشباب وسكر من هوى رشأ ... تخاله والذي يهواه غصنين
ثم أمر بعض المغنين فغنى فيهما.
قال أبو بكر الصولي: ومن شعر المعتز قوله في يونس بن بغا، وفيه ألحان عملها المعتز في طريقه الرمل الثاني.
علموني كيف أجفوك على رغم من أنفي
وجفائي لك يا يونس مقرون بحتفي
غير أن اللّه قد يعلم ما أبدي وأخفي
فوقاني فيك ريب الدهر أن يأتي بصرف
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يحيى بن أبي عباد قال: حدثني عمر بن محمد بن عبد الملك قال: قعد المعتز ويونس بن بغا بين يديه والجلساء والمغنون حضور، وقد أعد الخلع والجوائز، إذ دخل بغا فقال: يا سيدي والدة عبدك يونس في الموت، وهي تحب أن تراه، فأذن له فخرج ففتر المعتز بعده ونعس، وقام الجلساء إلى أن صليت المغرب، وعاد المعتز إلى مجلسه ودخل يونس بين يديه الشموع، فلما رآه المعتز دعا برطل فشربه، وسقى يونس رطلاً وغنى المغنون، وعاد المجلس أحسن ما كان فقال المعتز:
تغيب فلا أفرح فليتك لا تبرح ... وإن جئت عذبتني بأنك لا تسمح
فأصبحت ما بين ذين لي كبد تجرح ... على ذاك يا سيدي دنوك لي أصلح
ثم قال: غنوا فيه، فغنوا فيه فجعلوا يفكرون، فقال المعتز لابن الفضل الطنبوري: ويلك ألحان الطنبور أملح وأخف فغن لنا، فغنى فيه لحناً فقال: دنانير الخريطة، وهي مائة دينار فيها مائتان، مكتوب على كل دينار ضرب هذا الدينار بالحسني لخريطة أمير المؤمنين، ثم دعي بالخلع والجوائز لسائر الناس، فكان ذلك المجلس من أحسن المجالس.
قلت: وهذا يونس بن بغا الكبير، لا يونس الصغير المعروف بالشرابي.

أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن إسحاق الهمذاني بالقاهرة قال: أخبرنا أبو سهل عبد السلام بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيرويه الديلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر البيع قال: أخبرنا أبو غانم حميد بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن إسحاق الحربي قال: أخبرنا أبو بكر الصولي، محمد بن يحيى قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا الفضل بن العباس بن المأمون قال: كنت مع المعتز في الصيد فانقطعنا عن الموكب هو وأنا ويونس بن بغا، ونظرنا إلى دير فيه ديراني يعرفني وأعرفه، ظريف مليح، فشكا المعتز العطش، فقلت: ها هنا ديراني ظريف مليح فقال: مر بنا، فجئنا، فخرج إلينا وأخرج لنا ماءً بارداً، وسألني عن المعتز ويونس فقلت فتيان من أبناء الجند فقال لي: تأكلون شيئاً؟ قلنا: نعم فأخرج لنا أطلف شيء في الدنيا فأكلنا أطيب أكل وجاءنا بأطيب اشنان وأحسن آلة، فاستظرفه المعتز، وقال لي: قل له بينك وبينه: من تحب أن يكون معك من هذين لا يفارقك، فقلت له: فقال: كلاهما وتمراً، فضحك المعتز حتى مال على الحائط، فقلت للديراني: لا بد من أن تختار فقال: الاختيار والله في هذا دمار، ما خلق الله عقلاً يميز بين هذين، ولحقنا الموكب فارتاع الديراني فقال له المعتز: بحياتي لا تنقطع عما كنا فيه ففرحنا ساعة، وثم أمر له بخمسمائة ألف درهم، فقال: والله لا قبلتها إلا على شريطة قال: وما هي؟ قال: يجيب أمير المؤمنين دعوتي مع من أراد، فوعدناه اليوم فجئناه فأنفق علينا المال كله، فوصله المعتز بمثله وانصرفنا.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله الهمذاني - إجازة - قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن خيران قال: أخبرنا ابن الأنباري قال: دخل الزبير بن أبي بكر على المعتز بالله وهو محموم فقال له: يا أبا عبد الله إني قد قلت في ليلتي هذه أبياتاً وقد أعيى علي إجازة بعضها فأنشدني:
إني عرفت علاج القلب من وجع ... وما عرفت علاج الحب والجزع
جزعت للحب والحمى صبرت ... إني لأعجب من صبري ومن جزعي
من كان يشغله عن حبه وجع ... فليس يشغلني عن حبكم وجعي
وقال أبو عبد الله:
وما أملّ حبيبي ليتني أبدا ... مع الحبيب ويا ليت الحبيب معي
فأمر لي على البيت بألف دينار.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني عبيد الله بن أبي الفتح قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: أنشدنا محمد بن خلف بن المرزبان قال: أنشدت للمعتز بالله:
اللّه يعلم يا حبيبي أنني ... مذ غبت عنك مدله مكروب
يدنو السرور إذا دنا بك منزل ... ويغيب صفو العيش حين تغيب
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: كتب إلينا أبو القاسم الشحامي أن أبا القاسم بن البندار أجاز لهم عن أبي أحمد القارىء قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال: حدثني عمار بن محمد قال: حدثني حمدون بن إسماعيل قال: اصطبح المعتز في يوم ثلاثاء ونحن بين يديه ثم وثب فدخل فاعترضته جارية كان يحبها وما كان ذلك اليوم من أيامها فقبلها وخرج فحدثني بما كان وأنشدني:
إني قمرتك يا همي ويا أملي ... أمراً مطاعاً بلا مطل ولا علل
حتى متى يا حبيب النفس تمطلني ... وقد قمرتك مرات فلم تف لي
يوم الثلاثاء يوم سوف أشكره ... إذ زارني فيه من أهوى على عجل
فلم أنل منه شيئاً غير قبلته ... وكان ذلك عندي أعظم النفل
قال: فأمر أن يعمل فيه لحن خفيف، فشربنا عليه سائر يومنا.
قال الصولي: وأنشدني عبد الله بن المعتز لأبيه:
بيضاء ورد الشباب قد غمست ... في خجلٍ دائب يعصفرها

مجدولة هزّها الصبي وغدت ... يشغل لحظ العيون منظرها
اللّه جار لها فما امتلأت ... عيني إلاّ من حيث أبصرها
وعملت عريب فيه لحناً.
قال: وحدثني عبد الله بن المعتز قال: أنشدنا أحمد بن حمدون للمعتز في يونس بن بغا وقد خرج من عنده ثم عاد.
اللّه يعلم يا حبيبي أنني ... مذ غبت عني هائم مكروب
يدنو السرور إذا دنا بك منزل ... ويغيب صفو العيش حين تغيب
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: بويع المعتز بالخلافة وله سبع عشرة سنة كاملة وشهر، فلما انقضت البيعه قال:
تفرد لي الرحمن بالعز والعلى ... فأصبحت فوق العالمين أميرا
وقال الصولي: حدثني عبد الله بن المعتز قال: حدثتني امرأة من موالياتنا قال: خرجت قبيحة أم المعتز على الأتراك، وأخرج إليه قميص المتوكل مخضباً بدمائه، وقالت: أقتلهم في كل مكان فقال لها: ارفعيه وإلا صار القميص قميصين.
قال الصولي: وفيها يعني سنة خمس وخمسين ومائتين خلع المعتز، وقتل بعد خلعة بأيام، حدثني الحسين بن عبد الله بن عمر قال: حدثني علي بن الحسين بن عبد الأعلى قال: لما قبض صالح بن وصيف على الكتاب شغب الأتراك على المعتز يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب فركب صالح وباكباك ومحمد بن بغا المعروف بأبي نصر حتى وافوا باب المعتز فقالوا: أخرج إلينا، فوجه إليهم إني أخذت دواء فعاودوه مرات فوجه إليهم: إن كان ما لا بد منه فادخلوا وهو يرى أن أمره واقف بعد فدخلوا، فجروا برجله وضربوه، وأقاموه في الشمس، ثم قالوا له: اخلع نفسك، قال: نعم فأدخل حجرةً ووجه إلى ابن أبي الشوارب والفقهاء، فكتب كتاب الخلع وشهدوا عليه على أن له الأمان ولأخيه وابنه ولأمه، وكان لقبيحة سرب في الدار فنجت منه، وفرت أخت المعتز، وكان المعتز طلب منها مالاً وقت شغبهم عليه، فقالت: ليس عندي، فقال: إني مقتول، قالت: لا يجسرون عليه ووجهوا بخليفة بيناتكين إلى بغداد فهجم على محمد بن الواثق، وكان ينزل في الجانب الشرقي فأخذه وحمله، فوافى به سر من رأى ليلة الأربعاء لليلة بقيت من رجب فبويع من ساعته وسمي المهتدي بالله وأدخل المعتز إلى المهتدي يوم السبت لثلاث خلون من شعبان فقال له المهتدي أخلعت أم خلعت؟ قال: خلعت فوجىء في عنقه حتى سقط ثم أقيم، فقال: خلعت وسلمت ورضيت وسلم على المهتدي بالخلافة وأخرج فسلمه صالح إلى نوشري بن طاجنك فمشي في الحر، فطلب نعلاً فلم يعط، فأرخى سراويله فمشى عليه، وأخذ من مال أخته ثلاثمائة ألف دينار ونادى المهتدي: من دل على مال من مالهم فله نصف العشر، فدل الناس على أموال كثيرة نحو ألف ألف دينار، فوفى لهم المهتدي بنصف العشر، وعذب المعتز بألوان العذاب فلم يكن عنده مال، فأدخل حماماً ومنعوه الماء حتى اشتد في الحمام عطشه وقارب التلف، ثم أخرج فأعطي ماءً فيه ثلج كثير، فحين جرع منه جرعاً مات وذلك يوم السبت لعشر خلون من شعبان، فكانت خلافته مذ بايعوه قبل خلع المستعين وذلك يوم الجمعة لأربع خلون من المحرم سنة اثنتين وخمسين ومائتين: ثلاث سنين وستة أشهر وثلاثة وعشرون يوماً، وقتل بعد الخلع بأيام، وكان مولده في شهر رمضان سنة اثنتين ومائتين قبل خلافة أبيه، وكان المهتدي يقول قبل قتل المعتز لا يجتمع سيفان في غمد، ولا فحلان في شول أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أجاز لنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء علي بن عبد الرحيم الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفه الأزدي قال: وفي هذه السنة يعني سنة خمس وخمسين ومائتين هاج الموالي فخلعوا المعتز بحضرة القضاة والفقهاء بعد أن قرعوه ووبخوه، فكانت خلافته أربع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوماً منها بعد خلع المستعين ثلاث وستة أشهر وثلاثة وعشرون يوماً، ومات عن أربع وعشرين سنة.
ووافى محمد بن الواثق يوم الأربعاء لليلة بقيت من رجب، وهو أبو عبد الله، وسمي المهتدي وتتبع أموال المعتز وأخذ له مالاً وجوهراً وطيباً ومتاعاً كثيراً.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن ابن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر المقرىء قال: أخبرنا علي بن أحمد بن أبي قيس قال حدثنا ابن أبي الدنيا قال: بويع المعتز بالله في المحرم سنة ثنتين وخمسين ومائتين عند خلع المستعين بالله، ومات يوم الثاني من شهر رمضان، بسر من رأى، ودفن بموضع يقال له باب السميدع سنة خمس وخمسين ومائتين، وله ثلاث وعشرون سنة، وكانت خلافة المعتز بالله من يوم دعي له بالخلافة ببغداد إلى يوم دفن ثلاث سنين وسبعة أشهر إلا ثلاثة أيام.
قال أبو بكر الخطيب: هكذا ذكر ابن أبي الدنيا أن وفاة المعتز كانت في شهر رمضان.
وأخبرنا الحسين بن أبي بكر قال: أخبرنا الشافعي قال: أخبرنا عمر بن حفص أن المعتز قتل يوم السبت ليومين من شعبان، وأخبرنا عبد العزيز بن علي قال: أخبرنا المفيد قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني جعفر بن علي الهاشمي ان المعتز بالله صلى عليه محمد بن الواثق المهتدي، ودفن عند قبر المنتصر بالله يوم السبت لثلاث خلون من شعبان سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: قال ابن البراء: كانت خلافة المعتز إلى أن خلع يوم الاثنين لثلاث بقين من رجب سنة خمس وخمسين ومائتين: أربع سنين وستة أشهر وأربعة عشر يوماً، وعمره ثلاثاً وعشرين سنة، وأظهر قبره، وبقي الأمير يومين يعني بعد قتله حتى استخلف المهتدي.
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل - في كتابه - قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي.
وأنبأنا به أبو القاسم بن الحرستاني عن السلمي عن التميمي قال: أخبرنا مكي ابن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: وفيها - يعني - سنة اثنتين وخمسين ومائتين بويع أبو عبد الله الزبير بن جعفر وهو المعتز بالله لثلاث خلون من المحرم.
قال: وفيها - يعني - سنة خمس وخمسين خلع المعتز بالله، وتوفي المعتز يوم السبت لليلتين خلتا من شعبان.
الزبير بن عبد الواحد بن محمد
وقيل أحمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم، أبو عبد الله الهمذاني الأسد أباذي الحافظ، رحل وطوف البلاد، ودخل الشام، وكان في الرحلة مع أبي الحسن الآبرى، ودخل معه حلب وغيرها من بلاد الشام.
حدث عن محمد بن عبد الله القزويني قاضي مصر، ومحمد بن الحسن بن قتيبة العقسلاني، ومحمد بن عمر الديماسي ومحمد بن نصير بن أبان، ومحمد بن إسحاق السراج، ومحمد بن إسحاق بن خزيمة، وأبي الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبي بكر أحمد بن مروان المالكي، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان والحسن بن سفيان النسوي، وأبي خليفه الفضل بن الحباب البصري، وسعيد ابن عبد الله بن سهل بن يزيد بن مروان، وعبد الله بن محمد بن ناجيه البغداديين، وأبي الدحداح، وزكريا بن أحمد بن يحيى البلخي، وأبي الحسن يعقوب بن إسحاق ابن إبراهيم بن حجر، ويوسف بن عبد الأحد القمي، وأبي عثمان عبد الحكم بن أحمد بن محمد بن سلام، وعبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان، والعباس بن الفضل الأرسوفي، وعلان المصري وأبي يعلى الموصلي، وعبد الله بن شيرويه النيسابوري، وأبي عمرو عثمان بن أحمد السرخسي، وعبدان الأهوازي، وعمران ابن موسى السختياني، وعبد الرحمن بن محمد بن المغيره البزاز، وعلي بن أحمد ابن سليمان المصري وأبي بكر بن خريم.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عبد الله النيسابوري، ومحمد بن مخلد الدوري العطار، وأبو الحسن الآبري، وصالح بن أحمد الحافظ، وأبو حفص بن شاهين، وقاضي القضاة عبد الجبار بن أحمد الهمذاني، وأبو عبد الله محمد بن إسحاق بن مندة، وأبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان الهمذاني، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي وأبو الحسين الرازي، وأبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، وعلي بن الحسن بن حيويه، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان الهمذاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عيسى الهمذاني قال: حدثنا صالح بن أحمد الحافظ قال: الزبير بن عبد الواحد الأسد أباذي عني بهذا الشأن، وجمع وعاجله الموت، كتبت عنه وهو صدوق.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري - فيما أذن لي في روايته عنه - عن أبي الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن عبد الله محمد الهمذاني بمصر قال: سمعت أبا نصر عبد الرحمن بن أحمد بن الحسين الأنماطي يقول: الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا أبو عبد الله الأسد أباذي.
روى عن الحسن بن سفيان النسوي، وعمران بن موسى السختياني، وعبد الله بن شيرويه، ومحمد بن إسحاق السراج، وابن خزيمة، وأبي خليفة، وعبدان، وأبي يعلى الموصلي، وعامة مشايخ الشام ومصر، وعاجله الموت، وكان ورعاً حافظاً وهو صدوق.
أنبأنا عبد الله بن عمر بن علي القرشي قال: أخبرنا الإمام أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي والحيرى، وأبوا عثمان: الصابوني والحيري، قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله الحاكم قال: زبير بن عبد الواحد بن أحمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم الحافظ أبو عبد الله الأسد أباذي قدم نيسابور بعد منصرفه من الحسن بن سفيان سنة ثلاث وثلاثمائة، فسمع المسند من عبد الله بن شيرويه، وكتب عن جعفر الحافظ وأقرانهما، وكان أقام بنيسابور سنتين، فأما رحلته إلى آفاق الدنيا فمشهورة.
سمع أبا خليفة وعبدان وعبد الله بن محمد بن ناجية، وعلي بن أحمد بن سليمان بمصر ومشايخ الشام، وكان الزبير من الصالحين المذكورين المشهورين الثقات من الحفاظ، صنف الشيوخ والأبواب، كتبت عنه بأسد أباذ في سنة إحدى واثنتين وأربعين وثلاثمائة، ثم دخلت أسد أباذ سنة سبع وستين وثلاثمائة، فحضرني أخوه أبو عمرو عثمان بن عبد الواحد، كتبت عنه وسألته عن وفاة الزبير فذكر أنه توفي بأسد أباد غرة ذي الحجة من سنة سبع وأربعين رحمه الله، فإنه كان أحد أركان الحديث، وكان الزبير رحمه الله من عمال الدنيا، ومن أصحاب الحقائق، كتب معي كتاباً إلى أبي علي الحافظ يعظه فيه، فأوصلت الكتاب واسترجعته، وهو عندي بخطه من نظر فيه عرف محل الزبير من الدين.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، قال: الزبير بن عبد الواحد بن محمد بن زكريا بن صالح بن إبراهيم أبو عبد الله الأسد أباذي، أحد من رحل في الحديث، وطوف في البلاد شرقاً وغرباً فسمع أبا خليفة الفضل بن الحباب البصري والحسين بن سفيان النسوي وعمران بن موسى السختياني، ومحمد ابن إسحق بن خزيمة ومحمد بن إسحاق السراج، وعبد الله بن شيرويه النيسابوريين، وعبدان الأهوازي، وأبا يعلى الموصلي، وعبد الله بن محمد بن ناجيه البغدادي، وعلان المصري وغيرهم من أهل هذه الطبقة بالشام ومصر وكان حافظاً متقناً مكثراً.
سمع منه ببغداد محمد بن مخلد الدوري، وكان الزبير إذ ذاك حدثاً.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الزبير بن عبد الواحد بن أحمد، ويقال ابن محمد - بن زكريا بن صالح بن إبراهيم الأسد أباذي الحافظ، سمع بدمشق أبا الحسن بن جوصاء، وأبا بكر بن خريم، وزكريا بن أحمد بن يحيى البلخي، وأبا الدحداح، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن مروان، والحسن بن حبيب، وبعسقلان محمد بن الحسن بن قتيبة، وأبا الحسن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم بن حجر، ومحمد بن عمر الديماسي، وبمصر يوسف بن عبد الأحد القمي، وأبا عمار عبد الحكم بن أحمد بن محمد بن سلام الصدفى، ومحمد بن نصير ابن أبان.
وحدث عن عبد الله بن أحمد بن موسى بن عبدان، وعبد الرحمن بن محمد ابن المغيرة البزاز.

روى عنه محمد بن مخلد الدوري، وهو أكبر منه، وأبو حفص بن شاهين والحاكم أبو عبد الله، وقاضي القضاة أبو الحسن عبد الجبار بن أحمد بن عبد الجبار الهمذاني، وأبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه الشافعي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الجوزقي، وأبو الحسن محمد بن علي بن سهل الماسرجسي النيسابوريان، وعلي بن الحسن ابن حيويه الدامغاني وأبو عبد الله بن مندة، وأبو زكريا يحيى بن إبراهيم بن محمد بن يحيى، وأبو الحسين الرازي، وسمع منه بحمص، وأبو العباس أحمد بن إبراهيم بن تركان الهمذاني.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - كتابةً - قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا علي بن أحمد الحافظ قال: أخبرني محمد بن علي المقرىء قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري الحافظ قال: زبير بن عبد الواحد الأسد أباذي كان من الصالحين المستورين الثقات الحفاظ، صنف الشيوخ والأبواب، كتبت عنه في سنة إحدى واثنتين وأربعين وثلاثمائة، ثم دخلت أسد أباذ في سنة سبع وستين وثلاثمائة فحضرني أخوه عثمان بن عبد الواحد، فسألته عن وفاة الزبير فذكر أنه توفي بأسد أباذ في ذي الحجة سنة سبع وأربعين وثلاثمائة.
الزبير بن المنذر بن عمر:
وقيل فيه أبو الزبير بن المنذر، وكان كاتباً للوليد بن يزيد بن عبد الملك، وكان في صحبته حين أتته الخلافة عند موت هشام، ووصل معه إلى رصافة هشام. حكى عن الوليد روى عنه المنهال بن عبد الملك، وإسحاق بن أيوب وجويريه ابن أسماء.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري - إذناً - عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر عن أبي غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحمن بن دينار اللغوي قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الكاتب الأصبهاني قال: أخبرني الحسين بن علي قال: حدثنا أحمد بن الحارث الخزاز قال: وأخبرني أحمد بن عبد العزيز قال: حدثنا عمر بن شبة عن المدائني عن جويريه بن أسماء، وعن المنهال ابن عبد الملك، وعن إسحاق بن أيوب كلهم عن الزبير بن المنذر بن عمر - قال: وكان كاتباً للوليد بن يزيد - قال: أرسل إلي الوليد صبيحة اليوم الذي أتته فيه الخلافة فأتيته فقال لي: يا أبا الزبير ما أتت علي ليلة أطول من هذه، عرضت لي أمور وحدثت نفسي فيها بأمور، وهذا الرجل قد أولع بي، فاركب بنا نتنفس، فركب وسرت معه، فسار ميلين ووقف على تل فجعل يشكو هشاماً، إذ نظر إلى وهج قد أقبل.
قال عمر بن شبة في حديثه وسمع قعقعة البريد، فتعوذ بالله من شر هشام، وقال: هذا البريد قد أقبل بموت وحي أو بملك عاجل، فقلت لا يسوءك الله أيها الأمير بل يسرك ويبقيك، إذ بدا رجلان على البريد مقبلان أحدهما مولى لأبي سفيان بن حرب، فلما قربا أتيا الوليد فنزلا يعدوان حتى دنوا فسلما عليه بالخلافة، فوجم فجعلا يكرران عليه التسليم بالخلافة، فقال: ويحكما ما الخبر أمات هشام؟ قالا: نعم قال: مرحباً بكما ما معكما؟ قالا: كتاب مولاك سالم بن عبد الرحمن فقرأ الكتاب وانصرفا، وسأل عن عياض بن مسلم كاتبه الذي كان هشام ضربه وحبسه فقالا: يا أمير المؤمنين لم يزل محبوساً حتى نزل بهشام أمر الله عز وجل، فلما صار إلى حال لا ترجى الحياة لمثله معها أرسل عياض إلى الخزان: احتفظوا بما في أيديكم، ولا يصلن أحد إلى شيء، وأفاق هشام إفاقةً، فطلب شيئاً فمنعه فقال: أرانا كنا خزاناً للوليد، وقضى من ساعته، فخرج عياض من السجن ساعة قضى هشام، فختم الأبواب والخزائن، وأمر بهشام فأنزل عن فراشه، ومنعهم أن يكفنوه من الخزائن، فكفنه غالب مولى هشام بن إسماعيل، ولم يجدوا قمقماً حتى استعاروه، وأمر الوليد بأخذ ابنى هشام بن اسماعيل فأخذا بعد أن عاذ إبراهيم بن هشام بقبر يزيد بن عبد الملك، فقال الوليد: ما أراه إلا قد نجا، فقال يحيى بن عروة بن الزبير وأخوه عبد الله: إن الله لم يجعل قبر أبيك معاذاً للظالمين، فخذه برد ما في يده من مال الله، فقال: صدقت وأخذهما، فبعث بهما إلى يوسف بن عمر، وكتب إليه أن يبسط عليهما العذاب حتى يتلفا، ففعل ذلك بهما، وماتا جميعاً في العذاب بعد أن أقيم إبراهيم بن هشام للناس حتى اقتصوا منه المظالم.

وقال عمر بن شبه في خبره: إنه لما نعي له هشام قال: والله لأتلقين هذه النعمة بسكره قبل الظهر ثم انشأ يقول:
طاب نومي ولذّ شرب السلافة ... إذ أتانا نعي من بالرصافة
وأتانا البريد ينعي هشاماً ... وأتانا بخاتم للخلافة
فأصبحنا من خمر عانة صرفا ... ولهونا بقينة عزّافة
قال: ثم حلف أن لا يبرح موضعه حتى يغنى في هذا الشعر ويشرب عليه، فغني له، وشرب حتى سكر، ثم دخل فبويع له.
زحر بن قيس الجعفي البدائي الكوفي:
من بني بداء الجعفيين، كان فارساً شريفاً خطيباً بليغاً، شهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صفين وحكى عنه، وعن الحسن بن علي رضي الله عنه روى عنه عامر الشعبي، وهو الذي سيره علي من صفين إلى القطقطانة، ليقطع الميرة عن معاوية، فبلغ معاوية، فسير معاوية الضحاك بن قيس إليه فهزمه زحر، فلامه معاوية، فلحق الضحاك بعلي رضي الله عنه.
ويقال إنه هو الذي قدم برأس الحسين رضي الله عنه إلى يزيد بن معاوية وليس به.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن عبد الواحد الصغير قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن المغلس قال: حدثنا سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني عبد الله - يعني - بن سعيد عمه عن زياد وهو البكائي قال: حدثنا المجالد بن سعيد قال: حدثني الشعبي قال: أخبرني زحر بن قيس الجعفي قال: بعثني علي على أربعمائة من أهل العراق، وأمرنا أن ننزل المدائن رابطةً، قال: فوالله إنا لجلوس عند غروب الشمس على الطريق، إذ جاءنا رجل قد أعرق دابته قال: فقلنا من أين قبلت؟ قال: من الكوفة فقلنا: متى خرجت؟ قال اليوم قلنا: فما الخبر؟ قال: خرج أمير المؤمنين إلى الصلاة صلاة الفجر، فابتدره ابن بجرة وابن ملجم فضربه أحدهما ضربة إن الرجل ليعيش مما هو أشد منها، ويموت مما هو أهون منها، قال: ثم ذهب، فقال عبد الله بن وهب السبأي ورفع يده إلى السما: الله أكبر الله أكبر قال: قلت له: ما شأنك؟ قال: لو أخبرنا هذا أنه نظر إلى دماغه قد خرج، عرفت أن أمير المؤمنين لا يموت حتى يسوق العرب بعصاه، قال: فوالله ما مكث إلا تلك الليلة حتى جاءنا كتاب من الحسن بن علي: من عبد الله حسن أمير المؤمنين إلى زحر ابن قيس أما بعد: فخذ البيعة ممن قبلك، قال فقلنا: أين ما قلت؟ قال: ما كنت أراه يموت.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن الغساني عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال: قال هشام بن محمد: قال أبو مخنف: ثم إن عبيد الله بن زياد نصب رأس الحسين في الكوفة فجعل يدار به، ثم دعا زحر بن قيس، فسرح معه برأس الحسين ورؤوس أصحابه إلى يزيد بن معاوية، وكان مع زحر أبو بردة بن عوف الأزدي، وطارق بن أبي ظبيان الأزدي، فخرجوا حتى قدموا بها الشام على يزيد.

قال هشام: فحدثني عبد الله بن يزيد بن روح بن زنباع الجذامي عن أبيه عن الغاز بن ربيعه الجرشي من حمير قال: والله إنا لعند يزيد بن معاوية بدمشق، إذ أقبل زحر بن قيس حتى دخل على يزيد بن معاوية فقال له يزيد: ويلك ما وراءك وما عندك؟ فقال: أبشر يا أمير المؤمنين بفتح الله وبنصره، ورد علينا الحسين بن علي بن أبي طالب، في ثمانية عشر من أهل بيته، وستين من شيعته قال: فسرنا إليهم فسألناهم أن يستسلموا وينزلوا على حكم الأمير عبيد الله بن زياد أو القتال، فاختاروا القتال على الاستسلام، فغدونا عليهم مع شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل ناحية، حتى إذا أخذت السيوف مأخذها من هام القوم، جعلوا يهربون إلى غير وزر، ويلوذون منا بالآكام والحفر، لواذاً كما لاذ الحمائم من صقر، فوالله يا أمير المؤمنين ما هو إلا جزر، أو نومة قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجزرة، وثيابهم مزملة وخدودهم معفرة، تصهرهم الشمس وتشفي عليهم الريح، زوارهم العقبان والرخم بقيء سبسب، قال: فدمعت عين يزيد وقال: كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن سميه، أما والله لو أني صاحبه لعفوت عنه ورحم الله الحسين، ولم يصله بشيء.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي قال: حدثنا عبد الوهاب ابن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال زحر بن قيس: خرجت حين أصيب علي إلى المدائن، وكان أهله بها، قاله محمد بن أبي بكر عن أبي محصن عن حصين عن الشعبي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي.
قال الحافظ وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: زحر بن قيس الجعفي كوفي تابعي ثقة من كبار التابعين.
أخبرنا أحمد بن عبد الله بن علوان - إذنا - عن مسعود بن الحسن قال أخبرنا أبو عمرو بن منده - إذناً أو سماعاً - قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال زحر بن قيس قال: خرجت حين أصيب علي إلى المدائن، روى عنه الشعبي سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي تابعي ثقة، أحد أصحاب علي بن أبي طالب، أنزله علي المدائن في جماعة جعلهم هناك رابطة، روى عنه عامر الشعبي وحصين بن عبد الرحمن.
هكذا قال الخطيب وقد قال البخاري عن حصين عن الشعبي.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زحر بن قيس الجعفي الكوفي، أدرك علياً وشهد معه صفين، وكان شريفاً فارساً، وله ولد أشراف.
حكى عن علي بن أبي طالب، والحسن بن علي روى عنه الشعبي وكان خطيباً بليغاً، ووفد على يزيد بن معاوية.
هكذا قال الحافظ أبو القاسم، والذي يقع لي أن الذي قدم برأس الحسين على يزيد هو غير زحر بن قيس الجعفي، فإن الجعفي شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقدمه على أربعمائة من أهل العراق، وبقي بعده مؤمراً، وأمره الحسن رضي الله عنه بأخذ البيعة له، وقال فيه أحمد بن عبد الله العجلي تابعي ثقة من كبار التابعين، وكان شريفاً في قومه، فيبعد عندي أن يقاتل الحسين ويخرج برأسه ويحضر بين يدي يزيد، ويقول ما قال، قول متشف، وقد وافق الجعفي في اسمه واسم أبيه وفي كونه من الكوفة، فظن الحافظ أبو القاسم أنه الجعفي وليس به، والله أعلم.
زحول:
من ساكني حلب وتنائها وعمال السلطان، وكان له محل ومقدار، وفيه ظرف ومجون حكى عنه يحيى بن أبي عبادة البحتري.

قرأت في أخبار أبي عبادة الوليد بن يحيى البحتري تأليف أحمد بن فارس الأديب المنجي قال: وحدثني أبو أحمد - يعني - عبيد الله بن يحيى بن الوليد البحتري قال: حدثني أبي قال: خرجنا إلى حلب في وقت من الأوقات، وكنا جماعة من أهل منبج، للقاء بعض السلاطين، فقيل لنا إن هاهنا رجلاً من التناء والعمال، له محل ومقدار، يقال له زحول، والصواب أن تلقوه فلقينا منه رجلاً ماجناً خليعاً، جعل يسأل كل واحد منا عن خبره، وبمن يعرف سؤلاً حفياً، وكان أخي أبو سعيد في الجماعة، فسألنا كما سأل الجماعة فقلنا له: نحن بنو البحتري فقال: أنا ما أحسن أقول الشعر، ولكن يا بني الفاعلة الصانعة، وجعل يشتمنا بأقبح الشتم، فقلنا له: وما يحدوك على هذا؟ قال: يحدوني عليه قول أبيكما فيّ على إكرامي له:
قد مررنا بزحولٍ يوم دجنٍ ... فأتانا بعدل فحم يغني
يعني امرأة سوداء.
خنفساء أعمت من القبح عيني ... وأصمّت من سيء القول أذني
لست تدري إذا أشارت بلحنٍ ... أتغني جليسها أم تزني
فقال: من أهجا أنا أو أبوكما؟ قلنا له: أنت أهجا منه ومن جرير.
زرافة حاجب المتوكل:
قدم مع المتوكل حلب سنة أربع وأربعين ومائتين، حين قدمها وتوجه منها إلى دمشق، وحكى عن المتوكل وعن ذي النون المصري حكى عنه عيسى البغدادي.
وجاء في فتنة المعتز والمستعين إلى ناحية حلب ومنبج ومعه الشارباميان ومظفر بن كندر وأقاموا على بيعة المستعين وجرت لهم أحوال بتلك الناحية.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عثمان بن محمد - هو - العثماني قال: قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني محمد بن أحمد الحذاء قال: سمعت هارون بن عيسى البغدادي يقول: حدثني أبي عن زرافة صاحب المتوكل قال: لما انصرف ذو النون من عند أمير المؤمنين، دخل علي ليودعني فقلت له: اكتب لي دعوة ففعل، فقربت إليه جام لوزينج فقلت له: كل من هذا فإنه يرزن الدماغ وينفع العقل، فقال: العقل ينفعه غير هذا، قلت: وما ينفعه؟ قال: اتباع أمر الله والانتهاء عن نهيه، أما علمت أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما العاقل من عقل الله أمره ونهيه، فقلت له: أكرمني بأكلة، فقال: أريد ألذ من هذا، فقلت له: وأي شيء ألذ من هذا؟ فقال: هذا لمن لا يعرف الحلواء ولا يعرف أكله، وإن أهل معرفة الله يتخذون خلاف هذا اللوزينج، قلت: لا أظن أحداً في الدنيا يحسن أن يتخذ أجود من هذا، وإن هذا من مطبخ أمير المؤمنين المتوكل على الله، فقال: أنا أصف لك لوزينج المتوكل على الله، فقلت: هات لله أبوك، فقال: خذ لباب مكنون محض طعام المعرفة، واعجنه بماء الاجتهاد، وانصب أثفيه الانكماد، وطابق صفو الوداد، ثم اخبز خبز لوزينج العباد، بحر نيران نفس الزهاد، وأوقده بحطب الأسى حتى ترمي نيران وقودها بشرر الضنا، ثم احش ذلك بقند الرضى، ولوز الشجا مرضوضان بمهراس الوفا، مطيبان بطيبة رقة عشق الهوا، ثم اطوه طي الأكياس للأيام بالعزا، وقطعه بسكاكين السهر جوف الدجى، ورفض لذيد الكرى، ونضده على جامات القلق والشهق، وانثر عليه سكراً يعمل من زفرات الحرق، ثم كل بأنامل التفويض في ولائم المناجاة، بوجدان خواطر القلوب، فعند ذلك تفريج كرب القلوب، ومحل سرور المحب بالملك المحبوب، ثم ودعني وخرج رحمه الله.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه إلينا من هراة عن زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو القاسم بن البندار عن أبي أحمد القارىء قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال: وفيها - يعني - سنة اثنتين وخمسين ومائتين مات زرافة بمصر.
ذكر من اسمه زرعة
زرعة بن موسى:

أبو العلاء الكاتب الطبراني النصراني شاعر مجيد، وكاتب بليغ له شعر حسن وحظ وافر من الأدب، وكان كاتباً للأمير مكين الدولة أبي علي الحسن بن علي بن ملهم، وقدم معه من طبرية إلى حلب، وكتب له أيام ولايته، فلما انقضى أمر ابن ملهم، وتسلم حلب الأمير أبو سلامة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، قصد محمود واتصل بخدمته، وكتب له وحظي عنده، وصار عنده في محل الوزارة، فلما نزل السلطان ألب أرسلان على حلب ورحل عنها، وتنكر محمود على أصحابه، قبض على أبي العلاء وتغير له عما كان عليه.
وذكر أبو غالب همام بن الفضل المعري أنه كان وزيراً لمحمود وقبض عليه في سنة ثلاث وستين وأربعمائة، حين عاد إلى حلب بعد رحيل السلطان عنها وتوجهه مع السليماني إلى ناحية دمشق.
أخبرنا الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد ابن هاشم قال: أخبرني أبي هاشم قال: أخبرني أبي أحمد قال: أخبرني أبو محمد عبد الله بن محمد سعيد بن سنان قال.
وأنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الشاعر: كتب إلي الشيخ أبو العلاء زرعة بن موسى الكاتب:
وكنت على الأيام دوني طليعةً ... وردءاً إذا كرت عليّ جيوشها
فما أنا إلا كالطريدة غرّها ... الفرار فأضحت كلّ كفٍ تنوشها
فكتبت إليه:
كتبت فهجّنت الذين تقدموا ... واعلمتنا أن التأخرّ في السّبق
وأغضيت عن نظم القريض سماحةً ... به فظننا أن ذلك عن حق
وقال الحافظ: بالحق
فإن عدت تهدي منه كل عجيبة ... إلينا فكم من معجز لك في النطق
وقال الحافظ: من آية
ومن لي بأن ألقى بعيني كلما ... شكوت وما يرتاب مثلك في صدقي
وواللّه لو شاطرتك العمر ما وفت ... حياتي بأدنى منّة لك في عنقي
قال الحافظ أبو القاسم: وذكر أبو الحسن الكفرطابي أن زرعة كتب بيتية هذين إلى الأمير أبي الحسن بن منقذ، والله أعلم.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر بن علي قال: أخبرنا أبو المظفر أسامة ابن مرشد بن علي بن منقذ قال: ومن شعراء الشام الشيخ أبو العلاء صاعد بن سمان ومن شعره يرثي أبا المتوج مقلد رحمه الله فذكر البيتين.
وقرأت في بعض مجموعات أسامة أن أبا العلاء صاعد بن عيسى بن سمان الكاتب كتبهما إلى جده أبي الحسن علي بن منقذ، فأما نسبة أسامة البيتين إلى أبي العلاء صاعد بن عيسى بن سمان الكاتب فوهم وقع من أسامة، وأظنه والله أعلم وقف على رقعة مترجمة باسم أبي العلاء، أو وقف على كتاب ذكر فيه البيتين أو أنشدهما:
والحاضرون بمزج السوس إذ لأمت ... فيك الكرام وذلت حولك النجب
والقائمون بأمر الحرب في حلب ... أمام طرفك والأرواح تستلب
وسايل هي في حكم العلى ذمم ... مرعية وهي فيما بيننا نسب
فارجع لعادتك الحسنى التي سلفت ... عود الكرام فقد زادت بنا الريب
ما يحمل القلب يوماً أن يروّع ... من أحبابه وهو من أعدائه يجب
لعلها عطفةٌ تقضي عواقبها ... إلى عواط من جدواك ترتقب
فربما كان مكروه النفوس إلى ... محبوبها سبباً ما مثله سبب
نقلت من مجموع وقع إلي بخط بعض أهل شيزر، في غالب ظني ذكر أنه نقله من خط أبي عبد الله الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة: من كلام زرعة ابن موسى الكاتب، عن الأمير محمود بن صالح إلى ملك الروم وقد بلغه سؤاله عنه، بعد أن ملك حلب:

أما خادم الحضرة العالية الملكية أدام الله بسطها، فحقيق عليه المثابرة على عبوديتها بجميع جوارحه، وأن يكون التذكر لقربها والحنين إلى عواطفها ملء جوانحه، وأما هي فإذا أهمها أمره وخط ببالها ذكره، فقد تكلفت غير لازب، وأوجبت على مكارمها ما ليس بواجب، لولا ما تتقاضاه الحمية من الرب والحرمة من المحاماة والذب، ولما كان الله عز وجل قد خصها بمكارم الاخلاق وبث محامدها في الافاق، فهي لا تستبعد مسرى النمة إلى مستحق، ولا ترى في الحفاظ بين بعيد الدار وقريبها من فرق، ولا جرم أنها سألت عن خادمها سؤالاً جدد لميته رمقاً، وكسا عود مسرته ورقاً، وأكسبه على مقارعة الخطوب ثباتاً، وإلى عصمة الجناب الأجلي تطلعاً والتفاتاً، والسلام.
ونقلت من هذا المجموع مما نقله من الروزنامج الذي بخط أبي عبد الله الحسن بن علي بن أبي جرادة وقال زرعة:
وإن امرأ أمسى ودون حبيبه ... عريض فوادي الرّسّ فالسبعان
لمعترف بالنأي ممن يحبه ... ومعذورة عيناه في الهملان
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: زرعة بن موسى أبو العلاء الطبراني والنصراني، كاتب الأمراء بني ملهم، له شعر حسن ذكره أبو الحسن محمد بن الحسن بن الكفرطابي الدمشقي الشاعر.
زرعة أبو عبد الرحمن:
روى عن ابن عباس وعن أبي أيوب الأنصاري، وكان معه في الغزاة التي غزاها، روى عنه يزيد بن حمير ومالك بن مغول.
أخبرنا أبو الخير بدل بن أبي المعمر بن إسماعيل التبريزي - مشافهة - قال أخبرنا أبو الفرج يحيى بن أبي الرجاء، محمود بن سعيد الثقفي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد - قراءةً عليه، وأنا حاضر - قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن أحمد ابن فارس قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن الفرات قال أخبرني أبو داوود - يعني - الحفري قال: حدثنا شعبة بن يزيد بن حمير قال: سمعت زرعة أبا عبد الرحمن قال: كنا مع أبي أيوب في غزاة فرأى إنساناً مريضاً قد وطىء له على دابة فقال: ابشر فما من مسلم يمرض في سبيل الله إلا حطت خطاياه ولو بلغت قنزعة رأسه.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال حدثنا عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زرعة أبو عبد الرحمن عن ابن عباس: من المزي والودي الوضوء، قاله محمد بن يوسف عن مالك بن مغول.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن أبي عبد الله - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زرعة أبو عبد الرحمن كوفي، روى عنه ابن عباس في المزي والودي، روى عنه مالك بن مغول، سمعت أبي يقول ذلك.
زرقان:
رجل كان بطرسوس وسمع بها عبد الله بن المبارك وروى عنه، روى عنه ابن بسام - أو ابن سام - .
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البناء بحلب قال: أخبرنا أبو الفتح محمد ابن عبد الباقي البطي، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني.
وأخبرنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن الخضر بن تيمية الحراني بها قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد الخطيب الأنباري، قال ابن الزاغوني: وأخبرنا ابن البسري إجازة.
وأخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة، قال أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو صالح عبد الصمد بن عبد الرحمن بن أحمد الحنوي - بالمدينة - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب ببغداد. قالا: أخبرنا عبد الواحد بن محمد بن عبد الله الفارسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثني ابن بسام - وقال أبو صالح: ابن سام - وقالوا كلهم أبو الذي تقلد القضاء، قال: سمعت زرقان يقول: سمعت ابن المبارك يقول على سور طرسوس:
ومن البلاء وللبلاء علامة ... أن لا يرى لك عن هواك نزوع

العبد عبد النفس في شهواتها ... والحرّ يشبع تارة ويجوع
ذكر من اسمه زريق
زريق بن أبان:
أبو عمرو الحلبي، حدث عن محمد بن سلمة الحراني، روى عنه يعقوب بن سفيان.
زريق بن حيان:
أبو المقدام الفزاري، وقيل فيه رزيق - بتقديم الرآء - وقد ذكرناه فيما تقدم، وقيل إن اسمه سعيد بن حيان، وزريق لقب.
وقال أبو زرعة الرازي: رزيق بن حيان أصح.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله محمد بن إسحق بن منده قال: زريق.
زفر بن الحارث الكلابي:
...... ومعاوية رضي الله عنهما، وكان رسول معاوية إلى عائشة بوقعة صفين، روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة بن العلاء.
أخبرنا بذلك أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة المعزية - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن بن إبراهيم القشيري الحافظ قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا حسن بن عياش قال: حدثنا جعفر قال: حدثنا ثابت بن الحجاج عن زفر بن الحارث قال: كنت رسول معاوية بن أبي سفيان إلى عائشة أم المؤمنين بوقعة صفين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات المبارك بن عبد الوهاب الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد ابن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا خالد بن حيان بن جعفر بن برقان عن ثابت بن الحجاج عن زفر بن الحارث قال: كنت رسول معاوية إلى عائشة بوقعة صفين، فلما قدمت عليها قالت: من قتل من الناس؟ قلت: عمار بن ياسر، قالت: ذاك رجل يتبعه الناس في دينه، قالت: ومن؟ قلت: هاشم الأعور، قالت: ذاك رجل ما كادت أن ترد رايته، قال: ثم نمت عن صلاة العشاء، فأراد بعض أهلها أن يوقظني فقالت: دعوه فإنه رجل قد أدأب السير ولا يضره أن يؤخر هذه الصلاة إلى ثلث الليل أو نصف الليل، خالد يشك.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه إلينا من الموصل - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: قال لي محمد ابن مقاتل عن ابن المبارك قال: أخبرنا عيسى بن عمر سمع جحشنة بن العلاء عن زفر بن الحارث قال: بعثني معاوية إلى عائشة فقالت: لا فوت عليك إلى نصف الليل في العشاء.
قال البخاري: زفر بن الحارث الكلابي الشامي الجعفري، سمع عائشة ومعاوية روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة، قال قتيبة، وهو والد مزاحم بن زفر العامري.
قلت: هكذا قال البخاري الجعفري، وليس زفر من بني جعفر بن كلاب، وإنما هو من بني عمرو بن كلاب.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر الخضر بن الفضل - في كتابه - قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زفر بن الحارث الكلابي الشامي، روى عن عائشة ومعاوية، روى عنه ثابت بن الحجاج وجحشنة، سمعت أبي يقول ذلك أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن ابن أحمد الهمذاني - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو عبد الله زفر بن الحارث الكلابي العامري الشامي، والد مزاحم بن زفر، سمع عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، وأبا عبد الرحمن معاوية بن أبي سفيان القرشي، روى عنه ثابت بن الحجاج الكلابي وجحشنة بن العلاء.

أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلى - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمر حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: زفر بن الحارث يكنى أبا عبد الله..
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب محمد بن أحمد بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين بن دينار قال: أخبرنا أبو القاسم الآمدي قال: زفر بن الحارث بن معاز الكلابي، سيد قيس في زمانه يكنى أبا الهذيل، وكان على قيس يوم مرج راهط وهو القائل:
وقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
آتبني سلاحي لا أبا لك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أعمالي وحسن بلائيا
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي قال: أخبرنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما معاز - آخره زاي - فهو زفر بن الحارث بن معاز الكلابي أبو الهذيل سيد قيس في زمانه، وكان على قيس يوم مرج راهط، له أخبار كثيرة وله شعر.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد الدهان قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد القشيري قال: ومن التابعين زفر بن الحارث الكلابي قال: سمعت هلالاً يقول: إنما سمي تل زفر لأن زفر بن الحارث نزل عليه.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن محمد بن مزيد بن هلال الخواص قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن مودود قال: في الطبقة الأولى من التابعين من أهل الجزيرة: زفر بن الحارث الكلابي حدث عن عائشة، وكان رسول معاوية إليها بوقعة صفين، وكان نزل البصرة، ثم خرج عنها بعد وقعة الجمل فشهد وقعة المرج مع الضحاك بن قيس، وذكر أنه مات في أيام عبد الملك بن مروان.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: زفر بن الحارث بن عمرو بن معاز بن يزيد بن عمرو بن الصعق، واسمه خويلد بن نفيل بن عمرو بن كلاب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة ابن معاوية بن بكر بن هوازن أبو الهذيل، ويقال أبو عبد الله الكلابي.
سمع عائشة، ومعاوية، روى عنه ثابت بن الحجاج، وجحشنة بن العلاء، سكن البصرة، ثم انتقل إلى الشام، وكان في جيش البصرة الذي خرج لإغاثة عثمان بن عفان في الحصر وشهد وقعة صفين، وكان فيها أميراً على أهل قنسرين، وهم في الميمنة، وشهد وقعة مرج راهط زبيرياً مع الضحاك بن قيس، ثم هرب ولحق بقرقيسياء من أرض الجزيرة، فتحصن بها.
وقال: ذكر أبو محمد بن زيد في كتاب الدولتين فيما نقلته من كتاب ابنه أبي سليمان الحافظ عنه، قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله عن أبي زيد قال: حدثنا أبو سلمة الغفاري أيوب بن عمر قال: حدثني عبد الله بن مصعب قال: قال زفر بن الحارث: إني لعند عبد الملك يوماً إذ أخلاني، فأنا إلى جانبه قد مد رجليه، إذ دخل الأخطل فقال: يا أمير المؤمنين أتدني هذا منك وهو أعدى الناس لك، وأوثبهم عليك وهو الذي يقول:
فإني زبيري الحياة فإن أمت ... فإني لموصٍ هامتي بالتزبّر
قال: فجلس عبد الملك وأحمرت عيناه فقلت: يا أمير المؤمنين، إن هذا ابن النصرانية إنما ربى لحمه على شرب الخمر، ولحم الخنزير، وأنا أطوع الناس لك، وأسعاهم في مرضاتك، قال: فما زلت به حتى هدأ، ولقد خفته.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وقال أبو عبيدة: كان على أهل قنسرين الميمنة زفر بن الحارث، يعني، يوم صفين مع معاوية.

قال: وكان عليها، يعني الجزيرة، في أيام يزيد بن معاوية سعيد بن مالك بن بحدل فأخرجه زفر بن الحارث الكلابي حين وقعت الفتنة.
وقال: حدثنا خليفة بن خياط: وأصيب يومئذ - يعني يوم المرج - ثلاثة بنين لزفر بن الحارث الكلابي وفيه يقول زفر:
لعمري لقد أبقت وقيعة راهطٍ ... لمروان صدعاً بيننا متنائيا
أريني سلاحي لا أبالك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
أبعد ابن عمرو وابن معنٍ تتابعا ... ومقتل همام أمنى الأمانيا
أتذهب كلب لم تنلها رماحنا ... وتترك قتلى راهطٍ هي ما هيا
فلم تر مني نبوة قبل هذه ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أخزى بالقريتين ... لا أرى من الناس إلاّ من علي ولاليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا
فلا صلح حتى تنحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلب نسائيا
فقت ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: فر زفر بن الحارث الكلابي عن ابنه ومولى له فقتلا، فأنشأ يقول:
ولم تر مني نبوة غير هذه ... فراري وتركي صاحبيّ ورائيا
عشية أخزى بالفرار ولا أرى ... من الناس إلاّ من عليّ ولاليا
أيذهب يوم واحد إن أسأته ... بصالح أيامي وحسن بلائيا
فقد ينبت المرعى على دمن الثرى ... وتبقى حزازات النفوس كما هيا
فلا صلح حتى تحط الخيل بالقنا ... وتثأر من نسوان كلب نسائيا
أريني سلاحي لا أبالك إنني ... أرى الحرب لا تزداد إلاّ تماديا
ذكر أبو بكر أحمد بن جابر البلاذري في كتاب أنساب الأشراف قال: وهرب زفر بن الحارث الكلابي - يعني يوم المرج - إلى قرقيسياء، وبها عياض، فمنعه من دخولها، فقال له زفر بن الحارث: أوثق لك بالطلاق والعتاق إذا أنا دخلت الحمام بها أن أخرج منها، فأذن فدخلها، فلم يدخل الحمام وأقام بها وأخرج عياضاً عنها، وتحصن بها، وثابت إليه قيس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذناً - عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وفي ذلك يقول زفر بن الحارث الكلابي:
أفي اللّه ما بحدل وابن بحدل ... فيحيى واما ابن الزبير فيقتل
كذبتم وبيت اللّه لا تقتلونه ... ولما يكن يوم أغر محجل
ولما يكن للمشرفية بيننا ... وميض كضوء الشمس حين ترحل
قال الزبير: يريد ببحدل وابن بحدل يزيد بن معاوية.
يعني الزبير أن يزيد ابن بنت بحدل، لأن أمه ميسون بنت بحدل الكلبية.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر البغدادي - إجازة - قال: أنبأنا أبو إسحق إبراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم ابن مرزوق قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثني محمد بن حميد عن عمه قال: لما أنشد القطامي زفر الحارث:
فإن قدرت على يوم حزنت به ... واللّه يجعل أقواماً بمرصاد.
فقال له زفر: لا أقدرك الله على ذلك.
زفر بن عاصم:

ابن عبد الله بن بريد بن عبد الله بن الأصرم بن شعيثة بن الهزم بن رؤيب ابن عبد الله بن هلال أبو عبد الله الهلالي، كان ينزل ناحية حلب ولما أفضى الأمر إلى أبي العباس السفاح ولاه عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس حلب، فأقام فيها من قبله إلى أن استولى أبو مسلم الخراساني على الشام، وفي أيام أبي جعفر المنصور، وأقام فيها ولاة من قبله، وكان إذ ذاك زفر والياً بحلب في سنة سبع وثلاثين ومائة، فعزله أبو مسلم، وكان لزفر آثار محمودة، وجهاد في الروم، وغزا الصائفة غير مرة.
وحدث عن عروة بن رويم، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه مالك بن أنس ويحيى بن حمزة الخضرمي.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الرحمن بن أحمد بن علي بن صابر، فيما ذكر أنه نقله من خط أبي الحسن محمد بن عبد الله الرازي، قال: أخبرني أبو العباس محمد بن أحمد - بن جعفر بن محمد بن يحيى بن حمزة الحضرمي الدمشقي، قال: حدثنا جدي أحمد قال: حدثنا أبي عن أبيه قال: حدثني زفر بن عاصم بن بريد الهلالي عن عروة بن رويم قال: حدثني حبيب بن عبد الرحمن بن حفص بن عاصم بن عمر بن الخطاب، وسألني عن دمشق وما حولها فأخبرته فقال: حرلان مهاجر إبراهيم عليهم السلام ثم أمر بالتحويل عنها.
قال أبو الحسين الرازي: حرلان هذه قرية في غوطة دمشق بينها وبين دمشق اثنا عشر ميلاً، وهي حرلان بلاد ألف من أرض دمشق، وليس هي حران بألف، التي في أرض الجزيرة، كذا قال: وإنما هاجر إبراهيم من أرض بابل إلى حران التي بأرض الجزيرة، والله أعلم.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زفر بن عاصم عن عمر بن عبد العزيز منقطع، سمع منه مالك بن أنس.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: كتب إلينا أبو الفرج بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زفر بن عاصم، روى عن عمر بن عبد العزيز منقطع، روى عنه مالك بن أنس سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - بالقاهرة المعزية - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: سمعت القاضي أبا الفتح إسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ يقول: زفر بن عاصم يروي عنه مالك أحاديث.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زفر بن عاصم بن عبد الله بن يزيد، أبو عبد الله الهلالي، حدث عن عروة بن رويم، وعمر بن عبد العزيز روى عنه يحيى بن حمزة ومالك ابن أنس.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - إذنا - قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وولى أبو جعفر الصائفة يعني سنة أربع وخمسين زفر بن عاصم بن عبد الله بن يزيد الهلالي، فدخل من المصيصة حتى أتى أنقرة، فبث السرايا، فغنم وسلم، وخرج من درب مرعش، وغزا - يعني - سنة ست وخمسين زفر بن عاصم الهلالي بلاد الروم فأغار على قينة وقونية.
قلت هذا كان في سنة أربع وخمسين ومائة وست وخمسين ومائة.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي عن الاستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي قال: سنة أربع وخمسين ومائة: وغزا الصايفة زفر بن عاصم الهلالي من أهل قنسرين فدخل أرض الروم من ناحية المصيصة حتى بلغ أنقرة، فأصابهم برد، وأصاب ظهرهم القرحة، وجهد الناس، وتقطع عامتهم ولقوا الجهد.

أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم وغيره قالوا: أخبرنا أبو محمد بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك قال: حدثنا ابن عائذ قال: أخبرني عبد الأعلى بن مسهر قال: كان على الصائفة سنة أربع وخمسين زفر بن عاصم، وفي سنة ست وخمسين ومائة: زفر بن عاصم.
زفر بن عبد الله:
أبو منصور الضرير البصري، نزل أذنة إحدى بلاد الثغر الشامي، وحدث بأذنة عن جعفر بن سليمان، ومعاوية بن عبد الكريم، وحماد بن زيد، وأبي أمية بن يعلى، روى عنه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن أبي طاهر الخضر بن الفضل رجل قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: زفر بن عبد الله البصري الضرير، نزيل أذنة، أبو منصور، روى عن حماد بن زيد، وجعفر بن سليمان، وأبي أمية بن يعلى، ومعاوية بن عبد الكريم، سمع منه أبي بأذنة سنة عشرين ومائتين وروى عنه.
زفر مولى مسلمة بن عبد الملك بن مروان:
كان مع مولاه مسلمة بنواحي حلب، وهو أخو فاطمة بنت عبد الملك من الرضاعة، وحكى عنها، روى عنه ابنه راشد بن زفر.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: سمعت محمد بن الحسين يحدث بهذا الحديث، فلم أحفظه، فحدثني علي بن أبي مريم عنه قال: حدثني يوسف بن الحكم قال: حدثني راشد بن زفر مولى مسلمة بن عبد الملك عن أبيه قال: تناول الوليد بن عبد الملك يوماً عمر بن عبد العزيز، فرد عليه عمر، فغضب الوليد من ذلك غضباً شديداً، وأمر بعمر فعدل به إلى بيت فحبس فيه.
قال راشد: فحدثني أبي زفر، مولى مسلمة، وكانت فاطمة أرضعتها أم زفر، قال: قالت لي فاطمة: يا زفر فمكث ثلاثاً لا يدخل عليه أحد، ثم أمر باخراجه، إن وجد حياً، قال: فأدركناه وقد زالت رقبته شيئاً، فلم نزل نعالجه حتى صار إلى العافية.
قالت: فقلت له يوماً: إنك قد عرفت الوليد وعجلته وخلقه، فلو داريته بعض المداراة ! قالت: فقال لي: أحدثك يا فاطمة حديثاً فاكتميه ما دمت حياً، قلت: نعم قال: لما حبسني أتاني تلك الليلة آت في منامي فقال لي:
ليس للعلم في الجهالة حظ ... إنما العلم طرفة الأعضاء
فرفعت إلى القائل رأسي، فإذا هو عبيد الله بن عبد الله بن عتبة، قال: فسلمت عليه في منامي فقال: إن الوليد جاهل بأمر الله، قليل الرعاية لحرمات الله، ولا يجمع بين ما وهب الله لك من العلم بأمر الله، مع ما حرمه من ذلك ليبين فضل نعمة الله عليك في العلم بأمر الله على كثير من جهله بأمر الله أحرى وأجدر أن لا يتركا جميعاً، قال عمر: يا فاطمة ما أكاد أغضب إلا كأني أنظر إلى عبيد الله بن عبد الله قائماً يخاطبني تلك المخاطبة.
ذكر من اسمه زكرياء
زكريا بن يشوى:
ابن بحزائل بن شلموث بن ارحيبا بن شمويل بن اليعازر بن موسى بن عمران ابن بصير بن قاهث بن لاوي بن يعقوب.
وقيل زكريا بن حيا، وقيل زكريا بن دان، وقيل زكريا بن لدن بن مسلم بن صدوق بن بخشان بن داوود بن سلمان بن مسلم بن صديقة بن برحية بن ملقاطيه ابن أحور بن سلوم بن بهقانيبا بن حاش بن أنيا بن خثعم بن سليمان بن داوود أبو يحيى النبي صلى الله عليه وسلم.
قيل إنه كان بحلب وأنه لما ألقى قلمه مع حملة الاقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة حين تنافسوا في كفالة مريم، كان ذلك على نهر قويق بحلب، وقد ذكرنا ذلك في مقدمة الكتاب في ذكر نهر قويق بالاسناد إلى عبد الملك بن دليل الفزاري، إمام مسجد حلب، عن عباس الحذاء عن سعيد بن اسحق الدمشقي في قول الله عز وجل: " إذ يلقون أقلامهم أيهم يكفل مريم " قال: على نهر بحلب يقال له قويق.

وقيل في القصة إن زكريا صلى الله عليه وسلم لما ولدت مريم ولفتها أمها في خرقة، تلقاها أحبار بني إسرائيل أيهم يكفل مريم، فتنافسوا في كفالتها، فقال زكريا: أنا أحق بها لأن أختها عندي، وقيل خالتها، فلما تنافسوا في ذلك قالوا حتى نلقي أقلامنا على الماء وهي الأقلام التي كانوا يكتبون بها التوراة في بيت مدارسهم، وكانوا نيف وعشرين رجلاً، فذهبوا إلى نهر لهم، فألقوا أقلامهم فجرى الماء بأقلامهم واستقر قلم زكريا عليه السلام على قبة كأنه رسب في الطين، فقرعهم بذلك، وأخذ مريم وكفلها.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزقويه قال: أخبرنا أحمد بن سندي بن الحسن قال: حدثنا الحسن بن علي القطاني قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا إسحق بن بشر قال: أخبرنا سعيد عن قتادة عن الحسن ومقاتل عن الضحاك عن ابن عباس وعبد الله بن إسماعيل عن أبيه عن مجاهد عن ابن عباس، وقريش المكتب عن سعيد ابن جبير عن ابن عباس، وإدريس عن جده وهب بن منبه. قال إسحق: قالوا: إن زكريا بن دان، أبا يحيى كان من أبناء الأنبياء الذين كانوا يكتبون الوحي ببيت المقدس، وكان عمران بن قاتار أبو مريم من أبناء ملوك بني إسرائيل من ولد سليمان قال ابن عباس: ولم يكن أحد من أبناء الأنبياء إلا ومن نسله أو جنسه محرر لبيت المقدس، والمحرر الذي يكون حبيساً لبيت المقدس.
قال: وأخبرنا اسحق عن ابن سمعان عن بعض من أسلم من أهل الكتاب أن مريم بنت عمران كانت من آل داوود: من سبط يهوذا بن يعقوب بن إسحاق بن إبراهيم عليه السلام، وكان زكريا بن دان تزوج أخت مريم بنت عمران، فهي أم يحيى.
قال: وأخبرنا إسحق قال: أخبرنا جويبر عن أبي سهل وابن سمعان عن مكحول قالا: كان زكريا وعمران تزوجا أختين، فكانت أم يحيى عند زكريا، وكانت أم مريم عند عمران، وكان الله تعالى أمسك عنها الولد حتى أيست، وكانوا أهل بيت من الله بمكان.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بها، قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو سهل غانم بن أحمد بن محمد بن سعيد الحداد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم الكاتب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا هدبه بن خالد قال: حدثنا حماد ابن سلمة عن ثابت عن أبي رافع عن أبي هريرة رضي الله عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كان زكريا عليه السلام نجاراً.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - قراءة عليه - قال أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا إسحق بن الحسن الحربي قال: حدثنا أبو حذيفة قال: حدثنا سفيان عن سلمة بن نبيط عن الضحاك: ثلاثة أيام إلا رمزاً قال: الرمز: الاشارة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم في كتابه قال: حدثنا محمد بن الفضل بن موسى قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن كعب القرظي قال: لو رخص لأحد في ترك الذكر لرخص لزكرياء قال الله تعالى: " آيتك ألا تكلم الناس ثلاثة أيام إِلاّ رمزاً واذكر ربك كثيراً وسبح بالعشي والابكار " ولو رخص لأحد في ترك الذكر، لرخص للذين يقاتلون في سبيل الله، قال الله تعالى: " يا أيها الذين آمنوا إذا لقيتم فئة فثبتوا واذكروا اللّه كثيراً " .

أخبرنا أبو القاسم بن محمد القاضي إذناً عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن بن زرقوية قال: أخبرنا أحمد بن سندي الحداد قال: حدثنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا إسحق بن بشر قال: أخبرنا مقاتل وجويبر عن الضحاك عن ابن عباس في قوله تعالى: " ذكر رحمة ربك " قال: ذكره الله منه برحمة عبده زكريا حيث دعاه فذلك قوله: " ذكر رحمة ربك عبده زكريا. إِذ نادى ربه نداءً خفياً " يعني دعا ربه دعاءً خفياً في الليل لا يسمعه أحد وتسمع أذنيه فقال: رب إني وهن أي ضعف العظم مني واشتعل الرأس شيباً يعني غلب البياض السواد ولم أكن بدعائك رب شقياً أي رب إني لم أدعك قط فخيبتني فيما مضى فتخيبني فيما بقي، فكما لم أشق بدعائي فيما مضى، فكذلك لا أشقى بدعائي فيما بقي، عودتني الاجابة من نفسك وإني خفت الموالي عن ورائي فلم يبق لي وارث وخفت العصبة أن ترثني فهب لي من لدنك ولياً يعني من عندك ولداً يرثني، يعني يرث محرابي وعصاي وبرنس القربان وقلمي الذي أكتب به الوحي، ويرث من آل يعقوب النبوة واجعله رب رضياً يعني مرضياً عندك، قوله: وكانت امرأتي عاقراً قال ابن عباس: خاف أنها لا تلد فقال: وامرأتي عاقر وأنت تفعل ما تشاء، فهب لي ولداً، فإذا وهبته فاجعله رضياً زاكياً بالعمل، فاستجاب الله له، وكانا قد دخلا في السن هو وامرأته فبينا هو قائم يصلي في المحراب، حيث يذبح القربان، إذا هو برجل عليه البياض حياله وهو جبريل، فقال: يا زكريا إن الله يبشرك وهو قوله " يبشرك بغلام اسمه يحيى " واسم يحيى هو اسم من أسماء الله، اشتق من يا حي، سماه الله فوق عرشه " لم نجعل له من قبل سميا " قال ابن عباس: لم يجعل لزكريا من قبل يحيى ولداً نظيرها. هل تعلم له سمياً، يعني هل تعلم له ولداً، ولم يكن لزكريا قبله ولد، ولم يكن قبل يحيى أحد يسمي يحيى قال: وكان اسمه حي، فلما وهب الله لسارة إسحق، فكان اسمها يسارة، ويسارة من النساء التي لا تلد، وسارة من النساء الطالقة الرحم التي تلد، فسماها الله سارة، وحول الياء من يساره إلى حي، فسماه يحيى ثم قال: " مصدقاً بكلمة " يعني عيسى " من الله " وكان يحيى أول من صدق بعيسى وهو ابن ثلاث سنين، وبين يحيى وعيسى ثلاث سنين، وهما ابنا خالة، ثم قال تعالى " وسيداً " يعني حليماً " وحصوراً " يعني لا ماء له ولا يحتاج إلى النساء.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم الفقيه المقدسي - قراءة عليه بنابلس - قال: أخبرنا تجني بنت عبد الله الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن علي بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني الفضل بن يعقوب قال: حدثنا أبو عصام العسقلاني قال: حدثنا سفيان عن طلحة عن عطاء " وأصلحنا له زوجة " قال: كان في لسانها طول.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني بدمشق قال: أخبرنا علي بن الحسن بن هبة الله.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - قراءة علينا من لفظه بدمشق - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن الملثم بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حميد بن حامد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء الموصلي. قال ابن حمد: إجازة، قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الغساني قال: حدثنا أحمد ابن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن محمد البغدادي قال: حدثنا عبد المنعم عن أبيه عن وهب بن منبه أن زكريا عليه السلام هرب ودخل جوف شجرة، فوضع على الشجرة المنشار وقطع بنصفين، فلما وقع المنشار على ظهره أنّ، فأوحى الله إليه: يا زكريا إما أن تكف عن أنينك، أو أقلب الأرض ومن عليها، قال: فسكت حتى قطع صلى الله عليه وسلم بنصفين.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني الحافظ قال: أخبرنا أبو التقى صالح بن حميد ابن ملهم اللبان المالكي بمصر قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله ابن عبيد الله بن محمد المحاملي بن بنت أبي جدار قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الحسن بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن موسى النقاش قال: أخبرنا محمد بن صالح الخولاني قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الخولاني قال: حدثنا سعيد بن نصير قال: حدثنا محمد بن يحيى بن عبد الكريم قال: حدثنا الهيثم - وكان من خيار عباد الله - قال: لما قتل يحيى بن زكريا قالوا: اطلبوا زكريا وإلا دعا عليكم فتهلكوا، فهرب منهم زكريا، وتبعوه، فنادته شجرة: تعال إلى ها هنا، فانفرجت له، فدخل فيها، ثم انضمت عليه، فلم يقدروا عليه، فقال لهم الملعون ابليس: من تريدون؟ قالوا: نريد زكريا قال: هو في هذه الشجرة، قالوا: كيف علمت، قال: هذا طرف ثوبه قالوا: كيف نقدر عليه: قال: هاتوا المنشار، فجاؤوا به، فنشروا الشجرة، فلما بلغ أضلاعه أوجعه فصاح، فأوحى الله عز وجل إليه: إما أن تكف صوتك، واما أن أخرب الأرض فلا تعمر إلى يوم القيامة، قال: فصبر.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني - إذنا - قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة السلمي - إجازة أو سماعاً - قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن ابن رزقويه قال: أخبرنا أحمد بن سندي الحداد قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا إسماعيل بن عيسى قال: حدثنا إسحق بن بشر قال: أخبرنا أبو يعقوب الكوفي عن عمرو بن ميمون عن أبيه عن ابن عباس قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة أسري به رأى زكريا عليه السلام في السماء فسلم عليه، فقال له: يا أبا يحيى خبرني عن قتلك كيف كان، ولم قتلك بنو إسرائيل؟ قال: يا محمد أخبرك أن يحيى كان خير أهل زمانه، وكان أجملهم وأصبحهم وجهاً وكان كما قال الله: " سيداً وحصوراً " وكان لا يحتاج إلى النساء فهويه امرأة ملك بني إسرائيل، وكانت بغيه، فأرسلت إليه وعصمه الله، وامتنع يحيى، وأبى عليها، وأجمعت على قتل يحيى ولهم عيد يجتمعون في كل عام، وكانت سنه الملك أن يوعد ولا يخلف ولا يكذب، قال: فخرج الملك إلى العيد، فقامت امرأته تشيعه، وكان بها معجباً، ولم تكن تفعله فيما مضى، فما أن شيعته قال الملك: سليني فما سألتني شيئاً إلا أعطيتك، قالت: أريد دم يحيى بن زكريا قال: سليني غيره، قالت: هو ذاك، قال: هو لك، قال: فبعثت جلاوزتها إلى يحيى وهو في محرابه يصلي، وأنا إلى جانبه أصلي، قال: فذبح في طست وحمل رأسه ودمه إليها، قال: فقال النبي صلى الله عليه وسلم: فلما بلغ من صبرك؟ قال: ما انفتلت من صلاتي، قال: فلما حمل برأسه إليها، فوضع بين يديها، فلما أمسوا خسف الله بالملك وبأهل بيته، وحشمه، فلما أصبحوا قالت بنو إسرائيل: قد غضب إله زكريا لزكريا فتعالوا حتى نغضب لملكنا، فنقتل زكريا، قال: فخرجوا في طلبي ليقتلوني، فجاءني النذير فهربت منهم، وابليس أمامهم يدلهم علي، فلما تخوفت أن أعجزهم، عرضت لي شجرة فنادتني فقالت: إلي، وانصدعت لي، فدخلت فيها، قال: وجاء إبليس حتى أخذ بطرف ردائي، والتأمت الشجرة، وبقي طرف ردائي خارجاً من الشجرة، وجاءت بنو إسرائيل، فقال إبليس: أما رأيتموه دخل هذه الشجرة وهذا طرف ردائه، دخلها بسحره، فقالوا: نحرق هذه الشجرة، فقال إبليس: شقوه بالمنشار شقاً، قال فشققت مع الشجرة بالمنشار، فقال له النبي صلى الله عليه وسلم: يا زكريا هل وجدت له مساً أو وجعاً؟ قال: لا إنما وجدت ذلك الشجرة، وجعل الله روحي فيها.
قال: وحدثنا إسحق قال: حدثنا إدريس عن وهب قال: إن الذي انصدعت له الشجرة ودخل فيها كان أشعيا قبل عيسى، وإن زكريا مات موتاً، فالله أعلم.
زكريا بن إدريس الأنطاكي:
حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، روى عنه أحمد بن جعفر بن سهل أبو العباس السامري.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم عن أبيه أبي العباس الفقيه أن أبا الحسن محمد بن المغلس ابن جعفر البزاز أخبرهم بمصر قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن جعفر بن سهل السامري بالرملة قال: حدثنا زكريا بن إدريس الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: قال: حدثنا خالد بن خالد عن عكرمة: " وفوق كل ذي علم عليم " قال: ذاك الله عز وجل.
زكريا بن أيوب:
أبو يحيى الأنطاكي حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، روى عنه أحمد بن مسعود بن عمرو بن يحيى الزنبري، وأبو عمران موسى بن العباس الجويني، وأبو جعفر محمد بن الحسين بن زيد.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن محمد بن أحمد ابن الهيثم قال: أخبرنا أبو الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الدليلي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي بن عاصم بن المقرىء قال: حدثنا أحمد بن مسعود ابن عمرو بن يحيى بن إدريس الزنبري المصري بمصر قال: حدثنا أبو يحيى زكريا ابن أيوب الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا مالك عن عمرو بن يحيى عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطول الناس أعناقاً يوم القيامة المؤذنون.
ذكر أبو سعيد بن يونس في تاريخ مصر قال: زكريا بن أيوب، يكنى أبا يحيى، من أهل أنطاكية، قدم إلى مصر وحدث بها، وكان ثقة، فتوفي فيما حدثني به حمزة بن زكريا أبو يعلى يوم الخميس من أول يوم من شهر رمضان سنة ثمانين ومائة.
زكريا بن عبد الرحمن الملطي:
أبو يحيى، روى عنه إبراهيم بن صدقة المدائني.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا عثمان ابن أحمد الدقاق قال: حدثنا محمد بن أحمد البراء قال: حدثنا إبراهيم بن صدقة صديق شعيب بن حرب قال: حدثنا زكريا بن عبد الرحمن أبو يحيى الملطي قال: لما فتحت الشام على عهد عمر بن الخطاب أصيب جبل فيه غار، فإذا على الغار قفل فكسر القفل فوجد في الغار لوح من حديد فيه مكتوب بماء الذهب.
ألا تنقل النعيم من ملك ... قد انقضى ملكه إلى ملك
ما اختلف الليل والنهار ولا ... دارت نجوم السماء في الفلك
وملك ذي العرش دائم أبداً ... ليس بفانٍ ولا بمشترك
قال: فبعث باللوح إلى عمر فقرأه، ثم بكى، وقال: رحم الله كاتب هذا، هذا مؤمن لم يجد لإيمانه موضعاً يستره فيه إلا هذا الغار.
زكريا بن منظور بن ثعلبة:
وقيل بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك، وقيل زكريا بن يحيى بن منظور بن ثعلبة ابن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني القاضي حليف الأنصار، قدم حلب غازياً، وحدث بها وبغيرها عن أبيه منظور، وأبي حازم سلمة بن دينار الأعرج وجده لأمه محمد بن عقبة بن أبي مالك الأنصاري، وعطاف بن خالد القرشي، وعمر مولى غفرة، وهشام بن عروة، وزيد بن أسلم، وثابت بن يزيد الحجازي، وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ونافع مولى عبد الله بن عمر.
روى عنه هشام بن عمار، وداوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود الطرسوسي، ومحمد بن الحسن بن زبالة، وهارون بن معروف البغدادي، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وعتيق بن يعقوب الزبيري، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وأبو إسحق إبراهيم بن المنذر الحزامي المدنيون، وعبد الله بن الزبير الحميدي المكي، وأبو إبراهيم إسماعيل بن إبراهيم الترجماني، وداوود بن رشيد الخوارزمي، وعباد بن موسى الختلي، وإسحق بن أبي إسرائيل ويعقوب ابن حميد بن كاسب، وشريح بن يونس، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي، وموسى بن مروان الرقي، ويعقوب بن كعب الحلبي، وسمعا منه بحلب.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - قراءة عليه بمنزله بدمشق، وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي المقرىء قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين بن أخي ميمي، قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا داوود بن رشيد قال: حدثنا زكريا بن منظور عن أبي حازم عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: القدرية مجوس هذه الأمة، فإن مرضوا فلا تعودوهم، وإن ماتوا فلا تشهدوهم.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا القاسم بن الليث قال: حدثنا موسى بن مروان قال: حدثنا زكريا بن منظور، وكنت لقيته بحلب، وكان غازياً.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي - فيما أذن لنا فيه - عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحق بن إبراهيم قال: أخبرنا الحارث ابن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة السابعة من أهل المدينة زكريا بن منظور القرظي، ويكنى أبا يحيى، وكان أعور قد لقي أبا حازم وعمر مولى غفرة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثامنة من أهل المدينة زكريا بن منظور القرظي ويكنى أبا يحيى.
أنبأنا عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي البغدادي قال: أخبرنا عبد الله بن عمر الواعظ قال: أخبرنا أبي قال: وفي كتاب جدي حدثنا ابن رشدين قال: سألت أحمد بن صالح عن زكريا بن منظور شيخ روى عنه الحزامي والترجماني فقال: ليس به بأس، قلت لأحمد: هو من ولد ثعلبة بن أبي مالك القرظي، فلم يحفظ ذاك، قال أبو جعفر بن رشدين: هو زكريا بن منظور بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك.
وقال أبو بكر: أخبرنا البرقاني قال: حدثني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي قال: حدثنا محمد بن علي الإيادي قال: حدثنا زكريا الساجي قال زكريا بن منظور ابن أبي ثعلبة الأنصاري فيه ضعف.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك أبو يحيى القرظي أبو مالك.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل - في كتابه - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس بن أحمد قال: أخبرنا أحمد ابن منصور بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي ابن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يحيى زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي المدني، عن أبي حازم، روى عنه إبراهيم بن المنذر.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر الحافظ عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخطيب ابن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو يحيى زكريا بن منظور بن أبي مالك.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري عن أبي الفتح نصر الله بن محمد اللاذقي قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد بن محمد المقدمي يقول: زكريا ابن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي من أهل المدينة، يكنى أبا يحيى.

أخبرنا ابن طبرزد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم ابن عمر قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو يحيى زكريا بن منظور القرظي مديني ليس بثقة.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: زكريا بن يحيى بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي الأنصاري، مدني، يكنى أبا يحيى، وذكر له أحاديث، ثم قال: وزكريا بن منظور ليس له أحاديث أنكر مما ذكرته، وله غير ما ذكرت من أحاديث غرائب، وهو ضعيف كما ذكر إلا أنه يكتب حديثه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام - فيما أجازه لنا - قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو يحيى زكرياء بن منظور بن ثعلبة ابن أبي مالك، القرظي، المديني الأنصاري، وكان قد ولي القضاء، فحمله هارون إلى الرقة في قضية قضاها، روى عن أبي حازم سلمة بن دينار، ليس بالقوي عندهم، روى عنه إبراهيم بن المنذر الحزامي، وإبراهيم بن عبد الله الهروي.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: ومنظور بن ثعلبة - بالظاء فوقها نقطة - روى عن أبيه ثعلبة، روى عنه محمد بن إسحق وابنه زكريا بن منظور، وزكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك الأنصاري، روى عن أبي سلمة ونافع تكلموا فيه.
أخبرنا أبو علي الأوقي - مشافهة - قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرني أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن علي الأزجي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن بكران بن عمران الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار قال: زكريا ابن منظور أبو يحيى القرظي، حدثنا بذلك أحمد بن إبراهيم القهستاني قال: حدثنا عيسى بن يعقوب قال: حدثني أبو يحيى القرظي زكريا بن منظور، ذكره ابن مخلد في كتاب الأسامي والكنى.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو منصور ابن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: زكريا بن منظور بن عقبة بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني حدث عن أبي حازم سلمة بن دينار، وعن هشام بن عروة، وعطاف بن خالد، وثابت بن يزيد الحجازي.
روى عنه محمد بن الحسن بن زبالة، وعيسى بن يعقوب الزبيري، وإبراهيم ابن المنذر المدنيون، وعبد الله بن الزبير الحميدي المكي، وأبو إبراهيم الترجماني، وإسحق بن أبي إسرائيل وعباد بن موسى الختلي، وغيرهم، وذكر يحيى بن معين أنه كان يسكن بغداد.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي المدني، القاضي حليف الأنصار، حدث عن أبيه وأبي سلمة بن عبد الرحمن، ونافع وأبي حازم الأعرج، وزيد بن أسلم، وجده لأمه محمد بن عقبة بن أبي مالك الأنصاري، وهشام بن عروة، وعمر مولى غفرة، وعطاف بن خالد القرشي.

روى عنه هارون بن معروف البغدادي، وعبد العزيز بن عبد الله الأويسي، وإبراهيم بن المنذر الحزامي، وأبو ثابت محمد بن عبيد الله، وعتيق بن يعقوب الزبيري المدنيون، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي، وموسى بن مروان الرقي، وهشام بن عمار، وأظن هشاماً سمع منه بدمشق لأنه اجتاز بها حين توجه إلى الغزو، وقد حدث بحلب، وأبو مسلم عبد الرحمن بن واقد، وإسماعيل ابن إبراهيم بن إسماعيل الترجماني ويعقوب بن كعب الحلبي، ويعقوب بن حميد ابن كاسب، وداوود بن سليمان بن حفص بن أبي داوود الطرسوسي، وعباد بن موسى الختلي، ومحمد بن الصباح الدولابي، وشريح بن يونس، وإسحق بن أبي إسرائيل، وداوود بن رشيد.
قلت: ذكر الحافظ أبو القاسم زكريا بن منظور فيمن دخل دمشق بناء على الظن، وقال لأنه اجتاز بها حين توجه إلى الغزو، وقد حدث بحلب، بل غلبة الظن تشهد بخلاف ما زعم، لأن زكريا كان ساكناً ببغداد، والظاهر من حال من يغزو من بغداد أن يتوجه إلى الثغور لا على دمشق، وقد حمله هارون إلى الرقة لأنه قضى على حماد البربري، فأحضره إلى الرقة من بغداد، فيحتمل أنه توجه من الرقة إلى الغزو، وطريقه على حلب، فحدث بها.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين - إذنا - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين المعروف بابن الطفال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد ابن حماد الدولابي قال: حدثنا أبو عبد الله معاوية بن صالح في تسمية من سأل عنه يحيى بن معين قال: سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بثقة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو سعيد الصيرفي قال: سمعت محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس الدوري يقول: سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بشي، فراجعته فيه مراراً، فزعم أنه ليس بشيء، قال: وكان طفيلياً.
وقال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن عدي البصري - في كتابه - قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سئل أبو داوود عن زكريا بن منظور قال: سمعت يحيى بن معين يضعفه.
وقال: أخبرنا يوسف بن رباح البصري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس - بمصر - قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: زكريا بن منظور القرظي ليس بثقة.
كتب إلينا عبد البر بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سئل يحيى بن معين عن زكريا بن منظور فقال: ليس بشيء.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي أحمد قال: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي قال: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحق الاسفرائيني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: قال أبو عبد الله أحمد بن حنبل: زكريا بن منظور ضعيف.
قال أبو بكر بن أبي أحمد: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق فال: حدثنا سهل بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: وزكريا بن منظور فيه ضعف.
وقال: أخبرنا البرقاني قال: حدثنا يعقوب بن موسى الأردبيلي قال: حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدثنا سعيد بن عمرو البرذعي قال: قلت لأبي زرعة: زكريا بن منظور؟ قال: واهي الحديث، منكر الحديث.
وقال أخبرنا البرقاني: قال حدثني محمد بن أحمد بن محمد الأدمي قال: حدثنا محمد بن علي الأيادي قال: حدثنا زكريا الساجي قال: زكريا بن منظور بن أبي ثعلبة الأنصاري فيه ضعف.
أنبأنا أبو محمد بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك أبو يحيى القرظي المدني منكر الحديث.

قال ابن عدي: وسمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك القرظي روى عنه الليث منكر الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر الاسكندارني المعروف برواج - قراءة عليه بمصر - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن الحسن الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان النسوي قال: زكريا بن منظور ضعيف.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: قرأت على البرقاني عن محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مسعدة الفزاري قال: حدثنا جعفر بن درستويه قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن القاسم بن محرز قال: سألت يحيى بن معين عن زكريا بن منظور فقال: شيخ ضعيف كان ها هنا ببغداد.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني قال: سمعت أحمد ابن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول: سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: فزكريا بن منظور كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس.
قال أبو بكر الخطيب: قد اختلف قول يحيى فيه، وقال أحمد بن صالح في زكريا مثل ما حكى الدارمي عن يحيى.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى الصيرفي قال: سمعت أبا العباس محمد بن يعقوب الأصم يقول: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: كان زكريا بن منظور قد ولي القضاء، فقضى على حماد البربري، فلذلك حمل هارون إلى الرقة بذلك السبب، وليس بثقة.
وقال في موضع آخر: سئل يحيى عن زكريا بن منظور، فقال: ليس به بأس، فقلت له: قد سألتك مرة فلم أرك تجيد الرأي أو نحو هذا من الكلام؟ فقال: ليس به بأس، وإنما كان فيه شيء زعموا أنه كان طفيلياً.
أخبرنا أبو محمد بن أبي العلاء - في كتابه إليه من همذان - قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبول القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر قال: حدثنا عباس قال: سئل يحيى عن زكريا بن منظور، فقال ليس به بأس، فقلت: قد سألتك عنه مرة فلم أرك تجيد الرأي فيه، فذكر نحو هذا الكلام فقال: ليس به بأس.
وقال ابن عدي حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قلت: ليحيى ابن معين: فزكريا بن منظور كيف حديثه؟ قال: ليس به بأس.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الرحمن، وابن حماد قالا: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: زكريا بن منظور ليس بشيء، فراجعته فيه مراراً، فزعم أنه ليس بشيء وأنه طفيلي، زاد ابن حماد وقال مرة أخرى: ليس به بأس، وإنما كان فيه شيء زعموا أنه طفيلي.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: زكريا بن منظور بن ثعلبة بن أبي مالك، أبو يحيى القرظي الأنصاري، روى عن أبي حازم، وزيد بن أسلم وجده محمد بن عقبة، روى عنه عبد العزيز الأويسي، وهارون بن معروف، وأبو ثابت المديني والحجبي، وهشام ابن عمار وإبراهيم بن المنذر، وعتيق بن يعقوب، سمعت أبي يقول ذلك، وقال: قرىء على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين أنه قال: زكريا بن منظور ليس بشيء ولي القضاء، فقضى على حماد البربري، فلذلك حمله هارون إلى الرقة بذلك السبب، وليس بثقة. فراجعته مراراً، فزعم أنه ليس بشيء، كان طفيلياً.
سألت أبي عن زكريا بن منظور فقال: ليس بالقوي، ضعيف الحديث منكر الحديث، يكتب حديثه.
وقال: سألت أبا زرعة عن زكريا بن منظور فقال: ليس بالقوي.
أخبرنا أبو حفص المكتب قال: أخبرن محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: زكريا بن منظور أبو يحيى القرظي مدني متروك.

أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: في باب من يرغب عن الرواية عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم منهم: زكريا بن منظور مديني.
زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة بن حنظلة بن قرة:
أبو عبد الرحمن السجزي ويعرف بخياط السننة، دخل الشام وسمع بحلب أبا نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وحدث عنه وعن نصر بن أبي علية الدقاق البالسي، وإسحق بن راهويه، وأحمد بن السكن الأيلي المكتب، وإبراهيم بن المستمر، وأبي مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري، وإبراهيم بن إسحق بن أبي الجحيم، والجراح بن مخلد، وحسين بن الحسن المروزي، وبكر بن خلف، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وإبراهيم بن يوسف البلخي وجعفر بن محمد بن الفضل الرسعني، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، وأزهر بن جميل، وأحمد بن علي بن يوسف الخزاز، وسلمة بن شبيب والسري بن يحيى بن السري وبشر ابن الوليد القاضي وسعيد بن يحيى الأموي وسويد بن سعيد، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وداوود بن رشيد الخوارزمي، ودحيم ومحمد بن المصفى الحمصي، ومحمد بن موسى الجرشي، ومحمد بن بشار، ومحمد بن حميد الرازي، وعباد بن الوليد، وأبي بكر عبد السلام بن عمر الجنبني، وعبد الله بن مطيع، وعمرو بن علي، وقتيبة بن سعيد وشيبان بن فروخ، وعثمان بن أبي شيبة، والفتح بن نصير بن عبد الرحمن الفارسي، وعباس بن عثمان المعلم، وصفوان بن صالح، وشعيب بن شعيب بن إسحق، وعمرو بن عثمان، وعبد الوهاب بن الضحاك ومحمد بن عبد الله بن عمار، وأبي أمية عمرو بن هشام الحراني، ومحمد بن عمر بن هياج، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، ووهب بن بقية، وهناد بن السري، ومجاهد ابن موسى، وهشام بن عمار، ونصر بن علي الجهضمي، ويوسف بن سلمان الباهلي، وأبي قدامة عبيد الله بن سعيد.
روى عنه أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم ابن أحمد بن محمد بن عطية بن الحداد، وإسحق بن إبراهيم المنجنيقي، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن زوزان الأنطاكي، وأبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، ومحمد بن المنذر المعروف بشكر وأبو القاسم بن أبي العقب، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، ويحيى بن عبد الله بن الحارث، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان، ومحمد إبراهيم بن مروان، وأبو علي بن شعيب، وأبو الميمون بن راشد وأبو علي الحضائري، وأبو بكر محمد ابن سهل القطان، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت، وأبو إسحق ابن سنان.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن الأسدي بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد المصيصي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن يعقوب بن أبي العقب فال: حدثنا أبو عبد الرحمن زكريا بن يحيى السجزي قال: حدثنا ابن أبي خلف، وابن أبي عمرو عثمان، قالوا: حدثنا سفيان عن الزهري عن عروة عن عائشة أن صفية ابنة حيي حاضت، فذكرت ذلك عائشة للنبي صلى الله عليه وسلم فقال: أحابستنا هي؟ قالت: إنها قد أفاضت ثم حاضت بعد ذلك، قال: تنفر، وقال ابن أبي عمر: تنفر إذاً.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أنبأنا أبو زكريا البخاري: قال أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الغني بن سعيد قال: زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة، به يلقب.
وقال أبو محمد السلفي: أنبأنا أبو نصر بن ماكولا قال: زكريا بن يحيى السجزي خياط السنة.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد ابن أبي الحسين قال: قرأت بخط عبد الغني بن سعيد الحافظ المصري، وانبأنيه أبو طاهر الحنائي.

قال أبو القاسم: وأخبرني أبو التمام كامل بن أحمد بن أبي جميل عنه قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى قال: أخبرنا عبد الغني بن سعيد قال: زكريا بن يحيى بن إياس السجزي، أبو عبد الرحمن، كان بدمشق، حافظ ثقة حدث عنه أبو عبد الرحمن النسوي، وأبو يعقوب المنجنيقي، ويحيى بن محمد بن صاعد، حدثنا عنه أحمد، وإسحق ابنا إبراهيم بن الحداد، ذكر لي عبد الله بن محمد بن حكيم أن أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب أخرج إليهم كتاب شيوخه فيه زكريا بن يحيى أبو عبد الرحمن السجستاني ثقة.
وقال أبو القاسم: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر محمد بن شجاع عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: زكريا بن يحيى بن إياس، يكنى أبا عبد الرحمن، يعرف بخياط السنة، من أهل سجستان يقال إن حنظلي، قدم مصر وكتب عنه وخرج، وتوفي بدمشق بعد الثمانين ومائتين.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زكريا بن يحيى بن إياس بن سلمة بن حنظلة بن قرة، أبو عبد الرحمن السجزي، المعروف بخياط السنة، سكن دمشق، وحدث بها عن دحيم وإسحق ابن راهوية، ونصر بن علي الجهضمي، وعباد بن الوليد، ومحمد بن حميد الرازي، وأحمد ابن السكن الأيلي المكنب وأبي بكر عبد السلام بن عمر الحيني، وقتيبة بن سعيد، وعبد الله بن مطيع، وحسين بن حسن المروزي، ومحمد بن يسار، وعمرو بن علي. والجراح بن مخلد، وإبراهيم بن المستمر، وأبي مسعود إسماعيل بن مسعود الجحدري، وشيبان بن فروخ، ومحمد بن موسى الجرشي، وعثمان بن أبي شيبة، ونصر بن أبي علية البالسي الدقاق، والفتح بن نصر بن عبد الرحمن الفارسي نزيل مصر، وإبراهيم بن إسحق بن أبي الجحيم، وبكر بن خلف، وعباس بن عثمان المعلم، وهشام بن عمار، ومحمد بن مصطفى، وصفوان بن صالح، وإبراهيم بن يوسف البلخي، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وشعيب بن شعيب بن إسحق، ومجاهد بن موسى وجعفر بن محمد بن الفضل الرسعني، وعمرو بن عثمان، وداوود بن رشيد، وعبد الوهاب بن الضحاك، وأبي أمية عمرو بن هشام الحراني، وأحمد بن يوسف الخزاز، والحسن بن أبي الربيع الجرجاني، ومحمد بن عبد الله بن عمار، وسويد بن سعيد، ومحمد بن عمر بن هياج، وسعيد ابن يحيى الأموي، وعبد الأعلى بن حماد النرسي، وهناد بن السري، وبشر بن الوليد القاضي ووهب بن بقية، والسري بن يحيى بن السري، وأزهر بن جميل، وسلمة بن شبيب، ومحمد بن المثنى.
روى عنه أبو عبد الرحمن في سننه، وإسحق بن إبراهيم المنجنيقي، ويحيى ابن محمد بن صاعد، ومحمد بن إبراهيم بن مروان، ويحيى بن عبد الله بن الحارث وأبو بكر محمد بن سهل القطان، وأبو القاسم بن أبي العقب، وأبو علي بن شعيب وهو بسنه، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن أبي ثابت، وأبو إسحق ابن سنان، وأبو علي الحضائري، وأبو الحسن بن جوصاء، وأبو الحارث أحمد ابن محمد بن عمارة، وأبو الميمون بن راشد، وأبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان، وأبو بكر أحمد بن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عطية الحداد، وأبو الطيب أحمد بن إبراهيم بن عبادل، وأبو القاسم الطبراني، ومحمد بن المنذر شكر، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن روزان الأنطاكي وغيرهم.
وقال: ذكر أبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي، قال: أخبرني أبو الميمون أحمد بن محمد بن بشر القرشي قال: أخبرني أبي قال: سمعت بشر بن محمد بن بشر بن نهيك الطائي صاحب طاحونة الشقراء يقول: كان عثمان بن أبي شيبة يسمى أبا عبد الرحمن السجزي: السفياني.
قال أبي: وسمعت أبا طالب الخياط يقول لأبي عبد الرحمن السجزي: أنت من لدن خراسان إلى الشام تعرف بخياط السنة، صرت اليوم تتشيع.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي القاسم بن صابر، وذكر أنه نقله من خط عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: قال عبيد بن أحمد بن فطيس: حدثني أبو علي الأنصاري قال: حدثني زكريا السجزي، وكان مولده سنة خمس وتسعين ومائة، وكانت وفاته سنة سبع وثمانين ومائتين، وكان عمره خمساً وتسعين سنة.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا عبد الكريم بن حمزة - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي ابن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال لنا الهروي: فيها - يعني - سنة تسع وثمانين ومائتين مات زكريا بن يحيى السجزي.
زكريا بن يحيى الحميري:
الكندي الكوفي الأعمى، قدم خناصرة على عمر بن عبد العزيز، وروى عنه، وعن عامر الشعبي، وعكرمة مولى بن عباس، وعبد الله بن يزيد، وحبيب بن يسار، وأنيسة بنت زيد بن أرقم.
روى عنه حماد بن أسامة، وجعفر بن عون العمري وحاتم بن إسماعيل المدني، وعبد الحميد ومحمد بن بشير العبدي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري - إذناً - قال: أنبأنا أبو الفتح نصر الله بن محمد المصيصي قال أخبرنا نصر بن إبراهيم المقدسي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن الوليد الأنصاري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أحمد - فيما كتب إلي - قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللخمي الباجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثني سهل بن محمود - وهو - أبو السري قال: حدثنا محمد بن بشر العبدي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: أقمنا عند عمر بن عبد العزيز بخناصرة أربعين يوماً، قال: فأتى برجل قد نقش على خاتم الخلافة، فقال: ويحك ما حملك على هذا؟ قال: الطمع والشيطان فقال لجلسائه من قريش وأهل الشام: ما ترون في هذا؟ قالوا: الرأي فيه مستقيم تقطع يده، قال: لكني أرى غير ذلك، هذا رجل هم بسرقة، ولم يسرق قال: فاستحلفه أن لا يعود، وأمر بعض من عنده فعزره سوطين أو ثلاثة، وخلى سبيله.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا الحافظ بن القاسم الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس قال: سمعت عثمان ابن سعيد الدارمي يقول: قلت ليحيى بن معين: زكريا بن يحيى الكوفي عن الشعبي من زكريا هذا؟ قال: ليس بشيء قلت: ابن من هو؟ قال: ابن يحيى.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زكريا بن يحيى الكندي الحميري الأعمى، سمع حبيب بن يسار وأنيسه، والشعبي، وعكرمة، روى عنه أبو أسامة وجعفر ابن عون.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: كتب إلينا الرئيس مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زكريا بن يحيى الكندي الحميري الأعمى، روى عن الشعبي وأنيسه، وحبيب ابن يسار، وعبد الله بن يزيد، وعكرمة، روى عنه عبد الحميد، وحاتم بن إسماعيل، وأبو أسامة، وجعفر بن عون، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لن في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: زكريا بن يحيى الحميري الكندي الكوفي، حدث عن الشعبي، وحبيب بن يسار، وعبد الله بن يزيد، وعكرمة، وعمر بن عبد العزيز، وأنيسه بنت ابن أرقم.
روى عنه عبد الحميد، وحاتم بن إسماعيل المدني، وأبو أسامة حماد بن أسامة، ومحمد بن بشر العبدي، وجعفر بن عون العمري الكوفيون، ووفد على عمر بن عبد العزيز.
زكريا بن يحيى أبو يحيى الأنطاكي:
صاحب الأكسية، حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي والحارث بن عمران الجعفي، روى عنه أبو عمرو عثمان بن خرزاد الأنطاكي.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا علي بن المسلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين ابن جميع قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بأنطاكية قال: حدثنا عثمان بن خرزاد قال: حدثنا زكريا بن يحيى صاحب الأكسية قال: أخبرنا الحارث بن عمران الجعفري عن محمد بن سوقه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: بينا أنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ سمع رجلاً يقول: اللهم اغفر لفلان بن فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما هذا؟ فقال: حملني رجل أن أدعو له بين الباب والمقام، أو بين الركن المقام، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: غفر لصاحبك.
أخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب - فيما أذن لنا في روايته عنه، وقد سمعت منه غيره - قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب ابن محمد بن إسحق بن منده قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله قال: زكريا بن يحيى الأنطاكي حدث عن الهيثم بن جميل، توفي سنة نيف وثمانين ومائتين.
قرأت في تاريخ مختار الملك المسبحي قال: سنة ثمانين ومائتين فيها مات أبو يحيى زكريا بن يحيى الأنطاكي.
زكرى المعدني:
من أهل المعدن، رجل صالح من أولياء الله تعالى، كان عندنا بحلب، وكان كثير الصحبة لعمي ووالدي، وكان يأنس بي، وتظهر له كرامات كثيرة ويخرجها مخرج التباله، واتخذ له كعاب غزلان مصبغة، وجعلها في كيس، وكان إذا أخبر بوقوع شيء يقول: أخبرتني الكعيبات، وكان لازماً للوقار، ولا يخرج إلى ما يخالف به الشرع، وإذا قرىء بحضرته شيء من أخبار الصالحين أو الرقائق، غلب عليه الحال، وتسبقه الدموع، فيقوم من المجلس أو يشير إلى القارىء بالسكوت، وكان يخبرنا بأمور أنها تقع، فتقع على ما أخبر به، وكان رحمه اله محبوباً إلى الناس، قريباً إلى القلوب، خفيف الروح، وكان عمي أبو غانم يميل إليه، ويعتقد فيه، وكان له عادة في أن يخرج بأهله وأولاده ومن يعز عليه إلى صمع الفوقا، قرية من قرى حلب، كان له فيها حصة في أيام البطيخ، فطلبه عمي أن يخرج معه، وسبقت الجماعة وخرجت والشيخ زكرى معي راكب على حمار، فكنت معه في بعض الطريق فأنشد:
قلبي بحرّ سهام الدبس مجروح ... بين العصائد والاسمان مطروح
قد قدموا السمن والأعسال في قدح ... القلب في قلقٍ والدمع مسفوح
ثم جعل يبكي بكاءً شديداً، حتى رق قلبي لكثرة بكائه، ووصلنا إلى القرية وعمي بها وكان ولد عمي الأكبر أبو الفضل هبة الله قد تركناه ليخرج بعدنا بزوجته، وهي أختي الكبرى، فصلينا المغرب مع عمي، وقام عمي لورده بين المغرب والعشاء وجلست أنا وزكرى فأبطأ وصول النساء عنا، فسلم عمي من بعض أوراده، وقال: قد أبطأ الجماعة، فالتفت الشيخ زكرى إلي وقال: قد تاهوا على الطريق، ثم أبطأوا ساعة، فقال لي زكرى: قد سقطت أختك عن الدابة ولكنها سلمت، ثم قال لي: الساعة يصلون، وكنا ننتظر وصولهم من جهة القبلة، من جهة حلب، فوصلوا بعد ساعة من جهة الشمال من جهة عزاز، فقمت إليهم فأخبروني أنهم تاهوا عن الطريق وتعدوا الموضع الذي يسامت صمع، وأخبروني أن أختي سقطت عن الدابة واشتغلوا به ساعة، وكان يتفق له معنا وقائع كثيرة من هذا النوع.

ومما أعرفه من كراماته، أن عمي أبا غانم عزم على زيارة البيت المقدس في سنة سبع وستمائة أو سنة ثمان، فتوجه وأهله معه، وبرز إلى تربة مجد الدين ابن الداية، بالقرب من مقام إبراهيم عليه السلام وبات بها، وبتنا معه لنودعه، وخرج معنا الشيخ زكرى فيمن خرج، فلما ودعناه أخذني الشيخ زكرى منعزلاً عن الجماعة وقال لي: ما أعود ألتقي عمك بعد اليوم إلا في القيامة، فحكيت ذلك لوالدي فتألم لذلك، وخاف علي عمي لعمله أن الشيخ زكرى لا يخبر بشيء إلا ويقع، وأقام عمي بالبيت المقدس، واشتاق إلى أخيه، وتوجه إليه وإلى الزيارة وأنا معه ووصلنا إلى البيت المقدس وأقمنا به مدة، وعدنا جميعاً مع عمي إلى حلب، وأنسينا قو الشيخ زكرى الذي قال لي وقت وداع عمي، فلما وصلنا إلى حمص لقينا رجل قد خرج من حلب وكان من أصحاب الشيخ أبي الحسن الفاسي فأخبرنا أن الشيخ زكرى توفي بحلب من أربعة أيام أو خمسة وكانت وفاته في سنة تسع وستمائة، ودفن بالجبيل خارج باب الأربعين في تربة الشيخ علي الفاسي عند رجليه رحمهما الله.
زكي بن عبد الله:
أبو الفهم الحلبي، كتب عنه شيخنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الفهم بن عبد الرحمن اليلداني، وخرج عنه إنشاداً.
كتب إلينا أبو محمد عبد الرحمن اليلداني، ونقلته من خطه، قال: أنشدنا أبو الفهم زكي بن عبد الله الحلبي.
وطائرة أبدا تتبع ... فطورا تطير وطوراً تقع
تموت إذا تركها الكماة ... وتحيى إذا الضرب فيها وقع
قلت: وهي في الكرة.
زماخ بن يحيى بن صافي:
الأعسر الشيزري، شاعر متوسط الشعر، من أهل شيزر وكان أبوه يحيى فارساً مذكوراً بها، موصوفاً بالشجاعة، وجده صافي من أتباع بني منقد بها. وانقطع زماخ إلى سابق الدين عثمان الداية صاحب شيزر.
أنشدني أبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي لزماخ بن يحيى بن صافي الشيزري ذكر لي أنها من جملة قصيدة مدح بها ناصر الدين أبا سعيد محمد بن شيركوه المعروف بالملك القاهر، وأنه شاهدها في مدائحه:
يروى نداه الصدى مع عظم صولته ... كصفحة السيف من ماءٍ ومن نار
الطيب الخيم والأصل القديم له ... المجد الموثّل والعاري من العار
ولو جرى في نداه الناس أغرقهم ... ما كل ماءٍ على شاط بزخّار
فاق الورى بأياديه التي هطلت ... من الندى سحباً من بحره الجاري
اجتزت في بعض السنين بشيزر، فسألت بعض من حضر عندي من أماثلها، عن شعراء شيزر فذكر لي زماخ بن صافي الأعسر، ومضى إلى منزله وسير لي رقعة فيها أبيات كتبها زماخ المذكور عن سابق الدين عثمان بن الداية إلى سنان صاحب الدعوة النزارية، جواباً عن أبيات كتبها سنان إلى سابق الدين عثمان يتهدده وهي:
يا ذا الذي بقراع السيف هددني ... لا قام مصرع جنبى حين تصرعه
قام الغراب إلى البازي يهدده ... واستأسدت للقاء الأسد أضبعه
يا من يفك فم الأفعى بأصبعه ... يكفيه مما تلاقي منه أصبعه
قال: فأجابه زماخ الأعسر عن سابق الدين عثمان بهذه الأبيات:
يا من يقول مقالاً ليس تسمعه ... أذني ولا هو ذو قدرٍ فيرفعه
وظني بقراع السيف أوعده ... والرعب في قلبه والخوف يقطعه
وما درى أنني البازي ترهبه ... نفس الغراب الذي في الكهف موضعه
وأنني أسد والأسد ترهبني ... هذا وكم أسد بي حان مصرعه
والضبع أنت ورجلاك العراج بها ... والضبع أعرج والميتات مرتعه
ما يستحي ثعلب مع ضعف أسرته ... يمر بالأسد الضاري يفزّعه
وقد فككت فم الأفعى فما قدرت ... يوما على إصبع مني فتلسعه
والسم ليس يضر الآن جسم فتى ... اللّه يحفظه مما يروعه
فالعير لا يرهب الأفعى ويأكلها ... قسراً ومن خالص الدرياق مدمعه
فكم تغطي الهدى جهلاً وتستره ... بأسود الكفر والايمان يقشعه
هدد بذلك غيري كي تخوفه ... ما يجزع الطود من شنٍ يقعقه

توفي زماخ الأعسر هذا في سنة عشر أو إحدى عشرة وستمائة، فإنني سألت ابن أخيه عن وفاة عمه، فقال: مات قبل موت السلطان الظاهر بسنتين.
زمل بن عمرو بن العتر:
ابن خشاف - وقي خشاف، وقيل حشاف بن خديج - بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضامة العذري الحزامي الضني، وقيل هو: زمل بن ربيعة، وقيل: زميل بن عمرو، وقيل: زامل بن عمرو العذري من بني هند بن حزام.
وقد على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً، وعقد له لواءً، فشهد بلوائه ذلك صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وسكن الشام، واستعمله معاوية على شرطته، وهو أحد شهود معاوية في أمر الحكمين، روى عنه ابنه المقداد بن زمل وصعصعة بن صوحان.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال أخبرنا أحمد بن معروف بن بشر قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا هشام بن محمد بن السائب قال: حدثنا شرقي بن القطامي عن مدلج بن المقداد بن زمل العذري، قال: وحدثني ببعضه أبو زفر الكلبي قالا: وفد زمل بن عمرو العذري على النبي صلى الله عليه وسلم فأخبره بما سمع من صنمهم فقال: ذلك مؤمن الجن فأسلم، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواءً على قومه، فشهد به بعد ذلك صفين مع معاوية، ثم شهد به المرج فقتل، وأنشأ يقول حين وفد على النبي صلى الله عليه وسلم:
إليك رسول اللّه أعملت نصّها ... أكلفها حزناً وقوراً من الرمل
لأنصر خير الناس نصراً مؤزراً ... وأعقد حبلاً من حبالك في حبلي
وأشهد أن اللّه لا شيء غيره ... أدين له ما أثقلت قدمي نعلي
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحق قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا سهل بن السري قال: أخبرنا سهل بن شاذويه عن عبد الله بن محمد بن أبي بلج عن محمد بن خاقان عن هشام بن الكلبي عن شرقي بن القطامي عن مدلج بن المقداد العذري عن أبيه، قال: وحدثني ببعضه الحارث بن عمرو بن جزي عن عمه عمارة بن جزي، قال: قال زميل بن عمرو: سمعت صوتاً من صنم ثم ذكر الحديث.
قال: وأخبرنا أبي قال: وأخبرنا محمد بن عبد الله بن دينار قال: حدثنا جعفر ابن محمد بن سوار قال: حدثنا علي بن حرب قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يحيى العذري عن أبي المنذر - وهو - هشام بن السائب عن الشرقي عن مدلج العذري عن أبيه، ثم ذكر الحديث بطوله.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن ابن البناء - إذناً عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري - قال: أخبرنا أبو عمر ابن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من بني عذرة بن سعد بن زيد بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن وائل ابن حارثة بن هند بن حزام بن ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، فكتب له كتاباً، وعقد له لواءً، وشهد بلوائه ذلك يوم صفين مع معاوية، من ولده مدلج بن المقداد بن زمل، كان شريفاً بالشام، وكانت عنده آمنة أخت خالد بن عبد الله القسري.
أخبرنا ابن طبرزد إذناً عن أبي غالب بن البناء عن عبد الكريم بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا علي بن عمر الدارقطني قال: زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف ابن خديج بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنة العذري، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وكتب له كتاباً، وعقد له لواءً، فشهد بلوائه ذلك صفين مع معاوية، قال ذلك ابن الكلبي.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبي قال: زمل بن عمرو العذري وقيل: ابن ربيعة ويقال: زميل بن عمرو من بني هند بن حزام أتى النبي صلى الله عليه وسلم وأخبره بصوت سمع من صنم.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرح الحصري - فيما كتب به إلينا من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: زميل. ويقال زمل بن ربيعة الضني، ثم العذري له خبر في أعلام النبوة، من رواية أهل الأخبار، قدم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، وآمن به، وعقد له رسول الله صلى الله عليه وسلم لواءً على قومه، وكتب له كتاباً، ولم يزل معه ذلك اللواء حتى شهد به صفين مع معاوية، وقتل يوم مرج راهط.
وقال ابن الكلبي هو زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة بن عبد بن حزم بن ضنة العذري.
وذكر خبره كما ذكرنا سواء، وكذلك ذكره الطبري ومن كتابه أخذه، والله أعلم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: ومن ولد حارثة بن هند بن ضنة زمل بن عمرو العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة ابن هند، وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وكتب له كتاباً، وعقد له لواءً، وشهد بلوائه صفين مع معاوية.
وقال: وأما خشاف بفتح الخاء المعجمة زمل بن عمرو، وساق نسبه كما تقدم، وشهوده صفين، ثم قال: قال ذلك ابن الكلبي، والطبري، ثم قال: وأما عتر بكسر العين المهملة وسكون التاء المعجمة باثنتين من فوقها: زمل بن عمرو بن العتر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: زمل بن عمرو بن العتر بن خشاف بن خديج بن واثلة بن حارثة بن هند بن حزام بن ضنة بن عبد بن كثير بن عذرة، وقيل: زمل بن ربيعة، وقيل: زمل بن عمرو العذري، من بني هند بن حزام، له وفادة على رسول الله صلى الله عليه وسلم وسكن الشام، روى عنه ابنه المقدام بن زمل وكان عند معاوية بدمشق، واستعمله على شرطته، وهو أحد شهوده في التحكيم، وسنذكر ذلك في ترجمة ناتل بن قيس الجذامي. وأقطعه معاوية داراً عند باب توما، وشهد بيعة مروان بن الحكم بالجابية فيما ذكر البلاذري.
وقال: أخبرنا الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي بن أحمد قال أخبرنا أحمد بن إسحق قال حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في تسمية عمال يزيد بن معاوية، وعلى خاتمه زمل بن عمرو، وقال: وفي سنة أربع وستين وقعة مرج راهط بالشام، قال أبو الحسن - يعني - المدائني: وقتل يومئذ ربيعة بن عمرو الجرشي، وزمل بن عمرو العذري.
زنكل بن علي العقيلي الرقي:
مولى لبني عقيل من أهل الرقة، صحب عمر بن عبد العزيز ووزر له، وكان في صحبته بخناصرة، حدث عن محمد بن المنكدر وأيوب السختياني وأم الدرداء، روى عنه جعفر بن برقان، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي، واسحق بن نجيح.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة - بدار الوزارة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: حدثنا أبو عبد الله السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم بن جامع الدهان قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري الحافظ قال: حدثني جعفر ابن محمد الخراساني قال: حدثنا أبو علي حسن بن أبي منصور الحمصي قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الحميد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبي قال: حدثني سلمة بن كلثوم عن جعفر عن زنكل عن أيوب السختياني عن شعيب بن عبد الله ابن عمرو بن العاص عن أبيه عن جده قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن بيع السلف، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما لم نملك، وعن ربح ما لم يضمن.

وقال: حدثنا أبو علي القشيري الحافظ قال: حدثنا محمد بن الخضر بن علي قال: حدثنا ابن أبي أسامة قال: حدثنا أبي عن جعفر بن محمد عن زنكل بن علي قال: سألت أيوب السختياني فقلت: ما ترى فيمن يبايع ويقرض قال: سمعت عمرو بن شعيب يذكر حديثاً يرفعه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن سلف وبيع، وعن شرطين في بيع، وعن بيع ما لا يملك، وعن ربح ما لا يضمن.
وقال: حدثنا أبو علي قال: حدثنا هلال بن العلاء قال: حدثنا محمد قال: حدثنا جعفر بن برقان عن زنكل بن علي عن محمد بن المنكدر قال: ما أسكر كثيره فقليله حرام.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: حدثنا عبد الله بن أحمد ابن جعفر النيسابوري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن علي بن رزين الهروي قال: حدثنا عبد الرحيم بن حبيب البغدادي قال: حدثنا إسحق بن نجيح الملطي عن زنكل بن علي السلمي عن أم الدرداء عن أبي الدرداء قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: ثلاث لا يتركهن العرب وهي بهم كفر: الاستسقاء بالأنواء والطعن في النسب والنوح.
وباسناده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كبر العبد سرت تكبيرته ما بين السماء والأرض من شيء.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم ابن السمرقندي - إذناً أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقوز قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو سعيد بن سالم الشاشي قال: حدثنا أبو المليح عن زنكل بن علي. قال أبو سعيد: زنكل عن علي وزير لعمر بن عبد العزيز، قال: قال حذيفة بن اليمان: يا طاعون خذني إليك - ثلاث مرات - قبل سفك دم حرام، وقبل جور في الحكم، وإمارة الصبيان، وكثرة الرئاسة.
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: حدثنا أبو عبد الله بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن عبد الله قال: حدثنا محمد بن سعيد القشيري الحافظ قال: الأعشى الشاعر الرقي ذكروا أنه من ول زنكل بن علي، زنكل بن علي يتولى بني عقيل.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زنكل بن علي العقيلي الرقي، كان من صحابة عمر بن عبد العزيز حدث عن محمد بن المنكدر، وأيوب السختياني، وأم الدرداء، روى عنه: أبو المليح الحسن بن عمر الرقي، وجعفر بن برقان.
ذكر من اسمه زنكي
زنكي بن آق سنقر:
أبو المظفر التركي، وقيل آق سقنقر بن ألترغال من قبيلة ساب يو، وقيل إن آق سنقر كان مملوكاً للسلطان ملك شاه وقد ذكرنا ذلك في ترجمته، ويعرف زنكي بأتابك بن قسيم الدولة، لأنه كان عنده ولدان للسلطان محمود بالموصل يربيهما، وكان مولده بحلب في أيام ولاية أبيه في سنة ثمانين وأربعمائة، وربي بها، وكان في أول أمره مضافاً إلى آق سنقر البرسقي، والبرسقي شحنة بغداد، وولاه البصرة، فلما عزل البرسقي عن شحنكية بغداد فارق البصرة وقصد السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، فأكرمه وأقطعه البصرة وأعاده إليها في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، وكان ختلغ آبه بحلب وأساء السيرة مع أهلها، فحصروه، وبالمدينة بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق، فأجمع رأي ختلغ آبه وسليمان على أن ساروا إلى أتابك زنكي ويحكماه فيما يفعل، فلم يوقع لواحد منهما بحلب، وتوجه إليها فقدمها، وكان له أتراب بحلب من الحلبيين، قد تربي بينهم فكانوا يميلون إليه لذلك فسلموا إلى نائبه حلب في شهر رمضان سنة إحدى وعشرين وخمسمائة وتوجه إليها فتسلمها في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة في جمادى الآخرة وتوجه بعد ذلك إلى السلطان محمود، وعاد في سنة ثلاث وعشرين ومعه توقيع مجدد بولاية الجزيرتين والشام وحلب والشط، وملك: حمص، وحماة، وبعلبك، والرقة ودارا، وحران، ورأس عين، واشتغل بمحاربة الفرنج، ففتح من أيديهم معرة النعمان، وكفر طاب وبارين والأثارب وزردنا وتل أعذى، وبزاعا، وسروج والرها، وكان له أثر عظيم في نصرة الإسلام، وكف عادية الفرنج ومهد لمن بعده فتح البلاد، بعد أن كان الفرنج قد ضايقوا مدينة حلب واستولوا على حصونها، وأخذوا المناصفة من المسامين إلى بابها، فأغاثهم الله بزنكي وبولده من بعده.

وكان زنكي ملكاً عظيماً وشجاعاً وجباراً، كثير العظمة والتجبر، وهو مع ذلك يراعي أحوال الشرع وينقاد إليه، ويكرم أهل العلم، وبلغني أنه كان إذا قيل له: أما تخاف الله خاف من ذلك، وتصاغر في نفسه فأظهر الله تعالى سره المحمود في ولده محمود.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن الأستاذ أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي - ونقلته من خط العظيمي - قال في حوادث سنة إحدى وعشرين وخمسمائة قال، بعد ذكر حصار الحلبيين وبدر الدولة بن أرتق وإبراهيم بن الملك رضوان ختلغ آبه غلام السلطان محمود: وطال الأمر على ختلغ آبه وحفروا خندقاً حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل إليها أخذ، إلى نصف ذي الحجة وصل الأمير سنقر دراز، والأمير حسن قراقش، وجماعة أمراء في عسكر قوي إلى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وختلغ آبه إلى باب الموصل إلى عماد الدين قسيم الدولة بن قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر، إلى الموصل، فلمن ولى عاد إلى منصبه، وأقام بحلب الأمير حسن قراقش والرئيس ابن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وطمع بملك البلد، وسير سرية إلى حلب مع الأمير الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل إلى حلب، وأطلع إلى القلعة والياً من قبله، ورتب الأمور وجرت على يده على السداد، وهو الذي تولى إنزاله وإليه إطمأن.
وقال العظيمي: سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، في جمادى الآخرة منها وصل الأمير عماد الدين قسيم الدولة أبو سعيد زنكي بن آق سنقر قسيم الدولة إلى حلب وملكها، وصعد القلعة، وبات بها وعاد إلى نقرة بني أسد، وقبض على ختلغ آبه، وحمله إلى حلب وسلمه إلى عدوه ابن بديع، فكحلوه بداره في النصف من رجب.
وقال العظيمي: وفي جمادى الآخرة - يعني - من سنة ثلاث وعشرين وخمسمائة عاد الأمير عماد الدين قسيم الدولة زنكي من عند السلطان إلى الموصل ومعه طغراء بتجديد الجزيرتين والشام وحلب والشط، وما اتصل بذلك، بعدما خرج عن يده بالدركاه مائة وعشرون ألف دينار.
قال: وفي مستهل رجب - يعني - من سنة أربع وعشرين، وصل عماد الدين زنكير بن آق سنقر إلى أكناف الفرات وفتح قلعة السن، وسير سرية تقدمت مع الثقل إلى باب حلب، ونهضت الخيل أغارت على بلد عزاز، وعاثوا في بلد جوسلين مقابلة له على قديم قبيحه في غيبة الأمير قسيم الدولة، ثم عبر الأمير قسيم الدولة بتاريخ الأحد ثامن عشرين رجب، فخيم بظاهر حلب، وتكررت الرسل في الصلح، فاصطلحوا مدة سنة، وكان الأمير قد رعى زرع الرها في طريقه وظفر بالتركمان أيضاً وكسرهم.
قال: وفي هذه المدة تزوج أتابك قسيم الدولة بخاتون بنت الملك رضوان، ودخل بها ليلة الاثنين في عشرين من شعبان.
قال: وفي يوم الاثنين عاشر شوال تسلم أتابك عماد الدين حماه، وقبض على خير خان صاحب حمص، وأنهب عسكره وخف إلى حمص، فنزل ربضها، وطلب من أولاد خير خان التسليم، فامتنعوا وشبت الحرب بينهم وشنع على الأمير أطسيس ابن ترك فقتلوه، ورمي برأسه، ونقبوا القلعة فبطل النقب ونصبت المجانيق فبطلت، وطال الشرح، فهجم الشتار، فعاد العسكر إلى حلب ثاني ذي الحجة.
وقال فيها: يعني - سنة خمس وعشرين وخمسمائة في المحرم، سار أتابك عماد الدين مشرقاً يوم الخميس غرته، وكان السلطان محمود شتى ببغداد، فلما كان في ثالث عشر ربيع الآخر شرق نحو أصبهان وبلغه أن أخاه باين بالعداوة، فرد أمر العراق إلى عماد الدين قسيم الدولة زنكي مضافاً إلى ما كان في يده من الجزيرة والشام، هذا كله ودبيس مقيم بفم البرية يتواعد بغداد بالخراب، وبلغ أتابك عماد الدين وفاة السلطان محمود بن تبر، وهو على القريتين، فسار نحو الموصل ليلة الخميس سادس عشر شوال ومعه دبيس.

وكان لهذا السلطان عند الأمير ولدان أحدهما الذي كانت أمه عند سنقر البرسقي وماتت، اسمه ألب أرسلان أبو طالب، والآخر الذي كان عند دبيس، فبعث عماد الدين يسوم المسترشد أن يخطب لأبي طالب ولد السلطان، فاعتذر المسترشد إليه بأنه صبي، وأن المنقول رسم لولده داوود وهو بأصبهان، وقد وصلت رسل البلاد كلها تقول: اخطب لداوود فنحن له طائعون، وأنا منتظر جواب كتاب سنجر عم القوم، وكان أتابك عماد الدين قد أخذ خبر عودة ابن الأنباري رسول الخليفة من دمشق، كان المسترشد نفذه في معنى دبيس إلى تاج الملوك، فوجده قد صار إلى عماد الدين، فعاد وكانت في صحبته قافلة عظيمة فيها أموال، فبعث عماد الدين إليه سرية للقبض عليه، فقبضوا عليه ونهبوا القافلة في كياد الخليفة وفك القيود عن دبيس وخلع عليه، وحمل له من المال والجوهر والخيل والعدد ما لا حد عليه، وخرج من الدار التي كان يشرب فيها وسلمها إليه بآلاتها وكل ما فيها.
قلت: وبعد ذلك وصل داوود بن محمود بن محمد بن ملكشاه إلى زنكي، فأخذه وسار به إلى بغداد وأنزله في دار السلطنة ببغداد، وزنكي في الجانب الغربي والخليفة إذ ذاك الراشد بعد قتل المسترشد، فوصل السلطان مسعود إلى بغداد فحصرهم بها، فوقع الوباء في عسكره، فسار إلى أرض واسط ليعبر إلى الجانب الغربي، فاغتنم زنكي غيبته، وسار إلى الموصل وسار داوود إلى مراغة، وبلغ الخبر إلى السلطان مسعود، فعاد فهرب الراشد ولحق أتابك زنكي بالموصل، ودخل مسعود بغداد، فبايع محمداً المقتفي، وخطب له ببغداد وأعمال السلطان وبقيت الخطبة بالشام والموصل على حالها إلى أن اتفق زنكي والسلطان مسعود واصطلحا، وخطب بالشام والموصل للمقتفي ولمسعود، وفارق الراشد إذ ذاك زنكي، وسار عن الموصل إلى خراسان، وذلك في سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة.
قرأت بخط القاضي علاء الدين أبي محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب في تاريخ مختصر عمله أبو شجاع محمد بن علي بن شعيب الفرضي البغدادي المعروف بابن الدهان، وذكر: أنه نقله من خطه، قال في حوادث سنة إحدى وعشرين: واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وخطلبا إلى باب الموصل إلى عماد الدين زنكي، فلمن ولى عاد إلى منصبه وأقام بحلب الأمير قراقش والرئيس فضائل بن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وسير سرية إلى حلب صحبة الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل إلى حلب وطلع إلى القلعة، وأقام فيها والياً من جانبه.
وقال: وفي هذه السنة - يعني - سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة دخل عماد الدين زنكي بن آق سنقر إلى حلب في يوم الاثنين رابع عشر جمادى الآخرة والطالع السنبلة أربع عشرة درجة، وطالعه الأصلي الميزان، كذا حكى لي البرهان، وقبض على خطلبا وسلمه إلى ابن بديع فكحله في منتصف رجب سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، قال: وانحاز قاضي القضاة الزينبي إلى الموصل في ولاية الراشد والآن عاد وسمع البينة في خلع الراشد وانضاف إلى الراشد لما أصعد إلى الموصل أبو الفتوح الواعظ الإسفرائيني وجلال الدين بن صدقة الذي كان وزيره، وقوام الدين بن صدقة وأكابر بيت صدقة، وحصل الجماعة عند زنكي بالموصل، ولما اتفقت الكلمة على المقتفي لأمر الله وعلى السلطان مسعود استشعر الراشد من زنكي، وطلب منه أن يعبر إلى الجانب الغربي ليمضي إلى همذان، فمشى بين يديه إلى أن حصل في الشبارة وعبر وتخلف عند زنكي جلال الدولة صدقة وجماعة من بيته، وسمعت قوام الدين صدقة يحكي أن الراشد لما حصل على شاطىء دجلة بالموصل يريد العبور وزنكي بين يديه، قال لأبي الرضا بن صدقة: أريد أقتل زنكي، فقال أبو الرضا لابن عمه قوام الدين: قال لزنكي يسرع خطوه بحيث يبعد عن الراشد، ففعل، وعرف زنكي ذلك لأبي الرضا، فاستوزره، ومضى الراشد إلى أصفهان وصحبته أبو الفتوح الإسفرائيني وأقام عليها إلى أن قتل.
وقال: في خامس عشر جمادى الآخرة - يعني - سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، فتح زنكي الرها، كان نازلاً على آمد فكتب إليه رئيس حران يخبره أن صاحب الرها قد توجه إلى الشام، فأغذ زنكي السير حتى نزل على الرها، وحال بينها وبين صاحبها، وحاصرها أشد الحصار، وفتحها بالسيف فغنم المسلمون منها.

قرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة بن الحراني لحران، دفعه إلي الخطيب سيف الدين أبو محمد عبد الغني بن شيخنا فخر الدين أبي عبد الله محمد بن الخضر بن تيمية، وذكر لي أنه نقله من خط شيخه المؤلف أبي المحاسن، قال: وفي سنة تسع وثلاثين وخمسمائة نزل - يعني - أتابك زنكي على الرها وفيها الافرنج، فحصرها وأخذها بالسيف يوم السبت السادس عشر من جمادى الآخرة، وكانت أيام الشتاء والبرد قال الشاعر:
إذا كانت جمادى في جمادى ... فذاك القر والبرد الشديد
ولما فتحها أوصى بأهلها خيراً، ولم يسب أهلها، ونوى عمارتها ووجدوا على عضادة الحراب مكتوباً:
أصبحت صفراً من بني الأصفر ... أختال بالأعلام والمنبر
دانٍ من المعروف حال به ... ناءٍ عن الفحشاء والمنكر
مطهر الرحب على أنني ... لولا جمال الدين لم أطهر
فبلغ ذلك رئيس حران جمال الدين فضل الله أبا المعالي فقال: امحوا جمال الدين واكتبوا عماد الدين، فبلغ ذلك أتابك عماد الدين فقال: صدق الشاعر لولاك ما طمعنا فيها، وأمر عماله إذا جاءت جائحة في الغلة أن يأخذوا الخراج على قدرها، فكانوا يأخذون خراجاً، وتارة نصف خراج، وتارة ثلث خراج، وتارة ربع خراج، وتارة لا يأخذون شيئاً إذا أمحلت البلاد، وقسم الماء الذي لحران ثلاثة أقسام: قسماً للسلطان، وقسماً للشتايات وقسماً لآبار حران ولخندق القلعة، فلما أخذ الرها نزل على البيرة، وفيها الأفرنج وذلك في سنة تسع وثلاثين وخمسمائة، وجاءه الخبر من الموصل أن نصير الدين نائبه بالموصل قتل، فخاف عليها وسار حتى دخل الموصل وأخذ فرخانشاه ابن السلطان الذي قتل نصير الدين جقر بن يعقوب فقتله بدم نصير الدين.
سمعت شيخنا قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قاضي حلب رحمه الله يقول: كان عندنا بالموصل رجل يقال له موسى يؤذن بالمدرسة، وكان أشقر شكله شكل الأرمن، وكان جهوري الصوت، وكان له قرية ملكه إياها أتابك زنكي، فسألته عن السبب في تمليكه القرية، فقال: إني كنت مع أتابك لما نزل محاصراً للرها، فنزلت إلى السوق واشتريت لباساً من لباس الأرمن، وتزييت في زيهم، ووصلت إلى البلد لأنظره وأكشف حاله، فجئت إلى الجامع فدخلته ورأيت المنارة، فقلت في نفسي أصعد إلى المنارة وأؤذن وحتى يجري ما جرى، فصعدت وناديت: الله أكبر الله أكبر، وأذنت والكفار على الأسوار، فوقع الصياح في البلد إن المسلمين قد هجموا البلد من الجهة الأخرى، فترك الكفار القتال ونزلوا عن السور فصعد المسلمون وهجموا المدينة، فأعطاني أتابك هذه القرية لذلك.
قرأت في تاريخ حران جمع أبي المحاسن بن سلامة الحراني، قال: حدثني أبي رحمه الله قال: كان أتابك زنكي بن قسيم الدولة آق سنقر رحمه الله إذا ركب مشى العسكر خلفه كأنهم بين حيطين مخافة أن يدوس العسكر شيئاً من الزرع، ولا يجسر أحد من هيبته يدوس عرقاً من الزرع ولا يمشي فرسه فيه، ولا يقدر أحد من الأجناد يأخذ لفلاح علاقة تبن إلا بثمنها أو بخط من الديوان إلى رئيس القرية، وإن تعدى أحد عليه صلبه عليها، وكان إذا بلغه عن جندي أنه تعدى على فلاح قطع خبزه وطرده، حتى عمر البلاد بعد خرابها وأحسن إلى أهل مملكته، وكان لا يبقي على مفسد، وأوصى ولاته بأهل حران وعماله، ونهى عن الكلف والمغارم والسخر والتثقيل على الرعية، وأقام الحدود في بلاده رضي الله عنه، هذا ما حكاه أبو المحاسن عنه.
وسمعت من جماعة من فلاحي حلب أنه كان عليهم منه جور وظلم في أيام ولايته، وأكثر ما كان يذكر عنه من الظلم ما يلزم الناس به من جمع الرجالة للقتال والحصار، فإن كان ذلك في جهاد الكفار، فقد كان يجب عليهم ذلك، وله إلزامهم به، وبلغني أنه كان لا يتجاسر أحد من رعيته كائناً من كان أن يظلم أحداً من خلق الله، ويقول: لا يتفق ظالمان يعني نفسه وغيره.

وبلغني أن أتابك زنكي تزوج خاتون بنت الملك رضوان وبنى بها في دير الزبيب خارج مدينة حلب، وكان إذ ذاك فيه بقايا عمارة ودامت معه بحلب إلى أن دخل يوماً إلى الخزانة بحلب ليعتبر ما فيها، فرأى الكبر الذي كان على أبيه آق سنقر حين أسره تاج الدولة تتش وقتله بين يديه صبراً، وهو ملوث بالدم، فقيل له: هذا كبر أبيك الذي قتل فيه، فانزعج لذلك وأخذه بيده، ودخل على زوجته بنت الملك رضوان، وألقى الكبر بين يديها وهو مضمخ بالدم وقال لها: أما هذا فعل من لا رحمه الله، يعني جدها تاج الدولة تتش؟ ثم هجرها من ذلك اليوم، وانقطع عن الدخول إليها، ودام على ذلك.
فحدثني عمي أبو غانم عن أبيه أبي الفضل قال: كان أتابك زنكي متزوجاً بنت الملك رضوان فهجرها، وبقي مهاجراً لها مدة من الزمان، فجاءت إلى والدي القاضي أبي غانم وهو قاضي حلب إذ ذاك وقالت له: أيها القاضي قد جئتك متمسكة بذيلك، ومستجيرة بالشريعة المطهرة، فإني مع أتابك لا أعلم حالي معه، أمطلقة أم معلقة، وأنا مهجورة من مدة طويلة، فوعدها الاجتماع به في ذلك، ثم صعد إليه إلى القلعة ولقيه، وهو راكب على الباب فقال له: يا مولاي، قد جاءت إلي خاتون وذكرت لي كذا وكذا، قال: فساق أتابك فرسه ولم يجبه بشيء، قال: فأمسك والدي بلجام الدابة ومنعه من المسير، وقال: يا مولاي هذه الشريعة المطهرة لا ينبغي الخروج عنها، فقال أتابك: اشهد على أنها طالق، قال: فأرسل والدي حينئذ لجام الدابة من يده، وقال: أما الساعة فنعم.
وسمعت عمي أبا غانم يقول: قال لي والدي أبو الفضل: لما مات أبي القاضي أبو غانم ولاني أتابك زنكي القضاة بعده على أهل حلب وأعمالها وأحضرني مجلسه، وقال لي: يا قاضي هذا أمر قد نزعته من عنقي وقلدتك إياه فانظر كيف تكون واتق الله ساو بين الخصمين هكذا، وجمع بين سبابته ووسطاه، ولا تمل على أحد الخصمين ولا تحاب أحداً ومن امتنع عليك فها إنا من ورائك.
أخبرني أبو محمد عبد اللطيف بن محمد بن أبي الكرم بن المعلى السنجاري قال: أخبرني أبي قال: كان بالموصل رجل من أهل الصلاح ينكر المنكر أين رآه، فإن رأى خمراً أراقه أو رأى جنكاً أو عوداً كسره، فيضرب على ذلك، فيجلس في بيته ويداوي أثر الضرب، ثم يخرج، فإن رأى منكراً أنكره على عادته، فيضرب ضرباً عنيفاً، فيجلس في البيت على العادة ويداوي نفسه إلى أن يبرىء ويخرج وينكر على عادته، فاتفق يوماً من الأيام أن خرج فنظر إلى دجلة، وزنكي بن آق سنقر راكب في شبارة وعنده مغنية تغني، وهو يشرب، وعنده جماعة، فنزع ذلك الرجل ثيابه وسبح وجاء إلى الشبارة التي فيها زنكي، فعلق يده فيها ليصعد، فقال بعض من مع زنكي: أأضرب يده بالسيف؟ فقال: لا اتركه، فتعلق وصعد فجلس فأشار ذلك الشخص إلى زنكي أأضربه؟ فقال: لا اتركه، فقعد في الشبارة وأخذ الجنك وقطع أوتاره، ثم أخذ الأقداح وصبها في دجلة وغسلها بالماء وتركها في الشبارة، وألقى جميع ما ثم من الخمر في الماء، وغسل الآنية وتركها، ثم مد يده إلى إزار المغنية فأخذه وسترها به، ثم ألقى بنفسه في دجلة وسبح وعبر، ولم يكلمه زنكي كلمة، وأما زنكي فإنه لما سبح ذلك الرجل وعبر قال: نرجع وندخل إلى دورنا فليس لنا في هذا اليوم اشتغال بما كنا فيه، وأمر الملاحين فأتوا بالشبارة إلى داره فنزل فيها.
قال: وأما الرجل الذي كان ينكر، فكان بعد ذلك إذا أنكر المنكر لا يتجاسر أحد على ضربه، وإذا رأوه مقبلاً لينكر عليهم انهزموا منه، واختفوا من طريقه، ولما مات غلقت أسواق الموصل لحضور جنازته رحمه الله.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زنكي بن آق سنقر أبو المظفر التركي المعروف بابن قسيم الدولة. دخل دمشق في صحبة الأمير ممدود صاحب الموصل، الذي قتل بدمشق، وكان من خواصه، ثم ترقت به الحال إلى أن ملك الموصل وحلب وحماة وحمص، وحصر دمشق ثم استقرت الحال على أن يخطب له على منبرها، وملك بعلبك وغيرها من بلاد الشام والجزيرة، واسترجع عدة من حصون الفرنج وبلادهم، مثل: المعرة وكفر طاب وتل بارين وفتح المدينة الرها، وكان له أثر حسن في مقاومة متملك الروم لما حصر شيزر، وأسر عدة من أبطال العدو، وكان شهماً صارماً قتل وهو محاصر لقلعة ابن مالك في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة بالرقة رحمه الله.
قرأت في تاريخ أبي شجاع محمد بن علي بن الدهان الفرضي في حوادث سنة إحدى وأربعين وخمسمائة قال: وفي هذه السنة قتل عماد الدين زنكي ليلة الأحد سادس شهر ربيع الآخر على قلعة جعبر قتله خادم له اسمه يرنقش، وانهزم إلى قلعة جعبر.
قلت: وفي تعليقي من الفوائد أن أتابك زنكي سار من الرها، ونزل على قلعة جعبر بالمرج الشرقي تحت القلعة يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة من سنة أربعين وخمسمائة فأقام عليها إلى ليلة الأحد سادس شهر ربيع الآخر نصف الليل من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فقتله يرنقش الخادم، كان تهدده في النهار فخاف منه فقتله في الليل في فراشه، وقيل إنه شرب ونام فانتبه فوجد يرنقش الخادم وجماعة من غلمانه يشربون فضل شرابه، فتوعدهم، ونام فأجمعوا على قتله، فقتله يرنقش المذكور.
سمعت والدي رحمه الله يقول: أن حارس أتابك كان يحرسه في الليلة التي قتل فيها بهذين البيتين:
يا راقد الليل مسروراً بأوله ... إن الحوادث قد يطرقن أسحارا
لا تأمنن بليل طاب أوله ... فرب آخر ليل أجج النارا
قرأت في تاريخ حران تأليف أبي المحاسن بن سلامة الحراني قال: فلما كان في سنة أربعين وخمسمائة نزل - يعني - أتابك زنكي على قلعة جعبر بالمرج الشرقي تحت القلعة يوم الثلاثاء ثالث ذي الحجة، فأقام عليها إلى ليلة الأحد سادس ربيع الآخر نصف الليل من سنة إحدى وأربعين وخمسمائة، فقتله يرنقش الخادم كان تهدده في النهار فخاف منه فقتله في الليل في فراشه، وجاء إلى تحت القلعة فنادى أهل القلعة شيلوني، فقد قتلت السلطان، فقالوا له: إذهب إلى لعنة الله قد قتلت المسلمين كلهم بقتله، وافترقت العساكر فأخذ أولاد الداية نور الدين محمود الملك العادل ابن عماد الدين زنكي وطلبوا حلب والشام فملكها، وسار أجناد الموصل بسيف الدين غازي إلى الموصل وأعمالها فملكها وملك الجزيرة، وبقي عماد الدين أتابك زنكي وحده فخرج إليه أهل الرافقة فغسلوه بقحف جرة ودفنوه على باب مشهد الإمام علي عليه السلام في جوار الشهداء من الصحابة، وبنى بنوه عليه قبة فهي باقية إلى الآن.
كذا قال أبو المحاسن، وإنما دفن أولاً داخل مشهد علي رضي الله عنه قريباً من الباب ثم نقل من ذلك الموضع إلى جوار الشهداء لما نذكره بعد هذا، وبني عليه ولده نور الدين محمود حائطاً يقصر عن القامة ولم يبن عليه قبة.
أخبرني الأمير بدران بن جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم بن مالك العقيلي قال: لما طال حصار أتابك زنكي لعمي علي بن مالك على قلعة جعبر تقدم حسان البعلبكي صاحب منبج إلى عمي، وقال له: من تحت القلعة يا أمير علي ايش بقى يخلصك من أتابك؟ فقال له: عاقل يخلصني الذي خلصك من جب خرتبرت، فذبح أتابك في تلك الليلة، وكان حسان قد قبض عليه بلك بن بهرام بن أرتق، وطلب منه أن يسلم إليه منبج فلم يفعل، فسيره إلى خرتبرت وحبسه في جب بها وحاصر منبج، فجاءه سهم فقتله عليها وخلص حسان وعاد إلى منبج.
وقال لي بدران: ومن عجيب ما اتفق في حصار القلعة ما حكاه لي جماعة من عبيدنا وشيوخ أصحابنا أن أتابك زنكي لما قصد القلعة وحاصرها، وبها عمي علي أقام مضايقاً لها حتى عدموا الماء فبذل عمي ثلاثين ألف دينار ليرحل عنها فأجابه إلى ذلك، ونزل رسول عمي إليه وقد جمع الذهب حتى قلع الحلق من آذان عماتي أخواته على ما حكى لي المشايخ.

قال: فلما نزل الرسول إليه قال لبعض خواصه: امض بفرسه وقدمه إلى قدر اليخني فإن شرب منه فأعلمني، قال: فمضى به إلى قدر اليخنى وجعل مرقة اليخنى بين يديه فشربها الفرس فأخبره بذلك، فقال إن الماء عندهم قليل جداً، فقال للرسول: ارجع إليهم فلا سبيل إلى الصلح إلا على القلعة، فقال له الرسول: لا تفعل، فقال: قد فعلت وأنتم فما بقي عندكم ماء يكفيكم، قال: فصعد الرسول إلى القلعة وأخبر عمي بذلك فأسقط في يده، قال: وكان في القلعة بقرة وحش، وقد أجهدها العطش فصعدت في درجة المئذنة حتى علت عليها ورفعت رأسها إلى السماء وصاحت صيحة عظيمة ملأت الوادي، قال: فأرسل الله سبحانه سحابة ظللت القلعة وأمطروا حتى رووا، ولما كان عشية ذلك اليوم باتوا تلك الليلة فقتل أتابك في جوف الليل، وفرج الله عنهم.
قلت: وكان القاضي أبو مسلم قاضي الرقة هو الذي خرج من الرقة مع جماعة من أهلها، وتولى تجهيز زنكي ونقله إلى الرقة ودفنه، فكان ثوابه من نور الدين محمود بن زنكي أن وقف عليه وعلى ذريته من بعده قرية عامرة ببلد حلب.
أخبرني شهاب الدين أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي مسلم قاضي الرقة، بالرقة، قال: كان أتابك زنكي حين قتل وحمل إلى الرقة قد دفن في مشهد علي بن أبي طالب عليه السلام داخل الباب على يمين الداخل والمكان معروف، فأرانيه حين حكى لي هذه الحكاية، قال: وكان بالمشهد قيم أعجمي يقال له ببنار، وكان صالحاً فاتفق ليلة النصف من شعبان أن رأى في المنام كأنه خرج من البلد وجاء إلى المشهد فرأى على بابه ثلاثة أفراس يمسكها عبد أسود، قال: فدخلت المشهد فرأيت ثلاثة رجال، فقلت: من أنتم؟ فقال أحدهم: أنا علي بن أبي طالب وهذان الحسن والحسين، ثم سألني عن القبر فقلت هذا قبر سلطان عظيم، فقال لي: مه السلطان العظيم هو الله، فقلت هذا قبر أتابك زنكي الشهيد، فقال لي: تمضي إلى ولده محمود وتقول له: نحن جعلنا هذا المكان معبداً لم نجعله مدفناً، فقل له: ينقله من ها هنا، قال: ثم مشوا إلى المكان الذي يقال فيه الكف، ودعوا ثم قال لي: يا ببنار أنت ما تقول له، نحن نقول له، قال: فأصبح ببنار ودخل إلى جدي القاضي موفق الدين أبي مسلم فحكى له ما رأى وعنده جماعة، فأخذ جدي وكتب كتاباً إلى نور الدين محمود يخبره فيه بصورة المنام قال: فلم يصل إليه الكتاب حتى سير نور الدين محمود كتاباً إلى القاضي أبي مسلم يقول له: إني رأيت ليلة نصف شعبان علي بن أبي طالب وولديه الحسن والحسين عليهم السلام، وقالوا لي: تنقل أباك من المشهد فنحن جعلناه معبداً لم نجعله مدفناً وقد سيرت إليك أربعة آلاف قرطيس تبني له تربة مثل ترب الفقراء والمساكين، لا مثل ترب الملوك والسلاطين، وتنقله إليها، قال: فبنى له حظيرة مختصرة بالقرب من باب المشهد، ونقله إليها، ورأيتها بالرقة وهي قصيرة البنيان.
سمعت قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: قد رؤي أتابك زنكي بعد موته في المنام، فقيل له: ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي بفتحي الرها.
زنكي بن مودود بن آق سنقر
أبو سعيد الملقب عماد الدين صاحب سنجار وهو حفيد المقدم ذكره.
ويلقب الملك العادل.

وكان عادلاً يميل إلى الدين وأهله، وكان أخوه عز الدين مسعود بن مودود بعد موت الملك الصالح ابن عمه قد ملك حلب فسير إليه عماد الدين زنكي وقال: كيف تختص أنت ببلاد عمي وابنه وأمواله، وأنا لا أصبر على ذلك وطلب منه حلب، ويدفع إليه سنجار عوضاً عنها، فأجابه إلى ذلك، وأخذ جميع ما كان بحلب من الأموال والذخائر، واتفقا على تسليم حلب إلى زنكي وتسليم سنجار إلى عز الدين، فسير عماد الدين زنكي ولده قطب الدين إلى حلب فتسلمها، ثم ورد بعده بأهله وأمواله وزوجته بنت عمه نور الدين وأجناده، ووصل إلى حلب على البرية من جهة الأحص والتقاه أكابر الحلبيين، وصعد إلى قلعة حلب في ثالث عشر المحرم من سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، وقيل في مستهله، ووصل الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب إلى حلب ونزل عليها ثلاثة أيام، فقال له زنكي: مر إلى سنجار وافتحها وادفعها إلي وأنا أدفع إليك حلب فرحل الملك الناصر عن حلب ومضى إلى الموصل، ثم رحل عنها إلى سنجار وفتحها في ثاني عشر شعبان من السنة وعاد عنها وعزم على منازلة حلب، وبلغ عماد الدين زنكي ذلك فخرب عزاز وحصن بزاعا وحصن بالس، وحصن كفر لاثا بعد أخذه من بكمش، وأخذ رهائن الحلبيين خوفاً من تسليم البلد، ونزل الملك الناصر على حلب وقت الضحى من يوم السبت لأربع بقين من المحرم من سنة تسع وسبعين وخمسمائة وأقام عليها شهراً يجد في القتال، فرأى عماد الدين زنكي أنه لا طاقة له به وأن أخاه عز الدين قد جعلها خالية من الأموال والذخائر، فأحضر إليه الأمير طمان واتفق معه على أن يخرج في السر ليلاً، ويتحدث في تقرير الأمر بينهما على تسليم حلب وأعمالها إلى الملك الناصر وأن يعوضه عنها بسنجار ونصيبين والخابور والرقة وسروج، وأن تكون بصرى لطمان، ويكون في خدمة زنكي، وكتم ذلك عن الحلبيين والأجناد، وكان يخرج إلى اصطبله وداره بالحاضر ويظهر أنه يخرج لحفظ أخشابه بهما، ويجتمع بالسلطان إلى أن قرر ما قرره، ولم يشعر أحد من الجانبين إلا وأعلامه قد رفعت على قلعة حلب، واستقر الأمر على إجراء الأمراء وأعيان المدينة على عادتهم في معايشهم وأملاكهم، وكان الحلبيون يجدون في قتال عسكر الملك ويخرج منهم في كل يوم عشرة آلاف مقاتل أو أكثر يجدون في القتال، فخافوا على أنفسهم لما تكرر منهم في قتال الملك الناصر مرة بعد أخرى في أيام الملك الصالح إسماعيل بن نور الدين وفي أيام عماد الدين زنكي وصرخ العوام بسبه، ونزل عماد الدين زنكي من قلعة حلب يوم الخميس ثالث وعشرين من صفر من سنة تسع وسبعين وخمسمائة ورتب فيها طمان إلى أن يتسلم نواب عماد الدين ما اعتاض به عن حلب واستنابه في بيع جميع ما كان في قلعة حلب حتى باع الأغلاق والخوابي، واشترى الملك الناصر منها شيئاً كثيراً، ونزل عماد الدين في ذلك اليوم إلى السلطان الملك الناصر، وعمل الملك له وليمةً واحتفل، وقدم لعماد الدين أشياء فاخرة من الخيل والعدد والمتاع الفاخر، وسار عماد الدين نحو بلاده حتى نزل مرج قراحصار، وسار الملك الناصر وشيعه ورجع.
سمعت عمي أبا المعالي عبد الصمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: نقل عز الدين صاحب الموصل من حلب حين ملكها جميع ما في قلعة حلب من الذخائر والسلاح والأموال إلى الرقة، وصانع عماد الدين على أن يأخذ منه سنجار وأعطاه حلب، فقدم عماد الدين إلى حلب مجداً في السير على البرية.

قال لي عمي: فخرجت أنا ووالدك والتقيناه وقدم من ناحية الأحص، ودخل حلب وأقام بها فلم يجد في قلعتها من الذخائر والأموال إلا القليل، فبلغ الملك الناصر فقال: أخذنا والله حلب، وكان لما بلغه تسلم عز الدين حلب قال: خرجت حلب من أيدينا، فقيل له: كيف؟ قلت في عز الدين لما أخذها خرجت حلب عن أيدينا، وقلت في عماد الدين أخذنا حلب، فقال: لأن عز الدين ملك صاحب رجال ومال وعماد الدين لا رجال ولا مال، وجاء الملك الناصر ونازل حلب فقال له عماد الدين امض إلى سنجار وخذها وأنا أدفع إليك حلب وتعطيني سنجار، فرحل عنها الملك الناصر بعساكره ونازل سنجار وفتحها، وعاد الملك الناصر ونزل على حلب وبها الأمراء الياروقية في قوتهم وعدتهم، فسعى الأمير طمان بين عماد الدين والملك الناصر وصالحه على أن يعطيه سنجار ويأخذ حلب، ولم يعلم أحد من الأمراء وأهل البلد إلا وأعلام الملك الناصر على قلعة حلب، فشق عليهم ذلك، وجرى على الياروقيه أمر عظيم وخافوا على أخبازهم، وكذلك على أهل البلد لأن الملك الناصر كان قد حاصرها في أيام الملك الصالح ورأى من قتالهم ونصحهم ما لم يشاهده من غيرهم، وصعد الرئيس بحلب مقدم الأحداث إلى عماد الدين ووبخه على ذلك، فقال له وهو في القلعة: لم نخرج منها بعد فما فات شيء فاستهزأ به الرئيس وجمع له الحلبييون والأجناد إجانات الغسالين إلى تحت القلعة يشيرون بذلك إلى أنه يغسل فيها كالمخانيث، وعمل عوام حلب فيه شعراً ملحوناً من نظم العامة الجهال، وكانوا يغنون بها ويدقون على طبل لهم منها:
يا حباب قلبي لا تلوموني هذا عماد الدين مجنون
قايض بسنجار لقلعة حلب وزاده المولى نصيبين
قال: وضرب آخر من العوام السفلة على طبله وقال مشيراً إلى عماد الدين:
وبعث بسنجار قلعة حلب عدمتك من بايع مشتري
خريت على حلب خرية نسخت بها خرية الأشعري
وقرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن الحصين - فيما كتبه بخطه - عن القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي في دستوره الذي جعله تاريخاً للماجريات في كل يوم بعضه بخط الفاضل وبعضه بخط الحصين، قال: يوم الجمعة سابع عشر صفر - يعني - من سنة تسع وسبعين وخمسمائة في ليلة خرج الحسام طمان، واجتمع بالسلطان وتقرر الأمر في تسليم حلب إلى السلطان وقلعتها، وأخذ العوض عنها سنجار، ونصيبين، والخابور والرقة، وسروج وعقد المصافاة مع العماد على المساعدة في الغزو بعسكر سروج والرقة متى استدعوا للجهاد، وأن يساعد بنفسه وباقي رجاله متى خف ركابه لذلك، وأن يتابع السلطان في حالتي سلمه وحربه، ويخلص في طاعته في بعده وقربه، وحررت من الجانبين نسخة يمين يستحلف بأحديهما العماد ويحلف هو بالأخرى.
وقال: خرج في آخر نهار هذا اليوم حسام الدين طمان وجورديك وجماعة من أمراء الياروقية، وحضروا خدمة السلطان الملك الناصر، ولخصوا من نسخة اليمين فصولاً مختصرةً استوفوا أقسام الحلف بها على السلطان، وباتوا تلك الليلة بالمعسكر التقوي خوفاً من تشغيب العوام.
وقال: يوم السبت ثامن عشر صفر خرج الأمراء الحلبيون من الياروقية والمماليك النورية وحضروا خدمة السلطان، وجاء أعيان المدينة وبياضها، وشملهم انعام السلطان في رد الأملاك على أربابها واقرار الأجناد على معائشهم واقطاعاتهم واجراء الرعايا على عوائدهم.
وقال - يعني في هذا اليوم - أعلن أهل احلب بسب عماد الدين زنكي بن مودود، وذمه وتسخيف رأيه، ووصف ذله وجبنه فيما اعتمده من السلم والتسليم حتى حملوا إلى باب القلعة مغزلاً وقطناً وأجانة، يعنون أنك شأنك شأن النساء من الغزل والغسل.
وقال: يوم الأحد تاسع عشر صفر خرج في أوله الأمراء الحلبيون إلى الخدمة بأسرهم، وساروا في الخدمة إلى الميدان الأخضر وفتحت أبواب حلب بأسرها وجلس أهلها في معايشهم.
وقال: - يعني في هذا اليوم - أنعم السلطان على ابنة نور الدين محمود بن زنكي زوجة عماد الدين زنكي بن مودود باقطاع من أعمال حلب وعبرته في كل سنة عشرون ألف دينار.

وقال: يوم الخميس ثالث عشري صفر خرج عماد الدين زنكي بن مودود من قلعة حلب وركب السلطان فتلقاه واعتنقا راكبين، وتسايرا، فلما قاربا مخيم السلطان تقدم عماد الدين أمامه فترجل عن فرسه قريب أطناب الدهليز حيث ينزل الأمراء في خدمة السلطان، فأمسك السلطان رأس فرسه حتى دخل عماد الدين إلى دهليز سرادقه ثم سار السلطان فنزل حيث جرت عادته، ودخل وفرش تحت قدمي عماد الدين عدة ثياب أطلس، ودخل السلطان فجلسا معاً، وجلس الأمراء الحلبيون كلهم على مراتبهم ومد الخوان، ولم يزل السلطان يبسط العماد ويؤانسه ويشغل الوقت بالأخبار المصرية والغزوات وغيرها، والعماد ملازم للصمت والتثاقل حتى حضر سليمان بن جندر بحكم التحجب عن السلطان، وخدم عماد الدين وقدم بين يديه ما حمل من الخزانة الناصرية في عشرين بوقجة: مائة ثوب وسكين بنصاب ناب، وأصناف الثياب أطلس ورومي، وخوارزمي وأنطالي وخطاي، وسقلاطون وعتابي، وغير ذلك، وقدم له الملك العزيز عثمان تسعة أثواب خونجي ومشجر وآمدي وسكين ومنديل، وقدم له الملك الظاهر غازي مثل ذلك، وقدم له من اصطبل السلطان عشرة أرس خيلاً عرابا، وخمس حجور، وخمسة أحصنة، وقدم له الملك العزيز عثمان ثلاثة أحصنة، والملك الظاهر مثل ذلك، ونهض عماد الدين وخدم وانفصل، وسار على حاله إلى منزل يعرف بقراحصار وهو على نحو فرسخين من حلب في جهة المشرق، ويقال قراحصا.
أخبرنا القاضي بهاء الدين أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: رحل عز الدين - يعني - مسعود بن مودود من قلعة حلب في سادس عشر شوال - يعني - من سنة سبع وسبعين وخمسمائة طالباً للرقة وسار حتى أتى الرقة ولقيه أخوه عماد الدين عن قرار بينهما واستقر مقايضه حلب بسنجار، وحلف عز الدين لأخيه عماد الدين على ذلك في حادي عشرين شوال، وسار من جانب عماد الدين من تسلم حلب، ومن جانب عز الدين من تسلم سنجار.
وفي ثالث عشر المحرم سنة ثمان وسبعين صعد عماد الدين إلى قلعة حلب.
وقال: وسار - يعني - السلطان الملك الناصر طالباً حلب، فنزل عليها في سادس عشرين محرم سنة تسع وسبعين وخمسمائة. وكان أول نزوله بالميدان الأخضر، وسير المقاتلة يقاتلون ويباسطون عسكر حلب ببانقوسا، وباب الجنان غدوة وعشية، ولما نزل على حلب استدعى العساكر من الجوانب، واجتمع خلق عظيم، وقاتلها قتالاً شديداً، وتحقق عماد الدين أنه ليس له به قبل، وكان قد ضرس من أفراخ الأمراء عليه وجبههم، فأشار إلى حسام الدين طمان رحمه الله أن يسفر له مع السلطان قدس الله روحه في إعادة بلاده وتسليم حلب إليه.
واستقرت القاعدة، ولم يشعر أحد من الرعية ولا من العسكر حتى تم الأمر، وانحكمت القاعدة واستفاض ذلك، واستعلم العسكر منه ذلك فأعلمهم، وأذن لهم في تدبير أنفسهم، فأنفذوا عنهم وعن الرعية جورديك النوري وبيلك الياروقي فقعدوا عنه إلى الليل، واستحلفوه على العسكر وعلى أهل البلد، وذلك في سابع عشر صفر سنة تسع وسبعين، وخرجت العساكر إلى خدمته إلى الميدان الأخضر ومقدموا حلب، وخلع عليهم، وطيب قلوبهم، وأقام عماد الدين بالقلعة يقضي أشغاله وينقل أقمشته وخزائنه، والسلطان مقيم بالميدان الأخضر إلى يوم الخميس ثالث عشر صفر، وفي ذلك اليوم نزل عماد الدين إلى خدمته وسير معه بالميدان الأخضر وتقرر بينهما قواعد، وأنزله عنده في الخيمة وقدم له تقدمةً سنية وخيلاً جميلة، وخلع على جماعة من أصحابه، وسار عماد الدين من يومه إلى قراحصار سائراً إلى سنجار، فأقام السلطان بالمخيم بعد مسير عماد الدين إلى يوم الاثنين سابع وعشرين صفر، ثم في ذلك اليوم صعد قدس الله روحه قلعة حلب مسروراً منصوراً.
أنشدت لزنكي بن مودود صاحب سنجار دوبيت:
السكر صار كاسدا من شفتيه ... والبدر تراه ساجدا بين يديه
والحسن عليه كلّ شيء وافر ... إلاّ فمه فإنه ضاق عليه
توفي عماد الدين زنكي بن مودود بسنجار، ودفن بالمدرسة التي أنشأها ظاهر مدينة سنجار رحمه الله.
سمعت تاج الدين محمد بن خير الله النفيعي الفقيه الحنفي بسنجار يقول لي: رأيت عماد الدين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنجار في النوم وهو في هيئة حسنة وثياب جميلة وهو راكب خارج سنجار نحو القبلة فقلت له إلى أين؟ فقال: إلى الغزاة.

قال لي ابن خير الله: وكان له غزوات متعددة رحمه الله، وكان قد جمع الغبار الذي صار على درعه في غزواته وادخرها لتجعل في أكفانه، فجعلت في أكفانه حين مات رحمه الله.
قال: وكان كثير الخير والمعروف، وبنى بسنجار مدرسة، هو مدفون بها وبيمارستانا، وبنى بنصيبين مدرسة لأصحاب أبي حنيفة، ووقف على ذلك وقوفاً كثيرة.
//الجزء التاسع
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
زهدم بن الحارث:
كان بدابق حين ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، وسمع خطبته، ورواها عنه، روى عنه محمد بن عثمان.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد قالت: أخبرنا أبو طاهر بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر الزراد المنجي بمنبج، قال: أبو الفضل عبيد الله بن سعد الزهري قال حدثنا عبيد الله بن عمر قال: حدثنا بن عثمان قال: حدثنا زهدم بن الحارث قال سمعت: عمر بن عبد العزيز حين ولي الخلافة خطبنا فقال: اللهم إن كنت تعلم أني لم أسألكها في سر ولا علانية فسلمني منها.
قال الحافظ أبو القاسم: زهدم بن الحارث شهد خطبة عمر بن عبد العزيز حين استخلف روى عنه محمد بن عثمان.
زهرون بن حسون الحمَّال:
المتعبد الإفريقي الاطرابسي، كان من العباد المجتهدين في العبادة، ودخل إلى الشام، وساح في جبل اللكام، وقدم إلى التينات على أبي الخير التيناتي، ذكره أبو بكر عبد الله بن محمد المالكي في كتابه رياض النفوس قي طبقات عباد إفريقية، فقال - ونقلت ذلك من نسخة نقلت من خط علي بن عبد الله بن إبراهيم بن محبوب الطرابلسي نقلها 2 - و من خط أبي بكر المالكي من مسودة الكتاب، فقال في ذكره - كان شيخاً صالحاً فاضلاً، متعبداً مجتهداً، ناسكاً كثير التقفر والسياحة والانفراد ظهرت له براهين وكرامات، وكان أصله رحمه الله من أهل القيروان، وكان مسكنه بالجلود جرت له في شبيبته صبوة وفتوة واتباع للشهوات، ثم رجع عن ذلك فتاب وأناب وسبب رجوعه ما حدثني أبو عبد الله محمد بن هيبون الجزيري قال: حدثني بعض شيوخي قال: كان سبب توبة زهرون الطرابلسي أنه شق سوق العطارين بالقيروان فرأى فيه حدثاً جميلاً، فوقع في نفسه منه شيء، فدخل السوق فباع بدراهم كثيرة، وكان رباعاً بباب الغنم، يجلب الغنم إلى الداران، فأتى بالدراهم نصف النهار، وقت خلاء الأسواق فالتمس هو تلك الخلوة فأتي فوجد الحدث جالساً وحده في الدكان فصب الدراهم في حجره، قال: فنفضها الحدث من حجره إلى الزقاق، قال: فأقبل زهرون يجمعها من الأرض، وهو يقول هذه حيرة الذنوب، قال: فأحدث توبة في الوقت، وترك الدنيا وأقبل على العبادة والتبتل، وحج حججاً كثيرة، ذكر عن أبي بكر بن سعدوس المتعبد، وكان من أصحابه، أنه حج سبعاً وعشرين حجة، وكان يأخذ طريق تبوك بلا زاد ولا راحلة على طريق القفر والبوادي، وهي طريقة 2 - ظ معروفة عند أهل الفقر يأخذها منهم أهل الصحة والأكابر من الفقراء، كان بنو أمية يأخذونها من دمشق إلى مدينة الرسول صلى الله عليه وسلم، عفت آثارها، وخربت ديارها وغارت مياهها.
قال: وقال أبو بكر بن سعدوس، قلت لزهرون: أخبرني ما أعجب شيء رأيته بجبل اللكام؟ قال: بينما أنا أمشي فيه إذ أصابني العطش فإذا حجر حية، فرأيت شيئاً هالني فقست في عرضه ستة أشبار فقلت هذه حية واردة الماء فتبعت الأثر إلى هبطٍ من الأرض، فإذا بماء في فواره عليه تلك الحية برأس كرأس البقرة وقرنان كقرنيها وعينان كعينيها فأفزعني ذلك فقلت لنفسي: أين ما تدعين من حال التسليم فقلت: لا بد من التمسح بها، فقالت لي نفسي: من جهة ذنبها، فقلت: لا من جهة رأسها، فأقبلت فوضعت مرفقي عليها، وألصقت خدي بخدها فإذا هي كالترس، وهي تقلب عينيها وتنظر إلي، ثم ملت إلى الماء فتوضأت وشربت وقمت.

قال: وحدثني أبو بكر أحمد بن محمد بن يحيى القرشي المتعبد قال: حدثني أبو الحسن علي بن ميمون المؤدب الفقير وكان طالباً لإخائي قال: قال أبو بكر ابن سعدوس: قلت لزهرون حدثني كيف قصتك مع الأسد؟ قال: انحدرت مرة من الثغر لمقابلة أبي الخير الأقطع فأخذتني السماء بمطر وابل حتى 3 - و كدت أهلك، وأنا في الصحراء فأويت إلى كهف في سند جبل فلم ألبث إلا قليلاً، فإذا بأسد عظيم يزأر، قد سدّ عليّ باب المغارة، ودخل فمدَّ يده، وجعل يحرك أذنيه ويُبَصبَص إليّ ويلعقني بلسانه في ناحية من المغارة وأنا في ناحية حتى أتيت على جزئي من الليل وتهجدي، ولا والله ماعدا علي بمكروه أنه معي في المغارة كالخروف.
فلما كان في اليوم الثاني مررت ببعض القرى فإذا بامرأة ما رأيت قط أجمل منها، ولا أبهى، وقد خرجت من دار فجعلت أنظر إلى شكلها ومشيتها، حتى حاذيت كلباً فهر نحوي ونبح علي، وقام كالأسد العظيم وكبس علي، فخرق لحمي ومزقه، فرجعت على نفسي باللوم والعتاب، وقلت في نفسي: البارحة مع الأسد ولم يعد عليّ، وقد أنس بي، فلما عصيت الله عز وجل في يومي هذا ورميت بصري إلى ما نهاني عنه، سلط علي هذا الكلب اللهم إني تبت إليك وبكيت على نظري إليها زماناً. ذكر أبو بكر المالكي أنه توفي سنة خمسين وثلاثمائة.
زهرة بن حوية السعدي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه قتل حابس بن سعد الطائي، وكان قد شهد القادسية، وقتل رستم يومئذ، وأدرك صفين شيخاً كبيراً، فشهدها مع علي، له ذكر.
ذكر من اسمه زهير
زهير بن أحمد البغدادي:
صحب أحمد بن حنبل، وروى عن عبد الرزاق بن همام، والحسين بن محمد المروذي، وتوجه من بغداد إلى طرسوس.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود بن الحسن عن أبي عمرو بن منده قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زهير بن أحمد البغدادي صاحب أحمد بن حنبل، روى عن عبد الرزاق والحسين بن محمد المروذي، أدركته ولم أكتب عنه، وكان صدوقاً، قدمنا بغداد سنة خمس وخمسين ومائتين، وكان قد خرج إلى طرسوس.
زهير بن الحارث:
كان بثغر طرسوس، وله، ذكر، وإليه تنسب دار السبيل بطرسوس وتعرف بماء زهير بن الحارث، وكان ينزلها الغزاة بثغر طرسوس، وأظنه جد زهير بن هرون 3 - ظ ابن موسى بن أبي جرادة جد جد أبي، وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، لأن أمه فاطمة بنت عبد الله بن زهير.
ووقف زهير بن أبي جرادة شيئاً من ملكه بحلب على فارس وفرسه يكون مقيماً بطرسوس في دار السبيل المعروفة بزهير بن الحارث يجاهد عن زهير ابن هرون.
زهير بن حرب بن شداد:
أبو خيثمة النسائي، حدث عن الوليد بن مسلم، وسفيان بن عينيه ووكيع ابن الجراح، وحميد بن تيرويه، وأبي النضر هاشم بن القاسم وبشر بن السري، وأبي معاوية الضرير، وغندر، وهشيم بن بشير، وعبد الرحمن بن مهدي، وأبي محمد بن عبد الله بن إدريس الأودي، واسما عيل بن علية، ويحيى بن سعيد القطان، وجرير بن عبد الحميد، ووهب بن جرير ومحمد بن فضيل، ويعقوب بن إبراهيم ابن سعد، وعلي بن الحسين بن شقيق، وزيد بن هارون.
روى عنه ابنه أحمد بن زهير، وأبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، وأبو إبراهيم أحمد بن سعد الزهري، وأبو زرعة الرازي، وأبو القاسم عبد الله بن عبد العزيز البغوي، ويعقوب بن شيبة، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، وجعفر بن عمر بن عبيد، وعباس الدوري وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وإبراهيم الحربي، وموسى بن هرون وجعفر الطيالسي وأبو سعيد عبد الله بن الحسن بن أحمد بن أبي شعيب الحراني، وغيرهم، وكان أشخصه إسحاق بن ابراهيم بن مصعب سابع سبعة إلى الرقة ليمتحنهم المأمون في القول بخلق القرآن، فأجابوه إلى ذلك، وأذن لهم في العودة إلى بغداد ثم استدعاهم بعد ما رحل من الرقة إلى 4 - و الشام، فلحقوه في الشام في نواحي حلب وساروا معه إلى أن ردهم إلى بغداد.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي وأبو حفص عمر بن علي، المعروف بشيخ، وأبو علي بن بشير النقاش، وعبد الرشيد بن النعمان الولوالجي قالوا: أخبرنا أبو القاسم الخليلي قال: أخبرنا أبو القاسم الخزاعي قال: أخبرنا الهيثم بن كليب قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: أخبرنا جعفر بن عمر بن عبيد قال: أخبرنا زهير أبو خيثمة عن حميد عن أنس قال: كان خاتم النبي صلى الله عليه وسلم من فضة، فصه منه.
أخبرنا أبو سعيد ثابت بن مشرق بن أبي سعد البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرَّب بن الحسين النسَّاخ الكرخي قال: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي، ح.
قال أبو سعد: وأخبرتنا ست الأخوة بنت محمد بن أبي منصور قالت: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم قالا: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: وحدثنا أبو خيثمة قال: حدثنا جرير عن رقية بن مصقلة عن عبد الله الإفريقي عن القاسم الشامي عن أبي أمامة قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يحل بيع المغنيات ولا تعليمهن ولا التجارة فيهن، وقال: ثمنهن حرام. 4 - ظ.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا يوسف بن رباح البصري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس بمصر قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: قال يحيى بن معين: وزهير ثقة. يعني، أبا خيثمة.
وقال: أخبرنا أحمد قال أخبرنا البرقاني قال: قرئ على أبي علي بن الصواف وأنا أسمع: حدثكم جعفر بن محمد الفريابي قال: وسألت محمد بن عبد الله بن نمير قلت له: أيما أحب إليك أبو خيثمة أو أبو بكر بن أبي شيبة؟ فقال: أبو خيثمة، وجعل يُطري أبا خيثمة، ويضع من أبي بكر.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - مما أجازه لنا - قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي بن ثابت البغدادي قال: أخبرنا هبة الله بن الحسن الطبري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن القاسم قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا جدي قال: زهير بن حرب أثبت من عبد الله بن محمد - يعني - ابن أبي شيبة، وكان في عبد الله تهاون بالحديث لم يكن يفصل هذه الأشياء يعني بين الألفاظ.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن يوسف بن الطفيل - قراءة عليه وأنا أسمع بالقاهرة - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: سمعت أبو الفتح إسماعيل بن عبد الجبار الماكي يقول: حدثني جدي قال: حدثنا علي بن مهرويه 5 - و قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا يحيى بن أيوب قال: سمعت معاذ بن معاذ العنبري يقول: إذا سمعت الحديث من زهير لم أبال أن لا أسمعه من سفيان الثوري.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: حدثنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب قال: حدثني الحسين بن فهم قال: زهير بن حرب ثقة ثبت.
أنبأنا سعيد بن هاشم الخطيب عن أبي طاهر بن الفضل قال: أنبأنا عبد الوهاب بن أبي عبد الله قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: حدثنا علي بن الحسين قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو خيثمة زهير بن حرب يكفي قبيلة.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زهير بن حرب، أبو خيثمة، أصله من نسا، مات ببغداد في ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين ومائتين، سمع ابن عُيَيْنة.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن عدي البصري - في كتابه - قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجُري قال: قلت لأبي داوود سليمان بن 5 - ظ الأشعث: أبو خيثمة حجة في الرجال؟ قال: ما كان أحسن علمه.
وقال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: حدثني الصوري قال أخبرنا الخصيب بن عبد الله القاضي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أحمد بن شعيب النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو خيثمة زهير بن حرب شداد ثقة مأمون.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم الرازي قال: زهير بن حرب أبو خيثمة روى عن هشيم وإسماعيل بن علية وجرير، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وبشر بن السري، روى عنه أبي وأبو زرعة،؟ سئل أبي عن زهير بن حرب فقال صدوق.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي كان اسم جده أشتاك فعُرّب وجعل شداداً، سكن أبو خيثمة بغداد وحدث بها عن سفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير وإسماعيل بن علية، وجرير بن عبد الحميد، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي، وعبد الله بن إدريس، وبشر بن السري والوليد بن مسلم، وأبي معاوية الضرير، ووكيع، روى عنه ابنه أحمد ويعقوب بن شيبه، وأبو إبراهيم أحمد بن سعيد الزهري 6 - و ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج، وأبو زرعة، وأبو حاتم الرازيان، وعباس الدوري وإبراهيم الحربي، وجعفر الطيالسي، وموسى بن هارون، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وخلق لم يتسع ذكرهم، وكان أبو خيثمة ثقة ثبتاً حافظاً متقناً.
أنبأنا أبو اليمن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن الكازروني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد الكلاباذي قال: زهير بن حرب بن شداد، أبو خيثمة النسائي، سكن بغداد، سمع جرير بن عبد الحميد، ومحمد بن فضيل، ووهب بن جرير، ويعقوب بن إبراهيم بن سعد.
روى عنه البخاري في الحج والبيوع، وغير موضع، مات ببغداد في شهر ربيع الآخر سنة أربع وثلاثين ومائتين، قاله البخاري، ويقال مات لثلاث مضين من شعبان، وذكر أبو داوود عن ابن عبيد أنه مات في شعبان من هذه السنة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد: قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق بن وهب البندار قال: حدثنا أبو غالب علي بن أحمد بن النضر قال: سنة اثنتين وثلاثين فيها مات أبو خيثمة.
قال الخطيب: هذا القول وهم، والصواب ما أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أحمد بن عيسى بن الهيثم التمار قال: حدثنا عبيد بن محمد بن خلف البزاز، ح.
قال: وأخبرنا محمد بن الحسين 6 - ظ بن الفضل القطان قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير الخلدي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قالا: مات أبو خيثمة في سنة أربع وثلاثين ومائتين.
قال الخطيب: وأخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: وُلد أبي زهير بن حرب سنة ستين ومائة، ومات ليلة الخميس لسبع ليال خلون من شعبان سنة أربع وثلاثين ومائتين في خلافة جعفر المتوكل، وهو ابن أربع وسبعين سنة.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن شهريار - في كتابه - قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: وأبو خيثمة - يعني - مات في شعبان يوم الخميس لخمس بقين من سنة أربع وثلاثين ومائتين.

أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي عن الحافظ أبي طاهر السِّلفي قال: أخبرنا أبو علي البرداني قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر الحافظ قال: قال أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي: مات أبو خيثمة زهير بن حرب يوم الخميس لثمان مضت من شعبان سنة أربع وثلاثين ومائتين وكتبت عنه.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه - قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن محمد العَميري قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم 7 - و القراب - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن خميرويه قال: أخبرنا عبد الله بن عروة قال: أبو خيثمة زهير بن حرب بن اشتاك مات سنة أربع وثلاثين ومائتين.
قال القراب: وأخبرنا أبو علي الشيباني قال: أخبرنا الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: مات محمد بن عبد الله بن نمير مع أبي في شعبان سنة أربع وثلاثين ومائتين.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي في كتابه قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران - إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ثم دخلت سنة أربع وثلاثين ومائتين، قال: وفي هذه السنة مات جماعة من الحفاظ وحملة العلم، منهم يحيى بن أيوب، وأبو خيثمة زهير بن حرب، وسليمان الشاذكوني، ومحمد بن عبد الله بن نفيل الحراني، وعلي بن جعفر المديني، وأبو الربيع الزهراني، ومحمد بن أبي بكر المقدمي.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر الأصبهاني قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربع وثلاثين ومائتين أبو خيثمة زهير بن حرب في شعبان ببغداد ثقة ثبت، يعني مات فيها.
زهير بن الحسن بن الفرات
أبو الحسن البُطْناني، من قرية بُطْان حبيب، وإليها ينسب الوادي وادي بُطْنان، حدث ببُزاغا سنة 7 - ظ تسع وأربعين وثلاثمائة عن عمر بن جعفر بن محمد الطبري، روى عنه أبو بكر عبد الله بن أحمد بن محمد بن روزبة.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به، إجازة عنه، أبو القاسم بن رواحة، وابن الطفيل وغيرهما قال: أبو الحسن زهير بن الحسن بن الفرات البطناني، روى عن عمر بن جعفر بن محمد الطبري، وقال: حدثنا بمكة عن محمد بن القاسم الصدفي عن أحمد بن عبد الوهاب بن خالد الواسطي عن أبيه عن إسحاق بن إبراهيم الموصلي، حدث عنه أبو بكر عبد الله بن أحمد بن روزبة الهمذاني بمصر وقد سمع عليه ببزاعة.
زهير بن عبّاد بن مليح زهير:
وقيل عباد بن زهير بن عباد بن فضالة بن حكيم بن الحارث بن قيس بن عامر بن عمرو بن عبيد بن رواس بن كلاب، أبو محمد الرواسي الكلابي، وقيل يكنى أبا نعيم، وهو ابن عم وكيع بن الجراح، كوفي الأصل سمع بحلب عطاء بن مسلم الخفاف الحلبي.
وحدث بحلب وغيرها عنه وعن مالك بن أنس، ووكيع بن الجراح وسفيان بن عُيينة، وعبد الله بن المبارك، وفضيل بن عياض، ومصعب بن ماهان، ومحمد بن أيوب، وحفص بن ميسرة، عبد الله بن المغيرة، والصلت بن حكيم، وأبي عبد الرحمن المصيصي، وأبي إسحاق إبراهيم بن المصيصي، ويحيى بن حسان، وأبي بكر الداهري، وداوود بن هلال النصيبي، والمسيب بن شريك، وإدريس بن يحيى الخولاني، وأبي عصام رواد بن الجراح، وأبي حفص عمرو بن سلمة التنيسي، وداوود بن أبي شعيب البصري، وأبي عمرو الصنعاني، ورشدين بن 8 - و سعد، وعبد الله بن وهب ويزيد بن عطاء، وأحمد بن محمد البصري، وأسد بن حمدان، والفضل بن عثمان وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وشهاب بن خراش، ويوسف بن أسباط، ومحمد بن فضيل ورديح بن عطية، وهارون بن هلال النصيبي، وعيسى بن يونس، وصدقة بن المغيرة، وعتاب بن بشبر.

روى عنه طاهر بن عيسى التميمي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد العُرَني، ويحيى بن علقمة، والحسين بن حميد العَكي، وأحمد بن عبد الأعلى البغدادي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، ومحمد بن يعقوب بن حبيب، ومحمد بن خلف الحدادي، وأحمد بن يحيى بن خالد الرقي، وأحمد بن أبي الحواري، وأبو قصي العذري، وأبز زُرعة الدمشقي، وأبو عبد الملك البسري، وخالد بن روح بن أبي حجر، والحسن بن الفرج العرني، وحرب بن بيان المقدسي، ويزيد بن أحمد السلمي، وأبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس.
أخبرنا الحسن بن أبي بكر بن المبارك الزبيدي - بمكة - وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الفُضَيْل بن يحيى بن الفضيل الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد بن أبي شريح قال: حدثنا أبو عبد الله عبيد الله بن عبد الصمد الهاشمي قال، حدثنا طاهر بن عيسى 8 - ظ التميمي قال: حدثنا زهير بن عباد قال: حدثنا مصعب - يعني - بن ماهان عن سفيان الثوري عن منصور، والأعمش، عن سالم بن أبي الجعد عن ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استقيموا ولن تحصوا، واعلموا أن خير أعمالكم الصلاة، ولا يحافظ على الوضوء إلاّ مؤمن. قال: وقال أحدهما: من خير دينكم.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير - إذناً - عن الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني قال: أخبرنا أبو الفضل بن محمد بن عبد الله الكرابيسي قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن إدريس بن 9 - و المبارك الأنصاري قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي قال: حدثنا زهير بن عباد الرواسي ابن عم كان لوكيع.
قال ابن عمار: وكان ثقة، قال: سمعت شهاب بن خراش قال: سمعت قتادة يقول في قوله: " واستمع يوم ينادي المنادي من مكان قريب " قال من صخرة بيت المقدس.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا علي بن محمد الحيني قال: سألته - يعني صالح بن محمد جزرة - عن زهير بن عباد ابن أخت وكيع فقال: صدوق.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زهير بن عباد الرواسي، ابن عم وكيع بن الجراح، روى عن عبد العزيز الدراوردي، وعتاب بن بشير، ويزيد بن عطاء اليشكري، وفضيل بن عياض، وابن عيينة وابن وهب، كتب أبي عنه بدمشق وبمصر في الرحلة الأولى، وروى عنه، سئل أبي عنه فقال: أصله كوفي، ثقة.
أخبرنا الفقيه أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام - إذناً - قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الحافظ - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو محمد زهير بن عباد 9 - ظ الرواسي، سكن مصر، سمع أبا عمر حفص ابن ميسرة الصنعاني، ويزيد بن عطاء الواسطي.
حدثني علي بن محمد بن سختويه قال: حدثنا محمد - يعني - أحمد بن نصر الترمذي قال: حدثنا زهير بن عباد الرواسي بمصر أبو محمد.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما الرواسي فجماعة ينسبون إلى رواس بن كلاب بن ربيعة، واسم رواس الحارث، منهم: زهير بن عباد الرواس.

أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: زهير بن عباد بن مليح بن زهير، أبو محمد الرواسي، ابن عم وكيع بن الجراح، أصله من الكوفة، وحدث بدمشق ومصر عن مالك بن أنس، وسفيان بن عُيينة، ووكيع بن الجراح، وابن المبارك، ورشدين بن سعد، وعبد العزيز الدراوردي، وعتاب بن بشير وفضيل بن عياض، ويزيد بن عطاء، وعطاء بن مسلم، وابن وهب، وعبد الله بن المغيرة، وأسد بن حمدان، وصدقة بن المغيرة، ويوسف بن أسباط، وعيسى بن يونس، وحفص بن ميسرة، وهارون بن هلال النصيبي، ورديح بن عطية، والصلت بن حكيم، ومحمد بن فُضَيل، وإدريس بن يحيى الخولاني، وأبي بكر عبد الله بن حكيم الداهري، وشهاب بن خراش الحوشبي، ويحيى بن حسان، والمسيب بن شريك، ومصعب بن ماهان، ورواد بن الجراح، وعمرو بن أبي سلمة.
روى عنه محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي، وأبو عبد الملك البُسْري وأبو حاتم 10 - و الرازي، وأبو علي الحسين بن حميد العكي، وأبو زُرْعة الدمشقي، وأبو قصي العذري، وأحمد بن أبي الحواري، وخالد بن روح بن أبي حجر، وأبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس، وأبو عبد الله محمد بن أحمد العريني، والحسن بن الفرج العرني، ومحمد بن يعقوب بن حبيب، ويزيد بن أحمد السلمي، وأحمد بن يحيى الرقي، وحرب بن بيان المقدسي، وأبو الزنباع روح بن الفرج المصري، وقاسم بن عثمان الجوعي، ومحمد بن خلف الحدادي.
قال الحافظ أبو القاسم: كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، ثم حدثني أبو بكر اللفتواني عنه، قال: أخبرنا عمي عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق عن أبيه قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس، زهير بن عباد بن زهير بن عباد بن فضالة بن حكيم بن الحارث بن قيس بن عامر بن عمرو بن عبيد بن رواس بن كلاب الرواسي، يكنى أبو محمد الكوفي، قدم مصر وقطنها وحدث بها توفي بمصر في شوال سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن محمد الأنصاري عن أبي محمد بن حمزة السلمي عن أبي محمد بن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زَبْر قال: قال الحسن بن علي: فيها - يعني سنة ست وثلاثين ومائتين - مات زهير بن عباد.
زهير بن عبد الرزاق بن بقاء بن عثمان بن الأزهر:
أبو الأزهر الحربي، سمع عبد الله بن أحمد بن أبي المجد الحربي، وحدث عنه، وسافر إلى حلب، ذكره لي عمر بن علي بن دهجان البصري فيمن أفادنيه ممن دخل حلب 01 - ظ من أهل الحديث، وكتبه لي بخطه - وقال لي: زهير بن عبد الرزاق بن بقاء بن عثمان بن الأزهر الحربي أبو الأزهر، سمع المجلدة الأولى من مسند العشرة رضي الله عنهم من مسند أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل من عبد الله بن أحمد بن أبي المجد الحربي، وسمع غير ذلك، وحدث وسافر إلى البلاد، ودخل حلب وهو شيخ حسن خير لا بأس به.
زهير بن عوف الكندي:
هو الشاهد على الوليد بن عقبة بن أبي معيط أنه رآه يقيء الخمر، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها.
زهير بن محمد بن علي:
ابن يحيى بن حسن بن جعفر بن عاصم أبو الفضل الأزدي الكاتب المهلبي المكي، ولد بمكة، ونشأ بالصعيد، الصعيدي، رجل فاضل فقيه مقرئ، شاعر مجيد، تولى كتابة الملك الصالح أيوب بن الملك الكامل محمد بن أيوب، وحظي عنده وتقدم، وقدم حلب مجتازاً إلى البلاد الشرقية متوجهاً إلى مخدومه الملك الصالح صلاح الدين يوسف بن محمد من مصر، فأكرمه واحترمه وأوسع له في العطاء، وأقام بها مدة تزيد على ثلاثة أشهر، ثم قدم في ذي القعدة من سنة سبع وأربعين وستمائة رسولاً على الملك المعظم توران شاه بن أيوب إلى الملك الناصر يوسف معزياً في الملك الصالح أيوب. ومقرراً لأمور مرسله، وكنت اجتمعت به بنابلس في سنة سبع وثلاثين وستمائة، بعد أن قبض الملك الناصر داوود صاحب الكرك على مخدومه وسجنه في الكرك، وأنشدني مقاطع من شعره، وشعر غيره وكان كيساً قاضياً لحوائج الناس، ولما ملك الملك الناصر يوسف بن الملك العزيز محمد دمشق، وكان زهير بن محمد بها فأجرى له معلوماً حسناً، فأقام مدة سنتين، وكتب إليّ عدة أبيات في أمور عرضت له، وصار بيني وبينه مودة، ثم توجه إلى مصر وأقام بها إلى أن مات.

وكان يكتب خطاً حسناً وسألته عن مولده فقال لي: في سنة اثنتين وثمانين - يعني - وخمسمائة بمكة.
أنشدني بهاء الدين أبو الفضل زهير بن محمد لابن الذبروي في ابن بدر الكاتب قال لي زهير وعليه حررت الخط:
يا بن بدر علوت في الخط قدراً ... عندما قايسوك بابن هلال
راح يحكي أباه في النقص لما ... جئت تحكي أباك عند الكمال
أنشدنا أبو الفضل زهير بن محمد بن علي الكاتب بنابلس لنفسه من لفظه: 13 - ظ.
وحقكم ما غيَّر البعد عهدكم ... وإن حال حال أو تغير شان
فلا تسمعوا فينا بحقكم الذي ... يقول فلان عندكم وفلان
لديّ لكم ذاك الوفاء بحاله ... وعندي لكم ذاك الِوداد يُصان
وما حل عندي غيركم في محلكم ... لكل حبيب في الفؤاد مكان
هبوا لي أماناً من عتابكم عسى ... تقر جفون أو يقرُّ جَنَان
ومن شغفي فيكم ووجدي أنني ... أُهوِّن ما ألقاه وهو هوان
ويحسن قبح الفعل إن جاء منكم ... كما طاب ريح العود وهو دخان
رعى الله قوماً شطّ عني مزارهم ... وكنت لهم ذاك الوفي وكانوا
وكم عزة لي عاقها الدهر عنهم ... وللدهر في بعض الأمور حران
على أنني أنوي وللمرء ما نوى ... إلى أن يواتي قدرةٌ وزمان
وأنشدني زهير بن محمد الكاتب المهلبي لنفسه:
يا مليحاً لي منه ... شهرة بين البرايا
سوف تلقى لك في قلبي إذا جئت خبايا
غبت عني وجرت ... بعدك والله قضايا
فلقد جرعت من ... بعدك كاسات المنايا
ولئن مت سيبقى ... لك في قلبي بقايا
وأنشدني زهير بن محمد بن علي لنفسه: 14 - و.
أقول إذا أبصرته مقيلاً ... معتدل القامة والشكل
يا ألفاً من قده أقبلت ... بالله كوني ألف الوصل
وأنشدني زهير لنفسه:
يا من لعبت به شمول ... ما ألطف هذه الشمائل
نشوان يهزه دلال ... كالغض مع النسيم مائل
لا يمكنه الكلام لكن ... قد حمل طرفه رسائل
ما أطيب وقتاً وأهنا ... والعاذل غائب وغافل
عشق ومسرة وسكر ... العقل ببعض ذاك زائل
والبدر يلوح في قناع ... والغصن يميس في غلائل
والورد على الخدود غصن ... والنرجس في الجفون ذابل
والعيش كما أحب صاف ... ولأنس بمن أحب كامل
مولاي يحق لي بأني ... عن مثلك في الهوى أقاتل
لي فيك وقد علمت عشق ... لا يفهم سِره العواذل
في حبك قد بذلت روحي ... إن كنت لمّا بذلت قابل
لي عندك حاجة فقل لي ... هل أنت إذا سألت باذل
في وجهك للرضا دليل ... ما تكذب هذه المخائل
لا أطلب في الهوى شفيعاًلي فيك غنى عن الوسائل 14ظ
ذا العام مضى وليت شعري ... هل يحصل لي رضاك قابل
ها عبدك واقفاً ذليلاً ... بالباب يَمُدَّ كف سائل
من وصلك بالقليل يرضى ... الطّلَّ من الحبيب وابل
وأنشدني لنفسه على الوزن والقافية:
مالي وإلى متى التمادي ... قد آن بأن يفيق غافل
ما أعظم حسرتي لعمر ... قد ضاع ولم أفز بطائل
قد عزَّ عليَّ سوء حالي ... ما يفعل ما فعلت عاقل
ما أعلم ما يكون مني ... والأمر كما علمت هائل
يا رب وأنت بي رحيم ... قد جئتك راجياً وآمل
حاشاك بأن ترد ضيفاً ... قد أصبح في ذراك نازل
يا أكرم من رجاه راج ... عن بابك لا يُرد سائل
أخبرني أبو الفضل زهير بن محمد قال: كتب إليَّ جمال الدين يحيى بن مطروح يطلب مني درج ورق ومدادا، قلت: وأنشدنيها ابن مطروح لنفسه بدمشق:
أفلست يا سيدي من الورق ... فابعث بدرج كعرضك اليقق
وإن أتى بالمداد مقترناً ... فمرحباً بالخدود والحدق

قال لي زهير: ومن طرفه أنه في البيت الأول فتح الراء من الورق وكسرها، وكتب عليها معاً، قال: فسيرت إليه درجاً ويسير مداد كان عندي 15 - و وكتبت إليه:
مولاي سيرت ما أمرت به ... وهو يسير المداد والورق
وعز عندي تسيير ذاك وقد ... شبهته بالخدود والحدق
وأنشدني أبو الفضل زهير لنفسه:
ليت شعري ليت شعري ... أي أرض هي قبري
ومتى يوم وفاتي ... ليتني لو كنت أدري
ضاع عمري في اغترابٍ ... ورحيل مستمر
ليس لي في كل أرض ... جئتها من مستقر
بعد هذا ليتني أع ... رف ما آخر أمري
ومتى أخلص مما ... أنا فيه ليت شعري
فلقد آن بأن أصحو ... فما لي طال سكري
أترى تستدرك الفائت ... في تضييع عمري
أخبرني الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي العطار قال: توفي زهير بن محمد في اليوم الرابع أو الخامس من ذي القعدة من سنة ست وخمسين وستمائة بالقاهرة.
وأخبرني أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن سراقة بالكبش بين مصر والقاهرة قال: توفي بهاء الدين زهير بن محمد بن علي الكاتب بعد صلاة المغرب من ليلة الاثنين ودفن صبيحتها يوم الاثنين السادس 15 - ظ من شهر ذي قعدة سنة ست وخمسين، ودفن بمقربة من تربة الإمام الشافعي رحمه الله، ومولده بالحجاز سنة إحدى وثمانين وخمسمائة في الخامس من ذي الحجة بمكة هكذا ذكر لي ابن سراقة.
زهير بن محمد بن قمير بن شعبَة:
أبو محمد المروزي ثم البغدادي، أصله من مرو، وسكن بغداد، ثم انتقل عنها إلى طرسوس، وأقام بها مرابطاً إلى أن مات.
حدث عن زكريا بن عدي، وأحمد بن محمد بن حنبل، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وعبيد بن عبيدة، والحسن بن موسى الأشيب، والحسين بن موسى العبسي وأبي صالح محبوب بن موسى الأنطاكي الفراء، وعبد الله بن مسلمة، ويعلى بن عبيد، وأبي الجواب أحوص بن جواب، والحسين بن محمد المروذي والضحاك بن مخلد، وصدقة بن سابق، وأبي توبة الربيع بن نافع الحلبي.
روى عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو عبد الله محمد بن يزيد بن ماجه القزويني، وأبو إسحاق إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري وأبو محمد عبد الله ابن جابر بن عبد الله الطرسوسي وجعفر بن محمد بن مغلس وأبو عبد الله الحسين ابن يحيى بن 11 - و عياش الأعور وأحمد بن عبد الله النيَّري، وأبو الحسن علي ابن أحمد الرافقي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، وأبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وأحمد بن إسحاق بن البهلول، وأحمد بن محمد ابن إسماعيل الآدمي، وأبو بكر محمد بن نيروز الأنماطي، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وإسحاق بن بيان الأنماطي، وجعفر بن محمد الصندلي، وابنه محمد بن ابن زهير بن محمد بن قمير بن شعبة، وآخرون غيرهم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد الرحيم بن الأخوة، وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج سعد بن أبي الرجاء الصيرفي. قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال: حدثنا أبو عبد الله حسين بن يحيى بن عياش القطان قال: حدثنا زهير بن محمد بن محمد بن قمير قال: حدثنا عبد الرزاق عن سفيان عن سماك بن حرب عن موسى بن طلحة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان بين يديك مثل مؤخرة الرحل لم يقطع عليك ما مر بين يديك.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد البغدادي قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن محمد الدقاق قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن الحسن قال: سمعت أبو القاسم بن منيع يقول: ما رأيت بعد أبي عبد الله أحمد 11 - ظ بن محمد بن حنبل أزهد من زهير بن قمير.
وقال أبو بكر: حدثني الأزهري قال: حدثنا محمد بن الحسن الصيرفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: ما رأيت بعد أحمد بن حنبل أفضل من زهير سمعته يقول: أشتهي لحماً من أربعين سنة ولا آكله حتى أدخل الروم فآكله من مغانم الروم.

أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الحسن بن علي التميمي قال: حدثنا عمر ابن أحمد الواعظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني محمد بن زهير بن محمد قال: كان أبي يجمعنا في وقت ختمة القرآن في شهر رمضان، في كل يوم وليلة ثلاث مرات تسعين ختمة في شهر رمضان.
وقال أحمد بن علي: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: أخبرنا محمد بن إسحاق السراج قال: زهير بن محمد بن قمير بن شعبة مأمون ثقة.
أخبرنا أبو حفص المكتب - أذناً - قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: زهير بن محمد بن قمير بن شعبة أبو محمد المروزي الأصل، سمع الحسين بن موسى العبسي، والحسن بن موسى الأشيب، ويعلى ابن عبيد، وأبا صالح الفراء وأبا الجواب أحوص بن جواب، وعبد الله بن مسلمة القعنبي وعبد الرزاق بن همام.
روى عنه عبد الله بن أحمد بن حنبل، وموسى بن هارون، وأبو القاسم البغوي وأحمد بن إسحاق بن البهلول ويحيى بن محمد بن صاعد، وأحمد بن محمد بن إسماعيل الآدمي، وجعفر بن محمد الصندلي، وابن عياش القطان وكان 12 - و ثقة صدوقاً ورعاً زاهداً، وانتقل في آخر عمره عن بغداد إلى طرسوس، فرابط بها إلى أن مات.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي: زهير بن محمد بن قمير ابن شعبة المروزي، روى عن عبد الرزاق بن همام الصنعاني، والضحاك بن مخلد البصري أبي عاصم، وأبي الفراء صالح وصدقة بن سابق وآخرين.
حدث عنه أبو القاسم البغوي، وابن صاعد وابن سرور الأنماطي، وابن بهلول القاضي، والقاضي أبو عبد الله المحاملي وأحمد بن عبد الله النيري، وابن عياش المتوثي، وإبراهيم بن حفص بن عمر الحلبي وآخرون.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن جعفر بن محمد بن عبيد الله المنادي قال: وزهير بن محمد بن قمير المروذي من أفاضل الناس، وقد كتب الناس عنه حديثاً كثيراً، ودفن حين مات في مقابر باب حرب.
قال أبو بكر الخطيب: وهذا القول في مدفنه وهم، والصحيح أنه مات بطرسوس ودفن بها.
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد البغوي: مات زهير بن محمد بطرسوس في سنة سبع وخمسين في آخرها.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا أبو طاهر الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن خشيش قال 12 - ظ أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة سبع وخمسين ومائتين زهير بن محمد في ذي الحجة، بطرسوس، وقيل سنة ست، يعني مات.
كتب إلينا الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - من حران - قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحق بن إبراهيم القراب - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثني الحسين بن الفضل قال: أخبرنا الفضيل بن محمد الفقيه قال: حد أبي قال: سمعت موسى بن هارون يقول: مات زهير بن محمد بن قمير في ذي الحجة سنة سبع وخمسين ومائتين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو منصور بن عبد الملك قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الحسين بن علي الطناجيري قال: حدثنا عمر ابن أحمد الواعظ قال: سمعت أحمد بن محمد بن يزيد الزعفراني يقول: ومات زهير بن محمد بن قمير في سنة ثمان وخمسين ومائتين، كذا بلغنا عنه، مات في الثغر.
زهير بن محمد بن يعقوب:
أبو الخير الموصلي، سمع بملطية أبا يعلى محمد بن أحمد بن عبيد الأقطع السُّلمي الملطي، وروى عنه وعن أبي عبد الرحمن: أحمد بن شعيب النسائي، وأبي الطيب محمد بن أحمد المروذي، وأبي عبد الله الحسين بن عمر بن أبي الأحوص، روى عنه تمام بن محمد الرازي.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: حدثنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثني أبو الخير زهير بن محمد بن يعقوب الموصلي قال: حدثنا أبو يعلى محمد بن أحمد بن عبيد الأقطع السلمي بلمطية قال: حدثنا محمد بن يحيى بن ضريس العبدي قال: حدثنا يعقوب بن موسى قال: حدثنا مسلمة عن راشد أبي محمد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من صام في شهر حرام الخميس والجمعة والسبت كتب له عبادة سبعمائة سنة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي 16 - و قال: زهير بن محمد بن يعقوب أبو الخير الموصلي، حدث بدمشق عن أبي عبد الله الحسين بن عمر بن أبي الأحوص، وأبي يعلى محمد بن أحمد بن عبيد الأقطع الملطي، وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي الطيب محمد بن أحمد المروزي، روى عنه تمام بن محمد.
زهير بن محمد أبو المنذر التميمي:
ثم العنبري الخراساني المروزي الخرقي، من خرق قرية من قرى مرو، وقيل أنه نيسابوري، وقيل إنه هروي، ويقال فيه المكي لأنه سكن مكة، ويقال فيه المديني أيضاً لأنه سكنها.
حدث عن موسى بن وردان، ومحمد بن المنكدر، وجعفر بن محمد، وأبي إسحاق السبيعي، وزيد بن أسلم، والوضين بن عطاء، وحميد الطويل، وإسماعيل ابن وردان، وأبان بن...... وشرجبيل بن سعد، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وهشام بن عروة، والعلاء بن عبد الرحمن، وصالح بن كيسان، وسهيل بن أبي صالح، وعبد الرحمن بن القاسم، والمطلب بن عبد الله بن حنطب، وابن جريج، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي، وعبد الرحمن ابن حرملة، وصالح مولى التوأمة، وأبي محمد عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وصفوان بن سالم، وأبي حازم سلمة بن دينار الأعرج، ومحمد بن عمرو بن حلحلة.
روى عنه يحيى بن حمزة، والوليد بن مسلم، وعبد الرحمن بن مهدي، واليمان بن عدي الحمصي، وسويد بن عبد العزيز، وعثمان بن الحكم الجذامي، وعبد الملك بن أبي محمد الصنعاني، وعلي بن أبي حَمَلَة، وعمرو بن أبي سلمة ومحمد بن سليمان الحراني بومه 16 - ظ وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري ومعاذ بن خالد المروزي، وأبو داوود الطيالسي، وعبد الملك بن عمرو العقدي، ومعن بن عيسى القزاز، وأبو حذيفة موسى بن مسعود، وصدقة بن عبد الله السمين.
وقدم الثغور الشامية غازياً.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي - بقراءتي عليه بحلب - قال: أخبرنا الخطيب الإمام أبو طاهر محمد بن محمد ابن عبد الله السنجي ببلخ قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن الدوني قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد بن بوان الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحق السني الحافظ قال: أخبرنا أبو يعلى - يعني - الموصلي قال: أخبرنا أبو خيثمة قال: حدثنا أبو عامر العقدي قال: حدثنا زهير بن محمد عن عبد الله بن محمد بن عقيل عن محمد بن جبير بن مطعم عن أبيه أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا رسول الله أي البلدان شر؟ قال: لا أدري، فلما جاءه جبريل عليه السلام قال: يا جبريل أي البلدان شر؟ قال: لا أدري حتى أسأل ربي عز وجل، فانطلق جبريل فمكث ما شاء الله ثم جاء فقال: يا محمد إنك سألتني أي البلدان شر فقلت لا أدري، وأني سألت ربي عز وجل أي البلدان شر، فقال: أسواقها.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر القشيري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو نصر القشيري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحاكم قال: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد 17 - و يقول: سمعت صالح بن محمد الحافظ يقول: زهير ابن محمد نيسابوري كان يكون بمكة، وكان يكون في الثغور غازيا، قلت: ويقال له هروي، قال: يقال وهو ثقة صدوق.

أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: سمعت أحمد بن جعفر السعدي يقول: قيل لأحمد بن حنبل وهو حاضر: حديث أبي هريرة: إذا كان النصف من شعبان فلا يصوم أحد حتى يصوم رمضان؟ قال: ذاك خبر ضعيف، ثم قال: حديث العلاء كان يرويه وكيع عن أبي العميس عن العلاء وابن مهدي، وكان يرويه، ثم تركه. قيل: عن من كان يرويه؟ قال: عن زهير، ثم قال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يصوم شعبان يصله برمضان.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: بلغني عن أبي عيسى الترمذي أنه قال: سألت محمداً - يعني - البخاري عن حديث زهير فقال: أنا أتقي هذا الشيخ، كأن حديثه موضوع، وليس هذا عندي بزهير بن محمد، وكان أحمد بن حنبل يضعف هذا الشيخ، يقول: هذا شيخ ينبغي أن يكون قلبوا اسمه.
وقال أبو القاسم الحافظ: أنبأنا أبو بكر محمد بن الحسين بن الزرقي 17 - ظ عن أبي جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد ابن حميد الخلال - إجازة - قال: أخبرنا حمزة بن القاسم بن عبد العزيز الهاشمي قال: حدثنا حنبل بن إسحاق بن حنبل قال: سمعت أبا عبد الله يقول: زهير بن محمد خراساني ثقة.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا ابراهيم بن يعقوب قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: زهير بن محمد الخراساني مستقيم الحديث.
أخبرنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا قاضي القضاة أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا يعقوب بن يوسف بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن موسى قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن البغدادي قال: حدثنا عبد الملك الميموني قال: سمعت: أحمد بن حنبل قال زهير: بن محمد مقارب الحديث.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن خلف بن تُجيب الدقاق قال: حدثنا عمر بن محمد الجوهري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هانئ قال: سمعت أبا عبد الله ذكر رواية الشاميين عن زهير بن محمد قال: يروون عن زهير ابن محمد أحاديث مناكير هؤلاء، ثم 18 - و قال لي: ترى هذا زهير بن محمد ذاك الذي يروي عنه أصحابنا؟ ثم قال: أما رواية أصحابنا عنه فمستقيمة: عبد الرحمن بن مهدي، وأبو عامر أحاديث مستقيمة صحاح، قال أبو عبد الله: وأما أحاديث أبي حفص ذاك التنيسي عنه فتلك بواطيل موضوعة أو نحو هذا، فأما " بواطيل " فقد قاله.
وقال أبو بكر أحمد بن محمد بن الحجاج المروزي: سألت أحمد بن حنبل عن زهير بن محمد الخراساني قال: ليس به بأس.
فهذا قول أحمد بن حنبل قد اضطرب في زهير بن محمد كما تراه، وكذلك اضطراب فيه قول يحيى بن معين أيضاً.
أنبأنا عبد البر بن الحسن قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا معاوية عن يحيى قال زهير بن محمد خراساني ضعيف.
أنبأنا عمر بن محمد المؤدب عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد العزيز ابن عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: زهير بن معاوية خراساني ضعيف.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا عبد الله بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: قال أبو زكريا زهير 18 - ظ بن محمد الخراساني التميمي ليس له بأس وليس بالقوي.

قال: وأخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء قال: أخبرنا محمد قال: أخبرنا الأحوص قال: حدثنا أبي قال: قال يحيى: زهير بن محمد المكي، نزل مكة ثقة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو عبد الله بن البناء - إجازة - عن أبي تمام علي بن محمد بن الحسن عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم ابن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زهير بن محمد الخراساني ثقة، وسئل يحيى بن معين: الخراساني مرة أخرى؟ فقال: صالح.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الفتح نصر الله بن محمد عن أبي الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا ابراهيم بن الجنيد قال: سمعت يحيى بن معين يسأل عن زهير بن محمد فقال: ليس به بأس، فقلت ليحيى: مكي؟ قال: كان خراسانياً، وكان بمكة.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال أخبرنا أبو بكر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح المؤذن قال: أخبرنا أبو الحسن ابن السقَّاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زهير بن محمد الخراساني ثقة.
حدثنا يحيى قال: حدثنا عيسى بن يونس قال: حدثنا زهير بن محمد أبو المنذر 19 - و الخراساني.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم اليونارتي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم ابن عمر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد الخلال قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب بن نسيبة قال: حدثني جدي قال: حدثني عبد الله بن شعيب قال: قرأ عليّ يحيى بن معين: زهير بن محمد الخراساني صالح لا بأس به.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو نصر القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني محمد بن إبراهيم المروزي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زهير بن محمد الخراساني صالح.
أخبرنا أبو محمد بن أبي العلاء - في كتابه - قال: أخبرنا المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت: ليحيى: فزهير أبو المنذر؟ قال: ليس به بأس، فقلت: فزهير بن محمد ما حاله؟ قال: ثقة.
قلت: هذا الكلام يشعر بأن المسؤول عنه أولاً غير المسؤول عنه ثانياً، والظاهر أنه هو وقد سأله عنه مرتين، ويحتمل أن المسؤول عنه ثانياً هو زهير بن محمد بن قمير الذي قدمنا ذكره، وقد كان في زمن يحيى وبين موتهما نيف وعشرون سنة والله أعلم.
أنبأنا أبو محمد قال: أخبرنا البرمكي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: زهير بن محمد أبو المنذر التميمي الخراساني كناه آدم، سمع عبد الله بن أبي بكر بن حزم، وابن عقيل، وزيد بن أسلم، وموسى بن وردان.
روى عنه ابن مهدي والعقدي وموسى 19 - ظ بن مسعود، وروى عنه أهل الشام أحاديث مناكير.
قال أحمد: كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر، وزاد الجنيدي: روى عنه الوليد وعمر بن أبي سلمة مناكير عن ابن المنكدر، وهشام بن عروة، وأبو خازم.
قال أحمد: كأن الذي روى عنه أهل الشام زهير آخر فقُلب اسمه.
قال ابن عدي: وسمعت ابن حماد يقول: قال البخاري، فذكر هذا الكلام.
قلت: قوله: وزاد الجنيدي يعنى من قوله: روى عنه الوليد إلى قوله: فقُلب اسمه، يريد أنها من قول الجنيدي، لا من قول البخاري، وقوله: قال البخاري: فذكر هذا الكلام يعني كلام البخاري وقع له بإسناد آخر عن ابن حماد، والله أعلم.
أنبأنا سليمان بن الفضل البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو المنذر زهير بن محمد العنبري عن عبد الله بن أبي بكر وابن عقيل، وزيد بن أسلم، روى عنه ابن مهدي والعقدي.

أخبرنا ابن المقير إذنا عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو المنذر زهير بن محمد الخراساني وليس بالقوي 20 - و.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: زهير بن محمد، أبو المنذر التميمي العنبري الخراساني سكن مكة، سمع زيد بن أسلم ومحمد بن عمرو بن حلحلة: روى عنه أبو عامر العقدي في كتابه المرض والاستئذان، قال البخاري في التاريخ الصغير: ما روى زهير عن أهل الشام فإنه مناكير. وما روى عنه أهل البصرة فإنه صحيح الحديث.
أنبأنا ابن المقير عن محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم ابراهيم بن عمر قال: حدثنا أبو بكر المهندس قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أبو المنذر زهير بن محمد.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن مزيد قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي قال: زهير بن محمد جائز الحديث.
" بسم الله الرحمن الرحيم " " وبه توفيقي " أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نُسير ابن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: حدثنا عمر بن سنان قال: حدثنا يعقوب بن كاسب قال: حدثنا معن بن عيسى عن زهير بن محمد أبو المنذر التميمي.
قال ابن عدي: سمعت الحسين بن أبي معشر يقول: زهير بن محمد خراساني الأصل، سكن مكة، وكان حديثه فوائد.
وقال ابن عدي: حدثنا محمد بن الحسين المروزي - إجازة مشافهة - قال: حدثنا أبي قال: حدثنا العباس بن مصعب قال: حدثنا زهير بن محمد أبو المنذر العنبري من أهل مرو أصله من خرق سكن مكة لم يرو عنه ابن المبارك ولا ذكر عنه شيء.
قال يحيى بن معين: زهير بن محمد المكي الخراساني ثقة، وقال إسحاق بن محمد راهويه: زهير بن محمد العنبري، من أهل مرو، من أهل خرق.
قال ابن عدي: وقال النسائي فيما أخبرني محمد بن العباس عنه قال: زهير بن محمد ليس بالقوي.
أنبأنا أبو محمد عبد الوهاب بن رواج قال: أخبرنا أبو طاهر السِّلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلاّل قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب بن علي سنان 22 - و النسوي قال: زهير بن محمد أبو المنذر الخراساني ليس بالقوي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - فيما أجازه لي - قال: أنبأنا الرئيس مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زهير بن محمد المروزي التميمي العنبري أبو المنذر، كان يكون بمكة والمدينة، روى عن محمد ابن المنكدر وصفوان بن سليم وزيد بن أسلم والعلاء بن عبد الرحمن، وابن عقيل.
روى عنه ابن مهدي، وعامر العقدي، والوليد بن مسلم، وعمر بن أبي سلمة، وأبو حذيفة، سمعت أبي يقول ذلك.
سألت أبي عن زهير بن محمد فقال: محله الصدق، وفي حفظه سوء، كان حديثه بالشام أنكر من حديثه بالعراق لسوء حفظه، وكان من أهل خراسان سكن المدينة، وقدم الشام فما حدث من كتبه فهو صالح مما حدث من حفظه ففيه أغاليط.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي قال: أخبرنا أبو القاسم محمود بن سعادة بن أحمد ابن يوسف قال: حدثنا أبو يعلى الخليل بن عبد الله القزويني قال: حدثنا أبي قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن سلمة القطان قال: حدثنا علي بن أحمد بن الصباح قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن هاني الأثرم قال: حدثنا أبو عبد الله 22 - ظ بحديث زهير بن محمد عن صالح بن كيسان عن عبد الله بن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم: البذاذة من الإيمان، فقال: هذا ليس هو أبو أمامة الباهلي، هذا يقولون أبو أمامة بن ثعلبة الأنصاري، وقال: حدثنا عباد عن محمد بن عمرو عن عبد الله بن أبي أمامة الأنصاري لم يقل عن أبيه.
أنبأنا أبو محمد بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: زهير بن محمد العنبري الخراساني، مروزي سكن مكة، يكنى أبا المنذر وهذه الأحاديث لزهير بن محمد - يعني أحاديث ذكرها في كتابه - فيه بعض النكرة، رواية الشاميين عنه أصح من رواية غيرهم، وله غير هذه الأحاديث، ولعل الشاميين حيث رووا عنه خلطوا عليه، فإنه إذا حدث عنه أهل العراق فرواياتهم عنه شبه المستقيم، وأرجو أنه لا بأس به.
قلت: كذا وقع في النسخ " ورواية الشاميين " وهو طغيان من القلم والصواب " ورواية العراقيين " .
أخبرنا أبو نصر بن الشيرازي - فيما أجاز لي روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم: قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني: قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبَّان - إجازة - قال: أخبرنا أحمد بن القاسم الميانجي - إجازة - قال: حدثني أحمد بن طاهر بن النجم قال: أخبرنا سعيد بن عمرو 32 - ز فيما نسخه من كتاب أبي زرعة الرازي بخطه في أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين: زهير بن محمد أبو المنذر التميمي كناه آدم.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو نصر القشيري قال: أخبرنا بكر أحمد ابن الحسين قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحاكم قال: وسمعت أبا عبد الله الضبي يقول: سمعت أحمد بن محمد بن سعيد يقول: سمعت موسى بن هارون يقول: زهير ابن محمد أبو المنذر الخراساني قالوا إنه من أهل نيسابور، وقالوا من غيره، أرجو أنه صدوق كثير الخطأ.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن علي قال: حدثنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا أبو نصر طاهر بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن اياس قال: سمعت أحمد بن محمد المقدمي يقول: زهير بن محمد المديني أبو المنذر.
قال الحافظ أبو القاسم: كذا قال: وهو مروزي.
قلت: إنما نسبة إلى المدينة لأنه سكنها كما نسبه إلى مكة لأنه يسكنها، فقد ذكر أبو محمد بن أبي حاتم أنه سكن المدينة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي المحلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: قال جدي يعقوب: زهير بن محمد الخراساني، صدوق صالح الحديث.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام - إذناً - عن الحافظ 23 - ظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو المنذر زهير ابن محمد التميمي العنبري الخراساني المروزي، روى عن أبي محمد عبد الله بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم الأنصاري، وأبي أسامة زيد بن أسلم العدوي، في حديثه بعض المناكير، روى عنه عبد الرحمن بن مهدي، وأبو يحيى معن بن عيسى القزاز الأشجعي، وأبو عامر عبد الملك بن عمرو العقدي.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن أبي سعد البكري - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبوا القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زهير بن محمد أبو المنذر التميمي ثم العنبري الخراساني المروزي الخرقي، من أهل قرية من قرى مرو تسمى خرق، سمعت بها الحديث، ويقال إنه هروي، ويقال نيسابوري، سكن بمكة، وسكن الشام.

وحدث عن يحيى بن سعيد الأنصاري، وأبي محمد بن عبد الله أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم، وزيد بن أسلم، وعبد الله بن محمد بن عقيل، وموسى ابن وردان، وصفوان بن سليم، وهشام بن عروة، وأبي حازم الأعرج، ومحمد ابن المنكدر، وعبد الرحمن بن حرملة وعبد الرحمن بن القاسم، وسهيل بن أبي صالح، والعلاء بن عبد الرحمن، وصالح مولى التوأمة، وجعفر بن محمد الصادق وأبي إسحاق السبيعي وحميد 24 - و الطويل والوضين بن عطاء، وإسماعيل بن وردان، والمطلب بن عبد الله بن حنطب.
روى عنه ابن مهدي وعبد الملك بن عمرو العقدي، وأبو حذيفة موسى بن مسعود، ومعن بن عيسى القزاز، وأبو داوود الطيالسي، ومعاذ بن خالد المروزي، وعبد الملك بن عبد الرحمن الذماري، ومحمد بن سليمان الحراني بومه، وعثمان ابن الحكم الجذامي المصري، واليمان بن عدي الحمصي، واجتاز بدمشق، فروى عنه من أهلها: الوليد بن مسلم ويحيى بن حمزة، وعمرو بن أبي سلمة وأبو الزرقاء عبد الملك بن أبي محمد الصنعاني، وسويد بن عبد العزيز، وعلي بن أبي حملة وصدقة بن عبد الله السمين.
زهير بن مضرس
ابن منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر بن عقل بن هلال بن سمي بن مازن بن فزارة بن ذبيان بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار القزاري شهد وفاة مسلمة بن عبد الملك، وحكى عن هشام والوليد ابن يزيد، وتوفي مسلمة في قرية يقال لها الحانوت من أعمال حلب، وتعرف الآن بالحانوته روى عنه ابنه موسى بن زهير.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي إسحاق الحبال، وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار ابن أحمد بن عمر المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. 24 - ظ وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي علي. قالا: حدثنا محمود بن محمد قال: حدثني أحمد ابن أبي طاهر قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني موسى بن زهير بن مضرس ابن منظور بن زبان بن سيار بن عمرو بن جابر عن أبيه قال: رأيت هشاماً في معسكره يوم مات مسلمة وقد وقف عليه الوليد بن يزيد فقال: يا أمير المؤمنين إن عقبى من بقي لحوق من مضى، وقد أقفر بعد مسلمة الصيد لمن رمى، واختل الثغر فوهى وعلى أثر من سلف يمضي من خلف، ثم مضى.
زهير بن هارون
ابن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد بن عامر أبي جرادة العقيلي الحلبي جد جد جد أبي، وبنوا العديم كلهم من نسله، وأكثر الأملاك التي كانت لسلفنا بحلب: أورم الكبرى ويحمول، وأقذار ولؤلؤة والسبن هو الذي اشتراها، وكان حافظاً لكتاب الله تعالى، عنده فضل وأدب وورع وديانة.

ووقفت على كتاب في رق يتضمن وقفاً وقفه زهير بن هارون بن موسى: إنه وقف أربع حقال بأورم الكبرى من قرى حلب تصَّدق بها على أن تستغل بوجوه غلاتها في كل سنة حين وزمان، فما فضل بعد النفقة على هذه الصدقة في مصلحتها وعمارتها وما فيه صلاحها أُشتُري منه فرس بعشرين ديناراً، وأقيم بثغر طرسوس في دار السبيل المعروفة بزهير بن الحارث، ودفع إلى رجل من المجاهدين يغزو عليه عن زهير بن هارون، وأجري عليه في 25 - و كل سنة خمسة عشر ديناراً، وما فضل بعد ذلك في كل سنة كان مدخراً لنائبه إن لحقت هذا الفرس من هرم أو عطب أو زمانه فيقام مكان الفرس العاطب أو النافق أو الزمن، ويجري عليه هذا الرزق المذكور في هذا الكتاب في كل سنة من السنين في المستأنف أبداً حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين ومن ضعف ممن يكون في يديه هذا الفرس عن الغزو أو النفير، دفع هذا الفرس إلى غيره من أهل الجهاد والرد والغَناء - من أهل الجهاد والرد والغناء - من أهل ثغر طرسوس، ودفع إليه رزق هذا الفرس في كل سنة أبداً حتى يرث الله الأرض ومن عليها وهو خير الوارثين، وجعل ولاية هذه الصدقة بعد موته إلى ابن عمه عبد الله بن محمد بن موسى بن أبي جرادة، وإلى أخيه أحمد بن هارون بن موسى بن أبي جرادة، وإلى أمه فاطمة ابنة عبد الله بن زهير، والكتاب مؤرخ بشهر ربيع الأول من سنة تسع عشرة وثلاثمائة، ويغلب على ظني أن زهير بن الحارث المنسوب إليه دار السبيل بطرسوس جده لأمّه، وقد ذكرناه، وتوفي زهير بن هارون بحلب في حدود سنة أربعين وثلاثمائة.
زهير المجنون الأنطاكي
مذكور من عقلاء المجانين، حكى عنه الحسن بن يزيد الأنطاكي حكاية وشعراً. قرأت في كتاب وقع إليّ من عقلاء المجانين لم يذكر اسم مصنفه قال فيه: وحدَّث الحسن 25 - ظ بن يزيد الأنطاكي قال: كان عندنا مجنون يقال له زهير، وكان من أحسن الناس وجهاً وأجودهم شعراً، وكان يألف جارية من بعض بنات القاسم بن الحسن، فعبرت يوماً وهو جالس ومعه جوزة يُدِّوم بها الأرض فسلمت فرد السلام وقال لي: يا حسن أتلعب معي؟ قلت: نعم إن أنشدتني شيئاً، فقال: اسمع فقلت: هات فأنشدني هذه الأبيات:
طلع البدر ليلة فرآها ... ولقد كان لا يراها حجابا
فبقي مطرقاً وقال حياء ... لم يكن مطلعي عليك صوايا
أنت بدر السماء لا شك فيه ... فاعلمي ذاك واعذريني وغابا
فلما هممت بالقيام قال لي: يا حسن سألت ما لا ينفعك فاسمع ما ينفعك، قلت هات فأنشد هذه الأبيات:
ما أعجل الأيام في الشهر ... وأعجل الأشهر في العمر
ليس لمن ليست له حيلة ... موجودة خير من الصبر
فاخطُ مع الدهر إذا ما خطا ... واجر مع الدهر كما يجري
ثم زعق، ونزع جبته ورمى بها، وهرول وتركني.
زيادة الله بن عبد الله بن ابراهيم
ابن أحمد بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن الأغلب بن سالم بن عقال بن حذافة بن عباد بن عبد الله بن محارب بن سعد بن حزام بن سعد بن مالك بن سعد ابن زيد مناة بن تميم التميمي ثم السعدي، أبو مضر بن أبي العباس بن أبي إسحاق ابن أبي إبراهيم بن أبي عبد الله بن أبي عقال، ملك بن ملك بن ملك بن ملك 26 - و بن ملك بن ملك بن ملك، ملكوا إفريقية والقيروان، وكان أبو مضر هذا آخرهم ملكاً، وظهر في أيامه أبو عبد الله الشيعي، فهزم الشيعي جيوشه، وأخذ بلاده فأسلم إفريقية حين عجز عنها، وفرّ بما خف معه من الأموال والذخائر واجتاز بطرابلس المغرب فأقام بها تسعة عشر يوماً، وأطلق أبا العباس أخا أبي عبد الله الشيعي من الحبس لإظهاره البراءة من أبي عبد الله، وأنه ليس بأخ له، ثم ندم على إطلاقه، ولما خرج أبو مضر ورقا خطيب القيروان المنبر وخطب ودعا للمهدي فقال: أبو محمد عبيد الله المهدي بالله أمير المؤمنين، قام جبلة بن حمود الصدفي قائماً وكشف رأسه حتى رآه الناس، ومشى من عند المنبر إلى آخر الجامع، وهو يقول قطعوها قطعهم الله، وقام الفقهاء ووجوه البلد معه، فما حضر الجامع أحد من الأماثل بعد ذلك اليوم، وأخذوا الناس بالعنف فمن أجاب أكرم، ومن أبى أهين وحبس.

وأما أبو مضر فإنه رحل من طرابلس ووصل إلى مصر وعليها النوشري فوقع بينه وبينه خلاف ووحشة، ثم أصلح بينهما ابن بسطام، ثم رحل أبو مضر من مصر وتوجه إلى الشام، ونفذ منها إلى الرقة، وكتب إلى الوزير ابن الفرات يستأذنه في القدوم على الخليفة المقتدر فلم يؤذن له في الوصول إلى بغداد، وأمره ابن الفرات بالمقام بالرقة، فأقام بها سنة منعكفاً على شرب الخمر والفسق، وسعى به قوم إلى المقتدر وأشاروا برده إلى المغرب، وكان قد تفرق عنه أصحابه عند مقامه بالرقة 26 - ظ واشتغاله باللهو، فكتب المقتدر إلى النوشري كتاباً، وإلى ابن بسطام كتاباً إلى مصر يأمرهما بمعونة أبي مضر بالرجال والعُدد، وأن يعطى من خراج مصر ما يقيم به عسكره، وكتب إليه من بغداد بالعودة إلى المغرب ليدرك ثأره، فعاد زيادة الله إلى مصر ومشى بها متقلداً بسيفين فأخرجه النوشري إلى ذات الحمام وهو موضع، وقال له تكون هناك حتى تأتيك الرجال والمال ومطلة بذلك حتى أنفق جميع ما كان معه، وباع السلاح والعَدد وكثر به العلل، وقيل إن بعض خدمه سمته في طعامه فوقع شعر لحيته، ثم رجع إلى مصر وخرج منها إلى بيت المقدس فمات هناك، فدفن بها، وقيل مات بالرملة ودفن بها.
وفي نفوذه من الشام إلى الرقة وعوده مرّ بحلب أو ببعض عملها.
وكان له شعر جيد وعنده أدب وفضل، وكان آباؤه يذهبون إلى مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، فرجع عنه واستهتر بشرب الخمر واللهو والانهماك في المعاصي، وآل به الأمر إلى ما آل.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عنه قال: أخبرنا أبو الفتح إبراهيم بن علي ابن إبراهيم البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن جعفر الكاتب قال: حدثني أبي قال: كان لزيادة الله بن عبد الله بن إبراهيم ابن أحمد، وهو زيادة الله الأصغر، وكان أميراً بإفريقية غلام فحل 27 - و صيني يدعى خطاب، وهو الذي اسمه في السكك فسخط عليه وقيده بقيد من ذهب، فدخل يوماً من الأيام صاحبه على البريد وهو عبد الله بن الصائغ، فلما رأى الغلام مقيداً تأخر قليلاً وعمل بيتين، وكتب بهما إلى زيادة الله، وهما:
يا أيها الملك المأمون طائره ... رفقاً فإن يد المعشوق فوق يدك
كم ذا التجلد والأحشاء راجفةٌ ... أعيذ قلبك أن يسطو على كبدك
فأطلق الغلام ورضي عنه، وصل عبد الله بن الصائغ بالقيد الذهب.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي منها قال: أنبأنا زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي القاسم بن البندار عن أبي أحمد القاري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن بحبى الصولي - إجازة - قال: كان العباس بن الحسن يحب أن يري المكتفي أنه فوق القاسم بن عبيد الله تدبيراً، فقال للمكتفي إن ابن الأغلب في دنيا عظيمة، ونعم خطيرة وأريد أن أكاتبه وأرغبه في الطاعة، وأخوفه المعصية، ففعل فأنجح الكتاب ووجه ابن الأغلب برسول له شيخ، ومعه هدايا، ومائتا خادم وخيل وبزّ كثير، وطيب، ومن اللبود المغربية، ومائتان وعشرة آلاف درهم في كل درهم عشرة دراهم، وألف دينار في كل دينار عشرة دنانير وكتب على الدراهم من وجهين على كل وجه منها:
يا سائراً نحو الخليفة قل له ... أن قد كفاك الله أمرك كلَّهُ
بزيادة الله بن عبد الله سي ... ف الله من دون الخليفة سَلَّهُ
27 - ظ وفي الجانب الآخر:
ما ينبري لك بالشقاق منافق ... إلا استباح حريمه وأذله
من لا يرى لك طاعة فالله قد ... أعماه عن سبل الهدى وأضله
ووجه إلى العباس بهدايا جليلة كثيرة، وعرفه أنه لم يزل وآباؤه قبله في طاعة الخلفاء.

قال الصولي: وقد رأيت الشيخ القادم بالهدايا من قبله، وكان عظيم اللحية وكان معه مال عظيم فاشترى مغنيات بنحو ثلاثين ألف دينار لابن الأغلب تساوي عشرة آلاف دينار، ولعب الناس عليه فيهن وغبنوه، وكان قليل العلم بالغناء، ثم اعتل فمات فأخذ العباس بن الحسن جميع ما كان معه، وورد الخبر بعقب ذلك بمجيء ابن الأغلب منهزماً إلى مصر، فكتب العباس يتعرف مقدار ابن الأغلب وجيشه وما ورد به مصر معه، فوردت كتب أصحابه بأنه في غاية الترفة والتشاغل بلذته، وأنه لا رأي له ولا حزم عنده، فكتب إلى النوشري في إخراجه من مصر إلى الحضرة، فلما صار بديار مضر أشار على المكتفي أن لا يقدمه الحضرة إذ كان مؤونة لا معونة، وكتب إلى ابن بسطام وهو يلي ديار مضر أن يقيمه عنده ويقيم له أنزالاً بألف دينار كل شهر، فأقام شهوراً ثم توفي.
وابن الأغلب هذا من ولد الأغلب بن عمرو المازني، وكان عمرو من أهل البصرة، وولاه الرشيد المغرب بعد أن مات إدريس بن عبد الله بن حسن بن حسن، فمازال بالمغرب إلى أن توفي 28 - و وخلفه ابنه الأغلب بن عمرو، ثم أولاده إلى أن صار الأمر إلى زيادة الله هذا 28 - ظ.
أخبرنا سليمان بن الفضل بن سليمان - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زيادة الله بن عبد الله ابن إبراهيم بن أحمد بن محمد بن الأغلب بن إبراهيم بن سالم بن عقال بن حذافة ابن عباد بن عبد الله بن محمد بن سعد بن حزام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم أبو مضر بن أبي العباس التميمي، صاحب القيروان، قدم دمشق في سنة اثنتين وثلاثمائة مجتازاً إلى بغداد حين غلب على ملكه بإفريقية، وكان أبوه وجده، ومحمد أخو جد جده وجد أبيه وأخو جد أبيه واسمه زيادة الله كلهم قد ولي إفريقية. وقال الحافظ أبو القاسم: بلغني أن زيادة الله توفي بالرملة في جمادى الأولى سنة أربع وثلاثمائة، ودفن بالرملة فساخ به قبره، فسقف عليه، وترك مكانه.
ذكر من اسمه زياد
زياد بن الأشهب:
ابن ورد بن عمرو بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة الجَعدي، قدم صفين ليصلح بين علي ومعاوية، وله ذكر.
قال ابن الكلبي: وكان زياد بن الأشهب قد أتى علي بن أبي طالب يصلح بينه وبين معاوية، فقال النابغة الجعدي يعتد ذلك على بني أمية.
مقام زياد عند باب ابن هاشم ... يريد الصلاح بينكم ويقرب
زياد بن أيوب:
أبو هاشم وقيل أبو هشيم المصيصي البغدادي، ويعرف بدَلوَيه حدث 29 - ظ عن مبشر بن إسماعيل الحلبي وهشيم بن بشير الواسطي، وأبي بكر بن عياش، وعباد بن العوام، ويحيى بن يمان وزياد البكائي، وإسماعيل بن عليَّة، ومحمد بن يزيد الواسطي، روى عنه أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، والقاضي أبو عبد الله المحاملي، وأبو حاتم الرازي وأبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن الفضل الصيداوي وأحمد بن علي بن العلاء الجوزجاني، وأبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي، ومحمد بن إبراهيم بن فضَّال.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو بكر الطريثيثي وأبو سعد ابن خشيش، ح.
وأخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن عثمان الزركشي قال: أخبرنا أبو الفتح ابن البطي وأبو المظفر الكاغدي. قال ابن البطي: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون. وقال الكاغدي: أخبرنا الطريثيثي قالوا: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا ابن در ستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو هاشم زياد بن أيوب قال: حدثنا مبشر بن إسماعيل الحلبي عن تمام بن نجيح عن الحسن عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من حافظين رفعا إلى الله عز وجل ما حفظا من ليل أو نهار فيجد الله في أول الصحيفة خيراً وفي الآخرة خيراً إلاَّ قال الله للملائكة: أشهدكم أني قد عفرت لعبدي ما بين طرفي الصحيفة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - فيما أذن لنا فيه - قال: أنبأنا مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا أبو بكر الأسدي عبد الرحمن بن محمد بن الفضل الصيداوي وكان من أجله أصحاب أحمد بن حنبل 30 - و ممن كتب عنه أبي وأبو زرعة قال: سمعت زياد بن أيوب وكان ثقة، قال عبد الرحمن: سئل أبي عن زياد بن أيوب فقال: صدوق.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم قال: أخبرنا أبو طاهر الخضر بن الفضل رجل في كتابه قال: أنبأنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زياد بن أيوب دلُّويه، أبو هاشم بغدادي، روى عن هُشَيم، وأبي بكر بن عياش، وإسماعيل بن علية، وعباد بن العوام، وزياد البكائي ومحمد بن يزيد الواسطي، ومبشر بن إسماعيل، ويحيى بن يمان، روى عنه أبي وكتب عنه بطرسوس.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال 30 - ظ.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زياد بن أيوب أبو هاشم الطوسي، سكن بغداد، سمع هشيم ومبشر بن إسماعيل، مات ببغداد سنة اثنتين وخمسين ومائتين يقال له دَلُّويَة.
زياد بن حبيب الجهني:
روى عن عمر بن عبد العزيز، ورجاء بن حيَوة، روى عنه عبد الحميد بن عدي الجهني الرملي أبو سنان، وكان على حرس عمر بن عبد العزيز بخناصرة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الكافي عن أبي الحسن علي بن المسلم السلمي قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الصوفي قال: أخبرنا محمد بن عوف قال: أخبرنا محمد بن موسى قال: أخبرنا محمد بن خُريم قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عبد الحميد بن عدي قال: حدثنا زياد بن حبيب قال: أمرنا عمر بن عبد العزيز من كان من الحرس إذا دخل عليه رجل من العجم أن يتحفظ منه الحرس الذين معه أن لا يسجد لعمر بن عبد العزيز، فإن غفل الحرس حتى سجد نحاه من الحرس، ويقول: إنما السجود لله عز وجل.
قال: وحدثنا عبد الحميد بن عدي قال: حدثنا زياد بن حبيب قال: 31 - و جاءت جارية لعمر بن عبد العزيز إلى قصاب وعليه جماعة فقالت: ويحك روحني فإن أمير المؤمنين صائم، ومعها درهم تشتري به لحماً.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا معاوية بن صالح قال: حدثنا عبد الحميد بن عدي أبو سنان الجهني عن زياد الجهني وكان من حرس عمر ابن عبد العزيز أن عمر بن عبد العزيز كان يأمر حرسه إذا دخل رجل من أهل الذمة أن يتحفظ منه الحرس الذين معه أن لا يسجد لعمر بن عبد العزيز، فإن غفل حرسي فسجد، فنحاه من الحرس وألحقه بأهله وقال: إنما السجدة لله عز وجل.
أخبرنا أبو نصر بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زيادة بن حبيب الجهني كان من حرس عمر بن عبد العزيز روى عن عمر ورجاء بن حيوة قولهما، روى عنه عبد الحميد بن عدي الجهني الرملي أبو سنان.
زياد بن حفص اليتمي:
شهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل بها، وكان له ذكر. أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي محمد عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم ابن 31 - ظ الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال: حدثني أبو الصلت التيمي أن زياد بن حفص التيمي قتل مبارزة - يعني يوم صفين.
زياد بن حنظلة التميمي:
حليف بني عبد بن قصي، له من رسول الله صلى الله عليه وسلم صحبة، ولا يعلم له رواية.

روى عنه ابنه حنظلة بن زياد والعاص بن تمام، وقيل أن النبي صلى الله عليه وسلم بعثه إلى قيس بن عاصم المنقري والزبرقان بن بدر ليتعاونوا على مسيلمة وطليحة والأسود، وعمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وشهد فتح قنسرين وذكر ذلك في شعره، وشهد مع علي رضي الله عنه صفين وغيرها وله أشعار مروية.
أخبرنا... - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعيد قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن عبد الله عن حنظلة بن زياد بن حنظلة عن أبيه قال: مرض أبو بكر فخرج خالد من العراق إلى بلاد الشام، وهو في ذلك متماسك أشهراً، ثم ثقل وجعل يزداد ثقلاً.
قال: وحدثنا سيف عن أبي الزهراء القشيري عن رجال من بني قشير قالوا: لما خرج هرقل من الرها واستتبع أهلها قالوا: نحن لك ها هنا خير منا معك، وأبوا 32 - و أن يتبعوه وتفرقوا عنه وعن المسلمين، وكان أول من أنبح كلابها، وأنفر دجاجها زياد بن حنظلة، وكان من الصحابة، وكان مع عمر بن مالك مساندة، وكان حليفاً لبني عبد بن قصي، وقبل ذلك ما قد خرج هرقل حين ينزل بشمشاط، فلما نزل القوم الرها أدرب فأنفذ نحو قسطنطينية، ولحقه رجل من الروم قد كان أسيراً في أيدي المسلمين، فأفلت فقال له: أخبرني عن هؤلاء القوم قال: أحدثك كأنك تنظر إليهم: فرسان بالنهار، رهبان بالليل ما يأكلون في ذمتهم إلاّ بثمن ولا يدخلون إلا بسلام يقفون على من حاربهم حتى يأتوا عليهم، فقال: لئن كنت صدقتني لترثن ما تحت قدمي هاتين.
قال: وحدثنا سيف قال: وقال زياد بن حنظلة:
سائل هرقلا حيث شبت وقوده ... شببنا له حرباً تهز القنابلا
ثنينا له من صدر جيش عرمرم ... يهزون في المشتى الرماح النواهلا
وكنا لحباش وروم وسقلب ... نكالاً وأفراساً تسل القبائلا
قتلناهم في كل دار وقيعة ... وأُنْبا بأسراهم تعاني السلاسل
قال: وقال: زياد بن حنظلة:
نحن بقنَّسرين كنا ولاتها ... عشية ميناس نكوس ويعتِب
ينوء وتثنيه جوارح جَمَّة ... وحالفه منا سنان وثعلب
وقد هربت منا تنوخ وخاطرت ... بحاضرها والسمهرية تضرب
32 - ظ
فلما اتقونا بالجزاء وهدموا ... مدينتهم عدنا هنالك نعجب
قال: وقال أيضاً:
وميناس قتلا يوم جاء بجمعه ... فصادفه منا قراع مؤزّر
فولت فلولاً بالفضاء جموعه ... ونازعه منا سنان مذكر
تضمنه لما تراخت خيوله ... مناخ لديه ثم عسكر
وغودر ذاك الجمع تعلو وجوههم ... دقاق الحصا والسافيا المغبر
قلت: هذا ميناس الذي ذكره في هاتين المقطوعتين هو ملك الروم، وكان رأس الروم وأعظمهم فيهم بعد هرقل، فالتقى الروم والمسلمون وعليهم ميناس، فقتل ميناس ومن معه مقتله لم يقتلوا مثلها، ومات الروم على دمه حتى لم يبق منهم أحد وذلك حين نزل المسلمون بقنسرين.
وقال: أخبرنا ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعد قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر قال: وقال زياد بن حنظلة في أجنادين ويومها:
ونحن تركنا أرطبون مطرداً ... إلى المسجد الأقصى وفيه حسور
عشية أجنادين لما تتابعوا ... وقامت عليهم بالعزاء ستور
عطفنا له تحت الغبار بطعنة ... لها نشج نائي الشهيق غزير
33 - و
فطمنا به الروم العريضة بعده ... عن الشام ما أرسى هناك سنير
فولت جموع الروم تتبع إثره ... تكاد من الذعر الشديد تطير
وغُودر صرعى في المَكرّ كثيره ... وآب إليه الفلّ وهو حسير
وقال أيضاً:
ولقد شفى نفسي وأبرأ سقمها ... شد الخيول على جموع الروم
يضربن سيدهم ولم يمهلنه ... وفتكن فلَّهم إلى أدروم

وحوين أجنادين في ريعانها ... ولحقن الناعل شؤون القوم
فحصرت جمعهم ولم يحفلنه ... ونكحت فيهم كل ذات أروم
وقال زياد بن حنظلة:
تذكرت حرب الشام لمَّا تطاولت ... وإذ نحن في عام كثير تزايله
وإذ نحن في أرض الحجاز وبيننا ... مسيرة شهر بينهن بلابله
وإذا أرطبون الروم بحمى بلاده ... يجاوله قرن هناك يصاوله
فلما رأى الفاروق أزمان فتحها ... سما بجنود الله كيما يساجله
فلما أحسوه وخافوا صُواله ... أتوه وقالوا أنت ممن يُواصله
وألقت إليه الشام أفلاذ كبدها ... وعيشاً خصباً ما تعد مآكله
أباح لنا ما بين شرق ومغرب ... مواريث أعقاب بيتها قذامله
وكم مثقل لم نضطلع باحتماله ... تحمَّل عنا حين شالت شوائله
33 - ظ وقال أيضاً:
سما عمر لما أتته رسائل ... كأصيد يحمي صرعة الحي أغيدا
وقد عضلت بالشام أرض بأهلها ... يريد من الأقوام من كان أنجدا
فلما أتاه ما أتاه أجابهم ... بجيش ترى منه النيازك سجدا
وأقبلت الشام العريضة بالذي ... أراد أبو حفص وأزكى وأزيدا
فقسط فيما بينهم كل جزيه ... وكل رقاد كان أهنا وأحمدا
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - في كتابه إلينا من مكة - قال أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: زياد بن حنظلة التميمي له صحبة ولا أعلم له رواية، وهو الذي بعثه الرسول صلى الله عليه وسلم إلى قيس بن عاصم والزبرقان بن بدر ليتعاونوا على مسيلمة وطليحة والأسود، وقد عمل لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان منقطعاً إلى علي رحمه الله، وشهد معه مشاهده كلها.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: زياد بن حنظلة حليف بني عبد بن قصي، له صحبة من رسول الله صلى الله عليه وسلم، شهد اليرموك، وكان أميراً على كردوس، 34 - و روى عنه ابنه حنظلة بن زياد، والعاص بن تمام.
زياد بن خصفة التيمي البكري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على ربيعة الكوفة ووجهه علي إلى معاوية مع عدي بن حاتم، وشبث بن ربعي، ويزيد بن قيس يدعونه إلى الجماعة.

أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين - كتابة - عن أبي محمد عبد الله ابن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو إسحاق ابن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال: حدثني رجل عن سعد أبي المجاهد الطائي عن المُحلّ بن خليفة قال: فتوادع علي ومعاوية - يعني في المحرم - بصفين فاختلف الرسل بينهم رجاء الصلح، فأرسل علي عدي بن حاتم، ويزيد بن قيس وشبث بن ربعي وزياد بن خصفة البكري، فدخلوا على معاوية فبدأهم عدي فحمد الله وأثنى عليه، وقال: أما بعد فإنا أتيناك ندعو إلى أمر يجمع الله به كلمتنا، ويحقن به دماء المسلمين إلى أفضلها سابقة، وأحسنها في الإسلام أثراً، وقد اجتمع له الناس وأرشدهم - يعني - الله بالدين، ولو أتيته يا معاوية قبل أن يصيبك الله بمثل يوم الجمل، فقال له معاوية، كأنك إنما جئت متهدداً ولم تأت مصلحاً، هيهات يا عدي 34 - ظ والله إني لابن الحرب ما يقعقع لي بالشنان، أما والله إنك لمن المجلبين على ابن عفان، وإنك لمن قتلته، وأني لأرجو أن تكون ممن يقتله الله، هيهات يا عدي، فقال شبث بن ربعي وزياد بن خصفة: أتيناك لما يصلحنا وأقبلت تضرب لنا الأمثال، دع عنك ما لا ينتفع به، وأجبنا بما يغنينا وإياك نفعه، وتكلم يزيد بن قيس، وذكر تمام الحكاية إلى أن قال: وخرج القوم عنه لينصرفوا إلى علي فبعث إلى زياد بن خصفة التيمي فرده فدخل عليه، فقال له معاوية: يا أخا ربيعة إن علياً قطع أرحامنا، وقتل إمامنا، وآوى قتلة صاحبنا، وأني أسألك النصرة عليه بأسرتك وعشيرتك، ثم إن لك عهد الله أني أوليك إذا ظهرت أحب المصرين أحببت: الكوفة أو البصرة.
قال أبو المجاهد الطائي: فسمعت زياد بن خصفة يحدث بهذا الحديث، قال: قال زياد: فلما قضى معاوية كلامه، حمدت الله وأثنيت عليه، ثم قلت: أما بعد فإني على بينة من ربي بما أنعم علي، فَلِمَ أكون ظهيراً للمجرمين؟ ثم قمت من عنده، فقال معاوية لعمرو إلى جنبه: ما لهم عضبهم الله ما في قلوبهم إلا قلب رجل واحد.
زياد بن الخضر بن زياد بن المغيرة بن زياد البجلي الموصلي:
سمع بالمصيصة محمد بن كثير المصيصي، وحجاج بن محمد الأعور، وروى عنهما وعن آدم بن أبي إياس، وهوذة بن خليفة، وعبد الله بن يوسف التنيسي وأبي اليمان 35 - و الحكم بن نافع الحمصي، وسلم بن إبراهيم.
روى عنه أخوه مغيرة بن الخضر بن زياد
أخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب، وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد بن الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: حدثني مغيرة بن الخضر بن زياد قال: حدثني أخي زياد بن الخضر قال: حدثنا آدم قال: حدثنا شعبة عن سماك قال: سمعت مرى بن قطن يحدث عن عدي بن حاتم قال: قلت: يا رسول الله إن أبي كان يصل الرحم ويقري الضيف ويفعل كذا فهل ذلك نافعه؟ قال: إن أباك أراد أمراً فأدركه، يعني الذكر قلت: إني سائلك عن طعام لا أدعه إلاّ تحرجاً، قال: لا تدع شيئاً ضارعت فيه النصرانية.
وقال: أخبرنا أبو زكريا الأزدي قال: ومنهم - يعني من الطبقة الثامنة من محدثي الموصل - زياد بن الخضر بن زياد بن المغيرة بن زياد البجلي، روى عنه آدم ابن إياس وأبي اليمان الحكم بن نافع، وعبد الله بن يوسف التنيسي، ومحمد بن كثير المصيصي، وغيرهم من الشاميين: الحجاج بن محمد الأعور، وعن هوذة بن خليفة، وسلم بن إبراهيم ونظرائهم من البصريين، وتوفي قديماً سنة 35 - ظ سبع وأربعين ومائتين.
زياد بن سليمان وقيل ابن سليم

وقيل ابن سلمى، وقيل زياد بن جابر بن عمرو، أبو أمامة المعروف بزياد الأعجم العبدي، مولى عبد القيس، أحد بني عامر بن الحارث، ثم أحد بني مالك بن عامر، وإنما عرف بزياد الأعجم لأنه كان في لسانه عجمة وكان ينزل اصطخر، فغلبت العجمة على لسانه وقيل أن مولده بأصبهان وانتقل إلى خراسان وذكر أبو جعفر محمد بن عثمان في تاريخه أن أبا أبامة زياد الأعلم لا الأعجم، والصحيح أن أبا أمامة كنية زياد الأعجم، ويحتمل أن يكون كنية لهما جميعاً.
حكى زياد الأعجم عن أبي موسى الأشعري، وعثمان بن أبي العاص، وعبد الله بن عبد الأعلى، حكى عنه هشام ومجبر ابنا قحذم بن سليمان بن ذكوان البصريان وقدم الرصافة على هشام بن عبد الملك، وشهد وفاته بها، وكان شاعراً مجيداً فصيحاً في الشعر مع لكنته.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: حدثنا الوليد بن هشام القحذمي قال: حدثني أبي وعمي قال: حدثنا زياد الأعجم قال: قدم علينا - يعني - باصطخر 36 - و أبو موسى بكتاب عمر فقرئ علينا: من عبد الله أمير المؤمنين إلى عثمان بن أبي العاص: سلام عليك، أما بعد: فقد أمددتك بعبد الله بن قيس، فإذا التقيتما فعثمان الأمير، وتطاوعا، والسلام.
قال زياد: فلما طال حصار اصطخر قال عثمان لأبي موسى: إني أريد أن أبعث أمراء إلى هذه الرساتيق حولنا يغيرون عليها، فما ظفروا به من شيء قاسموه أهل العسكر المقيمين على المدينة، فقال أبو موسى: لا أرى ذلك أن يقاسموهم، ولكن يكون لهم، فقال عثمان: إن فعلت هذا لم يبق على المدينة أحد خفوا كلهم ورجوا الغنيمة، فاجتمع المسلمون على رأي عثمان، قال: فكان يسمي لنا نيف وثلاثين عاملاً إلى نيف وثلاثين رستاقاً.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الصيدلاني قال: أخبرنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على عبد الله بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: زياد الأعجم، يكنى أبا أمامة. وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة أن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب السكري - قراءة - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري قال: قرئ على أبي بكر أحمد جعفر بن محمد بن سالم الختلي قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب الجمحي قال: في الطبقة السابعة من شعراء الإسلام زياد الأعجم، وهو 36 - ظ زياد بن سليم العبدي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بوش الأزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن العباس بن إسحاق العسكري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أحمد بن عمر الزهري قال: حدثني أبو بركة الأشجعي قال: حضرت امرأة من بني نمير الوفاة فقيل لها: أوصي، فقالت: نعم، خبروني من القائل.
لعمرك ما رماح بني نمير ... بطائشة الصدور ولا قصار
قال: فقيل لها زياد الأعجم، فقالت: أشهدكم أن له ثلث مالي، قال: فحمل له من ثلثها أربعة آلاف درهم.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السِّلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن إبراهيم الرازي - بالإسكندرية - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الحسين بن محمد بن الشويخ الأرموي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن سنبك ببغداد قال: حدثنا أبو علي الحسن ابن محمد بن موسى الأنصاري قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن عامر ابن كريز فأنشده:
أخ لك لا تراه الدهر إلا ... على العلات بساماً جواداً
37 - و
أخ لك ما مودته بمذق ... إذا ما عاد فقر أخيه عادا

سألناه الجليل فما تلكا ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا
مراراً لا أعود إليه إلاّ ... تبسم ضاحكاً وثنى الوسادا
وقد روي أن زياداً الأعجم قال هذه الأبيات في عبد الله بن جعفر بن أبي طالب.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل قال: أخبرنا جدي أبو محمد المقرئ قال: حدثنا أبو علي الأهوازي قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد ابن عبد الله بن جعفر الحافظ قال: أخبرنا مزاحم بن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد ابن زكريا الغلابي قال: حدثنا ابن عائشة قال: دخل زياد الأعجم على عبد الله بن جعفر فسأله في خمس ديات فأعطاه، ثم عاد فسأله في خمس ديات أخر فأعطاه، ثم عاد فسأله في عشر ديات فأعطاه فأنشأ يقول:
سألناه الجزيل فما تلكأ ... وأعطى فوق منيتنا وزادا
وأحسن ثم أحسن ثم عدنا ... فأحسن ثم عدت له فعادا
مراراً لا أعود إليه إلا تبسم ضاحكاً ورمى الوسادا
قال أبو القاسم الحافظ: كذا قال والصواب مزاحم بن عبد الوارث بن إسماعيل، بصري.
قرأت بخط بعض الفضلاء في مجموع وقع إلىّ فيه: وقال زياد بن سليمان الأعجم، ويكنى أبا أمامة، وهو رجل من عبد القيس أحد بني عامر بن الحارث 37 - ظ ثم أحد بني الخارجة يرثي المغيرة بن المهلب:
قل للقوافل والغزّي إذا غزوا ... والباكرين وللمُجِدِّ الرائح
إن السماحة والشجاعة ضمنا ... قبراً بمرو على الطريق الواضح
فإذا مررت بقبره فاعقر به ... كُوم الهجان وكل طرف سابح
قال: فلما أنشد زياد الأعجم المهلب هذا الموضع من القصيدة قال: أعقرت يا أبا أمامة؟ قال: لا والله أصلحك الله، قال: ولم؟ قال: لأني كنت على ابنة الأتان، قال: أما إنك لو عقرت ما بقي بالبصرة طِرف عتيق، ولا جمل نجيب إلاّ شد بمربطك أو أنيخ بفنائك.
وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخادم وذبائح
وأظهر ببزته وعقد لوائه ... واهتف بدعوة مُصلتين شرامح
شرامح: طوال.
آب الجنود معقلاً أو قافلاً ... وأقام رهن حفيرة وضرائح
وأرى المكارم حين زيل بنعشه ... ذالت بفضل فضائل ومدائح
كذا وجدته، وأظنه: بفضل قصائد
وخلت منابره وحُطّ سروجه ... عن كل سلهبة وطرف طامح
وكفى لنا حزناً ببيت حله ... أخرى المنون فليس عنه ببارح
رجفت لمصرعه البلاد فأصبحت ... منا القلوب لذاك غير صحائح
فإذا يناح على امرئٍ فتعلما ... أن المغيرة فوق نوح النائح
38 - و
يبكي المغيرة ديننا وزماننا ... والمعولات برنة وتصايح
يا من بمغدى الشمس من حي إلى ... ما بين مسقط قرنها المتنازح
مات المغيرة بعد طول تعرض ... للقتل بين أسنةٍ وصفائح
وهي طويلة قال فيها:
يا عين فابكي ذا الفعال وذا الندي ... بمدامع سكب تجيء سوافح
وابكيه في الزمن العثور لكلنا ... ولكل أرملة ورهب رازح
فلقد فقدت مسوداً ذا نجدة ... كالبدر أزهر ذا جَداً ونوافح
كان الملاك لديننا ورجائنا ... وملاذنا في كل خطب فادح
فمضى وخلفنا لكل عظيمة ... ولكل أمر ذي زلازل جامح
ما قلت فيك فأنت أهل مقالتي ... بل قد يقصر عنك مدح المادح
كذا وجدته فيما نقلته من المجموع أنه لما أنشدها المهلب قال له ما قال، وروي أن ذلك كان بين زياد الأعجم ويزيد من المهلب، أخي المغيرة، وهو الصحيح.

أخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أنبأنا أبو الحسين محمد بن كامل بن ديسم قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد ابن المسلمة - في كتابه - قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني - إجازة - قال: حدثنا أحمد بن محمد الجوهري ومحمد بن أحمد البزاز قالا: حدثنا العنزي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الذارغ قال: حدثنا ابن عائشة قال: كان المغيرة بن المهلب أبرع ولده وأوفاهم 38 - ظ وأعفهم وأسخاهم فلما مات رثاه زياد الأعجم بقصيدته تلك.
مات المغيرة بعد طول تعرض ... للموت بين أسنة وصفائح
قال ابن عائشة: فسمعت أبي يقول: فأنشدها يزيد بن المهلب فلما انتهى إلى قوله:
وإذا مررت بقبره فاعقر به ... أُدم الهجان وكل طرف سابح
وانضح جوانب قبره بدمائها ... فلقد يكون أخا دمٍ وذبائح
فقال له يزيد: هل عقرت؟ قال: لا، قال: وما منعك؟ قال: كنت على بنت الهمارة - يريد الحمارة - فقال: أما والله لو فعلت ما أصبح في آل المهلب صاهل إلاّ على مزودك.
قال المرزباني: وحدثني أحمد بن محمد الجوهري قال: حدثنا الحسن بن عليل العنزي وأحمد بن محمد بن أبي الذيال قالا: حدثنا القاسم بن محمد بن عباد المهلبي قال: حدثنا أبي قال: قال المأمون: أي قصيدة أرثى؟ قلت: أمير المؤمنين أعلم، قال لي: القصيدة التي قالها زياد الأعجم في المغيرة بن المهلب، ثم قال: أتحفظها؟ قلت: نعم، قال: فخذها عليّ فأنشدنيها حتى أتى على آخرها، وترك منها بيتاً، قلت يا أمير المؤمنين تركت منها بيتاً، قال: وما هو؟ قلت:
هلا ليالي فوقه بزّاته يغشى ... الأسنة فوق نهد قارح
قال: هاه هاه يتهدد المنية، إلاّ أتتك ذلك الوقت، هذا أجود بيت فيها، ثم استعادنيه حتى حفظته.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أنبأنا خالي أبو المعالي القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن 39 - و عبد الرزاق بن عبد الله الكلاعي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا محمد بن مغلس قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا إبراهيم بن سفيان الزيادي قال: سمعت الأصمعي يقول: لقد بلي هؤلاء القوم من زياد الأعجم بثلاثة لم يمتحن بها أحد من نظرائهم - يعني الأشاقر، بطن من الأزد - فمن ذلك قوله فيهم:
قالوا الأشاقر تهجوهم فقلت لهم ... ما كنت أحسبهم كانوا ولا خلقوا
قوم من الحسب الزاكي بمنزلة ... كالّوّد بالقاع لا أصل ولا ورق
لا يكثرون وإن طال الزمان بهم ... ولو يبول عليهم ثعلب غرقوا
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال: حدثني أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي سعيد البزاز قال: حدثني أبو عبد الله محمد بن القاسم بن خلاّد اليمامي قال: حدثنا جناب بن الخشخاش عن أبيه قال سمعت زياد الأعجم يقول:
ألم تر أنني وترت كوسى ... لأنقع من كلاب بني تميم
يريد القاف في قوسي وأنقع.
قال محمد: حدثنا القحذمي عن بعض أشياخه قال: جرير لزياد الأعجم: يا أبا أمامة إنه عسى أن تُبلَّغ عني، فلا تعجل حتى تتبَّين قال: ما شئت إذا كلت كلنا.
قال: وحكى المدائني أن زياداً دعا غلاماً له أرسله في حاجة، فأبطأ عليه، فلما جاء قال له: ما لدن دعاك إلى أن 39 - ظ قلت: لبيّ ما كنت تسنا، يريد من لدن دعوتك إلى أن قلت: لبيك، ما كنت تصنع.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أخبرنا أبو أحمد القارئ - أذناً - قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحَزَنبل عن ابن الأعرابي قال: قال زياد الأعجم: حضرت جنازة هشام فسمعت أبا عبد الأعلى ينشد:
وما سالم عما قليل بسالم ... وإن كثرت أحراسه ومواكبه
وإن كان ذا باب شديد وحاجب ... فعما قليل يهجر الباب حاجبه
ويصبح بعد الحجب للناس مفرداً ... رهينة بيت لم تستر جوانبه
فنفسك أكسبها السعادة جاهداً ... فكل امرئ رهن بما هو كاسبه

قلت: وهذه الأبيات تمثّل بها ابن عبد الأعلى عند موت هشام، قد رويت عن زياد الأعجم كما ترى، ورويت عن زيد العمي عنه، ورويت عن أبي زيد الأعمى عنه، وسيأتي ذكر ذلك في كتابنا هذا إنشاء الله تعالى.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زياد بن سُلَيْم، ويقال ابن سليمان، ويقال ابن سلمى، أبو أمامة العبدي المعروف بزياد الأعجم مولى عبد القيس، ولقب بالأعجم لعجمة كانت في لسانه، أدرك أبا موسى الأشعري وعثمان بن أبي العاص، وشهد معهما فتح اصطخر، وحكى عنهما، حكى عنه هشام ومجبر ابنا قحذم بن سليمان بن ذكوان البصريان ووفد 40 - و على هشام بن عبد الملك، وشهد وفاته بالرُصافة.
قرأت بخط علي بن موسى بن إسحاق الرزاز في نوادر أبي بكر الصولي، سماع الرزاز منه، وأنبأنا به أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي وغيره عن زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار عن أبي أحمد القاري قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال: وجدت بخط مصعب الزبيري قالت: ابنة زياد الأعجم ترثيه ويقال قديم:
قد كنت لي جبلاً ألوذ بظله ... فتركتني أمشي بأدرد ضاحي
قد كنت ذات حميَّة أمشي بها ... ما دمت لي حياً وكنت جناحي
فاليوم أخضع للذليل وأتقي ... منه وأدفع ظالمي بالراح
وإذا دعت قمرية شجناً لها ... صبحاً على فننٍ دعوت مناحي
وأغض من بصري وأعلم أنهقد بان حدّ فوارسي وسلاحي 40ظ
" بسم الله الرحمن الرحيم " " وبه توفيقي "
زياد بن عبد الله الأسوار:
ابن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية بن عبد الشمس، أبو محمد الأموي، وكان يقال له البيطار، لأنه كان صاحب صيد، وقيل هو زياد ابن عبد الله بن خالد بن يزيد بن معاوية من فرسان بني أمية ومقدميها، وكان مقيما في قرية من قرى قنسرين، وخرج في أيام أبي العباس السفاح بقنسرين وحلب، ودعا إلى نفسه فبايعه ألوف من الناس، وصار معه أبو الورد مجزأة الكلابي، وصار مدبر جيشه، فبلغ ذلك عبد الله بن علي بن عبد الله بن العباس، وهو بدمشق فوجه إليه أخاه عبد الصمد بن علي في زهاء عشرة آلاف فارس، ومعه ذؤيب بن الأشعت على حرسه، والمخارق بن عفان على شرطه، فسار أبو محمد وأبو الورد، والتقوا فكسر عبد الصمد ومن معه، فتوجه عبد الله بن علي إلى أبي محمد فاقتتلوا بمرج الأخرم من ناحية قنسرين وكان مع عبد الله بن علي حميد بن قحطبة، فثبت عبد الله وحميد فهزم زياد، وقتل أبو الورد، وهرب زياد ومن معه من الكلبية إلى تدمر، ثم خرج إلى الحجاز وظفر به هناك، وقتل بالمدينة.
ذكر البلخي في كتاب البدء في خروج السفياني قال: وقد قال بعض الناس أن هذا قد مضى يعني أمر السفياني، وذلك خروج زياد بن عبد الله بن خالد بن يزيد ابن معاوية بن أبي سفيان 42 - و بحلب، ونصبوا ثيابهم وأعلامهم، وادعوا الخلافة، فبعث أبو العباس عبد الله بن علي بن عبد الله بن عباس أبا جعفر إليهم فاصطلموهم عن آخرهم.
وذكر أبو بكر أحمد بن يحيى بن جابر البلاذري في كتاب جُمل أنساب الأشراف أن اسم أبي محمد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية، وذكر غيره أنه كان يقال له البيطار، لأنه كان صاحب صيد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال:أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فولد عبد الله الذي يقال له الأسوار بن يزيد بن معاوية أبا محمد قتل بالمدينة في خلافة أمير المؤمنين المنصور، وكان مختفياً بقناة ناحية أُحد، فدل عليه زياد بن عبد الله الحارثي وهو يومئذ أمير المدينة، فخرج إليه الناس فخرج عليهم أبو محمد، فقاتلهم، وكان من أرمى الناس، فكثروه فقتلوه، وأمه وأم أخيه أبي معاوية، وأم أخته أم يزيد بنت عبد الله، تزوجها سليمان بن عبد الملك بن مروان، فولدت له، وأختهم أم خالد بنت عبد الله بن يزيد، تزوجها محمد بن الوليد بن عتبة بن أبي سفيان، فولدت له عبد الرحمن وهند ابني محمد بن الوليد، وأمهم جميعاً عائشة بنت زياد بن 42 - ظ أُنيف بن عتبة بن مصاد بن كعب بن عليم من كلب.

قرأت في كتاب الدولة العباسية عن الهيثم بن عدي قال: وكان عبد الله بن علي قد وليّ على بالس رجلاً من أهل خراسان عجمياً، وكانت ببالس امرأة من ولد أبي سفيان، ذات جمال ويسار، فوجه الخراساني يخطبها إلى نفسها، فعظم ذلك عليها فوجهت إلى ابني أخيها فأخبرتهما بما كان وقالت: أنا إن منعته فهو القتل، وإن أجبته فهو الفضيحة، فما الذي تريان؟ فقال لها أحدهما: قد رأيت رأياً أعرضه عليك، قالت: قل، قال لها: إن بالقرب منا أبو الورد وبشر ابنا الهذيل بن زفر بن الحارث وهما في عدة من بني كلاب، ولن يتأخر عنهما أحد من قيس لو قد احتاجا إليهم، فأصير إليهما وأستغيث بهما فلعل الله أن يجعل عندهما بعض ما نحب، فقالت له: افعل وعجل علي. قال: فخرج الفتى حتى أتاهما فشكا إليهما ما كان من أمر الخراساني. وسألهما النصر والمعونة، فقال أحدهما: وما نحن وهذا والله لقد كنت آتي قومها في الحاجة فأقوم حتى تشتكي رجلي، وإن كلباً ليتمرغ على فرشهم، فقال له أخوه: دع هذا عنك فوالله لئن تحدثت العرب بأن هذه المرأة استغاثت بنا فلم نغثها إته للعار الذي لا نغسل رؤوسنا منه قال: فانطلق إذا أنت إلى بالس واخف أمرك، فإني مصبّحكم بمن تسرع معي من بني كلاب وغيرهم، قال: ووجه إلى من يليه من قومه، فما أصبح إلا في 43 - و أربعمائة فارس، فركبوا حتى أتوا بالس فدخلوها ضحوة النهار، فأتوا دار الخراساني، فقيل لهم أنه في الحمام، فدخلوا عليه الحمام وقتلوه وقتلوا كل من وجدوا من أصحابه وضبطوا بالس، ووجهوا إلى من كان حولهم من وجوه قيس فوجدوهم سراعاً، فما أقاموا إلا ثلاث حتى صاروا في نحو من أربعة آلاف.
قال: وكان زياد بن عبد الله السفياني من ولد أبي سفيان، وهو أبو محمد زياد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بي أبي سفيان مقيم في قرية من عمل قنسرين فكتبوا إليه أن يكن لك بهذا حاجة فأقبل إلينا فلما أتاه كتابهم دعا كل من كان يليه فاتبعه ناس كثير، وكان ذا بأس وذكر فيهم، فأتى بالس، فخرجوا فلاقوه وبايعوه وانتشر الخبر في ديار مضر وجندي حمص وقنسرين، فجعلت قيس وغيرها تقصدهم من كل ناحية حتى صاروا في قريب من عشرة آلاف، وكان عبد الله بن علي قد بلغ إلى نهر أبي فُطرس، فلما أتاه خبر السفياني وما كان من خلاف أهل حمص وقنسرين أمر حينئذ بقتل كل من كان معه من بني أمية.
وكتب أبو العباس إلى عبد الله بن علي يأمره أن يرجع إلى حمص وقنسرين لحرب السفياني وأصحابه، وكتب إلى صالح بن علي يأمره أن يتولى طلب مروان ففعل، وجعل على مقدمته أبا عون.
قال: ورحل عبد الله بن علي راجعاً وقد بيض أهل حمص وأهل قنسرين، ودعوا إلى السفياني، فأنفذ إليهم أخاه عبد الصمد بن علي في ستة آلاف 43 - ظ فلقوه فحاربهم فهزم عبد الصمد بن علي، ورجع ذلك الجيش مفلولاً بعد أن قتل منهم خلق كثير، فسار عبد الله بن علي في جميع عسكره من أهل خراسان ومن تبعه من قبائل اليمن حتى لقيهم بين حمص وقنسرين، فثبتوا واشتد القتال وكثر القتل بين الفريقين وانحاز عبد الله بن علي وأصحابه إلى سفح جبل كان قريبا منهم فجعلوه وراء ظهورهم، فكانوا يحملون فيقاتلون ثم يرجعون إلى ذلك السفح، فما زالت الحرب بينهم إلى غروب الشمس. ثم حمل عليهم عبد الله بن علي بنفسه في خاصة أصحابه، فولوا منهزمين وأخذهم السيف، فقُتل منهم من لا يحصى، وانفض من أفلت إلى كل ناحية، وقتل السفياني.
قلت: قوله قتل السفياني يوهم أنه قتل في هذه الواقعة، ولم يقتل فيها بل هرب إلى المدينة، فقبض عليه وقتل على ما نبينه.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: قرأت على أبي الوفاء حافظ بن الحسن بن الحسين عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر، قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا بن محمد عن عمر بن مرزوق الكلبي قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم ابن الوليد أن مولى للوليد لما خرج يزيد بن الوليد خرج على فرس له فأتى الوليد من يومه، فنفق فرسه حين بلغه، فأخبر الوليد فضربه مائة سوط ثم حبسه، ثم دعا أبا محمد بن عبد الله بن يزيد 44 - و بن معاوية فأجازه ووجهه إلى دمشق فخرج أبو محمد، فلما أتى إلى ذَنّبّةَ أقام فوجه يزيد بن الوليد إلى عبد الرحمن بن مصاد فسالمه أبو محمد وبايع ليزيد بن الوليد، وأتى الوليد الخبر وهو بالأغدف قال ابن جرير: وحدثني أحمد بن ثابت عن علي بن محمد عن عمر بن مروان الكلبي قال: حدثنا يزيد بن معاذ عن عبد الرحمن بن مصاد قال: بعثني يزيد بن الوليد إلى أبي محمد السفياني، وكان الوليد وجهه حين بلغه خبر يزيد بن الوليد والياً على دمشق فأتى ذنبه، فبلغ يزيد خبره، فوجهني إليه فأتيته فسالمني وبايع ليزيد.
قال: فلم نرم حتى رفع لنا شخص مقبل من ناحية البرية فبعثت إليه فأتيت به فإذا هو الغُزَيَّل أبو كامل المغني على بغلة للوليد تدعى مريم، فأخبرنا أن الوليد قد قتل فانصرفت إلى يزيد فوجدت الخبر قد أتاه قبل أن آتيه.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد الفقيه - فيما أذن لنا في روايته عنه، وسمعت منه بعض الكتاب - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثني عبد الوهاب بن إبراهيم قال: حدثني أبو هاشم مخلد بن محمد بن صالح قال: كان أبو الورد وذكر مبايعته عبد الله بن علي وتبييضه بعد ذلك على ما سنورده في ترجمته إن شاء الله 44 - ظ تعالى.
قال: فلما بلغ عبد الله بن علي تبييض أهل قنسرين خرج متوجهاً للقاء أبي الورد، وقد كان تجمع مع أبي الورد جماعة من أهل قنسرين، وكاتبوا من يليهم من أهل حمص وتدمر، فقدم منهم ألوف وعليهم أبو محمد بن عبد الله بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان، فرأسوا عليهم أبا محمد ودعوا إليه وقالوا: هو السفياني الذي كان يذكروهم في نحو من أربعين ألفاً، فلما دنا منهم عبد الله بن علي، وأبو محمد معسكر في جماعتهم بمرج يقال له مرج الأخرم، وأبو الورد المتولى لأمر العسكر والمدبر له وهو صاحب القتال والوقائع، ووجه عبد الله بن علي أخاه عبد الصمد بن علي في عشرة آلاف من فرسان من معه فناهضهم أبو الورد ولقيهم فيما بين العسكرين واستحر القتل في الفريقين، وثبت القوم وانكشف عبد الصمد ومن معه وقتل منهم يومئذ ألوف وأقبل عبد الله حيث أتاه عبد الصمد ومعه حميد ابن قحطبة، وجماعة من معه من القواد فالتقوا ثانية بمرج الأحزم فاقتتلوا قتالاً شديداً، فانكشف جماعة ممن كان مع عبد الله، ثم ثابوا وثبت لهم عبد الله وحميد ابن قحطبة فهزموهم، وهرب أبو محمد ومن معه من الكلبية حتى لحقوا بتدمر، وآمن عبد الله أهل قنسرين وسودوا وبايعوه ودخلوا في طاعته ثم انصرف راجعاً إلى أهل دمشق.
قال: ولم يزل أبو محمد متغيباً هارباً، ولحق 45 - و بأرض الحجاز وبلغ زياد بن عبيد الله الحارثي عامل أبي جعفر على المدينة مكانه الذي تغيب فيه، فوجه إليه خيلاً فقاتلوه حتى قتل وأخذوا ابنين له أسيرين، فبعث زياد برأس أبي محمد وبابنيه إلى أبي جعفر، فأمر بتخليه سبيلها وأمنها.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زياد بن عبد الله الأسوار بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن أمية ابن عبد شمس، أبو محمد القرشي الأموي، كان من وجوه بن حرب، وكانت له دار بدمشق في ربض باب الجابية، ووجهه الوليد بن يزيد إلى دمشق حين بلغه خروج يزيد بن الوليد، فأقام بذنبة، ولم يصنع شيئاً، ثم مضى إلى حمص، وخرج منها في الجيش إلى دمشق للطلب بدم الوليد فأخذ وحبس في الخضراء إلى أن بويع مروان بن محمد، فأطلقه ثم حبسه بحران بعد ذلك ثم أطلقه، ثم خرج بقنسرين، ودعا إلى نفسه فبايعه ألوف، وزعموا أنه السفيان، ثم لقيه عبد الله بن علي فكسره وهرب ولم يزل مستخفياً حتى قتل بالمدينة.
هرب أبو محمد في أول سنة ثلاث وثلاثين ومائة، فقد قتل في هذه السنة أو في التي بعدها.
زياد بن عثمان بن زياد:
ويعرف بابن أبي سفيان النصري، روى عن عباد بن زياد، وعبد الرحمن بن أبي بكره، روى عنه حجاج بن حجاج الباهلي، وأبو عمر بن المبارك، وكان بدابق مع سليمان بن عبد الملك، وعزاه بابنه أيوب حين مات.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أجازه لنا - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم البُسري قال: أخبرنا محمود بن عمر العكبري قال: أخبرنا أبو طالب عبد الله بن محمد بن شهاب قال: أخبرنا الحسن بن علي بن المتوكل قال: أخبرنا علي بن محمد المدائني قال: قال أبو عمر بن المبارك: دخل زياد بن عثمان بن زياد على سليمان بن عبد الملك، وقد توفي ابنه أيوب، فقال: يا أمير المؤمنين إن عبد الرحمن بن أبي بكرة يقول: من أحب البقاء فليوطن نفسه على المصائب.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زياد بن عثمان عن عباد بن زياد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، روى عنه حجاج بن الحجاج.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - إذناً - قال: أنبأنا أبو الفرج مسعود بن الحسن قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إن لم يكن سمعته منه - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: زياد بن عثمان، روى عن عباد بن زياد عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسل، روى عنه 46 - ظ حجاج ابن حجاج سمعت أبي يقول ذلك، ويقول: هو مجهول.
أخبرنا القاضي أبو نصر الشيرازي - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسين قال: زياد بن عثمان المعروف بابن أبي سفيان النصري، حدث عن عمه عباد بن زياد، وعبد الرحمن بن أبي بكرة، ابن عم أبيه لأمه، روى عنه الحجاج ابن الحجاج الباهلي البصري، وأبو عمر بن المبارك.
زياد بن كعب بن مرحب البجلي:
وقيل الهمذاني، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، ذكره المدائني في خبر صفين، وذكر أبو مخنف أنه كان على رجالة همذان. 45 - ظ.
زياد بن ميسرة:
ويكنى ميسرة أبا زياد المديني، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي.
حدث عن عبد الله مولاه، وأنس بن مالك، وعراك بن مالك، وعمر بن عبد العزيز وأبي بحرية.
روى عنه محمد بن إسحاق، ومالك بن أنس، وعبد الرحمن محمد بن عبد القارئ، وعمرو بن يحيى، وعمر بن محمد العمري المدني، ومعاوية بن أبي مزرد، وأبو النضر سالم مولى عبيد الله، وبكر بن أبي الفرات، ويقال داوود بن بكر بن أبي الفرات، وأسامة بن زيد وإسماعيل بن أبي خالد، ويزيد بن أسامة ابن الهاد.
وقدم دابق أو خُناصرة على عمر بن عبد العزيز بعدما تولى الخلافة، وكان عمر يحترمه وله عنده مكانة ومنزلة، وإيَّاه عنى الفرزدق بقوله حين حجب عمر الشعراء وغيرهم، ورأى زياداً داخلاً إليه:
يا أيها القارئ المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد خلا زمني

وإنما وقع الشك في الراوي عنه بكر بن أبي الفرات، أو داوود بن بكر بن أبي الفرات، لأن أبا عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ذكره في التاريخ الكبير، وقال في ذكره، 47 - و وقال إبراهيم بن المنذر: حدثنا نافع عن عمر بن ذكوان عن داوود بن أبي بكر عن زياد بن أبي زياد عن أنس قال النبي صلى الله عليه وسلم: تكون فسقة يصلونها لغير وقتها.
قال: وقال أحمد: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا معن قال: حدثنا الذكواني عمر عن بكر بن أبي الفرات عن زياد بن أبي زياد عن أنس بن مالك قال: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم مثله 47 - ظ.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني عبد العزيز - وهو - ابن عمران قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني يعقوب قال: أراه عن أبيه قال: أذن عمر بن عبد العزيز لزياد بن أبي زياد، والأمويون هناك ينتظرون الدخول عليه، فقال هشام: أما رضي ابن عبد العزيز أن يصنع ما يصنع حتى أذن لعبد ابن عياش يتخطى رقابنا، فقال الفرزدق: من هذا؟ قالوا: رجل من أهل المدينة من القراء عبد مملوك، فقال الفرزدق:
أنه القارئ المقضي حاجته ... هذا زمانك إني قد خلا زمني
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغمدجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال الأويسي عن مالك: كان عمر بن عبد العزيز يكرم زياداً، وكان عبداً فدخل يوماً وذلك حين يقول الشاعر:
يا أيها القارئ المرخي عمامته ... هذا زمانك إني قد خلا زمني
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا 48 - و يعقوب بن سفيان قال: حدثني محمد بن أبي زكير قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثني مالك أن زياداً مولى ابن عياش قدم على عمر بن عبد العزيز، وهو خليفة، فقلت لمالك: وزياد يومئذ عبد؟ فقال: نعم فعرض عليه عمر بن عبد العزيز أن يشتريه من الفيء فيعتقه، فأبى ذلك زياد، قال مالك: فلا أدري لأي شيء ترك ذلك زياد مولى ابن عياش.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه عن زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرني أحمد بن سهل قال: حدثني إبراهيم بن معقل قال: حدثنا حرملة قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا مالك قال: كان زياد مولى ابن عياش قد أعانه الناس في فكاك رقبته، وأسرع الناس في ذلك، ففضل بعد الذي قوطع عليه مال كثير، فرده زياد إلى من كان قد أعانه بالحصص، وكتبهم عنده، فلم يزل يدعو لهم حتى مات.
قال: وكان زياد معتزلاً، لا يكاد يجلس مع كل أحد، إنما هو أبداً يخلو وحده بعد العصر وبعد الصبح.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل بن علي المقدسي في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله بن الفضل قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن سلمان النجاد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا جرير بن عارم قال: أخبرنا زياد بن أبي زياد المدني، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعه أنه بعثه إلى عمر بن عبد العزيز في حوائج له، قال: فدخل عليه وعنده كاتب يكتب 48 - ظ فقال: السلام عليكم، فقال: وعليكم السلام، ثم انتبهت فقلت: السلام عليك يا أمير المؤمنين ورحمة الله، قال: يا بن زياد إنا لسنا ننكر الأولى التي قلت، والكاتب يقرأ عليه مظالم جاءت من البصرة، فقال لي: اجلس، فجلست على اسكفة الباب وهو يقرأ عليه، وعمر يتنفس الصعداء، فلما فرغ أخرج من كان في البيت حتى وصيفاً كان فيه، ثم قام يمشي إليّ حتى جلس بين يدي، ووضع يده على ركبتي ثم قال: يا بن أبي زياد استدفأت في مدرعتك هذه - قال: وعلي مدرعة - واسترحت مما نحن فيه، ثم سألني عن صلحاء أهل المدينة: رجالهم ونسائهم، فما ترك منهم أحداً إلاّ سألني عنه، وسألني عن أمور كان أمر بها بالمدينة، فأخبرته، ثم قال لي: يا بن أبي زياد ألا ترى ما وقعت فيه؟ قال: قال: أبشر يا أمير المؤمنين إني لأرجو لك خيراً، قال: هيهات هيهات، قال: ثم بكى حتى جعلت أرثي له، قال: قلت: يا أمير المؤمنين بعض ما تصنع فإني أرجو لك خيراً قال: هيهات هيهات، أشتم ولا أشتم وأضرب ولا أضرب وأوذي ولا أوذى، قال: ثم بكى حتى جعلت أرثي له، قال: فما قمت حتى قضى حوائجي، وكتب إلى مولاي يسأله أن يبيعني منه، ثم أخرج من تحت فراشه عشرين ديناراً فقال: استعن بهذه فإنه لو كان لك في الفيء حق أعطيناك حقك، إنما أنت عبد، فأبيت أن آخذها فقال: إنما هي نفقتي، فلم يزل بي حتى أخذتها وكتب إلى مولاي يسأله أن يبيعني منه، فأبى وأعتقني.
أنبأنا أبو حفص ابن طبرزد عن أبي غالب 49 - و بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوة - إجازة - قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثانية من أهل المدينة زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة ابن المغيرة المخزومي، ولزياد عقب وبقية بدمشق، وروى عنه إسماعيل بن أبي خالد وغيره.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زياد بن أبي زياد، واسم أبي زياد ميسرة، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة القرشي المدني.
وقال محمد بن عبيد الله: حدثنا ابن وهب، سمع مالكاً: قال: لي زياد وكان عابداً، وأنا يومئذ حديث السن: إني أراك تجلس مع ربيعة عليك بالحذر.
وقال ابن أويس: حدثني مالك: كان زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش يلبس الصوف، ويكون وحده ولا يجالس أحداً وفيه لكنة.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن عن أبي محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيويه قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاّب قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا إسماعيل بن عبد الله بن أبي أويس قال: قال مالك بن أنس: كان زياد مولى ابن عياش رجلاً عابداً معتزلاً لا يزال يكون وحده يدعو الله، وكانت فيه لكنة، وكان يلبس 49 - ظ الصوف، ولا يأكل اللحم، وكانت له دريهمات يعالج له فيها، وقال غير إسماعيل: وكان صديقاً لعمر ابن عبد العزيز، وقدم عليه وهو خليفة فوعظه وقرّبه عمر وخلا به وكان بينهما كلام كثير.

وأنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن أبي سفيان قال: حدثني محمد ابن أبي زكير قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثنا مالك قال: كان زياد مولى ابن عياش يمر بي وأنا جالس، فربما أفزعني حسه من خلفي، فيضع يده بين كتفي فيقول لي: عليك بالجد فإن كان ما يقول أصحابك هؤلاء من الرخص حقاً لم يضرك، وإن كان الأمر غير ذلك كنت قد أفدت بالحذر، يريد ما يقول ربيعة وزيد ابن أسلم.
قال مالك: وكان زياد قد أعانه الناس على فكاك رقبته وأسرع إليه في ذلك ففضل بعد الذي قوطع عليه مال كثير، فرده زياد إلى من كان أعانه بالحصص، وكتبهم زياد عنده، فلم يزل يدعو لهم حتى مات، قال وكان زياد رجلاً معتزلاً لا يكاد يجلس معه أحد إنما هو أبداً يخلو وحده بعد العصر وبعد الصبح.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل - فيما أجازه لنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: زياد بن ميسرة، وهو زياد بن أبي زياد المديني، مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة المخزومي، روى عن مولاه ابن عياش، وأنس بن مالك، وعمر بن عبد العزيز، وأبي بحرية، وعراك ابن مالك.
روى عنه مالك بن أنس، وعمرو بن يحيى، وعبد الرحمن بن محمد بن عبد القارئ، ومحمد بن إسحاق، وعمر بن محمد العمري المدني، وبكر بن أبي الفرات، ويقال داوود بن أبي الفرات، ومعاوية بن أبي مزرد، وأسامة بن زيد، ويزيد بن أسامة بن الهاد، وأبو النضر سالم مولى عمر بن عبد الله، وإسماعيل بن أبي خالد، وقدم على عمر بن عبد العزيز، وكانت له مه منزلة، وكانت له بدمشق دار بناحية القلانسيين.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الغساني قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن علي التميمي قال: حدثنا محمد بن الحارث قال: سمعت المدائني يقول: قال عمر بن عبد العزيز لعبد بني مخزوم: إني أخاف الله فيما دخلت فيه، فقال له: لست أخاف عليك أن تخاف، ولكن أخاف عليك أن لا تخاف.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي بحلب قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك بن عبد الرحمن بن زريق، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش بحلب قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي قالا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد 50 - ظ بن العلاف قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن بشران قال: حدثنا أحمد ابن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا علي بن داوود قال: حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثني يعقوب بن إبراهيم الزهري عن أبيه قال: جلس إليّ يوماً زياد مولى ابن عياش قال: يا عبد الله، قال: ما تشاء؟ قال: ما هي إلا الجنة والنار، قلت: والله ما هي إلا الجنة والنار، قال: وما بينهما منزل ينزله العبَّاد، قال: فو الله إن نفسي لنفس أضن بها عن النار والصبر اليوم عن معاصي الله خير من الصبر على الأغلال.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي - قراءة عليه - قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قالت أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي بن الحسن الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: حدثني يعقوب بن عبد الرحمن القارئ قال: قال محمد بن المنكدر: إني خلفت زياد بن أبي زياد مولى ابن عياش وهو يخاصم نفسه في المسجد يقول: اجلسي أين تريدين أن تذهبين، أتخرجين إلى أحسن من هذا المسجد، انظري ما فيه تريدين أن تبصري دار فلان ودار فلان.

قال: وكان يقول لنفسه: ما لك من الطعام يا نفس إلاّ هذا الخبز وهذا الزيت، وما لك من الثياب إلاّ هذين الثوبين، وما لك من النساء إلاّ هذه العجوز، أفتحبين أن تموتي؟ فقالت: 51 - و أنا أصبر على هذا العيش.
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل - إذناً - قال أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن مرزوق قال: أخبرنا أبو عمر بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا إبراهيم بن الأشعت قال: سمعت فضيل بن عياض قال: قال زياد بن أبي زياد: إنما قوتي في الدنيا نصف مدّ في اليوم، وإنما لباسي ما ستر عورتي، وإنما بيتي ما أكنّ رأسي، والله لوددت أنه حماني من الآخرة ولا أعذب بالنار.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا أبو بكر الخطيب، ح.
قال وأخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا علي بن محمد بن محمد قالا: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن عبد المجيد التميمي قال: سمعت سفيان بن عيينة يقول: قال زياد مولى ابن عياش لمحمد بن المنكدر، وصفوان بن سليم: الجدّ الجدّ والحذر الحذر، فإن يكن الأمر على ما نرجوه كان ما عملتما فضلاً، وإلا لم تلوما أنفسكما.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح. وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل 51 - ظ الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن حبيب قال: حدثنا أبو غسان قال: قال زياد بن أبي زياد مولى عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة: أنا من أن أُمنع الدعاء أخوف من أن أمنع الإجابة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا 52 - و أبو القاسم إسماعيل بن أحمد إذناً أو سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني عبد العزيز قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني يعقوب بن عبد الرحمن عن أبيه عن زياد مولى ابن عياش قال: لو رأيتني ودخلت على عمر بن عبد العزيز في ليلة شاتية وفي بيته كانون، وعمر على كتابه فجعلت أصطلي على الكانون، فلما فرغ من كتابه مشى إليّ عمر حتى جلس معي على الكانون، وهو خليفة، فقال زياد بن أبي زياد؟ فقلت: نعم يا أمير المؤمنين، قال: قص عليّ قلت: يا أمير المؤمنين ما أنا بقاص، قال: فتكلم، قلت: زياد، قال: وما له، قال: لا ينفعه من دخل الجنة غداً إذا دخل النار، ولا يضره من دخل النار غداً إذا دخل الجنة، قال: صدقت والله ما ينفعك من دخل الجنة إذا دخلت النار ولا يضرك من دخل النار إذا أنت دخلت الجنة، قال: فلقد رأيت عمر يبكي حتى طفئ بعض ذلك الجمر الذي على الكانون.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد صصرى قال أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن أبي الفتح الهمذاني قال أخبرنا أبو بكر الخليل ابن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن القاسم بن درستويه قال: حدثنا أحمد بن محمد إسماعيل أبو الدحداح قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوز جاني قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا النضر بن عربي قال: بينما عمر بن عبد العزيز يتغذى إذ بصر بزياد مولى ابن عياش فأمر حرسيا أن يكون معه، فملا خرج الناس وبقي زياد قام إليه عمر فجلس إليه، ثم قال: يا فاطمة هذا زياد مولى ابن عياش فاخرجي فسلمي عليه، ثم قال: يا فاطمة هذا زياد مولى ابن عياش عليه جبة صوف، وعمر قد ولي أمر الأمة، فحاسب نفسه حتى قام إلى البيت فقضى عبرته، ثم خرج ففعل ذلك ثلاث مرات، فقالت فاطمة: يا زياد هذا أمرنا وأمره ما فرحنا به ولا قرّت أعيننا منذ ولي.

أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: خبرنا محمد بن العباس بن محمد قال: حدثنا ابن أبي داوود قال: قرأ على الحارث بن مسكين وأنا أسمع عن بعض أصحابه عن مالك قال مزاحم مولى عمر بن عبد العزيز: اشتريت لعمر بن عبد العزيز وهو أمير المدينة للوليد كساء خز بستمائة دينار أو بسبعمائة دينار، فجعل بجنبه ويقول: أنه لخشن، فلما ولي الخلافة قال: إني لأجد البرد بالليل فاشتريت له كساءٌ بعشرة دراهم، فلما أتيته به جعل بجنبه ويقول: إنه للين، فضحكت فقال: مم تضحك؟ فقلت: 52 - ط أما تذكر حين اشتريت لك كساءً بستمائة دينار أو بسبعمائة، فجعلت تقول: إنه لخشن، وتقول لهذا إنه للين! فقال يا مزاحم والله لئن كان عيش سليمان بن عبد الملك وعيش زياد مولى بن عياش واحداً، لأن أعيش في الدنيا بعيش سليمان أحب إلي، ولئن كان زياداً مولى ابن عياش صبر في الدنيا على العيش الذي يعيشه ليطيب له العيش في الآخرة، فوالله لأن أصبر على مثل عيش زياد هذه الأيام القلائل ليطيب لي العيش في الآخرة في تلك الأيام الكثيرة أحب إليّ، أو كما قال الحارث.
ذكر من اسم أبيه النضر ممن اسمه زياد
زياد بن النضر:
أبو عمرو ويقال أبو الأوبر، ويقال أبو عائشة الحارثي الكوفي، روى عن أبي هريرة. روى عنه الشعبي وعبد الملك بن عمير، وهو أحد من حصر عثمان بن عفان رضي الله عنه وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه وأمرّه على مذحج والأشعريين، وسيره على مقدمته عند توجهه إلى صفين.
أخبرنا أبو الحسن المبارك بن محمد بن مزيد بن هلال الأنصاري الخواص، وأبو عبد الله محمد بن نصر بن أبي الفرج الحصري - قراءة عليهما وأنا أسمع ببغداد - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسن بن احمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس 53 - و أحمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن علي المقري قال: حدثنا أبو محمد إسحاق بن أحمد بن نافع الخزاعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى بن أبي عمر العدني قال: حدثنا سفيان عن عبد الملك بن عمير عن أبي الأوبر عن أبي هريرة قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يصلي قائماً وقاعداً وحافياً ومنتعلاً ويتفل عن يمينه وعن شماله.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال أخبرنا: أبو الحسن علي بن أحمد بن منصور بن قبيس - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا أحمد بن عبيد بن ناصح قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عوانة عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني الشعبي أن زياد بن النضر الحارثي حدثه قال: كنا عند غدير لنا في الجاهلية ومعنا رجل من الحي يقال له عمرو ابن مالك معه بنية له شابة على ظهرها ذؤابة، فقال لها أبوها: خذي هذه الصحفة وأتي العذير فجيئينا بشيء من مائه فانطلقت فوافقها عليه جان فاختطفها، فذهب بها، فلما فقدناها نادى أبوها في الحي فخرجنا على كل صعب وذلول وقصدنا كل شعب ونقب، فلم نجد لها أثراً، ومضت على ذلك السنون حتى كان زمن عمر بن الخطاب فإذا هي قد جاءت وقد عفا شعرها وأظفارها وتغيرت حالها، فقال لها 53 - ظ أبوها: أي بنية أين كنت؟ وقام إليها يقبلها ويشم ريحها، فقالت: يا أبت أتذكر ليلة الغدير؟ قال: نعم قالت فإنه: واقعني عليه جان فاختطفني فذهب بي، فلم أزل فيهم حتى إذا كان الآن غزا هو وأهله قوماً مشركين، أو غزاهم قوم مشركون، فجعل عليه نذراً إن هم ظفروا بعدوهم أن يعتقني ويردني إلى أهلي، فظفروا فحملني فأصبحت عندكم، وقد جعل بيني وبينه أمارة أن احتجت إليه أن أولول بصوتي، فإنه يحضرني، قال: فأخذ أبوها من شعرها وأظفارها وأصلح من شأنها وزوجها رجلاً من أهله، فوقع بينها وبينه ذات يوم ما يقع بين المرأة وبعلها فعيرها وقال: يا مجنونة إن نشأت إلا في الجن، فصاحت وولوت بأعلى صوتها، فإذا هاتف يهتف: يا معشر بني الحارث اجتمعوا وكونوا حياً كراماً، فاجتمعنا فقلنا: ما أنت رحمك الله فإنا نسمع صوتاً ولا نرى شخصاً؟ فقال: أنا رأت فلانة؟ رعيتها في الجاهلية بحسبي، وصنتها في الإسلام بديني والله ما نلت منها محرماً قط، واستغاثت فيّ هذا الوقت فحضرته أن فسألتها عن أمرها، فزعمت أن زوجها عيرها بأن كانت فينا، والله لو كنت تقدمت إليه لفقأت عينه، قال: فقلنا يا عبد الله لك الحباء والجزاء والمكافأة، فقال: ذلك إليه، يعني الزوج.
قال: فقامت إليه عجوز من الحي، فقالت: أسألك عن شيء؟ قال: سلي، قالت: إن لي بنية عروساً أصابها حصبة فتمزق رأسها وقد أخذتها حمى الربع فهل لها من دواء؟ قال: نعم اعمدي إلى ذبان الماء الطويل القوائم، الذي يكون على أفواه الأنهار، فخذي منها واحدة فاجعليه في سبعة ألوان عهن أصفرها وأحمرها وأخضرها وأسودها وأحمرها وأبيضها وأكحلها وأزرقها، ثم افتلي ذلك الصوف بأطراف أصابعك، ثم اعقديه على عضدها اليسرى، ففعلت أمها ذلك فكأنما نشطت من عقال.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسين الرازي: أخبرنا أحمد بن عمير قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: حدثني عبد الغفار بن إسماعيل بن معاوية عن أبيه عن أبي يعفور الثقفي عن عبد الملك بن عمير قال: حدثني زياد بن النضر الحارثي قال: كنت صديقاً ليزيد بن معاوية قبل أن تفضي الخلافة إليه فلما أفضت إليه أتيته فأكرمني وأنزلني في الدار معه، فلما كان ذات يوم استحم ثم جاء يخطر في مشيته عليه سبنية مضلعة كأن جلده يقطر دماً، فما رأيت منظراً أحسن منه، فألقي له كرسي فجلس عليه، ثم قال: يا أبا عمر قم فاستحم، ففكرت في نفسي وفي غضون جلدي فقلت، لا يراها مني أبداً، فقلت: يا أمير المؤمنين إذا أفضت علي الماء أخذتني قشعريرة، قال: فقال: لا عليك، يا جارية اسقيني، قال: فأتته جارية حسناء في يده إناء فيه شراب، ما رأيت شراباً أحسن منه قال: فشرب حتى أتى عليه، فقال: يا جارية اسقي أبا عمر، قال: فقلت في نفسي إنَّا لله وإنَّا إليه راجعون الخمر ورب الكعبة، قال: فقلت في نفسي أشربه وأتوب، قال: فجاءتني بالقدح، فشربت فو الله ما سلسلت شراباً قط مثله، قال: فلما فرغت قال: يا أبا عمر، قلت: لبيك يا أمير المؤمنين قال: أتدري ما هذا الشراب؟ قال: قلت: لا والله يا أمير المؤمنين إلا أني لم أسلسل شراباً مثله، قال: هذا رمان حلوان بعسل أصبهان، بزبيب الطائف، بسكر الأهواز بماء بردى.

أنبانا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: أبو الأوبر اسمه زياد الحارثي.
وقال: أخبرنا الحافظ أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو الأوبر زياد الحارثي، عن أبي هريرة، روى عنه عبد الملك بن عمير.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي - أذناً - قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر، وأبو القاسم بن أحمد بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً منهما أو من أحدهما - قال ابن ناصر: أنبأنا جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال أخبرني أبي أحمد، ح.
وقال ابن السمرقندي أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قالا: أبو الأوبر زياد الحارثي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام - أذناً - قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه الحافظ قال: أخبرنا الحافظ أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو الأوبر زياد الحراثي الكوفي عن أبي هريرة عبد الرحمن بن صخر الدوسي، يروي عنه عبد الملك بن عمير أبو عمر القرشي.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الشريف أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي الصيدلاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار قال: قرأت على أبي الحسن علي بن عمرو الأنصاري: قلت له: حدثكم الهيثم بن عدي قال: زياد بن النضر الحارثي، يكنى أبا عائشة.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: زياد بن النضر أبو الأوبر، ويقال أبو عائشة، ويقال أبو عمر الحارثي، من أهل الكوفة حدث عن أبي هريرة روى عنه عامر بن شراحيل الشعبي، وعبد الملك ابن عمير، ووفد على يزيد بن معاوية.
أنبأنا بان طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: أخبرنا السري بن يحيى قال: أخبرنا شعيب بن إبراهيم قال: أخبرنا سيف بن عمر عن محمد وطلحة وأبي عثمان وأبي حارثة قالوا: خرج أهل الكوفة في أربع رفاق، وعلى الرفاق زيد بن صوحان العبدي، والاشتر النخعي، وزياد بن النضر الحارثي، وعبد الله بن الأصم أحد بني عامر بن صعصعة، فذكر الحديث، وذكر خروجهم إلى عثمان وحصره.

أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبيد الله بن المقير عن أبي محمد بن عبد الله بن أحمد ابن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد بن الحسن الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ننجاب قال: حدثنا أبو إسحاق ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: أخبرنا عمر بن سعد عن خالد بن قطن قال: لما قطع علي الفرات دعا زياد بن النضر الحارثي وشريح بن هانيء فسرحهما أمامه نحو معاوية على حالهما التي كانا عليه حين خرجا من الكوفة، في اثني عشر ألفاً وقد كانا حيث سرحهما علي من الكوفة أخذا على شاطئ الفرات من قبل البر مما يلي الكوفة حتى بلغا عانات، فبلغهما أنه أخذ علي على طريق الجزيرة وبلغهما أن معاوية قد أقبل في جنود من الشام لاستقبال علي، فقال: والله ما هذا لنا برأي أن نسير وبيننا وبين أمير المؤمنين هذا البحر وما لنا خير في أن نلقى جموع الشام بقلة من معنا، وذهبوا ليعبروا من عانات فمنعهم أهل عانات وحبسوا عنهم السفن، فأقبلوا راجعين حتى عبروا من هيت ثم لحقوا علياً دون قرقيسيا، وأرادوا أهل عانات، فلما لحقت علياً مقدمته، قال: مقدمتي تأتي من روائي؟ فأخبروه بالذي رأيا، فقال: أصبتما، فلما عبر الفرات قدمها أمامه نحو معاوية.
أنبأنا علي بن محمود بن أحمد الصابوني عن أبي محمد الأديب قال: أخبرنا محمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا الحسين ابن أحمد قال: حدثنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر قال: حدثنا عمر بن سعد بن خالد بن قطن أن علياً قدم زياد بن النضر وشريح بن هاني أمامه نحو معاوية في اثني عشر ألفاً، فلما انتهوا إلى معاوية وهو بصفين لقيهم أبو الأعور السلمي في جند من أهل الشام فدعاهم إلى الدخول في طاعة علي فأبوا، فبعثوا إلى علي عليه السلام: إنا قد لقينا أبا الأعور السلمي في جند من أهل الشام فدعوناه وأصحابه إلى الدخول في طاعتك فأبوا علينا، فمرنا بأمرك، فأرسل علي إلى الأشتر فقال له: يا مالك إن زياد بن النضر وشريحاً أرسلا إلي بكذا وكذا، ونبأني الرسول أنه تركهم متواقفين فالنجاء النجاء إلى أصحابك، فإذا أتيتهم فأنت عليهم وإياك أن تبدأ القوم بقتال حتى يبدأوك حتى تلقاهم فتدعوهم، فتسمع منهم، ولا يجر منكم شنآنهم على قتالهم قبل دعائهم والأعذار إليهم مرة بعد مرة، واجعل على ميمنتك زياد بن النضر، وعلى ميسرتك شريح بن هاني، وقدم أصحابك وسطاً، ولا تدنو منهم دنو من يريد أن ينشب الحرب، ولا تباعد عنهم بعد من يهاب البأس حتى أقدم عليك فإني حثيث السير إليك إن شاء الله.
؟؟زياد بن النضر الطرسوسي:
حدث بطرسوس عن يزيد بن أبي حكيم العدني. سمع منه أبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي - في كتابه - قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زياد بن النضر الطرسوسي، روى عن يزيد بن أبي حكيم العدني، كتب عنه أبي بطرسوس.
؟زياد بن أبي حسان النبطي: أبو عمار البصري، روى عن أنس بن مالك، وأبي عثمان النهدي، وعمر بن عبد العزيز.
روى عنه إسماعيل بن علية، ومسلمة بن الصلت، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي ومعد بن الفضل الأزدي، وقرة بن حبيب وعبد الحكم بن منصور الواسطي، وعون بن عمارة، وأبو عبيدة عبد المؤمن بن عبد الله السدوسي، وقدم خناصرة على عمر بن عبد العزيز، وشهد دفن ابنه عبد الملك.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - أذناً - قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أحمد - يعني - بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله - يعني - بن أحمد ابن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم قال: حدثني زياد بن أبي حسان أنه شهد عمر بن عبد العزيز حيث دفن ابنه عبد الملك قال: لما دفنه وسوى عليه، وقبره بالأرض، وضعوا عنده خشبتين من زيتون إحداهما عند رأسه والأخرى عند رجليه، ثم جعل قبره بينه وبين القبلة، واستوى قائماً وأحاط به الناس فقال: رحمك الله يا بني لقد كنت باراً بأبيك، والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسروراً بك، ولا والله ما كنت باراً بأبيك، والله ما زلت منذ وهبك الله لي مسروراً بك، ولا والله ما كنت قط أشد بك سروراً، أو لأرجى لحظي من الله فيك منذ وضعتك في هذا المنزل الذي صيرك الله إليه، فرحمك الله وغفر لك ذنبك، وجزال بأحسن عملك، ورحم الله كل شافع يشفع لك بخير من شاهد أو غائب، رضينا بقضاء الله، وسلمنا لأمره والحمد لله رب العالمين، ثم انصرف.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري بواسط قال: حدثنا الأحوص بن الفضل بن عيان قال: أخبرنا أبي قال: قال يحيى بن معين: ويذكر عن شعبه أنه قال: كان زياد بن أبي الحسن النبطي نصرانياً في حياة أنس بن مالك.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن أبي سعد التيمي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن هبة الله قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبان - إجازة - قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن يوسف قال: حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدثني سعيد بن عمرو البرذعي قال: قال لي أبو زرعة: ذكرت ليحيى بن معين حديث زياد - يعني - بن أبي حسان عن أبي عثمان عن أسامة فأنكره وقال: ما رواه؟ قلت: محمد بن عبد الله الزري، قال: ما حدثنا ابن علية عن زياد بن أبي حسان إلا حديثاً واحداً عن عمر بن عبد العزيز ثم قال له الزري لا ندري هو بالنيل أو بالكوفة، قال أبو زرعة: قلت يقال أن منصور ابن أبي مزاحم رواه؟ فقال: لو ثبت.
قال: وحدثني أبو عثمان البرذعي قال: وقال لي أبو حازم وكان حاضراً هذا زياد الجصاص: روى هذا الحديث محمد بن خالد الوهبي عن زياد الجصاص.
قال: وحدثنا أحمد بن القاسم - إجازة - قال: أخبرنا أحمد بن طاهر قال: حدثني سعيد بن عمرو قال: أخرج إلي أبو زرعة كتابه بخطه فدفعه إليَّ من يده فيه أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين فنسخت هذه الأسامي من كتابه الذي ناولني من يده بخطه، ولم أسمعه منه، فكان منهم زياد بن أبي حسان.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زياد بن أبي حسان، سمع أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أغاث ملهوفاً له سبعين مغفرة، لا يتابع عليه.
ورواه عبد العزيز بن عبد الصمد قال: حدثنا زياد بن أبي حسان عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وقال محمد بن عقبة: حدثنا مسلمة بن الصلت قال: حدثنا زياد بن أبي زياد سمع أنسا بالمدينة عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أغاث ملهوفاً.
هكذا وقع في غير نسخة من كتاب البخاري زياد بن أبي زياد. وكأنه ابن أبي حسان والله أعلم.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم عن أبي طاهر الخضر بن الفضل قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زياد بن أبي حسان النبطي روى عن أنس، وأبي عثمان النهدي، وعمر بن عبد العزيز.
روى عنه ابن علية، وعبد العزيز العمي، وقرة بن حبيب، سمعت أبي يقول ذلك، وسمعته يقول كان شعبة يتكلم فيه، فقلت لأبي: ما تقول فيه؟ فقال: شيخ منكر الحديث، يكتب حديثه ولا يحتج به.

أخبرنا محمد بن محمد البكري - من كتابه: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشرى قال: أخبرنا علي ابن محمد بن الحسن الواسطي، ومحمد بن علي بن علي الدجاجي في كتابيهما عن أبي الحسن الدار قطني، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز بن عبد الله الخياط قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني - إجازة - قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني: زياد بن أبي حسان، أبو عمار بصري عن أنس، زاد ابن بطريق: وعن عمر بن عبد العزيز متروك.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال: زياد بن أبي حسان، روى عن أنس وغيره بالمناكير، حدث عنه ابن علية، وعبد العزيز العمي، لا شيء.
أنبأنا أبو محمد بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: زياد بن أبي حسان النبطي سمع عمر بن عبد العزيز قوله.
روى عنه ابن علية، كان شعبة يتكلم فيه، سمعت ابن حماد يذكره عن البخاري.
قال ابن عدي: وحدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: زياد بن أبي حسان النبطي، كان شعبة يتكلم فيه لا يتابع في حديثه.
قال أبو أحمد بن عدي: زياد بن أبي حسان هذا قليل الحديث، ولم أر له عن أنس إلا ما ذكره، وما لم أذكره لعل إلى تمام خمسة أحاديث، والبخاري إنما أنكر عليه سمع عمر بن عبد العزيز قوله، قال: روى عنه ابن عليه، وكأن البخاري لم يعرف له حديثاً مسنداً.
قلت: ليس الأمر كما ظنه ابن عدي، فإن البخاري قد حكى عن عون ابن عمارة، وعبد العزيز بن عبد الصمد ومسلمة بن الصلت أنهم رووا عن زياد بن أبي حسان أنه سمع أنسا عن النبي صلى الله عليه وسلم: من أغاث ملهوفاً وقال: لا يتابع عليه، فكيف يجعله ابن عدي فيما رواه عن عمر بن عبد العزيز من قوله خاصة، ويقول: كأن البخاري لم يعرف له حديثاً مسنداً.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الشيرازي - فيما أذن لي في روايته عنه - قال:أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زياد بن أبي حسان أبو عمار النبطي من أهل البصرة روى عن أنس بن مالك، وأبو عثمان النهدي، وعمر بن عبد العزيز، وقدم عليه وشهد دفن ابنه عبد الملك بن عمر ابن عبد العزيز.
روى عنه ابن عُلية، وعبد العزيز بن عبد الصمد العمي، وقرة بن حبيب، وعون بن عمارة، ومسلمة بن الصلت، وعبد الحكم بن منصور الواسطي وأبو عبيدة عبد المؤمن بن عبد الله السدوسي، ومعد بن الفضل الأزدي.
زياد بن أبي الورد الكاتب المشجعي:
له ذكر، وولاه مروان بن محمد بن مروان بنيان مرعش بعد أن خربها الروم.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: قال الوليد بن مسلم قال: اختلف الناس على مروان بن محمد وبلغ طاغية الروم، فنزل على مرعش، وبلغ مروان وهو نازل على حمص، فكتب إلى أهل مرعش يعلمهم ما بلغه من نزوله عليهم، ويأمرهم بالصبر وأنه قد وجه إليهم فلاناً في كذا، فلاناً في كذا، وأن قد أتوكم وبعث بكتابه رجلاً من الطلائع، وأمره أن يتصدّ لأهل مرعش حيث يراه الروم، وتطمع فيه، فإذا رآها خارجة إليه، ولى عنها وألقى الكتاب، ففعل وأخذته الروم، وأتت به وطاغيتها فكان سبباً لإجابته أهل مرعش على أمانه على دمائهم وأموالهم أهليهم، فكاتبوه على ذلك، وفتحوا مدينتهم وقد استووا على دوابهم وحملوا أهليهم، وقد أوقف طاغية الروم صفين قد سلوا سيوفهم، وقربوا بعضها إلى بعض ومرّ المسلمون تحتها حتى نفذوا، يقول: إنا قدرنا ووفينا، ثم خلوا عن المسلمين وخرجوا حصن مرعش، وقفلوا إلى بلادهم، ولما فرغ مروان من أهل حمص قطع بعثاً إلى أهل الشام إلى بنيان مرعش، وولى عليهم الوليد بن هشام المعيطي، وولى بناءها زياد بن أبي الورد الدمشقي.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: زياد بن أبي الورد المشجعي الكاتب، ذكره أبو الحسين الرازي في تسمية كتاب أمراء دمشق، وذكر أنه عمل لمروان بن محمد، ولأبي جعفر المنصور.
زياد أبو عبد الله:
من حرس عمر بن عبد العزيز، ويحتمل أن يكون زياد بن حبيب الجهني الذي قدمنا ذكره، وجهه عمر بن عبد العزيز إلى الرقة بمال حمله إلى سالم بن وابصة الراقي ليقسمه على الفقراء، فقد كان معه بخناصرة أو بغيرها من أعمال حلب، وإن لم يكن، فقد اجتاز بها أو ببعض عملها في طريقة إلى الرقة.
حكى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي الفتح نصر الله ابن محمد بن عبد القوي الفقيه اللاذقي قال: أنبأنا الفقيه نصر بن إبراهيم المقدسي الزاهد قال: أخبرنا عبد اله بن الوليد الأندلسي قال: أخبرنا محمد بن أحمد - فيما كتب إلي - قال: أخبرني جدي عبد الله بن محمد بن علي اللخمي قال: حدثنا عبد الله بن يونس قال: أخبرنا بقي بن مخلد قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم الدورقي قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي والوليد بن صالح فقالا: حدثنا عبيد الله بن عمرو، ح.
قال: وحدثني الهيثم بن جميل قال: حدثني عبيد الله بن عمرو - ويزيد بعضهم على بعض - قال: حدثني زياد أبو عبد الله - رجل من حرس عمر بن عبد العزيز - قال: بعث إلي عمر بن عبد العزيز ذات ليلة، فدخلت عليه وعنده شمعة وتحته شاذكونة وسخة، لا أدري أوسخها أغلظ أو ثوبها بساطها من عباءة من مشاقة الصوف في ليلة قرة، وعليه كساء أنبجاني سمل، وعليه قلنسوة بيضاء مضرّبة غسيل قد تنحى قطنها في ناحيتها، فنظرت إلى جسده فكأني لم أر بين عظمه وجلده شيئاً من اللحم.
قال: ومال معبأ، وكتاب مختوم، فقال لي: خذ هذا المال، وهذا الكتاب فانطلق به إلى سالم بن وابصة، وكان على الرقة، فمره فليقسمه على فقراء المسلمين ومره أن لا يقسمه إلا على نهر جار، أو سوق جامعة فإني أخاف أن يعطشوا.
قال: وكتب إلى ابن وابصة: نأمرك بأشراط تذب الناس بعضهم عن بعض، لا يزدحموا فيصيبهم شيء.
قال: فأخذته، ثم خرجت ورجعت، فقلت لغلامه: استأذن لي، فقال: قد دخل إلى أهله وليس ها هنا أحد يستأذن لك.
قال: فقام على الباب، ثم قال: الرجل الذي خرج من عند أمير المؤمنين آنفاً يريد الدخول، قال: فسمعته يقول: ادخل فإذا الشمعة قد رفعت وإذا عنده سراج، قلت: قلّ من ولي هذا الأمر إلا حضره المحقّ وغير المحقّ، فترى أن نستقصي حتى نوصله إلى أهله أو نعطيه من حضرنا، وقد يحضر الغني والفقير؟ قال: فنكت بشيء في يده مليا، ثم رفع رأسه فقال: من مدّ يده إليك فأعطه.
فلما خرجت قلت لغلامه: ما بال تلك الساعة شمعة والساعة سراج؟ فقال: تلك الساعة كان في شيء من أمر المسلمين فكانت عنده شمعة، والساعة قد صار إلى بيته فيكفيه سراج.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: زياد أبو عبد الله من حرس عمر بن عبد العزيز، إن لم يكن ابن حبيب فهو غيره، حكى عن عمر، حكى عنه عبيد الله بن عمرو الرقي.
زياد الصقلبي:
أحد الصقالبة الذين رتبهم مروان بن محمد بالثغور، وإليه ينسب حصن زياد من حصون الثغور، له ذكر وجهاد.
ذكر من اسمه زيد
زيد بن إبراهيم بن عبد الملك بن زيد الخلقاني:
أبو الحسن الملطي من أهل ملطية، وسكن حران، حدث عن الحسن بن عرفة والحسن بن محمد الزعفراني، وسليمان بن سيف، ومحمد بن يزيد أخي كرخويه.
روى عنه الحافظ: أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي، وأبو الحسين محمد بن المظفر، وأبو أحمد عبد الله بن عدي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ وغيرهم.

أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي، قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير القطبي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي الحلبي قال: حدثنا أبو الحسن زيد بن عبد الملك بن زيد الملطي الخلقاني بحران قال: حدثنا الحسن بن عرفة العبدي قال: حدثنا يحيى بن اليمان العجلي عن سفيان الثوري عن إبراهيم بن محمد بن المنتشر عن أبيه عن مسروق عن عبد الله بن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال لا إله إلاّ الله لم تضرّه معها خطيئة كما لو أشرك بالله لم تنفعه معها حسنة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ قال: حدثنا أبو الحسن زيد بن عبد الملك بن زيد الملطي الخلقاني، جليس أبي عروبة، بحران قال: حدثنا محمد بن يزيد أخو كرخويه قال: لا أقول لكم إلاّ ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: اللهم إني أعوذ بك من الفقر والكسل والجبن والبخل والهرم، وعذاب القبر، اللهم آت نفسي تقواها أنت خير من زكاها، أنت وليها ومولاها، اللهم إني أعوذ بك من علم لا ينفع، ومن قلب لا يخشع، ومن نفس لا تشبع، ومن دعوة لا تستجاب.
أسقط ابن المقرئ ذكر أبيه إبراهيم، ونسبه إلى جده.
وقال: حدثنا زيد قال: حدثنا ابن عرفة قال: قال ابن المبارك: نظر الثوري بمكة إلى السودان فقال: إن ذبوباً سلط علينا بها هؤلاء لذنوب عظام.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي
زيد بن أحمد بن عبيد الله بن فضال الحلبي:
أبو القاسم بن أبي الفتح الماهر، من أهل حلب، وسكن مع أبيه دمشق، فعرف بالدمشقي ثم انتقل إلى طرابلس، وأقام بها.
وهو شاعر في شعره تكلف ويعتمد فيه التجنيس. روى عن أبيه شيئاً من شعره روى عنه الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي، وأبو الحسن علي بن يحيى بن هبة الله الكتامي.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد وغيره قالوا: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أنشدنا أبو القاسم زيد بن أحمد بن الماهر قال: أنشدنا أبي أبو الفتح لنفسه:
له موضع في القلب ليس بمشترك ... وإن كان منه آخذاً فوق ما ترك
غرير يصيد القلب قبل يصيدة ... من اللحظ منصوب الحبائل والشرك
أقول لطرفي فيه عرّضتني ... لمن أذاب فؤادي في هواه وأسهرك
وقتل لليل مؤنس من صباحه ... أطالك من لو شاء عندي لقصرك
وحتى من أرعى نجومك لابسا ... دجاك إذا ما صرع النوم سمَّرك
وما ذاك من حالي عن النجم خافيا ... ولو قد سألت النجم عني لأخبرك
وللدمع في جفني مجال وللجوى ... وللصبر ما بين الجوانح معترك
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي - وأجاز لنا جماعة من شيوخنا عنه - قال: أنشدني الناهض أبو الحسن علي بن يحيى بن هبة الله الكتامي بالإسكندرية قال: أنشدني أبو القاسم زيد بن أحمد بن عبد الله الدمشقي بطرابلس الشام قال: أنشدني أبي الفتح أحمد بن عبيد الملقب بالماهر بدمشق في علي بن أحمد الجراجرائي وزير مصر.
يا جر جرائي استمع ... وأفق ودع عنك المخارق
قدمت نفسك في الثقا ... ت وهبك فيما قلت صادق
أعلى الأمانة والتقى ... قطعت يديك من المرافق

قال: وأنشدني زيد قال: أنشدني أبي لنفسه بدمشق في علي بن أحمد الجرجرائي وزير مصر بعد أن قطعت يداه:
لعن الله جرجرايا ومن قد ... ضررا طوحت به في البلاد
تربة تُنْبِتَ الخبيث بأيد ... ربما قطعت من الأزناد
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لي في رواية عنه - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني - في كتابة - قال: وقال لي أبو عبد الله - يعني - ابن الخياط: رأيت ابن الماهر بطرابلس وهو يعمل أشعاراً ضعيفة ركيكة، وكان يعتمد الجناس المركب فلا يأتي بشيء، فعمل أبياتاً يهنئ بها إنساناً تولى الخطابة، فقال بعد ذكر المنبر: أترى ضم خطيباً منك أم ضمخ طيباً فأحسن والله وأتى بالعجب، قال أبو عبد الله - يعني - ابن الخياط: فلما لقيت أبا الفتيان بحلب حكيت له الحكاية وأنشدته هذا البيت، فقال لي: والله أن عمري أسلك هذه الطريقة ما وقع لي مثله.
قلت: البيت الذي فيه ذكر المنبر:
قد زها المنبر عجباً ... إذ ترقيت خطيباً
أترى ضم خطيباً ... منك أم ضمخ طيباً
وقع إلي كراسة بخط أبي النجم بن بديع، الوزير الأصبهاني، وزير رضوان بن تتش، من كتاب جمعه في الشعراء، فذكر في الشعراء الحلبيين فيه زيد بن أحمد بن الماهر وقال أنه توفي بطرابلس وشعره من جملة السفساف ومات وقد نيف على السبعين وأورد له:
نعيّ أتى من كفر طاب تخبَّثا ... به العيشُ ليتَ العيش كُن تربّثا
فيا ليتي في فئ فاجئ فاجع به ... طرابلسا بُلسْا وكلسا وكثكثا
البلس: غرائر من مسوح يجعل فيها التبن، والكثكث: فتات الحجارة والتراب.
قال أبو النجم: وشعره من هذا النمط وله:
شريفَ طرا طراُ بلسُا ... وطُربل إذ طرابلسا
وطُرْبل: اسم جبل.
قال: ومن جيد شعره قوله وضمَّن البيت الأخير:
فارقتهم فأرقت هما ... ورمى الهوى قلبي فأصمي
وذكرت أنسهم ولما أن ... سهم وشدوت نظماً
أتراك تحسب أنني ... يا بين من حجر أصمِّا
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: زيد بن أحمد بن عبد الله بن فضال أبو القاسم بن أبي الفتح الماهر شاعر وابن شاعر، روى عن أبيه شيئاً من شعره.
زبد بن أحمد بن عجل أبو الغنائم:
الكاتب الحلبي كاتب الأمير ناصر الدولة بن ناصر الدولة بن حمدان، كان شاعراً ممدحاً: ذكره الوزير أبو النجم بن بديع في كتابه الذي جمعه في الشعراء، وقرأت ذكره في الكراسة التي وقعت إليّ بخطه من هذا الكتاب.
قال في ذكره: أبو الغنائم زيد بن أحمد بن عجل الكاتب الحلبي من أعمال حلب، وكتب للأمير ناصر الدولة بن حمدان، ومدحه ابن حيوس بقصيدة أولها:
دعو القول فيمن جاد منا ومن ضنِّا...
وقال: قدم دمشق مع ناصر الدولة لما وليها، وله أشعار سهلة الكلام من خسيس أشعار الكُتاب، وله وقد ولد له ابنه أبو المعالي هبة الله:
أبو المعالي هبة الله ... قد زاد لما جاء في جاهي
ونحمد الله على أنه ... هو الذي قد جاءنا لاهي
قال: وكانت عمامته عظيمة جداً، فكان يتنادر على نفسه وينشد:
عمامة الشيخ أبي الفضل ... عمامة تصلح للحَلِّ
من غير ما سوء ولكن لكي ... تخفف الحمل عن البغل
ظفرت لأبي الغنائم الكاتب هذا بأبيات في مجموعة لبعض الحلبيين وهي:
لقيت من الأيام ما لو بثثتُه ... لشارك فيه كل خلق عرفته
ولم أشك والشكوى تذل ونفعها ... قليل وقد جربته وعلمته
وللهم وقت والمسرة مثله ... فخذ منهما بالشكر ما جاء وقته
فيما لائمي في أن صبرت على أذى ... قدرت على إلقاءه وحبسته
ويا عاذلي في أن قعدت عن العلى ... ولو شئت منها ما أردت بلغته
دعاني ورأي في اليقين فإنه ... متى كان لي في الغيب شيء أخذته

نقلت من كتاب جامع الفنون وسلوة المحزون تأليف أبي الحسين بن الطحان، وهو كتاب في ذكر الغناء والمغنين ذكر فيه في باب ما مدح به المغنون في زماننا هذا، يعني زمانه قال: وكتب إليّ الشيخ أبو الغنائم زيد بن أحمد من قطعة طويلة:
ذاك البنان إذا كتبت ... كتب الغرائب أو ضرب
ما إن رأينا قبل رؤ ... يته خطيباً من خشب
ونقلت من هذا الكتاب المذكور قال: وكبت إليّ الشيخ أبو الغنائم زيد بن أحمد كاتب الأمير ناصر الدولة وسيفها.
يا أوحد الفضلاء إن شفعتني ... فيمن تُهذبه غدا بك أو حدا
لجمعت بين فصاحة وملاحة ... فرأى الورى بي في زماني مَعْبَدا
زيد بن أحمد أبو الحسين الحلبي:
روى عن الأستاذ الأديب هبة الله بن جعفر المؤدب الحلبي بعض شعره، روى عنه الأستاذ أبو عبد الله محمد بن علي العظيمي.
قرأت بخط أبي عبد الله العظيمي، وأنبأنا به أبو اليمن الكندي، والمؤيد بن علي ابن محمد الطوسي، قال: أجاز لنا العظيمي وقال: حدثني الشيخ أبو الحسين زيد ابن أحمد الحلبي قال: كنت صغيراً بمكتب الأستاذ الأديب هبة الله بن جعفر، في هذه السنة، يعني سنة ثمان وستين وأربعمائة قبل مقتل نصر بن محمود وكان هذا الأستاذ شاعراً مليحاً فدفع نصر بن محمود قبل قتله بقصدية أولها:
أما الأنام فمرزوق ومحروم ... كذا المحبون موصول ومحروم
وأنبأنا الكندي والطوسي عن العظيمي، ونقلته من خطه قال: أنشدني أبو الحسين زيد بن أحمد الحلبي لابن مقلة - يعني - لما قطعت يده:
قد تحرجت ما استطعت بجهدي ... حفظ أموالهم فما حفظوني
ليس بعد اليمين لذة عيش ... يا حياتي بانت يمين فبيني
زيد بن أرقم:
ابن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأنصاري، أبو كعب، وقيل أبو عامر وقيل أبو برزة، وقيل أبو سعد، وقيل أبو سعيد، وقيل أبو أنيسة، الخزرجي.
صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه وعن أبي بكر الصديق. روى عنه أبو إسحاق السبيعي وأبو عمرو الشيباني، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، والنضر ابن أنس بن مالك، وثمامة بن عقبة، ويزيد بن حيان بن مطعم وحبيب بن يسار، وأبو وقاص وأبو الخليل وأبو سليمان، وطاووس وأبو حمزة طلحة بن يزيد، ومحمد بن كعب وابنته أنيسة بنت زيد.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وغيرها.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد بن سعيد البكري بدمشق قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خميس، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى، وأبو عبد الله محمد بن داوود الدربندي بمسجد الخليل صلى الله عليه وسلم، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة بحلب قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قالا: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن البطر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن البيِّع قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا يعقوب الدورقي قال: حدثنا مروان الفزاري قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن أبي شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال: كنا نتكلم في الصلاة على عهد النبي صلى الله عيه وسلم يكلم أحدنا صاحبه في الحاجة فيما بينه وبينه فلما نزلت: وحافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى أمرنا بالسكوت.
هكذا قال في هذه الرواية عن الحارث بن أبي شُبيل، وقد رواه محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد.

أخبرنا بذلك أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري وأبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي جميعاً بحلب قالا: أخبرنا أبو الفضل الخطيب عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن الحسين السراج قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا يحيى بن جعفر قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا إسماعيل أبي خالد عن الحارث بن شبيل عن أبي عمرو الشيباني عن زيد بن أرقم قال: كنا في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كنا في الصلاة فأراد أحدنا حاجة إلى أحد منا ساره فنزلت هذه الآية: " حافظوا على الصلوات والصلاة الوسطى وقوموا لله قانتين " فأمرنا بالسكوت.
قال أبو محمد جعفر بن أحمد السراج - فيما خرجه له الخطيب، أب بكر أحمد بن علي بن ثابت - هذا حديث صحيح من حديث أبي عمرو الشيباني واسمه سعد بن إياس عن أبي عمرو زيد بن أرقم الأنصاري، ومن رواية الحارث بن شبيل عن أبي عمرو.
ورواه البخاري عن إبراهيم بن موسى بن عيسى بن يونس وعن مُسدد عن يحيى، ورواه مسلم عن يحيى بن يحيى عن هشيم، وعن أبي بكر عن ابن نمير ووكيع وعن إسحاق بن إبراهيم عن عيسى بن يونس خمستهم عن إسماعيل، فكأن شيخنا سمعه من البخاري ومسلم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا الشيخ الخطيب أبو بكر محمد بن نصر بن منصور بن علي بن محمد بن محمد العامري قال: أخبرنا السيد الإمام أبو المعالي محمد بن محمد بن زيد الحسني - إملاءً بسمرقند - قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد العدل قال: أخبرنا أبو سهل بن زياد القطان قال: حدثنا محمد بن الحسين الحنيني قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا إسرائيل عن أبيه عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم قال: أصابني رمد فعادني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أرأيت لو أن عينينك لما بهما ما كنت صانعاً؟ قال: كنت أصبر وأحتسب قال: أما والله لو كانت عيناك لما بهما ثم صبرت واحتسبت ثم مت لقيت الله ولا ذنب لك.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي - بقراءتي عليه بحلب - قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين الشيباني قال: قال أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان قال حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا محمد بن سليمان بن الحارث قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا أبو إسرائيل عن الحكم عن أبي سليمان المؤذن عن زيد بن أرقم أن علياً أنشد الناس: من سمع رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم والي من والاه، وعاد من عاداه، فقام ستة عشر رجلاً فشهدوا بذلك وكنت فيهم.
أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم الجزري، وأبو البقاء يعيش ابن علي بن يعيش الحلبي - بحلب، قراءة عليهما - قالا: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن محمد بن إسماعيل بن عمر قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا يحيى بن سعيد - يعني - القطان ويوسف بن سعيد قالا: حدثنا يحيى بن سعيد - يعني - أبا حيان التيمي عن يزيد بن حيان عن زيد بن أرقم قال: بعث إليّ عبيد الله بن زياد فقال: ما أحاديث تحدث بها لا نجدها في كتاب الله؟ قال: يوسف تحدث بها. قال يحيى: تزعم أن له حوضاً في الجنة، قال: قد حدثناه رسول الله صلى الله عليه وسلم ووعدناه، قال: كذبت ولكنك شيخ قد خرفت، قال: أما إنه! سمعته أذناي ووعاه قلبي يقول: من كذب علي متعمداً - قال يوسف: فليتبوأ مقعده من جهنم. وقال يحيى: من النار وما كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر بن محمد بن محمد بن طاهر المقدسي الصوفي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي قال: أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن إبراهيم بن سلمة بن بحر الدقاق قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن يزيد بن ماجة قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا غندر عن شعبه، ح.

قال ابن ماجة: وحدثنا محمد بن يسار قال: حدثنا عبد الرحمن بن مهدي قال حدثنا شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قلنا لزيد بن أرقم: حدثنا عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: كبرنا ونسينا والحديث عن رسول الله صلى الله عليه وسلم شديد.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا أحمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبة عن الحكم عن محمد بن كعب القرظي عن زيد بن أرقم قال: كنت مع النبي صلى الله عليه وسلم في غزوة فقال عبد الله بن أبي: لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأزل، قال: فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبرته، قال: فحلف عبد الله بن أُبيّ أنه لم يكن شيء من ذلك، قال: فلامني قومي وقالوا: ما أردت إلى هذا؟ فانطلقت قمت كئيباً أو حزيناً قال: فأرسل إليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو أتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: إن الله قد أنزل عذرك وصدقك، قال: فنزلت هذه الآية: " هم الذين يقولون لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " حتى بلغ " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأذل " .
قال الحافظ أبو القاسم: ورواه أبو سعيد الأزدي عن زيد بمعناه. أخبرناه أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: حدثنا إسرائيل عن السُدي عن أبي سعيد الأزدي قال: حدثنا زيد بن أرقم قال: غزونا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، ومعنا ناس من العرب، وكنا نبتدر الماء، وكان الأعراب يسبقوننا، ويسبق الأعرابي أصحابه فيملأ الحوض، ويجعل حوله حجارة ويجعل عليه نطعاً، قال: فجاء رجل من الأنصار فأرخى زمام ناقته لتشرب فأبى أن يدعه فانتزع حجراً، ففاض الماء، فرفع الأعرابي خشبة فضرب بها رأس الأنصاري، فشجعه، فأتى عبد الله بن أبيّ رأس المنافقين، وكان من أصحابه، فغضب عبد الله بن أبيّ، وقال: " لا تنفقوا على من عند رسول الله حتى ينفضوا " ، يقول: من حوله من الأعراب، وكانوا يحضرون رسول الله صلى الله عليه وسلم عند الطعام، فقال عبد الله لأصحابه: إذا انفضوا من عند محمد فائتوا محمداً بالطعام فليأكل هو ومن عنده، ثم قال لأصحابه: إذا رجعتم إلى المدينة فليخرج الأعز منها الأذل.
قال زيد: وأنا رديف عمي قال: فسمعت عبد الله، وكنا أخواله، فاخترت عمي، فانطلق فأخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فأرسل رسول الله صلى الله عليه سلم إليه فحلف وجحد قال: فصدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبني، قال فجاء عمي فقال: ما أردت إلى أن مقتك رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكذبك وكذبك المسلمون؟ فوقع عليّ من الهمّ ما لم يقع على أحد قط.
قال: فبينما أنا أسير مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر إذ خفقت برأسي من الهم، إذ أتاني رسول الله صلى الله عليه وسلم فعرك أُذني وضحك في وجهي، فما كان يسرني أن لي به الخلد أقيم في الدنيا، ثم إن أبا بكر لحقني فقال: ما قال لك رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: قلت: ما قال لي شيئاً إلا أنه عرك أذنيّ وضحك في وجهي، قال: أبشر، قال: ولحقني عمر، فقلت له قولي لأبي بكر، فلما أصبحنا قرأ رسول الله صلى الله عليه وسلم سورة المنافقين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثني سعيد بن يحيى الأموي قال: حدثني أبي عن أبي إسحاق قال: حدثني عبد الله بن أبي بكر عن بعض قومه عن زيد بن أرقم قال: كنت يتيماً لعبد الله بن رواحة فخرج بي معه - يعني - إلى مؤتة مرد في على حديبة رحلة فقال ليلة:
إذا أذيتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحِسَاء
وجاء المؤمنون وعادروني ... بأرض الروم مشهور الثواء
وردك كل ذي نسب قريب ... إلى الرحمن وانقطع الإخاء
صوابه: منقطع

هنالك لا أبالي سقي بعل ... ولا تخل بساقية رواء
فشأنك أنعم وخلاك ذمّ ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
فلما سمعته يتمثل بهذه الأبيات بكيت فخفقني بالدرة، فقال: ما يضرك أن يرزقني الله الشهادة فأستريح من الدنيا وأهلها وترجع بين شعبتي رحلي! أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: زيد بن أرقم بن بكر، أحد بني الحارث بن الخزرج، يكنى أبا سعيد، وقال الهيثم بن عدي: يكنى أبا أنيسة، توفي زمن المختار بالكوفة سنة ثمان وستين، وله بقية وعقب وأول مشاهدة المر يسيع.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان ابن مالك الأعز بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، ولم يسم لنا أمه.
قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: كان زيد بن أرقم يكنى أبا سعد، وقال غيره: يكنى أبا أنيسة، وتوفي بالكوفة زمن المختار بن أبي عبيد سنة ثمان وستين.
أنبأنا أبو اليمن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن بن أحمد، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأعز بن ثعلبة يكنى أبا عامر مات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستين.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن عبد الله في كتابه، ثم أخبرنا أبو الفضل بن ناصر عنه قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن علي المدائني قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال ومن بني الحارث بن الخزرج - يعني - ابن حارثة ابن ثعلبة بن عمر بن عامر: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك ابن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، يكنى أبا عامر، مات بالكوفة أيام المختار سنة ست وستين.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد بن أرقم من بني الحارث بن الخزرج الأنصاري، سكن الكوفة أبو عمرو، نسبة ابن إسحاق.
قال: أبو نعيم: حدثنا زهير عن ابن إسحاق قال: سألت زيد بن أرقم: كم غزوت مع النبي صلى الله عليه وسلم؟ قال: سبع عشرة غزوة، وغزا النبي صلى الله عليه وسلم تسع عشرة، وقال: ابن أبي أويس عن إسماعيل بن إبراهيم ابن عقبة عن موسى بن عقبة قال: حدثني عبد الله بن الفضل، سمع أنس بن مالك سئل عن زيد فقال: هو الذي يقول له رسول الله صلى الله عليه وسلم: هذا الذي أوفى الله بأذنه.
وقال ليس قيس بن حفص: حدثنا معتمر قال: سمعت ثابت بن زيد عن أزهر عن أنيسة أن زيداً دخل على المختار فقال له: يا أبا عامر، قال: وسمعت ثابت بن زيد عن رجل عن أبي ليلى أن علياً قال لزيد: يا أبا عامر.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عمرو زيد بن أرقم الخزرجي له صحبة.

وقال الحافظ: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليمان بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد إسحاق قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: زيد بن أرقم الأنصاري يكني أبا عمرو.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثني إسماعيل بن إسحاق قال حدثنا مسدد قال: حدثنا يحيى عن شعبة عن عمرو بن مرة عن عبد الرحمن بن أبي ليلى قال: قلنا لزيد بن أرقم: يا أبا عمرو.
قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن ابن الحمامي قال: أخبرنا أبو إسحاق إبراهيم بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: زيد بن أرقم الأنصاري، يكنى أبا عامر.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: زيد بن أرقم أبو عمرو.
قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: في كتاب عمي، مما سمعنا منه في المسند: زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك بن ثعلبة بن الخزرج، قال عبد الله بن محمد زيد بن أرقم أبو عمرو الأنصاري، سكن الكوفة، وشهد مع علي المشاهد.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله كتابة عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال عبد الله بن محمد: زيد بن أرقم أبو عمرو الأنصاري، سكن الكوفة وشهد قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان - أذناً - قال: أخبرنا أبو الفرج مسعود بن الحسن في كتابه قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: زيد بن أرقم منه من بني الحارث بن الخزرج الأنصاري أبو عمرو، سكن الكوفة ومات بها، روى عنه أبو إسحاق ومحمد بن كعب، وأبو حمزة مولى الأنصار سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحاق الحاكم قال: أبو عمرو، ويقال أبو عامر، ويقال أبو سعيد ويقال أبو أنيسة، زيد بن أرقم بن زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأعز بن ثعلبة الأنصاري أخو بني الحارث بن الخزرج، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، وغزا معه سبع عشرة غزوة، وسكن الكوفة، ومات بها، ويقال أول مشاهده مع رسول الله صلى الله عليه وسلم المُريسيع، ابتنى دارا بالكوفة في كندة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي قال: زيد بن أرقم، أبو عمرو، ويقال أبو عامر، وقال الواقدي: يكنى أبا سعيد، وقال الهيثم: يكنى أبا أنيسة الأنصاري الخزرجي الكوفي، سكن الكوفة، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه إسحاق السبيعي، وأبو عمر الشيباني، ومحمد بن كعب وأبو حمزة طلحة بن يزيد في المغازي وغير موضع، قال الهيثم بن عدي: توفي سنة ثمان وستين زمن المختار بالكوفة.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم بن الحسن: قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله قال: زيد بن أرقم بن قيس بن النعمان بن مالك الأعز من بني الحارث بن الخزرج الأنصاري، سكن الكوفة، يكنى أبا عمرو، وقيل أبو عامر، روى عنه ابن عباس، وأنس بن مالك، وأبو إسحاق السبيعي وابن أبي ليلى، ويزيد بن حيان.

قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: أخبرني أبو يونس المدني قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: زيد بن أرقم بن بالحارث بن الخزرج، توفي سنة ثمان وستين بالكوفة.
وقال: وحدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا أبو أسامة قال حدثنا الأعمش بن عمرو بن مرة قال. حدثني طلحة مولى آل قرظة بن كعب قال: قلت لزيد بن أرقم: يا أبا عمرو.
وقال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا علي بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فضيل عن الأعمش عن حبيب بن أبي ثابت عن يحيى بن جعفر قال: قلت لزيد: يا أبا عامر.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - فيما كتب إلي من مكة - قال أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدّباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر قال: زيد ابن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأعز بن ثعلبة الأنصاري الخزرجي من بني الحارث بن الخزرج، اختلف في كنيته اختلافاً كثيراً فقيل: أبو عمرو، وقيل أبو سعد وقيل أبو سعيد، وقيل أبو أنيسة، قال الواقدي والهيثم بن عدي، وروينا عنه من وجوه أنه قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة غزوت منها معه سبع عشرة عزوة، ويقال أن أول مشاهدة المُريسيع، يعد في الكوفيين، نزل الكوفة وسكنها، وابتنى بها دارا في كندة، وبالكوفة كانت وفاته في سنة ثمان وستين.
وزيد بن أرقم هو الذي رفع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن عبد الله ابن أبي بن سلول قوله: " لئن رجعنا إلى المدينة ليخرجن الأعز منها الأزل " فأكذبه عبد الله بن أبي وحلف، فأنزل الله تصديق زيد بن أرقم، فتبادر أبو بكر وعمر إلى زيد ليبشراه فسبق أبو بكر فأقسم عمر ألا يبادره بعدها إلى شيء، وجاء النبي صلى الله عليه وسلم فأخذ بأذن زيد وقال: وفت أُذُنك يا غلام.
من تفسير بن جريج، ومن تفسير الحسن من رواية معمر وغيره، قيل كان ذلك في غزوة بني المصطلق، وقيل في تبوك، وشهد زيد بن أرقم مع علي رحمه الله صفين، وهو معدود في خاصة أصحابه.
ذكر ابن إسحاق عن عبد بن أبي بكر بن محمد بن عمرو بن حزم قال: كان زيد بن أرقم يتيماً في حجر عبد الله بن رواحة، فخرج إلى مؤته يحمله على حقيبة رحله، فسمعه زيد بن أرقم من الليل وهو يتمثل أبياته التي يقول فيها:
إذا أديتني وحملت رحلي ... مسيرة أربع بعد الحساء
فشأنك فأنعمي وخلاك ذمي ... ولا أرجع إلى أهلي ورائي
وجاء المؤمنون وغادروني ... بأرض الشام مستلهى الثواء
فبكى زيد بن أرقم فخفقه بالدرة عبد الله بن رواحة، وقال: ما عليك يالكع أن يرزقني الله الشهادة، وترجع بين شعبتي الرحل، ولزيد بن أرقم يقول عبد الله ابن رواحة:
يا زيد زيد اليعملات الذبل ... تطاول الليل هديت فانزل
وقيل: بل قال ذلك في غزوة مؤتة لزيد بن حارثة.
روى عن زيد بن أرقم جماعة منهم أبو إسحاق السبيعي ومحمد بن كعب وأبو حمزة مولى الأنصار.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي - إجازة - إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد ابن سعد قال: أخبرنا محمد بن سماعة قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن إبراهيم القاضي عن عثمان بن عبد الله بن زيد بن جارية عن عمه عمر بن زيد بن جارية عن جارية قال: استصغر النبي صلى الله عليه وسلم يوم أحد سبعة فردهم: عبد الله ابن عمر، وزيد بن أرقم، والبراء بن عازب، وأبا سعيد الخدري، وجابر بن عبد الله، وليس بالذي يروى عنه الحديث وزيد بن جارية وسعد بن حبته.

أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثني جدي قال: حدثنا عمرو بن الهيثم أبو قطن قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: سألت زيد بن أرقم: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرة غزوة، قلت: فما أول ما غزا؟ قال: ذو العُشير أو ذا العشر، قلت كم غزوت معه؟ قال: سبع عشرة غزوة.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم ابن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحاق قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا أبو قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي قال: حدثنا بشر بن عمر قال: حدثنا شعبة عن أبي إسحاق قال: خرجت بين البراء وزيد بن أرقم، فكنت بينهما فقلت لزيد بن أرقم: يا أبا عمرو كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم من غزوة؟ قال: تسع عشرة قلت: ما أولهن؟ ذات العُشير أو العشر، قلت: كم كنت معه؟ قال: سبع عشرة غزوة.
قال الحافظ: أخبرناه عاليا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا مسروق بن المرزبان أبو سعيد قال: حدثنا أبو بكر بن عياش عن أبي إسحاق عن زيد بن أرقم قال: غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم تسع عشرة غزوة، غزوت منها معه خمس عشرة غزوة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال، أنكر هذا الخبر عبد الله ابن جعفر المخرمي، وقال: أول غزوة غزاها زيد بن أرقم المُريسيع وهو غلام صغير، ما غزا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم إلا ثلاث غزوات أو أربعاً، وشهد مؤته رديف عبد الله بن رواحة.
نقلت من تاريخ محمد بن أحمد بن مهدي، من نسخة كتبت للقادر أمير المؤمنين قال في حوادث سنة ثمان وستين: ومات أبو كعب زيد بن أرقم بن زيد بن قيس بن النعمان بن مالك الأغر بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج.
وقد قيل إن وفاة زيد سنة ست وستين بالكوفة، زمن المختار بن أبي عبيد، وأن عقبة بها، ويقال أن كنيته أبو أنيس، ويقال أبو عمرو، ويقال أبو عامر.
وقال: روي عن أبي إسحاق قال: قلت لزيد بن أرقم يوم فطرٍ وهو إلى جنبي: كم غزوت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال سبع عشرة غزوة، قلت: كم غزا رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال: تسع عشرة غزوة.
أنبأنا أبو الفتوح البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل بن بيرى - إجازة - قال أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد الزعفراني قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: ذكر لي أن زيد بن أرقم مات بعد الحسن بن علي بقليل وقبل الحسين.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: زيد بن أرقم بن قيس ابن النعمان بن مالك الأعز بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج، وأبو عمرو، ويقال أبو عامر، ويقال أبو سعد، ويقال أبو سعيد، ويقال أبو أنيسة الأنصاري، له صحبة، سكن الكوفة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه عبد الرحمن بن أبي ليلى وأبو إسحاق السبيعي، ويزيد بن حيان التيمي، وطاووس وأبو الخليل، وحبيب بن يسار وأبو عمرو الشيباني، وأبو سلمة، وأبو وقاص وأبو المنهال عبد الرحمن بن مطعم، والنضر بن أنس بن مالك، وأبو مسلم البجلي وأبو سعيد الأزدي، وثمامة بن عقبة، وشهد غزوة مؤتة.
قال الحافظ أبو القاسم: وهذا وهم.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غانم الحداد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبي محمد بن إسحاق قال: أخبرنا أحمد بن الحسن ابن عتبة قال: حدثنا عبد الله بن عيسى المديني قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: وزيد بن أرقم من بين الحارث بن الخزرج، وتوفي سنة ثمان وستين بالكوفة.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي - بالبيت المقدس أذنا مشافهة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن قشيش قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عثمان بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست وستين زيد بن أرقم أبو عامر الأنصاري، ويقال سنة ثمان وستين، يعني مات.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: قال المدائني: وفيها - يعني - سنة ست وستين مات زيد بن أرقم، وقال ابن زبر: قال الواقدي: وفي سنة ثمان وستين مات زيد بن أرقم بن ثابت، ويكنى أبا سعد قال الهيثم: بكى أبا أنيسة، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن المدائني بذلك.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها - يعني - سنة ست وستين مات زيد بن أرقم الأنصاري من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
زيد بن أسلم الأسود:
أبو أسامة، وقيل أبو عبد الله بن أبي خالد العدوي المدني. مولى عمر بن الخطاب رضي الله عنه، روى عن عبد الله بن عمر، وجابر بن عبد السلمي، وأنس ابن مالك، وأبيه أسلم الأسود، وعطاء بن يسار وأبي صالح السمان، وعبد الرحمن ابن عطاء. وعبيد بن جريج، وعبد الله بن أبي قتادة، وعلي بن الحسين بن علي، وعبد الرحمن بن أبي سعد، ومالك بن أنس، وزياد بن سهل، وأبي النواس، وأبي سنان يزيد بن أمية الدؤلي.
روى عنه مالك بن أنس، وهو شيخه، وسفيان الثوري، والزهري وسفيان بن عيينة، وأيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، وعبد الله بن جعفر المديني، وهشام ابن سعد، ومحمد بن عجلان، ومحمد بن إسحاق، وسعيد بن أبي هلال، وحفص ابن عمر، وروح بن القاسم، وسليمان بن بلال، وداوود بن عطاء مولى الزبير، ومحمد بن مطرف وزيد بن أبي أنيسة، والسري بن يحيى، وفليح بن سليمان، وحفص بن ميسرة، وعبد العزيز بن محمد الدراوردي وأبو خلاد الدالاني، وابن أبي الزناد وعيسى بن عبد الرحمن، وإسماعيل بن جعفر، وداوود بن قيس الفراء، وعبد الرحمن بن عبد الله بن يسار، ومعمر ومقاتل بن سليمان، وزهير بن محمد، ويعقوب بن زيد بن طلحة، والقاسم بن عبد الله العمري، وأولاده: عبد الله، وعبد الرحمن، وأسامة بنو زيد بن أسلم.
وغزا الصائفة مع عبد الرحمن بن خالد - وليس بابن الوليد - وكان معه في الغزاة أبو خازم سلمة بن دينار.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد - بقراءتي عليه بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان البزاز قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا إبراهيم بن الهيثم البلدي قال: حدثنا علي بن عياش قال: حدثنا محمد بن مطرف عن زيد بن أسلم عن عطاء بن يسار عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم، قال: طهور كل أديم دباغه.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن نصر بن علي بن يونس العكبري، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني قالا: أخبرنا الشيخ أبو القاسم علي بن أحمد البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن بن العباس البزاز قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون الحضرمي قال: حدثنا أبو يعقوب إسحاق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر المديني قال: أخبرنا زيد بن أسلم عن عطاء ابن يسار عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما رجل مستلقي ينظر في النجوم وإلى السماء، فقال والله إني لأعلم لذلك خالقاً ورباً اللهم اغفر لي، وقال: فنظر الله تعالى إليه فغفر له.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد ابن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا إسحاق بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد الرزاق عن معمر عن زيد بن أسلم أن رجلاً كان في الأمم الماضية يجتهد في العبادة ويشدد على نفسه ويقنط الناس من رحمة الله، ثم مات، فقال: أي ربَّ مالي عندك؟ قال: النار، قال: يا رب فأين عبادتي واجتهادي؟ فقيل له: إنك كنت تقنط الناس من رحمتي في الدنيا، وأنا أقنطك اليوم من رحمتي.
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي البغدادي قال: أخبرنا يحيى ابن ثابت بن بندار بن إبراهيم قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور النوشري قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن سلميان بن داوود الطوسي قال: حدثنا أبو عبد الله الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن إسماعيل عن أبي زيد محمد بن زيد الأنصاري عن مجمع بن يعقوب قال: أدنى عمر بن عبد العزيز زيد بن أسلم دون الأحوص فقال الأحوص:
خليلي أبا حفص هل أنهت مُنخبَّري ... أفي الحق أن أقصى ويدنى ابن أسلما؟
فقال عمر: نعم ذلك الحق.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو طالب عبد الرحمن بن الحسن بن عبد الرحمن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد المرهبي قال: حدثنا علي بن الحسن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن محمد الأزدي قال: حدثنا عيسى بن عبد الله عن سليمان بن بلال قال: كان علي بن الحسين يدخل المسدد فلا تبقى حلقة من حلق قريش إلا أوسعت له، فلا يجلس إليهم حتى يجلس إلى زيد بن أسلم فيقال له: أي أبا الحسن مررت فأوسعنا لك فلم تجلس إلينا وجلست إلى زيد بن أسلم الأسود؟ فيقول لهم: إني وجدته أنفع لي في ديني.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر ابن الزاغوني، ح.
وأخبرنا الخطيب أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بها قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن محمد بن محمد بن الخطيب الأنباري، ح.
قال ابن الزاغوني: وأخبرنا ابن البسري - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن مخلد بن حفص العطار قال: حدثنا أبو إبراهيم الزهري - يعني - أحمد بن سعد قال: ذكر علي بن بحر القطان قال: سمعت ابن أبي حازم يقول: رأيت زيد ابن أسلم قائماً على رأس مالك بن أنس يسأله.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثني محمد بن أبي زكير قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثني مالك قال: سمعته وسئل: هل كنتم تقايسون في مجلس ربيعة ويحيى بن سعيد، أو يكسر بعض على بعض؟ قال: لا والله، وقال مالك: وأما مجلس زيد بن أسلم فلم يكن فيه شيء من هذا إلا أن يكون يبتدي هو شيئاً يذكره.
قال ابن وهب: حدثني مالك قال: كان ابن عجلان يقول: ما هبت أحداً هيبتي زيد بن أسلم.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا زيد بن بشر قال: أخبرني ابن وهب قال: حدثني ابن زيد قال: حدثني ابن زيد قال: قال لي أبو خازم: لقد رأيتنا في مجلس أبيك أربعين حبرا فقيها أدنى خصلة منا التواسي بما في أيدينا، فما رؤي فهيا متمارين ولا متنازعين في حديث لا ينفعهما قط.
قال أبو خازم: كم بين قوم كانوا يفتحوني وأنا منغلق وبين قوم يغلقوني وأنا منفتح.

قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا زيد بن بشر قال: أخبرني ابن وهب - يعني - حدثنا ابن زيد بن اسلم قال: كان أبو خازم يقول لهم: لا يريني الله يوم زيد، وقدمني بين يدي زيد بن أسلم اللهم إنه لم يبق أحد أرضى لنفسي وديني غير ذلك، قال: فأتاه نعي زيد فعقر فما قام وما شهده فيمن شهده.
قال: وكان أبو خازم يقول لنا: اللهم إنك تعلم أني أنظر إلى زيد فأذكر بالنظر إليه القوة على عبادتك، فكيف بملاقاته وبمحادثته.
قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا زيد قال: أخبرني ابن وهب قال: حدثني ابن زيد قال: كان أبي له جلساء، فربما أرسلني إلى الرجل منهم، قال: فيقبل رأسي ويمسحه، ويقول: والله لأبوك أحب إلي من ولدي وأهلي، والله لو خيرني الله عز وجل أن يذهب به أو بهم لاخترت أن يذهب بهم ويبقى لي زيد.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي يعقوب قال: حدثنا الحارث بن مسكين قال: حدثنا ابن وهب قال: قال عبد الرحمن بن زيد بن أسلم: قال يعقوب بن عبد الله بن الأشج: اللهم إنك تعلم أنه ليس من الخلق أحد أمن علي من زيد بن أسلم، اللهم فزد في عمر زيد من أعمار الناس، وابدأ بي وبأهل بيتي وبأعمارنا، فربما قال له زيد بن أسلم: أرأيت الذي طلبت من حياتي لي أو لنفسك؟ قال: لنفسي، قال: فأي شيء تمن علي في شيء طلبته لنفسك وقال: حدثنا جدي قال: حدثنا الحارث بن مسكين قال: حدثنا ابن وهب قال: وحدثني عبد الرحمن بن زيد قال: قال لي جدي: قال لي عبد الله بن عمر: لما ولد زيد بن أسلم: ما سميت ابنك يا أبا خالد؟ قال: قلت زيد، قال: بأي الزيديين: زيد بن حارثة أم زيد بن ثابت؟ قال قلت زيد بن حارثة وكنيته بكنيته، قال: أصبت، وكانت كنيته أبو أسامة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن.. الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسميه تابعي أهل المدينة ومحدثيهم: زيد بن أسلم.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا أبو جعفر محمد ابن عثمان قال: حدثنا هاشم بن محمد قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: حدثنا صالح بن حيان وغيره في الطبقة الثالثة زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب وأهل بيته يزعمون أنه من الأشعريين.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق بن إبراهيم قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من أهل المدينة زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب ويكنى أبا أسامة.
أخبرنا محمد بن عمر قال: سمعت مالك بن أنس يقول: كانت لزيد بن أسلم حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وقد روى عن ابن عمر وعن أبيه وعطاء بن يسار، وعبد الرحمن بن أبي سعيد الخدري، وكان ثقة كثير الحديث.
قال محمد بن عمر: مات زيد بن أسلم بالمدينة قبل خروج محمد بن عبد الله ابن حسن بسنتين، وخرج محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين ومائة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا علي بن محمد بن السقاء وعبد الرحمن بن محمد بن بالويه قالا: حدثنا أبو العباس محمد ابن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول: قد سمع زيد بن أسلم من ابن عمر، ولم يسمع زيد بن أسلم من جابر بن عبد الله، ولم يسمع من أبي هريرة.
قلت: يريد يحيى بن معين أنه لم يسمع من جابر بن عبد الله بن عمرو الأنصاري، وقد سمع من جابر بن عبد الله بن رئاب بن النعمان السلمي حديثاً أخرجه النسائي في حديث مالك عن قتيبة وعن هارون الجمال عن معروف عن مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله.

أخبرنا به المؤيد بن محمد بن علي الطوسي النيسابوري، في كتابه إلينا من نيسابور قال: أخبرنا أبو محمد بن هبة الله بن سهل بن عمر السيدي قال: أخبرنا أبو عثمان البحيري قال: أخبرنا زاهر بن أحمد قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الصمد قال: حدثنا أبو مصعب الزهري قال: حدثنا مالك عن زيد بن أسلم عن جابر بن عبد الله السلمي قال: خرجنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في غزوة بني أنمار.
قال جابر: فبينا أنا نازل تحت شجرة إذا رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فقلت: يا رسول الله هلم إلى الظل، قال: فنزل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال جابر: فقمت إلى غرارة لنا فالتمست فيها فوجدت جرو قثاء، فكسرته ثم قربته إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: من أين لكم هذا؟ فقلت: خرجنا به يا رسول الله من المدينة.
قال جابر: وعندنا صاحب لنا نجهزه يذهب يرعى ظهرنا، قال فجهزته ثم أدبر بذهب إلى الظهر وعليه ثوبان قد خلقا، قال: فنظر إليه رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أما له ثوبان غير هذين؟ قال: قلت: بلى يا رسول الله، له ثوبان في العبية كسوته إياهما، وقال: فادعه فأمره بلبسهما.
قال: فدعوته فلبسهما، ثم ولى يذهب، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما له ضرب الله عنقه أليس هذا خير؟ قال: فسمعه الرجل فقال: يا رسول الله في سبيل الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: في سبيل الله، فقتل الرجل في سبيل الله.
أخبرنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني شفاهاً قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي الرَّبَعي، ورشاء ابن نظيف قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم بن محمد بن الطرسوسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داوود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال: زيد بن أسلم ثقة لم يسمع من سعد شيئاً.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن طاوس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا الحارث بن مسكين قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد قال: أدرك أبي نفرا من أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: حدثنا جدي يعقوب قال: وزيد بن أسلم ثقة من أهل الفقه والعلم، وكان عالماً بتفسير القرآن له كتاب فيه تفسير القرآن.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عبد الوهاب ابن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد بن أسلم أبو إسامة، مولى عمر ابن الخطاب العدوي القرشي، سمع ابن عمر، وقال زكريا بن عدي: حدثنا هشيم عن محمد بن عبد الرحمن القرشي قال: كان علي بن الحسين يجلس إلى زيد بن أسلم ويتخطى مجالس قومه، فقال له نافع بن جبير بن مطعم: تَخَطىّ مجالس قومك إلى عبد عمر بن الخطاب؟ فقال: إنما يجلس الرجل إلى من ينفعه في دينه.
أنبأنا أبو منصور بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو أسامة زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، سمع ابن عمر، وأباه روى عنه الثوري، وأيوب السختياني ومالك، وابن عيبنة.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر في كتابه عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني أبو موسى عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسوي قال: أخبرني أبي قال: أبو أسامة زيد بن أسلم مدني ثقة. أخبرنا معاوية بن صالح عن يحيى بن معين قال: زيد بن أسلم مدني ثقة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر ابن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد بن أبي بكر المقدمي يقول زيد بن أسلم يكنى أبا أسامة.

أخبرنا أبو حفص المكتب مشافهة قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد إسماعيل المهندس قال: حدثنا أبو بشير محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو أسامة زيد بن أسلم.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم بن مسعود بن الحسن عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زيد بن أسلم، أبو أسامة مولى عمر بن الخطاب، روى عن ابن عمر وأنس وأبيه، روى عنه يحيى بن سعيد الأنصاري، وعبيد الله بن عمر والثوري، ومالك ومعمر، سمعت أبي يقول ذلك.
وقال: أخبرنا عبد الله بن أحمد - فيما كتب إليّ - قال: سئل أبي عن زيد بن أسلم فقال: ثقة، وقال: وسمعت أبي يقول: زيد بن أسلم ثقة، وقال: سئل أبو زرعة عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم فقال: أبوه زيد بن أسلم ثقة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام - فيما أذن لي أن أرويه عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد - في كتابه - قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ قال: أبو أسامة زيد بن أسلم القرشي العدوي مولى عمر بن الخطاب المديني، سمع أبا عبد الرحمن بن عمر بن الخطاب العدوي، وأبا حمزة أنس بن مالك الأنصاري، وعن أبي عبد الله جابر بن عبد الله السلمي وربيعة بن عبادة الدؤلي، وسلمة بن الأكوع أبي إياس الأسلمي.
روى عنه أبو بكر أيوب بن أبي تميمة السختياني، وأبو عثمان عبيد الله بن عمر بن حفص العدوي، ومحمد بن عجلان القرشي، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، وأبو عبد الرحمن زياد بن أسد الخراساني، وأبو الوليد عبد الملك بن عبد العزيز بن جريج القرشي، وأبو بكر محمد بن إسحاق بن يسار المخرمي، وأبو محمد سعيد بن عبد العزيز التنوخي، وأبو عتاب روح بن القاسم العنبري، وأبو عبد العزيز موسى بن عبيدة الربذي، وأبو بشر ورقاء بن عمر اليشكري، وأبو عبد الله يزيد بن عبد الله بن أسامة بن الهاد الليثي وأبو أيوب عبد الله بن علي الإفريقي، وأبو الهيثم السري بن يحيى المحلمي، ويروى عن الزهر محمد بن مسلم بن شهاب بن شهاب عنه إن كان محفوظاً.
قال: وأخبرنا أبو أحمد الحاكم قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عبد الرحمن الضبي قال: قرأت على أحمد - يعني - ابن محمد بن الحجاج قال: سمعت يحيى ابن بكير يقول: كنية زيد بن أسلم أبو أسامة.
" ؟؟بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي أخبرنا أبو حفص بن طبرزد - أذناً عن أبي غالب بن البناء - قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: قال أبو الحسن الدارقطني: أبو أسامة، ويقال أبو عبد الله زيد بن أسلم.
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء بن أحمد في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا عبد الملك بن محمد قال: حدثنا أبو حاتم قال: حدثنا محمد بن عيسى بن الطباع قال: حدثنا حماد بن زيد قال: قدمت المدينة وأهل المدينة يتكلمون في زيد بن أسلم، فقلت لعبيد الله: ما تقول في مولاكم هذا؟ قال: ما نعلم به بأس إلا أنه يفسر القرآن برأيه.
قال ابن عدي: وزيد بن أسلم هذا من الثقاة، ولم يمتنع أحد من الأئمة من أن يروى عنه.
وقال ابن عدي: حدثنا زكريا بن يحيى البستي ببيت المقدس قال: حدثنا أبو عمرو بن هانئ قال حدثنا ضمرة قال: حدثنا عطاف بن خالد قال: حدّث زيد بن أسلم بحديث فقال له رجل: يا أبا أسامة عن من هذا؟ قال: يا بن أخي ما كنا نجالس السفهاء.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - أذناً أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسين الكلاباذي قال: زيد بن أسلم أبو أسامة المدني مولى عمر بن الخطاب القرشي العدوي سمع ابن عمر وأباه، وعطاء بن يسار والأعرج.

روى عنه مالك بن أنس، وسليمان بن بلال، والثوري، وأبو غسان في النكاح، وغير موضع، مات سنة استخلف أبو جعفر في العشر الأول من ذي الحجة سنة ست وثلاثين ومائة، وقال عمرو بن علي: مات سنة ست وثلاثين ومائة.
قال الواقدي: توفي في خلافة أبي جعفر قبل خروج محمد بن عبد الله بسنتين وخرج محمد بن عبد الله سنة خمس وأربعين ومائة، وقال أبو عيسى مثل عمرو.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبَّان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله الأصبهاني قال في حلية الأولياء: ومنهم الحليم الأحلم والسلم الأسلم أبو أسامة زيد بن أسلم، كان بالعدل قائلاً، وبالفضل عاملاً، وعن الجهل عادلاً.
أدرك زيد بن أسلم جماعة من الصحابة، وسمع من عبد الله بن عمر بن وأنس بن مالك، وروى عنه من التابعين والأئمة والأعلام: الزهري، وأيوب السختياني، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عجلان، وروح بن القاسم، ومحمد بن إسحاق، والثوري ومالك بن أنس، وابن عينيه، وسليمان بن بلال، وأولاده: عبد الله، وعبد الرحمن وأسامة بنو زيد.
أنبأنا أبو الفضل أحمد، وأبو منصور عبد الرحمن ابنا محمد بن الحسن قالا: أخبرنا عمنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: زيد بن أسلم أبو أسامة، ويقال أبو عبد الله العدوي، مولى عمر بن الخطاب المدني.
روى عن ابن عمر، وأنس بن مالك، وأبيه أسلم، وأبي صالح ذكوان السمان، وعلي بن الحسين بن علي، وعبيد بن جريج وعطاء بن يسار المدنيين.
روى عنه الزهري وخارجة بن مصعب، وأيوب السختياني، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ومالك بن أنس، وعبيد الله بن عمر وسفيان الثوري، ومعمر بن راشد وسليمان بن بلال وسفيان بن عينيه، وبنوه: عبد الرحمن وأسامة، وهشام بن سعد، وعبد الرحمن بن عبد الله بن دينار، وأبو غسان محمد بن مطرف، وعبيد الله بن أبي جعفر، والحارث بن يعقوب، ومحمد بن عجلان، وروح بن القاسم.
وكان مع عمر بن عبد العزيز في خلافته، واستقدمه الوليد بن يزيد في جماعة من فقهاء المدينة، مستفتياً لهم في الطلاق قبل النكاح.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت على أبي القاسم بن عبدان عن أبي عبد الله محمد بن جعفر السناني المقرئ قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا علي بن منير ابن إبراهيم الطرسوسي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داوود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال: زيد بن أسلم صدوق ثقة.
وقال الحافظ: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد، ح.
قال: وأخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن أبي الحسن بن وهب، وأبو عبد الله محمد بن جعفر السناني المقرئ قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا علي بن منير ابن أحمد قالا: أخبرنا القاضي أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا موسى بن هارون قال سمعت مصعباً يقول: حدثني رجل عن عبد الرحمن بن أسلم، قال مصعب وقد جالست عبد الرحمن بن زيد قال: أصبحنا ذات يوم فقالت أمي لأبي: والله ما في بيتك شيء يأكله ذو كبد، فقام فتوضأ، ثم لبس ثيابه ثم صلى في بيته، فأقبلت علي أمي فقلت: إن أباك ليس يزيد على ما ترى، فلبست ثيابي وخرجت فخطر ببالي صديق لي أو لأبي تمار، فجئت أتخطى حتى آتى حانوت الرجل فصاح بي إنسان فإذا أنا بصاحبي، فقال: تعال أعني على هذا التمر، فجعلت نحمل ونفرغ ونعبيه قال: اذهب بنا إلى المنزل، فدخل فإذا مائدة عليها أقراص ولحم، فأكلت حتى إذا فرغ ومسح يده، فأخرج إلي صرة فقال: أقرأ باك السلام، وقل له إنا جعلنا لك شركاً وهذا نصيبك، فطرح لي صرة فإذا فيها ثلاثون ديناراً، ثم أخرج أخرى فقال: اذهب بها إلى أبي حازم، ثم أخرج أخرى فقال اذهب بها إلى محمد بن المنكدر فخرجت فأجد أبي في مصلاه، فسلمت وجلست أفخبرته، فأخرج عشرة فقال اذهب بها إلى أبي حازم، وأخرج عشرة فقال: اذهب بها إلى محمد بن المنكدر فقلت: قد أتاهما مثل ما أنتاك فقال إذاً ادفعها إلى أمك، فذهبت إلى أبي حازم فكأنه سمع قول أبي، وذهبت إلى ابن المنكدر فكأنه سمع قول أبي، إنهما فعلا مثل ما فعل أبوه.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن العباس قال: حدثنا سلمة بن شبيب قال: حدثنا سهل بن عاصم قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا أبو عمر الصنعاني عن زيد بن أسلم قال: من يكرم الله بطاعته يكرمه الله عز وجل بجنته، ومن يكرم الله تبرك معصيته أكرمه الله بأن لا يدخله النار، وقال استعن بالله يغنك عما سواه، ولا يكونن أحد أغنى بالله منك ولا يكونن أحد أفقر إلى الله منك.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد، بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي الرحبي قال: أخبرنا أبو صادق المديني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا محمد بن أحمد الوكيعي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا الفضل بن دكين، قال حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: لا بد لأهل هذا الدين من أربع: دخول في دعوة الإسلام، ولا بد من الإيمان وتصديق بالله وبالمرسلين أولهم وآخرهم، وبالجنة وبالنار، وبالبعث بعد الموت، ولا بد من أن تعمل علماً تصدق به إيمانك ولا بد من أن تعلم علماً يحسن به عملك، ثم قرأ: " إني لغفار لمن تاب وآمن وعمل صالحاً ثم اهتدى " .
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة عليه وأنا أسمع - ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر القرطبي - من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - إجارة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا عامر بن عبد الله الزبيري قال: حدثننا أبي قال: كان زيد بن أسلم يقول: وكان من الخاشعين: يا بن آدم أمرك ربك أن تكون كريماً، وتدخل الجنة ونهاك أن تكون لئيماً وتدخل النار.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا زيد بن بشر الحضرمي قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني عبد الرحمن بن زيد بن أسلم قال: كان أبي يقول: أي بني وكيف تعجبك نفسك وأنت لا تشاء أن ترى من عباد الله هو خير منك إلاّ رأيته، يا بني لا ترى أنك خير من أحد يقول لا إله إلاّ الله حتى تدخل الجنة، ويدخل النار، فإذا دخلت الجنة، ودخل النار تبين لك أنك خير منه.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا أبو العباس بن قتيبة، ومحمد بن زبان قالا: حدثنا أبو الطاهر قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم قال: يقال: من اتقى الله أحبه الناس وإن كرهوا.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني. وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي. قال أبو بكر: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي، وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن خالد الآجري قال: حدثنا مصعب بن عبد الله بن أبيه عن جده قال: سمعت زيد بن أسلم يقول: انظر من كان رضاه عنك في إحسانك إلى نفسك وكان سخطه عليك في إساءتك إلى نفسك فكيف تكون مكافأتك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: حدثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا الليث بن سعد، قال: حدثنا هشام بن سعد عن زيد بن أسلم قال: يقال إن لله عباداً مفاتيح للخير مغاليق للشر، ولله عباد مغاليق للخير مفاتيح للشر.

وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن إسحاق قال: ثنا قتيبة بن سعيد قال: حدثنا يعقوب بن عبد الرحمن القارئ قال: سألت زيد بن أسلم عن المستغفرين بالأسحار قال: هم الذين يحضرون للصبح.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا أحمد بن علي بن المثنى قال: حدثنا سعيد بن عبد الجبار قال: حدثنا مالك بن أنس عن زيد بن أسلم في قوله: (سواء علينا أجزعنا أم صبرنا)، قال: جزعوا مائة سنة وصبروا مائة سنة.
وقال أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو محمد بن حمدان قال: حدثنا أحمد بن سهل الأشناني قال: حدثنا داوود بن رشيد قال: حدثنا بقية عن ميسر بن عبيد عن زيد بن أسلم في قوله: وقالوا لجلودهم لم شهدتم علينا، قال: قالوا لفروجهم: لم شهدتم علينا.
قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا موسى بن الحسن ابن موسى قال: حدثنا الحارث بن مسكين قال: حدثنا ابن القاسم عن مالك عن زيد ابن أسلم قال: سكن رجل المقابر، فعوتب في ذلك، فقال: جيران صدق ولي فيهم عبرة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا علي بن الحسين ابن علي قال: أخبرنا محمد بن عمر بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن محمد قال: قرأت على محمد بن أحمد بن هارون قلت له: أخبرك إبراهيم بن الجنيد قال: حدثنا الصلت بن مسعود الجحدري قال: حدثنا حماد بن زيد قال: قلت لعبد الله ابن عمر: زيد بن أسلم: فأثنى عليه خيراً، قال: غير أنه يفسر القرآن برأيه.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن محمد البايسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: أخبرنا محمد بن سليمان عن الليث قال: قال بكير بن الأشج في زيد بن أسلم: بينا هو معلم كتاب إذ صار يفسر القرآن.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلاّل قال: أخبرنا إبراهيم بن منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا المفضل بن محمد بن إبراهيم قال: حدثنا صامت بن معاذ قال: حدثنا عبد المجيد عن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم عن أبيه قال: ألا أحدثك حديثاً تسر به ويُسر به صديقك؟ قال: قلت: بلى قال: غزوت الإسكندرية فأصابتني فيها شكاة فأخذت قرطاساً ودواة لأن أكتب وصيتي، فوجدت في يدي وصباً شديداً، فقلت لو أني استرحت قليلاً، قال: فجعلت القرطاس تحت رأسي والدواة تحت رجلي، ثم نمت، فرأيت في منامي كأن معي في البيت رجلاً مبيضاً، فقلت له: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا ملك الموت قال: فذكرت الجنة والنار وما أعد الله فيها، فأدركتني رقة فبكيت، فقال: ما يبكيك يا عبد الله، إني لم أومر بقبض روحك، فقلت: أي رحمك الله، إني ذكرت الجنة والنار، وما أعد الله فيها فأدركتني رقة، فبكيت، فقال لي: أفلا أكتب لك براءة من النار؟ فقلت: بلى، قال: فدفعت إليه القرطاس من تحت رأسي والدواة من تحت رجلي، واستمد وكتب حتى ملأ القرطاس. ثم دفعه إليّ فإذا فيه مكتوب: بسم الله الرحمن الرحيم، وأستغفر الله، أستغفر الله، حتى ملأ القرطاس، فقلت: أي رحمك الله أين تراني من النار؟ قال: فقال لي: فأي براءة تريد أوثق من براءتك هذه؟ ثم استيقظت من نومي فعمدت إلى القرطاس الذي جعلته تحت رأسي في اليقظة، فنظرت فيه فإذا فيه كتاب ملك الموت عليه السلام، الذي رأيت في المنام، فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم، أستغفر الله، أستغفر الله حتى ملأ القرطاس.
قال الحافظ أبو القاسم: وقد رويت من وجه آخر عن زيد بن أسلم عن أبيه وهي عن زيد أصح.
وقال: أخبرنا الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل - إملاءً - قال: أخبرنا عمر بن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي علي قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا بكر بن سهل قال: حدثنا أصبغ بن الفرج قال: سمعت عبد الرحمن بن زيد بن أسلم يقول: رأيت أبي في المنام وعليه قلنسوة طويلة فقلت: يا أبة من أنت، ما فعل الله بك؟ قال: زينني بزينة العلم، قلت: فأين مالك بن أنس؟ فقال: مالك فوق فوق، فلم يزل يقول فوق، ويرفع رأسه حتى سقطت القلنسوة عن رأسه.

أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن هبة الله الطبري قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بم جعفر قال: حدثنا ابن زيد قال: قال رجل: رأيت الناس في أزقة ضيقة وغبار، ورأيت قصراً مرشوشاً حوله لا يقربه من الغبار قليل ولا كثير، فقلت: ما منع الناس أن يمروا في تلك الطريق؟ فقيل لي: ليست لهم فقلت: لمن هي؟ قالوا: لذلك الرجل الذي يصلي إلى جانب القبر، قلت: من ذاك؟ قال: زيد بن أسلم، قلت: بأي شيء أعطي ذلك؟ قال: لأن الناس سلموا منه وسلم منهم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: حدثنا وأبو النجم بدر بن عبد الله قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، ح.
وأخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو الغنائم بن أبي عثمان قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي الدنيا قال: حدثني الحسن بن عبد العزيز قال: حدثني الحارث بن مسكين قال: أخبرنا ابن وهب قال: حدثنا عبد الرحمن بن زيد قال: جاء رجل من الأنصار إلى أبي فقال: يا أبا أسامة إني رأيت النبي صلى الله عليه وسلم وأبا بكر وعمر خرجوا من هذا الباب فأرى - وفي حديث الحارث: فإذا - النبي صلى الله عليه وسلم يقول: انطلقوا بنا إلى زيد - زاد الحارث: ابن أسلم - نجالسه ونسمع من حديثه. فجاء النبي صلى الله عليه وسلم حتى جلس إلى جنبك فأخذ بيدك قال: فلم يكن بقاء أبي بعد هذا إلا قليلاً.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: كتب إليّ أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة - وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه وقال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه عن أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب، يكنى أبو أسامة، قدم الإسكندرية، روى عنه من أهل مصر عبيد الله بن أبي جعفر، والحارث بن يعقوب، توفي بالمدينة في ذي الحجة سنة ست ومائة.
قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي: وهذا وهم، وقد أسقط منه: وثلاثين.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو بكر الخطيب، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: سمعت ابن بكير يقول: مات زيد بن أسلم سنة ثلاثين أو إحدى وثلاثين ومائة.
قال الحافظ: وهذا وهم.
قلت: وقد ذكرنا عن محمد بن عمر الواقدي أنه مات قبل خروج محمد بن عبد الله بن حسن بسنتين، وخرج محمد سنة خمس وأربعين ومائة فتكون وفاته على ما ذكر سنة ثلاث وأربعين ومائة وهذا وهم أيضاً.
وذكر أبو عبيد القاسم بن سلام أنه توفي سنة ثلاث وثلاثين ومائة.
أخبرنا بذلك أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص - إجازة - قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد ابن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة ثلاث وثلاثين ومائة فيها توفي زيد بن أسلم.
والصحيح أنه توفي سنة ست وثلاثين ومائة.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: قال ابن المنذر عن زيد بن عبد الرحمن: توفي - يعني - زيد بن أسلم سنة استخلف أبو جعفر في ذي الحجة في العشر الأول سنة ست وثلاثين ومائة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: مات زيد بن أسلم، مولى عمر بن الخطاب، في خلافة أبي جعفر في أولها.

وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد، وأبو الفضل ابن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة ابن خياط قال: وزيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب توفي سنة ست وثلاثين ومائة، أو نحوها، يكنى أبو أسامة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن اللالكائي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا زيد ابن عبد الرحمن بن زيد بن أسلم أن جدّه زيد بن أسلم توفي سنة استخلف أبو جعفر في ذي الحجة في العشر الأولى سنة ست وثلاثين ومائة.
أنبأنا أبو الفتوح محمد بن محمد البكري قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين ابن شهريار قال: حدثنا أبو حفص الفلاس قال: ومات زيد بن أسلم سنة ست وثلاثين ومائة، ويكنى أبو أسامة مولى لعمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست وثلاثين ومائة زيد بن أسلم مولى عمر بن الخطاب - يعني - مات فيها.
زيد بن جارية بن عامر بن مجمع بن العطاف:
الأنصاري العمري الأوسي، وقيل فيه زيد بن حارثة، والصحيح بالجيم والياء، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم وعرض عليه يوم أحد فاستصغره ورده، وكان أبوه أحد المنافقين. روى عن زيد ابناه: عمر، ومجمع ابنا زيد وأبو الطفيل، وموسى بن طلحة بن عبيد الله، وقيل إن موسى بن طلحة روى عن أبيه عنه، وشهد زيد بن جارية صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد بن عبد الله الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد بن يونس قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا أحمد بن آدم قال: حدثنا منصور ابن سلمة الخزاعي قال: حدثنا عثمان بن عبيد الله بن زيد بن جارية الأنصاري عن عمر بن زيد بن جارية قال: حدثني أبي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغر ناساً يوم أُحد منهم زيد بن جارية - يعني نفسه - والبراء عازب وزيد بن أرقم وسعد ابن حبته، وأبو سعيد الخدري، وعبد الله بن عمر وجابر بن عبد الله، قال: منصور أخاف أن لا يكون حفظ جابراً.
قلت: ظن منصور بن سلمة أن المراد جابر بن عبد الله الأنصاري ولم يرده إنما هو جابر بن عبد الله السلمي.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد بن جارية العمري الأوسي.
قال عبيد: حدثنا يونس بن بكير قال: أخبرنا إبراهيم بن إسماعيل بن مجمع عن عمه يعقوب بن مُجمع عن أبيه مُجمع بن زيد عن جده زيد بن جارية: بعنا سهامنا من خيبر بحلةٍ حُلة.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد ابن أبي حاتم قال: في باب الحاء في باب من أسمه زيد من كتاب الجرح والتعديل زيد بن حارثة العمري الأوسي له صحبة مديني، روى عنه زيد، سمعت أبي يقول ذلك وسمعته يقول: لا أعرفه.
وهذا وهم وتصحيف وقع من أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم.

أخبرنا بركات بن ظافر بن عساكر بن عبد الله الأنصاري في كتابه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حامد الأرتاجي قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن عمر الفراء قال: أخبرنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي الحافظ، قال في باب جارية بالجيم، وحارثة من كتاب المؤتلف والمختلف: زيد بن جارية عن النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري - فيما كتب إلينا من مكة - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد، يوسف بن عبد العزيز بن الدبَّاغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: زيد بن جارية الأنصاري العمري، وقد قيل فيه زيد بن حارثة، كان ممن استصغر يوم أُحد، وهو من بني عمرو بن عوف.
كان زيد بن جارية، وأبو سعيد الخدري، والبراء بن عازب، وزيد بن أرقم وسعد بن حبته ممن استصغر يوم أُحد.
وروى أبو سلمة منصور بن سلمة الخزاعي قال: حدثنا عثمان بن عبيد الله بن زيد بن جارية الأنصاري عن عمر بن زيد 91 - ظ بن جارية الأنصاري قال: حدثني زيد بن حارثة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم استصغره يوم أُحد، والبراء ابن عازب، وزيد بن أرقم، وسعد بن حبته، وأبا سعيد الخدري.
قال أبو عمر: هو زيد بن جارية بن عامر بن مجمع بن العطاف الأنصاري من الأوس، وكان أبوه جارية من المنافقين أهل مسجد الضرار، كان يقال له حمار الدار، شهد زيد بن جارية هذا صفين مع علي رضي الله عنه، وهو أخو مجمع بن جارية.
روى عنه أبو الطفيل حديثه عنه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: إن أخاكم النجاشي قد مات فصلوا عليه، قال: فصفنا صفين.
قال أبو عمر رحمه الله: وذكره أبو حاتم الرازي في باب من اسم أبيه على حاء من باب زيد، وقال: زيد بن حارثة العمري الأوسي، له صحبة، وقال: سمعت أبي يقول ذلك، وقال: لا أعرفه.
وذكر أبو يحيى الساجي قال: حدثني زياد بن عبيد الله المزني قال: حدثني مروان بن معاوية قال: حدثنا عثمان بن حكيم عن خالد بن سلمة القرشي عن موسى بن طلحة بن عبيد الله قال حدثني زيد بن حارثة أخو بني الحارث بن الخزرج قال: قلت يا رسول الله قد علمنا كيف السلام عليك، فكيف نصلي عليك؟ قال: صلوا عليّ وقولوا: اللهم بارك على محمد وعلى آل محمد كما باركت على إبراهيم وآل إبراهيم، إنك حميد مجيد.
هكذا رواه خالد بن سلمة عن موسى بن طلحة، ورواه إسرائيل عن عثمان بن عبد الله بن موهب عن موسى بن طلحة عن أبيه، وربما قال فيه: أراه عن أبيه، قال: قلت يا رسول الله 92 - و قد علمنا السلام عليك، فذكره.
زيد بن الحسن بن زيد:
ابن الحسن بن زيد بن سعيد بن عصمة بن حمير بن الحارث ذي رُعَين الأصغر، أبو اليمن الكندي، اللغوي النحوي، القارئ، البغدادي، تلميذ أبي محمد عبد الله بن علي البغدادي وخريجه، هذا رأيت نسبه في غير موضع، وقد سقط من نسبه ذكر جماعة، فإنه لا يتصور أن يكون بينه وبين حمير بن ذي رعين سبعة لا غير.
حمله والده إلى الشيخ أبي محمد المقرئ سبط أبي منصور الخياط، فلقنه القرآن، وجوّده عليه، وقرأ عليه بالروايات وله عشر سنين، وكان سألني وأنا أقرأ عليه: كم كان عمرك حين ختمت القرآن؟ فقلت له: تسع سنين فتعجب من ذلك وقال: كذلك أنا ختمته ولي تسع سنين، وأخرج إليّ مفردات للشيخ أبي محمد وعليها خطه بقراءته عليها، وأراني خط الشيخ أبي محمد له على بعضها أنه ختم القرآن عليه وهو ابن تسع، وجمعه بالعشر وهو ابن عشر، فذكرت له أني جمعته بالعشر ولي عشر سنين، وشاهدت بخط الشيخ أبي محمد الدعاء له بطول العمر، فاستجاب الله دعاءه له، فعاش أربعاً وتسعين سنة.

وكان الشيخ أبو محمد اعتنى به فأقرأه القرآن على أبي القاسم هبة الله بن أحمد المعروف بابن الطبر، وأبي بكر محمد بن الخضر خطيب المحوّل، وأبي منصور محمد بن عبد الله الملك بن خيرون، وأبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي، وأقرأه اللغة والنحو على الشيخ أبي منصور موهوب بن أحمد 92 - ظ الجواليقي، والشريف أبي السعادات هبة الله بن علي الحسني المعروف بابن الشجري، فلازمهما حتى برع في علم النحو واللغة، وقرأ عليهما وعلى أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد الخشاب، وعلى مجد الإسلام عبيد الله بن القاسم الحريري كتباً كثيرة من كتب الأدب، وأسمعه الحديث فسمع بإفادته وبنفسه من هؤلاء ومن القاضي أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي، وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز، وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبي الحسن علي بن هبة الله عبد السلام وأبي عبد الله الحسين بن علي بن أحمد المقرئ أخي شيخه أبي محمد، وأبي منصور عبد الجبار بن أحمد الأسدي، وأبي الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبي الحسن محمد بن محمد بن عبد الجبار العكبري، وأبي الفتح عبد الله بن محمد بن محمد البيضاوي، وأبي محمد يحيى بن علي بن الطراح، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن توبة، وشيخ الشيوخ أبي البركات إسماعيل بن أبي سعد الصوفي، وأبي محمد طلحة بن أبي طالب الرماني، وأبي السعادات المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب بن نَغوبا الواسطي، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن إبراهيم الصايغ، وأبي القاسم علي بن أبي نصر عبد السيد بن محمد بن عبد الواحد بن الصباغ، وأبي الفضل محمد بن عمر بن يوسف الأرموي، وأبي الفضل أحمد بن طاهر بن سعيد الميهني، وأبي الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأندلسي، وأبي القاسم 93 - و عبد الله بن أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبي الفرج عبد الخالق بن أحمد، وأبي الحسن علي بن الحسن بن أبي عمرو البزار، وأبي إسحاق إبراهيم بن محمد بن نبهان الرقي، والحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد بن الحسن الهمذاني، وأبي عبد الله عيسى بن هبة الله بن النقاش، وأبي بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، وأبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري، وأبي منصور أنوشتكين بن عبد الله الرضواني، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن النقور، سمع من هؤلاء كلهم ببغداد ما خلا الحافظ أبا العلاء فإنه سمعه بهمذان، وكان رحل إليها وتفقه بها على مذهب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه على سعد الرازي رحمه الله.
وسمع بدمشق من الخطيب أبي الحسين عبد الرحمن بن عبد الله بن الحسن بن أبي الحديد، وأبي العباس أحمد بن عبد الله بن مرزوق الأصبهاني واجتمع بمصر مع أبي محمد عبد الله بن بري، وتكلم معه، وأعجبه كلام ابن بري، واعترف بعلمه.
وكان شيخه أبو محمد قد رباه تربية الأولاد، وكان يكرمه ونفعه الله ببركته، ووهب له كثيراً من كتبه التي قرأها عليه، وتفرّد برواية كتب كثيرة.
ورحل إليه الناس من البلاد لقراءة القرآن واللغة والنحو والحديث والأشعار، وقرأ عليه الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب، وانتفع به، ومهر في النحو وكان ينزل ماشياً إليه من قلعة دمشق إلى داره، وقرأ عليه جماعة من الشيوخ العلماء، وكان قدم حلب وسكنها مدة واتصل بها بالأمير حسن ابن الداية، ثم سافر عنة حلب إلى دمشق وخدم بها عز الدين فرخشاه بن شاهنشاه بن أيوب بن شاذي، فنفق عليه 93 - ظ واستوزره، وكان يقارضه بالشعر، ثم اتصل بأخيه تقي الدين عمر بن شاهنشاه بعد موته بالديار المصرية، ثم عاد إلى دمشق، فأقام بها واتخذ بها داراً وبستاناً وملكاً يعود عليه نفعه.

وكان حسن الأخلاق، جميل الصورة، تام الخَلق والخُلق، وكان يكتب خطاً حسناً، دخلت إليه داره بدمشق في سنة ثلاث وستمائة مع والدي، وقرأت عليه المقامات الحريرية وغيرها من كتب الأدب، ولما شرعت في قراءة المقامات عليه أعجبته قراءتي وسألني: أتحفظها فقلت له: لا، فمال إليّ واعتنى بأمري، وكان يأذن لي كلما جئت إليه، ولما عزمت على العود إلى حلب قال لي: اجعل نفسك أن تعود إلينا، فأثر كلامه عندي، وآثرت الرحلة إليه، وكان والدي رحمه الله لا يسمح بمفارقتي، إلى أن سمح بأن يزور البيت المقدس فاستصحبني معه، ووصلت معه إلى دمشق، ودخلت إلى الشيخ رحمه الله فقرأت عليه عدة من كتب الأدب والحديث في سنة ثمان وستمائة، ثم عدت من البيت المقدس، وكنت أتردد إليه وأسمع منه بقراءتي عليه وقراءة غيري في سنة تسع وستمائة، وسألته عن مولده فقال - وكتبه لي بخطه - في سنة عشرين وخمسمائة في شعبانها.
وقال لي أبو الحسين يحيى العطار أنه قال له: في الخامس والعشرين منه.
أخبرنا الإمام العلامة أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن 94 - و إبراهيم بن عيسى الباقلاني المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا شعبه عن إسماعيل بن أبي خالد قال: سمعت قيس بن أبي حازم يحدث عن جرير رضي الله عنه قال: كنا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة البدر فقال: إنكم سترون ربكم عز وجل كما ترون القمر لا تضامون في رؤيته، فإن استطعتم أن لا تغلبوا على هاتين الصلاتين قبل طلوع الشمس وقبل غروبها، ثم تلا هذه الآية " فسبح بحمد ربك قبل طلوع الشمس وقبل الغروب " قال شعبة: لا أدري قال: فإن استطعتم أو لم يقل.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - بقراءتي عليه في منزله بدمشق - قال أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن الطبر قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسماعيل بن سمعون قال: حدثنا محمد بن محمد بن أبي حذيفة قال: حدثنا أحمد بن أبي الخناجر قال: حدثنا العباس بن الوليد البصري قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن العبد لترفع له الدرجة فيقول: أي ري أنّى لي هذه؟ فيقول: باستغفار ولد ولدك من بعدك. 94 - ظ أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا الشيخ أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن خلف بن خاقان البيع قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد الأزدي، ح.
قال: وقال أبو منصور محمد بن محمد: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب الشافعي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجراح الخزار قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد - واللفظ للقاضي - قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: كان أبو بكر إذا مُدح قال: اللهم أنت أعلم بي من نفسي وأنا أعلم بنفسي منهم، اللهم اجعلني خيراً مما يحسبون، واغفر لي، واجعلني خيراً مما يعلمون، ولا تؤاخذوني بما يقولون.
وقالا: أخبرنا أبو بكر محمد قال: أخبرنا أبو حاتم عن الأصمعي عن العباس بن بكار الضبي عن عقبة الأصم عن عطاء بن أبي رياح عن ابن عباس قال: سمعت أبا بكر يقول:
إذا أردت شريف الناس كُلّهم ... فانظر إلى مَلكٍ في زي مسكين
ذاك الذي حسنت في الناس سيرته ... وذاك يصلح للدنيا وللدين
ولشيخنا أبي اليمن رحمه الله أشعار لم أسمع منه شيئاً لاشتغالي عليه بما هو أهمّ بها، وقد أجاز لنا روايتها عنه فمنها ما أنشده لنفسه في أرمد مليح. 95 - و.
بكل صباح لي وكُلّ عشية ... وقوفٌ على أبوابكم وسلام
وقد قيل لي يشكو سقاماً بجفنة ... تغيّض بي وجد وخفّ غرام
فغير غريب في المناصل حمرة ... وغير بديع في الجفون سقام
وقدماً شكونا وضيمت قلوبنا ... فها أنت منها تشتكي وتضام

ومن ذلك ما أنشده لنفسه، وكان قد شرب دواء فمرض منه.
تداويت لا من علّةٍ خوف علة ... فأصبح داء في حشاي دوائي
فيل عجب الأقدار من متحذلق ... يحاول بالتدبير رد قضاء
ومن ذلك ما قرأته بخطه قال: هذه قصيدة ألتمس وزنها ورويها المولى معز الدين فرخشاه رح، ونحن إذ ذاك بمصر، وأنشدنيها رفيقنا أبو الفتح نصر الله بن أبي العزّ بن أبي طالب الشيباني الصفار، من لفظه بدمشق، قال: أنشدنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي لنفسه وأثبتَّها بكمالها وهي:
هل أنت راحم عبرةٍ وتولّهِ ... ومجير صب عنده مأمنه دُهي
هيهات يرحم قاتل مقتوله ... وسنانه في القلب غير مُنْهِنه
من بلّ من داء الغرام فإنني ... مذحَلّ بي مرض الهوى لم أنفه
إني بليت بحب أغيد ساحر ... بلحاظه رخص البنان لزهره
أبغي شفاء تَدلِّهي من دلِّهِ ... ومتى يرقّ مُدَلّلِ لمُدلَّه
95 - ظ
كم آهة لي في هواه وأنّةٍ ... لو كان ينفعني عليه تأوهي
ومآرب في وصله لو أنها ... تقضى لكانت عند مبسمه الشهي
يا مفرداً بالحسن إنك منتهٍ ... فيه كما أنا في الصبابة منتهى
قد لام فيك معاشرٌ أفأنتهي ... باللوم عن حب الحياة وأنت هي
أبكي لديه فإن أحس بلوعة ... وتشوق أو ما بطرف مقهقه
أنا من محاسنه وحالي عنده ... حيران بين تفَكُّه وتفكه
ضدان قد جمعا بلفظ واحد ... لي في هواء بمعنيين مُوَجَّهٍ
لأجردن من اصطباري ماء ... ريِّها في محفلٍ بمُسَفَّه
أو لست رب فضائل لو حاز أد ... ناها وما أزهى بها غيري زُهي
شهدت لها الأعداء واستشفت بها ... عينا حسود بالغباوة أكمه
أنا عبد من علم الزمان بعجزه ... عن أن يجيء له بندٍّ مُشبِه
عبدٌ لعز الدين ذي الشرف الذي ... ذل الملوك لعزه فُرُّخِشه
الموقد الحرب العوان ببأسه ... والأسد بين مُغرّد ومُوَهْوَه
المُفْحم الفصحاء فصل خطابه ... من ذي الروّية فيهم والمبده
فكأن قرناً تُبتلى بنزاله ... يُرْمَي بطود فوقه متدهده
وكذا البليغ ملجلج في نطقه ... حصراً كألكن في الحوار منهنه
فلتنجحَ العلياء منه بمحربٍ ... عند الجلاد وفي الجدال بمدره
96 - و
خر غُرّةُ الزمن البهيم وعصمة ... الملك العقيم وغوث كل مُؤَيّه
ملك هُمام حازمٌ يقظٌ رضىً ... بحر غمام عالم ندس نَهِ
فطنٌ لأخذ محامدٍ خفيت على ... فَطَنِ الأُلى فلمثها لم يؤبَه
متنبّه للمكرمات ولم يكن ... عنها ينام فيبتدى بتنبُّه
يُعدى على جَور الزمان بدله ... ويُجيز بالنعماء كل مولَّه
وإذا استغاث إليه منه ماله ... كانت إغاثته له: صَهْ أو مَهِ
وعلى شمائل مجده وروائه ... للمجد أُبّهةٌ بغير تأبّه
ما الليث أوغل في الترائب نابه ... سغباً يصول بأهرت متكهكه
يوماً بأسفك للدماء لدى الوغى ... منه وأقتل للعداة وأعَضه
تعبت أسنته على عَليائه ... حتى تفرّد بالمحل الأنْوَه
فغدا وراح به رعايا ملكه ... في راحة تبهو بسؤدَده البهي
كم في غناء المتعبين على العُلا ... من مترَفٍ بعنائهم مترفَهِ
أنظر إذا ازدحم الوفود ببابه ... من كل ذي أمل به متوجه
إن شطّ لم يشطُط رضاه وإن جفا ... فيما يحاول عنده لم ينْجِه
طابت مَوارده فغصّ فِناؤه ... وشَدا الحُداة بذكره في المَهْمه
كالماء عند وروده ما لم يكن ... عذباً نميراً سائغاً لم يُشفَه

يا خير بانٍ بالشجاعة والندى ... مجداً يَهي عمر الزمان ولا يَهي
96 - ظ
يَفديك كل مملك متتايه ... أبداً بألسنة الرعاع مُمَدّه
لا يفقه النجوى إذا حدثته ... وإذا بدا بحديثه لم يُفقِه
إني على شرف القريض لهاجرٌ ... للنظم هجرة آنفٍ مُتَنَزِّه
أضحى وأهلوه كمهد وحيهم ... في جَهْل ذي الحجى والأوْرَه
أبداً عرائس مدحه تُجلى على ... دَنِس الخَبيئة بالعيوب مُشوّه
قلّ المميز سامعاً أو منشداً ... في الناس بين مفهَّه ومُفَوَّه
آليت لا أوليت غيرك مدحة ... شعراً وإن أفعل فمدحة مكرَه
أصبحت من نعماك صاحب أنعم ... ترجى نوافلها وعيشٍ أبله
وبدا لديك صريح فضلي مثلما ... لا يستسر لديك نقص مموه
حزت السعادة من إلهك ما سرت ... في الليل دعوة عابد متأله
أنشدني أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله العطار بمصر قال: أنشدنا الشيخ أبو اليمن الكندي لنفسه:
أرى المرء يهوى أن تطول حياته ... وفي طولها إرهاق نفس وإزهاق
تمنّيت في شرخ الشبيبة أنني ... أعمرَّ والأعمار لا شك أرزاق
فلما أتاني ما تمنيت ساءني ... من العمر ما قد كنت أهوى وأشتاق
عرتني أعراض شديد مراسها ... عليّ وهمّ ليس لي منذ أفراق
وها أنا في إحدى وتسعين حجة ... لها فيّ إرعاد مخوف وإبراق
يخيل لي فكري إذا كنت خالياً ... ركوبي على الأعناق والسير إعناق
ويذكرني بعد النسيم وروحه ... حفائر يعلوها من الترب أطباق
يقولون درياق لمثلك نافع ... وما لي إلاّ رحمة الله درياق
وكان لشيخنا أبي اليمن نوادر مستحسنه وملح مستطرقه منها ما حكاه لي الشيخ الفقيه أبو الحسن علي بن هبة الله بن سلامة المعروف بابن الجُميزيّ قال: كان تاج الأمناء وزين الأمناء أخوين من بني عساكر، وكان تاج الأمناء يلقب خرابدبس، وكان أكبر من زين الأمناء في السن، فحضر جماعة عند الشيخ تاج الدين الكندي، وتنازعوا في تاج الأمناء وزين الأمناء أيهما أسن من صاحبه، وكان يظهر للرائي أن زين الأمناء أسن، فابتدر الكندي من غير روية وقال: تاج الأمناء في سن زين الأمناء، وهذا من أحسن النوادر والتورية 97 - و.
وسمعت رفيقنا النجيب أبو الفتح ابن الصفار قال: كان الشيخ تاج الدين الكندي يجلس في اللبادين بدمشق على حانوت بالقرب من داره يجلس فيها بعض الكحالين، فاتفق يوماً أن جاءت امرأة إلى الكحال والشيخ تاج الدين جالس عنده فذكرت للكحال مرضاً بعينها وأطالت الكلام معه إلى أن أضجرته فقال لها: والله قد أخذت مخي، فقال له تاج الدين الكندي في الحال: نعم لتطعمه زوجها.
وحكى لي من نوادره أنه أهدي له جديان، فدخل بهما عتيقه ياقوت، الذي سمي بعد ذلك يعقوب، وقد وضع أحدهما تحت إبطه الأيمن والآخر تحت إبطه الأيسر، وعند الشيخ جماعة فقال له حين رآه: يعيشون لك.
وبلغني أنه دخل إليه طبيبان: أحدهما كحال، والآخر طبائعي، فقال للكحال: كم فرقت اليوم عصاً؟ فقال الطبائعي كثير، فقال للطبائعي: أنت مستريح خصومك الموتى.
ومن مهاتراته المستملحة أنه حضر بدمشق في مجلس الوزير ابن شكر، وفي المجلس أبو الخطاب بن دحية، وهو ينتسب إلى كلب، فأورد ابن دحية حديث الشفاعة وقال فيه: ولكني كنت من وراءَ وراءَ بالفتح، فأنكره الكندي وقال: فقال له الشيخ الكندي: نُسبت إلى كلب فنبحت.

قرأت في التاريخ المجدد لمدينة السلام، الذي ذيل به رفيقنا الحافظ أبو عبد الله تاريخ بغداد للخطيب وأجاز لنا روايته عنه 97 - ظ قال: زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن زيد بن الحسن بن سعيد بن عصمة بن حمير بن الحارث ذي رُعَيْن الأصغر، أبو اليمن الكندي، من ساكني دار الخلافة أسلمه والده في صغره إلى الشيخ أبي محمد عبد الله بن علي المقرئ سبط الشيخ أبي منصور الخياط، فلقّنه القرآن، وجوّد عليه قراءته، ثم حفظه القراءات فقرأ عليه بالروايات العشر وعمره عشر سنين، ثم إنه أقرأه أيضاً على مشايخ أقدم إسناد منه كأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري، وأبي الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي وأبي منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون، وأبي بكر محمد بن الخضر خطيب المحوّل، ثم إنه أشغله بالنحو واللغة وأمره بملازمة الشريف أبي السعادات بن الشجري، وأبي منصور الجواليقي، لقراءة الأدب، فقرأ عليهما حتى برع في النحو ومعرفة العربية.
وأسمعه الحديث الكثير من الشيوخ الكبار كأبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، وأبي القاسم هبة الله بن أحمد الحريري وأبي منصور عبد الرحمن بن محمد بن عبد الواحد القزاز، وأبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي، وأبي الحسن علي بن هبة الله بن محمد بن البيضاوي، وأبي محمد يحيى بن علي بن الطراح، وأبي الحسن محمد بن أحمد بن توبه، وأبي عبد الله الحسين بن علي بن أحمد الخياط، ومن جماعة غيرهم.
وقرأ بنفسه على المشايخ كثيراً، وكان الشيخ أبو محمد المقرئ يعزه ويقريه كثيراً ورباه أحسن تربية، ووهب له كثيراً من الكتب والأصول التي قرأها عليه، وكانت همته إليه مصروفة، فعادت بركته عليه فعمر عهداً طويلاً وانتشرت عنه الرواية، ورحل إليه طلاب العلم من الأقطار، لقراءة القرآن عليه والحديث والأدب وتفرد بأكثر مروياته، وكان يروي كثيراً من كتب الدب ودواوين الشعر، ويكتب خطاً مليحاً.
ولما مات شيخه أبو محمد قام مقامه في مسجده وأم الناس فيه أياماً، وله نيف وعشرون سنة، ثم إنه سافر عن بغداد في سنة ثلاث وأربعين، ودخل همذان، وأقام بها سنين يتفقه على مذهب أبي حنيفة على سعد الرازي بمدرسة السلطان طغرل، ثم إن والده حج في سنة أربع وأربعين فمات في الطريق، فلما بلغه خبره عاد إلى بغداد وأقام بها مديدة.
ثم توجه إلى الشام واتصل بالملك عز الدين فرخ شاه بن أيوب، أخي صلاح الدين ملك الشام ومصر، ونال منه منزلة رفيعة واستوزره، فلما توفي فرخ شاه اتصل بأخيه تقي الدين عمر صاحب حماه، واختص به ودخل ديار مصر ورأى من الجاه والتعظيم ما لم يره أحد، وكثرت أمواله، ثم إنه سكن في آخر عمره بدمشق إلى حين وفاته، وكان الملك المعظم عيسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب صاحب دمشق يقرأ عليه الأدب ويقصده في منزله، ويعظمه ويبجله.
رحلت إليه قاصداً من مكة، وكنت بها مجاوراً، وقرأت عليه كثيراً من الحديث والأدب، وكان يواصلني بما أنفقه، ويجلس لي خالياً للقراءة عليه 98 - ظ وكانت هذه عادته في إكرام الغرباء، وما رأيت شيخاً أكمل منه فضلاً، ولا أتم منه عقلاً ونبلاً، وثقة وصدقاً وتحقيقاً وتثبيتاً ورزانة، مع دماثة أخلاقه، ولطف عشرته، وكرم تواضعه، وطيب مجالسته، وحسن نشواره، وكان مهيباً وقوراً أشبه بالوزراء من العلماء لجلالته وعلو منزلته عند الملوك والأعيان وسائر الناس، وكان أعلم أهل زمانه بالنحو، وأظنه كان يحفظ كتاب سيبويه، لأني ما دخلت عليه قط إلاّ وهو في يده يطالعه، وكانت له به نسخة في مجلدة واحدة بخط الدقاق النحوي دقيقة الخط، فكان يراها بلا كلفة وقد بلغ التسعين، وكان قد متعه الله بسمعه وبصره وقوته، فكان مليح الصورة طريفاً إذا تكلم ازداد حلاوة، وله النظم والنثر المليح والبلاغة الكاملة.
توفي شيخنا أبو اليمن الكندي في ضحوة نهار الاثنين سادس شوال سنة ثلاث عشرة وستمائة، ووصل إلينا الخبر بذلك في ذي القعدة من السنة إلى حلب، ثم أخبرني بوفاته جماعة على ما ذكرته.
ودفن بجبل قاسيون.

سمعت أبا الحسين بن إبراهيم الإربلي بدمشق يقول لي عشية ليلة الاثنين الرابعة من شهر ربيع الآخر من سنة إحدى وأربعين وستمائة قال: رأيت ليلة الأحد الثالثة من الشهر المذكور الشيخ تاج الدين أبا اليمن الكندي وهو على أحسن هيئة، وقد جاءه إنسان يطلب منه الدعاء لولده 99 - و فقال قائل: وأين بلدك؟ فقال: في بلد الروم فاستدار الشيخ رحمه الله تعالى جهة الشمال ودعا لولد ذلك ذلك الإنسان، فقال قائل: أفلح جميع من في بلد الروم بدعاء الشيخ، وكان هذا بعد أن طرق التتار بلاد الروم، فوقع الصلح وسكنت البلاد بعد ذلك ببلاد الروم.
زيد بن حصن الطائي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وله ذكر.
ذكر المدائني في كتاب صفين أنه شهدها مع علي، وقيل إنه أمّره على طيء.
زيد بن الحواري البصري:
أبو الحواري العَمَّي القاضي، ويقال أنه مولى زياد بن سمية، وقيل إن مولى زياد غيره.
روى عن أنس بن مالك، وأبي الصديق الناجي، والحسن البصري، ومعاوية ابن قرة وأبي العالية الرياحي ويزيد بن أبان وسعيد بن المسيب، وقتادة، ونافع مولى عبد الله بن عمر، وجعفر بن زيد العبدي وأبي وائل شقيق بن سلمة، وعبد الله بن عبد الأعلى.
روى عنه سفيان الثوري وسليمان بن مهران الأعمش، وشعبة ومسعر بن كدام، ووكيع بن محرز بن وكيع النبال، وأبو إسحاق السبيعي، ومحمد بن الفضل بن عطية، وسلام بن سُليم الطويل، وأبو إسحاق الفزاري، وأيوب بن موسى المكي، وعمارة بن أبي حفصة، ومطرف بن طريف وعمران بن زيد، وموسى بن عبد الله الجهني، ويحيى بن العلاء الرازي، وهُشيم بن بشير، ونوح بن أبي مريم وابناه عبد الرحيم وعبد الرحمن 99 - ظ ابنا زيد.
وولي القضاء بهراة، ووفد على سليمان بن عبد الملك وشهد وفاته بمرج دابق وقيل إنه وفد على هشام بن عبد الملك بالرصافة وشهد وفاته أيضاً وعرف بالعَمَّي، لأنه كان إذا سئل عن شيء قال: حتى أسأل عمي، فلقب بالعمي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا أبو علي بشر بن موسى بن صالح الأسدي قال: حدثنا خلاد بن يحيى عن مسعر عن زيد العمي الصديق الناجي - أراه عن أبي سعيد الخدري - أن رجلاً ضرب على عهد النبي صلى الله عليه وسلم في شراب بنعلين.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ الحسن بن صصرى بدمشق قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر بن سرور المقدسي الخشاب قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر الأملوكي قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الحلبي قال: حدثنا علي بن عبد الحميد الغضائري قال: حدثنا عبد الله بن عمران قال: حدثنا عبد الرحيم بن زيد العمي عن أبيه عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم من مشى لأخيه المسلم في حاجة، كتب الله له بكل خطوة سبعين حسنة ومحا عنه بكل خطوة سبعين سيئة يبتدئ في الحاج إلى أن تقضى، فإن قضيت الحاجة خرج من ذنوبه كيوم ولدته أمه، فإن مات قبل ذلك 00 - و دخل الجنة.
قرأت على أبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان بحلب قلت له: أخبركم أبو الفضل بن بنيمان - في كتابه - قال: أخبرنا جدي لأمي أبو العلاء حمد بن نصر الحافظ قال: حدثنا علي بن أبي الفتح الحاجي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حامد قال: حدثنا خالد بن محمد قال: حدثنا سهل بن شاذويه قال: حدثنا نصر بن الحسين قال: حدثنا عيسى بن موسى عن محمد عن زيد العَمَّي قال: وفدت إلى هشام بن عبد الملك فشهدت وفاته ودفنه قال: فسمعت عبد الله بن عبد الأعلى النوفلي يتمثل بهذه الأبيات وهي:
وما سالم عما قليل بسالم ... ولو كثرت حراسه وكتائبه
ومن بك ذا باب شديد وصاحب ... فعما قليل يهجر الباب صاحبه
ويصبح مسروراً به كل شامت ... وأسلمه أحبابه وحبائبه
فنفسك فأكسبها السعادة جاهداً ... فكل امرئ رهن بما هو كاسبه
وقد روى ابن الأعرابي هذه القصة لزياد الأعجم، وقد ذكرناها في ترجمته، ورواها غيره عن أبي زيد الأعمى.

ويروى أن زيداً العمي سمع باكية تنشد هذه الأبيات عند دفن سليمان بن عبد الملك.
أخبرنا بذلك أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - عن أبي الفتح نصر الله بن محمد اللاذقي قال: حدثنا نصر بن إبراهيم - إملاءً - قال: قرأت على أبي سعيد عبد الكريم بن علي القزويني عن أبي أسامة محمد بن أحمد المنقري قال: حدثنا الحسن بن رشيق 100 - ظ قال: حدثنا علي بن سعيد بن بشران الرازي قال: حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثني عمرو بن الحصين قال: حدثني يحيى بن العلاء الرازي قال: حدثنا زيد العَمَّي قال: شهدت سليمان بن عبد الملك فلما فرغوا من دفنه سمعت باكية تقول:
وما سالم عما قليل بسالم ... ولو كثرت أحراسه وكتائبه
ومن يك ذا باب شديد وحاجب ... فعما قليل يهجر الباب صاحبه
ويصبح بعد الحجب للناس مقصياً ... رهينة بيت لم تسد جوانبه
فما كان إلاّ الدفن حتى تفرقت ... إلى غيره أجناده ومواكبه
وأصبح مسروراً به كل كاشح ... وأسلمه أحبابه وأقاربه
فنفسك فأكسبها السعادة جاهداً ... فكل امرئ رهن بما هو كاسبه
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي - ونقلته من خطه - قال: أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر بن أحمد الإسفرائيني قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد العزيز الجرجاني والقاضي أبو الفضل محمد بن أحمد بن عيسى بن عبد الله السعدي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الجرجرائي قال: حدثنا عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الحجاج المهري بمصر ومحمد بن عبيد الأزدي بعكا قالا: حدثنا يزيد بن سنان قال: حدثنا عمرو بن الحصين قال: حدثنا يحيى بن العلاء الرازي قال: حدثنا زيد العمَّي قال: شهدت جنازة سليمان بن عبد الملك، فسمعت كاتبة 101 - و تقول:
وما سالم عما قليل بسالم ... ولو كثرت أحراسه وكتائبه
ومن يك ذا باب شديد وحاجب ... فعما قليل يهجر الباب حاجبه
ويصبح بعد الحجب للباس موبقاً ... رهينة بيت لم تُسَتَّر جوانبه
فما كان إلاّ الدفن حتى تفرقت ... إلى غيره أجناده ومواكبه
وأصبح مسروراً به كل كاشح ... وأسلمه أحبابه وأقاربه
فنفسك فأكسبها السعادة جاهداً ... فكل امرئ رهن بما هو كاسبه
أنبأنا زيد الحسن عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى بن معين يقول في تسمية أهل البصرة: زيد العَمَّي.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: قال يحيى أبو الحواري زيد العي، وقال في موضع آخر: زيد العمي صالح عن ابن المبارك.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: حدثنا ابن العراد قال: حدثنا يعقوب بن شيبة قال: حدثني محمد إسماعيل 101 - ظ عن أبي داوود قال: سمعت يحيى بن معين يقول: زيد العمي هو زيد بن الحواري، أبو الحواري.
وقال: أخبرنا ابن عدي قال: سمعت أبا يعلى يقول سُئل يحيى بن معين - وهو حاضر - عن زيد العمي، فضعفه.
وقال: أخبرنا ابن عدي حدثنا ابن العراد قال: حدثنا يعقوب بن شيبة قال: حدثني عبد الله بن شعيب قال: قرأ على يحيى بن معين: زيد العمي، فضعفه.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت يحيى بن معين يقول: قد روى شعبة عن زيد بن الحواري، وهو زيد العمي، قيل ليحيى: زيد العمي هو زيد أبو الحواري؟ فقال: ما أشبه أن تكون هذه كنيته، ثم قال في موضع آخر: سمعت يحيى يقول: زيد بن الحواري، هو زيد أبو الحواري، وهو زيد العمَّي.
أنبأنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج بن علي الحصري وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف الطالقاني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر بن محمد قال: أخبرنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيري - إجازة منهم - قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس 102 - و محمد بن يعقوب قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: قلت لأبي: زيد العمي؟ قال: صالح روى عنه الثوري وشعبة، وهو فوق يزيد الرقاشي، وفضل بن عيسى، وقد جرحه يحيى بن معين وغيره.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا محمد بن عمر بن بكير أبو بكر البخاري المقرئ قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن سمعان الرزاز قال: حدثنا الهيثم بن خلف بن محمد الدوري قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: سمعت حسين الجعفي يقول: زيد العمي أبو الحواري.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا الإسماعيلي قال: أخبرنا السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصية قال: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت علي بن المديني يقول: زيد العمي، زيد بن الحواري، وهو أبو الحواري.
وقال: أخبرنا ابن عدي قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: زيد العمي متماسك.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من أهل البصرة زيد الحواري العمي، ويكنى أبا الحواري، وكان ضعيفاً في الحديث.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمر قندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد المهندس قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا العباس - يعني - الدوري قال: سمعت يحيى يقول: أبو الحواري مولى لولد زياد بن أبي سفيان.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد بن الحواري أبو الحواري العمي البصري عن أنس ومعاوية بن قرة وأبي الصديق، روى عنه الثوري وشعبة.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن - فيما أذن لي في روايته عنه - قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو الحواري زيد بن الحواري العمي عن أنس، ومعاوية بن قرة، روى عنه هشيم وشعبة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وزيد بن الحواري وهو العمي، روى عنه الأعمش 104 - و قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: أبو الحواري زيد بن الحواري عن أبي الصديق.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليمان بن أيوب قال: حدثنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي قال: زيد العمي هو ابن الحواري أبو الحواري.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي - إجازة - عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسوي قال: أخبرني أبي قال: أبو الحواري زيد بن الحواري بصري.
قرأت على أبي محمد بن رواج الإسكندراني قلت له: أخبركم أبو طاهر السِّلفي قال: أخبرنا أبو صادق المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسوي قال: زيد العمي ضعيف.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال 104 - ظ: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: زيد بن الحواري أبو الحواري العَمي البصري: قاضي هراة، روى عن أنس مرسل، وعن معاوية بن قرّة، روى عنه الأعمش ومسعر والثوري وشعبة، وموسى الجهني، سمعت أبي يقول ذلك.
ذكره أبي عن إسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: زيد العمي لا شيء.
وقال: سمعت أبي يقول: زيد العمي ضعيف الحديث يكتب حديثه ولا يحتج به، وكان شعبة لا يحمد حفظه.
وقال: سمعت أبا زرعة يقول: زيد العمي ليس بقوي، واهي الحديث ضعيف.
وقال: حدثنا أبو الفضل الهروي محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن إبراهيم الهروي قال: سمعت أبي يقول: قال علي بن مصعب: سمي زيد العمي لأنه كلما سئل عن شيء، قال: حتى أسأل عمي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام - إذناً - عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر من منجويه الحافظ قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو الحواري زيد بن الحواري العمي البصري عن أنس بن مالك، روى عنه هشام بن حسان والثوري وشعبة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدار قطني قال: وزيد بن الحواري العمي يروي عن أنس بن مالك والحسن ومعاوية بن قرة وغيرهم 105 - و.
روى عنه الأعمش وابناه: عبد الرحمن وعبد الرحيم ابنا زيد، وأبو إسحاق السبيعي ومحمد بن الفضل بن عطية، وسلام الطويل وغيرهم.
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا الحافظ أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: زيد بن الحواري العمي، بصري ثم ذكر له أحاديث لا يتابع عليها وقال: ولزيد العمي غير ما ذكرت أحاديث كثرة فبعضها يرويها عنه قوم ضعفاء مثل سلام الطويل، ومحمد بن الفضل بن عطية، وابنه عبد الرحيم وغيرهم فيكون البلاء منهم لا منه، وهو في جملة الضعفاء، ويكتب حديثه على ضعفه، وقد حدث عنه شعبة والثوري على أن ما يرويه عنه الضعفاء هو وهم، على أن شعبة لم يرو عن أضعف منه.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد تاج الأمناء - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرتنا أم الخير فاطمة بنت علي بن المظفر بن الحسن بن زعبل البغدادية بنيسابور قالت: أخبرنا عبد القادر بن محمد بن عبد الغافر الفارسي قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان قال: قال أبو العباس الحسن بن سفيان: عبد الوهاب بن عطاء ثقة، وزيد العمي ثقة، وعبد الرحيم ابنه لين، وقال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأصبهاني الكتاني: قلت: لأبي حاتم: ما تقول في 105 - ظ زيد العمي؟ قال: كان شعبة يحدث عنه ويبخسه قليلاً.

أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: أخبرنا محمد بن عمرو بن موسى قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا زياد بن أيوب قال: حدثنا علي بن محمد قال: سمعت وكيع يقول: حديث زيد العمي عن أبي الصديق الناجي ليس بشيء.
قال: أخبرنا محمد بن عمرو قال: حدثني جعفر بن أحمد قال: حدثنا محمد بن إدريس عن كتاب أبي الوليد بن أبي الجارود عن يحيى بن معين قال: زيد العمي وأبو الصديق الناجي يكتب حديثهما، وهما ضعيفان.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن الفضل بن سهل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي - إذناً - قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن خميرويه قال: حدثنا الحسين بن إدريس قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن عمار قال: زيد العمي ضعيف إلاّ أنه قد روي عنه وهو ضعيف.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشرى قال: أخبرنا محمد بن علي بن علي الدجاجي، وعلي بن محمد بن الحسن في كتابيهما عن أبي الحسن الدار قطني، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو ياسر محمد بن عبد العزيز قال: أحمد بن محمد بن غالب قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدار قطني من المتروكين 106 - و عبد الرحيم بن زيد العمي بصري، زاد ابن بطريق: ضعيف، وقالا عن أبيه: وأبوه صالح، زاد ابن بطريق: الحديث.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو محمد الأنطاكي - شفاها - قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر قالا: أخبرنا أبو هاشم عبد الجبار بن عبد الصمد قال: أخبرنا أبو بكر القاسم بن عيسى القصار قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني السعدي قال: عبد الرحيم بن زيد العمي غير ثقة، وأبوه زيد العمي متماسك.
أنبأنا القاضي جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أنبأنا أبو نصر على بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما الحواري - بحاء مهملة فذكرهم - وقال: وزيد بن الحواري العمي، يروى عن أنس والحسن ومعاوية بن قرة وغيرهم.
روى عنه الأعمش والسبيعي ومحمد بن الفضل بن عطية، وسلام الطويل وغيرهم.
وقال ابن ماكولا: أبو الحواري مولى بن أبي سفيان، روى عن أنس بن مالك، روى عنه المنهال بن بحر.
هكذا ذكر ابن ماكولا وفرق بينهما.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن مَميل الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: زيد بن الحواري، أبو الحواري العمي البصري، يقال أنه مولى زياد بن أبيه، روى عن أنس بن مالك وأبي الصديق الناجي، ومعاوية بن قرة، ويزيد بن أبان الرقاشي، والحسن البصري، وقتادة، وأبي العالية الرياحي، وسعيد بن المسيب، ونافع مولى ابن عمر، وشقيق بن سلمة، وجعفر بن زيد العبدي.
روى 106 - ظ عنه الأعمش، ومسعر بن كدام، وشعبة والثوري، وأيوب بن موسى المكي، ووكيع بن محرز بن وكيع النبال، وسلام بن سليم الطويل، وأبو إسحاق الفزاري، ومحمد بن الفضل بن عطية، وعمارة بن أبي حفصة، ومطرّف بن طريف، ويحيى بن العلاء الرازي، وموسى بن عبد الله الجهني، وهشيم بن بشير، وعمران بن زيد، وابنه عبد الرحيم بن زيد بن الحواري.
ووفد على سليمان بن عبد الملك، وشهد وفاته بمرج دابق، وكان قاضياً بهراة في ولاية قتيبة بن مسلم.
وقال الحافظ أبو القاسم: وفرق ابن ماكولا بينه وبين أبي الحواري مولى زياد بن أبي سفيان، وقال: روى عن أنس بن مالك، روى عنه المنهال بن بحر، وجمع بينهما أبو بشر - يعني - الدولابي، وعندي أنهما واحد، والله أعلم.
زيد بن شجاع:
أبو أحمد الحموي القاضي، حدث بشيء من حديثه، وكان من أهل حماة، روى عنه أبو القاسم الحسين بن إبراهيم بن هبة الله بن مسلمة التنوخي الدمشقي.
زيد بن عبد الواحد:

ابن عبد الله بن سليمان بن محمد بن سليمان بن أحمد، أبو نصر بن أبي الهيثم بن أبي محمد بن أبي الحسن بن أبي بكر بن أبي الحسن التنوخي المعري، ابن أخي أبي العلاء، وتمام نسبه ذكرناه في ترجمة عنه أبي العلاء، وكان أبوه شاعراً، وابنه شاكر بن زيد شاعراً، وله ذكر وفضيلة، والظاهر أنه كان يقول الشعر، فإن أباه أبا الهيثم توفي فكفله عمه، وقرأ على عمه، وتخرج به، وجمع له عمه شعر أبيه أبي الهيثم، وكان أبو العلاء ينشده شعر والده.
أنشدني أبو إسحاق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان قال: أنشدني أبي شاكر قال: أنشدني جدي أبو المجد قال: سمعت الشيخ أبا العلاء ينشد 107 - و زيد بن عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان من شعر والده، أخيه أبي الهيثم، وكان جمع له شعر والده - أخيه - وكان أخوه مرّ على سياث، وهي قرية إلى جانب معرة النعمان خراب، فوجد بها رجلاً يهدم أبنية بها ويستخرج منها حجارة فكتب على حائط من حيطانها بمعول:
مررت بربع في سياث فراعني ... به زجل تحت المعاول
تناولها عبل الذراع كأنما ... جنى الدهر فيما بينهم حرب وائل
أمتلفها شلت يمينك خلها ... لمعتبر أو زائر أو مسائل
منازل قوم حدثتنا حديثهم فلم ... أر أحلى من حديث المنازل
قرأت بخط بعض المعربين على ظهر كتاب: ولد الشيخ أبو نصر زيد بن عبد الواحد بن عبد الله بن سليمان سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة، وتوفي سنة اثنتين وأربعمائة، فيكون عمره أربعاً وأربعين سنة.
زيد بن عُتاهية الفقيمي:
شاعر كان مع على رضي الله عنه بصفين، فانهزم عنها.
قال ابن الكلبي: لما عظم البلاء بصفين انهزم زيد بن عُتاهية الفقيمي، وكان قد قدم على علي رضي الله عنه وأرضاه، وسمع أنه يعطي أصحابه كل رجل خمسمائة درهم من بيت مال البصرة، فلما قدم على أهله قالت له ابنته: أين خمس المائة؟ قال:
إن أباك فرّ يوم صفين ... لما رأى عكا والأشعريين
107 - ظ
وقيس عيلان الهوازنيين ... وذا الكلاع سيد اليمانيين
وحابساً يَسْتنّ في الطائيين ... قال لنفس السوء: هل تقرين
لا خمس إلاّ جندل الآخرين ... والخمس قد جشّمك الأمرين
زيد بن عدي بن حاتم:
الجواد بن عبد الله بن سعد بن الحشرج بن امرئ القيس بن عدي بن أخزم ابن أبي أخزم بن ربيعة بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيءّ الطائي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه أمرّه على طيء، ثم إنه تحول بعد ذلك إلى معاوية، له ذكر.
وذكره المدائني.
ويروى لزيد شعر قرأته في كتاب صفين، من نسخة قديمة لم أظفر باسم جامعها، قال في اليوم السادس من صفين: واختلط القوم فحمل رجل من بين حنظلة، ثم أحد بني يربوع على حابس بن سعد فقتله، وقال بعضهم: بل قتله زهرة بن حوية السعدي وهو الذي قتل رستم يوم القادسية، وأدرك صفين شيخاً كبيراً، فمرّ زيد بن عدي ابن حاتم بحابس قتيلاً مسلوباً، فقال: من قتل هذا، وهو ابن عمه لحاّ، فقال من قتل هذا، عدو الله، قال الحنظلي: الله قتله ثم أنا، فعلاه زيد بالسيف في العجاجة فقتله، ولحق بمعاوية، ففرح به وقربه، ثم ندم على فعله فقال في ذلك:
تطاول ليلي لا اعتراك الوساوس ... وبيعي الهدى بالترهات البسابس
وتركي عديا في جماعة مذحج ... وقتلي أخا مُرّ بمصرع حابس
أنفت له لما رأيت سلاحه ... يبز فيا لهفا لسوءة تاعس
فيا ليت شعري هل لي اليوم توبة ... أناصح فيها الله لست بآيس
فإن تطمعوني أرجع اليوم تائباً ... وإلا ففي الإصرار إحدى الدهارس
قال: فأجابه أبوه عدي بهذه الأبيات، وبعث بها إليه وهي:
أيا زيد قد عبتني بعصابة ... وما كنت للثوب المدنس لا بسا
فليتك لم تخلق وليتك لم تكن ... وليتك إذ قد كنت لم تلق حابسا
الآن إذ أحيى عدي بن حاتم ... أباه وأمسى بالعراقين رائسا
وحامت عليه طيء ابنة مذحج ... وأصبحت الأعداء فينا فرائسا

نكصت على العقبين يا زيد ردة ... فأصبحت قد جدعت منا المعاطسا
قتلت امرأ من خير حي بحابس ... وأصبحت مما كنت آمل آبساً
فلما انتهت هذه الأبيات إلى زيد من أبيه قال: لا أرى لي مقاماً مع معاوية ولا طاقة لي فلحق بالجبلين من طيء.
زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب: أبو الحسين القرشي الهاشمي العلوي الحسيني المدني وإليه تنسب الزيدية نسباً ومذهباً.
روى عن أبيه زين العابدين علي بن الحسين، وأخيه محمد بن علي الباقر، وأبان بن عثمان بن عفان، وعروة بن الزبير.
روى عن ابن أخيه جعفر بن محمد الصادق، ومحمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وعبد الرحمن بن الحارث بن عياش، وسعيد بن منصور المشرقي الكوفي، وهاشم بن البرند، وبسام الصيرفي وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وعبد الحميد بن الحارث، وعبد الله بن مروان وأبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، ومحمد بن سالم، وأبو بسطام شعبة بن الحجاج، وآدم بن عبد الله الخثعمي، وأبو سلمة رائد بن سعد الصائغ الكوفي، وأبو إسماعيل كثير النواء وسوار بن مصعب وعبيد بن أصطفى، وأبو الزناد مَوج بن علي، والأجلح بن عبد الله والسدي، ومولاه سالم مولى زيد بن علي.
وكان قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك، ومعه محمد بن عمر بن علي يخُاصم الحسن بن الحسن بن علي في صدقه رسول الله صلى الله عليه وسلم، فوصلت كتب يوسف بن عمر إلى هشام بأن يزيد بن خالد القسري ادعى مالاً قبل زيد بن علي، ومحمد بن عمر، وداود بن علي بن عبد الله بن العباس، وإبراهيم بن سعد بن عبد الرحمن، وقيل سعد بن ابراهيم والد إبراهيم بن سعد الزهري، وأيوب بن سلمة بن عبد الله بن المغيرة المخزومي، وكان زيد بن علي بالرصافة إذ ذاك.
وقيل إن هشاماً أحضره من المدينة بسبب كتاب يوسف بن عمر فجفا هشام عليه وتجهمه، فكان ذلك سبباً لخروج زيد بالكوفة، وطلبه الخلافة، فقتله يوسف ابن عمر وصلبه وسير برأسه إلى هشام بن عبد الملك، وقد ذكرنا قصة دخوله الرصافة في ترجمة إبراهيم بن سعد من هذا الكتاب.
أخبرنا ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب، وأبو محمد الحسن بن المبارك بن محمد بن يحيى الزبيدي البغدادي بمكة قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي شريح قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد البغوي قال: حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى قال: حدثنا سوار بن مصعب عن زيد بن علي عن آبائه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: القلس حدث.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي، أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي - إذنا إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي الحسين بن محمد بن القاسم قدم علينا قال: حدثنا علي بن محمد بن عامر النهاوندي - وأنا سألته - قال: حدثنا أحمد بن حيان الرقي بمصر قال: حدثنا عبد الرحمن بن القاسم قال: حدثني نصر بن مزاحم عن شريك بن عبد النخعي قال: حدثنا مخارق عن طارق بن شهاب عن حذيفة بن اليمان أن النبي صلى الله عليه وسلم نظر يوماً إلى زيد بن حارثة وبكى وقال: المظلوم من أهل بيتي سمي هذا، والمقتول في الله والمصلوب من أمتي سمي هذا، وأشار إلى زيد بن حارثة ثم قال: أدن مني يا زيد زادك الله حباً عندي، فإنك سمي الحبيب من ولدي زيد.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا جعفر الخلدي قال: حدثنا قاسم بن محمد الدلال قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن التغلبي قال: حدثنا شعيب بن راشد عن محمد بن سالم عن جعفر أنه ذكر زيداً فقال: رحم الله عمي كان والله سيداً، لا والله ما ترك فينا لدينا ولا آخرة مثله.

وقال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي ابن ميمون - في كتابه - قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد بن عبيد الله بن بره قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن الحسين بن جعفر بن النحاس البيملي قال: حدثنا: أبو جعفر محمد بن الحسين بن حفص بن عمر الخثعمي الأشناني قال: حدثنا أبو سعيد عباد بن يعقوب الأسدي قال: أخبرنا عمرو بن القاسم قال: دخلت على جعفر بن محمد وعنده أناس من الرافضة فقلت: إن هؤلاء يبرؤون من عمك زيد، قال: يبرؤون من عمي زيد؟ قلت: نعم، قال: برئ الله ممن تبرأ منه، كان والله أقرأنا لكتاب الله، وأفقهنا في دين الله، وأوصلنا للرحم والله ما ترك فينا لدنيا ولا آخرة مثله.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو القاسم العلوي وأبو الوحش المقرئ عن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو شعيب عبد الرحمن بن محمد، وأبو محمد بن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الحسن ابن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثني أبو داوود وهو السجستاني قال: حدثنا إسماعيل بن بهرام قال: حدثني رجل أن زيد بن علي ولد سنة ثمان وسبعين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري عن أبي عمر بن حيويه قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاب قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: فولد علي الأصغر بن حسين بن علي: عمر، وزيد المقتول بالكوفة، وقتله يوسف بن عمر الثقفي في خلافة هشام بن عبد الملك، وصبه، وعلي بن علي وخديجة، وأمهم أم ولد.
قال: وأخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا سليمان قال: حدثنا حارث قال: حدثنا محمد قال في الطبقة الثالثة: زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب، وأمه أم ولد، وقتل زيد بن علي يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومائة، ويقال اثنتين وعشرين ومائة، وكان له يوم قتل اثنان وأربعون سنة، وسمع زيد بن علي من أبيه، وروى عن زيد عبد الرحمن بن الحارث بن عبد الله بن عياش بن أبي ربيعة، وروى عنه بسام الصيرفي، وعبد الرحمن بن أبي الزناد وغيرهما.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب الهاشمي، عن أبيه عن جده، وروى عنه عبد الرحمن بن الحارث، ويقال كنيته أبو الحسين، أخو محمد بن علي، وحسين بن علي، قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، عن أبيه، روى عنه عبد الرحمن بن الحارث والأجلح.
وقال أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني - شفاهاً - قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا علي بن الحسين الربعي ورشاء بن نظيف قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داوود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال: زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب، وهو الذي صلب رحمة الله عليه.
وقال أبو القاسم: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا أبو الميمون - إجازة - قال: حدثنا أبو زرعة قال في ذكر الأخوة من ولد علي بن الحسين قال: وزيد بن علي بن الحسين المقتول في خلافة هشام، يحدث عنه عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة.
أخبرنا أبو البركات سعيد بن هشام - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أنبأنا مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمر بن مندة - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، روى عن أبيه، وروى عنه عبد الرحمن بن الحارث سمعت أبي يقول ذلك.

قال ابن أبي حاتم: روى عنه جعفر بن محمد.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن عمر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن محمد بن حماد قال: أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي الفضل محمد بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسوي قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن بن شعيب قال: أبو الحسين زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن محمد بن قشام قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد النيسابوري قال: أبو الحسين زيد بن علي بن أبي طالب، وأمه فتاة، أخو محمد، وعمر وعبد الله، والحسين، سمع أباه، وعروة بن الزبير، وروى عنه عبد الرحمن بن الحارث أبو الحارث، وأبو حجية الأجلح بن عبد الله الكندي.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: زيد بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أو الحسين الهاشمي، ومن أهل المدينة، وفد على هشام بن عبد الملك، فرأى منه جفوة، فكان ذلك سبب خروجه وطلب الخلافة، وخرج بالكوفة، فكان من أمره ما سنذكره.
روى عن أبيه وأخيه، وأبان بن عثمان بن عفان، روى عنه جعفر بن محمد الصادق، عبد الرحمن بن الحارث بن عياش بن أبي ربيعة، ومحمد بن مسلم الزهري، وسعيد بن منصور الشرقي الكوفي، وأبو خالد عمرو بن خالد الواسطي، ومحمد بن سالم، وأبو سلمة راشد بن سعد الصائغ الكوفي، أبو الزناد موج بن علي، وعبيد بن أصطفى، وعبد الرحمن بن أبي الزناد، وبسام الصيرفي، والأجلح بن عبد الله، وشعبة بن الحجاج، وسالم مولى زيد بن علي.
وقال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أحمد بن محمد الفابقاباذي الطوسي بطابران قال: أخبرنا أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي - إملاءً بنيسابور - قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك بن بشران ببغداد قال: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ قال: حدثنا محمد بن جعفر الأشجعي قال: حدثنا عباد بن يعقوب قال: حدثنا يونس بن أبي يعفور عن الزهري قال: كنت على باب هشام بن عبد الملك، قال: فخرج من عنده زيد بن علي وهو يقول: والله ما كره قوم الجهاد في سبيل الله إلا ضربهم الله بالذل.

وقال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: قرأت على أبي محمد بن عبد الله بن أسد بن عمار عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: حدثني أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي السمسار في سنة ستين وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن عمر بن حفص الحافظ قال: حدثنا مسبح بن حاتم العكلي قال: حدثنا عبد الجبار بن عبد الله عن عبد الأعلى بن عبد الله الشامي قال: لما قدم زيد ابن علي إلى الشام كان حسن الخلق، حلو اللسان، فبلغ ذلك هشام بن عبد الملك فاشتد عليه فشكا ذلك إلى مولى له فقال له: إئذن للناس إذنا عاماً، واحجب زيداً، ثم إئذن له في آخر الناس، فإذا دخل عليك فسلم فلا ترد عليه، ولا تأمره بالجلوس، فإذا رأى أهل الشام هذا سقط من أعينهم، ففعل فأذن للناس إذناً عاماً، وحجب زيداً وأذن له في آخر الناس فدخل فقال: السلام عليك يا أمير المؤمنين، فلم يرد عليه، فقال: السلام عليك يا أحول إذ لم تر نفسك أهلا لهذا الاسم، فقال له هشام: أنت الطامع في الخلافة وأمك أمة؟ فقال: إن لكلامك جواباً، قال: وما جوابك؟ قال: لو كان في أم الولد تقصير لما بعث الله إسماعيل نبياً وأمه هاجر، فالخلافة أعظم أم النبوة؟ فأفحم هشام، فلما خرج قال لجلسائه: أنتم القائلون إن رجالات هاشم هلكت، والله ما هلك قوم هذا منهم، فرده وقال يا زيد ما كانت أمك تصنع بالزوج ولها ابن مثلك؟ قال: أرادت آخر مثلي، قال: ارفع إلي حوائجك، فقال: أما وأنت الناظر في أمور المسلمين فلا حاجة لي، ثم قام فخرج، فأتبعه رسولاً وقال: اسمع ما يقول: فتبعه فسمعه يقول: من احب الحياة ذلك، ثم أنشأ يقول:
مهلاً بني عمَّنا عن نحت أثلتنا ... سيروا رويداً كما كنتم تسيرونا
لا تطمعوا أن تهينونا ونكرمكم ... وأن نكف الأذى عنكم وتؤذونا
الله يعلم أنا لا نحبكم ... ولا نلومكم أن لا تحبونا
كل امرئ مولع في بغض صاحبه ... فنحن والله نقلوكم وتقلونا
ثم حلف أن لا يلقى هشاماً ولا يسأله صفراء ولا بيضاء فخرج في أربعة آلاف بالكوفة، فاحتال عليه بعض من كان يهوى هشاماً ورحلوا عليه فقالوا: ما تقول في أبي بكر وعمر؟ فقال: رحم الله أبا بكر وعمر صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم، أين كنتم قبل اليوم؟ قالوا: ما نخرج معك أو تتبرأ منهما، قال: لا أفعل هما إماما عدل، فتفرقوا عنه، وبعث هشام إليه فقتلوه، فقال الموكل بخشبته: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في النوم وقد وقف على الخشبة وقال: هكذا يصنعون بولدي من بعدي، يا بني يا زيد قتلوك قتلهم الله، سلبوك سلبهم الله، فخرج هذا في الناس، وكتب يوسف بن عمر إلى هشام أن عجل إلى العراق فقد فتنهم، فكتب إليه: أحرقه بالنار، فأحرقه رحمة الله عليه.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان بن إسحاق الجلاب قال: حدثنا حارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: دخل زيد بن علي على هشام بن عبد الملك فرفع ديناً كثيراً وحوائج فلم يقض له هشام حاجة، وتجهمه وأسمعه كلاماً شديداً.
قال عبد الله بن جعفر: فأخبرني سالم مولى هشام وحاجبه أن زيد بن علي خرج من عند هشام وهو يأخذ شاربه ويفتله ويقول: ما أحب الحياة أحد قط إلا ذلّ، ثم مضى فكان وجهه إلى الكوفة، فخرج بها ويوسف بن عمر الثقفي عامل لهشام بن عبد الملك على العراق فوجه إلى زيد بن علي من يقاتله فاقتتلوا وتفرق عن زيد من خرج معه، ثم قتل وصلب.
قال سالم: فأخبرت هشاماً بعد ذلك بما قال زيد يوم خرج من عنده فقال: ثكلتك أمك ألا كنت أخبرتني بذلك قبل اليوم وما كان يرضيه، إنما كانت خمسمائة ألف، فكان ذلك أهون مما صار إليه.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه اللاذقي - إجازة إن لم يكن سماعاً - إن أبي الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد عن أبي الحسن السمسار قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن يوسف البغدادي قال: حدثنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا محمد بن حميد اليشكري قال: أخبرنا عمي معاذ بن أسد قال: أقرّ ابن لخالد بن عبد الله القسري على زيد بن علي، وداوود بن علي بن عبد الله بن العباس، وأيوب ابن سلمة المخزومي، ومحمد بن عمر بن علي، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف أنهم قد أزمعوا على خلع هشام بن عبد الملك، فقال هشام لزيد: قد بلغني كذا وكذا؟ قال: ليس كما بلغك يا أمير المؤمنين، قال: بلى قد صح عندي ذلك، قال: أحلف لك، فقال: وإن حلفت فأنت غير مصدق فقال زيد: إن الله لم يرفع من قدر أحدٍ أن يُحلف له بالله فلا يصدق، ولا وضع من قدر أحد أن يحلف بالله فلا يصدق، فقال له هشام: أخرج عني، قال إذاً لا تراني إلا حيث تكره، فلما خرج من بين يدي هشام قال: من أحب الحياة ذلّ فقال له الحاجب: أبا الحسين لا يسمعن هذا منك أحد فقال محمد بن عمر: إن أبا الحسين لما رأى الأرض قد أطرقت جوراً قبله الأعوان وتخاذل الناس كانت الشهادة أحب الميتات إليه، فخرج وهو يتمثل بهذين البيتين.
إنّ المحلَّم ما لم يرتقب حسداً ... أو يرهب السيف أو وخز القنا هتفاً
من عاذ بالسيف لاقى فرجة عجباً ... موتاً على عجل أو عاش فانتصفا
أخبرنا ابن طبرزد - أذناً - قال: أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: قال عمي مصعب بن عبد الله: كان هشام بعث إليه فأخذ بمكة هو وداوود بن علي واتهمهما أن يكون عندهما مال لخالد بن عبد الله القسري حين عزل خالداً، فقال كثير بن كثير بن المطلب بن أبي وداعة السهمي حين أخذ داوود بن علي وزيد بن علي بمكة:
يأمن الظبي والحمام ... ولا يأمن آل النبي عند المقام
طبت بيتاً وطاب أهلك أهلاً ... أهل بيت النبي والإسلام
رحمة الله والسلام عليكم ... كلما قام قائم بسلام
حفظوا خاتماً وجروا رداء ... وأضاعوا قرابة الأرحام
قال: ويقال أن زيداً بينما هو على باب هشام في خصومة عبد الله بن حسن في الصدقة، ورد كتاب يوسف بن عمر في زيد وداوود بن علي بن عبد الله بن العباس، ومحمد بن عمر بن علي بن أبي طالب، وأيوب بن سلمة، فَحُبس زيد وبُعث إلى أولئك فقدم بهم ثم حملهم إلى يوسف بن عمر غير أيوب بن سلمة فإنه أطلقه لأنه من أخواله.
قال: وبعث بزيد إلى يوسف بن عمر بالكوفة فاستحلفه ما عنده لخالد وخلى سبيله، حتى إذا كان بالقادسية لحقته الشيعة وسألوه الرجوع معهم والخروج ففعل، ثم تفرقوا إلا نفر يسير فنسبوا إلى الزيدية، ونسب من تفرق عنه إلى الرافضة قال: يزعمون أنهم سألوه عن بكر وعمر فتولاهما فرفضه الرافضة، وثبت معه قوم فسموا الزيدية فقتل زيد، وانهزم أصحابه، وفي ذلك يقول سلمة بن الحر ابن يوسف بن الحكم.
رامتنا جحاجح من قريش ... فأمسى ذكرهم كحديث أمس
وكنا أسّ ملكهم قديماً ... وما ملك يقوم بغير أُسّ
ضمناً منهم نكالاً وحرباً ... ولكن لا محالة من تأسّ
هكذا قال: في خصومة عبد الله بن حسن، وقد ذكرنا في ترجمة إبراهيم بن سعد أن زيداً كان يخاصم الحسن بن الحسن في الصدقة.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد اللاذقي - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي عن أبي خازم محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء قال: أخبرنا منير بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أبو مسهر أحمد بن مروان الرملي قال: حدثنا الوليد بن طلحة قال: حدثنا ضمرة بن ربيعة قال: إنما كان سبب زيد بالعراق أنه - يعني يوسف بن عمر - سأل القسري وابنه عن ودائعهم، فقالوا لنا عند داوود بن علي وديعة، وعند زيد بن علي وديعة، فكتب بذلك إلى هشام بن عبد الملك، فكتب هشام إلى صاحب المدينة في إشخاص زيد بن علي، وكتب إلى صاحب البلقاء في إشخاص داوود بن علي، فقدما على هشام، فأما داوود بن علي فحلف لهشام: أنه لا وديعة لهم عندي فصدقه، وأذن له بالرجوع إلى أهله، وأما زيد بن علي فأبى أن يقبل منه وأنكر أن يكون لهما عنده شيء، فقال أقدم على يوسف، فقدم على يوسف فجمع بينه وبين يزيد وخالد فقال: إنما هو شيء تبردت به، مالي عنده شيء، فصدّقه وأجازه يوسف، وخرج يريد المدينة، فلحقه رجال من الشيعة فقالوا له: ارجع فإن لك عندنا الرجال والأموال، فرجع وبلغ ذلك يوسف.
قال ضمرة فسمعت مهلباً يقول: أمر يوسف بالصلاة جامعة فمن لم يحضر المسجد فقد حلت عليه العقوبة، قال: فاجتمع الناس وقالوا ننظر ما هذا الأمر، ثم نرجع، قال فاجتمع الناس فأمر بالأبواب فأخذ بها فبنى عليهم.
قال: وأمر الخيل فجالت في أزّقة الكوفة، قال: فمكث الناس ثلاثة أيام وثلاث ليال في المسجد يؤتى الناس من منازلهم بالطعام ويتناوبهم الشرط والحراس.
قال: فخرج زيد على تلك الحال فلم يلبث أن ترتفع الشمس حتى فل من يومه، لم يخرج معه إلا جميع، فأخذه رجل في بستان له وصرف الماء عن الساقية، وحفر له تحت الساقية ودفنه، وأجرى عليه الماء قال: وغلام له سندي في بستان له ينظر، فذهب إلى يوسف فأخبره فبعث فاستخرجه ثم صلبه.
قال ضمرة: فمن يومئذ سميت الرافضة، أتوا إلى زيد فقالوا: سُب أبا بكر وعمر نقوم معك وننصرك فأبى فرفضوا ذلك فسموا يومئذ روافض، فالزيدية لا تستحل الصلاة خلف الشيعة.
قرأت على أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي قلت له: أخبركم أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، فاقرّ به قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن سمعون قال: حدثنا عمر بن علي بن مالك قال: أخبرني محمد بن سليمان بن الحارث قال: حدثنا عمرو بن حماد قال: حدثنا أسباط بن نصر عن السدي قال: قال زيد بن علي: الرافضة حربي وحرب أبي في الدنيا والآخرة، مرقت الرافضة علينا كما مرقت الخوارج على علي عليه السلام.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمر قندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن الصلت وأبو بكر محمد بن علي بن النضر الديباجي - فرقهما - قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة قال: حدثنا الحسن بن علي بن عفان قال: حدثنا أسباط قال: حدثنا كثير النواء أبو إسماعيل قال: سألت زيد بن علي عن أبي بكر وعمر، فقال: تولَّهما قال: قلت كيف نقول فيمن تبرأ منهما؟ قال: أبرأ منه حتى يموت.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النسائي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم قال: أخبرنا أبو الحسن بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الوكيل قال: حدثنا عباد بن الوليد قال: حدثنا الحسن بن عينيه، ح.
قال العتيقي: وأخبرنا أبو بشر عيسى بن إبراهيم التستري بالبصرة قال: حدثنا أبو يوسف القلوسي قال: حدثنا محمد بن سعيد الباهلي، قالا: حدثنا علي ابن هاشم عن أبيه قال: سمعت زيد بن علي يقول: البراءة من أبي بكر وعمر، البراءة من علي، فإن شئت فتقدم، وإن شئت فتأخر.

أخبرنا أبو اليمن الكندي - إجازة - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن موسى بن الفضل بن شاذان الصيرفي بنيسابور قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الصفار الأصبهاني قال: حدثنا أحمد بن مهران الأصبهاني قال: حدثنا محمد بن بشر بن مروان - ببغداد - قال: حدثنا علي بن هاشم بن البرند عن أبيه عن زيد بن علي قال: البراءة من أبي بكر وعمر وعثمان البراءة من علي، والبراءة من علي البرائة من أبي بكر وعمر وعثمان.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن النباء - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن أبي الحسين الأبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل عن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خثيمة قال: حدثنا الحسن بن حماد قال: حدثنا المطلب بن زياد عن السدي قال: أتيت زيد بن علي، وهو في بارق، حي من أحياء الكوفة، فقلت: أنتم سادتنا، وأنتم ولاة أمرنا، وما تقول في أبي بكر وعمر؟ قال: تولَّهما.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم النسائي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن عبد المنعم قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا الدارقطني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل السوطي قال: حدثنا أحمد بن ملاعب قال: حدثنا عمر بن حماد بن طلحة قال: حدثنا حسين بن عيسى بن زيد عن أبيه قال: قال زيد ابن علي: انطلقت الخوارج فبرئوا ممن دون أبي بكر وعمر ولم يستطيعوا أن يقولوا فيهما شيئاً، وانطلقتم أنتم فطفرتم فوق ذلك فبرئتم منهما فمن بقي، فوالله ما بقي أحد إلا برئتم منه.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الفقيه بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن بن إبراهيم الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا علي بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا أبو أحمد بن عبدوس قال: قال: حدثنا هارون بن حاتم البزاز قال: حدثنا ابن فضيل عن عمار بن زريق عن هشام بن البرند عن زيد بن علي في قوله: " وسيجزي الله الشاكرين " قال كان أبو بكر رضي الله عنه إمام الشاكرين.
هكذا وقع، وهو من طغيان القلم والصواب: هاشم بن البرند.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء قالا: أخبرنا أبو سعد محمد بن الحسين بن عبد الله ابن أبي علاثة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن إسحاق قال: حدثنا عمي إسماعيل بن إسحاق، ح.
قال الحافظ وأخبرنا أبو عبد الله الفراوي، قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الصفار قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق، ح.
قال: وأخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، قال: حدثنا إسماعيل بن إسحاق القاضي قال: حدثنا نصر بن علي قال: حدثنا ابن داود عن فضيل بن مرزوق قال: قال زيد بن علي بن الحسين بن علي: أما أنا فلو كنت وكنت بمكان أبي حكمت - وقال الفراوي: لحكمت - بمثل ما حكم به أبو بكر في فدك.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي - بالبيت المقدس - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن السلفي قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن محمد بن عمر بن علكوية البقال قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن عمر المزكي قال: حدثنا حسين بن نصر بن مزاحم قال: حدثنا أبي عن أبي خالد وهو عمر بن خالد قال: كان في خاتم زيد بن علي: اصبر تؤجر: اصدق ننج.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد ابن أحمد بن عبد العزيز بن القاص قال: حدثنا الشيخ أبو بكر أحمد بن علي بن بدران بن علي الحلواني قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسن الجوهري رحمه الله قال: حدثنا أبو الحسن بن لولو الوراق قال: حدثنا حسين بن الحسن الأشقر قال: حدثنا صباح بن يحيى قال: سمعت زيد بن علي يقول: فلما جن عليه الليل رأى كوكباً قال الزهرة.
أظنه سقط من الإسناد شيء.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن أحمد الربعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن عبدوس نيسايوري قال: حدثنا قطن بن إبراهيم قال: حدثنا عمرو بن عون الواسطي قال: حدثنا خالد بن عبيد الله عن عبيد الله بن محمد بن عمر بن علي قال: قال زيد بن علي: إني لأستحي من عظمته أن أفضي إليه بشيء استخفيه من غيره.
أخبرنا أحمد بن محمد - كتابة - قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر بن رضوان قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا محمد خلف بن المرزبان قال: حدثني الحسين بن عمر المازني قال: حدثني سعيد بن مقاتل الكوفي قال: كان زيد بن علي يقول: المروءة إنصاف من دونك والسمع من فوقك والجزاء بما أتي إليك من خير أو شر.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة - عليه وأنا أسمع بدمشق - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر بن علي من لفظه بدمشق قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محمد البرتي قال: سمعت الحمامي يقول: قال زيد بن علي بن الحسين لابنه يحيى: إن الله تعالى لم يرضك لي فأوصاك بي ورضيني لك فلم يوصني بك.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم عن أبي الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم بن سيبخت قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني جعفر ابن علي العلوي قال: حدثني علي بن العباس الكوفي عن سعيد بن خثيم الهلالي قال: قال زيد بن علي بن الحسين:
لو يعلم الناس ما في العرف من شرف ... لشرفوا العرف في الدنيا على الشرف
وبادروا بالذي تحوي أكفهمُ ... من الخطير ولو أشفوا على التلفِ
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - في كتابه - قال: أنبأنا أبو إسحاق الحبال وخديجة المرابطة. قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا حبش قال: أخبرنا المدائني قال: لما رمي زيد بن علي بن حسين قال لابنه عيسى بن زيد:
أبني إما أهلكن فلا تكن ... دنسَ الفعال مبيض الأثواب
واحضر مصاحبة اللئام فإنما ... يردي الكرام فسولة الأصحاب
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو علي الحداد في كتابه عن أبي نعيم الحافظ قال: حدثنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي قال: حدثنا الحسن بن علي المعمري قال: حدثني زكريا بن يحيى بن زكريا ابن أبي زائدة قال: سمعت عمتي غزوة بنت زكريا بن أبي زائدة قالت: سمعت أبي يقول: لما حججت مررت بالمدينة، فقلت لو دخلت على زيد بن علي بن الحسين فسلمت عليه فدخلت عليه فسمعته يتمثل وهو يقول:
ومن يطلب المال الممنع بالقنا ... يعش ماجداً أو تخترمه المخارم
متى تجمع القلب الذكي وصارماً ... وأنفاً حمياً تجتنبك المظالم
وكنت إذا قوم غزوني غزوتهم ... فهل أنا في ذايال همدان ظالم
فخرجت من عنده فمضيت فقضيت حجي ثم انصرفت إلى الكوفة فبلغني قدومه، فأتيته فسلمت عليه وسألته عما قدم له، فأخبرني بكتب من كتب إليه يسأله القدوم عليه، فأشرت عليه بالانصراف فلحقه القوم فردوه.

أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء قالا: أخبرنا محمد بن أحمد بن المسلمة قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد ابن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله الزهري قال: دخل زيد بن علي مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم نصف النهار في يوم حار من باب السوق فرأى سعد بن إبراهيم في جماعة من القرشيين قد حان قيامهم، وقاموا فأشار إليهم، فقال لهم سعد بن إبراهيم: هذا زيد يشير إليكم فقوموا له، فقاموا فجاءهم فقال: أي قوم، أنتم أضعف من أهل الحرة؟ فقالوا: لا، فقال: فأنا اشهد أن يزيداً ليس شراً من هشام بن عبد الملك فما لكم؟ فقال سعد لأصحابه: مدة هذا قصيرة فلم يثبت أن خرج فقتل.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن عبد الكريم بن شعيب الحجبي قال: أقبل زيد بن علي بن حسين فدخل المسجد وفيه نفر من قريش قد لحقتهم الشمس في مجلسهم، فقاموا يريدون التحول فلما توسط زيد المسجد خاف أن يفوتوه فحصبهم فوقفوا، فقال لهم: أقتل يزيد بن معاوية حسين بن علي؟ قالوا: نعم، قال: ثم مات يزيد؟ قالوا: نعم، قال فكأن حياة ما بينهما لم تكن، قال: فعلم القوم أن زيداً يريد أمراً.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمر قندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابن إدريس عن القاسم بن معن قال: خرج أبو حصين - وفي نسخة أخرى أبو كبير - وهو يضرب بغله وهو يقول: الحمد الله الذي سار بي تحت رايات الهدى.
قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: كان سلمة بن كهيل من أشد الناس قولاً لزيد بن علي ينهاه عن الخروج أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عيسى السعدي قال: حدثنا موسى بن محمد بن جعفر بن عرفة السمسار قال: حدثنا محمد يوسف بن يعقوب المقرئ الواسطي قال: حدثنا الكديمي قال: حدثنا عبد الله بن داوود عن أم داوود الوالشية قالت: مرّ زيد بن علي بن الحسينُ على حمار قد خولف بوجهه على شيوخ كندة، فقاموا إليه يبكون فقال: يا أخابث خليقة الله أسلمتموني للقتل ثم تبكون علي.
أنبأنا ابن طبرزد عن ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن سليمان بن داوود الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني صدقة بن بشر قال: سمعت حسين بن زيد يمزح مع جعفر بن محمد فيقول له: خذلت شعيتك أبي حتى قتل، فقال له جعفر: إن أباك اشتهى البطيخ بالسكر.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر ابن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أحمد بن سلميان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وكان مقتل زيد بن علي يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومائة وهو يومئذ ابن اثنتين وأربعين سنة وسمع زيد بن علي من أبيه، وروى عنه.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا جدي قال: واختلفوا علينا في مقتل زيد بن علي، قال مصعب الزبيري: فبلغني عن الواقدي أنه قال: مثله كان مقتل زيد بن علي يوم الاثنين لليلتين خلتا من صفر سنة عشرين ومائة وقتل وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، وقال غيرهما: قتل في سنة اثنتين وعشرين ومائة.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقيرّ عن أبي الفضل بن ناصر عن محمد ابن عبد السلام بن محمد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة قال: حدثنا محمد ابن الحسين قال: حدثنا أبن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب قال: زيد بن علي قتل بالكوفة قتله يوسف بن عمر في زمن هشام بن عبد الملك، وقتل يوم الاثنين لليلتين خلنا من صفر من سنة عشرين ومائة، وهو يوم قتل ابن اثنتين وأربعين سنة، وقد سمع زيد بن علي من أبيه، وروى عنه.

أخبرنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر ابن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: وفي هذه السنة - يعني - سنة إحدى وعشرين ومائة قتل زيد ابن علي بن الحسين، دخل على هشام بن عبد الملك فكلمه في دين عليه ومعونة، فأبى أن يفعل ذلك وغلظ في الجواب فخرج زيد وهو يقول: لا يحب الحياة أحد إلا ذل، فقدم الكوفة، وخرج فقتل في صفر، هرب يحيى بن زيد فلحق بخراسان، وكانوا صلبوا زيداً بالكناسة ثم أحرقوه وذلك في ولاية يوسف بن عمر.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن إسحاق قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن إسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: زيد وعمر ابنا علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أمهما فتاة، زيد يكنى أبا الحسين قتل بالكوفة سنة إحدى وعشرين ومائة.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد بن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: وفيها - يعني سنة إحدى وعشرين ومائة - قتل زيد بن علي بن حسين بن علي بن أبي طالب بالكوفة في صفر رحمة الله عليه، وهكذا قال الواقدي.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت في كتاب أظنه من تصنيف الصولي: وفي سنة إحدى وعشرين ومائة: قتل زيد بن علي بن الحسين في صفر بالكوفة وصلب في الكناس، وكان الذي ظفر به يوسف بن عمر، ثم أحرقه بالنار، وسمي زيد النار وإنما سميت الرافضة ذلك اليوم.
أخبرنا أبو علي بن أحمد الصوفي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وعشرين ومائة، أبو الحسن زيد بن علي بن الحسين، قتل بالكوفة في صفر، ويقال سنة اثنتين وعشرين في صفر، ولزيد اثنتان وأربعون سنة، أخبرني حسن عن أبيه عن جده عن الحسن بن يحيى بن الحسن ابن زيد بن مالك.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد قال: وقتل زيد بن علي سنة اثنتين أو إحدى وعشرين ومائة.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي غالب أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن خنبقاء قال: حدثنا إسماعيل بن علي الخطيب قال: وقد كان زيد بن علي بن الحسين بن علي، وكنيته أبو الحسين، وأمه أم ولد يقال لها جيداء، ظهر الكوفة في خلافة هشام بن عبد الملك في سنة إحدى وعشرين ومائة، وقتل ليومين خلوا من صفر من سنة اثنتين وعشرين ومائة، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة، وصلب بالكوفة، وفي تاريخ قتله خلاف ولم يزل مصلوباً إلى سنة ست وعشرين ثم أنزل بعد أربع سنين من صلبه.
قلت: والأكثرون على أنه قتل سنة اثنتين وعشرين ومائة، وقد ذكر ذلك البخاري، ونقل عن سفيان بن عيينة أنه قتل سنة ثلاث وعشرين.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي وأبو البركات عبد الوهاب بن المبارك - إجازة إن لم يكن سماعاً - منهما أو من أحدهما - قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر قال: أخبرنا بن محمد بن عبد الله، ح.

وقال الأنماطي: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري وأبو طاهر أحمد بن علي بن سوار قالوا: أخبرنا الحسين بن علي بن عبيد الله قالا: أخبرنا محمد بن زيد بن علي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عقبة قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا رباح - يعني - بن خالد قال: سألت سفيان بن عيينة: متى مات الزهري؟ قال: سنة ثلاث وعشرين ومائة، وفيها قتل زيد بن علي.
أخبرنا أبو اليمن - إذناً - قال: أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا البناء - في كتابيهما - قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وقال محمد ابن الحسن: قتل زيد بن علي بن الحسين بالكوفة في زمن هشام بن عبد الملك يوم الاثنين ليومين خلوا من صفر سنة اثنتين وعشرين ومائة، وهو ابن اثنتين وأربعين سنة.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال ابن بكير: قال الليث بن سعد: وفي سنة اثنتين وعشرين ومائة قتل زيد بن علي الهاشمي.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: قال يحيى بن بكير عن الليث قال: في سنة اثنتين وعشرين ومائة، قتل زيد بن علي الهاشمي وفيها قتل عبد الرحمن بن عبد الله الغافقي أمير الأندلس.
وقال أخبرنا الحافظ: أنبأنا أبو سعد محمد بن محمد، وأبو علي الحسن بن أحمد، وأبو القاسم غانم بن محمد بن عبيد الله، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي قالوا: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: ومات سلمة بن كُهيل الحضرمي سنة اثنتين وعشرين ومائة أيام قتل زيد بن علي.
وقال أخبرنا الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن إسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: حدثني أبو اليقظان عن جويرية بن أسماء وغيره أن زيد بن علي قدم على يوسف بن عمر الحيرة، فأجازه واحسن إليه، ثم شخص إلى المدينة فأتاه ناس من أهل الكوفة فقالوا له: ارجع فليس يوسف بشيء، ونحن نأخذ لك الكوفة فرجع فبايعه ناس كثير، فخرج وخرج معه ناس كثير، فاقتتلوا فقتل زيد فيها، يعني، سنة اثنتين وعشرين ومائة.
" بسم الله الرحمن الرحيم " وبه توفيقي أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن الحافظ أبي القاسم علي ابن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف، وأنبأنيه أبو القاسم العلوي، وأبو الوحش المقرئ عنه قال: أخبرنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن بكران بن شاذان قال: حدثنا الحسين بن علي قال: حدثني محمد بن سلام قال: حدثنا إسماعيل عن الحسن بن محمد بن معاوية البجلي قال: كان زيد بن علي حيث صلب يوجه وجهه ناحية الفرات فيصبح وقد دارت خشبته ناحية القبلة مراراً، وغدت العنكبوت حتى نسج على عورته، وقد كانوا صلبوه عرياناً.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي على بركة الفيل بين مصر والقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد البرداني قال: أخبرنا يوسف - يعني - ابن محمد الصوفي قال: أخبرنا ابن بشران قال: حدثنا الحسين بن صوفان قال: حدثنا ابن عبيد - يعني - أبا بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن إدريس قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر بن الفضل العتكي قال: حدثنا جرير بن حازم أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم متسانداً إلى جذوع زيد بن علي وهو مصلوب، وهو يقول للناس: هكذا تفعلون بولدي!.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل - أذنا - قال: أخبرنا أبو الفرج بن كليب قال: أخبرنا أبو علي بن نبهان قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن مقسم المقرئ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: وسمع هشام بن عبد الملك زيد بن علي يقول: ما أحب الحياة أحد قط إلا ذلّ، قال: فخافه منذ سمع ذلك منه، قال: وكان الحسين بن زيد بن علي يلقب بذا الدمعة، وذلك لكثرة بكائه، فقيل له في ذلك، فقال: وهل تركت النار والسهمان في مضحكا، يريد السهمين اللذين أصابا زيد بن علي ويحيى بن زيد، وقتل بخراسان.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالويه قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: حدثنا عباس بن محمد قال: سمعت يحيى بن معين يقول: حدثنا جرير عن مغيرة قال: كنت أكثر الضحك فما قطعه عني غلا قتل زيد بن علي.
زيد بن علي بن عبد الله الفارسي:
أبو القاسم الفسوي النحوي اللغوي، كان فاضلاً عالماً عارفاً بعلوم كثيرة، وشرح إيضاح أبي علي الفارسي وحماسة أبي تمام الطائي وأقرأ النحو بحلب، وروى بها الإيضاح عن أبي الحسين بن أخت أبي علي الفارسي عن خاله أبي علي، قرأه عليه بحلب الشريف أبو البركات عمر بن إبراهيم بن محمد بن محمد الحسيني الزيدي الكوفي في سنة خمس وخمسين وأربعمائة.
وروى الحديث عن أبي الحسن بن أبي الحديد الدمشقي، وأحمد بن أبي الفضل السلمي وأبي عبيد نعيم بن مسعود الهروي، سمع منه القاضي أبو المفضل القرشي وعمر بن أبي الحسن الدهستاني، وأبو الحسن علي بن طاهر النحوي بدمشق، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي بميا فارقين.
قرأت بخط عمر بن أبي الحسن الدهستاني الحافظ، في جزء ذكر فيه شيوخه الذين أخذ عنهم بدمشق على حروف المعجم، وأنبأنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي عبد الله محمد بن حمزة بن محمد بن أبي الصقر عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن عمر السمرقندي عن أبي الفتيان قال: أخبرنا زيد بن علي ابن عبد الله الفسوي أبو القاسم بدمشق قال: أخبرنا أحمد بن أبي الفضل السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الوليد قال: أخبرنا محمد بن يوسف بن بشر الهروي الإمام بدمشق، قال: حدثنا النجاحي بمكة، وهو يوسف بن يعقوب، قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عيه وسلم: من صام رمضان إيماناً واحتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه ومن قام ليلة النصف إيماناً واحتساباً غفر له ما تقدم من ذنبه وما تأخر.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي قال: ذكر غيث بن علي الأرمنازي الصوري، ونقلته من كتابه، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي الحافظ قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي، ح.
قال أبو الحسن المقدسي: وأخبرنا أبو الحسن بن حمزة الموازيني - كتابة - قال: أجاز لنا غيث الأرمنازي، ح.
وأخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي قال: أنشدنا أبو الحسن علي بن طاهر الأديب - زاد الحافظ أبو القاسم: بمقرى من عمل دمشق - ثم اتفقوا وقالوا: قال: أنشدني زيد بن علي. وقال السلفي: أبو القاسم زيد بن علي الفارسي النحوي. وقالوا: لأبزون الفارسي:
إلزم جفاءك في ولو فيه الضنا ... وارفع حديث البين عما بيننا
فسموم هجرك في هواجره الأذى ... ونسيم وصلك في أصايله المنى
مالي إذا ما رمت عتباً رمت لي ... ذنباً جديداً من هناك ومن هنا
مثن عليك وما استفاد رغيبة ... عجبا ومعتذر إليك وما جنى
ليس التلون من أمارات الرضا ... لكن إذا مل الحبيب تلوناً
ما جر هذا الخطب غير تغربي ... لعن التغرب ما أذل وأهونا

أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسن علي بن طاهر قال: سمعت من شيخنا في العربية أبي القاسم الفارسي النحوي غير مرة الإنكار لصحة أحكام المنجمين واستسخاف عقل المصدق بها، وكان زيد أطلع على كل علم ومقالة، رحمه الله.
وقال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: زيد بن علي بن عبد الله أبو القاسم الفسوي الفارسي النحوي اللغوي، سكن دمشق مدة، وأقرأ بها النحو واللغة وأملى بها شرح إيضاح أبي علي الفارسي وشرح الحماسة وحدث عن أبي الحسن بن أبي الحديد الدمشقي، وسمع منه جدي القاضي أبو المفضل، وعمر بن أبي الحسن الدهستاني، وأبو الحسن بن طاهر النحوي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال في ذكر أبي البركات عمر بن إبراهيم بن محمد الحسيني: قرأ بحلب في سنة خمس وخمسين وأربعمائة على زيد بن علي الفارسي كتاب الإيضاح لأبي علي، وكان يرويه عن أبي الحسين ابن أخت أبي علي الفارسي عن خاله أبي علي.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: قال لنا أبو محمد بن الأكفاني سنة سبع وستين وأربعمائة فيها: توفي أبو القاسم زيد بن علي الفارسي النحوي بطرابلس، على ما بلغني في ذي الحجة، وكان فهماً عالماً بعلم اللغة والنحو.
وقع لي كتاب بخط بعض العلماء على السنين فذكر في سنة سبع وستين وأربعمائة قال: وفي هذه السنة توفي أبو القاسم زيد بن علي الفارسي النحوي بطرابلس في ذي الحجة.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي - وأخبرنا به الحافظ أبو الحسن المقدسي في كتابه - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: ذكر غيث بن علي الأرمنازي الصوري - ونقلته من كتابه - قال: حدثني أبو محمد السميسر أن أبا القاسم زيد بن علي الفارسي النحوي توفي بطرابلس في ذي القعدة سنة سبع وستين وأربعمائة.
زيد بن علي بن أبي خداش بن يزيد الأسدي الموصلي:
حدث عن المعافى بن عمران وعيسى بن يونس وغيرهما.
روى عنه ابن أخيه عبد الله بن عبد الصمد بن أبي خداش، وقدم ملطية وتوفي بها.
أخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم بن أحمد المؤدب الموصلي قال أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله الخطيب، وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد إياس قال: حدثنا علي بن جابر الأزدي قال: حدثنا عبد الله بن عبد الصمد ابن أبي خداش قال: حدثنا عمي زيد قال: حدثنا المعافى عن أبي سعيد عن هاشم ابن كليب عن أبيه عن ابن عباس قال: جاء رجل إلى النبي صلى الله عليه وسلم قد رمى امرأته فتنزلت آية اللعان فأرسل إلى الرجل فقال: إن الله قد أنزل فيك آية من كتابه أن تشهد أربع شهادات بالله أنك لمن الصادقين، فشهد وشهدت المرأة أربع شهادات بالله إنه لمن الكاذبين، ثم أمر بها فأخذ بنيها وقال: ويحك إن كل شيء أهون من غضب الله تبارك وتعالى.
وقال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: ومنهم - يعني من الطبقة الرابعة من أهل الموصل - زيد بن علي بن أبي خداش بن يزيد الأسدي، روى عن المعافى بن عمران، وعيسى بن يونس، وأكثر عنهما، وروى عن غيرهما، وكان رجلاً من أهل المعروف، ومن ذوي الثبات، وبلغني - أن المعافى كان يقول: ليس باب خير إلا ولزيد فيه حظ، وكان من أصحاب المعافى وتوفي بملطية سنة سبع ومائتين.
زيد بن عمرو بن نفيل:

=

 

 

التعقيب علي طلاق السنة والبدعة وبيان خطأ هذا المصطلح اصلا

 التعقيب علي طلاق السنة والبدعة وبيان خطأ هذا المصطلح اصلا   والتعقيب من المدون/ قال القرطبي /السابعة : عن عبدالله بن مسعود قال: طلاق ...