3. بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم
حدث
بها عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي، وسمع منه بحلب القاضي أبو
الحسن أحمد بن محمد بن عبد الصمد الطرسوسي، والحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد
الله الرهاوي، وروى لنا عنه عمي أبو غانم مجمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والشيخ
أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله علوان الأسدي وولده القاضي جمال الدين أبو عبد
الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي الحلبي.
وذكر لي بعض الحلبيين أنه كان ينوب في كتابة الإنشاء في زمن نور الدين محمود بن
زنكي في سنة أربعين وخمسمائة إلى أن توفي نور الدين.
وسمعت أبا الفضل هبة الله بن عبد القاهر بن الموصول يقول: كان أبو سالم بن الموصول
مقداماً في الأمور، جسوراً على ما يفعله، وكان سني المذهب.
أخبرنا عمي أو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، قراءة عليه بحلب، وأبو
عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي الحلبي بها قالا: أخبرنا
أمين الدولة أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن أحمد بن الموصول - بقراءة الحافظ عبد
القادر الرهاوي عليه ونحن نسمع - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد
بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي
قال: أخبرنا أبو عبيد الله بن عبد السلام بن عبد الواحد القطبي قال: أخبرنا أبو
بكر السبيعي قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن مستفاض الفيريابي
القاضي ببغداد قال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا كثير بن مروان المقدسي عن
إبراهيم بن أبي عبلة عن عقبة بن وشاح عن عمران بن مصين قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: كفى بالمرء إثماً أن يشار إليه بالأصابع قالوا يا رسول الله وإن
كان خيرا؟ قال: وإن كان خيراً فهي مزلة إلا من رحم الله وإن كان شراً فهو شر.
أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي وولده أبو عبد الله
القاضي - بقراءتي عليهما بحلب منفردين - قالا: أخبرنا أمين الدولة أبو سالم أحمد
بن عبد القاهر بن أحمد بن الموصول قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي
جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد الحلبي قال: أخبرنا عبد
الرزاق بن أبي نمير العابد الأسدي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن صالح قال: أخبرنا
أبو عبد الله جعفر بن أحمد بن يوسف الأودي الصيرفي الكوفي ابن كارد بالكوفة قال:
حدثنا محمد بن حفص بن راشد أبو جعفر قال: حدثنا الحارث بن عمران عن محمد بن سوقة
عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: رأى النبي صلى الله عليه وسلم رجلاً يطوف بالبيت
وهو يقول: اللهم اغفر لي ولأخي فلان، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما قلت؟
قال: يا رسول الله إن أخاً لي استودعني أن أدعو له في هذا المكان، فقال له رسول
الله: قد غفر لك ولأخيك.
قرأت بخط بعض الحلبيين: لأمين الدولة أبي سالم بن الموصول، قال: وكتب بهذه الأبيات
إلى قاضي الحكم بحلب يتضور من عمة، وكان اغتصب أكثر أملاكه.
يا حاكم الشرع إنّي أستغيث إلى ... حكم الشريعة تحكيما عليّ ولي
وإني واثقٌ من حسن رأيك لي ... أن لا يسوّغ ظلمي من عليّ ولي
سير إلي الشريف جمال الدين أبو المحاسن عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمي
بيتين من شعر أبي سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول، وذكر أنه نقلها من خط والده
أبي حامد محمد بن عبد الله
أشكو إليك زماناً ... قد ضاع فيه الصواب
يضمّني فيه قومٌ ... حاشى الكلاب كلاب
أنشدني الأمير بدران بين جناح الدولة حسين بن مالك بن سالم العقيلي الحلبي لجده
لأمة أمين الدولة أبي سالم بن الموصول يهجو رجلاً من أهل حلب يلقب بالعفيف.
أعلن الدين مستغيثاً ينادي ... خلصوني وقعت وسط الكنيف
لعن اللّه دولةً أصبح الجامو ... س فيها ملقّباً بالعفيف
قال لي بدران بن حسين بن مالك: توفي جدي لأمي أبو سالم بن الموصول سنة ثلاث وسبعين
وخمسمائة، وذكر غيره وفاته كانت سنة سبعين وخمسمائة، والله أعلم.
من اسم أبيه عبد الكريم من الأحمدين
أحمد بن عبد الكريم بن يعقوب الأنطاكي الحلبي:
أبو
بكر المؤدب، معلم أبي عدنان، سمع بحلب أبا الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله
الرافقي، وأبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، وأبا حفص عمر بن سليمان
الشرابي في سنة سبع وعشرين وثلاثمائة، وحدث عنهم، وعن المنقري، روى عنه أبو المعمر
المسدد بن علي الأملوكي الحمصي.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن عبد الله، قاضي اليمن، ومكرم بن محمد بن حمزة
بن أبي الصقر القرشي، أبو الفضل، بحلب، وأبو عبد الله محمد ابن غسان بن غافل
الأنصاري بدمشق قالوا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو
المعمر المسدد بن علي الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم الحلبي
قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي قال: أخبرنا الفضل بن العباس بن
إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أبو معاوية عن اسماعيل بن
مسلم عن حميد بن هلال عن أبي قتادة العدوي قال: أذن بلال بليل فأمره النبي صلى
الله عليه وسلم أن يصعد فينادي: إن العبد نام، قال: فصعد بلال وهو يقول: ليت
بلالاً لم تلده أمه، وابتل من نضح دم جبينه، فصعد فنادى: إن العبد نام، فلما طلع
الفجر أعاد الأذان.
حدث أبو بكر أحمد بن عبد الكريم بحمص في محرم سنة ثمان وستين وثلاثمائة، فقد توفي
بعد ذلك.
أحمد بن عبد الكريم الأنطاكي:
روى عن ابن قتيبة، روى عنه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه الهمذاني.
أحمد بن عبد اللطيف المعري:
شاعر كان بمعرة النعمان، ظفرت له بقطعة يرثى بها أبا صالح محمد بن المهذب، وأخشى
أن يكون هو أحمد بن علي بن محمد بن عبد اللطيف بن زريق الآتي ذكره، وقد أسقط ذكر
أبيه وحده، ونسبة إلى جده الأعلى، فإن بني زريق يعرفون ببني عبد اللطيف، فإن كان
هو وإلا فهذا غيره، والأبيات مذكورة في مراثي بني المهذب، ووفاة أبي صالح كانت في
سنة خمس وستين وأربعمائة، وهي:
أبني المهذب وجدكم وجدي به ... ومصابكم هذا الجليل مصابي
بي ما بكم من لوعةٍ لفراقه ... ولو استزدت لكنت غير محاب
يا وحشة الدنيا ووحشة أهلها ... لفراق هذا الصّالح الأوّاب
ماذا أعدّد من جميل جلاله ... ويسيرها يربي على إطنابي
أنا إن غدوت مقصّراً أو مقصراً ... فلما بقلبي منه من أوصاب
أبني عليّ بن المهذّب أصبحت ... موصولة بحبالكم أسبابي
فبما تأكّد من صفاء ودادنا ... ووشائج الأسباب والأنساب
كونوا لعذري باسطين فإنّه ... قصر الغرام إطالة الإسهاب
أحمد بن عبد المجيد بن اسماعيل بن محمد القيسي الحنفي:
قاضي ملطية، فقيه مذكور، أخذ الفقه عن والده أبي سعد عبد المجيد الحنفي، قاضي بلاد
الروم، وسنذكر أباه إن شاء الله تعالى في بابه.
ذكر من اسم أبيه عبد الملك من الأحمدين
أحمد بن عبد الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس:
أبو العباس بن أبي عبد الرحمن الهاشمي، كان بمنبج مع أبيه، وله ذكر في بني صالح.
قرأت في كتاب نسب بني صالح بن علي بخط القاضي أبي طاهر الحلبي الهاشمي قال: وكان
أحمد بن عبد الملك عالماً بالطب والفلسفة، قد قرأ الكتب وطلبها، ولقي أهل المعرفة
بهذا الفن وأخذ عنهم فكان يعد العلاجات والأدوية والأشربة التي لا توجد عند أحد
إلا عنده ويعطيها في السبيل.
أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن الحافظ:
أبو
صالح النيسابوري، سمع بمنبج أبا علي الحسن بن الأشعث المنبجي، وبدمشق أبا القاسم
عبد الرحمن بن عبد العزيز، وأبا عبد الله الحسين بن محمد ابن أحمد الحلبيين، ومسدد
بن علي الأملوكي، ورشاء بن نظيف بن ما شاء الله، وبالموصل أبا الفرج محمد بن إدريس
بن محمد وأخاه هبة الله بن إدريس، وبجرجان أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي،
وبأصبهان أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وعبد الله بن يوسف بن باموية
الأصبهانيين، وأبا بكر بن أبي علي وبهمذان أبا طالب علي بن الحسين الحسني، وببغداد
أبا القاسم عبد الملك بن محمد بن بشران، وأبا بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب،
وسمع أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ، وأبا نعيم عبد الملك بن الحسن
الأزهري، وأبا الحسين محمد بن الحسين الحسيني العلوي، وأبا طاهر محمد بن محمد بن
محمش الزيادي، وأبا زكريا يحيى ابن إبراهيم المزكى، وأبا بكر محمد بن زهير بن أخطل
النسوي، وأبا سعيد محمد ابن موسى الصيرفي، وأبا سعد عبد الرحمن بن حمدان بن محمد
الشاهد، وأبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، وأبا الحسن علي بن محمد بن السقا،
وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا بكر محمد بن الحسن بن فورك وجماعة
غيرهم.
روى عنه ابنه أبو سعد اسماعيل بن أحمد، وأبو بكر الخطيب البغدادي، وأبو عبد الله
محمد بن الفضل الفراوي، وأبو القاسم زاهر، وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد
الشحاميان، وأبو المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم بن هوازن وابن أخيه أبو الأسعد
هبة الرحمن بن أبي سعيد القشيريان، وأبو سعيد اسماعيل بن أبي القاسم الفوسنجي،
وأبو علي الحسن ابن عمر بن أبي بكر الطوسي البياع وأبو القاسم عبد الكريم بن
الحسين بن أحمد الصفار البسطامي، وأبو الحسن طريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري،
وعبد الغافر بن اسماعيل بن عبد الغافر الفارسي، وأبو الوفاء علي بن زيد بن شهريار،
ومر بحلب مجتازا.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي - وهذا أول حديث سمعناه
منه في مشيخته - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الواحد بن عبد الماجد ابن عبد الواحد بن
عبد الكريم بن هوازن القشيري - وهذا أول حديث سمعناه منه بجامع حلب في يوم
الثلاثاء الثاني والعشرين من شهر الله الأصم رجب من سنة ست وخمسين وخمسمائة - قال:
أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي - وهذا أول حديث سمعته منه
بقراءتي عليه، وأول حديث كتبته عنه.
وحدثنا عمر بن بدر بن سعيد الموصلي من لفظه وحفظه - وهو أول حديث سمعته منه قال:
حدثنا أبو الغنائم شيرويه بن شهردار بن شيرويه الكيا الديلمي - وهو أول حديث سمعته
من لفظه وحفظه بهمذان - قال: حدثنا أبو القاسم زاهر ابن طاهر بن محمد الشحامي -
وهو أول حديث سمعته من لفظه وحفظه، قدم علينا همذان.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن عمر بن عبد الغالب العثماني الأموي من لفظه وحفظه -
وهو أول حديث سمعناه منه - قال: أخبرنا أبو مسلم هشام بن عبد الرحيم بن الأخوة
البغدادي - وهو أول حديث سمعته منه - قال: حدثنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي
- وهو أول حديث سمعته منه بأصبهان.
وحدثنا ابراهيم بن محمد بن الأزهر الصريفيني - وهذا أول حديث سمعته من لفظه - قال:
حدثنا أبو الفتوح محمد بن الجنيد الأصبهاني من لفظه بأصبهان - وهذا أول حديث سمعته
منه.
وأنبأنا به أبو الفتوح الأصبهاني - وهذا أول حديث كتبناه عن كتابه - قال: حدثنا
زاهر بن طاهر بن محمد - وهذا أول حديث سمعته منه من حفظه من لفظه قال: حدثنا الشيخ
أبو صالح أحمد بن عبد الملك بن علي المؤذن - وهذا أول حديث سمعته منه - قال: حدثنا
الإمام أبو طاهر محمد بن محمد بن محمد بن محمش الزيادي - وهذا أول حديث سمعته منه
في شهر ربيع الأول من سنة سبع وأربعمائة - قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن
يحيى بن بلال البزاز - وهذا أول حديث سمعته منه - قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن
الحكم العبدي وهو أول حديث سمعته منه - قال: حدثنا سفيان بن عيينة - وهو أول حديث
سمعته منه - عن عمرو بن دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن
عمرو أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في
الأرض يرحمكم من في السماء.
وأخبرنا
أبو الحسن علي بن أبي الفضائل هبة الله بن سلامة بن المسلم بن أحمد بن علي اللخمي
المصري الخطيب الفقيه المعروف بابن الجميزي بحلب قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد
بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن ظريف بن محمد بن عبد العزيز
النيسابوري ببغداد، وأبو الوفاء علي ابن زيد بن شهريار الزعفراني بأصبهان قالا:
أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك ابن علي المؤذن بنيسابور قال: أخبرنا أبو طاهر
محمد بن محمد بن محمش الزيادي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن يحيى بن بلال
البزاز قال: حدثنا عبد الرحمن بن بشر بن الحكم العبدي قال: حدثنا بن عيينة عن عمرو
بن دينار عن أبي دينار عن أبي قابوس مولى عبد الله بن عمرو عن عبد الله بن عمرو أن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: الراحمون يرحمهم الرحمن، ارحموا من في الأرض
يرحمكم من في السماء.
قال عبد الرحمن: هذا أول حديث سمعته من سفيان، قال أبو حامد: هذا أول حديث سمعته
من عبد الرحمن، قال أبو طاهر، هذا أول حديث سمعته من أبي حامد، قال أبو صالح: هذا
أول حديث سمعته من أبي طاهر، قال ظريف وعلي: هذا أول حديث سمعناه من أبي صالح، قال
الحافظ أبو طاهر: وهذا أول حديث سمعته من ظريف ببغداد، ومن علي قبله بأصبهان، قال
شيخنا أبو الحسن: وهذا أول حديث سمعناه من الحافظ السلفي، قلت: وهذا أول حديث
سمعناه من أبي الحسن بن الجميزي.
أخبرنا الشريف أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمروك البكري الصوفي - قراءة
عليه بدمشق غير مرة - قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد ابن عبد
الكريم بن هوازن القشيري قال: أخبرنا الشيخ أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن سنة
تسع وستين وأربعمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال:
أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن سعيد الرازي سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة قال:
أخبرنا أبو علي الحسين ابن داوود البلخي - املاء - قال: حدثنا يزيد بن هارون قال:
حدثنا حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من دخل سوقا من أسواق
المسلمين فقال: لا إله إلا الله وحده، كتب الله له ألف ألف حسنة ومحي عنه ألف ألف
سيئة، وبنى له قصرا في الجنة.
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي - في كتابه إلينا من نيسابور - قال: أخبرنا
أبو الأسعد هبة الرحمن بن عبد الرحمن القشيري قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد
الملك المؤذن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن الأشعت المنبجي - بها - قال: حدثنا أبو
علي الحسن بن عبد الله الحمصي قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز ابن مروان الحلبي
قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت أبا سليمان يقول: إذا قال لك الرجل: لم
أذكر حاجتك فاعلم أنه لم يعنى بها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم ابن أبي بكر
- اجازة إن لم يكن سماعا - قال: أنشدنا خره شير بن محمد بن عبد العزيز السهروردي
قال: أنشدنا عبد الغافر بن اسماعيل الفارسي املاء بنيسابور قال: أنشدنا أبو صالح
أحمد بن عبد الملك الحافظ قال: أنشدنا الشريف أبو الحسن عمران بن موسى المغربي
لنفسه:
جزيت وفائي منك غدراً وخنتني ... كذاك بدور التم شيمتها الغدر
وحاولت عند البدر والشمس سلوة ... فلم يسلني يا بدر شمس ولا بدر
وفي الصدر مني لوعة لو تصورت ... بصورة شخص ضاق عن حملها الصدر
أمنت اقتدار البين من بعد بينكم ... فما لفراق بعد فرقتكم قدر
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - اجازة - قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن
أحمد بن صرما عن أبي بكر الخطيب البغدادي قال: أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد
بن عبد الصمد بن بكر، أبو صالح المؤذن النيسابوري، قدم علينا حاجا وهو شاب في حياة
أبي القاسم بن بشران ثم عاد إلى نيسابور، وقدم علينا مرة ثانية في سنة أربع
وثلاثين وأربعمائة، فكتب عني في ذلك الوقت وكتبت عنه في القدمتين جميعا، وكان يروي
عن أبي نعيم عبد الملك بن الحسن الاسفرائيني، ومحمد بن الحسين العلوي الحسني، وأبي
طاهر الزيادي، وعبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني، وأبي عبد الرحمن السلمي،
ومن بعدهم.
وقال
لي: أول سماعي في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة، وكنت إذ ذاك قد حفظت القرآن، ولي نحو
من تسع سنين، وكان ثقة.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال:
أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني - اجازة إن لم يكن سماعا قال: أحمد بن
عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر المؤذن، أبو صالح، من أهل نيسابور،
الأمين المتقن الثقة المحدث، الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وافادته، وكان
عليه الاعتماد في الودائع من كتب الحديث المجموعة في الخزائن الموروثة عن المشايخ،
والموقوفة على أصحاب الحديث، وكان يصونها ويتعهد حفظها، ويتولى أوقاف المحدثين من
الخبز والكاغد، وغير ذلك، ويقوم بتفرقتها عليهم، وايصالها إليهم، وكان يؤذن على
منارة المدرسة البيهقية سنين احتسابا، ووعظ المسلمين وذكرهم الاذكار في الليالي،
وكان في أكثر الأوقات قبل الصبح إذا صعد يكرر هذه الآية ويقول: أليس الصبح بقريب؟
وكان يأخذ صدقات الرؤساء والتجار ويوصلها إلى المستحقين والمستورين من ذوي الحاجات
والأرامل واليتامى، ويقيم مجالس الحديث، وتقرأ عليه، وكان إذا فرغ يجمع ويصنف
ويقيد، وكان حافظا ثقة، دينا خيرا، كثير السماع، واسع الرواية، جمع بين الحفظ
والافادة والرحلة، وكتبى الكثير بخطه.
سمع أبا نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبا الحسين محمد بن الحسين الحسني
العلوي، وأبا محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه الأصبهاني، وأبا طاهر محمد بن محمد
محمش الزيادي، وأبا بكر أحمد بن الحسن الحيري، وأبا سعيد محمد بن موسى الصيرفي،
وأبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، وأبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا
بكر محمد بن الحسن بن فورك، وأبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ البيع، وأبا
القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وبجرجان أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي،
وبأصبهان أبا نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ، وأبا القاسم عبد الملك بن محمد بن
بشران الواعظ، وجماعة كثيرة من مشايخ جرجان، والري، والعراق، والحجاز، والشام، كما
تنطق به تصانيفه، وما تفرغ إلى عقد الإملاء لكثرة ما هو بصدده من الاشتغال
والقراءة عليه.
روى لنا عنه: أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد الصاعدي، وأبو المظفر عبد المنعم
بن عبد الكريم بن هوازن القشيري، وأبو سعيد إسماعيل بن أبي القاسم الفوسنجي، وأبو
القاسم زاهر بن طاهر بن محمد الشحامي، وأبو علي الحسن بن عمر بن محمد الطوسي،
وجماعة سواهم.
صنف التصانيف، وجمع الفوائد، وعمل التواريخ منها التاريخ لبلدنا مرو، ومسودته
عندنا بخطه، وصحب جماعة من الشايخ الكبار مثل: أحمد بن نصر الطالقاني، وأبي الحسن
الجرجاني، وأبي علي الدقاق، وأبي سعيد بن أبي الحسن، وأبي القاسم القشيري، وغيرهم
من مشايخ العراق والشام، وكان حسن السيرة، مليح المعاشرة، حسن النقل والضبط.
وقال: كان مولد أبي صالح المؤذن في سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن
الحسن الحافظ الدمشقي قال: أحمد بن عبد الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد بن بكر،
أبو صالح المؤذن الحافظ، سمع بدمشق أبا القاسم بن الطبيز، وأبا عبد الله الحسين بن
محمد بن أحمد الحلبي ومسدد بن علي الأملوكي، ورشاء بن نظيف، وبخراسان أبا نعيم عبد
الملك بن الحسن الأزهري، وأبا محمد عبد الله بن يوسف بن بامويه، وأبا طاهر محمد بن
محمش، وأبا زكريا يحيى بن إبراهيم المزكي، وأبا بكر محمد بن زهير بن أخطل النسوي،
وأبا عبد الرحمن السلمي، وأبا سعيد الصيرفي، وأبا الحسن علي بن محمد بن السقاء،
وأبا القاسم عبد الرحمن بن محمد السراج، وأبا القاسم بن بشران ببغداد، وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وحدثنا عنه ابنه أبو سعد إسماعيل ابن أبي صالح، وأبو
القاسم زاهر، وأبو بكر وجيه ابنا طاهر بن محمد الشحاميان وأبو علي الحسن بن عمر بن
أبي بكر الطوسي البياع، وأبو القاسم عبد الكريم بن الحسن بن أحمد الصفار البسطامي،
وكان ثقة خياراً.
أنبأنا
زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: وفيما
كتب إلي أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر يخبرني قال: أحمد بن عبد
الملك بن علي بن أحمد بن عبد الصمد، الشيخ الحافظ أبو صالح المؤذن الأمين المتقن
المحدث الصوفي، نسيج وحده في طريقته وجمعه وافادته، وما رأينا مثله، حفظ القرآن،
وجمع الأحاديث، وسمع الكثير وصنف الأبواب والمشايخ وسعى في الخيرات، وصحب مشايخ
الصوفية، وأذن سنين حسبةً، ولو ذهبت إلى شرح ما رأيته منه من هذه الأخبار لسودت أوراقاً
جمة، ولد سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة، وتوفي يوم الإثنين التاسع من شهر رمضان سنة
سبعين وأربعمائة.
وذكره أبو زكريا يحيى بن أبي عمرو بن مندة في تاريخ أصبهان وقال: أبو صالح المؤذن
قدم أصبهان وسمع من أبي نعيم، وأبي بكر بن أبي علي ومن في وقتهما حافظ للحديث، رحل
وكتب الكثير وسمع.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل عن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: سمعت أبا
القاسم زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور يقول: خرج أبو صالح المؤذن ألف حديث من ألف
شيخ له.
وأخبرنا أبو هاشم عن أبي سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي علي
الحافظ بهمذان: سمعت الشيخ الزكي أبا بكر بن أبي اسحق المزكي يقول: ما يقدر أحد
يكذب في الحديث في هذه البلدة - يعني نيسابور - وأبو صالح المؤذن حي، لأنه كان يذب
الكذب عن حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وقرأت بخط أبي جعفر أيضاً: سمعت الشيخ الإمام أبا المظفر منصور بن محمد بن
عبد الجبار السمعاني المروزي يقول: إذا دخلتم على أبي صالح المؤذن فادخلوا بالحرمة
يغفر لكم بغير مهلة، فإنه نجم الزمان وشيخ وقته في هذا الأوان.
قال: وقرأت بخطه أيضاً: سمعت الشيخ الصالح أبا الحسن بن أحمد الكوار البسطامي
يقول: سألت الله أن أرى أبا صالح المؤذن في المنام، فرأيته ليلة على هيئة صالحة،
فقلت له: أبا صالح أخبرني عن ما عندكم، فقال: يا حسن كنت من الهالكين لولا كثرة
صلاتي على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أين أنتم عن الرؤية واللقاء؟ فقال:
هيهات قد رضينا منه بدون ذلك، فانتبهت ووقع علي البكاء.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: قرأت بخط
والدي رحمه الله: سمعت أسعد بن حيان النسوي يحكي عن أبي صالح المؤذن أنه دخل على
أحمد بن نصر الشبوي مع شاهفور، فقال الشيخ لفقير: خذ سلاحك، فأمر لشاهفور بسؤاله عن
السلاح، فقال: هو الوضوء، ثم سأله عن الحديث، وأراد أن يقرأ عليه كتاب البخاري عن
الشبوي فقال: ذكر في أوله الأعمال بالنية، وأنا ما سمعت هذا الكتاب لأحدث سمعته
لأعمل به.
أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو
القاسم علي بن الحسن قال: سألت أبا سعد بن أبي صالح عن وفاة والده فقال: في سنة
سبعين وأربعمائة، قيل: في أي شهر؟ فقال: في شهر رمضان، وذلك أنه كان قد سأل الله
بمكة أن لا يقبضه إلا في شهر رمضان، فكان إذا دخل شهر رجب تفرغ للعبادة إلى أن
يخرج شهر رمضان.
وقال الحافظ أبو القاسم: كتب إلي أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البار قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي قال: سنة سبعين وأربعمائة ورد الخبر
بوفاة أبي صالح المؤذن الحافظ في رمضان، وكان مولده سنة ثمان وثمانين وثلاثمائة.
أخبرنا أبو هاشم الحلبي عن أبي سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي جعفر محمد بن أبي
علي الحافظ بهمذان: توفي الإمام الحافظ أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن يوم
الاثنين بالباكر لتسع خلون من شهر رمضان سنة سبعين وأربعمائة، وقد بلغ خمسا
وثمانين سنة من عمره رآه بعض الصالحين في تلك الليلة في النوم كأن النبي صلى الله
عليه وسلم قد أخذ بيده وقال له: جزاك الله خيراً فنعم ما أقمت بحقي ونعم ما أديت
من من قولي ونشرت من سنني.
من اسم أبيه عبد الواحد من الأحمدين
أحمد بن عبد الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور:
أبو
العباس المقدسي، ويعرف بالبخاري الحنبلي، فقيه فاضل رحل رحلة واسعة إلى العراق،
وخراسان، وما وراء النهر، ولحق الرضي النيسابوري وعلق عليه الخلاف ومهر فيه، وبرز
على أقرانه، وعرف بالبخاري لطول مقامه ببخارى، وسمع الحديث الكثير بدمشق، وبالبلاد
التي رحل إليها، روى لنا عنه أبو المحامد اسماعيل بن حامد القوصي، وأبو الحسين
يحيى بن علي بن عبد الله المعروف بالرشيد العطار، واجتاز في طريقه بحلب.
ذكر لي ذلك شيخنا عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي وقال إن أصحابنا المقادسة الذين
رحلوا دخلوا كلهم حلب، وكان قد تصدر بحمص لإفادة علم الحديث والفقه، ورتب له الملك
المجاهد شيركوه صاحبها بها معلوما، وحدث بها وبغيرها من البلاد، وروى عنه أخوه
الحافظ ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد ابن أحمد، وذكر له ترجمة في
جزء جمع فيه أخبار المقادسة ودخولهم إلى دمشق وقع إلي بخطه فنقلت ما ذكره على قضه
نقلا من خطه، وقد أجاز لي رواية ذلك مع غيره.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد وقال - ونقلته من خطه - : أحمد بن عبد
الواحد بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور، أبو العباس أخي، يعرف
بالبخاري، وهو ممن يشتغل بالعلم من صغره إلى كبره، وبرز على أقرانه، ودخل خراسان،
وغزته، وما وراء النهر، وأقام مدة ببخارى، ولحق الرضي النيسابوري، وعلق عليه
الخلاف، وكان قبل ذلك قد اشتغل ببغداد علي أبي الفتح بن المني رحمه الله، وسمع
الحديث الكثير بدمشق، وبغداد، وواسط، وهمذان، ونيسابور، وهراة، وبخارى، فسمع بدمشق
أبا المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر، وأبا الفهم عبد الرحمن بن عبد العزيز
الأزدي المعروف بابن أبي العجائز، وأبا المجد الفضل بن الحسين بن البانياسي، وأبا
طالب الخضر بن هبة الله بن طاوس، وعبد الرزاق النجار، ومحمد بن علي البحراني،
وغيرهم، وببغداد سمع أبا الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل، وعبد المغيث بن
زهير، وأبا السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز، وغيرهم، وبنيسابور أبا
البركات عبد المنعم الفراوي، وخلقاً كثيراً يطول ذكرهم، وأقام في سفره نحواً من
أربع عشرة سنة، ورجع إلى وطنه، ووجد أصحابنا به راحة عظيمة من قضاء حوائجهم عند
السلاطين والحكام والولاة، مع عفة ودين وأمانة، وقل من رآه وعرفه إلا أحبه من قريب
أو بعيد حتى أني سمعت من بعض من يخالفنا أنه قال لشخص: لم لا تكون مثل البخاري
الذي يدخل حبه على القلب بغير استئذان.
ومولده في سنة أربع وستين وخمسمائة في الشوال في العشر الآخر منه، ذكره لي والدي.
أخبرنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي قال: أخبرنا الفقيه
الإمام شمس الدين أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن أحمد المقدسي الحنبلي قراءة
عليه بدمشق قال: أخبرنا الشيخ أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله الفراوي؛ قال
القوصي: وأجازه لي عبد المنعم.
وأخبرناه عاليا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي الدمشقي بالمسجد الحرام
تجاه الكعبة شرفها الله، والإمام عبد المحسن بن أبي العميد بن خالد أبو طالب
الأبهري الخفيفي بمسجد الخيف من منى، وأبو عبد الله محمد بن عمر بن يوسف القرطبي
بمسجد النبي صلى الله عليه وسلم بالمدينة، وأبو البركات محمد بن الحسين بن عبد
الله الأنصاري بحماه وبحلب قالوا: أخبرنا أبو المعالي عبد المنعم بن عبد الله
الفراوي قال: أخبرنا أبو الحسن ظريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري، وأبو نصر عبد
الرحيم بن عبد الكريم، وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد الحيزباراني قالوا: أخبرنا
أبو حفص عمر بن أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو عمر اسماعيل ابن نجيد بن أحمد
السلمي قال: أخبرنا إبراهيم بن عبد الله البصري قال: حدثنا أبو عاصم عن أيمن بن
نابل عن قدامة بن عبد الله قال: رمى رسول الله صلى الله عليه وسلم جمرة العقبة لا
ضرب ولا طرد ولا إليك إليك، وكانوا يمشون أمام رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا
أبو الحسين يحيى بن علي الحافظ بمصر قال: أخبرنا أبو العباس أحمد ابن عبد الواحد
بن أحمد بن عبد الرحمن بن اسماعيل بن منصور المقدسي ثم الدمشقي الفقيه قال: أخبرنا
أبو الفتح عبيد الله بن عبيد الله بن شاتيل الدباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن
المظفر بن سوسن التمار قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان
قال: حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح البزاز من لفظه قال: حدثنا محمد بن
الفرج الأزرق قال: حدثنا عبيد الله بن موسى قال: أخبرنا حنظلة عن سالم عن ابن عمر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لأن يمتلىء جوف أحدكم قيحاً خير له من أن
يمتلىء شعراً.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد - ونقلته من خطه - قال: سمعت والدتي تقول:
لما حملت بأخيك أحمد رأيت كأن لنا كبشاً له قرون، فأرسلت فأولته، فقيل: يولد لهم
ولد يكون يدفع عنهم الخصوم، ولعمري إنه لكذلك، فإنه كان يمضي إلى المخالفين
ويناظرهم ويظهر كلامه على كلامهم، ويدخل على القضاة، وإن كان لأحد حاجة أو حكومة
هو يتولى ذلك حتى أنه أثبت كتباً عند الحاكم لم يكن غيره يقدر على اثباتها.
قال أبو عبد الله - ونقلته من خطه - : سمعت والدتي تقول: رأى أبوك قبل أن يولد
أخوك أنه يبول في المسجد، قالت: فسألت عن تأويله، فقيل: يولد لك مولود يكون
عالماً، أو ما هذا معناه.
وقال - ونقلته من خطه - : سمعت والدتي تقول: قال العز - يعني أبا الفتح محمد بن
الحافظ عبد الغني - : كل من جاء منا ترك الاشتغال بالعلم غير فلان - يعني أخي -
فإنه بعد مجيئه لم يترك الاشتغال بالعلم.
قال: وسمعت أخي أبا العباس يقول، وقد جاء من الغزاة، وكان غزا يافا فوقعت في فخذة
نشابة جرخ، قال: لما وقعت في كنت أشتهي لو وقعت في هذا الموضع حتى تحصل لي الشهادة
أي تقع في مقتل.
وقال: سمعت بعض أهلي يحكي أن جماعة من أصحابنا مضوا إلى زيادة امرأة صالحة متعبدة،
وكان فيهم أخي، فقالت: في هذه الجماعة ثلاثة من الأبدال، فسمت أخي أحمد أحدهم.
قال: وسمعت أبا العباس أحمد بن سعيد يقول: سمعت في النوم قائلا يقول: ثلاثة من أهل
الجنة، فسمى - يعني - أخي أحد الثلاثة.
وسمعت أحمد يقول: لما وضعت جنازته - يعني أخي - غفوت والإمام يخطب، وكأن قائلا
يقول: لو كانوا وضعوا على جنازته إزاراً ثم وضعوا الإزار على الناس ليحصل لهم من
بركته، أو ما هذا معناه.
قال: وتوفي رحمة الله عليه ليلة الجمعة خامس عشر جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين
وستمائة بالجبل، ودفن بجنب قبر خاله الإمام موفق الدين رحمه الله.
وسمعت اختي قالتا: هلل الله قبل موته وأضاء وجهه وأسفر جداً، قالت أم محمد: وكان
يهلل تهليلا فصيحاً.
وقال: سمعت الحافظ أبا موسى عبد الله بن الحافظ عبد الغني يقول: لما مات كافور
الخادم المنتمي إلى ست الشام، رأيته تلك الليلة في المنام وهو في هيئة حسنة وعليه
لباس حسن، فوقفت معه ساعة يحدثني، ثم عرفت أنه مات، فقلت: هل لقيت أصحابنا؟ فقال:
نعم، فقلت: فمن فيهم أفضل، فقال: ما أعطي أحد مثل ما أعطي الشمس البخاري أو قال:
ليس أحد مثل منزلة الشمس البخاري.
أخبرنا الحافظ رشيد الدين يحيى بن علي في معجمه قال: الشيخ أبو العباس هذا - يعني
البخاري - من أهل دمشق، فقيه فاضل من فقهاء الحنابلة، ويعرف بالشمس البخاري،
وأصلهم من البيت المقدس أو من أعماله.
حدث عن جماعة من شيوخ الشام والعراق، وكان مولده في العشر الآخر من شوال سنة أربع
وستين وخمسمائة، وتوفي ليلة الجمعة الخامس عشر من جمادى الآخرة سنة ثلاث وعشرين
وستمائة. كتب إلي مولده ووفاته أخوه الحافظ أبو عبد الله.
وذكر الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في كتاب التكملة أنه ولي
القضاء بحمص، وليس كذلك، وإنما ولي التحديث بحمص في أيام الملك المجاهد شيركوه بن
محمد، أحضره إليها للتحديث، فظن الناقل أنه ولي القضاء، وكان قاضي حمص صالح بن أبي
الشبل، قبل وصول البخاري إلى حمص، واستمر في قضائها إلى بعد وفاة البخاري ووفاة
شيركوه.
أحمد بن عبد الواحد بن هاشم بن علي، أبو الحسين المعدل الأسدي الحلبي:
والد
الخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد، سمع أبا محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن يحيى بن
سنان الخفاجي الحلبي، وأخاه سعيد بن عبد الواحد بن هاشم، وأبا يعلى عبد الباقي،
وأبا سعد عبد الغالب ابني عبد الله أبي حصين بن المحسن التنوخيين، وأبا الحسن علي
بن مقلد بن منقد سديد الملك، وكان أميناً فاضلا، وتصرف في الديوان في الغربيات من
عمل حلب؛ روى عنه ابنه الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد خطيب حلب.
أنشدنا الخطيب أبو عبد الرحمن محمد بن هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم قال:
أنشدنا أبي الخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد قال: أنشدني أبي أبو
الحسين أحمد بن عبد الواحد بن هاشم قال: أنشدنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن سعيد
الخفاجي الحلبي لنفسه.
أرأيت من داء الصبابة عائداً ... ووجدت في شكوى الغرام مساعدا
أم كنت تذكر بالوفاء عصابةً ... حتى بلوتهم فلم تر واحدا
تركوك والليل الطويل وعندهم ... سحرٌ يرد لك الرقاد الشاردا
وكأنما كانت عهودك فيهم ... دمناً حبسن على البلى ومعاهدا
يا صاحبي ومتى نشدت محافظاً ... في الودّ لم أزل المعنى الناشدا
أعددت بعدك للملامة وقرةً ... وذخرت عندك بالصبابة شاهدا
ورجوت فيك على النوائب شدّةً ... فلقيت منك نوائبا وشدائدا
أما الخيال فما نكرت صدوده ... عني وهل يصل الخيال الساهدا
سار تيمم جوشناً من حاجرٍ ... مرمىً كما حكم النوى متباعدا
كيف اهتديت له ودون مناله ... خرقٌ تجور به الرياح قواصدا
ما قصّرت بك في الزيادة نيةٌ ... لو كنت تطرق فيه جفناً راقدا
عجبت لا خفاق الرجاء وما درت ... أني ضربت به حديداً باردا
ما كان يمطره الجهام سحائباً ... تروى ولا يجد السراب مواردا
وإذا بعثت إلى السباخ برائدٍ ... يبغي الرياض فقد ظلمت الرائدا
كتب إلينا عبد الوهاب بن علي الأمين أن الخطيب أبا طاهر هاشم بن أحمد بن عبد
الواحد أنشدهم قال: أنشدنا والدي قال: أنشدني أبو الحسن علي بن مقلد ابن منقذ
لنفسه:
أحبابنا لو لقيتم في مقامكم ... من الصبابة ما لاقيت في ظعني
لأصبح البحر من أنفاسكم يبساً ... كالبرّ من أدمعي ينشق بالسفن
أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور
السمعاني - إجازه إن لم يكن سماعاً - قال: أنشدنا أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد
الواحد الأسدي إملاء من حفظه بحلب، وأنبأنا صقر بن يحيى بن صقر عن الخطيب هاشم
قال: أنشدي والدي من لفظه قال: أنشدني القاضي أبو يعلى ابن أبي حصين لنفسه:
بانوا فجفن المستهام قريح ... يخفي الصبابة تارةً ويبوح
من طرفه وصلت جراحة قلبه ... وإليه فاض نجيعه المسفوح
لم يبق بعدهم له من جسمه ... شيٌ فواعجباه أين الروح
أحمد بن عبد الواحد المدروز العجمي:
شيخ كبير صالح، ورد حلب وأقام بها بمسجد السيدة علويه بنت وثاب بن جعبر النميريه
والدة محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، بالقرب من تحت القلعة، وانضم إليه في المسجد
جماعة من الفقراء الصالحين، وكان يخدمهم بنفسه ويدروز لهم في زنبيل كبير كان معه،
ويمد لهم من ذلك سفرة في كل يوم، ولما شاخ واحد ودب وضعف عن حمل الزنبيل، كان يأخذ
معه فقيراً من الفقراء يحمل الزنبيل معه، وكان يعرف بأحمد الزنبيل لذلك.
وكان حسن الأخلاق معروفاً بالخير والصلاح، صحب روزبهار وقضيب البان بالموصل
وشاهدته وأنا صبي وقد انحنى واحد ودب، وقد حضر سماعاً مع الفقراء، وطاب فانتصب
قائماً تام القامة، وكانت هذه عادته إذا طاب في السماع، وكان يحكى عن قضيب البان
كرامات.
وأخبرني
تاج الدين أحمد بن هبة الله بن أمين الدولة قال: سمعت الشيخ أحمد بن عبد الواحد
المدروز يقول: إن سبب اشتغالي بالدروزة أنني كنت قد حجبت وزرت النبي صلى الله عليه
وسلم، فبقيت بالمدينة ثلاثة أيام لا أطعم طعاماً، فجئت إلى قبر النبي صلى الله
عليه وسلم وجلست عنده وقلت: يا رسول الله أكون ضيفك ولي ثلاثة أيام لم أطعم
طعاماً، قال: فهومت وانتبهت وفي يدي درهم كبير، فخرجت واشتريت به شيئاً أكلته،
وشيئاً للبسي، ثم اشتغلت بعد ذلك بالدروزة.
قلت: وكان الملك الظاهر رحمه الله وأمراؤه يحترمونه ويكرمونه، وتوفي رحمه الله
بحلب بمسجد السيدة في ثامن شوال من سنة سبع عشرة وستمائة، وكان قد ناهز مائة سنة،
وصلي عليه بالمسجد الجامع، ودفن بمقام إبراهيم، ومروا بجنازته على باب داري وصعدت
إلى غرفة في الدار مشرفة على الطريق، فوجدت زوجتي فيها نائمة، فنبهتها وقلت: اجلسي
وانظري جنازة الشيخ أحمد المدروز، فانتبهت وقالت لي: الساعة رأيت في منامي جنازة
تمر بين السماء والأرض، والميت مغطى بازار أبيض والهواء يهببه، وقد جاءوا بالجنازة
إلى مشهد الملك رضوان خارج حلب فأدخلوا الجنازة إلى البستان إلى جانبه، وهو
البستان المعروف بالجنينة.
قلت: وتبع جنازته جمع عظيم، رحمة الله عليه.
أحمد بن عبد الواحد بن مراء:
أبو العباس الحوراني القاضي، الملقب بالتقي الشافعي فقيه فاضل، أديب زاهد، شاعر،
قدم حلب وأقام بها مدة وتفقه بها على شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع
بن تميم، وسمع منه الحديث ومن شيخنا الشريف أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي
وغيرهما، وبرز في علم الفقه والأدب، ثم توجه من حلب إلى سنجار وولي بها القضاء، ثم
انتقل عنها إلى بغداد وذكر بها مسألة فولي الإعادة بالمدرس المستنصرية من جهة
الشافعية وسمع بها الحديث من ابن الخازن وغيره، ثم تزهد وانقطع عن الدنيا وجاور
بمكة وبالمدينة.
وحدث بمكة وبسنجار عن أبي هاشم عبد المطلب الهاشمي بشمائل النبي صلى الله عليه
وسلم لأبي عيسى الترمذي، وبمسند الإمام الشافعي رضي الله عنه عن ابن الخازن
النيسابوري وعن غيرهما، وكان لي به اجتماع بحلب، وكان يسمع معنا الحديث، ثم قدم
الديار المصرية من المدينة - على ساكنها الصلاة والسلام في ذي القعدة من سنة ثمان
وخمسين وستمائة رسولا من صاحبها إلى قطز المعزي، بعد أن استولى على مصر، وامتدت
يده في الظلم، وقبض أوقاف المدينة بالديار المصرية، فوجده قد قتل وتولى قاتله
الملك الظاهر ركن الدين بيبرس، فاجتمع به، وقضى شغله وأطلق الوقف، وكنت إذ ذاك
بمصر، فحضر إلي وعلقت عنه فوائد وشيئاَ من شعره، وسألته عن مولده، فقال: عمري الآن
سبعة وسبعون سنة، وكان سؤالي إياه في رابع وعشرين من ذي القعدة من سنة ثمان وخمسين
وستمائة.
وأخبرني في ذلك اليوم قال: أخبرني هارون بن الشيخ عمر عن بعض الصلحاء المجاورين
بمكة شرفها الله من أهل اليمن أنه رأى فيما يرى النائم كأنه قد نزل إلى البيت
المعظم ليطوف به على جاري العادة، فلم يجده، فقال: ذهب الإسلام، راح الدين، فقيل
له: مه كيف تقول هذا؟! قال: أين البيت الذي كان يطوف المسلمون، فقيل له الساعة
يجىء، قال: من يجىء به؟ قيل: أهل مصر، أو أصحاب مصر، قال: متى يجىء؟ قال: لا تعجل
الساعة يجىء فبينا هو كذلك إذ جاء البيت، وعاد في مكانه كهيئته الأولى لكنه لا
كسوة عليه، فقال: أين كسوته؟ فقيل: الساعة تجىء فبينا هو كذلك إذ أفرغ على البيت
المعظم الكريم كسوة بيضاء وانتبه.
قلت: فقدر الله تعالى أن التتار استولوا على الشام في سنة ثمان وخمسين، وخرج عسكر
مصر ومن التجى إليهم من عسكر الشام مع قطز، والتقوا بعسكر التتار على عين جالوت
فكسروا التتار ومضوا إلى الشام جميعه فاستولوا عليه، ونرجو من ألطاف الله أن
الكسوة البيضاء تكون عمارة الشام وعود ما تشعث من مدنه وحصونه إن شاء الله تعالى.
وأخبرني أبو العباس الحوراني أن بعض الصالحين أخبره من فيه أنه رأى أنه فتح في
السماء بابان، ونزل من أحدهما ملائكة خيالة على خيل، وسمع قائلا يقول: هؤلاء
ملائكة قد نزلوا من السماء لنصرة الاسلام، وقيل للباب الآخر هذا الباب الآخر باب
رحمة له سنين لم يفتح، وقد فتح الآن لتنزل منه الرحمة على الناس.
أخبرني
أبو العباس بن عبد الواحد قال: أخبرني شخص من كبار الصالحين يعرف بعمر بن الزغب
أنه كان مجاورا بالمدينة المقدسة، وأنه خرج في بعض السنين في يوم عاشوراء الذي
تجتمع الإمامية فيه لقراءة المصرع إلى قبة العباس، فسأل شيئاً في محبة أبي بكر
الصديق رضي الله عنه كما جرت عادة السؤال، فقال له رجل شيخ من الحاضرين: اجلس حتى
نفرغ، فلما فرغوا أخذه إلى داره وسلط عبدين له عليه، فكتفاه وأوجعاه ضربا، ثم قطع
لسانه، وقال: اخرج إلى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فجاء وهو مقطوع اللسان
تجاه الحجرة المقدسة يستغيث ويقول: يا رسول الله تعلم ما قد جرى علي في محبة
صاحبك، فإن كان صاحبك على حق أحب أن يرجع إلي لساني، فإن لم يرجع إلى لساني وإلا
شككت في ايماني، قال: فبينما هو في أثناء الليل إذ استيقظ فوجد لسانه في فيه كما
كان قبل قطعه، ثم عاد في مثل ذلك اليوم في العام المقبل إلى القبرة المذكورة، وقام
وقال: أريد في محبة أبي بكر الصديق ديناراً مصرياً، فقال له حدث من الحاضرين اقعد
حتى تفرغ، فلما فرغوا أتى به ذلك الحدث إلى تلك الدار التي قطع فيها لسانه فأدخله
إليها وأجلسه في مكان مفروش وأحضر له طبق طعام وواكله واستزاده في الأكل حتى
اكتفى، ثم رفع الطعام وفتح بيتاً، وجعل الفتى يبكي، فقام عمر المذكور لينظر سبب
بكائه، فرأى قرداً مربوطاً عنده وهو ينظر إليه ويبكي، فسأله عن ذلك، فازداد بكاؤه
وارتفع نحيبه، ثم سكنه حتى سكن، وسأله عن ذلك القرد ما هو، فقال لي: إن حلفت لي
أنك لا تحكي هذه الحكاية في المدينة المقدسة أخبرتك، فحلف له بما استحلفه أنه لا
يخبر بها أحد في المدينة النبوية، فقال له: اعلم أنه أتانا شخص في العام الماضي
وطلب شيئاً في قبة العباس التي أتيت إلينا في العام فيها، وسأل شيئاً في محبة أبي
بكر الصديق وكان والدي من فقهاء الإمامية وعلماء الشيعة ممن يرجع إلى فتياه وقوله
في مذهبه، فسلط عليه عبدين له فكتفاه وأوجعاه ضرباً، ثم قطع لسانه وأخرجه وقال:
اذهب إلى الذي طلبت لأجله ليرد عليك لسانك، فلما كان في أثناء الليل صرخ أبي صرخة
عظيمة فاستيقظنا لها فوجدناه قد مسخ قرداً، وهو هذا، فجددنا إسلامنا نحن، وتبرأنا
من ذلك المذهب، وخطر لنا إظهار موته، فأظهرنا موته، وأخذنا خشبة نخل بالية تشبه
الآدمي، ولففنا عليه خرقاً ودفناه، وكنت أظهرت أني حلفت أنه لا يتولى غسله إلا أنا
ووالدتي لئلا يطلع أحد على شيء من ذلك.
قال: فقال له الشيخ عمر فأنا أزيدك في الحكاية زيادة، وهو أني أنا الشخص الذي قطع
لساني، وقد عاد كما كان، فأكب عليه يقبل رأسه ويديه ويتبرك به، وأعطاه ديناراً
وكساه ثوباً، وكان يتفقده مدة مقامه في المدينة النبوية على ساكنها السلام.
قال: وحكى لي هذه الحكاية بمنى أيام الموسم، وذكر أن اسم الممسوخ كان أحمد.
أنشدنا محمد بن أبي محمد بن الصفار السنجاري بها قال: أنشدني تقي الدين أبو العباس
أحمد بن عبد الواحد الحوراني المدرس الشافعي - ثم اجتمعت بأبي العباس أحمد فأنشدني
- قال: أنشدني الشيخ موفق الدين أبو الثناء محمود بن أحمد الخجندي الفقيه الشافعي
لنفسه بسنجار
وجالس للدروس يعمه في ... مسلك تيهٍ للأسد فرّاس
في جدرٍ ألفت مساكنها ... من غصب والٍ ومكس مكاس
ينهى عن الظلم في دراسته ... وأكله من مظالم الناس
فقف عليه وسل ملاءمةً ... بين نقيضي ذا الذاكر الناسي
تقطعه في معرك الجداب وما ... في طللٍ بالوقوف من باسي
أنشدني تقي الدين أبو العباس الحوراني بمصر لنفسه وقال لي: هذه الأبيات أنشدتها
ببغداد حين استذللت في المسأله ومدحت بها المستنصر:
له شرف الخلافة من قريشٍ ... ومجدٌ من مساعيها العظام
له سرّ النبوة من معدٍ ... فهذا السر في هذا الإمام
فرأيٌ بين من واقتداءٍ ... وعزمٌ بين سرٍ وانتقام
أنشدنا أبو العباس أحمد بن عبد الواحد بن مراء لنفسه قراءة عليه وأنا أسمع:
دعها تسير من العراق سريعاً ... فلعلها ترد الحجاز ربيعا
أضحت تحنّ إلى العقيق صبابةً ... وتمد أعناقاً لهنّ خضوعا
وردت
على ماء العذيب فسرّها ... ذاك الورود فنقطته دموعا
والله لولا حبّ من سكن الحمى ... ما كان قلبي للغرام مطيعا
أحمد بن عبد الوارث بن خليفة القلعي:
سمع بحلب الفقيه أبا علي عالي بن إبراهيم بن اسماعيل الغزنوي الحنفي، وحدث عنه
بدمشق في شهر ربيع الآخر سنة ست وستين وخمسمائة فقد توفي بعد ذلك //الجزء الثالث
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر حرف الميم في آباء الأحمدين
ذكر من اسم أبيه محمد في آباء الأحمدين أحمد بن محمد بن متوية، أبو جعفر المروزي:
المعروف بكاكو، سافر إلى الشام وجال في أقطارها، وسمع بها وبآمد وميافارقين، ففي
تجواله بين هذه البلاد دخل حلب أو بعض عملها، إن لم يكن سمع بها.
ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق بما أخبرنا به ابن أخيه أبو البركات
الحسن بن محمد إجازة قال: أخبرنا عمي قال: أحمد بن محمد بن متوية، أبو جعفر
المروزي المعروف بكاكو، سمع أبا القاسم بن الطبيز بدمشق وأبا مسعود صالح بن أحمد
بن القاسم الميانجي، وأبا محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن حميد بصيدا، وأبا الحسن
بن الترجمان بالرملة، وأبا عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف، وأبا عبد الله محمد بن
الحسن بن عمر الصيرفي، وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن محمد الحراني، وأبا علي
الحسين بن ميمون بن حسون بمصر، وعبد الله بن يوسف بن عبد الله بن نصر البغدادي
بتنيس، وأبا عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة المالكي بآمد، وأبا القاسم هبة الله
بن سليمان بن داود الجزري، وأبا الطيب سلامة بن إسحق بن محمد بميافارقين.
روى عنه أبو محمد الحسن بن مسعود البغوي المعروف بالفراء، حدثنا عنه أبو القاسم
وأبو بكر الشحاميان.
أحمد بن محمد بن محمود بن أحمد بن علي بن أحمد بن عثمان بن موسى المحمودي: أبو
العباس بن أبي عبد الله بن أبي الفتح المعروف بابن الصابوني، من بيت الرواية
والحديث، سمع جده الإمام أبا الفتح محموداً، وأباه أبا عبد الله محمداً، وأبا
يعقوب يوسف بن الطفيل بمصر، والحافظ أبا طاهر السلفي بالاسكندرية، وابن شافع
بدمشق، وأبا الفتح بن شاتيل ببغداد.
وأجاز له محمد بن عبد الرحمن المسعودي، وأبو الفرج الثقفي.
وحدث بدمشق، ومصر، ذكر لي ابن عمه جمال الدين أبو حامد محمد بن علي بن محمود بن
الصابوني أنه دخل حلب مع والده أبي عبد الله محمد، وأنه توفي بمصر يوم الجمعة ثالث
شهر رمضان سنة إحدى وثلاثين وستمائة، ودفن يوم السبت بسارية بسفح المقطم، بتربة
جده رحمهما الله.
أنبأنا الحافظ عبد العظيم المنذري قال في ذكر من مات سنة إحدى وثلاثين وستمائة:
وفي الثالث من شهر رمضان توفي الشيخ الأجل أبو العباس أحمد بن الشيخ الأجل الموفق
أبي عبد الله محمد بن الشيخ الأجل الصالح أبي الفتح محمود بن أحمد بن علي بن أحمد
بن عثمان بن موسى المحمودي الصابوني الشافعي بمصر، ودفن إلى جانب جده بسفح المقطم.
سمع بالاسكندرية بإفادة أبيه من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني، وببغداد
من أبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل.
وحدث بدمشق ومصر، سمعت منه بالقاهرة وسألته عن مولده فذكر ما يدل تقريباً أنه سنة
تسع وستين وخمسمائة.
أحمد بن محمد بن محمود بن سعيد الغزنوي: الفقيه، المعروف بالتاج الحنفي، وقيل فيه
أحمد بن محمود بن سعيد، وهو الصحيح، وسنعيد ذكره إن شاء الله تعالى.
كان فقيهاً فاضلاً من أصحاب الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه، أقام بحلب مدة معيداً
بالمدرسة النورية المعروفة بالحلاويين في أيام ولاية الإمام علاء الدين أبي بكر
الكاشاني، وانتفع به جماعة من الفقهاء، وصنف في الفقه وعلومه كتباً حسنة منها كتاب
روضة العلماء في الفقه، ومقدمة في الفقه مختصرة، وكتاب في أصول الفقه وأصول الدين.
وسمعت والدي يثني عليه ثناءً حسناً، ومن جملة من انتفع بصحبته والقراءة عليه
الفقيه الشريف عماد الدين أبو العباس أحمد بن يوسف الحسني نزيل حلب.
أنشدنا الفقيه برهان الدين إبراهيم بن محمد بن أحمد بن محمد بن محمود قال: قرأت
بخط جدي أحمد الغزنوي:
الرقص نقصٌ والسماع رقاعةٌ ... وكذا التواجد خفةٌ في الرأس
والله
ما اجتمعوا لطاعة ربهم ... إلاّ لما طحنوه بالأضراس
توفي أحمد بن محمد الغزنوي بحلب حرسها الله في....... ودفن في مقابر الفقهاء قبلي
مقام إبراهيم عليه السلام رحمه الله.
أحمد بن محمد بن المستنير المصيصي: حدث عن أبيه أبي الخصيب محمد بن المستنير،
وسعيد بن المغيرة أبي عثمان الصياد المصيصي، وعبده بن سليمان، ويعقوب بن كعب.
روى عنه أبو بكر محمد بن أحمد بن المستنير، ويعقوب بن إسحق.
وقيل إنه يكنى الخصيب، والصحيح أنها كنية أبيه، والله أعلم.
أحمد بن محمد بن مسعر: ابن محمد بن يحيى بن الفرج بن أنس بن الواصل بن جهم بن عباد
بن أنس ابن عباد بن مالك بن عمرو بن ساعدة بن نزار بن فهم بن تيم الله بن أسد بن
وبرة، أبو الفضل بن أبي بكر التنوخي المعري، من أهل معرة النعمان، من بيت معروف
بالرواية والشعر والأدب، وأبو الفضل هذا شاعر مجيد، روى الحديث عن أبيه أبي بكر
محمد بن مسعر.
روى عنه أبو سعد السمان الحافظ، وخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري النيسابورية في كتابها إلينا منها عن أبي
القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثني الاستاذ أبو الحسن علي بن الحسين بن مردك
قال: أخبرنا أبو سعد السمان - إجازة - قال: حدثنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن مسعر
بن محمد بن يحيى بن الفرج التنوخي بمعرة النعمان بقراءتي عليه قال: حدثنا أبي أبو
بكر محمد بن مسعر قال: حدثنا محمد بن بركة القنسري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي
رجاء قال: حدثنا وكيع عن الأعمش عن إبراهيم عن همام بن الحارث عن حذيفة قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل الجنة قتات.
قرأت في مراثي بني المهذب المعريين أبياتاً لأبي الفضل أحمد بن محمد بن مسعر يرثي
بها الشيخ أبا القاسم جعفر بن علي بن المهذب، وهي على وزن قصيدة أبي العلاء أحمد
بن عبد الله بن سليمان وقافيتها رثى بها أبو العلاء جعفر المذكور، وقصيدة أبي
العلاء.
أحسن بالواجد من وجده وقصيدة أبي الفضل بن مسعر:
يا سيداً غيّب في لحده ... جاز مصابي بك عن حده
بعد علي وابنه جعفر ... لا تلك الواجد في وجده
وما هما الدهر بخطب وقد ... كانا هما واسطتي عقده
رأيت هذا الدهر أحداثه ... تحلل المحكم من عقده
أي سرور لك لم تقصه ... وأي حزن لك لم تهده
وأي خطب بك لم تغره ... وأي أحبابك لم ترده
مالي على عدوانه ناصر ... ولا يد تدفع من أيده
كابدت مر الصبر من بعد من ... فقدت حلو العيش مع فقده
أضحت بي الأحزان ملتفة ... لما غدا قد لف في برده
ذممت دهري بعد فقدانه ... وكنت قد أطنبت في حمده
فالآن لا أصغي إلى عاذل ... يعذلني في الحزن من بعده
قد كان يخشى الله في هزله ... ويتقي الرحمن في جده
إن غاب عنا فله أنجم ... طالعة باليمن من سعده
ما منهم إلا فتى ماجد ... كالصارم المشهور من غمده
ما مات من خلف أمثالهم ... لكنه دان على بعده
فأمطر الله ثرى جعفر ... سحائب الغفران من عنده
توفي جعفر بن علي بن المهذب المرثي في ذي الحجة من سنة سبع وثمانين وثلاثمائة، فقد
توفي أحمد بن محمد بن مسعر بعد ذلك.
أحمد بن محمد بن مسعود الانطاكي: حدث عن أبي غالب الأنطاكي، روى عنه أبو بكر أحمد
بن محمد بن هرون الخلال.
أحمد بن محمد بن مفرح العشاب: أبو العباس بن أبي الخليل الأموي الأشبيلي النباتي،
المعروف بابن الرومية، منسوب إلى معرفة العشب والنبات، وقفت على كتاب صنفه في
الحشائش، ورتب أسماؤها على حروف المعجم، وهو كتاب حسن كثير الفائدة، ورحل إلى
البلاد ودخل حلب في رحلته، وسمع الحديث ببلاد الأندلس وغيرها.
وقال
لي رفيقنا أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي: كان أبو العباس العشاب يعرف
الحشائش معرفة جيدة، وكان رئيس الحزمية بإشبيلية، واعتنى بنفسه وطلب الحديث، وسمع
بالأندلس وغيرها من البلاد، وسمع بدمشق الشيخ أبا القاسم بن الحرستاني، وداود بن
ملاعب، وأبا العباس أحمد بن عبد الله العطار، وغيرهم واجتاز بحلب مرافقاً لابن
عفير.
سمعت الوزير القاضي الأكرم أبا الحسن علي بن يوسف الشيباني يقول: لما ورد أحمد
العشاب حلب اجتمعت به، وتفاوضنا في ذكر الحشائش فقلت له: قصب الذريرة قد ذكر في
كتب الطب وذكروا أنه يستعمل منه شيء كثير، وهذا يدل على أنه كان موجوداً كثيراً،
والآن فلا يوجد، ولا يخبر عنه مخبر، فقال: هو موجود وإنما لا يعلمون أين يطلبونه،
فقلت له: وأين هو؟ فقال: بالأهواز منه شيء كثير.
أخبرني الحسن بن الحسن بن منصور الجنب التميمي المغربي قال: قرأت على أبي جعفر
أحمد بن يوسف بن فرتون في كتابه الذي ذيل به الصلة لابن بشكوال، وكتبه لي بخطه
بالقاهرة قال: أحمد بن محمد بن أبي الخليل مفرح الأموي، يعرف بابن الرومية، يكنى
أبا العباس، من أهل مدينة إشبيلية، روى بالأندلس كثيراً عن اشياخ من أهلها، ورحل
إلى المشرق، فجمع في رحلته، وروى عن خلق كثير عددهم بين رجال ونساء ضمنهم كتاب
التذكرة له، وله مختصر كتاب الكامل لأحمد بن عدي في رجال الحديث، وله كتاب المعلم
بما زاده البخاري على كتاب مسلم.
ويعرف أحمد هذا بالنباتي، لمعرفته به، ومولده في نحو إحدى وستين وخمسمائة، وتوفي
رحمه الله بإشبيلية منسلخ شهر ربيع الأول سنة سبع وثلاثين وستمائة، عرفني بوفاته
ولده الطيب أبو النور محمد.
وذكر الرواية المكثر والبحر المزخر أبو محمد عبد الله الحريري رحمه الله في جزء من
تأليفه سماه بنثر النور والزهر في نشر أحوال الشيخ أبي العباس النباتي، أنه سأله
عن مولده، فذكر أنه ولد في شهر الله المحرم سنة إحدى وستين وخمسمائة، وأنه توفي
فجأة بين الظهر والعصر من يوم الاحد الموفى ثلاثين من ربيع الأول من العام المذكور
في نفس هذا المجموع، وصلي عليه ضحى يوم الاثنين مستهل ربيع الآخر على مقربة من
قبره الكدية بخارج إشبيلية، وحضره جمع كبير.
وقد رثاه أناس من تلاميذه كأبي محمد عبد الله هذا الحريري، وأبي آمنة إسماعيل بن
عفير، وكأبي الأصبغ عبد العزيز الكبتوري، وأبي بكر محمد بن محمد بن جابر السقطي،
وأبي العباس بن سليمان، وذكر جميعهم أبو محمد الحريري في المجموع المتقدم ذكره.
أنبأنا أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي أحد الربيعين، يعني، من
سنة سبع وثلاثين وستمائة توفي الشيخ الأجل الفاضل أبو العباس أحمد ابن محمد بن
مفرح الأموي الأندلسي، الإشبيلي، العشاب، الزهري، النباتي، الحزمي، المعروف بابن
الرومية، بإشبيلية.
سمع من أبي عبد الله محمد بن سعيد بن زرقون، وأبي بكر بن محمد بن عبد الله بن يحيى
بن الجد، وأبي محمد أحمد بن جمهور بن سعيد القيسي، وأبي بكر محمد بن علي بن خلف
التجيبي، وغيرهم.
ورحل وسمع ببغداد من غير واحد، ولقيته بمصر بعد عوده من الرحله، وحدث بمصر أحاديث
من حفظه، ثم توجه إلى الغرب، ولم يتفق لي السماع منه، وجمع مجاميع.
والعشاب: بالعين المهملة والشين المعجمة المشددة، وبعد الألف باء بواحدة، والزهري:
بفتح الزاي وسكون الهاء، والنباتي: بفتح النون وبعدها باء بواحدة مفتوحة، وبعد
الألف تاء ثالث الحروف، وكل ذلك نسبة إلى معرفة الحشيش والنبات، ويقال أنه كان
مهاجراً في ذلك جداً، والحزمي بفتح الحاء المهملة وسكون الزاي، نسبة إلى مذهب أبي
محمد علي بن أحمد بن حزم.
أخبرني أبو جعفر أحمد بن محمد بن صابر قال: أخبرني من أثق به أن أحمد بن محمد بن
المفرح بن الرومية كان جالساً في دكانه بإشبيلية يبيع الحشائش وينسخ، فاجتاز به
الأمير أبو عبد الله بن هود، سلطان الأندلس، فسلم عليه، فرد عليه السلام، واشتغل
بنساخته ولم يرفع إليه رأسه، فبقي واقفا ينتظر أن يرفع إليه رأسه ساعة طويلة، فلما
لم يحفل به ساق فرسه ومضى.
قال لي ابن صابر: وكان رجلاً صالحاً زاهداً، وتوفي بإشبيلية سنة سبع وثلاثين
وستمائة.
قال
لي: وله كتابان حسنان في علم الحديث، أحديهما يقال له الحافل في تكملة الكامل لابن
عدي مختصر من الأسانيد، وهو كتاب كبير، والآخر اختصر فيه الكامل لأبي أحمد ابن
عدي.
أحمد بن محمد بن منصور الطرسوسي: أبو الحسن، حدث بدمشق عن أبي مسعود إبراهيم بن
محمد بن عبيد الحافظ الدمشقي، روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي، وعبد الرحيم بن يوسف ابن
الطفيل وغيرهما قالوا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني -
قلت: ونقلته أنا من خط الحافظ - قال الحافظ: أخبرنا الشيخ الأمين - يعني أبا محمد
هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني - قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد
بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن منصور الطرسوسي - قدم علينا
- قال: حدثنا أبو مسعود إبراهيم بن محمد بن عبيد الحافظ الدمشقي قال: حدثنا عبد
الله بن محمد بن عثمان المزني - وأنا سألته - قال: حدثنا عبيد بن أبي رجاء
الشيرازي - من أصل كتابه - قال: حدثنا سعيد بن عيسى الكريزي قال: حدثنا أبو داود -
هو سليمان بن داود - قال: حدثنا شعبة عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جابر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم شفاعتي لأهل الكبائر من أمتي.
أحمد بن محمد بن ميمون بن ابراهيم: ابن كوثر بن حكيم بن أبان بن عبد الله بن
العباس الهمداني أبو الميمون الحلبي المذحجي، من بيت الرواية والحديث، وسنذكر جد
جده كوثر ابن حكيم في موضعه من كتابنا هذا ان شاء الله تعالى.
حدث أبو الميمون عن: أبي عبد الله محمد بن إسحق الضبي، المعروف بابن شبويه، ومؤمل
بن يهاب، وإسحق بن إبراهيم الأحيل الحلبي، وإسحق بن الضيف.
روى عنه: أبو أحمد عبد الله بن عدي، والحاكم محمد بن محمد، الحافظان، وأبو حفص عمر
بن علي العتكي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا
أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم
إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن
عدي قال: حدثنا أبو ميمون أحمد بن محمد بن ميمون بن إبراهيم بن كوثر بن حكيم
الحلبي - بحلب - قال: حدثنا إسحق بن الضيف قال: حدثنا عبد الرزاق عن معمر عن
الزهري عن أنس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم دخل يوم فتح مكة وعلى رأسه
المغفر.
وقال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت أبا الميمون أحمد بن محمد بن ميمون بن
إبراهيم بن كوثر بن حكيم بن أبان بن عبد الله بن العباس الهمداني الحلبي - بحلب -
هكذا نسب لي جد جده كوثراً، وقال لي: كنية كوثر أبو مخلد، وكان كوفياً.
أحمد بن محمد بن موسى، أبو بكر السوانيطي: سمع بالمصيصة أحمد بن محمد بن أبي رجاء،
ويوسف بن سعيد بن مسلم المصيصيين.
روى عنه أبو حفص عمر بن شاهين، وموسى بن عيسي السراج.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن أحمد قال:
أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الواحد بن محمد الفقيه قال:
أخبرنا موسى بن عيسى بن عبد الله السراج قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن موسى
السوانيطي قال: حدثنا يوسف بن سعيد بن مسلم قال: حدثنا قبيصة قال: حدثنا سلام
الطويل عن زياد بن ميمون عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
ان الله ليس بتارك أحدا من المسلمين صبيحة أول يوم من شهر رمضان إلا غفر له.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إذنا - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو
بكر الخطيب قال: أحمد بن محمد بن موسى، أبو بكر المعروف بالسوانيطي.
حدث عن يوسف بن سعيد بن مسلم، وأحمد بن أبي رجاء المصيصي.
روى عنه: موسى بن عيسى السراج أحاديث عدة، سماه فيها أحمد بن محمد ابن موسى، وكذلك
سماه ابن شاهين اذ روى عنه في الاخبار والنزه وسماه في غير ذلك محمد بن أحمد بن
موسى، وروى عنه غيره فقال: محمد بن أحمد ابن موسى، وذاك أصح، وقد ذكرناه في جملة
المحمدين.
قلت:
روى أبو سعيد الحسن بن إسحق بن بلبل القاضي عن أبي عبد الله، وسماه محمد بن أحمد
بن موسى السوانيطي، وكذلك محمد بن أحمد الزبيري، وأبو أحمد بن عدي، وأبو القاسم
إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الحلبي وسماه كل منهم محمد بن أحمد بن موسى، وكناه
أبا عبد الله، فاختلفت الكنيتان والاسمان، فيحتمل عندي أن يكون هذا غير هذا، وقد
روى كل واحد منها جميعاً، وقد كانا في عصر واحد، ويعرفان جميعاً بالسوانيطي،
فظنهما أبو بكر الخطيب واحداً، وهما اثنان، والله أعلم.
أحمد بن محمد بن نباته، أبو بكر البغدادي: حدث بمعرة النعمان عن......، روى عنه
أبو زكرياء يحيى بن مسعر بن محمد التنوخي المعري.
أحمد بن محمد بن نصر الحداد: أبو جعفر بن أبي عبد الله البغدادي ثم الحلبي. حدث
بحلب عن ابراهيم ابن مهدي المصيصي، ومحفوظ، وعفان بن مسلم، وفيض بن وثيق البصري،
وسعداه.
روى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن بركة بن إبراهيم الحلبي برداعس، وأبو إسحق إبراهيم
بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت، وصالح بن الأصبغ المنبجي، وأبو جعفر الحضرمي مطين،
وأبو الحسن علي بن سراج المصري.
أخبرنا القاضي شمس الدين أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي، وأبو
الفضل مكرم بن أبي الصقر، والحرة أم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي بن الخضر
القرشي بدمشق، قالا: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن علي بن الحبوبي.
وأخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال:
أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن
علي بن أبي العلاء المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم
قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن أحمد ابن أبي ثابت قال: حدثنا أبو جعفر
أحمد بن أبي عبد الله الحداد الحلبي قال: حدثنا ابراهيم بن مهدي المصيصي قال:
حدثنا أبو حفص الأبار عن إسماعيل بن عبد الرحمن عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال
النبي صلى الله عليه وسلم: إن أول من صنع له الحمام سليمان بن داود، فلما وجد حره
قال: أوه من قبل أن لا يكون أوه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو الفضل
إسماعيل بن علي بن إبراهيم الجنزوي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد
الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد السلمي قال: أخبرنا
جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن بركة بن إبراهيم
الحلبي المعروف ببرداعس قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن نصر الحداد قال: سمعت عفان بن
مسلم يقول: قال شعبة: من كتبت عنه أربعة أحاديث أم خمسة أحاديث، فأنا عبده حتى
يموت.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال: أخبرنا
أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد السلمي بدمشق.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بن خلف بالقاهرة قال: أنبأنا أبو
القاسم عبد الرحمن بن محمد السبي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله بن طلحة
التنيسي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أبي
الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد قال: حدثنا
أبو بكر محمد بن بركة بن إبراهيم المعروف ببرداعس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن نصر
البغدادي بحلب وكان حاذقاً بالحديث قال: حدثنا عفان بن مسلم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد زوريق قال: أخبرنا الحافظ أبو
بكر البغدادي قال: وأخبرنا علي بن أبي علي قال: قرأنا على الحسين بن هرون الضبي عن
أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: أحمد بن محمد بن نصر الحداد، بغدادي سمع
عفان بن مسلم، والفيض بن وثيق ونحوهما وكان بحلب.
أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي فيما أذن لنا فيه، وقرأت عليه اسناده قال: أخبرنا
أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن محمد بن نصر الحداد،
حدث عن عفان بن مسلم، وفيض بن واثيق البصري، روى عنه أبو جعفر الحضرمي مطين، ومحمد
بن بركة، المعروف ببرداعس الحافظ.
أحمد بن محمد بن النعمان بن عبد الرحمن بن النعمان:
أبو
العباس السميساطي، حدث ببالس عن أبي زرعة أحمد بن موسى المكي، روى عنه أبو عبد
الله الحسين بن أحمد بن بكير الحافظ.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الأنصاري قال: أخبرنا
أبو طاهر أحمد بن محمد الاصبهاني قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي
ببغداد قال: أخبرنا الحسين بن علي بن عبد الله الطناجيري قال: حدثنا أبو عبد الله
الحسين بن أحمد بن بكير الحافظ قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن النعمان
السميساطي ببالس قال: حدثنا أبو زرعة أحمد بن موسى المكي قال: حدثني أحمد بن محمد
بن الصباح قال: حدثنا محمد بن الحكم بن موسى قال: حدثنا عبد الصمد بن حسان قال:
سمعت سفيان الثوري يقول: الاسناد سلاح كيف يقاتل الرجل بغير سلاح؟!.
أحمد بن محمد بن نفيس: أبو الحسن الملطي، الإمام الشاهد، حدث عن أبي علي الحسن بن
حبيب الحضائري، روى عنه أبو الحسن بن علي بن الأهوازي المقرئ، وعلي بن محمد
الحنائي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا علي بن أبي
محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن
علي بن إبراهيم بن يزداد الأهوازي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن نفيس
الإمام قال: حدثنا أبو علي الحسن بن حبيب قال: حدثنا علان بن المغيرة بمصر قال:
حدثنا عبد الله بن صالح قال: حدثنا رشدين بن سعد عن جرير بن حازم عن حميد الطويل
عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من جمع القرآن متعه الله
تبارك وتعالى بعقله حتى يموت.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: قال لنا أبو محمد ابن
الأكفاني: سنة أربع وأربعمائة، فيها توفي أبو الحسن الملطي.
أخبرنا أبو الفضل بن محمد في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: قرأت بخط
أبي محمد عبد المنعم بن علي بن النحوي: مات أبو الحسن بن نفيس الملطي في يوم الجمعة
لثلاث خلون من ذي الحجة سنة أربع وأربعمائة.
أحمد بن محمد بن هارون: أبو بكر الخلال الأنطاكي، صاحب التصانيف الواسعة،
والمجاميع النافعة.
سمع بحلب: صالح بن علي النوفلي، وصالح بن عمرو بن الفضيل الحلبي، وصالح بن أحمد
الحلبي، وبالمصيصة: الحسن بن علي بن عمر الفقيه، والحسن ابن سفيان المصيصي، وببالس
إسحق بن خالد البالسي، وبطرسوس: الحسين بن الحسن الوراق، واسماعيل بن الفضل،
وبأنطاكية أحمد بن محمد بن مسعود الأنطاكي ويحيى بن طالب الأنطاكي.
وروى عنهم، وعن أبي بكر أحمد بن محمد المروذي، ومحمد بن عوف الحمصي، والحسن بن
عرفه، وسعدان بن نصر، وأحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة الحافظ، وعبد الله بن
محمد بن سيار.
روى عنه صاحبه عبد العزيز بن جعفر الفقيه، ومحمد بن المظفر الحافظ، والحسن بن يوسف
الصيرفي، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر النهاوندي.
وقدم الشام، ودخل الثغور الشامية مرتين، أحديهما في سنة سبعين، والثانية في سنة
إحدى وسبعين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو الحسن علي
بن أحمد قبيس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن محمد
بن هرون، أبو بكر الخلال الحنبلي، سمع الحسن بن عرفه، وسعدان بن نصر، وأبا بكر
المروذي ومحمد بن عوف الحمصي ومن في طبقتهم وبعدهم.
روى عنه عبد العزيز بن جعفر صاحبه، والحسن بن يوسف الصيرفي، ومحمد ابن المظفر،
وكان ممن صرف عنايته إلى الجمع لعلوم أحمد بن حنبل وطلبها وسافر لأجلها، وكتبها
عالية ونازلة، وصنفها كتباً، ولم يكن فيمن ينتحل مذهب أحمد أجمع منه لذلك.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرني إبراهيم بن عمر البرمكي عن عبد العزيز بن جعفر قال:
سمعت أبا الحسن علي بن محمد بن بشار، والخلال بحضرته في مسجده وقد سئل عن مسألة،
فقال: سلوا الشيخ، فكأن السائل أحب جواب أبي الحسن، فقال: سلوا الشيخ، هذا الشيخ -
يعني الخلال - إمام في مذهب أحمد ابن حنبل، سمعته يقول هذا مراراً.
قال عبد العزيز: وسمعت أبا بكر محمد بن الحسين بن شهريار يقول: كلنا تبع للخلال
لأنه لم يسبقنا إلى جمعه وعلمه أحد.
وقال
عبد العزيز: وسمعت أبا بكر الشيرجي يقول: الخلال قد صنف كتبه ويريد منا أن نقعد
بين يديه ونسمعها منه، وهذا بعيد، فقال له أبو بكر بن شهريار: من طلب العلم يقابل
أبا بكر الخلال، من يقدر على ما يقدر عليه الخلال من الرواية؟! قال عبد العزيز:
وقد رسم في كتبه ومصنفاته إذا حدث عن شيوخه يقول: أخبرنا أخبرنا، فقيل له: انهم قد
حكوا أنك لم تسمعها وإنما هي إجازة، قال: سبحان الله، قولوا في كتبنا كلها حدثنا.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: حدثني
عبيد الله بن أبي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر أن أبا بكر الخلال مات في سنة
احدى عشرة وثلاثمائة.
قال أبو بكر: وقال لي أبو يعلى بن الفراء توفي أبو بكر الخلال يوم الجمعة قبل
الصلاة ليومين خلوا من شهر ربيع الأول سنة إحدى عشر وثلاثمائة، ودفن في يوم السبت
إلى جنب أبي بكر المروذي، وصلى عليه أبو عمر حمزة بن القاسم الهاشمي.
أحمد بن محمد هانيء الطائي وقيل هو كلبي، أبو بكر الأثرم الوراق الاسكافي، صحب
أحمد بن محمد ابن حنبل، وسمع بطرسوس أبا توبة الربيع بن نافع الحلبي، وبالمصيصة
سنيد ابن داود المصيصي، وحدث عنهما وعن أبي بكر بن أبي شيبة، وعفان بن مسلم وأبي
نعيم، والقعنبي وغيرهم، روى عنه أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد وموسى بن هرون.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو
الحسن بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو بكر
البرقاني قال: قرأت على بشر بن أحمد الأسفرائيني حدثكم عبد الله بن محمد بن سيار
أبو محمد الفرهياني قال: سمعت عباساً العنبري يقول: ما قدم علينا مثل عمرو بن
منصور، وأبي بكر الوراق، فقلت: من أبو بكر؟ قال: الأثرم، فقلت أناله: لا نرضى أن
تقرن صاحبنا بالأثرم، أي بأن هذا فوقه.
قال أبو بكر الحافظ: حدثت عن عبد العزيز بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد
الخلال قال: وأخبرني أبو بكر بن صدقة قال: سمعت أبا القاسم بن الجبلى قال: قدم رجل
فقال لي: أريد رجلاً يكتب لي من كتاب الصلاة ما ليس في كتب ابن أبي شيبة، قال:
فقلنا - أو فقالوا - ليس لك إلا أبو بكر الأثرم، قال: فوجه إليه ورقاً، فكتب
ستمائة ورقة من كتاب الصلاة، فنظرنا فإذا ليس في كتاب ابن أبي شيبة منه شيء.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أحمد بن محمد بن هانيء، أبو بكر الطائي، ويقال الكلبي، الأثرم، صاحب أحمد بن
حنبل.
سمع حرمي بن حفص، وعفان بن مسلم، ومعاوية بن عمرو، وسليمان بن حرب، وأبا الوليد
الطيالسي، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وأبا نعيم الفضل بن دكين، وأبا توبة الربيع
بن نافع، وسنيد بن داود، ونعيم بن حماد، وأبا بكر ابن أبي شيبة، ومحمد بن عبد الله
بن نمير.
وله كتاب في علل الحديث، ومسائل أحمد بن حنبل يدل على علمه ومعرفته.
روى عنه موسى بن هرون، ومحمد بن جعفر الراشدي، وعمر بن محمد بن عيسى الجوهري،
ويحيى بن محمد بن صاعد وغيرهم، وكان الأثرم من أهل اسكاف بني الجنيد، وبها مات
فيما ذكر لي أبو يعلى محمد بن الحسين بن محمد بن الفراء، وقال لي: حدثني من زار قبره
هناك.
قال الخطيب: وكان الأثرم فيمن يعد في الحفاظ والأذكياء، حتى قال فيه يحيى ابن معين
- ما حدثت عن عبد العزيز بن جعفر الحنبلي قال: حدثنا أبو بكر أحمد ابن محمد بن
هرون الخلال قال: أخبرني عبد الله بن محمد قال: سمعت سعيد بن عتاب يقول: سمعت يحيى
بن معين يقول: - كان أحد أبوي الأثرم جنياً.
وقال الخلال أيضاً: أخبرني أحمد بن محمد بن عبد الله بن صدقة قال: سمعت أبا جعفر
بن شكاب يقول: سمعت يحيى بن أيوب، وذكر الأثرم، فقال أحد أبويه جني.
وقال الخلال: أخبرني أبو بكر بن صدقة قال: سمعت إبراهيم الأصبهاني يقول: الأثرم
أحفظ من أبي زرعة الرازي وأتقن.
قال
الخلال: وكان عاصم بن علي بن عاصم لما قدم بغداد طلب رجلاً يخرج له فوائد يمليها،
فلم يوجد له في ذلك الوقت إلا أبو بكر الأثرم، فكأنه لما رآه لم يقع منه موقع
لحداثة سنه، فقال له أخرج كتبك، فجعل يقول له: هذا الحديث خطأ، وهذا الحديث كذا،
وهذا غلط، وأشياء نحو هذا، فسر عاصم به، وأملى قريباً من خمسين مجلساً، فعرضت على
أحمد بن حنبل فقال: هذه أحاديث صحاح.
وكان يعرف الحديث ويحفظه، ويعلم الأبواب والمسند، فلما صحب أحمد ابن حنبل ترك كل
ذلك، وأقبل على مذهب أبي عبد الله.
فسمعت أبا بكر المروذي يقول: قال الأثرم: كنت أحفظ - يعني الفقه والاختلاف - فلما
صحبت أحمد بن حنبل تركت ذاك كله، وليس أخالف أبا عبد الله إلا في مسألة واحدة،
ذكرها المروذي، قال: فقلت له: فلا تخالفه أيضاً في هذه المسألة، وكان معه تيقظ
عجيب جداً.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا محمد بن علي المقريء قال: أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله
بن مهران قال: أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: سمعت أبا علي صالح بن محمد
البغدادي يقول: كان أصحابنا ينكرون على الأثرم كتاب العلل لأحمد بن حنبل.
وقال أحمد بن علي: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا الحسين بن علي التميمي
قال: حدثنا أبو عوانة يعقوب بن إسحق الاسفرائيني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال:
وسألته - يعني أحمد بن حنبل - عن أبي بكر الأثرم، قلت: نهيت أن يكتب عنه، قال: لم
أقل إنه لا يكتب عنه الحديث، إنما أكره هذه المسائل.
أحمد بن محمد بن همام: ابن عامر أبي شهاب بن عامر بن محارب بن نعيم بن عدي بن عمرو
بن عدي ابن الساطع بن عدي بن عبد غطفان بن عمرو بن بريح بن جذيمة بن تيم الله، أبو
العباس بن أبي حامد بن أبي الوليد، التنوخي المعري، رجل مشهور مذكور، وكانوا
يقولون انه كان شيخ جند حمص.
قرأت في تاريخ جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب: فيها - يعني
سنة أربع وستين ومائتين - ولد أحمد بن أبي حامد بن همام رحمه الله، وسمعت جماعة من
شيوخ معرة النعمان يصفونه ويقولون: انه كان شيخ جند حمص.
وقرأت بخط أبي الحسين علي بن المهذب المعري في تعليق له: سنة أربع وستين فيها: ولد
عمي أحمد بن أبي حامد رحمه الله لاحدى عشرة ليلة خلت من جمادى الأولى، وست خلت من
أيار، وجدت مولده بخط أبيه، جدي أبي حامد محمد بن همام.
وقرأت بخط أبي الحسين بن المهذب في هذا التعليق: سنة إحدى وثلاثين - يعني -
وثلاثمائة فيها: توفي عمي أحمد رحمه الله، يوم الاثنين للنصف من شعبان.
وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن جعفر بن علي بن المهذب قال: سنة إحدى
وثلاثين وثلاثمائة فيها: توفي أحمد بن أبي حامد بن همام.
قلت: اظن أن أحمد بن أبي حامد روى الحديث عن أبيه أبي حامد والله أعلم.
أحمد بن محمد بن يحيى: أبو الحسن العسكري الفقيه بالثغور الشامية، حدت بطرسوس عن
أبي قلابة عبد الملك بن محمد الرقاشي، وإبراهيم بن راشد الادمي، وحميد بن الأصبغ،
وإبراهيم بن دنوقا، وأبي سعيد بن عقيل الفريابي، والربيع بن سليمان، وأحمد بن طاهر
بن حملة، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وأحمد بن عبيد بن ناصح، وأبي علاثة أحمد
بن عمرو بن خالد، وأحمد بن حازم ابن أبي غرزة وغيرهم.
روى عنه الحافظ أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم، وأبوا بكر: محمد بن إبراهيم بن
المقريء، ومحمد بن علي بن سويد المؤدب، وأبو الحسن: محمد بن الحسن الآبري، وعلي بن
عمر بن محمد بن الحسن القزويني الحربي، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر
الرازي.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله بحلب قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد
الرحيم بن أحمد بن الأخوة البغدادي وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن بن
محمد بن سليم قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - وقالت عين
الشمس: إجازة - قال: أخبرنا الشيخان: أبو منصور ابن الحسين، وأبو طاهر بن محمود
الثقفي قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم المقريء قال: حدثنا أبو الحسن أحمد
بن محمد بن يحيى العسكري الفقيه بطرسوس قال: حدثنا حميد بن الأصبغ قال: حدثنا آدم
قال: حدثنا حماد بن سلمة عن شعيب بن الحبحاب عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله
صلى الله عليه وسلم: هذه الآية كلمة طيبة كشجرة طيبة قال: هي النخلة، وتلا: كلمة
خبيثة كشجرة خبيثة قال: هي الحنظل.
كتب إلينا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الحراني قال: أخبرنا أبو الفتح
محمد بن عمر بن أبي بكر الحازمي قال: أخبرنا عيسى بن شعيب ابن إسحق الصوفي قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن بشرى الليثي قال: حدثنا الشيخ أبو الحسن محمد بن الحسين
بن إبراهيم الآبري قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن يحيى العسكري فقيه
الثغور بطرسوس فيما قرأت عليه قال: حدثنا إبراهيم بن دنوقا قال: حدثنا موسى بن
داود قال: حدثنا خالد بن خداش قال: حدثنا سليمان بن عبد العزيز عن سيار بن سلامة
عن أبي برزة قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: الأمراء من قريش، الأمراء من
قريش، لي عليهم حق، ولهم عليكم حق ما فعلوا ثلاثا: ما حكموا فعدلوا، واسترحموا
فرحموا، وعاهدوا فوفوا.
وقال أبو الحسن الآبري: قرأت على أبي الحسن أحمد بن محمد بن يحيى العسكري بطرسوس
رحمه الله، وكان من نبلاء الشافعيين، سنة أربع عشرة وثلاثمائة عن أحمد بن طاهر بن
حرملة، فذكر حديثاً.
وتوفي أبو الحسن العسكري بعد هذا التاريخ.
أحمد بن محمد بن يحيى بن المبارك بن أبي عبيد الله بن المغيرة: أبو جعفر العدو
المقرئ النحوي، المعروف جده بأبي محمد اليزيدي، عرف بذلك لصحبته يزيد بن منصور
الحميري خال المهدي.
سمع: أباه محمدا، وجده أبا محمد اليزيدي، وأبا سعيد الأصمعي، وأبا زيد الأنصاري.
روى عنه: ابناه أبو عيسى موسى، وأبو موسى عيسى، وأخواه عبيد الله والفضل ابنا
محمد، وابن أخيه محمد بن العباس بن محمد اليزيديون، ومحمد بن عبد الملك الزيات،
وعون بن محمد الكندي.
وكان أبو جعفر شاعراً مجيداً، عالماً بالقراءات والنحو، مدح المأمون، وقدم معه حلب
حين قدمها، وكان في صحبته حين غزا الروم.
ذكر أبو الفرج علي بن الحسين الاصبهاني في كتاب الأغاني قال: أخبرنا محمد ابن
العباس - حدثني أبي عني أخيه أبي جعفر - قال: دخلت يوما على المأمون بقارا وهو
يريد الغزو فأنشدته شعراً مدحته فيه أوله:
يا قصر ذا النخلات من بارا ... إني حننت إليك من قارا
أبصرت أشجاراً على نهرٍ ... فذكرت أنهاراً وأشجارا
لله أيامٌ نعمت بها ... بالقفص أحياناً وفي بارا
إذ لا أزال أزور غانيةٍ ... ألهو بها وأزور خمّارا
لا أستجيب لمن دعا لهدىً ... وأُجيب شطّاراً وذعّارا
أعصي النصّيح وكل عاذلةٍ ... وأُطيع أوتاراً ومزمارا
فغضب المأمون وقال: أنا في وجه غزو وأحض الناس على الغزو، وأنت تذكرهم نزهة بغداد؟
فقلت: الشيء بتمامه، ثم قلت:
فصحوت بالمأمون من سكري ... ورأيت خير الأمر ما اختارا
ورأيت طاعته مؤديّةً ... للفرض إعلانا وإسرارا
فخلعت ثوب الهزل عن عنقي ... ورضيت دار الخلد دارا
وظللت معتصماً بطاعته ... وجواره وكفى به جارا
إن حلّ أرضاً فهي لي وطنٌ ... وأسير عنها حيث ما سارا
فقال له يحيى بن أكثم: ما أحسن ما قال يا أمير المؤمنين، أخبر أنه كان في سكر
وخمار، فترك ذلك وارعوى وآثر طاعة خليفته، وعلم أن الرشد فيها، فسكن وأمسك.
أنبأنا
أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن محمد
بن يحيى بن المبارك بن المغيرة، أبو جعفر العدوي النحوي، المعروف أبوه باليزيدي،
كان من ندماء المأمون، وقدم معه دمشق، وتوجه منها غازيا للروم، وسمع أباه أبا محمد
يحيى بن المبارك، وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاري، وكان مقرئاً.
روى عنه أخواه عبيد الله والفضل ابنا محمد وابن أخيه محمد بن العباس ابن محمد بن
أبي محمد اليزيدي، وعون بن محمد الكندي، ومحمد بن عبد الملك الزيات.
قلت: كذا وقع السهو في كتاب الحافظ أبي القاسم في موضعين، في قوله المعروف أبوه
باليزيدي، وإنما المعروف بذلك جده أبو محمد، وفي قوله سمع أباه أبا محمد يحيى بن
المبارك، وإنما هو جده أيضاً.
نقلت من خط عبد السلام البصري المعروف بالواجكا: نسخت من آخر كتاب نوادر اليزيدي،
كتاب الشيخ أبي سعيد - يعني السيرافي - من خط أبي بكر بن السراج قال لي أبو عبد
الله اليزيدي أيده الله - يعني أبا عبد الله بن العباس بن محمد بن يحيى اليزيدي -
: كان لأبي محمد يحيى بن المبارك العبدي - وهو المعروف باليزيدي، وإنما سمي
اليزيدي لصحبته يزيد بن منصور الحميري خال المهدي - من الذكور محمد، وهو أسنهم،
وهو جد أبي عبد الله، وولد محمد من الذكور إثني عشر فأولهم أحمد، وعبد الله، وهو
الغالب عليه اللقب عبدوس، والعباس أبو أبي عبد الله أسعده الله، وهؤلاء الثلاثة
أوصياء أبيهم؛ وجعفراً، وعلياً، والحسن، والفضل، والحسين، وهما توأمان، وعيسى،
وسليمان، وعبيد الله، ويوسف، فالبارع منهم أحمد، والعباس، وجعفر، والحسن والفضل،
وسليمان، وعبيد الله، فمات أحمد قبل سنة ستين، ولم ينشى لهؤلاء كلهم ابن روى العلم
غير أبي عبد الله أسعده الله، وابنين لأحمد بن محمد أحدهما موسى، ويكنى بأبي عيسى،
وعيسى ويكنى بأبي موسى، وريا عن أبيهما، وعم أبيهما إبراهيم بن محمد، ما سمعا من
أبي زيد والأصمعي.
هذا مما نقلته من خط عبد السلام في ذكره، وقد قيل إنهم من موالي بني عبد مناة بن
تميم.
وقال أبو خاتم: اليزيدي مولى لبني عدي وليس منهم، ولكن كذا يقولون، كان نازلاً
فيهم فنسب إلى آل يزيد، وكان مؤدباً ليزيد بن مزيد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز، وأنبانا
أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس، قالا: أخبرنا ابو بكر
أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن محمد بن أبي محمد يحيى بن المبارك، أبو
جعفر اليزيدي، سمع جده يحيى بن المبارك، وأبا زيد سعيد بن أوس الأنصاري.
روى عنه أخوه عبيد الله وابن أخيه محمد بن العباس بن محمد اليزيدي، وعون بن محمد
الكندي، وكان أديباً عالماً بالنحو، شاعراً مدح المأمون والمعتصم وغيرهما، ومات
قبل سنة ستين ومائتين بمدة طويلة.
أحمد بن محمد بن يحيى بن صفوان الأنطاكي أبو بكر، قيل فيه هكذا، وقيل أحمد بن يحيى
بن صفوان، وهو المعروف، وسيأتي ذكره فيمن اسم أبيه يحيى إن شاء الله تعالى.
أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم بن أبي الخناجر: أبو علي الأنصاري الأطرابلسي، سمع
بطرسوس: بشير بن زاذان، وإسحق بن عيسى بن الطباع، وموسى بن داود قاضي طرسوس أبا
عبد الله؛ وبالمصيصة: محمد بن كثير المصيصي؛ وروى عنهم وعن محمد بن مصعب القرقساني
ومعاوية بن عمرو، ويحيى بن أبي بكير الكرماني، ومحمد بن المبارك الصوري، ومحمد بن
مصعب القرقساني، والعباس بن الوليد البصري، ومؤمل بن اسماعيل.
روى عنه: أبوا بكر: عبد الله بن محمد زياد النيسابوري، ومحمد بن عبد الله بن محمد
الطائي الحمصي، وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي، وأبو علي محمد ابن محمد بن أبي
حذيفة، وعبد الرحمن بن أبي حاتم، وأحمد بن محمد بن نصر بن بحير، وأبو العباس محمد
بن الحسن بن قتيبة، وأبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبو الجهم بن طلاب، وأبو
المعمر الحسين بن محمد بن سنان الموصلي، والحسن بن حبيب، وأبو عمرو أحمد بن محمد
بن عدي، وأبو الطيب علي بن محمد بن أبي سليمان الصوري، وأبو محمد يحيى بن محمد بن
صاعد، وأبو الفضل أحمد بن عبد الله بن هلال السلمي، وعبد الملك بن عدي.
أخبرنا
أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: أخبرنا أبو سعد عبد الرحمن بن
عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو زيد واقد بن الخليل بن عبد الله قال:
أخبرنا والدي أبو يعلى الحافظ قال: حدثني أحمد بن محمد الزاهد قال: حدثنا عبد
الملك بن عدي قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن يزيد بن أبي الخناجر الأطرابلسي قال:
حدثنا مؤمل بن إسماعيل قال: حدثنا همام بن يحيى، وحماد بن سلمة، وسفيان الثوري
قالوا: حدثنا عطاء ابن السائب قال: حدثني عبد الله بن عبيد بن عمير عن أبيه عن ابن
عمر رضي الله عنهما أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من شرب الخمر لم يقبل الله
له صلاة أربعين يوماً - أو قال: صباحاً - فإن تاب تاب الله عليه، فإن عاد فشربها فمثل
ذلك، فإن عاد فشربها فمثل ذلك، فإن عاد فشربها الرابعة لم يقبل الله له صلاة
أربعين يوماً، فإن تاب لم يتب الله عليه، وكان حقاً على الله أن يسقيه. قال همام:
من نهر الخبال، وقال حماد وسفيان: من طينة الخبال: قال: قلت: يا أبا عبد الرحمن
وما طينة الخبال؟ قال: صديد أهل النار.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني - إذنا عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة - قال:
حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا خيثمة ابن سليمان
من حفظه قال: حدثنا ابن أبي الخناجر قال: كنت في مجلس يزيد بن هرون بواسط، فجاء
أمير المؤمنين فوقف علينا في المجلس، وفي المجلس ألوف، فالتفت إلى أصحابه، فقال:
هذا الملك.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا
أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر الحسين
بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي
حاتم قال: أحمد بن محمد بن يزيد بن مسلم الأنصاري الأطرابلسي المعروف بابن أبي
الخناجر، روى عن المؤمل بن اسماعيل، ويحيى بن أبي بكير، وموسى بن داود، كتبنا عنه،
وهو صدوق.
أخبرنا عمر بن طبرزد - فيما أذن لنا فيه - عن أبي القاسم بن السمرقندي عن أبي طاهر
محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا الحسن بن محمد أحمد بن جميع قال: أخبرنا
أبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة قال: سمعت محمد بن الحسن بن قتيبة
يقول: ما كتبت في الإسلام عن شيخ أهيأ ولا أنبل منه - يعني الخليل بن عبد الله -
ومن ابن أبي الخناجر أحمد بن محمد بن يزيد، أبو بكر النرسي: سمع بحلب أبا أسامة
عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي، وحدث عنه ببغداد، روى عنه محمد بن جعفر
المعروف بزوج الحرة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - فيما أذن لنا في روايته عنه -
قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا عبد الله بن أبي بكر بن شاذان قال: حدثنا محمد جعفر، المعروف بزوج الحرة،
املاء قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يزيد النرسي قال: حدثنا أبو أسامة
الحلبي قال: حدثنا يعقوب بن كعب قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش، ومغيرة عن
إبراهيم عن عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إني لأعرف
آخر الناس خروجاً من النار رجل يخرج منها زحفاً فيقال له: انطلق فادخل الجنة، فيجد
الناس قد أخذوا المنازل، فيقال له: تذكر الزمان الذي كنت فيه؟ فيقول: نعم فيقال
له: تمن، فيتمنى، فيقال له: لك ما تمنيت وعشرة أضعاف ذلك، فيقول: أتسخر بي وأنت
الملك، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم ضحك حتى بدت نواجذه.
أحمد بن محمد بن يزيد، أبو سهل الفارسي حدث بالمصيصة عن أحمد بن شيبان الأحنف
المصيصي، وأحمد بن حرب الطائي، روى عنه الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحق
الحافظ، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد الرحيم
بن الأخوة البغدادي وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو
الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، وقالت عين الشمس إجازة، قال: أخبرنا الشيخنا
أبو الفتح منصور بن الحسين بن علي بن القاسم، وأبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي
قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ قال: حدثنا أبو سهل أحمد بن محمد
الفارسي بالمصيصة قال: حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا
محمد بن مسلم الطائفي قال: حدثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس أنه قال: من كانت عنده
شهادة، فلا يقول: لا أخبر بها إلا عند إمام، ولكن ليخبر بها لعله يرجع ويرعوي.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير - كتابة - قال: أخبرنا أبو العلاء
الهمذاني إجازة قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي
الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منحوية قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال:
أبو سهل أحمد بن محمد بن يزيد الفارسي سكن المصيصة، سمع أحمد بن حرب الطائي، وأحمد
بن شيبان الأحنف المصيصي.
أحمد بن محمد بن يعقوب بن أحمد أبي هزان الخثعمي الأنطاكي: أبو بكر، حدث بحلب عن
أبي الفضل محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن الحارث، روى عنه أبو سعد السمان.
أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور عن أبي القاسم
محمود بن عمر بن محمد الزمخشري قال: حدثني الاستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسن
بن مردك قال: أخبرنا الشيخ الزاهد الحافظ أبو سعد إسماعيل ابن علي بن الحسين
الرازي - إجازة - قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن يعقوب بن أحمد بن أبي هزان
الخثعمي الأنطاكي بحلب بقراءتي عليه قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن عبد الرحمن بن
عبد الله بن الحارث قال: حدثنا بكر بن سهل الدمياطي قال: حدثنا عبد الله بن يوسف
قال: حدثنا ابن لهيعة عن محمد بن المنكدر وأبي الزبير عن جابر قال: صام رسول الله
صلى الله عليه وسلم عام الفتح حتى إذا بلغ الكديد أفطر وأفطر الناس.
أحمد بن محمد بن يعقوب بن عبد الله أبو الحسين الوراق البغدادي، المعروف بابن
توتو.
حدث بحلب وغيرها عن أبي حفص بن حرب القصير وأبي النضر إسماعيل بن عبد الله، وأبي
أحمد عبيد الله بن يزيد الطرسوسي، وعبيد الله بن الحسن بن عبد الرحمن الانطاكي،
وجعفر بن محمد الخلدي، وأبي بكر المدبر بن الربيع البزاز، وأبي بكر محمد بن عمر
الجعابي، ومحمد بن أحمد بن هرون العسكري وعمر بن يوسف، وأبي محمد عبد الرحمن بن
المبارك بن محمد، وأبي بكر محمد ابن الحسن بن دريد الأزدي، وأبي محمد عبيد الله بن
الحسن الأزدي وأبي بكر محمد بن ابراهيم بن عبد الله، وأبي كثير محمد بن ابراهيم بن
محمد بن إسحق الشيباني، وأبي بكر محمد بن عبد الله الوراق، ومحمد بن الحسن
الرافقي، وأبي بكر بن الأنباري، وأبي يعلى محمد بن زهير بن الفضل الايلي، وعبد
الله بن ثابت المحاربي الكوفي، وأبي القاسم منصور بن الحسن بن مذحج الأزدي، وأبي
عمر أحمد بن محمد بن عبد الله الطالقاني.
روى عنه: القاضي أبو طاهر صالح بن جعفر الهاشمي، وأبو بكر أحمد بن علي بن الفرج
الصوفي المعروف بابن الحبال، الحلبيان، ومحمد بن أحمد الأشعري، وتمام بن محمد
الرازي، ومحمد بن أحمد الأشعري.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي، وأبو عبد الله الحسين بن ابراهيم بن
الحسين الإربلي قالا: أخبرنا بركات بن ابراهيم الخشوعي قال: أخبرنا أبو محمد هبة
الله بن أحمد الاكفاني في يوم عيد الاضحى سنة عشرين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو محمد
عبد العزيز بن أحمد الكتاني قراءة علينا من لفظه في يوم عيد فطر أو عيد أضحى قال:
حدثنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر ابن أحمد بن زياد الميداني في يوم عيد فطر أو
أضحى بين الصلاة والخطبة قال: حدثني أبو بكر أحمد بن علي بن الفرج الحلبي الصوفي
المعروف بالحبال في يوم عيد فطر قال: حدثنا أبو الحسين أحمد الوراق بحلب في يوم
عيد أضحى قال: حدثني أبو جعفر القصير يوم عيد فطر بين الصلاة والخطبة قال: حدثني
أخي سليمان بن حرب في يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال: حدثني بشر بن
عبد الوهاب الكوفي في يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال: حدثنا وكيع بن
الجراح في يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال: حدثنا سفيان الثوري في يوم
عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة قال: حدثني ابن جريج في يوم عيد فطر أو أضحى
بين الصلاة والخطبة قال: حدثني عطاء بن أبي رباح في يوم عيد فطر أو أضحى بين
الصلاة والخطبة قال: حدثني ابن عباس في يوم عيد فطر أو أضحى بين الصلاة والخطبة
قال: شهدنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فطرا وأضحى، فلما صلى قال: " قد
أصبتم خيراً فمن أحب أن يقعد فليقعد ومن أحب أن ينصرف فلينصرف " .
وقال أبو الحجاج: أخبرنا بركات الخشوعي في يوم عيد فطر من سنة ست وثمانين وخمسمائة
بدمشق.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أحمد بن محمد بن يعقوب ابن عبد الله، أبو
الحسين الوراق البغدادي المعروف بابن توتو، حدث بدمشق عن محمد بن أحمد بن هرون
العسكري، وجعفر بن محمد بن نصير الخلدي، روى عنه تمام بن محمد بن عبد الله الرازي.
أحمد بن محمد بن يعقوب بن أبي أحمد الطبري: أبو العباس بن أبي بكر، المعروف بابن
القاص الفقيه القاضي من أهل طبرستان من كبار أصحاب الامام الشافعي رضي الله عنه.
صحب أبا العباس بن سريج وتفقه عليه، وتولى قضاء طرسوس، وكانت الفتوى إليه بها،
وحدث بها عن: محمد بن عبد الله الحضرمي، وعبد الله بن غنام الكوفي، وأبي بكر محمد
بن أحمد القاضي، وأحمد بن هاشم البغوي، ومحمد ابن عبيد الله، ومحمد بن محمد
الباغندي، ومحمد بن عثمان بن أبي شيبة، ومحمد ابن صالح بن ذريح، ومحمد بن سعيد
الأزرق، وأبي القاسم البغوي، ومحمد بن الفرج، وإسحق بن أحمد الخزاعي، والقاضي جعفر
بن محمد الفريابي، وعبد الله ابن محمد، والحسن بن علي الطبري، وعلي بن مهروية
القزويني، وأبي شعيب عبد الله بن الحسن الحراني، والمفضل بن محمد الشعبي.
روى عنه: أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي القاضي، وأبو جعفر محمد
بن أحمد بن محمد بن منصور البيع العتيقي، وموسى بن ابراهيم الوراق، وأبو ذر الخضر
بن أحمد الطبري.
وقال بعضهم: هو المعروف بالقاص.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم نصر بن أحمد بن
مقاتل بن مطكود قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو علي
الاهوازي قال: أخبرنا القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الكرجي
بالمعرة قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن أبي بكر الفقيه بطرسوس قال: حدثنا أحمد بن
هاشم قال: حدثنا رجاء بن محمد قال: حدثنا محمد بن عياد المهلبي قال: حدثنا صالح
المري عن المغيرة بن حبيب عن مالك بن دينار عن الاحنف ابن قيس عن أبي ذر أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: " تكون قرية أو مدينة، أو مصر - يقال له البصرة أقوم
الناس قبلة، وأكثره مؤذنون، يدفع الله عنهم ما يكرهون " .
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن علي الخطيب قال: وكان أبو العباس - يعني ابن القاص - فقيه أهل طرسوس
ومفتيهم.
كتب
الينا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني أن
أباه الامام أبا سعد السمعاني أخبرهم - اجازة ان لم يكن سمعه منه - قال: والامام
أبو العباس أحمد بن أبي أحمد القاص الطبري، امام عصره وصاحب التصانيف في الفقه
والفرائض وأدب القاضي، ومعرفة القبلة وغيرها، تفقه على أبي العباس بن سريج، وبرع
في الفقه وتلمذ له جماعة منهم: أبو علي الطبري المعروف بالبرجلاني.
وإنما قيل لأبي العباس القاص لدخوله ديار الديلم والجبل، وقود عساكر الجهاد بها
منها إلى الروم بالوعظ والتذكير.
ومن أشهر مصنفاته كتابه الموسوم بالتلخيص، وهو أجمع كتاب في فنه للأصول والفروع
على قلة عدد أوراقه وخفة محمله على أصحابه، وكتابه في أصول الفقه، وهو كتاب مقنع.
وكان من أخشع الناس قلباً إذا صلى الله عليه وسلم، فمن ذلك ما يحكى أنه كان يقص
على الناس بطرسوس فأدركته روعة ما كان يصف من جلاله وعظمته، وملكته خشية ما كان
يذكر من بأسه وسطوته، فخر مغشياً عليه، وانقلب إلى الآخرة لاحقاً باللطيف الخبير.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو
المعمر المبارك بن عبد العزيز الأنصاري قال: أخبرنا أبو إسحق الفيروزبادي قال:
ومنهم أبو العباس بن أبي أحمد العروف بابن القاص الطبري، صاحب أبي العباس بن سريج،
مات بطرسوس سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وكان من أئمة أصحابنا صنف المصنفات
الكثيرة: المفتاح، وأدب القاضي والمواقيت، والتلخيص الذي شرحه أبو عبد الله ختن
الإسماعيلي؛ وقال: تمثلت فيه بقوله الشاعر:
عقم النساء فما يلدن شبيهه ... إنّ النساء بمثله عقم
قال: ومنه أخذ الفقه أهل طبرستان.
وأخبرنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي في كتابه عن كتاب أبي عبد الله محمد بن لعي
العظيمي قال في تاريخه في حوادث سنه خمس وثلاثين وثلاثمائة: توفي أبو العباس أحمد
بن أبي القاص الطبري بطرسوس.
قلت: هكذا ذكر أبو إسحق الفيروز بادي في طبقات الفقهاء وفاة أبي العباس ابن القاص
وأبو عبد الله العظيمي في تاريخه في سنة خمس وثلاثين وثلاثمائة، وقد شاهدت بخط
القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان في مواضع متعددة من
مصنفاته: حدثنا أبو العباس أحمد بن أبي أحمد الطبري إملاء بطرسوس في المسجد الجامع
سنة ست وثلاثين وثلاثمائة، فتكون وفاته في هذه السنة أو بعدها، وهو الصحيح فإن أبا
عمرو الطرسوسي كان من أهل طرسوس، وكان ضابطاً، فهو أعلم بحياته، سنة ست وثلاثين
وثلاثمائة والله أعلم.
أحمد بن محمد بن يعقوب الأنطاكي: وليس بابن أبي هزان المقدم ذكره، سمع بالبصرة
أحمد بن عبد العزيز الجوهري، وحدث عنه بدمشق، روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن
عبد الله ابن إبراهيم الطرسوسي، وهو شرط الحافظ أبي القاسم الدمشقي، ولم يذكره في
تاريخ دمشق.
أحمد بن محمد بن يوسف: أبو العباس المؤدب المقرئ الأصبهاني، المعروف بابن مردة؛
قرأ القرآن العظيم بمنبج بقراءة أبي عمرو وابن عامر، وحمزة وعاصم، على أبي العباس
أحمد ابن علي المنبجي المقرئ، وقرأ ببغداد على أبي حفص عمر بن إبراهيم الكتاني،
وأبي القاسم بكر بن شاذان؛ وبدمشق علي أبي بكر محمد بن أحمد السلمي، وابن داود
الداراني؛ وبالرقة علي أبي طاهر محمد بن أسيد بن هلال الأشناني الرقي؛ وبالكوفة
على محمد بن عبد الله القاضي الجعفي، وسمع عبد الوهاب الكلابي، وأبا الحسين محمد
بن أحمد بن جميع الصيداوي، وأبا أحمد عبد الله بن الطبراني، وأبا محمد عبد الله بن
جعفر الطبري، وأبا الحسن أحمد بن إبراهيم بن فراس المكي، وأبا علي الحسن بن عبد
الله بن سعيد البعلبكي، وعمران ابن الحسن بن يوسف الجبلي، وأبا بكر محمد بن أحمد
بن أبي الحديد.
روى عنه: أبو بكر محمد بن الحسن بن سليم، وأبو المعمر شيبان بن عبد الله بن أحمد
بن شيبان، وأبو الفتح أحمد بن محمد الحداد، وأحمد بن الفضل الباطرقاني.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أحمد بن محمد بن يوسف بن أبي الحارث البزاز: أبو جعفر، سمع بالثغور الشامية حجاج
بن محمد الأعور، وموسى بن داود الضبي قاضي المصيصة، والحسن بن موسى الأشيب قاضي
الثغر، ومحمد بن مصعب القرقساني وغيرهم.
وذكره
أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب، بما أخبرنا به القاضي جمال الدين أبو القاسم
عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل فيما أذن لنا ان نرويه عنه، قال: أخبرنا الحسن علي
بن أحمد الغساني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أحمد بن محمد بن
يوسف بن أبي الحارث أبو جعفر البزاز، سمع حجاج بن محمد الأعور، ومحمد بن مصعب
القرقساني، وروح بن عبادة، والحسن بن موسى الأشيب، ويحيى بن يعلى المحاربي، ومعلى
بن منصور الرازي، ويونس بن محمد المؤدب، وموسى بن داود الضبي.
روى عنه يحيى بن محمد بن صاعد، ومحمد بن مخلد الدوري، وأبو الحسين بن المنادي،
وأبو عوانة الإسفرائيني، وعلي بن إسحق البادرائي، وغيرهم؛ وكان ثقة.
قال أبو بكر الخطيب: أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن العباس قال:
قرئ علي ابن المنادي وأنا أسمع قال: وتوفي أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي الحارث في
هذه الأيام، يعني في شهر ربيع الآخر من سنة سبعين ومائتين.
وقال أبو بكر: حدثني عبد العزيز بن أحمد بن علي الكتاني بدمشق قال: أخبرنا مكي بن
محمد بن الغمر المؤدب قال: أخبرنا أبو سليمان محمد ابن عبد الله بن أحمد بن زبر
قال: سنة سبعين قال أبي: فيها مات أبو جعفر أحمد بن محمد بن أبي الحارث يوم الأحد
آخر جمادى الآخرة.
أحمد بن محمد بن أبي حمدان الأنطاكي الكوفي: أبو بكر نزيل أنطاكية، حدث عن: سهل بن
صالح الأنطاكي، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي، وجعفر بن محمد بن الحجاج، وأبي عياش
أحمد بن عبد الله بن أبي حماد.
روى عنه: أبو جعفر محمد بن الحسن بن علي بن محمد عيسى بن يقطين اليقطيني.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا مسعود بن أبي
منصور الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد
بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا منصور بن محمد بن الحسن الحذاء قال: حدثنا عبد الله
بن أبي داود قال: حدثنا أيوب الوزان قال: حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا إبراهيم
بن هراسة عن سفيان الثوري.
قال أبو نعيم: وحدثنا محمد بن الحسن اليقطيني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي
حمدان الأنطاكي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الحجاج قال: حدثنا سعيد بن منصور بن
شعبة الخراساني قال: حدثنا إبراهيم بن هراسة قال: حدثنا سفيان الثوري عن معاوية بن
قرة عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكرت
عنده فارس فقال: فارس عصبتنا أهل البيت زاد جعفر، قيل لسعيد: ما معنى عصبتنا أهل
البيت؟ قال: هم ولد إسحق عم ولد اسماعيل.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا أبو العلاء الحافظ الهمذاني إجازة
قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أبي علي بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد
بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجوية قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد
محمد بن محمد بن إسحق الحافظ قال: أبو بكر أحمد بن محمد بن أبي حمدان الكوفي سكن
أنطاكية، سمع سهل بن صالح الأنطاكي، وجعفر بن عبد الواحد الهاشمي.
أحمد بن محمد بن أبي الخصيب المصيصي: إن لم يكن ابن المستنير الذي قدمنا ذكره فهو
غيره، وهو أبو بكر الحافظ من ولد شرحبيل بن حسنة صاحب النبي صلى الله عليه وسلم؛
حدث عن موسى بن الحسن المصري، وأحمد بن صالح؛ روى عنه أبو الحسن محمد بن الحسين
الآبري.
كتب إلينا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي أن أبا الفتح محمد بن
عمر بن أبي بكر الأنباري أخبرهم قال: أخبرنا عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا علي
بن بشرى الليثي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين الآبري قال: سمعت أبا بكر
أحمد بن محمد بن أبي الخصيب الحافظ المصيصي من ولد شرحبيل بن حسنة صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم - وكان أحفظ من بالثغور في زمانه - قال: سمعت موسى بن الحسن
المصري بالمدينة قال: سمعت هرون بن سعيد يقول سمعت الشافعي يقول: شربت اللبان
للحفظ، فأعقبني صب الدم.
أحمد بن محمد بن أبي سعدان: أبو بكر الشافعي الصوفي البغدادي، من كبار شيوخ
الصوفية وعلمائهم، نزل طرسوس، وكان صحب الجنيد بن محمد، وأبا الحسين النوري، وصحبه
أبو القاسم المصري، وروى عنه شياً من كلامه أبو القاسم جعفر بن أحمد الرازي.
أخبرنا
أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي في كتابه إلينا
منها قال: أخبرنا أبو الخير جامع بن عبد الرحمن بن إبراهيم السقاء الصوفي قراءة
عليه بنيسابور قال: أخبرنا أبو سعيد محمد بن عبد العزيز الصفار الصوفي قراءة عليه
قال: أخبرنا ابو عبد الرحمن السلمي قال: ومنهم - يعني من مشايخ الصوفية - أبو بكر بن
سعدان، وهو أحمد بن محمد بن أبي سعدان البغدادي من أصحاب الجنيد والنوري، وهو أعلم
مشايخ الوقت بعلوم هذه الطائفة، وكان عالماً بعلوم الشرع متقدماً فيه ينتحل مذهب
الشافعي، وكان استاذ أبي القاسم المصري رضي الله عنه، ويعرف من علوم الصنعة وغير
ذلك، وكان ذا لسان وبيان، وبلغني أنه كان بطرسوس فطلب من يرسل به إلى الروم فلم
يجدوا مثله في فضله وعلمه وفصاحته وبيانه ولسانه.
قال السلمي: سمعت الشيخ أبا القاسم جعفر بن أحمد الرازي يقول: سمعت أبا الحسن بن
حريق، وأبا القاسم الفرغاني يقولان: لم يبق في هذا الزمان لهذه الطائفة إلا رجلان:
أبو علي الروذباري بمصر، وأبو بكر بن أبي سعدان بالعراق، وأبو بكر أفهمها.
وقال: سمعت أبا القاسم الرازي يقول: سمعت أبا بكر يقول: من صحب الصوفية فليصحبهم
بلا نفس ولا قلب ولا ملك، فمتى نظر إلى شيء من أسبابه قطعه ذلك عن بلوغ مقصده.
أحمد بن محمد بن أبي الوفاء بن أبي الخطاب بن محمد بن الهزير الربعي: أبو الطيب
المعروف بابن الحلاوي الموصلي، شاعر مجيد فاضل حسن المفاكهة والأخلاق، قدم علينا
حلب في أيام الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر غازي، وامتدحه بها، وأقام بها مدة،
وجالسته وسمعت شيئاً من شعره بحلب، وخرج عن حلب إلى بلده، وتوجه إلى بغداد وامتدح
الامام المستنصر أبا جعفر المنصور أمير المؤمنين رحمه الله، ثم عاد إلى الموصل
وأقام بها، وأجرى له أميرها بدر الدين لؤلؤ جارياً حسناً، واجتمعت به فيها،
وأنشدني مقاطيع من شعره، وكان حينئذ قد غير ملبوسه وتزيا بزي الأجناد، وكان
اجتماعي به بالموصل بمشهد البرمة يوم التاسع من محرم سنة إحدى وخمسين وستمائة.
أنشدنا شرف الدين أبو الطيب أحمد بن محمد بن أبي الوفاء المعروف بابن الحلاوي
لنفسه بالموصل من لفظه.
حكاه من الغصن الرّطيب وريقه ... وما الخمر إلاّ وجنتاه وريقه
هلالٌ ولكن أُفق قلبي محلّه ... غزالٌ ولكن سفح عيني عقيقه
وأسمر يحكى الأسمر اللدن قّده ... غدا راشقاً قلب المحبّ رشيقه
على خدّه جمرٌ من الحسن مضرمٌ ... يشّب ولكن في فؤادي حريقه
أقرّ له من كلّ حسن جليله ... ووافقه من كلّ معنىً دقيقه
بديع التثني راح قلبي أسيره ... على أنّ دمعي في الغرام طليقه
على سالفيه للعذار جديده ... وفي شفتيه للسلاف عتيقه
يهددّ منه الطّرف من ليس خصمه ... ويسكر منه الريق من لا يذوقه
على مثله يستحسن الصّب فتكه ... وفي حبّه يجفو الصديق صديقه
من الترك لا يصبيه وجدٌ إلى الحمى ... ولا ذكر بانات الغوير يشوقه
ولا حلّ في حي تلوح قبابه ... ولا سار في ركب يساق وسيقه
ولا بات صّباً بالفريق وأهله ... ولكن إلى خاقان يعزى فريقه
له مبسم ينسي المدام بريقه ... ويخجل نوّار الأقاحي بريقه
تداويت من حرّ الغرام ببرده ... فأضرم من ذاك الحريق رحيقه
إذا خفق البرق اليمانّي موهناً ... تذكرّته فاعتاد قلبي خفوقه
حكى وجهه بدر السماء فلو بدا ... مع البدر قال الناس هذا شقيقه
وأشبهت منه الخصر سقماً فقد غدا ... على عارضيه آسه وشقيقه
رآني خيالاً حين وافى خياله ... فأطرق من فرط الحياء طروقه
وأشبهت منه الخصر سقماً فقد غدا ... يحملني كالخصر ما لا أُطيقه
فما بال قلبي كلّ حبّ يهيجه ... وحتام طرفي كل حسنٍ يروقه
فهذا ليوم البين لم تطف ناره ... وهذا فبعد لابعد ما خّف موقه
وللهّ
قلبي ما أشدّ عفافه ... وإن كان طرفي مستمراً فسوقه
أرى الناس أضحوا جاهليّة ودّه ... فما باله عن كل صبٍ يعوقه
فما فاز إلاّ من يبيت صبوحه ... شراب ثناياه ومنها غبوقه
وأنشدنا أبو الطيب بن الحلاوي لنفسه.
ألف الملال ومال عن ميثاقه ... رشأٌ فراق النفس دون فراقه
عذب اللمى حلو الخلال كأنما ... خلقت مراشف فيه من أخلاقه
جوّال حلى الخصر أخرس صّده ... عن ذكره السلوان نطق نطاقه
يفتر عن عذب المراشف واضحٍ ... مرّ الصبابة دون حلو مذاقه
يسقي لماه سليم عقرب صدغه ... فينوب منه الريق عن درياقه
دقّت معاني حسنه ولقدّه ... عبث الأنام القنا بدقاقه
وسنان يقلقني توعد طرفه ... ويودّه قلبي على اقلاقه
يهوى المطال ولو بأيسر موعدٍ ... ويصدّ حتى الطيف عن مشتاقه
وقف الجمال على محاسن وجهه ... حتى ظننا الحسن من عشّاقه
يا محرقاً قلباً أقام بديعه ... ألا كففت جفاك عن احراقه
رفقاً بصبّك إن أرتّ بقاءه ... يكفيه ما يلقاه من أشواقه
أطلقت أدمع عينه يوم النوّى ... وفؤاده أحكمت شدّ وثاقه
أسهرته وأسلت مقلته دماً ... أترى ذبحت النّوم في آماقه
وهذا المعنى سبقه به ابن قلاقس في قوله:
فليت شعري وقد بكيت دماً ... هل ذبح النّوم بين آماقي
وأنشدنا ابن الحلاوي أيضاً لنفسه:
تبدّت فأودى بالقضيب اعتدالها ... وأربى على نقص الهلال كمالها
وفاهت من الدرّ الثمين بمثله ... وأزرى على السّحر الحرام حلالها
فما الحسن إلاّ ما حواه لثامها ... وما الغصن إلا ما أراه اختيالها
من الترك في رشق السهام وإنها ... ليعزى إلى حيي هلالٍ هلالها
تصول بمّياد القوام بمثله ... تكر إلى قتل الرجال رجالها
وما الصّعدة السمراء إلاّ قوامها ... فصعبٌ على غير الجليد اعتقالها
نأت دارها عني وفي القلب شخصها ... فحمّلني ثقل الغرام احتمالها
ولو لم تكن بدر السماء لما غدا ... إلى القلب بعد الطرّف مني انتقالها
تذللت في حبي لها فتذللّت ... وآفة ذلي في الغرام دلالها
ومن عجبٍ أخشى مع الهجر بعدها ... وما كان يرجى في الدنو وصالها
وما هي إلا الشمس يدنو منارها ... ويبعد عن أيدي الرجال منالها
من البيض وافاها النعيّم فعمهّا ... وزيّنها في رتبة الحسن خالها
وأنشدنا لنفسه ثلاثة أبيات نظمها بحلب المحروسة وقد سئل أن ينظمها لتكتب على مشط
للسلطان الملك العزيز محمد بن الملك الظاهر رحمهما الله فقال:
حللت من الملك العزيز براحةٍ ... غدا لثمها عندي أجلّ الفرائض
وأصبحت مفترّ الثنايا لأنني ... حللت بكف بحرها غير غائض
وقبّلت سامي خدّه بعد كفه ... فلم أخل في الحالين من لثم عارض
وأنشدني لنفسه وقد سئل أن يحل هذا اللغز وهو في الشبابة بنظم يلغز فيه الشبابة.
وناطقةٍ خرساء بادٍ شجونها ... تكنّفها عشر وعنهنّ تخبر
يلذ إلى الأسماع رجع حديثها ... إذا سّد منها منخرٌ جاش منخر
فقال في الجواب:
نهاني النهى والحلم عن وصل مثلها ... فكم مثلها فارقتها وهي تصفر
وأنشدنا لنفسه أبياتاً كتبها إلى القاضي محيي الدين يحيى بن محيي الدين محمد بن
الزكي يصف كتابه.
كتبت فلولا أن ذاك محّرمٌ ... وهذا حلالٌ قست خطّك بالسحر
فوالله ما أدري أزهر خميلةٍ ... بطرسك أم در يلوح على نحر
فإن كان زهراً فهو صنع سحابة ... وإن كان درّاً فهو من لجّة البحر
وأنشدنا
لنفسه من أبيات يهنيء بها الأمير ركن الدين ابن قراطاي بعيد الفطر في سنة إحدى
وأربعين وستمائة.
أتاك العيد مبتسما ولولا ... وجودك لم يكن منه ابتسام
وولى الصوم يشكر منك سعياً ... حميداً لا ينال ولا يرام
كلا الحالين فيه أجدت صنعا ... فمحمودٌ فطورك والصيام
على دار السلام وأنت فيها ... لأجلك دائماً مّنا السلام
بقربك لّذلي فيها مقامي ... ولولا الركن ما طاب المقام
وأنشدني لنفسه وكتب بها إلى أمين الدين ياقوت المعروف بالعالم، صاحب الأمير أمين
الدين لؤلؤ، يطلب منه أن يطلب له من صاحبه أمين الدين لؤلؤ صايواناً وقد عزم على
السفر إلى الشام من الغد.
عزمت رحيلاً في غدٍ غير جازع ... من البين إذ أنحى علىّ بثقله
وكيف يخاف البين من إلفه النوى ... وأهون شيءٍ عنده شت شمله
وقد عرضت لي حاجةٌ إن تقم بها ... فإنك أهلٌ للجميل وفعله
أريد من المولى الأمير الذي سرت ... مواهبه بين الورى سير عدله
أخا سفرٍ ما حلّت الشمس وجهةً ... من الأرض إلاّ صّدها قدر شكله
ذوائبه مستبشراتٌ لشّده ... إذا شئت أو مستسلماتٌ لحله
فكن مسعدي فيما طلبت فمقصدي ... بأنّي لا أنفكّ من تحت ظله
توفي أبو الطيب بن الحلاوي في شهور سنة ست وخمسين وستمائة.
أحمد بن محمد بن أبي يعقوب بن هرون الرشيد: ابن محمد المهدي بن عبد الله المنصور
بن محمد بن علي بن عبد الله بن العباس، أبو الحسن الرشيدي الهاشمي، أمه أم ولد،
وولي في أيام المقتدر أحكام المظالم والأمور الدينية، وكان من الأماثل الممدحين،
ومدحه أبو بكر الصنوبري، وأبو أحمد ابن الزكورية الأنطاكي.
وحدث بحلب وأنطاكية عن: أبيه محمد بن أبي يعقوب، وأبي العباس محمد ابن الحسن بن
إسماعيل الهاشمي، وأبي جعفر محمد بن علي الوراق حمدان، ومحمد بن غالب بن حرب
تمتام، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، واسماعيل ابن عبد الله بن ميمون بن أبي
الرجال العجلي الفقيه، والحسن بن عليل البصري، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم
الدورقي، ويحيى بن أبي طالب الواسطي والحسن بن عرفة العبدي، والعباس بن عبد الله
الترقفي، وأبي بكر عمرو ابن يحيى بن الحارث الزمجاري، وأبي إسماعيل الترمذي، وأحمد
بن عبد الوهاب ابن نجدة الحوطي، وأبي الحسن علي بن أحمد السواق، وأبي موسى عمران
ابن موسى، وأحمد بن الهيثم البزاز، وأبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري وغيرهم.
روى عنه: أبو طالب علي بن الحسن بن إبراهيم بن سعد بن دينار الحلبي، وسمع منه
بحلب، وأبو حفص عمر بن الحسن العتكي الأنطاكي، سمع منه بأنطاكية؛ وأبو يوسف يعقوب
بن مسدد بن يعقوب القلوسي، وأبو علي منصور بن عبد الله الخالدي الهروي، وأبو الحسن
إسماعيل بن أحمد بن أيوب ابن هرون البالسي، وأبو أحمد الحسن بن أحمد الامام، وأبو
محمد الحسن بن محمد داود الثقفي المؤدب، وأبو الفتح محمود بن الحسين كشاجم، وأبو
بكر محمد بن يحيى الصولي.
أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن المبارك الزبيدي البغدادي بمكة، وأبو سعد ثابت بن
مشرف البناء البغدادي بحلب، قالا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب
السجزي قال: أخبرنا أبو عاصم الفضيل بن يحيى الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد
الرحمن بن أبي شريح الأنصاري قال: حدثنا أبو أحمد الامام قال: حدثنا أبو الحسن
أحمد بن محمد بن هرون الرشيد أمير المؤمنين قال: حدثنا أبو موسى عمران بن موسى
بالطبرية قال: حدثنا محمد بن أبي عمران بن أبي ليلى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا ابن
أبي ليلى عن عطاء عن جابر قال: انتهى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قبر ولما
يفرغ منه، فاطلع فيه ثم قال: " أعوذ بالله من عذاب القبر " فعذنا بالله
من عذاب القبر ثم اطلع ثانية ثم قال: أعوذ بالله من عذاب القبر فعذنا بالله من
عذاب القبر، ثم اطلع ثلاثاً فقال: " أعوذ بالله من عذاب القبر " .
كذا قال في الاسناد: أحمد بن محمد بن هرون، فأسقط اسم جده أبي يعقوب، ونسبه إلى جد
أبيه هرون الرشيد، وبه عرف بالرشيدي.
أخبرنا
أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو يعلى
حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي قال: حدثنا الشيخ الزاهد أبو الفتح
نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو العمر مسدد بن علي بن عبد الله
الأملوكي الحمصي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسن بن إبراهيم العتكي
الأنطاكي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد ابن محمد الرشيدي رحمنا الله وإياه بأنطاكية
سنة ثلاث عشرة وثلاثمائة قال: حدثنا محمد بن علي الوراق أبو جعفر قال: حدثنا أبو
نعيم قال: حدثنا مصعب ابن سليمان قال: سمعت أنس بن مالك يقول: أهدي للنبي صلى الله
عليه وسلم تمر فجعل يهديه، فرأيته يأكل مقعياً من الجوع.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن الخضر بن هبة الله بن طاووس قال: أخبرنا حمزة ابن أحمد
قال: أخبرنا أبو الفتح الفقيه قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي ابن إبراهيم بن
يزداد الأهوازي بدمشق قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبيد الله ابن قدامة الملطي
المؤدب بأطرابلس قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن مسدد بن يعقوب القلوسي قال: حدثنا
أبو الحسن أحمد بن محمد الرشيدي الهاشمي قال: حدثنا أحمد بن عبد الوهاب الحوطي
وذكر حديثا يأتي ذكره في ترجمة علي بن عبيد الله الملطي إن شاء الله تعالى.
أخبرنا أبو القاسم الثعلبي قال: أخبرنا أبو يعلى السلمي قال: أخبرنا نصر ابن
إبراهيم قال: أخبرنا المعمر الحمصي قال: أخبرنا عمر بن علي الأنطاكي قال: حدثنا أبو
الحسن الرشيدي قال: سمعت العباس بن عبد الله الترقفي يقول: سمعت الفريابي ومحمد بن
كثير قالا: سمعنا الأوزاعي قال: كان عندنا رجل صياد وكان يرى التخلف عن الجمعة،
قال: فخرج يوماً كما يخرج فخسف به وببغلته، فما رأى منها إلا آذانها، قال ابن كثير
والفريابي مررنا بذلك الموضع فرأيناه، قال العتكي: وقد رأيت ذلك الموضع.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ
الدمشقي قال: أحمد بن محمد بن أبي يعقوب بن هرون الرشيد، أبو الحسن الرشيدي
الهاشمي، سمع: بدمشق أحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبا العباس محمد بن الحسن بن
اسماعيل، وأحمد بن عبد الوهاب بن نجدة الحوطي بجبلة، وأبا بكر عمرو بن يحيى بن
الحارث الزمجاري بحمص، وبالعراق أبا جعفر محمد بن علي الوراق حمداناً، ومحمد بن
غالب بن حرب تمتاماً، وأبا النضر إسماعيل بن عبد الله بن ميمون بن أبي الرجال العجلى
الفقيه، والحسن بن عليل البصري بسر من رأى، وعبد الله بن أحمد بن إبراهيم بن كثير
الدورقي، ويحيى بن أبي طالب الواسطي، وأبا الحسن علي بن أحمد السواق، والعباس بن
عبد الله الترقفي، والحسن بن عرفة العبدي، وأبا إسماعيل الترمذي وغيرهم.
روى عنه: أبو حفص عمر بن علي بن الحسن العتكي الأنطاكي، وأبو علي منصور بن عبد
الله الخالدي الهروي، وأبو يوسف يعقوب بن مسدد بن يعقوب القلوسي.
قرأت في شعر أبي بكر أحمد بن محمد الصنوبري الحلبي أبياتاً يمدح بها أبا الحسن
الرشيدي، وقد أنشدنا بعض قوله ابن رواج قال: أنشدنا السلعي قال: أنشدنا أبو منصور
بن النقور قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال: أنشدنا المعنوي قال: أنشدنا
الصنوبري لنفسه، والأبيات قوله:
وأحللت همّاتي بنجم تجلّه ... نجوم قصيٍ عند غايتها القصوى
بمنتخب من هاشمٍ ضربت له ... قباب العلا منها على الذّروة العليا
بأبلج ينميه الرشيد إذا بدا ... رأيت لسيما المجد في وجهه سيما
بديهته تعلو روية غيره ... ويسرى يديّ معروفه أبداً يمنى
إذا لشيمة الحسنى أبا الحسن انتمت ... فإن إليكم منتمى الشيمة الحسنى
ألستم بني خير الأباطح أبطحاً ... وأعظم من صلّى إلى القبلة العظمى
توليتت أحكام المظالم والتقى ... على سنن منها البعيد وذو القربى
وقلدت أعواد المنابر فاكتست ... منابرها نور الطهارة والتقوى
رآك إمام المسلمين أجلّهم ... نهوضاً فلم ينهضك إلاّ إلى الجلى
إذا
حضروا للإذن قدّمت قبلهم ... إلى رتبةٍ يدعونها الرتبة القدما
وإن رفع الأستار راعاك طرفه ... مراعاة بشرٍ في عواقبه بشرى
وقرأت في ديوان شعر أبي أحمد موسى بن أحمد الأنطاكي المعروف بابن الزكروية قال
يمدح أبا الحسن أحمد بن محمد الرشيدي المقيم كان بحلب، من أبيات أولها:
رماني بالبعاد وبالصدود ... وفارقني فأشمت بي حسودي
طلبت فتى تليق به القوافي ... لأقصده فأمنحه قصيدي
فلم أر في جميع الأرض أهلاً ... لذاك سوى أبو الحسن الرشيدي
فتى عذبت خلائقه فعمت ... جميع الخلق من بيض وسود
رفيع المجد شهم هاشمي ... شريف في الأبوة والجدود
جواد في مذاهبه جميل ... سعيد حل في برج السعود
فلو حل السجود لوجه خلق ... نعظمه سوى الصمد المجيد
لكان لأحمد المحمود مني ... ركوعي ثم كان له سجودي
هو القيل المؤمل والمرجا ... مدى الدنيا لبأسٍ أو لجود
لقد أحيا أناسا بعد موت ... فعاش القوم في عيش رغيد
أنال المستحقين العطايا ... كذاك ينال في دار الخلود
وسد الثغر من بعد انثلام ... بأقوام كأمثال الأسود
ولو لم يأت تدبيرا وعرفاً ... يشيب لهوله رأس الوليد
لكان الروم يغشونا وكانت ... جموع جيوشهم في برقعيد
لقد منّ الإله على البرايا ... برأيك بل وبالعقل الحميد
لكم أصلحت ثلمة هدم ثغر ... وكم أنشأت من حصن جديد
وكم جسراً عقدت على طريق ... شققت بعقده بطن الحسود
بزائريك إذا ألموّا ... وتصغي للكلام وللنشيد
وتنثر بعد ذاك لهم حديثاً ... كنظم الدر في عقد وجيد
نقلت من خط أبي الحسين علي بن المهذب المعري في تعليق له في التاريخ، سنة أربع
عشرة - يعني - وثلاثمائة، وفيها: توفي أبو الحسن الرشيدي بحلب.
وسير إلى بعض الشراف الهاشميين بحلب تاريخاً جمعه أبو غالب همام بن الفضل بن
المهذب فقرأت فيه، وفيها - يعني سنة أربع عشرة وثلاثمائة - : توفي أبو الحسن
الرشيدي بحلب.
أحمد بن محمد اليشكري: قدم دابق على مسلمة بن عبد الملك، ودخل معه في غزاته
المشهورة التي جهزه فيها أبوه عبد الملك بن مروان، وبلغ فيها إلى القسطنطينية،
وكان اليشكري هذا أحد الفتية الذين تابوا بالمدينة وخرجوا إلى دابق لهذه الغزاة،
وسنذكر خبرهم ان شاء الله تعالى فيما يأتي من هذا الكتاب.
أحمد بن محمد الحلبي: حدث عن محمد بن الحارث، روى عنه أبو بكر أحمد بن مروان
المالكي. أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قراءة عليه وأنا
أسمع قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ.
وحدثنا أبو الحسن بن أحمد بن علي من لفظه عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا:
أخبرنا الشريف أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما
شاء الله قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن
مروان المالكي قال: حدثنا أحمد بن محمد الحلبي قال: حدثنا محمد بن الحارث قال:
حدثنا المدائني قال: تغدى أعرابي مع سليمان بن عبد الملك، وهو يومئذ ولي عهد، فقال
له سليمان: كل من كليته فإنها تزيد في الدماغ، فقال: لو كان هذا هكذا لكان رأس
الأمير مثل رأس البغل.
أحمد بن محمد الحلبي: حدث عن علي بن عبد العزيز صاحب أبي عبيد، روى عنه أحمد بن
محمد بن الحاج الإشبيلي.
أنبأنا
أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن
يحيى الحكاك المكي إجازة قال: أخبرنا أبو نصر عبد الله بن سعيد ابن حاتم الوائلي
قال: أخبرنا أحمد بن الحاج قال: أخبرنا أحمد بن محمد الحلبي قال: أخبرنا علي بن
عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عبيد قال: حدثنا أبو أيوب الدمشقي عن محمد بن نمران عن
سعيد بن بشير عن قتادة عن سالم بن أبي الجعد عن معدان بن أبي طلحة عن أبي الدرداء
قال: جزأ رسول الله صلى الله عليه وسلم القرآن ثلاثة أجزاء، فقال: قل هو الله أحد
جزء منها.
أحمد بن محمد أبو بكر الحلبي: حدث عن يوسف بن موسى، روى عنه أبو حامد أحمد بن علي
العطار.
أخبرنا الشيخ الصالح أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قراءة عليه
بحلب عن أبي بكر محمد بن علي بن ياسر الحياني الحافظ قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان
بن محمد بن أحمد الشريك قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي المسكي، والشيخ مفتي بن
مشكور قالا: أخبرنا أبو الفرج علي ابن عبد الرحمن - إملاءً - قال: أخبرنا الشيخ
أبو حامد أحمد بن محمد بن علي العطار السرخسي رحمه الله بها، قال: حدثنا أبو بكر
أحمد بن محمد الحلبي قال: حدثنا يوسف بن موسى قال: حدثنا أبو التقى هشام بن عبد
الملك قال: حدثنا محمد بن مخزوم بن سعدانة القرشي قال: حدثنا محمد بن داب عن بكر
بن يونس الكوفي عن بعض أشياخه، وكانت له صحبة إلى النبي صلى الله عليه وسلم، فدعا
ذات يوم بابن له، فقال له: يا بني لا تزهد في معروف، فإن الدهر ذو صروف، والأيام
ذوات نوائب على الشاهد والغائب، يا بني كم من راغب قد كان مرغوباً إليه، وطالب قد
كان مطلوباً ما لديه، وأعلم أن الزمان ذو ألوان، ومن صحب الزمان يرى الهوان، وكن
يا بني كما قال أخو بني الدئل:
أعدد من الرحمن فضلا ونعمة ... عليك إذا ما جاء للخير طالب
فكل امرئ لا يرتجى الخير عنده ... يكن هيناً ثقلاً على من يصاحب
ولا تمنعن ذا حاجة جاء طالبا ... فانك لا تدري متى أنت راغب
أحمد بن محمد الرافقي: حدث بحلب عن عبد الله بن الحسن بن زيد الحراني، روى عنه أبو
الحسن البصري.
نقلت من مجموع وقع إلي بماردين بخط بعض أهل الحديث لا أعرف كاتبه قال: وأخبرنا
الشيخ الصالح الواعظ أبو حفص عمر بن محمد بن يحيى الزبيدي قال أخبرنا حسس بن غالب
قال: أخبرنا أبو الحسن البصري قال: حدثنا أحمد ابن محمد الرافقي بحلب قال: حدثني
عبد الله بن الحسن بن زيد الحراني قال: حدثنا يحيى بن إسحق بن يزيد الخطابي قال:
رفع إلي عمر كتاباً، فقال: هذا كلام عمر بن عبد العزيز، فكان فيه: لقد لام الله
العلماء على علمهم كما لام الجاهلين على جهلهم، فوضع الثواب والعقاب على فرائضه
ومحارمه، كما وضعها على الإقرار والإنكار، وحاج العلماء على إقرارهم كما حاج
الجهال على إنكارهم، والتمني على الله خدعة، والاعتلال عليه هلكة، واستصغار محارمه
فرية عليه، وترك التوبة زهد فيما عنده، والبخل بحقه شك في وعده، وتتبع الشهوات
إضرار، وتأميل البناء جهل، وبقدر الشغل بالدنيا يكون الفقر، وبقدر إيثار التقوى
يكون العلم، ليس العلم بالرواية ولا الحكم بالظلامة، ولا معرفة الحكم بالحفظ، ولا
حفظه بتلاوته دون العمل به والانتهاء إلى حدوده، وبتحريف الكتاب هلك الزائغون،
وبإضاعة التأويل هلك العالمون، وبإصابة التأويل وحفظه يهتدي الراسخون في العلم.
وذكر بعده كلاما آخر اختصرته.
أحمد بن محمد الحلبي: روي عن سري السقطي، روي عنه علي بن محمد القصري. أخبرنا أبو
منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا علي بن
أبي محمد قال: أنبأنا أبو الفرج غيث بن علي الخطيب قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن الحسن بن محمد بن رامين الأسترباذي قال: أخبرنا
عبد الله بن محمد الحميدي الشيرازي قال: حدثنا القاضي أحمد بن محمود بن خرزاد
الأهوازي قال: حدثني علي بن محمد القصري قال: حدثني أحمد بن محمد الحلبي قال: سمعت
سريا السقطي يقول: سمعت بشرا - يعني - ابن الحارث يقول: قال ابراهيم بن أدهم: وقفت
على راهب في جبل لبنان فناديته، فأشرف علي، فقلت له: عظني، فأنشأ يقول:
خذ
عن الناس جانباً ... كي يعدّوك راهبا
إنّ دهراً أظلّني ... قد أراني العجائبا
قلّب النّاس كيف شئ ... ت تجدهم عقاربا
قال بشر: فقلت لإبراهيم: هذه موعظة الراهب، فعظني أنت، فأنشأ يقول:
توحّش من الاخوان لا تبغ مؤنساً ... ولا تتخذ أخاً ولا تبغ صاحبا
وكن سامريّ الفعل من نسل آدم ... وكن أوحدياً ما قدرت مجانبا
فقد فسد الاخوان والحب والاخا ... فلست ترى إلا مذوقاً وكاذبا
فقلت ولو لا أن يقال مدهدةٌ ... وتنكر حالاتي لقد صرت راهباً
قال سري: فقلت لبشر: هذه موعظة إبراهيم لك، فعظني أنت، فقال: عليك بلزوم بيتك،
فقلت: بلغني عن الحسن أنه قال: لو لا الليل وملاقاة الاخوان ما كنت أبالي متى مت،
فأنشأ يقول:
يا من يسرّ برؤية الاخوان ... مهلاً أمنت مكائد الشيطان
خلت القلوب من المعاد وذكره ... وتشاغلوا بالحرص في الخسران
صارت مجالس من ترى وحديثهم ... في هتك مستور وخلق قران
قال الحلبي: فقلت لسري: هذه موعظة بشر لك، فعظني أنت، فقال: عليك بالاخمال، فقلت:
إني لأحب ذلك، فأنشأ يقول:
يا من يريد بزعمه اخمالا ... إن كان حقاً فاستعد خصالا
ترك المجالس والتذاكر يا أخي ... واجعل دؤبك للصلاة خيالا
بل كن بها حياً كأنك ميت ... لا يرتجي منه القريب وصالا
قال علي بن محمد: قلت للحلبي: هذه موعظة سري لك، فعظني فقال لي: يا أخي أحب
الأعمال إلى الله تبارك ما أصدر إليه من قلب زاهد في الدنيا، فازهد في الدنيا يحبك
الله، ثم أنشأ وهو يقول:
أنت في دار شتات ... فتأهّب لستاتك
واجعل الدنيا كيوم ... صمته عن شهواتك
واجعل الفطر إذا ما ... صمته يوم مماتك
قال ابن خرزاد: فقلت لعلي: هذه موعظة الحلبي لك، فعظني فقال لي: احفظ وقتك واسخ
بنفسك لله تعالى، وانزع قيمة الأشياء عن قلبك يصفو لذلك سرك، ويزكو بذلك ذكرك، ثم
أنشدني:
حياتك أنفاس تعد فكلما ... مضى نفسٌ منها انتقصت به جزءا
فتصبح في نقص وتمسي بمثله ... وما لك معقول تحسّ به رزءا
تمسّك بما يحييك في كل ساعة ... ويحدك حاد ما يريدك الهزءا
قال أبو محمد: قلت لأحمد: هذه موعظة علي لك، فعظني فقال لي: يا أخي عليك بلزوم
الطاعة وإياك أن تبرح من باب القناعة، واصلح مثواك، ولا تؤثر هواك واتبع آخرتك
بدنياك، واشتغل بما يعنيك بترك ما لا يعنيك، ثم أنشدني:
ندمت على ما كان مني ندامةً ... ومن يتبع ما تشتهي النفس يندم
فخافوا لكيما تأمنوا بعد موتكم ... ستلقون رباً عادلاً ليس يظلم
فليس لمغرور بدنياه زاجرٌ ... ستندم إن زلّت النعل فاعلم
قال القاضي أبو محمد بن رامش قلت لأبي محمد: هذه موعظة أحمد لك فعظني أنت فقال:
اعلم رحمك الله، إن الله جل ثناؤه ينزل العبيد حيث نزلت قلوبهم نحوها، فانظر أين
أنزلت قلبك، واعلم أنه يقرب القلوب على حسب ما قرب إليها، فانظر من القريب من قلبك
وأنشدني:
قلوب رجالٍ في الحجاب تزول ... وأرواحهم فيما هناك حلول
بروح نعيم الأنس في عز قربه ... بايراد توحيد المليك تجول
لهم بفناء القرب من محض برّه ... عوائد بدلٍ خطبهّن جليل
قال أبو بكر الخطيب: فقلت للقاضي أبي محمد بن رامين: هذه موعظة الحميدي لك فعظني
فقال: إتق الله وثق به ولا تتهمه فإن اختياره لك خير من اختيارك لنفسك، وأنشدني:
اتّخذ لله صاحباً ... وذر الناس جانباً
جرب الناس كيف ... شئت تجدهم عقاربا
قال
أبو الفرج غيث الصوري: قلت للشيخ أبي بكر: هذه موعظة القاضي أبي محمد لك فعظني أنت
فقال احذر نفسك التي هي أعدى أعدائك، إن تتابعها على هواها فذلك أعضل دائك، واستشعر
الخوف من الله بخلافها، وكرر على قلبك ذكر نعوتها وأوصافها فإنها الأمارة بالسوء
والفحشاء، والموردة من أطاعها موارد العطب والبلاء، واعتد في جميع أمورك أن تحرى
الصدق، ولا تتبع الهوى فيضلك عن سبيل الله، وقد ضمن الله تعالى لمن خالف هواه أن
يجعل دار الخلد قراره ومأواه، وأنشدني لنفسه:
إن كنت تبغي الرشاد محضاً ... في أمر دنياك والمعاد
فخالف النفس في هواها ... إنّ الهوى جامع الفساد
أحمد بن محمد أبو العباس النامي الدارمي المصيصي: شاعر مجيد من شعراء سيف الدولة
أبي الحسن بن حمدان المقيمين بحلب في أيامه، وكان فاضلاً أديباً عارفاً بالأدب
واللغة، وقفت له على أمالي أملاها بحلب، روى فيها عن أبي الحسن علي بن سليمان
الأخفشى، وابن درستويه، وأبي عبد الله الكرماني، وأبي بكر الصولي، وإبراهيم بن عبد
الرحيم العروضي، وأبيه محمد المصيصي، وطحال.
روى عنه: أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي، وأبو الفرج الببغاء، وأبو
الخطاب بن عون الحريري، وأبو بكر الخالدي، والقاضي أبو طاهر ابن جعفر الهاشمي
الحلبي، وأبو الحسين أحمد بن علي بن أبي أسامة الحلبي.
ووقع إلي كتاب صنفه في العروض سماه المقنع وعليه خطه بقراءة أبي القاسم ابن أبي
أسامة عليه.
وقيل إنه كان جزاراً بالمصيصة، وقرأت في أشعار السري الرفاء الموصلي يهجوه ويذكر
أنه كان بالمصيصة جزاراً في موضع بها يقال له باب الشام:
أجزار باب الشام كيف وجدتني ... وأنت جزور بين نابي ومخلبي
أراك انتهبت الشعر ثم خبأته ... عن الناس فعل الخائف المترقب
تباعدتّ عن ياقوتة الثغر بالمدى ... إليه فلم تجرح ولم تتحوّب
ولما جرى الحذّاق في ضوء صبحه ... تعثّرت منه في ضبابة غيهب
حرمت من الايجاز أقرب مسلكٍ ... ومن ذهب الألفاظ أحسن مذهب
وتزعم أن الشعر عندك أعربت ... محاسنه عن ناطقٍ منك معرب
فما بال شعر الناس ملء عيوننا ... وشعري في الأشعار عنقاء مغرب
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم بن السمرقندي
قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن أحمد الأديب إجازة عن أبي منصور الثعالبي في يتيمة
الدهر: أحمد بن محمد النامي شاعر مفلق من فحول شعراء العصر وخواص شعراء سيف الدولة
وكان عنده تلو المتنبي في المنزلة والرتبة.
وذكر ابن فورجة في التجني على ابن جني قال: وكان على كثرة شعراء سيف الدين لا يتقي
أبو الطيب المتنبي منهم غير أبي العباس أحمد بن محمد المصيصي المعروف بالنامي، وله
يقول المتنبي:
والمدح لابن أبي الهيجاء تنجده ... في الجاهلية عين العي والخطل
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به ... في طلعة البدر ما يغنيك عن زحل
قال: وذلك أن النامي كثيراً ما يذكر في مدائحه أيام الجاهلية.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب في كتابه إلي من بغداد عن أبي بكر محمد ابن عبد
الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا
أبو علي المحسن بن علي التنوخي قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد الصقر
الكاتب قال: وكان النامي بطيء الخاطر شديد القول، إذا أراد أن يعمل شعراً خلا خلوة
طويلة أياماً وليالي، فإن نطقت في داره جارية أو غلام كاد أن يقتله، وانقطع خاطره،
واذا أراد أن يعمل قصيدة جمع جميع ما للعرب والمحدثين من الشعر على وزن تلك
القصيدة وجعله حواليه ونظر فيه حتى يقتدح به خاطره ويتجلب معانيه. قال: ورأيته
يفعل ذلك.
وقال
أبو علي التنوخي: وقد أخبرني أيضاً بهذا جماعة منهم أبو إسحق إبراهيم ابن علي
النصيبي أنه شاهده، وأنه كانت ترتفع له القصيدة في سبعة أشهر، قالوا: فكانت تحدث
الحادثة عند سيف الدولة من فتح، أو صفة لوقعة، أو تهنئة بعيد أو غير ذلك فيعمل
فيها الشعراء وينشدونه في الحال، أو بعد يوم ويومين ولا ينشده هو شيئا، فإذا كان بعد
سبعة أشهر أو ثلاثة أو أكثر من ذلك أو أقل على حسب ما ترتفع، جاء إليه فاستأذن في
الانشاد وقال: قد ارتفعت لي قصيدة في الفتح الفلاني، أو القضية الفلانية التي كانت
جرت في وقت كذا وكذا، فإن رأى مولانا أن يأذن في انشادها، قال: فيكايده سيف الدولة
فيقول: في أي وقت وأي قصة؟ فلا يزال يريه أنه قد أنسي تلك الحال لبعدها توبيخاً له
إلى أن يكاد يبكي فيقول: نعم نعم هاتها الآن؛ قال: وربما اغتاظ لطول العهد وخروج
الزمان عن الحد فلا يأذن له في الانشاد.
قال أبو علي التنوخي: وأخبرني أبو عبد الله بن الصقر هذا قال: كنت قائماً بين يدي
سيف الدولة وقد ولد له قبل ذلك بتسعة أشهر مولود، وهنأه الشعراء عليه، فجاء النامي
واستأذنه في الانشاد يهنيه بالمولود، فقال له سيف الدولة: يا أبا العباس الصبي قد
حان لنا أن نسلمه إلى الكتاب، تنشدنا تهنئة بولادته الآن، فما زال يتضرع حتى أذن
له.
قال أبو علي: وأخبرني ابن الصقر هذا، قال: قال لي النامي يوماً: كنت البارحة أعمل
شعراً فصعق ديك سمعت صياحه، فانقطع خاطري قال: فقلت له: لا يجب أن تخبر بهذا عن
نفسك.
قرأت بخط محمد بن علي بن نصر الكاتب في كتاب المفاوضة، وأنبأنا المؤيد بن محمد بن
علي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران -
إجازة - قال: حدثنا محمد بن علي بن نصر قال: حدثني أبو الفرج الببغاء قال: قصدت
يوماً أبا العباس النامي المصيصي بعد تأخره عن سيف الدولة لأجل ما كان تنجز بينهما
في معنى المتنبي وتقديمه له عليه، فعرفته خبره، وتفاوضنا ما جرى مع سيف الدولة،
فقال: يا أبا الفرج خدمته الدهر الأطول وما رعى، واستجمل أن يقول لي: قال المتنبي،
وأنا الذي أقول:
له نظرة نحو الحمول بحومل ... وأخرى إلى ودّان صادقة الودّ
إلى ها هنا عهد الوداع الذي به ... عهدت وما لي بالتجلّد من عهد
فيا قلب أعوان عليك كثيرة ... وما لك صبر عليهن من بدّ
وشاةٌ وعذال وبرق ودمنة ... ألا قل ما أجدت عليك وما تجدي
قرأت في كتاب أدب الخواص تأليف الوزير أبي القاسم الحسين بن علي ابن الحسين بن
المغربي قال: وأنشدنا يوماً - يعني سيف الدولة أبا الحسن بن حمدان - في مجلسه
القافية التي أولها إن الخليط أجد البين فانفرقا...
يعني من شعر زهير بن أبي سلمى، فأبدى استحسانا لها، فقال له النامي المصيصي أبو
العباس أحمد بن محمد الدارمي: أراك كلفاً بها، أفتحب أن أمدحك بخير منها؟ قال: نعم
أشد الحب، فلما كان بعد ايام لقيه راكباً على نهر حلب المسمى قويق، قال: فترجل
ووقف عليه سيف الدولة، وأخذ ينشد قصيدةً في غاية الحسن أولها:
ما أنت مني ولا الطيف الذي طرقا ... ردّ الكرى واسترد مني الأرقا
فأراد سيف الدولة كياده والعبث به، فأعرض عنه وأظهر استنقاصاً لشعره، فقطع الانشاد
في وسط القصيدة، وركب ومضى - وسيف الدولة يراه - إلى شاطئ النهر فخرقها وغسلها
فاحتمله سيف الدولة، ولم ينكر ما كان منه، ودرست آثار هذه القصيدة فليس توجد في
ديوانه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد المؤدب إذناًُ ومكاتبة عن أبي غالب بن البناء
قال: أنبأنا أبو غالب بن بشران قال: حدثنا محمد بن علي بن نصر الكاتب: قال: وحدثني
أبو القاسم علي بن محمد المنجم الرقي قال: كان جميع أصحاب سيف الدولة يغتاظون من
المتنبي ويتعصبون عليه للنامي، فلما عمل في وقعة بني كلاب القصيدة الرائية التي
أولها:
طوال قناً تطاعنها قصار.....
فعمل النامي قصيدة أولها:
أألبيض تعصي يا عقيل بن عامر ... وما تبر الأعمار مثل البواتر
كأن علياً والقنا في ظهورهم ... سماء رمتهم بالنجوم الزواهر
فولت تناجي بالنجاء خلالها ... وتجأر من أحكام سمر جوائر
قال:
وتشاجر الناس في القصيدتين، وتقدم سيف الدولة بانفاذهما إلى بغداد وأن يكتب في
معناهما إلى العلماء، فلم يحكم أحد بشيء إلا أن قصيدة النامي أعيدت وقد كتبت
بالذهب، فعلم من هذا أنهم قد فضلوها.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي بحلب قراءة عليه وأنا
أسمع قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن المنصور السمعاني - إجازة ان لم يكن
سماعاً - قال: أنشدني أبو القاسم إسماعيل بن أحمد الدمشقي الحافظ.
وأنبأنا به عاليا الخطيب أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد بن محمد
الطوسي قال: أخبرنا عمي عبد الرحمن بن أحمد بقراءتي عليه قالا: أنشدنا عبد المحسن
بن محمد بن علي التاجر قال: أنشدنا أبو الفتح أحمد بن علي المدائني بحلب قال:
أنشدنا أبو القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة قال: أنشدنا أبو العباس أحمد بن
محمد النامي لنفسه.
رأيت في الرأس شعرة بقيت ... سوداء عيني تحب رؤيتها
فقلت للبيض إذ تروعها ... بالله ألا رحمت غربتها
قالت رأيت السوداء في وطن ... تكون فيه البيضاء ضرتها
أنبأنا أحمد بن أزهر السباك عن أبي بكر الأنصاري قال: أنبأنا أبو غالب بن بشران
قال: حدثنا محمد بن علي نصر قال: أبو الخطاب بن عون الحريري وحدثني عنه أبو القاسم
الشاعر بذلك، وقد رأيته ولم أسمع منه هذه الحكاية قال: دخلت إلى أبي العباس النامي
فوجدته جالسا ورأسه كالثغامة بياضا وفيه شعرة واحدة سوداء، قلت له: يا سيدي في
رأسك شعرة سوداء، قال: نعم، هذه بقية شبابي وأنا أفرح بها، ولي فيها شعر، قلت:
أنشدنيه فأنشدني:
رأيت في الرأس شعرة بقيت ... سوداء تهوى العيون رؤيتها
فقلت للبيض إذ تروعها ... بالله ألا رحمت غربتها
وقلٌ لبث السوداء في وطنٍ ... تكون فيه البيضاء ضرتها
ثم قال: يا أبا الخطاب بيضاء واحدة تروع ألف سوداء، فكيف بسوداء بين بين ألف
بيضاء؟! قرأت في نسخة قديمة من ديوان شعر أبي العباس النامي، وأظنها بخط جامع
شعره، ما صورته: وكنت أنشدت في ليلة من الليالي سيف الدولة أبيات البحتري.
وأبت تركي الغديات والآ ... صال حتى خضبت بالمقراض
شعراتٌ أقصهن ويرجع ... ن رجوع السهام في الأغراض
فهل الحادثات يا بن عويف ... تاركاتي ولبس هذا البياض
فاستحسنها وقال للنامي: أعمل مثل هذا، فعمل قصيدة يمتدحه ويصف الشيب وفيها:
ولقد جارت النهى فتغاضيت ... لبيض نهين بعض التغاضي
ثم خفت انقراض ود الغواني ... فاستعرت الصبا من المقراض
خطوات الشباب عن شعرات ... أشعرت أنها بواق مواض
وقرأت في هذه النسخة المشار إليها، وقال لي أبو العباس النامي: أهديت إلى صديق لي
سكينا عليها طائر مذهب وكتبت معها أبياتاً منها:
أوقد الصقل ماء إفرندها الجاري ... فجاءت كالنار ذات اشتعال
جو نور لم تخله بدعة الصنعة ... من طائر بديع المثال
عام في لؤلؤ ولكنه قد ... قام فيه مذهب السربال
أخبرنا أبو الحسن بن المقير فيما أذن لنا فيه قال: كتب الينا الفضل بن سهل الحلبي
أن أبا بكر الثابتي أخبرهم إذناً قال: أنشدنا أبو الفتح أحمد بن علي بن النحاس
بحلب قال: أنشدنا الحسين بن علي بن أبي أسامة قال أنشدنا أبو العباس أحمد بن محمد
النامي لنفسه يصف الشقائق.
وعذراء كالعذراء عاقصة الشعر ... بدت في وقايات لقامتها حمر
تنشر عنها معجزاً من زبرجد ... يد الشمس زرته عليها يد القطر
قرأت بخط بعض الفضلاء: مات النامي أبو العباس في سنة تسع وتسعين وثلاثمائة عن سن
عالية، وكان من شعراء سيف الدولة.
والصحيح ما أنبأنا به أبو اليمن الكندي عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن التنوخي
قال: مات أبو العباس أحمد بن محمد المصيصي الشاعر المعروف بالنامي الكبير بحلب في
سنة سبعين أو احدى وسبعين وثلاثمائة عن سن عالية، وسمعت من يذكر أنه مات عن تسعين
سنة أو نحوها.
وأخبرنا
أبو محمد بن عبد الله الأسدي إذناً عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب
قال في كتاب المؤتنف.
ونقلته من خط محمد بن سعدون العبدري مما أخرجه أبو عبد الله الحميدي من كتاب
المؤتنف تكملة المؤتلف والمختلف لعبد الغني والدارقطني قال: وأما النامي بالنون
فهو أحمد بن محمد أبو العباس المصيصي الشاعر المعروف بالنامي، ذكر لي أبو القاسم
التنوخي أنه مات بحلب في سنة سبعين أو إحدى وسبعين وثلاثمائة، شك في ذلك.
؟أحمد بن محمد، أبو الحسن المعنوي: وبعضهم يسميه علي بن أحمد، والصحيح هو الأول،
وهو شاعر مجيد كان في أواخر عصر سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان.
سمع أبا عبد الله بن خالويه، وروى عن أبي بكر أحمد بن محمد الصنوبري، وأحمد بن علي
الكاتب، روى عنه شيخه أبو عبد الله بن خالويه، وأبو القاسم عبد الصمد بن أحمد بن
خنبش الخولاني، وأبو محمد الحسن بن علي الجوهري وأبو القاسم علي بن المحسن
التنوخي.
أخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي الفقيه قال: أخبرنا الإمام أبو سعد بن أبي بكر
المروزي إجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أنشدنا محمد بن محمد السلال قال: أنشدنا
أبو علي محمد بن وشاح بن عبد الله الزينبي مولاهم قال: أنشدنا أبو القاسم عبد
الصمد بن أحمد بن خنبش الخولاني قال: أنشدنا أبو الحسن أحمد ابن محمد المعنوي قال:
أنشدنا أبو بكر الصنوبري لنفسه.
إن كان في الصيف ريحان وفاكهة ... فالأرض مستوقد والجو تنور
وإن يكن في الخريف النخل محترقا ... فالأرض محسورة والجو مأسور
وإن يكن في الشتاء الغيث متصلا ... فالأرض عريانة والجو مقرور
ما الدهر إلاّ الربيع المستنير إذا ... جاء الربيع أتاك النور والنور
فالأرض ياقوتة والجو لؤلؤة ... والنبت فيروزج والماء بلور
ما يعدم النبت كأساً من سحائبه ... فالنبت ضربان: سكران ومخمور
فيه لنا الورد منضود مورده ... بين المجالس والمنثور منثور
ونرجس ساحر الأبصار ليس كما ... كانت له من عمى الأبصار مسحور
هذا البنفسج هذا الياسمين وذا ال ... نسرين قد قرنا بالحسن مشهور
فظل تنثر فيه السحب لؤلؤها ... والأرض ضاحكة والطير مسرور
حيث التفت فقمري وفاخته ... تغنيان وشفنين وزرزور
إذ الهزاران فيه صوتا فهما ... لحسن صوتيهما عود وطنبور
يطيب فيه الصحارى للمقيم بها ... كما يطيب له في غيره الدور
من شم ريح تحيات الربيع يقل ... لا المسك مسك ولا الكافور كافور
أخبرنا عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن منصور قال:
أخبرنا أبو جعفر المهدي بن أبي حرب المرعشي في دارة بسارية قال: حدثنا أبو عبد
الله الحسين بن نصر بن المرهف القاضي بنهاوند قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن علي
الجوهري قال: أنشدني أبو الحسن المعنوي قال: أنشدنا أحمد بن علي الكاتب:
يوم بدا في غاية الحسن ... تبكى سحائبه بلا جفن
فالأرض تضحك من بكا المزن ... والشمس تحت سرادق الدجن
وكأن دجلة في تموجها ... تختال بين مطارف دكن
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن رواج قراءة عليه ببركة الفيل بين مصر والقاهرة قال:
أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن محمد بن النقور
قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال: أنشدنا السنوبري لنفسه.
أيها المغتدي من العرس غادت ... ك نحوس ما بعدهن نحوس
ما سمعنا والله فيما سمعنا ... بعروس تجلى عليها عروس
قرأت على ظهر كتاب معاني القرآن للفراء بخط أبي عبد الله الحسين بن أحمد ابن
خالويه الهمذاني مكتوباً بخط بعض تلامذته، أظنه عمار بن الحسين بن علي ابن حماد
الموصلي قال ابن خالويه: حضر ذات يوم عندي أبو إسحق بن شهرام، وأبو العباس ابن
كاتب البكتمري، وأبو الحسن المعنوي، فأنشد عمار بيتاً على فص خاتمه وهو:
وكل
مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وسأل الجماعة إجازته، فقال أبو إسحق بن شهرام.
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وقد قال لي قوم تبدل سواهم ... لعلك تسلو إنما الحب كالحب
ومن لي بسلوى عنهم لو أطقتها ... ولكن عذلي ليس يقبله قلبي
فيا حب لا تبخل علي بقبلة ... ترد بها نفسي فيغبطني صحبي
فإني وبيت الله فيك معذب ... الفؤاد عليل القلب مختلس اللب
ولي مثل قد قاله قبل شاعر ... إذا ازددت منه زدت ضرباً على ضرب
خرجت غداة النضر اعترض الدمى ... فلم أر أحلى منك في العين والقلب
فوالله ما أدري أحسناً رزقته ... أم الحب أعمى مثل ما قيل في الحب
وقال أبو العباس:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
فيا أسفي لو كان يغني تأسف ... وواكربتي لو روحت شدة الكرب
شربت بكأس الهم خمر فراقهم ... فأصبحت سكران السرور بلا شرب
وقال أبو الحسن المعنوي:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
ولم أر هذا الدهر يملك صرفه ... سوى الرجل العلاّمة النجد الندب
ولست لصرف الدهر بالواهن الذي ... يروح على لوم ويغدو على عتب
ولست أنا معنويّ الشام قولاً وفطنةً ... ولست هبيريّ العلاقة والحب
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر
الامام قال: أنشدنا أبو الفضل بن ناصر السلامي قال: أنشدنا أبو الفضل ابن الحداد
الفرضي الحداد قال: أنشدنا أبو محمد الجوهري.
قال أبو سعد: وقرأت على أبي منصور بن خيرون المقرئ الشاهد عن أبي محمد الحسن بن
علي الجوهري قال: أنشدني أبو الحسن المعنوي لنفسه:
كأنما ما كان من ... آثارهم لم يبن
إلاّ بقايا دمن ... فديتها من دمن
ودع روحي بدني ... يوم وداع السفن
راحوا فراحوا معهم ... بكل شيء حسن
أحمد بن محمد أبو سهل الفارسي: حدث بالمصيصة عن أحمد بن حرب، روى عنه أبو بكر محمد
بن إبراهيم بن المقرئ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد
الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا أخبرنا أبو الفرج
سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود
الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقريء: حدثنا أبو
سهل أحمد بن محمد الفارسي بالمصيصة قال: حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا زيد بن
الحباب قال: حدثنا محمد بن مسلم الطائفي قال: حدثنا عمرو بن دينار عن ابن عباس أن
النبي صلى الله عليه وسلم قال: من كانت عنده شهادة فلا يقول لا أخبر بها إلا عند
إمام، ولكن ليخبر بها لعله يرجع ويرعوي.
أحمد بن محمد العباسي: حدث عن عبد الله حبيق الأنطاكي، روى عنه أبو بكر بن المقرئ.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس
قالا: أخبرنا أبو الفرج الصيرفي - قالت: إجازة - قال: أخبرنا أبو الطاهر وأبو
الفتح قالا: أخبرنا أبو بن المقرئ قال: حدثنا أحمد بن محمد العباسي قال: حدثنا عبد
الله بن حبيق قال: حدثنا يوسف بن أسباط قال: سئل الثوري عن مسألة وهو يشتري شيئاً،
فقال: دعني فإن قلبي مع درهمي.
أحمد بن محمد الاذني: إن لم يكن ابن سعيد الراوي عن لوين فهو غيره، حدث عن إبراهيم
بن حماد؛ روى عنه أبو عمران موسى بن سهل الجوني.
كتب
إلينا أبو الفتوح داود بن معمر القرشي من أصبهان قال: أنبأنا أبو سعد أحمد بن محمد
الواعظ عن أبي هاشم محمد بن الحسين الجرجاني قال: أخبرنا إسماعيل بن محمد بن عبد
الله البخاري قال: حدثنا محمد بن عمر بن القاسم أبو عبد الله الفقيه ببخارى قال:
أخبرنا عمر بن محمد بن إبراهيم أبو بكر العطار ببغداد قال: حدثنا أبو عمران موسى
بن سهل الجوني قال: حدثنا أحمد بن محمد الأذني قال: حدثنا إبراهيم بن حماد قال:
حدثنا يوسف بن سوار قال: حدثنا خلف بن خليفة عن أبي هاشم الرماني عن محارب بن دثار
عن أنس بن مالك قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم رجلاً من أصحابه يقال له
سفينة بكتاب إلى معاذ إلى اليمن، فلما صار في الطريق إذا هو بسبع رابض وسط الطريق
فخاف أن يجوز، فتقدم إليه فقال: أيها السبع إني رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم
إلى معاذ، وهذا كتاب رسول الله إلى معاذ فقام السبع فهرول قدامة غلوةً ثم همهم ثم
صرخ ثم تنحى عن الطريق، فمضى بكتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى معاذ ثم رجع
بالجواب فإذا هو بالسبع فخاف أن يجوز فقال: أيها السبع إني رسول الله صلى الله
عليه وسلم إلى معاذ وهذا جواب كتاب رسول الله صلى الله عليه وسلم من معاذ، فقام السبع
فصرخ، ثم همهم، ثم تنحى عن الطريق، فلما قدم أخبر رسول الله صلى الله عليه وسلم،
فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تدري ما قال أول مرة؟ قال: كيف رسول الله وأبو
بكر وعمر وعثمان وعلي، وأما الثانية فقال: أقر رسول الله وأبا بكر وعمر وعثمان
وعلياً وسلمان وصهيباً وبلالاً مني السلام.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أحمد بن محمد العقيلي أمير شاعر مذكور، وقفت على ذكره في مختار من
أخبار مصر تأليف الأمير مختار الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي وأورد له
قصيدةً طردية على مذهب طردية أبي فراس، وصف فيها أياماً مرت له بحلب وناحيتها،
وذكر فيها منازل من قرى حلب مر بها وهو في الصيد، وذكر وقعة جرت له مع الروم، وكان
ذلك في دولة بني حمدان، والطردية قوله:
يا سائلي عن خبري وسني ... خذ وصف أيام السرور عني
ذاك هو العمر الذي يسر ... وما سوى ذاك فليس عمر
أيام للأمر نفاذ ومضا ... وللسرور لذة بلا انقضا
أحسن يوم مرّ لي من عمري ... لم أر يوما مثله في دهري
يوم سرور كان في أرض حلب ... طربت فيه طرباً على طرب
وذاك أني قمت نصف الليل ... مشارفاً لخدمي وخيلي
حين زقا الباز وصاح الصقر ... فقلت: يوم صيده يسر
هات إليّ يا غلام الطاهي ... قلت له لمّا أتى: بالله
أكثر لنا من الشواء المنضج ... ومن دجاج فائق ملهوج
واشو من الحملان ما يكفينا ... واختر هديت الفائق السمينا
وامل الصناديق من المصوص ... حتى تكون عدد الشّخوص
واصلح من القبج مطجنات ... ومن فراريج مبزرات
واحمل من المري وماء الحصرم ... والخل والزيت اللذيذ المطعم
للكردناج والشوى والمائدة ... فحمل ذا فيه جميعاً فائدة
وأصلح من البيض مشوشات ... ونرجسيات ومقلوات
وأصلح رقاقاً واسعاً نقياً ... يكون ان لقيته بهيا
حتى ترى اللفة في التدوير ... قائمة كعنق الطنبور
إن قطعت ووضعت في الجام ... رأيت زهرا حسن النظام
ملاك بزماوردك الدجاج ... والقبج والدرّاج والسكباج
بكثرة البقل وخل الدنّ ... والبيض والزيتون والجبن
والجوز أيضاً وقلوب الخسّ ... وكثرة النعنع والكرفس
واضم إلى الصعتر والهليون ... ما يفتق الشهوة من طرخون
والمسك
والماورد يا عجيب ... به إذا طيبته يطيب
وإن لقيت أحداً بلفة ... فلتكن اللفة تملا كفه
أريده يوم سرور كاملاً ... والخير فيه للرجال شاملا
وخذ لنا من الجنوب والجدا ... ما تشتهيه النفس في وقت الغدا
ووفر الأوساط والذوائبا ... حتى ترى منا غدا عجائبا
وخذ من الحلوى السلال الوافرة ... فإن أيدينا لها مباشرة
قلت: الشرابي فقالوا: قد حضر ... قلت احمل الراح ووفر يا قمر
وامل الأواني والبلسقيات ... يكن للطالب بارزات
واحمل من المرواح في جراره ... يشربه من شاء باختياره
وخذ من المطبوخ والشمسي ... ري رجال حظهم في الريّ
وخذ لنا فاكهة ترضاها ... فأعين الناس غداً تراها
وقلت: أين البازيار جعفر؟ ... قيل: باب الدار قلت: يحضر
قلت له لما أتى: اسمع قولي ... ولا تخالفني تنل من نيلي
قم فاحمل الكرز والفطرافا ... والزرقين واحذر الخلافا
وزرقان فهو سبع القبج ... وهو كثير في نواحي الفج
واحمل مع الكرز باشقين ... فرخين إن شئت وكرزين
أربعة فيها لنا كفاية ... وهي لعمري تبلغ النهاية
تصيد ما طار من الفراخ ... أحسن من صيدك بالفخاخ
وخذ صقورا تسعة كباراً ... تأخذ ما دب لها أو طارا
وخذ شواهيناً جياداً فرها ... تأخذ طير الماء فيه كرها
ستاً وإن شئت فخذ ثمانية ... تدير منها ما تشا علانيه
وخذ لنا عشراً من الكلاب ... مختارة تمعن في الهراب
وخذ من الأكلب للعراض ... أربعة فهي القضاء الماضي
وخلها بالله بالنوائب ... فإنها تأخذ كل ذاهب
وخذ لنا بورجنا يفرج ... فإنه يخرج ما في البنج
ثم خذ الفهد فإني وامق ... لصيده إذا اغتدي يعانق
كأنه بلثم ما يصيد ... وضمه فإنه شديد
كعاشق فاز بمن يحب ... وهو به من قبل ذاك صب
وقل له واس أخي مفرج ... لست أحب اليوم صيد الزمج
لا الباز يصطاد ولا الصقور ... إذا رأته فوقها يدور
وقلت للغلمان في وسط السحر: ... قوموا اخرجوا فاليوم يوم مشتهر
ولا تريدوا معكم من قد عرف ... بالشؤم في الصيد ولكن ينصرف
قالوا: فمن نرد؟ قلت: ردوا ... ذاك وذا وذا وشدوا
لما رددت القوم طابت نفسي ... وسرت في عصابة من جنسي
كل كريم بطل محام ... مغاور منازل مقدام
أجرى من الليث إذا الليث زأر ... والبدر في الحسن إذا البدر بهر
سقياً لعجار وما ولاها ... طاب ثراها وشفى هواها
حتى إذا صرت ورا البستان ... وعين قنسرين في الجنان
رأى الغلام أرنباً في المجثم ... نائمة بحينها لم تعلم
فشكها بالآلة المباركة ... ونفسها مما دهاها هالكه
وانفتح الصيد لنا وطابا ... قلت: احفظوا ويحكم الكلابا
فلم نزل نطلبها في البقعة ... حتى أخذنا مائة وسبعه
وصاح طير الماء عن يميني ... كأنما دل على كمين
قلت:
ذر الأصفر والملمعا ... حتى إذا ما استعليا دارا معا
كأن ذا يطلب ذا في الحرب ... والطير منها في أشد الكرب
لما نقرت الطبل طار الرف ... واستقبلته بالردى الأكف
فجدلت أربعة كبار ... كأنها من ثقلها أحجار
ثم تبعناه إلى أحد البرك ... وهو من الخوف كطير في شرك
فلم يطر حتى نقرنا الطبلا ... فازداد منا وحشة وخبلا
حتى إذا طارت طيور الماء ... والطائران فوق في الهواء
تصوبت كالنار لما اشتعلت ... فجدّلت أربعة وارتفعت
ثمت عادا فأجدا في الطلب ... فلحقا ما كان منها قد هرب
فصرعا أربعة وأربعه ... وهبت الريح فصارت زوبعة
وجاءني العبد بسلوتين ... كلاهما في ثقل وزتين
وجاء صياد بمخلاتي سملء ... قد صادها منفرداً وما ترك
ثم عدلنا نطلب الدراجا ... وكان من كثرته أزواجا
فلم نزل نأخذ ما يطير ... كبيرها المأخوذ والصغير
حتى أخذنا فوق تسعين عدد ... والباز قد أسرع فينا واجتهد
ملنا جميعا فإذا الكراكي ... طويلة الساقات والأوراك
لما رأى الباز أجد السيرا ... ولا ترى أخبث منه طيرا
حتى إذا قاربها تعلقا ... زاد علواً وسما وحلقا
ثم رمى بنفسه عليها ... فكان موتاً مسرعاً إليها
فلم يزل يضربها وينصرع ... وقد تحداها بموت وطمع
فعل الشواهين بطير الماء ... إذا رأته وهو في السماء
حتى لقد صاد الكريم تسعه ... وسبعة وسبعة وسبعه
صيداً ترى عدته في جمعه ... وذا من الباز لعمري بدعه
واتبع الغطراف طيراً قد هرب ... لكل حتف سبب من السبب
بينا نسير فإذا الحبارى ... واقفة كأنها حيارى
لما رآها الباز طابت نفسي ... أرسلته فانسل مثل النمس
يطير فوق الأرض لا يدرى به ... فأفرد البائس من أصحابه
لحقته وهو عليه ينتف ... والقلب من خوف عليه يرجف
قلت له اركب مسرعا فما ركب ... حتى نزلت والحبارى تضطرب
ثم إذا الغطريف فوق الثاني ... أراه من بعد ولا يراني
فصحت بالصياد خذه من يده ... فطيرنا مجتهد في طرده
وقلت للقوم وقد صاح الحجل ... مذكراً بنفسه لمن عقل
هذا لعمري وقت صيد الباشق ... والزرقان سلوة للوامق
كبارها نأخذها في البنج ... والفرخ تعليقاً ولما يدرج
حتى أخذنا مائة وأربعة ... رأيتها في موضع مجتمعه
فيا له من فرح على فرح ... تأخذ من طير الفلاة ما سنح
لما أتينا النهر نبغي الطردا ... نكد ما نبصر منه نكدا
إذا النعام والحمير والبقر ... في فيء زيتون وتين وشجر
قال لي الصياد: ذا يوم ظفر ... والصبر عقبى خيره لمن صبر
فابعث بخيل تأخذ المضائقا ... واختر من الخيل الطمر السابقا
ووصهم بصيده من الجبل ... فكلما عاد إلينا قد حصل
بعثت من عينته للوقت ... سبعاً وسبعاً وصلت بست
ثم عبرنا النهر بعد مرهم ... نسير سيراً ليناً في إثرهم
حتى
إذا صرنا حذا الزيتون ... وقد قربنا من أصول التين
إذا الظباء جفلت تطير ... واتبعتها بعدها الحمير
ثم إذا سرب النعام والبقر ... نافرة قد طلبت منها الأثر
قلت لهم: خلو الكلاب طرا ... ولا تخلوا فوق كف صقرا
فأدبرت هاربة فرارا ... والموت قد حاصرها حصارا
قد أخذت طرق الفلا عليها ... وكلنا منكمش إليها
حتى استوينا وهي في البطحاء ... بأكلب شدت على الظباء
فكم مهاة هلكت بطعنة ... ورمية تمكنت في الثفنة
وكم حمار كسرته حذفه ... وضربة تقد منه كتفه
وكم غزال أخذته الخيل ... حل به منها هناك الويل
وثابت الأكلب والصقور ... والصيد قد لاح لها الكثير
قلت: اجمعوا الصيد وشدوه شلل ... مما أصبننا بالسيوف والأسل
فجمعوا ما صيد بالكلاب ... وبالصقور الفره في الشعاب
ثمت جاءوا بنعامتين ... أحسن مما أبصرته عيني
قد شدتا وسيقتا في حبل ... كعاشقين اجتمعا للوصل
رأيت صيداً لا يرى نظيره ... غزلانها تقدمها حميره
وبقرات حمل تساق ... كأنها في سيرها الرفاق
قلت اجمعوا صيدكم وسيروا ... فما لصيد يومكم نظير
سرنا وقد حان أوان الظهر ... حتى نزلنا فوق شط النهر
قلت استريحوا ثم صلوا وكلوا ... ثم اشربوا الراح هنيا وارحلوا
وأجج الطباخ نارا هائلة ... يقلي ويشوي والنفوس مائلة
إلى فراخ القبج والدراج ... والراح إذ تشرب في الزجاج
وكلنا يذكر ما قد كانا ... وما رأته عينه عيانا
قمنا جميعا كلنا قد هاله ... ما قد رأى وسره ما ناله
قالوا: كذا الاقبال يا مولانا ... بالله لا تعلم بذا سوانا
قلت كلوا أحويكم مشوية ... فإنها بنية سرية
وقلت: لما شربوها راحا ... وكلهم قد طاب واستراحا
سيروا بنا ندخل بالنهار ... لينظر الناس إلى استظهاري
سرت وسار القوم بالسرور ... نعيد ما كان من الطيور
حتى مررنا بشفير واد ... إذا بشبلين على ميعاد
قلت لوهّاق معي خذ الوهق ... وارم به إن كان في الحبل حلق
ثمت درنا حولها بالخيل ... فشدها الوهاق قبل الليل
ثم حملناها وسرنا نجري ... خوفاً من الليث لئلا يدري
حتى إذا صرنا إلى الزيتون ... إذا بخيل الروم في الكمين
وهو لعمري موضع محذور ... فيه اللصوص أبداً تدور
لما رأونا اجتمعوا وقالوا ... لنا: الأمان قلت: ذا محال
والله لا أومن إلا من نطق ... بالحق فيما قاله ومن صدق
قالوا: علينا لك صدق المنطق ... نحن تركنا عسكر الدمستق
ليلاً وقد مر على سرتين ... ثمت خلاها على اليمين
وعزمه أن ينزل البدريه ... ليلاً ومنها يخرج السرية
نعم ولا بد من الكمين ... في موضع يخفى عن العيون
فاستبقنا فكلنا ذو حال ... بالمال نفدى ثم بالرجال
قلت: لكم ما قد طلبتم مني ... والله لا يروى القبيح عني
فسرت
بالقوم وقد طار الخبر ... وخرج الناس جميعاً للنظر
وافترق العسكر كل قد حمل ... مما أصبناه ومما قد قتل
وفرق الباقي على أهل البلد ... فعمهم طرا وزاد في العدد
فأي يوم مثل ذا تره ... يشهده من صاد أو يراه
فقل لمن صاد زمانا واجتهد ... هذا هو الصيد فمن شاء فليصد
أنا العقيلي وهذا صيدي ... يتلف من كايدني بكيدي
بادرت بالروم إلى الأمير ... وبالظبا والصد والحمير
قلت له: اسمع خبر الدمستق ... وسر فإني سائر كي نلتقي
عليه إن حلّ بأرض الجومة ... فهي عليه سفرة مشؤومة
فسار لما جاءه رسولي ... سير همام قائل فعول
لما اجتمعنا قال: قد صح الخبر ... قلت له: ابشر فلك اليوم الظفر
قالوا لنا: قد نزلوا بمشحلا ... قلت لهم: حل بهم منا البلا
حتى إذا ما انتشرت خيل العدى ... ونهبت بعض الضياع والقرى
سرنا وسيف الله في عدوه ... يفري ولا نفرق من نبوه
قال: اتبعوني قد رأيت الجنة ... مفتوحة وعلقوا الأعنه
فقاتلوا بالحق أهل الباطل ... والسيف في الأعداء خير فاصل
لما رأونا طلبوا منا الهرب ... وسار في إثرهم سير الطلب
لم ترعيني مثل ما رأيت ... هذا وقد قاسيت ما قاسيت
عشرين ألفاً هلكت نفوسهم ... وحملت في وقعة رؤوسهم
على دواب الروم والبغال ... تقودها الأسرى من الرجال
فكانت الأسرى فويق الألف ... ما فيهم متهم بضعف
ونهب الناس من الدواب ... ومن سلاح الروم والثياب
ما ليس يحصى بالحساب والعدد ... فكم فتىً لله شكراً قد سجد
وعاد ثاني يومه الأمير ... وما له ند ولا نظير
فالحمد لله على ما كان ... فكم رأيت ظفراً عيانا
كم وقعة بالروم والأعراب ... بني تميم وبني كلاب
ظفرت فيها بهم مرارا ... وكلهم يلتمس الفرارا
كم قد قتلت وسبيت الأرمنا ... والروم لكن ليس للروم فنا
والسعي قد قابلني بسعد ... يمشي مع الاقبال سعي العبد
والدهر لي غصن وغصني ناضر ... وطالب الدنيا إليّ ناظر
أعطي ولا يرجع عني من طلب ... إلاّ بما يهوى ولو كان السلب
سقياً لدهر مرّ لي ما أطيبه ... لا يحوج الرزق إلى أن أطلبه
والعز تربي والحسام خدني ... يقرب مني ما يغيب عني
فليت شعري كم بقي من عمري ... وما الذي يجري عليه أمري
قد قلت لما ضاقت المذاهب ... استغفر الله فإني تائب
ما تصلح الدنيا لخلق بعدي ... إلاّ لمن يزهد فيها زهدي
قد نلت منها كل ما أريد ... وعشت فيها وأنا سعيد
وكنت لا أعبا بذكر الموت ... أطلب ما أهوى حذار الفوت
فاليوم قد خفت وخافت نفسي ... من ضغطة القبر وضيق الرمس
يا رب فارحم ضعف عبد خاطي ... يخاف يوم البعث والصراط
أخاف ما أعرفه من جهلي ... ومن ذنوبي وقبيح فعلي
ما لي في يوم الحساب عذر ... ولا على نار الجحيم صبر
ذكري لما قد كان في الشبيبة ... يجدد الحسرة والمصيبة
الله
حسبي وعليه أعتمد ... فقد زهدت والسعيد من زهد
قرأت في حوادث سنة خمس وثمانين وثلاثمائة من تاريخ مختار الملك محمد بن عبيد الله
بن أحمد المسبحي قال: ولأربع عشرة ليلة خلت من شهر ربيع الأول توفي أحمد بن محمد
العقيلي، وذكر له هذه المزدوجة.
أحمد بن محمد القاضي الحلبي: ان لم يكن ابن ماثل الذي قدمنا ذكره فهو غيره، حدث...
روى عنه أبو سليمان محمد بن الحسين بن علي بن ابراهيم الحراني.
أحمد بن محمد السهلي أبو الحسن: وقيل أبو الحسين الخوارزمي، كان يؤدب بني عم
الوزير أبي القاسم الحسين ابن علي المغربي بحلب، وسمع بها أبا عبد الله الحسين بن
أحمد بن خالويه سنة ست وستين وثلاثمائة، وقرأت سماعه عليه مع المذكورين بخط علي بن
الحسين والد الوزير في هذا التاريخ، ثم ارتفع شأنه بعد ذلك، وصنف له أبو علي بن
سيناء كتاب دفع المضار الكلية للأبدان، وقرأت في مقدمة هذا الكتاب من كلام الرئيس
أبي علي قال: أما بعد فان الشيخ الجليل السيد أبا الحسن أحمد بن محمد السهلي، وهو
من عرف بعلو الهمة وشرف الارومة ومحبة العلوم الحقيقية والأخذ منها بالحظ الوافر،
وارتباط المبرزين فيها وتحصيلهم عنده من حيث كانوا واحدا بعد واحد، لما اصطنعني في
عقد جملته، وضمني إلى زمرته، أمرني من الأوامر الحكمة أن أعمل كتابا في دفع المضار
الكلية للأبدان الانسانية، اذ تأمل الكتب الطبية فوجدها قد صرف فيها أكثر العناية
إلى تحذير الأمور الضارة وقصر فيها كل التقصير في تدارك الخطأ فيما يقع للمهورين
الواقعين فيما حذروا والمخالفين لما أمروا به، فتلقيت أمره العالي بالطاعة بقدر
الاستطاعة، ورجوت أن ننتج بركة طاعتي لولي نعمتي ضرورياً من التوفيق تقصر عنها ذات
مقدرتي، واستعنت بالله تعالى، انه عز وجل نعم المعين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو
يوسف يعقوب بن أحمد الأديب إجازة عن أبي منصور الثعالبي قال: أبو الحسين أحمد بن
محمد السهلي هو وزير بن وزير.
ورث الوزارة كابرا عن كابر ... موصولة الاسناد بالاسناد
قال: وكان يجمع بين آلات الرئاسة والآداب والوزارة، ويضرب في العلوم والآداب
بالسهام الفائزة، ويأخذ من الكرم وحسن الشيم بالحظوظ الوافرة، وله كتاب الروضة
السهلية في الاوصاف والتشبيهات، وبأمره والتماسه صنف الحسن بن الحارث الحبوبي في
المذهب كتاب السهلي يذكر فيه المذهبين: مذهب الشافعي والحنفي، وله شعر فمن ذلك،
ولم يسبق إلى معناه.
ألا سقنا الصهباء صرفاً فإنها ... أعز علينا من عناق الترحّل
وإني لأقلي النقل حباً لطعمها ... لئلا يزول الطعم عند التنقل
وله في النجوم.
والشهب تلمع في الظلام كأنها ... شرر تطاير من دخان النار
فكأنها فوق السماء بنادق ... الكافور فوق صلاية العطار
قال: وله في النجوم أشعار منها في شعاع القمر على الماء.
كأنما البدر فوق الماء مطلعاً ... ونحن بالشط في لهو وفي طرب
ملك رآنا فأهوى للعبور فلم ... يقدر فمد له جسر من الذهب
قرأت بخط صديقنا الفاضل ياقوت بن عبد الله الحموي في كتاب معجم الأدباء: أحمد بن
محمد أبو الحسين السهلي الخوارزمي، قال محمود بن محمد الاسلامي في تاريخ خوارزم:
انه مات بسر من رأى في سنة ثمان عشرة وأربعمائة على ما نذكره وهو من أجله خوارزم
وبيته بيت رئاسة ووزارة وكرم ومروة.
خرج السهلي من خوارزم في سنة أربع وأربعمائة إلى بغداد وتوطنها، وترك وزارة خوارزم
شاه أبي العباس مأمون بن مأمون، خاف من شره، ولما قدم بغداد أكرمه فخر الملك أبو
غالب محمد بن خلف وهو والي العراق يومئذ، وتلقاه بالجميل، فلما مات فخر الملك خرج
من بغداد هاربا أيضاً حتى لحق بغريب بن متقن خوفا على ماله، وكان غريب صاحب البلاد
العليا تكريت ودجيل وما لاصقها، فأقام عنده إلى أن مات، وخلف عشرين ألف دينار
سلمها غريب إلى ورثته.
أحمد بن محمد الانطاكي: حدث عن أبي عياش أحمد بن عبد الله بن أبي حماد، روى عنه
أبو عبد الله محمد بن الحسن بن علي البخاري.
أخبرنا
أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة اذنا عن أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد
الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا القاضي أبو
عبد الله محمد بن سلامة بن جعفر القضاعي قال: أخبرنا القاضي أبو العباس أحمد بن
محمد بن عبد الله السعدي قال: حدثني أبي محمد ابن عبد الله قال: حدثني أبي أبو
القاسم عبد الله بن محمد بن أحمد قال: حدثني محمد بن الحسن بن علي قال: حدثنا أحمد
بن محمد الانطاكي قال: حدثنا أبو عياش أحمد بن عبد الله بن أبي حماد قال: حدثنا
محمد بن بشير قال: حدثنا محمد بن حفص قال: قيل لداود الطائي: يا أبا سليمان لم لا
تجالس الناس؟ فسكت، ثم أعاد عليه، فقال: اللهم غفراً إما صغير لا يوقرك وإما كبير
يحصي عليك عيوبك.
أحمد بن محمد الانطاكي: حكى عن سليمة الأنطاكية زوج الهيثم بن جميل الأنطاكي حكاية
موته، وقد ذكرناها في ترجمة الهيثم فيما يأتي من كتابنا هذا ان شاء الله تعالى،
روى عنه أبو بكر أحمد بن مروان المالكي.
أحمد بن محمد الخزاعي المعروف بالخاقاني: له كتاب مصنف في التاريخ ذكره أبو الحسن
علي بن الحسين بن علي بن عبد الله المسعودي في مقدمة كتاب مروج الذهب في تسمية من
صنف كتابا في التاريخ أو الأخبار.
أحمد بن محمد أبو حامد الانطاكي المعروف بأبي الرقعمق: أحمق شاعر معروف يهزل في
شعره ويحاكي فيه الطيور وغيرها، وأول من سبق بهذا الفن أبو أحمد بن الزكورية
الأنطاكي وسنذكره إن شاء الله تعالى فيمن اسمه موسى، ثم تبعه أبو الرقعمق، ثم
تبعهما القصار المعروف بالصريع، وكان أبو حامد الأنطاكي حسن الشعر في الجد والهزل،
وسافر إلى الديار المصرية ومدح بها الحاكم الفاطمي، روى عنه شيئا من شعره صالح بن
إبراهيم بن رشدين.
قرأت بخط صالح بن إبراهيم بن رشدين في مجموعه، أنشدني أبو حامد المعروف بأبي
الرقعمق أحمق لنفسه:
إلى كم يا بن بطريق ... رجاي منك في ضيق
وكم أصبح من مطلك ... سكراناً على الريق
وما أنت أبا بكرٍ ... إلى جودٍ بمسبوق
ولكنك في أمري ... بلا ذرة توفيق
وكم تضرط في خلقي ... بوعدٍ غير مخلوق
ونقلت من خط صالح بن رشدين أيضاً قال: قال لي أبو حامد المعروف بأبي الرقعمق أحمق:
هجوت أبا الحسن محمد بن هارون الأكثمي ببيت واحد وهو:
ومن هارون في الناس ... أنا اصفع هارونا
فصنعت بيتين أضفت البيت اليهما حنى كمل الشعر وهما:
أرى الناس مجانينا ... بزور القول يهذونا
يقولون ابن هارون ... وهم في ذاك يخطونا
ومن هارون في الناس ... أنا أصفع هارونا
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو
يوسف يعقوب بن أحمد الأديب إجازة عن أبي منصور الثعالبي قال في في اليتيمة: أبو
حامد أحمد بن محمد الأنطاكي المعروف بأبي الرقعمق نادرة الزمان وجملة الاحسان، ومن
تصرف بالشعر الجزل في أنواع الجد والهزل، وأحرز قصب الخصل، وهو أحد المجيدين
والفضلاء المحسنين، وهو بالشام كابن حجاج بالعراق.
قرأت في كتاب الأمير مختار الملك محمد بن عبيد الله بن أحمد المسبحي في التاريخ،
وفيه - يعني ربيع الآخر من سنة تسع وتسعين وثلاثمائة - توفي أبو حامد الشاعر
المعروف بأبي الرقعمق وكان مطبوع الشعر، يذهب بشعره مذهب ابن مهران الشاعر المصري،
ومذهب ابن الحجاج الشاعر البغدادي، ويجيء مليحا.
وقرأت في مجموع وقع إلي يتضمن فوائد ووفيات بخط بعض المصريين ممن يعتني بالتاريخ،
قال فيما علقه فيه من الفوائد: مات الشاعر المعروف بأبي الرقعمق، وهو أبو حامد
أحمد بن محمد الأنطاكي في شهر رمضان سنة تسع وتسعين، وذكر أيضاً وفاته في موضع آخر
من هذا المجموع، وقال: في يوم الجمعة لثمان بقين من شهر رمضان مات أبو حامد الشاعر
المعروف بأبي الرقعمق أحمد بن محمد أبو عبد الله الواسطي الكاتب:
وبعضهم
يسميه محمد بن أحمد، حدث عن: الهيثم بن سهل، وعاصم بن علي روى عنه: محمد بن حمدون
بن خالد النيل، وأبو سليمان عوف بن إسماعيل وسنذكر حديثه فيمن اسمه محمد بن أحمد
فيما يأتي من هذا الكتاب ان شاء الله تعالى، وكان شاعراً كاتباً، وكتب لأحمد بن
طولون إلى أن مات، وتولى تدبير ولده خمارويه بن طولون بعده.
ثم ان خمارويه لما خاف من اضطراب الشام بعد موت أبيه نفذ اليه مع سعد الأيسر
جيشاً، وأمده بأحمد بن محمد الواسطي لتدبير الجيش، وتولي النفقات واستكتب عوضه محبوب
بن رجاء، فلم يقع ذلك بموقع يرضي أبا عبد الله الواسطي، فتغير الواسطي وفسد حاله
معه، فكاتب أبا العباس أحمد بن الموفق يحثه على الوصول إلى مصر، وقال: أسست أمر
أبي الجيش، والله لأهدمن ما كنت بنيته، فلما قرب أبو العباس سار إليه وسار في
صحبته وهو متوجه إلى وقعة الطواحين، فلما تلاقي الجمعان بالطواحين من أرض الرملة،
وانهزم ابن الموفق، هرب أبو عبد الله الواسطي إلى أنطاكية، وأقام بها إلى أن مات.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد اذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي الحسين الرازي قال: أحمد بن يوسف: اجتمع الحسن بن
مهاجر وأحمد بن محمد الواسطي للغد من يوم مات أحمد بن طولون على أخذ البيعة لأبي
الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون فبدأوا بالعباس بن أحمد بن طولون قبل سائر الناس
لأنه أخوه وأكبر منه سناً فوجهوا إليه عدةً من خواص خدم أبيه يستحضرونه لرأي رأوه،
فلما وافى العباس قامت الجماعة إليه، وصدروه وأبو الجيش داخل قاعد في صدر مجلس
أبيه، فعزاه الواسطي وبكى وبكت الجماعة، ثم أحضر المصحف وقال الواسطي للعباس:
تبايع أخاك، فقال العباس: أبو الجيش فديته ابني وليس يسومني هذا، ومن المحال أن
يكون أحد أشفق عليه مني، فقال الواسطي: ما أصلحتك هذه المحنة، أبو الجيش أميرك
وسيدك ومن استحق بحسن طاعته له التقدم عليك، فلم يبايع العباس، فقام طبارجي وسعد
الأيسر فأخذا سيفه ومنطقته وعدلا به إلى حجرة من الميدان، فلم يخرج منها إلا
ميتاً، وبايع الناس كلهم لأبي الجيش وأعطاهم البيعة وأخرج مالاً عظيماً ففرقه على
الأولياء وسائر الناس، وصحت البيعة لأبي الجيش يوم الاثنين لاثنتي عشرة خلت من ذي
القعدة سنة سبعين ومائتين.
قال: وهذا ما كتب به أبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي الكاتب إلى أبي العباس
أحمد بن الموفق بالله يستحثه على حرب أبي الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون والخروج
إليه قبل وقعة الطواحين بأيام، وبعد انصراف إسحق بن كنداجيق، ومحمد بن أبي الساج،
وجعفر بن يغامردي، والعساكر معه عنه:
يا أيها الملك المرهوب جانبه ... شمّر ذيول السرى فالأمر قد قربا
كم ذا الجلوس ولم يجلس عدوّكم ... عن النهوض لقد أصبحتم عجبا
لا تقعدن على التفريط معتكفا ... واشدد فقد قلل جلّ الناس: قد رهبا
ليس المريد لما أصبحت تطلبه ... إلا المشمّر عن ساق وإن لغبا
فان نصبت فعقبى ما نصبت له ... ملكٌ تشاد معاليه لمن نصبا
طال انتظاري لغوث منك آمله ... وما أرى منك ما أصبحت مرتقبا
ولو علمت يقين العلم من خبري ... وما نهضت له في الله محتسبا
لسرت نحو أمرئٍ قد جد مجتهدا ... حتى يكون لما تسعونه سببا
أجاد مروان في بيت أراد به ... عين الصواب وما أخطا وما كذبا
إذ قال حين رأى الدنيا تميد بهم ... بعد العدو وصار الحبل منقضبا
إني أرى فتناً تغلي مراجلها ... فالملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
وله إليه أيضاً:
قل للأمير ابن الموفّق للهدى ... حتّام عن أهل الضلالة يطرق
جرد خيول العزم هذا وقتها ... وأخو العزيمة في الخطوب محقق
أصدق بني الأعداء ضرباً وقعه ... ينبي الطلا قدماً فمثلك يصدق
هذا وأنت أبو الفتوح وأمها ... وأخو الحروب غداة يحمى الفيلق
لا تجزعن فقد جرى لك سانحاً ... طير السعادة بالبشارة ينطق
ولقد
هتكت جموعهم لك عنده ... وكشفت رأسي حين حان المصدق
وحسرت جلباب التستر ساحبا ... ذيل النصيحة والنصيح يصدق
وجمعت من صيد القبائل جحفلاً ... لو رام يأجوجاً إذا لتمزقوا
وأقمت سوقاً للضراب تجارها ... بيض الصفائح والوشيج الأزرق
فالبيض من ظمأ تعج ظباتها ... ولطالما ظلت بها لا تشرق
قد جردت للضرب دون موفق ... أعداؤه في نكثهم ما وفقوا
بيضاً مصقلة فليت متونها ... بدماء من نكث العهود تخلق
هذا ما ذكره في هذه الرواية، وذكر غيره أن الأبيات البائية كتبها مع كتاب، ووصل
الكتاب إلى أحمد بن الموفق وهو بحلب، وبها كنداج وابن أبي الساج، فقال لهما: ما
قعودكم؟! وضرب طبله وسار، وساروا معه فكبسوا أصحاب أبي الجيش بشيزر.
قرأت في سيرة خمارويه بن أحمد بن طولون في نسخة عتيقة، ولم يسم مؤلفها: إن خمارويه
لما خاف أن يضطرب الشام أنفذ إليه جيشاً أمر عليه سعد الأيسر وأمده بأحمد بن محمد
الواسطي كاتب أبيه ليدبر الجيش، ويتولى النفقات فيه، وكان الواسطي يطمع أن يدبر
أمر خمارويه، وأنه يرد تدبير الأمر إليه، وقال: هذا صبي حدث أدبره كما أرى، فلما
أخرجه إلى هذا الوجه واستكتب محبوب ابن رجاء بعده فسدت نيته، وقال: محبوب أحد
كتابي يتصرف بين أمري ويهيئ، آل الأمر إلى أن صرت بعض خلفائه، فتغير على سعد،
وافترقا، وتغير الواسطي وكتب إلى ابن الموفق كتابا يحثه على المسير إلى مصر وقال:
أنا أسست أمر أبي الجيش، والله لأهدمن ما كنت بنيته وضمن الكتاب هذه الأبيات:
يا أيها الملك المرهوب جانبه ... شمر ذيول السرى فالنصر قد قربا
كم ذا القعود ولم يقعد عدوكم ... عن القتال لقد أصبحتم عجبا
ليس المريد لما أصبحت تطلبه ... ولا المشمر عن ساق وإن لغبا
لا تقعدن عن التفريط منعكفا ... واجدد فقد قال قوم: إنه رهبا
فأنت في غفلة يقظان ذو سنة ... وطالب الوتر ذو جد إذا طلبا
أجاد مروان في بيت أصاب به ... عين الصواب فما أخطا ولا كذبا
إذ قال لما رأى الدنيا تميد بهم ... بعد الهدو وعاد الحبل مضطربا:
إني أرى فتنه تغلي مراجلها ... والملك بعد أبي ليلى لمن غلبا
فلما قرأ ابن الموفق كتاب الواسطي قال لابن كنداج وابن أبي الساج ما قعودكم، وضرب
طبله وسار وساروا معه حتى كبسهم في شيزر، وقتل منهم مقتلة، عظيمة، وكان ابن
الواسطي بالرملة يقطع الطريق فيما بين ابن أبا وسعد الأعسر وهما بدمشق، فسار أحمد
بن الموفق إلى دمشق وكبسها على غرة، فانهزما إلى الكسوة وقتل من بقي من أصحابهما،
ثم إنهم اجتمعوا وقصدوا ابن الواسطي فهزموه، وأخذ على طريق الساحل حتى لحق بأحمد
بن الموفق، ودخل المصريون إلى الرملة فنهبوا دار الواسطي وخزائنه، ثم ذكر وصول
أحمد بن الموفق وأنه لما أبصر عسكر أبي الجيش هاله وأكبره، وصغر جيشه في عينه،
فشجعه الواسطي وضمن له النصرة عليه، وقال له: لا يغرك هذا فأكثرهم عامة، بقال
وحائك وفاعل، فثق بالنصر ولا تجزع إلى أن التقى العسكران وكانت النصرة على أحمد بن
الموفق، فركبا دواب الهزائم ومر كل واحد منهما على حدة، فأما ابن الموفق فلم يرد
وجهه عن دمشق شيء، فلم يفتح له أهلها بابها ومنعوه من الدخول، فمر على طيته إلى
طرسوس، وأما ابن الواسطي فأضر به الهرب إلى أنطاكية، فأقام بها مديدة، ومات كمدا.
قرأت في تاريخ الأمير مختار الملك محمد بن عبيد الله المسبحي في حوادث سنة اثنتين
وسبعين ومائتين: وأبو عبد الله أحمد بن محمد الواسطي كاتب أحمد بن طولون في شعبان
- يعني مات.
أحمد بن محمد الجمحي المصيصي: حدث عن إسحق بن إبراهيم الحنيني، روى عنه أبو القاسم
سليمان بن أحمد ابن أيوب الطبراني.
أخبرنا
أبو محمد عبد العزيز بن هلالة الأندلسي بحلب، قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد
الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم الجوز دانية قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان ابن أحمد
بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن محمد الجمحي المصيصي قال: حدثنا إسحق بن
إبراهيم الحنيني قال: حدثنا عبد الله بن عمر العمري عن نافع عن ابن عمر قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: صلاة الليل والنهار مثنى مثنى.
قال الطبراني: لم يرو هذه اللفظة والنهار عن العمري غير الحنيني.
أحمد بن محمد الجوهري المصيصي المعروف بالحران: شاعر محسن أنشد له أبو علي الهائم
أبياتاً لا أعلم هل هي من روايته عنه أم لا.
قرأت بخط أبي منصور محمد بن دلال الشيباني أخبرنا الشيخ أبو الحسين الصيرفي قال:
أخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال أنشدني أبو علي أحمد بن علي الهائم لأحمد بن
محمد الجوهري المصيصي المعروف بالحران:
الخد ورد والثغر در ... والنشر مسك والريق خمر
والقد غصن والردف موج ... والشعر ليل والوجه بدر
له من الحسن بارعات ... لم يتعلق بهن فكر
مخففات مثقلات ... ألّف ما بينهن خصر
أنشدني أبو السعادات المبارك بن أبي بكر الموصلي لأحمد بن محمد الحران في المزملة:
بديعة جسمها زبرجدة ... خضراء حالت من دونها الحجب
كأنها في خفاء لبستها ... مقرورة والهجير يلتهب
مجروحة الخصر غير دامية ... كما تكون الجراح والندب
كأنما الماء حين تبعثه ... ذوب لجين ميزانه ذهب
أحمد بن محمد الخشاب أبو الحسن: حدث بطرسوس عن عتكل بن عبد الله الفرغاني؛ روى عنه
أبو بكر محمد ابن يحيى بن محمد المصري، وعبد الله بن محمد بن ذكوان.
أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله إجازة قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور الحمال
قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله
الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن محمد وعبد الله بن محمد ابن ذكوان
قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن محمد الخشاب بطرسوس قال: حدثنا عتكل بن عبد الله
الفرغاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن واقد قال: حدثنا زهير بن محمد قال: حدثنا
الربيع بن محمد عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة ان رسول الله صلى الله عليه وسلم
قال: من نظر إلى عورة أخيه متعمدا لم يقبل الله له صلاة أربعين ليلة.
أحمد بن محمد الزنجاني: نزيل طرسوس، حدث.....، روى عنه داود بن عمر بن حفص.
أحمد بن محمد أبو بكر الطرسوسي الصوفي: حدث بمكة، وكان شيخ الحرم وصحب إبراهيم بن
شيبان وروى عنه.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن موسى بن عمار القرشي الانطاكي، وأبو سعد أحمد بن محمد
الماليني، وأبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، وأبو منصور معمر بن أحمد بن
محمد بن زياد.
كتب إلينا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني من مرو أن أبا سعد محمد
بن منصور الحرضي أخبرهم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي إجازة
قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أحمد بن محمد المعروف بأبي بكر الطرسوسي
المقيم بالحرم، وهو اليوم شيخ الحرم، صحب إبراهيم بن شيبان وإليه ينتمي، وهو من
أبها المشايخ وأورعهم، وأحسنهم استقامة، مات سنة أربع وسبعين وثلاثمائة.
قال أبو عبد الرحمن: سمعت أبا بكر بن الطرسوسي يقول: أبو سعيد الخراز قمر الصوفية.
أنبأنا عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني
عن أبي عبد الله محمد بن علي العمري قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحق ابن إبراهيم
القراب قال: وسمعت أبا سعد يعني الماليني يقول: مات أبو بكر أحمد ابن محمد
الطرسوسي بمكة في ذي القعدة سنة خمس وسبعين وثلاثمائة وصليت عليه.
أنبأنا
أبو العباس الصيدلاني ومحمد بن مكي قال: أخبرنا إسماعيل بن غانم وأبو الفتح
الخزفي، قال اسماعيل: أخبرنا، وقال أبو الفتح، أنبأنا أبو مطيع المصري، قال:
أخبرنا أبو منصور معمر بن أحمد قال: أخبرني أبو بكر بن الطرسوسي قال: سمعت إبراهيم
بن شيبان، فذكر كلاماً عنه ذكرناه في ترجمة إبراهيم بن شيبان.
أحمد بن محمد الجبلي: أبو بكر الطرسوسي، إن لم يكن المتقدم فهو غيره، حدث عن أبي
الخير التيناتي، روى عنه أبو الحسن بن جهضم.
أنبأنا الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد
الله بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز ابن
علي الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال: حدثنا
أحمد بن محمد الجبلي، هو أبو بكر الطرسوسي، قال: حدثني أبو الخير قال: جاورت بمكة
سنة، ومر بها علي شدائد وآفات، فكلما هممت أن أخرج إلى السؤال هتف بي هاتف: أما
تستحيي، الوجه الذي يسجد لي تبذله لغيري ! فأجلس.
أحمد بن محمد أبو العباس الخياط الاسبيجابي: أقام بالثغر الشامي، وصحب بالتينات
أبا الخير التيناتي، وكان من متقدمي أصحاب ذي النون المصري، حكى عنه أبو علي بن
خرشيد قولة الآصبهاني.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني في كتابه قال: أخبرنا أبو
سعد محمد بن منصور الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى المزكي - إجازة - قال:
أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أحمد بن محمد أبو العباس الخياط المقيم بمصر،
وكان قبل ذلك مقيماً بالثغر.
صحب أبا الخير الأقطع ومن قبله من المشايخ، وكان لا يأكل إلا من كسب يده.
سمعت عمر بن عنبر يقول: كان أبو العباس يقول: إن أصله من اسبيجاب.
قال السلمي: سمعت محمد بن محمد بن توبة يقول: سمعت أبا علي بن خرشيد قولة
الأصبهاني، يقول: كنت بمصر عند أبي العباس الخياط فقال لي ليلة: توفي الشيخ أبو
عثمان المغربي بنيسابور، قال: فكتبت اليوم والليلة، ثم سألت بعد ذلك عن موته فإذا
هو مات تلك الليلة.
قال السلمي: وسمعت أبا العباس النسوي يحكي عن أبي العباس الخياط هذه الحكاية.
قال السلمي: ومات أبو عثمان المغربي سنة تسع وسبعين، أو تسع وتسعين، وأظن أن موته
في سنة تسع وتسعين أصح.
قلت: فقد توفي أبو العباس الاسبيجابي بعد موته.
أحمد بن محمد الملطي: روى عن أحمد بن محمد بن صالح بن عيسى عن الحسن بن علي بن
جميل بن صالح عن موسى بن طريف عن عباد بن ربعي عن رفاعة بن شداد وصية لعلي عليه
السلام كتبها إليه وقد أخرجه إلى الأهواز قاضياً، رواها عنه أبو القاسم الليث بن
أحمد بن يعقوب البلخي.
أحمد بن محمد البشاري: كان مع أبي الحسن الآبري في الرحلة، وسمع معه في البلاد
وورد معه منبج وطرسوس وغيرهما من مدن العواصم والثغور.
حدث عن زكريا بن يحيى وأحمد بن عبد الله الديبلي، روى عنه أبو الحسن الآبري وقال:
وكان معنا في الرحلة.
أحمد بن محمد أبو الحسين المعري: المعروف بالقنوع هكذا اسماه ونسبه أبو منصور
الثعالبي في تتمة اليتيمة وقد سماه غيره أحمد بن حمدون، وقد سبق ذكره وسماه آخرون
محمد بن حمدون وسيأتي ذكره ان شاء الله في المحمدين، ويحتمل عندي أن أباه محمداً
كان يعرف بحمدون مشتقاً من اسمه محمد، فإن العامة يطلقون كثيراً حمدون على محمد
والله أعلم، وهو شاعر مذكور مشهور.
وقيل في كنيته أبو الحسن روى عنه أبو يعلى محمد بن الحسن البصري.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو يوسف
يعقوب بن أحمد الأديب إجازة عن أبي منصور الثعالبي قال: أبو الحسين أحمد بن محمد
المعري وكان يلقب بالقنوع لأنه قال يوماً في كلام له: قد قنعت والله من الدنيا
بكسرة وكسوة.
قال: ووصف بعض العمال فقال: ما هو إلا ماء كدر، وعود دعر، وقفل عسر.
قال وأنشدني أبو يعلى محمد بن الحسن البصري قال: انشدني القنوع لنفسه ملحاً وغرراً
ونكتاً وطرفاً، وكان قد استكثر منه، وروى جل شعره عنه، فمن ذلك قوله:
ربّ همّ قطعته في دجى الليل ... بهجر الكرى ووصل الشراب
والثرياً قد غربت تطلب ... البدر بسير المروّع المرتاب
كزليخا
وقد بدت كفها ... تطلب أذيال يوسفٍ بالباب
قال: وله في الغزل:
ومجردٍ أبدى على قل ... بي حسامي مقلتيه
جسمي على حالين من ح ... ذر مقيمٌ في يديه
فإذا أمنت الخوف منه ... بقيت في خوفٍ عليه
وله في رئيس جالس على رأس بركة:
قل للرئيس أبي الوضي محمد ... قول امرئ موليه حسن ولاء
من حول بركتك البهيّة سادة ال ... قراء والعلماء والشعراء
لو أنصفوك وهم قيام أشبهت ... أشخاصهم أمثالهم في الماء.
قرأت بخط صاعد بن عيسى بن سمان الكاتب الحلبي ما صورته: الوزير أبو القاسم بن
المغربي ذكر أنه للقنوع:
ألف الهوى فالهجر منه نصيبه ... إن الهوى مستعذبٌ تعذيبه
وكأنّ نمنمة العذار بخدّه ... نحلٌ ولكن في القلوب دبيبه
أحمد بن محمد القرشي: أبو الحسن السرميني من أهل سرمين، مدينة من أعمال حلب وطرف
جبل السماق، وقد ذكرناها في مقدمة كتابنا هذا، كتب عنه الحكيم أبو حليم ظافر بن
جابر الحراني الطبيب.
قرأت بخط أبي حليم الطبيب أنشدني مولاي الشيخ الجليل أبو الحسن أحمد بن محمد
القرشي السرميني لأبي الحسن بن تميم الرقي:
قلت لأمّي حين أمّ الشتا ... ببرد بردٍ وحذا طين
لو لم أكن مناظراً منطراً ... تشرين لي في كل تشرين
مارقّ بالرقة حالي ولي ... نصيب مالٍ بنصيبين
قومي فكدّي لي وكدّي معاً ... فأنت تسعين لتسعين
ولا يعل صبرك من عيلةٍ ... ما بين تشديدٍ وتليني
وانف الكرى عنك بعزل الكرى ... لتوجري في ستر مسكين
فأطرقت لا عن قلىً وابتدت ... تندبني حزناً وتبكيني
لا خير في مثلي بين الورى ... كذا بلا دنيا ولا دين
أحمد بن محمد الطرسوسي: حدث عن أبي الحسين عبيد الله بن أحمد بن البواب، ومحمد بن
جعفر النجار؛ روى عنه أبو محمد عبد العزيز الكتاني الحافظ.
ذكر من اسم أبيه محمود ممن اسمه أحمد أحمد بن محمود بن الحسين بن السندي بن شاهك
بن زاذان بن شهريار: أبو نضر بن أبي الفتح الكاتب المعروف، والده بكشاجم، من ولد
يزدجرد، وقيل اسمه محمد وقيل الفتح، شاعر بن شاعر، كان مع أبيه بحلب، وروى عن أبيه
كشاجم؛ روى عنه عبد الله بن أحمد الفارسي، وسماه محمداً وصالح بن إبراهيم بن رشدين
المصري، وسماه أحمد، واتفقا على الكنية.
وقرأت بخط أبي الحسن الشمشاطي ان كشاجم وغلامه أنشدا لكشاجم أبياتاً بحلب أنشداها
بحلب أبا الصقر القبيصي، وأبا زكريا بن مبشر، وسنذكرها إن شاء الله في ترجمته في
المحمدين.
نقلت من خط صالح بن إبراهيم بن رشدين في مجموعه: كتب أبو نصر أحمد ابن كشاجم
الكاتب إلى أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بهذين البيتين على تفاحة، وأنفذها
إليه بعد أن أنشدني إياهما:
إذا الوزير تجلى ... للنيل في الأوقات
فقد أتاه سميّاه ... جعفر بن الفرات
وسنذكره أيضاً فيمن اسمه محمد فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
قرأت في جزء من الأجزاء الأخبارية التي جمعها أبو علي صالح بن إبراهيم بن رشدين
لنفسه من نسخة منقولة من خطه، قال أبو علي صالح بن رشدين: أنشدني أبو نصر أحمد بن
كشاجم لنفسه:
فديت من رؤيته علتي ... وداء قلبي وهي الشّافيه
يمرضني حتى إذا عادني ... أعادني في حالة العافيه
وعلى آخر الأجزاء قال أبو علي بن رشدين: أنشدني أبو نصر أحمد بن كشاجم هذه القصيدة
في سنة خمسين وثلاثمائه في أبي بكر صالح بن علي الروذباري يمدحه وليس فيها حرف
ينقط:
هل ممسكٌ لومه امرؤٌ لاما ... أأسمع اللوم ساء ما ساما
لله در الدموع مسعدةً ... ودر عصر الوصال لو داما
كم لوعة أودع الصدود وكم ... مؤكد الود صار صرّاما
واهاً لروح له مطاوعة ... أسلمها للحمام إسلاما
والله
لولا الأهواء ما أوطأ ... الأسد كرام الرؤوس آراما
آهلةً هللوا طرارهم ... وأودعوا حسرةً وآلاما
لولا هلال الأرواح مهملةً ... لما أرادوا راءً ولا لاما
أصاح حطّ الصدود كلكله ... وصار وصل الصدود إلماما
مهما عدا الدهر مدةً ولعاً ... لطالما الوصل دام أعواما
أعمل راحاً مع الملاح ولا ... أعدم آل الإكرام اكراما
لم أعص أهل الاسعاد مسألةً ... ولم أطع حاسداً ولوّاما
ما روح الروح كالمدام ولا ... أطار هما عراك دهّاما
دع مدحهم ما حموك ودهم ... وامدح هماماً سمحاً وكراما
ما أمّه آملٌ لمكرمةٍ ... إلاّ رآه للمال هدّاما
ولا دعاه داعٍ لملحمةٍ ... إلاّ دعا صارماً وصمصاما
اسمعه وارد السماح كما ... أصمّ سمع اللوّام صماما
وقرأت في الأجزاء الأخبارية المنقولة من خط صالح بن إبراهيم: هجا أبو الحسن محمد
بن هارون الأكثمي أبا الفرج وأبا نصر عبيد الله وأحمد ابني كشاجم بهذه الأبيات ولم
يجيباه:
ابني كشاجم أنتما ... مستعملان مجربان
لو تكتبان لذا الزمان ... أمتّماه بلا زمان
مات المشؤم أبوكما ... فخلفتماه على المكان
وقرنتما في عصرنا ... ففعلتما فعل القران
بغلاء أسعار الطعام ... وميتة الملك الهجان
يا طلعتي شؤم يظل ... الشوم منها في امتحان
فترجلا لا تقتلا بالش ... ؤم من لا تعرفان
توفي أبو نصر بعد موت كافور في حدود الستين والثلاثمائة.
أحمد بن محمود بن سعيد الغزنوي الفقيه الحنفي: هكذا رأيت نسبه بخطه في غير موضع،
وهو الصحيح، كان فقيهاً فاضلاً، أقام بحلب مدة معيدا بالمدرسة النورية الحنفية
المعروفه بالحلاويين في ولاية أبي بكر الكاشاني، وتفقه عليه جماعة، وصنف في الفقه
وعلومه، والأصول كتباً مفيدة، منها: كتاب روضة العلماء في الفقه ومقدمة مختصرة،
وكتاب في أصول الفقه وكتاب في أصول الدين وسمه بروضة المتكلمين وكتابا مختصراً منه
وسمه بالمنتقى من روضة المتكلمين. وقع إلي بخطه وعليه مكتوب بخطه قال مؤلفه: جزى الله
خيراً من تأمل صنعتي وقابل ما فيها من السهو بالعفو وأصلح ما أخطأت فيه بفضله
وفطنته، وأستغفر الله من سهو.
توفي بعد سنة ثلاث وتسعين وخمسمائه بحلب، فانني شاهدت خطه في هذا التاريخ، ودفن في
مقابر الفقهاء الحنفية قبلي مقام إبراهيم عليه السلام، وسمعت والدي يحسن الثناء
عليه في العلم والدين.
أحمد بن محمود أبو بكر الرسعيني: سمع بحلب أبا عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي
الأذين، وحدث عنه؛ روى عنه أبو الفرج محمد بن أحمد بن علي بن جعفر العين زربي،
المعروف بابن الفاثوري، أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن كتابة قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أنبأنا أبو الحسين بن أبي
الحديد عن جده أبي عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو الفرج
محمد بن أحمد ابن علي بن جعفر المعروف بابن الفاثوري في داريا قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن علي بن الفرج الحبال الصوفي، وأبو بكر أحمد بن محمود الرسعيني قالا:
أخبرنا أبو عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني بحلب قال: حدثنا عمي أبو القاسم
يحيى بن عبد الباقي قال حدثنا أبو عمير محمد بن النحاس الرملي قال: حدثنا سوار بن
عمارة عن زهير بن محمد عن عمرو بن أبي عمرو عن عكرمة عن ابن عباس قال: سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: اقتلوا الفاعل والمفعول به.
من اسم أبيه مدرك ممن اسمه أحمد
أحمد بن مدرك بن الحسين بن حمزة بن الحسين بن أحمد بن محمد بن أحمد البهراني:
الحموي
المعروف بابن حبيش القاضي من أكابر أهل حماه وأعيانهم، وكان محترماً عند الملك
العادل نور الدين محمود بن زنكي، وكان يعتمد عليه فيما ينشئه من أبواب البر وسبل
الخير والمعروف، سمع الإمام أبا الحسن علي بن محمد البلخي بحلب، روى لنا عنه ابنه
أبو المشكور مدرك بن أحمد انشاداً سمعه من أبيه عن البلخي.
أنشدنا القاضي أبو مشكور مدرك بن أحمد بن مدرك بن الحسين بمدينة الكرك من البلقاء
قال: أنشدني والدي قال: أنشدني برهان الدين على البلخي لشاعر أنشدها هارون الرشيد:
وآمرةٍ بالبخل قلت لها أقصري ... فذلك شيء ما إليه سبيل
أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ... بخيلاً له في العالمين خليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
وكيف أخاف الفقر أو أحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل
وهذه الابيات لاسحاق بن ابراهيم الموصلي وستأتي في ترجمته ان شاء الله تعالى.
أحمد بن مدرك بن سعيد بن مدرك بن علي بن محمد بن عبد الله بن سليمان: أبو المعالي
التنوخي المعري القاضي قاضي معرة النعمان من ولد أبي المجد محمد أخي أبي العلاء
أحمد ابني عبد الله بن سليمان، وكان القضاء بمعرة النعمان في سلفه، اجتمعت به بحلب
ومعرة النعمان، وعلقت عنه فوائد عن المعريين وسمعت منه شيئا من الحديث وأشعاراً للمعريين.
روى لنا عن أبي طاهر الخشوعي وأبي جعفر محمد بن المؤيد بن حواري وسمع أيضاً عبد
الملك بن ياسين الدولعي بدمشق.
أخبرنا أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد قاضي المعرة بحلب قال: أخبرنا أبو طاهر
بركات بن ابراهيم بن طاهر القرشي المعروف بالخشوعي بدمشق قال: أخبرنا أبو محمد عبد
الكريم بن حمزة بن الخضر بن العباس السلمي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد
الحنائي السلمي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن ابن الوليد بن موسى بن راشد
الكلابي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير ابن يوسف بن جوصاء قال: حدثنا كثير بن
عبيد المذحجي قال: حدثنا محمد بن حرب عن الزبيدي عن الزهري عن أبي سلمة بن عبد
الرحمن أن عائشة زوج النبي صلى الله عليه وسلم قالت: سئل رسول الله صلى الله عليه
وسلم عن البتع والبتع نبيذ العسل فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل شراب
أسكر فهو حرام.
أنشدنا القاضي أبو المعالي أحمد بن مدرك بن سعيد بن سليمان قال: أنشدني أبو جعفر
محمد بن المؤيد بن حواري لنفسه من قصيدة يمدح بها الملك المنصور محمد بن عمر صاحب
حماة أولها:
بانت سليمي فأقوت ساحة الدار ... منها وبدلت من عسر بايسار
تغشرمتها يد الآيام فاندملت ... آثارها ثم عفتها بآثار
منها في صفة الأسد والممدوح:
ما محذر ترهب الآساد صولته ... يدأى فيفرق منه كل زآر
غضنفر أهرت الشدقين ذو لبد ... شثن البراثن مرهوب السطا ضار
دامي البضيع شديد البأس ذو ذنب ... مثل الرشاء قليل اللبث في الدار
بقوت شبلين قد أودى الطوى بهما ... فيشكوان إليه من خواً طار
ما أن تأرض في أرض يروم بها ... صيداً فتسلم منها نفس سيار
حتى لو أن الردى صيداً وصادفه ... أرداه قسراً بأنياب وأظفار
إلا ويرعد خوفاً من سطاه إذا ... نودي بذكراه في يهماء مقفار
ولا الفرات إذا جاشت جوانبها ... يوماً فخلناه يماً ماؤه جار
وطبق الأرض حتى لا أرى علماً ... إلا وعممه منه بزخار
يوماً كنائل كفيه إذا زمر ال ... وفود لاذت به في عام إعصار
هذا ولا فرخ عصفور تعسفه ... طفل فأفلت منه بعد إضرار
وعاد من بعد سجن موحش حرج ... يروح ما بين جنات وأنهار
يوماً بأفرح مني عند رؤيته ... وقد تبدلت من عسر بأيسار
يا كعبة الجود إني قد حططت إلى ... فنائك الرحل شاك ثقل أوزاري
توفي القاضي أبو المعالي بن مدرك بمعرة النعمان في سنة خمس وخمسين وخمسمائة.
ذكر
من اسم أبيه مروان ممن اسمه أحمد أحمد بن مروان بن دوستك أبو نصر نصر الدولة
الكردي: وهو ابن أخي باد الكردي وكان من الأكراد الحميدية ويلقبون بالجهاربختية
ملك ميافارقين وآمد بعد قتل أخيه أبي منصور سعد بن مروان بالهتاخ، وكان أبو نصر
هذا قد ورد حلب مجتازاً إلى إنجاد يغيسغان ملك أنطاكية حين قصده الفرنج.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف ممد بن عبد الملك الهمذاني قال: بعد أن ذكر قتل
أخيه أبي منصور سعد في الحصن المعروف بالهتاج في ليلة الخميس الخامس من جمادى
الأول سنة إحدى وأربعمائة قال: وولى أخوه أبو نصر أحمد بن مروان ولقبه القادر
بالله نصر الدولة وعدل في رعيته وتنعم تنعما لم يسبق إليه وملك خمسمائة سرية سوى
خدمهن وتوابعهن، وكان معروفاً بكثرة الأكل والشرب والنكاح، وتزوج بنات ملوك
الأطراف وكان يجمع في مجلس لذته من الأواني ما تزيد قيمته على مئتي ألف دينار،
وكان يصدق بالصدقات الكثيرة، ووقع وباء في بلاده وكفن في سنة واحدة أربعة عشر ألف
انسان، وكان لأهل الدين والعلم عنده مقدار عظيم، والتمس مائة ألف دينار يصرفها في
بعض حروبه، فأحضر له وزيره توزيعا على أرباب الاموال بها، فقال: لو أردت أموال
الناس لعولت على صاحب الشرط وإنما أريد ذلك من أموال المتاجرة، فأتاه تاجر بألف
دينار وقال: أسألك يا مولانا قبولها في هذا البيكار فإني اكتسبت أمثالها في بعض
الايام فقال: خذها ولا حاجة لي فيها وأمر أن يتصدق من خزانته بألف دينار شكراً لله
تعالى على عمارة بلده، وكان بآمد في أيامه أربع عشرة داراً للمرابطين وعشرة آلاف
رجل من المجاهدين وسلاح عظيم وذلك في وزارة فخر الدولة أبي نصر محمد بن جهير لابن
مروان، وتوفي في شوال سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة وعمره ست وسبعون سنة وثمانية
أشهر، وإمارته ثلاث وخمسون سنة تنقص شهرا واحدا، وولي بعده ابنه نظام الدين أبو
القاسم نصر.
وروي له شعر قرأته في مجموع لابن نوين المعري قال: للملك ابن مروان مالك ديار بكر:
يا ويح بيت ما له أصحاب ... بيت يدبره نجا وشراب
فشراب إن ظفرت بشيء لبوة ... ونجا لما تحوي يداه عقاب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي نقلت من كتاب الربيع تأليف غرس النعمة أبي الحسن محمد بن هلال ابن
المحسن بن ابراهيم بن هلال المعروف بابن الصابيء، وأنبأنا به أبو الحسن بن أبي عبد
الله بن المقير عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أنبأنا أبو عبد
الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة أبو الحسن، قال: وحدثني الوزير فخر الدولة
أبو نصر قال: حدثني نصر الدولة أبو نصر بن مروان صاحب آمد وميافارقين وتلك الثغور،
وكان ناظراً له إلى حين وفاته، قال: كان بعض متقدمي الأكراد معي على الطبق فأخذت
حجلة مشوية مما كان بين يدي فأعطيته إياها، فأخذها وضحك فقلت: مم تضحك؟ فقال: خير
فظننت أنه قد عاب علي ذلك فألححت عليه ودافع عن الجواب حتى رفعت يدي وقلت لا آكل
شيئا حتى تعرفني سبب ضحكك ما هو، فقال: شيء ذكرتنيه الحجلة وذاك أنني كنت أيام
الشباب والجهالة قد أخذت بعض التجار في طريق وما كان معه من المتاع وقربته إلى لحف
جبل، فأردت قتله خوفا على نفسي منه وأن يعرفني من بعد ويطالبني ويعرضني للقبيح
وتعترضني، فقال: يا هذا قد أخذت مالي وأفقرتني وأولادي فدعني أرجع إلى عيلتي فأكد
عليهم ولا تحرمهم مالي ونفسي وبكى وسألني وتضرع إلي، فلم أرق له شرها إلى ما كان
معه، فلما أيس من الحياة التفت إلى حجلتين على جبل وقال لهما: أشهدا لي عليه عند
الله تعالى أنه قاتلي ظلما، وقتلته فلما رأيت الحجلة الآن ذكرت ذلك الرجل وحمقه في
استشهاده الحجل علي، قال ابن مروان: فحين سمعت قوله اهتززت حتى لم أملك نفسي
وتقدمت بأخذه وكتفه ثم ضرب رقبته بين يدي، فلم آكل حتى رأيت رأسه مبرأً بين يديه
بعد أن قلت له: قد والله شهدت الحجلتان عليك عند من أقادك بالرجل وأخذ له بحقه
منك.
قال:
وحدثني - يعني - الوزير فخر الدولة قال: كان لبعض الأكراد المتوجهين فرس أعطي به
ألف دينار وجعلها ابن مروان ألف دينار وضيعة فلم يبعه ولا طابت نفسه بمفارقته،
وركب يوما ابن مروان إلى الصيد فقيل له ايها الأمير نفق البارحة الفرس الفلاني
فاغتم به وحزن عليه: وأحضر صاحبه إليه وعزاه به لعظيم ما كان عنده منه، فوجده لا
يقبل العزاء وعنده من الأسف على المال لا على الفرس ما غاظه، فقال له: يا هذا مالك
وما فرس حتى يلحقك هذا الأمر العظيم عليه ولعل الله تعالى قد دفع عنك ما هو أعظم
من ذهاب ثمنه منك، فقال: أهي فرس أيها الأمير هي ألف دينار، فقال له: تأخذ ألف
دينار وتجعل ثواب الفرس لي؟ فقال: نعم فتقدم باطلاقها له، وحضرني وتقدمت بتسليمها
إليه وانصرف بها فلم يصبح إلا أعمى يتلمس الحيطان وجاءنا الخبر فعجب الامير والناس
أجمعون مما جرى في ذاك، ووقع للأمير أن الله تعالى قد دفع عنه بالألف دينار ما نزل
بمن أخذها وسر بذاك.
وقال حدثني الوزير فخر الدولة أبو نصر بن جهير قال: حدثني نصر الدولة أبو نصر بن
مروان صاحب ديار بكر عند خدمتي له وقد جرى حديث أبي القاسم ابن المغربي قال: لما
خدمني عند مجيئه من مصر وما جرى له مع الحاكم جاءني يوماً ومعه سدس كاغد فقال لي:
قد أثبت في هذا السدس أسماء أصحابك الذين قد أخذوا أموالك وأخلوا خزانتك من مال
يعد فيها لحاجة أو شدة ما قيمته ثلاثمائة وسبعون ألف دينار - شك الوزير في ذاك -
وقال: إذا أخذت هذا القدر منهم لم تجحف بأموالهم وكان كل منهم مرتباً في خدمته
ومركزه وولايته وتكون قد نقصت من أموالك التي احتجنوها ما جعلته لك خزانة وعدة،
فقلت له: يا هذا إنما نصبتك وزيراً لتعطيني وتعطي أصحابي بعمارة بلادي وتوفير
أموالي، فأما مصادرة أصحابي فلو أردت هذا لأخذت أنا أضعافه وكفاني فيك مهدك صاحبي
هذا الذي هو أهون وأدون من يخدمني، ولم أكن محتاجاً فيه إلى مثلك، فقال لي إذا كان
هذا رأيك فأحرسني من أصحابك ولا تطلعهم على ما قلته في معناهم فتفسد ما بيني
وبينهم، فقلت: أفعل وتركني مديدة قريبة، وقال لي: قد جرى في الجزيرة خلف بين
الضامن لها وبين فلان وتفاقم الأمر فيه إلى أن احتاج إلى مشارفتي له واصلاحه
بنفسي، فتأذن في الإنحدار إلى هناك فمدة الغيبة عشرون يوماً، وأعود وقد حسمت مادة
ربما طمحت إلى حد يشغل قلبك، فعلمت أنه يريد المضي إلى الموصل وقرواش بن المقلد
أمير بني عقيل لما لم ير لشره عندي نفاذاً، ولا علي نفاقاً، ولم يكن يحسن غيره،
فقلت له: افعل ما ترى، وتشاغل بإصلاح أمره للانحدار فجاءني موسك خالي وقال لي:
عرفت أن أبا القاسم بن المغربي على الانحدار إلى الجزيرة، وكذب فإنه بنية المضي
إلى الموصل فقلت: قد عرفت ذلك وعلمته ودعه يمضي إلى اللعنة فما في مقامه ها هنا
لكم فائدة، وكان موسك ممن سعى ابن المغربي به، وأراد مصادرته، وأخذ المال منه، قال:
وتدعه يمضي وقد أخذ أموالك وسرقها وحصلها، واحتجنها، ولم لا تقبض عليه وتأخذ ما
أخذ ثم تصرفه إلى اللعنة وسوء المنقلب؟ فضحكت منه وقلت: ليس كل من يأخذ مالي
أرتجعه منه، ولعمري إنه خدمنا وانتفع منا وكسب معنا، وأخذ ذلك منه لؤم، فأمسك،
وانحدر ابن المغربي إلى الجزيرة ومنها إلى الموصل وخدمة قرواش، ثم انحدر إلى بغداد
وخدمة الملك مشرف الدولة أبي علي بن بويه في سنة خمس عشرة وأربعمائة.
أحمد بن مروان بن محمد:
أبو
بكر الدينوري المالكي القاضي، سمع الحديث الكثير، وروى عن الجم الغفير، فحدث عن
أحمد بن خليد الحلبي، وأحمد بن محمد الحلبي وأحمد بن ابراهيم المصيصي، وأحمد بن
محمد الأنطاكي، وعلي بن الحسن الأنطاكي، وموسى ابن طريف، وأحمد بن علي الوراق،
وأبي داود سليمان بن الأشعث، والحارث بن أبي أسامة، ومحمد بن إسحق الأصبهاني،
ومحمد بن عبد الرحمن مولى بني هاشم، وإبراهيم بن حبيب الهمداني، وزيد بن إسماعيل
الواسطي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وعلي بن عبد العزيز، وعباس بن محمد الدوري،
واسماعيل بن أبي أويس، ومحمد بن سنان، ومحمد بن يزيد الوراق، وبشر بن موسى، ويحيى
بن المختار، وإبراهيم بن نصر النهاوندي، ويحيى بن أبي طالب البغدادي، وجعفر بن محمد
الصايغ، واسماعيل بن إسحق القاضي، وابراهيم بن عبد الله المروزي، وابراهيم بن
دازيل الهمذاني، ومحمد بن يوسف الرزاز، ونعيم بن حماد، وأحمد بن عباد التميمي،
وزكريا بن عبد الرحمن البصري، ومحمد بن يونس القرشي، ومحمد بن علي بن مهران
الوراق، وعبد الله بن مسلم بن قتيبة، وأبي بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا،
وعبد الله بن روح المدائني، ومعاذ بن المثنى العنبري، وأحمد بن عبد الله الخزاز،
وجعفر بن محمد المستملي، وأبي قلابة، وأبي بكر بن أبي خيثمة، والحسين بن الحسن
السكري، وجماعة غيرهم يطول ذكرهم ويصعب حصرهم.
روى عنه: أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب، وأبو حفص عمر بن محمد ابن عراك
الحضرمي، وصالح بن علي بن محمد الحصني.
ودخل حلب، وحدث بها في شهر ربيع الأول من سنة اثنتين وثلاثمائة، ثم نزل مصر، وحدث
بها. وأخبرني الوزير القاضي الأكرم علي بن يوسف الشيباني أنه شاهد على ظهر كتاب
اصلاح الغلط لابن قتيبة ما كتبه لي وسيره إلي، وصورته: قريء لي جميع ما في هذا
الجزء على أبي بكر أحمد بن مروان المالكي بحلب، وكان الفراغ منه في شهر ربيع الأول
من سنة ثنتين وثلاثمائة، سمع علي بن الحسين القاضي جميع ما فيه.
وجمع كتاب المجالسة وضمنه من نخب الأحاديث والأخبار ومحاسن النوادر والآثار ومنتقى
الحكم والأشعار ما يشهد له بحسن التأليف والاختيار، وولي فضاء أسوان.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني، وأبو الحسن محمد ابن أحمد بن
علي قراءة علينا من لفظه، قال أبو بكر: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة
الله، وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن ابن صابر قالا:
أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم بن العباس الحسيني قال: أخبرنا
رشاء بن نطيف بن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن محمد المعروف بابن الملثم قال:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن علي بن سعود البوصيري، وأبو عبد الله محمد بن حميد
بن حامد الأتراحي قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء، قال
الأرتاحي: إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز ابن الحسن بن إسماعيل الضراب
قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي الدينوري قال: حدثنا أحمد بن خليد قال:
حدثنا سعيد أبو عثمان الصياد عن عطاء ابن مسلم عن العلاء بن المسيب عن حبيب بن أبي
ثابت عن ابن عباس أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يوتر بثلاث: بسبح اسم ربك، وقل
يا أيها الكافرون، وقل هو الله أحد، وكان يقنت قبل الركوع.
أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن داود بن عزون بالقاهرة،
وأبو محمد يونس بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب، والحافظ أبو الحسين يحيى بن علي
بن عبد الله القرشي بمصر، قالوا: أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن صالح بن ياسين
المقريء قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قال: أخبرنا أبو
العباس أحمد بن علي بن هاشم المصري بمصر قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن
محمد الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان بن محمد المالكي الدينوري قال:
حدثنا يحيى بن المختار قال: حدثنا بشر بن الحارث قال: سمعت الفضيل بن عياض يقول ما
أحد من أهل العلم إلا وفي وجهه نضرة لقوله عليه السلام: نضر الله إمرءاً سمع منا
حديثاً
أخبرنا
أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة قال: أخبرنا هبة الله بن
علي الأنصاري، وأبو عبد الله بن حمد قالا: أخبرنا علي ابن الحسين، قال ابن حمد:
إجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أحمد بن
مروان المالكي قال: أخبرنا أحمد بن عباد قال: حدثنا أبو عثمان المازني قال: حدثنا
الأصمعي عن أبي سفيان بن العلاء قال: قيل للأحنف بن قيس: من حلمك؟ قال: تعلمت
الحلم من قيس بن عاصم المنقري، لقد اختلفت إليه في الحلم كما يختلف إلى الفقهاء في
الفقه، بينا نحن عند قيس بن عاصم وهو قاعد بفنائه محتب بكسائه أتته جماعة فيهم
مقتول ومكتوف، فقيل: هذا ابنك قتله ابن أخيك قال: فوالله ما حل حبوته حتى فرغ من
كلامه، ثم التفت إلى ابن له في المسجد فقال: قم فأطلق عن ابن عمك، ووار أخاك،
واحمل إلى أمه مائة من الإبل فانها غريبة، وأنشأ يقول:
إني إمرؤٌ لا شائن حسبي ... دنس يغيره ولا أفن
من منقر في بيت مكرمةٍ ... والغصن ينبت حوله الغصن
خطباء حين يقول قائلهم ... بيض الوجوه أعفةٌ لسن
لا يفطنون لعيب جارهم ... وهم بحسن جواره فطن
قرأت في كتاب قضاة مصر تأليف أبي محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق الذي وصل به كتاب
أبي عمر الكندي في ذكر القاضي أبي جعفر أحمد بن عبد الله بن مسلم بن قتيبة بن مسلم
الدينوري وذكر أنه كان يحفظ كتب أبيه.
قال: وكان مجلسه محشواً من عيون الناس، فكان يرد اللفظه والشكلة وما معه نسخة،
وذكر أن أباه حفظه كتبه في اللوح.
قال: وكان أحمد بن مروان المالكي القاضي قد قدم إلى مصر قديماً فحدث بكتب ابن
قتيبة في جملة ما حدث، ثم سافر إلى أسوان، فأقام بها سنين كثيرة، وحدث عنه الناس
بالكتب قال: فحدثني أحمد بن مروان في سنة ثمان وعشرين قال: ولي ابن قتيبة قضاء
مصر، وبلغني ذلك فجاءني كتاب أبي الذكر محمد بن يحيى ابن مهدي يقول لي فيه: خاطبت
القاضي في أمرك - يعني ابن قتيبة - فوعدني بانفاذ العهد إليك، فلما ذكرت له أنك
تروي كتب أبيه بدا له، فقال: أنا أعرف كل من سمع من أبي، وما أعرف هذا الرجل، فان
كانت عندك علامة فاكتب إلي بها، فقال لي أحمد بن مروان: فكتبت إليه بعلامات يعلمها
سخمت وجهه من فوق إلى أسفل، وكان فيما قاله أحمد بن مروان أنه كتب إليه أنه يعرف
أحمد بن عبد الله ابن مسلم صبيا في حياة أبيه يمشي حافيا يلعب بالحمام مع
العيارين، قال: ولقد رأيته يوما ونحن عند أبيه وقد أقبل حافي، وهو في يده حمام،
فأطلقه ونحن نراه، فلما وصلت العلامات إليه كتب إلي ما عرفتك، وأنفذ الي العهد.
أحمد بن مروان المصيصي: حدث عن.......، روى عنه أبو عمران موسى بن هشام بن أحمد
الوراق الدينوري.
أحمد بن مسعود بن شداد بن خليفة: أبو العباس الصفار الموصلي، الملقب بالذكي، شيخ
حسن دمث الاخلاق، سمع بالموصل أبا جعفر أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاص، وأبا
بكر يحيى ابن سعدون بن تمام القرطبي المقريء، وقدم حلب مراراً عدة، وسكنها بالآخرة
إلى أن توفي بها، وسمعت منه في هذه النوبة جزءاً من أمالي أبي سهل القطان وغيره
وسألته عن مولده، فقال لي: في سلخ جمادى الولى ليلة الأربعاء من سنة خمس وأربعين
وخمسمائة.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي قراءة عليه بحلب سنة ثمان وستمائة
قال: أخبرنا أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاص بالموصل سنة ثلاث وستين وخمسمائة
قال: أخبرنا الرئيس أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم ابن نبهان الكاتب قراءة عليه
قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان البزاز قراءة عليه قال:
حدثنا علي بن محمد بن أبي الشوارب قال: حدثنا أبو سلمة قال: حدثنا حماد بن سلمة عن
ثابت وعلي بن زيد وسعيد الجريري عن أبي عثمان النهدي أن أبا موسى الأشعري قال: كنا
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم في سفر فلما دنونا من المدينة كبر الناس ورفعوا
أصواتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أيها الناس إنكم لا تدعون أصماً
ولا غائبا، إن الذي تدعونه بينكم وبين أعناق ركابكم، ثم قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: لا حول ولا قوة إلا بالله.
شابكت
الشيخ أبا العباس أحمد بن مسعود بن شداد وقال لي: شابكت الشيخ علي بن محمد
الباجباري النساج وقال لي: شابكت الخطيب علي بن عمر الباعوزي خطيب باجبارا وقال
لي: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام وقال: يا علي شابكني فشابكته، ثم
قال: من شابكني دخل الجنة، ومن شابك من شابكني دخل الجنة، ومن شابك من شابك من
شابكني دخل الجنة إلى سبعة.
سمعت الشيخ أبا عبد الله محمد بن علي بن العربي المغربي الحاتمي بحلب قبل اجتماعي
بشيخننا أبي العباس أحمد بن مسعود وقد شابكني وروى لي هذا المنام عنه، قال: تم لي
في هذا المنام عجيبة وذلك أني كنت ببلاد الروم وغيرها من المدن وكنت أهم بمشابكة
جماعة من الناس فكأن الله يمنعني من ذلك، وكان ثم إنسان أجعله أبداً على خاطري
لأُشابكه، فلم يتيسر ذلك لي.
أنشدني أحمد بن مسعود الموصلي، قال: أنشدني فارس من فرسان الفرنج بأنطاكية.
بالله ربكما عوجا على سكني ... وعاتباه لعلّ العتب يعطفه
وعرّضابي وقولا في حديثكما ... ما بال عبدك بالهجران تتلفه
وإن بدا لكما من سيد غضبٌ ... فغالطا بي وقولا ليس نعرفه
وأنشدني أبو العباس بن مسعود لبعضهم:
ورأيته في اللوح يكتب مرةً ... غلطاً ويمحو خطّه برضابه
فوددت أني في يديه صحيفةٌ ... ووددته لا يهتدي لصوابه
مات شيخنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الصفار بحلب في سنة ثلاث عشرة وستمائة
رحمه الله.
أحمد بن مسعود بن محمد أبو العباس الأنصاري الخزرجي القرطبي الشافعي: تفقه على
مذهب الشافعي، وكان متفننا في عدة من العلوم، عارفا بالحساب والفرائض عالماً
بتفسير القرآن العزيز والقرآن والحديث والأصول واللغة والنحو والعروض وأنواع الأدب،
وكان ينظم شعراً جيداً، وسافر إلى بلاد الهند، وجال في الأقطار، وقدم حلب سنة
ستمائة، ثم سكن دنيسر ودرس بها الفقه على مذهب الشافعي رضي الله عنه بالمدرسة
الشهابية، وأقام بها إلى أن مات، وكان له مصنفات حسنة مفيدة منها كتاب في علم
الأصول في ثماني مجلدات سماه تقريب المطالب، وكتاب القوانين في أصول الدين، وكتاب
في النحو، وكتاب سماه الاختيار في علم الأخبار.
روى عنه شيئا من شعره أبو الفتح مسعود بن أبي الفضل النقاش الحلبي الشاعر وكان
بينهما مقارضة بالشعر، وأنشده بحلب، وأبو الحسن علي ابن يوسف بن محمد الصفار
المارديني الشاعر، وأبو حفص عمر بن أحمد بن أللمش الدنيسري.
قال أبو الفتح مسعود بن أبي الفضل النقاش الحلبي الشاعر - ونقلته من خطه ومن خط من
نقله عنه - : أنشدني أحمد بن مسعود الخزرجي لنفسه في يوم الخميس الحادي عشر من
ربيع الآخر سنة ستمائة بظاهر حلب:
أُعانقه غصناً وألثمه بدراً ... وأرشف وهناً من لما فمه خمرا
وأهصر منه حين تثنيه نشوةٌ ... تهادت به تيهاً وماست به سكرا
بتمثال نورٍ في ظلام ذوائبٍ ... إذا ما توارت شمسه أطلع البدرا
ومنها:
ونمت بنا في الليل أنوار وجهه ... فمد علينا من ذوائبه سترا
ومن شعره ما قرأته في ديوان شعر أبي الفتح النقاش الحلبي قال: وكتب إليه الشيخ
وجيه الدين أبو العباس أحمد بن مسعود بن محمد الأنصاري عند قدومه من الهند ونزوله
بظاهر حلب بعد اقامته أياما لا يراه لاشتغاله بتجارته في سنة ستمائة هذه الأبيات:
أبا الفتح تاج الدين لا تنسى ودّنا ... هلمّ نجدد بالتذكر عهدنا
فقد كاد قلبي أن يطير بقالبي ... إليك اشتياقاً فاشف بالوصل وجدنا
وإن لم تكن في الوصل شمسا لعائق ... فكن فيه بدراً واطلع الليل عندنا
فقال في جوابه، ولم يذكر الابيات: أنشدني أبو السعادات المبارك بن حمدان الموصلي
قال: أنشدني أبو الحسن علي بن يوسف بن محمد الصفار الكاتب الشاعر الماردي بإربل
قال: أنشدني أبو العباس الخزرجي لنفسه:
وفي الوجنات ما في الروض لكن ... لرونق زهرها معنىً عجيب
وأعجب ما التعجب منه أني ... أرى البستان يحمله قضيب
وأنشدني أبو السعادات قال: أنشدني أبو الحسن قال: أنشدني أبو العباس من شعره:
يا
ظبي سنجار أما ترثي لمن ... قد صار من أجلك في كف الأجل
قد كان مشغولاً بدرس علمه ... فاليوم لا علم بقي ولا عمل
ومن جيد شعره قوله، ورواه النقاش عنه:
راضٍ بحكم هواك واجد ... فعلام أنت عليّ واجد
ما كان لي ذنب سوى ... أني سهرت وأنت راقد
نقلت من خط أبي حفص عمر بن الخضر بن أللمش بن الدرمش التركي المتطبب الدنيسري في
كتابه الذي وسمه بحلية السريين من خواص الدنيسرين قال في ذكر أبي العباس الخزرجي:
هو أول من درس بالمدرسة الشهابية بدنيسر فقيه فاضل مفنن، عارف بكثير من علوم
الأصول والفقه والنحو وسائر الآداب، شهد له بذلك جماعة من العلماء.
قال: قال لي أبو محمد بن عربد النحوي: كان أبو العباس رحمه الله حديد النظر، سديد
الفكر، عجيب الفقر، عجيب السير، حسن التبحر في العلوم، سليم التصور فيما يبدي من
المنثور والمنظوم، جيد الفكاهة، متزيد النزاهة، لطيف الشمائل، طريف المخايل، لم أر
في علماء عصره ومعشره أتم من بحثه ولا أدق من نظره، وله تصانيف في فنون كثيرة، ولم
يظهر له عندنا سماع حديث على طريق الرواية البتة، بل كان يذكر لنا أن له سماعات
كثيرة، وقد أنشدني كثيرا من شعره ثم قال: وتوفي رحمه الله تعالى في سنة احدى
وستمائة بدنيسر، ودفن بالمقبرة القبلية بها.
أحمد بن مسعود بن النضر الساجي: أبو بكر الوزان البغدادي ثم الحلبي أصله من بغداد،
وسكن حلب وحدث بها عن سهل بن صالح الأنطاكي، والحسن بن عرفه، وأبي محمد عبد الله
بن أيوب المخرمي، وزيد بن إسماعيل الصايغ، وسعيد بن يزيد الخلال، وعبد الرزاق ابن
منصور البندار، وإبراهيم بن الوليد، وعبد الله بن جرير بن جبلة، وعبد الله بن محمد
بن ثمامة الأنصاري قاضي حلوان الأزدي، ومشرف بن سعيد، وأيوب بن إسحق الفلوسي، روى
عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن
المقرئ، ومحمد بن جعفر بن أبي الزبير قاضي منبج، وأبو القاسم عبد الرحمن بن منصور
بن سهل، وأبو الحسين محمد بن العباس بن يحيى بن العباس الحلبيان، وأبو الحسين محمد
ابن أحمد بن عبد الرحمن الملطي، وأبو علي الحسين بن علي بن دحيم الحلبي، ومحمد بن
أحمد الهاشمي المصيصي، وأبو النضر شافع بن محمد بن أبي عوانة الأسفرائيني، والحاكم
أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن إسحق الحافظ، وأبو الحسين علي بن الحسين
الفرغاني، وأبو شاكر عثمان بن محمد بن الحجاج الشافعي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قراءة عليه بالمسجد الجامع
بدمشق قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم بن الفتح السلمي قال: أخبرنا
أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع قال:
حدثنا أحمد بن مسعود بحلب قال: حدثنا الحسن بن عرفه قال: حدثنا القاسم بن مالك
المزني عن المختار فلفل عن أنس بن مالك قال: غفا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو
أغمي إغماءةً، فرفع رأسه متبسماً، فإما سألوه وإما أخبرهم عن ابتسامه، فقال: غني
أنزلت علي آنفاً سورة قال: فقرأ بسم الله الرحمن الرحيم إنا أعطيناك الكوثر فصل
لربك وانحر إن شانئك هو الأبتر.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد
بن عبد الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قال: أخبرنا أبو الفرج
سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود
الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن
المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مسعود الوزان الحلبي قال: حدثنا زيد بن إسماعيل
الصائغ قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثنا عبد الله الأشجعي عن مسعر بن كدام عن
الأعمش عن أبي صالح قال: صرير الباب تسبيح.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي: أبو بكر أحمد بن مسعود بن نضر الوزان، روى عن
عبد الله بن محمد بن ثمامة الأنصاري قاضي حلوان وغيره؛ روى عنه الحسين بن علي بن
دحيم أبو علي بمصر، وكتب عنه بحلب.
أحمد بن مسعود المقدسي: أبو الحسن سمع بالثغور والعواصم الهيثم بن جميل الأنطاكي،
وأبا يوسف محمد بن كثير المصيصي.
أحمد بن مسلم بن عبد الله أبو العباس الحلبي:
مولى
بني العجمي، وكان ينتسب: أحمد بن مسلم بن أبي الفتح بن الحبلي، وسبب ذلك أن أبا
الفتح بن الحبلي باع أمةً له من بني العجمي، فظهر بها حمل، وادعت أنه من مولاها
أبي الفتح، فولدت عند بني العجمي ولداً سموه مسلماً وعتق بعد ذلك، فكان ينتسب إلى
ابن الحلبي لذلك.
وكان أبو العباس رجلاً حسناً من أهل الستر والصيانة، سمع بحلب أبا الفرج يحيى بن
محمود الثقفي، وحدث بها عنه، وذكر أن مولده بحلب سنه سبع وستين وخمسمائة، وتوفي
ليلة السبت رابع شعبان بعد المغرب من سنة تسع وأربعين وستمائة، ودفن يوم السبت
ضحوة النهار بالجبيل خارج باب الأربعين.
أحمد بن المسيب بن طعمة الحلبي: حدث عن أبي خيثمة مصعب بن سعيد المصيصي، روى عنه
أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد ابن أبي
سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم بن عقيل
الجوزدانية.
وأخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن
معمر بن عبد الواحد بن الفاخر الأصبهاني قال أخبرتنا خجمته بنت علي بن أبي ذر
الصالحانية وفاطمة بنت عبد الله بن أحمد بن القاسم قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن
عبد الله بن ريذة.
وأخبرنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن بدر بن ثابت الصوفي قال: أخبرنا
أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله
الحافظ قالا: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد
بن المسيب بن طعمة الحلبي قال: حدثنا أبو خيثمة مصعب بن سعيد قال: حدثنا موسى بن
أعين عن ليث بن أبي سليم عن طاوس عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: إذا قام أحدكم في الصلاة فلا يغمض عينيه.
قال الطبراني: لا يروى عن ابن عباس إلا بهذا الاسناد، تفرد به موسى بن أعين الجزري
الحراني.
أحمد بن مطهر البغدادي ثم المصيصي: نزل المصيصة فنسب إليها، حدث عن: روح بن أسلم،
ويزيد بن أبي حكيم العدني، ومحمد بن القاسم الأسدي، ويزيد بن هرون، وصالح بن بنان
الثقفي، وأبي سفيان الحميري، وبريك ومؤمل.
روى عنه: علان بن عبد الصمد الطيالسي، وأبو بكر محمد بن عمر بن الحسين، وأبو بكر
بن أبي شيبة أحمد بن شبيب البغدادي، وأبو العباس عبد الله ابن السقر بن نصر
السكري، وإسحق بن عبد الله بن إبراهيم بن عبد الله أبو يعقوب البزاز، وأبو جعفر
محمد بن جرير بن يزيد الطبري، وأحمد بن الحسن الصباحي، ومحمد بن محمد الباغندي.
أخبرنا أبو اليمن الكندي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور بن
محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو الحسن علي
بن يحيى بن جعفر بن عبد كونه الإمام بأصبهان قال: حدثنا سليمان بن أحمد بن أيوب
الطبراني قال: حدثنا علان بن عبد الصمد الطيالسي قال: حدثنا أحمد بن مطهر المصيصي
قال: حدثنا صالح بن بنان الثقفي.
قال الطبراني: وحدثنا إبراهيم بن محمد الستري الدستوائي قال: حدثنا سليمان بن
الربيع النهدي قال: حدثنا همام بن مسلم قالا: حدثنا سفيان عن أبي عبيدة.
قال الخطيب: وحدثني الحسن بن أبي طالب، واللفظ له، قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن
إبراهيم قال حدثنا جعفر بن أحمد بن يحيى المروزي المؤذن قال: حدثنا سليمان بن
الربيع قال: حدثنا همام بن مسلم قال: سمعت سفيان يقول: حدثنا أبو عبيدة عن أنس بن
مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: تبنى مدينة بين دجلة ودجيل لهي أسرع
ذهابا في الأرض من وتد الحديد في الأرض رخوة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني
قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو إسحق بن أبي بكر قال: أخبرنا عبد
الملك بن الحسن المعدل قال: حدثنا عبد الله بن الصقر.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن إسماعيل بن عمر البجلي قال: أخبرنا عمر ابن أحمد
الواعظ قال: أخبرنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قالا: حدثنا أحمد بن مطهر
المصيصي.
وأخبرنا
عبد البر بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال:
أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله
بن عدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة البغدادي واسمه أحمد بن شبيب قال: حدثنا
أحمد بن مطهر المصيصي قال: حدثنا روح بن أسلم قال: حدثنا حماد بن سلمة عن أبي هاشم
الروماني عن إبراهيم، وفي حديث الباغندي قال: حدثنا إبراهيم بن ميمون الصائغ عن
عطاء عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: الضبع صيد، وفيه جزاء كبش مسن، إذا
أصابه المحرم، ويؤكل أيضاً، وقال الباغندي: إذا أصابها المحرم قال: وتؤكل.
قال أبو بكر الخطيب: إنما نسبا - يعني عبد الله بن الصقر والباغندي - في حديث رواه
عنهما، عنه أحمد بن المطهر، إلى المصيصة، لأن أحمد سكنها، ولعله بها مات، وأظنه
قدم من المصيصة إلى بغداد، فسمع منه بها البغداديون والله أعلم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد
بن المطهر البغدادي نزل المصيصة وحدث بها عن محمد بن القاسم الأسدي، ويزيد بن أبي
حكيم العدني وصالح بن بنان الساحلي، وروح بن أسلم البصري؛ روى عنه علي بن عبد
الصمد الطيالسي وعبد الله بن الصقر السكري، ومحمد بن الباغندي وغيرهم.
مات أحمد بن المطهر سنة ست وخمسين ومائتين، أو بعدها، فان أبا بكر محمد بن عمر بن
الحسين سمع منه في هذه السنة.
أحمد بن المظفر بن المختار أبو العباس الرازي: القاضي فقيه أديب شاعر حنفي المذهب،
تولى القضاء ببعض بلاد الروم، وذكره لي رفيقنا أبو الفتح نصر الله بن أبي العز
الشيباني وقال: إنه اجتاز بحلب في طريقه من دمشق إلى بلد الروم.
أنشدنا أبو الفتح بن الصفار قال: أنشدنا الامام بدر الدين أبو العباس أحمد بن
المظفر بن المختار الرازي لنفسه، وكان حنفي المذهب تولى القضاء ببعض بلاد الروم،
وشرح المقامات وأخذ على شراحها مثل البندهي وغيره ما أخذ:
تفقد السّادات خّدامهم مك ... رمة لا تنقص السؤددا
هذا سليمان على ملكه قد قال: ... مالي لا أرى الهدهدا
أحمد بن المفرج......
أحمد بن المفضل بن عبد الرحمن: نزل طرسوس، حدث عن داود بن الزبرقان، روى عنه عبد
الله بن بشر ابن صالح، قاله أبو عبد الله بن مندة، وأخبرنا به عبد الجليل بن أبي
غالب الأصبهاني إذنا قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن
مندة قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة.
أحمد بن مقاتل أبو الحسن الخطيب: حدث بالمصيصة عن الربيع بن سليمان، روى عنه أبو
إسحق إبراهيم بن محمد بن الفتح المصيصي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة قراءة عليه، وعيسى بن
عبد العزيز بن عيسى اللخمي في كتابه إلينا من الاسكندرية قالا: أخبرنا الحافظ أبو
طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، قال ابن رواحة: إجازة إن لم يكن سماعاً، قال:
أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن
أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا إبراهيم بن محمد المصيصي من كتابه قال: حدثنا أبو
الحسن أحمد بن مقاتل الخطيب بالمصيصة قال: حدثنا الربيع بن سليمان صاحب الشافعي
قال: كان للشافعي في كل يوم عيد قوم يتغدون عنده من جيرانه، فجاءه رجل في ليلة
العيد فقال: يأبا عبد الله ولدت امرأتي الساعة ولم يكن معي ما أنفق عليها وعلى من
قام بأمرها - يعني القابلة - فأدخل الشافعي يده إلى جيبه فأخرج صرةً فيها ثلاثون
ديناراً ذهباً وقال: خذ هذه فأنفقها واعذرني، فلما كان أول الليل رأى أمير مكة في
المنام النبي صلى الله عليه وسلم فقال له: إذهب الساعة إلى محمد بن إدريس الشافعي
فادفع إليه من رزقه ثلاثين ديناراً، فجاء أمير مكة فدق الباب، فقال الشافعي: من؟
قال من تعرفه إذا رأيته، فلما رأى الأمير، قال: أصلح الله الأمير ما جاء بك؟ قال:
رأيت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إذهب إلى محمد ابن إدريس الشافعي فادفع إليه
ثلاثين ديناراً من رزقه، فجزاه الشافعي خيراً.
أحمد بن المكين الأنطاكي:
قال
أبو بكر الخلال: عنده عن أبي عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - مسائل حسان سمعتها
منه في قدمتي الثانية إلى الثغور، وكان رجلاً كما يجب إن شاء الله، ذكر ذلك أبو
الحسين محمد أبي يعلى بن الفراء في ذكر أصحاب أحمد ابن حنبل، وأنبأنا به أبو
الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد فارس بن أبي القاسم بن فارس
قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء.
ذكر من اسم أبيه منصور ممن اسمه أحمد أحمد بن منصور بن محمد: أبو العباس الشيرازي،
سمع بطرسوس أبا تراب محمد بن الحسين، روى عنه أبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عمرو
الرحبي.
ذكره أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي، في تاريخ دمشق، بما أخبرنا به أبو منصور
عبد الرحمن بن محمد بن الحسن إذنا قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أحمد بن منصور
بن محمد أبو العباس الشيرازي الحافظ، قدم دمشق وحدث بها عن: أحمد بن جعفر بن
سليمان القزاز الفسوي، والحسن بن أحمد بن المبارك الطوسي، والقاسم بن القاسم بن
سيار السياري، والحسين بن عمران المروزي، وبندار بن يعقوب، وأبي جعفر محمد بن عبد
الله الفرغاني، والحسن بن عبد الرحمن بن خلاد، ومحمد بن عبد الله بن الجنيد، وأبي
تراب محمد بن الحسين الطرسوسي، وأبي الحسين عبد الواحد بن الحباب، وعبد الله بن
عدي الجرجاني، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن محمد البغدادي نزيل الأبلة.
روى عنه: تمام الرازي، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عمرو الرحبي، وأبو نصر محمد
بن أحمد الإسماعيلي الجرجاني، وأبو علي الحسن بن حفص الأندلسي، والحاكم أبو عبد الله
الحافظ، وأبو القاسم عبد الله بن أحمد بن محمد ابن بختويه الصوري.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال:
حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثنا أبو العباس
أحمد بن منصور بن محمد الشيرازي الحافظ، قدم دمشق، قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن
سليمان القزاز الفسوي قال: حدثنا إسحق بن عبد الله الدامغاني قال: حدثنا الحسين بن
عبد الله - وصوابه ابن عيسى - البسطامي قال: حدثنا عبد الله بن موسى عن الأوزاعي
عن قرة بن عبد الرحمن عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: من لم يأنف من ثلاث فهو مؤمن حقا: خدمة العيال، والجلوس مع
الفقراء، والأكل مع خادمه، هذه الأفعال من علامة المؤمنين الذين وصفهم الله في
كتابه - أولئك هم المؤمنون حقا - .
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي -
إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد ابن أبي الحديد
قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي بن عبد الله قال: حدثنا القاضي أبو بكر محمد
بن عبد الرحمن بن عمرو الرحبي قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد
الشيرازي قال: سمعت أبا تراب محمد بن الحسين بطرسوس يقول: سمعت محمد بن المنذر بن
سعيد النيسابوري يقول: حضرت عند داود بن علي فذكر مسألة، فقيل له: يا أبا سليمان
هذا قول من هو؟ قال: هذا قول مطلبينا الذي علاهم بنكته، وقهرهم بأدلته، وباينهم
بشهامته، التقي في دينه، الفاضل في نفسه، المتمسك بكتاب الله، المقتدي قدوة رسول
الله صلى الله عليه وسلم، الماحي آثار - يعني - المبتدعين، الذاهب بخيرهم، الطامس
لشرهم، فأصبحوا كما قال الله: هشيماً تذروه الرياح.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال:
أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني وذكر أحمد بن
منصور الشيرازي فقال: يتفرد إلي بكتب يكتبها، وقد أدخل بمصر وأنا بها أحاديث على
جماعة من الشيوخ.
أخبرنا
أبو بكر عبد الله بن عمر وعبد الرحمن بن عمر في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير
القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي والحيري، وأبوا
عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أحمد بن
منصور بن الحافظ، أبو العباس الشيرازي الصوفي، وكان أحد الرحالة في طلب الحديث،
المكثرين من السماع والجمع، ورد علينا نيسابور سنة ثمان وثلاثين وثلاثمائة وأقام
عندنا سنين وكنت أرى معه مصنفات كثيرة في الشيوخ والأبواب، ورأيت له الثوري، وشعبة
في ذلك الوقت؛ ثم خرج إلى هراة إلى الحسن بن عمران وانحدر منها إلى أبي أحمد بن
قريش بمرو الروذ، ودخل مرو وجمع من الحديث ما لم يجمعه غيره، والذي أتوهمه أنه دخل
العراق بعد منصرفه من عندنا فإنه دخلها ودخل الشام، ثم انصرف إلى شيراز، وصار في
القبول عندهم بحيث يضرب به المثل، وكانت كتبه إلي متواترة، إلى أن ورد علي كتاب
أبي علي الحسن بن أحمد بن الليث المقرئ الشيرازي بخط يده مع أبي الحسن الشيرازي
يعزيني بوفاة أحمد بن منصور، فسألت أبا الحسن فذكر أنه توفي في شعبان سنة اثنتين
وثمانين وثلاثمائة، وأنه حضر تجهيزه والصلاة عليه، ووصف أبو الحسن من حرقة أهل
شيراز وتفجعهم عليه ما يطول شرحه، وذكر أنه توفي وهو ابن ثمان وستين سنة.
أحمد بن منصور الخزيمي: حدث بحلب عن أبي كريب، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن
المقرئ.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد
الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن
أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي وأبو الفتح منصور
بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن منصور
الخزيمي بحلب قال: حدثنا أبو كريب قال: حدثنا معاوية بن هشام عن عمران بن أنس
المكي عن عطاء عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: اذكروا محاسن
موتاكم وكفوا عن مساوئهم.
أحمد بن منصور البخاري الحاكم: سمع بمنبج موسى بن إبراهيم الأطروش، روى عنه علي بن
عبد الله البلخي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي والحافظ أبو محمد عبد العزيز بن محمد بن
المبارك بن الأخضر قالا: أخبرنا أبو الفتح عبد الملك بن عبد الله بن محمد الكروخي
قال: أخبرنا الامام أبو إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا علي بن عبد
الله البلخي قال: أخبرنا أحمد بن منصور البخاري قال: حدثنا موسى بن إبراهيم
الأطروش بمنبج قال: حدثنا أبو الخير فضل بن منيع المنبجي قال: حدثنا زكريا بن
الحكم قال: حدثنا خالد بن يزيد قال: حدثنا مروان ابن محمد عن ابن لهيعة عن ابن
هبيرة عن عبد الله بن زرير عن علي قال: سألت رسول الله صلى الله عليه وسلم عن
الأبدال فقال: هم ستون رجلاً، ليسوا بالمتنطعين ولا بالمبدعين ولا بالمتععنين، لم
ينالوا ما نالوه بصلاة ولا صيام ولا صدقة ولكن بسلامة القلوب وسخاء الأنفس
والنصيحة لأمتهم فهم يا علي في أمتي أقل من الكبريت الأحمر.
أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح أبو الحسين الاطرابلسي الشاعر: كان كثير التردد إلى
حلب والإقامة بها، وبها مات، ومدح ملوكها وأمراءها ورؤساءها، وكان شاعراً مجيداً
حسن النظم كثير الهجاء والفحش، وذكره أبو يعلي بن القلانسي في تاريخه الذيل في
تاريخ دمشق وذمه، فقال في ذمه: كان يصله بهجائه ما لا يصله بمدحه وثنائه.
وكان ابن منير عارفاً باللغة، وبلغني أنه كان يحفظ الجمهرة لأبي بكر بن دريد حفظاً
جيداً، روى عنه الأمير أبو الفضل إسماعيل بن سلطان بن منقذ، وأبو عبد عبد الله
الحسن بن علي بن عبد الله بن أبي جرادة، والخطيب أبو طاهر هاشم بن أحمد بن هاشم،
وأبو القاسم عيسى بن أحمد المعروف بالحنيك وكان راوية شعره، وابنه الوجيه بن
الحنيك، وعلي بن الحكم الحلبي، ويحيى بن سعد ابن ثابت الحلبي المعروف بابن
المراوي، وأبو الحسن علي بن ابراهيم بن نجا الدمشقي، ومجد العرب العامري، وروى لنا
عنه شيئا من شعره الحكيم نافع بن أبي الفرج الحلبي، وكان شيخاً كبيراً مولعاً
بشعره مفتوناً به وجمع أشتات شعره، وكان يخدمه أيام شبابه.
أخبرنا
أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: حدثنا أبو محمد عبد
الله بن أحمد الحميري الكاتب أن مولد أبي الحسين بن منير سنة ثلاث وتسعين
وأربعمائة بأطرابلس.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن الحسين بن إبراهيم بن سليمان بن البانياسي
قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح
أبو الحسين الأطرابلسي الشاعر الرفاء، كان أبوه منير منشدا ينشد أشعار العوني في
أسواق أطرابلس ويغني، ونشأ أبو الحسين وحفظ القرآن وتعلم اللغة والادب، وقال الشعر
وقدم دمشق فسكنها، وكان رافضيا خبيثا، يعتقد مذهب الإمامية وكان هجاءً خبيث اللسان
يكثر الفحش في شعره، ويستعمل فيه الألفاظ العامية، فلما كثر الهجو منه سجنه بوري
بن طغتكين أمير دمشق في السجن مدة، وعزم على قطع لسانه، فاستوهبه يوسف بن فيروز
الحاجب جرمه، فوهبه له، وأمر بنفسه من دمشق، فلما ولي ابنه إسماعيل بن بوري عاد
إلى دمشق، ثم تغير عليه إسماعيل لشيء بلغه عنه فطلبه، وأراد صلبه، فهرب واختفى في
مسجد الوزير أياما، ثم خرج عن دمشق ولحق بالبلاد الشمالية ينتقل من حماة إلى شيزر،
وإلى حلب، ثم قدم دمشق آخر قدمة في صحبة الملك العادل لما حاصر دمشق الحصر الثاني،
فلما استقر الصلح دخل البلد، ورجع مع العسكر إلى حلب فمات، رأيته غير مرة ولم أسمع
منه.
أخبرني نافع بن أبي الفرج بن نافع الحلبي، وكان أحد غلمان أبي الحسين بن منير، أن
ابن منير انهزم من أتابك طغتكين إلى بغداد، وهربه الحاجب يوسف بن فيروز، وكان سبب
ذلك أنه شبب في قصيدة له ببعض أقارب طغتكين، وكان صبيا أمرد، وهو حسام الدين دلق
بن أبق، والقصيدة هي التي أولها:
من ركّب البدر في صدر الرديني....
قال: وأركبه الحاجب يوسف علي خيل البريد فهرب إلى بغداد.
وحكى لي القاضي أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر قاضي العسكر، أن سبب طلب صاحب
دمشق ابن منير واستتاره منه وخروجه من دمشق أن ابن منير مدحه بقصيدة فيها بيت
أوله:
مني ومنك استفاد ما كسبوا....
وكان ابن منير كثير الأعداء عنده، فقال له بعض الأعداء عنده بعد خروج ابن منير:
انظر أيها الأمير إلى قول ابن منير لك يهددك في هذا البيت مني ومنك وكان رجلا
تركيا، وقد سمع الناس يقولون عند تهديد بعضهم بعضا مني ومنك فوقع ذلك في نفسه وغضب
وطلبه، فاختفى وخرج عن دمشق، هذا معنى ما حكى لي قاضي العسكر، ويحتمل أن يكون خوفه
واختفاؤه لمجموع الأمرين والله أعلم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي قال: أخبرنا أبو عبد
الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني المعروف بالعماد الكاتب في كتاب خريدة القصر
وجريدة العصر قال: المهذب أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي كان شاعرا مجيدا
مكثراً هجاءً، معارضاً للقيسراني في زمانه، وهما كفرسي رهان، وجوادي ميدان، وكان
القيسراني سنيا متورعاً وابن منير مغالياً متشيعاً، سمعت الأمير مؤيد الدولة أسامة
بن منقذ بدمشق سنة احدى وسبعين وهو يذكره، وجرى حديث شعر ابن مكسنة المصري وقوله:
لا تخدعنك وجنة محمرة ... رقت ففي الياقوت طبع الجلمد
فقال: من هذا أخذ ابن منير حيث يقول:
خدع الخدود تلوح تحت صفائها ... فحذارها إن موهت بحيائها
تلك الحبائل للنفوس وإنما ... قطع الصوارم تحت رونق مائها
فقلت له: هذا شعر جيد، وأنت لأهل الفضل سيد، فاحكم لنا كيف كان في الشعر، وهل كان
قادرا على المعنى البكر؟ فقال: كان مغواراً على القصائد يأخذها ويعول في الذب عنها
على ذمه للناقد أو للجاحد.
قال:
وسمعت زين الدين ابن نجا الواعظ الدمشقي يذكره ويفضله ويقرظه ويبجله، ويقول: ما
كان أسمح بديهته، وأوضح طريقته، وأبرع بلاغته، وأبلغ براعته ورأيته يستجيد نثره
ويستطيب ذكره، ويحفظ منه رسائل مطبوعة، يتبع له في الاحسان طرائق متبوعة، ويقول
كانت الجمهرة على حفظه، وجمة المعاني تتوارد من لفظه، ويصف ترفعه على القيسراني،
واستنكافه في الوقوع في مرعى مناقضته، ولقد كان مقيما بدمشق إلى أن أحفظ أكابرها،
وكدر بهجوه مواردها ومصادرها، فأوى إلى شيزر، وأقام بها وروسل مرارا بالعودة إلى
دمشق، فضرب بالرد وجه طلبها وكتب رسائل في ذم أهلها، وبين عذره في تنكب سبلها،
واتصل في آخر عمره بخدمة نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، ووافى إلى جلق رسولا
من جانبه قبل استيلائه عليها، وتملكه لها، وارتدى عنده من الوجاهة والكرامة حللها،
ومحاسن أبي الحسين بن منير منيرة، وفضائله كثيرة، وذكر مجد العرب العامري بأصفهان
لما سألته عن شعراء الشام فقال: ابن منير ذو خاطر منير، وله شعر جيد لطيف، لولا
أنه يمزجه بالهجو السخيف قال: وأنشدني يوما قصيدة له، فما عقدت خنصري الا على هذا
البيت.
أنا حزب والناس والدهر حزب ... فمتى أغلب الفريقين وحدي
شعره ككنيته حسن، ونظمه كلقبه مهذب، أرق من الماء الزلال، وأدق من السحر الحلال
وأطيب من نيل الأمنية، وأعذب من الأمان من المنية، وقع القيسراني في مباراته
ومعارضته ومجاراته في مضمار القريض ومناقضته، فكأنهما جرير العصر وفرزدقه، وهما
مطلع النظم ومشرقه، وشى بالشام عرفهما، وفشا عرفهما، وكثر رياشهما وتوفر معاشهما،
وعاشا في غبطة ورفعة وبسطة، وكنت أبا بالعراق أسمع أخبارهما، ثم اتفق انحداري إلى
واسط سنه اثنتين وخمسين وخمسمائة فانحدر بعض الوعاظ الشاميين اليها طالبا منتجعا
جدوى أعيانها، راغبا في احسانها، فسألته عنهما، فأخبر بغروب النجمين وأفول
الفرقدين في أقرب مدة من سنتين، قال: واتفق انتزاح ابن منير من دمشق بسبب خوفه من
رئيسها ابن الصوفي، ومقامه بشيزر عند بني منقذ.
قأت بخط مؤيد الدولة أبي المظفر أسامه بن مرشد بن علي بن منقذ في جزء كتبه لابن
الزبير بأسماء جماعة من الشعراء، سأله عنهم ليودع ذكرهم كتابه المعروف بجنان
الجنان ورياض الأذهان قال: ومنهم شرف الأدباء أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي،
أوحد عصره، ولسان دهره، تأخر زمانه وتقدم فضله وبيانه، فهو زهير الفصاحة، وابن
حجاج الملح والطرافة، في أشعاره لطافة تستخف القلب، وتملك السمع وكل فن من فنون
الشعر يقصده يستولي على محاسنه وفنونه، ويحرز أبكار معانيه وعونه، فمن شعره في
الغزل.
يا غريب الحسن ما أغ ... ناك عن ظلم الغريب
أترى الافراط في حب ... بك أضحى من ذنوبي
حل بي من حبك ... الخطب الذي لا كالخطوب
وعجيب أن ترى فع ... لك بي غير عجيب
لا تغالطني فما تخ ... فى أمارات المريب
أين ذاك البشر يا مو ... لاي من هذا القطوب
يا هلالاً يلبس ... الارض نقابا من شحوب
ما بدا إلاّ ونادى ... وجهه يا شمس غيبي
أيها الظبي الذي مر ... تعه أرض القلوب
والذي قادني الحي ... ن له قود الجنيب
سقمي من سقم جف ... نيك وفي فيك طبيبي
وسنا وجهك مص ... باحي وأنفاسك طيبي
أنا خير الناس إذ ... كنت من الناس نصيبي
عشقوا قبلي ولكن ... ما أحبوا كحبيبي
بأبي برد ثناياك ... وإن أذكى لهيبي
لا بلاك الله إن أح ... ببت يوماً بالذي بي
أنشدني
القاضي أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن سعيد الخشاب الحلبي قال: أنشدني الوجيه بن
أبي القاسم الحنيك بحلب قال: أنشدني ابن منير لنفسه، وقد اجتمعت بالوجيه ابن
الحنيك في دار قاضي العسكر محمد بن يوسف بن الخضر وهو يذاكره بأقطاع من شعر ابن
منير، فلا أتحقق هل كانت هذه الأبيات فيها أم لا، وهذه الأبيات مدح بها ابن منير
نور الدين محمود بن زنكي، وقد كسر عسكر الفرنج بالروج وقتل ملكهم البرنس:
صدم الصليب على صلابة عوده ... فتفرقت أيدي سبا خشباته
وسقى البرنس وقد تبرنس ذلة ... بالروج ممقر ما جنت غدراته
تمشي القناة برأسه وهو الذي ... نظمت مدار النيرين قناته
قال لي القاضي أبو محمد: قال لي ابن الحنيك حين أنشدني هذه الأبيات: ما يقدر ابن
عويدان السقاء يقول مثل هذا - يعني أبا الطيب المتنبي.
حدثني الحكيم نافع بن أبي الفرج بن نافع الحلبي وكان شيخاً مسناً قال: كنت يوماً
مع أبي الحسين بن منير وقد مر به غلام حسن الصورة يقال له عمر بوبلة، وكان من أحسن
الناس وجهاً، وأدركته أنا وقد هرم وهو يستعطي، قال: فناوله ابن بوبلة وردة ومضى،
قال: فارتجل أبو الحسين بن منير:
كأنما قطفت من خد مهديها ... كأنما قطفت من حد مهديها
رقت فراقت فأحيت قلب ناشقها ... كأن عبقة فيه أفرغت فيها
وأنشدنا نافع بن أبي الفرج قال: أنشدني ابن منير لنفسه:
أصغى لهينمة الواشي فقال: سلا ... وكاذب في الهوى من يحتوي العذلا
كان الصبا مزنة هبت عليه صباً ... هز الصلا مرها ثم استحال صلا
وتمامها نذكره ان شاء الله تعالى في ترجمة الحكيم نافع.
أنشدني الرئيس بهاء الدين أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن الخشاب قال:
أنشدنا الشيخ الرئيس أبو زكرى يحيى بن سعد بن ثابت الحلبي قال: أنشدني مهذب الملك
أبو الحسين أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح الأطرابلسي لنفسه في سنة ست وأربعين
وخمسمائة:
جعل القطيعة سلماً لعتابه ... متجرم جان على أحبابه
ما زال يضمر غدره متعللا ... بوشاته متسترا بكذابه
حتى تحدث ناظراه فحللا ... ما كان أوثق من عرى أعتابه
والله لولا ما يقوم بنصره ... من نار وجنته وماء شبابه
لأبحت ما حظر الهوى من هجره ... ليصح أو حرمت حل رضا به
ولكان من دين المروءة تركه ... فالصبر أعذب من أليم عذابه
حتام أقبل وهو ثان عطفه ... والحب يحملني على استجذابه
وأقول: غرّ ظن غي وشاته ... رشداً فأرجو أن يضيق لما به
وإذا تغيره لمعنى باطن ... لا خوف عاتبه ولا مغتابه
يا ظالماً أعطى مواثق عهده ... بوفائه والغدر ملء ثيابه
زينت لي وجه الغرور بموعد ... كذب فوا ظمأي للمع سرابه
ونبذتني نبذ الحصاة مضيعا ... وداً بخلت به على خطابه
ما كان وصلك غير هجعة ساهر ... غض الجفون فريع في أهبابه
آهاً لهذا القلب كيف خدعته ... متصنعا فسكنت سر حجابه
ولناظر كتبت إليك جفونه ... خبراً فما أحسنت رد جوابه
هذا هواك محكما ما ضره ... ما قطع الحساد من أسبابه
ومكانك المأهول لم يحلل به ... أحد سواك ولا أقام ببابه
وأنا الذي جربته فوجدته ... ماءً تقرّ النّفس باستعذابه
فإن استقمت فأنت أنت وإن تزغ ... فالبغي مصرعه على أربابه
أنشدني الحسن بن أبي طاهر الحلبي قال: أنشدني يحيى بن سعد الحريري قال: أنشدني
أحمد بن منير لنفسه:
إذا غضب الأنام وأنت راضٍ ... علي فما أبالي من جفاني
وكيف أذمّ للأيام فعلاً ... وقد وهبتك يا كل الأماني
فقل للحاسدين ثقوا بكبت ... يقودكم إلى درك التفاني
صفا
ورد الصفاء ورق روح ال ... وفاء وأينعت ثمر التداني
وواصل من أحبّ فبتّ منه ... أرود اللحظ في روض الجنان
ويا عين الرقيب سخنت عيناً ... فما أغنى سهادك إذ رعاني
وصلت إلى مناي وأنت عبرى ... تضللك المدامع عن مكاني
فمن لقي الزمان بوجه سخط ... فإني قد رضيت على الزمان
قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن منير في رقعة كتبها إلى جدي أبي الفضل هبه الله بن
محمد بن أبي جرادة يقتضيه موعده بإعارة كتاب الوساطة بين المتنبي وخصومه للقاضي
أبي الحسن الجرجاني:
يا حائزاً غاي كل فضلٍ ... تضلّ في كنهه الإحاطه
ومن ترقى إلى محلّ ... أحكم فوق السها مناطه
إلى متى أوسط التمني ... ولا ترى المنّ بالوساطه
أخبرني تاج الدين أبو المعالي الفضل بن عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: سمعت
الوجيه بن أبي القاسم الحنيك يحكي قال: كان ابن منير مقيماً بشيزر في جوار صاحبها
أبي العساكر سلطان بن منقذ، فخلع عليه ابنه يوماً ثوباً فاخراً، واتفق أنه دخل ذلك
اليوم مع أبي العساكر إلى الحمام فأخذ رجله يحكها، فدخل عليه حاجبه وقال له:
الأمير فلان ولدك يطلب منك الثوب الفلاني وأشار إلى ثوب فاخر له، فقال له: أعطه،
وقل له: لا تعطه لنحس آخر، ثم ارتأى على نفسه ورأى ابن منير فاعتذر إليه وقال له:
والله ما خطر لي أنك ها هنا، فرمى برجله وقال: والله إنك أمير نحس، فاحتملها ابن
منقذ منه ولم يبد له ما يكره.
سمعت والدي رحمه الله يقول: كان بلغ نور الدين محمود بن زنكي أن ابن منير يسب
الصحابة، فقال له يوماً: ما تقول في الشيخين؟ فقال: مدبران ساقطان سفلتان، فقال
نور الدين وقد غضب: من هما ويلك؟ قال: أنا والقيسراني، فسري عنه وضحك.
ذكر أبو يعلى بن القلانسي في تاريخه المذيل به على تاريخ دمشق، أن ابن منير توفي
في جمادى الآخرة من سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
وأنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن قال: وبلغني أن أبا الحسين بن منير مات بحلب في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة
في جمادى الآخرة.
ووقع إلي نسخة من شعر ابن منير بخط أبي المكارم عبد الوهاب بن سالم بن أبي الحسن
وبخطه، في آخره وجدت على ظهر الأصل المنقول منه هذا الديوان أن الشيخ أبا الحسين
أحمد بن منير بن أحمد بن مفلح مرض بحلب في دار ابن عمرو، يوم الأربعاء ثالث عشر
جمادى الأولى سنة ثمان وأربعين وخمسمائة بالمائتنرا، وكان سببه أنه أكل تيناً أخضر
وجلس في الشمس ففصد في الحال، وورم وجهه وبقي إلى يوم الأربعاء العشرين من جمادى،
وتوفي إلى رحمة الله وصلي عليه بالجامع، ودفن بظاهر باب قنسرين بالقرب من تربه
مشرق رحمه الله.
قلت يعني مشرق بن عبد الله العابد، ورأيت قبر ابن منير من قبلي قبر مشرق وبينهما
بعد، وعلى قبره بيتان من شعر ذكر لي أنه قالهما حين احتضر، وأوصى أن يكتبا على
قبره فنقشا على أحجار قبره وهما:
من زار قبري فليكن موقناً ... أن الذي ألقاه يلقاه
فيرحم الله إمرأً زارني ... وقال لي يرحمك الله
ولما حرر السلطان الملك الظاهر رحمه الله خنادق حلب ووضع ترابها على المقابر
القريبة منها خارج باب قنسرين خاف الحكيم نافع بن أبي الفرج ابن نافع أن يوضع
التراب على قبر ابن منير فيمحى ويدرس أثره، فنبشه ونقل عظامه وحول قبره إلى سفح
جبل جوشن بالقرب من مشهد الحسين، وقبره الآن ظاهر هناك، وكان في تربة بني الموصول
بالقرب من قبر ابن أبي نمير العابد.
أخبرنا
أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا
أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط صديقنا أبي إسحق إبراهيم بن محمد بن أحمد
القيسي وكان صديقا لابن منير وعنده اختفى لما اختفى بمسجد الوزير قال: حدثني
الخطيب السديد أبو محمد عبد القاهر بن عبد العزيز خطيب حماة قال: رأيت أبا الحسين
بن منير الشاعر في النوم بعد موته وأنا على قرنة بستان مرتفعة، فسألته عن حاله
وقلت له: اصعد إلى عندي فقال: ما أقدر من رائحتي، فقلت: تشرب الخمر؟ قال: شر من
الخمر يا خطيب، فقلت: ما هو؟ فقال: تدري ما جرى علي من هذه القصائد التي قلتها في
مثالب الناس؟ فقلت له: ما جرى عليك منها؟ فقال: لساني قد طال وثخن وصار مد البصر،
وكلما قرأت قصيدة منها قد صارت كلاباً يتعلق في لساني، وأبصرته حافياً عليه ثياب
رثة إلى غاية، وسمعت قارئاً يقرأ من فوق: لهم من فوقهم ظلل من النار الآية، ثم
انتبهت مرعوباً.
حكى لي أبو طالب القيم، وكان شيخاً مسناً عندنا بحلب، وكان أولاً قيماً بالمسجد
الجامع بحلب، ثم صار قيماً بمدرسة شاذبخت النوري رحمه الله، والعهدة عليه، قال:
لما مات ابن منير خرجنا جماعة من الأحداث نتفرج بمشهد الحف فقال بعضها لبعض: قد
سمعنا أنه لا يموت من كان يسب أبا بكر وعمر رضي الله عنهما إلا ويمسخه الله في
قبره خنزيراً، ولا نشك أن ابن منير كان يسبهما، وأجمع رأينا على أن نمضي إلى قبره
تلك الليلة وننبشه لنشاهده، قال لي: فمضينا جميعا ونبشنا قبره فوجدنا صورته صورة
خنزير ووجهه منحرف عن القبلة إلى جهة الشمال وكان معنا ضوء فأخرجناه على شفير قبره
ليشاهده الناس، ثم بدا لنا فأحرقناه ووضعناه في القبر وأعدنا التراب عليه، هذا
معنى ما حكاه لي أبو طالب القيم والله أعلم.
وقال شيخنا بدر الدين يونس بن محمد بن محمد بن محمد الفارقي بدمشق: مات ابن منير
سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة، وهذا وهم اشتبه عليه ما قبل الخمسين بسنتين بما بعدها
بثلاث والصحيح ما ذكرناه أولاً أن وفاته كانت في سنة ثمان وأربعين وخمسمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من اسم أبيه موسى ممن اسمه أحمد أحمد بن موسى بن الحسين بن علي أبو بكر بن
السمسار: سمع بحلب أو عملها أبا بكر محمد بن بركه بن الفرداج القنسريني الحافظ،
والعباس بن الفضل الدباج، وعلي بن محمد بن كاس النخعي القاضي بالعواصم والثغور.
وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بما أنبأنا به الفقيه الإمام أبو منصور عبد
الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أحمد بن موسى ابن الحسين
بن علي أبو بكر بن السمسار، أخو أبي العباس، وأبي الحسن، حدث عن أبي الحسن بن
عمارة، وأبي بكر بن خريم، وأبي الجهم بن طلاب، وإبراهيم ابن عبد الرحمن بن مروان،
وأبي الحسن بن جوصاء، وعبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي، وعلي بن محمد بن كاس النخعي،
وأبي الدحداح، وأبي العباس بن ملاس ومحمد بن إسماعيل بن البصال، ومكحول البيروني،
وأبي عمرو أحمد بن علي بن حميره، وعبد الغافر بن سلامة، ومحمد بن بركة، وعباس بن
الفضل الدباج، ومحمد بن عبد الله بن محمد الكندي المعروف بالمنجع، وأبي بكر الخضر
بن محمد ابن غويث، وزكريا بن أحمد البلخي، وأبي بكر الخرائطي، وأحمد بن إبراهيم ابن
عبادل، ومحمد بن يوسف الهروي، وأبي باسم بن عليل الإمام.
روى عنه: أبو الحسن محمد بن عوف، ومكي بن محمد بن الغمر، وعبد الوهاب بن الميداني،
وأخوه أبو الحسن بن السمسار.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي القاضي فيما أذن لنا في روايته عنه
قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله ابن
محمد الفقيه قال: حدثنا نصر بن إبراهيم المقدسي.
قال
الحافظ: وأخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان قال: أخبرنا أبو عبد الله
الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد المزني
قال: قرئ على أبي العباس محمد بن موسى، وأحمد بن موسى بن السمسار قالا: حدثنا أبو
بكر محمد بن خريم بن عبد الملك بن مروان قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا سفيان
بن عيينة عن عمرو بن دينار عن عطاء عن حبيبة بنت ميسرة عن أم كرز الخزاعية قالت:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: عن الغلام شاتان مكافاتان وعن الجارية
شاة.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن الحسين قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو
محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثني أبو الحسين بن
الميداني قال: توفي أبو بكر أحمد بن موسى بن السمسار أخو أبي العباس في ذي القعدة
سنة خمس وستين.
قال عبد العزيز: حدث بشيء يسير، انتقى عليه أخوه، حدث عن ابن خريم وابن جوصاء
وغيرهما، حدثنا عنه أبو بكر محمد بن عوف، وأخوه أبو الحسن علي بن موسى وغيرهما.
أحمد بن موسى بن عمار: أبو بكر القرشي الأنطاكي القاضي، روى عن: أبوي بكر أحمد ابن
محمد الطرسوسي، ومحمد بن إبراهيم بن هرون الهمذاني، وأبوي الحسن علي ابن هرون
البغدادي، وعلي بن إبراهيم الصوفي الحصري، وعيسى بن أبي الخير التيناتي.
روى عنه: أبو سعد الحسين بن عثمان بن أحمد الشيرازي، وأبو عبد الله محمد بن الحسين
بن علي الجراحي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أحمد بن علي الحافظ قال: حدثنا أبو سعد الحسين بن عثمان بن أحمد الشيرازي قال:
أخبرنا القاضي أبو بكر أحمد بن موسى بن عمار الأنطاكي الصوفي بالدينور قال: سمعت
أبا الحسين علي إبراهيم الحصري يقول: كل من كان له غالب كانت غفلاته ترفغه إلى ذلك
الغالب، وكان غالبي في بدأتي قراءة القرآن، فكنت أجهد أن لا أقرأ، وكنت إذا غفلت
قرأت، فأقرأ ثلاثين آية أربعين آية، فإذا ذكرت سكت، وإذا غفلت قرأت، فكانت هذه
حالي.
قال: وسمعته يقول: كنت في بدأتي نحواً من خمس عشرة سنة أجلس بالليل على رجلي
معلقاً، فإذا حملني النوم سقطت، فأقول: الله، فيقول الجيران: الله قتلك، الله
أبادك، الله أراحنا منك حتى أصابني علة في رجلي فعجزت عن ذلك.
أنبأنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أحمد بن
موسى بن عمار، أبو بكر القرشي الأنطاكي، سمع بدمشق عيسى بن أبي الخير التيناتي
وبغيرها أبا الحسن علي بن هرون البغدادي، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن هرون
الهمذاني بها، وأبا بكر أحمد بن محمد الطرسوسي بمكة وأبا الحسن علي إبراهيم الحصري
الصوفي، روى عنه: أبو عبد الله محمد ابن الحسين بن علي الجراحي، وسمع منه في جمادى
الأولى سنة ثلاث وعشرين وأربعمائة.
أحمد بن موسى الأردستاني: أبو بكر إمام جامع طرسوس، روى عن: عبد الرحمن بن أبي
حاتم الرازي روى عنه: أبو سعد عبد الرحمن بن محمد بن محمد بن عبد الله بن إدريس الحافظ
سنة خمس وخمسين وثلاثمائة، فأخرج جيشاً مع جيوش ما وراء النهر، كان يحكي لنا عن
عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي، كتبنا عنه الحكايات عنه.
أحمد بن موسى الطرسوسي: حدث عن: علي بن نصر البصري، روى عنه: علي بن أبي الأزهر.
أحمد بن مؤنس الراغبي: مولى راغب الموفقي، ساكن طرسوس، كان من أهل الحديث والورع
فإنني قرأت بخط أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي بعد أن ذكر راغبا مولى الموفق
بالله قال: ومن مواليه أحمد بن مؤنس الراغبي، صاحب حديث ودين وستر وصلاح وعفة.
ذكر من اسم أبيه مهدي أحمد بن مهدي بن رستم الأصبهاني: أبو جعفر المديني، رحل في
طلب الحديث، ودخل الشام والجزيرة ومصر والعراق، وسمع بحلب الحجاج بن يوسف بن أبي
منيع الرصافي، وبحمص أبا اليمان، وبدمشق هشام بن عمار، وحدث عنهم وعن سعيد بن أبي
مريم، ونعيم بن حماد، وعبد الله بن مسلمة القعنبي، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجبي
وأبي عبيد القاسم بن سلام وغيرهم.
روى عنه: أبو عبد الله محمد بن عبد الله الصفار، وأبو جعفر أحمد بن جعفر بن معبد،
وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عيسى الخشاب، وأبو جعفر أحمد بن إبراهيم بن يوسف.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله فيما أذن فيه قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور
الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو
جعفر أحمد بن جعفر بن معبد قال: حدثنا أحمد بن مهدي قال: حدثنا أبو اليمان الحكم
بن نافع قال: أخبرني شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: أخبرني أنس بن مالك أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم ركب فرساً فصرع عنه فجحش شقه الأيمن، قال أنس: فصلى بنا
رسول الله صلى الله عليه وسلم يومئذ صلاة من الصلوات وهو قاعد، فصلينا وراءه
قعوداً، فقال حين سلم: إنما الإمام ليؤتم به، فإذا صلى الإمام قائماً فصلوا
قياماً، وإذا ركع فاركعوا، وإذا رفع فارفعوا، وإذا سجد فاسجدوا، وإذا قال: سمع
الله لمن حمده، فقولوا: ربنا ولك الحمد، وإذا صلى قاعداً فصلوا قعوداً أجمعون.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: حدثنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الدوري بأصبهان
قال: أخبرنا أبو الفتح منصور بن الحسين الرهاوي يقول: سمعت أحمد بن مهدي يقول:
أردت أن أكتب كتاب الأموال لأبي عبيد، فخرجت لأشتري ماء الذهب، فلقيت أبا عبيد،
فقلت: يا أبا عبيد رحمك الله أريد أن أكتب كتاب الأموال بماء الذهب، قال: اكتبه
بالحبر فإنه أبقى.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن مميل الشيرازي إجازة وقدس معت
منه غيره، قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أحمد بن مهدي بن رستم،
أبو جعفر الأصبهاني المديني أحد الثقات الأثبات، رحل في طلب الحديث، وسمع بدمشق
هشام بن عمار، وبحمص أبا اليمان وحجاج بن أبي منيع، وبمصر عبد الله بن صالح، وعبد
الغفار بن داود، وسعيد بن أبي مريم، ونعيم بن حماد، وأحمد بن صالح، وبحران عبد
الله بن محمد النفيلي، وبالكوفة أبا نعيم وقبيصة وثابت بن محمد الزاهد، ويحيى بن
عبد الحميد الحماني، وأحمد بن عبد الله بن يونس وأبا بكر بن أبي شيبة، ومحمد بن
عبد الله بن نمير، ومحمد بن سعيد بن الأصبهاني وغيرهم، وبالبصرة عبد الله بن مسلمة
القعنبي، ومسدداً وأبا الربيع الزهراني، ومعلى بن أسد، ومسلم بن إبراهيم، وأبا
معمر عبد الله بن عمرو، وعبد الله بن عبد الوهاب الحجني، وعثمان بن طالوت بن عباد،
وبواسط سعيد بن سليمان، وعمرو بن عون، وببغداد أبا عبيد القاسم بن سلام، وعلي بن
الجعد وبأصبهان محمد بن بكير الحضرمي وغيرهم.
روى عنه: أبو جعفر أحمد بن جعفر بن معبد، وأحمد بن إبراهيم بن يوسف وأبو محمد عبد
الله بن محمد بن عيسى بن مزيد الخشاب، وأبو عبد الله محمد بن عبد الله بن أحمد
الصفار الزاهد.
أنبأنا يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا مسعود بن أبي منصور قال: أخبرنا أبو
علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أحمد بن مهدي بن رستم أبو جعفر
المديني توفي في شوال سنة اثنتين وسبعين ومائتين، وقيل لعشر مضين من رمضان.
كان ظاهر الثروة، صاحب ضياع، لم يحدث في وقته من الأصبهانيين أوثق منه، وأكثر
حديثاً، صاحب الكتب والأصول الصحاح، أنفق عليها نحواً من ثلاثمائة ألف درهم.
قال أبو محمد بن حيان: قال محمد بن يحيى بن مندة: لم يحدث ببلدنا منذ أربعين سنة أوثق
من أحمد بن مهدي، صنف المسند، كتب بالشام، ومصر، والعراقين.
روى عن: أبي اليمان، وسعيد بن أبي مريم، وعبد الله بن صالح، وحجاج ابن أبي منيع،
ونعيم بن حماد، وعن أبي نعيم، وقبيصة.
ولم يعرف له فراش منذ أربعين سنة، صاحب صلاة واجتهاد، افتقد من كتبه كتاب قبيصة، ثم
رد عليه فترك قراءته.
وقال يوسف بن خليل: أخبرنا أبو المحاسن محمد بن الحسن بن الأصفهبذ قال: أخبرنا
جعفر بن عبد الواحد الثقفي.
قال يوسف: وأخبرنا أبو عبد الله الكراني قال: أخبرنا أبو طاهر بن الراشتيناني
قالا: حدثنا أبو القاسم بن أبي بكر قال: سمعت أبا محمد عبد الله بن محمد بن جعفر
بن حيان يقول: سمعت أحمد بن محمود بن صبح يقول: مات أحمد بن عصام سنة اثنتين
وسبعين ومائتين، وفيها مات أحمد بن مهدي بن رستم في شوال.
أحمد بن مهدي بن سليمان أبو نصر السربجي المقريء:
جال
الأقطار وتخلل الديار في طلب الشيوخ وسماع الآثار، ودخل حلب في رحلته، وسمع بها
أبا الحسن علي بن محمد بن أحمد الطيوري الحلبي، وبمكة شرفها الله أبا بكر محمد بن
منصور بن حميل الشهرزوري الفقيه، وبالبيت المقدس أبا عبد الله محمد بن أحمد بن
يحيى النيسابوري وبعسقلان أبا بكر محمد بن جعفر ابن علي الميماسي، وبحران الشريف
أبا القاسم علي بن محمد بن علي الزبيدي، وبصيدا الحسن بن محمد بن أحمد بن عبد
الرحمن بن جميع الغساني المعروف بسكن، وبمصر محمد بن الفضل الفراء، وأبا محمد
إسماعيل بن عمرو بن راشد، وأبا عبد الله محمد بن الحسن بن عمر الصيرفي، وبالموصل
أبا الفرج محمد بن إدريس بن محمد بن إدريس الموصلي، وبآمد أبا الفتح أحمد بن محمد
بن ياسين المؤدب العقبي، وأبا يعلى حمزة بن أحمد بن محمد الصفار النصيبي، وبدمياط
أبا عبد الله الحسين بن المحسن بن علي، وبتنيس أبا محمد عبد الله بن يوسف بن نصر
البغدادي، وجماعة غير هؤلاء من شيوخ البلاد يطول ذكرهم، ويكثر تعدادهم.
روى عنه ابنه أبو منصور محمد بن أحمد بن مهدي.
نقلت من خط الإمام الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأخبرنا به إجازة عنه أبو
القاسم عبد اللهب ن الحسين بن رواحة الحموي، وعبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل وجماعة
غيرهما، قال: أخبرنا الإمام المقريء أبو منصور محمد ابن أحمد بن مهدي بن سليمان
السربجي بنصيبين قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد
الطيوري بحلب قال: أخبرنا أبو محمد عبيد الله بن الحسين بن عبد الرحمن الصابوني
القاضي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: أخبرنا عبد الله بن وهب
قال: أخبرنا مالك بن الخير الريادي أن مالك بن سعد التجيبي حدثه أنه سمع عبد الله
بن عباس يقول: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتاه جبريل فقال: يا محمد ان الله
لعن الخمر وعاصرها ومعتصرها وحاملها والمحمولة إليه، وشاربها وبائعها ومبتاعها وساقيها
وسمتقاها.
وأخبرنا بهذا الحديث عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قراءة
عليه قال: أخبرنا والدي القاضي أبو الفضل هبة الله قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن
علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل
بن الحلي الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الطيوري باسناده مثله سواءً.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر: سمعته - يعني أبا منصور - يقول: سمعت أبي يقول: كتبت عن
أربعمائة شيخ اسمه محمد في سفري وحضري.
سمعته يقول: فقد والدي في طريق الموصل سنة تسع وخمسين - يعني وأربعمائة - ولم ير
بعد ذلك لا حياً ولا ميتاً.
أحمد بن ملاعب بن عبد الله: أبو الحسن الحلبي، قرأ على أبي الحسن أحمد بن الحسن بن
عبد الله الملطي قرأ عليه أبو العز محمد بن الحسين الواسطي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن قشام الفقيه قال: كتب إلينا أبو العلاء الحسن بن أحمد
الهمذاني أنه قرأ القرآن أجمع على أبي العز محمد بن الحسين الواسطي، وأخبره أنه
قرأ على أبي الحسن أحمد بن ملاعب بن عبد الله الحلبي، وأخبره أنه قرأ على أبي
الحسن أحمد بن الحسن بن عبد الله الملطي وأخبره أنه قرأ على أبي الحسن محمد بن
أحمد بن أيوب بن الصلت بن شنبوذ، وأخبره أنه قرأ على أبي محمد عبد الله بن سليمان
بن محمد بن عثمان الرقي، وأخبره أنه قرأ على أبي زيد عمر بن شبة بن عبيدة النميري،
وأخبره أنه قرأ على أبي أحمد جبلة بن مالك ابن جبلة بن عبد الرحمن البصري، وأخبره
أنه قرأ على المفضل، وأخبره أنه قرأ على عاصم.
أحمد بن ميمون بن عبد الله الخشاب: أبو الحسين القاضي، حدث بحلب عن أبي الحسن علي
بن عبد الحميد الغضائري، روى عنه أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سلمة بن عبد الله
المالكي الربعي.
قرأت
بخط نصر بن محمد بن أحمد بن صفوان القطان الموصلي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح
المفضل بن الحسن بن علي بن الطيان قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن أحمد
بن سلمة بن عبد الله المالكي الربعي قال: حدثنا القاضي أبو الحسين أحمد بن ميمون
بن عبد الله الخشاب بحلب قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الحميد بن عبد الله بن
سليمان الغضائري سنة ثمان وثلاثمائة قال: حدثنا عبد الله بن معاوية الجمحي قال:
حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب عن عكرمة عن ابن عباس قال: دخل عمر على النبي
صلى الله عليه وسلم وهو نائم على حصير قد أثر في جنبه فقال: يا رسول الله لو اتخذت
فراشا أوثر من هذا، فقال: يا عمر ما لي وللدنيا وما للدنيا وما لي، والذي نفسي
بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت شجرة ساعة من نهار
ثم راح وتركها.
حرف النون في آباء الأحمدين
أحمد بن ناصح: أبو عبد الله المصيصي، حدث عن هشيم بن بشير، وعبد العزيز الدراوردي
روى عنه النسائي، وقال: صالح، وقال في موضع آخر: ليس به بأس.
أحمد بن نجم بن عبد الوهاب: ابن عبد الواحد بن محمد بن علي بن أحمد بن إبراهيم بن
يعيش بن سعيد بن سعد بن عبادة بن الصامت الأنصاري الخزرجي الدمشقي، أبو العباس
المعروف بابن الحنبلي، أخو شيخنا ناصح الدين عبد الرحمن.
سافر إلى بغداد في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع بها انشاد الحيص بيص، وروى
عنه عند عوده، واجتاز بحلب في ممره وعوده.
أنشدنا عنه نجيب الدين أبو الفتح بن الصفار، وروى عنه أبو حامد القوصي وخرج عنه في
معجم شيوخه شيئا من شعر الحيص بيص رواه عنه.
أنشدنا أبو الفتح بن الصفار قال: أنشدنا بهاء الدين أحمد بن نجم بن الحنبلي قال:
أنشدني الحيص بيص لنفسه، قال لي ابن الصفار: وذكر لي ابن الحنبلي أنه دخل حلب:
لا تضع من عظيم قدر وإن ... كنت مشاراً إليه بالتعظيم
فالعظيم الخطير يصغر قدراً ... بالتعدّي على الخطير العظيم
ولع الخمر بالعقول رمى ... الخمر تنجيسها وبالتحريم
قرأت بخط أبي حامد القوصي في معجمه، وناولني إياه وأجاز لي روايته فيما أجازه: هذا
الأجل بهاء الدين كان من العدول المميزين، والأمناء المأمونين، وفرعاً طيباً تفرع
من شجرة الأنصاريين رحمة الله عليهم أجمعين.
قال: ومولده بدمشق في شهور سنة تسع وأربعين وخمسمائة.
ذكر من اسم أبيه نصر من الأحمدين أحمد بن نصر بن بجيز: وهو أحمد بن عبد الله بن
نصر بن بجير، أبو العباس، وقد تقدم ذكره؛ نسبه بعضهم إلى جده مع اسقاط اسم أبيه
لشهرته به، فنبهنا على ذلك لكيلا يظن أننا أغفلناه.
أحمد بن نصر بن الحسين البازيار: أبو علي الكاتب، وإليه ينسب درب البازيار بحلب،
كان أبوه من أهل سامراء، وانتقل هو إلى حلب وسكنها، واتصل بخدمة الأمير سيف الدولة
بن حمدان، وحظي عنده، وكان كاتباً فاضلاً أديباً.
حدث عن أبي أحمد عبيد الله بن الحسين بن إبراهيم بن علي الحسيني.
روى عنه القاضي أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عبيد الله بن الحسين الحسيني.
نقلت من كتاب نزهة عيون المشتاقين تأليف أبي الغنائم عبد الله بن الحسن الزيدي
قال: حدثني القاضي أبو عبد الله محمد بن الحسين بن عبيد الله الحسيني بدمشق قال:
حدثني أبو علي أحمد بن نصر البازيار قال: حدثني جدك - يعني أبا أحمد عبيد الله بن
الحسين بن إبراهيم بن علي - قال: حدثني أبي الحسين بن إبراهيم بن علي بن عبيد الله
بن الحسين الأصغر عليه السلام عن أبي الحسن علي بن موسى الرضا عليه السلام عن أبيه
موسى عن جده عن علي بن الحسين عن الحسين بن علي عليهما السلام قال: كنت جالسا
بحضرة أمير المؤمنين علي عليه السلام إذ جاء أعرابي فشكا إليه حاله وزعم أنه ليس
في عشيرته أفقر منه، فقال له أمير المؤمنين: يا أعرابي عليك بالاستغفار.
ذكر الوزير أبو القاسم الحسين بن علي بن المغربي في كتاب المأثور من ملح الخدور
ورأيته بخطه في حكاية حكاها عن أبي الهيجاء بن حمدان قال: وحدثت عن أبي علي أحمد
بن نصر المعروف بابن البازيار الأديب الكاتب الظريف وكان قد صحب سيف الدولة رحمه
الله دهرا فذكر الحكاية.
نقلت
من كتاب الفهرست لمحمد بن إسحق النديم، من خط مظفر الفارقي، وذكر أنه نقله من خط
محمد بن إسحق النديم قال: ابن البازيار، أبو علي أحمد بن نصر بن الحسين البازيار،
وكان نديما لسيف الدولة، وكان أبوه نصر بن الحسين من ناقلة سامراء. واتصل بالمعتضد
وخدمه، وخف على قلبه، وأصله من خراسان وكان يتعاطى لعب الجوارح، فرد إليه المعتضد
نوعاً من أنواع جوارحه، وتوفي أبو علي بحلب في حياة سيف الدولة، وله من الكتب كتاب
تهذيب البلاغة.
قرأت في كتاب معرفة شرف الملوك، تصنيف أبي الحسين أحمد بن علي بن أبي أسامة، وقال
أبو القاسم بن الأبيض العلوي رحمه الله: كان سيف الدولة رضي الله عنه كثيراً ما
يترحم على أبي علي أحمد بن نصر البازيار، ويقول: رحمك الله يا أبا علي، كان يقول
لي، وأنا أفوض إلى نجا، وأعطيه، وأرفع منزلته،: أيها الأمير إنك تعقد عقداً فانظر
كيف تحله، فلما عصى وخرج إليه سيف الدولة رحمه الله كان يذكر قوله.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي قال: أخبرنا زاهر ابن طاهر
إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد بن البندار إجازة عن أبي أحمد عبيد الله
بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي إجازة في كتاب
الأوراق قال في حوادث سنة ثلاثين وثلاثمائة: وقلد أحمد بن نصر البازيار أبا علي
زمام السواد إلى ما كان قلده إياه أحمد بن علي الكوفي من ديوان المغرب، يعني أبا
إسحق القراريطي، قلد أحمد بن نصر لما استوزر.
قرأت في كتاب لوامع الأمور تأليف أبي إسحق السقطي: ذكر في حوادث سنة إحدى وخمسين
وثلاثمائة في ذكر من مات فيها: وأبو علي أحمد بن نصر البازيار ابن أخت أبي القاسم
بن الحواري، وحمل تابوته إلى بغداد.
وقرأت بخط ثابت بن سنان في جزء جمع فيه الوفاآت مجرداً عن غيره أن أبا علي أحمد بن
نصر بن البازيار مات بالاشم، يعني في سنة اثنتين وخمسين وثلاثمائة.
أحمد بن نصر بن شاكر بن عمار: أبو الحسن بن أبي رجاء المقرئ المؤدب، سمع بالثغور
والعواصم المسيب بن واضح، وابراهيم بن سعيد الجوهري، وروى عنهما، وعن مؤمل بن
إهاب، وأيوب ابن محمد الوزان، وعبد الوهاب بن الضحاك العرضي، ويعقوب الدورقي،
وهشام ابن عمار، ومحمود بن خداش، وإبراهيم بن هشام بن يحيى، والوليد بن عتبة،
ويوسف بن موسى القطان، وإسحق بن سعيد بن الأركون، وهشام بن خالد، ودحيم، وأحمد بن
محمد بن عمر اليمامي، وعمرو بن الغار، والحسن بن أحمد بن أبي شعيب، ومحمد بن
الخليل الخشني، ويحيى بن عثمان بن سعيد، وأحمد بن منيع، والفتح بن سلومة الحمراني،
وعبد الوهاب بن الحكم الوراق، ومحمد بن مسعدة البيروتي، ومحمد بن يزيد الآدمي،
وأبي سالم العلاء بن مسلمة ابن عثمان، وأبي هشام الرفاعي، وسعيد بن يحيى الأموي،
وصفوان بن صالح ومحمد بن سهل بن عسكر، وإسحق بن إبراهيم بن أبي إسرائيل.
روى عنه أبو طاهر محمد بن سليمان بن ذكوان، وأبو عبد الرحمن النسائي وأبو بكر أحمد
بن محمد بن فطيس، ويحيى بن عبد الله بن الحارث، وحثمة بن سليمان، وأبو الميمون بن
راشد، ومحمد بن أحمد بن الوليد بن أبي هشام، وأبو القاسم بن أبي العقب، وأبو الحسن
أحمد بن عمير بن جوصاء، وأبو أحمد بن محمد بن الناصح، وأبو علي بن شعيب، وأبو
الحسن بن شنبوذ، والحسن بن حبيب، وأبو القاسم عبد الله بن عبدان الغنوي، وعبد الله
بن عبد الصمد المهتدي وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مروان.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي بدمشق قال: أخبرنا أبو
الحسن علي بن المسلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن
أحمد بن جميع الغساني قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن نصر
بن أبي رجاء المقريء قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا يوسف بن أسباط عن سفيان
عن سلمة بن كهيل عن أبي عبيدة عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
من بنى فوق ما يكفيه كلف يوم القيامة بحمله على عاتقه.
أنبأنا
أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن قال: أحمد بن نصر بن شاكر بن عمار. وهو أحمد بن أبي رجاء، أبو الحسن المقرئ
المؤدب، قرأ القرآن على الحسين بن علي العجلي عن يحيى بن آدم عن أبي بكر بن عياش
عن عاصم، وعن الوليد بن عتبة الأشجعي، وقرأ الوليد على أيوب بن تميم، وقرأ أيوب
على يحيى بن الحارث، وقرأ يحيى على ابن عامر، وقرأ عليه بحرف عاصم أبو القاسم بن
أبي العقب، وبحرف ابن عامر أبو الحسن أحمد بن محمد بن شنبوذ، وأبو القاسم عبد الله
بن عبدان الداودي المعروف بالغنوي، وروى عن الوليد بن عتبة، وعبد الوهاب بن
الضحاك، ويوسف بن موسى القطان، وأحمد بن محمد بن عمر اليمامي، وهشام بن عمار،
وإبراهيم بن هشام بن يحيى، وإسحق بن سعيد بن الأركون، وعمرو بن الغار، ودحيم،
والحسن بن أحمد بن أبي شعيب، والفتح بن سلومة الحمراني، وأبي سالم العلاء ابن
مسلمة بن عثمان بن محمد بن إسحق، وهشام بن خالد، وعبد الوهاب بن الحكم الوراق،
وأيوب بن محمد الوزان، وأبي هشام الرفاعي، والمسيب بن واضح، ومؤمل بن إهاب
وإبراهيم بن سعيد الجوهري، ومحمد بن الخليل الخشني البلاطي، ومحمد بن يزيد الآدمي
وسعيد بن يحيى الأموي، ومحمد بن سهل بن عسكر، وصفوان بن صالح، ومحمد بن مسعدة
البيروتي، ويحيى بن عثمان بن سعيد ويعقوب الدورقي، ومحمود بن خداش.
روى عنه أبو الميمون بن راشد، وأبو بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن فطيس الوراق، وأبو
بكر يحيى بن عبد الله بن الحارث، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مروان، وأبو
القاسم بن أبي العقب، وأبو علي شعيب، وأبو الحسن بن جوصاء، وأبو طاهر محمد بن
سليمان بن ذكوان، وإبراهيم بن محمد بن صالح بن سنان، والحسن بن حبيب، وأبو أحمد
عبد الله بن محمد بن الناصح المفسر، وخثمة بن سليمان، وأبو عبد الرحمن النسائي،
ومحمد بن أحمد بن الوليد ابن أبي هشام، وعبيد الله بن عبد الصمد بن المهتدي بالله.
قال: وذكر ابن الناصح المفسر أن أحمد بن أبي رجاء مات في المحرم سنة اثنتين وتسعين
ومائتين.
أحمد بن نصر بن طالب: أبو طالب الحافظ البغدادي، سمع بحلب جعفر بن محمد بن موسى
الأعرج الحافظ، وبأنطاكية أبا عمرو عثمان بن عبد الله بن خرزاد الأنطاكي، وروى
عنهما، وعن علي بن إبراهيم بن عبد المجيد الواسطي، وعمر بن ثور، وهلال بن العلاء،
وأبي الوليد عبد الملك بن يحيى بن عبد الله بن بكير المخزومي البصري، والعباس بن
محمد الدوري، وإبراهيم بن محمد بن برة، وإسحق بن إبراهيم الدبري الصنعانيين،
واسماعيل بن عبد الله بن ميمون العجلي، وأحمد بن أصرم المغفلي، وأحمد بن المعلى بن
يزيد الأسدي، ومحمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى ابن أبي حبيب وعثمان بن محمد بن
بلج البصري، وسليمان بن عبد الحميد البهراني وجعفر بن محمد القلانسي، وسليمان بن
أيوب بن حذلم، وحويت ابن أحمد بن أبي حكيم، وأبي زرعة البصري، ويزيد بن محمد بن
عبد الصمد، ويحيى بن عثمان بن صالح.
وروى عنه الحفاظ أبو الحسين بن المظفر، وأبو الحسين الدارقطني، وأبو الفتح الأزدي
الموصلي، وأبو حفص بن شاهين، وأبو أحمد بن عدي، وأبو بكر ابن المقرئ وابن شاذان،
وأبو طاهر المخلص، وأبو الحسين محمد بن عبد الله بن أخي ميمي، وأبو عمر بن حيوية،
وأبو محمد عبد الله بن زيدان البجلي، وعبد الله بن موسى الهاشمي.
أخبرنا الشيخ العلامة تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قراءة عليه
وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن لعي بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو
الحسين أحمد بن محمد بن أحمد بن عبد الله بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد
بن عبد الله بن الحسين بن أخي ميمي قال: حدثنا أبو طالب أحمد ابن نصر بن طالب قال:
حدثنا علي بن إبراهيم بن عبد المجيد قال: حدثنا يعقوب بن محمد قال: حدثنا عبد
الرحمن بن محمد بن عمر بن أبي سلمة قال: حدثنا أبي عن أبيه أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم دعاه إلى طعام فقال: تعال كل مما يليك وكل بيمينك واذكر اسم الله عز
وجل.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت
أبي سعد قالا: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء، قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر
الثقفي وأبو الفتح بن الحسين، قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو طالب
الحافظ أحمد بن نصر بن طالب قال: حدثنا جعفر بن محمد بن أبي عثمان الطيالسي قال:
حدثنا إسحق بن محمد الفروي عن مالك عن الزهري عن أنس بن مالك أن النبي صلى الله
عليه وسلم نهى عن الدبا والمزفت.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو المظفر بن القشيري
كتابة عن محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سألته يعني
الدارقطني - عن ابن طالب الحافظ، فقال: حافظ متقن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد ابن علي
البغدادي قال: سمعت البرقاني يقول: كان الدارقطني يقول: أبو طالب أحمد بن نصر
الحافظ أستاذي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي فيما أذن لنا في روايته عنه قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن علي الغساني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي ابن ثابت
الخطيب قال: أحمد بن نصر بن طالب، أبو طالب الحافظ، سمع العباس ابن محمد الدوري،
واسماعيل بن عبد الله بن ميمون العجلي، وعثمان بن محمد ابن بلج البصري، وأحمد بن
أصرم المغفلي، وسليمان بن عبد الحميد البهراني، ويحيى بن عثمان بن صالح المصري،
وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعاني، وإسحق ابن إبراهيم الدبري.
روى عنه أبو عمر بن حيوية الخزاز، وعبد الله بن موسى الهاشمي، ومحمد بن المظفر،
والدارقطني، وابن شاهين، وكان ثقة ثبتاً.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن الحسين قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن
الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أحمد بن نصر بن طالب، أبو طالب البغدادي الحافظ،
سمع بدمشق أبا زرعة البصري، وسليمان بن أيوب بن حذلم، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد،
وحويت بن أحمد بن أبي حكيم، وجعفر ابن محمد القلانسي، وأحمد بن المعلى بن يزيد
الأسدي، وبحمص سليمان بن عبد الحميد البهراني، وبأنطاكية عثمان بن خرزاد، وبمصر
يحيى بن عثمان بن صالح، وأحمد بن أصرم المغفلي، وبالعراق العباس بن محمد الدوري،
واسماعيل بن عبد الله بن ميمون العجلي، وعثمان بن محمد بن بلج البصري، وباليمن أبا
زيد محمد بن أحمد بن إبراهيم بن عيسى بن أبي حبيب، وإسحق بن إبراهيم الدبري،
وإبراهيم بن محمد بن برة الصنعانيين.
روى عنه أبو الحسن الدارقطني، وأبو عمر بن حيوية، وأبو الحسين بن المظفر، وأبو حفص
بن شاهين، وعبد الله بن موسى بن إسحق الهاشمي، وأبو بكر ابن شاذان، وأبو الفتح
محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الموصلي الحافظ، وأبو محمد عبد الله بن زيدان
البجلي الكوفي، وهو أكبر منه، وأبو طاهر المخلص وهو آخر من حدث عنه.
أنبأنا أبو القاسم القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: قال لنا أبو بكر
الخطيب قال: أخبرنا الأزهري قال: حدثنا أبو بكر بن شاذان قال: سنة ثلاث وعشرين
وثلاثمائة فيها توفي أبو طالب الحافظ.
قال الخطيب: وحدثني عبيد الله بن أبي الفتح عن طلحة بن محمد بن جعفر.
قال: وأخبرنا السمسار قال: أخبرنا الصفار قال: حدثنا ابن قانع أن أبا طالب أحمد بن
نصر الحافظ مات في شهر رمضان من سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
قال: وأخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الشاهد
قال: توفي أبو طالب أحمد بن نصر الحافظ في شوال سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة.
أحمد بن نصر بن أبي القاسم بن الحسن القميرة الأزجي البغدادي التاجر: أبو العباس
بن أبي السعود، أخو شيخنا المؤتمن، قدم حلب تاجراً، أخبرني بعض أهل الحديث عنه
بذلك.
حدث عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن هبة الله بن النرسي، وسئل عن مولده فقال: في
ثالث ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة بباب الأزج، وتوفي ببغداد في أوائل سنة
تسع وأربعين وستمائة.
أحمد بن نصر، أبو العباس الأنطاكي: حدث بأنطاكية عن سليم بن منصور بن عمار، روى
عنه جعفر بن محمد بن جعفر بن هشام المعروف بابن بنت عدبس، وأحمد بن محمد بن جعفر
البزاز.
أنبأنا
أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة قال: حدثنا أبو
محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: حدثنا أبو القاسم تمام بن محمد بن
عبد الله قال: حدثنا أبو عبد الله جعفر بن محمد بن جعفر ابن هشام الكندي قال:
حدثنا أبو العباس أحمد بن نصر بأنطاكية، قال: حدثنا سليم بن منصور بن عمار: قال:
حدثنا أبي قال: حدثني ابن لهيعة عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير مزيد بن عبد
الله البرتي عن حذيفة بن اليمان قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم يكون لأصحابي
من بعدي زلة يغفرها الله عز وجل بسابقتهم معي، يعمل بها قوم من بعدهم يكبهم الله
عز وجل في النار على مناخرهم.
أحمد بن نصر النيسابوري: سمع بأنطاكية عبد الله بن السري الأنطاكي.
أحمد بن نصر، أبو العشائر: ...، ولاه المكتفي ثغر طرسوس وما يليه من الثغور
الشامية في سنة تسعين ومائتين.
وذكر أبو جعفر محمد بن جرير الطبري في حوادث سنة تسعين ومائتين قال: ولإحدى عشرة
بقيت من شهر ربيع الآخر خلع على أبي العشائر أحمد بن نصر، وولي طرسوس، وعزل عنها
مظفر بن جاخ لشكاية أهل الثغور إياه.
قال: ولعشر خلون من جمادى الآخرة شخص أبو العشائر إلى عمله بطرسوس وخرج معه جماعة
من المطوعة للغزو، ومعه هدايا من المكتفي إلى ملك الروم.
قال: وفي المحرم منها - يعني سنة اثنتين وتسعين ومائتين - أغار أندرونقس الرومي
على مرعش ونواحيها، فنفر أهل المصيصة وأهل طرسوس، فأصيب أبو الرجال بن أبي بكار مع
جماعة من المسلمين.
قال: وفيها كان الفداء بن المسلمين والروم، وكان عهد الفداء والهدنة من أبي
العشائر والقاضي ابن مكرم، فلما كان من أمر أندرونقس ما كان من غارته على أهل مرعش
وقتله أبا الرجال وغيره، عزل أبو العشائر، وولي رستم، فكان الفداء علي يديه.
أحمد بن النضر بن بحر السكري: أبو جعفر العسكري، من عسكر مكرم دخل الشام والعواصم
والثغور، وسمع بحلب أبا محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد بن أخي الإمام
الحلبي الأسدي، وبمنبج بن سلام المنبجي، وبالمصيصة أبا خيثمة مصعب بن سعيد
المصيصي، وأحمد بن النعمان الفراء المصيصي، ومحمد بن آدم المصيصي، وأبا جعفر
المغازلي المصيصي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي، وبطرسوس حمزة بن سعيد
المروزي، وأبا موسى بن يونس الطرسوسي، وبأنطاكية محمد بن عبد الرحمن بن سهم
الأنطاكي، وحدث عنهم سعيد بن حفص النفيلي وهشام بن عمار، ويحيى بن رجاء بن أبي عبيدة
الحراني الحصني، والعباس بن الوليد بن صبح الخلال، ومحمد بن مصفى الحمصي، وحامد بن
يحيى البلخي.
روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني، وعبد الله بن إسحق المدائني، وأبو
محمد يحيى بن محمد بن صاعد، وعبد الباقي بن قانع القاضي، واسماعيل بن علي الخطبي،
ومحمد علي بن سهل الإمام، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي، وأبو علي الحسن
بن هشام بن عمرو البلدي.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي
سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله بن أحمد الجوزدانية قال: أخبرنا
أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان ابن أيوب
الطبراني قال: حدثنا أحمد بن النضر بن بحر العسكري قال حدثنا أبو خيثمة مصعب بن
سعيد المصيصي قال: حدثنا عيسى بن يونس بن عوف الأعرابي عن ثمامة بن عبد الله بن
أنس عن أنس قال: مر النبي صلى الله عليه وسلم على حي من بني النجار فإذا جوار
يضربن بالدف ويقلن:
نحن فتيّات من بني النجّار ... فحبّذا محّمدٌ من جار
فقال النبي صلى الله عليه وسلم: الله يعلم أن قلبي يحبكم.
قال الطبراني: لم يروه عن عوف إلا عيسى بن يونس، تفرد به مصعب بن سعيد.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس
قال: قال لنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب: أحمد بن النضر ابن بحر، أبو
جعفر السكري، من أهل عسكر مكرم، قدم بغداد وحدث بها عن: سعيد بن حفص النفيلي،
ومصعب بن سعيد المصيصي، ويحيى بن رجاء بن أبي عبيدة الحراني، وعبد الرحمن بن عبيد
الله الحلبي، وحامد بن يحيى البلخي، ومحمد بن مصفى الحمصي.
روى
عنه: عبد الله بن إسحق المدائني، واسماعيل بن علي الخطبي، وعبد الباقي بين قانع
القاضي، ومحمد بن علي بن سهل الإمام.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا فيه، وقد سمعت منه
بالبيت المقدس، وبدمشق قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن بن هبة
الله قال: أحمد بن النضر بن بحر، أبو جعفر العسكري السكري قرأ القرآن بدمشق عن
هشام بن عمار بحرف ابن عامر، قرأ عليه أبو بكر النقاش.
وحدث ببغداد عن هشام بن عمار، والعباس بن الوليد بن صبح الخلال، ومحمد بن سلام
المنبجي، وسعيد بن حفص النفيلي، ومصعب بن سعيد المصيصي، ويحيى بن رجاء بن أبي
عبيدة الحراني الحصني، وعبد الرحمن بن عبيد الله الحلبي، ومحمد بن مصفى الحمصي،
وحامد بن يحيى البلخي.
روى عنه أبو محمد بن صاعد، وعبد الله بن إسحق المدائني، واسماعيل بن علي الخطبي،
وسليمان بن أحمد الطبراني، وعبد الباقي بن قانع، ومحمد بن علي بن سهل الإمام، وأبو
علي الحسن بن هشام بن عمرو البلدي، وأبو جعفر محمد بن عمرو بن موسى العقيلي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا السمسار قال: أخبرنا الصفار قال: حدثنا ابن قانع أن
أحمد بن النضر بن بحر مات في سنة تسعين ومائتين.
قال: وأخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن
المنادي وأنا أسمع قال: وجاءنا الخبر بموت أبي جعفر أحمد بن النضر العسكري، عسكر
مكرم، خرج من عندنا إلى الرقة فمات بها ليومين خلوا من ذي الحجة سنة تسعين.
كان من ثقات الناس وأكثرهم كتابا، وقيل لنا - ولم نسمع هذا منه - أن جده لأمه سهل
بن محمد بن الزبير العسكري أحمد بن النعمان الفراء: أبو جعفر المصيصي، حدث عن زهير
بن معاوية، يعرف بالأبح، وعنبسة بن عبد الواحد، وأبي خالد الأحمر، وأسباط بن محمد،
ويحيى بن يعلى الأسلمي، وعبد الله بن خراش.
روى عنه: يوسف بن سعيد بن مسلم، ومحمد بن حماد بن المبارك، ومحمد ابن ادريس بن
مطيب المصيصيون، وموسى بن محمد الأنصاري، والحسين بن إسحق التستري، وأبو جعفر أحمد
بن النضر العسكري.
أخبرنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله بن زهرة الحسيني الحلبي قال: أخبرنا عمي
أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله
بن أبي جرادة قال: أخبرنا ابو الفتح عبد الله بن إسماعيل ابن الجلي قال: أخبرنا
أبي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا موسى بن محمد الأنصاري قال: حدثنا أحمد بن
النعمان عن أسباط بن محمد عن طعمة بن غيلان يرفعه إلى أنس قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: أول هذه الأمة وروداً علي الحوض أولها إسلاماً علي بن أبي طالب.
أحمد بن نهيك الكاتب: كاتب عبد الله بن طاهر بن الحسين، قدم معه حلب سنة ثمان
ومائتين حين قدم الشام، وهدم بيعة معرة النعمان وغير ذلك من حصون الشام، وكان
خصصيا به وعبد الله محسناً إليه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس.
وأنبأنا
زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز، قال ابن قبيس حدثنا، وقال
القزاز: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: حدثني الجوهري قال: حدثنا
محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله ابن أحمد بن أبي طاهر قال:
حدثني أبي أن عبد الله بن طاهر لما خرج إلى المغرب كان معه كاتبه أحمد بن نهيك،
فلما نزل دمشق أهديت إلى أحمد بن نهيك هدايا كثيرة في طريقه وبدمشق، وكان يثبت كل
ما يهدى إليه في قرطاس ويدفعه إلى خازن له، فلما نزل عبد الله بن طاهر دمشق أمر
أحمد بن نهيك أن يغدو عليه بعمل كان أمره أن يعمله، فأمر خازنه أن يخرج إليه
قرطاساً فيه العمل الذي أمر باخراجه يضعه في المحراب بين يديه لئلا ينسى وقت ركوبه
في السحر، فغلط الخازن فأخرج إليه القرطاس الذي فيه ثبت ما أهدي إليه فوضعه في
المحراب فلما صلى أحمد ابن نهيك الفجر أخذ القرطاس من المحراب فوضعه في خفه، فلما
دخل على عبد الله بن طاهر سأله عما تقدم إليه من إخراجه العمل الذي أمره به فأخرج
الدرج من خفة فدفعه إليه، فقرأه عبد الله من أوله إلى آخره وتأمله، ثم أدرجه ودفعه
إلى أحمد بن نهيك وقال: ليس هذا الذي أردت، فلما نظر أحمد بن نهيك فيه أسقط في
يديه، فلما انصرف إلى مضربه وجه إليه عبد الله بن طاهر يعلمه أنه قد وقف على ما في
القرطاس فوجده سبعين ألف دينار، وأعلم أنه قد لزمك مؤونة عظيمة غليظة في خروجك،
ومعك زوار وغيرهم، وإنك محتاج إلى برهم، وليس مقدار ما صار إليك يفي بمؤونتك، وقد
وجهت اليك مائة ألف درهم لتصرفها في الوجوه التي ذكرتها.
حرف الواو في أسماء آباء الأحمدين
من اسم أبيه الوليد أحمد بن الوليد بن محمد بن برد بن يزيد بن سخت بن سميع: أبو
الوليد الأنطاكي، وقيل في جد أبيه برد بن ذي شجب، وأظنه لقبا لقب به سميع.
حدث عن عبد الله بن ميمون القداح، وأبي عصام رواد بن الجراح العسقلاني ومحمد بن
إسماعيل بن أبي فديك، وأبي عبد الله بشر بن بكير.
روى عنه ابنه أبو الوليد محمد وأحمد بن عمير بن جوصاء، وابراهيم بن متويه ومحمد بن
الحسن بن قتيبة، وأبي عمرو عثمان بن عبد الله بن عفان، وأسامة ابن الحسن بن عبد
الله بن سلمان، وأحمد بن يحيى بن جابر البلاذري، وأبو بكر محمد بن إدريس بن الحجاج
الأنطاكي، ومحمد بن عبد الله بن محمد ابن أعين، وأبو يعقوب إسحق بن إبراهيم بن
يونس، وأبو بكر محمد بن تمام ابن صالح البهراني، وابراهيم بن محمد بن الحسن
الأصبهاني، وجعفر بن درستويه وكان شاعراً فقيهاً.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع
عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي ببلخ، قال: أخبرنا أبو القاسم عزيز بن عبد
الرحمن المركب قال: أخبرنا أحمد بن محمود بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن
ابراهيم بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة، وأبو عمرو عثمان بن عبد الله
بن عفان قالا: حدثنا أحمد بن الوليد بن برد الأنطاكي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل
بن أبي فديك عن شبل بن العطاء عن أبيه عن جده عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: حق المؤمن على المؤمن ست قيل: ما هي يا رسول الله؟ قال: إذا لقيته
فسلم عليه، وإذا دعاك فأجبه، وإذا استنصحك فانصح، وإذا عطس فحمد الله فشمته، وإذا
مرض فعده، وإذا مات فأصحبه.
أنبأنا عبد الجليل الأصبهاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو
عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أحمد بن الوليد بن محمد ابن
برد بن سميع الأنطاكي حدث عن: ابن أبي فديك وعبد الله بن ميمون القداح، روى عنه
إبراهيم بن متويه، وابن جوصاء.
قرأت في كتاب معجم الشعراء للمرزباني وأنبأنا به أبو اليمن الكندي عن أبي بكر بن
عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه قال: أحمد بن الوليد بن برد الشامي الفقيه
الأنطاكي، كان الفضل بن صالح بن عبد الملك الهاشمي يهوى جارية أخيه عبيد بن صالح
فسقى الفضل أخاه سما فقتله، وتزوجها، فقال أحمد بن الوليد - وكان الفضل قد ظلمه في
شيء:
لئن كان فضل بزني الأرض ظالماً ... لقبلي ما أذرى عبيد بن صالح
سقاه نشوعياً من السم ناقعاً ... ولم يتئيب من مخزيات الفضائح
حوى
عرسه من بعده وتراثه ... وغادره رهن الثرى والصفائح
قال: وله في رجل أنشده شعرا رديئا:
قد جاءني لك شعر لم يكن حسناً ... ولا صوابا ولا قصداً ولا سددا
وجدت فيه عيوباً غير واحدة ... ولم أزل لعيوب الشعر منتقدا
كأن ذا خبرة بالشعر جمعه ... ثم انتقى لك منه شر ما وجدا
إني نصحتك فيما قد أتيت به ... من الفضائح نصح الوالد الولدا
فعد عن ذاك وادفنه كما دفنت ... هرٌ خروءاً ولم تعلم به أحدا
أنبأنا حسن بن أحمد بن الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن
عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن بن قشيش الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار
قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة ست وخمسين ومائتين، أحمد بن برد
الأنطاكي، يعني مات.
أحمد بن الوليد، أبو جعفر: سمع بطرسوس أحمد بن أزداد، وروى عنه، حدث عنه أبو بكر
بن أبي الدنيا القرشي.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي
قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن هبة الله بن
الشرابي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن صفوان قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن أبي
الدنيا القرشي.
أحمد بن وهب بن سلمان بن أحمد بن عبد الله بن أحمد: المعروف بابن الزنف، أبو
الحسين بن الفقيه أبي القاسم السلمي الدمشقي.
حدث بحلب عن أبي سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، والحافظ أبي الحسن علي بن
سليمان المرادي، وكان صحبه بحلب وتفقه عليه وعلى أبي الدر ياقوت بن عبد الله مولى
ابن البخاري، وحدث عنه بدمشق عن أبي المعالي محمد بن يحيى القرشي، وأبي القاسم نصر
بن مقاتل بن مطكود، وأبي الفتح ناصر ابن محمد النجار، ونصر الله بن محمد المصيصي،
ومحمد بن يحيى بن علي القرشي القاضي، وحضر مجلس يحيى بن بطريق.
روى عنه القاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي والشيخ أبو يعلى
عبد المنعم بن هبة الله بن الرعباني المعروف بابن أمين الدولة الحلبيان.
وحدثا عنه أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي، وأبو المحامد إسماعيل بن
حامد بن عبد الرحمن القوصي، وخرج كل واحد منهما عنه حديثا في معجم شيوخه.
وكان أميناً عدلاً، شاعراً، فقيهاً.
وقال أبو الحجاج يوسف بن خليل فيما نقلته من خطه: وسألته عن مولده، فقال: يوم
الأحد تاسع صفر سنة ثلاثين وخمسمائة.
وقال عبد العظيم المنذري: شاهدت بخطه: ومولدي يوم الأحد عاشر صفر سنة ثلاثين.
أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي قراءة عليه بدمشق قال: أخبرنا الشيخ
الأمين زين الأئمة أبو الحسين أحمد بن الفقيه أبي القاسم وهب بن سلمان ابن أحمد
السلمي المعروف بابن الزنف أبو الحسين، بقراءتي عليه بمنزله بدمشق في ثاني شوال
سنة خمس وتسعين وخمسمائة قال: أخبرنا المشايخ الثلاثة: القاضي الإمام، قاضي القضاة
منتخب الدين أبو المعالي محمد بن يحيى القرشي، وأبو القاسم نصر بن مقاتل ابن مطكود
السوسي، وأبو الفتح ناصر بن محمد النجار قالوا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي عبد الله
قال: أخبرنا أبو محمد بن عثمان المعدل قال: قال أخبرنا أبو إسحق بن أبي عبد الله
بن أحمد قال: حدثنا عبد الحميد قال: حدثنا المعافى قال: حدثنا موسى عن إسماعيل بن
عياش قال: حدثنا سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن عطاء بن يزيد عن أبي هريرة قال: سمعت
رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: منس بح دبر كل صلاة ثلاثا وثلاثين، وحمد ثلاثا
وثلاثين، وكبر ثلاثا وثلاثين وقال تمام المائة لا إله إلا الله وحده لا شريك له،
له الملك وله الحمد يحيى ويميت وهو على كل شيء قدير، غفر له ما عمل وان كان مثل
زبد البحر.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قراءة عليه وأنا أسمع بحلب قال:
أخبرنا القاضي الإمام أبو الحسين أحمد بن وهب بن سلمان بن أحمد السلمي قراءة عليه
وأنا أسمع بدمشق، قيل له: أخبركم أبو الدر ياقوت بن عبد الله مولى ابن البخاري
قراءة عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد
الله الخطيب قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا عبد الله بن محمد
البغوي قراءة عليه وأنا أسمع قال: حدثنا علي بن الجعد قال: أخبرنا فرج بن فضالة عن
لقمان بن عامر عن أبي أُمامة الباهلي رحمة الله عليه قال: قيل يا رسول الله ما كان
بدو أمرك؟ قال: دعوة أبي ابراهيم عليه السلام، وبشرى عيسى عليه السلام، ورأت أمي
خرج منها نور أضاءت له قصور الشام.
قرأت بخط أبي الحسين أحمد بن الزنف الفقية أبياتاً من شعره كتبها إلى أبي اليسر
شاكر بن عبد الله بن سليمان أولها:
ما جميل فيك عذل ... كل جور فيك عدل
كل ما يستصعب العشا ... ق عندي فيك سهل
والذي أصبح مراً ... عندهم لي منك يحلو
إن يكن يرضيك إعرا ... ضك عني فهو وصل
وإذا ما العشق أضحى ... ضد قولي فهو جهل
ما لمن يعشق أو يش ... كو من المعشوق عقل
كيف أشكوك وقلبي ... ليس من حبيك يخلو
وغزال أكحل ما ... جال في جفنيه كحل
لا يظن عذو لي ... أن قلبي عنه يسلو
لا ومن قدر أن ليس ... له في الحسن مثل
أنبأنا عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي العشر الوسط من ذي الحجة يعني من
سنة خمس وتسعين وخمسمائة توفي الشيخ أبو الحسين أحمد بن الفقيه الأجل أبي القاسم
وهب بن سلمان بن أحمد السلمي الدمشقي المعروف بابن الزنف بدمشق ودفن من الغد.
وشاهدت بخطه: ومولدي يوم الأحد عاشر صفر سنة ثلاثين وخمسمائة.
حضر أبا القاسم يحيى بن بطريق بن بشرى الطرسوسي، وسمع من أبي المعالي محمد بن يحيى
بن علي القرشي، وأبي الفتح نصر الله بن محمد، وأبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل،
وأبي الدر ياقوت بن عبد الله التاجر وغيرهم، وحدث وأجاز لي إجازة مطلقة من دمشق في
شوال سنة خمس وتسعين وخمسمائة، وأبوه الفقيه المقرئ أبو القاسم وهب بن سلمان، سمع
من غير واحد، وحدث وأقرأ، والزنف بفتح الزاي وسكون النون وآخره فاء.
أخبرني أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي أن أبا الحسين أحمد بن وهب ابن الزنف
الدمشقي، توفي بها يوم الاثنين ثامن عشر ذي الحجة سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
وقرأت بخط يوسف بن خليل: توفي ليلة الاثنين الثامن عشر من ذي الحجة.
حرف الهاء في أسماء آباء الأحمدين
من اسم أبيه هارون من آباء الأحمدين أحمد بن هارون بن آدم المصيصي: حدث عن الحارث
بن عطية، ومحمد بن حمير، وأبي عبد الصمد المعلى بن بركة، وأبي سعد.
روى عنه أبو عبد الرحمن النسائي، وولده أبو بكر محمد بن أحمد بن هارون وأبو يوسف
محمد بن سفيان بن موسى الصفار.
أحمد بن هارون بن روح البرديجي: أبو بكر البرذعي الحافظ، وبرديج من أعمال برذعه
بينهما مقدار أربعة عشر فرسخا، وهو حافظ معروف رحل وطاف وسمع بالمصيصة يوسف بن
سعيد ابن مسلم المصيصي، واجتاز في طريقه بحلب.
وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي بما أخبرنا به ابن أخيه أبو منصور
عبد الرحمن بن محمد بن الحسن اذنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: أحمد بن
هارون بن روح، أبو بكر البرذعي البرديجي الحافظ من أهل برديج من أعمال برذعة من
أعمال أرمينية، سمع العباس بن الوليد بن مزيد العذري ببيروت، ويزيد بن محمد بن عبد
الصمد، وأبا زرعة بدمشق، ومحمد بن عوف بحمص، والربيع بن سليمان وبحر بن نصر، وعلي
بن عبد الرحمن علاناً وسليمان ابن شعيب الكتاني بمصر، وسليمان بن سيف بحران، ويوسف
بن سعيد بن مسلم بالمصيصة، وأبا سعيد الأشج، وهرون بن إسحق الهمداني، وعمرو بن عبد
الله الأودي والحسن بن علي بن عفان، وبالكوفة أبا بكر محمد بن إسحق الصغاني، وعلي
بن الحسين بن إشكاب ببغداد، ومحمد بن يحيى بن كثير بحران، ومحمد ابن عبد الملك
الدقيقي.
روى
عنه أبو علي محمد بن أحمد بن الحسن الصواف، وأبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم
العسال الأصبهاني، وسليمان بن أحمد الطبراني، وأبو أحمد بن عدي الجرجاني، وأبو بكر
الشافعي، وعلي بن محمد بن لؤلؤ.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قراءة مني عليه بحلب قال: أخبرنا أبو
القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله
الشافعي قال: حدثنا أحمد بن هارون البرديجي الحافظ قال: حدثنا ابراهيم بن الحسين
قال: حدثنا إسحق بن محمد قال: حدثنا علي بن أبي علي عن الزهري عن علي بن حسين عن
عمرو بن عثمان عن أسامه بن زيد قال: جاء علي بن أبي طالب إلى رسول الله صلى الله
عليه وسلم فأخبره بموت أبي طالب فقال: اذهب فاغسله ثم إئتني لا تحدث حدثا حتي
تأتيني فغسله وواراه، ثم أتاه، فقال: اذهب فاغتسل.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو
بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عيسى الهمداني قال: حدثنا
صالح بن أحمد الحافظ قال: أحمد بن هرون بن روح، أبو بكر، ويعرف بالبرذعي صدوق من
الحفاظ.
أخبرنا أبو حفص المؤدب البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو القاسم علي
بن طراد الزيبني قراءة عليه وأنا أسمع، وأخبرنا أبو القاسم عن السمرقندي وأبو
السعود بن المجلي - إجازة ان لم يكن سماعا منهما أو من أحدهما - قالوا: أخبرنا أبو
القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف قال: سألت أبا الحسن
علي بن عمر الحافظ عن أبي بكر البرديجي؟ فقال: ثقة مأمون جبل.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر الغزال قالا: أخبرنا أبو الخير
القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي بكر البيهقي وأبي عثمان
الصابوني وأبو بكر الحيري وأبي عثمان البحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن
عبد الله الحافظ قال: أحمد بن هرون البرديجي أبو بكر البرذعي الحافظ سمع نصر بن
علي الجهضمي وأقرانه من الشيوخ، روى عنه جعفر بن أحمد بن سنان الواسطي والمتقدمون
من الشيوخ، ورد نيسابور على محمد بن يحيى فاستفاد وأفاد، وكتب عنه مشايخنا في ذلك
العصر.
قرأت بخط أبي عمرو المستملي سماعه من أحمد بن هرون البرذعي الحافظ في مسجد محمد بن
يحيى في صفر سنة خمس وخمسين ومائتين.
وقد سمع شيخنا أبو علي من أبي بكر البرديجي بمكة سنة ثلاث وثلاثمائة، وأظنه جاور
بمكة، وبها مات رحمه الله، فاني لا أعرف إماماً من أئمة عصره في الآفاق إلا وله
عليه انتخاب يستفاد.
قلت: أبو علي شيخ الحاكم، هو الحسين بن علي الحافظ، وأبو بكر البرديجي مات ببغداد
لا بمكة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد إذناً قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال:
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أحمد بن هرون بن روح، أبو بكر البرذعي، ويعرف
بالبرديجي، سكن بغداد، وحدث بها عن أبي سعيد الأشج، وهرون ابن إسحق الهمداني،
ويوسف بن سعيد بن مسلم، وعمرو بن عبيد الله الأودي، ومحمد بن حمدون الكرماني، وعلي
بن الحسين بن اشكاب، ومحمد ابن إسحق الصنعاني، وبحر بن نصر المصري وغيرهم.
روى عنه أبو بكر الشافعي، وأبو علي بن صواف، وعلي بن محمد بن لؤلؤ وكان ثقة،
فاضلا، فهما، حافظا.
قلت: وحكى أبو العباس الوليد بن بكر الأندلسي عن أبي عبد الله الحسين ابن أحمد بن
عبد الله بن بكير الحافظ قال: عرفت أن بعض الحفاظ أنكر أن يكون أحمد بن هرون
برذعياً، وهو برذعي برديجي، حدث عنه جماعة فقالوا: البرذعي، منهم: أبو شيخ
الأصبهاني وغيره.
وسمعت أبا بكر محمد بن علي الصابوني البرذعي يقول: وسألته عن برذعة وبرديج؟ فقال:
من برذعة إلى برديج أربعة عشر فرسخاً، وبرديج حواليها الماء يدور في نهر يقال له
الكزة، كبير مثل الدجلة ببغداد.
أنبأنا يوسف بن خليل الآدمي قال: أخبرنا أبو مسعود الحمال قال: أخبرنا أبو علي
الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أحمد بن هرون بن روح الحافظ أبو بكر
البرديجي، قدم أصبهان مرتين، يروي عن العراقيين والمصريين، حدث عنه عبد الله بن
محمد بن عمران المعدل، توفي ببغداد سنة احدى وثلاثمائة.
أنبأنا
أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
وأخبرنا الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: توفي أحمد بن هرون البرديجي
في شهر رمضان من سنة احدى وثلاثمائة، وكان من حفاظ الحديث المذكورين بالحفظ
والثقة، ولم يغير شيبة.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو المحاسن ابن
الأصفهبذ قال: أخبرنا أبو الفضل بن عبد الواحد الثقفي.
قال يوسف: وأخبرنا أبو عبد الله بن أبي زيد الكراني قال: أخبرنا إسحق بن أحمد بن
محمد الراشتيناني، قالا: أخبرنا أبو القاسم بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو محمد عبد
الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: سينة احدى وثلاثمائة، فيها مات أحمد بن هرون بن
روح البرديجي ببغداد.
أحمد بن هارون بن محمد بن الحسن بن الزباب الحلبي: أبو العباس، وأظنه منسوبا إلى
بيع الزبيب، حدث بحلب عن: أبي محمد بن جعفر بن أحمد الوزان، وعلي بن عبد الحميد
الغضائري، ومحمد بن عبدة بن حرب القاضي.
روى عنه: أبو عبد الله بن باكوية، وأبو الفتح الفضل، وأبو النضر عبد الكريم ابنا
جعفر بن علي بن المهذب المعريان، وأبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي
قاضي معرة النعمان، وأبو أسامة عبد الله بن أحمد بن علي ابن عبيد الله بن محمد بن
أبي أسامة الحلبي، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد ابن سلمة بن عبد الله الربعي
المالكي قاضي قضاة ديار بكر، وأبو طاهر محمد بن الحسن المقريء الأنطاكي.
وكان مولده في حدود الثلاثمائة.
أخبرنا المؤيد بن محمد بن علي في كتابه الينا من نيسابور قال: أخبرنا محمد بن كامل
بن ديسم اجازة عن أبي صالح محمد بن المهذب...
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأجازه لنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله
وغيره عنه: أحمد بن هرون بن محمد المعروف بابن الزيات الحلبي، روى بحلب عن علي بن
عبد الحميد الغضائري وغيره.
كتب عنه بها أبو طاهر محمد بن الحسن المقرئ الأنطاكي، وروى بالقدس عنه. كذا ضبطه
الحافظ السلفي الزيات في موضعين، والصحيح الزباب بباءين.
توفي أبو العباس أحمد بن هرون بن الزباب الحلبي في سنة احدى وثمانين وثلاثمائة أو
بعدها، فان أبا الفتح وأبا النضر ابني جعفر بن المهذب سمعا منه في هذه السنة، وكان
سماعه من جعفر الوزان سنة ثمان وثلاثمائة.
أحمد بن هرون بن معاوية الاشعري: أبو عبيد الله المصيصي، حدث عن أبيه هرون بن أبي
عبيد الله معاوية المصيصي.
روى عنه: أحمد بن عمير بن جوصاء، وهو ابن عم معاوية بن صالح بن معاوية الأشعريِ.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو
محمد بن طاوس قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الباقي بن أحمد ابنة هبة الله قال: أخبرنا
أبو علي الأهوازي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن
عمير بن جوصاء قال: حدثنا أحمد بن هرون قال: حدثنا هرون بن أبي عبيد الله.
قال: وحدثنا أبو عبد الله قال: حدثنا أحمد بن عبيد الله عن هرون بن معاوية قال:
حدثنا عبد الغني بن عبد الله بن نعيم القيني عن أبيه عن سليمان بن سعد قال: دخلت
على عبد الملك حين أتاه وفاة عبد العزيز بن مروان من مصر، وكان مروان قد عقد لعبد
العزيز بعد عبد الملك، فعزيته، ثم قلت: انكم أردتم بعبد العزيز أمرا أراد الله
غيره، وقد رد الله ذلك اليك يا أمير المؤمنين لتعمل فيه بالحق، الحكاية بطولها في
مبايعة عبد الملك لابنيه الوليد وسليمان بالعهد.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أحمد بن هرون المصيصي: يقال إن اسمه حميد بن هرون، وأظن تصغيراً لاسمه أحمد على
غير وضع التصغير الصحيح، تقوله العامة كذلك على وجه اللقب، حدث عن حجاج بن محمد،
ومحمد بن كثير.
روى عنه عبد الله بن محمد بن مسلم، وعمر بن القاسم بن بندار السباك.
أخبرنا
أبو الفرج محمد بن علي القبيطي في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الحسن بن
الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن مسلم قال: حدثنا أحمد بن
هرون المصيصي قال: حدثنا حجاج بن محمد عن ابن جريج عن الزهري عن عروة عن عائشة
وزيد بن خالد قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من مس فرجه فليتوضأ.
وقال أبو القاسم السهمي: أخبرنا ابن عدي قال: أحمد بن هرون، ويقال حميد، المصيصي،
يروي مناكير عن قوم ثقات لا يتابع عليه.
من اسم أبيه هاشم من الأحمدين أحمد بن هاشم بن الحكم بن مروان الأنطاكي أبو بكر الأشل،
نزيل أذنه، حدث عن: أحمد بن حنبل، وقطبة بن العلاء، والفيض بن إسحق، وعبد الله بن
السري الأنطاكي، وعثمان بن سعيد بن قرة والحجاج بن أبي منيع نزيل حلب، ومحمد بن
حسان، ورجاء بن محمد وداود بن منصور، وأبي نعيم الفضل بن دكين، وعفان بن مسلم،
وعمر بن إبراهيم بن خالد القرشي.
روى عنه: الحافظان أبو عوانة، وأبو بكر محمد بن بركة برداعس، وأبو بكر محمد بن
الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، وخيثمة بن سليمان الأطرابلسي، وأبو إسحق ابراهيم
بن محمد بن يوسف بن حبيبة الأنطاكي، وأبو العباس أحمد ابن أبي أحمد بن القاص، وعبد
الله بن ابراهيم بن العباس، وأبو بكر أحمد بن محمد الخلال، وأبو هريرة الأنطاكي،
وأبو علي الحسن بن علي بن محمد الرافقي.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي الدمشقي بها قال:
أخبرنا ابو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي قال: حدثنا أبو
الفتح نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي بن عبد
الله الأملوكي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسن بن ابراهيم العتكي الأنطاكي
قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن أحمد بن فيل بأنطاكية قال: حدثنا أحمد بن
هاشم الأنطاكي قال: حدثنا عثمان ابن سعيد بن قرة المكفوف قال: حدثنا مسعر بن كدام
عن سعد بن إبراهيم عن أبي عبيدة عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: من السنة الغسل يوم الجمعة.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قراءة عليه بدمشق قال:
أخبرنا أبو العشائر محمد بن الخليل القيسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن
علي بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان ابن القاسم بن أبي
نصر قال: حدثنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا أحمد بن هاشم
الأنطاكي قال: حدثنا قطبة بن العلاء قال: حدثنا سفيان الثوري عن خالد الحذاء عن
أبي قلابة عن أنس بن مالك عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أرحم أمتي أبو بكر،
وأشدهم في أمر الله عمر، وأصدقهم حياء عثمان، وأفرضهم زيد، وأقرأهم أبي، وأعلمهم
بالحلال والحرام معاذ، ولكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح رضي
الله عنهم.
أنبأنا يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد فارس بن أبي القاسم ابن
فارس الحيري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن القاضي أبي يعلي محمد بن
الحسين بن الفراء قال: أحمد بن هاشم بن الحكم بن مروان الأنطاكي، ذكره أبو بكر
الخلال فقال: شيخ جليل متيقظ رفيع القدر، سمعنا منه حديثا كثيراً، ونقل عن أحمد
مسائل حساناً سمعناها منه.
كتب الينا جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمداني قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد
بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا جعفر السراج قال: أخبرنا أبو محمد الخلال في
تسمية الذين حدثوا عن أحمد بن حنبل رحمه الله بحديث أو حكاية أو مسألة، قال: أحمد
بن هاشم من أذنه.
ذكر عبد الباقي بن قانع في تاريخ الوفاآت: سنة خمس وسبعين ومائتين: أحمد بن هاشم
الأنطاكي، يعني مات.
أخبرنا
بذلك أبو علي حسن بن أحمد الأوقي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ السلفي قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار
قال: أخبرنا ابن قانع: أحمد بن هاشم، وقيل هشام، ابن عمرو بن إسماعيل بن عبد
الرحمن بن سليمان بن عبد الله، أبو جعفر بن أبي هشام الحميري البعلبكي، سمع بطرسوس
أبا أيمة محمد بن إبراهيم بن مسلم الطرسوسي وحدث عنه وعن جده لأمه محمد بن هاشم
وأحمد بن عيسى الخشاب التنيسي، وسليمان بن عبد الرحمن الحراني، ومحمد بن سويد.
روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرئ الحافظ، والحافظ أبو أحمد ابن عدي،
ومحمد بن إبراهيم بن أسد الصوري، وكان أحمد يلقب بندار.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد
الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج
سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي، قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود
الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين، قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا
أبو جعفر أحمد بن هاشم بن عمرو بن إسماعيل بن عبد الرحمن بن سليمان بن عبد الله
الحميري بن بنت محمد بن هاشم البعلبكي ببعلبك قال: حدثنا محمد بن هاشم قال: حدثنا
سويد بن عبد العزيز قال: حدثنا الوضين بن عطاء عن شداد بن أوس قال: زوجوني، فإن
رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تلقى الله عز وجل وأنت أيم.
قال ابن المقرئ: حدثنا أحمد قال: حدثنا محمد بن سويد عن حصين عن سعيد بن جبير في
قوله تعالى: لا جرم أن لهم النار وأنهم مفرطون قال: مقذفون في النار.
من اسم أبيه هبة الله من الأحمدين أحمد بن هبة الله بن أحمد بن علي بن الحسين بن
محمد بن جعفر بن عبيد الله ابن عبد الله بن طاهر بن الحسين بن مصعب بن زريق: وقيل:
مصعب بن طلحة بن زريق بن أسعد بن زاذان، أبو الرضا الخزاعي، المعروف بابن قرناص
الحموي من بيت الرئاسة والتقدم والفضل بحماه، قدم حلب وسمع بها أبا الحسن علي بن
عبد الله بن أبي جرادة الحلبي وسمع ببغداد أبا منصور موهوب بن أحمد الجواليقي،
وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.
روى عنه: ابنه الشيخ أبو البركات هبة الله.
وكان فاضلاً، شاعراً، رئيساً، صنف له محمد بن أبي محمد بن ظفر كتاباً وسمه بخير
البشر بخير البشر ذكر فيه فضائل النبي صلى الله عليه وسلم ومولده، وقال في مقدمته:
أما بعد فإن لله سبحانه ضنائن من عباده حلى بهم عواطل بلاده فجعلهم رحمة مهداة،
ونعمة مسداة، ومنة معادة مبداة، همهم أن يجيروا من لهافة الغل أسيراً، ويجبروا من
زمانة القل كسيرا، ويصونوا عن خسف الغير وجيها، ويعينوا على كلف المروءة نبيها.
وإن من أرفعهم نفسا وقوما، وأنفعهم أمسا ويوما أخي ووليي في الله سبحانه الشيخ
الأجل الرئيس الحسيب، العالم الحبر، الفاضل، صفي الدين أبو الرضا أحمد بن هبة الله
بن أحمد بن علي بن قرناص، فهو المتوحد في العصبية للعصبة العلمية، والفئة الأدبية،
في عصر صحت سماؤهم، وكشطت أسماؤهم، وأوسعوا جفاً وخسرا، وأرهقوا من أمرهم عسرا.
فهو المهدي إلى نفائس الصنائع، المعني بتوضيع المتكبر، وتكبير المتواضع، فأجزل
الله له المواهب، وأحمد العواقب، وصرف عن علائه الشوائب، ووقاه مكروه النوائب.
وإني لما هاجرت من المغارب القصية إلى حرم المملكة النورية، أهابت بي الأقدار إلى
معاسف أوسعتني بهرا وأرتني السهى ظهرا، فبتنا أحن إثر الصبر المزايل وأنوء تنواء
الفصال الهزايل، تداركني الله، وله الحمد، من أخي ووليي في الله، الحبيب الرئيس
الحبر صفي الدين بمظنة مرتاد، وأظفرني بقرة عين وطمأنينة فؤاد وأضافني إلى جار
كأبي دؤاد، فرأيت أن أتحفه بهذا الكتاب المطرز بحميد ذكره، الخطيب بارتفاع دره
واتساع فخره.
قرأت بخط أبي الرضا أحمد بن هبة الله بن قرناص: ولدت يوم الخميس عاشر ذي القعدة من
سنة عشر وخمسمائة.
أنشدني الشيخ الزاهد أبو الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن
قرناص إملاء من لفظة قال: أنشدنا والدي أبو البركات هبة الله قال: أنشدني أبي أحمد
بن هبة الله لنفسه أبياتا كتبها إلى عز الدين بن عبد السلام:
إن
أكن مهملا لما هو فرض ... من موالاة خدمة أو كتاب
فلما قد لقيته من زمان ... لم يزل بي مقصراً عن طلابي
واعتمادي فيه على حسن ظن ... في الموالاة بي وفي الأغباب
وعلى ما يجنه القلب من صدق ... ولاءٍ معول الأحباب
أخبرني أبو الفضل بن أبي البركات بن أبي الرضا بن قرناص قال: أخبرني أبي أبو
البركات قال: أنشدني أبي لنفسه أبياتاً نظمها لتكتب على أبواب دار لتاج الدولة ابن
منقذ بشيزر وكان بينهما مودة: فما كتب على بابكم لمجلس يشاهده الداخل إذا دخل:
أهلا وسهلا بك من واقف ... في مجلس عار من العاب
صفه ولا تذممه شيئا فإن ... خالفت فانظر ما على الباب
قال: فإذا التفت إلى الباب الآخر وجد عليه مكتوبا:
يا واقفا يفكر في زلة ... يأخذها طعنا على الصانع
أي أنني ممن له خبرة ... غض فما طرفك بالنافع
أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن زهير بن هرون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن
محمد بن عامر أبي جرادة بن ربيعة بن خويلد بن عوف بن عامر بن عقيل: أبو الحسن
العقيلي، عم جدي، كان يؤم بالمسجد الجامع بحلب، ويخطب على منبره، وينوب في القضاء
عن أخيه جد أبي، أبي غانم محمد بن هبة الله؛ وكان دينا ورعاً.
حدث بحلب عن أبيه، وعن الشيخ الإمام العابد أبي محمد عبد الله بن شافع بن مرزوق
المقرئ التيني، وعن جمال العلماء أبي حامد التفليسي، ومشرق ابن عبد الله العابد،
وسمع انشاد أبي الفتيان بن حيوس، وأبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان
الخفاجي، وأبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الكاتب.
وكان مولده في سنة أربع وخمسين وأربعمائة، وتوفي سنة أربع عشرة وخمسمائة نقلت ذلك
من خط حفيده أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أبي جرادة،
ودفن خارج باب قنسرين في التربة التي كانت تعرف بسلفنا، وكانت موضع المسجد الذي
جدده سيف الدين علي بن سليمان بن جندر بالقرب من خان السلطان في السوق، حين عفيت
تلك المقابر، ونقل هو وجماعة بني أبي جرادة الذين كانوا بالتربة إلى سفح جبل جوشن،
وكان رحمه الله حنفي المذهب.
أحمد بن هبة الله بن سعد الله بن سعيد بن سعد بن مقلد الجبراني: ابن أحمد بن صالح
بن مقلد بن عامر بن علي بن أحمد بن يحيى ابن عبيد بن شملال بن جابر بن سلمة بن
مسهر بن الحارث بن حنتم بن أبي حارثة ابن جدي بن تذول بن بحتر بن عتود بن عنين بن
سلامان بن ثعال بن عمرو بن الغوث بن جلهمة، وهو طيء بن أُدد بن زيد بن يثجب بن
عريب ابن زيد بن كهلان بن سبرة، أبو القاسم بن أبي منصور البحتري الطائي الحلبي
المعروف بابن الجبراني، القارئ، النحوي، اللغوي، وجد أبي جده مقلد بن أحمد هو
المعروف بالجبراني، وكان من أهل جبران قورسطايا.
أخبرني بذلك، وقد سألته عن هذه النسبة، وجبرين قورسطايا قرية كبيرة من ناحية بلد
عزاز، قال لي: وهذه النسبة من شواذ النسب.
وجدهم الأعلى يحيى بن عبيد أخو أبي عبادة البحتري الشاعر؛ وأبو القاسم هذا رجل
فاضل مقرئ مجود، عارف بعلوم القرآن واللغة والنحو معرفة جيدة قرأ القرآن على شيخنا
أبي القاسم علي بن قاسم بن الزقاق الاشبيلي المقرئ وغيره، وقرأ اللغة على شيخنا
أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، والنحو على أبي الرجاء محمد بن حرب النحوي الحلبي،
وسمع الحديث من أبي منصور أبيه، ومحمد بن أسعد الجواني، وأبي الفرج يحيى بن أبي
الرجاء بن سعد الثقفي، وله شعر.
تصدر بالمسجد الجامع لإفادة علوم القرآن واللغة والنحو سنين عدة، وكان له حلقة به
إلى أن مات، كتبت عنه شيئا من شعره، وسمعت منه جزءا من الحديث، وعلقت عنه فوائد عن
شيوخه، وسألته عن مولده، فقال: في سنة إحدى وستين وخمسمائة، ثم قرأت بخط والده أبي
منصور: مولد أبي القاسم أنشأه الله صالحاً، آخر الساعة الثالثة من نهار يوم الاربعاء
ثاني عشرين شوال سنة إحدى وستين وخمسمائة موافق أول يوم من أيلول سنة يونانية.
أخبرنا
أبو القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد الله الحلبي قراءة عليه بها قال: أخبرنا أبو
الفرج يحيى بن أبي الرجاء بن سعد الثقفي الأصبهاني بحلب قال: حدثنا أبو علي الحسن
بن أحمد بن الحسن الحداد قراءة عليه وأنا حاضر قال: حدثنا الشيخ الحافظ أبو نعيم
أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم بن عبد الله بن علي بن يحيى المعروف
بابن أبي العزائم قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن حازم بن أبي غرزة قال: حدثنا عبيد
الله بن موسى عن أيمن بن نابل عن قدامة بن عبد الله قال: رأيت النبي صلى الله عليه
وسلم يرمي الجمرة يوم النحر على ناقة صهباء، لا ضرب ولا طرد، ولا إليك إليك.
أنشدنا تاج الدين أبو القاسم أحمد بن هبة الله بن سعد الله الحلبي النحوي لنفسه
يمدح الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب:
لقد سمت ما لا أستطيع من الأمر ... رويدك إن اللوم لي بالهوى يغري
فلو ذقت ما قد ذقت من لذة الهوى ... تيقنت أن العذل ضرب من الهجر
سقاني الصبى كاس الهوى ثم علني ... وجرعني من حلوه ومن المر
بنفسي التي أودى هواها بمهجتي ... وأصبح قلبي عندها موثق الأسر
إذا سمتها تعجيل حلو وصالها ... يكلفني صبراً أمر من الصبر
وترنو بطرف كلما طرفت به ... تقلب قلبي في كي من الجمر
فتحسب هاروتا وما روت إذ رنت ... لدى الرأي في ألبابنا نافثي سحر
لقد منعت يقظى لذيذ وصالها ... وفي النوم حتى صدت الطيف أن يسري
ولو أنها تستطيع بخلاً بذكرها ... لصدته أن يجري ويخطر في فكري
عديه وصالاً منك يشفيه إنه ... أضربه الهجران يا ضرة البدر
جوانحه تأتج ناراً من الأسى ... وأجفانه قرحى وأدمعه تجري
لك الله من قد رشيق وطلعة ... لقد أزريا بالبدر والغصن النضر
تعطر نادي الحي إذ خطرت به ... ولم تمسس الأردان شيئاً من العطر
ولم أنسها يوم الوداع وقد سبت ... فؤادي وغالت ما ادخرت من الصبر
بدرين منثورين لفظ وأدمع ... ودرين منظومين في الفم والنحر
لأزمع لما أن رحلت ترحلاً ... رقادي عن عيني وقلبي عن صدري
قفي زوديني نظرة منك علني ... أعيش بها يا عز واغتنمي أجري
ولا تجمعي هجراً وبيناً فلم أكن ... لأقوى على بين الأحبة والهجر
رأت شيب رأسي الغانيات فعفنني ... وكنت أرى ما بين سحر إلى نحر
مضت لي أيام الشباب حميدة ... ولم يبق من عصر الشباب سوى الذكر
وأقبل عصر الشيب بالكره مؤذناً ... بتصيرم أيام بقين من العمر
كأن شبابي كان ليلة وصلها ... فلم تدج حتى روعت بسنا الفجر
كأن سواد الشعر سود مطالبي ... يبيضها غاز بأفعاله الغر
أنشدنا أبو القاسم ابن الجبراني لنفسه من قصيدة:
ملك إذا ما السلم شتت ماله ... رد الهياج عليه ما قد فرقا
وأكفه تكف الندى فبنانه ... لو لامس الصخر الأصم لأورقا
قال لي أبو القاسم أحمد بن هبة الله النحوي: عمل أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن
سليمان في لزوم ما لا يلزم في النون الساكنة مع الباء والذال وواو الردف وأول
السريع:
كل واشرب الناس على خبرة ... فهم يمرون ولا يعذبون
ولا تصدقهم إذا حدثوا ... فإنني أعهدهم يكذبون
وإن أروك الود عن حاجة ... ففي حبال لهم يجذبون
قال: وقيل لا يقدر شاعر أن يأتي ببيت رابع لهذه الأبيات الثلاثة، فزاد فيها ابن
منير أبو الحسين بيتاً رابعا وهو قوله:
قزم إذا سيلوا وإن أطعموا ... رأيتهم من طمع يهذبون
يعني يسرعون، قال لي أبو القاسم: فزدت أنا بيتا خامسا وهو قولي:
ليس يرجى خيرهم آمل يوما ... ولا عن لاجئ يشذبون
يعني يذبون.
قلت
فزدت أنا بيتا سادساً وهو قولي:
لا يصدفون النفس عن شرها ... كلا ولا عن سوءة يعذبون
أي يمنعون.
قال لي أبو القاسم بن الجبراني: كان أبو محمد القاسم بن علي الحريري عمل بيتين وقد
أوردهما في المقامات، وقال الناس: لا ثالث لهما وهما قوله:
لا تسأل المرء من أبوه ورز ... خلاله ثم صله أو فاصرم
فما يشين السلاف حين حلا ... مذاقها كونها ابنة الحصرم
قال: فعملت بيتاً ثالثا وهو قولي:
وإن غدا راقياً مراتب ذي ... أصل عريق فلا تقل حص رم
قلت: وبيتا الحريري أخبرني بهما الشيخ العلامة تاج الدين أبو اليمن زيد بن الحسن
بن زيد الكندي قراءة مني عليه بدمشق قال: أخبرنا جماعة منهم: الشيخ أبو منصور
موهوب بن أحمد بن محمد بن الخضر الجواليقي، مجد الاسلام عبيد الله بن القاسم بن
علي.
وأخبرنا ضياء الدين الحسن بن هبة الله بن عمرو الموصلي قال: أخبرنا أبو سعيد محمد
بن علي العراقي، وسعيد بن المبارك بن علي بن الدهان.
وأخبرنا عبد اللطيف بن يوسف بن علي البغدادي وأبو بكر عبد الله بن عمر ابن علي
القرشي قالا: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن النقور قالوا كلهم: أنشدنا أبو
محمد القاسم بن علي الحريري البصري، فذكر البيتين.
توفي أبو القاسم أحمد بن هبة الله بن الجبراني الطائي بحلب يوم الاثنين سابع شهر
رجب من سنة ثمان وعشرين وستمائة، ودفن في سفح جبل جوشن.
أحمد بن هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة: أبو الحسن بن
أبي الفضل بن أبي غانم بن أبي الفضل بن أبي الحسن الحلبي، القاضي العقيلي، والدي،
وتمام نسبه قد ذكرناه في ترجمة عم أبيه أبي الحسن أحمد بن هبة الله بن أحمد.
ولي القضاء بحلب وأعمالها في سنة خمس وسبعين وخمسمائة في دولة الملك الصالح
إسماعيل بن محمود بن زنكي، ومن بعده في دولة عز الدين مسعود بن مودود، ودولة عماد
الدين زنكي بن مودود، وصدراً من دولة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب،
فانتقلت المناصب الدينية بحكم المذهب من الحنفية إلى الشافعية، فعزل والدي عن
القضاء في سنة ثمان وسبعين وخمسمائة، ووليه القاضي محي الدين محمد بن علي قاضي
دمشق.
وكان عمي أبو غانم إذ ذاك مجاوراً بمكة حرسها الله، فحج والدي تلك السنة، واجتمع
به بمكة، وعاد إلى حلب.
وكان والدي قبل ولايته القضاء قد ولي الخطابة بقلعة حلب في أيام نور الدين محمود
بن زنكي، وخطب بالمسجد الجامع بحلب في أيام ولده الملك الصالح إسماعيل نيابة عن
أخيه أبي غانم، وولي أيضاً قبل ولايته القضاء في أيام الملك الصالح خزانة بيت
المال.
وكان رحمه الله حسن السيرة في أحكامه، جاريا فيها على أحسن قانون، متحرياً في
قضاياه، مقيما لناموس الشريعة المطهرة؛ وكان رحمه الله يقول لي: يا بني والله ما
أوثر لك أن تتولى القضاء، فإن عرض عليك لا تتوله فإنني ما استرحت منذ وليته حتى
تركته، ولكني أوثر أن تكون مدرساً، وأن تتولى مدرسة الحلاويين، فقدر الله تعالى أن
وفقني لما كان يؤثره لي بعد وفاته.
وكان رحمه الله قد سمع أباه القاضي أبا الفضل هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبا
المظفر سعيد بن سهيل بن محمد الفلكي وزير خوارزم، والشيخ أبا زكريا يحيى ابن
المنصور الزاهد المغربي، وأبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن جزي الأندلسي والشيخ
محمد بن علي بن محمد الترمذي؛ وحدث عن هؤلاء، وسمع جماعة من شيوخنا مثل: يحيى بن
عقيل بن شريف بن رفاعة السعدي، وأبي اليمن الكندي، وأبي علي الأوقي، وأبي عبد الله
الدربندي، وجماعة غيرهم، وكان يحضر قراءتي عليهم.
وأخبرني أن مولده بحلب سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة.
قال لي عمي أبو غانم: مما أذكره لك من فضل والدك أنني كنت مجاوراً بمكة وبها الشيخ
ربيع بن محمود المارديني، فقال لي في بعض الايام: يا أخي قد ألهمني الله تعالى أن
أمضي كل ليلة، أو قال: كل يوم، إلى الملتزم، وأدعو الله تعالى أن يخلص أخاك أبا
الحسن من القضاء، فقدر الله تعالى أن استجاب من الشيخ ربيع، وترك والدك القضاء،
وحج من عامه ذلك، وجاء إلينا إلى مكة في الموسم.
ذكر
لي عمي عندما توفي والدي في معرض عناية الله تعالى به حيث ألهم الشيخ ربيع بن
محمود الدعاء له، واستجيب له، وكان الشيخ ربيع أحد الأولياء الظاهرة كرامتهم،
واجتمعت به بحلب، ودعا لي في حياة والدي رحمهما الله.
أخبرنا والدي أبو الحسن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قراءة عليه بحلب
حرسها الله قال: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي إملاءً بالمدرسة
النوريه بحلب في يوم الأربعاء الحادي عشر من شوال سنة ثلاث وخمسين وخمسمائة قال:
حدثنا الشيخ الزاهد أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن أحمد ابن عبيد الله المديني
إملاءً بنيسابور قال: أخبرنا القاضي الجليل أبو بكر أحمد بن الحسن بن أحمد الحيري
قال: أخبرنا حاجب بن أحمد الطوسي قال: أخبرنا عبد الرحيم بن منيب المروزي قال:
حدثنا يزيد بن هرون قال: أخبرنا حميد عن أنس رضي الله عنه أن النبي صلى الله عليه
وسلم قال: لا عليكم أن لا تعجبوا بأحد حتى تنظروا بم يختم له فإن العامل يعمل
زمانا من عمره أو برهة من دهره بعمل صالح لو مات عليه لدخل الجنة، ثم يتحول فيعمل
عملا سيئا، وإن العامل ليعمل زمانا من عمره بعمل سيء لو مات عليه لدخل النار، ثم
يتحول فيعمل عملاً صالحاً، فإذا أراد الله بعبد خيراً استعمله قبل موته قالوا: يا
رسول الله وكيف يستعمله قبل موته؟ قال: يوفقه لعمل صالح ثم يقبضه عليه.
توفي والدي رحمه الله ليلة الجمعة لثلاث بقين من شعبان سنة ثلاث عشرة وستمائة بمرض
التراقي، وهو طلوع ظهر في ظهره بين كتفيه على محاذاة القلب، ويقال له الشقفه، ودفن
يوم الجمعة بعد الصلاة في التربة المختصة بأهلنا بالقرب من مقام إبراهيم عليه
السلام.
وكان رحمه الله في مرضه ذلك يطلب مني أن أقرأ له شيئا في كتاب أدب المريض والعائد
لأبي شجاع البسطامي، ويسألني أن أورد له أشياء وردت في الصبر وما ينبغي للمريض أن
يقوله ويدعو به مما ينفعه لآخرته، وكان إذا قال له أحد من الجماعة: أبشر بالعافية
يقول: والله إني لا أكره الموت، من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، وأوصى بإخراج
شيء من ماله وافر يتصدق به على الفقراء والمساكين، ولما أحس بالموت جعل يقول في
تلك الليلة التي توفي فيها ما قاله النبي صلى الله عليه وسلم: اللهم أعني على
سكرات الموت ثم استدعى بسواك فاستاك به، وسمعه من كان يتولى تمريضه من جماعتنا وهو
يقول: هذا ذو الكفل يصلي، وقال: أعطوني سبحة الشيخ أبي الحسن - يعني - الفاسي،
وكان من أولياء الله تعالى وكبار الزهاد؛ ثم إنه طلبني، وكنت في ناحية الدار،
فحضرت إليه، فالتفت فرآني واستدعاني إليه، ثم قبل فمي، فوجدت شفتيه قد بردتا،
فعلمت أنه في النزع، ولما احتضر جعلت أنا وعمي أبو غانم نلقنه الشهادة وهو يتشهد
معنا، وقرأنا سورة الإخلاص فجعل يقرأها معنا إلى أن مات، وعرق جبينه عرقاً بارداً
طيب الرائحة، ودمعت عينه، وظهر له من أمارات الخير عند موته ولله الحمد ما طيب
القلوب لفقده، وكان قد سأل في الليلة التي توفي فيها: ما هذه الليلة؟ فقيل له:
ليلة الجمعة، فقال: غدا أفارقكم، فمات في تلك الليلة، ودفن يوم الجمعة.
ومن عجائب ما اتفق أنه كان يجتهد في تزويجي يحثني عليه، ويقول: أشتهي أن أرى لأبي
القاسم ولداً يمشي بين يدي، فاتفق أن زوجني، فولد لي ولدي أحمد الذي قدمت ذكره،
فسماه والدي باسمه، وتكمل له من العمر سنة، ومرض والدي، فلما كان يوم الخميس الذي
أعقبه ليلة الجمعة التي توفي فيها جئت إلى جنب الدار، فرأيت أحمد وهو يمشي خطوات
أول مشيه وله سنة وشهر، فحملته وجئت إلى والدي وقلت له: يا مولاي هذا أحمد قد مشى،
فنظر إليه وهو على جنبه فاستدعاه إليه فمشى إليه من باب المجلس إلى صدره، فأخذه
وقبل وجهه، ودمعت عينه، وتوفي تلك الليلة، وقد أدرك ما تمناه رحمه الله.
أحمد بن هبة الله بن محمد بن الحسين بن أبي الحديد:
أبو
المعالي المدائني، ويسمى أيضاً القاسم، شيخ حسن فاضل فقيه أديب شاعر، قدم إلى حلب
وأقام بها مدة في مدرسة شيخنا قاضي القضاة، ثم سافر إلى بغداد، وكتب بها الإنشاء
في ديوان الخليفة المستعصم، وسمعت من ينشد مدائح المستعصم التي نظمها في ذلك
الوقت، وهو حاضر لأنه كان يترفع عن الانشاد لكنه كان دمث الأخلاق، حسن المحاضرة،
طيب المفاكهة، اجتمعت به في مجلس الوزير أبي طالب بن العلقمي، وجرى بيني وبينه
مباحثة في الفقه.
وسأذكر ترجمته في حرف القاف، وأورد شيئا من شعره الذي سمعته منه، لأن القاسم أشهر
اسميه، لكني لا أخلي هذه الترجمة من شيء من محاسن شعره، فمن ذلك ما أنشدني رضي الدين
أبو عبد الله محمد بن الحسن بن محمد بن فلاح الهيتي الناظر بها بهيت، قال: أنشدني
موفق الدين بن أبي الحديد لنفسه، وكتبها إلى أخيه عبد الحميد بن أبي الحديد وقد
وضع كتابا يرد فيه على ضياء الدين نصر الله بن الأثير في كتابه الموسوم بالمثل
السائر وسمى كتابه الفلك الدائر على المثل السائر:
المثل السائر يا سيدي ... صنفت فيه الفلك الدائرا
لكن هذا فلك دائر ... تصير فيه المثل السائرا
وقرأت من شعره بخطه في الموجه:
عجبوا من عذاره بعد حولين ... وما طال وهو غض النبات
كيف يزكو زرع بخديه ... والناظر وسنان فاتر الحركات
وقرأت بخطه: ولما رتب بعض أصحابنا عارضاً للجيش ودخل بالخلعه قمت إليه وقبلته
ودعوت له، وقلت ارتجالا:
لما بدا رائق التثني ... وهو بأثوابه يميد
قبلته باعتبار معنى ... لأنه عارض جديد
توفي ابن أبي الحديد ببغداد بعد استيلاء التتار عليها في شهور سنة ست وخمسين
وستمائة، وكان قد سلم من القتل، وكتب لهم الإنشاء إلى البلاد على عادته.
من اسم أبيه هشام من الأحمدين أحمد بن هشام بن عمرو بن أبي هشام: وقد تقدم ذكره،
والصحيح أن اسم أبيه هاشم.
أحمد بن هشام بن فرخسرو المروزي القائد: وهو أخو علي والحسين بن هشام الخراسانيين،
كان في صحبة عبد الله المأمون حين خرج إلى بلاد الروم غازياً، وقدم معه حلب، حكى
عن المأمون، روى عنه بعض ولده، وكان شاعرا حسن الشعر.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي
المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن
محمد بن زيد الوقاياتي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد العكبري.
وأنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعا - قال: أخبرنا أبو منصور.
وأخبرنا أبو الحسن إذناً قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن
الزاعوني قال: أخبرنا أبو منصور بن العكبري إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم آدم بن
محمد المعدل قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال: حدثنا أبو عبد
الله أحمد بن حبيش التمار رحمه الله قال: حدثنا أبي عن بعض ولد أحمد بن هشام عن
أبيه قال: كنت في جمله المأمون حيث خرج إلى بلد الروم، فدخل وأنا معه إلى كنيسة
قديمة البناء بالشام عجيبة الصور، فلم يزل يطوفها، فلما أراد الخروج قال لي: إن من
شأن الغرباء وذوي الأسفار، من نزحت داره عن إخوانه وأترابه إذا دخل موضعاً
مذكوراً، ومشهدا مشهورا أن يجعل لنفسه فيه أثراً، تبركا بدعاء ذوي الغربة، وأهل
الانقطاع والسياحة وقد أحببت أن أدخل في الجملة، فابغ لي دواة أكتب بها حضوري في
موضع من هذه الكنيسة، فاستدعيت دواة، فكتب على ملبن المذبح هذه الأبيات:
يا معشر الغرباء رّد شتيتكم ... ولقيتم الأحباب عن قرب
قلبي عليكم مشفقٌ حدبٌ ... فشفى الإله بحفظكم قلبي
إني كتبت لكي أساعدكم ... فإذا قرأتم فاعرفوا كتبي
وذكر المرزباني في معجم الشعراء فقال: أحمد بن هشام بن فرخسرو المروزي القائد من
أبناء خراسان وأخوه علي بن هشام القائد أقدمهما المأمون معه من خراسان، وأحمد هو
القائل، وله فيهما لحن في طريقة الثقيل الأول:
إلام وكم تعد لي الذنوب ... ألم تر مذنباً قبلي يتوب
أؤمل
أن تداركني بعفوٍ ... وتقسم من لقائك لي نصيب
قال: وله:
تمنع من شفعت به إليه ... فزادك منعه أسفاً عليه
خذوا بدمي محاسنه وخصوا ... مقّبله وبرد ثنيتيه
أحمد بن هشام بن الليث الفارسي أبو عبد الله: سمع المسيب بن واضح التلمسي بها، أو
بحلب، أو ببعض عملها، وحدث عنه بصور؛ روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع
الصيداوي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن
المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن جميع قال:
حدثنا أحمد بن هشام بن الليث بصور قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا إسماعيل
بن عياش عن محمد بن طلحة عن عثمان بن يحيى عن ابن عباس قال: أول ما سمع بالفالوذج
أن جبريل أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إن أمتك ستفتح لهم الأرض، وما نكر
عليهم من الدنيا حتى أنهم ليأكلون الفالوذج، قال النبي صلى الله عليه وسلم وما
الفالوذج؟ قال: يخلطون العسل والسمن جميعا، قال: فشهق النبي صلى الله عليه وسلم من
ذلك شهقة.
من اسم أبيه الهيثم من الأحمدين أحمد بن الهيثم بن حفص أبو بكر القاضي: قاضي
طرسوس، كان قاضيا بها في أيام المتوكل.
سمع موسى بن داود، والحسين بن حميد العكي، وأبا عثمان سعيد بن محمد الخولاني
الخصيب المؤذن، والقاضي عبد الله بن محمد القزويني ومحمد ابن أبي غالب، وإبراهيم
بن مهدي.
روى عنه أحمد بن شعيب النسائي، وأبو عمر أحمد بن محمد بن عبد الرحمن ابن الجلي
الطرسوسي، وأبو الحسن أحمد بن محمد الرشيدي، والحسن بن مهران الأصبهاني.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحافظ قال: أخبرنا أبو
طالب عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي
قال: أخبرنا الشريف أبو عبد الله محمد بن علي بن الحسن العلوي قال: أخبرنا أبي
قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن علي بن محمد المرهبي قال: حدثنا الحسن بن مهران
الأصبهاني قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قاضي طرسوس قال: حدثنا إبراهيم بن مهدي قال:
حدثنا أبو حفص الأبار عن أبي بردة عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: أول من صنعت له الحمام سليمان بن داود، فلما وجد حرها قال: أوه من عذاب
الله، أوه قبل أن لا يكون أوه.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ التغلبي قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة
بن أحمد بن فارس بن المنتجا بن كروس السلمي قال: حدثنا الفقيه الزاهد أبو الفتح
نصر بن إبراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي بن عبد الله
الأملوكي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي الأنطاكي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن
محمد الرشيدي بأنطاكية قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: حدثنا محمد بن أبي غالب
قال: أخبرنا هشيم عن العوام بن حوشب عن إبراهيم التيمي قال: رأيت في المنام كأنه
أورد بي على نهر فقيل لي اشرب واسق من شئت لما صبرت وكنت من الكاظمين.
أحمد بن الهيثم بن حديدة الحلبي: حدث عن أبي نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وأحمد بن
محمد.
روى عنه أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد الأزدي الموصلي الحافظ.
أخبرنا أبو الخطاب عمر بن أسعد بن المنجا التنوخي الحنبلي بدمشق، وعبد الرحمن بن
أبي القاسم بن الصوري بحلب قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن القاسم
الشهرزوري.
وأخبرنا
أبو بكر عبد الله بن الحسن بن الحسن الأنصاري من لفظه، وأبو إسحق إبراهيم بن عثمان
بن علي الحنفي، وأبو منصور يونس بن محمد بن محمد بن محمد الفارقي بدمشق، وأبو
العباس عبد السلام بن المطهر بن أبي سعد بن أبي عصرون بحلب قالوا: أخبرنا جدنا
للأم أبو الحسن علي بن أحمد بن عبد الباقي بن طوق قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن
الفتح بن عبد الله بن فرغان قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن الحسين بن أحمد بن عبيد
الله بن بريدة الحافظ قال: حدثنا أحمد بن الهيثم بن حديدة الحلبي قال: حدثنا عبيد
بن هشام الحلبي قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن الطرائفي قال: حدثنا عنبسة بن عبد
الرحمن عن محمد بن سليمان عن علي بن الحسين عن أبيه الحسين بن علي بن أبي طالب رضي
الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من اعتكف عشرا في رمضان عدل
بحجتين وعمرتين.
حرف الياء في آباء الأحمدين
أحمد بن ياسين بن أبي تراب: حدث بطرسوس عن عبد الله بن يوسف المدائني؛ روى عنه أبو
الحسن علي ابن أحمد بن قرقور التمار.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال:
أخبرنا أبو محمد يحيى بن علي بن محمد بن الطراح قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي
بن محمد الخياط قال: حدثنا أبو علي الحسن بن الحسين بن حمكان الفقيه الشافعي قال:
حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قرقور التمار بهمذان قال: حدثنا أحمد بن ياسين
المعروف بابن أبي تراب بطرسوس قال: حدثنا عبد الله بن يوسف المدائني قال: حدثني
يونس بن عطاء، من ولد زياد الصدائي، عن سفيان الثوري عن أبيه عن جده عن زياد
الصدائي قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من طلب العلم تكفل الله له برزقه.
ذكر من اسم أبيه يحيى من الأحمدين أحمد بن يحيى بن جابر بن داود، أبو بكر: وقيل
أبو جعفر، وقيل أبو الحسن، البلاذري البغدادي الكاتب، كاتب، أديب، شاعر، مصنف، له
كتب حسنة منها كتاب أنساب الأشراف وهو كتاب ممتع كثير الفائدة والنفع ومات ولم
يتمه؛ وكتاب البلدان وفتوحها وأحكامها وهو أيضاً كتاب كثير الفوائد.
ودخل حلب ومنبج وأنطاكية والثغور، وكان شاعراً مجيداً، راوية للأخبار والأدب، سمع
بأنطاكية أحمد بن الوليد بن برد، ومحمد بن عبد الرحمن الأنطاكيين، وروى عنهما وعن
هشام بن عمار، وأبي حفص عمر بن سعيد الدمشقيين، ومحمد بن مصفى الحمصي، وعفان بن
مسلم، وأحمد بن إبراهيم الدرقي، ومحمد بن الصباح الدولابي، ومحمد بن سعد كاتب
الواقدي، وعبد الأعلى بن حماد، ومحمد بن حاتم السمين، وعباس بن هشام، وعباس بن
الوليد النرسي، وأبي الحسن علي بن محمد المدائني، وشيبان بن فروخ، وعبد الواحد بن
غياث، وعثمان بن أبي شيبة، والحسين بن علي بن الأسود العجلي، وعلي بن المديني،
وأبي عبيد القاسم بن سلام، وعمرو الناقد، ومصعب الزبيري، وعبد الله بن صالح العجلي،
وإسحق بن أبي إسرائيل، وأبي الربيع الزهراني، وخلف البزاز.
روى عنه: محمد بن خلف، وأحمد بن عمار، وأبو يوسف يعقوب بن نعيم ابن قرقارة
الأرزني، ويحيى بن البريم، وعبد الله بن أبي سعد.
وكان المتوكل قد جعله من ندمائه أخيراً، وكان يعلم عبد الله بن المعتز.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحمن بن الحسن بن علي بن بصلاء البندقجي الصوفي وأبو جعفر
يحيى بن جعفر الدامغاني البغداديان بحلب.
قال ابن بصلاء: أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرب الكرخي، وأبو القاسم يحيى بن ثابت
بن بندار.
وقال ابن الدامغاني: أخبرتنا عمتي تركناز بنت عبد الله بن محمد الدامغاني.
قالوا
كلهم: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا
أبو عمر عبد الواحد بن محمد بن عبد الله بن مهدي الفارسي قال: حدثنا القاضي أبو
عبد الله الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني
أحمد بن يحيى بن جابر قال: حدثني عباس بن هشام عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس
قال: استسقى عمر بالعباس عام الرمادة فقال: اللهم إن هؤلاء عبادك وبنو إمائك أتوك
راغبين متوسلين إليك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم، فاسقنا سقيا نافعة تعم البلاد
وتحيي العباد، اللهم إنا نستسقيك بعم نبيك صلى الله عليه وسلم، ونستشفع إليك
بشيبته، فسقوا، ففي ذلك يقول عباس بن عتبة بن أبي لهب:
بعمي سقى الله الحجاز وأهله ... عشية يستسقي بشيبته عمر
توجه بالعباس في الجدب راغباً ... إليه فما إن رام حتى أتى المطر
ومنا رسول الله فينا تراثه ... فهل فوق هذا للمفاخر مفتخر
قرأت بخط أبي علي المحسن بن علي التنوخي، وأنبأنا به أبو جعفر أحمد بن الأزهر بن
السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن أبي القاسم علي بن أبي علي عنه.
قال: وأخبرني - يعني - أبا الحسين عبد الله بن سلمان البصير باسناد ذكر أنه غاب
عنه أن البلاذري كان ينفق دائما ولا يجتدي، ولا يحترف، فقيل له في ذلك؟ فقال: دخلت
مع الشعراء يوماً إلى المستعين، فقال لنا: من كان قد قال في مثل قول البحتري في
عمي المتوكل.
ولو أن مشتاقاً تكلف فوق ما ... في وسعه لمشى إليك المنبر
وإلا فلا ينشدني شيئاً، قال: فقلنا ما فينا من قال فيك مثل هذا، وانصرفنا، فلما
كان بعد أيام عدت إليه، فقلت: يا أمير المؤمنين قد قلت فيك أحسن مما قال البحتري
في عمك، فقال: إن كان كذلك أسنيت جائزتك، فهات، فقال:
ولو أن برد المصطفى إذ حويته ... يظن لظن البرد أنك صاحبه
وقال وقد أعطيته فلبسته: ... نعم هذه أعطافه ومناكبه
فقال: أحسنت، انصرف إلى منزلك، وانتظر رسولي، ففعلت، فجاءني رسوله برقعة بخطه
فيها: قد أنفذت إليك سبعة آلاف دينار، وأنا أعلم أنك ستجفى بعدي، وتطرح وتجتدي فلا
يجدى عليك، فاحفظ هذه الدنانير عندك، فإذا بلغت بك الحال إلى هذا فأنفق منها، ولا
تتعرض لأحد ليبقى ماء وجهك عليك، ولك علي أن لا تحتاج ما عشت إلى شيء من أمر دنياك
كبير ولا صغير على حسب حكمك وشهوتك.
قال: ثم أجرى لي الجرايات والأرزاق السنية، وتابع جوائزه، فما احتجت منذ ذلك وإلى
الآن إلى غير جوائزه والسبعة الآلاف، فأنا أنفق من جميع ذلك، ولا أخلق نفسي
بالتعرض وأترحم عليه.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان عن أبي القاسم بن أبي محمد الشافعي قال: أخبرنا
أبو غالب محمد بن إبراهيم الجرجاني المعروف بالدامغاني الصوفي قال: أخبرنا أبو
القاسم إبراهيم بن عثمان بن إبراهيم الجلابي الجرجاني قال: أخبرتنا فاطمة المعروفة
ببيبي بنت أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الطلقي قالت: حدثنا أبو أحمد عبد الله
بن عدي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن خلف قال: أخبرني أحمد بن يحيى البلاذري قال:
قال لي محمود الوراق: قل من الشعر ما يبقى لك ذكره، ويزول عنك إثمه، فقلت:
استعدي يا نفس للموت واسعي ... لنجاة فالحازم المستعد
قد تبينت أنه ليس للحي ... خلود ولا من الموت بد
إنما أنت مستعيرة ما سوف ... تردين والعواري ترد
أنت تسهين والحوادث لا ... تسهو وتلهين والمنايا تجدّ
أي ملكٍ في الأرض أو أي حظ ... لإمريء حظه من الأرض لحد
لا ترجي البقاء في معدن الموت ... وارٍ حتوفها لك ورد
كيف يهوى إمرؤٌ لذاذة أيامٍ ... عليه الأنفاس فيها تعدّ
أخبرنا أبو منصور بن محمد الفقيه إذناً قال: أخبرني عمي الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن قال: بلغني أن البلاذري كان أديباً راوية له كتب جياد، ومدح المأمون بمدائح،
وجالس المتوكل، وتوفي في أيام المعتمد، ووسوس في آخر عمره وهو القائل:
ما من روى أدباً ولم يعمل به ... فيكفّ عادية الهوى بأديب
حتى
يكون بما تعلم عاملاً ... من صالح فيكون غير معيب
ولقل ما تجدي إصابة صائبٍ ... أعماله أعمال عير مصيب
أحمد بن يحيى بن زهير بن هرون بن موسى بن عيسى بن عبد الله بن محمد ابن أبي جرادة:
أبو الحسن بن أبي جعفر القاضي العقيلي، وتمام نسبه إلى عقيل قد ذكرناه في ترجمة
ابن ابنه أحمد بن هبة الله.
وهذا أبو الحسن هو جد جد أبي، وأول من ولي القضاء بحلب من بني أبي جرادة، وتولى
القضاء بعد الثلاثين والأربعمائة، ورأيت كتاباً مسجلاً عليه مؤرخاً بجمادى الآخر
سنة خمس وثلاثين وأربعمائة.
وكان فقيها، فاضلاً أديباً، قرأ الفقه على القاضي أبي جعفر محمد بن أحمد السمناني
بحلب، وسمع الحديث من عمه أبي الفضل عبد الصمد بن زهير بن هرون، والقاضي أبي الفضل
أحمد بن محمد بن عبد الله بن أبي أسامة.
وروى عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله بن سعد النحوي الحلبي عن أبي الطيب المتنبي
جميع ديوان شعره.
وأمه قرة العين ابنة محمد بن بكير بن العباس، وولد بحلب في غداة يوم الأربعاء
الرابع عشر من ذي الحجة سنة ثمانين وثلاثمائة.
روى عنه ابنه القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة قاضي حلب.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي طاهر بن سعد بن محمد الميهني الصوفي قراءة عليه
قال: أخبرنا أبو المحاسن عمر بن علي بن الخضر بن عبد الله القرشي في كتابة قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: قرئ على
القاضي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن أبي جرادة، وأنا أسمع، فأقر به وأجازه، قال:
حدثني أبي القاضي أبو الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة في العشر الأواخر
من صفر من سنة تسع وعشرين وأربعمائة قال: حدثني عمي أبو الفضل عبد الصمد بن زهير بن
أبي جرادة قال: أخبرنا أبو نصر إسحق بن إبراهيم بن معروف البستي بمكة في المسجد
الحرام قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم ابن عبد الله بن عثمان بن بكر الكوفي قال:
حدثنا وكيع بن الجراح عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي سعيد قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: لا تسبوا أصحابي، فوالذي نفسي بيده لو أن أحدكم أنفق مثل أحد
ذهباً ما أدرك مد أحدهم ولا نصيفه.
أنبأنا المؤيد بن محمد بن علي الطوسي وزيد بن الحسن بن زيد الكندي قالا: أخبرنا
أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة في كتابه إلينا من حلب قال:
أخبرنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى قال: حدثني أبي القاضي أبو
الحسن أحمد بن يحيى بن زهير بن أبي جرادة قال: حدثني عمي أبو الفضل قال: حدثنا أبو
الحسن أحمد بن محبوب بن سليمان قال: حدثنا أبو مسلم إبراهيم بن عبد الله قال:
حدثنا عبد الله بن مسلمة القعنبي قال: حدثنا عبد الله بن عمر عن نافع عن أبي سعيد
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبيعوا الذهب بالذهب إلا مثلاً بمثل،
ولا الورق بالورق إلا مثلاً بمثل، ولا تشفوا بعضها على بعض.
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن هبة الله بن أحمد بن يحيى بن
أبي جرادة في جزء خرجه من حديثه، وروى فيه حديثاً عن أبي الحسن علي ابن عبد الله
بن أبي جرادة عن أبي الفضل هبة الله بن أحمد عن أبيه أحمد بن يحيى، وتكلم على رجال
الحديث وقال في ذكر أحمد بن يحيى: ولي القضاء بحلب، وكان موفقاً في تنفيذ الأحكام
واستنباط القضايا المعضلات، وقرأ الفقه على القاضي الفقيه أبي جعفر محمد بن أحمد
السمناني، وعلق عليه بحلب التعليق المنسوب إليه على مذهب الإمام أبي حنيفة، وجمع
جميع كتبه في الفقه؛ وألف كتاباً في الفقه ذكر فيه الخلاف بين أصحاب أبي حنيفة،
وما تفرد به عنهم.
حدثني
عمي أبو غانم محمد بن هبة الله، ووالدي أبو الحسن أحمد بن هبة الله بن محمد بن أبي
جرادة قالا: أخبرنا والدنا القاضي أبو الفضل هبة الله بن محمد بن هبة الله بن أحمد
بن أبي جرادة عن أبيه عن جده قال: كان القاضي أبو الحسن أحمد بن يحيى يقرأ الفقه
بحلب على القاضي أبي جعفر السمناني، وهو إذ ذاك صبي، والقاضي أبو جعفر إذ ذاك قاض
بحلب، فحضر شاهدان من عدول حلب ليؤديا شهادة عند السمناني، فاشتغل بتدريس الحسن عن
استماع شهادتهما حتى فرغ أبو الحسن من درسه، فشق على ذينك الشاهدين ذلك، وقالا في
أنفسهما: يقدم هذا الصبي علينا ويؤخرنا فيما حضرنا فيه عنده حتى يفرغ، ففطن أبو
جعفر السمناني لذلك منهما، فالتفت اليهما بعد الفراغ وقال لهما: لعلكما شق عليكما
اشتغالي بهذا الصبي عنكما، والله ان دام على ما هو عليه لتشهدان بين يديه فقدر
الله تعالى أن أبا الحسن تفقه وكبر، وزوجه أبو جعفر السمناني بابنته، وتوفي
السمناني، وولي أبو الحسن أحمد بن أبي جرادة القضاء بحلب وأتى الشاهدان المشار
اليهما وشهدا بين يديه.
أنشدني والدي لجد أبيه القاضي أبي الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى يذكر أباه
ويفتخر به، وكتب الينا بهذه الابيات أبو اليمن الكندي عن أبي الحسن بن أبي جرادة
قال: أنشدنا القاضي أبو الفضل لنفسه:
أنا ابن مستنبط القضايا ... وموضح المشكلات حلاّ
وابن المحاريب لم تعطّل ... من الكتاب العزيز يتلى
وفارس المنبر استكانت ... عيدانه من حجاه ثقلا
قرأت بخط أبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة في بعض تخاريجه،
وذكر القاضي أبا الحسن أحمد بن يحيى فقال: وتوفي في أواخر سنة اثنتين وأربعين
وأربعمائة بحلب بعد نزوله من القلعة بها في الثامن من شعبان من هذه السنة، لأن معز
الدولة أبا علوان ثمال بن صالح بن مرداس صاحب حلب لما خاف من ناصر الدولة أمير
الجيوش أبي علي الحسن بن حمدان أن يقصده، وقد عصى على المستنصر صاحب مصر، وكانت
اليه ولاية حلب، قبض أماثل الحلبيين واعتقلهم في القلعة، والقاضي في جملتهم، لئلا
يسلموا البلد إلى ابن حمدان، وذلك في العاشر من شهر ربيع الآخر من سنة أربعين
وأربعمائة.
قرأت بخط القاضي أبي الفضل هبة الله بن القاضي أبي الحسن، أبو بخط غيره، على ظهر
كتاب شعر المتنبي، نسخة القاضي أبي الحسن التي قرأها على محمد بن عبد الله بن سعد،
وخطه عليها، ما صورته: صعد القاضي خلصه الله إلى القلعة يوم الخميس العاشر من شهر
ربيع الآخر سنة أربعين وأربعمائة، ونزل بحمد الله ومنه يوم الاربعاء الثامن من شعبان
سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة، ولله على ذلك الحمد وخالص الشكر.
أحمد بن يحيى بن سند: أبو العباس، شاعر كان بمعرة النعمان، وفقت على أبيات من شعره
في مراثي بني المهذب المعريين، يرثي بها أبا عبد الله الحسين بن إسماعيل بن جعفر
بن علي المهذب وهي قوله:
فؤاد عراه حزنه فتصدعا ... وقلب براه وجده فتقطعا
ونائبةٌ عمّ البريّة خطبها ... فلم تلق إلا موجعاً أو مفجعا
لفقد حسين قرة العين والذي ... أتته المنايا بغتتة حين أيفعا
أأنساه بين الأهل ملقى وكلهم ... لفقدانه يبدي أسى وتوجعا
وقد سألوه كيف أنت فلم يحر ... جواباً وأضحى بالبنان مودعا
فيا سيداً أودى بصبري مصابه ... لقد خانك الدهر الخؤون فأسرعا
ولو كان بالانصاف يحكم لم يكن ... عجيباً بأن تبقى لنا وتمتّعا
فبالرغم مني يا حسين تحكمت ... بجسمك أيدي الدهر حتى تضعضعا
وبالرغم مني أن توسّد مفرداً ... ويصبح بعد الأنس بيتك بلقعا
وبالود مني صحبتك في الثرى ... وصيرت من حزني بقربك مضجعا
وفاضت دماً عيني عليك فإنني ... لأعذل أجفاني إذا فضن أدمعا
وقرأت في هذا الجزء له أبياتا يرثي بها أبا الحسن المهذب بن علي بن المهذب، وتوفي
سنة تسع وعشرين وأربعمائة:
دنياك هذي بالأنام تقلب ... وصروفها فيهم تجيء وتذهب
والدهر
فيهم قد أجدّوا كلهم ... يلهو عن الدهر المجد ويلعب
لم ينج من صرف الردى ذو نمرة ... غمرٌ ولا فطنٌ له يتهيّب
عتبي على الدهر الخؤون مجدد ... أبداً لو أن الدهر ممن يعتب
إلاّ يشب رأسي لعظم مصابه ... بالأكرمين فإن قلبي أشيب
أحمد بن يحيى بن سهل بن السري الطائي: أبو الحسين المنبجي الشاهد المقرئ النحوي
الأطروشي، سمع بحلب ومنبج أبا سلمة عمر بن عبد الرحمن الإمام الحلبي، وأبا الحسن
نظيف بن عبد الله المقرئ الحلبي، وأبا عبد الله محمد بن ابراهيم بن مروان، وأبا
العباس أحمد بن فارس الأديب المنبجي، وأبا الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير
المنبجي، وأبا عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه اللغو.
روى عنه عبد الوهاب الميداني، وعلي بن الخضر بن سليمان بن سعيد السلمي، وعبد
العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو بكر مكي بن جابار الدينوري، وأبو سعد إسماعيل بن علي
الرازي السمان، وعلي بن محمد الحنائي، وعلي بن محمد بن شجاع الربعي، وأبو الغنائم
عبد الله بن القاضي الحسن بن محمد الزيدي النسابة، وأبو زكرياء عبد الرحيم بن أحمد
بن نصر البخاري.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الدمشقي فيما أذن لنا أن نرويه عنه
قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني
قال: حدثنا أبو الحسين أحمد بن يحيى المنبجي الأديب قال: حدثنا أبو الحسن نظيف بن
عبد الله المقرئ قال: حدثنا أبو علي محمد بن معاذ دران قال: حدثنا أبو عمرو مسلم
بن إبراهيم الفراهيدي قال: حدثنا هشام قال: حدثنا قتادة عن عبد الله بن بريدة عن
أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان لا يتطير، وكان إذا بعث رجلاً سأل عن اسمه
فإن أعجبه اسمه فرح لذلك، ورؤي في وجهه البشر، وان كره اسمه رؤي كراهة ذلك في
وجهه، واذا دخل عن القرية سأل عن اسمها فان أعجبه اسمها فرح بها ورؤي بشر ذلك في
وجهه، وان كره رؤي كراهة ذلك في وجهه.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن الحسين البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو
القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: أحمد بن يحيى بن سهل بن السري، أبو الحسين
الطائي المنبجي الشاهد، المقرئ، النحوي، سكن دمشق، وكان وكيلاً في الجامع.
روى عن: أبي عبد الله بن مروان، وأبي العباس أحمد بن فارس الأديب، وأبي الحسن نظيف
بن عبد الله المقرئ، وأبي الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير، وعمر بن عبد الرحمن
الإمام الحلبي.
روى عنه: عبد الوهاب الميداني، وهو من أقرانه، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني، وعلي
بن محمد الحنائي، وعلي بن الخضر السلمي، وأبو بكر مكي بن جابار الدينوري، وعلي بن
محمد بن شجاع الربعي، وأبو سعد إسماعيل بن علي الرازي السمان.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال:
أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: توفي شيخنا أبو
الحسن أحمد بن يحيى المنبجي الأطروش سنة خمس عشرة وأربعمائة.
حدث عن نظيف الحلبي وغيره، وكان يحفظ من أخبار أبي عبد الله ابن خالويه. وكان ثقة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أحمد بن يحيى بن صفوان الانطاكي: أبو بكر الإمام، وقيل فيه: أحمد بن
محمد بن يحيى بن صفوان، ويعرف بقرقرة الفقيه.
حدت بأنطاكية عن: عبد الله بن نصر الأنطاكي، وأبي خيثمة مصعب بن سعيد المصيصي،
وهشام بن عمار، وسعيد بن منصور، وكثير بن عبيد الحذاء، ومحمد ابن مصفى الحمصي،
ويعقوب بن حميد بن كاسب، وابن أبي كريمة.
روى عنه: أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد، وأبو القاسم عبد الله ابن محمد
بن اليسع القارئ الأنطاكي، وسليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني، وأبو محمد عبد
الرحمن بن المبارك الأنطاكي، والقاضي أبو الحسن سليمان بن محمد التنوخي المعري.
أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي قراءة عليه بحلب قال:
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن المظفر بن الحسن المعروف بابن سوسن التمار قال: أخبرنا أبو القاسم عبد
الرحمن بن عبيد الله بن عبد الله الحرفي السمسار قال: حدثنا أحمد ابن سلمان الفقيه
قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن صفوان الأنطاكي قال: حدثنا سعيد ابن منصور قال: حدثنا
مالك بن أبي سعد الدمشقي قال: سمعت حيان أبا النضر قال: سمعت جنادة بن أبي أمية
يقول: سمعت عبادة بن الصامت يقول: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي:
يا عبادة قلت: لبيك يا رسول الله، فقال: اسمع وأطع في عسرك ويسرك ومنشطك ومكرهك،
وأثرة عليك، وان أخذوا مالك وضربوا ظهرك، ما لم تكن معصية بواحاً.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن هلالة قال: أخبرنا اسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال:
أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن
ريذة الضبي قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا
أحمد بن يحيى الأنطاكي قرقرة قال: حدثنا عبد الله بن نصر الأنطاكي قال: حدثنا أبو
أسامة عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: ذكاة الجنين ذكاة أمه.
قال الطبراني: لم يروه مرفوعاً عن عبيد الله إلا أبو أسامة، تفرد به عبد الله ابن
نصر.
نقلت من كتاب الألقاب تأليف الحافظ أبي الفضل علي بن الحسين الهمداني قرقرة: أحمد
بن يحيى بن صفوان، أبو بكر الفقيه الأنطاكي، روى عنه ابن أبي كريمة، روى عنه عبد
الرحمن بن المبارك أبو محمد الأنطاكي.
أحمد بن يحيى بن عوف: أبو المكارم القرشي الكاتب، كان من أصحاب الملك الناصر يوسف
بن أيوب، وكتابه، قدم معه حلب، وكان فاضلاً، حسن البديهة والروية، وله نثر حسن،
وشعر جيد.
روى عنه من شعره أبو القاسم عبد الرحمن بن أبي الحسن المعدل بالاسكندرية.
أنشدنا أبو محمد عبد الرحمن بن شحانة الحراني برابغ قال: أنشدني أبو القاسم عبد
الرحمن بن أبي الحسن المعدل بالاسكندرية قال: أنشدني أبو المكارم أحمد بن يحيى
القرشي الكاتب لنفسه:
خبرت أنك قد عثرت فلم أزل ... مغرى بفيض مدامعٍ ونحيب
بأبي علام تركت شعرك مسبلاً ... حتى عثرت بفضله المسحوب
أخبرني أبو محمد بن شحانة قال: أخبرني أبو القاسم قال: قال لي أبو المكارم القرشي:
كنت بالبيت المقدس مع السلطان الملك الناصر، فرأى جاريةً من بنات الروم حسنة الوجه
تصلي إلى الشرق، فقال لي: قل فيها شيئاً، فقلت:
وغادةٍ تعزى إلى قيصر ... حل عزائي عقد زنارها
صلت إلى الشرق وأولى بها ... لو أنها صلت إلى دارها
قال لي أبو محمد: قال لي أبو القاسم: قال لي أبو المكارم أنه رأى ببيت المقدس
جارية حسنة الوجه فسألها السلطان الملك الناصر أن تسقيه، فقال: قل فيها شيئا،
فقلت:
تروم من ظبيات الروم سفك دمي ... هيفاء عاقدة في الخصر زنارا
شربت من يدها ماءً وذا عجب ... كيف استحال بقلبي ماؤها نارا
أحمد بن يحيى بن النعمان أبو العباس: حدث ببالس عن عمر بن سعيد بن يوسف المنبجي؛
روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن سهل الماسرجسي.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي في كتابه منها عن أبي
القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقرئ
قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن سهل الماسرجسي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد
بن يحيى بن النعمان ببالس قال: حدثنا عمر بن سعيد بن يوسف المنبجي قال: حدثنا علي
بن عبد الله أبو الحسن النصري في دار النصريين قال: حدثنا محمد بن عبد الجبار
المهمداني قال: حدثنا عثمان بن زفر قال: حدثنا محمد ابن زياد عن ابن عجلان عن أبي
الزبير عن جابر قال: أتي رسول الله صلى الله عليه وسلم بجنازة، فلم يصل عليها،
فقلت: يا رسول الله لم تركت الصلاة عليه؟ قال: لأنه كان يبعض عثمان أحمد بن يحيى
بن هبة الله بن الحسن بن يحيى بن محمد بن علي بن صدقة:
أبو
العباس القاضي، قاضي دمشق المعروف بابن سني الدولة التغلبي، كان أبوه قاضي دمشق،
وتولى ابنه هذا القضاء نيابة عن ابن الزكي، ولما ملك الملك الصالح، أيوب بن الملك
الكامل دمشق ولاه القضاء استقلالا، ودام فيه في دولته ودولة أبيه، ودولة الملك
الناصر إلى أن استولى التتار على دمشق، فسار إلى حلب إلى ملك التتار هلاكو بهدية، فولى
القضاء محي الدين يحيى بن محمد بن الزكي، وجعله نائبا في القضاء عن ابن الزكي،
وعاد فتوفي في طريقه ببعلبك، وكان مولده سنة تسعين وخمسمائة.
أخبرنا القاضي صدر الدين أبو العباس أحمد بن يحيى بن هبة الله بن سني الدولة
الدمشقي بها قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو الحسن عبد اللطيف بن إسماعيل بن
أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو منصور علي بن علي بن عبيد الله الأمين.
وأنبأنا عاليا أبو أحمد عبد الوهاب بن علي بن علي قال: أخبرنا والدي أبو منصور
المذكور قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عمر الصريفيني الخطيب
قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن محمد بن إسحق بن سليمان ابن حبابة البزاز
قال: حدثنا عبد الله - هو - البغوي قال: حدثنا علي قال: أخبرنا شعبة عن سيار أبي
الحكم عن ثابت البناني عن أنس أنه مر على صبيان فسلم عليهم، ثم حدث أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم مر على صبيان فسلم.
رواه البخاري عن علي بن الجعد.
سمع القاضي أبو العباس أبا طاهر بركات بن إبراهيم الخشوعي، وعبد اللطيف بن إسماعيل
بن أحمد الصوفي، ونعمة بنت الطراح، وشيخنا أبو اليمن الكندي، وأبا الفضل بن محمد
بن الحرستاني، ومحمد بن علي بن يحيى القرشي القاضي، وعمر بن إيلملك بن الأردعانسي،
وحدث عنهم، وتوفي ببعلبك عند عوده من حلب في سنة ثمان وخمسين وستمائة.
أحمد بن يحيى أبو عبد الله بن الجلاء: وقيل فيه محمد بن يحيى، والصحيح، الأول؛ صحب
أباه يحيى الجلاء، وذا النون المصري، وأبا عبيد البسري، وحكى عنهم، وصحب أيضاً أبا
تراب النخشبي.
روى عنه: أبو بكر الدقي، ومحمد بن عبد الله بن الجلندى، ومحمد بن الحسن بن علي
اليقطيني، وأبو إسحق الأذرعي، وأبو عمر محمد بن سليمان بن أبي داود اللباد، وأبو
العباس الدمشقي الوراق، وإبراهيم بن المولد الرقي، وأبو محمد بن ياسين، وأبو الفضل
عبد الله بن عبيد الله.
وحكى أبو الخير التيناتي أنه رآه بالتينات ثغر من الثغور الشامية، قد ذكرناه.
وكان بغداديا دخل الشام وسكن الرملة ودمشق، وهو من كبار شيوخ الصوفية، وله أحوال
وكرامات ظاهرة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد
الغساني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن يحيى أبو
عبد الله المعروف بابن الجلاء من كبار مشايخ الصوفية، انتقل من بغداد فسكن الشام.
سمعت أبا نعيم الحافظ يقول: أبو عبد الله أحمد بن يحيى، بغدادي سكن الرملة، وصحب
ذا النون، وأبا تراب، وأبوه يحيى بن الجلاء، أحد الأئمة، له النكت اللطيفة.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح
عمر بن علي بن محمد بن حمويه.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي.
وأنبأنا أبو النجيب إسماعيل بن عثمان بن إسماعيل القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد
هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد
الكريم بن هوازن القشيري قال: ومنهم - يعني من مشايخ الصوفية - أبو عبد الله أحمد
بن يحيى الجلاء، بغدادي الأصل، أقام بالرملة ودمشق، من أكابر مشايخ الشام، صحب أبا
تراب، وذا النون، وأبا عبيد البسري، وأباه يحيى الجلاء.
أخبرنا
الشيخان أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة، وأبو عبد الله محمد
بن أبي نصر زيد بن عبد الله بن رواحة الأنصاريان قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر
أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: قرئ على أبي الفضل محمد بن الحسن بن الحسين
السلمي وأنا أسمع بدمشق عن أبي علي الحسن بن علي بن إبراهيم المقرئ الأهوازي قال:
حدثنا محمد عبدان بن عمر بن الحسن المنبجي الطائي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن داود
الدينوري المعروف بالدقي قال: سمعت أبا عبد الله بن الجلاء، وقد قيل له: أكان أبوك
يجلو المرايا والسيوف، فسمي الجلاء؟ قال: لا ولكن كان إذا تكلم على قلوب المؤمنين
جلاها.
أخبرنا أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا أبو الفضل
عبد الله بن احمد الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر بن يوسف قال: اخبرنا عبد
العزيز بن علي الآزجي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن الحسن بن جهضم قال:
حدثني أبو عبد الله الفرغاني ساكن دمشق قال: سمعت أبا الخير يقول: كنت جالساً ذات
يوم في موضعي هذا على باب المسجد، فرفعت رأسي، فرأيت رجلا في الهواء، وبيده ركوة،
فأومى إلي، فقلت له: انزل، فأبى ومر في الهواء، فسئل الشيخ أبو الخير: عرفت الرجل؟
فقال: أبو عبد الله بن الجلاء.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو
بكر أحمد بن علي بن الحسين الطريثيثي قال: أخبرنا والدي قال: أخبرنا أبو سعد
الماليني قال: سمعت أبا أحمد عبد الله بن بكر الطبراني يقول: سمعت أبا إسحق
الأذرعي يقول: سمعت أبا عبد الله أحمد بن يحيى الجلاء يقول: قدمت على أبي عبيد
البسري، فأخلى لي بيتاً فكان يأتيني بعد صلاة العشاء الآخرة، فيقف على الباب
فيقول: ما أظن أن أبا عبد الله يعدل بالوحدة شيئاً؟ فأقول: إلا منك، فيقول: إلا
مني؟ فأقول: نعم، فيدخل، فيذاكرني إلى أن يؤذن المؤذن لصلاة الفجر، فيخرج ويصلي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد إذناً قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حدثنا عبد العزيز بن علي بالوراق قال: سمعت علي بن عبد
الله بن الحسن الهمذاني يقول: سمعت محمد بن داود يقول: ما رأت عيناي بالعراق ولا
بالحجاز ولا بالشام ولا بالجبل مثل أبي عبد الله بن الجلاء، وكان في ممشاذ خمس
خصال لم تكن واحدة منها في الجلاء.
قال الخطيب: أخبرني أحمد بن علي بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري
قال: سمعت جدي إسماعيل بن نجيد يقول: كان يقال إن في الدنيا ثلاثة من أئمة الصوفية
لا رابع لهم: أبو عثمان بنيسابور، والجنيد ببغداد، وأبو عبد الله الجلاء بالشام.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتوح حمويه.
وأخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن في كتابها قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذ ياخي.
وأنبأنا أبو النجيب بن عثمان قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال: أخبرنا أبو
القاسم القشيري قال: وكان يقال في الدنيا ثلاثة لا رابع لهم: أبو عثمان بنيسابور،
والجنيد ببغداد، وأبو عبد الله بن الجلاء بالشام.
قلت: أبو عثمان هو سعيد بن إسماعيل الحيري.
أنبأنا عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل قال: أخبرنا
أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: حدثنا علي بن عبد الله قال:
سمعت عبيد الله بن إبراهيم يقول: سئل أبو بكر بن الزانيار عن ابن الجلاء؟ فقال:
مؤتمن على سر الله عز وجل.
أخبرنا أبو منصور بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال:
أنبأنا أبو محمد الأكفاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الطالقاني
بدمشق قال: قال أبو عبد الرحمن السلمي ومنهم: أبو عبد الله بن الجلاء واسمه أحمد
بن يحيى بن الجلاء، ويقال: محمد بن يحيى، وأحمد أصح؛ كان أصله بغدادي، أقام
بالرملة ودمشق، وكان من جلة مشايخ الشام، صحب أباه يحيى الجلاء، وأبا تراب
النخشبي، وذا النون المصري وأبا عبيد البسري، وكان أستاذ محمد بن داود الدقي، وكان
عالماً ورعاً.
كتب
إلينا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني من مرو أن أبا سعد
محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي أخبرهم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن
إبراهيم المزكي إجازةً قال: أخبرنا ابو عبد الرحمن السلمي قال: محمد بن يحيى،
ويقال: أحمد بن يحيى، وأحمد أصح، أبو عبد الله بن الجلاء، كان أصله بغدادياً، أقام
بالرملة وبدمشق، وكان من جلة المشايخ وأئمة القوم، صحب أبا تراب النخشبي، وسافر
معه.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أحمد بن
يحيى أبو عبد الله الجلاء أحد مشايخ الصوفية الكبار، صحب أباه، وذا النون بن
إبراهيم المصري، وأبا تراب النخشبي، وحكى عنهم.
حكى عنه أبو عمر محمد بن أبي سليمان بن أبي داود اللباد، وأبو بكر محمد ابن داود
الدقي وأبو العباس الوراق الدمشقي، وأبو جعفر محمد بن الحسن بن علي اليقطيني،
ومحمد بن عبد الله الجلندي المقرئ.
أخبرنا عمي أبو غانم بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي
بن محمد بن حمويه.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا أبو الفتوح بن شاه الشاذ ياخي.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو
القاسم القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت محمد بن عبد العزيز الطبري
يقول: سمعت أبا عمر الدمشقي يقول: سمعت ابن الجلاء يقول: قلت لأبي وأمي: أحب أن
تهباني لله عز وجل فقالا: قد وهبناك لله، فغبت عنهما مدة، فلما رجعت كانت ليلة
مطيرة، فدققت الباب، فقال أبي: من ذا؟ قلت: ولدك أحمد، قال: كان لنا ولد فوهبناه
لله، ونحن من العرب لا نسترجع ما وهبنا، ولم يفتح الباب.
قال: وقال ابن الجلاء: من استوى عنده المدح والذم فهو زاهد ومن حافظ على الفرائض في
أول مواقيتها فهو عابد، ومن رأى الأفعال كلها من الله فهو موحد.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو المظفر القشيري إجازة قال:
أخبرنا أبي قال: وقال ابن الجلاء: كنت أمشي مع أستاذي، فرأيت حدثاً جميلا، فقلت:
يأستاذ يعذب الله هذه الصورة؟ فقال: أفنظرت سترى غبة، قال: فنسيت القرآن بعده
بعشرين سنة.
أنبأنا إبراهيم بن عثمان الكاشغري قال: أخبرنا أبو الفتح بن البطي قال: أخبرنا
أحمد بن عبد القادر قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: حدثنا علي ابن عبد
الله بن جهضم قال: حدثنا محمد بن الحسن بن الجلندي المقرئ قال: سمعت أبا عبد الله
بن الجلاء يقول: كنت واقفاً أنظر إلى غلام حسن الوجه، فمر بي أبو عبد الله البلخي
فقال: إيش وقوفك؟ فقلت: يا عم ما ترى، هذه الصورة تعذب بالنار؟ فضرب بيده بين كتفي
وقال: لتجدن غبها بعد أربعين سنة، قال: فأنسيت القرآن بعد أربعين سنة.
قال علي: سألت محمد بن داود، فقلت له: حكاية بلغتني عن ابن الجلاء، قال: ما هي؟
فذكرت له هذه الحكاية، فقال: صحيحة.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح بن
حمويه.
وأنبأتنا زينب الشعرية قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذ ياخي.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الاسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو
القاسم القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت أبا عبد الله الرازي يقول:
سمعت أبا محمد بن ياسين يقول: سمعت ابن الجلاء، وقد سألته عن الفقر، فسكت حتى خلا،
ثم ذهب ورجع عن قريب ثم قال: كان عندي أربعة دوانيق فاستحيت من الله أن أتكلم في
الفقر، فذهبت وأخرجته، ثم قعد وتكلم في الفقر.
قال القشيري: سمعته - يعني محمد بن الحسين - يقول: سمعت عبد الله بن محمد الدمشقي
يقول: سمعت إبراهيم بن المولد يقول: سألت ابن الجلاء متى يستحق الفقير اسم الفقر؟
فقال: إذا لم تبق عليه بقية منه، فقلت: كيف ذاك؟ فقال: إذا كان له فليس له، وإذا
لم يكن له فهو له.
أنبأنا
أبو القاسم الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرنا أحمد بن علي المحتسب قال: حدثنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت محمد
بن عبد الله الرازي يقول: سمعت أبا عمر الدمشقي يقول: قال أبو عبد الله بن الجلاء:
لا تضيعن حق أخيك إتكالا على ما بينك وبينه من المودة والصداقة، فإن الله تعالى
فرض لكل مؤمن حقوقاً لا يضيعها إلا من لم يراع حقوق الله عليه.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حمويه.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري قالا: أخبرنا الشاذ ياخي.
وأنبأنا أبو النجيب القارش قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قال: أخبرنا أبو القاسم
القشيري قال: سمعت محمد بن الحسين يقول: سمعت الحسين بن أحمد بن جعفر يقول: سمعت
محمد بن داود الدينوري يقول: سمعت أبا عبد الله بن الجلاء يقول: أعرف من أقام بمكة
ثلاثين سنة لم يشرب من ماء زمزم إلا ما استقاه بركوته ورشاه، ولم يتناول من طعام
جلب من مصر.
أخبرنا أبو اليمن الكندي إذناً قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت قال: حدثني عبد العزيز بن أحمد الكتاني بدمشق قال: أخبرنا مكي
بن محمد بن الغمر المؤدب قال: أخبرنا أبو سليمان محمد بن عبد الله بن أحمد بن زبر
قال: قال أبو يعقوب الأذرعي توفي أبو عبد الله بن الجلاء يوم السبت لاثنتي عشرة
خلت من رجب سنة ست وثلاثمائة.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الفتح بن حموية.
وأنبأتنا زينب بنت عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو الفتوح الشاذ ياخي.
وأنبأنا أبو النجيب القارئ قال: أخبرنا أبو الأسعد قالا: أخبرنا أبو القاسم
القشيري قال: ولما مات ابن الجلاء نظروا إليه وهو يضحك، فقال الطبيب: إنه حي، ثم
نظر إلى مجسته فقال: إنه ميت، ثم كشف عن وجهه فقال: لا أدري هو ميت أم حي، وكان في
داخل جلده عرق على شكل لله.
أحمد بن يحيى أبو غانم القاضي: قاضي حران، حدث بحلب سنة إحدى وخمسين وثلاثمائة عن:
أبيه يحيى، وعلي بن أحمد بن بسطام، والحسن بن المثنى، ومحمد بن أحمد بن إسماعيل بن
ماهان الأبلي، ومحمد بن مرداس الأبلي، وموسى بن الحسين بن موسى، وإبراهيم بن عبد
الصمد الهاشمي، وأبي موسى بن عبد الحميد الجوني، ومحمد ابن الحسين بن مكرم البزاز
البغدادي، وسمعهما بالبصرة، واحمد بن عبد الرحيم ابن موسى، والنعمان بن أحمد
الواسطي، وأبي بكر محمد بن عبد السلام السلمي، وأحمد بن منصور الرماذي، وهرون بن
محمد الحارثي، والحسن بن محمد السكوني، وأبي بكر محمد بن إبراهيم حموية الطيالسي،
وأبي خليفة الفضل بن الحباب الجمحي، وإبراهيم بن زكريا الأيلي، وأبي بكر أحمد بن القاسم
بن نصر بن زياد البغدادي، وأحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة، وعبد الله بن أحمد بن
موسى عبدان، وزكريا بن يحيى الساجي، وعبد الله بن حمدان الصائغ، ومحمد بن سعيد ابن
زكريا، وأبي محمد القاسم بن عباد القزاز، والحسن بن محمد السكوني، وأبي بكر أحمد
بن مقبل، ومحمد بن علي بن حاتم، وأبي أيوب سليمان بن الحسن العطار، وأبي عثمان
سعيد بن هليبة العباداني، وأبي عثمان عمرو بن أبي سويد، ومحمد بن سعيد بن مهران،
ومحمد بن حبان المازني، وأبي بكر أحمد بن حيان، وأبي الحسن علي بن الحسن بن مهدي،
وعلي بن الحسن بن صدقة ومحمد بن زهير بن الفضل، وأحمد بن القاسم البغدادي، وخرج
فوائد من حديثه، وأملاها بحلب في التاريخ المذكور.
وهو في غالب ظني ممن انتقل من حران إلى حلب في أيام سيف الدولة بن حمدان بعدما
هجمها الروم في سنة احدى وخمسين، وقتلوا أكثر أهلها.
روى عنه: الشيخ أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام، وأبي نمير العابد،
واسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عيسى الجلي الحلبيان.
أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي قال: أخبرنا عمي أبو
المكارم حمزة بن علي بن علي بن زهرة قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن ابي
جرادة الحلبي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد ابن الجلي قال:
حدثنا الشيخ الزاهد أبو عبيد الله بعد الرزاق بن عبد السلام بن عبد الواحد الاسدي
القطبي قال: حدثنا أبو غانم أحمد بن يحيى القاضي بحلب سنة احدى وخمسين وثلاثمائة
إملاءً قال: حدثنا علي بن أحمد بن بسطام قال: حدثنا الحسن بن عرفة قال: حدثنا
إسماعيل بن عياش عن عبد الرحمن بن زياد الإفريقي عن مسلم بن يسار أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة، وأبوهما أفضل منهما.
أحمد بن يحيى المصيصي: حدث عن الوليد بن مسلم، روى عنه عمران بن عبد الرحيم
الأصبهاني أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن
مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن الخياط الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن
أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرت عن عمران بن عبد الرحيم قال:
حدثنا أحمد بن يحيى المصيصي قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن ابن جريج عن
عطاء عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما من عبد أنعم الله
عليه نعمة فأسبغها عليه إلا جعل إليه شيئاً من حوائج الناس، فان تبرم بهم فقد عرض
تلك النعمة للزوال.
أخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب الأصبهاني فيما أذن لنا فيه، وسمعت منه بدمشق قال:
أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو ابن مندة قال:
أخبرنا أبي أبو عبد الله محمد بن إسحق بن مندة قال: أحمد بن يحيى المصيصي، حدث عن
الوليد بن مسلم بمناكير، روى عنه عمران بن عبد الرحيم الأصبهاني.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو الحسن الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحداد
قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ في تاريخ أصبهان قال: أحمد بن يحيى المصيصي، قدم
أصبهان، حدث عن الوليد بن مسلم.
أحمد بن يد غباش التركي القائد: هو أحمد بن دغباش، وقد قدمنا ذكره وأنه ولى حلب،
وذكره الحافظ أبو القاسم ابن عساكر بما أخبرنا ابن أخيه أبو البركات الحسن بن محمد
اجازة قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أحمد بن يد غباش التركي كان أبوه أهداه ملك
الترك إلى المعتصم، وكان يدير أمر دمشق لما وليها علي بن أماجور بعد موت أبيه في
خلافة المعتمد على الله لصغر علي بن أماجور.
ثم وليها خلافة لأحمد بن طولون، فلما مات أحمد بن طولون أظهر مخالفة أبي الجيش
خمارويه بن أحمد بن طولون، وموافقة أبي أحمد الموفق، فلما وصل المعتضد بن الموفق
إلى دمشق ووقعت الوحشة بينه وبين إسحق بن كندا جيق فارقه ابن يد غباش وصار حيز ابن
كندا جيق.
قلت: وكان ابن كندا جيق لما وقعت الوحشة بينه وبين المعتضد عاد هو وابن أبي الساج
وجعفر البغماردي إلى حلب وابن يد غباش معهم، وجبوا أموالها.
ذكر أحمد بن يوسف بن ابراهيم الكاتب قال: حدثني أحمد بن خاقان قال: استخلف أحمد بن
طولون على دمشق أحمد بن يد غباش، وسار إلى حمص وإلى أنطاكية والثغر في سنة أربع
وستين ومائتين، ثم ورد عليه بالثغر خلاف ابنه العباس في سنة خمس وستين فانكفأ
مسرعا إلى مصر.
قال: ولما مات أحمد بن طولون أظهر أحمد بن يد غباش بدمشق الدعوة لأحمد ابن الموفق،
وخلع أبا الجيش، فلم يزل على دمشق إلى أن قدم المعتضد بالله أحمد ابن الموفق، وهو
ولي عهد المعتمد اذ ذاك، إلى دمشق، ثم خرج عنها إلى ناحية الرملة، فالتقى هو وأبو
الجيش خمارويه بن أحمد بن طولون بالطواحين من الرملة فهزم كل واحد منهما صاحبه،
ورجع أحمد إلى العراق، وصار أبو الجيش إلى دمشق فملكها.
قلت: قوله إلى أن قدم المعتضد بالله أحمد بن الموفق وهو ولي عهد المعتمد، يريد أن
الموفق ولي عهد المعتمد اذ ذاك لأن المعتضد ولي عهد المعتمد في محرم سنة تسع
وسبعين ومائتين بعد أبيه الموفق، والله أعلم.
أحمد بن برنقش بن عبد الله العمادي:
أبو
العباس، الامير ناصر الدين بن الأمير مجاهد الدين، كان أبوه يرنقش من مماليك عماد
الدين زنكي بن مودود بن زنكي صاحب سنجار، وولد ابنه أحمد هذا بسنجار، وتقدم وصار
أستاذ دار قطب الدين بن عماد الدين، وكان أميراً مكملا، فاضلاً، شاعراً، حسن الأخلاق،
طيب المعاشرة، وكان متمولاً وله أملاك كبيرة بسنجار، ووجاهة عظيمة، فتغير عليه قطب
الدين بن عماد الدين مولاه وقبض عليه وعذبه بالجوع والعطش، وأخذ جميع ماله وحبسه
حتى مات.
وكان قد قدم علينا حلب قبل ذلك في أيام الملك الظاهر، وأقام بها مدة وسكن بدرب
العدول، ثم عاد إلى سنجار.
روى لنا عنه أبو المجاهد إسماعيل بن حامد القوصي، وأبو الحسن علي بن الحسين بن علي
بن دبابة الحنفي السنجاري، وأخبرني ابن دبابة أن أحمد بن يرنقش كان في صدر عمره
مسرفاً على نفسه، وأنه أقلع، وتاب توبة حسنة. قال: وكان يصوم الهواجر، ويقوم الليل.
أنشدني أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن دبابة السنجاري بها قال: أنشدني ناصر
الدين أحمد بن مجاهد الدين يرنقش بن عبد الله العمادي لنفسه.
مشيب الرأس حين بدا ... يقول دنا الذي بعدا
فقم بادر إلى عمل ... يسرك أن تراه غدا
فيومك ذا إذا ما فا ... ت ليس بعائد أبدا
وأنشدني أبو الحسن بن دبابة قال: أنشدني أحمد بن يرنقش لنفسه:
تقول وقد ودعتها ودموعها ... على نحرها من خشية البين تلتقي
مضى أكثر العمر الذي كان نافعا ... رويدك فاعمل صالحاً في الذي بقي
أنشدنا أبو المحامد القوصي قال: أنشدني الأمير ناصر الدين أبو العباس أحمد ابن
الأمير مجاهد الدين يرنقش أستاذ دار الملك المنصور قطب الدين صاحب سنجار رحمه
الله، وذلك حين مقدمي إلى سنجار رسولاً عن الملك العادل رحمه الله في شهور سنة
ستمائة، لأبي عبد الله بن شرف الشاعر وقد شكرت مخدومه، وأثنيت عليه بكثرة حوائج
الناس اليه، هذين البيتين:
لملتمسي الحاجات جمع ببابه ... فهذا له فن وهذا له فن
فللخامل العليا وللمعدم الغنى ... وللمذنب الرحمن وللخائف الأمن
قال القوصي: وأنشدني رحمه الله، وقد حرضته على فعل الخير، متمثلاً
للخير أهل ما تزال ... وجوهم تدعو إليه
طوبى لمن جرت الأمور ... الصالحات على يديه
قال: وحرضته يوما على الاحسان وبذل الجاه للاحوان فأنشدني هذين البيتين
فأحسن إلى الاخوان تملك رقابهم ... فخير تجارات الكريم اكتسابها
وأدّ زكاة الجاه واعلم بأنها ... كمثل زكاة المال تم نصابها
قال لنا أبو المحامد القوصي: هذا الأمير ناصر الدين رحمه الله كان عارفاً بأحوال
الملك، ناصحاً لسلطانه، ثم وشى به أعداؤه حسداً على علو شأنه، فنكبه سلطانه نكبة
استأصل فيها شأفته وشأفة أتباعه، وقبض على جميع أمواله وحواصله ورباعه، وتوفي
محبوساً.
أخبرني القاضي أبو علي الحسن بن محمد القيلوي قال: أخبرني بعض أهل سنجار أن ناصر
الدين ابن المجاهد كتب على حائط المكان الذي مات فيه في محبسه بخطه:
حالى عجب وفي حديثي عبر ... في أغفل ما كنت أتاني القدر
أخبرني جماعة من أهل سنجار أن أحمد بن يرنقش مات في حبس قطب الدين صاحب سنجار بعد
أن قبض على جميع ماله ومنعه من الطعام والشراب، فبلغ من من أمره أن أكل قلنسوته
وأكمامه لشدة الجوع.
وأنشدني غير واحد من أهل سنجار الدويتي الذي أنشدناه أبو علي اليلوي، وفيه زيادة
على ما أنشدناه أبو علي، وذكروا أنه نظمه في السجن بسنجار، وقد منع الماء والطعام.
حالي عجب وفي حديثي عبر ... أشكو ظمأ وعبرتي تنحدر
في صفو زماننا أتاني الكدر ... يا من ظلموا تفكروا واعتبروا
وأخبرت
بسنجار أنه مات في حبس قطب الدين بعد أن قبض على جميع ماله ومنعه الطعام والشراب،
ودخل اليه بعض من كان يشرف على حاله من أصحاب قطب الدين فقال له: قل لقطب الدين:
يطعمني ويسقيني وأنا أعطيه ألف دينار لم يبق لي غيرها، قال: فمضى ذلك الانسان،
وأخبر قطب الدين بما ذكره، فسير اليه طعاما وماء بثلج، وقال للرسول: أدخله اليه
ولا تمكنه منه حتى يعطيك الذهب فلما دخل به اليه نظر اليه، فقال له الرسول: لا
سبيل لك إليه إلا بعد أداء ما ذكرت فقال: والله ما بقي لي شيء والذي لي قد قبض
جميعه، وإنما قلت لتطعموني وتسقوني، فردوا الطعام والماء، ولم يتناول منه شيئا،
وخرجوا من عنده، فنام فرأى النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فناوله شيئا أكله،
فزال عنه الجوع والعطش، فدخلوا عليه بعد ذلك فرأوه قائما يصلي، فلما فرغ من صلاته
أخبرهم بما رأى، فلما بلغ قطب الدين اتهم والدته أم قطب الدين بأنها أنفذت إليه
مأكولاً ومشروبا، ولم يزل على ذلك إلى أن مات رحمه الله.
وحكى لي بعض أهل سنجار أن صاحب سنجار سير إلى أحمد بن يرنقش جماعة خنقوه وهو في
السجن.
وقال لي بعض من أدركه من أهل سنجار من فقهائنا الحنفية: انه لم يبق أحد ممن تولى
خنقه إلا ابتلي ببلية، فمنهم من لازمه الصرع إلى أن مات، ومنهم من افتقر واحتاج
بعد الغنى إلى مسألة الناس.
وحكى لي غيره أن قطب الدين صاحب سنجار لما احنضر ودنت وفاته جعل يشكو العطش، ويسقى
فلا يروى، ويذكر ابن المجاهد كثيرا، ويردد اسمه على لسانه إلى أن مات.
وقال لي علي بن الحسين بن دبابة السنجاري: ان أحمد بن يرنقش توفي بسنجار سنة خمس
عشرة وستمائة، في حبس قطب الدين صاحبها، ممنوعا من الطعام والشراب.
قال: وبلغني أنه أتي بماء ليشربه فرده وقال: لا حاجة لي فيه، فاني رأيت النبي صلى
الله عليه وسلم في النوم، فشكوت إليه العطش، فناولني فص خاتمه، فمصصته فزال عني
العطش.
من اسم أبيه يزيد من الأحمدين أحمد بن يزيد بن ابراهيم: أبو بكر البجلي، امام
المسجد الجامع بمعرة النعمان، حدث عن أبي بكر أحمد بن إسحق، روى عنه أبو الحسين
محمد بن أحمد بن عبد الرحمن الملطي أحمد بن يزيد بن أسيد السلمي: كان قائداً من
قواد طاهر بن الحسين، وكان في صحبته حين خرج إلى الشام، وقدم معه إلى ناحية حلب،
وحكى عنه، روى عنه محمد بن أبي شيخ الرقي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد
بن سهل قال: أخبرنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا سلامة بن الحسين المقرئ قال:
أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل قال: حدثنا عبد الله بن
أبي سعد قال: حدثني هرون بن ميمون الخزاعي قال: حدثنا محمد بن أبي شيخ من أهل
الرقة قال: حدثني أحمد بن يزيد ابن أسيد السلمي قال: كنت مع طاهر بن الحسين
بالرقة، وأنا أحد قواده، وكانت لي به خاصية أجلس عن يمينه، فخرج علينا يوما راكبا،
ومشينا بين يديه وهو يتمثل:
عليكم بداري فاهدموها فانها ... تراث كريم لا يخاف العواقبا
إذا هم ألقى بين عينيه وعزمه ... وأعرض عن ذكر العواقب جانبا
سأرحض عني العار بالسيف جالباً ... عليّ قضاء الله ما كان جالبا
فدار حول الرافقة، ثم رجع فجلس مجلسه، فنظر في قصص ورقاع، فوقع فيها صلات أحصيت
ألف ألف وسبعمائة ألف، فلما فرغ نظر إلي مستطعما للكلام، فقلت: أصلح الله الأمير،
ما رأيت أنبل من هذا المجلس، ولا أحسن، ودعوت له، ثم قلت: لكنه سرف، فقال: السرف
من الشرف، فأردت الآية التي فيها والذين إذا أنفقوا لم يسرفوا ولم يقتروا فجئت
بالأخرى التي فيها إن الله لا يحب المسرفين فقال: صدق الله، وما قلنا كما قلنا.
أحمد بن يزيد بن خالد: حدث بحلب عن يوسف بن يونس أبي يعقوب الأفطس الطرسوسي روى
عنه عصمة بن بجماك.
أنبأنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزه القبيطي قال: أخبرنا أبو الكرم الشهرزوي عن
أبي القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: اخبرنا أبو أحمد بن عدي
قال: وحدثني عصمة بن بجماك قال: حدثني أحمد بن يزيد بن خالد بحلب.
قال
ابن عدي وحدثنا ابن شبيب قال: حدثنا محمد بن يزيد الكندي قالا: حدثنا يوسف بن يونس
أبو يعقوب الأفطس قال: حدثنا سليمان بن بلال عن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال:
قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الله عز وجل يدعو يوم القيامة بعبد من عبيده
فيوفقه بين يديه فيسائله عن جاهه كما يسائله عن ماله.
من اسم أبيه يعقوب من الأحمدين أحمد بن يعقوب بن أحمد بن أبي عبيدة: محمد بن عبد
الملك بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي الصالحي الحلبي،
حدث عن محمد بن عزيز الأبلي، وأبي سليمان الكيساني.
روى عنه ابنه القاضي محمد بن أحمد بن يعقوب المصيصي.
أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار بن بغاطر: ابن مصعب بن سعيد بن مسلة بن عبد الملك بن
مروان بن الحكم، أبو بكر القرشي الأموي الجرجاني رحل وطاف البلاد، ودخل العراق
والشام والجزيرة ومصر، وسمع بدمشق وحران، ففي ما بين دمشق حران دخل حلب أو بعض
عملها.
ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي في تاريخ دمشق بما
أخبرنا ابن أخيه أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن إذناً قال: أحمد بن يعقوب
بن عبد الجبار بن بغاطر بن مصعب بن سعيد بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم،
أبو بكر القرشي الأموي الجرجاني، رحل وسمع بدمشق وبطبرية الفضل بن صالح بن بشر بن
سلمة، وبحران أبا العباس محمد بن أحمد بن سلم وبغيرها عبد الله بن محمد بن خلاد،
وعبد الله بن محمد بن سليمان السعدي المروزي، وبمصر أبا دجانة سفيان بن محمد بن
هبة الله الخولاني، وأبا بكر محمد بن أحمد بن نصر العطار البغدادي، وعبدان بن أحمد
الجواليقي.
روى عنه: أبو بكر محمد بن محمد بن أحمد بن عثمان الطرازي، وأبو الحسن محمد بن
القاسم الفارسي وأبو سعيد أحمد بن محمد بن إبراهيم الجوري النيسابوري، وأبو الفضل
محمد بن أحمد الزهري، وأبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي الاستوائي، وأبو حازم عمر بن
إبراهيم الحافظ العبدري وهو نسيبه، وأبو سعد أحمد بن محمد الماليني، وأبوا بكر:
أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأحمد بن محمد بن ابراهيم المروزي الصدفي، وأبو
الفضل نصر بن أبي نصر العطار الطوسي، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن علي البيهقي،
الخسرو جردي.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم
زاهر بن طاهر الشحامي سماعاً، أو إجازة، قال: أخبرنا أبو سعد الخنزرودي قال:
أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه قال: حدثنا أحمد بن يعقوب قال:
حدثنا عبد الله بن محمد بن خلاد قال: حدثنا عبد الرحمن ابن عمرو بن جبلة قال:
حدثتنا نسعة بنت شعبة الطائية قالت: سمعت أمي حفصة بنت عمر الطائية أنها سمعت
عائشة تقول: قال لي سول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أردت أن يذرك الله عنده
فأكثري من قول: لا حول ولا قوة إلا بالله، وسبحان الله، والحمد لله، ولا إله إلا
الله، والله أكبر.
أنبأنا
أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم ابن أبي محمد
الشافعي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد، وأبو بكر عمر ابنا محمد بن محمد بن باذوية
السهلكي البسطامي بقراءتي عليها ببسطام قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن علي بن
أحمد البسطامي السهلكي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن القاسم الفارسي قال: سمعت
أحمد بن يعقوب بن عبد الجبار القرشي يقول: دخلت مع خالي بغداد سنة ثلاث وثلاثمائة،
وبغداد تغلي بالعلماء، والأدباء، والشعراء، وأصحاب الحديث، وأهل الأخبار، والمجالس
عامرة، وأهلها متوافرون، فأردت أن أطوف المجالس كلها، وأخبر أخبارها فيل لي: إن ها
هنا شيخاً يقال له أبو العبرطن أملح الناس، يحدث بالأعاجيب، فقلت لخالي: مر بنا
ندخل على الشيخ، فقال: إنه مهوس يضحك منه الناس، فارتحلنا من بغداد، ولم ندخل
عليه، وكنت أجد في القلب من ذلك ما أجد، حتى إذا كان انحداري من الشام بعد طول من
المدة وامتداد من الأيام والأعوام، وتوفي خالي فلما دخلت بغداد فأول من سألت عنه
سألت عن أبي العبرطن، فقيل: يعيش وله مجلس، فقمت وعمدت إلى الكاغد والمحبرة، وقصدي
الشيخ، فإذا الدار مملوءة من أولاد الملوك والأغنياء، وأولاد الهاشميين بأيديهم
الأقلام يكتبون، وإذا مستمل قائم في صحن الدار، وإذا شيخ في صدر الدار، ذو جمال
وهيئة، قد وضع في رأسه طاق خف مقلوب، واشتمل بفرو أسود قد جعل الجلد مما يلي بدنه،
فجلست في أخريات القوم، وأخرجت الكاغد، وانتظرت ما يذكر من الاسناد، فلما فرغوا
قال الشيخ: حدثنا الأول عن الثاني عن الثالث أن الزنج والزط كلهم سود؛ وحدثني
خرباق عن نياق قال: مطر الربيع ماء كله، وحدثني دريد عن رشيد قال: الضرير يمشي
رويداً.
قال أبو بكر أحمد بن يعقوب: فبقيت أتعجب من أمر الشيخ، فطلبت منه خلوةً في أيام،
أعود إليه كل يوم فلا أصل إليه، حتى كانت الليلة التي يخرج الناس فيها إلى الغدير
اجتزت بباب داره فإذا الدار ليس فيها أحد، فدخلت فإذا الشيخ وحده جالس في صدر
الدار فدنوت منه وسلمت عليه، فرحب بي وأدناني، وجعل يسألني، فرأيت منه من جميل
المحيا والعقل والأدب والظرافة واللباقة ما تحيرت فقال لي: هل لك من حاجة؟ قلت:
نعم، قال: وما هي؟ قلت قد تحيرت من أمر الشيخ، وما هو مدفوع إليه مما لا يليق
بعقله وحسن أدبه وبيانه وفصاحته، فتنفس نفساً شديداً، ثم قال: إن السلطان أرادني
على عمل لم أكن أطيقه وحبسني في المطبق أيام حياته، فلما ولي ابنه عرض علي ما عرض
علي أبوه فأبيت، فحبسني وردني إلى أسوأ ما كنت فيه، وذهب من يدي ما كنت أملكه،
واخترت سلامة الدين، ولم أتعرض لشيء من الدنيا بشيء من دين، وصنت العلم علما لا
يليق به، ولم أجد وجهاً لخلاصي، فتحامقت ونجوت، فها أنذا في رغد من العيش.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: كتب إلي أبو
عبد الله الحسين بن أحمد بن علي البيهقي قال: قال لنا أبو بكر البيهقي: أحمد بن
يعقوب، كان يعرف بابن بغاطرة القرشي الأموي، له من أمثال هذا، يعني حديثاً ذكره،
أحاديث موضوعة لأستحل رواية شيء منها.
أحمد بن يعقوب الانطاكي: روى عن عبد الله بن محمد البلوي، روى عنه جعفر بن محمد بن
سوار أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد الشافعي بدمشق قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو
القاسم علي بن الحسن قال: حدثنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي
قال: أخبرنا أبو عثمان عيد بن محمد بن عبدان النيسابوري قال: أخبرنا أبو بكر محمد
بن المؤمل قال: حدثنا جعفر بن محمد بن سوار قال: أخبرني أحمد بن يعقوب الأنطاكي عن
عبد الله بن محمد البلوي قال: حدثنا البراء بن بن سعيد بن سماعة بن محمد بن عبد
الله بن البراء بن مالك الأنصاري عن أبيه أن قدامه بن عقيل الغطفاني أخبره عن جمعة
أو جميعة بنت ذابل بن طفيل بن عمرو عن أبيها ذابل بن طفيل بن عمرو الدوسي أن النبي
صلى الله عليه وسلم قعد في مسجده منصرفه من الأباطيل فقدم عليه خفاف بن نضلة بن
عمرو بن بهدلة الثقفي، فأنشد رسول الله صلى الله عليه وسلم:
كم قد تحطمت القلوص بي الدجى ... في مهمهٍ قفر من الفلوات
فل من التوريس ليس نقاعةٍ ... نبت من الأسبات والأزمات
إني
أتاني في المنام مساعد ... من جن وجرة كان لي وسواتي
يدعو إليك ليالياً وليالياً ... ثم اخزاك وقال لست بآتي
فركبت ناحيةً أضر بنيها ... جمرٌ يخبّ به على الأكمات
حتى وردت إلى المدينة جاهداً ... كيما أراك فتفرج الكربات
قال: فاستحسنها رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: إن من البيان لسحراً، وإن من
الشعر كالحكم أحمد بن يعقوب القائد: كان من قواد خمارويه بن طولون، ولاه حلب
وأنطاكية وقنسرين سنة أربع وسبعين ومائتين بعد أن هزم خماويه بن طولون محمد بن
ديوداد الأفشين بالثنية، واستأمن إليه جماعة من عسكره، وولى الأفشين هاربا.
فكتب أحمد بن يعقوب إلى خمارويه يسأله أن يرد إليه ما كان يتولاه من أعمال المعاون
بأنطاكية وناحيتها، فأجابه إلى ذلك، ثم كتب له تقليدا بالصلاة بأهل أنطاكية وساحل
جند حمص، وأهل كورة قنسرين والمعاون والأحداث بهذه البلاد بأسرها. قرأت ذلك في
سيرة خمارويه.
أحمد بن يعقوب أبو الحسين الكفرطابي: شاعر مجيد مذكور من أهل كفر طاب.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن يوسف الحالي الكفرطابي المعروف بابن المنيرة في
كتاب له سماه البديع في نقد الشعر، فذكر في باب تجنيس التركيب منه قال: وشعر أبي
الفتح البستي أكثره من هذا الباب، وقد تبعه الناس في ذلك، فقال شاعرنا أحمد بن
يعقوب الكفرطابي:
وأهيف الخصر مثل الليل طرته ... وصدغه خزريّ الجنس أولاني
أوليت وصلاً فأولاني قطيعته ... بئس الجزاء بما أوليت أولاني
قرأت بخط أبي الحسن علي بن مرشد بن علي بن مقلد بن منفذ في تاريخه، وذكر وفاة جد
أبيه أبي المتوج مقلد بن نصر بن منقذ قال: ورثاه الشيخ أبو الحسن أحمد بن يعقوب
بقصيدة أولها:
لا تصحب الدّهر عزماً واصحب الجزعا ... ولا تطع زاجراً عنه وإن وزعا
أتابعٌ أنا من لم يدر ما كمدي ... وقد رأيت الفتى من كان متبعا
لو قلبه بين أحشائي إذاً لرأى ... قلباً تقطعه أيدي الجوى قطعا
ويح الردى رامياً لم تشو أسهمه ... وفاجع الخطب لم يعلم بمن فجعا
أمخلص الدولة اعتاقت حبائله ... لا حبذا بك من ناعٍ إليّ نعا
قال في آخرها يخاطب أبا الحسن عليا ولده:
ما جارحكم الليّالي عن سجيتهّ ... ولا استسنّ الردى فيكم ولا ابتدعا
هذي سبيل الردى من قبلنا سلفوا ... وسوف نمضي علي آثارهم تبعا
لو خلّدوا لم تكن هذي منازلنا ... ولم نجد معهم في الأرض متّسعا
فعشتم يا بني نصرٍ ولا سلب ... الرحمن أنعمه عنكم ولا نزعا
كانت وفاة مقلد بن نصر في ذي الحجة سنة احدى وخمسين وأربعمائة، فقد توفي أحمد بن
يعقوب بعد ذلك.
أحمد بن يمن بن همام بن أحمد بن أحمد بن الحسين، أبو العباس العرضى: من أهل عرض،
بلدة من المناظر من عمل قنسرين، والقرب من رصافة هشام انتقل إلى دمشق وسكنها،
واكتسب بها أموالا، وحصل بها أملاكا، وكان له شعر حسن، روى لنا عنه شيئا من شعره
شهاب الدين أبو المحامد القوصي.
أنشدنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي، ونقلته من خطه، قال: أنشدني الأجل
الرئيس نجيب الدين أبو العباس أحمد بن يمن بن همام بن أحمد ابن أحمد بن الحسين
العرضي بدمشق لنفسه:
يقولون لي أفنيت دمعك فاقتصد ... فمن لي بعين لا تجف غروبها
ولي آنّةٌ تبري الضلوع من الجوى ... ولي كبد لم أدر ماذا يذيبها
قال لي: وأنشدني لنفسه في الشيب:
ما كان أسرع ما ولى الشباب وما ... جاء المشيب بجيش الوهن والهرم
وما تذكرت أياماً مضين به ... إلاّ بكيت على ساعاتها بدمي
قال لي: وأنشدني لنفسه في الشيب أيضا:
لا أبعد الله الشباب فإنه ... عون على السراء والضراء
ولطالما قد كنت فيه منعماً ... ما بين غانية إلى حسناء
واليوم مذ وخط المشيب بعارضي ... متوقع لشماتة الأعداء
قال
أبو المحامد القوصي: ونقلته من خطه وأجازه لي، وأنشدته يوما هذه الأبيات الرائية
على سبيل المذاكرة:
حاشى لفضلك أن تنيل مطالبي ... قوماً سبقتهم إليك تخيرّا
ويكون حظي في العناء مقدماً ... عنهم وحظي في العطاء مؤخرا
هطلت عليهم من نداك سحابةٌ ... تروي البلاد ولا تبل لي الثرى
وسريت قبلهم إلى أكنافها ... قيد الصباح وما حمدت له السرى
قال: فأنشدني لنفسه على وزنها ورويها:
ولقد سألت عن الكرام فلم أجد ... سمعاً يحسّ بهم ولا عيناً ترى
فسريت ألتمس الغنى حتى بدا ... ضوء الصباح فما حمدت له السرى
آه على موتٍ يريح لو أنه ... مما تباع به النفوس ويشترى
من اسم أبيه يوسف من الأحمدين أحمد بن يوسف بن اسباط بن واصل الشيباني: كان مع
أبيه بشيح الحديد من عمل حلب وكورة أنطاكية، روى عن أبيه يوسف بن اسباط، روى عنه
عبد الله بن خبيق الأنطاكي، وسعدان بن يزيد.
أخبرنا الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي
قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم
زاهر بن طاهر الشاهد قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الرحمن بن إسحق العامري قال: أخبرنا
أبو عمرو أحمد بن أبي الفراتي قال: أخبرنا أبو موسى عمران بن موسى قال: حدثنا محمد
بن المسيب قال: حدثنا عبد الله بن خبيق الأنطاكي قال: حدثني أحمد بن يوسف بن أسباط
قال: سمعت أبي يقول: ما أبالي سألت صاحب بدعة عن ديني أو زنيت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن
أحمد الغساني قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال:
أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا سعدان بن يزيد قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن
أسباط عن أبيه قال أبي: مكثت دهراً وأنا أظن أن قول النبي صلى الله عليه وسلم:
أفضل الدعاء دعاء غائب لغائب أنه إذا كان غائباً، ثم نظرت فيه فإذا هو لو كان على
المائدة ثم دعا له وهو لا يسمع كان غائباً.
أحمد بن يوسف بن إسحق: وقيل أبي إسحق، يعقوب المنبجي، أبو بكر الطائي، حدث عن: أبي
سعيد سهل بن صالح، وعبد الله بن خبيق الأنطاكيين، وحاجب بن سليمان المنبجي، وعبد
الله بن عبد الرحمن، وأحمد بن سعيد بن شاهين، ومحمد بن شعبة، وسفيان ابن عينية.
روى عنه: أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وأبو بكر محمد بن إبراهيم بن
المقرئ، ومحمد بن جعفر بن أبي الزبير قاضي منبج، وأبو عثمان محمد بن أحمد بن حمدان،
وعبد الرحمن بن عيسى بن محمد المنبجي، ومحمد بن محمد بن مقبل البغدادي، وأبو محمد
الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن زيد العدل، وأبو علي محمد بن علي بن الحسين
الاسفرائيني المعروف بابن السقاء، وأبو الفرج محمد بن جعفر بن الحسن بن سليمان ابن
صاحب المصلى، وأبو الفضل نصر بن أبي نصر الحافظ، وأحمد بن حرب الطائي، وأبو شاكر
عثمان بن محمد بن حجاج النيسابوري الفقيه، وأبو القاسم فرج بن إبراهيم ابن عبد
الله النصيبي، وأبو الفضل نصر بن محمود بن أحمد العطار الصوفي الطوسي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن
المسلم قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد
بن جميع الصيداوي قال: أخبرنا أحمد بن يوسف بمنبج قال: حدثنا سهل بن صالح قال:
حدثنا عبدة بن سليمان قال: حدثنا علي بن صالح عن أشعت بن أبي الشعثاء عن معاوية بن
سويد بن مقرن عن البراء قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خاتم الذهب.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن
أحمد بن محمد بن الأخوة قال: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي.
قال
أبو الحجاج: وأخبرتنا عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسين بن محمد ابن سليم قالت:
أخبرنا أبو الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي، وأبو منصور
بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن يوسف بن
إسحق المنبجي بمنبج قال: حدثنا شعيب بن حرب عن يحيى التيمي عن ادريس الأودي عن
علقمة بن مرثد عن ابن بريدة عن أبيه قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا
انتهى إلى القبور قال: السلام عليكم أهل الديار من المؤمنين إنا إن شاء الله بكم
لاحقون، وانتم لنا فرط ونحن لكم تبع، ونسأل الله عز وجل لنا العافية.
قال ابن المقرئ: قال أبو بكر: قطعوا الورقه التي فيه هذا الحديث من كتابي.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي جرادة العقيلي بقراءتي عليه بحلب قال:
أخبرنا أبو الفتح بن الجلي قال: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر بن
أبي الزبير قاضي منبج قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال:
سمعت سقلاب بن خزيمة يقول: مكتوب في التوراة يا بن آدم خوفناك فلم تخف، وشوقناك فم
تشتق، يا بن الأربعين مهلاً يا بن الخمسين لا عذر لك، يا بن الستين قددنا الحصاد،
يا بن السبعين هلم إلى الحساب.
أحمد بن يوسف بن أيوب بن شاذي بن مروان: أبو العباس الملقب بالملك المحسن يمين
الدين بن الملك الناصر صلاح الدين رحمهما الله، وأمه أم ولد.
أخبرني أن مولده في شهر ربيع الآخر سنة سبع وسبعين وخمسمائة بدمشق، وذكر العضد
مرهف بن أسامة في تعليق له، ونقلته من خطه، أن مولده بمصر.
ونقلت من خط أبي المحامد القوصي، وذكر وقال: ومولده بالقاهرة المعزية في شهور سنة
سبع وسبعين وخمسمائة، قال: أخبرنا بذلك شيخنا الوزير، ذو البلاغتين، عماد الدين
الأصبهاني الكاتب.
اشتغل الملك المحسن بالعلم، وخرج عن لبس الأجناد، وتزيا بزي أهل العلم، واشتغل
بالحديث وسماعه، والاستكثار منه، وتحصيل الأصول الحسنة بخطوط المشايخ، وسمع
بالديار المصرية أبا القاسم البوصيري، وأبا عبد الله محمد بن حمد ابن حامد
الأرتاحي وغيرهما، وسمع بدمشق أبا عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن الحراني،
وشيوخنا: أبا اليمن الكندي، وأبا القاسم بن الحرستاني وأبا القاسم العطار، وداود
بن ملاعب، وغيرهم، وسير إلى بغداد وحمل منها أبا الحفص بن طبرزد، وحنبل بن عبد
الله المكبر، وسمع منهما عامة حديثهما، وأفاد الناس بالشام حديثهما.
ثم قدم علينا حلب وافداً إلى أخيه الملك الظاهر رحمه الله، فأكرمه وأحسن إليه،
وملكه قرية من بلد حلب يقال لها قذاران، وهي التي ذكرها امرؤ القيس في قصيدته
الرائية، وسمع بحلب من شيخنا إفتخار الدين أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي،
وشيخنا أبي بكر بن روزبه البغدادي.
وحج إلى مكة مرتين فسمع بمكة أبا الفرج يحيى بن ياقوت بن عبد الله الفراش نزيل
مكة، وبالمدينة أبا محمد عبد الرحيم بن المفرج بن علي بن مسلمة؛ وعاد في الحجة
الثانية على طريق بغداد، فسمع بها من جماعة من الشيوخ الذين أدركهم.
ووصل إلى حلب وأقام بها إلى أن مات، وحدث بها عن أبي عبد الله محمد بن علي
الحراني، وسمعت منه عنه، وكان يميل أولاً إلى مذهب أهل الظاهر، ثم مال إلى التشيع
عند مقامه بحلب رحمه الله.
أخبرنا الملك المحسن أبو العباس أحمد بن الملك الناصر يوسف بن أيوب بحلب بالمسجد
الجامع بين يدي المحراب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن الحسن
الحراني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن أحمد ابن محمد الفراوي قال:
أخبرنا أبو يعلى إسحق بن عبد الرحمن الواعظ قال: أخبرنا أبو سعيد بن محمد الصوفي
قال: أخبرنا محمد بن أيوب البجلي قال: أخبرنا مسلم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا
قتادة عن زرارة بن أوفى عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: إن الله تعالى تجاوز لي عن أمتي ما لم تتكلم به ولم تعمل به أو ما حدثت به
أنفسها.
توفي
الملك المحسن أحمد بن يوسف بحلب يوم الأحد الخامس والعشرين من محرم سنة أربع
وثلاثين وستمائة وقت الظهر، وأوصى أن يصلي عليه القاضي زين الدين أبو محمد عبد
الله بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قاضي حلب، فصلى عليه بالجامع بحلب؛ وأوصى
أن يحمل إلى الرقة ويدفن بها بالقرب من عمار بن ياسر صاحب رسول الله صلى الله عليه
وسلم، فحمل إليها بعد أن صلي عليه وحضرت الصلاة عليه ودفن إلى جانب قبر عمار رضي
الله عنه، لما مررت بالرقة وزرت بها عمارا، رأيت قبره إلى جانبه رحمه الله وإيانا.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أحمد بن يوسف بن الحسين أبو العباس الكواشي: وكواشا قلعة حصينة من قلاع
الموصل، رجل من الصالحين الأخيار، والأولياء الأبرار، عالم فاضل، فقيه كامل، عارف
بالنحو والتفسير، وسمع الحديث اليسير.
وحدث عن شيخنا أبي الحسن علي بن محمد بن عبد الكريم المعروف بابن الأثير، وقرأ
النحو على والده يوسف، وشيخنا أبي الحرم مكي بن ريان الماكسيني، وقدم علينا حلب،
وأقام بالمسجد المنسوب إلينا، واجتمعت به ولم اسمع منه شيئاً لنزول سنده، وعاد من
حلب إلى الموصل، وانقطع إلى الله في دويرة الصوفية بالجامع العتيق، لزم العبادة
بها، وصنف للقرآن تفسيرين مطولاً ومختصراً، وقفت على المختصر منهما، وهو حسن مفيد.
وقدمت الموصل رسولاً وزرته بالدويرة المذكورة، وجددت العهد برؤيته، وطلبت أن أسمع
منه حديثاً فلم يكن عنده شيء من أصوله، فذكر لي حديثاً من حفظه، رواه عن شيخنا ابن
الأثير من كتاب الترمذي باسناده إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وذكره مقطوعاً،
وأجاز لي ولولدي رواية جميع ما يروى عنه؛ ثم قدمت الموصل مرة أخرى في شهور سنة
ثلاث وخمسين وستمائة، وجددت العهد بزيارته، والتبرك به، فاجتمعت به بالجامع العتيق
بعد صلاة الجمعة وقد أضر، ووجدت بين يديه على سجادته منديلاً قد وضعه وهو يسجد
عليه، فلما فرغ من صلاته قال لي معتذراً: هذا المنديل أضعه بين يدي في الصلاة،
وأسجد عليه خوفاً من أن أميل عن القبلة في حالة السجود.
أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية: أبو الحسن السلمى، وقيل الأزدي
النيسابوري، ويعرف بحمدان، وكان إماماً في الحديث، واسع الرحلة، دخل الشام
والجزيرة، واجتاز بحلب في طريقه ما بين الشام والجزيرة، أو ببعض عملها.
ذكره الحاكم أبو عبد الله الحافظ في تاريخ نيسابور بما أنبأنا به أبو الفتوح نصر
بن أبي الفرج الحصري، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قالا: أخبرنا أبو
الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو
عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأبو بكر أحمد بن الحسين ابن علي البيهقي،
وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيري إجازة منهم
قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: أحمد بن يوسف بن
خالد بن سلم، أبو الحسن السلمي النيسابوري، أحد أئمة الحديث، كبير الرحلة، واسع
الفهم، مقبول عند الأئمة في أقطار الأرض، وهو خواص يحيى بن يحيى، ومن المصاهرين له
على أقاربه ويقال على ابنته.
سمع بخراسان: حفص بن عبد الرحمن، وحفص بن عبد الله، ويحيى بن يحيى، والجارود بن
يزيد النيسابوري، وعلي بن الحسين بن شقيق، وعبد الرحمن ابن علقمة، وعبدان بن عثمان
المروزي وطبقتهم.
وبالري من عيسى بن جعفر القاضي، وسليمان بن داود القزاز، ومحمد بن يحيى بن الضريس
وطبقتهم.
وبمدينة السلام من: أبي النضر، ومحمد بن جعفر المدائني، وموسى بن داود الضبي،
ومنصور بن سلمة الخزاعي وطبقتهم.
وبالكوفة من: يعلى ومحمد ابني جنيد، وجعفر بن عون، وعبيد الله ابن موسى، وطبقتهم.
وبالبصرة من: أبي عامر العقدي، وصفوان بن عيسى القاضي، وعمر بن يونس اليمامي
وطبقتهم.
وبالحجاز من: النضر بن محمد الجرشي، ومؤمل بن إسماعيل، والمنقري.
وباليمن من: عبد الله بن سلام، وإسماعيل بن عبد الكريم وعمر بن يزيد وطبقتهم.
وبالشام من: محمد بن يوسف الفريابي، ورواد بن الجراح العسقلاني، وعبد الأعلى بن
مسهر، ومحمد بن المبارك الصوري وطبقتهم.
وبالجزيرة من: محمد بن سليمان بن أبي داود الحراني وطبقته.
روى
عنه: يحيى بن يحيى التميمي، ومحمد بن إسماعيل، ومسلم بن الحجاج في الصحيحين وأكثر
إبراهيم بن أبي طالب، ومحمد بن إسحق بن خزيمة وكافة أئمتنا الرواية عنه.
قال الحاكم: سمعت أبا العباس الأصم يقول: كنت سمعت من أحمد بن يوسف السلمي قبل
خروجنا إلى مصر، فانصرفت فلم أجد سماعي منه.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن إذناً قال: أخبرنا عمي أبو القاسم
علي بن الحسن قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن البغدادي قالت: أخبرنا سعد
بن أحمد العبار قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن أحمد الخفاف قال: حدثنا
أبو حامد أحمد بن محمد بن الحسن الشرقي قال: حدثنا أحمد ابن يوسف السلمي ومحمد بن
عقيل، وأحمد بن حفص قالوا: حدثنا حفص - هو ابن عبد الله - قال: حدثني إبراهيم بن
طهمان عن شعبة بن الحجاج عن قتادة عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
رفعت إلى السدرة فإذا أربعة أنهار: نهران ظاهران، ونهران باطنان، فأما الظاهران
فالنيل والفرات، وأما الباطنان فنهران في الجنه، وأتيت بثلاثة أقداح، قدح فيه لبن،
وقدح فيه عسل، وقدح فيه خمر، فأخذت الذي فيه اللبن، فقيل لي أصبت الفطرة، وأمسك.
أنبأنا أبو حفص عمر بن قشام الحلبي عن الحافظ أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو
جعفر محمد بن أبي علي بن محمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا
أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أحمد بن يوسف
بن خالد بن سالم بن زاوية الأزدي السلمي النيسابوري، كان أبوه ينسب إلى الأزد،
وأمه إلى سليم.
سمع عبد الرزاق، والنضر بن محمد؛ روى عنه مسلم بن الحجاج؛ كناه لنا أبو النضر بكر
بن محمد بن إسحق السلمي.
أخبرنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن
أحمد بن عبد الملك الكرماني، وأبو الحسن مكي بن أبي طالب البروجردي قالا: أخبرنا
أبو بكر أحمد بن علي بن خلف: قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا علي بن
عيسى الحيري قال: حدثنا الحسين بن محمد بن زياد القبابي قال: حدثنا أحمد بن يوسف
بن خالد بن سالم بن زاوية الأزدي بالبصرة، وهو حمدان السلمي.
قال: وحدثنا أبو عبد الله بن الأخرم قال: حدثنا أحمد بن سلمة قال: حدثنا أحمد بن
يوسف الأزدي.
قال: وسمعت أبا أحمد يقول: سمعت مكي بن عبدان يقول: قال لنا أحمد ابن يوسف: أنا
أزدي، وكانت أمي سلمية.
قال: وسألت الشيخ الصالح أبا عمرو إسماعيل بن نجيد بن أحمد بن يوسف السلمي عن
السبب فيه؟ فقال: كانت امرأته أزدية فعرف بذلك.
أنبأنا أبو الفتوح الحصري، وأبو محمد الرهاوي قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني
قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبو عثمان الصابوني
والبحيري قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا عمرو إسماعيل بن
نجيد قال: سمعت أحمد بن يوسف السلمي يقول: كان جدي أزدي الأب سلمي الأم فغلب عليه
السلمي.
وقال أبو عبد الله: سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: سمعت بعض مشايخنا يحكى عن أحمد
بن يوسف السلمي: أما أنا لست بسلمي، أنا أزدي وعيالي سلمية.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد الأنصاري عن أبي المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم
القشيري عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: قرأت بخط أبي
عمرو المستلمي: سمعت حمدان السلمي، وقالوا له: أسمعنا، فقال: لا يمكنني أنا ابن
ثمانين سنة، وذلك يوم الخميس بعد العصر لخمس عشرة ليلة خلت من شوال سنة اثنتين
وستين ومائتين.
قلت: فيكون مولده على هذا في سنة اثنتين وثمانين ومائة، والله أعلم.
قال أبو المظفر القشيري: أخبرنا محمد بن علي بن محمد إذنا قال: أخبرنا أبو عبد
الرحمن السلمي قال: وسألته - يعني الدارقطني - عن أحمد بن يوسف السلمي؟ فقال: ثقة
نبيل.
أخبرنا نصر بن أبي الفرج، وعبد القادر بن عبد الله في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو
الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم الشحامي عن البيهقي والحيري والصابوني
والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو محمد بن جعفر عن مكي
بن عبدان قال: سألت مسلم بن الحجاج عن أحمد بن يوسف السلمي؟ فقال: ثقة، وأمرني
بالكتابة عنه.
أنبأنا
أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي عن أبي الفضل الحكاك قال:
أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله بن محمد قال:
أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أحمد بن يوسف السلمي
نيسابوري ليس به بأس.
أخبرنا عبد الصمد بن محمد الأنصاري فيما أذن لنا فيه قال: كتب إلينا أبو المظفر
القشيري عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني محمد بن
إبراهيم المؤذن قال: حدثنا مكي بن عبدان قال: سمعت أحمد ابن يوسف السلمي يقول:
كتبت عن عبيد الله بن موسى ثلاثين ألف حديث.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن بن هبة الله قال: أحمد بن يوسف بن خالد بن سالم بن زاوية أبو الحسن السلمي
النيسابوري المعروف بحمدان، أحد الثقات الأثبات، رحل في طلب الحديث، وسمع بالشام
والعراق وخراسان واليمن، وحدث عن عبد الأعلى بن مسهر، ومحمد بن المبارك الصوري،
ومعمر بن يعمر، وصفوان بن صالح، ويحيى ابن أبي بكير، وعمرو أبي سلمه التنيسي،
ومحمد بن يوسف الفريابي، ورواد بن الجراح العسقلاني، وأبي النضر هاشم بن القاسم،
ومحمد بن جعفر المدائني، وموسى بن داود الضبي، ومنصور بن سلمة الخزاعي، ويعلى
ومحمد ابني عبيد، وجعفر بن عون، وعبيد الله بن موسى، وأبي عامر العقدي، وصفوان بن
عيسى، وحفص بن عبد الله، وحفص بن عبد الرحمن، ويحيى بن يحيى، والجارود بن يزيد،
وعلي بن الحسن بن شقيق، وعبدان بن عثمان، ومحمد بن يحيى بن الضريس، وسليمان بن
داود القزاز الرازيين، وعبد الرزاق بن همام، واسماعيل ابن عبد الكريم، والنضر بن
محمد الحرشي، وعمر بن عبد الله بن رزين وأبي عبد الرحمن المقرئ، وأبي حذيفة النهدي
وغيرهم.
روى عنه يحيى بن يحيى، وهو من مشايخه، ومحمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج
القشيري، وإبراهيم بن أبي طالب، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو القاسم عبيد الله بن
إبراهيم بن بالويه، وأبو محمد الحسن بن محمد بن جابر، وجعفر بن محمد بن موسى
الحافظ، وإبراهيم بن عبد الله بن أحمد الحيري، وأبو العباس السراج، وأبو عبد
الرحمن النسائي، والحسين بن محمد بن زياد النيسابوري القتابي.
قلت: هكذا قال الحافظ أبو القاسم الدمشقي في ترجمة أحمد بن يوسف السلمي: روى عنه
يحيى بن يحيى وهو من مشايخه وذكر بعده الحديث الذي أوردناه، ثم قال بعده.
أنبأنا أبو نصر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله
الحافظ قال: سمعت محمد بن حامد البزاز يقول: سمعت مكي بن عبدان يقول: سمعت أحمد بن
يوسف السلمي يقول: سألت يحيى بن يحيى عن حديثي عن حفص ابن عبد الله عن إبراهيم بن
طهمان عن شعبة عن قتادة عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لما رفعت إلى
السدرة المنتهى، إذا نهران ظاهران الحديث فسمعه مني.
وروى ذلك عن أبي نصر عن البيهقي عن أبي عبد الله الحاكم.
وقال أبو عبد الله الحاكم في ترجمته التي ذكرناها من تاريخ نيسابوري: روى عنه يحيى
بن يحيى التميمي.
فإن كان اعتمادهما في قولهما روى عنه يحيى بن يحيى على ما روياه من قول أحمد بن
يوسف السلمي: فسمعه مني فليس هذا برواية عنه، وإنما يكون رواية عنه إذا حدث به
عنه، أو ذكره في فوائد خرجها، أو مصنف جمعه، أما مجرد السماع، لا يقال فيه: روى
عنه، وإنما يقال فيه: كتب عنه، أو سمع منه، أو استفاده، والله أعلم.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه عن أبي القاسم الشحامي قال: أخبرنا أبو
بكر البيهقي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثني أبو محمد عبد الله
بن أحمد الشعراني قال: سمعت أبا حامد بن الشرقي يقول: مات أحمد ابن يوسف السلمي
سنة أربع وستين ومائتين.
وأخبرني أبو سعد المؤذن عن أبيه قال: مات السلمي سنة ثلاث وستين ومائتين.
أحمد بن يوسف بن عبد الواحد بن يوسف: أبو الفتح الأنصاري الحلبي الحنفي الصوفي،
الملقب شهاب الدين، كان أبوه دمشقياً وانتقل إلى حلب، وولى بها خانقاه سنقرجا
النوري، وسنذكر ترجمته إن شاء الله.
وولد
أحمد ابنه بحلب، واشتغل بالفقه بها، وسافر إلى الموصل وتفقه بها على الجلال
الرازي، وبرع في علم النظر والخلاف، وتولى الإعادة بالمدرسة النورية الحلاوية بحلب
في أيام شيخنا افتخار الدين أبي هاشم، وكان ولي مشيخة الصوفية برباط سنقرجا بعد
موت والده، ثم استدعي إلى بغداد ليدرس بالمدرسة المستنصرية، فتوجه إليها في أيام
الإمام المستنصر بالله رحمه الله، وولي بها تدريس الفرقه الحنفية، وأقام على ذلك
مدة، ثم ضجر الإقامة ببغداد والتقيد بما عليه أوضاعهم بها، فاستأذن في العود إلى
وطنه فأذن له في ذلك، فعاد إلى حلب والمدرسة المقدمية خالية من مدرس، فقلد التدريس
بها، ثم مات المدرس بمدرسة الحدادين، فأضيف تدريسها إليه أيضا.
وكان قد سمع الحديث من أبيه ومن شيخنا أبي هاشم الهاشمي وغيرهما، وسمعت منه شيئاً
يسيراً عن والده، وأدركت والده ولم أكتب عنه، وحكى عنه شيخنا ناصح الدين عبد
الرحمن بن نجم بن الحنبلي في كتاب الاستسعاد بمن لقي من صالحي العباد في البلاد
مناماً أخبره به سنذكره في ترجمة أبيه يوسف إن شاء الله تعالى.
أخبرنا الفقيه شهاب الدين أبو العباس أحمد بن يوسف الأنصاري بحلب قال: أخبرنا أبي
فخر الدين يوسف بحلب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني بحلب قال:
أخبرنا أبو المكارم محمد بن عمر بن أميرجه قال: قال أخبرنا أبو محمد عبد الله بن
الحسن بن أبي منصور الطبسي قال: أخبرنا أبو عمر عبد الواحد بن أحمد بن أبي القاسم
المليحي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: سمعت عبد الله بن علي الطويسي
يقول: سئل أبو الحسن الحصري: هل يحتشم المحب أو يفزع؟ فقال: لا، الحب استهلاك لا
يبقى معه صفة، وأنشد:
قالت: لقد سؤتنا في غير منفعةٍ ... بقرعك الباب والحجاب ما هجعوا
ماذا يريبك في الظلماء تطرقنا؟ ... قلت: الصبابة هاجت ذاك والطمع
قالت: لعمري لقد خاطرت ذا جزعٍ ... حتى وصلت وألا عاقك الجزع
توفي شهاب الدين أحمد بن يوسف الأنصاري بحلب يوم الخميس في السادس عشر من شعبان
قبل العصر من سنة تسع وأربعين وستمائة، وبلغتني وفاته وأنا بدمشق، ثم وصل ابنه
فأخبرني أنه توفي في هذا التاريخ رحمه الله.
أحمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن الحسين بن أبي بكر البغدادي: المعروف بابن
القرميسيني، سمع ببغداد أبا الكرم الشهرزوري، وأبا الفتح بن البطي، وأبا الفضل
الأرموي، وأبا الفرج إبراهيم بن سليمان الضرير، وسمع بمرو عبد الرحمن بن محمد
الكشمهني، وبنيسابور أبا الأسعد القشيري، وحدث بشيء من حديثه، وطاف البلاد
الواسعة، ودخل الجزيرة والشام واجتاز بحلب.
أنبأنا أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي قال في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي
أواخر جمادى الأولى توفي الشيخ أبو العباس أحمد بن يوسف بن علي بن يوسف بن الحسين
بن أبي بكر البغدادي المعروف بابن القرميسيني بالموصل ودفن بها.
ومولده ببغداد يوم عاشوراء سنة إحدى وثلاثين وخمسمائة، سمع ببغداد من القاضي أبي
الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي الكرم المبارك بن الحسن الشهرزوري، وأبي الفرج
إبراهيم بن سليمان الضرير، وأبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد وغيرهم، وسمع
بنيسابور من أبي الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد القشيري، وبمرو من عبد الرحمن بن
محمد الكشمهني، وسافر الكثير، وطاف ما بين الحجاز، واليمن، والشام، وديار مصر،
وخراسان، وما وراء النهر، وقطعة من بلاد الترك، وغزنة، وبلاد الهند، وجزائر البحر،
وكان يذكر عجائب رآها في أسفاره، وحدث.
أحمد بن يوسف بن علي: أبو العباس الشريف العلوي الحسني، الملقب عماد الدين الموصلي
الفقيه الحنفي، كان فقيها، حسنا، صالحا، ورعا، زاهدا، فاضلا، سكن حلب وتفقه بها
على تاج الدين أحمد بن محمد بن محمود الغزنوي الحنفي، ثم صحب موفق الدين محمود بن
هبة الله بن النحاس، ولزم درسه بمدرستي شاذ بخت النوري، والحدادين، وسافر معه إلى
العجم حين توجه إليها رسولا، وعاد إلى حلب فأقام بمدرسة الحدادين مشتغلا بالفقه
والعبادة واجتهد في عمارة المدرسة، ولم يتعرض لمنصب، وسمع معي الحديث على شيخنا
افتخار الدين أبي هاشم الهاشمي، وشيخنا بهاء الدين أبي المحاسن يوسف بن رافع بن
تميم.
ثم
خرج من حلب إلى مصر حين وصل التتار إلى بلاد الروم سنة أربعين وستمائة وكنت بمصر
في هذه السنة، وهو بها، وحدث بها عن شيخنا أبي هاشم المذكور، وعدت إلى حلب وهو
بالديار المصرية، فأضر بها، وعاد إلى حلب وقد ذهبت عيناه وهو صابر محتسب، فلزم
مدرسة الحدادين إلى أن مات في بعض شهور سنة ثمان وأربعين وستمائة، وكان حسن
العقيدة والمذهب رحمه الله.
أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب: أبو جعفر، كاتب أديب، ناظم ناثر مجيد
فيهما؛ حكى عن عبد الحميد بن يحيى الكاتب، وعن عبد الله المأمون، وقدم حلب صحبته،
وكان يلي له ديوان المشرق، وديوان الرسائل، ووزر له ونادمه، وكان خصيصاً به؛ روى
عنه ابنه محمد بن أحمد بن يوسف، وأبو الحسن علي بن سليمان الأخفش، وأحمد بن أبي
سلمة، وأبو سعيد البصري، وأبو هفان.
وذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة فقال: أحمد بن يوسف الكاتب، يكنى أبا
جعفر، كاتب أديب شاعر، رقيق الشعر، تقلد ديوان الرسائل للمأمون وغيره من أعمالهم.
وقال الصولي في كتاب الأوراق، في ذكر كتاب المأمون، قال: جعل ديوان المشرق إلى عبد
الرحمن بن علي الكلبي ثم مات فجعله إلى أحمد بن يوسف، ولم تزل له خاصية منه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني فيما أذن لنا في
روايته عنه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني قال: أخبرنا أبو
بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح الكاتب، مولى
بني عجل، كان من أفاضل كتاب المأمون وأذكاهم وأفطنهم، وأجمعهم للمحاسن، وكان جيد
الكلام، فصيح اللسان، حسن اللفظ والخط، يقول الشعر في الغزل والمديح والهجاء، وله
أخبار مع إبراهيم بن المهدي، وأبي العتاهية، ومحمد بن بشير، وغيرهم.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أحمد بن يوسف بن القاسم بن صبيح،
أبو جعفر الكاتب، أصله من الكوفة، ولي ديوان الرسائل للمأمون، يقال إنه من بني
عجل.
وكان له أخ يقال له القاسم بن يوسف كان شاعراً كاتباً، وهما وأولادهما جميعا أهل
أدب وطلب للشعر والبلاغة.
حكى أحمد بن يوسف عن المأمون، وعبد الحميد بن يحيى الكاتب؛ حكى عنه محمد بن أحمد
بن يوسف، وأحمد بن أبي سلمة كاتب عياش بن القاسم صاحب شرطة المأمون، وعلي بن
سليمان الأخفش، وقدم دمشق في صحبة المأمون.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن أبي علي المعدل قال: أخبرنا محمد بن عمران
المرزباني قال: حدثنا علي بن سليمان الأخفش قال: قال أحمد بن يوسف الكاتب: رآني
عبد الحميد بن يحيى أكتب خطاً رديئاً، فقال لي: إن أردت أن تجود خطك فأطل جلفتك
وأسمنها، وحرف قطتك وأيمنها، ثم قال:
إذا جرح الكتاب كان قسيهم ... دوايا وأقلام الدوي لهم نبلا
قال الأخفش: قوله جلفتك أراد فتحه رأس القلم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعد بن بوش
قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسن الجازري قال: أخبرنا
المعافى بن زكرياء قال: حدثنا الحسين بن إسماعيل المحاملي قال: حدثنا عبد الله بن
أبي سعد قال: حدثني محمد بن علي بن أبي حمزة الهاشمي قال: حدثني علي بن إبراهيم بن
حسن قال: أخبرني موسى بن عبد الملك قال: جاء أبو العتاهية يريد الدخول على أحمد بن
يوسف، فمنعه الحاجب فكتب إليه:
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى ... وأن الغنى يخشى عليه من الفقر
قال: فقلت له: لا تتعرض له، وأسكته عنك، فوجه إليه بخمسة آلاف درهم.
قال علي بن إبراهيم: فأعلمت ذلك علي بن جبلة، فقال: بئس ما صنع، كان ينبغي له أن
يقول له:
أأحمد إن الفقر يرجى له الغنى ... ..................
فيشيد باسمه.
أخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال. أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد
السمعاني قال: سمعت أبا بكر محمد بن الحسين بن أبي القاسم الآملي يقول: سمعت أبا
عبد الله إسماعيل بن عبد الغافر الفارسي بنيسابور يقول: سمعت أبا القاسم علي بن
عبد الغافر الفارسي يقول سمعت أبا عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي يقول: سمعت
أبا سعيد أحمد بن محمد بن زكريا يقول: سمعت أبا سعيد البصري يقول: أنشدنا أحمد بن
يوسف قول أبي تمام:
قدك أتئب أربيت في الفلواء ... كم تعذلون وأنتم سجرائي
فقال: يا غلام اصفع أبا تمام عني، فأنشد البيت الثاني:
لا تسقني ماء الملام فإنني ... صبّ قد استعذبت ماء بكائي
فقال: يا غلام انقلب واصفعني عن أبي تمام.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي في تربة الخليل عليه السلام
بحبرى، وأبو علي حسن بن إبراهيم بن محمد بن دينار بالقاهرة قالا: أخبرنا أبو طاهر
أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن
أحمد بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن الحسن الغضائري قال:
حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثني أحمد بن العباس النوفلي قال: حدثني
أبو الحارث النوفلي، قال الصولي: وقد رأيت أبا الحارث هذا وكان رجل صدق، قال: كنت
أبغض القاسم بن عبيد الله لمكروه نالني منه، فلما مات أخوه الحسن قلت على لسان ابن
بسام:
قل لأبي القاسم المرجى ... قابلك الدهر بالعجائب
مات لك ابن وكان زيناً ... وعاش ذو الشين والمعائب
حياة هذا بموت هذا ... فليس نخلو من المصائب
قال أبو بكر الصولي: وانما أخذه من قول أحمد بن يوسف الكاتب لبعض اخوانه من
الكتاب، وقد ماتت له ببغاء، وكان له أخ يضعف، فكتب إليه:
أنت تبقى ونحن طراً فداكا ... أحسن الله ذو الجلال عزاكا
فلقد جل خطب دهر أتانا ... بمقادير أتلفت ببغاكا
عجباً للمنون كيف أتتها ... وتخطت عبد الحميد أخاكا
كان عبد الحميد أصلح للموت ... من الببغا وأولى بذاكا
شملتنا المصيبتان جميعاً ... فقدنا هذه ورؤية ذاكا
قال أبو بكر الصولي: وإنما أخذه أحمد بن يوسف الكاتب من قول أبي نواس في التسوية
وزاد في المعنى إرادة وكراهة، قال أبو نواس لما مات الرشيد، وقام الأمين، يعزي
الفضل بن الربيع:
تعز أبا العباس عن خيرها لك ... بأكرم حي كان أو هو كائن
حوادث أيام تدور صروفها ... لهن مساو مرة ومحاسن
وفي الحي بالميت الذي غيب الثرى ... فلا أنت مغبون ولا الموت غابن
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل الصالحي قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر بن أبي المظفر
المروزي قال: أخبرنا أبو طالب المبارك بن علي بن خضير الصيرفي بقراءتي عليه قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن المظفر بن الحسن بن المظفر الهمذاني قال: أخبرنا والدي
قال: أخبرنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد الفرضي قال: حدثنا أبو بكر محمد
بن يحيى بن عبد الله بن إبراهيم الصولي النديم قال: وقال أحمد بن يوسف الكاتب -
يعني - في وصف الليل:
كمم ليلة فيك لا صباح لها ... أفنيتها قابضا على كبدي
قد غصّت العين بالدموع وقد ... وضعت خدي على بنان يدي
قلت: نقلت هذين البيتين بهذا الاسناد من خط أبي أسعد بن أبي بكر.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مسلم بن سلمان الإربلي قراءة عليه بحلب
قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قال: أخبرنا أبو عبد الله
الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عبيد الله ابن محمد
بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن السماك قال: حدثنا أبو
القاسم بن إبراهيم بن سنين الختلي قال: أنشدني جعفر بن أبي رجاء لأحمد بن يوسف:
يزين الشعر أقواماً إذا نطقت ... بالشعر يوماً وقد يزري بأفواه
قد يرزق المرء لا من حسن حيلته ... ويصرف الرزق عن ذي الحيلة الداهي
ما
مسني من غنىً يوماً ولا عدمٍ ... إلاّ وقولي عليه الحمد لله
قال: وحدثنا إسحق بن ابراهيم قال: وحدثني محمد بن مزيد قال: هذه الأبيات لأحمد بن
يوسف:
إذا قلت في شيء نعم فأتمه ... فإن نعم دين على الحر واجب
وإلاّ فقل لا تسترح وأرح بها ... لكيلا يقول الناس إنك كاذب
قال أبو القاسم إسحق بن إبراهيم: وأنشدني أيضاً لأحمد في إفشاء السر.
إذا المرء أفشى سره بلسانه ... فلام عليه غيره فهو أحمق
إذا ضاق صدر المرء عن سر نفسه ... فصدر الذي استودعته السر أضيق
أخبرنا عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا تاج الاسلام أبو سعد عبد الكريم
بن محمد بن منصور السمعاني، إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو الكرم
الشهرزوري بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن الأمين قال: حدثنا
أبو علي الحسن بن أبي بكر بن شاذان الفارسي قال: حدثنا أبو بكر بن كامل القاضي
قال: حدثنا عبد الله بن إبراهيم النحوي قال: حدثنا أبو هفان عن أحمد بن يوسف أنه
أهدى إلى المأمون يوم نيروز، أو مهرجان، هدية وكتب إليه:
على العبد حق فهو لا بد فاعله ... وإن عظم المولى وجلت فضائله
ألم ترنا نهدي إلى الله ماله ... وإن كان عنه ذا غنىً فهو قابله
ولو كان يهدى للمليك بقدره ... لقصر علّ البحر عنه وناهله
ولكننا نهدي إلى من نجّله ... وإن لم يكن في وسعنا ما يشاكله
وذكر أبو عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري له في كتاب الوزراء.
صدّ عني محمد بن سعيد ... أحسن العالمين ثاني جيد
صدّ عني لغير جرم إليه ... ليس إلاّ لحسنه في الصدود
قال: ومن مليح قوله:
قلبي يحبك يا منى ... قلبي ويبغض من يحبك
لأكون فرداً في هواك ... فليت شعير كيف قلبك
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن
ناصر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار - إذناً - قال: أخبرنا أبو أحمد
عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ إجازة عن أبي بكر محمد بن يحيى
الصولي قال: حدثنا وكيع قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن القاسم ابن يوسف قال: حدثني
نصر الخادم مولى أحمد بن يوسف قال: كان أحمد بن يوسف يتبنى مؤنسة جارية المأمون،
فجرى بينها وبين المأمون بعض ما جرى، فخرج إلى الشماسية وخلفها، فجاء رسولها إلى
أحمد بن يوسف مستغيثة به، فدعا بدابته، ثم مضى فلحق المأمون بالشماسية، فقال
للحاجب: أعلم أمير المؤمنين أن أحمد بن يوسف بالباب وهو رسول، فأذن له، فدخل فسأله
الرسالة فاندفع ينشد:
قد كان عتبك مرة مكتوما ... فاليوم أصبح ظاهراً معلوما
نال الأعادي سؤلهم لا هنئوا ... لما رأونا ظاعنا ومقيما
هبني أسأت فعادة لك أن ترى ... متفضلاً متجاوزاً مظلوماً
فقال: قد فهمت الرسالة، كن الرسول بالرضا، يا ياسر امض معه، قال: فحملها ياسر
إليه.
أنبأنا عمر بن طبرطزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران -
إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو
عبد الله إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: ووقع أحمد بن يوسف الكاتب عن المأمون إلى
عامل: أنا لك حامد فاستدم حسن ما أنت عليه يدم لك أحسن ما عندي، وأعلم أن كل شيء
لم يزد فيه إلى نقص، والنقصان وان قل ممحق للكثير، كما تنمي الزيادة على القليل.
قرأت
في كتاب الوزراء والكتاب لأبي عبد الله محمد بن عبدوس الجهشياري قال: أحمد بن يوسف
بن صبيح، اختص بالمأمون، وكان نبيلاً بليغا، وقلده ديوان المشرق وبريد خراسان،
وكان ديوان الرسائل إلى عمرو بن مسعدة، وكان المأمون لعلمه بتقدم أحمد في البلاغة
إذا احتاج إلى كتاب يشهر، أمر أحمد بن يوسف أن يكتبه، فأمر المأمون أحمد بن يوسف
بكتاب عنه إلى جميع الأمصار باقامة زيت المصابيح في جميع المساجد والاستكثار منها،
قال: فلم أدر ما أقول، ولم يكن أحد سبق من الكتاب في ذلك فأسلك طريقته، فنمت في
وقت القائلة وأنا مشغول القلب فرأيت قائلاً يقول لي: اكتب فإن في ذلك أنساً
للسابلة، واضاءة للمتهجدة، ومنعاً لمكامن الريب، وتنزيها لبيوت الله عز وجل وجل من
وحشة الظلم.
قال الجهشياري: ثم قلده المأمون ديوان الرسائل، فلم يزل عليه إلى أن سخط عليه فمات
في سخطه، وكانت وفاته في سنة أربع عشرة ومائتين.
قال: وكان سبب سخط المأمون على أحمد بن يوسف أنه جلس يوما وبحضرته أصحابه، فقال:
نجلس غدا مجلسا فلا يكون عندنا من نتحشمه، ثم أقبل على أحمد بن يوسف فقال: كن
المختار لنا من يجالسنا وأنت معنا، قال أحمد: أنا وأبو سمير؟ قال: نعم، قال أحمد:
قلنا على أمير المؤمنين أن لا يجلس معنا غيرنا، قال: نعم.
وبكروا وحجب الناس، واستأذن الحسن بن سهل، فأمر بالدخول، وكان اصطنع أحمد، فقال:
يا أمير المؤمنين هذا خلاف ما ضمنت، قال: فأبو محمد يحجب؟! فدخل وعليه سواده،
فقال: يا أبا محمد هذا مجلس اقتضيناه على غير موعد، لولا ذلك لبعثت اليك، فأقم
عندنا، فقال: يا أمير المؤمنين تمم الله لك السرور، عبدك يجد شيئا يمنعه من خدمته،
فان رأى أمير المؤمنين أن يأذن لي، فألح عليه في المسألة والجلوس، فلم يفعل، فقال
أحمد: يا أمير المؤمنين ما اعتذرت إلى الحسن، قال: ليس هو اعتذار، قال: بلى، قال:
لا ولكنه شبيه بالاعتذار، قال أحمد: نرضى بإبراهيم حكما بيننا؟ قال المأمون، رضيت،
قال ابراهيم: لم يكن اعتذارا مصرحا ولكنه مثله، وأقبل يعين أحمد ويسيغ قوله، فقال
المأمون لأبي سمير: والله لقد شاورت الناس فيك فكلهم أشاروا بقتلك وما منعني من
ذلك إلا أبو محمد، فوالله ما كافأته على ذلك، ثم التفت إلى أحمد وقال: أو تقول هذا
لأبي محمد وهو أجلسك هذا المجلس، فاذا لم تشكره فأنت أحرى أن لا تشكر غيره، والله
لا جلست مجلسك هذا أبدا، فألزمه منزله حتى مات.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس
قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله
المعدل قال أخبرنا الحسن بن صفوان البرذعي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي
الدنيا قال: حدثنا الحسين بن عبد الرحمن قال: أشرف أحمد بن يوسف وهو بالموت على
بستان له على شاطئ دجلة، فجعل يتأمله ويتأمل دجلة، ثم تنفس وقال متمثلاً:
ما أطيب العيش لولا موت صاحبه ... ففيه ما شئت من عيب لعائبه
قال: فما أنزلناه حتى مات.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: بلغني أن أحمد بن يوسف الكاتب مات سنة ثلاث عشرة ومائتين أنبأنا أبو البركات
الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن قال: بلغني أن
أحمد بن يوسف توفي سنة أربع عشرة ومائتين، وهو في سخط المأمون.
وقد ذكرنا مثل ذلك عن الجهشياري وهو أشبه بالصحة.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني إذناً عن أبي بكر بن المزرفي قال: أخبرنا أبو
منصور محمد بن محمد العكبري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الصلت قال: حدثنا أبو
الفرج الأصبهاني قال: حدثني جعفر بن قدامة قال: حدثني ميمون بن مهران قال: كان
لأحمد بن يوسف جارية مغنية شاعر يقال لها نسيم، وكان لها من قلبه مكان، فلما مات
أحمد قالت ترثيه:
ولو أن ميتاً هابه الموت قبله ... لما جاءه المقدار وهو هيوب
ولو أن حياً صانه الردى ... إذاً لم يكن للأرض فيه نصيب
قال أبو القاسم جعفر بن قدامة: وقالت ترثيه:
نفسي فداؤك لو بالناس كلهم ... ما بي عليك تمنوا أنهم ماتوا
وللورى موتة في الدهر واحدة ... ولي من الهم والأحزان موتات
قال
أبو القاسم: وهي القائلة وقد غضب عليها:
غضبت بلا جرم علي تجرماً ... وأنت الذي تجفو وتهفو وتغدر
سطوت بعز الملك في نفس خاضع ... ولولا خضوع الرق ما كنت أصبر
فإن تتأمل ما فعلت تقم به ال ... مقادير أو تظلم فإنك تقدر
أحمد بن يوسف بن نصر بن عبد الرزاق بن الخضر بن عجلان: أبو الحسين البالسي ثم
الجعبري، أصله من بالس وهو من قلعة جعبر، وهو أخو الجعبري والي قلعة دمشق، له شعر
جيد.
أحمد بن يوسف الاستاذ أبو نصر المنازي السليكي الوزير: من أهل منازكرد، وكان
وزيراً للمروانية ملوك ديار بكر، وسيره نصر الدولة أحمد بن مروان رسولاً عنه إلى
مصر، فقدم حلب وتوفي له ولد بها، واجتمع بأبي العلاء بن سليمان بمعرة النعمان،
وجرت بينهما مذاكرات، وكان شاعراً مجيداً كاتباً فاضلاً أديباً.
روى عنه أبو محمد عبد الله بن محمد بن سنان الخفاجي، وابن أخته أبو الحسن المرجى
بن نصر الكاتب، والوزير فخر الدولة أبو نصر محمد بن جهير، وحكى عنه الفقيه سليم
الرازي وأثنى عليه، وأبو الحسين علي بن عبد السلام الأرمنازي، وقرأ عليه سعيد بن
عبد الله بن بندار الشاتاني والد العلم الشاتاني.
أخبرنا شرف الدين إسماعيل بن أبي سعد الآمدي، المعروف بابن التيتي قال: نقلت في
دمشق أنه وجد في مسودة تاريخ صور لغيث بن علي الأرمنازي قال غيث بن علي الأرمنازي،
قال: حدثني والدي أبو الحسن علي بن عبد السلام قال: ولما وصل المنازي إلى صور خرج
القاضي أبو محمد وجماعة من بياض الصوريين وكنت معهم، فلما لقيه رأى موكباً حسناً
فقال: أيكم القاضي، فإني أرى جماعة كل واحد منهم يصلح أن يكون القاضي، فتبسم منه،
وتقدم إليه، فسلم عليه.
قال: وسمعت أبا الفتح نصر بن إبراهيم الزاهد يقول: لما وصل المنازي إلى ها هنا كان
الفقيه سليم يمضي إليه ويذاكره، فسألته هل كان يفقه شيئاً؟ فقال: نعم كان له يد في
الفقه واللغة والشعر، أو كما قال.
قرأت في كتاب الهفوات تأليف الرئيس غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن ابن إبراهيم
الصابيء قال: وحدثني الوزير فخر الدولة أبو نصر محمد بن محمد بن جهير قال: حضر رسل
نصر الدولة أبي نصر بن مروان الكردي أمير آمد وميا فارقين وأعمالهما عند معتمد
الدولة أبي المنيع قرواش بن المقلد أمير بني عقيل يستحلفونه على معاهدة بنيت،
ومعاقدة قررت، المنازي الشاعر، فلما حلف معتمد الدولة أنشد المنازي:
كلّفوني اليمين فارتعت منها ... كي يغّروا بذلك الارتياع
ثم أرسلتها كمنحدر السي ... ل تهادى من المكان اليفاع
فقال له قرواش: يا ويلك قبحك الله وقبح ابن مروان، ما هذا الكلام؟ وبدا الشر في
وجهه، وكاد يكون ذلك اليوم آخر أيام المنازي من عمره، فبدأ المنازي باليمين الغموس
أنه أنشد ما أنشد عن سهو لا روية، وباتفاق سوء، لا قصد ونية، وتحقق قرواش قوله
لأنه مما لا يقدم عليه مثله فأغضى وعفا عما غلط فيه وهفا.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري الحموي قراءة عليه
قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً.
وكتب إلينا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز الأندلسي أن أبا طاهر السلفي أخبرهم
قراءة عليه وهو يسمع قال: سمعت أبا طاهر إبراهيم بن سعيد بن عبد البر البدليسي
بثغر بدليس يقول: سمعت أبا الحسن المرجى بن نصر الكاتب يقول: سمعت خالي الوزير أبا
نصر أحمد بن يوسف المنازي يقول: بعثني نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان سنةً من
ميافارقين إلى مصر رسولا، فدخلت معرة النعمان، واجتمعت بأبي العلاء التنوخي، وجرت
بيننا فوائد، فقال أصحابه فينا قصائد ومن جملتها هذه الأبيات:
تجمّع العلم في شخصين فاقتسما ... على البرية شطريه وما عدلا
جاءا أخيري زمانٍ ما به لهما ... مماثلٌ وصل الحّد الذي وصلا
أبو العلا وأبو نصر هما جمعا ... علم الورى وهما للفضل قد كملا
هذا كما قد تراه رامحٌ علمٌ ... وذاك أعزل للدنيا قد اعتزلا
هما هما قدوة الآداب دانيةً ... طوراً وقاصيةً إن مثّلا مثلا
لولاهما
لتفّرى العلم عن علم ... أو لافترى صاحب التمويه ان سئلا
يا طالب الأدب اسأل عنهما وأهن ... إذا رأيتهما أن لا ترى الأُولا
خذ ما تراه ودع شيئاً سمعت به ... فطلعة البدر تغني أن ترى زحلا
قرأت في جزء وقع إلي من رسائل إبراهيم بن أحمد بن الليث، في رسالة له كتبها إلى
بعض اخوانه، قال فيها في ذكر أبي نصر المنازي: وأما أبو نصر فعترة الخطابة، وعدة
الكتابة، ومنبع العلم، ومعدن الحلم، خدم السلطان في ميعة الصبى وريعان الشبيبة،
فعفت عن الدنيا طعمته، وتنزهت عن الرذائل همته، ثم انتقل إلى خدمة مولاه فأدى حجة
وقضى حقه، وأحرز من رضاه حظه، فعل من هدي الطريق، وأوتي التوفيق.
قرأت بخط مؤيد الدولة أبي المظفر أسامه بن مرشد بن منقذ في كتابه الذي علقه لابن
الزبير من الشعراء الذين سأله عنهم ليودعهم في كتابه المسمى جنان الجنان ورياض
الأذهان، فكتب له ما حضر عنده عنهم، وزاد فيه ذكر جماعة غيرهم وقال فيه - وأنبأنا
به أبو الحسن بن أحمد بن علي القرطبي عنه - : ومن الشعراء المذكورين أبو نصر
المنازي حسن الشعر، سهل الألفاظ، صحيح المعاني، مستعذب القول، من حقه أن يتميز عن
هذه الطبقة، فمن شعره:
أظاهر بالعتبى إذا أضمرت عتبا ... وأسأل غفراناً ولم أعرف الذنبا
وأصدق ما نبيت أني بلوتها ... فما سالمت سلماً ولا حاربت حربا
هي الشمس حالت دونها حجب خدرها ... ولو برزت كان الضياء لها حجبا
إذا جهزت ألحاظها قصد غافلٍ ... أغارت على قلبٍ أو استهلكت لبا
ألم يأن في حكم الهوى أن ترّق لي ... من المدمع الرّيان والكبد اللهبا
ومن زفرة حرّى إذا ما تقطعت ... شعاعاً تدّمي الجفن أو تحرق الهدبا
شجتني ذات الطوق عجماء لم تبن ... وشيمة عجم الطير أن تشجو العربا
دنا إلفها واختلّ أطراف عيشها ... فهاجت لي البلوى وقد هدلت عجبا
هفا بك متن الغصن لو أنّ قدرةً ... سلبتك حلى الطوق والغصن الرّطبا
ولكنّ إخواناً أعّد فراقهم ... خساراً ولو سافرت أقتنص الشهبا
وخلفت قلبي بالعراق رهينةٌ ... لقصد بلادٍ ما اكتسبت بها قلبا
وإني ليحييني على بعد داره ... نسيم نعاماه ولو حملت تربا
ومن شيمتي أن استمد له الصّبا ... وأستسيغ النعمى واستمطر السحبا
وأعمّر من ذكراه كلّ مفازة ... وألهي بعلياه الركائب والرّكبا
وأذكره بالصيف إن جاء طارقاً ... وبالطيف إن أسرى وبالسّيف إن هبا
وبالبدر إن أوفى وبالليث إن سطا ... وبالغيث إن أروى وبالبحر إن عبا
وأشتاق أياماً تقضّت كأنما ... أسرت عن الأيام أو أدركت غصبا
نحن حنين البعد والشمل جامعٌ ... ونزداد حباً كلما لم نزر غبا
إخاءٌ تعالى أن يكون أخّوةً ... وقربى ودادٍ لا تقاس إلى قربى
أنشدني بعض البغداديين لأبي نصر المنازي يخاطب أبا العلاء بن سليمان ببغداد حين
قدمها أبو العلاء وقد فاوضه في شيء فأعجبه كلامه.
لله لؤلؤ ألفاظ تساقطها ... لو كنّ للغيد ما استأنسن بالعطل
ومن عيون معانٍ لو كحلن بها ... نجل العيون لأغناها عن الكحل
سحرٌ من اللفظ لو دارت سلافته ... على الزمان تمشّي مشية الثمل
قال: فقال له أبو العلاء إدن مني فإني أشم منك ريح السعادة، فقدر الله تعالى له أن
وزر بعد ذلك للمروانية.
قرأت بخط الفقيه نصر بن الفقيه معدان بن كثير البالسي للمنازي أيضا، وقد وصل الشام
واجتاز بوادي بزاعا، وأنشدني البيتين الأولين، أو الأبيات جميعها الشريف محي الدين
أبو حامد محمد بن عبد الله الهاشمي الحلبي بحران، وذكر أنه سمعها من عبد القاهر بن
علوي المعري، قاضي معرة مصرين للمنازي.
وقانا لفحة الرمضاء وادٍ ... غذاه مضاعف الظلّ العمم
حللنا
دوحه فحنا علينا ... حنّو الوالدات على اليتيم
وأرشفنا على ظمأ زلالاً ... ألذ من المدامة للنديم
تروع حصاه حالية العذارى ... فتلمس جانب العقد النظيم
يصّد الشمس أنىّ واجهتنا ... فيحجبها ويأذن للنّسيم
وبلغني أن المنازي عمل هذه الأبيات ليعرضها على أبي العلاء بن سليمان إذا وصل إليه
وقد عزم على قصد المعرة لزيارة أبي العلاء، فلما اجتمع بأبي العلاء وذاكره أنشده
هذه الأبيات فجعل المنازل كلما أنشده المصراع الأول من كل بيت سبقه أبو العلاء إلى
تمام البيت كما نظمه، ولما أنشده قوله: نزلنا دوحة فحنا علينا..
قال أبو العلاء: حنو الوالدات على الفطيم، فقال المنازي: إنما قلت: حنو الوالدات
على اليتيم، فقال أبو العلاء: الفطيم أحسن.
قرأت بخط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي على ظهر كتاب وقع
إلي بحران: للمنازي الاستاذ أبي نصر أحمد بن يوسف في ولده أبي الوفاء عند وفاته
بحلب وما كان له ولد غيره، وكان أحسن الناس صورة وأدباً، فلم ير أصبر منه على
الرزية به:
أطاقت يد الموت انتزاعك من يدي ... ولم يطق الموت انتزاعك من صدري
لئن كنت مبثوث المحاسن في الحشا ... فإنك ممحوّ المحاسن في القبر
فلا وصل إلاّ بيني عينيّ والبكا ... ولا هجر إلاّ بين قلبي والصبر
ووقع إلى بعد ذلك بيت بعد البيت الثاني وهو:
رجوتك طفلاً فوق ما يرتجي الفتى ... كذاك هلال الشهر أرجى من البدر
ونقلت من خط الشيخ أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي رحمه
الله على ظهر كتاب وجدته بآمد في خزانة الكتب بجامع آمد حرسه الله، وقد دخلت إليها
في يوم الخميس لثمان بقين من صفر سنة إحدى وخمسين وأربعمائة، كتاباً فيه قطعة من
رسائل أبي الفضل ابن العميد، وعليه مكتوب بخط أبي القاسم الحسين بن علي المغربي،
وقال أبو نصر المنازي أيده الله يوم انتقال عابد عند الله احتسبه وهو الاثنين
الثامن من صفر سنة ثمان وأربعمائة:
يا من إذا افتدي الكرام بمنفسٍ ... فلتمض أنفسهم فداء خياله
هّزتك حادثة الزمان فلم تجد ... لين المهّزة في أرقّ نصاله
وهو الزمان إذا تغطرس صرفه ... أهدى الكسوف لشمسه وهلاله
أيسوم حلمك وهو خير حباله ... شركاً مع الهضبات في زلزاله
وقد امتراك فما سمحت بدمعةٍ ... لمفجرّ الجلمود عن سلساله
إن تصطبر فالمجد أول جازع ... أو تسل فالعلياء آخر واله
وعلى النجوم كآبةٌ من فقدها ... قمراً أضرّ بهنّ قبل كما له
جذلت به الأحساب قبل رضاعه ... ورجاه قول الفصل قبل فصاله
وتخيرّت فقر الكلام نفوسها ... رصداً لبدع مقاله وفعاله
أملٌ فجعت به وينفق حازمٌ ... أيامه سرفاً على آماله
ورزيت علق مضنةٍ لو أنه ... للّدهر ما خطر السلوّ بباله
مضت الملوك وخلفتكم في العلى ... عقباً يسوء الليث في أشباله
وإذا انتميت فكم صريحة ماجد ... تبدي بطون الأرض من أوصاله
لا تبدل الموتى شريف جواره ... بالعيش مؤتنفاً رفيف ظلاله
وقال أبو محمد الخفاجي: أنشدنا الاستاذ أبو نصر المنازي لنفسه، وقدم حلب في سنة
سبع وثلاثين وأربعمائة:
لقد عرض الحمام لنا بسجع ... إذا أصغى له ركب تلاحى
صحا قلب الخليّ فقال: غنيّ ... وبرّح بالشجيّ فقال: ناحا
وكم للشوق في أحشاء صّبٍ ... إذا اندملت أحدّ لها جراحا
ضعيف الصّبر فيك وإن تقاوى ... وسكران الفؤاد وإن تصاحى
كذاك بنو الهوى سكرى صحاةٌ ... كأحداق المها سكرى صحاحا
وقرأت بخط المفضل بن مواهب الفارزي الحلبي لأبي نصر أحمد بن يوسف المنازي رحمه
الله - وينتمي إلى سليك - في الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي، أنشده
إياها بميافارقين سنة ست وأربعمائة:
اصفح
لطرف الصبّ عن نظراته ... إن كنت آخذه بما لم ياته
سقيا لوجهك فهو أول روضةٍ ... زهرت أقاحيه أمام نباته
لما خططت مثاله في ناظري ... مدّ الحجاب عليه من عبراته
حالت حماتك دون ورد غديره ... وشميم زهرته ورشف قلاته
الماء يلمع في أريض جنابه ... والنار تسفع من ضلوع رعاته
وإذا ادّعى بدر التمام بهاءه ... وأنار للسّارى قلا زعماته
ومنها في المدح:
ولئن جزت نعم الحسين محامدٌ ... فلتجزينّ الغيث عن هطلاته
أفنى وأغنى فانقلبت ولي به ... شغلان بين صفاته وصلاته
حاولت عدّ خلاله فوجدتها ... يشقى الرواة بها شقاء عداته
أبصرت سبل المجد من لحظاته ... وأفدت حسن القول من لفظاته
وأرى الفصاحة والسماحة والغنى ... ومكارم الأخلاق بعض هباته
ورث المعالي عن عليّ وابتنى ... رتبأ مشيّدةً إلى رتباته
وكذاك لابن القيل إرث علائه ... فرضاً ولابن القين إرث علاته
أخبرنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد بن الطوسي في كتابه غير مرة
قال: أخبرنا عمي القاضي أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد إجازة قال: أخبرنا أبي أبو
نصر أحمد بن محمد بن عبد القاهر بقراءتي عليه: أنشدني الأخ الجليل أبو بكر محمد بن
أحمد بن أبي الصقر السر من رأى الدوري قال: أنشدنا للمنازي.
لو قيل لي وهجير الصيف متقّدٌ ... وفي فؤادي جوىً بالحرّ يضطرم
أهم أحبّ إليك اليوم تشهدهم ... أم شربةٌ من زلال الماء قلت هم
أنشدني شهاب الدين ياقوت بن عبد الله مولى الحموي الأديب لأبي نصر المنازي:
غزالٌ قّده قدٌ عجيبٌ ... تليق به المدائح والنسيب
جهدت وما أصبت رضاه يوماً ... وقالوا: كل مجتهد مصيب
قرأت بخط نصر بن معدان بن كثير البالسي الفقيه لأبي نصر المنازي
يثنيّ عطفه هفوات دلّ ... إذا لم يثنه هفوات راح
يميل مع الوشاة وأي غصنٍ ... رطيبٍ لا يميل مع الرياح
قال لي ياقوت بن عبد الله الحموي الرومي ثم البغدادي: مات المنازي في سنة سبع
وثلاثين وأربعمائة.
كتب إلي ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي أن عماد
الدين محمد بن محمد بن حامد الكاتب أخبرهم عن العلم الشاتاني الحسن ابن سعيد
الديار بكري قال: ومات - يعني - المنازي سنة سبع وثلاثين، وكان عظيم الشأن.
أحمد بن يوسف الثقفي: سمع بأنطاكية عبد الله بن خبيق الأنطاكي؛ روى عنه إبراهيم بن
أحمد الآملى، وعبد السلام بن محمد البغدادي، وأظنه من أهل أنطاكية.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن
طاهر الشحامي - سماعاً أو إجازة - قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: حدثنا أبو سعد
عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد قال: أخبرنا أحمد بن أبي عمران الحديثي بمكة قال:
أخبرني عبد السلام بن محمد البغدادي قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا عبد الله
بن خبيق قال: سمعت شعيب بن حرب يقول: ذكر عن إبراهيم بن أدهم قال: لا تجعل فيما
بينك وبين الله عليك منعماً، واعدد النعمة عليك من غير الله مغرماً.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد - إذناً - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد
الدمشقي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البروجردي قال: أخبرنا أبو سعد علي بن
عبد الله الحيري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن باكويه قال: أخبرنا
عبد العزيز بن الفضل قال: حدثنا إبراهيم بن أحمد الآملي قال: حدثنا أحمد بن يوسف
الثقفي قال: حدثنا عبد الله بن خبيق الأنطاكي قال: حدثني موسى بن طريف قال: ركب
إبراهيم بن أدهم البحر فأخذتهم ريح عاصف وأشرفوا على الهلكة فلف ابراهيم رأسه في
عباءة ونام، فقالوا له: ما ترى ما نحن فيه من الشدة؟ فقال: ليس ذا شدة، قالوا: ما
الشدة؟ قال: الحاجة إلى الناس، ثم قال: اللهم أريتنا قدرتك فأرنا عفوك، فصار البحر
كأنه قدح زيت.
أحمد بن يوسف:
رجل
كان بأنطاكية، وحكى عن بعض العباد كلاماً تكلم به، إن لم يكن الثقفي الذي قدمنا
ذكره فهو غيره.
وقع إلي مجموع بخط بعض الفضلاء يقال له أبو علي المحسن بن مهبروذ فنقلت منه، قال
أحمد بن يوسف: لقيت بعض العباد بأنطاكية فسألته عن مسائل فأجابني ثم قال لي: يا
أحمد لقد سمعت من راهب حكمة لم أسمع مثلها، قال: قلت: فتخبرني، قال: قلت له: يا
راهب ما معبودك؟ قال: الله الذي خلقني وخلقك، قال: قلت: فأين الله من قلوب
العارفين؟ قال: قلوب العارفين لا تحول عن الله طرفة عين، قال: قلت: يا راهب ألكم
عيد؟ قال: نعم، قلت: فأي يوم هو؟ قال: يوم نصبح ونمسي لا يكتب علينا فيه خطيئة،
قال: قلت: لم جلستم في الصوامع؟ قال: نفرة الأكياس من فخ الدنيا، لأن الدنيا شوكة
أخشى أن أطأ عليها فتدخل في قدمي، قلت: لم لبستم المسوح والسواد؟ قال: لأن الدنيا
مأتم، قال: قلت: أستغفر الله، قال: فنظر إلي، وقال: يا فتى أستغفر الله توبة
الكاذبين، فكم مستغفر بلسانه معاد لله بقلبه يقاد غدا إلى عذاب السعير، قال قلت
له: يا تيني بقيت واحدة قال: سل، قال: قلت: من أين المطعم والمشرب؟ قال: فنظر إلي
نظرة احمرت حماليق عينيه ثم قال: ويحك لم تنتفع بالموعظة بعد.
أحمد بن يوسف أبو العباس التيفاشي القاضي: تيفاش قرية من قرى قفصة إحدى بلاد
إفريقية، وكان أبو العباس قاضي قفصة، وكان شيخاً حسناً فاضلاً، عارفا بالأدب وعلوم
الأوائل، وله شعر حسن، ونثر جيد، ومصنفات حسنة في عدة فنون كثيرة الفائدة.
اجتمعت به بالقاهرة، وقد توجهت إليها رسولاً، فوجدته شيخاً كيساً، ظريفاً، حريصاً
على الاستفادة لما يورده في تصانيفه ويودعه مجاميعه وأوقفني علي شيء من تصانيفه
الحسان، وأهدى إلي بخطة منها كتاباً وسمه بالدرة الفائقة في محاسن الأفارقه،
وأنشدني مقاطيع من شعره.
وذكر لي أنه ولد بقفصة من بلاد إفريقية، وأنه خرج وهو صبي، واشتغل بالديار المصرية
على شيخنا أبي محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي، ورحل إلى دمشق وقرأ بها على
شيخنا أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأحب المقام بها ثم إن نفسه اشتاقت إلى
الوطن، فعاد إلى قفصة، ثم إنه حن إلى المشرق وطالبته نفسه بالمقام بدمشق، فباع
أملاكه وما يثقل عليه حمله، وأخذ معه أولاده وزوجه وماله، وركب البحر في مركب
اتخذه لنفسه، فغرق أهله وأولاده، وخلص بحشاشة نفسه، وخلص عرب برقة بعض متاعه، فخرج
معهم متفكراً خوفاً منهم أن يهلكوه بسبب أخذ متاعه، وسبقهم إلى الاسكندرية، وتوصل
بعمل مقامة يذكر فيها ما جرى له في طريقه، وعرف الملك الكامل أبو المعالي محمد بن
الملك العادل أبي بكر بن أيوب ملك الديار المصرية بذلك فكتب له إلى الاسكندرية بتخليص
ماله، فخلص له منه جملة، ثم إنه لما رحل الملك الكامل إلى آمد وافتتحها، توجه إلى
دمشق، ومنها إلى حلب، ومنها إلى آمد، فوجد الملك الكامل راجعاً إلى الديار
المصرية، فعاد معه إليها، وسكن بها.
وذكر لي أن مولده بقفصة في سنة ثمانين وخمسمائة، وأن ولايته القضاء كانت بعد رجوعه
من المشرق إليها، وحكى لي غيره أن سبب عزله عن القضاء أنه وجد في داره خمر، فعزل
بسبب ذلك.
وسمعت صاحبنا نور الدين أبا الحسن علي بن موسى بن محمد بن سعيد يحكى أن أبا العباس
التيفاشي لما حصل مع عرب برقة وخاف منهم، كتم نفسه، وسألوه من هو، ومن أين هو، وما
صنعته؟ فقال لهم: أنا قواد، فقالوا: الله الأحد، وأنفوا منه، وكان ذلك سبب خلاصه
منهم.
أنشدني شرف الدين أبو العباس أحمد بن يوسف التيفاشي بالقاهرة في أبي الحسن علي بن
موسى بن سعيد الغرناطي، يشير إلى كتاب أبي الحسن الذي جمعه في محاسن المغرب وسماه
المغرب:
سعد الغرب وازدهى الشرق عجباً ... وابتهاجاً بمغرب ابن سعيد
طلعت شمسه من الغرب تحلا ... فأقامت قيامة التفنيد
لم يدع للمؤرخين مقالاً ... ولا ولا للرواة بيت نشيد
إن تلاه على الحمام تغّنت ... ما على ذا في حسنه من مزيد
وأنشدني أبو العباس التيفاشي لنفسه فيه:
يا طيب الأصل والفرع الزكي كما ... يبدو وجنا ثمر من أطيب الشجر
ومن خلائقه مثل النسيم إذا ... يهفو على الزهر حول النهر في السحر
ومن
محياه والله الشهيد إذا ... يبدو إلى بصري أبهى من القمر
أثقلت ظهري ببرٍ لا أقوم به ... لو كنت أتلوه قرآنا مع السور
أهديت لي الغرب مجموعاً بعالمه ... في قاب قوسين بين السمع والبصر
كأنني الآن قد شاهدت أجمعه ... بكل من فيه من بدوٍ ومن حضر
نعم ولاقيت أهل الفضل كلهم ... في مّدتي هذه والأعصر الأخر
إن كنت لم أرهم في الصدر من عمري ... فقد رددت عليّ الصدر من عمري
وكنت لي واحداً فيه جميعهم ... ما يعجز اللهّ جمع الخلق في بشر
جزيت أفضل ما يجزى به بشرٌ ... مفيد عمر جديد الفضل مبتكر
بلغني أن أبا العباس التيفاشي نزل الماء إلى عينيه فعمي، فقدحهما وأبصر، وكتب
وعوفي من ذلك، ثم شرب مسهلاً وأعقبه بآخر فمات لذلك، يوم السبت ثالث عشر محرم سنة
احدى وخمسين وستمائة بالقاهرة.
ذكر من يعرف أبوه بالكنية من الأحمدين أحمد بن أبي المعالي بن أحمد البكراني: أبو
الفضل، شيخ كتب عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى الدمشقي، وخرج
عنه انشاداً في معجم شيوخه.
أنبأنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى التغلبي قال: أنشدنا أخي أبو
المواهب الحسن، قال أحمد بن أبي المعالي بن أحمد البكراني: أنشدنا الأجل أبو الفضل
الفقيه بحلب في ظاهرها حين عزمت على العود إلى دمشق، حالة التوديع لبعضهم:
إذا ما وصلتم سالمين فبلغوا ... تحية من قد ظن أن لا يرى نجدا
وإن سألوكم كيف حالي بعدهم ... فقولوا لهم: والله ما نقض العهدا
هم جعلوا ديني لهم نسية ... ودينهم عندي أعجله نقدا
أحمد بن أبي السري الغزاء: ويعرف بذلك لغزوه إلى بلاد الروم، سمع بالمصيصة يوسف بن
سعيد بن مسلم المصيصي، روى عنه أبو حامد الأشعري.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - إذناً - قال: أخبرنا أبو
الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن
الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر محمد بن
عبد الرحمن بن الفضل قال: حدثنا أبو حامد الأشعري قال: حدثنا أحمد بن أبي السري
الغزاء قال: حدثنا يوسف بن سعيد بالمصيصة قال: حدثنا يحيى بن عنبسة قال: حدثنا
حميد قال: حدثنا أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: حسن الشعر مال، وحسن
الوجه مال، وحسن اللسان مال.
أحمد بن أبي الكرم بن هبة الله الفقيه: أبو... الحنفي، كان فقيها حسنا، دينا ورعا،
كثيرة التلاوة للقرآن، ولي التدريس بالموصل في المدرسة... ومشيخة الرباط... وروى
الحديث.
وقدم حلب مراراً رسولاً من بدر الدين لؤلؤ صاحب الموصل، واجتمعت به بدمشق، وقد
وردها رسولاً إلى الملك الناصر في سنة ثمان وأربعين وستمائة، وببغداد في هذه السنة،
وقد وصلها رسولاً، ولم يتفق لي سماع شيء منه.
وتوفي بالموصل في شوال سنة خمسين وستمائة، وبلغتني وفاته وأنا ببغداد في هذا
التاريخ.
بسم الله الرحمن الحريم
وبه توفيقي أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن عبد الصمد بن محمد البغدادي:
المعروف بابن الصائغ الحنبلي، فقيه الحنابلة وإمامهم، قدم حلب، وفوض إليه التدريس
بالزاوية الموقوفة على الحنابلة بالمسجد الجامع بحلب، التي وفقها نور الدين محمود
بن زنكي، فأقام بها مدة، وحدث بها، ثم انتقل إلى حران ودرس بالمدرسة النورية بها،
واشتهر اسمه، وقصده الناس للاشتغال عليه.
وكان قد سمع أبا الخطاب محفوظ بن أحمد الكلوذاني، وأبا القاسم علي بن أحمد بن بيان
الرزاز، وأبا الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الهروي، وأبا محمد القاسم بن علي
الحريري، وغيرهم.
سمع منه جماعة من الشيوخ الحفاظ مثل: الحافظين أبي يعقوب يوسف بن أحمد البغدادي،
والقاضي أبي المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبي المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى
التغلبي الدمشقيين، وخرجا عنه في معجم شيوخهما وأبي الحسن أحمد بن محمد بن عبد
الصمد الطرسوسي الحلبي، وغيرهم.
روى
لنا عنه الشيخ الامام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الحلبي وأبو العز
يوسف بن عبيد بن سوار السلمي البلوي.
وأخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شحانة أن مولد أحمد بن أبي الوفاء بن عبد
الرحمن المعروف بابن الصائغ في سنة تسعين وأربعمائة ببغداد.
أخبرنا الشيخ الصالح العابد أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي بحلب
- قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن البغدادي،
إمام الحنابلة - بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن بيان الرزاز قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن إبراهيم بن مخلد قال: أخبرنا أبو علي
إسماعيل بن محمد بن إسماعيل الصفار قال: حدثنا الحسن بن عرفة أبو علي العبدي قال:
حدثنا أبو معاوية محمد بن حازم الضرير عن عبد الرحمن بن أبي بكر القرشي عن عبد
الله بن أبي مليكة عن عائشة قالت: لما ثقل رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال لعبد
الرحمن بن أبي بكر: إئتني بكتف حتى أكتب لأبي بكر كتاباً لا يختلف عليه بعدي،
قالت: فلما قام عبد الرحمن قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبى الله والمؤمنون
أن يختلف على أبي بكر الصديق.
أخبرنا أبو العز يوسف بن سوار بن عبيد السلمي بحلب قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو
الفتح أحمد بن أبي الوفاء بن عبد الرحمن بن الصائغ بحران قال: أخبرنا أبو الخطاب
محفوظ بن أحمد الكلوذاني قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال:
أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد بن حيويه الخزاز قال: قرئ على أبي بكر محمد
بن خلف بن المرزبان بن بسام قال: حدثنا أبو العباس المروزي قال: حدثنا أحمد بن
عثمان بن حكيم قال: حدثنا ابن الصلت عن الحكم بن هشام عن عبد الملك ابن عمير عن
طلحة بن عبيد الله أنه قال: مجلس الرجل ببابه مروءة.
أهدى إلي الخطيب سيف الدين أبو محمد عبد الغني بن محمد الحراني، المعروف بابن
تيمية، جزءاً بخطه فيه تاريخ لأبي المحاسن بن سلامة بن خليفة الحراني جعله تكملة
لتاريخ حران الذي ألفه حماد الحراني، وذكر لي أنه نقله من خط أبي المحاسن المذكور،
فقرأت فيه: حدثني الشيخ أبو الحسن علي بن عمر السعردي رحمه الله قال: انقطع الشيخ
أبو الفتح البغدادي عن المدرسة بحران شهراً بسبب مرض أصابه، فحمل إليه قيم المدرسة
واجب الشهر، فقال له الشيخ: يا بني ما ألقيت في هذا الشهر درساً، ولا لي فيه واجب،
ردها لي الخزانة، فردها ولم يأخذها.
قال أبو المحاسن: وكان - يعني الفقيه أبا الفتح - يدخل على أبي يزوره، وكان أبي
يزوره، وكان أبي فقيراً، وكان الفقيه يريد بذلك وجه الله، وابتغاء مرضاته، تبركاً
بالفقراء وتواضعاً لهم، وحسن ظن فيهم مع جلالة قدره وعلمه، وكان كلما دخل على أبي
ينشده:
يا بومة القبة الخضراء قد أنست ... روحي بروحك إذ يستبشع البوم
زهدت في زخرف الدنيا فأسكنك ... الزهد الخراب فمن يذممك مذموم
قال أبو المحاسن: وحدثني عنه رجل من فقهاء بغداد قال: سافر الشيخ أبو الفتح في طلب
العلم إلى خراسان سفرة طويلة، ثم رجع إلى بغداد وليس معه غير كتبه وثيابه، فوضعها
في بيت من الخان، ثم دخل إلى شارعهم فدخل الدرب الذي كان أهله فيه، فجلس في مسجد
وسأل عن أهله، فأخبروه أنه لم يبق منهم في ذلك الدرب أحد، فجال مع الفقيه الذي هو
قاضي الشارع فتكلما في مسألة، واختلفا فيها، فلما رأى خصمه على نفسه الغلبة، وقهره
الشيخ أبو الفتح بالحجة قال: والله لو أنك أبو الفتح ابن الصائغ ما سلمت اليك،
فقال: يا أخي أنا أبو الفتح ابن الصائغ فقام إليه واحترمه.
توفي أبو الفتح ابن أبي الوفاء إمام الحنابلة بحران في سنة خمس وسبعين وخمسمائة،
نقلت ذلك من خط الخطيب عبد الغني بن تيميه، وذكر لي أنه نقله من خط أبي المحاسن بن
سلامة بن غرير الحراني.
أحمد بن أبي يحيى، أبو بكر الفقيه: حدث بأنطاكية عن أبي الأخيل خالد بن عمر السلفي
روى عنه إسماعيل بن يحيى الحراني.
أنبأنا
أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر
البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن عدي قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى الحراني بمصر قال: حدثنا
أحمد بن أبي يحيى أبو بكر الفقيه بأنطاكية قال: حدثنا أبو الأخيل خالد بن عمر
الحمصي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن محمد بن المنكدر عن جابر قال: رسول الله صلى
الله عليه وسلم: مداراتك الناس صدقة.
ذكر من لم ينته الينا اسم أبيه من الأحمدين أحمد العجيفي: قائد مشهور مذكور، وأظنه
منسوباً إلى عجيف بن عنبسة القائد، وسنذكره في حرف العين إن شاء الله تعالى.
وهذا أحمد له غزوات مذكورة، وآثار في قتال الروم مأثورة، دخل سنة ثمان وسبعين
ومائتين طرسوس، فغزا مع يا زمار الصائفة، فبلغ سمندو، ومات يا زمار في هذه الغزاة،
وتولى أحمد العجيفي طرسوس، وغزا غزوات كان له بها الأثر الجميل، والذكر الحسن.
أحمد المولد: قائد معروف، له ذكر، من قواد بني العباس، ورد حلب في فتنة المستعين
من قبل المعتز بالله بن المتوكل، فعصا أهلها عليه، فحصرها.
وقرأت بخط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي الحلبي، في نسب بني صالح بن علي:
وقدم في فتنة المستعين أحمد المولد محاصراً لأهل حلب، فلم يجيبوه إلى ما أراد،
وكان السفير بينه وبينهم الحسين بن محمد بن صالح بن عبد الله بن صالح، أبا عبد
الله، فلما بايعوا بعد ذلك للمعتز، وانقضى أمر المستعين، ولاه أحمد الملود جند
قنسرين.
وذكر أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق، سنة تسع وخمسين ومائتين فيها عقد لأحمد
المولد على ديار ربيعة من قبل موسى بن بغا في المحرم نقلت من كتاب الأحداث تأليف
أبي جعفر محمد بن الأزهر لأبي نصر الطائي، في سنة خمسين، قال: وكان أحمد الملود
وجه من سر من رأى في جماعة من الأتراك لمعاونة أيوب بن أحمد عند محاربته محمد بن
خالد بالسكير، وأتبع بسيما أخي مفلح، وكان مقداماً سفاكاً للدماء، فملئا أيديهما
من أموال محمد بن خالد وغيره من أموال بني المعمر، ثم كتب إليهما فلحقا صفوان،
فأقام سيما معه، ومضى أحمد المولد إلى قنسرين وحمص.
وقتل أحمد الملود في طريقه خلقاً كثيراً، ثم وافى حمص، وبايع مؤمل وغطيف المعتز،
فأقام أياماً بحمص، ثم اغتال غطيفاً فضرب عنقه صبراً، ووجه برأسه إلى سر من رأى،
وورد الخبر على المعتز بفتوح أحمد المولد، وتوجه في طريقه إلى الشام ومعه صفوان بن
إسحق إلى باجدا فأقام عليهم وحاصرهم حتى دخلوا في طاعة المعتز وبايعوا، وتوجه إلى
حران فأقام عليها ثلاثا وناوشوه شيئاً من القتال ثم فتحت، فبايعوا المعتز ووجه
صفوان بن إسحق بن العوفية إلى بالس ففتحها، وبايع أهلها للمعتز، وتتبع كور قنسرين
كورة كورة يفتحها ويبايع أهلها للمعتز خلا حلب ومنبج وأنطاكية فانهم أقاموا على
طاعة المستعين مع محمد بن هارون بن العوفية، فقتل منهم ابن العوفيه مقتلة عظيمة ثم
دخل أحمد المولد البلد فبايعه أهلها.
أحمد الشيخ أبو العباس خطيب تل اعرن: ويقال فيها تل عرن.
وجدت ذكره في كتاب الاستسعاد بمن لقت من صالحي العباد في البلاد جمع شيخنا ناصح
الدين عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن عبد الواحد بن محمد الحنبلي، ونقلته من
خطه، فقال في ذكره: فممن لقيته بحلب الشيخ أبو العباس أحمد ابن.. خطيب تل أعرن،
وتل أعران قرية من قرى حلب قريبة من حلب، فيها أشجار وفواكه، وكان هذا الشيخ أحمد
رجلا صالحاً، حافظاً لكتاب الله ينظر في كتب الحديث، وتفسير القرآن.
وكان من أصحاب الشيخ أبي المعالي بن الحداد، ويصلي به إماماً، وبقي إلى أن قدمت
إلى حلب سنة ثلاث وستمائة، وكنت رأيته قبل ذلك بدمشق يلازم المدرسة الشرقية الحنبلية
وأصله من العراق.
آخر ذكر من اسمه أحمد أحمد شاه التركي: مقدم الأتراك بحلب، وقيل انه شيباني، كان
يسكن مع الأتراك بالحاضر السليماني، وكان مطاعا مذكورا شجاعا، له مواقف حسنة مع
الفرنج.
وهو
الذي استعاد منبج من أيدي الروم في سنة ثمان وستين، بعد أن كان ميخائيل ابن أخت
أرمانوس الرومي، استولى عليها في ثامن محرم سنة ستين وأربعمائة، ففتحها أحمد شاه،
وصاحب حلب اذ ذاك نصر بن محمود، في يوم الاحد لعشر خلون من صفر سنة ثمان وستين
وأربعمائة.
ولما أفضى الامر بحلب إلى نصر بن محمود بن نصر بن صالح قبض على أحمد شاه واعتقله
بقلعة حلب في عيد الفطر من سنة ثمان وستين وأربعمائة، وشرب نصر إلى العصر، وحمله
السكر على الخروج إلى الأتراك إلى الحاضر بظاهر حلب، فحمل عليهم، فرماه تركي بسهم
فقتله، وزحف الاتراك إلى البلد يطلبون أحمد شاه، وكان والي القلعة ورد، وعنده
الامير أبو الحسن بن منقذو جماعة من الخواص، فلما أحسوا بذلك استدعوا بسابق بن
محمود من البلد إلى القلعة، ونادوا بشعاره، وأشاروا عليه باطلاق أحمد شاه، فأطلقه
في الحال وخلع عليه، ونزل أحمد شاه إلى العسكر بالحاضر، فسكن النائرة وأخمد
الفتنة، فكان سابق بن محمود بعد ذلك يعين الاتراك ويقربهم ويحسن اليهم، ويقدمهم
على أهله بني كلاب وينصرهم عليهم.
قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين: استولى على البلد - يعني حلب -
أحمد شاه التركي، وفي كفالته سابق بن محمود بن نصر.
وقرأت بخط منصور بن تميم بن الزنكل السرميني أنه لما ملك سابق اجتمعت بنو كلاب إلى
أخيه وثاب، وعولوا على معونته عليه وأخذ حلب له من أخيه سابق، فلما تحقق سابق ذلك
استدعى أحمد شاه أمير الأتراك - وكانوا ألف فارس - وشاوره، فأنفذ أحمد شاه إلى رجل
من الأتراك يعرف بمحمد بن دملاج، وكان نازلاً في طريق بلد الروم في خمسمائة فارس،
وضمن له مالاً كثيراً، فوصله محمد ابن دملاج في يوم الأربعاء مستهل ذي القعدة من
سنة ثمان وستين، وتحالفوا وخرجوا إلى بني كلاب المجتمعين مع وثاب في غداة يوم
الخميس مستهل ذي الحجة من سنة ثمان وستين وأربعمائة، وكان بنو كلاب في جمع عظيم ما
اجتمعوا قط في مثله، يقال إنهم كانوا يقاربون سبعين ألف فارس وراجل، فعند معاينتهم
الأتراك انهزموا من غير قتال، وخلفوا حللهم وكلما كانوا يملكونه، وأهاليهم
وأولادهم.
فغنم أحمد شاه وأصحابه ومحمد بن دملاج وأصحابه كلما كان لبني كلاب، فيقال إنهم
أخذوا لهم مائة ألف جمل، وأربعمائة ألف شاة، وسبوا من حرمهم الحرائر جماعة كثيرة،
ومن امائهم أكثر، وكلما كان في بيوتهم، وعفوا عن قتل عبيدهم المقاتلة، وكانوا
يزيدون عن عشرة آلاف عبد مقاتل، ولم يقتلوا أحداً منهم وكان الذي غنمه الغز من
العرب في ذلك اليوم ما لا يحصى كثرة.
وبعد انهزام العرب بثلاثة عشر يوما دعا محمد بن دملاج التركي أحمد شاه، فخرج إليه
وكان نازلاً شمالي حلب، فلما أكلوا وشربوا قبض محمد بن دملاج على أحمد شاه وأسره،
وكان في نفر قليل، فأقام في أسره تسعة أيام، ثم ان سابق ابن محمود اشترى أحمد شاه
من محمد بن دملاج بعشرة آلاف دينار، وعشرين فرسا، يوم السبت.
ووجدت بعض التواريخ يقول جامعة فيه، سنة سبعين وأربعمائة، فيها: حصر تاج الدولة
تتش حلب، ورحل عنها، وعاد إليها، وخرج منها أحمد شاه وكبس العسكر، وعاد.
ثم قال: سنة احدى وسبعين وأربعمائة، قتل أحمد شاه.
وذكر أبو يعلى حمزة بن أسد بن القلانسي قال في حوادث سنة احدى وسبعين وأربعمائة:
وفي هذه السنة قتل أحمد شاه مقدم الأتراك في الشام.
أحمديل بن إبراهيم، صاحب مراغة: قيل كان اقطاعه في كل سنة أربعمائة ألف دينار،
وجنده خمسة آلاف فارس.
سيره السلطان محمد بن ملكشاه إلى الشام مع سكمان القطبي، ومودود بن التورتكين صاحب
الموصل، ومودود مقدم العساكر، في سنة خمس وخمسمائة، في عسكر عظيم لقتال الفرنج،
واجتازوا على بالس، ومضوا بالعساكر، وافتتحوا حصونا كثيرة، وقصدوا حلب فغلقت أبواب
المدينة في وجوههم.
ومرض سكمان بن التورتكين، وعاد فمات ببالس، ثم تفرقوا بعد ذلك، وعاد أحمديل إلى
بغداد.
وفي المحرم من سنة عشر وخمسمائة كان أحمديل في مجلس السلطان محمد، فجاءه رجل ومعه
قصة يشكو فيها الظلم وهو ينتحب، وسأله أن يوصل قصته إلى السلطان، فتناولها منه
فضربه بسكين كانت معدةً، فوثب عليه الأمير مودود فتركه تحته، فجاء آخر فضرب
مودوداً، وجاء ثالث فتممه.
وهذا
ممدود ليس بابن التورتكين، لأن ذلك قتل بدمشق في سنة ست وخمسمائة، على ما نذكره في
ترجمته ان شاء الله تعالى.
الاحنف بن قيس السعدي التميمي: أبو بحر البصري، اشتهر بذلك لأنه كان أحنف الرجل،
واختلف في اسمه فقيل صخر، وقيل الضحاك بن قيس بن معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال
ابن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم أبو بحر بن
أبي مالك وأمه من باهله واسمها حبى بنت قرط بن ثعلبة ابن قرواش من بني زافر بن أود
بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان وقال ابن قتيبة: هي حبى بنت عمرو بن
ثعلبة من أود من باهلة.
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم، وأسلم على عهده ولم يره، ودعا له النبي صلى الله
عليه وسلم، وروى عن عمر بن الخطاب وعثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، والعباس بن
عبد المطلب، وعبد الله بن مسعود، وأبي ذر الغفاري، وعائشة أم المؤمنين رضي الله
عنهم، وشهد صفين مع علي عليه السلام.
روى عنه حميد بن هلال، والحسن البصري، وعبد الله بن عميرة، وكهمس ابن الحسن، وسعد
بن وابصة، وأبو تميمة السلمي، ومالك بن دينار، ومحمد بن سيرين، وطلق بن حبيب.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة
الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا
أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا أبو الوليد محمد بن برد الأنطاكي
قال: حدثنا موسى بن داود قال: حدثني قيس بن الربيع.
قال: وحدثنا الشافعي قال: وحدثني محمد بن بشر بن مطر قال: حدثنا محمد ابن العلاء
وكريب قال: حدثنا الحسن بن عطية قال: حدثنا قيس بن الربيع عن يونس بن عبيد عن
الحسن عن الأحنف بن قيس عن العباس بن عبد المطلب قال: خرجت مع رسول الله صلى الله
عليه وسلم من المدينة، فالتفت اليها فقال: إن الله قد برأ هذه الجزيرة من الشرك، ولكن
أخاف أن تضلهم النجوم قال: ينزل الله عز وجل الغيث فيقولون مطرنا بنوء كذا وكذا.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن موهوب بن جامع البغدادي المعروف بابن
البناء بدمشق، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قالا: حدثنا
أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد السلامي من لفظه قال: أخبرنا الشيوخ الثقات: أبو
الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي الكوفي - قراءة
عليهم مفردين - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني.
وزاد ابن خيرون قال: وأخبرنا أبو الحسين بن أبي علي الأصبهاني قال: أخبرنا أحمد بن
عبدان الحافظ قال: حدثنا محمد بن سهل البصري المقرئ قال: حدثنا أبو عبد الله
البخاري قال: قال لنا حجاج: حدثنا حماد عن علي بن زيد عن الحسن البصري أنه قال له
الأحنف: بينا أنا أطوف بالبيت زمن عثمان رضي الله عنه أخذ بيدي رجل من بني ليث
فقال: ألا أبشرك؟ قلت: نعم، قال: أما تذكر اذ بعثني النبي صلى الله عليه وسلم إلى
قومك بني سعد فجعلت أعرض عليهم الاسلام وقلت: انه يدعو إلى خير، ويأمر بالخير،
فبلغت النبي صلى الله عليه وسلم فقال: اللهم أغفر للأحنف؟ فقال: قال الأحنف: ما
عمل أرجى إلي منه.
أخبرنا محمد بن ابراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد
الخراساني قال: أخبرنا أبو العز بن المختار قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل
قال: حدثني عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا ابن عيينة عن علي بن
زيد بن جدعان قال: بلغني أن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الأحنف فذكره بخير.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الواحد أبو عبيدة
الحداد قال: حدثنا عبد الملك بن معن عن جبر بن حبيب أن الأحنف بلغه رجلان أن النبي
صلى الله عليه وسلم دعا له فسجد.
أخبرنا
أبو البركات داود بن ملاعب البغدادي قال: أخبرنا القاضي أبو الفضل الأرموي قال:
أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري
قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا عبد الأعلى بن حماد النرسي
قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: قدمت على
عمر بن الخطاب رضوان الله فاحتبسني عنده حولاً، فقال: يا أحنف اني قد بلوتك وخبرتك
فرأيت علانيتك حسنة وأنا أرجو أن تكون سريرتك على مثل علانيتك، وانما كنا نتحدث
انما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد
بن محمد بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار قال: أخبرنا أبو علي
بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد بن محمد بن
حنبل قال: حدثني أبو عامر العدوي قال: أخبرنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد بن جدعان
عن الحسن عن الأحنف بن قيس قال: قدمت على عمر بن الخطاب رضي الله عنه فاحتبسني
عنده حولاً، ثم قال: يا أحنف اني قد بلوتك وخبرتك فوجدتك علانيتك حسنة، وأنا أرجو
أن تكون سريرتك مثل علانيتك، وإنا كنا نتحدث أن مما يهلك هذه الأمة كل منافق عليم،
ثم كتب إلى أبي موسى الأشعري أن أدن الأحنف منك واسمع منه وشاوره.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث
قال: حدثنا عبد الله بن بكر المزني عن مروان الاصغر قال: كان الأحنف بن قيس يقول:
اللهم ان تعذبني فأنا أهل ذاك، وان تغفر لي فأنت أهل ذاك.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي قال:
حدثنا يحيى بن يحيى النيسابوري الخراساني من كتابه - قال أبي: وكان ثقة وزيادة،
وأثنى عليه أبي خيراً - قال: حدثنا حماد بن زيد عن زريق بن رديح عن سلمة بن منصور
قال: اشترى أبي غلاما كان للأحنف فأعتقه، فأدركته شيخا كبيرا يحدثنا أن عامة صلاة
الأحنف بالليل كان الدعاء، وكان المصباح قريباً منه فيضع اصبعه عليه فيقول حس يا
أحنف ما حملك على ما صنعت يوم كذا وكذا، يعني كذا وكذا.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن
حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي إسحق الحبال، وخديجة
المرابطة - قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار ابن أحمد قال: أخبرنا أبو
بكر الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن
علي قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار - قالا: حدثنا محمود بن بن محمد الأديب
قال: حدثنا عبد الله بن الهيثم قال: حدثنا حفص بن عمر قال: حدثنا صالح المري عن
علي بن زفر السعدي قال: مرت بالأحنف جنازة فقال: رحم الله عبدا أجهد نفسه لمثل
هذا.
وكان يطيل الصوم في الحر الشديد ويقول: أعده لطول عطش القيامة، وكان يصلي من الليل
ثم يقدم اصبعه من السراج، فاذا وجد حره قال أوه يا أحنف أوه ما تذكر يوم كذا وكذا،
ما تذكر ليلة كذا.
أخبرنا أبو عبد الله بن ابراهيم بن مسلم الإربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن
محمد الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار قال: أخبرنا أبو علي بن
المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله ابن
أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني محمد بن عبد الملك قال: حدثنا عارم أبو النعمان
قال: حدثنا سعيد بن زيد قال: سمعت أبي يقول: قيل للأحنف بن قيس: انك شيخ كبير وان
الصيام يضعفك، قال: أعده لشر طويل.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا إسماعيل قال:
أخبرنا يونس قال: أخبرني مولى للأحنف بن قيس قال: كان الأحنف قل ما خلا إلا دعا
بالمصحف.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عبد الله بن عمر مسكدانه قال: حدثني حسين
الجعفي عن زائدة عن هشام عن الحسن قال. كن النمل قد آذين الأحنف، فأمر بكرسي فوضع
على حجرهن ثم حمد الله عز وجل وأثنى عليه فقال: إنكن قد آذيتمونا فاكففن والا
آذيناكن، قال: فكففن وذهبن.
أخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر
محمد بن نصر بن منصور بن علي العامري بسمرقند قال: حدثنا أبو المعالي محمد بن محمد
بن زيد الحسيني البغدادي - املاء بسمرقند - قال: أخبرنا عبد الغفار بن محمد المؤدب
في كتابه قال: أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثنا محمد بن مخلد قال: حدثنا عبد
الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الصمد بن عبد الوارث قال: حدثنا أبو
عبد الله الكواز قال: حدثتني مولاة الأحنف بن قيسي أنها رأت الأحنف ورآها تقتل
نملة فقال: لا تقتليها، ثم دعا بكساء فجلس عليه، فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: اين
أحرج عليكن لما خرجتن من داري فاني أكره أن تقتلن في داري، قالت: فخرجن فلم يبق
شيء منهن بعد ذلك اليوم ولا واحدة.
قال عبد الله: ورأيت أبي يفعل مثل ذلك، فرأيت النمل قد خرجن بعد ذلك نمل كبار سود،
ولم أرهم بعد ذلك.
أخبرنا أبو عبد الله بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو العز بن الخراساني قال: أخبرنا
ابن المذهب قال: أخبرنا القطيعي قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني محمد بن عبد الملك
بن زنجويه قال: حدثنا عبد الملك بن المتعال بن طالب قال: حدثنا عبد الله بن وهب عن
يحيى بن أيوب عن عبيد الله بن زحر عن سعد بن مسعود قال: قيل للأحنف ابن قيس، وكان
سيد قومه، ألا يضرب عليك سرادق؟ قال: ما سمعت بالسرادق إلا في النار، والله لا
يضرب على سرادق أبدا، قال: فما كان بيته الا خص من قصب، حتى لقي الله عز وجل.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبو عمرو الأزدي نصر بن علي قال: حدثنا نوح بن
قيس قال: حدثنا عون العقيلي أن رجلاً قال للأحنف: ما يمنعك أن تتخذ سرادقاً؟ قال:
لأني سمعت ربي يقول: ناراً أحاط بهم سرادقها.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا أبي قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن
سلمة عن يونس عن الحسن رحمه الله قال: قدم الأحنف بن قيس من سفر وقد غيروا سقف
بيته أو قد حمروا السفاسق وخضروها، فقالوا له: ما ترى إلى سقف بيتك؟ قال: معذرة
اليكم اني لم أره، لا أدخله حتى تغيروه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا قتيبة بن سعيد ابن الفضل
بن محمد العراقي، وأبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، والشيخ أبو طاهر محمد بن
أبي بكر السنجي قالوا: أخبرنا أبو الفضل العباس بن أحمد بن محمد الشقاني - قال أبو
بكر: قراءة عليه، وقالا: إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد
بن إبراهيم بن محمد بن يحيى بن سختويه قال: أخبرنا أبو محمد يحيى بن منصور القاضي
قال: حدثنا أبو رجاء محمد بن أحمد القاضي قال: حدثنا الرياشي العباس بن الفضل قال:
حدثنا الأصمعي عن نافع بن أبي نعيم قال: قيل للأحنف بن قيس: من أين أتيت ما أتيت
في الحلم والوقار؟ فقال: لكلمات سمعتهن من عمر بن الخطاب، سمعت عمراً يقول: يا
أحنف من فرح استخف به، ومن ضحك قلت هيبته، ومن أكثر من شيء عرف به، ومن كثر كلامه
كثر سقطه، ومن كثر سقطه قل حياؤه، ومن قل حياؤه قل ورعه، ومن قل ورعه مات قلبه.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الأنصاري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن
الطيوري قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا سهل قال: حدثنا الصولي قال:
حدثنا أبو عمر سعيد بن عمرو بن محمد بن عبد الله اليمني قال: قال رجل لأبي بحر
الأحنف بن قيس: يا أبا بحر إني أتيتك في حاجة لا تنكئك ولا ترزؤك، إذاً لا تقضى،
أمثلي يؤتي في حاجة لا تنكأه ولا ترزؤه؟!.
أخبرنا محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو العز بن
المختار قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا القطيعي قال: حدثنا عبد الله
بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا عرعرة بن البرند قال: حدثنا
ابن عون عن الحسن قال: قال لأحنف بن قيس: إني لست بحليم ولكني أتحالم.
قال عبد الله بن أحمد: حدثنا أبو موسى العنزي قال: حدثنا عرعرة بن البرند الشامي
فذكره.
وقال:
حدثنا عبد الله قال: قرأت على أبي إبراهيم بن إسحق الطالقاني قال: حدثنا الحارث بن
عمير عن رجل من أهل البصرة قال: قيل للأحنف: مالك لا تمس الحصا؟ فقال: ما في مسه
أجر ولا في تركه وزر مع أني في خلتين: لا أغتاب جليسي إذا قام من عندي، ولا أدخل
في أمر قوم لم يدخلوني معهم.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي - بقراءتي عليه بنابلس - قال:
أخبرنا تجني بنت عبد الله الوهبانية، قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن أحمد بن
محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن الحسن بن المنذر قال:
أخبرنا أبو علي الحسن بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبي
قال: أخبرنا الأصمعي عن معتمر بن سليمان عن حزم القطعي عن سليمان التيمي قال: قال
الأحنف بن قيس ما ذكرت أحداً بسوء بعد أن يقوم من عندي.
وقال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن سعيد الدارمي قال: حدثنا
الأصمعي عن أبيه قال: كان الأحنف بن قيس إذا ذكر عنده رجل قال: دعوه يأكل رزقه،
ويأتي عليه أجله.
وقال عن غير أبيه: إن الأحنف قال: دعوه يأكل رزقه ويكفى قرنه.
وقال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن جميل المروزي قال: أخبرنا
عبد الله بن المبارك قال: أخبرنا سفيان عن أبي حيان عن أبي الزنباع عن أبي الدهقان
قال: صحب الأحنف بن قيس رجل فقال: ألا تميل فنحملك وتفعل، قال: لعلك من العراضين؟
قال: وما العراضون؟ قال الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، قال: يا أبا بحر ما
عرضت عليك حبي، قال يا بن أخي إذا عرض لك الحق فاقصد له، واله عما سوى ذلك.
أخبرنا قنور بن ابراهيم قال: أخبرنا محمد بن الخراساني قال: أخبرنا ابن المختار
قال: أخبرنا أبو علي: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي
قال: حدثنا وكيع عن سفيان عن أبي حيان عن أبي الزنباع قال: كان شاب يمشي مع الأحنف
بن قيس فمر بمنزله فعرض عليه الشاب فقال: يا بن أخي لعلك من العارضين، قال: يا أبا
بحر وما العارضون؟ قال: الذين يحبون أن يحمدوا بما لم يفعلوا، يا بن أخي إذا عرض
لك الحق فاقصد واله عما سوى ذلك.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي قال: أخبرتنا تجني الوهبانية قالت:
أخبرنا أبو عبد الله النعالي قال: أخبرنا أبو القاسم بن المنذر قال: أخبرنا أبو
علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن الحسين
عن عبيد الله بن محمد التيمي قال: قيل للأحنف بن قيس يوم قطري: تكلم قال: أخاف
ورطة لساني.
وقال: حدثنا عبد الله بن أبي الدنيا قال: حدثني داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا عبد
الله بن المبارك قال: أخبرنا ابن عون عن الحسن قال: كانوا يتكلمون عند معاوية
والأحنف ساكت، فقالوا: مالك لا تكلم يا أبا بحر؟ قال: أخشى الله إن كذبت، وأخشاكم
إن صدقت.
أخبرنا أبو عبد الله بن إبراهيم قال: أخبرنا ابن الخراساني قال: أخبرنا ابن
المختار قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد
قال: حدثني عبيد الله بن عمر قال: حدثنا سليم بن أخضر قال: حدثنا ابن عون قال:
أنبأني الحسن قال: تكلموا عند معاوية والأحنف ساكت، فقال له معاوية: مالك لا تكلم؟
قال: أخاف الله إن كذبت وأخافكم إن صدقت.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: وحدثني موسى قال: حدثني ابن أبي عدي عن
ابن عون عن الحسن قال: تكلموا عند معاوية والأحنف ساكت، فقال: مالك يا أبا بحر لا
تكلم؟ قال: أخاف الله إن كذبت، وأخافكم إن صدقت.
أخبرنا أبو محمد المقدسي قال أخبرنا تجني الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله
قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو علي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا
قال: حدثنا داود بن عمرو الضبي قال: حدثنا يحيى بن عبد الملك بن أبي عتبة قال:
حدثنا سلامة بن منيح قال: قال الأحنف بن قيس: ما كذبت منذ أسلمت إلا مرةً واحدة،
فإن عمر رضي الله عنه سألني عن ثوب: بكم أخذته؟ فأسقطت ثلثي الثمن.
أخبرنا
أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير البغدادي بالقاهرة المعزية قال:
أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا إبراهيم بن سعيد إذنا قال: أخبرنا أبو
الحسن بن محمد بن القاسم قال: أخبرنا صالح بن محمد بن علي الحصيني قال: حدثنا ابن
قتيبة قال: حدثنا محمد بن عمرو قال: حدثنا عطاف عن عبد العزيز بن قرير أن الأحنف
قيل له: يا أبا بحر ما رأينا أشد أناة منك ! فقال: قد عرفت في عجلة في أمور ثلاثة،
فقالوا: وما هي؟ قال: الصلاة إذا حضرت حتى أوديها، وأيمي إذا خطبها كفؤها حتى
أزوجها، وجنازتي إذا توفيت حتى أواريها.
أخبرنا أبو عبد الله الإربلي قال: أخبرنا أبو العز بن الخراساني قال: أخبرنا ابن
المختار قال: أخبرنا ابن المذهب قال: أخبرنا القطيعي قال حدثنا عبد الله بن أحمد
قال: حدثني فضيل بن سهل قال: حدثني عفان قال: حدثنا سليمان بن المغيرة عن كهمس عن
الأحنف قال: في كل شيء أناة إلا في ثلاث: الصلاة إذا حضرت، وأيم إذا وجدت لها
كفؤاً والجنازة إذا حضرت.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا عطاف بن خالد قال: حدثني
عبد العزيز بن قرير قال: قيل للأحنف بن قيس: يا أبا بحر ما رأينا رجلاً أشد أناة
منك ! قال: قد عرفت مني عجلة في أمور ثلاث، قالوا: ما هي؟ قال: الصلاة إذا حضرت
حتى أوديها، وأيمي إذا خطبها كفؤها حتى أزوجها، وجنازتي إذا توفيت حتى ألحقها
بحفرتها.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا جرير عن
مغيرة قال: شكا ابن أخي الأحنف بن قيس إلى الأحنف بن قيس وجع ضرسه، فقال له الأحنف
بن قيس: لقد ذهبت عيني منذ أربعين سنة فما ذكرتها لأحد.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر القرطبي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف.
وأخبرنا عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمد
الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز
بن الحسن بن إسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا
أبو بكر المالكي قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا المازني عن الأصمعي قال: قال
هشام بن عبد الملك لخالد بن صفوان: أخبرني عن الأحنف بن قيس، قال: إن شئت يا أمير
المؤمنين أخبرتك عنه في ثلاث، وإن شئت باثنتين، وإن شئت بواحدة، قال: فأخبرني عنه
بثلاث، قال: كان لا يحرص ولا يجهل ولا يدفع الحق إذا نزل به، وخضع لذلك؛ قال:
فأخبرني - عنه باثنتين، قال: كان يؤتي الخير ويتوقى الشر قال: فأخبرني عنه بواحدة،
قال: كان أعظم الناس سلطانا على نفسه.
أخبرنا عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن
البسطامي قال: أخبرنا أبو القاسم الشروطي أن شيخ السنة أبا بكر أخبرهم قال: أخبرنا
أبو الحسن علي بن محمد المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن إسحق قال: حدثني خالي
- يعني أبو عوانة - قال: حدثنا ابن الفرج قال: حدثنا عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا
جرير عن مغيرة قال: شكا ابن أخ الأحنف بن قيس وجعاً بفرسه، فقال الأحنف: لقد ذهبت
عيني منذ ثلاثين سنة فما ذكرتها لأحد.
قال أبو شجاع البسطامي: كذا في أصلي وأظنه بضرسه.
أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الآبري قالت: أخبرنا أبو
عبد الله بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو سهل بن عمر قال: أخبرنا علي ابن الفرج
العكبري قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا خالد بن خداش قال: حدثنا
حماد بن زيد عن عامر بن عبيدة عن رجل قال: كنت أسير في جوف الليل فإذا خلفي رجل
أظنه الأحنف، فسمعته يقول: اللهم هب لي يقيناً تهون به علي مصيبات الدنيا.
أخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد بن أبي بكر السمعاني
إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا إسماعيل بن محمد بن الفضل الحافظ إملاء بأصبهان
قال أخبرنا القاضي أبو الفرج محمد بن عبيد الله البصري في كتابه قال: حدثنا القاضي
أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا المرزباني قال: حدثنا ابن دريد قال:
حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي قال: حدثنا العلاء بن حريز عن أبيه قال: قال الأحنف بن
قيس: ثلاثة مجالس لا عيب على الرجل أن يجلسها: انتظار العلم، وانتظار إذن السلطان،
وانتظار الجنازة؛ وثلاثة لا عيب فيهن: أن يخدم الرجل أباه، وضيفه وفرسه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بنابلس قال. أخبرتنا تجني بنت عبد الله
الوهبانية قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد النعالي قال: أخبرنا أبو
القاسم بن المنذر قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي
الدنيا قال: حدثنا عبيد الله بن عمر الجشمي قال: حدثنا بشر بن المفضل عن عبيد الله
بن العيزار عن صاحب له عن أبي تميمة السلمي قال: سمعت الأحنف بن قيس يقول: قال
الله عز وجل: عن اليمين وعن الشمال قعيد فصاحب اليمين يكتب الخير، وهو أمير على
صاحب الشمال، فإن أصاب العبد خطيئة قال: أمسك، فإن استغفر الله نهاه أن يكتبها،
وإن أبى إلا أن يصر كتبها.
أخبرنا شرف الدين أبو عبد الله الحسين بن إبراهيم بن الحسين الإربلي قال: أخبرنا
أبو طاهر بركات بن إبراهيم بن طاهر الخشوعي قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد
بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي ابن عثمان قال: أخبرنا أبو مسلم
محمد بن أحمد بن علي قال: حدثنا أبو بكر بن دريد قال: حدثنا أبو حاتم عن الأصمعي
قال: قال شبيب بن شيبة: قال الأحنف ابن قيس: رأس الأدب آلة النطق، ولا خير في قول
إلا بفعل، ولا في منظر إلا بمخبر، ولا في مال إلا بجود، ولا في صديق إلا بوفاء،
ولا في فقه الا بورع، ولا في صدقة الا بنية، ولا في حياة الا بأمن وصحة.
أخبرنا الشيخ العلامة أبو اليمن زيد الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله
بن علي بن أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد ابن الحسين بن
عبد العزيز قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف بن خاقان البيع.
قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب الشافعي قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجراح الخزاز قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن
بن دريد الأزدي قال: وقال الأخنف: الملول ليس له وفاء، والكذاب ليس له حياء،
والحسود ليس له راحة، والبخيل ليست له مروءة، ولا يسود سيء الخلق.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي - قراءة عليه عن أبي الفضل
محمد بن ناصر - قال: أنبأنا إبراهيم بن سعيد قال: أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن
القاسم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن بندار قاضي أذنه قال: حدثنا محمود بن محمد قال:
حدثني ثمامة بن عتبة عن عبد الرحمن بن صخر الوابصي قال: حدثني يحيى بن أيوب، وعمرو
بن أبي إياس عن عبد الرحمن بن سعد ابن وابصة عن أبيه سعد قال: سمعت الأحنف يقول:
ثلاث لا أفعلهن أبداً، لا أزوج رجلاً ثم أخاصمه، ولا أقاول من لا كفاء له، ولا
أبارز السلطان فإنه من سلطان الله، أخاف أن يغلبني بسطوته.
أخبرنا أبو عبد الله بن إبراهيم قال: أخبرنا محمد بن مواهب قال أخبرنا أبو العز
قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو بكر قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال حدثنا
أبي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا حماد قال: حدثنا شيخ من بني تميم قال: قال الأحنف
بن قيس: إنه ليمنعني كثيراً من الكلام مخافة الجواب.
وقال حدثنا عبد الله قال: حدثني محمد بن عبد الملك قال حدثني ابن شبوية قال: حدثني
سليمان قال: حدثني ابن مبارك قال: قال قائل للأحنف: بأي شيء سودك قومك؟ قال: لو
عاب الناس الماء لم أشربه.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثني هرون بن معروف قال: حدثنا
ضمرة عن ابن شوذب قال: قال الأحنف بن قيس: عرضت نفسي على القرآن فلم أجد نفسي بشيء
أشبه مني بهذه الآية: وآخرون اعترفوا بذنوبهم خلطوا عملاً صالحاً وآخر سيئا عسى
الله أن يتوب عليهم.
وقال:
حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو معاوية الغلابي قال: حدثني
رجل من بني تميم قال: قال الأحنف: لا مروءة لكذوب ولا راحة لحسود ولا خلة لبخيل،
ولا سؤدد لسيء الخلق، ولا إخاء لملول.
وقال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: حدثنا محمد -
يعني ابن طلحة - عن الهجيع بن قيس قال: قال الأحنف بن قيس: ما أحب أن لي بنصيبي من
الذل حمر النعم.
وقال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد ابن
شبويه قال: حدثني سليمان - وهو سلمويه من أصحاب ابن المبارك - قال: حدثنا عبد الله
بن المبارك عن خزيمة بن خازم قال: أخبرني محمد بن عبد الله بن أبي يعقوب أن أم
الأحنف كانت امرأة من بني زافر من باهلة وأنها كانت ترتجز وهو في حجرها:
والله لولا حنفٌ في رجله ... ما أدرك في ولدانكم من مثله
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر بن عبد الله بن سليمان عن أبي محمد عبد الله بن
أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو
طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال:
حدثنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا إبراهيم بن الجراح
عن أبي يوسف عن أبي حمزة الثمالي قال: لما بويع معاوية وفد عليه الأحنف ابن قيس
وأبو الأسود الدؤلي في أهل البصرة، فقال معاوية للأحنف حين دخل عليه: أنت القاتل
أمير المؤمنين - يريد عثمان - والخاذل أمير المؤمنين ومقاتلنا بصفين، فقال له الأحنف:
يا أمير المؤمنين لا تردد الأمور على أدبارها فإن القلوب التي أبغضناك بها في
صدورنا، والسيوف التي قاتلناك بها في عواتقنا، فلا تمد لنا شبراً من الغدر إلا
مددنا لك باعاً من الختر، وإن كنت يا أمير المؤمنين لجدير أن تستصفي كدر قلوبنا
بفضل حلمك، فقال: إني فاعل إن شاء الله.
أخبرنا عتيق بن أبي المفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن.
وحدثنا محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو
القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: حدثنا أبو محمد بن إسماعيل الضراب
قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا الزيادي عن الأصمعي
قال: حدثنا معمر بن حيان عن هشام بن عقبة أخي ذي الرمة الشاعر قال: شهدت الأحنف بن
قيس وقد جاء إلى قوم في دم فتكلم فيه فقال: احكموا، فقالوا: نحكم ديتين، فقال: ذاك
لكم، فلما سكتوا قال: أنا أعطيكم ما سألتم غير أني قائل لكم شيئاً: إن الله عز وجل
قضى بدية واحدة وإن النبي صلى الله عليه وسلم قضى بدية واحدة، وان العرب تعاطي
بينها دية واحدة، وأنتم اليوم تطالبون، وأخشى أن تكونوا غداً مطلوبين فلا يرضى
الناس منكم إلا بمثل الذي سننتم على أنفسكم، قالوا: فردها إلى دية واحدة، فحمد الله
وأثنى عليه وركب.
وقال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال: حدثنا ابن عائشة
قال: سمعت أبي يقول: سئل الأحنف بن قيس: ما المروءة؟ فقال: كتمان السر والتباعد من
الشر.
قال ابن مروان: حدثنا يعقوب بن يوسف المطوعي قال: حدثنا أبو الربيع الزهراني عن
حماد بن زيد قال: قال رجل للأحنف بن قيس: بم سدت قومك - وأراد عيبه؟ فقال الأحنف:
بتركي من أمرك ما لا يعنيني كما عناك من أمري ما لا يعنيك؛ وجاء في غير هذه
الرواية أنه قال له: بم سدت قومك وأنت أحنف أعور؟ وقال: حدثنا محمد بن يونس قال:
حدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء قال: قال الاحنف بن قيس: ما دخلت بين اثنين
قط حتى يكونا هما يدخلاني في أمرهما، ولا أقمت من مجلس قط، ولا حجبت عن باب قط.
يقول: لا أجلس مجلساً أعلم أني أقام عن مثله ولا أقف على باب أخاف أن أحجب عن
صاحبه.
قال الأصمعي: وقال: إني ما رددت عن حاجة قط، قيل له: ولم؟ قال: لأني لا أطلب
المحال.
قال الأصمعي: قيل للأحنف: إنك تطيل الصيام، قال: إني أعده لسفر طويل.
نقلت من خط ابن الحداد صاحب ثعلب على ظهر كتاب ببغداد فيه أخبار الحارث المخزومي
قال أبو هفان: يروى أن الأحنف لم يقل غير هذين البيتين:
فلو أنّ مالي مالٌ كثيرٌ ... لجدت وكنت له باذلا
فإنّ المروءة لا تستطاع ... إذا لم يكن مالها فاضلا
أخبرنا
أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الدامغاني الصوفي قال: أخبرنا أبي قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو
سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثني الزبير - يعني ابن بكار - قال:
قال الأحنف بن قيس:
وكائن ترى من صامتٍ لك معجب ... زيادته أو نقصه في التكلم
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم تبق إلاّ صورة اللحم والدّم
قال الزبير: إنما قال الأحنف هذا لأنه كان يجلس إليه رجل فأعجبه ما رأى من صمته
إلى أن قال له يوماً: يا بن أخي والله إن المائة الألف درهم لمحروص عليها، ولكني
قد كبرت وما أقوى على القيام على هذه الشرفة، وقام الفتى، فلما ولى قال الأحنف
هذين البيتين.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم قال: أخبرتنا الكاتبه شهدة بنت أحمد
بن الفرج قالت: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا
أبو الحسن محمد بن عبيد الله بن محمد بن يوسف الحنائي قال: أخبرنا أبو عمرو عثمان
بن أحمد بن السماك قال: حدثنا أبو القاسم إسحق بن إبراهيم بن سنين الختلي قال:
حدثني محمد بن مزيد قال: أخبرني بعض أصحابنا قال: قال رجل للأحنف: أنت أبي بحر،
فقال الأحنف: الرجل مخبوء تحت لسانه، ثم أنشأ يقول:
وكائن ترى من معجبٍ لك صامتاً ... زيادته أو نقصه في التكلّم
لسان الفتى نصفٌ ونصفٌ فؤاده ... فلم تبق إلاّ صورة اللحم والدم
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب قال: أخبرنا أبو الحسن
مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن إسماعيل
الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن الحسين بن فادشاه قال: أخبرنا أبو
القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أبو شعيب الحراني قال: حدثنا
عمر بن شبة قال: حدثنا علي بن محمد المدائني عن سحيم بن حفص قال: كانت امرأة من
بني عامر عند الأحنف بن قيس فطلقها فخلف عليها بدر بن أحمد الضبي، فأتاها الأحنف
يوماً فدخل عليها، فأرسل إليه بدر بن أحمر ابنه وقال للرسول: قل له:
لا يشغلنّك عن شيءٍ هممت به ... إنّ الغزال الذي ضيّعت مشغول
فقال الأحنف: قل له:
إن كان ذا شغلٍ فالله يحفظه ... فقد لهونا به والحبل موصول
ذكر أبو عثمان عمرو بن بحر الجاحظ في كتاب البيان والتبيين قال: وروى الهيثم بن
عدي عن أبي يعقوب الثقفي عن عبد الملك بن عمير قال: قدم علينا الأحنف ابن قيس
الكوفة مع المصعب بن الزبر فما رأيت خصلة تذم إلا وقد رأيتها فيه، كان صعل الرأس
متراكب الأسنان، أشدق مائل الذقن، ناتئ الوجه، باحق العين، خفيف العارضين أحنف
الرجل، ولكنه كان إذا تكلم جلا عن نفسه.
وزعم يحيى بن نجيم بن ربيعة أحد رواة أهل البصرة قال: قال يونس بن حبيب في تأويل
الأحنف بن قيس وقال:
أنا ابن الزافرية أرضعتني ... بثديٍ لا أحذّ ولا وخيم
أتمّتني فلم تنقص عظامي ... ولا صوتي إذا اصطكّ الخصوم
قال: إنما عنى بقوله: عظامي أسنانه التي في فيه، وهي التي إذا تمت تمت الحروف،
وإذا نقصت نقصت الحروف.
قال يونس: وكيف يقول مثله: أتمتني فلم تنقص عظامي، وهو أحنف من رجليه جميعاً مع
قول الحباب له: والله إنك لضئيل، وإن أمك لورهاء، وكان أعرف بمواقع العيوب وأبصر
بدقيقها وجليلها، وكيف يقول ذلك وهو نصب عيون الأعداء وشعراء الأعداء، وهو أنف مضر
الذي تعطس به وابن العرب والعجم قاطبة.
أخبرنا حسن بن أحمد الأوقي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ السلفي -
إجازه إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر
قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد العجلي قال: حدثني
أبي قال: والأحنف بن قيس بصري تابعي ثقة، وكان سيد قومه، وكان أعور أحنف، دميماً
قصيراً، كوسحاً له بيضة واحدة، قال له عمر بن الخطاب رضي الله عنه: ويحك يا أحنف
لما رأيتك أرديتك، فلما نطقت فقلت لعله منافق صنع اللسان، فما إختبرتك أحمدتك،
ولذلك حبستك - حبسه سنة يختبره، فقال عمر: هذا والله السيد.
أخبرنا
عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا:
أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: حدثنا أبو
محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن
إسحق الحربي وأحمد بن عبادة قالا: حدثنا الرياشي عن الأصمعي قال: قال عبد الملك بن
عمير: قدم علينا الأحنف مع مصعب بن الزبير، فما رأيت خصلة تذم إلا رأيتها فيه، كان
ضئيلا، صعل الرأس، متراكب الأسنان مائل الذقن، ناتئ الوجه، باحق العين، خفيف
العارضين، أحنف الرجلين، فكان إذا تكلم جلا عن نفسه.
وفي نسخة: كان ضئيلاً، صعيل الرأس؛ قال إبراهيم: وذكر الهيثم أنه كان أعور العين
ذهبت بسمرقند، وولد ملتزق الاليتين فشق باثنين.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل عن خلف بن عبد الملك بن بشكوال قال: أخبرنا أبو
محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال:
أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثني محمد بن
عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن زهير قال: حدثنا سليمان ابن أبي شيخ قال: كان أحنف
الرجلين جميعا ولم يكن له إلا بيضة واحدة، وكان اسمه صخر بن قيس أحد بني سعد، وأمه
امرأة من باهلة، وكانت ترقصه وتقول:
لولا حنّفٌ برجله
وقلّة أعرفها من نسله
ما كان في فتيانكم من مثله
قال ابن المسكر: وأحنف بن قيس السعدي، أبو بحر واسمه الضحاك، سكن البصرة، أدرك زمن
النبي صلى الله عليه وسلم، ويقال اسمه صخر بن قيس.
كتب إلينا أبو الفتوح نصر بن علي الحصري من مكة أن الحافظ أبا محمد عبد الله بن
محمد الأشيري أخبرهم قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد الخطيب
قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد البر النمري قال: الأحنف بن
قيس العدي التميمي، يكنى أبا بحر، واسمه الضحاك ابن قيس، وقيل صخر بن قيس بن
معاوية بن حصين بن عبادة بن النزال بن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن
سعد بن زيد مناة بن تميمم، وأمه من باهلة، كان قد أدرك النبي صلى الله عليه وسلم
ولم يره، ودعا له النبي عليه السلام، فمن هناك ذكرته في أصحابه لأنه أسلم على عهد
النبي عليه السلام.
كان الأحنف أحد الجلة الحلماء الدهاة الحكماء العقلاء، يعد في كبار التابعين
بالبصرة، وتوفي الأحنف بن قيس بالكوفة في إمارة مصعب بن الزبير سنة سبع وستين،
ومشى مصعب في جنازته.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن موهوب بن البناء، وأبو سعد ثابت ابن مشرف
بن أبي سعد البناء البغداديان قالا: حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد اسلامي
من لفظه قال: - وذكر - الأحنف بن قيس السعدي البصري، واسمه الضحاك، أدرك أيام
النبي صلى الله عليه وسلم وسمع عمر بن الخطاب، وعثمان وعلياً رضي الله عنهم، وكان
حليماً وقوراً عاقلاً، وكان شيخ بني تميم وعالمهم أجمع، وكان يتبعه منهم عشرة آلاف
فارس، وشهد قتال المختار بن أبي عبيد مع مصعب بن الزبير وكان معه، وتوفي بالكوفة
من قبل قتل مصعب، ومشى مصعب في جنازته بغير رداء، وذلك في سنة إحدى وسبعين من
الهجرة، أخرج البخاري ومسلم عن الأحنف في كتابيهما.
أخبرنا الأوقي حسن بن أحمد إذنا قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك
بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن بن قشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال
أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة سبع وستين، والأحنف بن قيس أبو بحر بالكوفة -
يعني مات - وصلى عليه مصعب بن الزبير، وقال: سنة إحدى وسبعين، والأحنف بن قيس أبو
بحر - يعني قيل إنه توفي فيها - .
قرأت
في تاريخ محمد بن أحمد بن مهدي، مما كتب لخزانة أمير المؤمنين القادر، في حوادث
سنة ثمان وستين قال: وفيها مات أبو بحر الأحنف بن قيس بالكوفة، واسمه صخر بن قيس
بن معاوية بن حصين بن عبادة بن نزال بن مرة بن عبيد بن الحارث بن عمرو بن كعب بن
سعد بن زيد مناة بن تميم، وكان قيس أبوه يكنى أبا مالك، وقتلته بنو مازن في
الجاهلية، ورهطه بنو مرة بن عبيد بعثوا بصدقاتهم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم
مع عكراش بن ذؤيبة؛ وأم الأحنف حبى بنت عمرو بن علقمة من بني أود من باهلة، ولدته
ملتصق الاليتين حتى شق وكان أعور ذهبت عينه بسمرقند، ويقال بل ذهبت بالجدري، وكان
أحنف الرجل متراكب الأسنان، صعل الرأس، مائل الذقن، خفيف العارضين، وشهد مع علي
عليه السلام صفين، ولم يشهد الجمل مع أحد الفريقين، ودفن بالكوفة عند قبر زياد بن
أبيه بالتوبة، وخرج في جنازته مصعب بن الزبير وهو أمير العراقين ماشياً، وطرح رداءه،
فطرح الأشراف أرديتهم، فكان أول من فعل من الأشراف ذلك في جنازته إعظاما لمصابه،
وبلغ من السن سبعين سنة، وله وفادة على عمر بن الخطاب رحمه الله، وكان له ابن يقال
له بحر، وكان مضعوفاً، حكي أنه قيل له: ما يمنعك أن تتقيل بعض أخلال أبيك؟ قال:
الكسل، ولم يكن له عقب.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن
حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء في كتابه عن أبي إسحق الحبال وخديجه
المرابطة - قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر
الحسن بن الحسين بن بندار، وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي
قال: حدثني جدي علي بن الحسين بن بندار - قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال:
حدثنا عبد الله هلال بن العلاء قال: حدثنا عمرو الناقد قال: حدثنا معتمر عن قرة بن
خالد وغيره قال: رأيت مصعب بن الزبير يمشي في جنازة الأحنف بغير رداء، وكان أول من
تسلب على ميت.
ذكر من اسمه أحوص
الأحوص، واسمه عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عاصم الأنصاري: قدم خناصرة وافداً
على عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه، والأحوص لقب اشتهر به، وسنذكره في العبادلة
في حرف العين من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
الأحوص الدفافي الشاعر: ويلقب المحترز، وينسب إلى دفافة العبسي، وكان يصحب بعض بني
صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بحلب، وهو شاعر لم أظفر إلى الآن بشيء من شعره
وله ذكر يأتي في أثناء هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
وكان معاصراً لديك الجن عبد السلام بن رغبان الحمصي، وتوفي في حياة ديك الجن،
فرثاه ديك الجن بأبيات أولها:
عزاءً وتسليماً على الرغم والصغر ... فما الدهر أنساناك بل وارث الدهر
وأنساك بل أسلاك بل أجد الكرى ... فأعطيك صبري لاحمدت إذاً أمري
مضى فارس الآداب والمجد والشعر ... وقسورة الأبطال والورق والتبر
منها:
أأحوص دعوى لو تجلاك طيفها ... لرواك من ذكرٍ تنفق من شكر
ثناً نظمته تحت أجنحة الدجى ... أنامل صدرٍ فيك ملآن من جمر
فوافى شروقٌ كالقداح إذا انبرت ... صحائفها خدي وكاتبها شفري
منها:
أتدرين من بات الصعيد ضجيعه ... برغمي ومن نالته قاصمة الظهر
فتىً كان لم يحبب حياة معمرٍ ... فتىً في الوغى إلاّ أحبّ انقضاء العمر
ولا رمقته العين في جنح عارض ... من الموت إلاّ عمن في عارض الذعر
فتى ما تراءته الكماة ولو غدت ... ذوي عددٍ إلاّ رأت جحفلاً يسري
علواً وإسلاماً وبأساً ونائلاً ... غداة الندى والدين والبأس والفخر
ذكر من اسمه أخنس
الأخنس بن العيزار الطائي: كان ممن شهد صفين مع علي بن أبي طالب عليه السلام، ثم
رجع عنه بعد التحكيم، وصار من الشراة، وقاتل علياً يوم النهروان مع الخوارج فقتله
علي رضي الله عنه، وكان شاعراً.
قرأت
في كتاب الفتوح تأليف أبي محمد أحمد بن أعثم الكوفي في قصة أهل النهروان قال:
وتقدم رجل من الشراة يقال له الأخنس بن العيزار الطائي حتى وقف بين الجمعين، وكان
من أشد فرسان الخوارج، وكان ممن شهد صفين فقاتل فيها، فلما كان ذلك اليوم تقدم بين
الجمعين وأنشأ يقول:
ألا ليتني في يوم صفين لم أؤب ... وغودرت في قتلى بصفين ثاويا
وقطعت آراباً وألقيت جيفةً ... فأصبحت ميتاً لا أجيب المناديا
ولم أر قتلى سنبس ولقتلهم ... أشاب غداة الدهر مني النواصيا
ثمانون من حزبي جديلة قتلوا ... على النهر كانوا يخضبون العواليا
ينادون لا لا حكم إلاّ لربنا ... حنانيك فاغفر حوبنا والمساويا
هم فارقوا من جار في الله حكمه ... فكل عن الرحمن أصبح راضيا
ولا وإله الناس ما هاب معشري ... على النهر في الله الحتوف القواضيا
شهدت لهم عند الإله بفلجهم ... ألا صالح الأقوام خاف المخازيا
أنابوا إلى التقوى ولم يتبعوا الهوى ... فلا يبعدن الله من كان ساريا
قال: ثم حمل على أصحاب علي رحمة الله عليه، فشق الصفوف، وقصده علي فالتقيا بضربتين
ضربه علي ضربة ألحقه بأصحابه.
ذكر من اسمه إدريس
إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي: ابن عيسى بن عبد الله بن محمد بن القاسم بن
يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس بن عبد الله بن حسن بن حسن بن علي بن أبي طالب
الإدريسي الحسني، أبو الحسن بن أبي علي الاسكندراني، من أبناء الأكابر، ونجل
الأمراء بالمغرب، وكان فاضلاً أديباً شاعراً مجيداً بصيراً بالحكمة وعلوم الأوائل،
عارفاً بالأدب، قيما بعلم النسب، عالماً بأيام العرب، قيما بالتاريخ والأخبار،
راوية للدواوين والأشعار، له مصنفات عديدة ومجاميع في الأنساب والتواريخ مفيدة.
سمع من الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، وابنه أبي محمد
القاسم بن علي، وأبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر السلمي والقاضي
الفاضل عبد الرحيم بن علي البيساني وغيرهم.
دخل حلب مراراً متعددة وقطنها بالأخرة إلى أن مات بها، وحدث بها ببعض كتاب النسب
للزبير بن بكار بروايته عن الحافظ أبي القاسم الدمشقي.
روى عنه العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد في كتاب الخريدة، وروى لنا عنه
شيئاً من شعره القاضي أبو محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب، والشريف أبو المحاسن
عبد الله بن محمد بن عبد الله الهاشمي الحلبيان.
وكان فاسقاً مدمناً لشرب الخمر، منهمكاً في الخلاعة فأعرض الناس عن السماع علي
لذلك، أدركته بحلب ولم يتفق لي الاجتماع به البته، وكان أول دخلوه إلى حلب على ما
قرأته بخطه في بعض تعاليقه في جمله الملك العادل محمود ابن زنكي بن آق سنقر في
المحرم سنة تسع وخمسين وخمسمائة.
وسمعت الصدر القاضي بهاء الدين أبا محمد الحسن بن إبراهيم بن الخشاب الحلبي يقول:
ورد الشريف الادريسي إلى حب بعد الستين والخمسمائة، وأقام بها واختلط بأهلها، وهو
على طريقة حسنة من التزمت والوقار.
قال: وغلب عليه في آخر عمره حب الخمر والتهتك فيه ومعاشرة الأراذل والسفلة.
قال لي: وكنت إذا اجتمعت به أو لقيته ألومه على ذلك، وأعنفه فيقول لي: إن هؤلاء
اللفيف الأخساء إذا جلست معهم لا أعبأ بهم، ولا أتحفظ منهم، وتحصل لي الراحة بصغر
أقدارهم واطراحهم، وأنا فمكب على النسخ، متى جلست معهم لا أكلمهم ولا يكلمونني،
ولا يكلفوني شططاً.
وقد ذكر قصته معهم في قصيدته الرائية التي نظمها بعد الستمائة، وهي مشهورة يعرض
فيها بالمباحية وغيرهم، أولها:
أعلي إن خلعت فيك العذارا ... حسبةً أو لزمت فيك الوقارا
وأعرضت عن ذكر القصيدة، وإن كانت من لطيف الشعر، لما فيها من السخف والخلاعة وذكر
ما لا يليق ذكره بأهل العلم.
قال
لي القاضي أبو محمد: وبالجملة فقد كان عنده من القناعة وقلة الطمع فيما يرغب الناس
فيه جملة كافية صانت ماء وجهه على فقره وفاقته، فإنه أكثر أيامه كان يورق بالإجرة
وكان أبوه وخاله من الأمراء المشهورين بالديار المصريه بفضيلتي السيف والقلم، إلا
أنه محا ذكرهم بما اشتهر عنه من هذه السيرة الذميمة، وقبح المقالة.
وأنشدنا القاضي أبو محمد عنه شيئاً من شعر خاله، أنشده إياه عنه، نذكره في ترجمة
خاله إن شاء الله تعالى.
وولد الإدريسي هذا بالديار المصرية سنة خمس وأربعين وخمسمائة، ونقلت ذلك من خطه
عفا الله عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أنشدني بهاء الدين أبو محمد الحسن بن أبي طاهر بن الخشاب بضمير، ونحن
متوجهون إلى دمشق قال: أنشدني الشريف أبو الحسن الإدريسي لنفسه بحلب:
يا سادتي مالي على هجركم ... صبر وهل يصبر مهجور
أنلتم الحاسد فيه المنى ... فهو بما أحزن مسرور
إن يك ذنبٌ أن بكى فهو في ... شريعة العشاق مغفور
عودوا إليه بالرضا قبل أن ... يقول من يعذل معذور
قرأت بخط بعض الأدباء بحلب للشريف إدريس بن حسن بن علي بن عيسى بن علي الإدريسي
الحسني، وكان مولده بمصر سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وكان عند تقي الدين صاحب حماه،
وقد ورد إليه مغنيان لقب أحدهما البدر والآخر الشمس، وكانا بديعين في الحسن فاتفق
أن الشمس زار الإدريسي، فجاء أخوه البدر فاطلع في بيته، فرأى الشمس فعاد وذهب،
فقال الإدريسي على البديه، ثم أنشدني الأبيات الثلاثة الشريف جمال الدين أبو
المحاسن عبد الله بن أبي حامد محمد بن عبد الله الهاشمي قال: أنشدني الشريف أبو
الحسن الإدريسي لنفسه:
زار لا واصلاً ولكن أتاه ... نبأٌ أنني عشقت فزارا
بدر حسنٍ لما رأى الشمس عندي ... طلعت مطلع البدور توارى
وإذا ما الحبيب أسرف في ... الهجر أغره فطبه أن يغارا
أنشدني القاضي أبو محمد بن إبراهيم قال: أنشدني عز العرب أبو الحسن إدريس الإدريسي
قال: أنشدني القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي بن البيساني عند إجتماعي به، ولم يسم
قائلها:
تراه من الذكاء نحيف جسمٍ ... عليه من توقده دليل
إذا كان الفتى ضخم المعالي ... فليس يعيبه جسمٌ نحيل
قال لي الشريف تاج الدين أبو المعالي الفضل ابن شيخنا افتخار الدين أبي هاشم عبد
المطلب بن الفضل الهاشمي: كان قدم إلى حلب الشريف النسابه محمد بن أسعد المعروف
بابن الجواني وطعن في نسب الإدريسي - يعني أبا الحسن إدريس بن الحسن - فجرى على
الإدريسي من ذلك شيء عظيم، وطعن في نسب ابن الجواني، وكان يشتمه شتماً كثيراً في
المحافل.
قلت: وقد وقفت على شيء من تعليق الادريسي يعرض فيه بشيء من ذلك، وسنذكره في ترجمة
محمد بن أسعد إن شاء الله تعالى.
ووقفت على تعليق بخط محمد بن أسعد الجواني، وفي حاشية منه في ذكر أبي الحسن
الإدريسي، أملى علي نسبه فقال: أنا إدريس بن الحسن بن علي، فذكر نسبه كما سقناه
أولاً، ثم قال ابن الجواني فيما كتبه بخطه: يقال له ابن أخت الشريف المحنك، قال
فيه نقيب النقباء بحلب الشريف القاضي أمين الدين بخطه على الجريدة التي سلمها لي
على اسم المذكور ثبت نسبه بكتاب نسيب الملك ثم عاد نسيب الملك توقف وكتب محمد بن
أسعد الجواني فوق ترجمته دعي.
ثم
وقع لي كتاب محمد بن أسعد بن الجواني صنفه في نسب بني إدريس وسمه بالمنصف النفيس
في نسب بني إدريس، فقرأت فيه: وممن إدعى إلى بني يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس
على نسق من تقدم ذكره من ذوي التدليس من بربر الغرب المجاورين للبطن المذكورة، دعي
مقيم بحلب يدعى عز العرب، ويسمى إدريس بن حسن، ويعرف بابن أخت المحنك برهان الدين
التلمساني، مولده كما ذكر في خطه الاسكندرية سنة خمس وأربعين وخمسمائة، وقدم أبوه
من نفيس كما زعم في طائفته وفد الحاج في سنة عشرين وخمسمائة، ولم يثبت له ولا
لوالده قط اسم في جرائد الأشراف بمصر، ولا نسب ولا شهدت بينة بصحة الحسب، ولو شهدت
لما ثبت منتماه، إذ لا دليل يقوم على وصلته في دعواه، وسيأتي بيانه وشرحه وبرهانه،
ولم يأخذ قسما، ولا حاز رسماً لا نقابتي ونظري، ولا قبل نظري، وقد كان أمري في نظر
الأنساب وتذييل الأعقاب مذ سنة سبع وأربعين وخمسمائة، وللمذكور إذ ذاك من العمر
سنتان، فلم يكن لأبيه ولا له في رهطهم ثبوت في المنتسبين، بل كان أمرهم يجري مجرى
أمثالهم من الأدعياء المسببين، ولم تزل المغاربة والتجار من القادمين إلى الديار
المصريه من السفار يذكرون أنهم من الدعيين إلى من ادعوه بالجوار على ما تقدم من
القول في الطوائف والأنفار.
قال: ثم سافر هذا الدعي إدريس إلى دمشق في سنة اثنتين وستين وخمسمائة وكان بها إذ
ذاك خاله البرهان التلمساني المحنك، ثم سافر خاله إلى الغرب، وسافر هو إلى حمص في
سنة ثمان وخمسمائه كما ذكره في خطه.
وقد كان استعار شيئاً من كتاب النسب للزيدي المنعوت بالنزهة وكتب منه ونسخ فمسخ،
وصار يتحدث ويقول، ويزيد وينقص في الفضول، فتنبه عليه أشراف دمشق وعلى كذبه
ومحاله، وزيفه وانتحاله، فجرت بينه وبينهم محاورات، فخرج هارباً منهم إلى حلب،
وتسبب كل سبب إلى أن تصاهر عند آل الناصر الرسيين واستترت حاله، واكتتم عن كثير من
الناس محاله.
وكان قبل ذلك قد كتب إلي إلى مصر من دمشق كراسة بذكر ما يدعيه، وشرح أموره بما لا
يسمعه منه سامع التحقيق ولا يعيه، ولما قدر الله سبحانه توجهي إلى حلب من عسكر
السلطان صلاح الدين أبي المظفر يوسف بن أيوب بعد حضوري معه فتح عسقلان، والقدس،
واللاذقية، وصهيون، وجبلة، وانطرسوس، وغزاة طرابلس، فكان وصولي إلى حلب في شهر رجب
سنة أربع وثمانين وخمسمائة، وكنت قد تقدمت السلطان عن إذنه وهو محاصر برزية عن وجع
أصابني وألم أنابني، وكان النقيب إذ ذاك بها الشريف أمين الدين أبا طالب أحمد بن
محمد ابن جعفر الحسيني الإسحاقي، فلم أشعر به إلا وقد أتاني ماشياً إلى الباب الذي
يعرف بباب أنطاكية في ولده وحفدته، وبني أخويه، وحلف بالأيمان المغلظة لا كان
نزولي إلا عليه، ووفودي إلا إليه، وأخلى لي جليل داره، وبحبوحة قراره، فأجبته إلى
سؤاله مبلغه بلوغ آماله فيما بذله من إكرامه واحتفاله.
وانثال في حال كوني بحلب لدى أشرافها بالتردد إلي والوفود علي، يصححون أنسابهم
ويستوضحون أحسابهم، وكان بها جماعة أدعياء، هذا إدريس أحدهم، وأخذ يتردد إلى
مجلسي، ويستطلع طلع نفسي، ويطلب تصحيح ما لا يصح له أبداً، ويقصدني في أمر لا يجد
له عندي مقصداً، فكنت فيما قصد كما ينشد.
إنا إذا مالت دواعي الهوى ... وأنصت السماع للقائل
لا نجعل الباطل حقاً ولا ... نلظ دون الحق بالباطل
تكره أن نسفه أحلامنا ... ونجمل الدهر مع الخامل
ولما كان في بعض الأيام كتب إلي استدعاءً بخطه في مجلس النقيب أمين الدين بحلب،
وسألني جماعة الوقوف عليه، والجواب عنه، نسخته بعد البسملة والدعاء الجاري به
العادة بعد الاستدعاء، ثم قال:
إن
يبين لأصغر مماليكه إدريس بن الحسن بن علي بن عيسى بن علي بن عيسى ابن عبد الله
أبي الآمر، ما عجز عنه من بيان وعلم وصلته بإدريس بن إدريس بن عبد الله بن الحسن
بن الحسن بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ولم يجده عند أحد إلا ما يحكيه بعد: وهو
أن مملوكه لما حصل بدمشق ورام تصحيح نسبه صار مع خاله الشريف المحنك أبي المنصور
يحيى بن سليمان بن علي الحسني إلى الشريف النقيب نظام الدين أبي العباس أحمد بن
طاهر بن حيدر بن أبي الجن الحسيني رحمه الله، فقال الشريف نظام الدين: إنتسب،
فانتسبت النسب المذكور، وقلت: عبد الله أبو الآمر بن محمد، وزاد خال المملوك زيادة
على ذلك فقال: محمد أظنه ابن القاسم ابن يحيى بن يحيى أو ابن عبد الله بن يحيى بن
يحيى بن إدريس، فقام الشريف النقيب إلى بيته وأتى برسالة الحسين بن علي الفارسي في
أخبار الملحدة وقال: عيسى ابن أبي الآمر عبد الله هو الفقيه المذكور هنا، فكان
نسبه: عيسى بن أبي الآمر عبد الله بن الأمير أبي المطول محمد الأكبر بن القاسم بن
يحيى بن يحيى بن إدريس، ابن إدريس، فوصل النسب على ما رأيت بخطه وهو أحد الآمرين
اللذين ذكرهما المحنك.
وأنت أدام الله أيامك فكعبة هذا الأمر والعلم وغيره، وقد رأيت على محمد ويحيى ابني
القاسم نصييبتين فيما حكاه شيخ سيدنا الشريف شرف الدين ناصر الدين العمري بن
الصوفي رحمه الله، فلا أدري ما معنى وضعهما، أفتنا يرحمك الله مأجوراً موفقاً.
قال مؤلف هذا الكتاب: وقد خلد هذا الخط بمجلس النسب على العادة في مثله حجة على
كاتبه وجهله، وتلوه جوابنا على فصوله: أما قوله عن نفسه: إدريس بن الحسن بن علي بن
عيسى بن علي بن عيسى ابن عبد الله أبي الآمر، فهذه أسماء لا يشهد له بها سواه، اذ
لم يتضمنها مسطور نسب ولا مقتضاه، ولا يصح لمنتم بها منتماه. وذكر أن أحداً من
أئمة النسب لم يرو في شيء مما ألفوه وجردوه وصنفوه اسماً مما إدعاه هذا الدعي من
ثالثة ولا رابعة ولا خامسة ولا سادسة، وبسط القول، ثم قال: وسؤاله فيما تضمنه
تمويهه ومحاله، ومقاله أن أبين له ما عجز عنه من بيان وعلم وصلته بإدريس، فهذا أمر
دال على التمويه والمحال والتدليس، لأن إدريس بن إدريس أعقب من جماعة كثير عددهم،
جم مددهم، فإذا لم يتضح للنسابة من يعزى إليه المنتسب إليه من الطرفين، فحصول
العلم من أين؟ ثم قال في الجواب عما ذكره خاله، ثم قوله: أنه قال: أظنه فلان بن
فلان بن فلان، والأنساب لا تثبت بالظن في الانتساب، فلا يحتج بالظنون إلا كل مرتاب
دعي كذاب، كلامه مضطرب الهندام، كأنه تجربة الأقلام.
ثم قال: وقوله: فقام الشريف نظام الدين إلى بيته وأتى برسالة الحسين بن علي
الفارسي في أخبار الملحدة، وقال: عيسى بن أبي الآمر عبد الله هو الفقيه المذكور
هنا؛ وهذا قول طريف، لا يوجب الشرف لشريف، لأن من يشهد على قوله بعيسى بن أبي
الآمر عبد الله من النسابين، ثم من يشهد بأن عيسى بن عبد الله، وأن كنيته أبو
الآمر، وأن عبد الله هو ابن محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى على ما رتبه المدعي في
قاعدة دعواه، وهو لا يصح أولاه ولا أخراه.
وشيخنا غمام النسابين أبو الحسن علي بن محمد العمري رحمه الله قد ذكر الأخوين محمد
بن القاسم، ويحيى بن القاسم، وأورد ليحيى دون محمد العقب إلى ثالث ولد وخرج ولم
يذكر لمحمد بن القاسم ولداً ولا عليه عرج، ووافقه على ذلك الأئمة أهل طبقته
ورفقته، وبعده ممن نحا نحوه، وقصد قصده.
وقد يكون عيسى بن عبد الله المذكور من البرابر المعتزين إلى بني يحيى بن يحيى،
المجاورين لهم كما قدمنا ذكرهم فيما يلونه فقيها أو عالماً نبيهاً، أو ديناً
عفيفاً لا يكون علويا شريفا؛ ولو فرضنا أن يتضمن المسطور عيسى بن عبد الله أنه ابن
محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس لما ثبت لذلك حقيقة، ولا استقامت إليه
طريقه، لكون محمد بن القاسم بن يحيى بن يحيى لم يذكر له ولد، ولا أورد عقبه أحد،
انقطع عقبه، وانبت سببه، والمورود ولده، والمحصور عدده أخوه يحيى بن القاسم بن
يحيى بن يحيى بن إدريس، فإنه أورد في كتب الأئمة وشجراتهم ولده، وولد ولده، وولد
ولد ولده دون أخيه محمد، حجة على كذب مدعيه.
ثم
قال: فعقب يحيى بن القاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس بن إدريس إلى زمان شيخنا
العمري علي بن محمد العلوي النسابة رحمة الله عليه إلى سنة أربعين وأربعمائة: يحيى
وحمود ابنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المذكور، وهو الثالث من ولد يحيى بن القاسم
أخي محمد بن القاسم، وانقطع عقب محمد بن القاسم بن يحيى ابن يحيى بن إدريس من نحو
مائتي سنة إلى زماننا هذا سنة ست وثمانين وخمسمائة.
وقال: وقوله: أبو الطول محمد الاكبر، ترى أين تثبت كنيته، ومن أوردها إذ ثبتت
نسبته؟ ثم قوله: الأكبر، أكبر ممن؟ لم يكن للرجل أخ آخر اسمه محمد الأصغر، فيكون
هو منه الأكبر، لأن جميع ما كان للقاسم بن يحيى بن يحيى بن إدريس ولدان لا غير:
محمد هذا، ويحيى، ولم يذكر شيخنا العمري النسابة، وجميع النسابين للقاسم بن يحيى
بن يحيى سوى الولدين: محمد ويحيى اللذين ذكر العمري أنه رأى عليهما نصييبتين، فمن
أين لنا محمداً آخر أكبر غير آخر أصغر؟ هو الحائن المائن يطلب كشف انتسابه، ويذكر
أنه لا يعلمه، وأن النسابين أولى به، وأنه لم يجد ذلك في كتاب، ولا أورده أحد من
النساب، وأنه سافر إلى الشام للكشف عن دعواه وحقيقة منتماه فانتقل من هذه الحال
إلى أن يفضل على النسابين في المقال، فيذكر من صفة إدعاءه ما لم يذكروا، ويخبر من
خبرهم بما لم يخبروا، ويتعاطى في الذيل تقويم الميل من كنية من لم يكنى، وتمييز
الأكبر من الأصغر صفة ومعنى، وسرد نسب لم يسرد، وإيراد عقب لم بورد، هذه كرامة
ظهرت له، أزالت حيرته وجهله، ما أقل عقله.
قلت: ولعز العرب في الطعن في نسب ابن الجواني كلام يشبه كلامه فيه، سنذكره إذا
انتهينا إلى ترجمته إن شاء الله تعالى، وكلاهما ينسب إليهما الدعوى في النسب.
مات عز العرب أبو الحسن الإدريسي بحلب في سنة عشر وستمائة، وقرأت في بعض تعاليق
الحلبيين أنه مات في السنة الحادية عشرة والستمائة.
إدريس بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
الأموي: روى عن أبيه أمير المؤمنين عمر بن عبد العزيز، روى عنه ابنه خلف بن إدريس
ابن عمر، وكان بخناصرة مع أبيه وشهد وفاته بدير سمعان، مع من شهده من ولده، وقد
ذكرنا ذلك في ترجمة إبراهيم بن عمر.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي
بن الحسن قال: كتب إلي أبو محمد حمزة بن العباس بن علي، وأبو الفضل أحمد بن محمد
بن الحسن بن مسلم، ثم حدثني أبو بكر محمد بن شجاع اللفتواني عنهما قالا: أخبرنا
أبو بكر الباطر قاني قال: أخبرنا محمد ابن إسحق.
قال الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أنبأني أبو عمرو ابن مندة
عن أبيه محمد بن إسحق قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد
الأعلى الصدفي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن زريق قال: حدثنا محمد بن أصبغ بن
الفرج قال: حدثنا أبي قال: حدثنا العباس بن خلف بن إدريس ابن عمر بن عبد العزيز بن
مروان عن أبيه عن جده أن عمر بن عبد العزيز قال لجرير ابن الخطفي: ما أجد لك في
هذا المال حقاً، ولكن هذه فضلة من عطائي ثلاثون ديناراً فخذها واعذر، قال: بل
اعذرك يا أمير المؤمنين.
وقال ابن يونس: ولست أعرفه - يعني إدريس - من أهل مصر.
إدريس بن أبي خولة الأنطاكي: من العباد المذكورين، وكان يكون ببيت المقدس، حكى عنه
سهل بن عبد الله التستري.
أخبرنا
الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا الخطيب أبو
الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبد القادر ابن يوسف قال:
أخبرنا عبد العزيز بن علي قال: أخبرنا علي بن عبد الله بن جهضم قال: حدثنا عبيد
الله بن جعفر الساجي قال: حدثنا عمر بن واصل عن سهل بن عبد الله قال: مرض رجل من
أولياء الله عز وجل مرضاً مشكلاً، فكان الناس إذا رأوه قالوا به جنة فأكثر عليه
فلما عظم كلام من تكلم في أمره قالوا له: نعالجك، فقال: يا قوم اعلموا أن لي
طبيباً إن شاء داوى كل عليل على وجه الأرض، لكني لا أسأله أن يداويني، فقيل له:
ولم ذاك، وأنت محتاج إلى الدواء؟! فقال: أخشى إن برئت من هذه العلة طغيت، فقيل له:
فإن لنا مجنونا فاسأل طبيبك أن يداويه، فقال: نعم إئتوني به، فأتوه برجل في عنقه
غل عظيم، ويده مشدودة إلى عنقه في قيد ثقيل قد استمكنت منه العلة، فقال لهم: خلوني
معه، فعمد جهال القوم إلى يده فحلوها وأدخلوه معه في البيت الذي كان فيه، وأغلقوا
عليهما الباب، وهم يظنون أنه سيفضي إليه بمكروه، فلما كان بعد ساعة صاحوا به،
فأجابهم وخرج إليهم وكلمهم بكلام عاقل وهو يبكي بكاءً شديداً، فقالوا له: خبرنا
بقصتك وما كان منك؟ فقال: دخلت على هذا الرجل وأنا على ما قد علمتم من علتي لا
أعقل شيئاً كما رأيتموني فقربني منه وأدناني، فكلما قربت منه جعل يده على صدري،
والأخرى على رأسي، فحسست بطعم البرء يدب في جسمي حتى زال ما بي، فقالوا له: ادخل
معنا إليه فاسأله أن يدعو لنا، فدخل مع القوم إليه فلم يجدوه في البيت، وستره الله
عز وجل عنهم، فمن عقل منهم عظمت ندامته، وكثر أسفه.
قال سهل: وهذا رجل من أهل بيت المقدس يقال له إدريس بن أبي خولة الأنطاكي من أفاضل
القوم.
ذكر من اسمه أدهم
أدهم بن محرز بن أسيد بن أخشن: وقيل: أخنس بن رياح بن أبي خالد بن زمعة بن زيد بن
عمرو بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس عيلان
الباهلي الحمصي، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، ولأبيه محرز ذكر في فتوح حمص.
وكان أدهم من قواد الحجاج، روى عن أبيه محرز بن أسيد، وحكى عن عبد الملك بن مروان،
روى عنه فروة بن لقيط، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعمرو بن مالك القيني، وكان
له شعر.
وذكره ابن ماكولا في كتاب الإكمال فقال: أدهم بن محرز بن أسيد بن أخشن، أحد بني
الأحب بن زيد بن عمرو بن وائل بن معن بن أعصر، شاعر من فرسان أهل الشام.
وأنبأنا أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن الشافعي قال: أدهم بن محرز بن أسيد بن أخنس بن رياح بن أبي خالد بن ربيعة بن
زيد بن عمرو بن سلامة بن ثعلبة بن وائل بن معن بن مالك بن أعصر بن سعد بن قيس
عيلان الباهلي الحمصي أحد أمراء الجيش الذين وجهوا مع عبيد الله بن زياد لقتال التوابين
الذي قتلوا عند عين الوردة، وكان قد شهد صفين مع معاوية، وكان من قواد الحجاج بن
يوسف.
حدث عن أبيه محرز، حكى عنه عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وعمرو بن مالك القيني،
وفروة بن لقيط.
وذكر أدهم أنه أول مولود ولد بحمص وأول مولود فرض له بها.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان - فيما أذن لنا أن نرويه عنه -
قال: كتب إلينا مسعود الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي
بن إسحق الكاتب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي قال: حدثنا أبو
روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني قال: حدثنا أبو حاتم سهل بن محمد بن عثمان
السجستاني قال: قال خالد بن سعيد: دخل أدهم بن محرز الباهلي، أبو مالك بن أدهم،
على عبد الملك، ورأسه كالثغامة، فقال: لو غيرت هذا الشيب، فذهب فاختضب بسواد، ثم
دخل عليه، فقال: يا أمير المؤمنين قد قلت بيتاً لم أقل بيتاً قبله ولا أراني أقول
بعده، قال هات، فقال:
ولما رأيت الشيب شيناً لأهله ... تفتيت وابتعت الشباب بدرهم
أخبرنا
حسن بن أحمد بن يوسف قراءة عليه بالبيت المقدس، قال: أخبرنا الفقيه الحافظ أبو
طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن المسبح قال: أخبرنا أبو إسحق
إبراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن منير
الخشاب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن إسحق البغدادي قال: حدثنا أبو العباس الوليد بن
حماد الرملي قال: أخبرنا الحسين بن زياد الرملي عن أبي إسماعيل محمد بن عبد الله
الأزدي البصري قال: وحدثني قرة أو فروة بن لقيط عن أدهم بن محرز الباهلي قال: إن
أول راية دخلت أرض حمص ودارت حول مدينتها لراية ميسرة بن مسروق العبسي، ولقد كانت
لأبي أمامة راية، ولأبي راية، وإن أول رجل من المسلمين قتل رجلاً من المشركين بحمص
لأبي، إلا أن يكون رجل من حمير، فإنه حمل هو وأبي جميعاً، فكل واحد في حملتهما قتل
رجلاً من المشركين، فكان أبي يقول: أنا أول رجل من المسلمين قتل رجلاً من المشركين
بحمص، لا أدري ما الحميري، فإني حملت أنا وهو وقتلنا في حملتنا كل رجل منا رجلاً
منهم.
وقال أدهم: إني لأول مولود ولد بحمص، وأول مولود فرض لها، وبيدي كتف وأنا أختلف
إلى الكتاب أتعلم الكتاب، ولقد شهدت صفين وقاتلت.
وقال في غير هذه الرواية: ولقد شهدت مشهداً ما أحب أن لي بذلك المشهد حمر النعم.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: قرأت على أبي الوفاء
حفاظ بن الحسن بن الحسين الغساني عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا عبد
الوهاب الميداني.
قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الفرغاني قال: أخبرنا
محمد بن جرير قال: قال هشام بن محمد: قال أبو مخنف عن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر
عن أدهم بن محرز الباهلي أنه أتى عبد الملك بن مروان ببشارة الفتح، قال: فصعد
المنبر فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد فإن الله قد أهلك من رؤوس أهل العراق
ملقح فتنة، ورأس ضلالة سليمان بن صرد، ألا وإن السيوف تركت رأس المسيب بن نجبة
خذاريف ألا وقد قتل الله من رؤوسهم رأسين عظيمين ضالين مضلين عبد الله بن سعيد أخا
الأزد وبعد الله بن وائل أخا بكر ابن وائل، فلم يبق بعد هؤلاء أحد عنده دفاع ولا
امتناع.
قال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو علي بن نبهان، وأبو القاسم غانم بن محمد بن
عبيد الله البرجي عن أبي علي بن شاذان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن نجيح
البزاز قال: حدثنا الحسن بن علي بن شبيب واسماعيل بن إسحق ابن الحصين الرقي قالا:
حدثنا محمد بن خلاد، أبو بكر الباهلي قال: حدثنا هشيم بن أبي ساسان قال: حدثني أبي
بن ربيعة الصيرفي قال: سمعت عبد الملك ابن عمير يقول: خرجت يوماً من منزلي نصف
النهار والحجاج جالس بين يديه رجل موقف عليه كمة من ديباج، والحجاج يقول: انت
همدان مولى علي، تعال سبه، قال: إن أمرتني فعلت وما ذاك جزاؤه، رباني صغيراً
وأعتقني كبيراً، قال: فما كنت تسمعه يقرأ من القرآن؟ قال: كنت أسمعه في منامه
وقعوده وذهابه ومجيئه يتلو: فلما نسوا ما ذكروا به فتحنا عليهم أبواب كل شيء حتى
إذا فرحوا بما أوتوا أخذناهم بغتة فإذا هم مبلسون. فقطع دابر القوم الذين ظلموا
والحمد لله رب العالمين، قال: فابرأ منه، قال: أما هذه فلا، سمعته يقول: تعرضون
على سبي فسبوني، وتعرضون على البراءة مني فلا تبرؤوا فإني على الإسلام، وقال: أما
ليقومن إليك رجل يتبرأ منك ومن مولاك، يا أدهم بن محرز قم إليه فاضرب عنقه، فقام
إليه يتدحرج كأنه جعل، وهو يقول: يا ثارات عثمان، قال: فما رأيت رجلا كان أطيب
نفسا بالموت منه، ما زاد على أن وضع القلنسوة عن رأسه وضربه فبدر رأسه رحمه الله.
أدهم بن لام القضاعي: فارس مذكور له رجز، شهد صفين مع معاوية، وقتل بها.
ذكره أبو محمد بن أعثم في فتوحه وقال في وقعة صفين: وخرج رجل من أصحاب معاوية
أيضاً يقال له الأدهم بن لام القضاعي وهو يرتجز ويقول:
قد علمت ذات القرون الميل
أني بنصل السيف خنشليل
أحمي وأرمي أول الرعيل
بصارم ليس له فلول
فخرج إليه حجر بن عدي الكندي وهو يرتجر ويقول:
إن كنت تحمي أول الرعيل
ولم تكن بالهلع الكليل
فاثبت لوقع الصارم الصقيل
فأنت لا شك أخو قتيل
ثم حمل عليه حجر بن عدي فقتله.
أدهم
أبو الفضيل بن أدهم: روى عن الأشتر النخعي خطبته بصفين، وشهدها مع علي رضوان الله
عليه، روى عنه ابنه الفضيل بن أدهم.
أنبأنا أحمد بن شاكر بن عبد الله بن سليمان عن عبد الله بن أحمد بن أحمد البغدادي
قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو
علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال:
حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر
الجعفي عن الفضيل بن أدهم قال: حدثني أبي أن الأشتر قام فخطب الناس بقناصرين وهو
يومئذ على فرس أدهم مثل الغراب، فقال: الحمد لله الذي خلق السموات العلى، الرحمن
على العرش استوى له ما في السموات وما في الأرض وما بينهما وما تحت الثرى، أحمده
على حسن بلائه وتظاهر النعماء حمداً كثيراً بكرة وأصيلاً، من يهد الله فقد اهتدى
ومن يضلل فقد غوى، وأشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له، وأشهد أن محمداً
عبده ورسوله أرسله بالهدى والصواب، وأنزل عليه الكتاب بياناً عن العمى، وإزالة عن
الردى ليظهره على الدين كله ولو كره المشركون، صلى الله عليه.
ثم إنه كان مما قضى الله عز وجل أن ساقتنا المقادير إلى هذه البلدة من الأرض ولفت
بيننا وبين عدونا، فنحن بحمد الله ونعمته وفضله قريرة أعيننا، طيبة أنفسنا، نرجو
في قتالهم حسن الثواب، والأمن من العقاب، معنا ابن عم رسول الله وسيف من سيوف الله
علي بن أبي طالب أول المؤمنين، وسيد المسلمين، من صلى مع رسول الله صلى الله عليه
وسلم أولا لم يسبقه بالصلاة معه ذكر حتى صار شيخاً، لم يكن له صبوة ولا نبوة ولا سقطه،
فقيه في دين الله، عالم بحدود الله، حافظ لكتاب الله، ذو رأي أصيل، وصبر جميل،
وعفاف قديم، وفعل كريم، فاتقوا الله وعليكم بالصبر والحزم والجد، واعلموا أنكم على
الحق، وأن القوم على باطل، يقاتلون مع معاوية الطليق بن الطليق، وبئيس الأحزاب،
وقائد الأعراب وأنتم مع ابن عم رسول الله وأخيه في دينه علي بن أبي طالب،
والبدريون معكم قرب من مائة رجل من أهل بدر، ومع أصحاب نبيكم ومعكم رايات قد كانت
مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، قاتل بها أعداء الله، ومع معاوية رايات قد كانت
مع المشركين على رسول الله والمؤمنين، فما يشك في هؤلاء إلا ميت القلب، ضعيف
النفس، وأنتم على إحدى الحسنيين: إما الفتح وإما الشهادة، ففي أيهما كان فلكم فيه
الحظ والظفر والغبطة والسرور عصمنا الله وإياكم بما عصم به من أطاعه واتقاه
وألهمني وإياكم طاعته وتقواه، واستغفر الله لي ولكم.
أدهم مولى عمر بن عبد العزيز: كان معه بخناصرة وحكى عنه، روى عنه عبد السلام
البزاز.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي قال: أخبرنا أبو القاسم
زاهر بن طاهر الشحامي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال أخبرنا أبو بكر البيهقي قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو العباس الأصم قال: حدثنا العباس بن
محمد قال: حدثنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا عبد السلام البزاز عن أدهم مولى عمر بن
عبد العزيز قال: كنا نقول لعمر بن عبد العزيز في العيدين: تقبل الله منا ومنك يا
أمير المؤمنين فيرد علينا ولا ينكر ذلك علينا.
ذكر من اسمه أرجون
أرجون بن أولغ طرخان التركي: قلده أبو أحمد الموفق في أيام المعتمد، وهو الغالب
على دولته، طرسوس، وأمره أن يقبض على سيماء الطويل، فخرق هذا وجهل، وذلك أن
المرتبين بلؤلؤة أبطأ عنهم أرزاقهم وميرتهم، فضجوا من ذلك وضاقوا به ذرعاً، وكتبوا
إلى أهل طرسوس: إنكم إن لم تبعثوا إلينا بما نحتاج إليه على الرسم والا سلمنا
لؤلؤة والقلعة إلى الروم، فأعظم ذلك أهل طرسوس وأكبروه، وجمعوا فيما بينهم خمسة
عشر ألف دينار، وعزموا على حملها إليهم، فقال لهم أرجون: أنا أولى بأن أتولى حمله
إليهم، فسلموا المال إليه، فأخذه لنفسه، فلما أبطأ عن أهل لؤلؤة ما طلبوا سلموا
القلعة إلى الروم، ونزلوا عنها، فقامت على أهل طرسوس من أجل ذلك القيامة، وضجوا في
الطرقات بالدعاء على أرجون، واتصل الخبر بالسلطان، فكتب إلى أحمد بن طولون وقلده
إياها ضرورة، ولم يكن لأبي أحمد حيلة في منعه منها، وذلك في سنة أربع وستين ومائتين.
أرسطو بن ينقو ماخوش:
وهو
أرسطاطاليس الحكيم - وقيل فيه أرسطو طاليس - بن الحكيم الفيثاغوري، وكان تلميذ
افلاطون الحكيم، وكان افلاطون يقدمه على غيره من تلاميذه، وبه ختمت حكمه
اليونانيين.
وكان قد صحب الاسكندر، وقدم حلب صحبته حين وصل إليها لقتال دارا الملك فلما رأى
حلب وصحة هوائها وتربتها استأذن الاسكندر في الإقامة بها لمداواة مرض كان به، فأذن
له في ذلك، فأقام بها إلى أن زال ذلك المرض، وقد ذكرنا ذلك في صدر كتابنا هذا.
وذكر أبو الحسن علي بن الحسن المسعودي أن تفسير أرسطاطاليس: تام الفضيلة، وتفسير
ينقو ماخوش: قاهر الخصم.
فرأت بخط أبي نصر محمد بن فتوح الحميدي، وأنبأنا به ابن المقير عن أبي الفتح البطي
عنه: أرسطاطاليس تلميذ أفلاطون، وأفلاطون تلميذ سقراط وسقراط تلميذ أرسيلاس،
وأرسيلاس تلميذ انكساغورس.
أخبرنا الشيخ العلامة أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا الشيخ أبو محمد
عبد الله بن علي بن محمد المقرئ قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن أحمد بن
الحسين قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن خلف قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
الحسن بن دريد.
قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن علي بن أيوب قال: أخبرنا أبو
بكر بن الجراح الخزاز قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: قيل لأرسطاطاليس: ما أعسر
الأشياء على الإنسان؟ قال: السكوت، وقيل له: ما أحسن الحيوان؟ قال: الإنسان المزين
بالأدب، وقيل له: أي الأشياء ينبغي أن يقتنيها العاقل؟ قال: الأشياء التي إذا غرقت
سفينته سبحت معه.
وقال ابن دريد: كانت لأرسطاطاليس ضيعة نفيسة، فدفعها إلى قيم يقوم بها، ولم يكن
يشرف عليها، فقال بعض الناس له: لم تفعل ذلك؟ فقال: إني لم أقتن ضيعة بتعاهدي
الضياع وإنما اقتنيتها بتعاهدي أدب نفسي، وبذلك أرجو اتخاذ ضياع آخر.
قال: وقال أرسطاطاليس: العقل سبب رداءة العيش.
وقرأت في كتاب التعريف في أحوال الحكماء تأليف القاضي الإمام أبي القاسم صاعد بن
أحمد بن صاعد اللغوي المالقي الأندلسي فصلاً في ذكر أرسطاطاليس، أذكره على وجهه،
فإن فيه ذكر أحواله على التحقيق، قال أبو القاسم: وأما أرسطاطاليوس فهو ابن ينقو
ماخوش الجهراشي الفيثاغوري، وكان ينقو ماخوش فيثاغوري المذهب، وله تأليف مشهور في
الأرثماطيقي، وكان ابنه أرسطوطاليس تلميذ افلاطون، ويقال أنه لازمه عشرين سنة،
وكان افلاطون يؤثره على سائر تلاميذه، ويسميه العقل.
وإلى أرسطوطاليس انتهت فلسفة اليونانيين وهو خاتمة حكمائهم، وسيد علمائهم، وهو أول
من خلص صناعة البرهان من سائر الصناعات المنطقية وصورها بالأشكال الثلاثة، وجعلها
آلة للعلوم النظرية، حتى لقب بصاحب المنطق.
وله
في جميع العلوم الفلسفية كتب شريفة كلية وجزئية، فالجزئية رسائله التي يتعلم منها
معنى واحد فقط، والكلية بعضها تذاكير يتذكر بها، وبقوتها ما قد علم من عمله وهي
السبعون كتابا التي وضعها لأوقارس، وبعضها تعاليم يتعلم منها ثلاثة أشياء: آخرها
علوم الفلسفة، والثانية أعمال الفلسفة، والثالثة الآلة المستعملة في علم الفلسفة
وغيره من العلوم، والكتب التي في علوم الفلسفة بعضها في العلوم التعليمية وبعضها
في العلوم الطبيعية، وبعضها في العلوم الإلهية، وأما الكتب التي في العلوم
التعليمية فكتابه في المناظر، وكتابه في الخطوط، وكتابه في الحيل، وأما الكتب التي
في العلوم الطبيعية فمنها ما يتعلم منه الأمور التي تخص كل واحد من الطبائع، فالأمور
التي يتعلم منها الأمور التي تعم جميع الطبائع وهو كتابه المسمى بسمع الكيان، فهذا
الكتاب يعرف بعدد المبادئ لجميع الأشياء الطبيعية، وبالأشياء التوالي للمبادئ،
وبالأشياء المشاكلة للتوالي، فأما المبادئ: فالعنصر والصورة، وأما التي كالمبادئ
وليست مبادئ بالحقيقة بل بالتقريب والعدم، وأما التوالي فالزمان، وأما المشاكلة
للتوالي: فالخلاء، والملاء، وما لا نهاية له، وأما التي يتعلم منها الأمور الخاصة
لكل واحد من الطبائع، فبعضها في الأشياء التي لا كون لها وبعضها في الأشياء
المكونة، وأما في الأشياء التي لا كون لها فالأشياء التي تتعلم من المقالتين
الأوليين من كتاب السماء والعالم، وأما التي في الأشياء المكونة فبعض علمها عامي،
وبعضها خاصي، فالعامي بعضه في الاستحالات، وبعضه في الحركات، أما الاستحالات ففي
كتاب الكون والفساد، وأما الحركات ففي المقالتين الأخرتين من كتاب السماء والعالم،
وأما الخاصي فبعضه في البسائط وبعضه في المركبات، وأما الذي في البسائط ففي كتاب
الآثار العلوية، وأما الذي في المركبات فبعضه في وصف كليات الأشياء المركبة، أما
الذي في وصف كليات المركبات في كتاب الحيوان وفي كتاب النبات، وأما الذي في وصف
أجزاء المركبات ففي كتاب النفس، وفي كتاب الحس والمحسوس، وفي كتاب الصحة والسقم،
وفي كتاب الشباب والهرم، وأما الكتب التي في العلوم الإلهية فمقالاته الثلاث عشرة
التي في كتاب ما بعد الطبيعة، واما الكتب التي في أعمال الفلسفة فبعضها في اصلاح
أخلاق النفس وبعضها في السياسة، فأما التي في إصلاح الأخلاق فكتابه الكبير الذي
كتب به إلى ابنه، وكتابه الصغير الذي كتب به إلى ابنه أيضاً، وكتابه المسمى
أوذيما، وأما التي في السياسة فبعضها في سياسة المدن، وبعضها في سياسة المنزل،
وأما الكتاب الذي في الآلة المستعملة في علوم الفلسفة فهي كتبه الثمانية المنطقية
التي لم يسبقه أحد ممن علمنا إلى تأليفها ولا تقدمه إلى جمعها، وقد ذكر ذلك في آخر
الكتاب السادس منها وهو كتاب سوفسطيقا فقال: وأما صناعة المنطق وبناء السلوجسمات
فلم نجد لها فيما خلا أصلاً متقدماً يبنى عليه لكنا وقعنا على ذلك بعد الجهد
الشديد والنصب الطويل، فهذه الصناعة وإن كنا ابتدعناها واخترعناها فقد حطنا
جهاتها، ورممنا أصولها، ولم تفقد شيئاً مما ينبغي أن يكون موجوداً فيها، كما فقدت
أوائل الصناعات لكنها كاملة مستحكمة متينة أسبابها، مزمومة قواعدها، وثيق بنيانها،
معروفة غاياتها، واضحة أعلامها، قد قدمت أمامها أركاناً ممهدة ودعائم موطدة، فمن
عسى أن ترد عليه هذه الصناعة بعدنا فليغتفر خللاً إن وجد فيها، وليعتد بما بلغته
الكلفة منها اعتداده بالمنة العظيمة واليد الجليلة، ومن بلغ جهده فقد بلغ عذره.
وكان أرسطو طاليس متعلم الاسكندر الملك بن فلغيوس بن الاسكندر المقدوني بآدابه عمل
في سياسة رعيته وسيرة ملكه، وانقمع له الشرك في بلاد اليونانيين وظهر الخير وفاض
العدل، ولأرسطو طاليس إليه رسائل كثيرة جليلة منها رسالة يحضه فيها على المسير
لحرب دارا بن دارا ملك الفرس، ومنها رسالة جاوبه عن كتابه إليه من أرض الهند يصف ما
رآه في بيت الذهب بأعالي أرض الهند، وهو البيت الذي كان فيه البددة وهي الأصنام
الممثلة بالجواهر العلوية، فجاوبه أرسطو طاليس بهذه الرسالة يعظه فيها ويزهده في
الدنيا ويرغبه في النعيم الدائم.
قال
صاعد: وكان أبو بكر محمد بن زكرياء الرازي شديد الإنحراف عن أرسطو طاليس وعائباً
له في مفارقته معلمه أفلاطون وغيره من متقدمي الفلاسفة في كثير من آرائهم، وكان
يزعم أنه أفسد الفلسفة وغير كثيراً من أصولهم.
وما أظن الرازي أحنقه على أرسطو طاليس وحداه إلى تنقصه إلا ما أباه أرسطو طاليس
ودان به الرازي ما ضمنه كتابه في العلم الإلهي، وكتابه في الطب الروحاني وغير ذلك
من كتبه الدالة على استحسانه المذاهب الثنوية في الإشراك، ولآراء البراهمة في
إبطال النبوة ولاعتقاد عوام الصابئة في التناسخ.
ولو أن الرازي وفقه الله للرشد وحبب إليه نصر الحق، لوصف أرسطوطاليس أنه مخض آراء
الفلاسفة ونخل مذاهب الحكماء، فنفى خبثها، وأسقط غثها، وانتقى لبها، واصطفى
خيارها، فاعتقد منها ما توجبه العقول السليمة وتراه البصائر النافذة، وتدين به
النفوس الطيبة، فأصبح إمام الحكماء، وجامع فضائل العلماء، وليس لله بمستنكر أن
يجمع العالم في واحد.
قرأت بخط محمد بن ايوب بن غالب الأنصاري الأندلسي الغرناطي في كتابه المعروف بكتاب
القصد والأمم في التعريف بأخبار الأمم قال: وأما أرسطوطاليس فهو أرسطوطاليس بن
ينقو ماخوش الجهراشي الفيثاغوري، وتفسير ينقو ماخش قاهر الخصم، وتفسير أرسطوطاليس
تام الغذاء، وقيل تام الفضيلة، لأن أرسطو هو الفضيلة وطاليس التام، قاله المسعودي،
وكان ينقو ماخش فيثاغوري المذهب، وكان أرسطوطاليس معلم الاسكندر الملك بن فليقوس
بن الاسكندر المقدوني.
ذكر من اسمه أرسلان
أرسلان بن مسعود بن مودود بن زنكي بن آق سنقر التركي: وقيل أرسلان شاه، الملقب نور
الدين بن عز الدين صاحب الموصل، قدم مع والده حلب حين ملكها في سنة سبع وسبعين
وخمسمائة، وعاد معه إلى الموصل، ولما توفي والده في شعبان سنة تسع وثمانين
وخمسمائة تولى ولده هذا الموصل في يوم الخميس خامس وعشرين من شعبان سنة تسع
وثمانين وخمسمائة، وتوفي يوم الاحد ثامن وعشرين رجب من سنة سبع وستمائة، وكان حسن
السيرة، ووصل الخبر بوفاته في شعبان إلى حلب، وجلس الملك الظاهر في عزائه بحلب،
وجمع له الكبراء والأماثل، وتكلم الوعاظ وأنشد الشعراء بدار العدل، وأظهر الاحتفال
به، والانزعاج لموته.
أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الملك العادل أتابك نور
الدين أرسلان شاه بن أتابك عز الدين مسعود بن أتابك قطب الدين مودود بن زنكي بن آق
سنقر صاحب الموصل عند مقدمي إليه رسولا عن السلطان الملك العادل سيف الدين أبي بكر
بن أيوب رحمه الله هذه الأبيات، وذكر أن الملك الناصر صلاح الدين رحمه الله كتب بها
إلى والده أتابك عز الدين مسعود على سبيل المعاتبة في أول المكاتبة، وهي للشريف
الرضي:
يا مالكاً نقض الودادا ... أشمتّ بالقرب البعادا
وتركتني والفكر يأبى ... أن يروّح لي فؤادا
ارجع إلى حسن الوفا ... فإنه إن عدت عادا
ودع العدا فوحرمة ... العلياء لا بلغوا مرادا
من ضاع مثلي من يديه ... فليت شعري ما استفادا
قال: وذكر لي رحمه الله أن والده كتب إليه في ذلك بهذين البيتين:
يا ملكاً أصبح لي ناصراً ... إذ عزّ أعوان وأنصار
مرني بخوض النار والعن فتى ... تثنيه عن طاعتك النار
قال القوصي: وهذا الملك كانت له سيرة جميلة، وهمة شريفة، وتمذهب بمذهب الإمام
الشافعي، وكان آباؤه على مذهب الإمام أبي حنيفة، ومولده بالموصل.
أنبأنا عبد العظيم المنذري قال: وفي أواخر رجب - يعني من سنة سبع وستمائة - توفي
الملك العادل نور الدين أبو الحارث أرسلان شاه بن مسعود بن مودود بن زنكي بن
آقسنقر، صاحب الموصل، في شبارة ظاهر الموصل، وكتم موته حتى دخل به إلى دار
السلطنة، وكانت مدة ملكه سبع عشرة سنة، وأحد عشر شهرا، وكان عالي الهمة، وقام
بالأمر بعده ولده عز الدين أبو الفتح مسعود، وكان الثناء عليه جميلاً.
أرسلان اللاني، أبو الحارث قدم بالس، وحكى عن قبور الشهداء بصفين، روى عنه أبو
الحسن بن ننجاب الطيبي.
أخبرنا
أبو العلاء أحمد بن شاكر المعري فيما أذن لنا في روايته عنه عن أبي محمد عبد الله
بن أحمد بن أحمد بن أحمد الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن محمد بن الفراء
قال: أخبرنا أبو طاهر بن الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي ابن شاذان قال: قال أبو
الحسن بن ننجاب الطيبي قال: حدثني رجل كان ركب معنا في سفينة، يكنى بأبي الحارث،
واسمه أرسلان اللاني قال: خرجت من الرقة أريد بالس، فرأيت الجبل الذي بصفين الذي
قاتل عليه علي بن أبي طالب، ومعاوية بن أبي سفيان رحمهما الله، فرأينا القبور على
ذلك الجبل بالبعد من مسيرة فرسخين، أقل أو أكثر، لو أراد العاد لعدها، من ذلك
المكان ظاهرة بينه، واذا فوقها غمام يظلها، فلما قربنا وبلغنا اليها فاذا القبور
مستوية بالارض لا يبين منها شيء ولا قبر، ببياض الارض، وكأن نورا يظلها، فأقول لو
كان أحد الفريقين على غير هدى لم يكن النور بينا إلا على المحق من احدى الطائفتين.
أرسلان التركي أبو الحارث: وقبل أبو منصور البساسيري منسوب إلى بسا بلدة بفارس
والعرب تسميها فسا، وينسبون اليها فسوي، وأهل فارس يقولون بسا بين الباء والفاء،
وينسبون إليها البساسيري. وكان مولاه رجل من أهل بسا، فنسب الغلام إليه، واشتهر
بهذه النسبة، وكان أحد الأمراء الأصفهسلارية فعظم شأنه، واستفحل أمره، وقويت
هيبته، وانتشر ذكره، ومكنه القائم من البلاد، وكثر منه العبث والفساد، وآل أمره
إلى العصيان على القائم، ونهب بغداد وكان رأس الاتراك بها، فخرج عليه، وهون أمره
بكل ما وصلت قدرته إليه، حتى كان يأخذ الجاني من حرم الخليفة، ولا يلحقه في سوء
فعله نظر في عاقبة ولا خيفة.
وقرأت في تاريخ أبي غالب همام بن جعفر بن المهذب المعري انه كان إذا وصلت هدية من
خراسان وغيرها من البلاد اعتقلها شهرا قبل أن يطلقها له بسؤال، وأشياء كثيرة تجري
هذا المجرى في حق الخليفة فعلها، فلما زاد الامر على الخليفة بعث إلى طغرلبك ملك
التركمان والغز، أبو طالب محمد بن ميكال، وكان مقيما بالري وقد ملك من جيجون إلى
بغداد، وأذل الملوك من أولاد محمود والترك وغيرهم، فوصله الرسول من الخليفة يأمره بأن
يصل إلى بغداد ليستنجد به على البساسيري أبي منصور، فأقبل إليه طغرلبك في مائة الف
وعشرين ألف من الترك والغز، والأعاجم، والكرد، والديلم، وغيرهم من الاجناس، فوصل
بغداد وهجمها، وقتل منها خلقاً عظيماً، ونهبها، وذلك أنهم قاتلوه، وانهزم
البساسيري منه فحصل في أرض الرحبة، ولقيه معز الدولة - يعني ثمال بن صالح -
وأكرمه، وحمل إليه مالاً عظيماً، وكان قد وصل في قلة، فحدث من شاهده من بني كلاب
أنه لم ير مثله في الشجاعة والمكر والحيلة، وكان إذا ركب معز الدولة قفز إليه
ليمسك له الركاب ويصلح ثيابه في السرج، وهمت بنو كلاب بأخذه فمنعها معز الدولة،
وندم بعد ذلك عليه، ثم انه تقدم إلى أن حصل على الفرات، وفزع منه معز الدولة وكثر
عسكره، فسلم إليه الرحبة لما طلبها من معز الدولة، ليجعل فيها ماله وأهله.
قلت: وكان حصوله على الفرات بأرض بالس فإنني قرأت في بعض تعاليق الشاميين في
التاريخ ما صورته: ظهور البساسيري إلى الشام، ونزوله أرض بالس مدة سنة وشهرين، سنة
تسع وأربعين وأربعمائة.
وقرأت في تاريخ همام بن المهذب في حوادث سنة خمسين وأربعمائة فيها: اضطرب الأمر في
خراسان على طغرلبك، فسار لإصلاحه، فجمع البساسيري من قدر عليه من الكرد والديلم،
واجتمعت إليه بنو عقيل، وكان علم الدين قريش بن بدران زعيمها، وبنو أسد زعيمها نور
الدولة دبيس بن مزيد، وقصد بغداد، وزحف معهم أهل الجانب الغربي من بغداد إلى دار
الخلفة القائم بأمر الله أمير المؤمنين أبي جعفر بن القادر، فنهبوا جميع ما فيها،
واستدعى الخليفة من فوق القصر علم الدين قريش بن بدران، فجاءه فخرج إليه الخليفة
وهو مبرقع، وعليه بردة النبي صلى الله عليه وسلم، وفي يده قضيبهن فأجاره ولم يمكن
منه أحدا، ومنعه من البساسيري، وسيره إلى حصن عانه، وقيل: الحديثة وهو حصن منيع في
وسط الفرات، وصاحبه رجل يعرف بمهارش، أحد أمراء بني عقيل، فأكرمه إكراماً عظيماً،
وخدمه خدمة مرضية، فبقي فيه عند مهارش شهوراً.
قال
ابن المهذب: وفيها: - يعني سنة احدى وخمسين - دعا البساسيري للمستنصر صاحب مصر في
جامع المنصور ببغداد، وبقيت الدعوة شهورا.
وفيها: عاد طغرلبك ملك التركمان أبو طالب محمد بن ميكال إلى بغداد، فانحاز
البساسيري وجماعته العرب، وخرج معهم من التجار ببغداد وغيرهم خلق عظيم لا تحصى
أموالهم، وذكر أنهم كانوا زهاء عن مائة ألف وعشرين ألفا، وتبعهم من أصحاب طغرلبك
زهاء عن عشرين ألفاً، فقتل البساسيري وخلق كثير لا يحصى عدده، ونهبت تلك الاموال وكان
الذين تبعهم ولقيهم من عسكر طغرلبك نحو من عشرين ألفاً.
وسار مهارس العقيلي بالخليفة إلى بغداد في محمل، فأعطاه من الأموال والاقطاع شيئاً
عظيماً، حتى أنه صار مهارش أيسر بني عقيل.
وسار الأمير أبو ذؤابة عطية بن أسد الدولة صالح بن مرداس إلى الرحبة فأخذ جميع ما
تركه البساسيري بها من السلاح الذي لم ير مثله كثرة وجودة وأموالا جزيلة كانت
للبساسيري، ثم ولى فيها بعض أصحابه.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إذناً قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن
القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: ولم يزل أمر القائم
بأمر الله مستقيماً إلى أن قبض عليه في سنة خمسين وأربعمائة، وكان السبب في ذلك أن
أرسلان التركي المعروف بالبساسيري، كان قد عظم أمره واستفحل شأنه لعدم نظرائه من
مقدمي الاتراك المسمين الاصفهسلارية، واستولى على البلاد، وانتشر ذكره، وطار اسمه
وتهيبته أمراء العرب والعجم، ودعي له على كثير من المنابر العراقية، وبالاهواز
ونواحيها وجبى الأموال، وخرب الضياع ولم يكن الخليفة القائم بأمر الله يقطع أمراً
دونه، ولا يحل ويعقد إلا عن رأيه.
ثم صح عند الخليفة سوء عقيدته، وشهد عنده جماعة من الاتراك أن البساسيري عرفهم - وهو
إذا ذاك بواسط - عزمه على نهب دار الخلافة والقبض على الخليفة، فكاتب الخليفة أبا
طالب محمد بن ميكال المعروف بطغرلبك أمير الغز، وهو بنواحي الري يستنهضه على
المسير إلى العراق، وانفض أكثر من كان مع البساسيري وعادوا إلى بغداد، ثم أجمع
رأيهم على أن قصدوا دار البساسيري، وهي بالجانب الغربي في الموضع المعروف بدرب
صالح، بقرب الحريم الطاهري، فأحرقوها وهدموا أبنيتها، ووصل طغرلبك إلى بغداد في
شهر رمضان من سنة سبع وأربعين وأربعمائة، ومضى البساسيري على الفرات إلى الرحبة،
وتلاحق به خلق كثير من الاتراك البغداديين، وكاتب صاحب مصر يذكر له كونه في طاعته،
وأنه على اقامة الدعوة له بالعراق، فأمده بالاموال وولاه الرحبة.
وأقام
طغرلبك ببغداد سنة إلى أن خرج منها إلى الموصل، وأوقع بأهل سنجار وعاد إلى بغداد،
فأقام بها مدة، ثم رجع إلى الموصل، وخرج منها متوجها إلى نصيبين ومعه أخوه ابراهيم
ينال، وذلك في سنة خمسين وأربعمائة، فخالف عليه أخوه ابراهيم، وانصرف بجيش عظيم
معه يقصد الري، وكان البساسيري راسل ابراهيم يشير عليه بالعصيان لأخيه ويطمعه في
الملك والتفرد به، ويعده بمعاضدته ومضافرته عليه، فسار طغرلبك في إثر أخيه
ابراهيم، وترك عساكره، فتفرقت، غير أن وزيره المعروف بالكندري وربيبه أنوشروان
وزوجته خاتون وردوا بغداد بمن بقي معهم من العسكر في شوال من سنة خمسين وأربعمائة،
واستفاض الخبر باجتماع طغرلبك مع أخيه ابراهيم بهمذان، وأن ابراهيم استظهر على
طغرلبك، وحصره في مدينة همذان، فعزمت خاتون وابنها أنوشروان والكندري على المسير
إلى همذان لإنجاد طغرلبك، واضطرب أمر بغداد اضطرابا شديداً، وأرجف المرجفون
باقتراب البساسيري، فبطل عزم الكندري على المسير فهمت خاتون بالقبض عليه وعلى
ابنها لتركهما مساعدتها على انجاد زوجها، ففرا إلى الجانب الغربي من بغداد، وقطعا الجسر
وراءهما. وانتهبت دارهما، واستولى من كان مع خاتون من الغز على ما تضمنتا من العين
والثياب والسلاح وغير ذلك من صنوف الاموال، ونفذت خاتون بمن ضوى إليها، وهم جمهور
العسكر، متوجهة نحو همذان وخرج الكندري وأنوشروان يؤمان طريق الاهواز، فلما كان
يوم الجمعة السادس من ذي القعدة تحقق الناس كون البساسيري بالانبار، ونهضنا إلى
صلاة الجمعة بجامع المنصور فلم يحضر الإمام واذن المؤذنون بالظهر ونزلوا من
المئذنة، فأخبروا أنهم رأوا عسكرا للبساسيري حذاء شارع دار الرقيق، فبادرت إلى
أبواب الجامع فرأيت من الاتراك البغداديين أصحاب البساسيري نفراً يسيرا يسكنون
الناس، ونفذوا إلى الكرخ، فصلى الناس في هذا اليوم بجامع المنصور ظهرا أربعاً من
غير خطبة، ثم ورد من الغد، وهو يوم السبت نحو مائتي فارس من عسكر البساسيري.
ثم دخل البساسيري بغداد يوم الاحد ثامن ذي ذي القعدة، ومعه الرايات المصرية، فضرب
مضاربه على شاطئ دجلة، ونزل هناك والعسكر معه، وأجمع أهل الكرخ والعوام من أهل
الجانب الغربي على مضافرة البساسيري، وكان قد جمع العيارين وأهل الرساتيق وكافة
الذعار وأطمعهم في نهب دار الخلافة، والناس اذ ذاك في ضر وجهد قد توالت عليهم سنون
مجدبة، والاسعار غالية والاقوات عزيزة، وأقام البساسيري بموضعه والقتال في كل يوم
يجري بين الفريقين في السفن بدجلة.
فلما كان يوم الجمعة الثالث عشر من ذي القعدة دعي لصاحب مصر في الخطبة بجامع
المنصور، وزيد في الأذان حي على خير العمل، وشرع البساسيري في اصلاح الجسر فعقده
بباب الطاق وعبر عسكره عليه وانزله بالزاهر، وكف الناس عن المحاربة أياما، وحضرت
الجمعة يوم العشرين من ذي القعدة فدعي لصاحب مصر في جامع الرصافة كما دعي له في
جامع المنصور، وخندق الخليفة حول داره، ونهر المعلى خنادق وأصلح ما استرم من سور
الدار، فلما كان يوم الاحد لليليتين بقيتا من ذي القعدة حشر البساسيري أهل الجانب
الغربي عموما، وأهل الكرخ خصوصاً ونهض بهم إلى حرب الخليفة، فتحاربوا يومين، قتل
بينهما قتلى كثيرة.
واستهل هلال ذي الحجة، فدلف البساسيري في يوم الثلاثاء ومن معه نحو دار الخلافة،
وأضرم النار في الاسواق بنهر معلى وما يليه، ولم يكن بقي في الجانب الغربي إلا نفر
ذو عدد، وعبر الخلق للانتهاب، وأحاطوا بدار الخلافة، فنهب ما لا يقدر قدره، ووجه
الخليفة إلى قريش بن بدران البدوي العقيلي، وكان ضافر البساسيري، وأقبل معه، فأذم
قريش للخليفة في نفسه، ولقيه قريش فقبل الارض بين يديه دفعات، وخرج الخليفة معه من
الدار راكبا، وبين يديه راية سوداء، وعلى الخليفة قباء أسود وسيف ومنطقة، وعلى
رأسه عمامة تحتها قلنسوة، والأتراك في أعراضه وبين يديه، وضرب قريش للخليفة خيمة
ازاء بيته بالجانب الشرقي، فدخلها الخليفة، وأحدق بها خدمة.
وماشى البساسيري وزير الخليفة أبا القاسم بن المسلمة ويد البساسيري قابضة على كم
الوزير، وقبض على قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني وجماعة معه وحملوا إلى
الحريم الطاهري وقيد الوزير وقاضي القضاة.
فلما
كان يوم الجمعة الرابع من ذي الحجة لم يخطب بجامع الخليفة، وخطب في سائر الجوامع
لصاحب مص، وفي هذا اليوم انقطعت دعوة الخليفة من بغداد، ولما كان يوم الاربعاء
تاسع ذي الحجة، وهو يوم عرفه، أخرج الخليفة من الموضع الذي كان به، وحمل إلى
الانبار ومنها إلى حديثة عانة على الفرات، فحبس هناك، وكان صاحب الحديثة والمتولي
خدمة الخليفة بنفسه هناك مهارش البدوي، وحكي عنه حسن الطريقة وجميل المعتقد.
فلما كان يوم الاثنين الثامن والعشرون من ذي الحجة شهر الوزير على جمل وطيف به في
محال الجانب الغربي، ثم صلب حياً بباب خراسان إزاء الترب، وجعل في كلوبان من
الحديد وعلق على جذع، فمات بعد صلاة العصر من هذا اليوم، وأطلق قاضي القضاة أبو
عبد الله الدامغاني بمال قرر عليه، وخرجت من بغداد يوم النصف من صفر سنة احدى
وخمسين.
فلم يزل الخليفة في محبسه بحديثة عانة إلى أن ظفر طغرلبك بأخيه ابراهيم وقتله، ثم
كاتب قريشاً في اطلاق الخليفة وإعادته إلى داره، وذكر لنا أن البساسيري عزم على
ذلك لما بلغه أن طغرلبك متوجه إلى العراق، واطلع البساسيري أبا منصور عبد الملك بن
محمد بن يوسف على ذلك وجعله السفير بينه وبين الخليفة فيه، وشرط أن يضمن الخليفة
للبساسيري صرف طغرلبك عن وجهه.
وأحسب أن طغرلبك كاتب مها رشا في أمر الخليفة، فأخرجه من محبسه، وعبر به الفرات،
وسار به في البرية قصد تكريت في نفر من بني عمه، وأغذ السير حتى وصل به إلى دجلة،
ثم عبر به وسار في صحبته قصد الجبل، وقد بلغه أن طغرلبك بشهرزور فلما قطع أكثر
الطريق عرف أن طغرلبك قد حصل ببغداد، فعاد سائرا حتى وصل إلى النهروان، فأقام
بالخليفة هناك، ووجه إليه طغرلبك مضارب ورحلا وأثاثا، ثم خرج لتلقيه، فانتهى الينا
ونحن بدمشق في يوم عيد الاضحى من سنة احدى وخمسين وأربعمائة ان الخليفة تخلص من
محبسه، وانتهى الينا لسبع بقين من ذي الحجة خبر حصوله ببغداد في داره.
وكتب إلي من بغداد من ذكر أن الخليفة حصل في داره في يوم الخامس والعشرين من ذي
القعدة، وأسرى طغرلبك إلى البساسيري عسكراً من الغز وهو في بلد ابن مزيد بسقي
الفرات، فحاربوه إلى أن ظفر به، وقتل وحمل رأسه إلى بغداد، فطيف به وعلق إزاء دار
الخلافة في اليوم الخامس عشر من ذي الحجة سنة إحدى وخمسين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر أبو الوفاء الاخشيكثي في تاريخه، وحكاه عن الأديب أبي العباس أحمد ابن علي بن
بابه القاشي في ذكر أبي الحارث أرسلان التركي البساسيري قال: هو منسوب إلى بسا
مدينة بفارس، والعرب تقول فسا، وينسبون إليها فسوي، وأهل فارس ينسبون إليها البساسيري،
وكان مولاه رجلاً من أهل بسا، فنسب الغلام إليه واشتهر بهذه النسبة.
قرأت بخط العماد الكاتب أبي حامد محمد بن الأصبهاني في سنة إحدى وخمسين وأربعمائة:
وقتل في هذه السنة البساسيري، فإن السلطان سير أنوشروان، وأزذم، وساونكين الخادم،
وانصاف إليهم سرايا بن منيع الخفاجي، فقصدوا نور الدولة دبيساً، والبساسيري عنده،
فمضى نور الدولة ووقف البساسيري في جماعة ووقعت في فرس البساسيري نشابة فاجتهد في
قطع تجفافها، ورمته فرسه، ووقع في وجهة ضربة، وأسره كمشتكين دواتي عميد الملك، وحز
رأسه، وحمله إلى السلطان.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: دفع إلي أبو الحسن علي ابن أحمد بن الحسين اليزدي
الفقيه جزءاً في آخره بخط محمود بن الفضل بن أبي نصر الأصبهاني دعاء الامام القائم
بأمر الله أمير المؤمنين رضي الله عنه لما أخذه البساسيري وحمله إلى الحديثة، وهو
في السجن، فعمل هذا الدعاء، وسلمه إلى بدوي وأمره أن يعلقه على الكعبة: إلى الله
العظيم، من عبدك المسكين، اللهم إنك العالم بالسرائر والمحيط بمكنونات الضمائر،
اللهم إنك غني بعلمك واطلاعك على أمور خلقك عن إعلامي بما أنا فيه، عبد من عبيدك
قد كفر بنعمتك وما شكرها، وألقى العواقب وما ذكرها، أطغاه حلمك، وتجبر بأناتك، حتى
تعدى علينا بغياً، وأساء إلينا عتواً وعدواناً.
اللهم قل الناصرون لنا، واعتز الظالم، وأنت المطلع العالم، والمنصف الحاكم، بك
نعتز عليه، وإليك نهرب بين يديه، فقد تعزز علينا بالمخلوقين ونحن نعتز بك يا رب
العالمين.
اللهم
إنا حاكمناه إليك، وتوكلنا في إنصافنا منه عليك، وقد رفعت ظلامتي إلى حرمك ووثقت
في كشفها بكرمك، فاحكم بيني وبينه، وأنت خير الحاكمين، وأرنا منه ما نرتجيه، فقد
أخذته العزة بالاثم.
اللهم فاسلبه عزه ومكنا بقدرتك من ناصيته يا أرحم الراحمين.
فحملها البدوي وعلقت على الكعبة، فحسب ذلك اليوم، فوجد أن البساسيري قتل وجيء
برأسه بعد سبعة أيام من التاريخ.
نقلت من كتاب الربيع تأليف غرس النعمة محمد بن هلال الصابئ، وأنبأنا به عبد اللطيف
بن يوسف عن أبي الفتح بن البطي قال: أنبأنا أبو عبد الله الحميدي عنه قال: حدثني
المسعود بن أبي المعالي الفضل، وكان أحد حجاب البساسيري، في المحرم من سنة اثنتين
وخمسين وأربعمائة بالرحبة، وقد خرجت إليها خوفاً من جريرة فعل البساسيري بالقائم
بأمر الله، قال: رأيت في منامي في ذي الحجة كأن البساسيري جالساً في داره وأنا
قائم على رأسه إذ دخل عليه غلامان بثياب حسان، فنهض إليهما وخدمهما وقبل أيديهما
وأرجلهما، وجلس بين أيديهما، فقالا له: يا هذا قصدت البصرة فعضدناك، والنبار
فأعناك، وسنجار فساعدناك، والموصل فقويناك، وبغداد فنصرناك، وقالا بأيديهما يضمانها
ويبسطانها ما معناه، فما آخر ذاك، وإلى متى؟ يكررانه دفعات، فاستطرف ذاك، وجاء
خبره بعد أيام إلى الرحبة بقتله وزوال أمره.
قرأت بخط أبي منصور أسبهدوست بن محمد بن أسفار الديلمي في ديوان شعره يرثي أبا
الحارث البساسيري:
أقسمت بعدك لا أقول مديحا ... حتى أصابح في التراب صفحيا
كلا ولا صاحبت غيرك صاحباً ... إلاّ الأسى والحزن والتبريحا
الصبر يحسن عند كل مصيبةٍ ... وأراه بعدك يا أجلّ قبيحا
لهفي على دمك العزيز وقد غدا ... فوق التراب مضيعاً مسفوحا
إن كنت لم تسكن ضريحاً فالحشا ... منيّ لذكرك لا يزال ضريحا
ولقد علمنا إذ طرحت على الثرى ... أن الندى أمسى هناك طريحا
ذكر من اسمه أزهر
أزهر كان مع علي رضي الله عنه بصفين، ثم صار بها مع معاوية رحمه الله، له ذكر في
وقعة صفين، ذكره المدائني.
أزهر الكوفي: بياع الخمر، كان بخناصرة من إقليم الاحص من عمل حلب، ورأى بها عمر
ابن عبد العزيز رحمه الله، وسمع خطبته، روى عنه إدريس بن يزيد الأودي الكوفي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد البغدادي عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد
الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان بن أيوب الجلاب قال:
حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا عبد الله بن إدريس
قال: سمعت أبي ذكر عن أزهر - صاحب كان له - قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة
يخطب الناس، وقميصه مرقوع.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا عمي
الحافظ أبو القاسم قال: أنبأنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ،
وأخبرنا قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن شبل قال: حدثنا
أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا عبد الله بن إدريس عن أبيه عن أزهر بياع الخمر
قال: رأيت عمر بن عبد العزيز بخناصرة يخطب الناس، عليه قميص مرقوع.
ذكر من اسمه أسامة
أسامة بن الحسن بن عبد الله بن سلمان: سمع بأنطاكية أحمد بن الوليد بن محمد بن برد
الأنطاكي، وحدث عنه، وعن عبد الله بن أحمد العدوي، وعلي بن معبد بن نوح البغدادي.
روى عنه أبو الطيب العباس بن أحمد الشافعي.
أنبأنا
زين الأمناء أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن
الحسن قال: أخبرتنا أمة العزيز سكر ابنة أبي الفرج سهل ابن بشر الاسفرائيني قالت:
أخبرنا أبي وأبو نصر أحمد بن محمد بن سعيد الطريثيثي قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد
بن الحسين بن محمد النيسابوري البزاز، المعروف بابن الطفال، بمصر قال: أخبرنا أبو
الطيب العباس بن أحمد بن محمد بن إسماعيل المعروف بالشافعي قال: حدثنا أسامه بن
الحسن بن عبد الله بن سليمان بعرقة قال: حدثنا علي بن معبد قال: حدثنا شجاع بن
الوليد قال: حدثنا حمير بن الكندي عن زياد بن أبي زياد عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: من حفظ على أمتي أربعين حديثاً من أمر دينها بعثه الله
يوم القيامة فقيها عالماً.
أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ: ابن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم بن
سرار بن زياد بن زغيب بن مكحول ابن عمرو بن الحارث بن عمرو بن مالك بن أبي مالك بن
عوف بن كنانة بن بكر بن عذرة بن زيد اللات بن رفيدة بن ثور بن كلب بن وبرة بن تغلب
بن حلوان بن عمرو ابن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن مرة بن زيد بن مالك بن
حمير بن سبأ بن بشجب بن يعرب بن قحطان بن عابر بن أرفخشذ بن سام بن نوح. أبو
المظفر بن أبي سلامة بن أبي الحسن بن أبي المتوج الكناني الشيزري، الملقب مؤيد
الدولة.
ولد بشيزر ونشأ بها وأخرجه عمه أبو العساكر سلطان بن علي خوفاً منه على نفسه، لما
رأى من شجاعته وإقدامه، وقدم حلب مراراً متعددة، وكان من الأمراء الفضلاء الأدباء
الشعراء الشجعان الفرسان، له مصنفات عديدة ومجاميع مفيدة، ومواقف مشهورة، ووقائع
مذكورة، وفضائل مسطورة.
روى عن أبي الحسن علي بن سالم بن الأغر بن علي السنبسي وابنه كامل بن علي، ومؤدبه
أبي عبد الله محمد بن يوسف بن المنيرة الكفرطابي، ووالده أبي سلامة مرشد بن علي بن
منقذ، وأبي عبد الله محمد بن شافع بن الحسين ابن العرار، سمعهم بشيزر، وأبي بكر
محمد بن مخلد بن عبد الله بن مخلد التميمي الإشبيلي، سمعه بمصر، والخطيب يحيى بن
سلامة الحصفكي سمعه بميافارقين، وأبي هاشم محمد بن أبي محمد بن محمد بن ظفر، سمعه
بحماه، وأبي القاسم عبد الملك ابن زيد بن ياسين الدولعي خطيب دمشق، سمعه بدمشق،
وآخرين غيرهم، وروى بالإجازة عن أبي الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني.
روى عنه الحافظان أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الدمشقي، وأبو سعد عبد
الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، وعماد الدين محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني الكاتب،
وعبد السلام بن يوسف الدمشقي، وأبو البركات محمد ابن محمد بن علي قاضي أسيوط،
والشريف أبو القاسم عبد الله بن علي بن زهرة الحلبي، وولده العضد مرهف بن أسامة بن
منقذ، وجماعة غيرهم.
روى لنا عنه أبو إسحق إبراهيم بن شاكر بن عبد الله بن سليمان، وأبو الحسن محمد بن
أبي جعفر بن علي القرطبي، وأبو محمد عبد الله بن عمر بن علي الحموي، والحكيم أبو
القاسم هبة الله بن صدقة الكولمي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الكافي ابن علي
الربعي، وأبو علي الحسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي وأبو المعالي محمد بن الحسين
بن أسعد بن العجمي.
أخبرنا القاضي بهاء الدين أبو إسحق إبراهيم بن أبي اليسر شاكر بن عبد الله بن محمد
بن عبد الله بن سليمان التنوخي - قراءة عليه بداره بدمشق - ، والشيخ تاج الدين أبو
الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي الدمشقي بها، وشمس الدين أبو عبد الله محمد بن
الكافي بن علي الربعي، قاضي حمص بحلب وبدمشق، وأبو القاسم هبة الله بن صدقة بن عبد
الله الكولمي بالقصر الغربي بالقاهرة، قالوا: أخبرنا مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة
بن مرشد بن علي بن منقذ الكناني قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن علي بن سالم بن الأغر
بن علي السنبسي بثغر شيزر سنة تسع وتسعين وأربعمائة قال: أخبرنا الشيخ أبو صالح
محمد بن المهذب بن علي قال: حدثنا جدي أبو الحسين علي بن المهذب بن أبي حامد قال:
حدثنا أبو حامد بن همام قال: حدثنا محمد بن سليم القبرسي قال: حدثنا إبراهيم بن
هدبة عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ألا من بكى على ذنب
في الدنيا حتى تسيل الدموع على حر وجهه حرم الله ديباج وجهه على جهنم.
أخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد
الكريم بن محمد بن منصور السمعاني الإمام قال: أسامة بن مرشد بن علي بن مقلد بن
نصر بن منقذ الشيزري، أبو المظفر المعروف بمؤيد الدولة من أهل شيزر، قلعه بالشام
من الثغر، أمير فاضل غزير الفضل، وافر العقل، حسن التدبير، مليح التصانيف، عارف
باللغة والأدب، مجود في صنعة الشعر، من بيت الإمارة والفروسية واللغة، سكن دمشق،
لقيته بالفوار بظاهر دمشق بحوران، واجتمعت معه بدمشق عدة نوب، وكان مليح المجالسة
حسن المحاورة، كثير المحفوظ، كان يقول لي: كنت أحفظ أكثر من عشرين ألف بيت من شعر
الجاهلية، علقت عنه من شعره شيئاً، وقال لي: دخلت بغداد وقت محاربة دبيس بن صدقة
مع المسترشد بالله، قال: ونزلت الجانب الغربي عند باب البصرة وما عبرت إلى شرقيها،
سألته - أعني أبا المظفر - عن مولده، فقال: ولدت في سنة سبع أو ثمان وثمانين
وأربعمائة - أنا الشاك.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته
عنه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، قال: أسامة بن مرشد بن علي
بن المقلد بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم أبو المظفر الكناني
الملقب بمؤيد الدولة، له يد بيضاء في الدب والكتابة والشعر، ذكر لي أنه ولد سنة
ثمان وثمانين وأربعمائة، وقدم دمشق سنة اثنتين وثلاثين وخمسمائة، وخدم بها السلطان،
وقرب منه وكان شجاعاً فارساً، ثم خرج إلى مصر، فأقام بها مدة، ثم رجع إلى الشام،
وسكن حماة، واجتمعت به بدمشق، وأنشدني قصائد من شعره سنة ثمان وخمسين وخمسمائة.
قرأت بخط مؤيد الدولة أسامة في كتابه الموسوم بأزهار الأنهار، وقد أجاز روايته مع
غيره لجماعة أجازوا لنا ذلك عنه منهم: الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن
علوان قال: ومما يخصني من غرائب اللبن أنني حين ولدت إلتمس لي من يرضعني، فقدر
الله سبحانه الرزق من امرأة كبيرة قد نيفت عن الستين سنة، ليس لها ولد صغير، فدرت
علي وأرضعتني إلى حين فطمت، وعاشت بعد فطامي نحوا من خمس عشرة سنة وكانت رحمها
الله متى عصرت ثديها طار منه اللبن كأنها مرضعة.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قال لي أبو عبد
الله محمد بن الحسن بن الملحي: الأمير مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ شاعر أهل
الدهر، مالك عنان النظم والنثر، متصرف في معانيه، لاحق بطبقة أبيه، ليس يستقصي
وصفه بمعان، ولا يعبر عن شرحها بلسان، فقصائده الطوال، لا يفرق بينها وبين شعر ابن
الوليد ولا ينكر على منشدها نسبتها إلى لبيد، وهي على طرف لسانه بحسن بيانه غير
محتفل في طولها، ولا يتعثر لفظه العالي في شيء من فصولها والمقطعات فأحلى من
الشهد، وألذ من النوم بعد طول السهد في كل معنى غريب وشرح عجيب.
قلت: ولم يذكر الحافظ أبو القاسم في تاريخه أحداً ممن تأخرت وفاته عن وفاته غير
أربعة أو خمسة، أبو المظفر أسامة بن منقذ هذا أحدهم، وذلك لجلالته عنده، وعلو
منزلته.
أنبأنا
محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج المصري قال: أخبرنا عماد الدين أبو
عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني في كتاب خريدة القصر وجريدة العصر
تأليفه، قال: أسامة كإسمه في قوة نثره ونظمه، يلوح من كلامه أمارة الإمارة، ويؤسس
بيت قريضه عمارة العبارة، نشر له علم العلم، ورقي سلم السلم، ولزم طريق السلامة
وتنكب سبل الملالة والملامة، واشتغل بنفسه، ومجاورة أبناء جنسه، حلو المجالسة حالي
المساجلة، ندي الندى بماء الفكاهة، عالي النجم في سماء النباهة، معتدل التصاريف،
مطبوع التصانيف، أسكنه عشق الغوطة دمشق المغبوطة، ثم نبت به كما ينبو الدار
بالكريم، فانتقل إلى مصر، فبقي بها مؤمراً مشاراً إليه بالتعظيم إلى أيام ابن
رزيك، فعاد إلى الشام، وسكن دمشق مخصوصاً بالاحترام حتي أخذت شيزر من أهله، ورشقهم
صرف الزمان بنبله، ورماه الحدثان إلى حصن كيفا مقيما بها في ولده، مؤثراً بلدها
على بلده حتى أعاد الله سلطنة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب في سنة سبعين،
ولم يزل مشغوفاً بذكره، مستهترا بإشاعة نظمه ونثره، والأمير العضد مرهف ولد الأمير
مؤيد الدولة جليسه وأنيسه، فاستدعاه إلى دمشق، وهو شيخ قد جاوز الثمانين. وكنت قد
طالعت مذيل السمعاني، فوجدته قد وصفه وقرظه، وأنشدني العامري له بأصبهان من شعره
ما حفظه، وكنت أبدأ لقياه، وأشيم على البعد حياه، وسألته عن مولده فقال: يوم الأحد
سابع عشري جمادى الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
وقرأت في كتاب أنموذج الأعيان لعبد السلام بن يوسف الدمشقي بخطه قال: الأمير
الأوحد، العالم، مجد الدين، مؤيد الدولة، أبو المظفر أسامة بن مرشد ابن علي بن
مقلد بن نصر بن منقذ الشيزري الكناني، مبرز في علم الأدب، عريق في النسب، من بيت
التقدم والإمارة والسيادة في البداوة والحضارة، مع عقل كامل وافر، ورأي وجه العواقب
عنده سافر، لم يزل موصوفاً بالإقدام والشجاعة، معروفاً باللسن والبراعة، لقيته
بدمشق في شهر جمادى الآخرة سنة إحدى وسبعين وخمسمائة، وأخبرني أن مولده في ثالث
عشري جمادى الآخرة، يوم الأحد، سنة ثمان وثمانين وأربعمائة، وأنشدني من نظمه ما
يضاهي نظام اللآلي، ويكون قلادة في جيد الأيام والليالي.
قلت: كان في الأصل بخط عبد السلام بن يوسف سابع عشري جمادى، فضرب بخطه على سابع
وكتب فوقه ثالث، والذي يظهر لي أن المضروب عليه هو الصحيح.
وقرأت في كتاب الاعتبار تأليف أسامة بن مرشد: ولدت أنا وهو - يعني ابن عمه سنان
الدولة شبيب بن حامد بن حميد - في يوم واحد، يوم الأحد السابع والعشرين من جمادى
الآخرة سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.
أخبرني أبو المعالي محمد بن الحسين بن أسعد بن عبد الرحمن الحلبي قال: سمعت أسامة
بن مرشد بن منقذ، مؤيد الدولة، يحكي لنا بدمشق أن سبب إخراج عمه إياه من شيزر أنه قتل
أسداً ضارياً بناحية شيزر فأخرجه عمه - يعني أبا العساكر سلطان بن علي - منها
خوفاً على نفسه منه.
وقال لنا: جاء الخبر إلى عمي بأن في بعض نواحي شيزر أسداً ضارياً قد آذى الناس في
طريقهم، فتقدم عمي إلى عسكره كلهم أن يركبوا بكرة الغد من ذلك اليوم الذي تقدم إليهم
فيه للتأهب للقاء الأسد وقتله.
قال: فاستدعيت غلامي وأمرته بإسراج دابتي وأخذ رمحي معه، وركبت أنا والغلام في
اليوم الذي أمر عمي بالتأهب له، وخرجت وغلامي معي حتى أتيت الموضع الذي فيه الأسد،
فخرج الأسد وحمل علي فقاتلته وصرعته، ونزلت إليه فقطعت رأسه، وناولته الغلام،
وأمرته بتسميطه معه على الدابة التي تحته، ودخلت شيزر وبت بها، فلما أصبح الصباح
ركب عمي وعسكره، وخرجوا يطلبون الأسد، فوجدوا جثته مطروحة بلا رأس، فعجبوا من ذلك،
وأنا ساكت لا أتكلم.
قال:
وتحدث غلامي مع الغلمان بذلك فشاع بينهم حتى علم عمي به، فرجع ودخل شيزر، وصعدنا
على العادة إلى قلعتها وبتنا تلك الليلة، فقام عمي نصف الليل وطلبني، وأمر من أسرج
له مركوباً، وأمرني بالركوب وقال: أريد أن تجيء معي إلى موضع سماه خارج شيزر في
شغل، فركبت معه حتى أبعدني عن شيزر، ثم قال لي: يا بن أخي شيزر لك فهبها لي،
فوالله ما بقيت أقدر على مساكنتك، ولم يأخذني في هذه الليلة نوم من شدة فكري فيك،
إذا كان فعلك مع الأسد هذا الفعل فايش يكون معي لو سولت لك نفسك أن تفتك بي؟ ومنذ
رجعت إلى القلعة ليس لي فكر إلا فيك، ولم يأخذني نوم في ليلتي هذه ولا قرار إلى أن
بادرت إلى إخراجك، فما اقدر أن أساكنك وأنت على هذه الصفة ! قال: فامتثلت أمره،
وودعني، وعاد إلى شيزر؛ قال: فخرجت منها وأقمت في مكان سماه لنا شذ عني اسمه.
قلت: وإلى هذا أشار أسامة في قوله، وقد أسن وأرعشت يده، وكتب خطاً مضطرب الحروف.
فاعجب لضعف يدٍ عن حملها قلماً ... من بعد حطم القنا في لبّة الأسد
انشدنا افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال:
أنشدنا تاج الإسلام أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني.
ثم أنشدني تاج الدين أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي الفنكي بدمشق قالا:
أنشدنا أسامة بن مرشد بن منقذ الشيزري لنفسه:
يا دهر مالك لا يص ... دك عن مساءتي العتاب
أمرضت من أهوى ويأ ... بى أن أمرضه الحجاب
لو كنت تنصف كانت الأ ... مراض لي وله الثواب
قال العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب الأصبهاني - وقد أورد لأسامة
هذه الأبيات في خريدة القصر: قد قيل في مرض الحبيب كل معنى بكر مخترع بديه، ومبتدع
فكر، إلا أن هذه الأبيات لطيفة المعنى، ظريفة المغزى، مقصدها سهيل، وموردها سهل،
لو سمعتها في البادية عقيل لم يثبت لها عقل، ولا شك أن حبيبته عند استنشاق هوائها
فاز ببرو مهجته وشفائها.
أنشدنا أبو الحسن محمد بن أي جعفر بن علي القرطبي قال: أنشدني أبو المظفر أسامة بن
مرشد بن علي بن مقلد بن منقذ الكناني لنفسه:
إذا الصب أشفى من جواه على شفا ... أتى الياس مما يرتجي بشفائه
وقد زادني يأسي سقاماً فكيف ... بالشفاء لصب داؤه في دوائه
أنشدني أبو علي حسن بن محمد بن إسماعيل النيلي قال: أنشدنا مؤيد الدولة أسامة بن
مرشد بن منقد لنفسه في كتاب العصا:
حناني الدّهر وأب ... لتني الليالي والغير
فصرت كالقوس ومن ... عصاي القوس وتر
أهدج في مشيي وفي ... خطوي فتورٌ وقصر
كأنني مقيدٌ ... وإنما القيد الكبر
والعمر مثل الكأس في ... آخره يبقى الكدر
أنشدنا محمد بن أحمد بن علي بدمشق قال: أنشدني أبو المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ
لنفسه في ضرس قلعه:
وصاحبٍ صاحبني في الصبا ... حتى ترديت رداء المشيب
لم يبد لي ستين حولاً ولا ... بلوت من أخلاقه ما يريب
أفسده الدهر ومن ذا الذي ... يحافظ العهد بظهر المغيب
ثم افترقنا لم أصب مثله ... عمري ومثلي أبداً لا يصيب
فأعجب لها من فرقة باعدت ... بين أليفين وكل حبيب
أنشدني الحكيم أبو القاسم هبة الله بن صدقه بن عبد الله الكولمي بالقاهرة قال:
انشدنا مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ لنفسه بدمشق في سنة أربع وثمانين
وخمسمائة في ضرس قلعه:
وصاحب صاحبته ... ستين حولاً ما رأيته
حتى إذا عاينته ... عاينت منه ما أبيته
والهجر فيه راحةمن كل مصحوب قليته
وأنشدنا الحكيم أبو القاسم المذكور قال: أنشدنا مؤيد الدولة أسامة بن منقذ لنفسه
في مثله:
وصاحب لا تمل الدهر صحبته ... يشقى لنفعي ويسعى سعي مجتهد
لم ألقه مذ تصاحبنا فحين بدا ... لناظري افترقنا فرقة الأبد
قال
العماد الكاتب - وأوردهما في الخريدة: لو أنصفت فهمك ان كنت منتقدا وترقيت عن مرقب
وهمك مجتهدا، وغصت بنظر فكرك في بحار معانيه لغنمت من فرائد درره ولآليه، ولعلمت
إذا لم يكن هكذا فلغو، وأنه إذا لم يبلغ هذا الحد من الجد فهجر ولهو، ومن الذي أتى
في وصف السن المقلوع بمثل هذا الفن المطبوع، فهل سبقه أحد إلى معناه، وهل في هذا
النمط ساواه.
أنشدنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الحلبي قال: أنشدنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد السمعاني.
وأنشدنا محمد بن أحمد بن علي الفنكي قالا: أنشدنا أبو المظفر أسامة بن علي الكناني
لنفسه:
لم يبق لي في هواكم أرب ... سلوتكم والقلوب تنقلب
أوضحتم لي سبل السلو وقد ... كانت لي الطرق عنه تنشعب
إلام دمعي من هجركم سرب ... قانٍ وقلبي من غدركم يجب
إن كان هذا لأن تعبدني السح ... با فقد أعتقني الريب
أحببتكم فوق ما توهمه ال ... خلق وخنتم أضعاف واحسبوا
أورد أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب هذه الأبيات في الخريدة وقال: تأمل معاني
هذه الأبيات بعين التأني والثبات تعرف أن قائلها من ذوي الحمية، والنفوس الأبية،
والهمم العلية وكل من يملكه الهوى ويسترقه قلما يطلقه السلو ويعتقه، إلا أن يكون
كبيراً غلب عقله هواه، واستهجن في الشهوات المذمومة نيل مناه، وقوله قد أعتقني
الريب في غاية الجودة، ونهاية الكمال، أعذب من الزلال، وأطيب من الحلال، وألعب
بقلوب المتيمين من نسيم الشمال أنشدنا شيخ الشيوخ تاج الدين أبو محمد عبد الله بن
عمر بن علي بن حموية قال: أنشدنا مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن
مقلد بن منقذ لنفسه:
أيا تاج فرسان الهياج ومن بهم ... ثبتت أواخي ملك كل متوج
قوم إذا لبسوا الحديد عجبت من ... بحر يدافع في لظى متوهج
أنشدنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنشدنا أبو المظفر أسامة بن مرشد لنفسه وقالها
على لسان الشيخ أبي صالح بن المهذب رحمه الله، وكانت فيه حدة مع فضل وعلم وتقى،
وكان نزل بشيزر فريق من العرب معهم جارية اسمها شوق مستحسنة، وكتب الأبيات ورمى
بها نسخا بشيزر، فوقع منها بيد الشيخ أبي صالح رحمه الله، فقامت قيامته، ولم يدر
أحد من عمل الأبيات، فقال له الشيخ العالم أبو عبد الله محمد بن يوسف المعروف بابن
المنيرة رحمه الله، وهو مؤدبه هذه الأبيات التي قد رميت ما يحسن يقولها إلا أنا،
أو القاضي أبو مرشد بن سليمان، أو أنت، وأنا وأبو مرشد ما قلناها، وما قالها غيرك،
وهي:
قولا لريم في حلة العرب ... إليك أشكو ما يصنع اسمك بي
بم استجازت عيناك سفك دمي ... وأخذ قلبي في جملة السلب
لولاك والدهر كله عجب ... ما خفرت في ذمة العرب
جارك أولى برعي ذمته ... إن أنت راعبت حرمة الصقب
هذا هوى كنت في بلهنية ... عنه فيا للرجال للعجب
أيسترق الكريم ذا النسب ال ... واضح عبد مستعجم النسب
ويحمل الثأر من به خورٌّ ... عن احتمال الحجال والقلب
نشدتك الله في احتمال دمي ... فمعشري ما يقوتهم طلبي
ما فات قومي آل المهذب من ... قبلي ثار في سالف الحقب
فلا تريقي دماً لذي أدب ... يسطو بأقلامه على القضب
قلت: هذا أبو صالح ابن المهذب ليس هو أبو صالح الكبير محمد بن المهذب ابن علي بن
المهذب فان أسامة لم يدرك زمنه لأنه توفي سنة خمس وستين وأربعمائة وهذا غيره،
ذكرنا ذلك لئلا يلتبس به.
أنشدنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن حموية قال: أنشدنا أسامة بن منقذ لنفسه:
أساكن قلبي والمهامه بيننا ... وانسا عيني والمزار بعيد
تمثلك الأشواق لي كل ليلة ... فهمي جديد والفراق مديد
أنشدنا محمد بن أبي جعفر بن علي قال: أنشدنا أسامة لنفسه:
أبى لي أن أبالي بالرزايا ... فؤاد لا يروع بالخطوب
ونفس لا تسف لمستفاد ... ولا تأس على وفر سليب
وعلمي
أن ما أهوى وأخشى ... يزول بغير شك عن قريب
أنشدنا الامام أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أنشدنا أسامة
بن مرشد بن علي في كتابه لنفسه:
يا رب إن إساءتي قد سودت ... يبد الكرام الكاتبين صحائفي
والخوف منك ومن عقابك مقلقي ... فارحم مخافة ذي الفؤاد الراجف
من خاف شيئاً فرّ منه هارباً ... وإليك منك مفر عبد خائف
أنشدنا محمد بن أحمد بن علي القرطبي قال: أنشدنا أسامة بن مرشد لنفسه، وكتبها على
كتاب نسخه:
يا رب حسن رجائي فيك حسن لي ... تضييع وقتي في لغو وفي لعب
وأنت قلت لمن أضحى على ثقة ... بحسن عفوك إني عند ظنك بي
قال لي أبو علي حسن بن محمد بن إسماعيل القيلوي توفي أسامة بن مرشد ابن منقذ بدمشق
في سنة أربع وثمانين وخمسمائة، قال: وفيها دخلت دمشق.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال - في ذكر من توفي سنة
أربع وثمانين وخمسمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي ليلة الثالث والعشرين
من شهر رمضان توفي الامير الأجل مؤيد الدولة أبو المظفر أسامة ابن أبي سلامة مرشد
بن علي بن مقلد بن نصر بن منقذ الكناني الكلبي الشيزري بدمشق، ودفن من الغد بجبل
قاسيون، وكان مولده بشيزر في يوم الاحد السابع والعشرين من جمادي الآخرة سنة ثمان
وثمانين وأربعمائة، وقيل في شهر رمضان منها، حدث عن أبي الحسن علي بن سالم السنبسي
وغيره، سمع منه الحفاظ أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني، وأبو القاسم علي بن
الحسن الدمشقي وأبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وأبو محمد عبد الغني بن
عبد الواحد، وحدثنا عنه ولده الامير الأجل أبو الفوارس مرهف وغيره، وهو من بيت
الامارة والشجاعة، وله اليد البيضاء في اللغة والكتابة والشعر، وله مصنفات مشهورة،
وكان مشهورا بالشجاعة والإقدام، ودخل بغداد، والموصل، ودمشق ومصر.
أسامة بن أبي عطاء الانطاكي: معدود في التابعين، وعده أبو الحسن محمود بن ابراهيم
بن محمد بن عيسى ابن القاسم بن سميع في الطبقة الرابعة منهم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل إذناً عن أبي القاسم نصر بن
أحمد بن مقاتل قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد أبي الحديد قال: أخبرنا أبو
الحسن علي بن الحسن الربعي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب الكلابي قال: أخبرنا
أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء قال: أخبرنا أبو الحسن محمود بن ابراهيم بن سميع،
في الطبقة الرابعة من تابعي أهل الشام قال: أسامة بن أبي عطاء الأنطاكي.
ذكر من اسمه إسحق
من اسم أبيه ابراهيم ممن اسمه إسحق
إسحق بن ابراهيم بن الاخيل: وقيل ابن أبي الأخيل الحلبي، من أهل حلب، حدث عن مبشر
بن إسماعيل الحلبي، وأبي سعيد الأنصاري، ونمير بن الوليد بن نمير، وأبي الزرقاء
عبد الملك ابن محمد الدمشقي، ومعاوية بن هشام.
روى عنه أحمد بن سليمان الحلبي، وأبو أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي،
وأبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني. وعبد الله بن محمد ابن زياد النيسابوري،
وعثمان بن الحسن بن نصر الحلبي، وأبو ميمون أحمد بن محمد بن ميمون بن ابراهيم بن
كوثر بن حكيم الحلبي، وأبو بكر أحمد بن محمد ابن أبي موسى الأنطاكي، وكان من
الثقات.
أخبرنا عبد الله بن عمر بن علي بن اللتي قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم
سعيد بن أحمد بن البناء.
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو
القاسم سعيد بن أحمد بن الحسن بن البناء والشريف أبو المظفر محمد ابن أحمد بن علي
بن عبد العزيز الخطيب قالا: أخبرنا الشريف أبو نصر محمد بن محمد بن علي الزينبي
قال: قرئ على أبي بكر محمد بن عمر بن خلف المعروف بابن الوراق، وأنا أسمع فأقر به
قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن أبي داود السجستاني قال: حدثنا إسحق بن الأخيل
قال: حدثنا أبو سعيد الأنصاري قال: حدثنا مسعر عن قتادة عن أنس قال: رسول الله صلى
الله عليه وسلم: إن لكل نبي دعوة يدعو بها لأمته، واني اختبأت دعوى شفاعة لأمتي
يوم القيامة.
أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل الأنصاري بدمشق، ومكرم بن محمد بن حمزة بن أبي
الصقر بحلب قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال: أخبرنا
القاضي الخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر
المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم الأنطاكي
قال: أخبرنا أبو الحسن محمد الرافقي قال: أخبرنا أبو أسامة عبد الله بن محمد قال:
حدثنا إسحق بن الأخيل قال: حدثنا نمير بن الوليد عن أبيه عن جده عن أبي موسى
الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: أكرموا الخبز فإن الله سخر له بركات
السماء والارض والبقر والحديد وابن آدم.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان فيما أذن لنا فيه عن أبي القاسم
بن أبي محمد قال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ماكولا في كتاب الإكمال
قال: وإسحق بن الأخيل حلبي ثقة.
إسحق بن ابراهيم بن بنان: وقيل بيان - أبو يعقوب الجوهري أصله من البصرة، وسكن
دمشق، سمع بطرسوس أبا مأية محمد بن ابراهيم الطرسوسي وحدث عنه، وعن أبي داود
سليمان ابن سيف الحراني، والربيع بن سليمان المرادي، ومحمد بن عبد الرحمن بن الحسن
الجعفي.
روى عنه أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي، وأبو الحسين محمد
بن.... وعلي بن أحمد الرازيان، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن
ذكوان، وعبد الله بن عمر أيوب المري.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو
القاسم هبة الله بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت
قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا علي بن أحمد بن ثابت الرازي قال: حدثنا
إسحق بن بيان الجوهري بدمشق - وأنا سألته - قال: حدثنا أبو أمية محمد بن ابراهيم
قال: حدثنا يعقوب بن محمد الزهري قال: حدثنا المنكدر بن محمد بن المنكدر عن الزهري
عن عروة عن عبد الله بن عمرو عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: ان الله لا يقبض
العلم إنتزاعاً الحديث، كذا قال نسبة إلى جده.
قال الحافظ أبو القاسم قال: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد - وذكر في باب بنان
بضم الباء وفتح النون: إسحق بنان الجوهري الدمشقي حدث عن أبي أمية الطرسوسي حدث
عنه علي بن أحمد بن ثابت الرازي.
قال الحافظ أبو القاسم قال: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد - وذكر أنه نقله من خط
أبي الحسين الرازي - في تسمية من كتب عنه بدمشق: أبو يعقوب إسحق بن ابراهيم بن
بيان الجوهري، وكان أبوه أيضاً محدثا، وأصلهم من البصرة انتقلوا إلى دمشق وابن
عمه، مات سنة سبع وعشرين وثلاثمائة.
وقال الحافظ: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن
محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زيز قال: سنة سبع وعشرين وثلاثمائة فيها:
توفي ابن بنان الجوهري في شعبان.
إسحق بن ابراهيم بن الحسن بن كثير الازدي الجرجاني: أبو يعقوب، حدث بطرسوس عن
الضحاك بن حجوة المنبجي، روى عنه نعمان ابن هرون بن أبي الدلهاث البلدي، وسمعه
بطرسوس.
إسحق بن ابراهيم بن سهم المصيصي: من أهل المصيصة، ذكره أبو عبد الله محمد بن إسحق
بن مندة بما أخبرنا به عبد الجليل بن أبي غالب الأصبهاني فيما أذن لنا في روايته
عنه قال: أخبرنا أبو - المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا
أبو عبد الله بن مندة قال: إسحق بن ابراهيم بن سهم المصيصي كان بالثغر، حدث عن عبد
الله بن محمد بن ربيعة القدامي حدثنا عنه عبد الرحمن بن حمدان الحلاب.
إسحق بن ابراهيم بن صالح بن زياد أبو يعقوب العقيلي: نزيل طرسوس، حدث عن عبد
الرحمن بن محمد الدمشقي، وسفيان بن عيينة ومحمد بن ادريس الشافعي، وعبد الله بن
المبارك، روى عنه أحمد بن ابراهيم الدورقي، وأسيد بن عاصم، وأبو مسعود، ومسلم بن سعيد
بن مسلم أبو سلمة الاشعري.
أخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله - فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا
الشيخ أبو الحسن مسعود بن أبي منصور الجمال الخياط قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن
أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا
عبد الله بن محمد بن جعفر قال: حدثنا مسلم بن سعيد قال: حدثنا إسحق بن ابراهيم بن
صالح العقيلي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد الدمشقي قال: حدثنا محمد بن تميم عن
ابن أبي ذئب عن الزهري عن سالم عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من
آذى مؤمناً فقيراً بغير حق فكأنما هدم مكة عشر مرات وبيت المقدس، وكأنما قتل ألف
ملك من المقربين.
أنبأنا أبو الحجاج قال: أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا أبو علي قال: أخبرنا أبو
نعيم قال: إسحق بن ابراهيم بن صالح بن زياد العقيلي سكن طرسوس وتوفي بها سنة
أربعين ومائتين، يكنى أبا يعقوب، ذكره أبو عبد الله بن مخلد، يروي عن ابن عيينة،
والشافعي، وابن المبارك لم يخرج حديثه.
روى عنه أحمد بن ابراهيم الدورقي، وأبو مسعود، وأسيد، وكان بينه وبين أحمد بن حنبل
صداقة وأخوة.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي، قال: أخبرنا أبو
عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبي قال: إسحق بن ابراهيم بن صالح بن زياد، أبو يعقوب
العقيلي مات بطرسوس سنة أربعين ومائتين: حدث عن ابن عيينة، والشافعي، روى عنه أحمد
الدورقي.
إسحق بن ابراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي: من
بني صالح الساكنين بحلب والناشئين بها وبنواحيها، وقد تقدم ذكر أبيه ابراهيم، وولي
إسحق هذا دمشق نيابة عن أبيه، وكان من أعيان بني صالح وفصحائهم.
روى عنه أحمد بن أبي الحواري، وقد ذكرنا أن ولد ابراهيم بعده انتقلوا إلى حلب.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - إذنا - قال: أخبرنا أبو القاسم ابن
السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر
الحميدي لفظاً بدمشق قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن بالحجاز قال: حدثنا
أبو الحسن علي بن عبد الله بمكة قال: حدثنا محمد بن هرون قال: حدثنا عباس بن جنزة
قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت إسحق بن ابراهيم بدمشق يقول على منبر
دمشق: من آثر الله آثره الله، فرحم الله عبدا استعان بنعمته على طاعته، ولم يستعن
بنعمته على معصيته، فإنه لا يأتي على صاحب الجنة ساعة إلا وهو يزداد صنفا من
النعيم لم يكن يعرفه، ولا يأتي على صاحب النار ساعة إلا وهو مستنكر لشيء من العذاب
لم يكن يعرفه.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: إسحق بن
ابراهيم بن صالح بن علي بن عبد الله بن عباس بن عبد المطلب الهاشمي الصالحي، ولي
دمشق نيابة عن أبيه ابراهيم في خلافة الرشيد، وفي ولايته وقعت عصبية أبي الهيذام
حتى تفانى فيها جماعة من الناس وتفاقم أمرها، حكى عنه أحمد بن أبي الحواري.
قال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط أبي الحسين الرازي أخبرني محمود بن محمد بن الفضل
الرافقي قال: حدثنا حبش بن موسى الضبي قال: حدثنا علي بن أحمد المدائني قال: ولما
خرج ابراهيم بن صالح من دمشق مع الوفد الذين قدم بهم على أمير المؤمنين الرشيد
استخلف ابنه إسحق على دمشق، وضم إليه رجلا من كندة يقال له الهيثم بن عوف فغضب
الناس، وحبس رؤساء من قيس وأخذ أربعين رجلا من محارب فضربهم وحلق رؤوسهم ولحاهم،
ضرب كل رجل ثلاثمائة فنفر الناس بدمشق وتداعوا إلى العصبية ونشبت الحرب، ورجعوا
إلى ما كانوا عليه من القتل والنهب، فلم يزالوا على ذلك أشهراً، ثم خرج إلى حمص.
قلت: وكانت العصبية بالشام بين النزارية واليمانية، ورأس النزارية في ذلك الوقت
أبو الهيذام سنة ست وسبعين ومائة، فأقاموا على ذلك مدة طويلة، ثم ضعف أمر أبي
الهيذام وتوارى في منزله.
إسحق بن ابراهيم بن الضيف: أبو يعقوب الباهلي البصري، وقبل إسحق بن الضيف، وسنذكره
في حرف الضاد في آباء من اسمه إسحق ان شاء الله تعالى.
إسحق بن ابراهيم بن عبد الرحمن بن سهم:
أبو
يعقوب الانطاكي، وهو ابن أخي محمد بن عبد الرحمن ابن سهم، وقد قيل في نسبه إسحق بن
ابراهيم بن عبد الرحمن بن حكيم بن سهم، روى عن عبدة ابن عبد الرحمن المروزي، روى
عنه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل الفارسي، وأبو إسحق ابراهيم بن جعفر بن سنيد
المصيصي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن قشام - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الهمذاني
قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن محمد بن محمد
الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد
بن إسحق الحافظ قال: أبو يعقوب إسحق بن ابراهيم ابن عبد الرحمن بن سهم الانطاكي،
ابن أخي محمد بن عبد الرحمن بن سهم، سمع عبدة بن عبد الرحيم، كناه لنا أبو إسحق
إبراهيم بن جعفر بن سنيد بن داود المصيصي.
إسحق بن ابراهيم بن كامجر: أبو يعقوب بن أبي اسرائيل المروزي، دخل حلب، أو عملها،
بدليل ما أخبرنا به أبو اليمن الكندي في الاجازة قال: أخبرنا عبد الرحمن بن القزاز
قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي قال: قرأت على البرقاني عن إسحق المزكي
قال: أخبرنا محمد بن إسحق السراج قال: سمعت الفضل بن سهل الاعرج قال: سمعت إسحق بن
أبي اسرائيل يقول: أدركت زائدة، قلت: كيف أدركته قال: كان أبي في الغزوة التي غزا
فيها زائدة، فكنت أسأل عن أبي، وهذا يدل على أنه كان مع أبيه في الغزاة لان زائدة
بن قدامة مات في غزاته هذه بحلب، وقيل بأرض الروم في سنة اثنتين وستين، وقيل سنة
احدى وستين، فلا يسأل عن أبيه في الغزاة الا وقد كان معه، لأن زائدة لم يرجع من
غزاته تلك، فكان سؤاله عن أبيه وهو في الغزاة دليلا على أنه كان معه فيها.
وقد كان عمره حينئذ احدى عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة، لأن مولده سنة خمسين أو احدى
وخمسين على ما نذكره، وغزاة زائدة سنة احدى وستين.
حدث إسحق بن أبي اسرائيل عن عبد القدوس بن حبيب الكلاعي، وهو أول شيخ كتب عنه وعن
محمد بن جابر الخثعمي اليمامي، وحماد بن زيد، وسفيان بن عيينة، وعبد الوارث بن
سعيد، وكثير بن عبد الله الأيلي، وجعفر بن سليمان، وهشام بن يوسف الصنعاني والفضيل
بن عياض، ومرجوم بن عبد العزيز، وعفيف بن سالم، وعبد الحميد بن الحسن الهلالي.
روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو يحيى بن صاعقة، وعبد الله بن أحمد بن حنبل،
ويعقوب بن شيبة، وعبد الله بن محمد بن ناجية، وفضل بن سهل الأعرج، وأبو يعلى
الموصلي وابراهيم بن المدبر الكاتب، ومحمد ابن جابر بن حماد الفقيه، وأبو بكر بن
أبي موسى، وإسحق بن إبراهيم بن محمد ابن عرعرة، وعبد الوهاب بن عيسى بن أبي حية.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري بدمشق، وأبو الفضل
مكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصقر قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن علي
قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو
المعمر المسدد بن علي بن عبد الله الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد
الكريم الأنطاكي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم الأنطاكي الحلبي
قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي موسى قال:
حدثنا إسحق بن أبي اسرائيل قال: حدثنا محمد بن جابر الحنفي عن حماد عن ابراهيم عن
علقمة عن عبد الله قال: صليت مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأبي بكر، وعمر فلم
يرفعوا أيديهم إلا عند افتتاح الصلاة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو
بكر محمد بن عبيد الله بن نصر الزاغوني قال: أخبرنا أبو نصر محمد ابن محمد الزينبي
قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الحمامي قال: أخبرني أبو محمد الحسن بن بدر
السلامي قال: حدثنا الحسن بن دفر قال: حدثني أبو صعصعة المجاشعي قال: دخل إسحق بن
أبي اسرائيل على أمير المؤمنين جعفر المتوكل، فمد إسحق يده ليصافحه، فلم يمد يده
المتوكل، فقال إسحق: يا أمير المؤمنين حدثنا الفضيل بن عياض عن هشام عن الحسن بن
أبي الحسن البصري قال: المصافحة تزيد في الود، قال: فمد يده المتوكل إليه فصافحه،
فقال له: نصافحك أبا يعقوب، قال: وكناني، ودعا بغالية فغلفني منها بيده، قال: فلما
جاء إلى منزله غسل الغالية من لحيته فبقيت عندهم مدة.
أنبأنا
أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن
علي الخطيب قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا محمد بن غالب الجعفي قال:
أخبرنا موسى بن هرون قال: أخبرني أبي أن مولد ابن أبي اسرائيل سنة خمسين ومائة،
قال: وأخبرني أبي أنه سمع إسحق بن أبي اسرائيل سنة مائتين يذكر أنه ابن خمسين سنة.
قال الخطيب: أخبرني أبو القاسم الأزهري عبد الرحمن بن عمر الخلال قال: حدثنا محمد
بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا جدي قال: وأما إسحق بن أبي اسرائيل فإن أبا اسرائيل
اسمه إبراهيم بن كامجر المروزي، ويكنى إسحق أبا يعقوب مولده سنة احدى وخمسين
ومائة.
وقال الخطيب: أنبأنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال: أخبرنا محمد ابن حميد
المخرمي قال: حدثنا علي بن الحسين بن حبان قال: وجدت في كتاب أبي بخط يده قال أبو
زكريا: وابن أبي اسرائيل من ثقات المسلمين، ما كتب حديثا قط عن أحد من الناس إلا
ما ضبطه هو في ألواحه، أو كتابه، وقال: سألت أبا زكرياء قلت: اختلف ابن أبي
اسرائيل والقواريري في حديث عن ابن مهدي، فقال: ابن أبي اسرائيل أثبت من
القواريري، وأكيس، وأضبط من أبيه ومن أهل قريته أجمعين، ثقة مأمون، ضابط،
والقواريري ثقة صدوق، وليس هو مثل إسحق.
وقال في موضع آخر - يعني الحسين بن حبان - : ذكر أبو زكرياء بن أبي اسرائيل فقال:
الثقة الصادق المأمون، ما زال معروفا بالدين والخير والفضل، قيل له: في حديث مبارك
بن سعيد؟ فقال أبو زكرياء: لو قال أبو يعقوب اني قد سمعت كل حديث عند مبارك بن
سعيد لكان الثقة الصدوق المأمون.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: كتب إلي ابراهيم بن سعيد الحبال
قال: أخبرنا يحيى بن علي الحضرمي قال: حدثنا عبد الله بن محمد ابن المفسر قال:
حدثنا أحمد بن علي القاضي قال: كنت تركت حديث ابن أبي اسرائيل فقال لي حبيش بن
مبش: لا تفعل فإني رأيت مع يحيى بن معين جزءاً فقلت له: يا أبا زكريا كتبت عن إسحق
ابن أبي اسرائيل؟ فقال: كتبت عنه سبعة وعشرين جزءا قبل هذا.
أخبرنا زيد بن الحسن - إذناً - قال: أخرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الاشناني قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي
يقول: سمعت أبا سعيد عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: إسحق بن
أبي اسرائيل ثقة.
قال أبو سعيد: إسحق بن أبي اسرائيل لم يكن أظهر الوقف حتى سألت يحيى ابن معين عنه،
وهذه الأشياء التي ظهرت عليه بعد، ويوم كتبنا عنه كان مستوراً عنه.
قال أبو بكر الخطيب: أخبرني الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال: حدثنا محمد
بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا جدي قال: سريج بن يونس شيخ صالح صدوق، وإسحق بن
اسرائيل أثبت منه.
قال الخطيب: أخبرني الحسن بن محمد الخلال عن أبي الحسن الدارقطني قال: إسحق ابن
أبي اسرائيل ثقة.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن عمر الصابوني فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال:
أخبرنا علي بن محمد بن سعيد الموصلي قال: حدثنا شاهين بن السميدع العبدي قال: سمعت
أبا عبد الله - يعني أحمد بن حنبل - يقول إسحق بن أبي اسرائيل واقفي مشؤوم إلا أنه
صاحب حديث كيس.
قال الخطيب: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن علي بن حموية بن ايرك الهمذاني بها قال:
حدثنا أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد ابن محمد بن يوسف
الريحاني قال: حدثنا أبو علي الحسين بن إسماعيل الفارسي قال: سألت عبدوس عبد الله
بن محمد بن مالك بن هانئ النيسابوري عن إسحق ابن أبي اسرائيل فقال: كان حافظا جدا،
ولم يكن مثله في الحفظ والورع، وكان لقي المشايخ، فقلت: كان يتهم بالوقف، قال: نعم
اتهم ولم يكن منهم.
وقال الخطيب: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أحمد بن
الحسين المروزي أنه سمع أحمد بن الخضر الخزاعي يقول: سمعت محمد بن جابر بن حماد
الفقيه، وحدثنا عن إسحق بن أبي اسرائيل، فسئل عن عدالته فقال: لا تسألوا عن أشياء
إن تبدلكم تسؤكم.
وقال
الخطيب: أخبرنا محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو مسلم بن مهران قال: أخبرنا عبد
المؤمن بن خلف النسفي قال: سألت أبا علي صالح بن محمد عن إسحق بن أبي اسرائيل
فقال: صدوق في الحديث، إلا أنه كان يقول كلام الله ويقف.
قال الخطيب: أخبرنا البرقاني قال: حدثني محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الملك الآدمي
قال: حدثنا محمد بن علي الإيادي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: وتركوا إسحق
بن أبي اسرائيل لموضع الوقف، وكان صدوقاً.
وقال: قرأت على البرقاني عن ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكى قال: أخبرنا أبو
العباس السراج قال: سمعت إسحق بن أبي اسرائيل يقول: هؤلاء الصبيان يقولون كلام
الله غير مخلوق، ألا قالوا: كلام الله وسكنوا، ويشير إلى دار أحمد ابن حنبل.
قال الخطيب: أخبرنا الحسين بن علي الصيمري قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي قال:
حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: قال لي مصعب بن عبد
الله: ناظرت إسحق بن أبي اسرائيل فقال: لا أقول كذا ولا اقول غير ذا - يعني في
القرآن - فناظرته فقال: لم أقل على الشك ولكني أسكت كما سكت القوم قبلي.
قال مصعب: فأنشدته هذا الشعر فأعجبه، وكتبه وهو شعر قيل منذ أكثر من عشرين سنة:
أأقعد بعدما رجفت عظامي ... وكان الموت أقرب ما يليني
أُجادل كلّ معترضٍ خصيمٍ ... وأجعل دينه غرضاً لديني
فأترك ما علمت لرأي غيري ... وليس الرأي كالعلم اليقين
وما أنا والخصومة وهي لبسٌ ... يصرف في الشمال وفي اليمين
وقد سنّت لنا سننٌ قوامٌّ ... يلحن بكل فججٍ أو وضين
وكان الحق ليس به خفاءٌ ... أغرّ كغرة الغلق المبين
وما عوض لنا منههاج حمقٍ ... بمنهاج ابن آمنة الأمين
فأما ما علمت فقد كفاني ... وأما ما جهلت فجنبوني
فلست بمكفر أحداً يصلي ... ولن أجرمكم أن تكفروني
وكنا أخوةً نرمى جميعاً ... ونرمي كل مرتابٍ ظنين
فما برح التكلف أن تساوت ... بشأن واحدٍ فرق الظنون
فأوشك أن يخر عماد بيتٍ ... وينقطع القرين من القرين
فلما كتبه قال لي: يا أبا عبد الله لا أجاوز هذا.
قال أبو بكر محمد بن زهير فقلت أنا لمصعب: هذا قد كتب الحديث منذ كذا وكذا لا
يجاوز هذا الشعر؟!.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن.
وحدثنا أبو الحسن بن أحمد بن علي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم
النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد بن إسماعيل الضراب قال:
أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا الحسن بن المثنى قال: حدثنا أبو عمران
موسى الرفاء قال: سألت أحمد بن حنبل عن إسحق بن أبي إسحق بن أبي اسرائيل وضربائه
فقال: يهجرون ويجفون ولا يجلس اليهم.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا
محمد بن الحسن بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أحمد بن عبدل بن محمد الشيرازي قال:
حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي قال: حدثنا إسحق بن ابراهيم المروزي،
وكان ثقة مأمونا إلا أنه كان قليل العقل.
قال أبو بكر الحافظ: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا محمد بن أحمد الواعظ
قال: حدثنا إسحق بن محمد بن الفضل الزيات قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن أبي سلم
الرازي قال: حدثنا حفص بن عمر المهرقاني - سمعته يقول: رأيت النبي صلى الله عليه
وسلم في النوم واقفا على إسحق بن أبي اسرائيل وهو يقول له: قد عنيتني إليك من ألف
وخمسين فرسخاً أنت الذي يقف في القرآن.
قال أبو بكر الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا علي بن ابراهيم
المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا البخاري.
قال: وأخبرنا السمسار قال: أخبرنا الصفار قال: حدثنا ابن قانع أن إسحق ابن أبي
اسرائيل مات في سنة خمس وأربعين ومائتين، زاد ابن قانع في شعبان بسر من رأى.
وقال:
أخبرني عبد العزيز بن علي الوراق قال: حدثنا عمر بن محمد بن ابراهيم البجلي قال:
حدثنا أحمد بن عبيد الله بن عمار الثقفي قال. مات أبو يعقوب إسحق ابن أبي اسرائيل
سنة خمس وأربعين ومائتين، وولد في سنة خمسين ومائة.
وقال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إسحق ابن وهب
البندار قال: حدثنا أبو غالب علي بن أحمد بن النضر قال.
قال: وأخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن
محمد البغوي: مات إسحق بن أبي اسرائيل في سنة ست وأربعين، زاد البغوي: بسامرا في
شعبان.
إسحق بن ابراهيم بن مخلد بن ابراهيم بن عبد الله بن مطر: وقيل بكر بن عبيد الله،
وقيل عبد الله - بن غالب بن الوارث - وقيل عبد الوارث - بن عبيد الله - وقيل عبد
الله - بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن أسمر - وقيل أسد - بن مرة بن عمرو بن
حنظلة بن مالك ابن زيد مناة بن تميم، أبو يعقوب التميمي الحنظلي المروزي، المعروف
بابن راهويه، امام عظيم الشأن، جامع بين العلم والعمل والاتقان، رحل إلى الآفاق،
وسمع شيوخ الشام وخراسان، واليمن والعراق، وهو الامام الذي وقع عليه الاجماع
والاتفاق.
قدم حلب وسمع بها سليمان بن نافع العبدي، وعطاء بن مسلم الخفاف، وميسر ابن
اسماعيل، وكلثوم بن محمد بن أبي سدرة الحلبيين، وحدث عنهم، وعن عيسى بن يونس،
وعبدة بن سليمان، واسماعيل بن علية، وأحمد بن أيوب الضبي، وابراهيم بن الحكم بن
أبان، وبشر بن المفضل، وبقية بن الوليد وجرير ابن عبد الحميد الرازي، وأبي أسامة
حماد بن أسامة، وحفص بن غياث، وخالد ابن الحارث الهجيمي، وسفيان بن عيينة وسويد بن
عبد العزيز، وشعيب بن إسحق، وشريح بن يزيد الحمصي، وأبي خالد بن سليمان بن حيان
الأحمر، وعبد الله بن إدريس، وعبد الرزاق بن همام الصنعاني، وعبد العزيز
الدراوردي، وعمر بن هرون البلخي، وعلي بن الحسين بن واقد، والفضل بن موسى
السيناني، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وعبد الرحمن بن مهدي،
وعبد الأعلى بن عبد الأعلى السامي، وعبد الوهاب الثقفي، وعبد الله بن وهب، ومحمد
ابن بكر البرساني، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن سامة الحراني ومعاذ بن هشام، ومحمد
بن شعيب بن شابور، ومحمد بن حرب الخولاني، وعمر ابن عبد الواحد، ومحمد بن أبي عدي،
والمؤمل بن اسماعيل، وأبي قرة موسى ابن طارق، والنضر بن شميل، ووكيع بن الجراح،
والوليد بن مسلم، وأبي معاوية الضرير، ويحيى بن آدم، ويحيى بن سعيد القطان، ومرحوم
بن عبد العزيز العطار، وهشام بن يوسف، وأبي تميلة يحيى بن واضح، وعمر بن عبيد،
وأبي بكر بن عياش وغيرهم.
روى عنه بقية بن الوليد، ويحيى بن آدم، وكانا من شيوخه، والأئمة الحفاظ أبو عبد
الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج القشيري، وأبو عيسى
الترمذي، وأبو عبد الرحمن النسائي، وإسحق بن منصور الكوسج، وأحمد بن سلمة، وآباء
بكر محمد بن إسماعيل بن مهران الاسماعيلي ومحمد بن الحسين بن الحسن البرذعي، ومحمد
بن عاصم، وآباء العباس: محمد ابن إسحق الثقفي، وأحمد بن سهل بن بحر، ومحمد بن إسحق
السراج، وابنه محمد بن إسحق بن راهويه، ومحمد بن حميد الرازي، ومحمد بن الأزهر،
ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى الذهلي، وأحمد بن عصمة النيسابوري أبو الفضل،
وابراهيم بن إسماعيل العنبري، وأحمد بن سعيد الدارمي، ويحيى بن معين، وأبو يعقوب
الاسفرائيني، وجعفر الفريابي والحسن بن سفيان، ويعقوب ابن يوسف الوراق، ويعقوب بن
يوسف الاخرم، ويحيى بن يحيى، وموسى بن هرون الحمال، وعبد الرحمن الدارمي، وأبو
عمرو نصر بن زكريا، وأبو يعقوب إسحق بن ابراهيم بن نصر البستي، وهرون بن عبد الصمد
بن عبدوس الرحبي، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وأبو العباس السراج، وأبو محمد
العباس بن أحمد الكتاني، وأبو محمد جعفر بن محمد بن سوار الحافظ، وإسحق ابن منصور
الكوسج، ومحمد بن نصر المروزي، وجماعة سواهم.
أخبرنا
أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا
أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن
غيلان قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن يحيى المزكى قال: أخبرنا أبو العباس محمد
بن إسحق الثقفي قال: حدثنا إسحق بن ابراهيم الحنظلي قال: أخبرنا النضر قال: حدثنا
شعبة عن أشعث بن أبي الشعثاء قال: سمعت أبي يحدث عن مسروق عن عائشة قالت: كان رسول
الله صلى الله عليه وسلم يحب التيمن في أمره، أو شأنه، في تنعله، وفي ترجله،
وطهوره.
نقلت من خط الإمام أبي طاهر السلفي، وأخبرنا به إجازة عنه أبو القاسم عبد الله بن
الحسين الحموي، وعبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل وغيرهما قال: حدثني أبو القاسم عبد
الرحمن بن محمد بن منصور العلائي بالإسكندرية قال: قرأت في كتاب الحسين بن محمد بن
الحسين النيسابوري: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحق صديقنا بمصر قال: حدثنا أبو
علي حسن بن عبد الله الخالدي بهراة قال: حدثنا أحمد بن زكريا الهمذاني قال: حدثنا
احمد بن سلمة النيسابوري قال: جاء سائل إلى إسحق بن راهويه يسأله شيئاً فقال له:
صنع الله لك، فقال: ما جئت لتدعو لي، إنما جئت لتعطيني، فقال إسحق: حدثنا روح قال:
حدثنا عوف عن الحسن قال: إذا جد السؤال جد المنع، فقال السائل: يا أبا يعقوب عندي
حديث خير من حديثك، وإسناد خير من إسنادك، فقال: هات، فقال السائل: حدثنا سيما
الصغير عن سيما الكبير عن زغليتج عن أمير المؤمنين علي أنه قال: اقعدتمنا خير من
أن تعمل تعنا، فقال إسحق: إدفعي إليه يا جارية درهمين ورغيفين وعودين حطب، فلما
تسلم السائل ما دفع إليه، التفت إلى إسحق فقال له: أيما خير اسنادك أو اسنادي؟
فقال إسحق: اسنادك خير، انصرف.
قال الحافظ أبو طاهر - ونقلته من خطه - : محمد بن إسحق هو ابن مندة الأصبهاني
الحافظ أبو عبد الله، صاحب التواليف، والخالدي المشهور اسمه منصور، وهذا لا أعرفه
ومنصور يروي مناكير، ولعل النيسابوري علقه بعدما سمعه من حفظه فغلط فيه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه ثقتي أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو عبد الله
الكراني، وأبو جعفر الطرسوسي قالا: أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا
أبو الحسين بن فاذشاه.
قال أبو جعفر: وأخبرنا أبو نهشل العنبري قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قالا: أخبرنا
أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا موسى بن هرون قال: حدثنا إسحق بن راهويه قال:
أخبرني سليمان بن نافع بحلب فذكر حديثاً قد ذكرناه بهذا الاسناد في ترجمة سليمان
بن نافع فيما يأتي في كتابنا هذا ان شاء الله تعالى.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا ابو بكر الخطيب
قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي قال:
حدثنا محمد بن إسحق السراج قال: حدثنا محمد بن رافع بن أبي زيد القشيري قال: حدثنا
يحيى بن آدم قال: حدثنا أبو يعقوب الخراساني عن عبد الرزاق عن النعمان بن شيبة عن
ابن طاوس عن أبيه قال: ليس في الأوقاص صدقة، قال السراج: فسألت أبا يعقوب إسحق بن
راهويه فحدثني به، وقال لي: إسحق كتب عن يحيى بن آدم ألفي حديث.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي أن أبا القاسم زاهر بن طاهر الشحامي
أخبرهم - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو
عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن
إسحق بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن رافع قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا إسحق
بن إبراهيم قال: أخبرنا يحيى بن سعيد عن أبي بكار الحكم بن فروخ عن عكرمة عن ابن
عباس أنه كان يكبر من غداة يوم عرفة إلى آخر أيام التشريق.
قال محمد بن رافع: فلقيت إسحق بن إبراهيم فقلت: إن يحيى بن آدم حدثي عنك عن يحيى
بن سعيد فذكرت له هذا الحديث، فحدثني كما حدثني يحيى بن آدم.
قال أبو العباس: فأتيت إسحق فقلت إن محمد بن رافع حدثني عن يحيى بن آدم عنك،
فحدثني كما حدثني محمد بن رافع.
قال أبو العباس: فقلت لإسحق: كم كتب عنك يحيى بن آدم؟ قال إسحق: نحو ألفي حديث.
أخبرنا
أبو اليمن الكندي - إجازة - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: حدثني أبو الخطاب العلاء بن المغيرة بن أحمد ابن حزم الأندلسي عن ابن
عمه أبي محمد علي بن أحمد بن سعيد بن حزم قال: إسحق بن راهويه، هو إسحق بن إبراهيم
بن مخلد بن إبراهيم بن عبد الله بن مطر بن عبيد الله بن غالب بن الوارث بن عبيد
الله بن عطية بن مرة بن كعب بن همام بن أسد بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن
زيد مناة بن تميم.
أنبأنا عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن إبراهيم بن
عمر الصواف قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل المهندس قال: حدثنا أبو
بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي قال: قال محمد بن إسحق ابن راهويه: ولد أبي
رحمه الله سنة ثلاث وستين ومائة، وهو إسحق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم بن عبد
الله بن بكر بن عبد الله بن غالب بن عبد الوارث بن عبد الله بن عطية بن مرة بن كعب
بن همام بن أسمر بن مرة بن عمرو بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم، توفي رحمه
الله في ليلة الأحد النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين، وفيه يقول الشاعر:
يا هدّ ما هدّدتنا ليلة الأحد ... في نصف شعبان لا تنسى يد الأبد
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا ابو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضببي قال: أخبرني علي بن
محمد المروزي قال: حدثنا محمد بن موسى الباشاني قال: ولد إسحق بن راهويه سنة إحدى
وستين ومائة.
وقال محمد بن موسى: كان إسحق بن راهويه سمع من عبد الله بن المبارك وهو حدث، فترك
الرواية عنه لحداثته، وخرج إلى العراق سنة أربع وثمانين ومائة، وهو ابن ثلاث
وعشرين سنة.
قال: وقد قيل في مولد إسحق غير هذا.
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر الحافظ قال: قال عبد الله بن
محمد البغوي قال لي موسى بن هرون: قلت لإسحق بن راهويه: من أكبر أنت أو أحمد؟ قال:
هو أكبر مني في السن وغيره، وكان مولد إسحق سنة ست وستين فيما يرى موسى.
قال الخطيب: وكان مولد أحمد بن حنبل في سنة أربع وستين ومائة.
قال: وأخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: حدثنا محمد بن العباس الخزار قال: حدثنا
أبو عمرو عثمان بن جعفر المعروف بابن اللبان قال: حدثنا أبو الحسن علي بن إسحق بن
راهويه قال: ولد أبي من بطن أمه مثقوب الأذنين، قال: فمضى جدي راهويه إلى الفضل بن
موسى السيناني فسأله عن ذلك وقال: ولد لي ولد خرج من بطن أمه مثقوب الأذنين فقال:
يكون ابنك رأساً إما في الخير وإما في الشر.
قال الخطيب: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن الحسن بن منصور الطبري قال: أخبرنا
محمد بن محمد بن زكريا المطوعي قال: سمعت أبا حامد أحمد بن محمد بن بالويه يقول:
سمعت أبا الفضل أحمد بن سلمة يقول: سمعت إسحق بن إبراهيم يقول: قال لي عبد الله بن
طاهر: لم قيل لك ابن راهوي، وما معنى هذا، وهل تكره أن يقال لك هذا؟ قال: إعلم أيها
الأمير أن أبي ولد في طريق، فقال المراوزة: راهوي بأنه ولد في الطريق، وكان أبي
يكره هذا، وأما أنا فلست أكرهه.
أخبرنا محمد بن حمزة القبيطي في كتابه إلينا من بغداد قال: أخبرنا أبو الحسن بن
الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن
يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: سمعت أحمد بن حفص السعدي
يقول: ذكر لأحمد بن حنبل وأنا حاضر إسحق بن راهويه، فكره أحمد أن يقال راهويه،
وقال إسحق بن إبراهيم الحنظلي، وقال: لم يعبر الجسر إلى خراسان مثل إسحق، وإن كان
يخالفنا في أشياء، فإن الناس لم يزل يخالف بعضهم بعضاً.
أخبرنا
أبو القاسم بن أبي يعقوب الدمشقي بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أحمد ابن أبي أحمد
الحافظ قال: حدثنا أبو الفتح القزويني قال حدثنا الحافظ أبو يعلى الخليلي قال:
سمعت محمد بن علي الحافظ يقول: سمعت أبي يقول: قيل لإسحق ابن راهويه: إن هذا الصبي
الرازي - يعني أبا زرعة - وارد عليك، فكان يصلي يومين ثم يرجع إلى البيت ولا يأذن
لأحد، فقيل له في ذلك فقال: بلغني أن هذا الفتى وارد وقد أعددت مائة وخمسين ألف
حديث ألقيها عليه، خمسون ألفاً منها معلولات لا تصح.
أنبأنا محمد بن حمزة القبيطي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي
قال: سمعت يحيى بن زكريا بن حيوية يقول: سمعت أبا داود الخفاف يقول: سمعت أحمد بن
حنبل يقول: لم يعبر الجسر مثل إسحق.
وقال ابن عدي: سمعت يحيى بن زكريا يقول: سمعت إسحق بن راهويه يقول: كأني أنظر إلى
مائة ألف حديث في كتبي وثلاثين ألف أسردها.
وقال ابن عدي: حدثنا محمد بن يوسف الفربري قال: حدثنا علي بن خشرم قال: حدثنا ابن
فضيل عن ابن شبرمة عن الشعبي قال: ما كتبت سوداء في بيضاء إلى يومي هذا ولا حدثني
رجل بحديث قط إلا حفظته، ولا أحببت أن يعيده علي، فحدثت بهذا الحديث إسحق بن
راهويه قال: فعجبت من هذا؟ قلت: نعم، قال: كنت لا أسمع شيئاً إلا حفظته، فكأني
أنظر إلى سبعين ألف حديث، أو قال أكثر من سبعين ألف في كتبي.
وقال ابن عدي: سمعت يحيى بن زكريا يقول: سمعت أبا داود الخفاف يقو: أملى علينا
إسحق بن راهويه أحد عشر ألف حديث من حفظه، ثم قرأها علينا فما زاد حرفاً ولا نقص
حرفاً.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا رضوان بن محمد بن الحسن الدينوري قال: سمعت أبا بكر أحمد ابن عبد الرحمن
الحافظ بهمذان يقول: سمعت أبا العباس أحمد بن سعيد يقول: سمعت أبا يزيد محمد بن
يحيى بن خالد المديني يقول: سمعت إسحق بن إبراهيم يقول: أحفظ سبعين ألف حديث،
وأذاكر بمائة ألف حديث.
قال الخطيب: وحدثنا أبو بكر البرقاني قال: قرأت على أبي حامد أحمد بن عمر بن حفص
المروزي بها قال: سمعت أبا يزيد محمد بن يحيى بن خالد يقول: سمعت إسحق بن إبراهيم
الحنظلي يقول: أعرف مكان مائة ألف حديث كأني أنظر إليها، وأحفظ سبعين ألف حديث عن
ظهر قلبي، وأحفظ أربعة آلاف حديث مزورة، فقيل له: ما معنى المزورة؟ قال: إذا مر بي
منها حديث في الأحاديث الصحيحة فليته منها فلياً.
قال: وأخبرنا محمد بن علي بن مخلد الوراق قال: حدثنا أحمد بن محمد ابن عمران قال:
حدثنا أحمد بن كامل قال: قال عبد الله بن طاهر لإسحق بن راهويه: قيل لي أنك تحفظ
مائة ألف حديث، قال: مائة ألف حديث ما أدري ما هو، ولكني ما سمعت شيئاً إلا حفظته،
ولا حفظت شيئاً قط فنسيته.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - قراءة عليه بالديار المصرية -
قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد قال: سمعت أبا الفتح إسماعيل بن
عبد الجبار بن محمد المالكي قال: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد
الخليلي الحافظ يقول: روى عنه - يعني سفيان بن عيينة - وذكر جماعة ثم قال: وإسحق
بن راهويه وكان يسمى شاهنشاه الحديث.
قال أبو يعلى الخليلي: سمعت أحمد بن محمد بن عمر الزاهد بنيسابور يقول: سمعت محمد
بن إسحق الثقفي يقول: حدثنا إسحق بن راهويه شاهنشاه العلماء.
قلت: ومعنى شاهانشاه ملك الملوك.
كتب
إلينا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم من مرو، والقاسم بن عبد الله بن عمر
الصفار من نيسابور، قال عبد الرحيم: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن
الفضل، وقال القاسم: أخبرتنا عمة أبي عائشة بنت أحمد بن منصور الصفار قالا: أخبرنا
أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: أخبرنا الحسين
بن محمد بن حكيم المروزي قال: حدثنا أبو عمرو نصر بن زكريا قال: حدثنا إسحق بن
إبراهيم قال: سألني أحمد بن حنبل عن حديث الفضل ابن موسى، حديث ابن عباس كان النبي
صلى الله عليه وسلم يلحظ في صلاته ولا يلوي عنقه خلف ظهره. قال: فحدثته، فقال له
رجل: يا أبا يعقوب رواه وكيع بخلاف هذا، فقال له أحمد بن حنبل: اسكت إذا حدثك أبو
يعقوب أمير المؤمنين، فتمسك.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور
قال: أنبأنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني قال: أخبرنا أبو عبد الله
محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا محمد الحسن بن إبراهيم بن يزيد الأسلمي
يقول: سمعت محمد بن إسحق بن ميمون الفارسي يقول: عبد الوهاب الفراء يقول: ممعت
الحسين بن منصور يقول: كنت مع يحيى بن يحيى وإسحق بن راهويه يوما نعود مريضا فلما
حاذينا الباب تأخر إسحق وقال ليحيى: تقدم، فقال يحيى لإسحق تقدم أنت، قال: يا أبا
زكريا أنت أكبر مني، قال: نعم أنا أكبر منك، وأنت أعلم مني فتقدم إسحق.
أخبرنا الإمام الزاهد أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال:
أخبرنا أبو اللقسم بن أبي محمد بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن
الحسين بن محمد بن ابراهيم بن الحنائي قال: أخبرنا أبو علي أحمد وأبو الحسين محمد
ابنا عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر قالا: أخبرنا القاضي أبو بكر يوسف
بن القاسم بن يوسف الميانجي قال: أملى علينا أبو محمد عبد الله بن حمدان بن وهب
الحافظ بالدينور قال: أملى علينا أبو زرعة - يعني - عبيد الله بن عبد الكريم الرازي
رحمه الله حديث عبد الله بن نجي، فلما أن فرغ قال لنا: بقي شيء؟ فقلت له أنا: نعم
قد بقي عبد الله بن نجي عن علي عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم: من كذب
علي متعمداً فقال: من روى هذا؟ فقلت: حدثنا أبو بكر محمد بن عاصم قال: حدثنا إسحق
بن راهويه قال: حدثنا أحمد بن أيوب الضبي عن أبي حمزة السكري عن جابر عن عبد الله
بن نجي عن علي عليه السلام، قال: سبحان الله ما علمت أن يكون هذا، فبينا أنا عنده
في بعض الأيام إذ أتاه ابن عاصم زائراً، فقال له: حدثنا حديث عبد الله بن نجي عن
علي عليه السلام، فاستحى وجعل يتأبى، فقال: بحقي عليك لما حدثتني به، فقال له:
حدثنا إسحق بن راهويه كالمستحي، فدفع أبو زرعة في صدره وقال: ارفع صوتك، وقل:
حدثنا إسحق بن ابراهيم الحنظلي فانه لا يستحى من ذكره، فقال: حدثنا إسحق بن
ابراهيم الحنظلي قال: حدثنا أحمد بن أيوب الضبي قال: حدثنا أبو حمزة السكري عن
جابر عن عبد الله بن نجي عن علي عليه السلام والشعبي عن مسروق عن عبد الله بن
مسعود قالا: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من كذب علي متعمداً فليتبوأ مقعده
من النار فجعل أبو زرعة يعجب ويقول: الشعبي عن مسروق عن عبد الله هذا أغرب من ذلك.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد المؤدب البغدادي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة
الله بن محمد بن الحصين الشيباني قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان
البزاز قال: أخبرنا أبو إسحق ابراهيم بن يحيى المزكي النيسابوري قال: أخبرنا عبد
الواحد بن محمد بن سعيد أبو أحمد قال: حدثنا ابراهيم ابن علي قال: حدثني الفضل بن
عبد الله الحميري قال: سألت أحمد بن حنبل رضي الله عنه عن رجال خراسان فقال: أما
إسحق بن راهويه فلم ير مثله، وأما الحسين بن عيسى البسطامي فثقة، وأما إسماعيل بن
سعيد الشالنجي فقيه عالم، وأما أبو عبد الله العطار فبصير بالعربية والنحو، وأما
محمد بن أسلم لو أمكنني زيارته لزرته.
روى
أبو بكر الخطيب هذه الحكاية عن أبي طالب بن غيلان، فكان شيخنا عمر سمعها من الخطيب
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو
الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن الزينبي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد
الغندجاني - زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني، قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان
قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: إسحق بن ابراهيم بن
مخلد أبو يعقوب الحنظلي المروزي سمع ابن عيينة ووكيع، سمع منه يحيى بن آدم، مات
سنة ثمان وثلاثين ومائتين ليلة السبت لأربع عشرة خلت من شعبان، وهو ابن سبع وسبعين
سنة.
أنبأنا الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر
الشقاني قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون
قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يعقوب إسحق بن
ابراهيم الحنظلي عن عبد العزيز بن محمد وعيسى ابن يونس روى عنه يحيى بن آدم.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن
علي الصوري قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: حدثنا عبد الكريم بن أبي عبد
الرحمن قال: قال أبي: أبو يعقوب إسحق بن ابراهيم بن مخلد بن ابراهيم الثقة
المأمون، سمعت سعيد بن ذؤيب يقول: ما أعلم على وجه الأرض مثل إسحق.
قال: وأخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم قال: حدثنا أبو نصر
أحمد بن سهل الفقيه ببخارى إملاءً قال: حدثنا علي بن الحسين بن عبدة قال: سمعت
حاشد بن مالك يقول: سمعت وهب بن جرير يقول: جزى الله إسحق بن راهويه، وصدقة، ويعمر
عن الإسلام خيراً أحيوا السنة بأرض المشرق.
قال أبو بكر الخطيب: أخبرني أبو الوليد الحسن بن محمد الدربندي قال: أخبرنا محمد
بن أحمد بن محمد بن سليمان الحافظ ببخارى قال: حدثنا أبو إسحق ابراهيم بن محمد بن
هرون قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبد الواحد بن رفيد قال: سمعت أحمد بن الهيثم بن
السميدع الشاشي يقول: قال لي يحيى ابن يحيى بخراسان: كنزان كنز عند محمد بن سلام
البيكندي وكنز عند إسحق ابن راهويه.
أنبأنا أبو روح الهروي عن أبي القاسم الشحامي قال: أخبرنا سعيد بن محمد البحيري
قال: أخبرنا أبو عمرو بن حمدان الحيري قال: سمعت أبا عبد الله محمد ابن أحمد بن
نعيم يقول: سمعت السلمي يقول: سمعت يحيى بن يحيى يقول: قالت لي فاطمة أم محمد: إذا
خرجت من الطارمة قدمت إسحق بين يديك، وأنت أكبر سناً منه، قال: لأنه أكثر علماً
مني.
السلمي هو أحمد بن يوسف، وفاطمة امرأة يحيى بن يحيى.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن
أحمد بن الحسن قال: أخبرنا هناد بن ابراهيم النسفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد
بن أحمد بن محمد الغنجار قال: حدثنا خلف بن محمد قال: سمعت أبا علي الحسن بن
الحسين البزاز يقول: سمعت محمد بن حميد بن فروة يقول: سمعت أبا رجاء قتيبة بن سعيد
يقول: الحفاظ بخراسان إسحق بن راهويه، ثم عبد الله بن عبد الرحمن السمرقندي ثم
محمد بن اسماعيل.
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو الفتوح عبد الخلاق بن عبد الواسع بن عبد الهادي ابن
عبد الله بن محمد الأنصاري الهروي ببغداد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن علي
بن محمد بن لعي بن عمير العميري قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن عمار ابن يحيى بن
عمار الشيباني إملاءً قال: حدثنا أبو علي الحسين بن أحمد بن موسى القاضي قال:
حدثنا جدي قال: قال أبو الفضل أحمد بن سلمة: وجدت عندي مكتوباً عن عبد الله بن أبي
زياد القطواني قال: سمعت أبا عبيد يقول: انتهى - يعني علم الحديث - إلى أربعة: إلى
أحمد بن حنبل وهو أفقههم فيه، وإلى علي ابن المديني وهو أعلمهم به، وإلى يحيى بن
معين وهو أكتبهم له، وإلى أبي بكر ابن أبي شيبة وهو أحفظهم له.
قال أحمد بن سلمة: لو عاين أبو عبيد بن ابراهيم الحنظلي لفضله عليهم حفظاً وعلماً
وسعة في العلم، وعلما باختلاف العلماء.==
4. بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم
أخبرنا
أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي - اذنا عن أبي المظفر بن القشيري - قال:
أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: سمعت أبا عبد الرحمن السلمي يقول: سمعت أبا عمرو بن
مطر يقول: سمعت موسى بن عبد الرحمن الشني يقول: وسئل - يعني أحمد بن حنبل - عن
إسحق بن راهويه امام هو؟ قال: نعم.
وقال: أنبأنا أبو المظفر عن البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا
أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال: حدثنا محمد بن إسحق بن خزيمة قال: حدثنا أبو
عبد الرحيم الجوزجاني قال: سمعت أحمد بن حنبل - وذكرنا عنده إسحق بن ابراهيم، وما
تنقصه أهل خراسان - فقال أحمد: لا أعرف لإسحق بالعراق نظيرا.
قال أبو عبد الله الحافظ: وسمعت فتح بن عبد الله يقول: سمعت محمد بن عبد الرحمن
الشامي يقول: سئل أحمد بن حنبل عن إسحق فقال: ومن مثل إسحق، يسأل مثلي عن مثل إسحق؟!.
قال: وسمعت أبا زكريا العنبري يقول: سمعت أبا مضر محمد بن نصر المروزي يقول: سمعت
عبد الله بن أحمد بن شبويه يقول: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسحق لم ير مثله.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أحمد بن
الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد المخلدي
قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفرائيني قال: سمعت أبا نصر
يعقوب بن يوسف بن أخي أحمد بن الخليل يقول: سمعت محمد بن سهل بن عسكر يقول: ذكر
أحمد بن حنبل، وذكر يوما إسحق فقال: ذاك الإمام.
وأخبرنا أبو القاسم القاضي - اذنا عن عبد المنعم بن عبد الكريم - قال: أخبرنا أبو
بكر أحمد بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو
محمد بن زياد قال: حدثنا عبد الله بن مسلم قال: حدثنا أحمد ابن سلمة قال: قلت لأبي
حاتم محمد بن ادريس: أراك أقبلت على قول أحمد ابن حنبل وإسحق فقال: لا أعلم في دهر
ولا عصر مثل هذين الرجلين رحلا، وكتبا، وذاكرا، وصنفا.
قال محمد بن عبد الله الحافظ: وحدثنا عبد الله بن محمد قال: سألت محمد ابن الجنيد
عن أحمد وإسحق قلت: أيهما أفقه؟ قال: كان إسحق يميل إلى قول مالك، وكان يحتج لأهل
المدينة، وكان أحمد يتبع الأثر.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرنا ابن يعقوب قال: أخبرنا ابن نعيم قال: سمعت أبا الفضل محمد ابن ابراهيم
يقول: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سمعت أبا حاتم محمد بن ادريس الرازي يقول: ذكرت
لأبي زرعة إسحق بن ابراهيم الحنظلي وحفظه للأسانيد والمتون، فقال أبو زرعة: ما رؤي
أحفظ من إسحق، قال: أبو حاتم: والعجب من اتقانه وسلامته من الغلط مع ما رزق من
الحفظ.
وقال أحمد بن سلمة: قلت لأبي حاتم: إنه أملى التفسير عن ظهر قلبه، فقال أبو حاتم:
وهذا أعجب، فإن ضبط الأحاديث المسندة أسهل وأهون من ضبط أسانيد التفسير وألفاظها.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن علي المقريء قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله
النيسابوري الحافظ قال: أخبرني أبو محمد بن زياد قال: سمعت أبا العباس الأزهري
يقول: سمعت علي بن سلمة النسفي يقول: كان إسحق عند الامير عبد الله ابن طاهر وعنده
إبراهيم بن أبي صالح فسأل الأمير إسحق عن مسألة فقال إسحق: السنة فيها كذا وكذا،
وكذلك يقول من سلك طريق أهل السنة، وأما فلان وأصحابه فإنهم قالوا بخلاف هذا، فقال
إبراهيم: لم يقل فلان بخلاف هذا، قال إسحق: حفظته من كتاب جده، وأنا وهو في كتاب
واحد، فقال إبراهيم: أصلحك الله كذب إسحق على جدي، فقال إسحق: ليبعث الأمير إلى
جزء كذا وكذا من جامعه، فأتي بالكتاب، فجعل الأمير يقلب الكتاب، فقال إسحق: عد من
الكتاب إحدى عشرة ورقه، ثم عد سبعة أسطر، ففعل فإذا المسألة على ما قال إسحق، فقال
الأمير عبد الله بن طاهر قد تحفظ المسائل ولكني أعجب لحفظك هذه المشاهدة، فقال
إسحق: ليوم مثل هذا لكي يخزي الله على يدي عدواً مثله.
قال
الخطيب: وأخبرنا أبو نعيم قال سمعت أبا عمرو بن حمدان يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن
إسحق الضبعي يقول: سمعت ابراهيم بن أبي طالب يقول: فاتني عن إسحق بن ابراهيم
الحنظلي من مسنده مجلس وكان يمله حفظاً فترددت إليه مراراً ليعيده علي فتعذر،
فقصدته يوماً لأسأله اعادته وقد حمل إليه حنطة من الرستاق فقال لي: تقوم عندهم
وتكتب وزن هذه الحنطة، فإذا فرغت أعدت لك الفائت، قال: ففعلت ذلك، فلما فرغت
عرفته، وكان خرج من منزله فمشيت معه حتى بلغ باب المنزل، فقلت له فيما وعد من
الفائت، فسالني عن أول حديث من المجلس فذكرته له، فاتكأ على عضادتي الباب فأعاد
المجلس إلى آخره حفظاً، وكان قد أملى المسند كله من حفظه وقرأه أيضاً من حفظه
ثانيا كله.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن يعقوب قال: أخبرنا ابن نعيم قال: أخبرني محمد بن صالح
بن هانئ من أصل كتابه قال: حدثنا أبو سعيد الحسن بن عبد الصمد القهندزي قال: سمعت
إسحق بن إبراهيم الحنظلي يقول: احفظ سبعين ألف حديث كأنها نصب عيني.
قال: وحدثني أبو القاسم عبد الله بن أحمد بن علي السوذرجاني لفظاً بأصبهاني قال:
حدثنا أبو بكر بن المقرئ قال: سمعت محمد بن أحمد بن زيرك اليزدي يقول: سمعت جعفر
بن محمد بن سوار يقول: سمعت إسحق - يعني ابن راهويه - يقول: إني لأدخل الحمام وبين
عيني سبعون ألف حديث.
قال أبو بكر الخطيب: أخبرني محمد بن علي الصوري قال: حدثنا عبيد الله ابن القاسم
الهمذاني بطرابلس قال: حدثنا أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخشاب العروضي قال:
حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال إسحق بن إبراهيم ابن راهويه أحد الأئمة.
قال: وأخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن نعيم قال: سمعت أبا علي
الحسن بن علي الحافظ يقول: سمعت محمد بن إسحق بن خزيمة يقول: والله لو أن إسحق بن
إبراهيم الحنظلي كان في التابعين لأقروا له بحفظه وعلمه وفقهه.
قال: وحدثني أبو الحسن علي بن أحمد بن عيسى الهاشمي قال: هذا كتاب جدي أبي الفضل
عيسى بن موسى بن أبي محمد بن المتوكل على الله، فقرأت فيه: حدثني أبو بكر محمد بن
داود النيسابوري قال: سمعت أحمد بن سلمة يقول: سمعت إسحق يقول: أتيت وهب بن جرير
فقال: قد حلفت أن لا أحدث إلى كذا شهراً، قال: قلت: قد أغنى الله عنك، وأردت أن
يكون اسمك عندي قال: فقال لي: من أين أنت؟ قلت: خراساني قال: لعلك ابن راهويه؟
قال: قلت: نعم، قال: قد استثنيتك فسلني.
قال الخطيب: أخبرنا إبراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله ابن خلف
الدقاق قال: حدثنا عمر بن محمد الجوهري قال: حدثنا أبو بكر الأثرم قال: قلت لأبي
عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل: إسحق أبو يعقوب - أعني ابن راهويه - ترى لإنسان أن
يقصد إليه فيتعلم منه الفقه، فإنه رجل ممكن؟ فقال: ما أفهمه هو كيس.
قال: وأخبرنا علي بن أبي علي المعدل قال: أخبرنا علي بن عبد الله البرذعي قال:
حدثنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حدثنا صالح بن أحمد بن حنبل قال: قال أبي جلست
أنا وإسحق بن راهويه يوماً إلى الشافعي فناظره إسحق في السكنى بمكة، فعلا يومئذ
إسحق الشافعي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد
بن محمد بن أحمد السلفي قال: حدثنا أبو الفتح القزويني قال: حدثنا أبو يعلى
الخليلي قال: سمعت الحاكم أبا عبد الله يحكي بإسناد لا يحضرني أن إسحق بن راهويه
ناظره عند بعض الأمراء مجوسي فقال: أنتم لا تحسنون إلى الموتى، توارونهم في التراب
حتى تنفسد أعضاؤهم ونحن نحسن إليهم، نفتح عليهم الرياح، فقال: بيني وبينك مسألة
المولود إذا ولدته أمه ثم اكترت له ظئراً ترضعه إذا فطم، الأم أولى به أم الظئر؟
فقال: الأم، فقال: الأرض أمنا قال الله تعالى منها خلقناكم وفيها نعيدكم.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرني محمد ابن
أحمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نعيم النيسابوري قال: سمعت أبا عبد
الله محمد بن يعقوب يقول: سمعت محمد بن إسحق بن إبراهيم الحنظلي يقول: دخلت على
أحمد بن حنبل فقال: أنت ابن أبي يعقوب؟ قلت: بلى فقال: أما أنك لو لزمته كان أكثر
لفائدتك، فإنك لم تر مثله.
قال:
وحدثني علي بن أحمد الهاشمي قال: هذا كتاب جدي فقرأت فيه حدثني محمد بن داود
النيسابوري قال: سمعت أبا بكر بن نعيم يقول: سمعت الدارمي يقول: ساد إسحق بن
إبراهيم أهل المشرق والمغرب بصدقه.
قال محمد بن داود: وسمعت أبا بكر يقول: سمعت أبا عبد الرحيم الجوزجاني يقول سمعت
أحمد بن حنبل وذكر إسحق فقال: لا أعلم ولا أعرف لإسحق بالعراق نظيراً.
وقال: سمعت أبا بكر بن نعيم يقول: سمعت محمد يحيى الذهلي يقول: وافقت إسحق بن
ابراهيم صاحبنا سنة تسع وتسعين ببغداد، اجتمعوا في ارصافة أعلام الحديث فيهم أحمد
بن حنبل، ويحيى بن معين وغيرهما، فكان صدر المجلس لإسحق وهو الخطيب.
أنبأنا أبو روح الهروي عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد
الله الحافظ قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن صالح بن هانئ قال: حدثنا محمد بن النضر
الجارودي قال: حدثنا شيخنا وكبيرنا ومن تعلمنا منه وتجملنا به أبو يعقوب إسحق بن
إبراهيم الحنظلي.
قال: وسمعت محمد بن صالح بن هانئ يقول: سمعت الفضل بن محمد الشعراني يقول: حدثنا
إسحق بن إبراهيم الإمام بخراسان بلا مدافعة.
أخبرنا عمر بن طبرزد إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة ان لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بشران قال: أخبرنا
عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا حنبل بن إسحق بن حنبل قال: سمعت أبا عبد الله -
وهو أحمد بن حنبل - وسئل عن إسحق بن راهويه فقال: مثل إسحق يسأل عنه، إسحق عندنا
إمام من أئمة المسلمين.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني عبد
الملك بن عمر الرزاز قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد البروجردي قال: حدثنا عبد الله
بن محمد بن وهب الحافظ قال: حدثنا مروان بن أحمد أبو أحمد قال: سمعت أحمد بن حنبل
يقول: الشافعي عندنا إمام والحميدي عندنا إمام، وإسحق ابن راهويه عندنا إمام.
قال الخطيب: وأخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال: حدثنا علج ابن السجستاني
قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن عبد الرحمن الشامي قال: سئل أحمد بن حنبل عن إسحق
بن إبراهيم وأنا حاضر فقال: من مثل إسحق؟ مثل إسحق يسأل عنه ! أخبرنا أبو القاسم
عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالديار المصرية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد
بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: سمعت إسماعيل بن عبد الجبار الماكي يقول: سمعت أبا
يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ يقول: سمعت الحاكم يقول: سمعت أبا زكريا يحيى بن
محمد بن العنبري يقول: سمعت محمد بن عبد السلام الوراق يقول: سمعت محمد بن داود
القبي يقول: سمعت محمد بن أسلم الطوسي حين مات إسحق بن راهويه يقول: ما أعلم أحداً
كان أخشى لله تعالى من إسحق، يقول الله تعالى: إنما يخشى الله من عباده العلماء،
وكان أعلم الناس، فلو كان سفيان الثوري حياً لاحتاج إلى إسحق.
قال محمد بن عبد السلام: فأخبرت بذلك أحمد بن سعيد الرباطي فقال: والله لو كان
الثوري وابن عيينة والحمادان والليث بن سعد حتى عد عشرة لاحتاجوا إلى إسحق.
قال محمد بن عبد السلام: فأخبرت بذلك محمد بن علي الصفار فقال: والله لو كان الحسن
البصري في الحياة لاحتاج إلى إسحق في أشياء كثيرة، ولم أر بعده مثل أحمد بن سعيد
الرباطي.
أنبأنا أبو القاسم وأبو العباس ابنا أبي محمد الأسدي قالا: كتب إلينا الحافظ أبو
طاهر بن محمد أن أبا الحسين المبارك بن عبد الجبار أخبرهم - إجازة إن لم يكن
سماعاً - أنه سمع أبا مسلم عمر بن علي بن أحمد بن الليث يقول - وأنبأنا أبو محمد
ابن رواح قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت أبا الحسين بن عبد الجبار يقول:
سمعت أبا مسلم الليثي يقول: سمعت أبا الحسن علي بن أبي بكر الحافظ الجرجاني يقول:
سمعت مسعود بن علي السجزي يقول: سمعت الحاكم أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ
يقول: دفن محمد بن يحيى كتبه، وإسحق بن راهويه، ويحيى بن يحيى وعبد الله بن
المبارك كلهم دفنوا كتبهم.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبي أبو
الفضل هبة الله.
وأخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد
الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قالا: أخبرنا ذو الفقار بن محمد ابن معبد
المروزي بالموصل قال: أخبرنا الحسن بن علي بن إسحق الوزير بأصبهان قال: أخبرنا
أحمد بن عبد الرحمن الصائغ في كتابه قال: حدثنا أبو العباس بن تركان قال: حدثنا عبد
الله بن محمد الفقيه الشافعي قال: سمعت محمد بن إسحق بن راهويه يقول: قال أبي رضي
الله عنه: قل ليلة إلا وأنا أدعو لمن كتب عنا ولمن كتبنا عنه.
قال أبو سعد السمعاني: أخبرناه عاليا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن عمير الدمشقي
في كتابه إلي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري
قال: أخبرنا الحسين بن ميمون بن محمد بن عبد الغفار المصري بها قال: أخبرنا عبد
الله بن محمد بن عبد الله الفقيه الشافعي قال: سمعت ابن إسحق بن إبراهيم بن راهويه
يقول: قال أبي رضي الله عنه، الحكاية.
أخبرنا زيد بن الحسن إذنا قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد
بن علي الخطيب قال: إسحق بن إبراهيم بن مخلد بن إبراهيم أبو يعقوب الحنظلي
المروزي، المعروف بابن راهويه، كان أحد أئمة المسلمين وعلماً من أعلام الدين اجتمع
له الحديث والفقه والحفظ، والصدق والورع، والزهد، ورحل إلى العراق والحجاز واليمن
والشام، فسمع جرير بن عبد الحميد الرازي، واسماعيل بن علية، وسفيان بن عيينة،
ووكيع بن الجراح، وأبا معاوية، وأبا أسامة ويحيى بن آدم، وبقية بن الوليد، وعبد
الرزاق بن همام، والنضر بن شميل، وعبد العزيز الدراوردي، وعيسى بن يونس، وعبدة بن
سليمان، وأبا بكر بن عياش، وعبد الوهاب الثقفي، ومعتمر بن سليمان، ومحمد بن بكر
البرساني، وعبد الله بن وهب، ومحمد بن سلمة الحراني، وسويد بن عبد العزيز، ومعاذ
بن هشام، والوليد ابن مسلم، وورد بغداد غير مرة، وجالس حفاظ أهلها، وذاكرهم وعاد
إلى خراسان فاستوطن نيسابور إلى أن توفي بها، وانتشر علمه عند الخراسانيين.
وروى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، وإسحق بن منصور الكوسج، ومسلم بن الحجاج
النيسابوري ومحمد بن نصر المرزي، وأبو عيسى الترمذي، وأحمد بن سلمة، وخلق يطول
ذكرهم؛ وروى عنه من قدماء شيوخه يحيى بن آدم، وبقية بن الوليد، ومن أقرانه أحمد بن
حنبل، ولم أر في أحاديث البغداديين شيئا استدل به على أنه حدث ببغداد إلا أن يكون
على سبيل المذاكرة والله أعلم.
أخبرنا
أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا عمي
الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: إسحق بن إبراهيم بن مخلد بن
إبراهيم بن عبد الله بن بكر - ويقال مطر بدل بكر - بن عبد الله بن غالب بن عبد
الوارث - ويقال ابن الوارث - ابن عبد الله بن عطية بن مرة ابن كعب بن همام بن أسمر
- ويقال أسد بدل أسمر - بن مرة بن عمرو بن حنظلة ابن مالك بن زيد مناة بن تميم،
أبو يعقوب التميمي الحنظلي المروزي المعروف بابن راهويه، أحد أئمة المسلمين،
وأعلام الدين، سمع بدمشق والشام سويد بن عبد العزيز، وعمر بن عبد الواحد، ومحمد بن
شعيب بن شابور، والوليد ابن مسلم، وشعيب بن إسحق الدمشقيين، وعطاء بن مسلم الخفاف،
ومبشر بن إسماعيل الحلبيين، وبقية بن الولد، ومحمد بن حرب الخولاني، وأبا حيوة
شريح ابن يزيد، ومحمد بن حمير الحمصيين، وبالري جرير بن عبد الحميد، وبالكوفة حفص
بن غياث، وعبد الله بن إدريس، ومحمد بن فضيل بن غزوان، وعبدة بن سليمان، ووكيع بن
الجراح، وأبا معاوية الضرير، وأبا أسامة حماد بن أسامة، وأبا خالد سليمان بن حيان
الأحمر، ويحيى بن آدم، وبالبصرة معتمر بن سليمان وبشر ابن المفضل، وعبد الوهاب
الثقفي وعبد الاعلى بن عبد الاعلى السامي، واسماعيل ابن علية، ويحيى بن سعيد
القطان، وعبد الرحمن بن مهدي وخالد بن الحارث الهجيمي، ومعاذ بن هشام، ومحمد بن
أبي عدي، ومرحوم بن عبد العزيز العطار، وبمكة سفيان بن عيينة، ويحيى بن سليم،
والمؤمل بن اسماعيل، وعبد الله بن يزيد المقرئ، وباليمن أبا قرة موسى بن طارق،
وعبد الرزاق بن همام، وإبراهيم بن الحكم بن أبان، وهشام بن يوسف، وبخراسان عبد الله
بن المبارك، والفضل بن موسى السيناني، وأبا تميلة يحيى بن واضح، وعلي بن الحسين بن
واقد، والنضر ابن شميل، وأحمد بن أيوب الضبي، وعمر بن هرون البلخي، وجماعة سواهم.
روى عنه يحيى بن آدم، وبقية بن الوليد، وهما من شيوخه، وأحمد بن حنبل ومحمد بن
حميد الرازي، وهما من أقرانه، ومحمد بن رافع، ومحمد بن يحيى الذهلي، ويحيى بن
معين، ويحيى بن يحيى وعبد الرحمن الدارمي، والبخاري، ومسلم، والترمذي، والنسائي،
وموسى بن هرون الجمال، وعبد الله بن محمد بن شيرويه، والحسن بن سفيان، وجعفر بن
محمد الفريابي، وأبو إسحق إبراهيم بن إسماعيل العنبري الطوسي، وأبو يعقوب إسحق بن
إبراهيم بن نصر البستي، وأحمد ابن سعيد الدارمي، وأبو يعقوب إسحق بن أبي عمران
الاسفرائيني الشافعي، وأبو العباس أحمد بن سهل بن بحر، وأبو بكر محمد بن إسماعيل
بن مهران الاسماعيلي، وأبو بكر محمد بن الحسين بن الحسن البرذعي، وهرون بن عبد
الصمد بن عبدوس الرحبي، ويعقوب بن يوسف بن يعقوب الأخرم، ويعقوب بن يوسف بن معقل
الوراق، وأبو العباس السراج، وهو آخر من حدث عنه.
قلت: كذا قال الحافظ أبو القاسم أن أحمد بن حنبل روى عن إسحق بن راهويه، ولم يذكر
الشاهد على ذلك، كما ذكر في يحيى بن آدم، وبقية بن الوليد، وأظنه - والله أعلم -
رأى أبا بكر الخطيب قد قال في ترجمة إسحق: وروى عنه من قدماء شيوخه يحيى بن آدم
وبقية بن الوليد ثم قال: ومن أقرانه أحمد بن حنبل، وإنما أراد الخطيب الإخبار عن
أحمد بن حنبل أنه من أقران إسحق، لا أن أحمد روى عنه، والدليل على أن مراد أبي بكر
الخطيب ذلك قوله بعده، ولم أر في أحاديث البغداديين شيئا أستدل به على أنه حدث
ببغداد، فلو كان أحمد روى عنه كفاه ذلك دليلا على أنه حدثه إسحق ببغداد، فان
اجتماعه بأحمد كان ببغداد في سنة تسع وتسعين على ما ذكرناه عن محمد بن يحيى الذهلي
في أثناء الترجمة، وقول الخطيب: ومن أقرانه أحمد بن حنبل، اتبع في هذا القول أبا
يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ، وقد ذكر إسحق بن راهويه في كتاب الارشاد بما
أخبرنا به أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا
الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: سمعت إسماعيل ابن عبد الجبار
الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله الحافظ يقول: أبو يعقوب إسحق بن
ابراهيم الحنظلي بن راهويه، الإمام المتفق عليه شرقا وغربا، كان إمام هذا الشأن
حفظا وعلما وفقها، وفي العلوم كلها.
سمع
ابن عيينة، وعبد الرزاق وأقرانهما من شيوخ مكة واليمن والعراق وخراسان، وشيوخه
أكثر من أن يعدوا، وكان يقارن بأحمد بن حنبل، أخرجه البخاري والأئمة كلهم في
الصحاح وآخر من أكثر عنه محمد بن إسحق السراج، توفي سنة سبع وثلاثين ومائتين.
على أنه يحتمل أن يكون أحمد روى عنه على ما هو عادة العلماء والحفاظ من الرواية
عمن هو فوقه، وعمن هو مثله، وعمن هو دونه، والله أعلم.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا علي بن ابراهيم
المستملي قال: حدثنا أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا البخاري قال: مات إسحق بن
ابراهيم بن مخلد أبو يعقوب الحنظلي وهو ابن سبع وسبعين سنة.
قال الخطيب: وهذا يدل على أن مولده كان في سنة إحدى وستين ومائة، قبل مولد أحمد بن
حنبل بثلاث سنين.
قال الخطيب: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل القاضي قال: أخبرني أبو
يحيى الشعراني أن إسحق بن راهويه توفي في سنة ثمان وثلاثين ومائتين، وأنه كان يخضب
بالحناء، وقال لي: ما رأيت بيد إسحق كتابا قط، وما كان يحدث إلا حفظاً، قال: كنت
إذا ذاكرت إسحق في العلم وجدته فيه فرداً، فإذا جئت إلى أمر الدنيا رأيته لا رأي
له.
قال الخطيب: وأخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن عدي البصري في
كتابه قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن علي الآجري قال: سمعت أبا داود يقول: إسحق بن
راهويه تغير قبل أن يموت بخمسة أيام، وسمعت منه في تلك الايام، ورميت به، ومات سنة
سبع أو ثمان وثلاثين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم بن رواحة عن الحافظ أبي طاهر قال: أخبرنا أبو علي البرداني -
سماعا أو اجازة - قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي
قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر الحافظ قال: قال أبو القاسم عبد الله بن محمد
البغوي: مات إسحق بن ابراهيم الحنظلي، وهو ابن راهويه، سنة ثمان وثلاثين في أولها.
أخبرنا حسن بن أحمد الأوقي - إذناً - قال: أخبرنا أحسد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار
قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع أن إسحق بن راهويه مات بنيسابور في شعبان سنة ثمان
وثلاثين ومائتين.
أخبرنا زين الأمناء الحسن بن محمد - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم عمي قال:
أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: اخبرنا أحمد بن
إسحق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا
خليفة بن خياط قال: وإسحق بن راهويه من أهل خراسان، يعني مات سنة ثمان وثلاثين
ومائتين.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو طاهر هبة
الله بن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر الدولابي
قال: قال محمد بن إسحق بن راهويه: قال محمد بن إسماعيل البخاري: مات أبو يعقوب
إسحق بن ابراهيم ليلة السبت لأربع عشرة ليلة خلت من شعبان سنة ثمان وثلاثين وهو
ابن سبع وسبعين سنة.
قال أبو القاسم السمرقندي: أخبرنا أبو علي بن المسلمة، وأبو القاسم عبد الواحد بن
علي بن محمد بن فهد العلاف قالا: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا الحسن بن
محمد بن الحسن السكوني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: مات إسحق
بن ابراهيم بن راهويه سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
أنبأنا ابن الحسن اللغوي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن علي
الثابتي قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: فرأت على أبي حامد أحمد ابن عمر بن حفص
المروزي بها قال: سمعت أبا يزيد محمد بن يحيى بن خالد يقول: مات إسحق بن ابراهيم
ليلة الخميس سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
قال أحمد لن علي: وأخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم قال:
حدثنا محمد بن ابراهيم المزكي قال: حدثنا الحسين بن محمد بن زياد قال: توفي إسحق
بن ابراهيم الحنظلي ليلة النصف من شعبان سنة ثمان وثلاثين ومائتين.
أخبرنا
أبو منصور بن محمد الفقيه - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: كتب إلي
أبو نصر القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
قرأت بخط أبي عمرو المستملي: أخبرني علي ابن سلمة بن علي الجلاباذي الكرابيسي -
وهو من الصالحين قال: رأيت ليلة مات إسحق بن ابراهيم الحنظلي كأن قمرا ارتفع من
الارض إلى السماء من سكة إسحق ابن ابراهيم، ثم نزل فسقط في الموضع الذي دفن فيه
إسحق بن ابراهيم، ولم أشعر أنا بموته، فلما غدوت إذا أنا بحفار يحفر قبر إسحق بن
ابراهيم في الموضع الذي رأيت القمر وقع فيه، فسألت الحفار قلت: قبر من هذا؟ قال:
قبر إسحق ابن ابراهيم.
قال أبو عمرو: وأخبرني علي بن سلمة قال: حدثنا شاذان وكان وكيلا لآل طاهر قال:
رأيت الليلة التي مات فيها إسحق بن إبراهيم كأن عليه ازاراً ورداءاً وهو يتحرك
كأنه قائم مستقبل قبره الذي دفن فيه ومعه رجال كثير كأنهم قالوا: لإسحق ابن
إبراهيم: أين تريد؟ فقال إسحق بن إبراهيم: أريد الحج.
إسحق بن ابراهيم بن مصعب بن رزيق بن أسعد الخزاعي مولاهم، أبو الحسن، وهو ابن عم
طاهر بن الحسين ذي اليمينين، ومصعب ابن رزيق مولى خزاعة، ولي حلب والعواصم بأسرها
والثغور، استعمله المأمون عليها، وعزل ابنه العباس بن المأمون عنها في سنة أربع
عشرة ومائتين.
وقرأت في تاريخ محمد بن أبي الأزهر الكاتب أن ذلك كان في سنة خمس عشرة ومائتين،
قال: ثم عزل المأمون إسحق بن ابراهيم في السنة التي ولاه وأعاد ابنه العباس بن
المأمون إلى الولاية، وعقد لإسحق ولاية مصر.
وقد روي عنه إنشاد من الشعر، وحكى عنه أحمد بن محمد بن المدبر، وأبو حشيشة، وكان
أميرا عاقلا متميزا مذكورا وجيها كريم الأخلاق، وعظم أمره عند المتوكل حتى جعل
إليه أمر القضاء، فعزل وولى.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن
بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا
القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا علي بن محمد ابن الجهم أبو طالب
الكاتب قال: حدثني القاسم بن أحمد الكاتب قال: حدثني أحمد بن محمد بن مدبر قال:
حدثني إسحق بن ابراهيم بن مصعب قال: تضمنت السواد من المأمون لسنة ثلاث عشرة
ومائتين بأربعمائة ألف كر شعير مصرفا بالفالج حاصلا وثمانية آلاف درهم سوى مؤن
العمل وأرزاق العمال وغير ذلك، فارتفع لي فيه من الفضل بعد المؤن والأرزاق الجارية
عشرون ألف ألف درهم، قال: فأتيت المأمون فقلت: يا أمير المؤمنين إني قد استفضت في
ضمان السواد عشرين ألف ألف درهم، قال: قد سررتني وقد سوغتكها، ولكن أكتب إلى عبد
الله ابن طاهر فعرفه أني إنما ضمنتك السواد له وسوغتك هذا الفضل لمكانه ومحله مني،
ففعلت.
قال: فكتب إلي عبد الله بن طاهر قد سرني ما كتبت به من ربحك عشرين ألف ألف درهم
وتسويغ أمير المؤمنين إياك ذلك، وأمير المؤمنين أجل قدراً وأعظم خطرا أن يستكثر
هذا من فعله أن كان أهلا لما هو أكثر منه، وليس ينبغي يقنع لك بهذا دون أن أضيف
إليه شيئا آخر من مالي، فاقبض من غلة ضياعي مائة ألف ألف درهم.
قرأت بخط محمد بن الحسن بن محمد الصيرفي في جزء فيه أخبار ونوادر سمعها من أبي
محمد علي بن أحمد الماذرائي عن شيوخه، قال الماذرائي: وأنشدني أبو القاسم - يعني
علي بن الحسن بن شمردل الكاتب قال: أنشدني بعض العباسيين ببغداد قال: سمعت إسحق بن
ابراهيم بن مصعب الطاهري ينشد:
لو كنت أحمل خمراً يوم زرتكم ... لم ينكر الكلب أني صاحب الدار
لكن أتيت وريح المسك يفضحني ... والعنبر الورد أذكيه على النار
فأنكر الكلب ريحي حين أبصرني ... وكان يألف ريح الزق والقار
وقرأت
بخط محمد بن الحسن بن محمد الصيرفي في هذا المجموع: قال الماذرائي: أخبرني محمد -
يعني أبا الحسين محمد بن حميد الأنباري - قال: أخبرني العباسي قال: حدثني أبو
حشيشة قال: كنت في منزلي بمدينة السلام فأتاني رسول إسحق بن ابراهيم قبل صلاة
المغرب في الحضور، فقلت لرسوله: ومن عنده؟ فقال بعث إلى بدل الكبيرة وعمرو بن
بانة، قال: فصرت إلى داره فرأيت آلة الشرب وآنية النبيذ والفواكه والرياحين في صحن
الدار وهو جالس في قبته التي كانت مشرفة على دجلة، فدخلت ووافى عمرو بن بانة ووافت
بدل، فأومأ إلينا بالجلوس فجلسنا وما فينا أحد ينطق وهو في صدر المجلس لا يتكلم،
ثم حضر وقت صلاة عشاء الآخرة، فقام للصلاة وقمنا، ثم عاد إلى مجلسه وعدنا، فما
زلنا جلوسا بين يديه لم يدع بشيء مما أعد له، ولا نطق بحرف، ولا نطقنا، فلما ان
نادى المؤذن بصلاة الغداة، فقام لما سمع الأذان، وقمنا جميعا فعبرنا في زورق،
فقالت لنا بدل: مروا بنا إلى منزلي لنقم اليوم فيه ونتعجب مما كنا فيه البارحة،
قال: ففعلنا وأقمنا عندها وما فينا أحد يدري لم أحضرنا، ولا لم صنع بنا ما صنع،
حتى إذا مضى لهذا الحديث مدة قالت لي بدل - وكانت جرية على إسحق - : علمت أني
سألته عن قصتنا ليلة، فقال لي: نعم كنت أشتهي منذ دخلت بغداد أن أصادف ليلة أربع
عشرة من الشهر والقمر فيها تام، وقد مدت دجلة فأشرب على الماء والقمر، فاتفق ذلك
في الليلة التي دعوتكم إليها، وعزمت على الشرب فلما تكامل لي ما أردت عرض في فكرتي
أنى متى أعطيت نفسي شهوتها طالبتني بذلك في غير هذا الأمر حتى تغلبني، فتفسد علي أمري،
فمنعتها تلك الشهوة لئلا أضريها على مثلها.
ذكر أبو بكر أحمد بن كامل بن خلف قال: وفيها - يعني سنة خمس وثلاثين ومائتين - مات
إسحق بن ابراهيم الموصلي وإسحق الطاهري المغنيان، وكان إسحق الموصلي عالماً باللغة
والأخبار.
قلت: إسحق الطاهري كان أميراً ولم يكن يعرف بالغناء.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب بن بشران قال: أخبرنا أبو
الحسين المراعيشي وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم بن محمد بن عرفة قال:
وأما دار إسحق فمنسوبة إلى إسحق بن ابراهيم المصعبي، ولم يزل يتولى الشرطة من أيام
المأمون إلى أيام المتوكل، ومات سنة خمس وثلاثين ومائتين، وسنة ست وخمسون سنة
وثمانية أشهر وأحد عشر يوما.
وقال ابن عرفة في موضع آخر: وأما إسحق بن ابراهيم فمات عن ثمان وخمسين سنة وأربعة
أشهر.
وقال ابراهيم بن محمد بن عرفة: وفي هذه السنة - وهي سنة خمس وثلاثين ومائتين مات أبو
الحسن إسحق بن ابراهيم وسنه ثمان وخمسون سنة وأربعة أشهر وأحد عشر يوما.
أنبأنا حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن
عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا
عبد الباقي بن قانع قال: سنة أربع وثلاثين ومائتين: وفيها مات إسحق بن ابراهيم
صاحب الشرطة.
إسحق بن ابراهيم بن ميمون بن ماهان بن بهمن التميمي مولاهم، أبو محمد المعروف أبوه
بإبراهيم الموصلي، قدم حلب صحبة الرشيد حين قدمها، ثم قدمها صحبة ابنه عبد الله
المأمون، وكان أديبا فاضلا شاعرا كريما حاذقا بالغناء وصنعته، وجيها عند الخلفاء.
أخذ الأدب عن أبي سعيد الأصمعي وأبي عبيدة معمر بن المثنى ووكيع بن الجراح، وعبد
الرزاق بن همام، وأبي تميله، وسمع مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وأبا معاوية
الضرير، وهشيم بن بشير، والهيثم بن عدي، وبقية بن الوليد الحمصي، وروح بن عبادة،
والحارث بن قيس، وأبا مسكين، وعلي بن إسحق، وسعد بن مسلم، والحسن بن عتبة اللهبي
ومصعب بن عبد الله الزبيري، وشداد بن عقبة، وأبا محمد يحيى بن المبارك اليزيدي،
وأبا عبد الله أحمد بن أبي دؤاد القاضي.
روى عنه شيخه أبو سعيد الأصمعي، والزبير بن بكار، وأبو خالد يزيد بن محمد المهلبي،
وابنه حماد بن إسحق بن ابراهيم، وأبو العيناء محمد بن القاسم ابن خلاد، وعلي بن
يحيى المنجم، وميمون بن هرون الكاتب، والحسين بن يحيى الكاتب، وأحمد بن القاسم
الهاشمي، ومحمد بن عبد الله بن مالك، وأبو الفضل العباس بن الفضل الربعي.
أخبرنا
أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بها قال: أخبرنا أبو
طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الفتح سعيد بن ابراهيم بن أحمد
الصفار قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن القاسم ابن ابراهيم المقرئ قال: حدثنا أبو
الحسين أحمد بن فارس بن زكريا اللغوي قال: حدثني محمد بن عبد الله الدوري بمدينة
السلام، قال: حدثنا علي بن الحسن بن الهيثم قال: حدثنا الحسين بن علي المرداسي
قال: حدثنا حماد بن إسحق ابن ابراهيم الموصلي قال: قال لي أبي: قلت ليحيى بن خالد:
أريد أن تكلم لي سفيان بن عيينة ليحدثني بأحاديث، فقال: نعم إذا جاء فاذكرني، قال:
فجاءه سفيان، فلما جلس أومأت إلى يحيى فقال: يا أبا محمد إسحق بن ابراهيم من أهل
العلم والادب وهو مكره على ما تعلمه منه فقال سفيان: ما تريد بهذا الكلام؟ فقال:
تحدثه بأحاديث، قال: أكره ذلك، فقال يحيى: أقسمت عليك إلا فعلت، فقال: نعم فليبكر
إلي، قال: فقلت ليحيى افرض لي عليه شيئا، فقال له: يا أبا محمد افرض له شيئا، قال:
نعم قد جعلت له خمسة أحاديث، قال: زده، قال قد جعلتها سبعة، قال: هل لك أن تجعلها
عشرة، قال: نعم، قال إسحق: فبكرت إليه واستأذنت ودخلت فجلست بين يديه، وأخرج كتابه
فأملى علي عشرة أحاديث، فلما فرغ قلت له: يا أبا محمد إن المحدث يسهو، ويفضل،
والمحدث أيضاً كذلك فإن رأيت أن أقرأ عليك ما سمعته منك، قال إقرأ فديتك، فقرأت
عليه وقلت له أيضا: إن القارئ ربما أغفل طرفه الحرف، والمقروء عليه ربما ذهب عنه
الحرف فأنا في حل أن أروي جميع ما سمعته منك؟ قال: نعم فديتك، أنت والله فوق أن
يستشفع أو يشفع لك، تعال كل يوم، فلوددت أن سائر أصحاب الحديث كانوا مثلك.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: أخبرني أحمد بن محمد بن أحمد بن يعقوب الكاتب قال: حدثني جدي محمد بن
عبيد الله بن قفرجل قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا أبو العيناء قال: حدثنا
إسحق بن ابراهيم الموصلي قال: جئت أبا معاوية الضرير ومعي مائة حديث أريد أن
أقرأها عليه، فوجدت في دهليزه رجلاً ضريراً فقال لي: انه قد جعل الأذن عليه اليوم
إلي لينفعني، وأنت رجل جليل، فقلت له: معي مائة حديث وأنا أهب لك عنها مائة درهم،
فقال: قد رضيت، ودخل فاستأذن لي فدخلت وقرأت المائة حديث، فقال لي أبو معاوية الذي
ضمنته لهذا يأخذه من أذناب الناس، وأنت من رؤسائهم وهو ضعيف معيل، وأنا أحب
منفعته، قلت: قد جعلتها له مائة دينار، فقال: أحسن الله جزاءك، فدفعتها إليه
فأغنيته.
قال أبو بكر الخطيب: حدثني الحسن بن علي المقنعي عن محمد بن موسى الكاتب قال:
أخبرني يوسف بن يحيى بن علي المنجم عن أبيه عن جده عن إسحق قال: بقيت دهرا من دهري
أغلس في كل يوم إلى هشيم أو غيره من المحدثين فأسمع منه ثم أصير إلى الكسائي أو
الفراء أو ابن غزاله فأقرأ عليه جزءاً من القرآن، ثم آتي منصور بن زلزل فيضاربني
طريقتين أو ثلاثة، ثم آتي عاتكة بنت شهدة فأخذ منها صوتا أو صوتين، ثم آتي الأصمعي
وأبا عبيدة فأنشدهما وأحادثهما وأستفيد منهما، ثم أصير إلى أبي فأعلمه ما صنعت ومن
لقيت وما أخذت وأتغذى معه، فاذا كان العشي رحت إلى أمير المؤمنين الرشيد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد ابن عمر
السمرقندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن محمد بن سهل بن بشران النحوي قال: أخبرنا
أبو الحسن علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار اللغوي قال: أخبرنا أبو الفرج علي
بن الحسين الأصبهاني قال: إسحق بن ابراهيم بن ميمون بن ماهان بن بهمن الموصلي كان
يقول: أصلنا من فارس، ولنا بيت شريف في العجم.
قال
أبو الفرج: موضع إسحق من العلم ومكانه من الادب، ومحله في الرواية، وتقدمه في
الشعر ومنزلته في سائر المحاسن أشهر من أن يدل عليه، فيها يوصف، فأما الغناء فانه
كان أصغر علومه، وأدنى ما يوسم به، لم يكن له في الغناء نظير، لحق بمن مضى فيه،
وسبق من بقي، أوضح للناس طريقه، وسهل عليهم سبيله فهو امام أهل صناعته جميعا،
وقدوتهم ورأسهم، ومعلمهم، شهد له به الموافق والمفارق، وكان المأمون يقول: لولا ما
سبق لإسحق على ألسنة الناس من الغناء لوليته القضاء، فإنه أولى به، وأعف وأصدق
وأكثر دينا وأمانة من هؤلاء القضاة.
وقال الواثق: ما غناني إسحق قط إلا ظننت أن قد زيد في ملكي، وأن إسحق نعمة من نعم
الملك التي لم يحظ أحد بمثلها، ولو أن العمر والشباب والنشاط مما يشتري لاشتريته
لهن بشطر ملكي.
وذكره محمد بن داود بن الجراح في كتاب الورقة فقال: إسحق بن ابراهيم الموصلي أبو
محمد مولى لبني تميم، كثير الشعر، حسنه، وأكثر أغانيه في أشعاره، وهو استاذ الناس
في صناعته وفي علم الاخبار والاشعار، وله بالفقه أيضاً معرفة، وقال: لي عشرين سنة
ما رأيت مثله قط، قال: وسألته عما عنده من الكتب، فقال عندي مائتا قمطر.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرني الحسين بن علي الصيمري قال: حدثنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب
أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني عون بن محمد الكندي أن محمد بن عطية العطوي الشاعر
حدثه أنه كان عند يحيى بن أكثم في مجلس له يجتمع الناس فيه، فوافى إسحق بن ابراهيم
الموصلي فأخذ يناظر أهل الكلام حتى انتصف منهم، ثم تكلم في الفقه فأحسن وقاس،
واحتج وتكلم في الشعر واللغة ففاق من حضر فأقبل على يحيى فقال: أعز الله القاضي
أفي شيء مما ناظرت فيه وحكيته نقص أو مطعن؟ قال: لا، فما بالي أقوم بسائر هذه
العلوم قيام أهلها، وأنسب إلى فن واحد قد اقتصر الناس عليه.
قال العطوي: فالتفت الي يحيى بن أكثم فقال: جوابه في هذا عليك - قال: وكان العطوي
من أهل الجدل - فقلت: نعم أعز الله القاضي الجواب علي، ثم أقبلت على إسحق: فقلت:
يا أبا محمد أنت كالفراء والأخفش في النحو؟ قال: لا، قلت: أفأنت في اللغة وعلم
الشعر كالأصمعي وأبي عبيدة؟ قال: لا، قلت أفأنت في الأساب كالكلبي وأبي اليقظان؟
قال: لا، قلت: أفأنت في الكلام كأبي الهذيل والنظام؟ قال: لا، قلت: أفأنت في الفقه
كالقاضي؟ قال: لا، قلت: أفأنت في قول الشعر كأبي العتاهية وأبي نواس؟ قال: لا،
قلت: فمن ها هنا نسبت إلى ما نسبت إليه لانه لا نظير لك فيه ولا شبيه، وأنت في
غيره دون رؤساء أهله ؟! فضحك وقام فانصرف، فقال لي يحيى بن أكثم: لقد وفيت الحجة
حقها وفيها ظلم قليل لإسحق، وانه لمن يقل في الزمان نظيره.
وقال أبو بكر الخطيب: حدثني علي بن المحسن قال: وجدت في كتاب جدي علي بن محمد بن
أبي الفهم التنوخي، حدثنا الحرمي بن أبي العلاء قال: حدثنا أبو خالد يزيد بن محمد
المهلبي قال: سمعت إسحق الموصلي يقول: لما خرجنا مع الرشيد إلى الرقة قال لي
الأصمعي: كم حملت معك من كتبك؟ قلت: تخففت فحملت ثمانية أحمال ستة عشر صندوقاً،
قال: فعجب، فقلت: كم معك يا أبا سعيد؟ قال: ما معي إلا صندوق واحد، قلت: ليس إلا؟
قال وتستقل صندوقاً من حق؟! قال أبو خالد: وسمعت إسحق بن ابراهيم الموصلي يقول:
رأيت في منامي كأن جريراً ناولني كبة من شعر فأدخلتها في فمي، فقال بعض المعبرين:
هذا رجل يقول من الشعر ما شاء.
قال وجاء مروان بن أبي حفصة يوما إلى أبي فاستنشدني من شعري فأنشدته:
إذا كانت الأحرار أصلي ومنصبي ... ودافع ضيمي خازم وابن خازم
عطست بأنفٍ شامخٍ وتناولت ... يداي السماء قاعداً غير قائم
قال: فجعل مروان يستحسن ذلك ويقول لأبي: إنك لا تدري ما يقول هذا الغلام !.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال: أخبرني محمد بن
يحيى قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحزنيل قال: ما سمعت ابن الأعرابي يصف أحداً
بمثل ما يصف به إسحق من العلم والصدق والحفظ، وكان كثيرا ما يقول: أسمعتم بأحسن من
ابتدائه في قوله:
هل
إلى أن تنام عيني سبيل ... إن عهدي بالنوم عهد طويل
هل تعرفون من شكا نومه بمثل هذا اللفظ الحسن.
وقال محمد بن يحيى: سمعت ابراهيم بن إسحق الحربي يقول: كان إسحق الموصلي ثقة صدوقا
عالماً، وما سمعت منه شيئاً، ولوددت أني سمعت، وما كان يفوتني منه شيء لو أردته.
قال محمد: وسمعت أحمد بن يحيى النحوي يقول نحو هذا القول.
قال الخطيب: حدثني الحسن بن علي المقنعي عن محمد بن موسى الكاتب قال: أخبرني
الصولي قال: حدثني عبد الله بن المعتز قال: حدثني أبو عبد الله الهشامي قال: اعتبر
أهلنا على إسحق بأن دعوه ومدوا ستارة وأقعدوا كاتبين ضابطين بحيث لا يراهما إسحق،
وقالوا: كلما غنت الستارة صوتا فتكلم عليه إسحق فاكتبا الصوت، واكتبا لفظه فيه،
وجعل إسحق كلما سمع صوتا أخبرنا بالشعر لمن هو، ونسب الصوت، وذكر جميع من تغنى
فيه، وخبراً ان كان له خبر حتى كتب ذلك كله وحفظ، ثم دعوا إسحق بعد مدة طويلة
وضربوا ستارة وأمروا من خلفها أن يغنين مثلما كن غنين به ذلك اليوم، ففعلن وابتدأ
إسحق يتكلم في الغناء بمثل ما كان تكلم به ما خرم حرفا.
قال: فعلموا وعلم الناس أنه لا يقول إلا صواباً وحقاً، وعجبوا منه.
وقال: قرأت على الحسن بن علي الجوهري عن أبي عبيد الله المرزباني قال: أخبرني يوسف
بن يحيى بن علي بن علي المنجم عن أبيه قال: أخبرني أحمد بن القاسم الهاشمي عن إسحق
بن ابراهيم قال: دعاني المأمون وعنده ابراهيم بن المهدي، وفي مجلسه عشرون جارية قد
أقعد عشرا عن يمينه وعشرا عن يساره معهن العيدان يضربن بها، فلما دخلت سمعت من
الناحية اليسرى خطأ فأنكرته، فقال المأمون: يا إسحق أتسمع خطأً؟ قلت: نعم يا أمير
المؤمنين، فقال لابراهيم بن المهدي: هل تسمع خطأ؟ قال: لا، فأعاد علي السؤال،
فقلت: بلى والله يا أمير المؤمنين وانه لفي الجانب الأيسر، فأعاد ابراهيم سمعه إلى
الناحية اليسرى، ثم قال: لا والله يا أمير المؤمنين ما في هذه الناحية خطأ، فقلت:
يا أمير المؤمنين مر الجواري اللواتي على الميمنة أن يمسكن، فأمرهن فأمسكن، ثم قلت
لابراهيم هل تسمع خطأ؟ فتسمع ثم قال: ما ها هنا خطأ، فقلت: يا أمير المؤمنين يمسكن
وتضرب الثامنة، فأمسكن وضربت الثامنة، فعرف ابراهيم الخطأ، فقال: نعم يا أمير
المؤمنين ها هنا خطأ، فقال عند ذلك المأمون: يا ابراهيم لا تمار إسحق بعد اليوم
فإن رجلا فهم الخطأ بين ثمانين وتراً وعشرين حلقاً لجدير بألا تماريه، فقال: صدقت
يا أمير المؤمنين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر ابن ماكولا
قال: وإسحق بن ابراهيم الموصلي المغني شاعر متأدب فاضل، له روايات كثيرة، وكتاب
مصنف في الأغاني.
أنبأنا زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي
بن ثابت قال: إسحق بن ابراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي المعروف والده بالموصلي،
يقال إنه ولد في سنة خمسين ومائة، وقيل ولد بعد ذلك، وكتب الحديث عن سفيان بن
عيينة، وهشيم بن بشير، وأبي معاوية الضرير، وطبقتهم، وأخذ الأدب عن أبي سعيد
الأصمعي، وأبي عبيدة ونحوهما وبرع في الغناء، وغلب عليه فنسب إليه، وكان حسن
المعرفة، حلو النادرة، مليح المحاضرة، جيد الشعر، مذكوراً بالسخاء، معظماً عند
الخلفاء، وهو صاحب كتاب الأغاني الذي يرويه عنه ابنه حماد، وقد روى عنه أيضاً
الزبير بن بكار، وأبو العيناء وميمون بن هارون، وغيرهم.
أنبأنا زين الأمناء الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي ابن
الحسن قال: إسحق بن ابراهيم بن ميمون أبو محمد التميمي، المعروف أبوه بالموصلي سمع
مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وهشيم بن بشير، وأبا معاوية الضرير، وأبا سعيد
الأصمعي، وأبا عبيدة معمر بن المثنى، وبقية بن الوليد، وروح بن عبادة.
روى عنه ابنه حماد وشيخه أبو سعيد الاصمعي، والزبير بن بكار، وأبو العيناء محمد بن
القاسم بن خلاد، وميمون بن هرون الكاتب، وعلي بن يحيى المنجم، وأبو خالد يزيد بن
محمد المهلبي، والحسين بن يحيى الكاتب، وغيرهم، وقدم دمشق مع المأمون.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد
الرحمن بن محمد بن زريق القزاز، والكاتبه شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري.
وأخبرنا
أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن
محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد ابن علي بن العلاف قال:
أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا أبو بكر
الخرائطي قال: حدثنا العباس بن الفضل قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم عن أبي مسكين
قال: ضلت ناقة لفتى من بني تميم، فخرج إلى حي بني شيبان ينشدها، فإنه لكذلك إذ بصر
بجارية كأنها الشمس حسناً وجمالاً، فعشقها عشقاً مبرحاً، فرجع إلى قومه وقد أذهبت
عقله، فما تمالك أن رجع إلى حيهم، فلما هدأ الليل قال: لعلي أسكن بالنظر إليها بعض
ما بي، فأتاها وهي جالسة وأخوتها نيام حولها فقال لها: يا قرة عيني قد والله أذهب
الشوق عقلي وكدر علي عيشي، فقالت له: امض إلى حالك وإلا أنبهت أخوتي فقتلوك، فقال
لها: إن القتل أهون علي من الذي أنا فيه، قالت: وهل يكون شيء أشد من القتل؟ قال:
نعم ما أنا فيه من حبك، قالت له: فما تشاء؟ قال: أمكنيني من يدك حتى أضعها على
قلبي، ولك عهد الله أني أرجع، ففعلت، فرجع، فلما كانت القابلة عاد فوجدها على مثل
حالها، فقالت له كقولها الأول فقال: أمكنيني من شفتيك حتى أرشفهما وأنصرف، فلما
فعلت ذلك وقع في قلبها منه كهيئة النار، فأقبلت تلقاه كل ليلة، فنذر به حيها
وأخوتها، فقالوا: ما لهذا الكلب قد أطال المكث في هذا الجبل وهو يتخطانا، فقعدوا
لطلبه في ليلتهم تلك، فأرسلت إليه إن القوم يريدونك، فكن على حذر، وإياك والغفلة،
فجاءت السماء بمطر حال بينهم وبين طلبه، ثم انجلت السحاب وطلع القمر، فتطيبت
الجارية، ونشرت شعرها، وأعجبت بنفسها، واشتهت أن يراها على تلك الحال، فقالت لترب
لها قد كانت أطلعتها على شأنها يا فلانة أسعديني على المضي إليه، فخرجتا تريدانه،
وهو على الجبل خائف من الطلب لما حذرته، فبصر بشخصين يسيران في القمر، فلم يشك
أنهما من الطالبين له ليقتلوه، فانتزع بسهم، فما أخطأ قلب صاحبته فسقطت مضرجة
بدمائها، فلم تزل تضطرب حتى ماتت، فبهت شاخصاً ينظر إليها ثم أنشأ يقول:
نعب الغراب بما كره ... ت ولا إزالة للقدر
تبكي وأنت قتلتها ... فاصبر وإلاّ فانتحر
ثم جمع نبله، فجعل يجأ أوداجه حتى قتل نفسه.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي بمسجد الخليل عليه السلام
بحبرى، وأبو علي حسن بن ابراهيم بن هبة الله بن دينار المصري بالقاهرة قالا:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الأصبهاني قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله
القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن
الحسين الغضائري قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن
الأسود قال: حدثنا حماد بن إسحق الموصلي قال: أنشد شاعر أبي ولم يسمه:
ألم تعلمي يا عذبة الريق أنني ... وإن أظهر الحسّاد سوء مقال
عففت ولكن المحبّ إذا خلا ... بمن حبّ جال الظنّ كل مجال
فقال له أبي: قد أذعنت للصورة، وأقررت بالخلوة، ثم ادعيت العفة، وتحتاج على ذلك
إلى بينة.
قرأت في كتاب الخمارين لأبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال: أخبرني هاشم بن
محمد الخزاعي قال: حدثني عمي عبد الله بن مالك عن إسحق.
قال: وأخبرنا به وكيع محمد بن خلف عن أبي أيوب المديني عن محمد بن عبد الله بن
مالك عن إسحق قال: كنت مع الرشيد حين خرج إلى الرقة، فدخل يوماً يشرب مع النساء
وانصرفنا، فخرجت ومضيت إلى تل عزاز فنزلت عند خمارة هناك لها زوج قس لها منه بنت
واسمها حنة لم أر مثلها قط جمالاً ولا مثل بنتها، وأخرجت إلي شراباً لم أر مثله
حسنا وطيب رائحة وطعم، وأجلستني في بيت مرشوش فيه ريحان غض وأخرجت ابنتها تخدمني
كأنها خوط بان أو جدل عنان لم أر أحسن منها قداً، ولا أسهل خداً، ولا أعتق وجهاً،
ولا أبرع ظرفاً، ولا أحسن كلاما، ولا أتم تماما، فأقمت عندها ثلاثا والرشيد يطلبني
فلا يقدر علي، ثم انصرفت فهذبت بي رسله إليه، فدخلت عليه وهو غضبان، فلما رأيته
خطرت في مشيتي ورقصت، وكانت في رأسي فضلة قوية من السكر، وغنيت في شعر قلته في بيت
الخمارة وصنعت فيه، وهو:
إن قلبي بالتّل تل عزاز ... عند ظبي من الظباء الجوازي
شادن
يسكن الشآم وفيه ... مع شكل العراق ظرف الحجاز
يا لقوم لبنت قس أصابت ... منك صفو الهوى وليست تجازي
حلفت بالمسيح ان تنجّز الوع ... د وليست تهمّ بالانجاز
فسكن غضبه، ثم قال لي: ويحك أين كنت؟ فأخبرنه فضحك، وقال: عذر والله وأي عذر وإن
مثل هذا لطيب إذا اتفق، أعد علي غناءك، فأعدته فأعجب وأمرني أن أغنيه ليلتي كلها
أعيده أبداً ولا أغني أنا ولا غيري سواه، وأمر المغنين بأخذه، فما زلت أغنيه ويشرب
عليه إلى الغداة ثم انصرفنا فصليت ونمت فما استقررت حسناً حتى وافاني رسول الرشيد
يأمرني بالحضور، فركبت ومضيت، فلما دخلت إذا بابن جامع يتمرغ على دكان في الدار لغلبه
النبيذ والسكر عليه، فقال لي: أتدري لم دعينا؟ قلت: لا، قال: لكني أدري، دعينا
بسبب نصرانيتك الزانية عليها وعليك لعنة الله، فضحكت، فلما خرج الرشيد إلينا
أخبرته الخبر فضحك وقال صدق أعيدوه ولا تغنوا غيره، فإني اشتقت إلى ما كنا فيه لما
فارقتموني فغنيناه جميعاً يومنا كله حتى نام في موضعه سكراً ثم انصرفنا.
قلت: إنما أوردت هذه الحكاية مع ما فيها من التظاهر بالفسق والمعصية لأنه يستفاد
منها دخول إسحق إلى حلب بدخوله إلى عزاز، وليفهم أن إسحق لم يكن من أهل رواية
الحديث لأنه قد سبق من قول سفيان أنه قال له: فلوددت أن سائر أصحاب الحديث كانوا
مثلك، وإنما أراد فيما سلكه معه من تحري الصدق، وكذلك ما سبق ذكره من قول إبراهيم
بن إسحق الحربي: كان إسحق الموصلي ثقة صدوقاً، ولوددت أني سمعت منه، وإنما أراد
فيما يرويه من النوادر والشعر والحكايات، لا من الحديث، وأنا أستغفر الله تعالى من
إيراد هذا ومثله.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد
بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا
المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو الفضل
الربعي قال: حدثني إسحق بن إبراهيم الموصلي قال: قال لي علي بن هشام: قد عزمت على
الصبوح فاغد علي، فعاقني عائق فشغلني عن البكور إليه، فجئت في وقت الظهر وعنده
مخارق، فقال لي: يا إسحق أين كنت؟ فقلت: شغلني أعز الله الأمير ما لم أجد من
القيام به بداً، ثم دعي لي بطعام وجلسنا على شرابنا، فغنى مخارق صوتاً من الطويل
بشعر المؤمل، والغناء لأبي سعيد مولى فايد وهو:
وقد لامني في حب مكنونة التي ... أهيم بها أهل الصفاء فأكثروا
يقولون لي مهلاً وصبراً فلم أجد ... جواباً سوى أن قلت كيف التصبّر
أأصبر عن نفسي وقد حيل دونها ... وواقعني منها الذي كنت أحذر
وفرّق صرف الدهر بيني وبينها ... فكيف تقرّ العين أم كيف تحبر
فأخطأ فيه فقلت: أخطأت ويلك، ثم غنى صوتاً من البسيط شعره لحميد بن ثور والغناء
للهذلي وهو:
يا موقد النار بالعلياء من أضم ... قد هجت لي سقماً يا موقد النار
يا ربّ نارٍ هدتني وهو موقدة ... بالندّ والعنبر الهندي والغار
تشبّهاً إذ خبت أيد مخضبةٌ ... من ثيباتٍ مصونات وأبكار
فلو تهن ولم تبرحن شاخصة ... ينظرن من أين يأتي الطارق الساري
فأخطأ فيه، فقلت: أخطأت ويلك، ثم تغنى صوتاً ثالثاً من الكامل شعره لكثير والغناء
لمعبد وهو:
إني استحيتك أن أقول بحاجتي ... فإذا قرأت صحيفتي فتفهم
وعليك عهد الله إن أنبأته ... أحدا ولا أظهرته بتكلم
فأخطأ
فيه فقلت: أخطأت ويلك، فغضب وقال: يا إسحق يأمرك الأمير بالبكور فتأتي ظهرا وتغنيت
أصواتا كلها يحبها ويطرب لها فخطاتني فيها وتزعم أنك لا تضرب بالعود إلا بين يدي
خليفة أو ولي عهد، ولو قال لك بعض البرامكة مثل ذلك لبكرت وضربت وغنيت، فقلت: ما
ظننت أن هذا يجترئ علي، ووالله ما أبديه انتقاصا لمجلس الأمير أعزه الله، ولكن
اسمع يا جاهل، ثم أقبلت على ابن هشام فقلت: دعاني - أصلح الله الأمير - يحيى بن
خالد يوما وقال لي: بكر فإني على الصبوح، وقد كنت يومئذ في دار بأجرة، فجاءني من
الليل صاحب الدار فأزعجني إزعاجاً شديداً فجرت مني يمين غليظة أني ما أصبح حتى
أتحول، فلما أصبحت خرجت أنا وغلماني حتى اكتريت منزلاً وتحولت، ثم صرت إلى يحيى
وقت الظهر، فقال لي: أين كنت إلى الساعة؟. فحدثته بقصتي، فقعدنا على شرابنا وأخذنا
في غنائنا، فلم ألبث أن دعا يحيى بدواة وقرطاس فوقع شيئاً لم أدر ما هو، ثم دفع
الرقعة إلى جعفر فوقع فيها شيئا ودفعها إلي، فإني لنظر فيها ولم أدر ما تضمنت إذ
أخذها الفضل من يدي فوقع فيا شيئا ودفعها إلي، وإذا يحيى قد كتب: يدفع إلى إسحق
ألف ألف درهم يبتاع بها منزلا، وإذا جعفر قد وقع: يدفع إلى إسحق ألف ألف درهم
يصرفها في نفقاته ومؤونته، فقلت في نفسي: هذا حلم، فلما ألبث أن جاء خادم فأخذها
من يدي، فلما كان وقت الانصراف استأذنت وخرجت فإذا أنا والله بالمال، وإذا بوكلاء
ينتظروني حتى أقبض منهم، فعلام يلومني هذا الجاهل؟! ثم قلت لمخارق: هات العود،
فأخذته ورددت الاصوات التي أخطأ فيها، وغنيت صوتا من الطويل بشعر لأبي بشير
والغناء لي فيه وهو:
إلهي منحت الود مني بحيلة ... وأنت على تغيير ذاك قدير
شفاء الهوى بث الجوى واشتكاؤه ... وإن امرأً أخفى الهوى لصبور
فطرب لذلك طربا شديدا، ثم قال: حق لك، ثم أقبل على مخارق فقال: يا فاسق ما أنت
والكلام، وأمر لي بمائة ألف درهم وخلعة، وأمر لمخارق بعشرة آلاف درهم، فبلغ ذلك
إسحق بن خلف فأنشأ يقول:
إن جئت ساحته تبغي سماحته ... بلّتك راحته بالوبل والدّيم
ما ضرّ زائره الراجي لنائله ... إن كان ذا رحم أو غير ذي رحم
فعاله كرمٌ وقوله نعم ... بقوله نعمٌ قد لجّ في نعم
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي بقراءتي
عليه قال: أخبرنا ثابت بن بندار بن إبراهيم البقال قال: أخبرنا أبو تغلب عبد
الوهاب بن علي بن الحسن الملحي قال: حدثنا القاضي أبو الفرج المعافى ابن زكريا
الجريري قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو الفضل
الهاشمي - من ولد حرث بن عبد المطلب بن هاشم - عن إسحق ابن إبراهيم الموصلي قال:
جلست مع الواثق في الزلال نريد النجف، فلما أخذت المجاذف الزلال ذكرت الوطن فتنفست
الصعداء، فقال لي: يا أبا إسحق أتنفس الصعداء وأنت معي؟! فقلت: يا أمير المؤمنين
أنشدك بيتين فإن عذرتني، وإلا فهذا الماء فاقذفني فيه ثم أنشدته:
حننت إلى أُصيبية صغارٍ ... وهاج لي الهوى قرب المزار
وأبرح ما يكون الشوق يوما ... إذا دنت الديار من الديار
قال: فاستحسنا وأمر لي بعشرة آلاف درهم.
نقلت من خط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي: حدثنا جحظة عن حماد بن إسحق عن أبيه
قال: لقيت الأصمعي يوما فقلت له: يا أبا سعيد ما تقول في قول الشاعر:
هل إلى نظرة إليك سبيل ... يرو منها الصّدى ويشفى الغليل
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثير من الحبيب القليل
فقال: هذا والله يا أبا محمد الديباج الخسرواني، فقلت: إنه ابن ليلته، فحسدني
وقال: إنك لتعرف التوليد فيه، ثم أفكر قليلا وقال: أجدت هذا من قول بعض العقيليين:
قفي متّعينا يا مليح بنظرةٍ ... فقد حان منّا يا مليح رحيل
أليس قليلاً نظرة إن نظرتها ... إليك وكلاًّ ليس منك قليل
فحلف إسحق أنه ما عرفه، فقال له الأصمعي: دع هذا عنك أبا محمد فتلك الخرقة من هذا
الثوب.
وقد
روى هذه الحكاية الحسين بن يحيى الكاتب عن إسحق، أخبرنا أبو اليمن الكندي اذنا
قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني أحمد ابن محمد بن عبد
الواحد المروروذي قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن أحمد المقرئ قال: حدثنا أبو بكر
محمد بن يحيى النديم قال: حدثنا الحسين بن يحيى الكاتب قال: حدثنا إسحق الموصلي
قال: أنشدت الأصمعي شعراً لي على أنه لشاعر قديم.
هل إلى نظرة إليك سبيل ... يرو منها الصّدى ويشفى الغليل
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثير من الحبيب القليل
فقال لي: هذا والله الديباج الخسرواني، فقلت له: انه ابن ليلته، فقال: لا جرم أن
أثر التوليد فيه، فقلت له: لا جرم أن أثر الحسد فيك.
قال أبو بكر - يعني محمد بن يحيى الصولي: وقد أعجب هذا المعنى إسحق فردده في شعره
فقال:
أيها الظبي الغرير ... هل لنا منك مجير
إن ما نولتنا من ... ك وإن قل كثير
وكان إسحق يظن أنه سبق إلى هذا المعنى حتى أنشد لأعرابي:
قفي ودعينا يا مليح بنظرة ... فقد حان منا يا مليح رحيل
أليس قليل نظرةً إن نظرتها ... إليك وكلّ ليس منك قليل
قال: فحلف إسحق أنه ما كان سمعه.
وقد روى الاصمعي هذين البيتين وحكى الحكاية عن إسحق، أنبأنا بذلك أبو البركات الحسن
بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو القاسم
النسيب وأبو الوحش المقرئ عن أبي الحسن رشاء بن نظيف - قال الحافظ: وقرأته من خط
رشاء - قال: أخبرنا ابراهيم بن علي بن ابراهيم البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى
قال: حدثنا أبو العيناء قال: قال لي الأصمعي يوما لقيني إسحق الموصلي فقال لي: ما
تقول في قول الشاعر:
هل إلى نظرة إليك سبيل ... يرو منها الصدى ويشفى الغليل
إن ما قل منك يكثر عندي ... وكثيرٌ من المحبّ القليل
فقلت له هذا والله الديباج الخسرواني وأعجبت به، فقال لي: انه ابن ليلته، أي أنا
قلته البارحة، فخجلت وقلت له: لا جرم ان أثر التوليد فيه، قال: لا جرم أن أثر
الحسد فيك، وانما سرق إسحق هذا البيت من العباس بن قطن الهلالي حيث يقول:
قفي متعينا يا ملح بنظرة ... فقد حان منا يا مليح رحيل
أليس قليلاً نظرةٌ إن نظرتها ... إليك وكلاّ ليس منك قليل
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد
بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري
قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم
الشافعي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمار قال: حدثنا أحمد بن القاسم بن جعفر بن
سليمان بن علي قال: حدثنا صباح بن خاقان قال: اعتللت علة أشفيت منها، فبلغ ذلك
إسحق بن ابراهيم الموصلي فاغتم منها، ثم ورد عليه الخبر يا فاقتي فكتب إلي:
حمدت الله إذ عافى صباحاً ... وأعقبه السلامة والصلاحا
وكنا خائفين على صباحٍ ... من الخبر الذي قد كان باحا
وخوفي من الحدنان أني ... رأيت الموت إن لم يغد راحا
قرأت بخط الشيخ الاديب أبي الحسن علي بن أبي سالم البغدادي الكاتب قال: نقلت من خط
أبي عبد الله الحسن بن علي بن مقلة قال: نقلت من خط أبي العباس ثعلب عن إسحق -
يعني الموصلي - قال إسحق: أنشدني شداد بن عقبة لجميل:
إني وتكرار الزيارة نحوكم ... لبين يدي هجرٍ بثين طويل
فقلت أنا:
فيا ليت شعري هل يقولنّ بعدنا ... إذا نحن أجمعنا غداً لرحيل
ألا ليت أياماً مضين رواجع ... وليت النوى قد ضاعفت بجميل
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن
محمد، وشهدة بنت أحمد بن الفرج.
وأخبرنا
أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن محمد قالوا:
أخبرنا أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس
الكندي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: حدثني إسحق بن
ابراهيم قال: كنت عند الواثق بالله يوما وهو بالنجف، فدخل ابن أبي دؤاد فقعد معنا
يتحدث ولم يكن خرج الواثق بعد، فقال لي ابن أبي دؤاد: يا إسحق، قلت: لبيك، قال:
أعجبني هذان البيتان، قلت: فأنشدني يا أبا عبد الله، فما أعجبك من شيء ففيه
السرور، فأنشدني:
ولي نظرة لو كان يحبل ناظرٌ ... بنظرته أنثى لقد حبلت مني
فإن ولدت ما بين تسعة أشهر ... إلى نظري ابناً فإن ابنها ابني
قلت: قد أجاد ولكني أنشدك بيتين أرجو أن يعجباك، قال: هات، فأنشدته:
ولما رمت بالطرف غيري ظننتها ... كما آثرت بالطرف تؤثر بالقلب
وإني بها في كل حال لواثق ... ولكن سوء الظن من شدة الحب
قال: أحسنت يا إسحق، وخرج الواثق فقال: فيم أنتم؟ فحدثه ابن أبي دؤاد وأنشده فأمر
له بعشرة آلاف درهم، وأمر لابن أبي دؤاد بثلاثين ألفا، فلما رجعت إلى منزلي أصبت
في منزلي أربعين ألفا، فقلت: ما هذا؟ فقيل: وجه اليك أبو عبد الله بهذا.
كتب الينا أحمد بن الازهر بن السباك أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي أخبرهم إذناً
عن الحسن بن علي الجوهري قال: حدثنا أبو عمر محمد بن العباس بن محمد ابن زكريا بن
حيوية الخزاز قال: حدثنا حماد بن إسحق بن ابراهيم الموصلي قال: حدثني أبي.
قال أبو بكر: وحدثني أبي قال: حدثنا أبو عكرمة الضبي عامر بن عمران قال: حدثنا
إسحق بن ابراهيم الموصلي - واللفظ في الروايتين مختلط - قال: دخلت على هرون الرشيد
فقال: يا إسحق أنشدني شيئا من شعرك فأنشدته:
وآمرة بالبخل قلت لها: اقصدي ... فذلك شيء ما إليه سبيل
أرى الناس خلان الجواد ولا أرى ... بخيلاً له في العالمين خليل
وإني رأيت البخل يزري بأهله ... فأكرمت نفسي أن يقال بخيل
ومن خير حالات الفتى لو علمته ... إذا نال شيئاً أن يكون ينيل
عطائي عطاء المكثرين تكرماً ... ومالي كما تعلمين قليل
وكيف أخاف الفقر وأحرم الغنى ... ورأي أمير المؤمنين جميل
فقال: لا، كيف ان شاء الله، يا فضل أعطه مائة ألف درهم، ثم قال: لله در أبيات
تأتينا بها يا إسحق ما أجود أصولها وأحسن فصولها ! فقلت: يا أمير المؤمنين كلامك
أحسن من شعري، فقال: يا فضل أعطه مائة ألف أخرى، قال إسحق: فكان ذلك أول مال
اعتقدته.
وأخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: أخبرنا
أبو حفص عمر بن محمد الفرغولي - فيما أجاز لي مشافهة - قال: حدثنا أبو الفتيان عمر
بن عبد الكريم بن سعدوية الحافظ بدهستان قال: حدثني علي بن أحمد الأنصاري أبو
الحسن الأندلسي ببيت المقدس قال. أخبرني أبو محمد غانم بن وليد المخزومي قال:
أخبرني أبو عمر يوسف بن عبد الله بن خيرون السهمي قال: اخبرني أحمد بن أبان بن سيد
اللغوي قال: أخبرني أبو علي إسماعيل ابن القاسم القالي قال: حدثنا أبو بكر بن
الأنباري قال: حدثنا ثعلب النحوي فذكر بإسناده مثله.
أنبأنا
الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا الحسن ابن الحسين
النعالي قال: حدثنا أبو الفرج الاصبهاني قال: ذكر أحمد بن أبي طاهر عن عبد الله بن
أبي سعد أن عبد الله بن سعيد بن زرارة حدثه عن محمد بن ابراهيم اليساري قال: لما
قدم العتابي مدينة السلام على المأمون أذن له فدخل عليه وعنده إسحق الموصلي، وكان
العتابي شيخا جليلا نبيلا، فسلم فرد عليه وأدناه وقربه حتى قرب منه فقبل يده، ثم
أمره بالجلوس، وأقبل عليه يسائله عن حاله وهو يجيبه بلسان طلق، فاستطرف المأمون
ذلك منه، وأقبل عليه بالمداعبة والمزح، فظن الشيخ أنه استخف به فقال: يا أمير
المؤمنين الإيناس قبل الإيساس، فاشتبه على المأمون قوله، فنظر إلى إسحق مستفهما
فأومى إليه بعينه وغمزه على معناه حتى فهمه، ثم قال: نعم يا غلام ألف دينار، فأتي
بذلك فوضعه بين يدي العتابي، وأخذوا في الحديث، ثم غمز المأمون إسحق بن ابراهيم
عليهن فجعل العتابي لا يأخذ في شيء إلا عارضه فيه إسحق، فبقي العتابي متعجبا ثم
قال: يا أمير المؤمنين أتأذن لي في مسألة هذا الشيخ عن اسمه؟ قال: نعم سله، فقال
لإسحق: يا شيخ من أنت، وما اسمك؟ قال: أنا من الناس واسمي كل بصل، فتبسم العتابي
ثم قال: أما النسب فمعروف، وأما الاسم فمنكر، فقال له إسحق ما أقل إنصافك، أتنكر
أن يكون اسمي كل بصل واسمك كلثوم، وما كلثوم من من الأسماء، أوليس البصل أطيب من
الثوم؟! فقال له العتابي: لله درك ما أحجك أتأذن لي يا أمير المؤمنين أن أصله بما
وصلتني به؟ فقال له المأمون، بل ذلك موفر عليك ونأمر له بمثله، فقال له إسحق: أما
اذ أقررت بهذه فتوهمني تجدني، فقال له: ما أظنك إلا إسحق الموصلي الذي يتناهى إليه
خبره، قال: أنا حيث ظننت، فأقبل عليه بالتحية والسلام، فقال المأمون - وقد طال
الحديث بينهما - أما إذا اتفقتما على المودة فانصرفا، فانصرف العتابي إلى منزل
إسحق فأقام عنده.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد في كتابه عن أبي القاسم الشحامي عن أبي القاسم
البندار قال: أنبأنا أبو أحمد الفرضي قال: أخبرنا أبو بكر الصولي اجازة قال: حدثني
الحسين بن يحيى قال: سمعت جعفر بن علي بن الرشيد يقول: لما ولي المتوكل الخلافة
خرج إليه إسحق بن ابراهيم الموصلي من بغداد مهنيا، وكان قد ضعف وضعف بصره، فلما
دخل عليه دعا له واستأذنه في الانشاد، فأذن له فأنشد:
أشجاك من أسماء رسم دارس ... قفر بمختلف الرياح بسابس
فلما بلغ قوله:
يا خير من ورث الرسول ومن به ... سمقت فرع خلافة ومغارس
أنت ابن آباء سمت بك منهم ... خلفاء أربعة وأنت الخامس
وإذا دعيت إلى الجنان مخلدا ... مع رفقة الأبرار أنت السادس
إن الخلافة لا تكون لغيركم ... أبداً وإن زعمت لذاك معاطس
قال له المتوكل: يا إسحق وددت أني أشتري لك شبابا وقوة بنصف ملكي، ثم سأل عما وصله
به الواثق حين خرج إليه فأضعفه له.
قال الصولي: فأما حماد بن إسحق فروى أن المتوكل لما ولي الخلافة كتب إليه إسحق:
لعمري لقد زان الخلافة جعفر ... فكانت له الحق الذي ليس ينكر
تناهت إليه فاستقر قرارها ... ونام به من كان للخوف يسهر
وأصبح من في الأرض بعد مخافة ... وقد أمنوا ما كان يخشى ويحذر
تلألأ تاج الملك لما لبسته ... وأصبح مختالا سرير منبر
فوصله وأمره بالخروج إليه.
أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ
قال: أخبرني عبيد الله بن أحمد بن عثمان الصيرفي ومحمد بن أحمد بن شعيب الروياني
قالا: حدثنا أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: حدثنا ابن دريد قال: أخبرنا عبد الاول
بن مريد عن أبيه قال: مات إسحق بن ابراهيم الموصلي سنة خمس وثلاثين ومائتين، ومات
فيها إسحق بن ابراهيم الطاهري، قال: وأنشدني في ذلك الوقت رجل يعرف بابن سيابة:
تولى الموصلي فقد تولت ... بشاشات المعازف والقيان
وأيّ غضارة تبقى فتبقى ... حياة الموصلي على الزمان
ستبكيه المعازف والملاهي ... ويسعدهن عاتقه الدنان
وتبكيه
الغواية يوم ولى ... ولا تبكيه تاليه القران
إسحق بن ابراهيم بن هاشم بن يعقوب بن ابراهيم بن عمرو بن هاشم بن أحمد: ويقال ابن
ابراهيم بن زامل أبو يعقوب النهدي الأذرعي، من أهل أذرعات رحل وسمع بالعواصم وحلب
وغيرها من البلاد، فسمع بحلب نزيلها أبا عبد الله أحمد بن علي بن سهل المروزي،
وبأنطاكية أبا عمرو عثمان بن عبد الله بن خرزاد الانطاكي، وابراهيم بن إسماعيل بن
زراره البالسي ببالس أو بغيرها.
روى عنه أبو حفص عمر بن علي بن الحسن العتكي الأنطاكي.
وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي بما أخبرنا به أبو البركات الحسن بن
محمد بن الحسن الشافعي قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: إسحق بن ابراهيم بن هاشم
بن يعقوب بن ابراهيم بن عمرو بن هاشم بن أحمد، ويقال: ابن ابراهيم بن زامل، أبو
يعقوب النهدي الأذرعي من أهل أذرعات، مدينة بالبلقاء، أحد الثقات، من عباد الله
الصالحين، رجل وحدث عن يحيى بن أيوب بن بادي العلاف، وأبي يزيد يوسف بن يزيد
القراطيسي، ومقدام بن داود، وأحمد بن حماد زغبة، وأبي بكر أحمد بن عبد الخالق،
وأبي زرعة وأبي عبد الرحمن النسائي، وأبي عبد الله محمد بن ابراهيم بن زياد، وأبي
جعفر محمد بن الخضر، وأبي عمرو حفض بن عمر بن الصباح، وأبي العباس محمد بن جوشن الرقيين،
والحسن بن جرير الصوري، وعثمان بن خرزاد، وموسى بن عيسى بن المنذر الحمصي، وأبي
عمرو أحمد بن الغمر بن أبي حماد الحمصي، وأبي الأصبغ محمد بن عبد العزيز
القرقساني، وأبي عبد الله أحمد بن علي بن سهل المروزي، وأبي محمد بعد الله بن جعفر
بن أحمد العسكري بالرافقة، وأبي العباس محمد بن الحسن بن إسماعيل بن عبد الصمد
الهاشمي الدمشقي، ومحمد ابن جعفر بن سفيان الربضي، وإبراهيم بن إسماعيل بن زرارة
البالسي، وأبي الزنباع روح بن الفرج القطان، وأبي عبد الله سعيد بن يحيى إمام
الرقة، وأبي ذر هرون بن سليمان بن سهيل المصري، وأبي بكر أحمد بن محمد بن نافع
الأطروش المصري، وأبي عبد الله عمرو بن أبي الطاهر أحمد بن عمرو بن السرح، ووريزة
بن محمد، ويزيد بن محمد بن عبد الصمد وابنه محمد بن يزيد، وأحمد ابن المعلى،
وسليمان بن أيوب بن حذكم، وأحمد بن ابراهيم بن هشام، ومحمد بن هرون بن محمد بن بكار
بن بلال، وأحمد بن محمد بن عثمان، ومحمد بن سعيد الخزيمي.
روى عنه أبو علي محمد بن هرون بن شعيب، وتمام بن محمد، وأبو محمد ابن أبي نصر،
وأبو القاسم خلف بن محمد بن القاسم بن عبد السلام بن محرز الداراني، وأبو الحسين
عبد الله بن أحمد بن عمرو بن أحمد بن معاذ الداراني، وأبو عبد الله بن أبي كامل،
وأبو الحسين بن جميع، وأبو بكر محمد بن عبد الرحمن بن عبيد الله القطان، وأبو
القاسم بن طغان، وعبد الوهاب الكلابي، وأبو حفص عمر بن علي بن الحسن العتكي
الأنطاكي، وأبو الحسين محمد بن أحمد ابن الحسن الكرجي نزيل بيت المقدس، وعبد
الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو قابوس أحمد بن لبيب، وأبو عبد الله بن منده، وأبو
الحسين الرازي، وأبو الفرج عمران بن الحسن بن يوسف الخفاف، وأبو العباس أحمد بن
محمد بن علي البرذعي، وعبد الله بن محمد بن عبد الغفار بن ذكوان، وأبو الحسن علي
بن محمد بن أحمد الرملي، وعبيد الله بن الحسن بن أحمد الوراق.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري بالمسجد الجامع بدمشق
قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال:
أخبرنا أبو الحسين بن جميع الصيداوي قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الأذرعي
قال: حدثنا زهير بن عباد قال: حدثنا منصور ابن عمار قال: قال سليمان بن داود عليه
السلام: إن الغالب لهواه أشد من الذي يفتح المدينة وحده.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال:
أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر
محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين
السلمي قال: أبو يعقوب الأذرعي من أصحاب أبي عبيد البسري.
أنبأنا
زين الأمناء بن عساكر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد:
هبة الله بن الأكفاني، وعبد الكريم بن حمزة قالا: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن
أحمد قال: حدثنا أبو محمد بن أبي نصر قال: حدثني أبو يعقوب الأذرعي قال: خلوت في
بعض الأوقات فتفكرت وقلت: ليت شعري إلى ما نصير؟ فسمعت قائلاً يقول إلى رب كريم.
قال: وكان أبو يعقوب لا يكاد تفارقه قارورة البول لعلة كانت به، فحدثني أبو يعقوب
أنه دفعها إلى - زاد عبد الكريم: بعض، وقالا: - من كان يخدمه لغسلها، أو لإراقه ما
فيها، فاحتاج إليها، ولم يحضر من يناوله إياها، فقال: أسأل من حضر من إخواننا
المسلمين من الجن أن يناولنيها، فنولها.
قالا: وحدثنا عبد العزيز قال أخبرنا أبو الحسين عبد القاهر بن عبد العزيز الصايغ،
المعروف بالصوفي، قال: وسمعت أنا يعقوب الأذرعي يقول: سألت الله أن يقبض بصري
فعميت، فاستضررت في الطهارة، فسألته إعادته فأعاده علي تفضلا منه.
قال زين الأمناء: أخبرنا أبو القاسم قال: قرأت بخط أبي الحسن نجا بن أحمد - وذكر
أنه نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمية من كتب عنه بدمشق - : في الدفعة
الثانية: أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم بن هاشم الأذرعي، وكانوا من أهل أذرعات، سكن
دمشق، وكان من أجلة أهل دمشق، وعبادها، وعلمائها، وأبو يعقوب هذا مات وأنا بدمشق
في سنة أربع وثلاثين وثلاثمائة.
قال أبو القاسم: هذا وهم، وقد أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز
بن أحمد قال: وجدت في كتاب عبيد بن أحمد بن فطيس: توفي يعقوب إسحق بن ابراهيم
الأذرعي يوم الأضحى سنة أربع وأربعين، ومات وهو ابن نيف وتسعين سنة.
قال الكتاني: حدث عن يحيى بن أيوب بن باد بن العلاف، حدثنا عنه: عبد الرحمن بن أبي
نصر، وتمام بن محمد الرازي، وغيرهما.
قال ابن الأكفاني: هو عبيد بن أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله بن أبي مريم
القرشي، المعروف بابن فطيس، وبلغني أن الذي غسله عمر بن البري، والذي صلى الله
إسماعيل العلوي.
إسحق بن ابراهيم بن يزيد القرشي: مولاهم، أبو النضر الدمشقي القراديسي، مولى أم
الحكم بنت عبد العزيز، ويقال: مولى أم البنين بنت عبد العزيز بن مروان، وقيل مولى
عمر بن عبد العزيز، ولعل ولاءه انتقل إلى عمر رضي الله عنه من إحدى أختيه
المذكورتين.
سمع بحلب عطاء بن مسلم الخفاف، وبالمصيصة نزيلها عمر ابن المغيرة البصري ثم
المصيصي، المعروف بمفتي المساكين.
وروى عنه الحافظ أبو عمرو عثمان بن خرزاد، وأبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن فيل
الأنطاكيان.
وذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق، بما أخبرنا به ابن أخيه أبو
البركات الحسن بن محمد بن الحسن، فيما أذن لنا أن نرويه، وسمعت منه بعضه قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قراءة عليه وأنا أسمع قال: إسحق ابن ابراهيم بن يزيد
أبو النضر القرشي الفراديسي، مولى أم الحكم بنت عبد العزيز، ويقال أنه مولى عمر بن
عبد العزيز.
روى عن سعيد بن عبد العزيز، وصدقة بن خالد، وأبي ضمرة أنس بن عياض الليثي، ويحيى
بن حمزة، ومحمد بن شعيب بن شابور، ومعاوية بن يحيى الاطرابلسي، وعمر بن المغيرة
نزيل المصيصة، وسليمان بن عتبة الغساني، والحسن بن يحيى الخشني، وعمر بن الدرفس
الغساني، وسبرة بن عبد العزيز ابن الربيع بن سبرة الجهني، وعبد العزيز بن أبي
حازم، ويزيد بن ربيعة، وخالد ابن يزيد بن صالح المري، ومحمد بن المبارك الصوري،
ورشدين بن سعد، وسعيد بن الفضل بن ثابت البصري، وسعيد بن يحيى اللخمي، وعطاء بن
مسلم الحلبي، وإسماعيل بن عياش، والحكم بن هشام الثقفي.
روى
عنه البخاري في صحيحه، والحسن بن علي الحلواني شيخ مسلم، وأبو داود السجستاني في
سننه، وخلف بن روح بن أبي حجير الثقفي، وأبو عبد الملك البسري، وأبو حاتم الرازي،
ومحمد بن يعقوب الدمشقي، ومحمد بن عبد الله بن أبي مسهر الغساني، وعبد الحميد بن
محمود ابن خالد، وأحمد بن محمد بن يحيى بن حمزة، وأبو زرعة الدمشقي، ومحمد ابن عوف
الحمصي، ويزيد بن محمد، وأحمد بن ابراهيم بن هشام، وأبو شرحبيل عيسى بن خالد بن
نافع، وأبو الحسن أحمد بن ابراهيم بن فيل، وعبد الرحمن بن عمتان بن هشام بن ربر،
ومحمد بن عبد الرحمن بن الأشعث، وموسى بن سهل، وإسحق بن سويد الرمليان، وأحمد بن
محمد بن عمار بن جبير السلمي، وصالح بن عثمان بن عامر المري، ويزيد بن أحمد
السلمي، وأحمد بن منصور بن سيار الرمادي، ومحمد بن عبد الله بن عمار الموصلي،
وعثمان بن خرزاد الأنطاكي.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي، وأبو سعد ثابت بن مشرف
بن أبي سعد البناء، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبه الصوفي البغداديون قالوا:
أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد
الداودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحموي قال: حدثنا أبو عبد الله
محمد بن يوسف بن مطر الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري
قال: حدثنا إسحق بن يزيد قال: حدثنا يحيى بن حمزة قال: حدثنا الأوزاعي عن عطاء بن
أبي رباح قال: زرت عائشة رضي الله عنها مع عبيد بن عمير فسألها عن الهجرة فقالت:
لا هجرة اليوم كان حزب المؤمنين يفر أحدهم بدينه إلى الله وإلى رسوله مخافة أن
يفتتن عليه، فأما اليوم فقد أظهر الله الاسلام، فالمؤمن يعبد ربه حيث شاء، ولكن
جهاد ونية.
أنبأنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن القبيطي قال: أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا
أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم
السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي قال: إسحق بن إبراهيم أبو النضر الدمشقي، مولى
عمر بن عبد العزيز.
حدثنا محمد بن هرون بن حمزة قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني قال: حدثنا إسحق بن
إبراهيم أبو النضر الدمشقي قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي حازم عن هشام بن عروة عن
أبيه عن عائشة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إنما الأعمال بالخواتيم.
قال ابن عدي: وهذا الحديث من حديث هشام بن عروة غير محفوظ، وأبو النضر الدمشقي هذا
يحدث عن يزيد بن ربيعة، وهو أيضاً دمشقي، عن أبي الأشعث الصنعاني وهو من صنعاء
دمشق، عن ثوبان، عن النبي صلى الله عليه وسلم مقدار عشرين حديثاً كلها غير محفوظة.
قال: حدثناه علي بن الحسن بن عبد الجبار البلدي عن إسحق بن سيار عنه، لأبي النضر
أحاديث صالحة، ولم أر لم أنكر مما ذكرته.
وفي غير رواية ابن الابنوسي قال ابن عدي: وتلك الأحاديث أتى الوهم فيها من يزيد بن
ربيعة لا من أبي النضر، لأن يزيد مشهور بالضعف.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد إذنا عن أبي القاسم الشروطي قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن
المظفر الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم عامر بن خريم بن محمد ابن مروان الدمشقي قال:
حدثنا أحمد بن إبراهيم بن هشام بن ملاس قال: حدثنا أبو النضر إسحق بن إبراهيم بن
يزيد مولى أم الحكم بنت عبد العزيز، أخت عمر ابن عبد العزيز بحديث ذكره.
أنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر ابن ماكولا
قال: وأما نضر بفتح النون وسكون الضاد المعجمة، أبو النضر إسحق ابن إبراهيم بن
يزيد القرشي مولى عمر بن عبد عبد العزيز، ويقال: مولى أم البنين أخت عمر بن عبد
العزيز، سمع يحيى بن حمزة، ومحمد بن شعيب بن شابور؛ روى عنه إسحق بن سويد الرملي،
وأحمد بن منصور الرمادي.
أنبأنا
زين الأمناء بن عساكر قال: أخبرنا عمي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال:
حدثنا أبو الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن
راشد قال: أخبرنا أبو زرعة الدمشقي قال: وحدثني أبو النضر إسحق بن إبراهيم مولى
عمر بن عبد العزيز - وكان أبو مسهر يوثقه - قال: حدثنا بكار بن يزيد المري عن
إبراهيم بن أبي عبلة قال: رأيت عبد الله ابن عمر يوتر على راحلته.
وقال: أخبرنا عمي قال: أنبأنا أبو الغنائم بن النرسي، ثم حدثنا أبو الفضل ابن ناصر
قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي
قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو الحسن الأصبهاني قالا:
أخبرنا أحمد بن عبدان - قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال:
إسحق بن إبراهيم بن يزيد أبو النضر، مولى عمر بن عبد العزيز القرشي، سمع يحيى بن
حمزة.
وقال: أخبرنا عمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد ابن منصور
بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت
مسلم بن الحجاج يقول: أبو النضر إسحق بن إبراهيم بن يزيد الأموي، سمع يحيى بن
حمزة.
أخبرنا ابن طبرزد إجازة قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال:
أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني أبو النضر
الفراديسي قال: ولدت سنة إحدى وأربعين ومائة، ومات بعد أخذ المبرقع، وأخذ المبرقع
بعد موت أبي إسحق أمير المؤمنين.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن
الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال:
أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: أخبرنا أبو رزعة الدمشقي قال: حدثني أبو النضر
إسحق بن إبراهيم الدمشقي قال: ولدت سنة إحدى وأربعين ومائة.
أخبرنا أبو القاسم القاضي إذناً قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم الفقيه قال: حدثنا
عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن
راشد قال: أخبرنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو النضر إسحق بن إبراهيم، وكان من الثقات
البكائين.
قال أبو القاسم: أنبأنا أبو الفضل محمد بن ناصر عن أبي الفضل بن الحكاك قال:
أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن
أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرنا أبي قال: أبو النضر إسحق بن إبراهيم بن يزيد
دمشقي ليس به بأس.
أنبأنا أبو الفضل أحمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد
الله بن الخلال شفاهاً قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد
الله إجازة.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد
قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: أخبرنا موسى بن سهل الرملي فيما كتب إلي
قال: سألت أبا مسهر عن إسحق بن إبراهيم الدمشقي فقال: ثقة.
قال عبد الرحمن: وسمعت أبا زرعة - يعني الرازي - يقول: أدركناه وما كتبت عنه
شيئاً.
قال: وسئل أبي - يعني أبا حاتم - عن إسحق بن إبراهيم الدمشقي فقال: كتبت عنه وهو
ثقة.
قال عبد الرحمن: وبلغني عن إسحق بن سيار النصيبي أنه قال: أبو النضر إسحق بن
إبراهيم ثقة من الثقات.
قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البلخي قال:
حدثنا أبو منصور محمد بن الحسين بن عبد الله البزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن
محمد بن غالب الرقاني قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول: إسحق بن إبراهيم أبو
النضر الدمشقي ثقة يحدث عنه فهد بن سليمان.
قال أبو بكر البرقاني الذي في التعليق عندنا إسحق بن يزيد أبو النضر الدمشقي، وهذا
من البرقاني كأنه أخذ على الدارقطني، ولم يهم الدارقطني، هو إسحق بن إبراهيم بن
يزيد، نسب في التعليق إلى جده، فالوهم من البرقاني لا من الدارقطني.
قلت: وقد روى عنه أبو عبد الله البخاري في غير موضع من صحيحه فنسبه إلى جده يزيد
كما أوردناه في الحديث الذي سقناه، وذكره في التاريخ فنسبه إلى أبيه، ونسب أباه
إلى يزيد جده كما ذكرناه أيضاً.
أنبأنا
ابن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا
أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب
الفسوي: قال: ومات - يعني أبا النضر - بعد أخذ المبرقع، وأخذ المبرقع بعد موت أبي
إسحق أمير المؤمنين، وفي سنة سبع وعشرين ومائتين توفي أبو إسحق في شهر ربيع الاول.
كتب إلينا عبد الصمد بن محمد الأنصاري أن عبد الكريم بن حمزة أخبرهم عن عبد العزيز
بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرني أبي أبو الحسين قال: حدثنا
محمد بن جعفر بن محمد بن ملاس قال: حدثنا الحسن بن محمد بن بكار قال: وتوفي أبو
النضر إسحق بن إبراهيم القرشي في سنة سبع وعشرين ومائتين.
إسحق بن ابراهيم الحنيني: أبو يعقوب، نزيل طرسوس، روى عن: مالك بن أنس، وهشام بن
سعد القرشي، وكثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف.
روى عنه: يوسف بن سعيد المصيصي، ومحمد بن عوف الطائي، وأبو جعفر محمد بن جعفر بن
أبي الحسين السمناني، وعلي بن منصور العطار.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل الحلبي قال: أخبرنا أبو طاهر السنجي قال: أخبرنا أبو
محمد بن حميد الدوني قال: أخبرنا أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد
بن إسحق بن السني قال: أخبرني أبو عروبة قال: حدثنا علي ابن منصور العطار قال:
حدثنا إسحق بن إبراهيم الحنيني قال: حدثنا كثير بن عبد الله بن عمرو بن عوف عن
أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الدين بدا غريبا
وسيعود كما بدا، فطوبى للغرباء، قيل يا رسول الله ومن الغرباء؟ قال: الذين يحيون
سنتي بعدي ويعلمونها الناس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن قشام - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ
أبو العلاء الحسن بن أحمد العطار - إجازة، كتب إلي بها - قال: أخبرنا أبو جعفر
محمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو
بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد ابن إسحق الحاكم في
كتاب الأسامي والكنى قال: أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الحنيني، سكن طرسوس، يروي عن
أبي عبد الله مالك بن أنس الأصبحي، وأبي عباد هشام بن سعد القرشي، في حديثه بعض
المناكير روى عنه: أبو يعقوب يوسف بن سعيد بن مسلم المصيصي، وأبو جعفر محمد ابن
عوف بن سفيان الطائي.
قال الحاكم: أخبرنا محمد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: إسحق بن
إبراهيم الحنيني في حديثه نظر، هو في الأصل صدوق إلا أنه يأتي بعجائب.
أنبأنا أبو الفرج القبيطى قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله
بن عدي قال: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: إسحق بن إبراهيم الحنيني، سكن
ناحية طرسوس.
قال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: إسحق بن إبراهيم الحنيني عن مالك
وهشام بن سعد، في حديثه نظر.
قال ابن عدي: والحنيني مع ضعفه يكتب حديثه.
إسحق بن ابراهيم الطرسوسي: حدث عن عبد الرحمن بن مسافر، روى عنه أحمد بن حمزة بن
هرون.
أخبرنا أبو الحسن بن المقير إذنا عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو المفضل
جعفر بن يحيى الحكاك المكي إجازة قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد الوائلي
قال: أخبرنا عبد الله بن علي بن أحمد الجبلي - وكان صالحاً - قال: حدثنا عبد
العزيز بن محمد بن أحمد الوراق قال: حدثنا أبو عبد الله محمد ابن عبد الله بن أحمد
بن رشيد قال: حدثنا أحمد بن حمزة بن هرون البصري قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم
الطرسوسي قال: حدثنا عبد الرحمن بن مسافر قال: حدثني محمد بن عبد الصمد الحراني
قال: حدثنا أبو داود عن سفيان الثوري قال: أنبأني معمر عن هلال الوزان عن يزيد بن
حيان عن معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: يا معاذ العرش والكرسي
وحملتهما والسموات السبع وسكانها والأرضون السبع وسكانها إلى الدرك الأسفل، إلى
الماء الأسود، إلى الريح الهفافة ما تناهت به الحدود المتناهية، كل ذلك مخلوق ما
خلا القرآن فإنه كلام الله عز وجل.
إسحق بن ابراهيم الطرسوسي: إن لم يكن الأول فهو غيره، حدث عن وهب بن محمد البناني،
روى عنه أسامة بن أحمد التجيبي.
أخبرنا
عبد الجليل بن أبي غالب إذنا قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو
عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله بن مندة قال: إسحق ابن إبراهيم
الطرسوسي مجهول، حدث عن وهب بن محمد البناني، روى عنه أسامة بن أحمد التجيبي.
إسحق بن ابراهيم أبو يعقوب الفرغاني: المعروف بجيش، سمع محمد بن آدم المصيصي، وعبد
الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي، وحدث عنهما روى عنه أبو القاسم علي بن يعقوب بن
العقب الهمداني الدمشقي، وأبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة الليثي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني فيما أذن لنا أن نرويه عنه،
وسمعت منه غيره بدمشق، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا
أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد الرازي قال: حدثنا أبو
الحارث أحمد بن محمد بن أبي الخطاب الليثي قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم - يعرف بجيش
الفرغاني - قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا إسماعيل بن يحيى بن
عبد الله أبو علي التيمي قال: حدثنا فطر بن خليفة عن أبي الطفيل عن علي قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما انتعل أحد قط ولا تخفف، ولا لبس ثوبا ليغدو في
طلب علم يتعلمه إلا غفر الله له حيث يخطو عند باب بيته.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن
قال: إسحق بن إبراهيم أبو يعقوب الفرغاني، المعروف بجيش، حدث بدمشق في سنة تسع
وثمانين ومائتين عن محمد بن آدم المصيصي، وعبد الرحمن بن محمد بن سلام الطرسوسي.
روى عنه: أبو القاسم بن أبي العقب، وأبو الحارث أحمد بن محمد بن عمارة الدمشقيان.
قال أبو القاسم الحافظ: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: إسحق بن إبراهيم أبو يعقوب الفرغاني، ويعرف بجيش، حدث عن محمد بن آدم
المصيصي، روى عنه أبو القاسم بن أبي العقب الدمشقي.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر
بن ماكولا قال: وأما جيش، أوله جيم مفتوحة وبعدها ياء ساكنة معجمة باثنتين من
تحتها فهو أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم الفرغاني يعرف بجيش، روى عن محمد بن آدم
المصيصي، روى عنه أبو القاسم علي بن يعقوب بن أبي العقب الهمداني.
إسحق بن ابراهيم الحلبي: رجل من أهل حلب، حكى عن بعض العباسيين كلاما لإبراهيم بن
المهدي كتب به إلى المأمون، رواه عنه أبو جعفر محمد بن جرير الطبري.
قرأت في كتاب الشذور تأليف أبي جعفر محمد بن جرير الطبري قال: حدثني إسحق بن
ابراهيم الحلبي عن بعض بني العباس قال: كتب إبراهيم بن شكلة إلى المأمون بعقب
سخطه: لم تقدم نعمتك يا أمير المؤمنين فينساها شكري، ولم يرث حالي في ظلك فيشكل
علي التقرب منك، فبم استحق يا أمير المؤمنين معارضة المكروه، وما الذي صح منه وقد
تفيأت بنعمتك في ظل شكر يفي ببعضها قولاً وعملاً.
إسحق بن ابراهيم الحلبي: شاعر ذكره أبو عبيد الله محمد بن عمران بن موسى المرزباني
في كتاب معجم الشعراء، فقال في ذكره: إسحق بن إبراهيم الحلبي الشاعر، معتمدي ضعيف
الشعر.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي إسحق بن ابراهيم المعروف بابن الجمال: عابد كان ينزل جبل اللكام، حكى
عنه عبد الله بن محمد الريحاني.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني في كتابه قال:
أخبرنا أبو سعد محمد بن منصور بن عبد الرحيم الحرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
يحيى بن إبراهيم المزكي إجازة قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد ابن الحسين السلمي
قال: إسحق بن ابراهيم المعروف بابن الجمال من قدماء مشايخهم يعني الصوفية، له آيات
وكرامات، وكان ينزل جبل لكام.
قال
السلمي: سمعت منصور بن عبد الله الأصبهاني يقول: سمعت عبد الله ابن محمد الريحاني
يقول: دخلت لكام فغلطت الطريق فوقعت على شيخ متزر بجلد متشح بمسح، فقال: الله أكبر
جني أم أنسي؟ قلت: بل أنسي، قال: ضللت الطريق قلت: نعم، قال: فعلمني كليمات ودفع إلي
عصا فقال: خذ هذا العصا فإنه يدلك على الطريق، فإذا بلغت مرادك فألق العصا فمشيت
قليلاً فإذا أنا على باب أنطاكية، فألقيت العصا، فلا أدري كيف كان ذلك، فشاهد قوم
سفري فقالوا لي: من أين؟ قلت: من اللكام، ضللت الطريق فوقعت على شيخ فدلني وعلمني
كليمات وقال لي: منذ ثلاثين سنة ما رأيت أنسيا قالوا: نعم كان ها هنا أخوين يقطعون
الطريق فوقعوا على هذا الشيخ، فدعا لهم فتابوا فليس اليوم في هذه النواحي أصلح
منهم، وهذا الشيخ هو إسحق بن إبراهيم الجمال.
إسحق بن ابراهيم أبو يعقوب الشهرزوري: رجل من الصالحين، كان مرابطاً بثغر طرسوس
ملازماً للمسجد الجامع بها.
قرأت بخط القاضي أبي عمرو عثمان بن عبد الله بن إبراهيم الطرسوسي في كتاب سير
الثغور في ذكر المسجد الجامع بطرسوس قال: وفي هذا المسجد أقوام معروفون راتبون، لا
يقرأ عليهم متوجهون إلى القبلة يصلون نافلة نهارهم أجمع إلا في الأوقات المنهي عن
الصلاة فيها، لا يشغلهم عن ذلك إلا النداء بالنفير، أو الغزو، أو تجديد، أو تشييع
جنازة من يموت من الصالحين، أو عيادة مريض من المجاهدين، منهم أبو يعقوب إسحق بن
إبراهيم الشهرزوري ما زال لازماً للجانب الغربي من منبر طرسوس عشرين سنة لا
يفارقه، إذا أخذ المؤذنون في أذان صلاة الظهر ختم القرآن قائماً مصلياً، أو كاد
يختم، ثم يصلي من الظهر إلى العصر كذلك، هذا دأبه إلى أن مات رحمه الله.
إسحق بن ابراهيم الرافقي: كان في صحبة عبد الله بن طاهر بن الحسين حين توجه عبد
الله والياً على مصر من قبل المأمون، واجتاز معه بحلب في طريقه، وكان عبد الله
يأنس به، له ذكر.
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن
الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين الغساني عن عبد العزيز بن
أحمد الكتاني قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال:
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير الطبري قال: ذكر أحمد
بن حفص بن عمر عن أبي السمراء قال: خرجنا مع الأمير عبد الله بن طاهر متوجهين إلى
مصر حتى إذا كنا بين الرملة ودمشق إذا نحن بأعرابي قد اعترض، فإذا شيخ فيه بقية
على بعير له أورق، فسلم علينا فرددنا عليه السلام.
قال أبو السمراء: وأنا وإسحق بن إبراهيم الرافقي، وإسحق بن أبي ربعي ونحن نساير
الأمير، وكنا يومئذ أفره من الأمير دواباً، وأجود منه كساً.
قال: فجعل الأعرابي ينظر في وجوهنا، قال: فقلت: يا شيخ قد ألححت في النظر أعرفت
منا أمراً أنكرته؟ قال: والله ما عرفتكم قبل يومي هذا، ولا أنكرتكم لسوء أراه بكم،
ولكني رجل حسن الفراسة في الناس، جيد المعرفة بهم.
قال: فأشرت له إلى إسحق بن أبي ربعي فقلت: ما تقول في هذا؟ فقال:
أرى كاتباً زهو الكتابة بينٌ ... عليه وتأديب العراق منير
له حركاتٌ قد تشاهدن أنه ... عليمٌ بتقسيط الخراج بصير
قال: ونظر إلى إسحق بن إبراهيم الرافقي فقال:
ومظهر نسك ما عليه ضميره ... يحب الهدايا بالرجال مكور
أخال به جبناً وبخلاً وشيمةً ... تخبر عنه إنه لوزير
ثم نظر إلي وأنشأ يقول:
وهذا نديم للأمير ومؤنسٌ ... يكون له بالقرب منه سرور
إخالك للأشعار والعلم راوياً ... فبعضٌ نديمٌ مرةً وسمير
ثم نظر إلى الأمير فأنشأ يقول:
وهذا الأمير المرتجى سيب كفه ... فما أن له فيمن رأيت نظير
عليه رداءٌ من جمالٍ وهيبةٍ ... ووجهٌ بإدراك النجاح بشير
لقد عصم الاسلام منه بذي يدٍ ... بها عاش معروفٌ وغاب نكير
ألا إنما عبد الإله بن طاهر ... لنا والدٌ برٌّ بنا وأمير
قال: فوقع ذلك من عبد الله أحسن موقع، وأعجبه ما قال الشيخ، فأمر له بخمسمائة
دينار، وأمره أن يصحبه.
إسحق بن أحمد بن إسحق:
أبو
يعقوب الزيات الحلبي المعدل، حدث بحلب عن محمد بن عبد الله أبي عمرو السوسي، وصالح
بن علي النوفلي الناطلي الحلبيين، وأبي عمران موسى بن نصر بن سلام القنطري، وأبي
داود سليمان بن سيف الحراني.
روى عنه: أبو الحسن محمد بن علي بن الحسين بن الحسن الحسني الهمذاني الصوفي، ومحمد
بن أحمد الهاشمي القاضي المصيصي، وأبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون
الحلبي المقرئ، وأبو الخير أحمد بن علي الكلفي الحافظ الحمصي.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال أخبرنا الحافظ أبو
القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد
العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم عبد المنعم بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو
الخير أحمد بن علي الحافظ قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن أحمد بن إسحق الحلبي قال:
حدثنا أبو داود سليمان الحراني قال: حدثنا محمد بن سليمان ابن داود القرشي قال:
حدثنا عبد الله بن سمعان المدني عن فاطمة بنت الحسين عن علي أن النبي صلى الله
عليه وسلم قال: الذباب في أحد جناحيه داء وفي الآخر شفاء، فإذا وقع على الطعام
فاغمسوه فيه فإنه يذهب الله الداء بالدواء.
قال: في هذا الاسناد محمد بن سليمان بن داود القرشي، والصواب محمد بن سليمان بن
أبي داود القرشي، وهو حراني يعرف بالبومة.
أخبرنا أبو الحسن بن المقير إذنا قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر كتابة عن أبي
إسحق إبراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال قال: أخبرنا أبو الطيب بن غلبون الحلبي
قال: حدثنا إسحق بن أحمد بن إسحق الزيات قال: حدثنا أبو عمرو محمد بن عبد الله
السوسي قال: حدثنا الحجاج بن منهال قال: حدثنا حماد عن حميد عن أبي عثمان النهدي
قال: أتت علي نحواً من ثلاثين ومائة سنة وما شيء مني إلا قد أنكرته إلا أملي فإني
أجده كما هو.
إسحق بن أسعد بن عمار بن سعد بن عمار بن علي: أبو يعقوب، بن أبي المعالي الموصلي
المعروف والده بالرتيب، وهو الأكبر من أولاده، كان يرجع إلى رئاسة وفضل.
أخبرني أخوه عمر بن أسعد أن أخاه الأكبر سمع الحديث، وقصد حلب ومات بها في أوائل
سنة ثلاث وعشرين وستمائة، ودفن بقرب من مقام إبراهيم عليه السلام.
ذكر من أسم أبيه إسماعيل ممن اسمه إسحق إسحق بن إسماعيل بن قنق بن إسحق: أبو يوسف
التركي الفقيه المنبجي الدنيسري، تركماني النسب، ولد بمنبج وأقام بدنيسر، وكان
فقيها حسناً اشتغل عليه الفقهاء بدنيسر.
قرأت بخط أبي حفص عمر بن الخضر بن اللمش الدنيسري في كتاب حلية السريين من خواص
الدنيسريين: إسحق بن إسماعيل بن قنق بن إسحق أبو يوسف التركي المنبجي المولد،
الدنيسري الدار، كان فقيها شافعيا، وكان ابتداء اشتغاله بالفقه بالمدرسة الشهابية
بدنيسر سنة تسع وثمانين وخمسمائة، تفقه بها على شيوخنا أبي الكرم بن الأكاف
الموصلي، والقاضي أبي بكر المحلبي، والقاضي أبي عمران الماكسي وغيرهم، قرأ جملة من
كتب المذهب، وله في المناظره تصرف، وأنس بالجدل، وبحث في الطب، صار يعيد الدروس
للمتفقهة بالمدرسة بعد خروج القاضي محمد بن يحيى منها سنة سبع وستمائة.
إسحق بن إسماعيل بن نوبحت الكاتب: أبو سهل وأبو يعقوب، أحد أعيان الكتاب الممدحين
والأمناء المتصرفين، ولي بقنسرين عملاً حمد فيه أثره وشكر، ومدح فعله وذكر، فمن
ذلك ما قرأته في أشعار أبي عبادة الوليد بن عبيد البحتري من قصيدة مدحه بها أولها:
في غير شأنك بكرتي وأصيلي ... ..................
قال فيها:
إنّ العواصم قد عصمت بأبيضٍ ... ماضٍ كصدر الأبيض المسلول
ورحضت قنسربن حتى أنقيت ... جنباتها من ذلك البرطيل
إسحق بن إسماعيل الحلبي: حكى عن محمد الفيريابي حكاية رواها عنه عبد الله بن خبيق
الأنطاكي.
أخبرنا
أبو العلاء أحمد بن شاكر بن عبد الله بن سليمان إذنا قال: أخبرنا أبو القاسم بن
أبي محمد الحافظ قال: أنبأنا أبوا محمد بن الأكفاني وابن السمرقندي قالا: أخبرنا
أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا الحسن بن
حبيب قال: حدثنا أبو يعقوب - يعني المروذي - قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال:
حدثنا إسحق بن إسماعيل الحلبي قال: قال لي الفيريابي: جئت سليمان الخواص وهو
بقيسارية وهو مغطى الوجه بكساء، فجرى الحديث إلى أن قلت: قدم علينا رجل فاشترى
زيتاً فربح فيه كذا وكذا ديناراً، فكشف سليمان الكساء عن وجهه فقال: ما أكثر فضولك
يا محمد إيش تغمنا بهذا الكلام وما مائة ألف دينار لرجل عاش ألف سنة إلا أنه
يموت؟! إسحق بن أيلملك بن الأردعانسي: ويقال: ابن الأردونيسي، أبو الفضل الحنفي
أخو شيخنا عمر بن أيلملك، كانا جميعاً بحلب وأقاما بها مدة مديدة، ذكر لي ذلك
شيخنا عمر.
حدث أبو الفضل عن أبي محمد بن بري وغيره، سمع منه جماعة من طلبة الحديث بدمشق.
حرف الجيم في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن الجراح الأذني: من أهل أذنة، حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، وأبي علي
الحسين بن زياد المرزي العلاقي، ويزيد بن هرون، والحسن بن الربيع البوراني.
روى عنه أبو نصر الفتح بن شخرف بن داود الصوفي، ومحمد بن المسيب الأرغياني ويحيى
بن محمد بن صاعد، وأبو الفضل العباس بن يوسف الشكلي، وأبو سعيد حامد بن يزيد
الأذني المذحجي.
أخبرنا عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر
البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال:
أخبرنا عبد الله بن عدي قال: حدثنا ابن صاعد قال: حدثنا إسحق بن الجراح قال: حدثنا
الهيثم بن جميل قال: حدثنا عبد العزيز بن الحصين الترجماني عن عبد الكريم بن الحسن
عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قهقه أعاد الوضوء وأعاد
الصلاة.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر الغزال
قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل الطالقاني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن
طاهر الشحامي أن أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني وأبا بكر أحمد بن
الحسين بن علي البيهقي، وأبا عثمان سعيد بن البحيري، وأبا بكر محمد ابن عبد العزيز
الحيري كتبوا إليه أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثني
محمد بن سيماء قال: حدثنا محمد بن المسيب الأرغياني قال: حدثني إسحق بن الجراح -
من أهل أذنة - قال: حدثنا الحسين بن زياد قال: أخذ الفضيل بن عياض فقال لي: يا
حسين ينزل الله تبارك وتعالى كل ليلة إلى سماء الدنيا فيقول: كذب من ادعى محبتي
فإذا أجنه الليل نام عني، أليس كل حبيب يحب خلوة حبيبه، ها أنذا مطلع على أحبابي
إذا جنهم الليل مثلت نفسي بين أعينهم فخاطبوني على المشاهدة، وكلموني على حضوري،
غدا أقر أعين أحبائي في جناني.
حرف الحاء في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن حسان بن قوهي: أبو يعقوب الخريمي الغطفاني الشاعر، شاعر محسن، نزل الجزيرة
والشام، واجتاز بحلب أو ببعض عملها.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - إذناً - قال: أخبرنا أبو منصور القزار قال
أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: إسحق بن حسان بن قوهي، أبو يعقوب
الشاعر المعروف بالخريمي، جزري نزل بغداد، وأصله من خراسان من أبناء السغد، وكان
متصلاً بخريم بن عامر المري وآله، فنسب إليه، وقيل كان اتصاله بعثمان بن خريم،
وكان قائداً جليلاً وسيداً شريفاً، وأبوه خريم الموصوف بالناعم، فأما يعقوب فشاعر
محسن وله مدائح في محمد بن منصور بن زياد، ويحيى بن خالد وغيرهما، ومرات لعثمان
ابن خريم، وكان يتأله ويتدين.
وقال أبو حاتم السجستاني: الخريمي أشعر المولدين، وروى عنه شيئاً من شعره أبو
عثمان الجاحظ، وأحمد بن عبيد بن ناصح، ذكرا أنهما سمعا منه.
أنبأنا
زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن
الحسن قال: إسحق بن حسان بن قوهي، ويقال: قوهي لقب حسان أبو يعقوب الخريمي مولاهم
المر، شاعر متقدم مطبوع مشهور، له ديوان معروف، وأصله من مرو الشاهجان صغدي، نزل
الجزيرة والشام، وسكن بغداد.
وبلغني أنه قيل له: ما بال شعرك لا يسمعه أحد إلا استحسنه وقبله طبعه؟ قال: لأني
لا أجاذب الكلام إلا أن يساهلني عفواً، فإذا سمعه إنسان سهل عليه استحسانه.
وبلغني عن أبي العباس المبرد قال: كان أبو يعقوب الخريمي، واسمه إسحق بن حسان،
جميل الشعر، مقبولاً عند الكتاب، له كلام قوي، ومذهب مبسوط، وكان يرجع إلى بيت في
العجم كريم، وكان رجلاً من أبناء الصغد، وكان له ولاء في العرب في غطفان، وكان
اتصاله بمولاه ابن خريم المري الذي يقال له خريم الناعم، وكان أبو يعقوب على ظرفه
يرجع إلى إسلام، وإلى وقار، وذهبت عيناه بعد أن طلع من السبعين، وله فيهما مراثي
جيدة تتجاوز أهل عصره، وأمثال مضروبة، وقناعة واعتصام.
أنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا
قال: أما الخريمي بضم الخاء وبالياء فهو أبو يعقوب الخريمي الشاعر، اسمه إسحق بن
حسان بن قوهي من شعراء الدولة العباسية المجيدين.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرني علي بن أيوب القمي قال: أخبرنا محمد بن عمران الكاتب قال: أخبرني
الصولي قال: أنشدني عون بن محمد لأبي يعقوب الخريمي:
باحت ببلواه جفونه ... وجرت بأدمعه شؤونه
لما رأى شيباً علاه ... ولم يحن في العد حينه
فعلا على فقد الشبا ... ب وفقد من يهوى أنينه
ما كان أنجح سعيه ... وشبابه فيه معينه
واللهو يحسن بالفتى ... ما لم يكن شيبٌ يشينه
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن الفضل بن سهل الحلبي قال: أنبأنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا أبو القاسم التنوخي قال: وجدت في كتاب جدي القاضي أبي القاسم علي بن محمد
بن أبي الفهم: حدثنا حرمي بن أبي العلاء المكي قال: حدثنا إسحق بن محمد بن أبان
قال: أنشدني الزيادي لأبي يعقوب الخريمي:
لم ترعني دارٌ عفت بالجناب ... دارسٌ آيها كخطّ الكتاب
أوحشت بعد آهلٍ وأنيسٍ ... من جوارٍ خرائدٍ أتراب
واضحات الخدود كالبقر الخنّ ... س عين الحمى فروض الرّوابي
إنما راعني لذكر أي حالي ... بسجستان خادم الحجاب
قلّ عنّى غناء عقلي وديني ... ودخولي في العلم من كلّ باب
أدركتني وذاك أعظم ما بي ... بسجستان حرفة الآداب
قال: وأنشدني - يعني الزيادي - لأبي يعقوب الخريمي
قد كنت أحسبني راساً فقد جعلت ... أذنا بهم تعتنيني بالولايات
الحمد لله كم في الدهر من عجب ... ومن تصرف أحوال وحالات
بينا ترى المرء في غيطاء مشرفةٍ ... إذ زال عنها إلى دحضٍ ومومات
لا تنظرن إلى عقلٍ ولا أدبٍ ... إنّ الجدود قرينات الحماقات
أنبأنا أبو الوحش عبد الرحمن بن أبي منصور بن نسيم قال: أخبرنا علي بن الحسن بن
هبة الله قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد المطرز في كتابه، ثم أخبرني أبو القاسم
محمود بن أحمد بن الحسن التبريزي عنه قال: حدثنا أبو الوفاء مهدي بن أحمد بن محمد
البغدادي قال: حدثنا محمد بن الحسين بن موسى الصوفي قال: سمعت محمد بن طاهر
الوزيري قال: سمعت المطرفي قال: أصيب الخريمي بمصيبة في ابنه، وكان يميل إليه
فرثاه فقال:
ولو شئت أن أبكي دماً لبكيته ... عليك ولكن ساحة الصبر أوسع
وأعددته ذخراً لكل عظيمةٍ ... وسهم المنايا بالذّخائر مولع
قال
علي بن الحسن: وهذان البيتان من قصيدة للخريمي في مولاه خريم ابن عامر بن عمارة لا
في ابنه، وقد زادني أبو الحسن سعد الخير بن محمد فيها بالإجازة قال: أخبرنا
المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي ابن محمد بن السماك قال:
حدثنا أبو إسحق ابراهيم بن مخلد بن جعفر المعدل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن
درستويه قال: أنشدنا المبرد لأبي يعقوب الخريمي:
ألم ترني ابني على اللّيث بيته ... وأحثي عليه الترب لا أتخشع
ولو شئت أن أبكي دماً لبكيته ... عليه ولكن ساحة الصبر أوسع
وأعددته ذخرا لكل عظيمةً ... وسهم المنايا بالذخائر مولع
وإني وإن أظهرت مني جلادةً ... وصانعت أعدائي عليك لموجع
حرف الخاء في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن خالد بن يزيد وقيل مرثد بدل يزيد - بن قردم، أبو يعقوب الأسدي البالسي،
ويعرف بابن خلدون، وهذا مما تستعمله العوام، ويقولون في خالد خلدون وفي أحمد حمدون
على وجه الإعجاب بالمسمى.
حدث ببالس عن عبد العزيز بن عبد الرحمن الأموي البالسي، وأبي نعيم الفضل بن دكين،
وعبد الوهاب بن نجدة، ومحمد بن مصعب القرقساني، وحجاج بن محمد، وخلف بن تميم.
روى عنه أبو عمرو أحمد بن محمد بن حكيم، المعروف بابن ممك الأبرش، وآباء بكر: محمد
بن الحسن بن أحمد بن فيل الأنطاكي، ومحمد بن أحمد بن حمدون البالسي، ومحمد بن بركة
بن الفرداج برداعس الحلبي، وأحمد بن عمر بن عبد الرحمن التيمي، وأحمد بن محمد بن
هرون الخلال، وابن أبي الحديد، وأبو إسحق ابراهيم بن محمد بن أبي ثابت، وأبو عيسى
عبد الرحمن بن عبد الله ابن هرون الأنباري، وأحمد بن محمد بن زياد، وأبو الحسن
إسحق بن محمد بن ابراهيم بن حكيم، وأبو العباس يعقوب بن يوسف الشرمقاني، وأبو جعفر
أحمد ابن حسن الأصبهاني، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن موسى السوانيطي، وأبو بكر
أحمد بن عمر بن عبد الرحمن القرشي.
أخبرنا ابو الفضل مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أبي الصقر التاجر بداريا، وأبو
نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي، وأم الفضل كريمة بنت عبد الوهاب بن علي
القرشية قالوا: أخبرنا أبو يعلى بن الحبوبي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد
المصيصي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو
إسحق ابراهيم بن محمد بن أبي ثابت قال: حدثنا إسحق بن خالد البالسي قال: حدثنا
حجاج قال: قال ابن جريج أخبرني زياد أنه أخبره ثابت مولى عبد الرحمن بن زيد، وصالح
مولى التوأمة أنهما سمعا أبا هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بينما
رجل يتبختر في بردتين خسف به الأرض، فهو يتجلجل فيها إلى يوم القيامة.
أخبرنا القاضي الأمين أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى قال: أخبرنا أبو يعلى
بن كروس قال: حدثنا نصر بن ابراهيم المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي
قال: حدثنا أبو حفص عمر بن علي بن الحسن بن ابراهيم العتكي قال: حدثنا محمد بن فيل
أبو بكر قال: حدثنا إسحق بن خلدون ابن مرثد البالسي فذكر حديثاً.
أنبأنا أبو الفرج بن القبيطي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي
الحافظ قال: إسحق بن خالد بن يزيد البالسي، ويقال له إسحق بن خلدون، روى غير حديث
منكر عن جماعة من الشيوخ، ولم يتفق لي إخراج شيء من حديثه، ورواياته تدل عن من روى
عنه بأنه ضعيف.
أخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب إذناً قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي: قال أخبرنا
أبو عمر بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله بن مندة قال: إسحق بن خالد بن يزيد
البالسي مات قبل السبعين - يعني ومائتين - .
إسحق بن خلاد، أبو يعقوب التيلمي المقرئ كان مقيماً بجامع طرسوس يقرئ القرآن
العزيز، وكان زاهدا عابدا، قرأ عليه أبو عمرو عثمان بن عبد الله الكرجي الطرسوسي،
وذكره في كتاب سير الثغور.
قرأت
بخط القاضي أبي عمرو الطرسوسي: وقد رأيت في هذا المسجد - يعني الجامع بطرسوس - من
وجوه الصالحين ما لا أحصي، فممن أذكر وأعرف أبا يعقوب إسحق بن خلاد التيلمي، وقد
قرأت عليه مرارا عدة قراءات، وسمعت منه كتاب القراءات لأبي بكر بن مجاهد من أوله
إلى آخره، وفي مجلسه الذي يقرئ فيه أكثر من ثلاثين شيخا، قراء، أستاذين عباداً،
يشار إليهم بالفضل والنبل، والورع، والزهد.
فأما قوام إسحق بن خلاد فإنه كان إذا فرغ ضحى كل يوم من دراسة من يقرأ عليه صار
إلى بستان قد فارق صاحبه على أجرته لعمله في كل يوم فتل شيء من القت معلوم بثلثي
درهم، ينفق من ذلك في مؤونته ومؤونة زوجته ثلث درهم، ويتصدق بما بقي، ولم يذق شيئا
من الفاكهة بيده أربعين سنة، وعمله في البساتين، وهو يسرد الصوم خمسين سنة، وهذا
دأبه.
إسحق بن داود بن صبيح المصيصي: أخو أبي جعفر محمد بن داود من أهل العلم والرواية،
وله ذكر في كتاب طبقات أصحاب أحمد بن حنبل.
ذكر أبو الحسين بن الفراء أخاه أبا جعفر محمد بن داود وعرفه بأخيه فقال: أبو جعفر
محمد بن داود بن صبيح المصيصي أخو إسحق.
حرف الراء في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن راشد أبو سليمان الحراني القرشي مولاهم، سمع الزهري برصافة هشام - إن ثبت
سماعه منه فان الجزريين سمعوا منه برصافة هشام - وزار بيت المقدس، فاجتاز بحلب، أو
ببعض عملها في طريقه من حران إليها.
وذكره أبو القاسم علي بن الحسن في تاريخ دمشق بما أخبرنا به ابن أخيه أبو البركات
الحسن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو
القاسم قال: إسحق بن راشد أبو سليمان الحراني مولى عمر بن الخطاب، ويقال مولى بني
أمية، حدث عن: الزهري، وعمرو بن وابصة، وقيل عن سالم عن عمرو، وعبد الحميد بن عبد
الرحمن بن زيد بن الخطاب.
روى عنه معمر بن راشد، وعبيد الله بن عمرو الرقي، وموسى بن أعين، وعتاب بن بشير،
وابراهيم بن المختار، وسليمان بن صهيب العطار الرقي، والقاسم بن غزوان، وسلمة بن
الفضل الأبرش.
وزار بيت المقدس، فاجتاز بدمشق، أو بأعمالها.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد أبي الفضل عن أبي محمد بن حمزة قال: أنبأنا
أبو بكر الخطيب قال: إسحق بن راشد أبو سليمان، مولى عمر بن الخطاب، من أهل حران،
حدث عن ابن شهاب الزهري، روى عنه عتاب بن بشير، وعبيد الله بن عمرو، وموسى بن
أعين.
وذكر بعض أهل العلم أنه أخو معمر بن راشد، وذلك وهم، ليس بين معمر وإسحق قرابة في
النسب، لكن إسحق هو أخو النعمان بن راشد، ولا نعرف لمعمر أخاً، فالله أعلم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو
الغنائم بن النرسي في كتابه.
ثم حدثني أبو الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرونه وأبو الحسين بن
الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي واللفظ له قالوا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال:
أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: إسحق بن راشد أخو
النعمان بن راشد، نسبه محمد بن راشد، قال أحمد: لا أعلم بينهما قرابة، ولا أراه
حفظه، ويقال الحراني، مولى بني أمية، عن الزهري، سمع منه عتاب بن بشير ومعمر.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا وجيه بن طاهر الشحامي في كتابه قال: أخبرنا
أحمد بن عبد الملك بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي بن السقاء، وعبد الرحمن
بن محمد بن أحمد بن بالوية قالا: حدثنا أبو العباس الأصم قال: سمعت العباس بن محمد
الدوري يقول: سمعت يحيى يقول: إسحق بن راشد ليس بينه وبين معمر بن راشد قرابة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - اجازة ان لم
يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال:
أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: وإسحق بن راشد جزري، حسن الحديث،
ومعمر بن راشد بصري وقع باليمن، ليس بينهما قرابة.
قال ابن طبرزد: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي اذنا عن أبي محمد الجوهري عن
أبي عمر بن حيوية قال: حدثنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا ابراهيم بن الجنيد
قال: سمعت يحيى بن معين يقول: النعمان بن راشد جزري، وإسحق بن راشد جزري ليس بأخذه
ولا بينهما قرابة ولا رحم.
قلت
ليحيى بن معين: أيهما أعجب اليك؟ قال: ليس هما في الزهري بذاك، قلت: ففي غير
الزهري؟ قال: ليس بإسحق بأس.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: - في
نسخة الكتاب - أخبرنا به أبو عبد الله الخلال شفاها قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن
مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله إجازة، وأبو طاهر بن سلمة قراءة قال: أخبرنا علي
بن محمد قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال: حدثنا عبد الله بن أحمد - فيما كتب إلي -
قال: وسئل أبي وأنا أسمع عن إسحق بن راشد والنعمان بن راشد فقال: ليس هما بأخوين،
إسحق رفي، والنعمان جزري، ولا أعلم بينهما قرابة، وإسحق أحب إلي وأصح حديثا من
النعمان، هو فوقه.
قال: وسألت أبي عن إسحق بن راشد فقال: شيخ، قلت هو أخو النعمان بن راشد؟ فقال: لم
يصح عندي أنهما أخوان.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب في كتابه عن محمد بن عبد الباقي الأنصاري عن
أبي محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن جعفر قال:
حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: وسمعت عبيد الله بن
عمرو، وأبا الميح يقولان قال: إسحق بن راشد: بعث محمد بن علي بن زيد بن علي إلى
الزهري قال: يقول لك أبو جعفر استوص بإسحق خيرا، فانه منا أهل البيت.
قال عبيد الله بن عمرو: وكان إسحق - يعني ابن راشد - صاحب مال، فأنفق عليهم أكثر
من ثلاثين ألف درهم ورثها من أبيه.
قال: ثم احتاج بعد فما أصاب عندهم خيرا.
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: إسحق بن راشد جزري، ومعمر بن راشد بصري ليس بينهما
رحم، والنعمان بن راشد ثقة.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد عن أبي بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح المؤذن
قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي بن السقاء، وعبد الرحمن بن محمد بن أحمد بن بالويه
قالا: حدثنا أبو العباس الاصم قال: سمعت العباس بن محمد الدوري يقول: وسمعت يحيى
يقول: إسحق بن راشد ثقة. زاد ابن السقاء في موضع آخر: سمعت يحيى يقول: إسحق بن
راشد صالح الحديث.
أخبرنا ابن المقير اجازة عن الفضل بن سهل عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا عبد الله
بن يحيى بن عبد الجبار قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: أخبرنا جعفر بن
محمد بن الأزهر قال: حدثنا المفضل بن غسان الغلابي قال: إسحق بن راشد ثقة.
أخبرنا ابن طبرزد اذنا عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري
قال: أخبرنا ابو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب
بن سفيان قال: وإسحق بن راشد صالح الحديث.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار
البقال قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن أحمد
قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: قال يحيى بن معين:
وإسحق بن راشد الجزري ثقة.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا محمد ابن علي
الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البانسيري قال: حدثنا الاحوص بن المفضل قال:
أخبرنا أبي قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد العامري - وذكر إسحق ابن راشد، يعني -
فقال: مولى بني أمية.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي عن أبي بكر
البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر - فيما
قرأته عليه - قال: وسئل يعني أبا بكر محمد بن إسحق بن خزيمة عن إسحق بن راشد
الجزري الذي يروي عن الزهري فقال: لا يحتج بحديثه.
قال البيهقي: أخبرنا أبو عبد الله قال: قلت للدارقطني: فإسحق بن راشد الجزري؟ قال:
تكلموا في سماعه من الزهري وقالوا: انه وجد في كتابه والقول عندي قول مسلم فيه.
أخبرنا
أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسين كتابة قال: أخبرنا علي بن أبي محمد هبة الله
قال: أخبرنا أبو سعد إسماعيل بن ابي صالح الكرماني وأبو الحسن مكي بن أبي طالب
الهمذاني قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال:
أخبرنا عبد الرحمن بن حمدان الجلاب بهمذان قال: حدثنا ابراهيم بن نصر قال: حدثنا أبو
الوليد الطيالسي قال: حدثني صاحب لي من أهل الري يقال له أشرس قال: قدم علينا محمد
بن إسحق فكان يحدثنا عن إسحق ابن راشد، فقدم علينا إسحق بن راشد فجعل يقول: حدثنا
الزهري، حدثنا الزهري، قال: فقلت له: اين لقيت ابن شهاب؟ قال: لم ألقه، مررت ببيت
المقدس فوجدت كتابا له ثم.
أخبرنا ابن طبرزد - فيما أجاز لنا روايته عنه - قال: أخبرنا أبو القاسم بن
السمرقندي - اجازة ان لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا
أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان
قال: سمعت عليا يقول: أخبرني عبد الجبار الخطابي قال: أخبرني مولى لنا عن إسحق بن
راشد قال: قال لي ابن شهاب: هل بقي أحد عنده علم؟ قال: قلت: نعم، رجل من أهل
الكوفة يقال له سليمان الأعمش، قال: هات حدثني عنه، قال: فقلت: لا أحفظ، ولكن ان
شئت جئتك بكتاب عندي، قال: هاته، فجئته بكتاب، فقرأه فقال: ويحك ما كنت أرى بقي
أحد يحسن هذا.
أخبرنا أبو عبد الله محمد.... قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين ابن محمد بن مودود
الحراني، في الطبقة الثانية من التابعين: إسحق بن راشد، عقبة بحران، وولده ينسبون
إلى ولاء عمر بن الخطاب، ذكر بعضهم أنه مات بسجستان، أحسبه قال: في خلافة أبي جعفر
المنصور، وجل حديثه عند موسى ابن أعين، وقد روى عنه عتاب بن بشير، وعبيد الله بن
عمرو وغيرهم.
حرف السين في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن سفيان بن زياد: أبو يعقوب: حدث بالمصيصية عن يوسف بن سعيد بن مسلم
المصيصي، روى عنه القاضي محمد بن أحمد الهاشمي المصيصي.
إسحق بن سليمان بن علي بن عبد الله بن عباس: أبو يعقوب الهاشمي، ولي الثغور
الشامية، وهو أول من جمعت له الثغور الشامية.
وذكر أبو بكر محمد بن يحيى الصولي في كتاب الاوراق أنه ولد إسحق بن سليمان بن علي
في سنة تسع وثلاثين ومائة.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي غالب بن بشران قال:
أخبرنا أبو الحسن المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا ابراهيم ابن محمد
بن عرفة قال: سنة أربع وتسعين فيها كان الظفر بأهل حمص بعد شدة شوكة وامتناع شديد،
وبعد اخراجهم إسحق بن سليمان وايقاعهم به أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال:
أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب أبو بكر قال: إسحق بن
سليمان بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أبو يعقوب الهاشمي، كان من
أولي الأقدار العالية، وولي لهرون الرشيد المدينة والبصرة ومصر والسند، وولي لمحمد
الأمين حمص وأرمينية.
وذكر أحمد بن محمد بن حميد الجهمي النسابة أنه مات ببغداد.
حرف الصاد في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب الهاشمي: كان بحلب، وولي
الشام في أيام الرشيد، وكان موصوفا بالمروءة والشدة.
وسير إلى بعض الشراف الأفاضل العباسيين بحلب جزءاً بخط القاضي أبي طاهر صالح بن
جعفر الهاشمي الصالحي، قاضي حلب، يتضمن نسب بني صالح بن علي، فذكر فيما قرأته فيه:
انه - يعني إسحق بن صالح - كان موصوفا بالجلد والشدة، لم يكن يعرف له شبيه في
شدته، وله أخبار كثيرة قد تحدث بها الناس واشتهر ذكرها، ولد بالرصافة، ومات بسلمية
عند أخيه عبد الله، وذكر أن أمه أم ولد يقال لها توفيق.
وقع إلى مدرج بخط الشريف هادي بن إسماعيل بن الحسن بن علي بن الحسن الحسيني، كتبه
ووضعه وذهبه للسلطان محمد بن ملكشاه، في النسب، فوجدت فيه ذكر جماعة من بني صالح
بن علي، وذكر فيهم إسحق بن صالح فقال: امه مروة، ويقال توفيق، أم ولد، صاحب الشام،
له مروءة، وكان إذا ركب الرشيد ركب هو في زي أحسن منه، فحرص الرشيد على هلاكه،
وأعدته برذوناً جموحا في باب ضيق، وأمره بركوبه، فجذبه إسحق، فخافه الرشيد فقال
له: أخرج عني وولاه الشم.
وقرأت
في كتاب مشجرة ولد العباس رضي الله عنه لأبي المنذر علي بن الحسين ابن طريف
النسابة الكوفي، بخط أبي الحسن علي بن محمد بن علي العلوي العمري المعروف بابن
الصوفي، أم إسحق تدعى توفيق، وكان شديد العارضة، ذا مروءة، وكان الرشيد إذا ركب،
ركب هو بأحسن زي منه، فحرص الرشيد على قتله، فأعد له برذوناً جموحاً في باب ضيق،
وأمره بركوبه، ثم قال له: ادخل الباب، فجذبه إسحق فقطعه، فقال له الرشيد: اخرج
عني، وولاه اليمامات.
قلت كذا رأيته بخط العمري النسابة اليمامات وعليه ضبة، والصحيح وولاه الشامات.
إسحق بن الضيف: وقيل إسحق بن ابراهيم بن الضيف الباهلي أبو يعقوب البصري العسكري،
روى عن محمد بن كثير المصيصي، وحجاج بن محمد الأعور، وأبي مسهر الدمشقي، ومعاوية
بن عمرو، وعبد الرزاق وعبد الوهاب ابني همام الصنعانيين، ويزيد بن أبي حليم
العدني، ويعلى بن عبيد الطنافسي، ومحمد بن منيب العدني، وخالد بن مخلد الفطواني،
وأبي عاصم النبيل، وعثمان بن عمر ابن فارس، وروح بن عبادة، وأيوب بن علي، وزيد بن
السكن الجندي، وعمر ابن سهل المازني، وأبي عبد الله محمد بن الحجاج المصفر
البغدادي، ومنصور بن أبي نويرة، وعمر بن عاصم الكلابي، وبشر بن الحارث الحافي،
وابراهيم بن الحكم بن أبان، وسليمان بن حرب، وأبي الاسود.
وحدث بحلب وعملها فروى عنه من أهلها: أبو العباس يحيى بن علي بن هاشم الكندي،
وصالح بن علي الناطلي، وعمر بن محمد بن نصر، ومحمود بن محمد الحلبيون، وأبو محمد
عبد العزيز بن سليمان بن عبد العزيز الحرملي، وأبو عيسى الحسين بن ابراهيم بن عامر
المعروف بابن أبي عجرم المقرئ الانطاكيان، ومن غيرهم أبو مسعود عبد الرحمن بن
الحسين الصابوني، وأحمد بن يحيى بن زهير التستريان، وأبو داود سليمان بن الأشعث
السجستاني، وأبو الأصبغ عبد العزيز ابن سعيد الهاشمي، ومحمد بن نوح الجند يسابوري،
وأبو الطيب محمد بن أحمد ابن حمدان الرسعني، وعبد الله بن إسحق المدائني، وأبو بكر
محمد بن ابراهيم ابن نيروز الأنماطي، ومحمد بن العباس بن الأخرم المديني وأبو بكر
أحمد بن عبد الله بن محمد الوكيل، وأبو بكر أحمد بن عبد الرحمن بن الجارود الرقي،
والهيثم بن خلف الدوري، وإسحق بن عبد الله بن سلمة، ومحمد بن عبد الله بن عرس
المصري، ومحمد بن يعقوب الأهوازي، ومحمد بن زريق بن جامع المديني المصري، وأحمد بن
ابراهيم بن الحكم، ومحمد بن عزرة، والفضل ابن الحسين الأهوازي، وأبو حاتم الرازي،
وعمر بن حفص بن عمرويه، ومحمد ابن محمد بن يحيى الفريابي، وأبو الحسن قسطنطين بن
عبد الله الرومي مولى المعتمد، وهيثم بن مجاهد، وعبيد الله بن محمد الكوفي، ومحمد
بن الحسن بن قتيبة.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا
أبو يعلى حمزة بن أحمد بن فارس بن المنجا بن كروس السلمي قال: حدثنا الفقيه الزاهد
نصر بن ابراهيم بن نصر المقدسي قال: أخبرنا أبو المعمر مسدد بن علي بن عبد الله
الحمصي قال: حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن سليمان بن عبد العزيز الحرملي،
بالحرملية، أن إسحق بن الضيف حدثهم قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن
همام بن منبه أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: المعدن
جبار، والنار جبار، والعجماء جبار، وفي الركاز الخمس.
أخبرنا أبو الحسن بن المقير - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - عن الفضل بن سهل الحلبي
قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن القاسم النرسي قال:
أخبرنا محمد بن عبد الله بن ابراهيم الشافعي قال: حدثنا هيثم بن مجالد قال: حدثنا
إسحق بن الضيف قال: قال لنا بشر بن الحارث: انك قد أكثرت مجالستي ولي اليك حاجة،
انك صاحب حديث وأخاف أن تفسد علي قلبي، فأحب أن لا تعود إلي فلم أعد إليه.
أنبأنا زين الامناء أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم بن الحسن قال:
كتب إلي أبو زكرياء يحيى بن عبد الوهاب بن مندة: وحدثني أبو مسعود عبد الجليل بن
محمد، وأبو بكر محمد بن شجاع عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله
قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: إسحق بن الضيف الباهلي، بصري قدم مصر وكتبت عنه.
وأنبأنا
زين الأمناء قال: أخبرنا عمي قال: في نسخة ما أخبرنا به أبو عبد الله الخلال شفاها
قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن
محمد.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله إجازة قالا: أخبرنا ابن أبي
حاتم قال: إسحق بن ابراهيم بن الضيف الباهلي روى عن عبد الرزاق وعبد الوهاب ابني
همام، وابراهيم بن الحكم بن أبان، ومحمد بن منيب، روى عنه أبي، وسئل عنه أبو زرعة
فقال: صدوق.
حرف العين في آباء من اسمه إسحق
ذكر من اسم أبيه عبد الله إسحق بن عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله بن سلمة: أبو
يعقوب البزاز الكوفي، رحل إلى الشام، وسمع بمعرة النعمان محمد بن تمام بن عياش
التنوخي، وبالمصيصة أحمد بن مطهر المصيصي، وحدث عنهما وعن محمد بن زياد الزيادي،
ومحمد بن عبد الرحيم المصري، وأبي حاتم محمد بن إسحق الرازي، وأحمد بن ثابت
الخجندي، وأبي قرصافة العسقلاني، ويحيى بن معلى بن منصور، ويوسف بن موسى القطان،
ومحمد بن جابر المحاربي.
روى عنه: علي بن محمد بن لؤلؤ، وأبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ، ومحمد بن الحسن
بن مقسم المقرئ، ومحمد بن المظفر الحافظ، ومحمد ابن علي الناقد.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: إسحق بن عبد الله بن ابراهيم بن عبد الله بن سلمة أبو يعقوب البزاز
الكوفي، سكن بغداد في قطيعة الربيع، وحدث بها عن محمد بن زياد الزيادي وأحمد بن
ثابت الخجندي، وأبي بجير محمد بن جابر المحاربي، ويوسف بن موسى القطان، ومحمد بن
عبد الرحيم المصري المعروف ببنان، وأحمد بن المطهر المصيصي، ويحيى بن معلى بن
منصور، وأبي حاتم الرازي، وأبي قرصافة محمد بن عبد الوهاب العسقلاني.
روى عنه محمد بن الحسن بن مقسم المقرئ، ومحمد بن علي بن حبيش الناقد، ومحمد بن
المظفر، وعلي بن محمد بن لؤلؤ وغيرهم، وكان ثقة، سافر إلى الشام ومصر، وكتب عن
شيوخ تلك البلاد، وصنف المسند، واستوطن بغداد إلى حين وفاته.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - قراءة عليه بحلب وأنا أسمع - قيل له:
أخبركم الوزير أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو القاسم
إسماعيل بن مسعدة بن إسماعيل الاسماعيلي.
قال ابن طبرزد: وأخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي، وابن مسعود
المجلي وغيرهما - إجازة إن لم يكن سماعاً منهم، أو من أحدهم، كلهم عن أبي القاسم
الاسماعيلي سماعاً قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف قال: سألت الدارقطني عن
إسحق بن عبد الله، أبي يعقوب الكوفي البزاز، فقال: ثقة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد قال: حدثنا محمد بن العباس قال: قرئ على ابن
المنادي وأنا أسمع قال: ومات أبو يعقوب إسحق بن ابراهيم الكوفي في يوم الاربعاء
لأربع عشرة خلت من شوال سنة سبع وثلاثمائة، أحد الثقات.
قلت نسبه ابن المنادي إلى جده ابراهيم ولم يذكر أباه.
إسحق بن عبد الله بن أبي فروه: وقيل ابن عبد الله بن محمد بن أبي فروة ذكره ابن
عدي عن أحمد بن شبويه بن ثابت الخزاعي المروزي. واسم أبي فروة عبد الرحمن، وقيل
كيسان بن الأسود بن سوادة، وقيل الأسود بن عمرو بن رياش، أبو سليمان القرشي
المدني، من أهل المدينة، مولى عثمان بن عفان رضي الله عنه.
كان يصحب صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بحلب وغيرها من بلاد الشام حكى عن
معاوية بن أبي سفيان، وحدث عن محمد بن المنكدر، ونافع مولى عبد الله ابن عمر، وزيد
بن أسلم، والزهري، وعمرو بن شعيب، ومجاهد بن جبر، ومحمد بن يوسف المدني مولى عمرو
بن عثمان، وخارجة بن زيد بن ثابت، وعبد الرحمن بن هرمز الأعرج، وموسى بن وردان،
وزيد بن أسلم، وأبي الزبي، وابراهيم بن محمد بن أسلم، وابراهيم بن عبد الله بن
حنين، وعيسى بن عبد الرحمن بن أبي ليلى، ومالك بن أنس، ومكحول الفقيه، ورزيق بن
حكيم الإيلي.
روى
عنه محمد بن شعيب، والليث بن سعد، ويحيى بن حمزة، وعمرو بن الحارث، وعمر بن عبد
الواحد، واسماعيل بن عياش، وعبد الله بن لهيعة، والوليد بن مسلم، وأبو بكر بن أبي
سبرة، ومروان بن جناح، وابراهيم بن محمد بن أبي يحيى، والقاسم بن هزان الخولاني،
وشعيب بن أبي حمزة الحمصي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي بحلب قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد
الرحمن، وشهدة بنت أحمد بن الآبري.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش المعدل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل بن
أحمد الطوسي قالوا: حدثنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن
بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: حدثنا العباس
بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا بسرة بن صفوان قال: حدثنا أبو معشر عن إسحق بن عبد
الله بن أبي فروة قال: من لم يبال ما قال ولا ما قيل فيه فهو لولد شيطان أو ولد
غية.
أخبرنا أبو حفص بن طبرزد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - عن أبي بكر محمد بن عبد
الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال:
أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال:
أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا عبد السلام بن حرب عن إسحق بن عبد الله بن أبي
فروة قال: خطبنا معاوية وعليه ثوب أخضر.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد
الرحمن بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور
السمعاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد
بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا الحسن بن هرون قال:
حدثنا داود بن رشيد قال: حدثنا بقية عن عتبة بن أبي حكيم عن إسحق بن عبد الله بن
أبي فروة أنه جلس بالمدينة في مجلس الزهري، فجعل إسحق يقول: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال الزهري: قاتلك الله يا بن
أبي فروة ما أجرأك على الله، أسند حديثك، تحدثوننا بأحاديث ليست لها خطم ولا أزمة.
أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن
الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال:
أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني سليمان ابن عبد الرحمن
قال: حدثنا ابن وهب عن حرملة بن عمران عن سليمان بن حميد قال: كتب إسحق بن أبي
فروة إلى عمر بن عبد العزيز يستأذنه في القدوم عليه، فكتب: الشقة بعيدة، والطأة
ثقيلة، والنيل قليل، وأنا عنك راض.
كتب إلينا أحمد بن أزهر السباك أن أبا بكر محمد بن عبد الباقي أخبرهم قال: أخبرنا
أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحق
بن ابراهيم بن الخليل الجلاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن
سعد قال: في الطبقه الخامسة من أهل المدينة: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، ويكنى
أبا سليمان، وكان أبو فروة مولى لعثمان بن عفان، ويقولون أن عبيد الحفار جاء بأبي
فروة عبداً مكانه فأعتقه عثمان بعد ذلك، وكان أبو فروة يرى رأي الخوارج، وقتل مع
ابن الزبير، فدفن في المسجد الحرام.
وقال بعض ولده: انه من بلي، وأن اسمه الأسود بن عمرو، وكان ابنه عبد الله بن أبي
فروة مع مصعب بن الزبير بن العوام بالعراق، وكان مصعب يثق به فأصاب معه مالاً
عظيماً.
وكانت لإسحق بن عبد الله حلقة في مسجد رسول الله صلى الله عليه، يجلس إليه فيها
أهله، وهم كثير بالمدينة، وكان إسحق مع صالح بن علي بالشام، فسمع منه الشاميون، ثم
قدم المدينة فمات بها سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة أبي جعفر، وكان إسحق كثير
الحديث، يروي أحاديث منكرة، ولا يحتجون بحديثه.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو
عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر
بن أبان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة
الرابعة من أهل المدينة إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، ويكنى أبا سليمان، مولى لآل
عثمان بن عفان، مات بالمدينة سنة أربع وأربعين ومائة.
أنبأنا
أبو اليمن بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن،
وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد
بن إسحق قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن إسحق قال: حدثنا خليفة بن خياط في طبقات أهل
المدينة قال: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة يكنى أبا سليمان مولى عثمان بن عفان،
مات سنة أربع وأربعين ومائة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله البغدادي إذناً عن أبي الفضل محمد بن ناصر
السلامي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن
النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - قال ابن خيرون - ومحمد
الحسن الأصبهاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: قال لنا
أبو عبد الله البخاري: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، أبو سليمان، مولى عثمان بن
عفان، مدني قرشي، قال ابن سهل: تركه.
قال ابن ناصر: أخبرنا أبو الفضل المكي إجازة قال: أخبرنا أبو حاتم الوائلي قال:
حدثنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني
أبي قال: أبو سليمان إسحق بن أبي فروة مدني متروك، أخبرنا معاوية ابن صالح عن يحيى
بن معين قال: إسحق بن أبي فروة مدني لا يكتب حديثه، ليس بشيء.
أنبأنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر الشقاني
قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو سليمان إسحق بن عبد
الله بن أبي فروة المدني ضعيف الحديث.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - قراءة عليه بالقاهرة - قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: سمعت القاضي أبا الفتح إسماعيل
بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد
الخليلي الحافظ يقول: إسحق بن عبد الله بن محمد بن أبي فروة المدني غير متفق عليه،
ولا مخرج في الصحاح، روى عن مالك.
أنبأنا أبو الفرج بن القبيطي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي
قال: حدثنا علي بن أحمد بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: سمعت
يحيى بن معين يقول: إسحق بن أبي فروة ليس بشيء لا يكتب حديثه.
قال ابن عدي: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني معاوية بن صالح عن يحيى بن
معين قال: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة مديني، حديثه ليس بذاك، وفي موضع آخر لا
يكتب حديثه، ليس بشيء.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر، ومحمد بن أحمد - يعني ابن حماد - وعبد
الملك بن محمد قالوا: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى بن معين يقول: عبد الحكيم بن عبد
الله بن أبي فروة، وعبد الأعلى بن أبي فروة، وآخر من بني فروة، وقال ابن حماد:
وصالح بن عبد الله بن أبي فروة ثقات إلا إسحق، وأبو علقمة عبد الله بن محمد الفروي
ابن عمهم وهو ثقة.
قال ابن عدي: حدثنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال: سمعت أحمد بن
حنبل يقول: لا تحل عندي الروايه عن إسحق بن أبي فروة؛ قال: ما هو بأهل أن يحمل
عنه، ولا يروى عنه.
وقال: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا إسماعيل بن إسحق قال: حدثنا علي قال: إسحق بن عبد
الله بن أبي فروة مديني منكر الحديث.
وقال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى بن العراد قال: حدثنا يعقوب بن أبي شيبة قال:
سمعت علي بن عبد الله يقول لم يدخل مالك في كتبه ابن أبي فروة.
وقال: حدثنا محمد بن يحيى بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال:
حدثنا محمد بن عاصم بن حفص - وكان من ثقات أصحابنا - قال: حججت ومالك حي، فلم أر
أهل المدينة يشكون أن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة متهم، قلت له: في ماذا؟ قال:
في الاسلام.
قال: وقال عمرو بن علي: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة متروك الحديث.
أنبأنا
سعيد بن هاشم بن أحمد عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا
محمد بن الحسين بن الفضل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قالا: أخبرنا أحمد بن علي
الأبار قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عبد الحكم قال: سمعت محمد بن عاصم المصري -
وكان من أهل الصدق - قال: قدمت المدينة ومالك بن أنس حي، فلم أر أهل المدينة يشكون
أن إسحق بن أبي فروة متهم على الدين.
قال أحمد بن علي الحافظ: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا أبو الفضل ابن
خميرويه قال: أخبرنا أبو علي الأنصاري قال سمعت محمد بن عبد الله بن عمار يقول:
إسحق بن أبي فروة ضعيف وقال في موضع آخر عن محمد بن عبد الله ابن عمار: إسحق بن
عبد الله بن أبي فروة ضعيف ذاهب.
كتب إلينا أبو القاسم بن محمد الأنصاري أن أبا المظفر عبد المنعم بن عبد الكريم
أخبرهم قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت
أبا عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا عبد الله محمد بن يعقوب الشيباني يقول: سمعت
أبا بكر محمد بن إسحق بن خزيمة يقول: سمعت أحمد ابن الحسن الترمذي يقول: سمعت أحمد
بن حنبل يقول: لا أكتب حديث أربعة: موسى بن عبيدة، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم
وجويبر بن سعيد، وإسحق بن عبد الله بن أبي فروة.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن
قال: في نسخة ما أخبرنا أبو عبد الله الخلال - إذنا - قال: أخبرنا أبو القاسم بن
مندة قال أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا ابن أبي حاتم قال:
سمعت أبي يقول: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة ذاهب الحديث، متروك الحديث، وسمعت
أبا زرعة يقول: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة ذاهب الحديث، متروك الحديث، وكان في
كتابنا حديث عنه فلم يقرأه علينا وقال: أضعف ولد أبي فروة إسحق، وقال: ذكر أبي عن
إسحق بن منصور الكوسج عن يحيى بن معين أنه قال: إسحق بن أبي فروة لا شيء، قال:
وحدثنا علي بن الحسن الهسنجاني قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إسحق بن أبي فروة
كذاب.
ذكر أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن هانئ الكتاني أنه سأل أبا حاتم الرازي عن
إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، أبي سليمان المديني، مولى عثمان بن عفان، فقال:
ضعيف الحديث.
أنبأنا أبو المحاسن قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال:
حدثنا عبد العزيز بن أحمد لفظاً عن أبي نصر بن الجبان عن أحمد بن القاسم الميانجي
قال: حدثني أحمد بن طاهر بن النجم قال: أخبرنا أبو عثمان سعيد بن عمر قال: وكان
أبو زرعة قد أخرج أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين، فنسخت هذه الأسامي من
كتابه الذي ناولني من يده بخطه، ولم أسمعه منه ومنهم: إسحق بن عبد الله بن أبي
فروة.
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن بطريق بن بشرى قال: أخبرنا أبو تمام
علي بن محمد بن الحسن، وأبو الغنائم بن الدجاجي في كتابيهما عن أبي الحسن
الدارقطني قال: قال أبو القاسم: وأخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو ياسر
محمد بن عبد العزيز بن عبد الله الخياط قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن غالب
الخوارزمي - إجازة - قال: هذا ما وافقت عليه أبا الحسن الدارقطني، من المتروكين
فذكرهم وفيهم: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، زاد ابن بطريق: متروك، قالا: وله
ثلاثة أخوة ثقات وابن عمهم أبو علقمة ثقة.
أخبرنا عبد الصمد بن الحرستاني إذنا عن أبي الحسن علي بن المسلم الفقيه قال:
أخبرنا أبو الفرج الاسفرائيني قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا الحسن ابن رشيق
قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، متروك
الحديث، ثم ذكره النسائي في الطبقة العاشرة من أصحاب نافع المتروك حديثهم.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال:
أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: باب من يرغب عن الرواية
عنهم، وكنت أسمع أصحابنا يضعفونهم منهم: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة، وآل أبي
فروة كل من حدث عنه ثقة إلا إسحق بن أبي فروة لا يكتب حديثه.
كتب
إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل أن زاهر بن طاهر الشحامي أخبرهم عن
أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن
جعفر قال: سئل أبو بكر محمد بن إسحق عن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة فقال: لا
أحتج بحديثه، وهم أخوة: إسحق، وعبد الحكيم، وعبد الأعلى بنو أبي فروة.
أنبأنا زين الأمناء بن عساكر قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن
الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي ورشاء بن
نظيف قالا: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن محمد البصري قال: أخبرنا محمد بن محمد بن
داود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: إسحق ابن أبي فروة كذاب.
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن أبي البركات في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر
الأصبهاني قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز الكتاني قال:
أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: حدثنا أبو هاشم السلمي قال: حدثنا القاسم ابن
عيسى العصار قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: إسحق بن أبي
فروة، سمعت ابن حنبل يقول: لا يحل الكتاب عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أنبأنا زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو
الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد
البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: أخبرنا أبي قال وحدث
الواقدي عن محمد بن سلمة بن بخت عن إسحق بن أبي فروة وليس بثقة عند يحيى بن معين.
وقال الأنماطي: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار البقال قال: أخبرنا أبو العلاء
محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد بن موسى البابسيري
قال: أخبرنا أبو أمية الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا
يحيى بن معين قال: إسحق بن أبي فروة، والحكم الايلي، وابن أبي يحيى لا يكتب
حديثهم.
وقال الأنماطي: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: حدثنا
يوسف بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال:
حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثني أبو غسان قال: جاءني علي بن المديني فكتب عني عن
عبد السلام بن حرب أحاديث إسحق بن أبي فروة فقلت: أي شيء تصنع بها؟ قال: أعرفها لا
تفلت.
أنبأنا أبو حفص الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن
سماعاً - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: حدثنا عبد الواحد ابن محمد بن
عثمان قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن موسى قال: حدثنا إسماعيل بن إسحق قال: سمعت
علي بن المديني يقول: إسحق بن عبد الله بن أبي فروة - يعني منكر الحديث - .
أخبرنا ابن طبرزد إذنا عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسن محمد ابن محمد
بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن
محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: أخبرني مصعب ابن عبد الله قال: كان عبد
الله بن أبي فروة كاتباً لمصعب بن الزبير، وأبو فروة كيسان، وكان الخيار من رقيق
الإمارة الذين يحفرون القبور، فجاء بأبي فروة فدفعه إلى عثمان بن عفان في خلافته،
فأخذه فأعتقه وخلى سبيل الخيار، فقال ابن الكوسج:
شهدت بإذن الله أن محمداً ... رسولٌ من الرحمن غير مكذب
وأن بني صياد ردوا لأصلهم ... وأن حنيناً كان عبد المثقب
وأن ولاء طيسٍ على رغم أنفه ... لشماس عبد السوء في شر منصب
وأن ابن كيسان الذي كان كاتباً ... عبيدٌ لحفار القبور بيثرب
يعني عبد الله بن أبي فروة، وكان كاتباً لمصعب.
أنبأنا
أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي قال: أخبرنا أبو الفضل بن
خيرون، وأبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي، وأبو الغنائم بن النرسي -
واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون - وأبو الحسين
الأصبهاني قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد ابن سهل قال: أخبرنا محمد
بن إسماعيل البخاري قال: قال لي أحمد ابن أبي الطيب عن ابن أبي الفديك مات - يعني
إسحق بن أبي فروة - سنة ست وثلاثين ومائة.
هكذا نقل البخاري في تاريخه وفاة إسحق بن أبي فروة، والصحيح أنه مات سنة أربع
وأربعين ومائة، وقد ذكرنا ذلك عن محمد بن سعد كاتب الواقدي، وأخبرنا أحمد بن محمد
بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب المارودي
قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: حدثنا أحمد بن إسحق النهاوندي قال: حدثنا
أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة أربع
وأربعين ومائة، فيها مات إسحق بن عبد الله ابن أبي فروة.
أنبأنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال:
أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد
الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع أن إسحق بن عبد الله بن أبي فروة مولى
عثمان بن عفان نزل المدينة، ضعيف، توفي سنة أربع وأربعين ومائة.
وقال ابن قانع: سنة ست وثلاثين ومائة ابن أبي فروة - يعني قيل انه مات فيها - .
أنبأنا عمر بن محمد المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن أبي الحسن محمد بن محمد بن
مخلد قال: أخبرنا علي بن محمد بن خزفة قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن
أبي خيثمة قال: ويقال أن إسحق بن عبد الله توفي سنة أربع وأربعين ومائة في خلافة
أبي جعفر.
إسحق بن عبد الله الاذني: من أهل اذنه، روى عنه أحمد بن حنبل.
إسحق بن عبد الله البوقي: من أهل بوقة من قرى أنطاكية حدث عن عيسى بن يونس، وداود
بن عبد الرحمن، وسفيان بن عيينة، ومالك بن أنس.
روى عنه: محمد بن الخضر بن علي، وهلال بن العلاء.
أنبأنا عبد الجليل بن أبي غالب قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو
عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله محمد بن إسحق بن مندة قال: إسحق بن عبد
الله، أبو يعقوب البوقي، وبوقة قرية من قرى أنطاكية، روى عن هشيم، وابن عيينة،
ومالك.
روى عنه هلال بن العلاء الرقي، ومحمد بن الخضر بمناكير.
إسحق بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن ابراهيم بن عامر بن عائذ: أبو يعلى
الصابوني النيسابوري، أخو أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني.
كان واعظاً مذكراً، له قبول عند الناس، لطيف المعاشرة، حسن الأخلاق، قدم حلب صحبة
أخيه أبي عثمان سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائه حاجين على طريق الشام، وسمع الحديث
الكثير من أبي طاهر المخلص، وأبي سعيد الرازي، وأبي سعيد محمد بن أحمد الأسفزاري،
وأبي طاهر بن خزيمة، وأبوي محمد عبد الرحمن بن أبي شريح، والمخلدي، وأبي الحسن
أحمد بن محمد بن الصلت، وأبي بكر محمد بن محمد بن الهاني، وأبي بكر محمد بن أحمد
بن عبدوس، وأبي طاهر بن محمد الزيادي، والحافظ ابي عبد الله الحاكم، وأبي العباس
أحمد بن محمد البالوي، وأبي معاذ الهروي، وأبي بكر الجوزقي، وأبي يعلى حمزة بن عبد
العزيز المهلبي، وأبي بكر محمد بن الحسين السمسار، وأبي زيد عبد الرحمن بن محمد بن
أحمد بن حبيب، وأبي الحسين الخفاف، وأبي علي منصور بن عبد الله الذهلي.
روى عنه أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وأبو عبد الله محمد بن الفضل
الفراوي وأبو الحسن عبيد الله بن محمد بن أحمد البيهقي، وأبو محمد السيدي، وزاهر
بن طاهر الشحامي وأبو علي الحسن بن أبي الحر الزريقي.
أخبرنا
أبو هاشم بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني - إملاء - قال: أخبرنا الزكي أبو
القاسم زاهر بن طاهر الشحامي بنيسابور قال: أخبرنا أبو يعلى إسحق بن عبد الرحمن
الصابوني قال: أخبرنا أبو علي منصور بن عبد الله الذهلي قال: حدثني أبو جعفر محمد
بن محمد بن عبد الله بن جميل البغدادي قال: حدثنا عبيد بن محمد بن الكشوري قال:
حدثنا الحسن بن يحيى الصنعاني قال: حدثني عبد القدوس بن إبراهيم بن مرداس قال:
أخبرنا شيخ من قريش من بني أمية يقال له إبراهيم بن إبراهيم عن جعفر بن محمد عن
أبيه عن جابر بن عبد الله رضي الله عنهما قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم
يقول: إن لله ملائكة موكلون بأنقاب الحرم منذ خلق الله الدنيا إلى أن تقوم الساعة
يدعون لمن حج من مصره ماشياً.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي بالقاهرة المعزية قراءة عليه
قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر الأصبهاني قال: سمعت أبا علي الحسن بن عبيد الله بن
سعادة الزريقي - وعبيد الله يكنى أبا الحر - بثغر سلماس يقول: قدم علينا الامام
أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد الصابوني النيسابوري سنة ثلاث وثلاثين
وأربعمائة بعد رجوعه من الحج ومعه أخوه أبو يعلى إسحق وتبع ودواب، فنزل على جدي أحمد
بن يوسف بن عمران الهلالي، فقام بجميع مؤنه، وكان يعقد المجلس كل يوم في الجامع،
وافتتن به الناس، وسمعنا عليه وعلى أخيه كثيراً من رواياتهما، وكان أخوه أبو يعلى
فيه دعابة، والشيخ أبو بكر بن حريز السلماسي مثله في كثرة المزاح، وكان يورد من
المضاحك ما يعجز أبا بكر، واتخذ جدي يوماً حلاوة كثيرة، وكان بين يدي إسماعيل صحف
صغير فأكله، فأخذ جدي صحفاً آخر كان بقرب أبي يعلى فقربه إليه، فقال أبو يعلى: كان
بنيسابور رجل ممول فاجتاز بعض الماجنين بدار حسنة فقال: لمن هذه؟ فقيل لفلان، فمضى
ورأى خاناً جليلاً، فقال: وهذا لمن؟ فقيل له، وكذا دكاكين وحماماً وبستاناً، فأخذ
عمامته من رأسه وقال: إلهي عن أي شيء سألت قيل هو له، فهذه عمامتي أعطها أيضاً
إياه، ولكن أخي ما يكفيه الحشم والدواب والثياب والاموال التي معه حتى زاحمني في
هذه الحلاوة التي كانت بين يدي، فاستحسنوا كلامه.
أنبأنا زين المناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم
علي بن الحسن قال: إسحق بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن ابراهيم بن عامر بن
عائذ، أبو يعلى النيسابوري الواعظ، أخو الاستاذ أبي عثمان، سمع أبا سعيد عبد الله
بن محمد الرازي وأبا طاهر بن خزيمة، وأبا محمد المخلدي، وأبا الحسين الخفاف، وأبا
بكر محمد بن محمد بن الحسن بن الهاني، وأبا العباس أحمد بن محمد بن أحمد بن إسحق
البالوي، وأبا سعيد محمد بن أحمد الأسفزاري، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن
القاسم بن الصلت القرشي المجبر، وأبا معاذ الشاه بن عبد الرحمن بن مأمون الهروي،
وآباء بكر: محمد بن أحمد بن عبدوس، ومحمد بن عبد الله بن محمد بن زكريا الحوزقي،
ومحمد بن الحسين السمسار، وأبا طاهر المخلص، وأبا محمد عبد الرحمن بن أحمد بن أبي
شريح، وأبا طاهر محمد بن محمد بن محمش، والحاكم أبا عبد الله وأبا يعلى حمزة بن
عبد العزيز الكتاني.
وحدثنا عنه أبو عبد الله الفراوي، وأبو محمد السيدي، وأبو القاسم الشحامي
بنيسابور، وأبو الحسن حفيد البيهقي ببغداد.
قال: كتب إلي أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل في تذييله تاريخ نيسابور قال: إسحق
بن عبد الرحمن أبو يعلى الصابوني، شيخ ظريف، ثقة، حسن الصحبة، خفيف المعاشرة، على
طريقة التصوف، قليل التكلف، وكان ينوب عن الاستاذ الامام شيخ الاسلام في عقد مجلس
التذكير، وسمع الحديث الكثير بهراة، ونيسابور، وبغداد، وحدث.
توفي عشية الخميس وصلي عليه عصر يوم الجمعة التاسع من شهر ربيع الآخر سنة خمس
وخمسين وأربعمائة.
وقال: أنبأنا أبو نصر أحمد بن الفضل بن ابراهيم البار الأصبهاني قال: أخبرنا أبو
عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الحاكم بهراة قال: سنة خمس وخمسين ورد الخبر بوفاة
أبي يعلى إسحق بن عبد الرحمن الصابوني نيسابور، وكان مولده سنة خمس وسبعين
وثلاثمائة.
وقال:
اخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثني عمر بن عبد
الكريم، أبو الفتيان الدهستاني قال: توفي إسحق سنة ست وخمسين وأربعمائة.
ذكر من اسم أبيه علي ممن اسمه إسحق إسحق بن علي بن ابراهيم بن يوسف الفصيص بن
يعقوب وقيل هو الفصيص بن إبراهيم بن إسحق بن قضاعة بن تويب الفصيصي، أبو يعقوب بن
أبي الحسين التنوخي وسنذكر تمام نسبه إلى تنوخ في ترجمة جد جد جده إسحق بن قضاعة
إن شاء الله تعالى، وكان أبو يعقوب هذا من الأمراء المذكورين، الفضلاء والنبلاء
الممدحين الكرماء، وبيتهم بيت عريق في التقدم والولايات بقنسرين وحلب وبالعلم.
قرأت في أشعار أبي الحسن محمد بن عيسى النامي العراقي اليشكري، بخط القاضي أبي
عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي قاضي معرة النعمان، وسمعه منه، قصيدة يمدح بها
الأمير أبا يعقوب إسحق بن علي الفصيصي التنوخي أولها:
صنت دمعي إلا ليوم الفراق ... فهو وقفٌ عليه حتّى التلاقي
لست أقضي حق الأحبة حتى ... أمزج الدمع مع دمي في المآقي
فتحال الدموع والدم درّاً ... وعقيقاً في المدمع الرقراق
قال فيها:
ليس يشفي من النوائب إلاّ ... كلّ وجناء عنتريس دفاق
كلما أيقظت تراب فلاةٍ ... نوّمته في صحصحٍ أو رقاق
تحرم الأرّم اغتياظاً على الّده ... ر إذا نوخت بماءٍ حراق
فاستثارت من الزمان بمن يم ... لك قبض الأرواح والأرزاق
بالأمير السميدعي أبي يعق ... قوب ذي الطول والعلى إسحق
بالحسيب النسيب والسيد الأ ... يد والأروع الفتى الغيداق
والخضم الغطم والأبلج الأ ... بلح أصلاً والمدره المسلاق
وإذا الحرب أوقدت وغدا الم ... وت لديها مشمراً عن ساق
زوّج السيف بالرقاب فأضحت ... أرؤس عن جسومها في طلاق
وترى رمحه إذا اصطلت الأيد ... ي ولوجاً بين اللهى والتراقي
لعليٍ وللفصيص وفهمٍ ... وتنوخ به أشم المراقي
نسبٌ منه يستعار رضا ... ء الشمس والفجر ساعة الاشراق
لو على الليل كان صار نهاراً ... أو على البدر لم يخف من محاق
وإذا ما الغمام أكدى رتعنا ... في حيا جود كفه المهراق
ملك أدب الزمان فلاقى ... معتفيه بأحسن الأخلاق
وسمت مكرمانه الناس حتى ... صرن فيهم قلائد الأعناق
منها:
أنت باب الإمام والعالم الباط ... ن مفتاح مبهمٍ ذي انغلاق
رحمة كالغمام أنت على الشا ... م وآثارها بأرض العراق
فدعاك الإمام بحراً ولكن ... ك عذب المذاق غير زعاق
فالورى شاربون منه جميعاً ... ومعدٌ أبو تميم ساق
ولقد كان عاطلاً عنق الده ... ر فحليت بالعلوم الدقاق
إن آل الفصيص شادوا ذر ... ى المجد بدر العطاء غير فواق
وعليّ أبوك ما زال فينا ... باقياً شخصه وشخصك باق
فأنفذ إليه ثيابا وأهدى إليه أشياء حسنة، فعمل هذه الأبيات، ولم ينشده إياها، وخرج
من اللاذقية مبادراً.
بأبي نائل أتاني جسيم ... مستفيض كما تفيض الغيوم
حاملٌ فوق ظهره لي علماً ... قدره في الإسلام قدر عظيم
ذو معان كأنما هن أروا ... حٌ لطاف لها العقول جسوم
بأبي والد غذاني كبيراً ... لبناً شربه براد جميم
فإذا قيل لي: اتصف قلت: إني ... أنا كهل طفل رضيع فطيم
ففديناه من صروف الليالي ... وفداه أخوه ابراهيم
قد نأيناه والزمان ضحوكٌوأتيناه والزمان شتيم
وقصدناه عاطلين فحلى ... فعلينا من راحتيه نعيم
فانصرفنا من عنده وقرانا ... حين ضفناه نائل وعلوم
إسحق
بن علي بن أبي الغنائم بن مراجل الكاتب الحموي: شاب فاضل، حسن النظم والنثر، كتب
الانشاء بحماه للملك المظفر محمود ابن محمد بن عمر بن شاهانشاه بن ايوب: ثم اتصل
بعد ذلك بالملك الصالح أيوب ابن الملك الكامل محمد بن أبي بكر بن أيوب، ملك الديار
المصرية، فكتب له الانشاء مدة، ثم فارق الديار المصرية وقدم علينا حلب، وطلب
الخدمة بها، فلم يستخدم، وكتب إلي بهذين البيتين يستعين بي على قضاء شغله:
عاتبت دهري لما تصدى ... معانداً لي وما رثى لي
فقال خطي: لا تخش نقصاً ... فقد وصلنا إلى الكمال
أقام إسحق بن مراجل بحلب بعد ذلك إلى أن طرق التتار البلاد، وكتب فيها لبعض
ولاتها. وأخبرني أخوه أبو عبد الله محمد بن علي أن ولادته كانت في سنة عشر
وستمائة.
إسحق بن علي الرهاوي الطبيب: طبيب فاضل متقدم العصر، دخل حلب، وقفت له على مصنف في
آداب الأطباء وذكر في كتابه أشياء جرت له بحلب.
إسحق بن عمار بن جش بن محمد بن جش: أبو يعقوب الأزدي المهلبي، شيخ المصيصة
وأميرها، وكان مقدماً بالثغور الشامية واليه صغير أمورها وكبيرها، وفد على سيف
الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان إلى حلب في سنة احدى وأربعين وثلاثمائة
في التماس مصالح الثغور، وهو من ولد قبيصة بن المهلب بن أبي صفرة، وكان من بني عمر
الوزير الحسن بن محمد المهلبي، وزير العراق، وكان أمير المصيصة، وعاضد سيف الدولة
ابن حمدان وكاثفة على إخراج محمد بن الحسين بن الزيات عن ولاية الثغور وكان واليا
على الثغور الشامية فلما استولى سيف الدولة على الثغور لم يف لإسحق بن جش بما
عاقده عليه، ووافق ابن الزيات على القبض عليه بعد أن كان ولاه سيف الدولة الثغور،
فاجتاز بالمصيصة، وقد بلغ ابن جش ذلك فاستوحش، وأظهر أنه عرض له النقرس، ولم يلق
ابن الزيات، وأطعمه أنه كاتب المطيع في أمر ابن الزيات أن يعيده إلى ولاية الثغور،
وأن ابن عمه الحسن بن محمد المهلبي الوزير تكفل له بإيصال الكتاب إلى المطيع،
وأظهر لابن الزيات أنه يغار أن يكون ابن الزيات مضموما إلى نجا غلام سيف الدولة،
فقام ذلك في نفس ابن الزيات وصدقه، وعصى على سيف الدولة، وأقام الدعوة لمن
بالعراق، ثم لنفسه، وقطع اسم سيف الدولة.
وكان إسحق بن جش حين قدم حلب سمع بها أبا عبد الله الحسين بن أحمد ابن خالويه
وشاهدت سماعه وسماع ولده محمد بن إسحق على نسخة أبي عبد الله بن خالويه من الجمهرة
لابن دريد في سنة احدى وأربعين وثلاثمائة.
وحدث إسحق بن جش بالمصيصة وطرطوس عن محمد بن عمير بن مسعود، وأبي بكر محمد بن
ابراهيم بن مهدي، والحسن بن حبيب الكرماني.
روى عنه القضاة أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي، وأبو محمد عبد
الله بن محمد بن عبد الغفار بن أحمد بن ذكوان البعلبكي، ومحمد ابن أحمد بن يعقوب
المصيصي.
أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن كتابة، واجتمعت به بدمشق في منزل شيخنا
أبي اليمن الكندي قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو
القاسم النسيب، وأبو محمد بن الأكفاني وغيرهما قالوا: حدثنا أبو محمد عبد العزيز
ابن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن علي بن محمد الدولابي البغدادي الخلال في
رجب سنة عشرين وأربعمائة قال: أخبرنا القاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد
الغفار بن أحمد بن ذكوان قال: حدثني أبو يعقوب إسحق بن عمار بن جش بن محمد بن جش
بالمصيصة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن ابراهيم بن مهدي قال: حدثنا عبد الله بن محمد
بن ربيعة القدامي قال: حدثنا صالح بن مسلم أبو هاشم الواسطي عن عبد الله بن عبيد
عن محمد بن يوسف الأنصاري عن سهل بن سعد عن أبي بكر أن سورة إذا جاء نصر الله
والفتح حين أنزلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، علم أن نفسه نعيت له.
إسحق بن عمارة: قدم صحبة هرون الرشيد، ودخل من الرقة معه إلى الشام، وسيره رسولاً
إلى ملك الروم، فاجتاز بحلب، وحكى أموراً شاهدها في بلاد الروم.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير البغدادي اذنا عن أبي
المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري، وأبي بكر محمد بن عبيد الله ابن
نصر بن الزاغوني.
قال
أبو المعمر: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن زيد الوقاياتي قال: أخبرنا أبو منصور
محمد بن محمد بن أحمد العكبري.
وقال ابن الزاغوني: أخبرنا أبو منصور بن العكبري - اجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم
آدم بن محمد المعدل قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني قال: وكان هرون
الرشيد أنفذ إسحق بن عمارة إلى ملك الروم في السنة التي نزل فيها الرقة فوجد في
صدر مجلسه هذه الأبيات مكتوبة بالذهب.
ما اختلف الليل والنهار ولا ... دارت نجوم السماء في الفلك
إلاّ لنقل النعيم عن ملك ... قد زال عن ملكه إلى ملك
وملك ذي العرش دائم أبداً ... ليس بفانٍ ولا بمشترك
إسحق بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم: ابن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس
الأموي القرشي، كان مع أبيه بخناصره وشهد وفاته بدير سمعان مع جماعة أولاد عمر.
ذكره أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ في تاريخ دمشق، وقال: له ذكر وعقب، أخبرنا
بذلك ابن أخيه زين الأمناء الحسن محمد قال: أخبرنا عمي، فذكره.
إسحق بن عيسى بن نجيح: أبو يعقوب بن الطباع الفقيه، وأبو عيسى هو المعروف بالطباع،
بغدادي انتقل إلى أذنة، وأقام بها إلى أن مات.
وحدث عن: مالك بن أنس، وسفيان بن عيينة، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله بن
لهيعة، وحماد بن زيد، والمنكدر بن محمد، وأبي معشر، وحماد بن سلمة، ويحيى بن سليم،
وشريك بن عبد الله، وعبد الرحمن بن زيد بن أسلم، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وسلام بن
أبي مطيع.
روى عنه: ابن أخيه أبو بكر محمد بن يوسف بن عيسى، وأبو عبد الله أحمد ابن محمد بن
حنبل، وعبد الله بن نصر الأنطاكي، والحسين بن عيسى البسطامي، وعباس بن محمد
الدوري، ومحمد بن المنصور، ومحمد بن يحيى، ويعقوب بن شيبة، والحسن بن مكرم بن حسن
البزاز، والحارث بن أبي أسامة، والحسن بن يزيد المؤذن، ويوسف بن بحر البغدادي
الجبلي، ومحمد بن حاتم المصيصي، وإسحق بن بهلول التنوخي، ومحمد بن إسماعيل ابن
علية، وهاشم السراج، وأبو خيثمة زهير بن حرب، ومحمد بن عبيد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي - قراءة عليه بمنزله بدمشق - قال:
أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري، المعروف بابن الطير قال:
أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن
إسماعيل المعروف بابن سمعون الواعظ قال: أخبرنا أحمد بن عثمان السمسار قال: حدثنا
عباس بن محمد قال: حدثنا إسحق ابن عيسى الطباع قال: حدثنا ابن لهيعة عن الحسن بن
ثوبان عن موسى بن وردان عن أبي هريرة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ودع
أحداً قال: استودع الله دينك وأمانتك وخواتيم عملك.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن الدامغاني قال: أخبرنا أبي قال:
أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن عمر السمناني قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد
بن شاذان قال: حدثنا أبو جعفر عبد الله بن إسماعيل بن إبراهيم الهاشمي قال: حدثنا
أبو بكر محمد بن يوسف بن عيسى الطباع قال: حدثني أبو يعقوب إسحق بن عيسى عمي قال:
حدثنا مالك عن عبد الله بن دينار عن سليمان بن يسار عن عروة عن عائشة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال: " يحرم من الرضاع ما يحرم من الولادة " .
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد
بن لعي بن ثابت الخطيب قال: إسحق بن عيسى بن نجيح، أبو يعقوب، المعروف بابن
الطباع، وهو أخو محمد ويوسف، سمع مالك بن أنس، وشريك بن عبد الله، وعبد الرحمن بن
زيد بن أسلم، وأبا ضمرة أنس بن عياض.
روى عنه: أحمد بن حنبل، وابن أخيه محمد بن يوسف، وإسحق بن بهلول التنوخي ويعقوب بن
شيبة، وعباس الدوري، والحسن بن مكرم، والحارث بن أبي أسامة وغيرهم.
وكان قد انتقل في آخر عمره إلى أذنة، فأقام بها حتى مات.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو مسلم بن مهران قال: أخبرنا
عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: وسألت أبا علي صالح بن محمد عن ابن الطباع إسحق بن
عيسى فقال: لا بأس به صدوق.
أخبرنا
أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر
أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: سمعت القاضي أبا الفتح إسماعيل بن عبد الجبار بن
محمد الماكي قال: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله ابن أحمد الخليلي يقول: إسحق
بن عيسى بن الطباع وأخوه محمد بن عيسى متفق عليهما ثقتان، رويا عن مالك.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال:
أخبرنا الأزهري قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: أخبرنا عبد الله بن إسحق
المعدل قال: اخبرنا الحارث بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: سنة خمس عشرة
ومائتين، فيها مات أبو يعقوب إسحق بن الطباع الفقيه باذنة في ربيع الأول.
وقال الخطيب: أخبرنا السمسار قال: أخبرنا الصفار قال: حدثنا ابن قانع أن إسحق بن
عيسى بن الطباع مات في سنة أربع عشرة ومائتين، والأول أصح والله أعلم.
وقرأت في تاريخ عبد الله بن الحسين القطربلي ومحمد بن أبي الأزهر الذي اجتمعا على
تأليفه في حوادث سنة ست وعشرين ومائتين قالا: وفيها مات إسحق بن عيسى الطباع
بأذنة.
وذكر أبو بكر الصولي في كتاب الأوراق مثل ذلك.
أخبرنا أحمد بن الأزهر بن السباك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري
قال: أجاز لي القاضي أبو القاسم علي بن المحسن عن أم الضحاك عاتكة بنت أحمد بن
عمرو بن أبي عاصم... روى... سنة خمس عشرة ومائتين إسحق بن الطباع - يعني مات - .
حرف القاف في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن قضاعة بن ثويب بن محطة بن وهب بن عدي: وقيل ثويب بن عدي بن يزيد بن تيم بن
سبعة بن بلقن بن عدي بن زيد ابن محطة بن عدي بن زيد بن حية بن بريح بن جذيمة بن
فهم بن تيم الله بن وبرة - وقيل تيم الله بن أسد بن وبرة - بن تغلب بن حلوان بن
الحاف ابن قضاعة بن مالك، التنوخي القنسريني، جد بني الفصيص، له ذكر.
حكى عنه كثير بن أبي صابر القنسريني قال: كنت يوماً عند إسحق ابن قضاعة التنوخي،
وهو جد بني الفصيص، فدعا بسيوف فجعل يقلبها، فقال لي: يا كثير هذه سيوف آبائنا
التي قاتلوا بها يوم صفين، وهي عندنا مدخرة حتى يقوم القائم من آل أبي سفيان،
فنقاتل بها معه، وقد ذكره ذلك في ترجمة ابنه إبراهيم بن إسحق بن قضاعة فيما تقدم
من هذا الكتاب.
وآباء إسحق بن قضاعة هم الذين قاتلوا من قضاعة يوم صفين مع معاوية ابن أبي سفيان،
وأقطعهم الاقطاعات والمدن، وكانت مدينة قنسرين وحاضرها مما أقطعهم إياه.
وقرأت في كتاب ديوان العرب وجوهرة الأدب وايضاح النسب تأليف محمد بن أحمد بن عبد
الله الأسدي النسابة قال: وبأرض معرة النعمان وأرض قنسرين وما إلى تلك الأرض جبل
متصل إلى أرض حمص غلبت عليه تنوخ، وذلك في عصر ملك الروم، وكان أقطعهم إياه، فلما
أن جاء الإسلام في عصر معاوية ابن ابي سفيان رضي الله عنه سارت معه قضاعة إلى صفين
وقاتلت بين يديه، فلما أن رجع إلى الشام وفدت عليه وفود قضاعة ممن كان بأرض الشام
تطلب الإقطاع والجوائز، فأقطعهم الزيادات والمدن، وذلك من حد بلد الأردن إلى حد
جبل حلب وهو جبل جوشن.
حرف الكاف في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن كعب بن إسحق الحلبي: أبو يعقوب الأنطاكي، وكان أبوه قنسرينياً، وسيأتي
ذكره، وأظن أن أصله قنسري، وسكن إسحق حلب فنسب إليها، ثم سكن أنطاكية فنسب إليها،
ثم انتقل إلى بغداد فنسب إليها، والله أعلم، وهو من موالي عيسى بن علي بن عبد الله
بن العباس.
حدث عن أبيه كعب بن إسحق القنسريني، وموسى بن عمير العنبري، وشريك بن عبد الله
وعبيدة بن حميد التيمي، وعبد الحميد بن سليمان، وعباد ابن العوام، وعلي بن غراب.
روى عنه أحمد بن زياد بن مهران السمسار، وأبو عمرو عثمان بن عبد الله ابن خرزاد
الأنطاكي الحافظ، وأحمد بن ملاعب، وعلي بن حرب الطائي، وأبو جعفر محمد بن غالب بن
حرب الضبى، وأبو بكر بن أبي الدنيا وعباس بن محمد الدوري، وأحمد بن محمد الشطري،
ومحمد بن الفضل السقطي، ومحمد ابن إسماعيل الترمذي.
أخبرنا
أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن بن هبة الله الشافعي الفقيه - قراءة عليه
بالبيت المقدس، في صحن المسجد بالقرب من قبة الصخرة - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم
علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل
الطلحي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحق قال: أخبرنا
والدي أبو عبد الله قال: أخبرنا محمد بن عبد الواحد النحوي قال: حدثنا أحمد بن
زياد بن مهران السمسار قال: حدثنا إسحق بن كعب الحلبي قال: حدثنا موسى بن عمير عن
الحكم ابن عتيبة عن ابراهيم عن الأسود عن عبد الله رضي الله عنه قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " داووا مرضاكم بالصدقة، وحصنوا أموالكم بالزكاة،
وأعدوا للبلاء الدعاء " .
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور أن أبا الحسن علي بن عبد الله بن أبي
جرادة الحلبي أخبره قال: حدثني الشيخ أبو الفضل بن زريق قال: حدثنا أبو العلاء المعري
قال: حدثني أبي عبد الله بن سليمان قال: أخبرنا ابو إسحق إبراهيم بن محمد الأنطاكي
قال: حدثنا عثمان بن خرزاد قال: حدثنا إسحق ابن كعب، أبو يعقوب مولى عيسى بن علي
قال: حدثنا موسى بن عمير العنبري عن مكحول عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى
الله عليه وسلم: " لحامل كتاب الله دعوة مجابة " .
وأخبرنا بهذا الحديث أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم الإربلي - قراءة عليه
بحلب - قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن النقور، وأبو الحسين عبد الحق بن
عبد الخالق قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي ابن العلاف قال: أخبرنا أبو
الحسن علي بن أحمد بن عمر الحمامي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال:
حدثنا محمد بن إسماعيل الترمذي قال: حدثنا إسحق بن كعب الأنطاكي قال: حدثنا موسى
بن عمير فذكر الحديث بتمامه.
وأخبرنا به أبو الحسن علي بن عبد اللطيف بن الحسين الدينوري - عرف ابن كعب، أبو
يعقوب مولى عيسى بن علي قال: حدثنا موسى بن عمير العنبري بابن الخيمي - ببغداد
قال: أخبرنا أبو الفتح بن شاتيلا قال: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال:
أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحمامي قال: حدثنا أحمد قال: حدثنا إسحق بن كعب
الأنطاكي قال: حدثنا موسى بن عمير فذكره.
أنبأنا الفقيه أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحنفي عن أبي العلاء الحسن ابن أحمد
الحافظ العطار قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو علي
الحسن بن محمد بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجويه قال: أخبرنا أبو
أحمد محمد بن محمد الحاكم الحافظ في كتاب الأسماء والكنى قال: أبو يعقوب إسحق بن
كعب الهاشمي مولاهم البغدادي، سمع أبا عبد الله شريك بن عبد الله النخعي، وأبا عبد
الرحمن عبيدة بن حميد.
روى عنه: أبو الحسن علي بن حرب الطائي، وأبو جعفر محمد بن غالب ابن حرب الضبي،
كناه لنا محمد بن سليمان قال: حدثنا محمد بن إسماعيل، وقال أبو حاتم الرازي: كتبت
عنه: وهو صدوق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: إسحق بن كعب، أبو يعقوب مولى بني هاشم، سمع شريك
بن عبد الله القاضي، وعبد الحميد بن سليمان أخا فليح، وعبيدة بن حميد الحذاء،
وموسى بن عمير، وعلي بن غراب، وعباد ابن العوام.
روى عنه علي بن حرب الطائي، وعباس الدوري، وأحمد بن موسى الشطوي، ومحمد بن غالب
التمتام، ومحمد بن الفضل السقطي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وقال أبو حاتم الرازي:
كتبت عنه، وهو صدوق.
وقال الخطيب: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا علي بن إبراهيم المستملي قال: حدثنا
أبو أحمد بن فارس قال: حدثنا البخاري.
وقال الخطيب: وحدثني محمد بن علي الصوري قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال:
أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قالا: إسحق بن كعب،
أبو يعقوب، بغدادي، زاد البخاري مولى بني هاشم.
وذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم في كتاب الجرح والتعديل قال: إسحق بن كعب،
مولى بني هاشم، أبو يعقوب، بغدادي، روى عن شريك، وهشيم، وعبيدة بن حميد، سمعت أبي،
وأبا زرعة يقولان ذلك.
قال:
وسمعت أبي يقول: كتبت عنه، وهو مولى عيسى بن علي بن عبد الله ابن العباس، قال أبو
زرعة: أدركناه ولم نكتب عنه، كان في مرضه مجيئي. سئل أبي عن إسحق بن كعب الهاشمي
فقال: صدوق.
إسحق بن كنداج: وقيل كنداجيق الخزري قائد مذكور، من أكابر القواد، كان في أيام
المعتمد على الله، وبقي إلى زمن المعتضد، وولي مدينة حلب وقنسرين، وهزم ابن أبي
الساج عنها، وورد أحمد بن المعتضد في حياة أبيه لقتال خمارويه بن طولون، واتفق ابن
أبي الساج وإسحق بن كنداج معه، وصعدا معه من حلب حتى صار إلى دمشق، فانصرفا عنه،
وصار إلى حلب ومعهما جعفر البغامردي، فجعلوا يجبون أموال حلب، فلما وقعت وقعة
الطواحين دعا ابن أبي الساج لخمارويه، وصار إسحق بن كنداج بمعزل عنه، ووصل
خمارويه، ودفع إسحق وهزمه، فالتجأ إلى قلعة ماردين ثم إلى تكريت.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن زاهر بن طاهر الشحامي
قال: أخبرنا علي بن أحمد البندار - إذناً - قال: أنبأنا أبو أحمد عبيد الله بن
محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي - إجازة - قال في سنة
ست وستين ومائتين: هزم إسحق بن كنداج إسحق بن أيوب، واستنجد عليه عيسى بن شيخ وأبا
المغراء، ووجه السلطان إلى إسحق ابن كنداج بخلع ولواء، وولاه الموصل وديار ربيعة
وأرمينية، فطلب القوم صلحه على أن يقرهم على أعمالهم، ويعطوه مائتي ألف دينار.
وقال الصولي في سنة تسع وستين ومائتين: وخلع على إسحق بن كنداج، وقلد سيفين بحمائل
أحدهما عن يمينه، والآخر عن شماله، وسمي ذا السيفين وتوج وألبس وشاحين، ورصع ذلك
بالجوهر، وشيعه إلى منزله هرون بن الواثق وصاعد، وتغديا عنده مع سائر القواد بسر
من رأى فقال البحتري:
أخلق بذي السيفين أو صدّق به ... أن يعمل السيفين حتى يحسرا
ما قلدّ السيفين إلاّ نجدة ... في الحرب توجب أن يقلدّ آخرا
قد ألبس التاج المعوّد لبسه ... في حالتيه ممّلكا ومؤّمرا
شرف تزّيد بالعراق إلى الذي ... عهدوه بالبيضاء أو بيلنجرا
وقال الصولي في سنة سبعين: وأمر - يعني جعفر المفوض ابن المعتمد - إسحق بن كنداج
بموافاة بغداد، ووافاه إسحق بن كنداج لليلتين خلتا من جمادى الآخرة، فخلع عليه
خلعاً فيها سيفان محليان، وعقد له على المغرب، فشخص إلى سر من رأى من يومه لأنه
اتصل به مسير بن أبي الساج إلى عانة، وأنه دعا بالرحبة لابن طولون، وأن أحمد بن
مالك بن طوق دعا لابن طولون بقرقيسيا، وكذلك ابن صفوان العقيلي، وانصرف ابن طولون
من دمشق وهو شديد العلة إلى مصر، وانصرف أصحابه عن الرحبة وقرقيسيا، ورجع ابن أبي
الساج إلى قرقيسيا.
قال: ورد الخبر يوم السبت لست خلون من ذي الحجة بموت أحمد بن طولون بمدينة مصر،
وبمصير إسحق بن كنداج وابن أبي الساج إلى الرقة، وصار إسحق بن كنداج إلى الرقة،
وهزم أصحاب ابن طولون، وهزم ابن أبي الساج عن قنسرين والعواصم.
ثم قال الصولي في حوادث سنة إحدى وسبعين: ثم دخل أبو العباس - يعني أحمد بن الموفق
- إلى قنسرين، وسار منها فلقيه بحماه جيش لأبي الجيش بن طولون فهزم، وصار إلى دمشق
فجاءه أبو عبد الله الواسطي في الأمان، وتنحى إسحق ومحمد بن أبي الساج وجعفر
البغامردي عن أبي العباس، فصاروا إلى حلب يجبون الأموال.
وقال الصولي في سنة اثنتين وسبعين: بعد عود أبي العباس من وقعة الطواحين، وصار ابو
العباس إلى الجزيرة إلى رأس عين ثم إلى قرقيسيا، وتنحى إسحق بن كنداج وابن أبي
الساج إلى باجدى ثم إلى دارا.
وقال في سنة ثلاث وسبعين ومائتين: ودعا ابن أبي الساج لخمارويه على جميع عمله،
وانفرج الأمر بينه وبين إسحق بن كنداج، فصار إلى الرقة، وصار خمارويه إليها
واجتمعا فحاربا إسحق فهزماه، فوافى ديار ربيعة في جمادى الاولى وتحصين في قلعة
ماردين، ثم صار إلى تكريت.
حرف اللام في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن الليث الملطي أبو العساكر، حدث عن أحمد بن عمير بن جوصاء.
روى عنه أبو الحسين محمد بن الحسين الآبري.
أنبأنا
الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن
عمر الحازمي قال: أخبرنا عيسى بن شعيب الصوفي قال: أخبرنا علي بن بشرى الليثي قال:
حدثنا أبو الحسن محمد بن الحسين السجزي قال: سمعت أبا العساكر إسحق بن الليث
الملطي قال: سمعت أحمد بن عمير بن جوصاء يقول: سمعت أيوب بن سافري يقول: سمعت بشر
بن الحارث يقول: إن مما يعذب الله تعالى به عباده أن يعذبهم بفرقة الأحباب.
حرف الميم في آباء من اسمه إسحق
ذكر من اسم أبيه محمد ممن اسمه إسحق إسحق بن محمد بن ابراهيم بن حكيم بن أسيد أبو
الحسن الأصبهاني المعروف بابن ممك، مولى بني هاشم، رحل ودخل الشام، وسمع بحلب محمد
بن أيوب الأنماطي، وأبا أسامة عبد الله بن أبي أسامة الحلبي، وببالس إسحق بن خالد
بن يزيد البالسي، وبطرسوس أبا أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وبجبلة عبد الواحد
بن شعيب، وبغيرها محمد بن علي بن سفيان، ومحمد بن عاصم الأصبهاني والحسن بن عثمان،
وإسحق ابن ابراهيم بن عباد الدبوي.
روى عنه الحافظ أبو بكر محمد بن ابراهيم بن علي بن المقرئ، ومحمد بن عبيد الله
المرزبان، وأبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم العسال، ومحمد بن جعفر، وأحمد بن
عبيد الله بن محمود.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد
بن عبد الرحيم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن بن محمد بن سليم
قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة، قال: أخبرنا
أبو طاهر أحمد بن محمود الثقفي وأبو الفتح منصور بن الحسين - قالا: أخبرنا أبو بكر
بن المقرئ قال: حدثنا أبو الحسن إسحق بن محمد بن ابراهيم بن حكيم قال: حدثنا أبو
يعقوب إسحق بن خالد قال: حدثنا محمد بن مصعب قال: أخبرنا إسرائيل عن منصور عن
ابراهيم عن سالم بن أبي الجعد عن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" ما منكم من أحد إلا له قرين من الجن " قالوا: يا رسول الله ولا أنت؟
قال: ولا أنا إلا أني آمره فيطيعني.
وقال: أخبرنا ابن المقرئ قال: حدثنا إسحق: حدثنا محمد بن مصعب قال: حدثنا قيس عن
الأعمش عن مجاهد في قوله عز وجل: " ويلعنهم اللاعنون " ، قال: يلعنهم كل
شيء حتى هوام الأرض.
أنبأنا أبو البركات الحسين بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن
قال: إسحق بن محمد بن ابراهيم بن حكيم بن أسيد، أبو الحسن الأصبهاني المعروف بابن
ممك، أخو أبي عمرو أحمد بن محمد بن ابراهيم بن حكيم، وهو الأكبر.
سمع عبد الواحد بن شعيب بجبلة، وأبا أمية الطرسوسي، والحسن بن عثمان، ومحمد بن عاصم
الأصبهاني، ومحمد بن علي بن سفيان، وإسحق بن ابراهيم بن عباد الدبوي.
روى عنه محمد بن جعفر، ومحمد بن عبيد الله بن المرزبان، وأحمد بن عبيد الله بن
محمود، وأبو أحمد محمد بن أحمد بن ابراهيم العسال.
أخبرنا أبو الحجاج الدمشقي - إذناً - قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور
الجمال الخياط قال: اخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قال: أخبرنا
الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله بن أحمد بن إسحق الأصبهاني قال: إسحق بن محمد بن
ابراهيم بن حكيم بن أسيد، أبو الحسن، توفي في رمضان سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة،
شيخ، ثبت، صدوق، عارف بالحديث، أديب، ولا يحدث إلا من كتابه، كتب بالشام والحجاز،
وبالعراق، صنف الشيوخ.
إسحق بن محمد بن أحمد بن إسحق بن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى أبو يعقوب الحلبي
القاضي والد القاضي أبي جعفر محمد قاضي حلب، وأظن أبا يعقوب تولى قضاء حلب بعد
الثلاثمائة وأصله من اصطخر، ومولده ومنشأه بحلب، وهو من بيت القضاء والعدالة
والعلم، والرواية، خرج منهم جماعة من رواة الحديث.
وحدث إسحق هذا بحلب، ودمشق، وبغداد عن أبي داود سليمان بن سيف الحراني، وأبي عمرو
محمد بن عبد الله السوسي، وأبي خالد عبد العزيز ابن معاوية العتبي، وعلي بن عثمان
النفيلي.
روى عنه جعيدة القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحق بن يزيد الحلبي، وأبو الحسن
علي بن عمر الدارقطني، وأبو الفتح يوسف بن عمر القواس، وأبو زكريا يحيى بن مسعر بن
محمد المعري، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهاب ابن الحسن الكلابي.
أخبرنا
القاضي جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل - في المدرسة
القبيسية بدمشق، بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر
الأسفرائيني سنة خمس وعشرين وخمسمائة قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان
بن عبد الله الأزدي المصري قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن إسحق بن
يزيد الحلبي قال: حدثني جدي إسحق بن محمد قال: حدثنا أبو داود - يعني سليمان بن
سيف - قال: حدثنا محمد بن سليمان قال: حدثنا أبو جعفر الرازي عن محمد بن المنكدر
عن سعيد بن جبير عن الأسود بن يزيد عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من كانت له صلاة صلاها نصف الليل فنام عنها كان ذلك صدقة تصدق الله
عليه، وكتب له أجر صلاته " .
قال القاضي أبو الحسن: غريب من حديث محمد بن المنكدر عن سعيد بن جبير لا أعلم حدث
به غير أبي جعفر بن ماهان الرازي، والله أعلم.
أنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي القاسم بن مطكود السوسي قال: أخبرنا جدي أبو محمد
قال: أخبرنا أبو علي الأهوازي - إجازة - قال: قال لنا عبد الوهاب الكلابي في تسمية
شيوخه: إسحق بن محمد بن أحمد بن يزيد الحلبي، قدم علينا أبو يعقوب حاجاً سنة تسع
عشرة وثلاثمائة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: إسحق بن محمد بن أحمد بن يزيد، أبو يعقوب القاضي الحلبي، قدم
بغداد وحدث بها عن علي بن عثمان النفيلي، وسليمان بن سيف الحراني، كتب عنه الناس
بانتقاء أبي طالب الحافظ، وروى عنه أبو الحسن الدارقطني، ويوسف بن عمر القواس.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال:
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: إسحق بن محمد بن أحمد بن يزيد،
أبو يعقوب الحلبي، حدث بدمشق، وبغداد عن أبي خالد عبد العزيز بن معاوية العتبي،
وعلي بن عثمان النفيلي، وسليمان بن سيف الحرانيين وأبي عمرو محمد بن عبد الله
السوسي.
روى عنه: ابن ابنه أبو الحسن علي بن محمد بن إسحق، وأبو هاشم المؤدب، وعبد الوهاب
الكلاب، وأبو الحسن الدارقطني، وأبو الفتح يوسف بن عمر القواس.
وقال: قرأت بخط أبي محمد بن الأكفاني - وذكر أنه نقله من خط بعض أصحاب الحديث في
تسمية من سمع منه بدمشق سنة ست عشرة وثلاثمائة - : إسحق بن محمد حاج غريب.
حدث إسحق بن محمد بن يزيد ببغداد في محرم سنة إحدى وعشرين وثلاثمائة فتكون وفاته
بعد ذلك.
إسحق بن محمد بن المؤيد بن علي: أبو محمد الشافعي الصوفي، الهمذاني الأصل، المصري
المولد والمنشأ، سمع الحديث الكثير بنفسه، ورحل في طلبه إلى الشام، والعراق،
وخراسان، وقدم حلب غير مرة، وسمع بها جماعة من شيوخنا مثل: قاضي القضاة أبي
المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وأبي هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب، وأبي
محمد بن علوان الأسدي وغيرهم.
وحدث ببعض ما سمع، وبلغني أنه كان على غاية من العلم والدين، سمع منه بعض أصحابنا
ولم يتفق لي سماع شيء منه.
وولي القضاء ببعض بلاد أذربيجان، وقدم مصر بعد أن طرق التتار البلاد، وأقام بها
إلى أن مات، وله شعر مطبوع.
وأخبرني أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري أنه تولى القضاء والخطابة بأبر قوم،
بلدة من أعمال فارس.
وأخبرني ابنه أبو الفضل محمد بن إسحق بن محمد بن المؤيد بن علي الهمذاني أن أباه
دخل حلب، وسمع بها أبا المحاسن يوسف بن شداد وغيره من شيوخها، وسمع بغيرها من
البلاد، وحدث بمصر والعجم ببعض ما سمعه، وتوفي بالقاهرة سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
... بكر أحمد... نعيم...: سمعت ابن جبق يقول: سمعت يوسف بن أسباط يقول - وسأله رجل
فقال: يا أبا محمد ما تقول: إذا ختمت القرآن؟ قال: أقول خمسين مرة: اللهم لا
تمقتني قال: وربما كان ابني خارجاً فأنتظره حتى يجئ لعل الله أن ينزل علينا
الرحمة.
إسحق بن محمد الطرسوسي: حدث عن حميد بن ثور، روى عنه الحسين بن منصور المصيصي.
قرأت
في كتاب فضائل الصحابة، جمع الشيخ أبي القاسم عمر بن علي المعروف بالديلمي عن
شيوخه حدثنا محمد بن موسى المعروف بجبار الواعظ بأبهر سنة ثلاث وثمانين وثلاثمائة
قال: حدثنا الحسين بن منصور المصيصي عن إسحق بن محمد الطرسوسي عن حميد بن ثور عن
محمد بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن خالد بن سليمان عن زيد بن وهب عن ابن عيينة عن
إسماعيل السدي عن أبي موسى الأشعري قال: دخل الحسن والحسين رضوان الله عليهما على
معاوية بن أبي سفيان رضي الله عنه في امارته، وكان قد تصدق معاوية على المهاجرين
والأنصار أربعمائة ألف دينار، فأمر خازنه أن يعطي الحسن والحسين مثلما أعطى
المهاجرين والأنصار، فأخرج أربعمائة ألف دينار وأعطاهما.
إسحق بن محمود الجراح: أبو يعقوب الملطي، سمع أبا العباس الأصم، وأبا عروبة الحسين
بن أبي معشر الحراني، روى عنه الحاكم أبو عبد الله الحافظ.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي، وعبد الرحمن بن عمر بن الغزال
قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن
أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري كتبوا إليه: أخبرنا أبو
عبد الله الحافظ قال: أخبرنا إسحق بن محمود الملطي قال: حدثنا أبو عروبة قال:
حدثنا عبد الرحمن بن عمرو قال: حدثنا زهير عن أبي إسحق عن عاصم ابن ضمرة عن علي
أنه قال: ان الوتر ليست كفريضة الصلاة ولكنها سنة سنها النبي صلى الله عليه وسلم
وليس ينبغي لاحد من المسلمين أن يبدلها قال أبو عبد الله الحافظ: إسحق بن محمود بن
الجراح، أبو يعقوب الملطي، قدم علينا نيسابور، وهو كهل يفهم، وكان من الملازمين
لأبي العباس الأصم الاموي سمع حديثه، سمع أبا عروبة الحراني وأقرانه.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد بن محمد المروزي عن أبيه الامام أبي سعد
السمعاني قال في كتاب الأنساب، فيمن نسب إلى ملطية: وأبو يعقوب إسحق ابن محمود بن
الجراح الملطي، سمع أبا عروبة الحسين بن أبي معشر الحراني.
إسحق بن مسلمة بن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الاموي: كان ينزل مع
أبيه بنواحي حلب في قصره بالناعورة وغيره.
وذكره الحافظ أبو القاسم في تاريخ دمشق بما أنبأنا به زين الامناء أبو البركات
الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: إسحق بن مسلمة بن عبد الملك
بن مروان بن الحكم الأموي، له ذكر وعقب، من ولده علي بن عاصم ابن أبي العاص، وإسحق
بن مسلمة محدث من أهل دمشق، حدث بمصر.
إسحق بن مسلم بن ربيعة بن عاصم: ابن حزن بن عامر بن عوف بن عقيل بن كعب بن ربيعة
بن عامر بن صعصعة ابن معاوية بن بكر بن هوازن، أبو صفوان العقيلي، كان كبير القدر
جليل الامر، وولي أرمينية، وكان من قواد مروان بن محمد بن مروان، وتوجه معه حين
توجه من حران إلى دمشق طالباً للخلافة، وكان غزا الروم سنة عشرين ومائة وافتتح
قلاعاً، ومر بحلب في طريقه إلى دمشق وإلى الغزاة.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي قال: أخبرنا علي بن
أبي محمد قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف، وأنبأنية أبو القاسم النسيب، وأبو
الوحش المقرئ عنه قال: أخبرنا أبو القاسم ابراهيم بن علي ابن ابراهيم بن سيبخت
البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو العباس ثعلب قال: حدثنا
ابن شبيب قال: حدثنا إسحق بن عبد الله قال: قال المنصور: يا إسحق بن مسلم أفرطت في
وفائك لبني أمية، فقال: يا أمير المؤمنين اسمع جوابي قال: هات، قال: من وفى لمن لا
يرجي كان لمن يرجي أوفى، قال: صدقت.
قال:
وحدثنا الصولي قال: حدثنا ثعلب قال: حدثني أبو العباس المبرد قال: لما بلغ أبا
جعفر المنصور وفاة أبي العباس السفاح، بعث إلى إسحق بن مسلم العقيلي، وكان معه عند
منصرفه من مكة، فحادثه ساعة، ثم قال له: انه يخطر ببالي ما يعرض للناس من الفكر،
فقلت: أنه يغدا على الأنفس ويراح، وان الأحداث غير مأمونه، فلو حدث يا أمير
المؤمنين حدث ونحن بالموضع الذي نحن فيه كيف كان الرأي وما ترى عبد الله بن علي
يصنع؟ قال إسحق: أيها الأمير ليس لمكذوب رأي، أصدق الحديث أنصح لك الرأي، فأخبره
الخبر، وسأله عن رأيه، فقال: ان كان ابن علي ذا حزم بعث حين يصل إليه الخبر خيلا
فتلقاك في هذا الموضع البراري فحال بينك وبين دار الملك، وأخذتك فأتته بك أسيراً،
قال: ويحك إن لم يفعل هذه، دعني عنها، قال: يقعد على دوابه فإنما هي ليال يسيرة
حتى يقدم الأنبار، فيحتوي على بيوت الأموال والخزائن والكراع، فيصير طالباً وأنت
مطلوب، فإن لم يوفق قبل ذلك فلا حياة لعمك.
وذكر أحمد بن يحيى البلاذري أن إسحق بن مسلم حج مع أبي جعفر المنصور، وكان عديله.
قال: وحدثني أحمد بن الحارث عن المدائني قال: مات إسحق بن مسلم ببثرة خرجت به في
ظهره، فحضر المنصور جنازته، وحمل سريره حتى وضعه وصلى عليه وجلس عند قبره فقال له
موسى بن كعب أو غيره: أتفعل هذا به؟! قال: وكان الله مبغضاً لك، كارهاً لخلافتك،
فقال: ما فعلت هذا إلا شكراً لله إذ قدمه أمامي، قال: أفلا أخبر أهل خراسان بهذا
من رأيك فقد دخلتهم وحشة لك لما فعلت، قال: بلى، فأخبرهم فكبروا.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال:
إسحق بن مسلم بن ربيعة بن عاصم بن حزن بن عامر عوف بن عقيل بن كعب ابن ربيعة بن
عامر بن صعصعة بن معاوية بن بكر بن هوازن، أبو صفوان العقيلي، كان قائداً مع قواد
مروان بن محمد، وولي أرمينية، وشهد مع مروان حربه بعين الجرمع سليمان بن هشام، ودخل
معه دمشق.
وكان إسحق مع مروان حين توجه إلى دمشق لطلب الخلافة، وذلك مذكور في ترجمة مروان،
وبقي إلى خلافة بني العباس، وكان أثيراً عند أبي جعفر المنصور.
إسحق بن منصور بن بهرام: أبو يعقوب الكوسج، الامام الزاهد، المروزي نزيل نيسابور،
ورحل في طلب الحديث، ودخل الشام، وسمع بأنطاكية الهيثم بن جميل الأنطاكي، وروى عنه
وعن أحمد بن حنبل، وسفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد، ووكيع بن الجراح، والنضر بن
شميل، ومحمد بن بكر البرساني، ومعاذ بن هشام، وعبد الرحمن ابن مهدي، وأبي أسامة،
وعبد الله بن نمير، وروح بن عبادة، وعبد الرزاق وأبي جعفر بن جهضم، ومحمد بن يوسف
الفريابي، وزكريا بن عدي، وأبي داود الطيالسي، وعبد الصمد بن عبد الوارث، وابراهيم
بن أبي شيبان.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج
القشيري في صحيحيهما، وأبو بكر عبد الله بن أبي داود، وابراهيم بن يعقوب
الجوزجاني، وأبو حاتم محمد بن إسحق الرازي، ومحمد بن الحسين بن أبي العلاء
الزعفراني، وأبو محمد الحسن بن محمد بن جابر، وأبو زرعة الرازي، وأبو الوفاء
المؤمل بن الحسن بن عيسى، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد الحيري، وأبو العباس
أحمد بن سهل بن يحيى النيسابوري، ومحمد بن أحمد بن زهير، ومحمد بن شيران، وأبو
حامد أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم الاعمش.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي
سعد البناء، وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت
عبد الأول بن عيسى بن شعيب قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي
قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الحموي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن
يوسف بن مطر الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا
إسحق بن منصور قال: حدثنا حبان قال: أخبرنا شعبة - قال قتادة: أخبرني عن صالح أبي
الخليل عن عبد الله بن الحارث قال: سمعت حكيم بن حزام عن النبي صلى الله عليه وسلم
قال: " البيعان بالخيار ما لم يتفرقا فإن صدقا وبينا بورك لهما في بيعهما وإن
كذبا وكتما محقت بركة بيعهما " .
أخبرنا
أبو القاسم نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي
الحافظان في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الخير أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني
ببغداد قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد
الرحمن الصابوني، وأبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي، وأبو عثمان سعيد بن محمد
البحيري، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيري إجازة منهم قالوا: أخبرنا الحاكم أبو
عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا محمد بن صالح بن هانئ قال: حدثنا
محمد بن شيران قال: حدثنا إسحق بن منصور قال: سمعت أبا سهل الهيثم بن جميل
بأنطاكية يقول: سمعت شريكا يقول: أحرج على رجل يزعم أن الصلاة ليست من الدين أن
يحضر مجلسنا، قال إسحق: أنا على ما قال شريك.
أخبرنا ابن المقير - إذنا - قال: أنبأنا ابن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون،
وأبو الحسين بن الطيوري، وأبو الغنائم بن النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو
أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن
عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: إسحق بن منصور
أبو يعقوب.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر الشقاني
قال: أخبرنا أبو بكر بن خلف قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن
عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يعقوب إسحق ابن منصور المروزي الكوسج
سمع يحيى بن سعيد، وابن عيينة، وابن أبي فدبك، وابن نمير.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أحمد بن علي قال:
أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني عبد
الله بن أحمد بن جعفر عن أبي حاتم السلمي أنه سأل مسلم بن الحجاج عن إسحق بن منصور
فقال: ثقة مأمون.
وقال أحمد بن علي: أخبرني محمد بن علي الصوري قال: حدثنا عبيد الله بن القاسم
الهمذاني بطرابلس قال: حدثنا أبو عيسى عبد الرحمن بن إسماعيل الخشاب العروضي بمصر
قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: إسحق بن منصور الكوسج مروزي ثقة.
أخبرنا ابن المقير إذناً عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال: حدثنا أبو
نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم ابن أبي عبد
الرحمن قال: سمعت أبي يقول: أبو يعقوب إسحق بن منصور الكوسج المروزي ثقة.
أنبأنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: في نسخة
الكتاب الذي أخبرنا به أبو عبد الله الخلال شفاها قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن مندة
قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا أبو
محمد بن أبي حاتم قال: إسحق بن منصور بن بهرام المعروف بالكوسج، أبو يعقوب المروزي
روى عن ابن عيينة، وأبي أسامة، وعبد الرزاق، سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك، ورويا
عنه، سئل أبي عنه فقال: صدوق.
أخبرنا أبو الفتوح الحصري، وعبد القادر الرهاوي في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو
الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي عثمان الصابوني والبحيري وأبوي
بكر البيهقي والحيري قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله قال:
إسحق بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج، مولده بمرو ومنشؤه بنيسابور، وبها توفي،
كتب وهو أحد الأئمة من أصحاب الحديث من الزهاد المتمسكين بالسنة.
سمع سفيان بن عيينة، والنضر بن شميل، ويحيى بن سعيد، وأبا أسامة، ووكيع بن الجراح،
ومحمد بن بكر البرساني، وعبد الرحمن بن مهدي، ومعاذ ابن هشام.
روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج القشيري في الصحيحين واعتمداه
أي اعتماد، فمن بعدهما من صحة الحديث؟! وهو صاحب المسائل عن أحمد التي يستهزئ به
المبتدعة والمتحرمون فيقولون: قال: إسحق كما قال.
أخبرنا
زيد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: إسحق
بن منصور بن بهرام أبو يعقوب الكوسج المروزي، ولد بمرو، ورحل إلى العراق، والحجاز
والشام، فسمع سفيان بن عيينة، ويحيى بن سعيد القطان، وعبد الرحمن بن مهدي ووكيع بن
الجراح، وأبا أسامة، والنضر ابن شميل، وأبا اليمان الحكم بن نافع.
وورد بغداد وحدث بها، فروى عنه من أهلها: ابراهيم بن إسحق الحربي، وعبد الله بن
أحمد بن حنبل.
واستوطن إسحق بنيسابور، وبها كانت وفاته، وكان إسحق بن منصور عالماً فقيهاً، وهو
الذي دون عن أحمد بن حنبل وإسحق بن راهويه المسائل في الفقه أنبأنا أبو البركات
الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ عمي قال: إسحق بن منصور بن بهرام،
أبو يعقوب الكوسج، من أهل مرو وسكن نيسابور، وسمع سفيان بن عيينة، وأبا أسامة،
وعبد الرزاق، وعبد الله بن نمير، والنضر بن شميل، ويحيى القطان، وروح بن عبادة،
وأبا جعفر محمد بن جهضم، وأبا داود الطيالسي، وابراهيم بن أبي شيبان الدمشقي،
ووكيع بن الجراح، وزكريا بن عدي، ومحمد بن بكر البرساني، وعبد الرحمن بن مهدي
ومعاذ بن هشام، ومحمد بن يوسف الفريابي، وعبد الصمد بن عبد الوارث.
روى عنه البخاري ومسلم في صحيحهما، وإبراهيم بن يعقوب الجوزجاني، وأبو زرعة وأبو
حاتم الرازيان، والحسن بن محمد بن أبر، أبو محمد وكيل أبي عمرو الخفا، وأبو الوفاء
المؤمل بن الحسن بن عيسى، وأبو حامد أحمد بن حمدون بن أحمد بن رستم الأعمش، وأبو
العباس أحمد بن سهل بن يحيى النيسابوري، وأبو عمرو أحمد بن محمد بن أحمد الحيري
وأبو ميسرة محمد بن الحسين بن أبي العلاء الهمذاني الزعفراني، وأبو بكر بن داود،
وقدم دمشق وسمع بها من سليمان بن عبد ارحمن، وهشام بن عمار.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو منصور بن
زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: وأخبرنا أبو محمد الحسن ابن الحسين بن رامين
الأستر اباذي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن محمد ابن جعفر الجرجاني قال: حدثنا
عبد الملك بن محمد قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: سمعت أحمد بن الربيع بن دينار
- وهو من أصدقاء أحمد بن حنبل - قال: قال أحمد بن حنبل: بلغني أن الكوسج يروي عني
مسائل بخراسان، اشهدوا أني رجعت عن ذلك كله.
قال الخطيب: وأخبرني الحسين بن محمد - أخو الخلال - قال حدثنا أحمد ابن محمد بن
عمر، أبو صادق القزاز، بأستراباذ قال: أخبرنا أبو نعيم بن عدي الحافظ قال: حدثنا
إسحق بن إبراهيم مثله سواء.
قال أبو نعيم: قلت لصالح بن أحمد بن حنبل: عندنا شيخ يروي حكاية عن أبي عبد الله
أحمد بن حنبل أنه قال: قد رجعت عما رواه إسحق الكوسج عني، وذكرت له هذه الحكاية
فقال لي صالح: إني قلت لأبي: بلغني أن إسحق بن منصور يروي بخراسان المسائل التي
سألك عنها، ويأخذ عليها الدراهم، فغضب أبي من ذلك واغتم مما أعلمته فقال: يسألوني
عن المسائل ثم يحدثون بها ويأخذون عليها، وأنكر انكاراً شديداً.
قال صالح: فقلت له: إن أبا نعيم الفضل بن دكين كان يأخذ على الحديث، فقال: لو علمت
هذا ما رويت عنه شيئاً.
قال صالح: ثم إن إسحق بن منصور قدم بعد ذلك بغداد فصار إلى أبي فأعلمته أنه على
الباب فأذن له، ولم يتكلم معه بشيء من ذلك.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد بن عبد الله النيسابوري
الحافظ قال: سمعت أبا الوليد حسان بن محمد يقول: سمعت مشايخنا يذكرون أن إسحق بن
منصور بلغه أن أحمد بن حنبل رجع عن بعض تلك المسائل التي علقها عنه، قال: فجمع
إسحق بن منصور تلك المسائل في جراب وحملها على ظهره، وخرج راجلاً إلى بغداد وهي
على ظهره، وعرض خطوط أحمد عليه في كل مسألة استفتاه فيها فأقر له بها ثانياً،
وأعجب بذلك أحمد من شأنه.
أنبأنا
أبو حفص المؤدب عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن طاهر
المقدسي قال: أخبرنا أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد
الملك بن الحسن بن سياوش الكازروني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد بن الحسين
الكلاباذي قال: إسحق بن منصور بن بهرام، أبو يعقوب الكوسج المروزي، انتقل بآخره
إلى نيسابور، وسمع حسين الجعفي، والنضر بن شميل، وروح بن عبادة، وعبد الصمد بن عبد
الوارث، وعبد الرزاق، روى عنه البخاري في الحج والزكاة، وغير موضع، مات بنيسابور
يوم الإثنين، ودفن يوم الثلاثاء لعشر خلون من جمادى الأولى سنة إحدى وخمسين
ومائتين.
أخبرنا أبو القاسم بن محمد الأنصاري إذناً عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي
عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا سليمان بن
زبر قال: قال الحسن بن علي: وفيها - يعني سنة إحدى وخمسين ومائتين - مات إسحق بن
منصور بن بهرام.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر
قال: أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا علي بن ابراهيم المستملي قال: حدثنا
أحمد بن فارس قال: حدثنا البخاري قال: مات إسحق بن منصور الكوسج سنة إحدى وخمسين
ومائتين.
قال الخطيب: أخبرنا ابن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم قال: حدثنا أبو الفضل محمد
بن إبراهيم المزكي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن زياد القباني قال: مات إسحق بن
منصور بن بهرام، أبو يعقوب الكوسج بنيسابور يوم الخميس، ودفن يوم الجمعة لعشر بقين
من جمادي الأولى سنة إحدى وخمسين ومائتين.
إسحق بن منيب المصيصي: حكى عن مخلد بن الحسين المصيصي، روى عنه هرون بن سفيان.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي الصوفي - بالمسجد الأقصى بقراءتي عليه - قال:
أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد
الوهاب بن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد ابن محمد بن يوسف بن
محمد بن دوست العلاف قال: حدثنا أبو علي الحسين بن صفوان البرذعي قال: حدثنا أبو
بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثني هرون بن سفيان قال: حدثني إسحق بن
منيب المصيصي قال: سمعت مخلد بن الحسين يقول: ما أحب الله عز وجل عبداً وأحب أن
يعرف الناس مكانه، قال: قال سفيان بن عيينة: لم يعرفوا حتى أحبوا أن لا يعرفوا.
ذكر من اسم أبيه موسى ممن اسمه إسحق إسحق بن موسى بن عبد الله بن موسى: ابن عبد
الله بن يزيد بن زيد بن حصن بن عمرو بن الحارث بن خطمة، واسمه عبد الله بن جشيم بن
مالك بن أوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر ماء السماء، أبو موسى الأنصاري
الخطمي القاضي المدني ثم الكوفي.
قدم حلب صحبة جعفر بن محمد، المتوكل على الله، بن المعتصم في سنة أربع وأربعين
ومائتين في محرم، ونفذ معه منها إلى دمشق، وعاد معه فمات بحمص.
حدث عن معن بن عيسى المدني، وأبي المعن محمد بن معن بن محمد الغفاري ويونس بن
بكير، ومعاذ بن هشام، وسفيان بن عيينة، وعبد السلام بن حرب، وعبد الرحيم بن
سليمان، وعمر بن عبيد الطنافسي، وأبي ضمرة أنس بن عياض، وعاصم بن عبد العزيز،
والطيب بن زياد.
روى عنه ابنه موسى بن إسحق القاضي، وأبو الحسين مسلم بن الحجاج، وأبو عيسى الترمذي
وأبو عبد الرحمن النسائي، وأبو عبد الله بن ماجة القزويني، وأبو طاهر الحسن بن
أحمد بن فيل الأنطاكي، وأبو بكر بن خزيمة، وإسحق بن يعقوب العطار، وأبو زرعة
الرازي، وأبو علي القباني، وأبو علي صالح بن محمد المعروف بجزرة، والحسين بن عبد
الله بن يزيد القطان، وأبو حاتم محمد بن ادريس الرازي، وموسى بن هرون، وعبد الصمد
بن عبد الله بن أبي يزيد الدمشقي ومحمد بن أحمد بن البراء، والهيثم بن خلف الدوري
ومحمد ابن محمد الباغندي، ومحمد بن صالح بن ذريح، وسعيد بن سعدان الكاتب، وأبو
محمد عبدان الأهوازي، ومحمد بن أحمد بن سلم الضراب.
أخبرنا
الشريف افتخار الدين أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي بقراءتي
عليه قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد البسطامي، وأبو حفص عمر بن علي بن الحسن،
يعرف بشيخ، وأبو علي الحسين بن بشير بن عبد الله النقاش، وأبو الفتح عبد الرشيد بن
النعمان الوالجي قالوا: أخبرنا الدهقان أبو القاسم أحمد بن محمد بن محمد البلخي
قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد الخزاعي قال: أخبرنا الاديب أبو سعيد الهيثم
بن كليب الشاشي قال: حدثنا أبو عيسى الترمذي قال: حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري
قال: أخبرنا معن قال: أخبرنا مالك قال: أخبرنا سعيد بن أبي سعيد المقبري عن عبيد بن
جريج أنه قال لابن عمر: رأيتك تلبس النعال التي ليس فيها شعر وتتوضأ فيها فاني أحب
أن ألبسها.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو الفرج
يحيى بن محمود الأصبهاني قال: أخبرنا أبو طاهر عبد الواحد بن محمد ابن أحمد بن
الهيثم قال: أخبرنا أبو الفتح علي بن محمد بن عبد الصمد الدليلي قال: حدثنا أبو
بكر محمد بن ابراهيم بن علي بن عاصم قال: حدثنا الهيثم بن خلف الدوري والحسن بن
أحمد بن ابراهيم بن فيل الأنطاكي، ومحمد بن محمد بن سليمان الباغندي قالوا: حدثنا
إسحق بن موسى الأنصاري قال: حدثنا معن قال: حدثنا مالك عن عبد الله بن ادريس عن
شعبة عن سعد بن ابراهيم عن أبيه قال: بعث عمر إلى ابن مسعود وإلى أبي الدرداء وإلى
أبي مسعود الأنصاري فقال: ما هذا الحديث الذي تكثرون عن رسول الله صلى الله عليه
وسلم، وحبسهم بالمدينة حتى استشهد.
قال أبو بكر: لفظ ابن فيل، قلت: ويغلب على ظني أن أبا طاهر الحسن بن أحمد بن
ابراهيم بن فيل الأنطاكي سمعه من إسحق بن موسى بحلب أو ببعض عملها حين اجتاز مع
المتوكل في سنة أربع وأربعين، والله أعلم، ووقع في هذه الرواية هكذا أبي مسعود
الأنصاري.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد الحلبي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد الدمشقي
قال: أخبرنا أبو طاهر الحنائي قال: أخبرنا أحمد ومحمد ابنا عبد الرحمن ابن أبي نصر
قال: أخبرنا القاضي أبو بكر الميانجي قال: حدثنا محمد بن صالح ابن ذريح بعكبراء
قال: حدثنا إسحق بن موسى الأنصاري قال: حدثنا معن بن عيسى قال: حدثنا مالك بن أنس
عن عبد الله بن ادريس الأودي عن شعبة عن سعد ابن ابراهيم عن أبيه قال: بعث عمر رضي
الله عنه إلى عبد الله بن مسعود وأبي الدرداء، وأبي موسى فقال: ما هذا الحديث الذي
تكثرون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحبسهم بالمدينة حتى استشهد رضي الله عنه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: قرأت على أبي بكر البرقاني عن ابراهيم بن محمد المزكي قال:
أخبرنا محمد بن إسحق السراج قال: حدثني عيسى بن إسحق ابن موسى قال أبي: إسحق بن
موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن زيد ابن زيد بن حصن بن عمرو بن الحارث بن
خطمة، واسم خطمة عبد الله بن جشم ابن مالك بن أوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن
عامر ماء السماء، وانما سمي خطمة لأنه خطم رجلا بسيفه على خطمه فسمي خطمة، وسمي
النجار لأنه ضرب رجلا بسيفه على هامته فقده بالسيف، فلذلك سمي النجار، واسمه تيم
الله.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا علي بن عمر الدارقطني قال:
حدثنا الحسن بن رشيق البصري قال: حدثنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي عن
أبيه، ثم أخبرني محمد بن علي الصوري قال: حدثنا الخصيب ابن عبد الله قال: ناولني
عبد الكريم، وكتب لي بخطه قال: سمعت أبي يقول: إسحق بن موسى بن عبد الله بن موسى
بن عبد الله بن يزيد الأنصاري أصله كوفي، وكان بالعسكر، ثقة.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال:
أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد ابن حمدون
قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلما يقول: أبو موسى إسحق بن موسى الأنصاري،
سمع معن بن عيسى، وأبا ضمره.
قال علي بن الحسن في نسخة الكتاب الذي أخبرناه أبو عبد الله الأديب شفاها قال:
أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله اجازة.
قال:
وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، قالا: أخبرنا أبو محمد
بن أبي حاتم قال: إسحق بن موسى، أبو موسى الأنصاري الخطمي، روى عن عاصم بن عبد
العزيز، وأنس عياض، وعبد السلام بن حرب، والمطلب بن زياد، وعمر بن عبيد، ومعن بن
عيسى.
روى عنه أبي وأبو زرعة، سمعت أبي يطنب القول فيه في صدقه واتقانه.
أخبرنا أبو اليمن الكندي فيما أذن فيه قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: إسحق بن موسى بن عبد الله، أبو موسى الأنصاري الخطمي، مديني
الأصل، كوفي الدار، ورد بغداد، وحدث بها وبسر من رأى عن: سفيان بن عيينة، وأبي
ضمرة أنس بن عياض، وعبد السلام بن حرب الطائي وعمر بن عبيد الطنافسي، وعبد الرحيم
بن سليمان، ومعن بن عيسى، وعنده عن معن عن مالك كتاب الموطأ.
روى عنه ابنه موسى، وإسحق بن يعقوب العطار، ومحمد بن أحمد بن البراء، وموسى بن
هرون، والهيثم بن خلف الدوري، وسعيد بن سعدان الكاتب، وكان ثقة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن
الحافظ قال: إسحق بن موسى بن عبد الله بن موسى بن عبد الله بن يزيد ابن زيد أبو
موسى الأنصاري الخطمي القاضي، أصله من المدينة، وسكن الكوفة، وقدم دمشق مع جعفر
المتوكل سنة ثلاث وأربعين ومائتين، وحدث ببغداد وغيرها عن سفيان بن عيينة وأنس بن
عياض، وأبي معن محمد بن معن بن محمد الغفاري، وعاصم بن عبد العزيز، وعبد السلام بن
حرب، والمطلب بن زياد، وعمر ابن عبيد، ومعن بن عيسى القزاز.
روى عنه: مسلم في صحيحه، وأبو عيسى الترمذي في جامعة، وأبو عبد الرحمن النسائي،
وأبو عبد الله بن ماجة في سننهما، وأبو بكر بن خزيمة، وأبو علي الحسين بن محمد بن
زياد القباني، والحسين بن عبد الله بن يزيد القطان الرقي، وعبد الصمد بن عبد الله
بن أبي يزيد الدمشقي، وأبو علي صالح بن محمد جزرة الحافظ، وابنه موسى بن إسحق
القاضي، وأبو زرعة وأبو حاتم الرازيان، وولي القضاء بنيسابور، وقال يحيى بن يحيى:
هو من أهل السنة.
هكذا قال أبو القاسم الحافظ أنه قدم دمشق مع جعفر المتوكل سنة ثلاث وأربعين
ومائتين، والمتوكل قدم دمشق غرة صفر سنة أربع وأربعين ومائتين، وسيأتي ذكر قدومه
في ترجمته إن شاء الله تعالى.
قال أبو القاسم الحافظ: أنبأنا أبو نصر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي
قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن إبراهيم الهاشمي
قال: حدثنا الحسين بن محمد بن زياد قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: مات أبو موسى
الأنصاري الكوفي سنة أربع وأربعين ومائتين.
قال الحافظ: وذكر أبو الحسن محمد بن أحمد بن القواس الوراق مات بجوسية من حمص
منصرفا من المتوكل.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر قال
أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال عبد الله بن محمد
البغوي: مات أبو موسى إسحق بن موسى الأنصاري بحمص سنة أربع وأربعين، وقد رأيته.
إسحق بن موسى بن عبد الرحمن بن عبيد اليحمدي: أبو يعقوب الأستراباذي المعروف بابن
أبي عمران الشافعي الفقيه، رحل وسمع الحديث، وطاف البلاد في طلبه، فسمع بدمشق
وحران وغيرهما، فقد اجتاز بجلب أو ببعض عملها فيما بين حران ودمشق.
ذكره الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في تاريخها بما أخبرنا به ابن أخيه
زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه - قال
أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: إسحق بن موسى بن عبد الرحمن ابن عبيد، أبو
يعقوب اليحمدي الأستراباذي الفقيه الشافعي، ويعرف بابن أبي عمران، سمع: بدمشق هشام
بن عمار، وهشام بن خالد، وبخراسان قتيبة بن سعيد، وإسحق بن إبراهيم بن راهويه.
وبمصر حرملة بن يحيى التجيبي، بن سعيد الشالنجي، وبمصر حيون بن المبارك البصري.
روى عنه أبو نعيم عبد الملك بن محمد بن عدي، وجعفر بن شهريل، ومحمد بن أحمد بن
الظريف، والد أبي أحمد الجرجانيون.
وذكره
حمزة بن يوسف السهمي في تاريخ جرجان بما أنبأنا به أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد
قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو
القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي - إجازة -
قال: إسحق بن موسى بن عبد الرحمن ابن عبيد اليحمدي الأستراباذي، وكنيته أبو يعقوب،
يعرف بابن أبي عمران الشافعي كان من ثقاتهم، وفقهائهم، يقال إنه أول من حمل كتب
الشافعي إلى أستراباذ.
روى عن: قتيبة بن سعيد، وإسحق بن إبراهيم الحنظلي، وهشام بن عمار، وهشام بن خالد،
ومخلد بن مالك الحراني، وحرملة بن يحيى، ومحمد ابن عثمان بن أبي صفوان، واسماعيل
بن سعيد الشالنجي وغيرهم، روى عنه أبو نعيم وجعفر بن شهريل، وأحمد بن محمد بن
الغطريف.
أخبرنا عبد الصمد بن محمد القاضي إذنا عن إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم
بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف - فيما أجاز لنا - قال: قال أبو أحمد محمد بن
أحمد بن الغطريف: حدثنا أبي قال: حدثنا إسحق بن أبي عمران الأستراباذي قال: حدثنا
حيون بن المبارك البصري بمصر قال: حدثنا محمد بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا أبي
عن جدي عن أنس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " ليستتر أحدكم في
الصلاة بالخط بين يديه، وبالحجر، وبما وجد من شيء، مع أن المؤمن لا يقطع صلاته شيء
" .
حرف النون في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن نجيح الملطي: أبو صالح وقيل أبو يزيد الأزدي، حدث عن عطاء الخراساني، وابن
جريج، وزنكل بن علي العقيلي الرقي، واسماعيل الكندي، ويحيى بن أبي كثير، وعباد بن
راشد، وهشام بن حسان، وأبي المنيب العتكي. وعبد العزيز بن أبي رواد، وعبد السلام
بن سلمة الفلسطيني.
روى عنه الحسن بن عرفة، وعلي بن حجر، وأحمد بن محمد بن سعيد ابن جبلة، ومخلد بن
مالك، وحماد بن عمرو النصيبي، وعبد الصمد بن الفضل، وعبد الرحيم بن حبيب البغدادي
وأبو صالح صبيح بن بديع الخراساني، ومحمد بن حرب النشائي، ويوسف بن يعقوب الثقفي
وعلي بن هاشم ابن مرزوق، وعيسى بن أبي فاطمة، وسهل بن شقير، ومحمد بن بشر
البغدادي، ودهم بن جناح الملطي، ويزيد بن مروان الخلال، وإبراهيم بن راشد الأدمي،
وسويد بن سعيد، وأحمد بن بشار الصيرفي، والحسين بن أبي زيد الدباغ، ومحمد ابن
منصور الطوسي، ومحمد بن الحسين الحضرمي، وكان يتهم بوضع الحديث. وأظن تمام بن نجيح
الملطي أخاه، وكان يتهم أيضاً بوضع الحديث.
أخبرنا حسن بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحسين
بالمسجد الحرام بالحجر، وأبو الخطاب عمر بن إيلملك بن الأرغانسي بالبيت المقدس،
وأبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي الصوفي بحبرى بمسجد الخليل عليه
السلام، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي بها، والخطيب علي بن عبد
الرحمن بن مساور بحلب وبمنبج قالوا كلهم: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن
أحمد السلفي الأصبهاني قال: اخبرنا أبو المظفر سعد بن الحسين بن الحسن الجصاص
المفيد بأصبهان قال: أخبرنا أبو سهل حمد بن أحمد بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا عبد
الله بن محمد بن عبد الوهاب قال: حدثنا محمد بن عمر بن حفص قال: حدثنا أبو عبد
الله الهيثم ابن محمد الأصبهاني قال: حدثنا سهل بن شقير قال: أخبرنا أبو صالح إسحق
بن نجيح قال: حدثنا عطاء عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: من
روى عني أربعين حديثاً جاء في زمرة العلماء يوم القيامة.
ورواه إسحق بن نجيح أيضاً عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن عبد الله بن عباس،
أخبرنا به الشيخان أبو الفهم يحيى بن إبراهيم بن علي بن جعفر الزهري بنابلس، وأبو
الفضل محمد بن هبة الله بن أحمد بن قرناص الحموي بحلب قالا: أخبرنا أبو المحاسن
عبد العزيز بن عبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد بن عبد الواحد بن عبد الكريم بن
هوازن القشيري قال: أخبرنا أبو الأسعد هبة الرحمن ابن عبد الواحد بن عبد الكريم
قال: أخبرنا جدي أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد
بن عبد الله الكزبري قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن قريش قال: حدثنا
الحسن بن سفيان.
وأخبرنا
به عالياً أبو الفتوح محمد بن محمد بن محمد بن عمرو البكري بدمشق قال: أخبرنا أبو
الأسعد هبة الرحمن بن عبد الواحد بن عبد الكريم القشيري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد
بن علي بن محمد الأصبهاني الحافظ قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن محمد بن رجاء
السرخسي بها قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم التاجر - واللفظ له - قالا:
حدثنا على بن حجر قال: حدثنا إسحق بن نجيح عن ابن جريج عن عطاء بن أبي رباح عن ابن
عباس رضي الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من حفظ على أمتي
أربعين حديثاً من السنة كنت له شفيعاً يوم القيامة.
ورواه مخلد بن مالك بن إسحق بن نجيح عن عطاء عن ابن عباس وقال: " كنت له
شفيعاً من النار " ، أخبرنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله ابن علوان -
قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله ابن محمد الأشيري
قال: أنبأني القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض قال: حدثنا الفقيه أبو إسحق
إبراهيم بن جعفر الغلابي قال: حدثنا القاضي أبو الأصبغ بن سهيل قال: حدثنا أبو
القاسم الطرابلسي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد ابن إبراهيم بن فراس قال: حدثنا أبو
عبد الله إبراهيم بن رحمون قال: حدثنا.. قال: حدثنا مخلد بن مالك قال: حدثنا إسحق
بن نجيح عن عطاء عن ابن عباس قال: قال النبي عليه السلام: من حفظ على أمتي في
السنة أربعين حديثاً كنت له شفيعاً من النار.
قال الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي في كتاب الكذبة والمجروحين: في قوله:
من حفظ على أمتي أربعين حديثاً فيه إسحق بن نجيح الملطي وهو دجال، وقال في قوله:
أتربو الكتاب وسحوه من أسفله رواه إسحق بن نجيح الملطي وهو كذاب دجال.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي الحافظ، المعروف بابن
الأستاذ الحلبي - قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حموية بحلب قال:
أخبرنا عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن
عبد الله بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
عبد الله بن قريش الزبونجي قال: أخبرنا علي بن سعيد العسكري قال: حدثنا الحسن بن
عرفة قال: حدثنا إسحق بن نجيح الملطي عن عطاء الخراساني عن أبي هريرة أن رسول الله
صلى الله عليه وسلم قال له: " يا أبا هريرة أنت أهل الصفة أضياف الاسلام
الذين لا يأوون إلى أهل ولا مال وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا جاءه صدقة
وجه بها إليهم " .
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال:
أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أنبأني أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال: أخبرنا
أبو مسلم بن مهران قال: قرأت على محمد بن طلاب بن علي فأقر به قال: قال أبو علي
صالح بن محمد: إسحق بن نجيح عن ابن جريج حديثه من حفظ على أمتي أربعين حديثاً قال
أبو علي: حديث باطل، وإسحق بن نجيح ترك حديثه.
قلت لمحمد بن منصور الطوسي: لم ترك حديث إسحق بن نجيح الملطي؟ فقال: حدثنا إسحق بن
نجيح عن هشام بن حسان عن الحسن قال: يغفر للزاني قبل يغفر للقواد فأنكروا هذا
عليه، ثم حدث بعد بأحاديث مناكير عن عطاء الخراساني وغيره.
قلت: والعجب أن هذا الحديث وهو من حفظ على أمتي أربعين حديثاً مع ضعفه وكونه من
حديث إسحق بن نجيح الملطي وهو معروف بالكذب ووضع الحديث خرجه جماعة من أئمة الحديث
الذين خرجوا الأربعينيات، فرواه الحافظ أبو طاهر السلفي مع جلالة قدره وحفظه في
صدر كتابه المعروف بالأربعين البلدانيه، وأبو القاسم القشيري في الأربعين حديثاً
من تخريجه، وحفيده أبو الأسعد القشيري في الأربعين التي خرجها، وتبعهم على ذلك
غيرهم، وجعلوا هذا الحديث من رواية إسحق بن نجيح حجتهم في جمع الأربعين حديثاً مع
أنه لا يصح الاحتجاج بحديث إسحق وهو متروك الحديث بالاتفاق.
أنبأنا
أبو القاسم بن رواحة قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال:
أنبأنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن محمد بن الأكفاني عن أبي الحسن علي بن
الحسين بن أحمد التغلبي قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ
قال: حدثنا أبو الحسين علي بن الحسين بن علان الحراني الحافظ قال: إسحق بن نجيح
الملطي متروك الحديث، يكنى أبو زيد وقيل أبو صالح، قرأته بخط أبي طاهر السلفي.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد
بن علي المقرئ قال: أخبرنا أبو مسلم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله بن مهران قال:
أخبرنا عبد المؤمن بن خلف النسفي قال: حدثنا صالح بن محمد، أبو علي البغدادي قال:
حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا إسحق بن نجيح الملطي قال: حدثنا عبد العزيز بن أبي
رواد عن نافع عن ابن عمر عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " من قال في ديننا
برأيه فاقتلوه " ، قال أبو علي: إسحق بن نجيح كان يضع الحديث، وقرأ علي أبو
علي هذا الحديث وأمر القلم عليه وقال: ما يصنع هو باطل.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام الحلبي عن الحافظ أبي العلاء الحسن ابن أحمد
قال: أخبرنا أبو جعفر الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن
فنجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد قال: أبو صالح إسحق بن نجيح الملطي عن أبي
أيوب عطاء بن عبد الله الخراساني، منكر الحديث.
روى عنه أبو الحسن علي بن محمد بن إياس السعدي، سمعت محمد بن يعقوب يقول: سمعت
العباس قال: سمعت يحيى، وذكر إسحق بن نجيح الملطي فضعفه، قال: لا رحمه الله، كناه
مسلم.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إذنا - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو
بكر الخطيب قال: وأخبرنا عبيد الله بن عمر قال: حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن
مخلد.
وأنبأنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة بن فارس المعروف بابن القبيطي في كتابه
قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو
أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا محمد بن حماد قال: حدثنا العباس ابن محمد قال:
سمعت يحيى بن معين وذكر إسحق بن نجيح الملطي فضعفه، وقال: لا رحمه الله.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب
قال: أخبرنا البرقاني قال: حدثني محمد بن العباس قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن مسعدة
الفزاري قال: حدثنا جعفر بن درستويه قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن القاسم بن محرز
قال سمعت يحيى بن معين يقول: إسحق بن نجيح الملطي كذاب، عدو الله، رجل سوء خبيث.
وقال الخطيب: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا هبة الله بن محمد ابن حبش
الفراء قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين يقول: كان
ببغداد قوم يضعون الحديث معهم إسحق بن نجيح الملطي.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن علي بن حمزة في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الابنوسي
قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو
أحمد بن عدي قال: إسحق بن نجيح، أبو صالح الملطي، ويقال إن كنيته أبو زيد.
حدثنا علي بن أحمد بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن سعيد بن أبي مريم قال: سمعت يحيى
بن معين يقول: من المعروفين بالكذب ووضع الحديث إسحق بن نجيح الملطي.
قال ابن عدي: وإسحق بن نجيح بين الأمر في الضعفاء، وهو ممن يضع الحديث.
قال ابن عدي: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: سمعت
أبي يقول: إسحق بن نجيح الملطي أكذب الناس، يحدث عن البتي عن ابن سيرين برأي أبي
حنيفة.
أنبأنا أبو اليمن قال أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي
جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال:
حدثنا عبد الله بن أحمد.
قال الخطيب: وأخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الله
بن سليمان قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول: إسحق بن نجيح
الملطي هو من أكذب الناس، زاد العقيلي يحدث عن البتي وعن ابن سيرين برأي أبي
حنيفة.
قال
الخطيب: أخبرني عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي
قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال: حدثنا ابن الغلابي قال: قال أبو زكريا:
إسحق بن نجيح الملطي كذاب.
وقال الخطيب: أخبرنا البرقاني قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن جعفر
المالكي قال: حدثنا أبو حازم عبد المؤمن بن المتوكل بن مشكان ببيروت قال: أخبرنا
أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب.
قال الخطيب: وأخبرنا عبد العزيز بن أحمد بن علي الكتاني بدمشق قال: حدثنا عبد
الوهاب بن جعفر الميداني قال: حدثنا عبد الجبار بن عبد الصمد السلمي قال: حدثنا
القاسم بن عيسى العطار قالا: حدثنا إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال: إسحق بن نجيح
الملطي غير ثقة، ولا من أوعية الأمانة.
أنبأنا أبو القبيطي قال: أخبرنا ابن الآبنوسي قال: أخبرنا الاسماعيلي قال: أخبرنا
السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت ابن حماد يقول: قال السعدي: إسحق بن
نجيح الملطي غير ثقة ولا من أوعية الأمانة.
وقال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: إسحق بن نجيح منكر الحديث وهو
أزدي.
وقال أبو أحمد: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: قال علي بن نصر: إسحق بن
نجيح الملطي منكر الحديث.
قال ابن عدي: وقال النسائي: إسحق بن نجيح الملطي متروك الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر الاسكندراني بمنظرة سيف الإسلام بين مصر
والقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي بالاسكندرية قال: أخبرنا أبو مرشد بن يحيى
بن القاسم المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن
منير الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد
الرحمن أحمد بن شعيب بن علي بن سنان بن بحر النسوي قال: إسحق بن نجيح الملطي متروك
الحديث.
قلت: وقد قال النسائي في كتاب التمييز في أحوال الرجال: إسحق بن نجيح الملطي كذاب.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: أخبرني
علي بن محمد بن الحسن المالكي قال: أخبرنا عبد الله بن عثمان الصفار قال: أخبرنا
محمد بن عمران بن موسى الصيرفي قال: حدثنا عبد الله بن علي بن المديني قال: وسألت
أبي عن إسحق بن نجيح الملطي فقال بيده هكذا، أي ليس بشيء وضعفه.
وقال عبد الله في موضع آخر: سمعت أبي يقول: إسحق بن نجيح الملطي روى عجائب وضعفه.
قال أبو بكر الحافظ: أخبرنا ابن الفضل القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: إسحق بن نجيح الملطي لا يكتب حديثه.
وقال: أبو بكر: وأخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا
سهل بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: إسحق بن نجيح الملطي
كذاب كان يضع الحديث.
وقال أبو بكر: أخبرني أحمد بن عبد الله الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال:
أخبرنا علي بن أحمد بن سليمان المصري قال: حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال:
وقال لي غير يحيى بن معين: اجتمع الناس على طرح هؤلاء النفر ليس يذاكر بحديثهم ولا
يعتد به: إسحق بن نجيح الملطي، وحماد بن عمرو النصيبي، وذكر قوماً.
قرأت في كتاب الجرح والتعديل لأبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: إسحق
بن نجيح الملطي روى عن عطاء الخراساني، وعباد بن راشد، روى عنه عيسى بن أبي فاطمة،
وعلي بن هاشم بن مرزوق.
أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حنبل فيما كتب إلي قال: سمعت أبي يقول: إسحق بن نجيح
الملطي من أكذب الناس، يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم برأي أبي حنيفة.
قرئ على العباس بن محمد الدوري عن يحيى بن معين قال: إسحق بن نجيح الملطي ليس
بشيء.
قد ذكرنا أن أحمد بن حنبل قال: يحدث عن البتي برأي أبي حنيفة، وأظن قوله يحدث عن
النبي صلى الله عليه وسلم تصحيف البتي، والله أعلم.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن رزيق قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: إسحق بن نجيح الملطي أبو صالح، وقيل أبو يزيد، كان يسكن بغداد، وحدث
عن هشام بن حسان، وعطاء الخراساني، وابن جريج، وأبي المنيب العتكي، وعبد العزيز بن
أبي رواد.
روى
عنه: يزيد بن مروان الخلال، وسويد بن سعيد، وعلي بن حجر، وأحمد بن بشار الصيرفي،
ومحمد بن منصور الطوسي، والحسين بن أبي زيد الدباغ، وإبراهيم بن راشد الأدمي.
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن أبو البركات الحمداني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر
السلفي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد الكتاني قال:
أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن جعفر قال: حدثنا أبو هاشم السلمي قال: حدثنا أبو
بكر القاسم بن عيسى العصار قال: حدثنا أبو إسحق إبراهيم بن يعقوب الجوزجاني قال:
إسحق بن نجيح الملطي غير ثقة، ولا من أوعية الأمانة.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي إذناً عن الإمام أبي سعد السمعاني قال: إسحق بن نجيح
الملطي، سكن بغداد، دجال من الدجاجلة، كان يضع الحديث على رسول الله صلى الله عليه
وسلم صراحاً.
روى عن ابن جريح، ويحيى بن أبي كثير، روى عنه: محمد بن حرب النشائي الواسطي، وعلي
بن حجر السعدي المروزي.
إسحق بن نصر أبو زياد: حدث بالمصيصة عن يوسف بن سعيد بن مسلم، روى عنه أبو الفضل
محمد ابن أحمد بن حمزة الهاشمي.
قرأت في تاريخ حران تأليف حماد بن هبة الله بن حماد الحراني - وأجازه لنا غير واحد
من شيوخنا عنه - قال: قرأت في كتاب شيخنا المعمر بن عبد الواحد ابن الفاخر
الأصبهاني وخطه: أخبرنا الإمام عمي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم العبدي قال:
أخبرنا أبو منصور الوكيل بهمذان قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن حمزة
الهاشمي بالدسكرة قال: حدثنا إسحق بن نصر أبو زياد بالمصيصة قال: حدثنا يوسف بن
سعيد قال: حدثنا روح الحراني عن خليد بن دعلج عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال
رسول الله صلى الله عليه وسلم: حبذا كل غانم ناطق ومستمع واع " .
حرف الياء في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله: أبو محمد التيمي المديني، غزا الروم مع مسلمة
بن عبد الملك، دخل معه الدرب، وكان معه بدابق، وكان مع عمر بن عبد العزيز حين
استخلف.
وذكر أبو عبد الله البخاري في التاريخ الصغير قال: حدثني إبراهيم بن المنذر قال:
حدثني معن قال: حدثني إسحق بن يحيى قال: أدربت مع مجاهد - يعني دخل الدرب عام غزوة
مسلمة بن عبد الملك.
أنبأنا بذلك أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الحسن
علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن النهاوندي قال: أخبرنا
أبو العباس أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا
محمد بن إسماعيل البخاري.
ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخ دمشق - بما أخبرنا به ابن أخيه زين
الأمناء الحسن بن محمد، فيما أذن فيه - قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: إسحق بن
يحيى بن طلحة بن عبيد الله، أبو محمد التيمي المديني، رأى السائب بن يزيد صاحب
رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، والمسيب بن
دارم، وعميه موسى وعيسى ابني طلحة بن عبيد الله، وعمته عائشة، وأبي بكر بن محمد بن
عمرو بن حزم، ومجاهد بن جبر، وعبد الله بن كعب بن مالك السلمي، ومعبد بن خالد.
روى عنه: عمر بن أبي سلمة بن عبد الرحمن بن عوف، ومروان الفزاري، وسليمان بن بلال،
وعبد الله بن المبارك، ووكيع ويزيد بن هرون، وعبد الله بن وهب، وأبو عوانة الوضاح،
وأبو عامر العقدي، واسماعيل بن أبي أويس، وسعيد ابن سليمان، وأبو داود الطيالسي،
وعاصم بن علي، وأمية بن خالد، وفروة بن سليمان الجهضمي، وخالد بن نزار الأيلي،
وشبابة بن سوار، ومحمد بن خالد بن عثمة، ومحمد بن عمر الواقدي، وبشر بن الوليد
الكندي، ووفد على عمر بن عبد العزيز، وغزا القسطنطينية.
قلت: وقد روى عنه أيضاً الهيثم بن جميل الأنطاكي، ومعن بن عيسى.
وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب الاستذكار قال: وروي عن إسحق بن يحيى بن طلحة
قال: دخلت على عمر بن عبد العزيز وقد استخلف فوجدته قد جعل بيت مال الغنائم على
حده، وبيت مال الخراج على حده، وبيت مال الخمس على حده.
أنبأنا
أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن
المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال:
أخبرنا الزبير بن بكار قال: من ولد يحيى بن طلحة: إسحق بن يحيى، روى عنه الحديث،
وأمه الخنساء بنت زبار بن الأبرد الكلبي.
أخبرنا أحمد بن الزهر السباك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري
قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا سليمان بن
إسحق بن ابراهيم بن الخليل الجلاب قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد
بن سعد قال: في الطبقة الخامسة من أهل المدينة، إسحق ابن يحيى بن طلحة بن عبيد
الله التيمي، وأمه الخنساء بنت زبار بن الأبرد بن مضاد بن عدي بن أوس بن جابر بن
كعب بن عليم من كلب.
وقد روى إسحق بن يحيى عن مجاهد والمسيب بن دارم وغيرهما، وكان أخوه طلحة بن يحيى
أثبت في الحديث عندهم منه، وكان إسحق بن يحيى يكنى أبا محمد، ومات بالمدينة في
خلافة المهدي وهو يستضعف.
أنبأنا أبو الوحش بن نسيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر
اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا ابن سعد
قال: في الطبقة السادسة من أهل المدينة إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله التيمي،
ويكنى أبا محمد، مات بالمدينة في خلافة المهدي.
قال أبو القاسم الحافظ: أخبرنا أبو القاسم الواسطي قال: حدثنا أبو بكر الخطيب.
قال: وحدثنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين البزاز
قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني قال: قرأت على أبي يعلى حمزة بن محمد
بن علي قلت له: حدثكم أبو الحسين محمد بن إبراهيم بن شعيب الغازي.
قال: وأنبأنا أبو الغنائم بن النرسي وحدثنا أبو الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو
الفضل بن خيرون وأبو الحسين الغندجاني - زاد ابن خيرون ومحمد بن أحمد الأصبهاني -
قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قالا: أخبرنا محمد بن إسماعيل
البخاري قال: إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي، يعد في أهل
المدينة عن المسيب بن رافع سمع منه - وقال الغازي: روى عنه - ابن المبارك، ووكيع،
يتكلمون في حفظه زاد ابن سهل قال إسحق: حدثنا الهيثم بن جميل قال: حدثنا إسحق بن
يحيى بن طلحة أبو محمد، وزاد الغازي يكتب حديثه.
وقال أبو القاسم الحافظ: أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أحمد بن منصور قال
أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم ابن الحجاج
يقول: أبو محمد إسحق بن يحيى بن طلحة عن المسيب بن رافع؛ روى عنه ابن المبارك،
ووكيع، والهيثم بن جميل.
أنبأنا أبو الفرج بن القبيطي قال: أخبرنا أبو الحسن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي
قال: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله، أبو
محمد، كان ابن المبارك ووكيع يتكلمون في حفظه.
قال ابن عدي: وقال النسائي: إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله مديني متروك
الحديث.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر
أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى بن القاسم المديني قال:
أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد بن الحسن بن علي بن منير الخلال قال: أخبرنا
أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي
قال: إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ليس بثقة.
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال: أخبرنا أبو نصر
الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن
النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو محمد إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله ليس
بثقة.
أنبأنا
ابن القبيطي قال: أخبرنا ابن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال:
أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة
قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يحيى قال: سمعت يحيى بن معين يقول: إسحق بن يحيى بن
طلحة ليس بشيء.
قال ابن عدي: حدثنا أحمد بن علي المدائني قال: حدثنا الليث بن عبده قال: سمعت يحيى
بن معين يقول: إسحق بن يحيى بن طلحة ليس بشيء.
وقال: حدثنا محمد بن علي المروزي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيى بن
معين: فإسحق بن يحيى ما حاله الذي يروي عنه ابن المبارك حديث أبي بكر؟ قال: ليس
بشيء.
وقال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي بكر ومحمد بن أحمد بن حماد، وعبد الملك ابن محمد
قالوا: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: إسحق بن يحيى بن طلحة ضعيف.
وقال: حدثنا ابن أبي بكر قال: حدثنا عباس قال: سمعت يحيى يقول: إسحق ابن يحيى ليس
بشيء لا يكتب حديثه.
وقال: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا معاوية عن يحيى قال: إسحق بن يحيى بن طلحة ضعيف.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن مسعود الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال:
أخبرنا أبو بكر بن محمد الأشناني قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول:
سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سألت يحيى بن معين قلت: فإسحق بن يحيى ما باله،
الذي يروي عنه ابن المبارك حديث أبي بكر؟ قال: ليس بشيء.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت
بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد
قال: أخبرنا أبو الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي عن يحيى بن معين قال: إسحق بن
يحيى بن طلحة يضعف.
وقال المفضل في موضع آخر: كان يحيى بن معين يضعف إسحق بن يحيى، وبلغني عن القطان
أنه ذكره فقال: ذاك شبه لا شيء.
أخبرنا أبو الفرج الحراني في كتابه قال: أخبرنا ابن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو
القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو أحمد الحافظ قال: حدثنا ابن حماد
قال: حدثني صالح بن أحمد قال: حدثنا علي بن المديني قال: سألت يحيى بن سعيد عن
إسحق بن يحيى بن طلحة قال: شبه لا شيء.
وقال: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: سمعت أبي يقول:
إسحق بن يحيى بن طلحة شيخ متروك الحديث.
وقال ابن عدي: وقال عمرو بن علي: إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله متروك الحديث،
قال: وسمعت وكيعاً وأبا داود يحدثان عنه.
قال ابن عدي - وذكر أحاديث مناكير من رواية إسحق - : ولإسحق أحاديث غير ما ذكرت،
ولم أجد في أحاديثه أنكر مما ذكرته، وهو خير من إسحق بن أبي فروة، وإسحق بن نجيح
بكثير.
أنبأنا أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: في
نسخة ما أخبرنا به أبو عبد الله الخلال شفاها قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة عن
حميد بن عبد الله الأصبهاني.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد
قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن ابراهيم قال: حدثنا عمرو بن
علي قال: سمعت وكيعا وأبا داود الطيالسي يحدثان عن إسحق بن يحيى بن طلحة وهو متروك
الحديث، منكر الحديث.
وقال ابن أبي حاتم: سمعت أبا زرعة يقول: إسحق بن يحيى بن طلحة واهي الحديث.
قال: وسمعت أبي يقول: إسحق بن يحيى بن طلحة ضعيف الحديث ليس بقوي، ولا بمكان أن
يعتبر حديثه.
وقال: وذكر أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الكناني الأصبهاني قال: قلت لأبي حاتم:
ما تقول في إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله القرشي التيمي؟ فقال: ليس بقوي
الحديث.
قال أبو القاسم قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد
لفظا قال: أخبرنا أبو نصر بن الجبان إجازة قال: حدثنا أحمد بن القاسم الميانجي
قال: حدثنا أحمد بن طاهر بن النجم قال: حدثني سعيد بن عمرو البرذعي قال: قلت لأبي
زرعة الرازي إسحق بن يحيى بن طلحة؟ قال: منكر الحديث جدا.
قال: وأخبرنا أحمد بن القاسم إجازة قال: أخبرنا أحمد بن طاهر قال: حدثني سعيد عن
أبي زرعة في أسامي الضعفاء ومن تكلم فيهم من المحدثين، فذكرهم وذكر منهم إسحق بن
يحيى بن طلحة بن عبيد الله.
أنبأنا
أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي
إجازة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي
قال: حدثنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا
زكريا بن يحيى قال: حدثنا محمد بن المثنى قال: ما سمعت عبد الرحمن يحدث عن إسحق بن
يحيى بن طلحة بن عبيد الله شيئا قط.
أنبأنا أبو القاسم عن أبي الفتح نصر الله بن محمد الفقيه قال: كتب إلينا أبو
الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: وأخبرنا عبد العزيز بن علي الآزجي قال: أخبرنا
أبو الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد الخلال قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب
بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: إسحق بن يحيى بن طلحة كان لا بأس به، وحديثه مضطرب
جدا، قال يحيى بن معين: إسحق بن يحيى بن طلحة ضعيف الحديث، وقال علي بن المديني:
نحن لا نروي عن إسحق بن يحيى بن طلحة شيئا.
وقال: وحدثني عبد الله بن شعيب قال: قرأ علي يحيى بن معين: إسحق بن يحيى بن طلحة
بن عبيد الله ليس بشيء، يضعف.
وقال مصعب الزبيري: إسحق بن يحيى بن طلحة أمه أم ولد.
أنبأنا أبو القاسم عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري،
وثابت بن بندار بن ابراهيم قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر، وأبو نصر
محمد بن الحسن قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد ابن زكريا قال:
حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: إسحق بن يحيى بن طلحة
ليس بالقوي.
أنبأنا أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة - إجازة أو سماعا - عن
أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا محمد ابن عبد الله بن
خمرويه قال: أخبرنا الحسن بن إدريس قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن عمار الموصلي
قال: إسحق بن يحيى بن طلحة صالح.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لنا في روايته - قال:
أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو نصر بن القشيري: أخبرنا أبو بكر
البيهقي قال أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: قرأت بخط أبي يعقوب إسحق بن ابراهيم
بن عمار الأنصاري قال: سألت محمد بن إسماعيل البخاري فقال: إسحق بن يحيى بن طلحة
يهم في الشيء بعد الشيء إلا أنه صدوق.
قال علي بن الحسن: قرأت في كتاب الأخوة والأخوات لأبي العباس محمد بن إسحق السراج:
مات إسحق بن يحيى بن طلحة بن عبيد الله سنة أربع وستين ومائة.
ذكر من اسم أبيه يوسف ممن اسمه إسحق إسحق بن يوسف بن أيوب بن شادي بن مروان أبو
يعقوب، المعروف بالملك المعز بن الملك الناصر صلاح الدين، كان قد سمع بالديار
المصرية من أبي محمد بن بري، وسمعته يذكر أن الشيخ الطوسي كان شيخه.
وقدم حلب وافداً على أخيه الملك الظاهر غازي، وأجرى عليه معيشة تكفيه، وكان عند
قدومه حلب قد نزل في جوارنا في الدار التي هي الآن في ملكي، المعروفة بسلفنا،
وأقام بحلب إلى أن مات أخوه الملك الظاهر، واجتمعت به مراراً، وكان حسن المذاكرة،
طيب المعاشرة، وحدث بشيء مما سمعه من أبي محمد بن بري قبل موته بأيام قلائل.
أخبرني أخوه الملك المحسن أحمد بن يوسف أن مولد أخيه الملك المعز سنة سبعين
وخمسمائة، وزادني غيره أنه ولد بمصر في شهر ربيع الاول منها، وتوفي رحمه الله
بظاهر مدينة حلب يوم السبت الرابع من ذي الحجة من سنة خمس وعشرين وستمائة، كان في
الصيد فسقط عن مركوبه، فاندقت عنقه، ودفن بمقابر مقام إبراهيم خارج باب العراق.
إسحق بن يوسف الفصيص بن يعقوب التنوخي الفصيصي أبو يعقوب، وقد سبق ذكر تمام نسبه
فيما تقدم، وكان أمير حمص، واللاذقية، وجبلة، وهو والد محمد والحسين ممدوحي أبي
الطيب المتنبي، وكانت الولاية على هذه المواضع المذكورة له ولأخيه ابراهيم في سنة
ثلاث وتسعين ومائتين، وهما اللذان أوقعا بالأكراد في سنة ثلاثمائة، ومقدمهم يومئذ
أبو الحجر المؤمل بن مصبح، وهزم عسكر أبي الحجر وقتل أكثرهم، وهرب أبو الحجر فطرح
نفسه في بحيرة أفامية، فأقام فيها أياماً في الماء.
وفي تلك الوقعة يقول بعض شعراء تنوخ يصف فعل أبي الحجر:
توهم الحرب شطرنجاً يقلبها ... للقمر ينقل فيها الرخّ والشاها
جازت
هزيمته أنها فامية ... إلى الحيرة حتى غط في ماها
وإسحق هذا وأخوه ابراهيم هما اللذان سريا خلف الروم حين افتتحوا اللاذقية وجبلة،
والهرياذة، وأسروا من كان فيها من المسلمين، وكانا بحمص، فلم يلحقا الروم، فكاتبا
رئيس الأساقفة بقبرس وتهدداه فأطلق جميع الأسرى، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أخيه
ابراهيم.
وقدم إسحق حلب سنة تسع عشرة وثلاثمائة، وكان طريف السبكري صاحب حلب قد حاصره
وجماعة أهله في حصونهم باللاذقية وغيرها وحاربوه حتى نفد جميع ما كان عندهم من القوت
والماء فنزلوا على الأمان، ودخلوا معه حلب مكرمين.
قرأت معنى ذلك جميعه في تاريخ أبي غالب همام بن الفضل بن المهذب المعري، ثم قرأته
بخط جد أبيه أبي الحسين علي بن المهذب المعري التنوخي في جزء علقه في التاريخ.
ذكر الكنى في آباء من اسمه إسحق
إسحق بن أبي بكر بن محمد بن ابراهيم الطبري أبو يوسف القاضي قاضي مكة شرفها الله،
سمع بمكة أبا عبد الله محمد بن أبي الضيف، وأبا شجاع زاهر بن رستم، وأبو الفتوح
نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبا محمد يونس بن يحيى الهاشمي، وأبا بكر بن حرز الله
التونسي، وأبا القاسم عبد المحسن بن عبد الله الطوسي، وأبا المظفر محمد بن علوان
بن مهاجر، وأبا عبد الله محمد بن ابراهيم الخبري الفارسي، وشيخنا أبو عبد الله
محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي الصوفي، وأبا طالب عبد المحسن بن أبي
العميد الحنفي الأبهري، وطاف البلاد، وسمع ببغداد العقاب شيخ الفتوة، وبحلب شيخنا
أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، وبالاسكندرية جعفر الهمداني،
وسمع بحماة ودمشق ومصر وغيرها من البلاد، وحدث بشيء من الحديث بزبيد من بلاد
اليمن.
أخبرني أبو الفضل بن عبد الكريم بن عبد الله بن مالك الموصلي أنه سمع منه بزبيد
شيئا من الحديث.
إسحق بن أبي ربعي الكاتب كان في صحبة عبد الله بن طاهر، وخرج معه من الرقة إلى
مصر، واجتاز في طريقه معه بحلب أو ببعض عملها، وقد قدمنا ذكره في حكاية ذكرناها في
ترجمة إسحق بن ابراهيم الرافقي.
إسحق بن أبي عبد الرحمن أبو يعقوب، وقيل أبو يوسف الأنطاكي الأطروش العطار، حدث
بأنطاكية عن هشام بن عمار، وهشام بن خالد الأزرق، والمؤمل بن إهاب.
روى عنه: أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل المصري الحلبي.
وأظن أن أصله بصري وسكن أنطاكية.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو
القاسم بن الحسن بن هبة الله الشافعي قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن
الحسين عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: حدثني أبو
القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل المصري بدمشق قال: حدثنا أبو يعقوب إسحق بن
أبي عبد الرحمن العطار الأطروش بأنطاكية قال: حدثنا هشام بن عمار بدمشق يوم السبت
في شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن لهيعة عن سعيد
بن بقية عن عطاء بن يسار عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: إن هذه الآية التي
تجدونها في القرآن " يا أيها النبي إنا أرسلناك شاهداً ومبشر ونذيراً وحرزا
للأميين، أنت عبدي ورسولي، سميتك المتوكل، ليس بفظ ولا غليظ، ولا سخاب في الأسواق،
ولا يجزي بالسيئة السيئة ولكن يعفو ويصفح، ولن أقبضه حتى تقام به الملة المعوجة
بأن يقولوا: لا إله إلا الله، وتفتح به أعين عمي وآذان صم، وقلوب غلف.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا عمي
علي بن أبي محمد الحافظ قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو الحسن
بن صصرى قال: أخبرنا هما بن محمد قال: حدثنا إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل المصري
قال: حدثنا أبو يوسف إسحق بن أبي عبد الرحمن العطار البصري بأنطاكية قال: حدثنا
هشام بن عمار قال: حدثنا المخيس بن تميم عن بهز بن حكيم عن أبيه عن جده أن النبي
صلى الله عليه وسلم قال: إن الله خلق مائة رحمة فبث بين خلقه رحمة واحدة فهم
يتراحمون بها، وادخر عنده لأوليائه تسعة وتسعين.
أنبأنا
أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال:
إسحق بن أبي عبد الرحمن، أبو يوسف، ويقال أبو يعقوب الأنطاكي الأطروش العطار، سمع
بدمشق هشام بن عمار، وهشام بن خالد الأزرق في شوال سنة سبع وثلاثين ومائتين،
والمؤمل بن إهاب.
روى عنه أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل المصري.
قلت: توفي إسحق بن أبي عبد الرحمن بعد التاريخ الذي ذكره.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من لم يبلغنا نسبه ممن اسمه إسحق
إسحق البلخي الشاعر كان قد بلغ مائة سنة وعشرين سنة، أو قاربها، وكان برصافة هشام
بن عبد الملك في أيامه، حكى عن برمك أبي خالد بن برمك، روى عنه أبو حفص عمرو ابن
الأزرق الكرماني.
قرأت في أخبار البرامكة تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني قال: وحدثني إسحق
البلخي الشاعر، وكان معمراً قد زرف على العشرين والمائة سنة - أي أرمى عليها - أنه
رأى برمك قدم على هشام بن عبد الملك في خمسمائة شاكري، قال: فأكرمه وأعلى منزلته
وأعجب به، ثم أسلم، فرأيته جليل القدر عنده، عظيم الموقع منه.
وقد ذكرنا في ترجمة برمك بن برمك قدوم برمك الرصافة على هشام واسلامه على يده.
إسحق الانطاكي رجل من أهل الصلاح بأنطاكية، قال شعراً وأوصى أن يكتب على قبره.
أخبرنا أبو اليمن الكندي إذناً عن أبي قاسم الحريري قال: أخبرنا أبو بكر الخياط
قال: أخبرنا ابن دوست قال: أخبرنا ابن صفوان قال: حدثنا أبو بكر القرشي قال:
وحدثنا أبو زكرياء الخثعمي قال: أوصى رجل من أهل أنطاكية أن يكتب على قبره.
أعدّ لله يوم يلقاه ... إسحق أن لا إله إلاّ هو
يقولها مخلصاً عساه ... يرحمه في القيامة الله
إسحق الذي تنسب إليه الاسحاقية من النصارى: رجل لعين، ممن غير دين المسيح عليه
السلام عند ظهور الشعوب واختلافهم، ظهر بعد مر سواري اللعين الذي ادعى ان المسيح
رب العالمين.
قرأت في كتاب ديوان العرب وجوهرة الأدب وإيضاح النسب تأليف محمد ابن أحمد بن عبد
الله بن محمد الأسدي بعد ذكر مرسواري قال: وظهر عند ذلك رجل لعين آخر بأرض سورية
ثم بأرض حلب من شرقيها يقال له إسحق صاحب الدين، بنى له ديناً منفرداً فيه عمن
خالفه على مقالته وتابعه على ذلك أنباط كانوا بتلك الأرض من السواد وغيره، وذلك
أنه أبدع له من مقالته وكفر مرسواري وتلميذه يعقوب، وأذن بلعنه وقال: إن المسيح
إنسان وأن كلمة الله غيره، وأنها كانت تحل فيه إذا هم بفعل آية واظهار معجزة، وإذا
لم يرد أن يفعل شيئاً لم تحله الكلمة، فمشى على هذا الأمر، وله حجج على ذلك من
متشابه الكتب، وبث دواعيه إلى سائر الأعمال يدعون الشعوب إليه.
//ذكر من اسمه أسد أسد بن إبراهيم بن كليب بن إبراهيم بن علي: أبو الحسن القاضي
الحرّاني، قدم حلب وسمع بها نظيف بن عبد اللّه المقرئ مولى بني كسرى الحلبي، وأبا
بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي، وسمع بمكة أحمد بن موسى الأصبهاني، وحدث عنهم
وعن أحمد بن إبراهيم الكندي، وإبراهيم بن محمد الدّيبلي.
روى عنه: أبو إسحق إبراهيم بن سعيد الحبال، وأبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر
البخاري وأبو نصر عبد الله بن سعيد بن حاتم الوائلي الحافظ، وأحمد بن الحسين.
أسد بن جهور الكاتب: وكان يتولى بحلب عملا، ومدحه البحتري، وله ذكر وكان ينسب إلى
الغفلة.
قرأت في كتاب الصيد لأبي طالب محمد الخيمي البغدادي قال: وخبرني من حضر أسد بن
جهور 23 - و الكاتب يتصيد، وكان من شدة الغفلة على ما لم ير مثله.
وقال: رأيته وقد أطلق بين يديه باز على دراجة، ودخلته الأريحية فركض في إثره حتى
إذا كسرها استخرج سكينا من خُفه وأهوى بها نحو البازي فأمرها على حلقه ليذبحه،
فصاح به البازيار فكف عن البازي وأخذ الدراجة وقال: كدنا نظلمه الشقي.
قال: وكان معنا فتى ينادمه ظريف شاعر، وكان لا يزال يبلى من غفلته عنه واستخفافه
به على جهة السهو بكل عظيمة فأنشأ ينشدني:
أتيت بها مقبوحة الذكر سبةً ... تبث على مر الليالي وترجعُ
فإن كان عمداً ما أتيت فإنه ... لعمرك لؤم واجب ليس يدفعُ
وإن
كان عن سهوٍ وإفراط غفلةٍ ... فأحضر منك الهالكون وأنفعُ
أنبأنا أبو محمد بن يوسف النحوي عن أبي الفتح بن السبطي قال أنبأنا أبو عبد الله
الحميدي عن غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن بن المحسن بن الصابىء قال: وحدث أبو
الحسن أحمد بن يوسف بن يعقوب بن إسحق بن البهلول التنوخي قال: حدثني أبي قال: حضرت
أسد بن جهور، وكان شديد النسيان، عند عبيد الله بن سليمان الوزير، وهو يخاطبه في
أمر من الأمور فيقول له: السمع والطاعة لأمر القاضي أعزه الله، وقد أنسي أنه
الوزير، وكان إلى جنب أبي العباس ابن الفرات، فغمزه أبو العباس وقال له: قال
الوزير أعزه الله، فقال لابن الفرات: نعم أعز الله القاضي، فضحك ابن الفرات وقال:
لست القاضي، فارجع إلى صاحبك فقضِّه.
قال: وكنت يوماً عند أسد بن جهور وهو يكتب، فجفت دواته، فقال: يا غلام كوز ماء
للدواة، فجاء الغلام بكوز ماء، فأخذه وشربه، ومضى الغلام بالكوز، وأخذ يكتب فلم
تنكتب له، فقال: ويلك هات الماء للدواة، فجاء بشربة ثانية، فأخذها وشربها، ولم
يطرح في الدواة منها، ثم كتب فلم تنكتب له، فقال: ويلك كم أطلب للدواة ماءً ولا
نحضره، فجاءه الغلام بشربة ثالثة، فأخذ يشربها فقال له: يا سيدي اطرح منها أولاً
في الدواة، ثم اشرب الباقي فقال: نعم نعم، وطرح في الدواة وكتب.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: اخبرنا أبو الحسن بن قبيس الغساني قال:
حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني عليّ بن أبي عليّ قال: أخبرنا محمد بن عمران
المرزباني أن محمد بن يحيى أخبره قال: كان أبو مسلم الكجي وأسد بن جهور يتقلدان
أعمالاً بالشام فقال البحتري يمدحهما:
هل تبدين لي الأيام عارفةً ... لدى أبي مسلم الكجي أو أسد
كلهما آخذ للمجد أهبته ... وباعث بعد وعد اليوم نجح غد
لله دركما من سيدي زمنٍأجريتما من معاليه إلى أمد 23ظ
وجدت عندكما الجدوى ميسرةً ... أو أن لا أحدٌ يجدي على أحد
وقد تطلبت جهدي ثالثاً لكما ... عند الليالي فلم تفعل ولم تكد
لن يبعد الله مني حاجة أمماً ... وأنتما غايتي فيها ومعتمدي
إن تقرضا فقضاءٌ وتريث وإن ... وهبتما فقبول الرفد والصفد
وفي القوافي إذا سوفتها بدعٌ ... يثقلن في الوزن أو يكثرن في العدد
فيها جزاء لما يأتي الرسول به ... من عاجل سلسٍ أو آجل نكد
أسد بن الفرات القاضي: قاضي إفريقية، ولد بحران وكان أبوه حمل أمه معه في صحبة
محمد بن الأشعت حيث توجه إلى إفريقية والياً، فاجتاز به أبوه في صحبته بحلب.
قرأت في كتاب قضاء إفريقية تأليف أحمد بن إبراهيم بن أبي خالد قال: وذكر عن أسد
أنه قال: أول مدينة بنيت على الأرض بعد العراق حران. وكان يقال لها العجوز ذات
الأصنام، وبها ولدت، وإنما كان أبوه أتى بأمه مع محمد بن الأشعث حين ولي إفريقية
في سنة أربع وأربعين ومائة، فلما صاروا بحران ولد أسد.
وقال البجلي - يعني محمد بن عليّ البجلي - : كان مولده سنة خمس وأربعين ومائة. 24
- و.
أسد بن القاسم بن العباس بن القاسم المقرىء: أبو الليث العبسي الحلبي، من أهل حلب،
ونزل دمشق، روى عن خاله عبد الله بن صالح الحلبي، وأبي القاسم الفضل بن جعفر،
وأحمد بن محمد بن صالح بن النضر الأنطاكي الفقير، وأبي بكر الميانجي.
روى عنه: أبو سعد إسماعيل بن عليّ السمان الرازي، وأبو محمد الكتاني، وأبو الحسن
عليّ بن محمد الحناني، وأبو الحسن علي بن محمد بن شجاع.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو
محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثنا أبو الليث أسد بن قاسم
بن العباس الحلبي قراءة عليه قال: حدثنا أبو القاسم الفضل بن جعفر قال: حدثنا محمد
بن الفضل قال: حدثنا عقبة بن مكرمة قال: حدثنا عبد الله بن عيسى الخزار قال: حدثنا
بن الحسن عن أنس ابن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الصداقة
تطفئ غضب الرب وتدفع ميتة السوء " .
قال الحافظ أبو القاسم: كذا قال وهو محمد بن عبيد الله بن الفضيل، نسبه إلى جده لم
يصغره.
أخبرنا
أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن
الحسن هبة الله قال: أسد بن القاسم بن العباس بن القاسم، أبو الليث المقرىء العبسي
الحلبي، سكن دمشق، وكان إمام مسجد سوق النحاسين، وحدث عن أبي القاسم الفضل بن
جعفر، وأبي بكر الميانجي، وأحمد بن محمد بن صالح بن النضر الأنطاكي الفقير.24 - ظ.
روى عنه أبو الحسن عليّ بن محمد بن شجاع، وعلي بن محمد الحنائي، وأبو سعد إسماعيل
بن عليّ السمان الرازي، وعبد العزيز بن أحمد الكتاني.
قال لنا أبو محمد الأكفاني: توفي أبو الليث أسد بن القاسم الحلبي الذي كان يصلي في
مسجد النحاسين - وقد حدث عن الفضل بن جعفر وغيره - في شوال سنة خمس عشرة
وأربعمائة.
أسد بن محمد الحلبي: حدث عن أبي العباس أحمد بن محمد بن سعيد بن عقدة الكوفي، روى
عنه تمام بن محمد الرازي الحافظ.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد الأمين قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد بن هبة
الله قال: أنبأنا أبو محمد بن عبد الله بن السمرقندي، وهبة الله بن الأكفاني قالا:
أخبرنا أبو الحسن بن صصرى قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرني أبو العباس أحمد
بن محمد بن عليّ البرذعي، وأسد بن محمد الحلبي قالا: حدثنا أحمد بن محمد بن سعيد
الكوفي قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن سعيد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو جنادة
عمرو بن قيس عن بهز بن حكيم القشيري عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " أول ما يشهد على أحدكم فخذه " .
أسد بن محمد المصيصي الخشاب: حدث بالمصيصة عن أبي عثمان سعيد بن المغيرة الصياد
المصيصي، وأبي حاجب الحاجبي.
روى عنه: حفيده أبو بكر محمد بن عبد الله بن أسد 25 - و وعبد الله ابن بشر بن
عميرة البكري، وأبو طالب أحمد بن داود قاضي أذنه، وكان له شعر.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي في كتابه منها قال: أخبرنا
أبو القاسم زاهر بن طاهر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو سعيد
الجنزوردي قال: أخبرنا أبو سعيد أحمد بن محمد بن إبراهيم الفقيه الجوزي قال: حدثنا
أبو الحسن عليّ بن محمد الوراق قال: حدثنا عبد الله بن بشر البكري قال: حدثنا أسد
بن محمد المصيصي قال: حدثنا أبو حاجب الحاجبي عن مالك بن أنس عن يزيد بن أسلم عن
أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا عقل كالتدبير
" .
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن عليّ بن الخضر القرشي - فيما أذن لنا في روايته
عنه - قال: أخبرنا الشيخ أبو المكارم المبارك بن المعمر البادرائي قال: أخبرنا أبو
غالب الباقلاني محمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الزاهد قال: أخبرنا
محمد بن الحسين قال: وحدثنا أبو الفضل الشكلي قال: حدثني الحسين بن أحمد الأزدي
قال: قدم المصيصة فتى من المتعبدين فنزل في مسجد أسد الخشاب، وكان يسمع من الناس
الحديث، وكانت عليه أطمار، وكان ناحل الجسم ذابل، فأشرف على بعض اجتهاده، فقربه
وأدناه وخصه بالحديث فلما رأى ذلك من فعله هرب منه فافتقده فحزن عليه حزناً
شديداً، وأنشأ يقول " 25 - ظ
يا من رأى لي غر ... يبا ثيابه أطمار
الجسم منه نحيل ... والوجه فيه اصفرار
عليه آثار حزن ... بوجهه واغبرار
يقوم في جوف الليل ... يناجي الجبار
يقول: يا رسول قلبي ... يا ماجدا غفار
فالدمع يجري بحزن ... فدمعه مدرار
يبغي جنان نعيم ... يا حسن دار القرار
فيها جوار حسان ... يا حسن تلك الجوار
عرائس في خيام ... من اللآليء الكبار
كواعب غنجات ... نواهد أبكار
لباسهن حرير ... تحير الأبصار
وفي الذراع سوار ... يا حسنه من سوار
شرابهن رحيق ... يفجر الآبار
وسلسبيل وخمر ... تبارك الجبار
يا من رأى لي غر ... يبا ثيابه أطمار
ذكر من اسمه إسرائيل
إسرائيل بن سهلون:
أبو
الحسن الطبيب الحلبي، أظنه من نصارى حلب، ظفرت له ببيت من الشعر قرأته بخط بعض
كتاب حلب في مختار اختاره من شعر صاعد بن عيسى بن سُمان الكاتب النصراني الحلبي،
قال: وعمل صديقه أبو الحسن اسرائيل بن سهلوان الطبيب بيتاً وهو:
أيا طيف من أهوى تسربلت عفةً ... وأشهبت في الأحلام فعلك يقظانا
فأجابه - يعني صاعد بن عيسى بن سُمان:
ولكننا متنا من الوجد قبل أن ... يلم وحيا بالسلام فأحيانا
على مثل هذا الفعل كانت أمامةتواصلنا حيناً وتهجر أحيانا 26 و
إذا كنت لا ألقاك في الدهر يقظة ... فيا ليت أني عشت ما عشت وسنانا
اسرائيل بن عبد الله بن عيسى بن يونس بن عمرو بن عبد الله الهمداني: أبو أحمد
السبيعي، من ولد أبي اسحق السبيعي، وسبيع الذي نسب إليه هو ابن صعب بن معاوية بن
كثير بن مالك بن حنتم بن حاشد بن جشم بن خيوان بن نوف بن همدان.
حدث بحصن منصور من الثغور الجزرية، وكان عيسى جده قد انتقل إلى الحدث ومات بن نوف
بن همدان.
حدث بحصن منصور من الثغور الجزرية، وكان عيسى جده قد انتقل إلى الحدث ومات بها
وبقي أولاده بالثغر.
روى عن عليّ بن إسرائيل، روى عنه أبو بكر محمد بن إبراهيم بن المقرىء.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو مسلم المؤيد ابن عبد
الرحمن بن الأخوة وصاحبته عين الشمس بنت أبي سعيد بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الفرج
سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود
الثقفي، وأبو الفتح منصور بن الحسين - قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا
أبو أحمد اسرائيل بن عبد الله بن عيسى بن يونس بن عمرو - وهو ابن أبي اسحق السبيعي
- بحصن منصور قال: حدثني عمي عليّ بن اسرائيل قال: حدثنا خالي أحمد بن عمرو عن
أبيه عمرو عن أبيه عيسى عن الأعمش عن سفيان بن سلمة عن ابن مسعود قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " عليكم بالصدق فإن الصدق يهدي إلى البر وإن البر
يهدي إلى الجنة، وإن الرجل ليصدق حتى يكتب عند الله صديقا، وإياكم والكذب فإن
الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار، وإن الرجل ليكذب حتى يكتب عند الله
26 - ظ كذابا " .
اسرائيل بن مقدار بن اسرائيل بن مقدار بن نصر بن أبي الحسن: المنبجي المولد،
الإربلي المنشأ، كان جندياً وله شعر حسن وقع إلي منه:
لا تحسبوا مرضي من علة عرضت ... لكنه حب من طرفه حور
إن ماس غصن أراكٍ أو بدا قمرٌ ... فما الدواء ودائي الغصن والقمر
ومن شعره:
مولاي إن النصر أصبح طائعاً ... لك والسعادة حيث سرت تسير
إنهض إلى الطاغي وبدد جمعه ... فالأمر سهل والعدو حقير
واعلم بأن العبد ليس لصحبه ... زاد ولا للصافنات شعير
ذكر من اسمه أسعد
أسعد بن إبراهيم الاربلي: المعروف بالمجد بن النشابي، شاعر حسن الشعر، قدم إلينا
إلى حلب، واتصل بخدمه الوزير شمس الدين محمد بن عبد الباقي بن أبي يعلى، في أيام
الملك الظاهر غازي، ومدح بها الملك الظاهر، ثم خرج من حلب وعاد إلى بلده إربل،
وخدم بها مظفر الدين كوكبوري بن عليّ وكتب له الإنشاء، وكان حسن الكتابة والانشاء،
وكان يطالع ديوان الخلافة بالمتجددات له، فاطلع عليه كوكبوري فقبضه وسجنه وبقي في
السجن إلى أن مات كوكبوري واستولى نواب الديوان المستنصيري على إربل، فكتب
المستنصر بالله بإحضاره إلى بغداد فحضر وأنعم عليه، وأجرى له معلوم، وقلد أعمالاً
بنواحي بغداد، وحضرت دار الوزير أبي طالب بن العلقمي في سنة خمسين وستمائة، وكنت
قد توجهت رسولاً عن الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن محمد، في أيام المستعصم
بالله، إلى دار الخلافة، فسمعته ينشد بين يدي الوزير قصيدة في مدح المستعصم في الحادي
عشر من ذي الحجة أولها:
هل عند عطفك عطف ممسك رمقي ... أم أهل ترق لما ألقاه من أرقي
كأن حسنك دنيانا فنحن به ... ما بين وصل سعيد أو صدود شقي
27 - و
وعند شعرك تتلى أية الغسق ... ومن محياك تبدو سورة الفلق
كأن
أرواح أهل العشق سائرة ... إلى جمالك بالتقريب والعنق
تام كعبة حسن خالها حجر ... في الخد أسودهُ في أبيض يقق
نادت مكبرة لما جليت لها: ... سبحان من خلق الإنسان من علق
أرائد أنت يا طرفي لتخبرني ... أي الطريق إليه أسهل الطرق
وأنت يا أضلعي شبي الضرام لكي ... يهدي بنارك ضيف الطيف في الغسق
فما سرقت بنومي قط طيفهم ... إلا غدا النوم مقطوعاً على السرق
ويا دموعي اسكبي لا تسكبي حذرا ... عليه إن زارني من موجك الغرق
يا ساحراً فيه جفني ساهر قلق ... وبالفراق فراق النفس من فرق
أخذت قلبي بظلم الصد فاهد له ... ظلما عسى الظلم من ظلم الصدود يقي
وانهض إلى روضة أبدت أزاهرها ... مثل المجرة من زاهٍ ومتسق
أريضه كحلا الطاووس باكرها ... مر النسيم روى عن نشرها العبق
تخال في كل قطر من جوانبها وجها ... يريك صفات الشادن اللبق
فالاقحوان ثغور والشقيق بها ... مثل الخدود ومنها نرجس الحدق
والعندليب ينادي في جوانبها: ... هبو فكم سنة أدت إلى أرق
كأن أغصانه أضحت منابره ... وشدوه كخطيب مسقع ذلق
لو كان يفصح عن قول أبان لنا ... مدح الخليفة مكتوباً على الورق
27 - ظ فقال له الوزير: أنت العندليب، وقد أبت لنا مدح الخليفة مكتوباً على الورق
وسيرت إليه اطلب منه القصيدة فكتبها لي وسيرها وكتب معها مقاطيع من شعره منها
قوله:
لي حبيب ذادني عن وصله ... أهله ظلما وأغروه بهجري
قلت من وجدي به إذا أظنبوا ... اعملوا ما شئتم يا أهل بدر
أسعد بتن الحسين بن أسعد بن عبد الرحمن بن الحسن بن العجمي: أبو المعالي بن أبي
عبد الله بن أبي طالب بن أبي علي، ويسمى أيضاً محمد، وكان أبوه سماه أسعد، فاختار
هو لنفسه محمد، وسنذكر ترجمته في المحمدين أن شاء الله تعالى، وسماعه في الأجزاء
مكتوب أسعد.
أسعد بن الحسين بن أبي الرضا بن الخصيب: أبو اليمن المعري العطار الخصيبي، من أهل
معرة النعمان منسوب إلى جد أبيه الخصيب.
حدث عن أبي الحسن عليّ بن المسلم السلمي، روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن
صصرى التغلبي الدمشقي، وخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
قرأت بخط أبي المواهب في معجم شيوخه ما أنبأنا به أبو الوحش عبد الرحمن ابن نسيم
قال: أخبرنا الو المواهب الحسن بن هيبة الله بن صصرى قال: أخبرنا 28 - و الشيخ أبو
اليمين الخصيبي وجماعة بقراءتي قالوا: حدثنا أبو الحسن عليّ ابن مسلم السلمي
الإمام قال أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد السلمي قال: أخبرنا جدي أبو بكر
محمد بن أحمد بن عثمان بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن عبد الله بن
نصر بن هلال السلمي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن المؤمل بن اهاب قال: حدثنا مالك بن
سعير عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من أقال أخاه أقال الله عثرته يوم القيامة " .
قال أبو المواهب: توفي رحمه الله في يوم الاثنين رابع عشر شهر ربيع الآخر من سنة
ثمان وسبعين وخمسمائة، ودفن بجبانة باب الصغير وقد قارب الستين.
أسعد بن الخطير مهذب بن زكريا أبي المليح بن مماتي: أبو المكارم المصري، الكاتب
المعروف بالقاضي الأسعد من قبط مصر، كان آباؤه نصارى، وجد أبيه أبو المليح مماتي
أحد أعيان الكتاب، كان كاتباً لبدر الجمالي ينوب عنه بمصر، وأسلم القاضي الخطير
ونشأ ابنه الأسعد على الاشتغال بالأدب والكتابة، وسمع بالاسكندرية الحافظ الفقيه
محمد بن يوسف الغزنوي وغيرهما.
وكان رجلاً فاضلاً أديباً لبيباً كيساً حسن الإنشاء، مطبوع النظم، وله تصانيف عدة
في فنون شتى.
وخدم
في الديار المصرية وخاف من الوزير صفي الدين عبد الله بن شكر فانفصل منها، وقدم
حلب وافداً على الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب وخدمه، فأقبل عليه وقبله ورتب
له معلوما بحلب أجراه عليه، وأحسن بذلك إليه 28 - ظ.
واجتمعت به بحلب مراراً وجرى بيني وبينه محادثات، وذكر لي أنه اختصر اللمع في
النحو لابن جني في ورقة واحدة مخذولة ولم أرها ولا سمعت منه شيئاً من نظمه.
روى عنه العماد أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب، ونصر بن أبي الفنون
النحوي،وروى لنا عنه شيئاً من شعره الأوحد محمد بن عبد الله الزبيري الدمشقي، وعلي
بن محمد التلمساني القاضي، ومن شعره ما وجدته في بعض مجموعاتي:
يا بدر تم هيجت شو ... قي لرؤية المنازل
وغدت أدلته على ... ما قلت فيه من الدلائل
ظن الشمول بريقه ... تخفى فأسكر بالشمائل
رشأ تفقه في الخلاف ... فصار يلقيه مسائل
لا تقبلن من الوشاة ... وتقبلن على العواذل
فالعين قد جنت ببعد ... ك والدموع لها سلاسل
قرأت في كتاب نصر بن أبي الفنون النحوي قال: للأسعد أبي المكارم أسعد الخطير ابن
مماتي مما أنشدني:
خليج كالحسام له صقالٌ ... ولكن فيه للرائي مسرة
رأيت به الملاح تجيد عوماً ... كأنهم نجومٌ في مجرة
قال ابن أبي الفنون: ولابن مماتي في صبي مليح نحوي مما أنشدني: 29 - و
وأهيف أحدث لي نحوه ... تعجباً يعرب عن ظرفه
علامة التأنيث في لفظه ... وأحرف العلة في طرفه
وخياطٍ نظرت إلي ... ه مفتوناً بنظرته
أسيل الخد أحمره ... بقلبي ما بوجنته
به أمسيت ذا سقم ... كأني خيط إبرته
وأحسد فيه خيطاً فا ... ز منه بخمر ريقته
أنشدني أوحد الدين أبو عبد الله محمد بن عبد الله الزبيري الفقيه الحنفي بدمشق
قال: أنشدني القاضي الأسعد بن مماتي لنفسه بحلب وقد سقط بها ثلج عظيم سد مسالكها
وطرقها، قالها في الملك الظاهر غازي:
ما بيض الله وجه الأرض في حل ... إلا لأن غياث الدين مالكها
أنشدني القاضي عماد الدين عليّ بن عبد الله التلمساني قال: أنشدني أسعد ابن مماتي
لنفسه:
مرضت فهلا كنت أول عائدي ... وغبت فهلا كنت أول عائد
فيا بين قد أغريت بي كل كاشح ... ويا بعد قد أشمت بي كل حاسد
ولي واحد فرقت بيني وبينهفهل تجمع الأيام شملي بواحدي 29 ظ
كتب إلي ضياء الدين أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج المصري يذكر لي أن
عماد الدين أبا عبد الله محمد بن محمد بن حامد الأصبهاني أخبره في كتاب خريدة
القصر في شعراء العصر قال: الأسعد أبو المكارم، أسعد بن الخطير مهذب بن زكريا بن
مماتي، أحد الكتاب بالديوان الفاضلي، ذو الفضل الجلي، والشعر العلي، والنظم السوي،
والخاطر القوي، والسحر المانوي، والرَّوي الروي، والقافية أثر الحسن، والقريحة
المقترحة صور اليمن، والفكرة المستقيمة على جدد البراعة، والفطنة المستمدة من مدد
الصناعة، شاب للأدب رابٌ، وعن الفضل ذابٌ، وهو ممن شملته العناية الفاضلية، حسنت
منه البديهة والروية، اجتمعت به في القاهرة، وسايرني في العسكر الناصري وأنشدني من
نظمه المعنوي ما ثنيت به خنصر الاستحسان، وآذنت لجواده في الإجراء في هذا الميدان،
وأثبت منه كلما حلي وحلا وأشرف في منار الإحسان وعلا وراج في سوق القبول وغلا، فمن
ذلك قوله يصف الخليج يوم فتحه بالقاهرة:
خليج كالحسام له صقال ... ولكن فيه للرائي مسره
رأيت به الصغار تجيد عمواً ... كأنهم نجوم في المجره
وقوله في غلام نحوي: 30 - و
وأهيف أحدث لي نحوه ... تعجباً يعربُ عن ظرفه
علامة التأنيث في لفظه ... وأحرف العلة في طرفه
قلت:
وكان لابن مماتي نكت مطبوعة، ونوادر مستحسنة، ومهاترات مستملحة، فمن ذلك أن
السّلطان الملك الظاهر رحمه الله لما حرر قناة حلب وأجرى المياه في أزقتها
وشوارعها وقف عليها وقفاً، واستخدم السديد محمد بن المنذر اليابري على مصالح القناة،
فسئل الأسعد بن مماتي يوماً عن السديد بن المنذر اليابري على مصالح القناة، فسئل
الأسعد بن مماتي يوماً عن السديد بن المنذر ما هو فقال مجيباً في الحال للسائل:
مستخدم على القناة.
أنبأنا عبد العظيم بن عبد القوي قال: وفي سلخ جمادى الأولى - يعني من سنة ست وستمائة
- توفي القاضي الأجل أبو المكارم أسعد بن مهذب بن زكريا بن أبي مليح مماتي الكاتب
المنعوت بالأسعد بحلب وهو ابن اثنتين وستين سنة، سمع بالاسكندرية من الحافظ أبي
طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني، وبالقاهرة من الفقيه أبي الفضل محمد بن يوسف
الزنوي وغيرهما، وحدث جمع مجاميع وله شعر حسن، وتقلب في الخدم الديوانية مدة،
رأيته فلم يتفق لي سماع منه، وأنشدت عنه.
توفي أسعد بن مماتي بحلب في سلخ جمادى الأول من سنة ست وستمائة، ودفن بالقرب من
تربة أبي الحسن عليّ بن أبي بكر الهروي قبيلها بين الطريقين، وكان ابن الهروي هو
المتولي تجهيزه ودفنه، وكان أول شروعه في بناء تربته رحمهما الله.
أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن مجدعة بن الحارث ابن عمرو: وهو
بحزج بن حنش ويقال جلاس بن عوف بن عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة بن عمرو
بن عامر، أبو أمامة الأنصاري الأوسي، وأمة حبيبة بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة بن
عدس بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن النجار، ولد على عهد النبي صلى الله عليه وسلم
وسماه باسم جده لأمه أسعد وكناه بكنيته، وحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم مرسلا،
وروى عن عمر بن الخطاب، وعثمان، وأبيه سهل بن حنيف، وعبد الله بن عباس، 30 - ظ
وأبي سعيد الخدري، وزيد بن ثابت، ومعاوية بن أبي سفيان، وسعيد بن سعد بن عبادة.
روى عنه ابناه محمد وسهل، ومحمد بن شهاب الزهري، وعثمان بن حكيم، وحكيم بن حكيم،
وأبو بلج بن عثمان بن حنيف، وسعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن، وصدقة بن يسار، وسليمان
بن عبد الرحمن بن خباب، وأمية بن هند، ويحيى بن سعيد الأنصاري، ويعقوب بن عبد الله
بن الأشج.
وغزا الروم مع أهل الشام، واجتاز بحلب أو ببعض عملها في غزاته.
أخبرنا أحمد بن عبد الله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي قال: أخبرنا أبو
الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: أخبرنا أبو عمران السمرقندي قال:
أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا عبد الله بن صالح قال: حدثني الليث قال:
حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري أن عبد
الله بن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي يقال له: سيف الله أخبره أنه دخل مع
رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم - وهي
خالته وخالة ابن عباس - فوجد عندها ضبئاً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة ابنة الحارث
من نجد، فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم وكان قل ما يقدم يده لطعام حتى
يحدث به ويسمى له، فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الضب فقالت امرأة من
نسوة 31 - و الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمتن له، قلن: هذا
الضب فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده فقال خالد بن الوليد: المحرم الضب يا
رسول الله؟ قال: " لا ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه " ، قال
خالد: فاجتررته فأكلت ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو طاهر
محمد بن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو عليّ نصر الله بن أحمد ابن حشنام
قال: اخبرنا أبو بكر الحيري قال: حدثنا أبو العباس الصم قال: حدثنا بحر بن نصر
قال: حدثنا ابن وهب قال: أخبرني حيوة بن شريح عن أبي الأسود أنه كان في غزوة مع
أهل الشام قال: ومعنا أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري، فطلع علينا جيش من أهل
الشام على خيلهم، عليهم أقبية السيجان فقيل: يا أبا أمامة ألا ترى إلى هؤلاء
وهيئتهم؟! فقال أبو أمامة: لا يزالون بخير ما كانوا هكذا، فإذا لبسوا الأقبية
المدلكة والأقمصة المدلكة فلا حير فيهم.
أنبأنا
أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي المظفر القشيري قال: أخبرنا أبو
بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حنبل قال: أبو أمامة ابن سهل، اسمه أسعد،
وأمه ابنة أسعد بن زرارة، وعثمان وسعد وعبد الله أخوة أبي أمامة. 31 - ظ قال:
وأنبأنا أبو المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين قال: أخبرنا
أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل ابن اسحق قال:
حدثني أبو عبد الله قال: اسم أبي أمامة بن سهل أسعد بن سهل، وأمه ابنة أسعد بن
زرارة.
قال أبو القاسم: وأنبأنا أبو مسعود الأصبهاني وأبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي - قال
أبو مسعود: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا أبو
زرعة، ح.
وقال أبو بكر: أخبرنا أبو حامد الأزهري قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا
أبو حامد بن الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قالا: حدثنا أبو اليمان قال:
أخبرنا شعيب عن الزهري قال: أخبرني، وفي حديث الطبراني عن أبي أمامة بن سهل بن
حنيف، وكان من كبراء الأنصار وعلمائهم ومن أبناء الذين شهدوا بدرا مع النبي صلى
الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر
اللفتواني قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا محمد بن
سعد قال: في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة أبو أمامة بن سهل بن حنيف
الأنصاري، أحد بني عمرو بن عوف.
قال الواقدي: ذكروا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم سماه أسعد وكناه أبا أمامة
باسم جده أبي أمامة أسعد بن زرارة.
لم يبلغنا أنه روى عن عمر شيئاً، وقد روى عن عثمان.
قال الحافظ: قرأت على أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو
عمرو بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا
محمد بن سعد 32 - و قال: في الطبقة الأولى من تابعي أهل المدينة ممن ولد على عهد
رسول الله صلى الله عليه وسلم: أبو أمامة بن سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن بن
ثعلبة بن الحارث بن مجدعة بن عمرو - وهو بحزج ابن حنش بن عوف بن عمرو بن عوف، من
الأوس.
وأمه حبيبة بنت أبي أمامة أسعد بن زرارة بن عدس بن ثعلبة بن غنم بن مالك بن
النجار، وكانت حبيبة من المبايعات، وسمي أبو أمامة أسعد باسم جده أبي أمه، وكنى
بكنيته، وكان جده أسعد بن زرارة نقيب بني النجار.
قال محمد بن عمر: ذكر لنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم هو الذي سماه أسعد
وكناه أبا أمامة باسم أبي أمه وكنيته.
قال: ولم يبلغنا روى عن عمر شيئاً، وقد روى عن عثمان وعن زيد بن ثابت وعن معاوية،
وعن أبيه سهل بن حنيف، وكان ثقة كثير الحديث.
أخبرنا عمر بن طبرزد - إذنا - قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إذنا إن لم
يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله ومحمد بن عليّ قالا: أخبرنا محمد بن
الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال:حدثنا يعقوب بن سفيان قال: أبو أمامة بن
سهل بن حنيف بن واهب بن ثعلبة بن الحارث بن عمرو ابن عوف بن مجدعة بن الحارث بن
عمرو بن عوف بن مالك بن الأوس بن حارثة.
أخبرنا ابن المقير فيما أذن لنا في روايته عنه عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي
قال: أخبرنا أبو الحسن بن الطيوري، وأبو الفضل بن خيرون، وأبو الغنائم بن النرسي -
واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون وأبو الحسن
الأصبهاني - 32 - ظ قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: أسعد أبو أمامة بن سهل ابن حنيف بن واهب الأنصاري،
سماه النبي صلى الله عليه وسلم، قاله لي ابن المنذر، يروي عن أبيه وعمر ؛ روى عنه
الزهري وابناه محمد وسهل وعثمان ابن حكيم.
أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو
بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون
قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول أوب أمامة أسعد بن سهل بن
حنيف الأنصاري عن أبيه وعمرو، روى عنه الزهري ويحيى بن سعيد.
أنبأنا
ابن المقري عن أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا أبو الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو
نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي عبد
الرحمن قال: قال أبي: أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر المقدسي
قال: أخبرنا أبو سعيد مسعود بن ناصر السجزي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الملك بن
الحسن بن سياوش الكازروني قال: أخبرنا أبو نصر أحمد بن محمد ابن حسين الكلاباذي
قال: أسعد بن سهل بن حنيف بن واهب، أبو أمامة الأنصاري المدني، سماه النبي صلى
الله عليه وسلم أسعد وكناه أبا أمامة باسم جده أبي أمامة أسعد بن زرارة.
يروي عن أبيه، وأبي سعيد الخدري، ومعاوية، وابن عباس، وأنس بن مالك ؛ روى عنه
الزهري وسعد بن إبراهيم بن 33 - و عبد الرحمن، وابن عمه أبو بلح بن عثمان بن حنيف.
وقال الذهلي: قال يحيى - يعني ابن بكير - : مات سنة مائة، أو سنُّه، أو جمعها.
وقال عمرو بن علي، وأبو عيسى، وابن نمير: مات سنة مائة، وقال الواقدي مثل عمرو.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو
الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو منصور شجاع بن عليّ قال: أخبرنا محمد بن
اسحق قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة قال: حدثنا عبد الله ابن عيسى قال: حدثنا
إبراهيم بن المنذر قال: وأبو أمامة بن سهل سماه النبي صلى الله عليه وسلم.
وروى أحمد بن صالح بن عنبسة عن يونس عن الزهري قال: حدثني أبو أمامة - وكان قد
أدرك النبي صلى الله عليه وسلم وسماه وحنكه، وقال أبو معشر: كان قد أدرك النبي صلى
الله عليه وسلم، وقال ابن أبي داود: صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وبايعه، وسماه،
وبارك عليه، وحنكه، وقل البخاري أصح.
قال البخاري: أدرك النبي صلى الله عليه وسلم ولم يسمع منه.
كتب إلينا أبو الغنائم بن شهريار من؟ قال أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن
أحمد بن البغدادي قال:أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود القفي قال: أخبرنا أبو بكر بن
المقرىء قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن جعفر المنبجي بها قال: حدثنا عبيد الله بن
سعد بن إبراهيم قال: حدثنا سعد بن عبد الحميد بن جعفر قال: حدثنا أبو معشر قال:
رأيت أبا أمامة بن سهل بن حنيف يخضب بالصفرة وأبو أمامة قد رأى رسول الله صلى الله
عليه وسلم 33 - ظ.
قال: أبو الفضل - يعني عبيد الله - : بلغني أن أبا أمامة اسمه سعد بن سهل وأمه بنت
سعد بن زرارة وبه سمي، وأخبرت أن أبا أمامة مات سنة مائة.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ
بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو طاهر بن
محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا محمد بن هارون بن حميد بن المجدر
قال: حدثنا محمد بن أبي معشر المدني قال: سمعت أبي يقول: رأيت أبا أمامة بن سهل بن
حنيف وقد رأى النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب - فيما أذن في روايته عنه - قال:أخبرنا أبو
القاسم بن السمرقندي - إجازة أو سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال:
أخبرنا عيسى بن عليّ قال: حدثني محمد ابن المقرىء قال: حدثنا سفيان عن صدقة بن
يسار قال: صحبت أبا أمامة بن سهل فقال: لتصحبن ابن بدري سائر اليوم.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن
الأكفاني قال حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال:
أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني الحكم ابن نافع قال:
حدثنا شعيب بن أبي حمزة عن الزهري قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حيف، وكان من
علياء الأنصار، ومن أبناء الذين شهدوا بدراً مع رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال أبو زرعة: قال أحمد بن حنبل: وأبو أمامة بن سهل، اسمه أسعد بن سهل، وأمه بنت
أسعد بن 34 - و زرارة، وعثمان، وسعد، وعبد الله أخوة أبي أمامة، ويقال: قد أدرك
أبو أمامة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا
أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر بن عبد الباقي - إجازة إن لم يكن سماعاً -
قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن
معروف قال: حدثنا ابن الفهم قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال:
حدثنا مالك بن أبي الرجال عن سليمان بن عبد الرحمن بن خباب قال: أدركت رجالاً من
المهاجرين ورجالاً من الأنصار من التابعين يفتون بالبلد، فذكرهم وذكر من الأنصار
أبا أمامة بن سهل بن حنيف.
أنبأنا ابن المقير عن ابن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو الحسين بن
الطيوري وأبو الغنائم محمد بن عليّ - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد
الغندجاني - زاد ابن خيرون وأبو الحسن الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد ابن عبدان
قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: قال الأويسي: حدثنا
يوسف بن الماجشون عن عتبة - وهو ابن مسلم - قال: إن آخر خرجة خرج عثمان بن عفان
يوم الجمعة، فلما استولى على المنبر حصبه الناس، فحيل بينه وبين الصلاة، فصلى
بالناس يومئذ أبو أمامة بن سهل بن حنيف.
أنبأنا زين الأمناء قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: في نسخة ما أخبرنا به أبو عبد
الله الخلال شفاها قال: أخبرنا عبد الرحمن بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سلمة
قال: أخبرنا عليّ بن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله 34 - ظ إجازة قالا: أخبرنا
ابن أبي حاتم قال: قيل له - يعني لأبيه - : ثقة هو - يعني أبا أمامة قال: لا تسأل
عن مثله، هو أجل من ذلك.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن
الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر،ومحمد بن الحسن، وأحمد بن محمد العتيقي قالوا:
أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا عليّ بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا صالح بن أحمد
بن عبد الله بن صالح العجلي قال: حدثني أبي أحمد قال: أبو أمامة بن سهل بن حنيف
مديني تابعي ثقة.
وقال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني قال: أخبرنا
أبو يوسف بن رباح قال: حدثنا أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن
أحمد بن حماد قال: حدثنا أبو عبيد الله معاوية بن صالح قال: سمعت يحيى يقول في
تسمية تابعي أهل المدينة ومحدثيهم: أبو أمامة بن سهل ابن حنيف، مات سنة مائة.
قال أبو البركات: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا
محمد بن الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا عمر بن
أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الثانية من أهل المدينة: أبو
أمامة بن سهل بن حنيف بن واهب بن العكيم بن ثعلبة بن حارثة بن مجدعة بن عمرو بن
حنش بن عوف بن مالك بن الأوس، مات سنة مائة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - سماعاً أو إجازة - قال:
أخبرنا أبو عليّ بن المسلمة، وأبو القاسم بن فهد قالا: أخبرنا أبو الحسن بن
الحمامي 35 - و قال: أخبرنا الحسن بن محمد السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله
الحضرمي قال: حدثنا ابن نمير قال: مات أبو أمامة بن سهل بن حنيف سنة مائة.
قال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص
إجازة قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخبرنا أبو الحسن عبد
الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: حدثني أبي قال: حدثني أبو عبيد قال: سنة مائة فيها
توفي أبو أمامة ين سهل بن حنيف واسمه أسعد، يقال إن النبي صلى الله عليه وسلم سماه
باسم جده أبي أمه أسعد بن زرارة.
أنبأنا أبو البركات بن عساكر قال: أخبرنا الحافظ عمي قال: حدثنا أبو الحسن بن
البقشلان قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا عيسى بن عليّ قال:
أخبرنا عبد الله بن محمد قال: وحدثني عمي عن أبي عبيد قال: أبو أمامة أسعد بن سهل
بن حنيف.
وقال ابن نمير: مات أبو أمامة بن سهل سنة مائة.
قال البغوي: أبو أمامة أسعد بن سهل بن حنيف ولد على عهد رسول الله صلى الله عليه
وسلم ولم يسمع منه.
أنبأنا
أبو عليّ الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار
قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي
بن قانع قال: سنة مائة من هجرة رسول الله صلى الله عليه وسلم فيها أبو أمامة أسعد
بن سهل بن حنيف، مات.
أسعد بن عبد الرحمن بن الخضر بن هبة الله بن عبد الواحد بن حبيش التنوخي: أبو
التمام وأبو المعالي المعري الملقب بالوجيه أصله من معرة النعمان، وولد بدمشق ودخل
حلب، حكى لي ذلك الحافز محب الدين أبو عبد الله بن النجار عنه وأخذ لي الإجازة
منه، ولم يتفق لي منه سماع، حدث عن إسماعيل الجنزوري وغيره، روى عنه أبو عبد الله
محمد بن يوسف البرزالي، وأبو حامد القوصي، وخرجنا عنه في معجميهما، وأخبرني القوصي
أن مولده بدمشق في شهور 35 - ظ سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وذكر غيره في شوال منها،
وكان شاعراً.
أخبرنا أبو التمام أسعد بن عبد الرحمن بن حبيش - إجازة كتب بها إلي - قال: أخبرنا
أبو الفضل إسماعيل بن عليّ بن إبراهيم الجنزوري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم
بن حمزة بن الخضر قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن إبراهيم الحنائي قال:
أخبرنا أبو الحسين عبد الوهاب بن الحسن بن الوليد الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن
عمير بن يوسف بن جوصاء قال: حدثنا عمران بن بكار قال: حدثنا أبو التقي عبد الحميد
بن إبراهيم عن عبد الله بن سالم عن الزبيدي عن الزهري أن أبا سلمة بن عبد الرحمن
أخبره عن أبي سفيان بن الأخنس بن شرف أنه دخل على أم حبيبة زوج النبي صلى الله
عليه وسلم، وهي خالته - فسقته سويقاً، ثم قالت: يا ابن أختي توضأ فإني سمعت رسول
الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما توضأ مما مسته النار " .
أجاز لنا الوجيه أبو التمام، وأنشد لنفسه مما كتب به إلى العفيف محمد بن عليّ
البالسي إلى بالس:
خل لومي يا لائمي في البكاء ... كل داءٍ رأيته دون دائي
نح معي ساعة على الربع إن الر ... بع أقوى من سادتي الكرماء
هول يوم الفراق مزق قلبي ... فرقاً من شماتة الأعداء
لهف نفسي على الذين تولواإذ تولوا بفطنتي وذكائي 26 و
فغرامي من بعدهم لي غريم ... ليس ينفك والسقام ردائي
خيموا يوم بينهم في فؤادي ... وأقاموا في منزل البعداء
ليس آسي على الحياة لأني ... بعدهم في مراتب الشهداء
أنشدني أبو المحامد إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي قال: أنشدني الأمين وجيه
الدين أبو المعالي أسعد بن عبد الرحمن بن الخضر بدمشق في شهور سنة أربع وستمائة
لنفسه:
إذا ما دارت الأفلاك يوماً ... بسعدك فهي تأبى أن تكادا
فمهما استطعت من خيرٍ فعجل ... به ما دمت تأمن أن تعادا
فكم من جمرة أمست سعيراً ... فلما أصبحت أضحت رمادا
وأنشدني أبو المحامد قال: أنشدني أسعد لنفسه لغزاً في القلم:
وأصغر لا من علة فنعوده ... وليس به ما تشتهيه الشوامت
إذا رمت منه نشر كل فضيلة ... أتاك بها عن قدرة وهو صامت
أخبرني أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي بحلب قال: في ليلة الجمعة ثالث صفر سنة
أربع وثلاثين وستمائة توفي الوجيه أبو التمام أسعد بن عبد الرحمن بن هبة الله بن
حبيش التنوخي، ثم أني وقفت بعد ذلك على معجم أبي عبد الله البرزالي وذكر فيه
حديثاً عنه، وقال: وتوفي هذا الشيخ في سنة خمس وثلاثين وستمائة ببستانه بقرية
المزة.
أنبأنا أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من مات سنة أربع
وثلاثين وستمائة، في كتاب التكملة لوفيات النقلة: ليلة الثالث من صفر توفي الشيخ
الوجيه أبو التمام أسعد بن عبد الرحمن بن الخضر بن هبة الله بن عبد الواحد بن حبيش
التنوخي، سمع بدمشق من أبي الفضل إسماعيل بن عليّ الجنزوري،وحدث عنه، وحدث بشيء من
شعره ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من دمشق. 36 - ظ.
أسعد بن عبد الرحمن بن عبد الملك بن عبد الرحمن بن طاهر بن يحيى النهاوندي:
ثم
الأسد اباذي، أبو المعالي القاضي، قدم حلب سنة تسع وخمسين وخمسمائة وسمع بها أبا
بكر محمد بن عليّ بن ياسر الحياني، والخطيب أبا طاهر هاشم أحمد بن هاشم خطيب حلب،
والفقيه الإمام شرف الدين أبا سعد عبد الله بن محمد ابن أبي عصرون، وأبا الفتح
عمرو بن عليّ بن محمد بن حموية.
وحدثني شيخنا أبو الحجاج يوسف بن عبيد السلمي البرجيني أن أسعد النهاوندي هذا حدث
عن بعض شيوخه وقال لي: سمعت منه، وذكر لي أن له تصنيفاً في أدب الصوفية.
ثم وقفت أنا على هذا التصنيف بعد ذلك، فوجدته يشتمل على آداب الصوفية ومقالتهم في
الحال والمقام، وما يلزم المريد عنه متابعة الشيخ، والإمام وما عليه من الأوراد،
وبوبه ستين باباً، روى فيه عن أبي الوقت عبد الأول بن شعيب السجزي وعن أبي سعد بن
أبي عصرون، وسماه منية الخواص وغنية طالبي الخلاص، وحدث به بحلب بخانكاة القصر في
شهر رجب من سنة سبعين وخمسمائة وتوفي بعد ذلك رحمه الله.
أسعد بن عليّ بن عبد القادر بن المهنا: أبو الماجد المعري المعروف بالبليغ، من
معاصري أبي العلاء أحمد بن عبد الله ابن سليمان، وكان شاعراً مجيداً.
روى عنه أبو المكارم علوي بن عبد القاهر بن المهنا المعري.
وقع إليّ من شعره 37 - و أبيات يرثي بها أبا المجد بن سليمان أخا أبي العلاء وهي:
جليل رزءنا فيه جليل ... عليه لكل عائلة عويلُ
فأكثر ما استطعت الوجد فيه ... ولا تقلل فمشبهه قليلُ
أضيق بحمل الخطب ذرعاً ... على أني لكل أسى حمول
ولو قصد التناصف كان أولى ... من العبرات أرواح تسيل
منها:
إذا أعطتك دنياك الأماني ... فقد أعطتك هما لا يزول
تقضي العمر فيه وما تقضي ... عليه الوجد والحزن الطويل
قرأت في كتاب نزهة الناظر تأليف القاضي كمال الدين عبد القاهر بن علوي ابن المهنا،
قاضي معرة مصرين قال: وأنشدني - يعني أثير الدين أبا منصور محمد ابن عليّ بن عبد
اللطيف - للبليغ، وكان قد خرج مع أقوام من أهل حلب إلى الفرجة ببعاذين والعافية
فتعب، فعمل:
يا فرجة ما مرّ بي مثلها عدو ... ت فيها العيشة الراضي
زرت بعاذين ولكنني عد ... ت في العافية العافِية
أسعد بن عمار بن سعد بن عمار بن علي: أبو المعالي الخلاطي ثم الموصلي، الملقب
بالربيب، سمع محمد بن سعد الله بن نصر بن الدجاجي الواعظ، وأبا الوقت عبد الأول بن
شعيب السجزي، وبرهان الدين إبراهيم بن المظفر بن إبراهيم 37 - ظ المعروف بابن
البرني.
وشاهدت سماع الربيب أسعد بن عمار على جزء من حديث أبي حفص عمر بن أحمد بن شاهين
على محمود بن سعد الله بن الدجاجي في سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وقد حدث به عنه
موفق الدين أبو العباس أحمد بن أبي القاسم بن أحمد القيسي الاسكندري في سنة أربع
وعشرين وستمائة.
روى لنا عنه أبو المحامد إسماعيل بن حامد شيئاً من شعر غيره خرجه عنه في معجم
شيوخه.
أخبرنا أبو المحامد القوصي قال: أنشدني الأمير الأجل بهاء الدين ربيب الدولة أبو
المعالي أسعد بن عمار بن سعد بن عمار أبياتاً قيلت في أبي أيوب سليمان بن محمد
المورياني وزير أبي جعفر المنصور لما نكبه المنصور وأشار هذا الشاعر في أبياته إلى
قتل أخيه السفاح لأبي سلمة حفص بن سليمان الخلال رحمه الله:
قد رأيت الملوك تحسد من قد ... قلدوه أزمة التدبير
إذا ما لأوا له الأمر والنهى ... رموه من عرفهم بنكير
شرب الكاس بعد حفص سليما ... ن ودارت عليه دوائر التدبير
أسوأ الحالين حالاً لديهم ... من تسمي بين الورى بالوزير
قال القوصي: ومن العجائب والغرائب أنني بعد مفارقتي له من الموصل، وهو في عزه
ونفاذ حكمه مخافة وهيبة، وارتسام رسمه، لم أصل إلى مدينة حران حتى بلغني أن أتابك
الموصل نولا الدين قد فبل قول أعداؤه في فساد أحواله، وأنه قبض عليه ونكبه واستأصل
جميع أمواله وحبسه بالموصل إلى أن توفي رحمه الله في اعتقاله. وكان انشاده في
شعبان.
شاهدت
بخط الربيب أبي المعالي أسعد بن عمار رجلته من خلاط إلى مكة شرفها الله في سنة
ثلاث وستين وخمسمائة، ثم أتبعها برحيله إلى الشام متقدماً على عسكر الموصل في سنة
ست وثمانين، وذكر في أولها فصلاً من أحواله، فأحببت نقله لما فيه من ذكر شيء من
أموره، وحقيقة حاله، وصورته: أما بعد: فلما وفق الله سبحانه وأثبت منازل الحج، وما
تأتي في تلك السفرة الميمونة، وكانت حجة الإسلام، فإني قضيتها في شهور سنة ثلاث
وستين وخمسمائة، وكنت حينئذٍ في خدمة الملكة شاه بانوان ابنه بيلدُق بن عليّ بن
أبي القاسم، وهي يومئذٍ ملكة بلاد الروم، وأرمانية، زوجة شاه أرمن سكمان بن
إبراهيم بن سكمان صاحب خلاط واقليمها رخمه الله، وكنت متقلداً أمورها، فشغلني ذلك
عن تحرير طريق الحج في تلك السفرة، فأثبته في السفرة الثانية، وكان لي عدة سفرات
يستحسن ثبت عجائبها، ويستطرف ذكر غرائبها من الجهاد في الجزر والسناسنة حتى قدر
الله فتحها وتطهيرها من 38 - و الكفر في يوم الأحد عاشر المحرم من سنة سبعين
وخمسمائة، وكان صاحب حبيش الإسلام في ذلك الأوان شاه أرمن سمكان بن إبراهيم بن
سمكان، وكان استخلاصها بعد حصارها ثلاث سنين والجهاد فيها، والحمد لله على ذلك.
ثم بعد ذلك انتقلت من خلاط إلى الموصل حماها الله إلى خدمة المولى الملك العادل عز
الدين أبي المظفر مسعود بن مودود بن زنكي بن آق سنقر، فأحسن إلي وقربني، ورد إلي
أمور ملكه ومصالح دولته، فلم أر شيئاً أكافىء ذلك الانعام به وإلا بذل المجهود في
الشفقة، وحفظ مصالحه في أمر دينه ودنياه وتقصير الأيدي المتطاولة والأطماع الفاجرة
عن ماله وملكه بوسع الطاقة، وهو عارف لي بذلك، موفر حرمتي، ويزيد في معيشتي، وكان
كلما تجدد حال أو حدث أمر من المهام العظام أستندبني فيه، فلما قدر الله سبحانه
الله وتعالى فتح بيت المقدس عمره الله في شهور سنة ثلاث وثمانين وخمسمائة، وطهر
ذلك البيت المطهر من نجسهم، تفرقوا في بلاد الكفر، وجمعوا الجموع من أقصى بلاد
الكفر، وجاءوا بخيلهم ورجلهم، ونزلوا على عكة وحصروها، واستنجد المسلمون المولى أتابك
عز الدين فبادر إلى اجابتهم، وتلبية دعوتهم، وجمع الجموع، وجهز الجيوش، وأخرج
الأموال، وجعل ولده أميراً عليهم، وهو الملك 38 - ظ السعيد علاء الدين، وجعلني
مقدم جيشه، ومر بي ولده، وقلدني أمورهم، وحفظ مصالح الدولة ومصالحهم، بحيث كان
طريق الطاعة والجهاد في سبيل الله، وزيارة بيت الله المقدس عمره لله أحببت أن أثبت
مراحله ومنازله، وما تجدد لنا في تلك السفرة المباركة، ثم ذكر المراحل، وأن الحركة
من الموصل يوم الثلاثاء عاشر ربيع الأول سنة ست وثمانين وخمسمائة.
ثم ذكر المنازل إلى أن قال: الاثنين رابع عشر - يعني ربيع الآخر من السنة - :
المنزل في قرا حصار، وعرضنا العساكر.
الثلاثاء خامس عشر ربيع الآخر: المنزل في مدينة حلب على شاطىء قويق، ثم ذكر
المنازل من حلب إلى أن ذكر وصولهم إلى ظاهر عكة والتقاء الملك الناصر لهم.
وذكر الربيب في هذا التعليق أنه خدم المقتفي بأمر الله مدة سنتين وستة أشهر آخرها
غرة ربيع الأول سنة أربع وخمسين وخمسمائة.
أخبرني عمر بن الربيب أسعد بن عمار أن ولادة أبيه سنة ثلاثين وخمسمائة، وخدم
الخليفة المقتفي سنتين ونصفاً، وكان في خدمته أيام حصار السّلطان محمد بن محمود
بغداد وسمع الحديث على أبي الوقت وغيره، ودخل حلب أيام نور الدين محمود بن زنكي،
ثم في أيام صلاح الدين يوسف بن أيوب ثلاث مرات، كان يأتي مقدماً على عسكر الموصل
إلى خدمته 39 - و وقبض عليه صاحبه نور الدين أرسلان شاه بن مسعود بن مودود في ثاني
عشر رمضان سنة ست وستمائة، فمات بالسجن بالموصل.
أسعد بن المنجا: وقيل أبي المنجا، بن بركات، وقيل أبي البركات بن المؤمل، أبو
المعالي التنوخي المعري الأصل، الدمشقي المولد والمنشأ، الحنبلي القاضي، ولي قضاء
حران، وذكر لي ولده عمر بن أسعد، أبو الخطاب، أن اسمه أسعد بن المنجا بن بركات بن
المؤمل.
وذكر
لي أبو الحجاج يوسف بن خليل أن أسعد بن أبي المنجا بن أبي البركات قرأ الفقه بدمشق
على شرف الإسلام عبد الوهاب بن عبد الواحد الحنبلي، ثم سافر إلى بغداد وتفقه بها
على أحمد الحربي، وقرأ على الشيخ عبد القادر بن صالح الجيلي، وسمع الحديث بدمشق من
أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود السوسي، وببغداد من أبي منصور أنوشتكين
الرضواني، والشريف النقيب أبي جعفر أحمد بن محمد المكي العباسي، وأبي العباس أحمد
بن بختيار المندائي الواسطي، وأبي محمد بن عمر الأرموي.
روى بنا عنه: أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي، وأبو حامد إسماعيل بن
حامد بن عبد الرحمن القوصي.
ولما عاد إلى دمشق بنى له تاجر مدرسة بدمشق ووقفها عليه، وتولى القضاء والخطابة
بحران يوم الأربعاء ثامن وعشرين من شهر رجب من سنة سبعٍ وستين وخمسمائة.
وأخبرني ولده الو 39 - ظ الخطاب عمر بن أسعد أنه دخل حلب حرسها الله. وكان شاعراً.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - قراءة عليه وأنا أسمع بحلب
- قال: أخبرنا القاضي أبو المعالي بن المنجا بن أبي البركات بن المؤمل المعري
التنوخي - قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق - قيل له: أخبركم أبو القاسم نصر بن أحمد بن
مقاتل بن مطكود السوسي قراءة عليه وأنت تسمع فأقر به، قال: أخبرنا عليّ بن محمد بن
عليّ الفقيه: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد
بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن بكر قال: حدثنا داود بن الحسن قال: حدثنا مبارك بن
فضالة عن الحسن عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " مثل
الصلوات الخمس كمثل نهرٍ جارٍ على باب الرجل يغتسل منه كل يوم خمس مرات، فماذا بقي
من درنه " .
أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن القوصي - بقراءتي عليه دمشق -
قال: أخبرنا وجيه الدين أبو المعالي أسعد بن المنجا القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم
السوسي قال: أخبرنا عليّ بن محمد قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي نصر، قال: أخبرنا
إبراهيم بن محمد بن أحمد بن أبي ثابت قال: حدثنا أحمد بن بكر قال: حدثنا محمد بن
الحسن قال: حدثنا الأوزاعي عن الزهري عن عبد الرحمن بن حرب بن مالك عن أبيه قال:
جاء ملاعب الأسنة إلى النبي صلى الله عليه وسلم بهدية، فعرض عليه النبي صلى الله
عليه وسلم 40 - و الإسلام فأبى أن يسلم، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: "
فإني لا أقبل هدية مشرك " .
قرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة بن خليفة بن غرير - أهداه إليّ الخطيب أبو
محمد عبد الغني بن محمد بن تيمية، وقال لي: نقلته من خط مؤلفه - أنشدني عثمان بن
عمر بن عليّ الشياح قال: أنشدني القاضي الإمام وجيه الدين أسعد بن المنجا لنفسه:
أراش نبال مقلته فاصما ... غزال فاتن اللحظات ألما
يعللني بسوف وهل وحتى ... وقد وعسى وليت وأو ولما
فأوسعه على التقبيح حمداً ... ويوسعني على الإحسان ذما
قرأت بخط شيخنا ناصح الدين عبد الرحمن بن نجم بن عبد الوهاب بن الحنبلي " في
كتاب الاستسعاد بمن لقيت من صالحي العباد في البلاد " من تأليفه: الشيخ أسعد
بن المنجا الفقيه الحنبلي، يدعى وجيه الدين، كان رحل إلى بغداد وقرأ على الفقيه
أحمد الحربي الحنبلي كتاب الهداية وكتب خطه له بذلك، وعاد إلى دمشق، وكان رأى
الشيخ شرف الإسلام جدي وانتمي إليه، وطلب الفقيه حامد بن حجر شيخ حران قاضياً
لحران من نور الدين، نور الدين يومئذ صاحب دمشق، فأشاروا به، فسير إلى حران
قاضياً، فأقام مدة، ثم رجع إلى دمشق فأقام مدة، ثم رجع إلى حران قاضياً، مررت عليه
عودي من أصبهان سنة إحدى وثمانين، وتأخر موته 40 - ظ.
قرأت في تاريخ حران لأبي المحاسن بن سلامة بن غرير: وكان مولده - يعني أسعد بن
المنجا - بدمشق سنة عشرين وخمسمائة، ومات بدمشق سنة خمس وستمائة،وخطب على منبر
حران، سمعته يخطب ويدعو للإمام المستضيء رضي الله عنه.
صنف كتاب النهاية في شرح الهداية عشرين مجلداً، جمع فيه المذاهب وأدلتها، واختصر
كتاب الهداية، وكان له شعر حسن.
أخبرنا
أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي في معجم شيوخه، بعد أن ذكر أسعد بن المنجا
وذكر الحديث الذي سقناه عنه وقال: وشيخنا هذا القاضي وجيه الدين رحمه الله كان
إماماً فاضلاً في مذهب الإمام أحمد بن حنبل، وولي القضاء بمدينة حران،، فحمدت
سيرته في الماضي والحال والمستقبل.
ومولده سنة عشرين وخمسمائة، وتوفي في شهور سنة ست وستمائة بدمشق رحمه الله عليه.
قرأت بخط رفيقنا أبي عليّ الحسن بن محمد البكري، وذكر أنه نقله من خط أبي الطاهر
إسماعيل بن عبد المحسن الأنماطي: مات أبو المعالي أسعد بن المنجا التنوخي قاضي
حران بدمشق بعد أن عمي مدة عاشها في بيته، في يوم الخميس ثاني عشري شهر ربيع الأول
سنة ست وستمائة.
وقد أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال في ذكر من توفي
سنة ست وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي الثاني والعشرين من شهر ربيع
الأول توفي القاضي الفقيه أبو المعالي أسعد بن المنجا بن بركات بن المؤمل التنوخي،
الدمشقي، الحنبلي بدمشق، بعد أن كف بصره، ومولده سنة تع عشر وخمسمائة، وتفقه
ببغداد على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه مدة، وحصل طرفا من معرفة
المذهب، وسمع بها من أبي منصور أنوشتكين ابن عبد الله الرضواني،والقاضيين أبي
الفضل محمد بن عمر الأرموي، وأبي العباس أحمد بن بختيار الماندائي، والشريف النقيب
أبي جعفر أحمد بن محمد العباسي، وسمع بدمشق من أبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل
السوسي، وحدث بدمشق، سمعت منه بها، وكان ولي القضاء بحران، ويقال فيه ابن أبي
المنجا.
أسعد بن يحيى بن موسى بن منصور بن عبد العزيز بن وهب بن هبان السلمي: أبو المعالي،
المعروف بالبهاء السنجاري، فقيه شاعر، جيد الشعر رقيقة، كيس الأخلاق، حسن المنظر،
ولد بسنجار، واشتغل بالفقه ببغداد على أبي القاسم بن فضلان، وأبي القاسم المجير
البغداديين، وبالموصل على القاضي فخر الدين أبي الرضا بن الشهر زوري، والحسين بن
نصر بن خميس، وسمع الحديث من أبي الفرج عبد القاهر بن نصر بن أسد بن عبسون بسنجار،
ثم 41 - و اشتهر بالشعر وسلك غير مسلك الفقهاء وتزيا بغير زيهم.
واتصل بخدمة تقي الدين عمر بن شاهان بن شاه بن أيوب في أيام عمه الملك الناصر صلاح
الدين يوسف بن أيوب ومدحهما وغيرهما من القضاة والأكابر، ثم اتصل بالملك الصالح
... صاحب آمد ونادمه ومدحه، ثم اتصل بخدمة الملك المنصور محمد بن عمر بن شاهان شاه
صاحب حماه وأقام عنده بها شاعراً ونديماً، وسيره من حماه رسولاً إلى الملك الظاهر
غازي إلى حلب رسولاً واجتمعت به بحماة في سنة تسع وستمائة بحضرة والدي رحمه
الله،وأنشدني عدة مقاطيع من شعره وكتبها لي في جزء بخطه،ثم ورد إلينا إلى حلب في
سنة إحدى عشر وستمائة منفصلا ومدح بها الملك الظاهر، وأقام بها مدة، وتوجه إلى
ماردين وتولى قضاء دُنيسر ثم توجه إلى سنجار فتوفي بها، وسئل عن مولده فقال: في
حادي عشر جمادى أولى سنة ثلاث وثلاثين وخمسمائة بسنجار.
أنشدني بهاء الدين أسعد بن يحيى السنجاري بحماة في شهر رمضان من سنة تسعٍ وستمائة
في الغزل لنفسه:
علق الفؤاد دموعه علق ... أبداً على خديه تستبقق
قلق الضمير تكاد أضلعه ... من لوعة التفريق تفترق
واهي القوى أوهى تجلدهقمر لسيف اللحظ ممتشق 41 ظ
حلو تناسب في ملاحته ... فالناس في أوصافه نسق
عاتبته يوماً وقلت له: ... عطفاً فلكل وجهه العرق
فحبسته شمساً وقد طلعت ... فيها النجوم أظلها الغسق
عجباً لنار فوق وجنته ... أبداً بماء الخد تأتلق
والنار ضدُّ الماء كيف ترى ... جمعاً وهذا كيف يتفق
عابوه لما لاح عارضه ... حسداً وقالوا فيه لا رزقوا
غفلوا عن المعنى أما علموا ... أن الغصون يزينها الورق
لله ليلة بات معتنقي ... ويدي بفضل الصدغ تعتلق
أخشى من الأنفاس تحرقه ... فأكف أنفاسي فأحترق
ومتى هممت بلثم وجنته ... سلت عليّ سيوفا الحدق
وحدثني
أسعد بن يحيى قال: كان صاحب آمد يهوى قينة فقال لها يوماً وهو سكران: قد سلوتك،
فعلقت يدها في طوقه وقالت متمثلة:
لتقرعن عليّ السن من ندم ... إذا تذكرت يوماً بعض أخلاقي
فوقع في قلبه من ذلك شيء عظيم فدخلت عليه، فأخبرني بالقصة، فقلت ارتجالاً - وضمَّن
البيت المتمثل به:
أدر كؤوسك عني أيها الساقي ... وارفق عليّ فهذا وقت إرفاق
أما ترى سورة الصهباء قد سلبت ... عقلي وقد أسكرتني خمر أشواقي
42 - و
نار الغرام وماء الدمع قد جمعا ... فاعجب له بين إحراق وإغراق
لم يبق مني هوى ليلى سوى رمق ... وفي الزجاجة باق يطلب الباقي
قالت وقد قلت في سكر أمازحها: ... سلوت عنك فمديني بأطواقي
لتقر عن عليّ السن من ندم ... إذا تذكرت يوماً بعض أخلاقي
وعدت معتذراً مما جنيت وقد ... قامت وقد قامت الدنيا على ساق
هكذا أنشدنيه: " لم يبق مني هوى ليلى " وكمنى بليلى عن أبشي وهو اسم
القينة.
وأنشدني البهاء السنجاري لنفسه من قصيدة:
أقام وما دون العذيب مقام ... وليم فما أجدى عليه ملام
وظن النوى يشفي الفؤاد من الجوى ... وهيهات أن شفي السقام سقام
أيا عذبات البان من أيمن الحمى ... سلم وهل يغني السليم سلام
أحن إلى ذاك الأثيل تشوقاً ... ودون التداني برزخ وإكام
وأقلق إن ناح الحمام كأنما ... بقلبي من نوح الحمام حمام
ومنها:
إذا لم أفُز منكم بوعد ولم يكن ... لطيفكم وهناً عليّ لمامُ
فلاهب خفاق النسيم غديةً ... ولا ضربت بالأبرقين خيام
وحدثني قال: كتب إليّ ابن التابلان - وكان بعض الكتاب بحلب حرسها الله - كتباً لم
أجبه عنها، فكتب يعاتبني، فكتب إليه: 42 - ظ.
وردت مبرزةً على أقرانها ... يدعو لسان الشكر عذب لسانها
فوددت أن الطرس أبيض مقلتي ... والنفس حين تخط عن أنسانها
ونشرت نشر الروض حين نشرتها ... وأجلت طرف الطرف في ميدانها
ودخلت جنة عبقر من حسنها ... يا حبذا ما كان من رضوانها
ورأيت أبكار المعاني حورها ... وفصاحة البلغاء من ولدانها
وخمائلاً بالدرَّ أثمر عودها ... يبدو عليها ذاك من أفنانها
وبعدتُ عن لثمي أكف مجيدها ... فمحوت بالتقبيل وشي بنانها
فلو اجتلى عبد الرحيم جمالها ... لأقر أنك عندليب زمانها
لم يأتنا فصحاء مصر بمثلها ... شرفت بها حلب على بيسانها
يريد بعبد الرحيم القاضي ابن البيساني.
وأنشدني أسعد بن يحيى السنجاري لنفسه عذراً من الخضاب.
ولاح لامني لما رآني ... أسود لون شيبي بالخضاب
فقلت له: جهلت مكان قصدي ... وذا حزن على عصر الشباب
وأنشدني لنفسه من أبيات:
من منصفي من ملول لج في الطلب ... يظل يلعب والأشواق تلعب بي
مستعرب من بني الأتراك ما تركت ... أيام جفوته في العيش من أرب
مناني من لذة الدنيا بأجمعهاتقبيل درَّي ذاك المبسم الشنب 43 و
ومنها:
لله ليلتنا والكأس دائرة على ... الندامى ووجه البدر لم يغب
بكر إذا قرعت بالماء أولدها ... بكر السرور فيا فخرا ابنة العنب
كادت تطير وقد كرنا بها فرحاً ... لولا الشباك التي صيغت من الحبب
تخالها بيد الساقي وقد مزجت ... منثور در طفا في مايع الذهب
قال لما أنشدني هذه الأبيات عند قوله " كادت تطير " : هذا معنى مبتكر لم
أسبق إليه.
وقال لي أبو الفتح النقاش الحلبي بعد ذلك كم هذا البيت أخذه بعينه من بعض المغاربة
لفظاً ومعنى.
قال
لي عليّ بن إدريس الحمصي الشاعر: توفي البهاء السنجاري في شهر ربيع الآخر سنة ثلاث
وعشرين وستمائة، ثم قرأت في تاريخ عليّ بن أنجب، المعروف بابن السباعي، بلغني أن
أسعد بن يحيى السنجاري هذا توفي بسنجار في المحرم من سنة أربعٍ وعشرين وستمائة.
ذكر من اسمه أسفنديار
أسفنديار بن الموفق بن أبي عليّ بن محمد بن يحيى بن علي: أبو الفضل البوشنجي
الأصل، الواسطي مولداً، قدم حلب، وسمع بها أبا سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون،
وقرأ القرآن بوجود القراءات، ودرس الوعظ على أبي المجد عليّ بن المبارك الواسطي
سبط ابن رشادة، وصحب الشيخ صدقة ابن وزير الواسطي الزاهد، وتكلم في الوعظ، ووعظ
الناس، وفر الأدب ببغداد على أبي محمد بن عبد الله 43 - ظ بن أحمد بن أحمد بن
الخشاب، وبعده على أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري النحوي، وسمع بها أبا
الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي،ومحمد بن محمود بن حمود، وقاضي القضاة أبا طالب
روح بن أحمد الحديثي قاضي بغداد، وأبا المعالي عمر بن بنيمان الهمذاني المستعمل
وروى عن أبي طالب الحديثي، وأبي عمران موسى بن يحيى الحصكفي.
روى عنه: أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي الواسطي، وذكره في ذيله الذي ذيل به
على الذيل لأبي سعد السمعاني.
روى لنا عنه: الشريف أبو عليّ المظفر بن لفضل بن يحيى بن جعفر الحسيني البغدادي
وأبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي.
وأخبرني أبو السعادات أن أسفنديار هذا قدم حلب، وكان صاحب فكاهات ومحاضرات، وكان
غالياً في التشيع، وله شعر حسن.
قال: وذكر لي ولده أحمد بن أسفنديار أنه من أولاد عبيد الله بن عمرو بن الخطاب رضي
الله عنه.
قال لي أبو السعادات: وأخبرني أسفنديار أنه ولد بواسط سنة سبع أو ثمانٍ وثلاثين
وخمسمائة منتصف رجب، وقيل إن له ستين مصنفاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن سعيد الدبيثي في كتابه إلينا من بغداد قال: قرأت على
أبي الفضل أسفنديار بن الموفق، قلت له: أخبركم قاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد
بن محمد قراءة عليه وأنت تسمع، فأقر به، قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الباقي
بن مجالد قال: حدثنا أبو القاسم عبيد الله بن عليّ 44 - و بن أبي قريبة العجلي
قال: حدثنا أبو الطيب محمد بن الحسين التيملي قال حدثنا عبد الله بن زيدان البجلي
قال: حدثنا حسين بن زيد قال: حدثنا عائذ ابن حبيب عن صالح عن محمد بن كعب القرظي
عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أشرف المجالس ما
استقبل بها القبلة " .
أنشدنا أبو عليّ المظفر بن الفضل بن يحيى بتن جعفر الحسيني بحلب قال: أنشدنا
أسفنديار بن الموفق الواعظ ببغداد قال: أنشدني أبو عمران موسى أبي الفضل يحيى
بميافارقين لوالده أبي الفضل في كتاب في كتاب آمد من جملة قصيدة:
قد ملأوا الدنيا بألقابهم ... ونافسوا فيها السلاطينا
توزعوا الدولة والملك وال ... حضرة والإسلام والدنيا
شادوا بأقلامهم دورهم ... وأجربوا فيها الدواوينا
عفوا وما عفوا بأقدامهم ... مساكناً تحوي المساكينا
غرتهم الدنيا بأن أظهرت ... عن غلظة تظهرها لينا
والدهر كم جرَّع في مره ... مراً وحيناً ساقه حينا
يا أنفُساً ذلت بإتيانهم ... ويك أتأتين الأتاتينا
كان يجدي القصد لو أنهم ... يدرون شيئاً أو يُدرونا
لا تُغبني الفضل باطراء منترين فيه الهجو مغبونا 44ظ
لو رمت شيئاً دون أقدارهم ... لهجوهم لم تجد الدونا
أنشدني أبو السعادات الموصلي قال: أنشدني أسفنديار لنفسه:
قد كنتُ مغرى بالزمان وأهله ... ولم أدر أن الدهر بالغدر دائل
أرى كل من طارحته الود صاحباً ... ولكنه مع دولة الدهر مائل
ورب أناسٍ كنت أمحض ودهم ... وما نالني منهم سوى المزق طائل
تعاطوا ولائي ثم حالوا سآمةً ... وحالُ بني الأيام لا شك حائل
وأعدم شيءٍ سامهُ المرءُ دهرهُ ... حبيبٌ مصافٍ أو خليل مواصل
أسادتنا
قد كنت أحظى بإنسكم ... وأجني ثمار العيش والدهر غافل
وما خلت أن البين يصدع شملنا ... ولا أنني عنكم مدى الدهر راحل
وتاالله ما فارقتكم عن ملالةٍ ... ولكن نبت بي بالمقام المنازل
قطعت الفلا عنهن حتى أضعنني ... فأفقرن عن مثلي وهن أواهل
وإني إذا لم يعل وجدي ببلدةً ... هدتني إلى أخرى السرى والعوامل
إذا الحر لم يظمأ لورد مكدر ... فلا بد يوماً أن تروق المناهل
سيعلم قومي قدر ما بان عنهم ... وتذكرني إني عشت تلك المعاقل
قال لي أبو السعادات: وأنشدني أسفنديار لنفسه:
الدهر بحر والزمان ساحل ... والناس ركب راحل ونازل
كأنهم سيارة في مهمةٍمكاره الدهر لهم مناهل 45 و
أنبأنا أبو عبد الله بن الدبيثي قال: أسفنديار بن الموفق بن أبي عليّ البوشنجي
الأصل، الواسطي المولد، البغدادي الدار، أبو الفضل الكاتب الواعظ، قرأ القرآن
الحبيب بواسط بالقراءات الكثيرة على جماعة منهم أبو الفتح المبارك بن أحمد بن رزين
الحداد، ثم قدم بغداد واستوطنها، وصحب الشيخ صدقة بن وزير وسمع معه بها من جماعة
منهم: أبو الفتح بن عبد الباقي بن سلمان، وأبو المعالي عمر بن بنيمان، وأبو الأزهر
محمد بن محمود بن حمود، وقاضي القضاة أبو طالب روح بن أحمد الحديثي وغيرهم، وتكلم
في الوعظ مدة، وتولى كتابة ديوان الإنشاء في محرم سنة أربع وثمانين وخمسائة، وصرف
عنه في شهر رمضان من السنة المذكورة، وكان وافر الفضل، حسن الخط، مليح العبارة،
جيد الترسل، يقول الشعر الجيد، وينشئ الفصول الحسنة، وسمعنا منه.
قالي لي أبو السعادات بن حمدان: توفي أسفنديار ببغداد في الليلة التي صبيحتها يوم
الخميس تاسع ربيع الأول سنة خمس وعشرين وستمائة.
وسألت حفيدة بن عليّ ين عليّ بن أسفنديار عن وفاة جده فقال: توفي ببغداد بالرباط
العتيق المعروف بالقيساوية في ذي الحجة من سنة أربع وعشرين وستمائة، ودفن بمشهد
عبيد الله.
والصحيح هو الأول، وقد أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي قال في ذكر
من مات سنة خمس وعشرين وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي ليلة 45 - ظ
التاسع من شهر ربيع الأول توفي الشيخ الأجل الفاضل أبو الفضل أسفنديار بن موفق بن
أبي عليّ البوشنجي الأصل، الواسطي المولد، البغدادي الدار، المقرىء، الواعظ،
الكاتب، ببغداد، ودفن من الغد بمشهد عبيد الله.
قرأ القرآن الكريم بواسط على جماعة منهم أبو الفتح المبارك بن أحمد بن زريق
الحداد، وقرأ الوعظ أبي المجد عليّ بن المبارك، وسمع ببغداد من أبي الفتح محمد بن
عبد الباقي بن أحمد،وأبي المعالي بن بنيمان، وأبي الأزهر محمد ابن محمود بن حمود،
وقاضي القضاة أبي طالب روح بن أحمد الحديثي، وغيرهم.
وحدث وتكلم في الوعظ مدة، وكان وافر الفضل، مليح العبارة حسن الحظ، وله شعر جيد،
وترسل جيد، ومولده في رجب سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة.46 - و.
بسم الله الرحمن الرحيم وبه توفيقي الاسكندر الملك ذو القرنين بن فليفوس: وقيل
افليقوس بن الاسكندر المقدوني اليوناني، وقيل الاسكندر بن فليفوس المقدوني، وقال
بعضهم أنه رومي وأنه ابن دارا بن بهمن الملك بن اسفنديار الشديد ابن نشتاسب الملك.
وقال بعضهم: هو من الروم واسمه فليفوس بن مصريم ابن هرمس بن هرديس بن مطيون بن
رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن نويه بن سرجون بن رومية بن يريط بن توفيل بن
رومي بن الأصفر بن اليفن بن العيص بن اسحق بن إبراهيم النبي صلى الله عليه وسلم.
وقيل اسمه مرزبا بن مردفه اليوناني من ولد يونن بن يافث بن نوح عليه السلام، وقيل:
هو ابن مكنوس بن مطرنوس،وقيل: اسمه هرمس وقيل: هرديمس بن قطون بن رومي بن ليطي
كسلوخس، وقيل اسمه الصعب بن العزيز بن يرعوش بن همان، والله أعلم.تأدب بأرسطو
طاليس، وكان معلمه.
وإنما
سمي ذو القرنين لأنه بلغ المشرق والمغرب، وهو الذي غزا دار ابن دار ابن بهمن بن
أسفندباد بن نشتاسف،وقيل أنه اجتاز بحلب وفي صحبته أرسطا طالس الحكيم، وقد ذكرنا
ذلك فيما تقدم عن أرسطو في هذا الكتاب، وكان اجتيازه لقتال دارا، وقيل إنه هو الذي
بنى مدينة ملطية، ويقال إن قبره بقرية من بلد كفر طاب من عمل حلب يقال لها شحشحبو،
وهو ظاهر عندهم يتداول الخلف عن السلف ذلك، ويقال أنه توفي بهذا المكان، وانه
أخرجت أمعاؤه وجميع وما في بطنه، فدفن في هذه القرية، ونقلت جثته في تابوت إلى أمه
إلى الإسكندرية، وسنذكرها هنا شيئاً من أمره، ثم نذكر في حرف الذال، في ذي القرنين
نبذة من حديثه، لأن الله تعالى سماه في كتابه47 - و العزيز ذا القرنين، في قوله
تعالى: " ويسألونك عن ذي القرنين قل سأتلو عليكم منه ذكراً. إنا مكنا له في الأرض
وآتيناه من كل شيء سببا " إلى آخر الآيات التي ضمنها الله تعالى ذكره، ونذكر
هذه القصة في موضعها إن شاء الله تعالي.
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال الواسطي التاجر قال:
أخبرنا أبو طالب محمد بن عليّ بن أحمد الكتاني قراءة عليه قال: أخبرنا أبو الفضل
محمد بن أحمد بنن عبد الله العجمي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد ابن مخلد
البزاز قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن
عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن أسلم بن سهل ابن أسلم الرزاز قال:
حدثناا محمد بن وزير قال: حدثنا محمد بن صالح البطيحي الواسطي قال: حدثنا العباس
بن الفضل عن القاسم بن عبد الرحمن عن محمد بن عليّ قال: كان لذي القرنين صديق من
الملائكة يقال له زرفيائيل وكان لا يزال يتعهده بالسلام، فقال له ذو القرنين: هل
تعلم شيئاً يزيد في طول العمر فأزداد شكراً وعبادة؟ فقال: مالي بذلك من علم، ولكن
أسأل عن ذلك في السماء، فعرج إلى السماء فلبث إلى ما شاء الله ان يلبث ثم هبط
فقال: إني سألت عما سألتني فأخبرت أن الله عيناً ظلمةٍ هي أشد بياضاً من اللبن
وأحلى من الشهد، من شرب منها شربة بم يمت حتى يكون هو الذي يسأل الله 47 - ظ تعالى
الموت. 48 - و.
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن التاجر قال: أخبرنا أبو طالب الكتاني قال: أخبرنا
أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسن بن مخلد قال: أخبرنا
أبو الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: حدثنا يوسف ابن يعقوب قال:
حدثنا سعيد بن منصور قال: حدثنا هشيم عن الفضل بن عطية عن عطاء ابن عباس رضي الله
عنه أن إبراهيم صلى الله عليه لقي ذا القرنين فصافحه.
قرأت على تاج الدين أبي اليمن زيد بن الحسن الكندي بداره بدمش قلت له: اخبرك الشيخ
أبو محمد عبد الله بن عليّ بن محمد المقرىء - فأقر به - قال:أخبرنا أبو منصور محمد
بن محمد بن أحمد بن الحسين بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن أحمد بن
خلف بن خافان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن دريد، ح.
قال أبو منصور: وحدثنا القاضي أبو محمد عبد الله بن عليّ بن أيوب قال: أخبرنا أبو
بكر بن الجراح الخزاز - واللفظ له - قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: وقيل
للاسكندر: بم نلت هذه المملكة العظيمة على حداثة سنك؟ قال: باستمالة الأعداء
وتصييرهم أصدقاء، وبتعاهد الأصدقاء بالإحسان إليهم.
وقال ابن دريد: قصد الاسكندر موضعاً ليحارب أهله، فحاربه النساء فكف عنهن وعن
محاربتهن وقال: هذا جيش ان غلبناه لم يكن لنا فيه فخر وان 48 - ظ غلبنا كانت
الفضيحة آخر الدهر.
قال: وقال الاسكندر: انتفعت بأعدائي أكثر مما انتفعت بأصدقائي لأن أعدائي كانوا
يعيرونني بالخطأ وينبهونني عليه، وكان أصدقائي يزينون لي الخطأ ويشجعونني عليه.
أخبرنا عتيق السماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، حدثني.
زحدثنا أبو الحسن بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب
قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا
أبو القاسم بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري، وأبو عبد الله بن
حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء - قال ابن حمد: إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز
بن الحسن - قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا
محمد بن موسى القطان قال: حدثنا عبد الله بن جعفر الرقي قال: وشى واشٍ برجل إلى
الإسكندرية فقال له: أتحب أن نقبل منك فيه ما قلت فيه على أنا نقبل منه ما قال
فيك؟ فقال لا، فقال له: فكف عن الشر يكف الشر عنك.
قرأت في كتاب التعريف في ذكر اليونانين، وهذا الكتاب تأليف صاعد بن أحمد بن صاعد
الأندلسي قال فيه: منهم الاسكندر بن فيلفوس المقدوني، المعروف بذي القرنين الذي
غزا دار ملك الفرس في عقر داره، فثل عرشه، ومزق ملكه، وفرق جمعه، ثم تخطاه قاصداً
إلى ملوك المشرق من الهند، والترك، والصين، فتغلب على بعضهم، وانقاد له جميعهم،
وتلقوه بالهدايا الفخمة، واستكفوه بالأتاوات الجزلة، ولم يزل متردداً في أقاصي
الهند، وتخوم الصين، وسائر أكناف المشرق، حتى أجمع ملوك الأرض طراً على الطاعة
لسلطانه، والخضوع لعزته، والإقرار بأنه ملك الأقاليم، والاعتراف بأنه رئيس الأرض.
وقرأت بخط عبد السلام بن الحسين البصري المعروف بالواجكاء من كتاب في ذكر فضائل
الفرس، وأنساب حكمائهم لم يسم مؤلفه، ولعله من تأليفه قال فيه: وقيل أن رجلين من
أصحاب دارا من أهل همذان طعنا دارا من خلفه في الحرب، ثم هربا إلى الاسكندر
فأخبراه، فقتلهما دارا، وصلبهما لأن لا يجترأ على الملوك 49 - و.
قال ثم مالك الاسكندر الرومي، وقد قال بعض الفرس أنه ابن دارا بن بهمن الملك بن
اسفنديار الشديد بن نشتاسب الملك، والفرس تسمية الاسكندر.
قال مؤلف الكتاب: ولكن الثبت عندنا أن ذا القرنين الاسكندر كان من الروم وأنه
فليفوس بن مصريم بن هرمس بن هردمس بن ميطون بن رومي بن ليطي بن يونان بن يافث بن
نويه بن سرجون بن رومية بن يريط بن توفيل بن رومي بن الأصفر بن اليفن بن العيص بن
اسحق بن إبراهيم النبي عليه السلام.
قال: وكان الاسكندر مؤمنا، فبلغنا أنه لم يقتل الملوك وأبناءهم والأشراف حتى دخل
بابل، فرأى أجسام أهل السواد وعقولهم فكتب إلى أمه وإلى مؤدبه أرسطا طليسس يخبرهما
أنه رأى قوماً لم ير مثلهم، فكتبا إليه: إن مثل هؤلاء لا يقتل، ولكن كف عنهم، ومزق
ملكهم، فبلغنا أن الإسكندرية ملك على السواد ثمانين ملكا، وكذلك صنع بسائر البلاد،
وجعل على ملوك السواد جميعاً رجلاً، وجعل على الجبال رجلاً، وعلى الروم رجلا، وعلى
المشرق رجلا.
قال: وبلغنا أن الاسكندر كان جوالا في البلاد لا دار له إلا أنه لما قتل دارا
الملك تزوج روستك ابنته وجلس على سريره ببابل، وهدم حصون الفرس ومدنهم وبيوت
النيرا، واحرق دواووين دارا، وقتل 49 - ظ الهرابذة، واحرق كتب المجوسية.
قال: وبنى الاسكندر ملطية، ومات الاسكندر ببابل، فطليت جثته بعسل وحمل إلى
الإسكندرية في تابوت ذهب فدفن، وإنما طلي بالعسل لأن لا ينتن، وكان ملكه أربع عشر
سنة، ولم يعق.
قال: وبنى الإسكندر الرومي الملك: مدينة سمرقند، ومدينة هراة، ومدينة مرو،
والإسكندرية التي بمصر، وسر نديب التي على ساحل البحر ومدينة لروستك امرأته بناها
ببابل، وبنى ببابل أيضاً مدينة أخرى، وبنى حي مدينة أصبهان على تمثال حية، ومدينة
ملطية وهي بأرض اليونانيين، وبنى مدينتين في موضع، ولا نعلم أن أحداً من ملوك
الطوائف بني شيئاً.وقرأت في كتاب تواريخ الأمم تأليف أبي عبد الله حمزة بن الحسن
الأصبهاني، وذكر دارا بن دارا، فقال: في زمان ملكه تحرك بأرض المغرب الإسكندر،
وكانت لملوك لفرس أتاوة على من بالمغرب من القبط، والبربر، ومن الشمال من الروم
والسقلب، ومن بالشام وفلسطين من الجرامقة والجراجم، فلما استولى الاسكندر على
الملك، وورد عليه من قبل دارا من يتقاضاه الأتاواة قال:قولوا له: أن الدجاجة التي
كانت الآن تبيض قد انقطعت عن البيض، فصار ذلك سبباً لالتحام الشر بين دار
والاسكندر حتى قتل فيه دارا، وبنى - يعني دار - فوق نصيبين 50 - ومدينة باسمه،
وسماها داران، وقد بقيت إلى الآن وهي تسمى دار.
وقال:
لما فرغ الاسكندر من قتل دارا واستولى على بلاد فارس أساء السيرة، وأسرف في هراقة
الدماء، واجتمع في معسكره من وجود الفرس وأشرافها سبعة آلاف أسير مقرنين في
الأصفاد، يدعو بهم كل يوم، ويقتل منهم واحداً وعشرين أسيرا، حتى بلغ كاشغر فأقام
بها زميناه، ثم قفل راجعاً نحو بابل، فلما بلغ قومس مرض بها، وتمادت به علته في
طريقه، فمات قبل أن يصل إلى بابل، وقد كان جعلها تل تراب.
قال: وفيما ولده القصاص من الأخبار أنه بنى بأرض ايرانشهر اثنتي عشرة مدينة سماها
كلها الإسكندرية،واحدة بأصبهان، وواحدة بهراة، وواحدة بمرو، وواحدة بسمرقند،
وواحدة بالصغد، وواحدة بميسان، وأربعاً بالسواد، وليس للحديث أصل، لأن الرجل كان
مخرباً ليس بناء.
وقال: لما فرغ الاسكندر من قتل الأشراف وذوي الأقدار من الفرس، واستولى على تخريب
المدن والحصون، ووصل إلى ما أراد، كتب إلى ارسطاطاليس إني وترت جميع من بالمشرق
بقتلي ملوكهم، وتخريبي معاقلهم وحصونهم، وقد خشين أن يتضافروا من بعدي على قصد بلاد
المغرب، ففهمت أن أتتبع أولاد من قتلت من الملوك فأجمعهم والحقهم بآبائهم، فما
الرأي قبلك؟ فكتب إليه: إنك أن قتلت أبناء الملوك أفضى الملك 50 - ظ إلى السفل
والأنذال، والسفل إذا ملكوا قدروا، وإذا قدروا طغوا وبغوا وظلموا واعتدوا، وما
يخشى من معرتهم أفظع، والرأي تجمع أبناء الملوك فتملك كل واحد منهم بلدا واحداً،
وكورة واحدة من البلدان، فان كل واحد منهم يُشاح الآخر ما في يده، فتتولد من أجله
العداوة والبغضاء بينهم، فيقع لهم من الشغل بأنفسهم ما لا يتفرغون عنه إلى من نأى
عنهم من أهل المغرب.
فعندها قسم الاسكندر بلاد المشرق على ملوك الطوائف، ونقل عن بلدانهم علم النجوم
والطب والفلسفة والحراثة إلى بلدان المغرب، بعد أن حولها إلى اليونانية والقبطية،
فلما هلك الاسكندر وحصلت البلاد في أيدي الطوائف، رفعوا الحرب والتجاذب عما بينهم،
فكان الواحد منهم إنما يغلب الآخر بالمسائل العويصة، ففي أيامهم وشعت الكتب التي
هي في أيدي الناس مثل: كتاب مروك، وكتاب سندباذ، وكتاب برسنيفاس، وكتاب شنماس وما
أشبهها من الكتب التي بلغ عددها قريباً من سبعين كتاباً.
فبقوا على هذا المنهاج إلى أن ملك منهم نيف وعشرون نفراً، خرج في عدادهم من سمت به
همته إلى الغزو، وكان عدد أولئك الطوائف تسعين ملكاً، فكانوا كلهم يعظمون من يملك
العراق، وينزل طيفسون، وهي المدائن، وكان إذا كاتبهم يبدأ بنفسه.
وقال حمزة الأصبهاني: قرأت في كتاب مصنف في أخبار اليونانيين قد نسب نقله إلى 51 -
و حبيب بن بهريز مطران الموصل أن اليونانيين كانوا يؤرخون في القديم من وقت خروج
يونان بن تورس عن أرض بابل إلى جانب المغرب فبقوا على هذا التاريخ إلى أن ظهر
الاسكندر وغلب الملوك، فذهبت يونان وصاروا حشوة في الروم، وكان سبب ظهور الاسكندر
على الملوك أنه لما مضى من مولده ست سنين خرج من بلده وركب البحر وفتح الجزائر إلى
أن بلغ أرض أفرنجة في أقصى المغرب، ثم رجع من وجهته تلك على طريق إفريقية منحطاً
على أرض مصر، ومنها على أرض الشام، فقدر أنه لم يعمل عملاً، وسمت به همته إلى جانب
المشرق، وطمع في الظفر بمملكة الفرس، فلما قرب منها اتفق له قتل ملكها بوثوب بعض
حماة ظهره عليه، فاستولى على مملكة الفرس ثم تجرأ منها على قصد ما وراءها من أرض
الهند، وأقاصي المشرق، فظفر بالمواضع التي صار إليها ثم رجع منها عائداً إلى مدينة
بابل العتيقة على أن يعيدها إلى العمارة بعد ما خربها، وكانت في زمان عمرانها منزل
ملوك الكلدانيين فلما قرب منها مات بسم سقوها إياه وله اثنتان وثلاثون فحسب، وقد
كان في حياته تقدم إلى أن أهل زمانه أن يؤرخوا بسني ملكه ويجعلوا ابتداءها من أول
سنة سبع وعشرين من سني عمره، ومنه كانوا يؤرخون كتبهم، ثم أرخوها بعد وفاته بسنة
ست من سني الاسكندر وذلك من ابتداء حركته.
وقرأت في مجموع عتيق بخط بعض الأدباء خبر وفاة الاسكندر مختصراً قال فيه: 51 - ظ
لما اعتل العلة التي أيس فيها من نفسه كتب إلى والدته: اصنعي صنيعاً وادعي إليه من
لم تصبه مصيبة، فلما وصل الكتاب بذلك إليها قالت: لقد عزاني الاسكندر عن نفسه.
ولما
مضى لسبيله رثاه الناس فمما قالت الفلاسفة: قال أحدهم: حركنا الاسكندر بسكونه،
قالوا أرسطو طاليس: صدر عنا الاسكندر ناطقاً، وقدم علينا صامتاً، وقال آخر: خرجنا
إلى الدنيا جاهلين، وأقمنا فيها غافلين، ونخرج منها كارهين، وقال ميلاطوس: أيها
الساعي المغتصب جمعت ما خانك عند الاحتجاج، وتركك عند الاحتياج، فلا قرابة يزورك،
ولا وزير ينقذك، وقال فيليمون: هذا يوم عظيم أقبل من شره ما كان مدبراً، وأدبر من
خيره ما كان مقبلاً، فمن كان باكياً على زوال ملكه فلبيك، وحمل في تابوت من ذهب
فلما رآه بعض الفلاسفة قال: جمعته حيا وجمعك ميتاً، وقيل إن الذي قال هذا أمه،
وقال آخر: ما أزهد الناس فيك وأرغبهم فيما أنت فيه، ودفن بحمص رحمه الله.
قلت: وهذا يؤكد ما يتعارفه أهل بلادنا أنه مقبور بشحشبو، قرية من بلد كفر طاب، لأن
كفر طاب وحلب وناحيتها كانت مضافة إلى حمص من قديم الزمان إلى أن عزل يزيد بن
معاوية قنسرين وعملها وجعله جندا على حده، وأفرده عن حمص وقيل إن الذي فعل ذلك
معاوية أبوه، والله أعلم.
ذكر من اسمه أسلم
أسلم بن حرب بن سفيان بن سهم: ابن مالك بن عدي بن الأسود بن جشم بن سامة بن لؤي بن
غالب الجشمي، كان بحلب وله ذكر.
ذكره أبن الكلبي نسب بني جشم بن سامة فقال: منهم أسلم بن حرب بن سفيان بن سهم بن
مالك بن عدي بن الأسود بن جشم بن جشم بن سامة بن لؤي أبو غالب، بحلب.
اسلم بن كرب الشامي: كان بحلب، وكان رجلاً صالحاً مجاب الدعوة.
قرأت بخط أبي الحسين بن المهذب بن محمد بن همام المعري: وحدثنا القاضي - يعني أبا
سعيد بن بلبل قاضي المعرة - قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبيد الله الأسدي
قال: حدثنا الفضيل بن عبيد الله الهاشمي عن جده عبيد الله قال: وحدثنا محمد بن
الصقر الشامي عن أبيه كلاهما عن أبي النضر قال: خرج عبد الله بن محمد المنصور فذكر
حكاية نوردها فيما يأتي في هذا الكتاب أن شاء الله تعالى في ترجمة المستهل بن
الكميت بن زيد، وأن المنصور أمره أن يتقرى منابر الشام فيذكر مناقب بني هاشم وما
فضلهم الله به، ومثالب بني أمية وما كانوا عليه، ففعل ذلك، وتقرى منابر الشام
مدينة إلى حلب، فرقا منبرها فذكرها فضائل بني هاشم ومثالب بني أمية رجلاً حتى
انتهى إلى عمر بن عبد العزيز فقال: وإنما كان مثله مثل بغي بني إسرائيل التي كانت
تزني بحب رمان وتتصدق 52 - ظ به على المرضى، فقام إليه أسلم بن كرب الشامي فقال:
إن كنت كاذباً فأعمى الله بصرك فعمي في موضعه، وانحدر من المنبر يقاد، فكان أسلم
بن كرب يطرح التراب إلى فيه ويقول: تباً له سمع دعاؤه، يزري على نفسه.
أسلم أبو عمران الكندي: مولاهم، روى عن عقبة بن عامر الجهني، وأبي أيوب الأنصاري
صاحبي رسول الله صلى الله عليه وسلم.
روى عنه يزيد بن أبي حبيب، ودخل بلاد الروم غازياً في الجيش الذي كان فيه أبو أيوب
الأنصاري.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا ناصر ابن محمد،
حدثني.
وأخبرنا
أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي في كتابه قالا: أخبرنا سعيد بن أبي الرجاء
الصيرفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن النعمان، وإبراهيم بن منصور سبط بحرويه قالا:
أخبرنا أبو بكر بن المقرىء قال: حدثنا أبو يعلى الموصلي قال: حدثنا عمرو بن الضحاك
بن مخلد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حيوة بن شريح قال: سمعت يزيد بن أبي حبيب يقول:
حدثني أسلم أبو عمران مولى لكندة قال: كنا بمدينة الروم فأخرجوا إلينا صفاً عظيماً
من الروم وخرج إليهم مثله أو أكثر، وعلى أهل مصر عقبة بن عامر صاحب رسول الله صلى
الله عليه وسلم، فحمل رجل من المسلمين على صف الروم حتى دخل فيهم، فصاح به الناس
وقالوا: سبحان الله يلقي بيده إلى التهلكة، فقام أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله
صلى الله عليه وسلم فقال: أيها الناس إنكم تؤولون هذه الآية 53 - و على هذا
التأويل، وإنما نزلت هذه الآية فينا معاشر الأنصار، إنما أعز الله الإسلام وكثر
ناصريه، قلنا بعضا لبعض سرا من رسول الله صلى الله عليه وسلم: ان أموالنا قد ضاعت،
وإن الله قد أعز الإسلام وكثر ناصريه، فلو أقمنا في أموالنا فأصلحنا ما ضاع منها،
فأنزل الله عز وجل على نبيه صلى الله عليه وسلم يرد علينا ما قلنا: " وانفقوا
في سبيل الله ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة وأحسنوا إن الله يحب المحسنين "
فكانت الإقامة في أموالنا وإصلاحها وتركنا الغزو.
قال: وما زال أبو أيوب شاخصاً في سبيل الله حتى دفن بأرض الروم.
أسلم، أبو رافع: وقيل اسمه إبراهيم، مولى النبي صلى الله عليه وسلم، وسنذكره في
باب الكنى لشهرته بأبي رافع، والاختلاف في اسمه، شهد صفين مع عليّ رضي الله عنه.
ذكر من اسمه أسماء
أسماء بن الحكم الفزاري: شهد صفين مع عليّ رضوان الله عليه، وروى عنه وحكى عن وقعة
صفين، روى عنه يزيد بن أبي رجاء، وعلي بن ربيعة الأسدي.
أخبرنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الحافظ في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن
نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم
السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: أخبرنا الفضل - هو ابن الحباب -
قال: حدثنا مسدد قال: حدثنا أبو عوانة عن عثمان بن المغيرة الثقفي، ح.
قال: وأخبرنا الفضل قال: حدثنا إبراهيم بن بشار الرمادي قال: حدثنا سفيان عن مسعر
عن عثمان بن المغيرة عن عليّ بن ربيعة عن أسماء بن الحكم الفزاري عن عليّ قال: كنت
إذا سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً ينفعني الله بما شاء أن 53 - ظ
ينفعني، حتى حدثني أبو بكر، وكان إذا حدثني عن النبي صلى الله عليه وسلم بعض
أصحابه استخلفته، فإذا حلف صدقته، وانه حدثنا أبو بكر، وصدق أبو بكر عن النبي صلى
الله عليه وسلم أنه قال: " ما من عبد يذنب ذنباً ثم يتوضأ ويصلي ركعتين ثم
يستغفر الله لذلك الذنب إلا غفر الله له " .
قال ابن عدي: وهذا الحديث مداره على عثمان بن المغيرة رواه عنه غير من ذكرت:
الثوري وشعبة، وزائدة، وإسرائيل وغيرهم.
وقد روي عن غير عثمان بن المغيرة عن عليّ بن ربيعة. قال: حدثنا عبد الله ابن أبي
داود قال: أخبرنا أيوب الوزان قال: حدثنا مروان، قال: حدثنا معاوية بن أبي العباس
القيسي عن عليّ بن ربيعة الأسدي عن أسماء بن الحكم الفزاري قال: قال عليّ بن أبي
طالب: كان الرجل إذا حدثني عن رسول الله صلى الله عليه وسلم بحديث استحلفته فإذا
حلف لي صدقته، وحدثني أبو بكر أنه قال: " ما من عبد يذنب ذنباً ويصلي ركعتين
ثم يستغفر منه إلا غفر له " .
قال الشيخ ابن عدي: وهذا الحديث طريقه حسن وأرجو أن يكون صحيحاً، ولا أعلم له
حديثاً آخر، وأسماء بن الحكم هذا لا يعرف إلا بهذا الحديث.
وقال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: سمعت محمد بن أحمد بن حماد يقول: قال البخاري
وأسماء بن الحكم الفزاري سمع علياً، روى عنه عليّ بن ربيعة قال: كنت إذا حدثني رجل
من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم استحلفته، فإذا حلف 54 - و لي صدقته.
قال ابن عدي: ولم يرو هذا عن أسماء غير هذا الحديث الواحد، ويقال إنه قد روي عنه
حديثاً آخر يتابع عليه.
أخبرنا
أبو الحسن عليّ بن محمد بن عبد الكريم الجزري، وأبو البقاء يعيش ابن عليّ بن يعيش
- قراءة عليهما بحلب - قالا: أخبرنا أبو الفضل محمد بن محمد الخطيب الطوسي، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن سلمان الإربلي: أخبرنا أبو الفتح محمد بن
عبد الباقي بن البطي قالا: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد ابن الحسن السراج قال:
أخبرنا عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا عبد الله بن إبراهيم قال: حدثنا القاضي موسى
بن اسحق بن موسى قراءة قال: حدثنا خالد - يعني ابن يزيد العمري - قال: حدثنا
الثوري قال: أخبرني عثمان بن المغيرة الثقفي بن عليّ بن ربيعة عن أسماء بن الحكم
الفزاري قال: سمعت علي بن أبي طالب رضي الله عنه قال: كنت إذا سمعت من رسول الله
صلى الله عليه وسلم - يعني حديثاً - نفعني الله بما شاء منه، وكان إذا حدثني عنه
غيري استحلفته فإذا حلف صدقته، وحدثني أبو بكر رضي الله عنه، وصدق أبو بكر، قال:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " ما من عبد مسلم يذنب ذنباً ثم
يتوضأ فيحسن الوضوء ثم يصلي ركعتين ثم يستغفر الله إلا غفر الله له عز وجل "
.
قال السراج: محفوظ من حديث عثمان بن المغيرة وهو عن ابن أبي زرعة، وعثمان الأعشى
عن عليّ بن ربيعة الوالبي عن أسماء بن الحكم الفزاري عن أمير المؤمنين عليّ بن أبي
طالب، وافق سفيان الثوري على روايته مسعر بن كدام، وإسرائيل بن يونس، وأبو عوانة،
وشعبة، والحسن بن عمارة، وقيس بن الربيع وشريك بن عبد الله، فرووه كلهم عن عثمان
بن المغيرة، إلاً أن شعبة شك في أسماء ابن الحكم، فقال: عن أسماء، أو أبي أسماء،
أو ابن أسماء.
ورواه عليّ بن عابس عن عمان بن المغيرة عن أبي صادق عن ربيعة بن ناجذ عن عليّ بن
أبي طالب، ووهم عليّ بن عابس في ذلك، والله أعلم.
نقلت من خط الحافظ أبي طاهر السفلي، وأنبأنا به عنه أبو عبد الله ابن الحسين وغيره
قال: أخبرنا الشيخ الإمام أبو القاسم يوسف بن إبراهيم بن يوسف بن بكران السمان
النشوي قال: أخبرنا إبراهيم بن حمكان النشوي قال: حدثنا أبي قال: سمعت مكي بن هرون
الزنجاري يقول: أسماء بن الحكم الفزاري لا يعرف إلا بهذا الحديث، يعني حديثه عن
عليّ عن أبي بكر رضي الله عنهما، ويقال إنه قد روى أيضاً حديثاً لم يتابع عليه،
ولا أحفظه وهذا الحديث مداره على عثمان بن المغيرة، رواه عنه الثوري، وشعبة،
ومسعر، وزائدة، وإسرائيل، وأبو عوانة، وعند الحفاظ أجمع وأهل المعرفة بهذا الشأن
أنه لم يروه عن عليّ ابن ربيعة طريق غريب عجيب.
ذكر من اسمه إسماعيل
حرف الألف في آباء من اسمه إسماعيل
ذكر من اسم أبيه إبراهيم ممن اسمه إسماعيل إسماعيل بن إبراهيم بن أحمد الشيباني:
أبو الفضل القاضي الحنفي المعروف بابن الموصلي، وقد قدمنا ذكر أبيه، تولى القضاء
نيابة، يحكم على مذهب أبي حنيفة رضي الله عنه الله عنه بدمشق إلى أن مات، وكان قد
حكم بالموصل قبل ذلك، ثم خرج وتوجه إلى دمشق، واجتاز في طريقه بحلب، وأقام بها مدة
يسيرة، وحكم بمصر، ثم انتقل إلى دمشق، وكان فقيهاً فاضلاً حنفي المذهب مشكور
السيرة، حدث عن أبي الفضل محمد بن يوسف ابن عليّ الغزنوي، وأبي محمد بن هبه الله
بن محمد بن مميل الشيرازي، وزروى عن أبي المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ.
روى عنه جماعة من أهل الحديث منهم: أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي وأبو
المحامد إسماعيل بن حامد القوصي، وخرجا عنه في معجم شيوخهما، وقال القوصي عند
ذكره: تولى الحكم نيابة بدمشق فحمد نافذ حكمه، وشكرت فتاويه وكان مولده ببصرى في
رابع عشر ربيع الآخر سنة أربع وأربعين وخمسمائة، وتوفي رحمه اله بدمشق في يوم
الأربعاء تاسع جمادى الأولى سنة تسعٍ وعشرين وستمائة، وأخبرني بذلك غيره. 54 - ظ.
إسماعيل بن إبراهيم بن شاكر بنت عبد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله
بن سليمان: أبو محمد بن أبي اسحق بن أبي اليسر المعري الأصل، الدمشقي المولد
والدار، كاتب مجيد وشاعر محسن من بيت العلم والفضل والأدب، وقد قدمنا ذكر شيخنا
والده، ونذكر إنشاء الله تعالى جده، وجد أبيه، وجد جده، وجد أبي جده، وجد جد جده،
وجد أبي جد جد جده وجماعة من أهل بيته.
نشأ
أبو محمد بدمشق، واشتغل بالعلم والأدب، وسمع بها شيخنا أبا اليمن زيد بن الحسن
الكندي، والقاضي أبا القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني، وسمع أبا
حفص عمر بن محمد بن طبرزد، وسمع أباه أبا اسحق إبراهيم بن أبي اليسر وجماعة غير
هؤلاء من شيوخ دمشق.
وكتب الإنشاء للملك الناصر داود بن عيسى بن أبي بكر بن أيوب مدة في أيام ولايته،
وسيره رسولاً إلى مصر، وقدم علينا حلب في سنة أربع وأربعين وستمائة وزارني في داري
وأنشدني شيئاً من شعره، وأخبرني أن مولده بدمشق يوم السبت سابع عشر محرم سنة تسعٍ
وثمانين وخمسمائة، ثم اجتمعت به بعد ذلك بدمشق وعلقت عنه فوائد.
أنشدنا أبو محمد إسماعيل بن إبراهيم بن أبي اليسر لنفسه بحلب في جمادى الأولى سنة
أربع وأربعين وستمائة.
ليلي كشعر معذبي ما أطوله ... أخفى الصباح بفرعه إذا أسبله
وأنار ضوء جبينه في شعره ... كالصبح سل على الدياجي منصلة
55 - و
قصصي بنمل عذاره مكتوبة ... يا حُسن ما خط الجمال وأجمله
والله لا أهملت لام عذاره ... يا عاذلي ما كل لامٍ مهملة
أقرأ على قبلي سياقي حُبة ... والذاريات ومدمع قد أهمله
آيات تحريم الوصال أظنها ... وطلاق أسباب الحياة مرتله
ما هامت الشعراء في أوصافه ... إلا وفاطر حسنه قد كمله
ثبت الغرام بحاكم من حسنه ... وشهادة الألحاظ وهي معدلة
كم صاد من صاد بعين دونها ... أسياف لحظ في الجفون مسللة
إن أبعدته يد النوى عن ناظري ... فله بقلبي إذ ترحل منزله
بالعاديات قد اغتدى عنا ضحى ... وبداله في كل قلب زلزله
شمس النفوس لبينه قد كورت ... والنار في الأحشاء منه مشعله
وأنشدني لنفسه ابتداء مكاتبة كتبها إلى القاضي بدر الدين قاضي سنجار:
لولا مواعيد آمالٍ وعيش أعيش بها ... لمت يا أهل هذا الحي من زمني
وإنما طرف آمالي به مرح ... يجري بوعد الأماني مطلق الرسن
إسماعيل بن إبراهيم بن صالح بن زياد: أبو يعقوب العقيلي، وحدث عن ابن عيينة،
والإمام الشافعي.
وأخبرنا عبد الجليل بن أبي غالب - فيما أذن لنا في روايته عنه - 55 - ظ قال أخبرنا
أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا أبي أبو عبد الله
محمد بن اسحق بن مندة قال: إسماعيل بن إبراهيم بن صالح ابن زياد، أبو يعقوب
العقيلي مات بطرسوس سنة أربعين ومائتين، حدث عن ابن عيينة، والشافعي، روى عنه أحمد
الدورقي.
إسماعيل بن إبراهيم بن عبد الكريم بن الحسين بن محمد: ابن جعفر بن عبيد الله بن
عبد الله بن طاهر بن الحسين، أبو الفضل المعروف بالزين بن قرناص الحموي، من مقدمي
حماة، وكبرائها، وأعيانها، وتنائها، قدم حلب مراراً متعددة، وكان شيخاً حسناً
وقوراً، يرجع إلى دين وفضل، وهو من بيت كبير بحماة.
وكان الملك الناصر " قلج أرسلان " بن الملك المنصور محمد لما ولي حماة
بعد موت أبيه طرح على أهل حماة وأعيانها حنطة ثمنها عليهم بزيادة عن قيمتها،
وألزمهم بأخذها فامتنع أبو الفضل من أخذها، وخرج عن حماة هارباً إلى مصر، فأمر
الملك الناصر باخراب داره وحمامه، فأخربت، وكان قد غرم على ذلك جملة عظيمة، وقبض
أملاكه بحماة ظلماً منه وبغياً، فلم يلتفت إلى فعله، وسار إلى مصر مستغيثاً عليه
إلى خاله الملك الكامل محمد بن الملك الكامل محمد بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب
وبقي عنده بالديار المصرية إلى أن نزل الملك الكامل إلى الشام، وفتح دمشق، ونزل في
صحبته، وسير الملك المظفر محمود بن الملك المنصور محمد، ومعه عسكره إلى حماة
فافتتحها، وأبو الفضل بن قرناص في صحبته، وأعاد عليه أملاكه 56 - و فعمرها وأعادها
إلى حالتها الأولى وشفى غيظه من صاحب حماة الملك الناصر وبعد أن مات الملك الكامل
قبض الملك المظفر محمود على أبي الفضل بن قرناص وسجنه إلى أن مات في سجنه.
وكان لأبي الفضل إجازة من الحافظ أبي طاهر السلفي حدث بها بدمشق، وسمع منه رفيقنا
أبو عبد الله البرزالي، وخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
وكنت
قد سمعت منه في دمشق بالمزة من شعره نظمها في الملك الكامل، ومنا جميعاً بظاهر
دمشق، والملك الكامل يحاصرها في سنة ست وعشرين وستمائة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد لن يوسف البرزالي - إجازة - قال: أخبرنا إسماعيل بن
إبراهيم بن عبد الكريم بن الحسين بن قرناص، وأبو الفضل الخزاعي، بقراءتي عليه
بدمشق عند قدومه علينا بمنزله بدار العفيف الحمصي يوم الاثنين الثاني والعشرين من
شعبان سنة ست وعشرين وستمائة، قلت له أخبرك الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد
السلفي الأصبهاني اجازة كتب لكم بها من الإسكندرية - فأقر بذلك، وقال: نعم، ح.
وأخبرنا به أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس وغيره قالوا:
أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر
القاري ببغداد في شوال سنة ثلاث وتسعين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين عليّ بن
محمد بن عبد الله بن عبد الملك بن بشران المعدل بقراءة أبي محمد الخلال الحافظ
عليه سنة إحدى عشرة وأربعمائة قال: حدثنا 56 - ظ أبو جعفر محمد بن عمرو بن البحتري
الرزاز في ذي الحجة سنة تسعٍ وثلاثمائة قال: حدثنا عباس بن محمد بن حاتم الدوري
قال: حدثنا يعلى بن عبيد الله قال: حدثنا أبو حيان عن الشعبي عن ابن عمر قال: خطب
عمر على منبر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فحمد الله وأثنى عليه، فوعظ وذكر ثم
قال: إن الخمر نزل تحريمها يوم نزل وهي من خمسة: من العنب، والتمر والنطة،
والشعير، والعسل، والخمر ما خمر العقل.
ثلاث أيها الناس وددنا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم لن يفارقنا حتى يعهد إلينا
فيهن عهداً ينتهى إليه: الجد، والكلالة، وأبواب من أبواب الربا.
أنشدنا أبو الفضل بن قرناص بالمزة ظاهر دمشق لنفسه من قصيدة في الملك الكامل دفعها
إلي لأكتبها له بخطي:
قبل ثرى عتبات سلطان الورى ... مولى الملوك أجل من وطىء الثرا
وأعزهم جارا ًوأسخاهم يداً ... وأتمهم براً وأطهر مئزراً
الكامل المنصور أيمن طائراً ... وأعز أنصاراً وأكرم معشرا
الناصر الإسلام حين تخاذلت ... أنصاره ومجيره أن يعثرا
الناشر الإنعام حين طواه أق ... وام فعم به الوهاد إلى الذرا
قال فيها:
والهج بلثم ترابه متشرقاًإن عزلثم ركابه وتعذرا 57 و
واحرم ولب وطف بكعبة بابه ال ... عالي وهلل ما استطعت وكبرا
وأركع وسبح وادع واسجد ... واقترب واشكر عوارفه التي لن تنكرا
واسأله ما ترجو فما أولاده أن ... يحبو بأضعاف الرجاء لمن عرا
فمحمد يحكى النبي سميه خبراً ... جميلاً في الأنام ومخبرا
وحديث مدح فيه مثل قدميه ... فتراه وحياً لا حديثاً يفترى
وبفضله يثنى عليه لا كما يثن ... على باقي الملوك مزوراً
يهب البلاد لمن ألم ببابه ... متجدياً ويهاب أن يهب القرى
ويحقر البدر العظام جلالة ... عن أن تكون نضيفه بعض القرى
فرد يرى من باسه وكأنما ... معه وما معه سواه عسكرا
توفي أبو الفضل إسماعيل بن قرناص في السجن بحماه.
إسماعيل بن إبراهيم بن غازي بن عليّ بن محمد: أبو أحمد النميري المارديني الحنفي،
المعروف بابن فلوس، فقيه، فاضل، شاعر، ولد بماردين، وقدم إلى دمشق، وأجتاز بحلب في
طريقه، وأقام بدمشق، روى لنا عنه أبو المحامد القوصي شيئاً من شعره، وخرج عنه في
معجم شيوخه. وله تصانيف عدة، وكان عارفاً بالمنطق.
أنشدنا شهاب الدين أبو المحامد بن حامد قال: أنشدني الفقيه الفاضل شمس الدين أبو
الطاهر إسماعيل بن إبراهيم لنفسه: 57 - ظ.
بأبي الأهيف الذي لحظ عي ... نيه ذا راشق وهذا رشيق
راح في حسنه غريباً وإن ... كان شقيقاً لو جنتيه الشقيق
وأخبرني أبو المحامد القوصي - فيما دفعه إلي وأجازه لي - قال: وسألته أن ينشدني
شيئاً من غزله غير ذلك وأرق منه، فأنشدني في الغزل رحمه الله أيضاً:
قال
العذول بدا العذار بخده ... فتسل عنه فالعذار يشين
فأجبته مهلا رويدك إنما ... أغراك عنه فالملام جنون
ما ذاك شعر عذاره لكنما ... أجفان عينك في الصقال تبين
قلت: وهذا مأخوذ من قول بعضهم:
نظرت محاسنه العواذل نظرة ... فتغيرت من حسنه ألوانها
فلحيني فيه أتهوى ناحلا ... منه المحاسن ذاهب إحسانها
فأجبت في وجناته مائية ... أبدى نحو لكم بها لمعانها
قال لنا أبو المحامد القوصي: ومولده - يعني ابن فلوس - بما ردين في شهور سنة ثلاث
وتسعين وخمسمائة، وتوفي بدمشق.
قال لي القوصي: كان الإمام شمس الدين معدوداً من جملة العلماء الأفاضل، مبرزاً في
فنون الحكمة وعلوم الأوائل، ودرس بدمشق وبالديار المصريه، وكان طريف المحاضرة،
لطيف الشمائل.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم المنذري قال في ذكر من توفي سنة سبع وثلاثين
وستمائة: وفي الحادي عشر من صفر توفي الشيخ الفقيه أبو أحمد إسماعيل ابن إبراهيم
بن غازي بن عليّ بن محمد النميري المارداني الحنفي، المعروف بابن فلوس بدمشق، ودفن
بمقابر ابن زويران، تفقه على مذهب الإمام أبي حنفية رضي الله عنه، وأشتغل
بالأصولين والطب والمنطق، والعربية، وغير ذلك، ودرس بمدرسة الأمير فخر الدين عثمان
بالقاهرة مدة، ودرس بمدرسة الأمير عز الدين أيبك التي بدمشق على الشرف، وصنف، وله
شعر جيد.
؟إسماعيل بن إبراهيم بن أبي علي: حدث بحلب بجزء إبراهيم بن هدبة عن مؤيد الدولة
أسامة بن مرشد بن عليّ بن منقذ، وتوفي في حدود الستمائة.؟؟؟ إسماعيل بن إبراهيم بن
أبي جعفر المصيصي: حكى عنه محمد بن حماد الحمصي، قاضي جبلة. 58 - و أنبأنا أبو نصر
محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال:
أخبرنا أبو نصر عبد الرحيم بن عبد الكريم في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي
قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو نصر محمد بن عمر قال: حدثنا أبو
عبد الرحمن - يعني محمد بن المنذر - قال: حدثني محمد بن حماد الحمصي قاضي جبلة
قال: حدثنا إسماعيل بن إبراهيم بن أبي جعفر المصيصي قال: رأيت الحارث بن عطية في
النوم فقلت: ما فعل الله بك يا أبا عبد الله قال: غفر لي، قلت: فابن المبارك؟ قال:
بخٍ. بخٍ ابن المبارك في عليين ممن يلج على الله في كل يوم مرتين.
اسماعيل بن ابراهيم البالسي: حدث عن معاوية بن هشام، روى عنه ابن ماجة القزويني،
والحسين بن عبد الله القطان 58 - ظ.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم تميم بن
أبي سعيد الجرجاني قال: أخبرنا الحاكم أبو الحسن البحاثي قال: أخبرنا أبو الحسن
محمد بن أحمد بن هرون قال: أخبرنا أبو حاتم بن حبان قال: أخبرنا الحسين بن عبد
الله القطان: أخبرنا إسماعيل بن إبراهيم البالسي قال: حدثنا معاوية بن هشام قال:
حدثنا سفيان عن أبي حازم عن سهل بن سعد قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" في الجنة باب يقال له الريان أعد للصائمين، فإذا دخل آخرهم أغلق " .
مات إسماعيل البالسي سنة ستة وأربعين ومائتين.
ذكر من اسم أبيه أحمد ممن اسمه إسماعيل إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل بن أبي عيسى
الجلي: أبو الحسن الحلبي، حدث بحلب عن أبيه أحمد بن إسماعيل، والقاضي أبي الحسين
محمد بن جعفر بن أبي الزبير المنبجي قاضيها، وأبي غانم أحمد بن يحيى قاضي حران،
سمعهم بحلب.
روى عنه أبنه أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي.
أخبرنا
الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله بن عليّ بن زهرة الحسيني الحلبي بها قال: أخبرنا
عمي أبو المكارم حمزة بن عليّ الحسيني الحلبي بها قال:ك أخبرنا أبو الحسن عليّ بن
عبد الله بن أبي جرادة الحلبي بها قال: حدثني أبي إسماعيل بن أحمد في العشر الآخر
من شهر رمضان سنة سبع وأربعمائة قال: أخبرنا أبو الحسين 59 - و محمد بن جعفر بن
أبي الزبير القاضي المنجبي بحلب قال: اخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن عبيد
قال: اخبرنا إبراهيم بن حبيب بن المنبه عن عبد الله بن مسلم عن أبيه عن جده عن
عليّ بن أبي طالب عليه السلام قال: نزلت النبوة يوم الاثنين وصليت مع النبي صلى
الله عليه وسلم يوم الثلاثاء.
توفي أبو الحسن بن الجلي في سنة إحدى وأربعين، أو اثنتين وأربعين وأربعمائة، وجدت
ذلك في محضر يتضمن ذكر أملاكه ووقوفه بحلب.
إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل: أبو ابراهيم الصوفي السر من رائي، أخو إبراهيم
الخواص، دخل الثغور الشامية غازيا، وكان له معاملات وكرامات.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا
أبو بكر أحمد بن عليّ الخطيب قال: إسماعيل بن أحمد بن إسماعيل، أبو إبراهيم
الصوفي، أخو إبراهيم الخواص، وهو من أهل سرمن رأى، كان مذكوراً بالفضل والخير،
وكثرة الغزو والحج، وأكثر سفره كان على التجريد وحكم التوكل.
وقال الخطيب: أخبرني أحمد بن عليّ المحتسب قال: أخبرنا محمد بن الحسين النيسابوري
قال: سمعت أبا بكر الرازي يقول: سمعت أبا عثمان بن الأدمي يقول: سمعت إبراهيم
الخواص يقول: كان أخي إسماعيل يسافر مع أبي تراب النخشبي ويصحبه، وكان له آيات،
وكرامات، مات قديماً.
إسماعيل بن أحمد بن أيوب بن الوليد بن هرون البالسي: أبو الحسن الخيزراني 59 - ظ
سمع بحلب أبا محمد عبد الرحمن بن عبيد الله بن أحمد بن عبيد الله بن أخي الإمام
الحلبي، ومحمد بن عيسى الأطروش، وأبا اسحق إبراهيم بن حفص بن عمر العسكري، وأبا
الفضل العباس بن الفضل الديباجي، وأبا العباس الوليد بن عبد العزيز بن أبان
الأنطاكي، وأبا الحسن الخليل بن محمد بن سعيد الصيمري، وببالس أباه أحمد بن أيوب
بن الوليد الزيات، وأبا العباس أحمد بن إبراهيم بن محمد بن بكر البالسي، وأبا
القاسم جعفر بن سهل بن الحسن القاضي، وعبد الله بن أحمد البغدادي الصفار، وأبا
عمران موسى بن عيسى بن إسماعيل الخابوري، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن أبي يعقوب
الرشيدي، وبالرقة أبا الفضل محمد بن عليّ بن الحسين بن حرب قاضي الرقة، وبأطرابلس
خيثمة بن سليمان الأطرابلسي.روى عنه أبو الفرج عبد الله بن محمد بن يوسف النحوي
المراغي، وأبو بكر محمد بن الحسن الشيرازي الصوفي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء الصوفي بدمشق، وأبو سعد ثابت
بن مشرف بن أبي سعد بن إبراهيم البناء البغدادي بحلب قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن
عبيد الله بن نصر بن الزغواني قال: أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر الأنباري
قال: أخبرنا أبو الفرج عبد الله بن نصر الزعواني قال: حدثنا أبو طاهر محمد بن أحمد
بن أبي الصقر الأنباري قال:: أخبرنا أبو الفرج عبد الله بن محمد بن يوسف النحوي
بقراءتي عليه في منزله في سطح موسى ببيت المقدس قال: حدثنا أبو الحسن إسماعيل بن
أحمد بن أيوب بن الوليد بن هرون البالسي الخيزراني قال: حدثنا أبو محمد 60 - و عبد
الرحمن بن عبيد الله بن أخي الإمام قال: حدثنا محمد بن قدامة المصيصي قال: حدثنا
جرير قال: حدثنا الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله
عليه وسلم: " ذروني ما تركتكم، فإنما هلك من كان قبلكم بسؤالهم واختلافهم على
أنبيائهم، فإذا أمرتكم بأمر فخذوا منه ما استطعتم، وما نهيتكم عنه فانتهوا "
.
إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث:
أبو
القاسم بن أبي بكر السمرقندي، الدمشقي المولد، البغدادي الدار، كان أبوه من أهل
سمرقند ونزل دمشق، وولد له بها أبو القاسم، وسمع بدمشق أبا بكر الخطيب، وأبا نصر
بن طلاب، وأبا الحسن بن أبي الحديد، وأبوي محمد عبد الله بن إبراهيم كبيبة، وعبد
العزيز بن أحمد الكتاني، وأبا الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي، وأبا العباس
أحمد بن منصور بن قُبيس، وأبا الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وببيت المقدس أبا بكر
محمد بن احمد الطوسي، وأبا القاسم مكي الرميلي، وأبا سعد حمد بن عليّ بن حميد
الرهاوي، ثم سافر عن دمشق إلى بغداد واستوطنها، وسمع بها أبا محمد عبد الله بن
محمد هزار مرد، وأبا نصر الزينبي، وأبا القاسم بن البسري، وأبا الحسين النقور،
وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا القاسم عبد العزيز بن عليّ
الأنماطي، وأبا القاسم عبد الله بن الحسين الخلال، وأبو القاسم إسماعيل بن مسعدة
الإسماعيلي وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وجماعة يطول ذكرهم.
روى عنه: أبو شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بن
منصور السمعاني وأبو القاسم عليّ بن الحسين بن هبة الله 60 - ظ الحافظ الدمشقي،
والحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الدمشقي، وجماعة غيرهم.
وروى بنا عنه أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي، واجتاز بحلب أو
عملها في طريقه من دمشق إلى بغداد.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - قراءة عليه بحلب - قال: حدثنا أبو القاسم
إسماعيل بن أحمد السمرقندي قال: حدثني عبد الله بن محمد الصريفيني قال: حدثنا عمر
بن إبراهيم الكتاني، وأبو القاسم عبيد الله بن محمد ابن اسحق بن حبابة - تلقيناً -
كل واحد مفرداً قالا: حدثنا أبو القاسم عبد الله ابن محمد بن عبد العزيز البغوي،
ح.
وقال: حدثنا إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز
قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن حبابة قال: حدثني عبد الله بن محمد البغوي قال:
حدثنا طالوت بن عباد قال: حدثنا فضال بن خير قال: سمعت أبا أمامة الباهلي يقول:
سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إكفلوا لي بست أكفل لكم بالجنة:
إذا حدث أحدكم فلا يكذب، وإذا أئتمن فلا يخن، وإذا وعد فلا يخلف، غضوا أبصاركم،
وكفوا أيديكم، واحفظوا فروجكم " .
واخبرنا ابن طبرزد قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد قال: حدثنا الشيخ أبو محمد عبد الله
الصريفيني قال: حدثنا أبو حفص عمر بن إبراهيم الكتاني المقرىء قال: حدثنا أبو سعيد
الحسن بن عليّ العدوي البصري قال: حدثنا خراش بن عبد الله قال: سمعت أنس بن مالك
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " الصوم جُنة " 61 - و.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضيل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت على أبي القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي
بباب الراتب عن أبي أحمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي قال: أنشدنا أبو بكر محمد
بن عمر العنبري:
سل الركب عن ليل الثوية من سرى ... أمامهم يحدو به وبهم حادي
ومن أذهل الحي الحلول بذي الغضا ... وقد مر مجتازاً على يمنة الوادي
أشمس أضاءت من خلال سحابةٍ ... أم الرشأ البادي من السجف البادي
ووالله ما أبكي لنفسي وإنما ... بكائي لأرواحٍ رهائن أجسادِ
غدا البين في الغادين يسبي قلوبهم ... وراح فما راحوا مع الرائح الغادي
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سألت أبا القاسم بن أبي بكر
السمرقندي المقرىء عن مولده فقال: ولدت يوم الجمعة وقت الصلاة، الرابع من شهر
رمضان سنة أربع وخمسين وأربعمائة بدمشق.
قال: وحمله والده إلى بغداد في سنة تسعٍ وستين إن شاء الله.
قال أبو سعد: سمعت أبا القاسم إسماعيل بن أبي بكر السمرقندي مذاكرة يقول: ما بقي
في الدنيا من يروي معجم أبي الحسين بن جميع غيري، ولا بدمشق أيضاً، ولا عن أبي
الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي، ثم أنشد:
وأعجب ما في الأمر إن عشت بعدهمعلى أنهم ما خلفوا في من بطش 61 ظ
ثم
قال: وهذا البيت من قطعة أنشدها أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي للوزير
أبي القاسم المغربي:
وما ظبية إذ ما تحنو على طلا ... ترى الإنس وحشاً وهي تأنس بالوحش
غدت فارتعدت ثم أثنت لرضاعه ... فم تلف شيئاً من قوائمه الحمش
فطافت بذاك القاع ولهى فصادفت ... سباع الفلا ينهشها أيما نهش
بأوجع مني يوم ظلت أنامل ... تودعني بالدر من شبك النقش
وأجمالهم تحدى وقد خيل الهوى ... كأن مطاياهم على ناظري تمشي
وأعجب ما في الأمر أن عشتُ بعدهم ... على أنهم ما خلفوا فيَّ من بطش
وقال أبو سعد: سمعت أبا القاسم بن السمرقندي يقول مذاكرة: رأيت النبي صلى الله
عليه وسلم كأنه مريض، فدخلت وكنت أقبل أخمص رجليه، وأمرُّ وجهي عليهما، فحكيت لأبي
بكر بن الخاضبة رحمه الله، فقال لي: أبشر يا أبا القاسم بطول البقاء، وانتشار
الرواية عنك لأحاديث النبي صلى الله عليه وسلم، فإن تقبيل رجله اتباع أثره، وأما
مرض النبي صلى الله عليه وسلم، فيحدث وهن في الإسلام، فما أتى على هذا الحديث إلا
قليلاً حتى وصل الخبر أن الأفرنج استولت على بيت المقدس.
وقال أبو سعد: سمعت أبا العلاء الحسن بن أحمد العطار المقرىء بهمذان يقول: ما أعدل
بأبي القاسم بن السمرقندي 62 - و أحدا من شيوخ خراسان والعراق.
قال أبو سعد: وسمعت من أثق به أن شيخنا أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي كان
يقول: أبو القاسم بن السمرقندي أستاذ خراسان كله والعراق.
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ
أبو القاسم قال: إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي الأشعث، أبو القاسم ابن أبي بكر
السمرقندي، ولد بدمشق وسمع بها أبا بكر الخطيب، وأبا الحسن ابن أبي الحديد، وأبا
نصر بن طلاب، وعبد العزيز الكتاني، وعبد الدائم القطان، وأبا العباس بن قبيس
وغيرهم.
ثم خرج إلى بغداد فاستوطنها إلى أن مات بها، وأدرك بها إسنادا حسنا، وسمع بها أبا
الحسين بن النقور، وأبا منصور بن غالب العطار، وأبا القاسم بن البسري، وجماعة
سواهم من أصحاب المخلص فمن دونهم، وكان مكثرا ثقة صاحب نسخ وأصول، وكان دلالاً في
الكتب، وسمعته غير مرة يقول: أنا أبو هريرة في ابن النقور - يعني لكثرة ملازمته له
وسماعه منه - ففل جزء قرىء على ابن النقور إلا وقد سمعته منه مرارا، وبقي إلى أن
خلت بغداد، وصار محدثها كثرة وإسنادا حتى صار يطلب العوض على التسميع بعد رغبته -
كانت - إلى أصحاب الحديث في السماع، وحرصه على إسماع ما عنده، وأملى في جامع
المنصور زيادة على ثلاثمائة مجلس في الجمعات 62 - ظ بعد الصلاة في البقعة المنسوبة
إلى عبد الله بن أحمد بن حنبل، وكان مبخوتا في بيع الكتب، باع مرة صحيح البخاري،
وصحيح مسلم في مجلدة لطيفة بخط أبي عبد الله الصوري الحافظ بعشرين دينارا، وقال
لي: وقعت على هذه المجلدة بقيراط لأنني أشتريتها وكتاب آخر معها بدينارا وقيراط،
فبعت ذلك الكتاب بدينار، وبقيت هذه المجلدة بقيراط، وكان قدم دمشق سنة نيف وثمانين
زائراً لبيت المقدس، فزارها وسمع بها جماعة، وسمع بدمشق نصر بن إبراهيم المقدسي،
وحدث بدمشق في دار أبي الحسن بن أبي الحديد، فسمع منه أبو الحسن بن أبي الحديد،
وأبو محمد بن صابر، ثم رجع إلى بغداد.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل العباسي الصالحي - قراءة عليه بجنب وأنا أسمع - قال أخبرنا
الإمام أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أبي
الأشعث السمرقندي بن أبي بكر المقرىء، كان يسكن باب المراتب الشريفة بعد أن سكن
خرابة الزينبيين، شيخ كبير ثقة، حافظ متقن، سمع الكثير بنفسه، ونسخ بخطه، وجمع
الشيوخ وسمع منهم، وصارت أصول البغداديين من أكثرها له نقل، وحمل عنه الكثير،
واشتهر بالرواية والذكاء، وجودة السماع إلى من يقرأ عليه.
سمع
بدمشق:أبا بكر أحمد بن عليّ ببن ثابت الخطيب الحافظ، وأبا الحسن أحمد بن عبد
الواحد بن أبي 63 - و الحديد السلمي، وأبا الحسن عبد الدائم بن الحسن الهلالي،
وأبا محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ، وأبا نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن
طلاب الخطيب، وأبا محمد عبد الله بن إبراهيم بن كبيبة النجار، وأبا العباس أحمد بن
منصور الغساني المالكي؛ وببيت المقدسي: أبا القاسم مكي بن عبد السلام المقدسي
الرميلي الحافظ، وأبا سعد حمد بن عليّ بن حميد بن محمد بن صدقة الرهاوي، وأبا بكر
محمد بن أحمد الطوسي المقرىء؛ وببغداد: أبا محمد عبد الله بن محمد بن هزار مرد
الخطيب الصريفيني، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن النقور البزاز، وأبا القاسم
عبد الله بن الحسن الخلال، وأبا القاسم عبد العزيز بن عليّ الأنماطي، وأبا منصور
عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن محمد بن البسري،
وأبا نصر محمد بن عليّ الزينبي، وخلقاً يطول ذكرهم.
وتفرد بالرواية عن جماعة من الشاميين، وقد ذكرت جماعة كثيرة في هذا الكتاب من
شيوخه، سمعت منه الكثير، وقرأت عليه الكتب الكبار، والأجزاء المنورة، وعلى الحقيقة
ما فاته من الإسناد العالي والنازل شيء ببغداد إلا وسمعه، وأكثر عن أبي الحسين بن
النقور، وكان يلازمه حتى سمعته يقول: سمعت جزء يحيى بن معين عن ابن النقور اثنا
عشر نوبة، أو ثلاثة عشر نوبة، الشك مني.
وقال أبو سعد السمعاني: توفي شيخنا أبو القاسم بن أبي بكر بن السمرقندي ليلة
الثلاثاء، 63 - ظ ودفن ضحوة يوم الأربعاء الثامن والعشرين من ذي القعدة سنة ست
وثلاثين وخمسمائة، بباب حرب في مقابر الشهداء، وصُلي عليه بجامع القصر، والمدرسة
النظامية، وصلينا نحن عليه عند قنطرة باب حرب رحمه الله.
أخبرنا إسماعيل بن سليمان بن عبد الجبار بن أيداش بدمشق قال أخبرنا الحافظ أبو
محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت قال: توفي أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي
في ذي القعدة سنة ست وثلاثين وخمسمائة، رحمة الله، ببغداد.
إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد العزيز الخلال: أبو سعيد الجرجاني الوراق، جال في
الآفاق، وسمع ببلاد الجزيرة، وبلاد الشام والعراق، ففي طريقه ما بين الشام
والجزيرة دخل حلب، أو بعض عملها، إن لم يكن سمع بها شيئاً.
سمع ببلده: عمران بن موسى السجستاني الجرجاني، وبنيسابور أبا العباس الثقفي
السراج، وأبا بكر محمد بن اسحق بن خزيمة، ومحمد بن عبد الله الزبيري، وبدمشق:
ومحمد بن صالح بن أبي عصمة، ومحمد بن الفيض، وجماهر الزملكاني وبعسقلان: محمد بن
الحسن بن قتيبة العسقلاني، وبحمص محمد بن جعفر بن يحيى بن رزين الحمصي، وببغداد:
حامد بن محمد بن شعيب، والهيثم بن خلف، وجعفر بن محمد بن الصباح الجرجرائي،
وبالموصل: أبا يعلى الموصلي، وبالرقة: الحسين بن عبد الله القطان، وبالبصرة:
زكرياء بن يحيى الساجي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وبالكوفة: عبد الله بن زيدان
الكوفي، وبمصر: علان بن عليّ بن أحمد بن سليمان، وموسى بن عبد الله بن وردان، وأبا
جعفر الطحاوي، وجماعة غير هؤلاء.
روى عنه: الحاكم أبو عبد الله الحافظ، وأبو بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، وأبو
سعد شعيب بن محمد الشعيبي، وأبو الفضل محمد بن أحمد بن محمد بن الجارود، وأبو سعد
عبد الملك بن أبي عثمان الزاهد، وأبو الحسين محمد بن محمد بن يعقوب الحجاجي. 64 -
و.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد طبرزد - إذناً - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن
أحمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل ابن مسعدة
الجرجاني قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف بن إبراهيم السهمي - في تاريخ جرجان
- قال: إسماعيل بن أحمد بن محمد الجرجاني الخلالي، نزيل نيسابور، روى عن ابن قتيبة
العسقلاني وغيره من أهل الشام، وزكرياء الساجي.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر، وعبد الرحمن بن عمر قالا: أخبرنا أبو الخير
القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبي عثمان الصابوني، وأبي عثمان البحيري
وأبي بكر البيهقي، وأبي بكر الحيري، قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال:
إسماعيل بن أحمد بن محمد التاجر، أبو سعيد الخلال الجرجاني، سكن نيسابور، وبها ولد
له، وبها مات رحمه الله.
وكان
أحد الجوالين في طلب الحديث، والوراقين في 64 - ظ بلاد الدنيا، والمفيدين، سمع في
بلده: عمران بن موسى السجستاني وأقرانه، وبنيسابور: أبا بكر محمد بن اسحق، وأبا
العباس الثقفي، ومحمد بن عبد الله الزبيري وأقرانهم، وببغداد: حامد بن محمد بن
شعيب، والهيثم بن خلف وأقرانهما، وبالبصرة: محمد بن الحسين بن مكرم، وزكريا بن
يحيى الساجي وأقرانهم، وبالكوفة: عبد الله بن زيدان وأقرانه، وبالشام: محمد بن
يحيى بن رزين صاحب إبراهيم بن العلاء، وأقرانه، وبالجزيرة: أبا يعلى والحسين بن
عبد الله الرقي وأقرانهما، وبالشام: محمد بن الحسن بن قتيبة وأقرانه، وبمصر: أبا
جعفر الطحاوي، وعلان بن عليّ بن أحمد بن سليمان وأقرانهم.
وانتقى عليه أبو عليّ الحافظ، ثم عقدت له المجلس بعد وفاته غداة الأحد، فكان يملي
من أصوله، وكان يحسن إلى أهل العلم، ويقوم بحوائجهم، فإنه صار بتجارته موسعاً عليه
بنيسابور بعد أحواله القديمة.
أنبأنا زين الأمناء أبو لبركات الحسن بن محمد بن هبة الله قال: أخبرنا عمي الحافظ
أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: إسماعيل بن أحمد بن محمد بن عبد
العزيز، وأبو سعيد الجرجاني الخلال الوراق، نزيل نيسابور، رحل وسمع بدمشق جماهر بن
محمد الزملكاني، ومحمد بن الفيض، ومحمد بن صالح بن أبي عصمة، وبغيرها أبا العباس
بن قتيبة، ومحمد بن يحيى بن رزين الحمصي العطار، وعمران بن موسى الجرجاني، وأبا
بكر بن خزيمة، وأبا العباس السراج، وحامد بن 65 - و محمد بن شعيب، والهيثم بن خلف،
وعبد الله بن زيدان الكوفي، ومحمد بن الحسين بن مكرم، وزكرياء بن يحيى الساجي
البصريين، وأبا يعلى الموصلي، والحسين بن عبد الرقي، وأبا جعفر الطحاوي، - وعلي بن
أحمد بن سليمان علان، - ومحمد بن المسيب الأرغياني، وأبا بكر أحمد بن عمرو ابن عبد
الخالق، وأبا الفضل جعفر بن محمد بن الصباح الجرجرائي، وموسى بن عبد الله بن وردان
المصري وغيرهم، روى عنه أبو بكر الجوزقي، والحاكم أبو عبد الله، وأبو الفضل محمد
بن أحمد بن محمد بن الجارود، وأبو سعد عبد الملك ابن أبي عثمان الزاهد.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل من هراة أن أبا القاسم زاهر بن
طاهر الشحامي أخبرهم - إجازة أو سماعاً - عن أبي بكر البيهقي قال: قال لنا أبو عبد
الله الحافظ إسماعيل بن أحمد بن محمد التاجر، أبو سعد الخلالي، توفي بنيسابور سنة
أربع وستين وثلاثمائة في يوم الخميس السابع عشر من صفر، وهو ابن سبع وثمانين سنة،
ودفن من يومه العشية في مقبرة باب معمر. 65 - ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
إسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست دادا. أبو البركات بن أبي سعد النيسابوري الصوفي،
شيخ الشيوخ البغدادي، والد شيخ الشيوخ عبد الرحيم، كان والده من أهل نيسابور وسكن
بغداد، وولد له أبو البركات بها، ونشأ على طريقة الصوفية، وتخلق بأخلاقهم حتى صار
من شيوخهم المعتبرين، وسادتهم المشهورين، وبه يعرف رباط شيخ الشيوخ ببغداد، وعمر
أبوه.
سمع: أبا نصر محمداً، وأبا الفوارس ابني محمد بن عليّ الزينبي، وأبا القاسم عبد
العزيز بن عليّ الأنماطي، وعلي بن أحمد البسري، وعلي بن محمد ابن الكوفي، وإسماعيل
بن مسعدة الإسماعيلي، وأبا عبد الله مالك بن أحمد ابن عليّ البانياسي، وأبا منصور
عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار، وأبا الفضل ابن خيرون، وأبا بكر أحمد بن عليّ
بن الحسين الطريثيثي، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبا الخطاب نصر
بن أحمد بن البطر القاري، وأبا عليّ إسماعيل بن عليّ الجاجرمي، وأباه أحمد بن محمد
بن دوست دادا وبه تخرج وتأدب.
وقدم حلب مجتازاً إلى زيارة بيت المقدس.
روى عنه الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الدمشقي، وأبو سعد عبد الكريم بن محمد
السمعاني.
أخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد 67 - و عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو البركات إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري
قال: حدثنا أبو منصور عبد الباقي بن محمد بن غالب العطار قال: أخبرنا أبو طاهر
محمد بن عبد الرحمن بن العباس الذهبي قال: حدثنا أبو محمد يحيى بن محمد بن صاعد
قال: حدثنا أبو الأشعث أحمد بن المقدام قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن الطفاوي
قال: حدثنا أيوب عن محمد - هو ابن سيرين - عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " أُعطيت فواتح الكلم، ونصرت بالرعب، وبينا أنا نائم
البارحة أتيت بمفاتيح خزائن الأرض حتى وضعت في يدي " . قال أبو هريرة: فذهب
رسول الله صلى الله عليه وسلم وأنتم تتنقلونها وربما قال: تتسلونها.
أخبرنا أبو هشام قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو البركات
إسماعيل بن أبي سعد النيسابوري - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا إسماعيل ابن مسعدة
الاسماعلي - قراءة عليه - قال: أخبرنا حمزة بن يوسف القرشي قال: أخبرنا أبو أحمد
عبد الله بن عدي الحافظ قال: سمعت الحسن بن سفيان يقول: سمعت حرملة يقول: كان
الشافعي رضي الله عنه كثيراً يتمثل بهذه البيتين:
تمنى رجال أن أموت وأن أمت ... فتلك سبيل لست لست فيها بأوحد
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى مثلها فكأن قد
قال أبو سعد عبد الكريم: وسمعت شيخ الشيوخ يقول: كنت صبيا صغيرا فسمعت 67 - ظ بعض
الصبيان يقول: الدراج يقول: طاب نبيذ الدقل فحكيت لوالدي بالليل على ما جرت به عادة
الصبيان، وقلت يا سيدي الدراج يقول: طاب نبيذ الدقل، فقال لي: يا بني لا تقول هذا
بل تقول: طاب طريق الطلب.
أخبرنا أبو هشام الهاشمي قال أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: سألت شيخ الشيوخ
إسماعيل بن أبي سعد عن مولاه، فقال: ولدت في جمادى الآخرة سنة خمس وستين وأربعمائة
ببغداد.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عليّ بن
الحسن بن هبة الله قال: إسماعيل بن أحمد بن محمد، أبو البركات بن أبي سعد الصوفي،
المعروف بشيخ الشيوخ، كان أبوه من أهل نيسابور، واستوطن بغداد، وولده أبو البركات
بها.
وسمع أبو البركات أبا القاسم عبد العزيز بن عليّ بن أحمد ابن بنت السكري، وأبا نصر
وأبا الفوارس الزينبيين، وأبا منصور بن العطار، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب،
ومالكاً البانياسي، وأبا القاسم عليّ بن محمد الكوفي، وأبا عليّ إسماعيل بن عليّ
الجاجرمي، وأبا الخطاب نصر بن البطر، وأبا القاسم بن مسعدة الجرجاني، وأبا الفضل
بن خيرون، وأبا بكر الطريثيثي.
كتبت عنه شيئاً يسيراً، وكان قدم لزيارة بيت المقدس، ونزل في دويرة السميساطي.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل عبد المطلب العباسي قال: أخبرنا الإمام أبو سعيد
السمعاني قال: إسماعيل بن أحمد بن محمد بن دوست دادا النيسابوري، أبو البركات بن
أبي سعد الصوفي، شيخ 68 - و الشيوخ، كان مستمراً على شاكلة حميدة وطريقة سديدة منذ
كان حدثاً إلى أن طعن في السن وكبر، ولم يزل يرقأ بهمته إلى جسام الأمور، ومجرى
الصواب في مساعيه ومقاصده كلها إلى أن صار أوحد عصره، وفريد دهره، وكان وقوراً،
مهيباً، أديباً، مختصر الكلام موجزه، مع البيان والإفهام، حلو المنطق، حسن، حسن
الأخلاق، مليح المحاورة، دائم البشر، وما عرف له هفوة، صحبته سنين، وقرأت عليه
الكثير، وكنت نازلاً عنده في رباطه.
سمع: أبا القاسم عبد العزيز بن عليّ الأنماطي، وأبا منصور عبد الباقي بن محمد بن
غالب العطار، وأبا القاسم عليّ بن أحمد بن محمد بن البسري، وأبا نصر محمد بن محمد
بن عليّ الزينبي، وأخاه الكامل طردا، وأبا محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي،
وأبا القاسم عليّ بن محمد بن عليّ الكوفي، وأبا القاسم إسماعيل بن مسعدة
الإسماعيلي، وأبا بكر أحمد بن عليّ بن الحسن الطريثيثي، وأبا عبد الله مالك بن
أحمد بن عليّ البانياسي وجماعة سواهم.
قال: أنشدنا أبو القاسم عبد الله بن القاسم بن عليّ الجريري - من لفظه، وكتب لي
بخطه - قال: أنشدني والدي لنفسه، وهو مما كاتب به شيخ الشيوخ أبا البركات إسماعيل
بن أبي سعد.
سلام
كأزهار الربيع نضارة ... وحسناً على شيخ الشيوخ الذي صفا
ولو لم يعقني الدهر عن قصد ربعه ... سعيت كما يسعى الملبي إلى الصفا
ولكن عداني عنه دهر مكدر ... ومن ذا الذي وأتاه في دهره الصفا
68 - ظ أنبأنا أبو البركات بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: حدثنا
أبو سعد بن السمعاني قال: سألت شيخ الشيوخ أبا البركات عن مولده، فقال: في جمادى
الآخرة سنة خمس وستين وأربعمائة، ومات ليلة الثلاثاء التاسع عشر من جمادى الأولى
سنة إحدى وأربعين وخمسمائة ببغداد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور قال: سمعت أبا الرضا سعيد بن عبد الله الشهرزوري بمرو يقول:توفي شيخ
الشيوخ إسماعيل بنابي سعد النيسابوري يوم الثلاثاء العاشر من جمادى الأولى سنة
إحدى وأربعين وخمسمائة، ودفن من الغد عند جامع المنصور، ثم كتب لي أبو محمد عبد
الله بن محمد بن جرير القرشي من بغداد وأنا بمرو: توفي ليلة الثلاثاء التاسع
والعشرين من جمادى الأولى سنة إحدى وأربعين، وكان الخلق في جنازته متوفر جداً.
إسماعيل بن أحمد بن أبي عبد الله بن أحمد بن المجبر: أبو المظفر الأنصاري الدمشقي،
حدث بحلب عن الحافظ أبي طاهر السلفي بالأربعين البلدانية، روى عنه شيخنا يونس بن
محمد بن محمد الفارقي، وكان سمعها منه بحلب في صفر سنة ست وستين وخمسمائة.
أخبرنا أبو منصور يونس بن محمد بن محمد الفارسي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه،
وسمعت منه بدمشق في نزله - قال: أخبرنا أبو المظفر إسماعيل بن أحمد بن 69 - و أبي
عبد الله بن أحمد بن المجبر الأنصاري الدمشقي بحلب في صفر سنة ست وستين وخمسمائة
قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد ابن إبراهيم السلفي الأصبهاني، ح.
وأخبرنا أبو عليّ حسن بن أحمد الأوقي، وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي، وأبو
حفص عمر بن إيلملك، وأبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وغيرهم، وقالوا:
أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا القاضي أبو العباس عبد الواحد بن إسماعيل بن
أحمد الروباني بالري قال: أبو غانم أحمد بن عليّ الكراعي بمرو قال: أخبرنا عبد
الله بن الحسين البصري قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة التميمي قال: حدثنا محمد
كناسة الأسدي الوفي قال: حدثنا الأعمش عن شقيق عن أبي موسى قال: قلت يارسول الله
المرء يحب القوم ولما يلحق بهم؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المرء
مع من أحب " .
إسماعيل بن اسحق بن إبراهيم بن تميم: أبو أحمد، غزا الروم وأجتاز بناحية حلب في
طريقه إلى الغزاة.
روى عنه أبو سعيد بن يونس وذكره في تاريخ مصر فقال: إسماعيل بن اسحق ابن إبراهيم
بن تميم مولى بكر بن مضر، مولى آل شر حبيل بن حسنة، يكنى أبا أحمد، توفي في رجب
سنة سبع عشرة وثلاثمائة بمصر، وكان من الغزاة، وكانت له مواقف للروم معروفة، وكتبت
عنه حكايات.
حرف الباء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن بوري بن طغتكين: أبو الفتح، الملقب شمس الملوك بن تاج الملوك، صاحب
دمشق وليها بعد أبيه تاج الملوك بوري في سنة ست وعشرين وخمسمائة، واستعاد بانياس
من أيدي الفرنج بعد أن استولوا عليها، ونازل حماة وشيزر في سنة سبع وعشرين، وكان
شجاعاً ظالماً.
وقرأت بخطه أيضاً فيه قال في حوادث سنة تسع وعشرين: وفيها قتل شمس الملوك اسماعيل
بن بوري، قتلته أمه زمرد خاتون، وأجلست أخاه شهاب الدين محموداً.
وقرأت أيضاً بخط مرهف بن أسامة بن منقذ مثل ذلك.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد زين الأمناء قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ
بن الحسن قال: اسماعيل بن بوري بن طغتكن، أبو الفتح المعروف بشمس الملوك، ولي إمرة
دمشق بعد قتل أبيه بوري المعروف بتاج الملوك في العشر الأخير من سنة ست وعشرين
وخمسمائة، وكان شهما مقداماً مهيباً، استرد بانياس من إيدي الكفار في يومين، وكانت
قد سلمها إليهم الاسماعيلية، وأشعر بلاد الكفار بالغارات، ثم مد يده إلى أخذ
الأموال، وعزم على مصادرة المتصرفين والعمال.
ولم
يزل أميراً على دمشق حتى كتب إلى قسيم الدولة زنكي بن آق سنقر يستدعيه ليسلم إليه
دمشق، فخافته أمه زمرد فرتبت له من قتله في قلعة دمشق في شهر ربيع الآخر 70 - و من
سنة تسع وعشرين وخمسمائة، ونصبت أخاه محمود بن بوري مكانه.
حرف الجيم في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن جعفر بن عليّ بن المهذب: أبو إبراهيم المعري التنوخي، حدث بمعرة
النعمان عن جده عليّ بن المهذب، روى عنه الحافظ أبو سعد اسماعيل بن عليّ بن الحسين
السمان، وخرج عنه حديثاً في معجم شيوخه.
أخبرتنا زينب بنت عبد الرحمن الشعري عن أبي القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري
قال: أخبرنا الحافظ أبو سعد إسماعيل بن عليّ السمان - إجازة - قال: حدثنا أبو
ابراهيم اسماعيل بن جعفر بن عليّ المهذب - بقراءتي عليه بمعرة النعمان - قال:
حدثنا جدي عليّ بن المهذب قال: حدثنا محمد بن همام التنوخي قال: حدثنا محمد بن
سليم القرشي قال: حدثنا إبراهيم بن هدبة عن أنس قال: رسول الله صلى الله عليه
وسلم: " من كذب عليّ متعمداً مقعده من النار " .
حرف الحاء في آباء من اسمه اسماعيل
اسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجي: ابن المؤمل بن محمد بن عليّ بن ابراهيم
بن يعيش بن سعيد بن سعد بن عبادة ابن الصامت، أبو الطاهر، وأبو الفداء، وأبو العرب،
وأبو المحامد بن أبي الشكر ابن أبي القاسم بن أبي الآمال بن أبي الرجاء بن أبي
المعالي بن أبي الحسن بن أبي اسحق الأنصاري الخزرجي القوصي، نزيل دمشق 70 - ظ.
هكذا قرأت نسبه بخطه، وكتب عن نفسه: ذي الكنى الأربع، وكان يلقب بالشهاب شيخ فقيه،
فاضل، أديب، حسن المغاضرة، مليح المحاضرة، وكان له نوادر مطبوعة، وكلمات مسجوعة.
تفقه بالديار المصرية على شهاب الدين الطوسي، وسمع بدمشق: أبا طاهر بركات ابن
إبراهيم بن طاهر الخشوعي، وعماد الدين أبا عبد الله محمد بن محمد الكاتب، وأبا
المجد الحسن بن الحسن بن عليّ بن النحاس، والشريف أبا محمد جعفر بن محمد بن جعفر
العباسي، وأبا الفضل جعفر بن أبي الحسن بن عليّ الهمداني، وشيوخنا أبا اليمن زيد
بن الحسن الكندي، وأبا القاسم عبد الصمد بن محمد ابن أبي الفضل الحرستاني، وأبا
القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار، وأبا حفص عمر بن محمد بن معمر بن
طبزد، وأبا الفتوح محمد بن محمد بن محمد البكري، وأبا صادق الحسن بن يحيى بن صباح،
وأبا القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى، وتاج الأمناء أبو الفضل احمد، وزين
الأمناء أبو البركات الحسن ابني محمد بن الحسن بن هبة الله، وأبا محمد عبد الله بن
أحمد بن محمد بن قدامة، وأبا محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسيين
وغيرهم، وسمع بالديار المصرية: أبا الشكر حامد بن أحمد بن ثابت الغرناطي، وأبا
الفضل جعفر بن عليّ بن محمد بن عمر التونسي، وجعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار،
وأبا الفضل شلعلع، المصريين، وجماعة آخرون.
وسمع بسنجار: أبا محمد الحسن بن أحمد بن محمود الخجندي.
وولد بقوص، وأقام بدمشق، واتصل بالوزير صفي الدين عبد الله بن عليّ بن شكر، وزير
الملك 71 - و العدل أبي بكر بن أيوب، فنفق عليه، وكان يتنادر عنده على من يقصده
ابن شكر، فعلت منزلته عنده، وسيره رسولا عن الملك العادل إلى الملك الظاهر غازي بن
يوسف إلى حلب، والى سنجار، والموصل، وأخلاط، فتمول، وتولى وكالة بيت المال، وحظي
عند ملوك زمنه، وجمع معجماً لشيوخه في مجلدات أربعة وسمه بكتاب " تاج المجامع
والمعاجم وسراج الأعارب والأعاجم " ، دفعه إليه، وشيوخه فيه يقاربون ألف شيخ،
وانتخبت منه عدة أجزاء من الفوائد التي تتعلق أغراضي بها، وقرأتها عليه، وسألته عن
مولده فأخبرني أن مولده بقوص سنة أربع وسبعين وخمسمائة في المحرم.
وسمعته يقول: سيرني الملك العادل إلى الملك الظاهر إلى حلب رسولا عنه، وأنشدني
الملك العادل أبياتاً أمرني أن أنشدها الملك الظاهر عنه، من جملتها:
لا يوحشنك ما صنعت فتنثني ... متجنباًوهواك لا يتجنب
قال:فلما وصلت إلى حلب أنشدتها الملك الظاهر رحمه الله كما أمرني.
أخبرنا
شهاب الدين أبو طاهر اسماعيل بن حامد القوصي - قراءة عليه بدمشق أخبرنا عماد الدين
أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب - بقراءتي عليه بدمشق - قلت له: أخبرك أبو الكرم
المبارك بن عليّ بن عبد العزيز، المعروف بابن السمدي، قال: أخبرنا أبو محمد عبد
الله بن محمد بن هزار مرد الصريفيني قال: أخبرنا أبو الحسين بن أخي ميمي قال:
حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: حدثنا إبراهيم بن
خالد قال: حدثنا رباح عن معمر عن هشام بن عروة عن أبيه عن عائشة رضي الله عنها
قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم 71 - ظ حين قبض مسنداً ظهره إلي، فدخل عبد
الرحمن بن أبي بكر عليه وفي يده سواك، فدعا به النبي صلى الله عليه وسلم، فأخذت
السواك فطيبته، ثم دفعته إليه، فجعل يستن به، فثقلت يده عليه وهو يقول: "
اللهم في الرفيق الأعلى " قالت: ثم قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو بين
سحري ونحري.
أنشدنا أبو المحامد اسماعيل بن حامد قال: أنشدني أبو الفضل جعفر بن عبد الله
المعروف بشلعلع المصري بفسطاط مصر لنفسه غزلاً
عضضت له دينار خدٍّ مضرج ... فلان ليدرى أنه غير بهرج
وكان صقيلاً أملساً فنقشته ... فأقبل يمحوه بصدغٍ معوج
وما زاد الا بالمحك إبانةً بأن ... نضار الصدغ غير مضرج
وأنشدني أبو العرب اسماعيل بن حامد القوصي قال: أنشدني الأمير الأجل الفاضل الأديب
مجد الملك جعفر بن شمس الخلافة محمد بن مختار لنفسه في الحكم:
هي شدةٌ يأتي الرخاء عقيبها ... وأسى يبشر بالسرور العاجل
وإذا رأيت فإن بؤساً زائلاً ... للمرء خيرٌ من نعيمٍ زائل
أنشدني أبو الفداء القوصي قال: أنشدني الشيخ الأديب المعتمد طاهر بن محمد قريش
العتابي البغدادي لنفسه لغزا في غلام اسمه آقش.
احببت بدراً منيراً ... في جنح ليل بهيم
سموه لي لشقايمعكوس ضد النعيم 72 و
أنشدنا أبو المحامد القوصي بدمشق، وهو أول اجتماعي به، بحضرة نجم الدين البادرائي
رسول بغداد، وكنت قدمتها رسولاً، قال: أنشدنا أبو جعفر بن حواري المعري قال:
أنشدنا جدي أبو اليقظان لابن أبي حصين القاضي المعري:
وليت الحكم خمساً هن خمسٌ ... لعمري والصبي في العنفوان
فما وضع الأعادي قد رشاني ... ولا قالوا: فلانٌ قد رشاني
قلت: وهذان البيتان لأبي يعلى عبد الباقي بن أبي حصين، وكان تولى قضاء معرة
النعمان، وعمره عشرون سنة، وعزل عنه وقد كمل خمسة وعشرين سنة من مولده، وسنذكرها
في ترجمته إن شاء الله تعالى.
توفي شهاب الدين القوصي بدمشق يوم الاثنين سابع عشر شهر ربيع الأول من سنة ثلاث
وخمسين وستمائة، ودفن في داره بدرب زكرى بالقباقبيين داخل حصن جيرون، ووقفها بعده
دار حديث رحمه الله.
ذكر من اسم أبيه الحسن ممن اسمه إسماعيل إسماعيل بن الحسن بن محمد بن حفص الوكيل
العسقلاني: سمع بحلب أبا القاسم عبيد الله بن أحمد بن عبد الأعلى الفقيه الرقي،
وحدث عنه بعسقلان.
روى عنه عبد الله بن طلحة التنيسي، وخرج عنه حديثاً ذكره في معجم شيوخه، سقناه
بإسناده في ترجمته أبي القاسم عبيد الله بن أحمد الرقي الفقيه، فيما يأتي إن شاء
الله تعالى في كتابنا هذا 72 - ظ.
إسماعيل بن الحسن بن أبي بكر الشعري: أبو سعد النيسابوري، دخل الشام، وسمع بمعرة
النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وبطوس خاله أبا بكر الصرام،
وبالبيت المقدس أبا حفص الأبهري، روى عنه الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد
السلفي، وذكره في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمد بن الحسين الساوي قال: أنبأنا أبو طاهر أحمد بن
محمد السلفي قال: سمعت إسماعيل بن الحسن بن أبي بكر الشعري النيسابوري ببغداد
يقول: سمعت خالي أبا بكر الصرام بطوس يقول: سمعت أبا سعيد فضل الله بن أبي الخير
الميهني يقول: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وقال لي: يا أبا سعيد
بك يختم التصوف كما ختمت بي النبوة.
أخبرنا
أبو يعقوب عن الحافظ أبي طاهر قال: إسماعيل هذا سافر إلى الشام، ورأى مشايخها
وقال: سماني أبو سعيد بن أبي الخير الحسن وكناني لما ولدت، وذكر أنه رأى أبا
العلاء المعري بالمعرة، وأبا حفص الأبهري بالقدس.
إسماعيل بن حميد، أبو طاهر: أظنه من أهل معرة النعمان، أو ممن سكن بها من الغرباء،
سمع القاضي أبا المجد محمد بن عبد الله بن سليمان أخا أبي العلاء المعري، روى عنه
القاضي أبو الراضي مدرك بن سعيد بن مدرك بن سليمان.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الحسن النسابة الربعي بدمشق 73 - و
عن أبي الخطاب عمر بن محمد العليمي الدمشقي، ونقلته من خط العليمي، قال: أنشدني
أبو الراضي مدرك بن سعيد بن مدرك بن سليمان التنوخي - إملاء من حفظه - قال: أنشدني
أبو طاهر إسماعيل بن حميد قال: أنشدني القاضي أبو المجد محمد بن عبد الله بن
سليمان لنفسه.
لئن عظم اشتياق منك نحوي ... ففي قلبي من الأشواق نارُ
وعل الله يجمع بعد بين ... لنا شملاً ويقترب المزار
وليس بضائر والودُّ باقٍ ... إذا نزحت بأهليها الديار
حرف الدال في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن داود: أحد الفقهاء المذكورين، أشخصه اسحق بن إبراهيم المصعبي إلى عبد
الله المأمون وهو بالرقة في أيام المحنة، سابع سبعة ليمتحنهم بالقول بخلق القرآن،
فقدموا الرقة على المأمون فأجابوا بالقول بذلك، ثم رحل المأمون من الرقة إلى الشام
الحسن فاستدعاهم بعد رحيله إلى الشام، فقدموا عليه العسكر بنواحي حلب.
إسماعيل بن داية: له ذكر، وفيه صلاح، وكان بشيح الحديد من عمل أنطاكية الحسن ولما
مرض يوسف بن أسباط أوصى بأن يكون إسماعيل بن داية فيمن يغسله، وكان موت يوسف بن
أسباط بشيح وبها دفن، فكان ابن داية بها الحسن وقد ذكرنا الحكاية مسندة في ترجمة
خبيق بن سابق والد عبد الله خبيق.
حرف الزاي في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن زكريا بن صالح بن شيخ بن عميرة: كان بالثغر الشامي وبه توفي.
أخبرنا عبد الوهاب بن رواح - إذناً - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو
الحين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو اسحق إبراهيم بن عمر البرمكي
قال: أخبرنا محمد بن العباس بن أحمد بن محمد بن الفرات - في كتابه - قال: أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن مخلد بن حفص العطار قال: سنة ستين ومائتين وفيها بلغني أن
أبا عبد الله إسماعيل بن زكريا بن صالح بن شيخ بن عميرة مات بالثغر 73 - ظ.
حرف السين في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن الحارث ابن زهرة
القرشي الزهري: إجتاز بحلب غازياً بلاد الروم فاستشهد بها: أنبأنا أبو البركات
الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو
غالب، وأبو عبد الله ابنا البناء قالا: حدثنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو
طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: أخبرنا الزبير بن بكار قال:
وإسماعيل بن سعد بن إبراهيم، لام ولد، استشهد بالروم.
إسماعيل بن سعيد العجلي: أبو غالب البغدادي، روى بمعرة النعمان عن أبي غالب
إسماعيل الاسكافي، وعن أبي الحسن البصروي الشاعر، روى عنه أبو المكارم الفياض بن
جعفر بن عبد الكريم بن جعفر بن عليّ بن المهذب المعري إنشاداً، وأورده في كتابه
المعروف " بأنس الوحيد " .
نقلت من خط الفياض بن جعفر بن عبد الكريم المعري في كتابه المسمى " أنس
الوحيد " : أنشدني الشيخ أبو غالب إسماعيل بن سعيد العجلي البغدادي في ذي
الحجة من سنة اثنتين وخمسين وأربعمائة قال: أنشدني أبو غالب إسماعيل الإسكافي قال:
قرأت على مهيار بن مرزويه قوله:
بكر العارض تحدوه النعامى ... فسقاك الري يادار أماما
وتمشت فيك أرواح الصبا يتأرجن بأنفاس الخزامى 74 و
وإذا مغنى خلا من زائر ... بعدما فارق أو زير لماما
فقضى حفظ الهوى الحسن تصبحي ... للمحبين مناخاً ومقاما
أجتدي المزن وماذا أربي ... أن تجود المزن أطلالاً رماما
وقليل
لك أن أدعو لها ... ما رآني الله أتجدي الغماما
أين سكانك لا أين هم ... أحجاراً أقبلوها أم شآما
صدعوا بعد التئام فغدت ... بهم أيدي المرامي تترامى
وبجرعاء الحمى قلبي فعج ... بالحمى وأقرأ على قلبي السلاما
وترحل فتحدث عجباً ... أن قلبا سار عن جسمٍ أقاما
قل لجيران الغضا آهٍ على طيب ... عيشي بالغضا لو كان داما
حملوا ريح الصبا نشركم ... قبل أن تحمل شيحاً وثماما
وابعثوا أشباحكم لي في ... الكرى إن أذنتم لجفوني أن تناما
وقف الظامي على أبوابكم ... أفيقضي وهو لم يشف الأواما
ما يبالي من سقيتن اللمى ... منعطر الماء عذباً والمداما
أشتكيكم والى من أشتكي ... غلب الداءُ فمن يبري السقاما
أنتم والدهر سيفٌ وفم ... ما تملأن ضراباً وخصاما
وإذا عاتبتُ في حظي دهري ... زاده العتب لجاجاً وغراما
وإذا استرهقت خلاً فكأنيمنه جردت على عنقي حساما 74 ظ
حفظ الله وراعى لرجالٍ ... رعوني لم يضيعوا لي سواما
كفني جودهم أن اجتدي ... وأبى عزهم لي أن أضاما
ونقلت من خط الفياض في هذا الكتاب قال: وأنشدني - يعني إسماعيل بن سعيد - ما سمعه
من أبي الحسن البصروي لنفسه في غلام يعرف بقسيمة.
أقسمت بالنفر الغادين تحملهم ... إلى منىً ناحلات مضها السفر
وهم عليها جسوم لا لمحوم لهم ... من السرى غي ما قد ضمت الأزرُ
لا يقدرون على أهل ولا ولدٍ ... أو يقبلون بما لبوا وما نحروا
فبلغوا قسمي هذا بجملته ... إلى قسيمة حتى يصدق الخبر
لا أبصرت بعده عيني إلى أحد ... من الحسان سوى ما يغلط البصر
ولا رقدت ولي ألف يصاحبني ... على الوسادة إلا الهمم والفكر
حتى أراه وقد ضاق الزحام به ... وأبدت النفسُ ما تبدي وما تذر
إسماعيل بن سفيان: وقيل سقير الرعيني الحجري الأعمى المصري، قدم على عمر بن عبد
العزيز بعد ولايته خناصره، وحكى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه ضمام بن إسماعيل،
وعبد الرحمن بن شريح.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عمي قال: كتب إلى
أبو بكر أحمد بن محمد بن الحسن بن سليم، وأبو محمد حمزة بن العباس بن علي، ثم
حدثني أبو بكر محمد بن شجاع عنهما قالا: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا 75
- و أبو عبد الله بن مندة، - قال أبو بكر، يعني ابن شجاع - : وأنبأني أبو عمر بن
مندة عن أبيه أبي عبد الله - قال: حدثنا أبو سعيد عبد الرحمن بن أحمد بنت يونس
قال: حدثنا سلامة بن عمر المرادي قال: حدثنا محمد بن حميد بن هشام الرعيني، أبو
قره قال: حدثنا النضر بن عبد الجبار قال: أخبرنا ضمام عن إسماعيل الحجري - حجر
رعين - الرعيني قال: كنت أخرج إلى الوليد وسليمان بن عبد الملك فيعطياني، فلما ولي
عمر بن عبد العزيز خرجت إليه، وكنت على الباب الذي يخرج منه، فرفعت صوتي بالقرآن
فأرسل إليّ ممن أنت؟ قلت: من أهل مصر، قال: ما حملك إلينا؟ قلت: إني كنت أخرج إلى
الوليد وسليمان بن عبد الملك فأصيب منهما، قال: أتُرى أنا كنا غافلين عنك وعن
أشباهك وأنت في بلدك ومنزلك، فأعطاني حمولتي إلى مصر وأمرني بالانصراف.
قال: وقال لنا أبو سعيد بن يونس: إسماعيل بن سفيان الرعيني ثم الحجري، الأعمى، وفد
على الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز، حدث عنه شمام ين إسماعيل،
وعبد الرحمن بن شريح.
أنبأنا
أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي محمد السلمي عن أبي نصر بن ما كولا قال: أما
الحجري بفتح الحاء وسكون الجيم فجماعة منهم: من حجر رعين إسماعيل بن سفيان الرعيني
ثم الحجري الأعمى، وفد على الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وعمر بن عبد العزيز،
حدث عنه ضمام بن إسماعيل، وعبد الرحمن ابن شريح، قاله ابن يونس.
أخبرنا الحسن بن محمد، ومحمد بن نصر فيما أذنا لنا في روايته عنهما قالا: أخبرنا
أبو القاسم 75 - ظ عليّ بن الحسن قال: إسماعيل بن سفيان الرعيني الحجري المصري
الأعمى، حدث عن عمر بن عبد العزيز قوله. روى عنه ضمام بن إسماعيل، وأبو شريح عبد
الرحمن بن شريح الاسكندريان، ووفد على الوليد وسليمان، وعلى عمر بن عبد العزيز.
إسماعيل بن سلطان بن عليّ بن مقلد بن نصر بن مقذ: أبو الفضل بن أبي العساكر بنابي
الحسن بن أبي المتوج، الملقب شرف الدولة الكناني الشيزري، وقد سبق تمام نسبه في
ترجمته أسامة بن مرشد بن علي، أمير شاعر، فاضل، من أهل شيزر، ولد ونشأ بها، وكان،
وكان أبوه سلطان أميرها بعد أبيه علي، ثم وليها تاج الدولة أخوه، وأخوه إسماعيل
مقيم بها تحت كنفه إلى أن خربتها الزلزلة، ومات أخوه وجماعة من أهله تحت الردم،
وتوجه نور الدين محمود ابن زنكي بن آق سنقر إلى شيزر فتسلمها، وكان إسماعيل غائباً
عنها، فانتقل عند ذلك إلى دمشق واستوطنها إلى أن مات بها.
روى عنه شيئاً من شعره الحافظ أبو القاسم بن عساكر، ولم يفرد له ترجمة في تاريخ
دمشق، وروى عنه مرهف بن الصنديد الشيزري، وأبو الفتح عثمان عيسى بن منصور البلطي
النحوي.
أنشدني أبو عبد الله محمد بن أبي الفوارس بن أبي عليّ بن الامان الشيزري إملاءً من
لفظه بالهول من بلد سنجار - قال: أنشدني القاضي وجيه الدين مرهف ابن الصنديد
الشيزري قال:: أنشدني شرف الدولة - يعني أبا الفضل - 76 - و إسماعيل بن أبي
العساكر سلطان بن عليّ بن مقلد لنفسه، وكانت الزلزلة قد جربت شيزر في سنة اثنتين
وخمسين وخمسمائة وسقطت القلعة على أخيه وأولاده وزوجته الخاتون أخت شمس الملوك -
يعني بنت بوري بن طغتكين - فسلمت المرأة وحدها دونهم، ونشبت من الردم وخلصت، وجاء
نور الدين محمود إلى شيزر وطلب وحدها دونهم، ونشبت من الردم وخلصت، وجاء نور الدين
محمود إلى شيزر وطلب من امرأته أن تعلمه بالمال وهددها، فذكرت له أن الردم سقط
عليها وعليهم ونشبت هي دونهم ولا تعلم بشيء الحسن وإن كان لهم شيء فهو تحت الردم،
وكان شرف الدولة غائباً فحضر بعد الزلزلة، وعاين ما فعلت بشيزر وأخته، وشاهد امرأة
أخيه بعد العز في ذلك الذل، فعمل:
ليس الصباح من المساء بأمثل ... فأقول لليل الطويل ألا انجلي
شلت يد الأيام أن قسيها ... ما أرسلت سهماً فأخطأ مقتلي
لي كل يوم كربةٌ من نكبةٍ ... يهمي لها جفني وقلبي يصطلي
يا تاج دولة هاشم بل يا أبا ... التيجان بل يا قصد كل مؤملِ
لو عاينت عيناك قلعة شيزر ... والستر دون نسائها لم يسبل
لرأيت حصناً هائل المرأى غدا ... متهلهلاً مثل النقا المتهلهل
كذا أنشدنيه المتهلهل وينبغي أن يكون المتهيل.
لا يهتدي فيه السعادة لمسلكفكأنما يسري مهول 76 ظ
قال فيها يذكر امرأة أخيه المذكورة:
نزلت على رغم الزمان ولو حوت ... يُمناك قائم سيفها لم تنزل
فتبدلت عن كبرها بتواضعٍ ... وتعوضت عن عزها بتذلل
كتب إلينا القاضي الأشرف حمزة بن عليّ بن عثمان المخزومي من الديار المصرية قال:
أنشدنا أبو الفتح عثمان بن عيسى بن منصور بن هيجون البلطي النحوي، وأخبرنا أبو
الحسن محمد بن أحمد بن عليّ قال: أجار لنا البلطي قال:: أنشدني الأمير شرف الدولة
أبو الفضل إسماعيل بن أبي العساكر سلطان بنعلي بن منقذ بدمشق لنفسه:
وهفهف كتب الجمال بخده ... سطراً يدله ناظر المتأمل
بالغت في استخراجه فوجدته ... لا رأي أهل الموصل
قال البلطي: وأنشدني أيضاً لنفسه يصف النحل والزنبور:
ومغردين ترنما في مجلسٍ ... فنفاهما لأذاهما الأقوام
هذا
يجود بما يجود بعكسه ... هذا فيحمد ذا وذاك يذام
أي الذي يعطي هذا عسل، والذي يعطي هذا لسعٌ، وهو عكسه.
أنبأنا أبو عبد الله بن إسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج المقدسي قال: أخبرنا
عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتاب خريدة القصر قال:
وتوفي - يعمي إسماعيل بن سلطان بن منقذ - سنة إحدى وستين وخمسمائة بدمشق.
إسماعيل بن سلمة، أبي غيلان الثقفي: سمع بطرس محمد بن مصعب 77 - و القرقساني وحدث
عنه، وعن حجاج بن محمد الأعور، روى عنه ابنه عمر بن إسماعيل.
أخبرنا زيد بن الحسن بن زيد فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا منصور القزاز
قال: أخبرنا أبو بكر الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن المظفر السراج
قال: أخبرنا عليّ بن عمر السكري قال: حدثنا أبو حفص عمر بن إسماعيل بن أبي غيلان
الثقفي قال حدثنا أبي قال: حدثنا محمد بن مصعب القرقساني بطرسوس قال: حدثنا همام
عن قتادة عن أنس بن مالك عن عبادة بن الصامت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال:
" من أحب لقاء الله أحب الله لقاءه، ومن كره لقاء الله كره الله لقاءه "
فقالت له عائشة، أو بعض أزواجه: يا رسول الله إنا لنكره الموت، قال: " ليس من
ذاك ولكن العبد المؤمن إذا حضر أجله بشر عند ذلك برضوان الله وكرامته، فليس شيء
أحب إليه من لقائه، فأحب لقاء الله وأحب الله لقاءه، وإن الرجل الكافر إذا حضر
أجله بشر بعد ذلك بسخط الله وعقابه فليس شيء أبغض إليه مما أمامه، فكره لقاء الله
وكره الله لقاءه " .
إسماعيل بن سليمان ابن أيداش بن عبد الجبار الحنفي: أبو طاهر العسكري الدمشقي،
يعرف بابن السلار، كان شيخاً حسناً خيراً، حسن الصورة، كثير الورع، ملازماً
للجماعات، من أولاد الجند، سمع بدمشق الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي،
والحافظ أبا القاسم على عليّ بن الحسن الشافعي، وروى عنهما، اجتمعت به بدمشق في
داره 77 - ظ في وليمة داني إليها أخوه أمير الحاج عليّ بن سليمان بعد عودي من الحج
في سنة أربع وعشرين وستمائة، وسمعت منه أحاديث وأناشيد وفوائد انتقيتها من معجم
عبد الخالق بن أسد بروايته سماعاً منه، وذكر لي ذلك اليوم أنه دخل حلب، وسألت أخاه
أمير الحاج عليّ بن سليمان عن مولد أخيه إسماعيل فقال: قالت لي أمي: لما جاء ملك
الألمان وحصر دمشق كان لأخيك عشرة أشهر الحسن وكان نزول ملك الألمان على دمشق سنة
ثلاث وأربعين وخمسمائة، وسئل عن مولده فقال: في حادي عشر رجب سنة اثنتين وأربعين
وخمسمائة بدمشق.
أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن سليمان بن أيداش العسكري في منزله بدمشق قال: أخبرنا
الحافظ عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن أبي غانم
بن أحمد بن محمود الثقفي بقراءتي عليه بأصبهان قال: أخبرنا أبو الرجاء أحمد بن عبد
الله بن المظفر بن ماجه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن عليّ الجوزداني قال:
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الرحمن بن يوسف الأسدي قال: حدثنا أبو العباس الفضل
بن الخطيب بن نصر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن أبي بزة قال: حدثنا محمد بن عبد
الملك قال: حدثنا عثمان بن القاسم بن عروة عن أبيه عن عائشة أن امرأة نذرت أن تضرب
بالدف على رأس رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرت ذلك له فقال: " أوفي
بنذرك " فضربت بالدف على رأسه، فبينما هي تضرب إذ طلع عمر بن الخطاب، فلما
رأته سقط من يديها فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إن الشيطان يفرق من
حس عمر " 78 - و.
أنشدنا شمس الدين أبو الطاهر إسماعيل بن سليمان بن أيداش قال: أنشدنا أبو محمد عبد
الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي - قراءة عليه - قال: أنشدنا أبو محمد شميلة بن محمد
بن جعفر بن محمد بن أبي هاشم الحسني ببغداد قال: أنشدنا محمد بن عبد الله الشيرازي
بمكة:
ولقد كتمت هواك أوثق صاحبٍ ... عندي مخافة أن يكون عدوا
حذراً عليك وأنت موضع ظنتي ... لا زالت فيك مسلماً ملكوا
لا نال قلبي من وصالك سولهُ ... إن كان قلبي رام عنك سلوا
أنشدنا أبو الطاهر إسماعيل بن سليمان بن أيداش قال: أنشدنا عبد الخالق قال: أنشدني
أبو عليّ الفرج بن أحمد بن الأخوة البغدادي بها لنفسه:
إن
الضغائن من نعمان هجن هوىً ... يا طال ما هيج الأطراب نعمان
لما رأين دمي أنكرن سافكه ... نفرن عنه وبعض النكر عرفان
دمي الذي صار مسكاً في نوافجها ... فكيف تنفر منه وهي غزلان
أخبرني أمير الحاج شجاع الدين أبو الحسن عليّ بن سليمان بن السلار - وقد سألته
بحلب عن وفاة أخيه أبي الطاهر إسماعيل شيخنا - فقال: توفي في ذي القعدة سنة ثلاثين
وستمائة - يعني بدمشق - رحمه الله.
ثم أخبرني زكي الدين محمد بن يوسف البزالي أنه توفي يوم الجمعة رابع ذي القعدة من
السنة المذكورة، ودفن يوم السبت بسفح جبل قاسيون 78 - ظ.
إسماعيل بن سودمين بن عبد الله النوري: أبو الطاهر، كان والده من عتقاء نور الدين
محمود بن زنكي، وكان رجلاً خيراً صالحاً، سكن وولد له ابنه إسماعيل هذا في سنة
ثمان أو تسع وسبعين وخمسمائة بالديار المصرية، ونشأ بها على الخير والصلاح، واشتغل
بالعلم، وسماع الحديث، وكلام الصوفية، وانتقل مع أبيه إلى حلب حين انتقل إليها
المبارز يوسف ابن ختلج لقرابة كانت بينهما.
ومال إسماعيل إلى الصوفية وخالطهم وانتفع بكلامهم، وسمع بالقاهرة: أبا الفضل محمد
بن يوسف الغرنوي، وبحلب: إبراهيم بن عثمان بن درباس المازاني وحدثنا بحلب عنهما،
وسمع بحلب: شيوخنا افتخار الدين أبا هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب
الهاشمي، وأبا محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وعمي أبا غانم محمد بن
هبة الله بن أبي جرادة وغيرهم.
وكان حسن الأخلاق، طيب المعاشرة رقيق الحاشية، وكان ينظم شعراً حسناً علقت عنه
شيئاً يسيراً، وكتب عنه شيخه محمد بن عليّ بن العربي شيئاً شعره.
أخبرنا
أبو الطاهر إسماعيل بن سودكين النوري بحلب قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن يوسف بن
عليّ الغرنوي قال: أخبرنا الشيخ أبو الفتح عبد الوهاب ابن محمد بن الحسين الصابوني
قال: أخبرنا الحافظ أبو الغنائم محمد بن عليّ بن ميمون النرسي الكوفي قال: أخبرنا
أبو الحسن بن عبد الله الحنفي الزاهد بحلب قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن عليّ
بن أبي أسامة الحلبي قال: حدثنا عبد الله بن الحسين الصابوني قال: حدثنا فهد بن
سليمان قال: حدثنا أبو توبة قال: حدثنا 79 - و، معاوية - يعني أبن سلام - عن زيد
بن سلام أن أبا سلام حدثه قال: حدثني الحارث الأشعري أن النبي صلى الله عليه وسلم
حدثهم " أن الله عز وجل أمر يحيى بن زكريا بخمس كلمات يعمل بهن ويأمر بني
اسرائيل أن يعملوا بهن، قال: فكان يبطىء بهن، فقال له عيسى: إنك أمرت بخمس كلمات
تعمل بهن وتأمر بني اسرائيل يعملوا بهن فإما أن تأمرهم بهن وإما أن أقوم فآمرهم
بهن، فقال يحيى: إنك إن تسبقني بهن أخاف أن أعذب، أو يخيف بي، فجمع بني اسرائيل في
بيت المقدس حتى امتلأ المسجد وحتى جلس الناس على الشرفات، فوعظ الناس ثم قال: إن
الله أمرني بخمس كلمات أعمل بهن وآمركم أن تعملوا بهن: إن أولهن أن لا تشركوا
بالله شيئاً، فإن من أشرك بالله مثله رجل اشترى عبداً من خالص ماله أو ورق ثم قال
له: هذه داري وعملي فاعمل وأد إليّ عملك، فجعل يعمل ويؤدي عمله إلى غير سيده،
فأيكم يحب أن يكون له عبد كذلك يؤدي عمله لغير سيده، وإن الله هو خلقكم ورزقكم فلا
تشركوا به شيئاً ثم قال: إن الله أمركم بالصلاة، فإن نصبتم وجوهكم قلا تلتفتوا فإن
الله عز وجل ينصب وجهه لوجه عبده حين يصلي له، فلا يصرف وجهه عنه حتى يكون العبد
هو ينصرف؛ وأمركم بالصيام فإن مثل الصائم كمثل رجل معه صرة مسك وهو في عصابة ليس
مع أحد منهم مسك فكلهم يشتهي يجد ريحها، فإن فم 79 - ظ الصائم أطيب عند الله من
ريح المسك؛ وأمركم بالصدقة فإن مثلها كمثل رجل أخذه العدو فأسروا يده إلى عنقه،
وقدموه ليضربوه عنقه فقال: لا تقتلوني فإني أفتدي منكم نفسي بكذا وكذا من المال،
فأرسلوا فجعل يجمع لهم حتى فدا نفسه الحسن وكذلك الصدقة؛ وأمركم ذكر الله فإن مثل
ذكر الله كمثل رجل طلبه العدو فانطلقوا في طلبه حتى أتى حصناً حصيناً وأحرز نفسه،
كذلك مثل الشيطان لا يحرز العباد منه أنفسهم إلا بذكر الله " ، فقال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " وأنا آمركم بخمس كلمات أمرني الله بهن: الجماعة،
والسمع، والطاعة، والهجرة، والجهاد، فمن خرج من الإسلام قيد شبر فقد خلع ربقة
الإسلام من رأسه إلا أن يراجع، ومن دعا دعوة جاهلية فإنه من حثاء جهنم " ،
فقال رجل لرسول اله صلى الله عليه وسلم: وإن صام وصلى؟ قال: " نعم وإن صام
وصلى، ادعو بدعوة اله التي سماكم بها المسلمون المؤمنون عباد الله " .
أنشدني بعض الفقراء ممن صحب إسماعيل بن سودكين أبياتاص لإسماعيل المذكرو وهي:
ما هب من نسمات عابق ... إلا وسرُّ الوجد مني ناشقُ
أو لاح من برق ثغرك لامعٌ ... إلا وقابله فؤادك خافق
يا أهل ذياك الحمى قلبي بكم ... أبداً وإن عز التلاقي وامق
قدمت عهودكم فزادت حرمةً ... عندي وحققت للذمام حقائق
وسلا أناسٌ إذ تقادم عهدهم ... وأنا لكم ذاك الصادق
ومن شعر إسماعيل بن سودكين ما وجدته بخط شيخه محمد بن عليّ بن العربي الحاتمي
الطائي:
اعتل بعدكم النسيم ... وتنكرت تلك الرسوم
دمنٌ سقتها أدمعي ... إن لم تسح بها الغيوم
جزع الغداة الجزع لل ... ترحال وانصرم الصريم
يا راحلين عن الحمى ... وعليهم أسفي مقيم
وحياتكم في كل قلبٍ ... من وداعكم كلوم
من لم يمت يوم الودا ... ع صبابةً فهو الظلوم
أجبابنا وحياتك ... قسمٌ على قلبي عظيم
ما عشت إلا حين كا ... ن عليّ للبلوى رسوم
من كان بالصب الجمي ... ل إذا قضت روحي يقوم
ومن الذي هو للشجو ... ن وللغرام بكم غريم
أحبابنا ما ضاع عن ... د حفاظي العهد القديم
بل
صنته في باطنٍهو أبداً حريم 80 ظ
توفي أبو الطاهر إسماعيل بن سودكين بحلب بعد عوده من زيارة البيت المقدس بأيام،
يوم الأربعاء قبل طلوع الشمس الثالث والعشرين من صفر سنة ست وأربعين وستمائة، ودفن
قبل الظهر بتربة أنشأها بالقرب من مشهد الدعاء خارج باب النصر، وكان عمره يومئذ
سبعة وستين سنة.
حرف الصاد في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف
الهاشمي: حدث عن أبيه صالح بن علي، روى عنه طاهر بن إسماعيل، وسليمان بن سعيد
والوليد بن مسلم، وكان شاعراً مجيداً بليغاً، متقدماً في ضرب العود والغناء، وغنى
الرشيد فولاه مصر سنة اثنتين وثمانين ومائة، ثم عزله ووله جند قنسرين والعواصم،
وولد ببطاس قصر أبيه خارج مدينة حلب، وكان أكثر مقامه بحلب وبها مات.
وقال أبن عفير: ما رأيت أحداً هذه العواد أخطب من إسماعيل بن صالح ابن علي.
وقرأت بخط القاضي أبي طاهر صالح بن جعفر الهاشمي الحلبي: كان إسماعيل ابن صالح
أصغر ولد أبيه، أفضت إليه وصيته وأوقافه، وذلك أنها كانت في ولد صالح بن عليّ
الكبر فالأكبر والباقي بعد الماضي حتى انتهت إليه وهو آخر من 81 - و بقي منهم،،
فكانت في يده وأيدي ولده من بعده على السن والقعدد، وولد ببطياس ومات بحلب، وكان
جليلا متقدما جامعا لكل سؤدد، بارعا في العلم والأدب والفلسفة والنجوم، وكان
الرشيد يقدمه ويفضله ويستكفيه، ولاه مصر فأقام عاملاً عليها سنين ثم عزلهم عنها
وولاه جند قنسرين والعواصم، ثم ولاه دمشق وأعمالها، وأقطعه ما كان له في سوق مدينة
حلب، وهي الحوانيت التي بين باب أنطاكية إلى العروفة بالدلبة، وقدرها قدر جليل
جسيم.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي - فيما أذن لي في الرواية عنه -
قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو
البركات الأنماطي قالا: أخبرنا أبو الحسين النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص، ح.
قال أبو القاسم بن أبي محمد: وأخبرنا أبو القاسم، وأبو البركات أيضاً، وأبو القاسم
عبيد الله بن أحمد بن محمد بن البخاري، وأبو الدر ياقوت بن عبد الله عتيق ابن
البخاري قالوا: أخبرنا أبو محمد الصريفيني، ح، قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحسين
بن أحمد بن عليّ البيهقي قال: أخبرنا أبو عليّ محمد بن إسماعيل بن محمد العراقي
قلا: حدثنا أبو طاهر المخلص - إملاءً - قال: حدثنا أبو أحمد عبد الواحد بن المهتدي
بالله - إملاءً - قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن القاسم بن طاهر بن إسماعيل بن صالح
بن عليّ بن عبد الله بن العباس قال: حدثني أبي القاسم قال: حدثني أبي طاهر قال:
حدثني أبي إسماعيل 81 - ظ قال: حدثني أبي صالح قال: حدثني أبي عليّ قال: حدثني أبي
عبد الله - زاد ابن النقور " ابن عباس " - كنت مع النبي صلى الله عليه
وسلم - زاد ابن النقور " على بغلته " وقالا - وأنا ابن ثمان وستين وهو
يريد عمته بنت عبد المطلب، قال: فوقف - زاد ابن النقور " بي " وقالوا -
في طريقه على شجرة قد يبس ورقها وهو يتساقط فقال: " يا عبد الله " قلت:
لبيك يا رسول الله قال: " ألا أنبئك بما يساقط الذنوب عن بني " - قال:
وقال ابن النقور: عن ولد - آدم كتساقط الورق عن هذه الشجرة " ؟ قال: قلت: بلى
يا رسول الله بأبي أنت وأمي، قال: " سبحان الله " . و في حديث الصريفيني
وابن النقور قال: " قول سبحان الله والحمد لله ولا إلاه إلا الله والله اكبر،
فإنهن الباقيات الصالحات المنجيات المعقبات " .
هكذا ذكره في الإسناد " وقال: حدثني أبي طاهر قال: حدثني أبي إسماعيل "
وليس لإسماعيل بن صالح ولد أسمه طاهر، بل ولد ولده طاهر بن محمد بن ابن إسماعيل بن
صالح، فلعله سقط من الإسناد ذكر محمد بن إسماعيل أو تجوز بذكر جده وسماه أبا،
والله أعلم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع
عمر بن أبي الحسن البسطامي قال: كتب إلينا أبو تراب عبد الباقي بن يوسف المراغي
الإمام، ح.
وأخبرنا
أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أسعد بن بوش قال
أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش العكبري قالا: أخبرنا أبو عليّ محمد بن
الحسين 82 - و الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا
محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أحمد بن محمد الطالقاني قال: حدثني فضل اليزيدي عن
محمد بن إسماعيل بن صبيح قال: قال الرشيد للفضل بن يحيى، وهو بالرقة،: قد قدم
إسماعيل بن صالح بن عليّ وهو صديقك، وأريد أن أراه، فقال له: إن أخاه عبد الملك في
حبسك وقد نهاه أن يجئك، قال الرشيد: فإني أتعلل حتى يجيئني عائداً فتعلل، فقال الفضل
لإسماعيل: ألا تعود أمير المؤمنين؟ قال: بلى، فجاءه عائداً، فأجلسه ثم دعا بالغذاء
فأكل وأكل إسماعيل بين يديه فقال له الرشيد: كأني قد نشطت برؤيتك إلى شرب قدح،
فشرب وسقاه، ثم أمر بإخراج جوار يغنين وضربت ستارة، وأمر بسقيه، فلما شرب أخذ
الرشيد العود من يد جارية ووضعه في حجر إسماعيل وجعل في عنق العود سبحة فيها عشر
درات اشتراها بثلاثين ألف دينار وقال: غنني يا اسماعيل وكفر عن يمينك بثمن هذه
السبحة فاندفع فغنى بشعر الوليد بن يزيد في عالية أخت عمر بن عبد العزيز، وكانت
تحته وهي التي ينسب إليها سوق عالية بدمشق.
فأقسم ما أدنيت كفي لريبةٍ ... ولا حملتني نحو فاحشٍ رجلي
ولا قادني سمعي ولا بصري لها ... ولا دلني رأي عليها ولا عقلي
وأعلم أني لم تصبني مصيبةٌ ... من الدهر إلا قد أصابت فتى قبلي
82 - ظ فسمع الرشيد أحسن غناء من ا؛سن صوت، قال: الرمح يا غلام، فجىء بالرمح فعقد
له لواء على إمارة مصر.
قال إسماعيل: فوليتها ست سنين أو سعتهم عدلاً، وأنصرفت بخمسمائة ألف دينار.
قال: وبلغت عبد الملك أخاه ولايته فقال: غنى والله الخبيث لهم، ليس هو لصالح بابن
ز وفي غير هذه الرواية قال: وقد كان أخوه عبد الملك وجه إليه " إنما يريدونك
لأمر، وإن فعلت فما أنت أخي ولا تريث صالحاً.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري
قال: أنبأنا أبو منصور العبكري عن أبي أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بنابي مسلم
المقرىء قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: حدثني عليّ بن
سراج المصري قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: كان إسماعيل بن صالح يألف قينة بحلب،
وكانت في نهاية حسن الوجه والغناء فاشتراها الرشيد فقال إسماعيل:
يا من رماني الدهر من فقده ... بفرقةٍ قد شتتت شملي
ذكرت أيام اجتماع الهوى ... وقرةَ الأعين بالوصل
ونحن في صحبة دهرٍ لنا ... نطالب الأزمان بالذحل
فكدت أقضي من قضاء النوى ... علي بعد العز بالذل
وليس ذكري لك عن خاطرٍ ... بل هو موصولٌ بلا فضل
قال الصولي: ومن شعره فيها 83 - و
فديت من يهجرني كارهاً ... بلا اختيار منه للهجر
ومن دهاني الدهر في فقده ... من ذا الذي يعدى على الدهر
ومن تجرعت له لوعةً ... أحر في القلب من الجمر
لا أستطيع الدهر ذكراً له ... إلا بجاري الدمع والفكر
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى
بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو
عليّ الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري
قال: حدثنا بن أبي سعيد قال: حدثني عمر بن محمد بن حمزة الكوفي قال: حدثني سليمان
بن سعيد قال: حدثني إسماعيل بن صالح بن عليّ بن عبد الله - وكان انقطاعه إلى
الرشيد - قال: دخلت على الرشيد - وقد عهد إلى محمد والمأمون - فيمن يهنيه من ولد
صالح بن علي، فأنشأت أقول:
يا أيها الملك الذي ... لو كان نجماً كان سعدا
اعقد لقاسم بيعهً ... واقدح له في الملك زندا
الله فردٌ واحدٌ ... فاجعل ولاة العهد فردا
قال:
فاستضحك هرون، وبعثت إلي أم جعفر " كيف تحبنا وأنت شآم " ؟ وبعثت إلي أم
المأمون " كيف تحبنا وأنت أخو عبد الملك بن صالح " ؟! وبعثت إلى أم
القاسم بعشرة آلاف درهم فاشتريت بها ضيعتي بأرتاح. 83 - ظ.
قلت: أرتاح قرية كبيرة عامرة من عمل حلب بالقرب من حارم، وكان لها حصن مذكور،
وحولها ضياع تضاف إليها، وإليها ينسب الأرتاحي.
أنبأنا أبو روح عبد المعوز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن القاسم زاهر بن طاهر
قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن أحمد البندار - إذناً - قال: أخبرنا أبو أحمد
الفرضي - إجازة عن أبي بكر الصولي - قال: حدثني عليّ بن سراج قال: حدثني معاوية بن
صالح قال: غزا إسماعيل بن صالح، فرأى غلاماً من أبناء المقيمين بطرسوس أملح الناس
وآدبهم، فاستصحبه فقال له الغلام: بلغني أن فيك ملة؟ فقال له إسماعيل: هي فيّ لها،
فضحك الغلام وقال: الآن طابت صحبتك، فصحبه، فقال فيه إسماعيل:
أحسن من بدر الدجى في الدجى ... ومن طلوع الكوكب اللابث
ومن فتىً يحلف أن لم يخن ... عهداً وما الصادق بالحانث
ظبيٌ بأرض الثغر ما إن له ... في الحسن من ثانٍ ولا ثالث
ترسل عيناه هواه إلى ... كل سقيم دنفٍ لاهث
أعدمني حبي له قوتي ... وكنت أقوى من أبي الحارث
قلت له إذ زارني في اله ... وى قولة مازح عايث
ما خلق الله على ظهرها ... أحمل مني للهوى الماكث
قال الصولي: ومن شعر إسماعيل في أخيه عبد الملك بن صالح: 84 - و
يا أخي أنت عدتي وعديدي ... وافتخاري ورغم أنف حسودي
أنت صنوي وقد خلقت جليداً ... وأراني في الخلق غير جليد
لا أطيق الذي تطيق من الأ ... مر فبعض العتاب والتفنيد
قرأت بخط عليّ بن موسى بن اسحق الزرار في نوادر أبي بكر محمد بن خلف بن المزربان -
سماعه منه - قال ابن المزربان: وأنشدت لإسماعيل بن صالح ابن علي:
زعم الناس أن ليلك يا بغ ... داد ليل يطيب فيه النعيم
ولعمري ما ذاك إلا لأن حا ... لفهم بالنهر منك السموم
وقليل الرخاء يتبع الش ... دة عند الأنام حظٌ عظيم
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد
الباقي الأنصاري عن أبي منصور العكبري قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد ابن أبي مسلم
- إذناً - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: حدثنا الحسين،
يحيى قال: حدثنا اسحق الموصلي قال: كان إسماعيل بن صالح أحسن الناس غناءً وصوتاً،
حتى أن حسن صوته ليبين في كلامه، وكان صديقا للفضل بن يحيى بن خالد، فلما دخل
الرشيد الرقة ومعه الفضل بن يحيى كتب الفضل إلى إسماعيل بن صالح وهو بحلب يشتاقه،
فقدم عليه إسماعيل الرقة، فصادف الفضل عظيم الشغل الرشيد بأمر لا يمكنه مفارقته
فأقام إسماعيل أياماً ثم غضب وانصرف إلى حلب، وكتب إلى الفضل:84 - ظ
قليتك فاقلني واطلب خليلاً ... سواي فإنني باغ سواكا
إذا ما سمنني الأكرام مني ... وسمتني الهوان فدام ذاكا
فلو أني علمت العلم حقاً ... بان الغدر غالية منتهاكا
لسمتك بالقطيعة من قريبٍ ... ولم تعلق قوى حبلي قواكا
أبعدي يرتجيك أخ لعهدٍ ... ألا يا طول خيبة من رجاكا
فلما وصلت هذه الأبيات إلى الفضل بن يحيى، كتب يسترضيه، ووصله بمائة دينار ودينار
من ضربهم وكان كل دينار عشرة دراهم.
وقال أبو بكر الصولي: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثني عبد الله بن محمد الحلبي قال:
كان إسماعيل بن صالح من آدب الناس وأرقهم طبعاً، وكان شاعراً حسن الغناء مقدماً في
ضرب العود.
وقرأت في كتاب معجم الشعراء للمرزباني: إسماعيل بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن
العباس بن عبد المطلب بن هاشم، كان سرياً أديباً، حسن الغناء، مقدماً في ضرب
العود، غنى الرشيد فقلده مصر.
وقرأت
في تاريخ الأمير مختار الملك المسبحي: سنة إحدى وثمانين ومائة، ثم وليها - يعني
مصر - إسماعيل بن صالح بن عليّ بن عبد الله بن العباس من قبل الرشيد على صلاتها
يوم الخميس لسبع خلون من شهر رمضان سنة إحدى وثمانين.
قال ابن عفير: ما رأيت أحداً على هذه الأعواد أخطب من إسماعيل بن صالح ابن علي.
فوليها إلى أن صرف 85 - و عنها في جمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران
قال: أخبرنا أبو بكر المراعيشي، وأبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن
عرفة قال: وكانت وفاة الرشيد بطوس، ودفن هناك، وكان على حجبته الفضل بن ربيع، ثم
ذكر ولاة البلاد وقال: وعلى منبج إسماعيل بن صالح ابن علي.
أنبأنا أبو زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم
عليّ بن الحسن بن هبة الله عمي قال: إسماعيل بن صالح بن علي بن عبد الله ابن عباس
بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف الهاشمي، حدث عن أبيه صالح بن علي، روى عنه:
ابنه طاهر بن إسماعيل، والوليد بن مسلم، وسليمان بن سعيد، وهو ممن دخل دمشق.
إسماعيل بن الطير المقرئ، قرأ عليه بحلب يوسف بن عليّ بن جبارة الهذلي البسكري:
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي قال يوسف بن عليّ بن جبارة الهذلي البسكري في
كتاب " الكامل في القراءات " قو وما أخذته عن الشيوخ المتفرقة، فذكر
جماعة وقال: وعبد الله بن منيرة بقنسرين وأبو المجد، وابن المهذب بالمعرة،
وإسماعيل بن الطير بحلب. 85 - ظ.
بسم الله ارحمن الرحيم
وبه توفيقي
حرف الظاء في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن ظفر بن أحمد بن إبراهيم بن مفرح بن منصور بن ثعلب بن عنيبة: أبو الطاهر
المنذري النابلسي ثم الدمشقي الحنبلي الحافظ، رجل فاضل حافظ، أصله من نابلس، وولد
بدمشق في سنة أربع وسبعين وخمسمائة، أنبأنا بذلك عبد العظيم بن عبد القوي المنذري
عنه، رحل في طلب الحديث، وسمع بمصر: أبا القاسم البوصيري، وأبا عبد الله بن حمد
الأرتاحي، والحافظ عبد الغني المقدسي، وبحلب: شيخنا أبا هاشم الهاشمي، وبحران:
الحافظ عبد القادر الرهاوي، وانقطع إليه مدة، وبخراسان: منصور الفراوي، والمؤيد
الطوسي، وزينب الشعرية وبأصبهان أبا المكارم اللبان، وأبا جعفر الصيدلاني، وأبا
عبد الله الكراني، وكتب بخطه الكثير، وحدث بدمشق وحران.
روى عنه الحافظ بن العظيم المنذري، وأبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي، وخرج عنه
في معجم شيوخه، وتوفي بدمشق في الرابع من شوال سنة تسع وثلاثين وستمائة، ودفن بجبل
قاسيون.
حرف العين في آباء من اسمه إسماعيل
ذكر من اسم أبيه عبد الله ممن اسمه إسماعيل إسماعيل بن عبد الله بن إسماعيل بن
حمدون بن إسماعيل بن حمدون بن أبي صالح: أبو الحسن المؤدب، حدث بمعرة النعمان عن
قاضيها أبي عمرو عثمان بن عبد الله الطرسوسي، روى عنه الحافظ أبو سعد السمان، وخرج
عنه حديثاً في معجم شيوخه. 89 - و.
أخبرتنا الحرة زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن الشعري في كتابها إلينا من
نيسابور قالت: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري - إجازة - قال:
حدثني أبو الحسن عليّ بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد إسماعيل بن
عليّ بن الحسين الرازي السمان - إجازة - قال: حدثني أبو الحسن إسماعيل بن عبد الله
بن إسماعيل بن حمدون بن إسماعيل ابن حمدون بن صالح المؤدب - بقراءتي عليه بجامع
معرة النعمان - قال: حدج يزيد بن جهور قال: حدثنا الربيع بن نافع قال: حدثنا مسلمة
بن عليّ الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن جعفر المدني عن أبي هريرة قال: قال رسول
الله صلى الله عليه وسلم: " ثلاثة لا يعادون صاحب الرمد، والحبن، والضرس
" .
إسماعيل بن عبد الله بن خالد بن يزيد:
أبو
عبد الله القرشي العبدري الرقي المعروف بالسكري القاضي، قاضي دمشق، حدث عن محمد بن
الحسن الشيباني، صاحب أبي حنيفة رضي الله عنها، وعن أبي اسحق الفزاري، ومحمد بن
سلمة الحراني، وبقية بن الوليد الحمصي، وعيسى بن يونس، وأبي المليح الرقي، ومحمد
بن أبي فديك، وعبيد الله بن عمرو الرقي، ويعلى بن الأشدق وعبد الله بن رجاء المكي،
والوليد بن مسلم، ومحمد بن حرب الأبرشي، وعبد الملك بن محمد الصنعاني.
روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن مسروق الطوسي، وأبو حاتم محمد ابن إدريس
الرازي، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي، وأبو يعلى الموصلي، وأبو بكر محمد بن محمد
الباغندي، وأبو العباس بن زنجويه القطان، والعباس بن سعيد. وجماهر بن محمد
الزملكاني، ومحمد بن هشام النميري، وأبو الميمون ابن راشد.
وحدث عن مشايخ الثغر.91 - ظ.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن
محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال:
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماني قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن
أحمد بن القاسم الدهان قال: حدثنا أبو عليّ محمد بن سعيد بن عبد الرحمن الحراني
الحافظ في تاريخ الرقة قال: إسماعيل بن عبد الله بن خالد، أبو عبد الله السكري،
ولي قضاء دمشق.
أنبأنا أبو نصر بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو
محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني - لفظاً - قال: أخبرنا تمام ابن
محمد - إجازة - قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مروان قال: حدثنا ابن فيض قال: لم يل
القضاء بدمشق بعد محمد بن يحيى بن حمزة أحد في خلافة المعتصم وخلافة الواثق حتى
كانت خلافة جعفر المتوكل، فولى ابن دؤاد إسماعيل بن عبد الله السكري في أول سنة
ثلاث وثلاثين ومائتين، فأقام قاضياً إلى أن عُزل أحمد بن أبي دؤاد وولي يحيى ابن
أكثم، فعزل إسماعيل بن عبد الله السكري عن القضاء، وولي محمد بن هاشم بن ميسرة
مكانه.
قال عليّ بن أبي محمد: 92 - و أنبأنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم قال: حدثنا عبد
العزيز بن أحمد - ونقلته من خطه - قال: أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن أحمد بن
هرون بن الجندي قال: أخبرنا أبو العباس جمح بن القاسم بن عبد الوهاب المؤذن قال:
أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن القاسم بن الرواس قال: لي خالي - يعني إبراهيم بن
أيوب الحوراني - قلت لإسماعيل بن عبد الله القاضي: بلغني أنك كنت صوفياً، من أكل
من جرابك كسرة افتخر بها على أصحابه.
فقال: حسبنا الله ونعم الوكيل.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد
قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو
طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي
حاتم قال: إسماعيل بن عبد الله بن خالد السكري الرقي، أبو عبد الله. روى عن: أبي
المليح الرقي، وعبيد الله بن عمرو، كتب عنه أبي بالرقة ؛ سمعت أبي يقول ذلك.
قال أبو محمد: روى عن محمد بن سلمة، ومحمد بن حرب، وأبي اسحق الفزاري، وبقية، وعبد
الله رجاء المكي، وابن فديك، سئل أبي عنه، فقال: صدوق.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال إسماعيل
بن عبد الله بن خالد بن يزيد، أبو عبد الله القرشي العبدري الرقي المعروف بالسكري،
قاضي دمشق، روى عن أبي المليح الحسن بن عمر، وعبيد الله بن عمرو الرقيين، ومحمد بن
سلمة الحراني، ويعلى بن الأشدق، ومحمد ابن حرب الأبرش، وأبي اسحق 92 - ظ الفزاري،
وبقية بن الوليد، وعبد الله بن رجاء المكي، ومحمد بن الحسن صاحب أبي حنيفة، ومحمد
بن أبي فديك والوليد بن مسلم، وعبد الملك بن محمد الصنعاني.
روى عنه العباس بن سعيد، وأبو الميمون بن راشد، ومحمد بن هشام بن ملاس النميري،
وجماهر بن محمد الزملكاني، ومحمد بن سعد كاتب الواقدي والحسن بن أبي جعفر الحلبي،
وأبو العباس أحمد بن محمد بن زنجويه القطان، وأبو بكر الباغندي، وأبو العباس أحمد
بن محمد بن مسروق الطوسي، وكتب عنه أبو حاتم الرازي.
هكذا
عد الحافظ أبو القاسم الحسن بن أبي جعفر الحلبي في الرواة عنه، وهو من الرواة عن
ابن زرارة، وقد أخبرنا عليّ بن شجاع قال: أخبرنا عبد الله محمد ابن عبد المولى
قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أبو حاتم بن المدبر قال: أخبرنا أبو اسحق النقاش قال:
حدثنا أبو عبد الله الجرجاني قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد العطار قال: حدثنا
أبو عليّ الحسن بن أبي جعفر البطناني قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة،
فذكر حديثاً.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأخبرنا به أبو القاسم عبد الرحيم
بن يوسف بن الطفيل - إجازة عنه - قال: أنبأنا الشيخ الأمين أبو محمد هبد الله بن
أحمد بن محمد بن الأكفاني عن أبي الحسن عليّ بن الحسين بن أحمد التغلبي قال:
أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن بن عليّ
بن الحسن بن علان الحراني قال: إسماعيل بن عبد الله ابن خالد الأقطع القرشي السكري
من أهل الرقة، مات بعد الأربعين، كان يرمى بالجهم.
إسماعيل بن عبد الله بن زرارة: أبو الحسن الرقي السكري، سمع الحجاج بن يوسف بنابي
منيع الرصافي نزيل حلب، بحلب أو برصافة هشام، روى عنه وعن عفيف بن سالم، وعبد
العزيز ابن عبد الرحمن القرشي البالسي، وداود الزبرقان، وشريك بن عبد الله النخعي،
وعبد الوهاب الثقفي، وحماد بن زيد، واسحق وعبد الله بن حرب الليثي، ومحمد بن ربيعة
الكلابي.
روى عنه: ابنه إبراهيم بن إسماعيل، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا 89 -
ظ القرشي، وهلال بن العلاء الرقي، وعبد الله بن أحمد بن محمد ابن حنبل، والحسن بن
عليّ بن الوليد الفارسي، واسحق بن سُنين الختلي، ومحمد بن الفضل بن جابر السقطي،
وأبو جعفر بن محمد بن سوار الحافظ، وأبو عليّ الحسن بن أبي جعفر الحلبي، وأبو عمرو
عثمان بن خرزاد.
أخبرنا القاضي شمس الدين أبو المظفر حامد بن أبي العميد بن أميري بتن ورشي
القزويني - قراءة عليه بحلب - ، والفقيه بهاء الدين أبو محمد عبد الرحمن ابن
إبراهيم بن أحمد المقدسي - قراءة عليه بنابلس - والشيخ أبو محمد محفوظ بن هلال بن
محفوظ الرسعني - برأس عين - قالوا: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري
- قال محفوظ: في كتابها - قالت: أخبرنا الشريف الكامل أبو الفوارس طراد بن محمد بن
عليّ الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين عليّ بن محمد ابن عبد الله بن بشران قال:
أخبرنا أبو عليّ الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا: حدثنا أبو بكر عبد الله بن
محمد بن أبي الدنيا القرشي قال: حدثنا إسماعيل بن عبد الله بن زرارة قال: حدثنا
حجاج بنابي منيع الرصافي عن جده عن الزهري عن سالم عن أبيه عن النبي صلى الله عليه
وسلم نحوه - يعني نحو حديث ذكره قبله - قال: " بينما ثلاثة رهط يتماشون أخذهم
المطر، فأووا إلى غار في جبل، فبينا هم فيه انحطت صخرة فأطبقت عليهم الغار "
فذكر حديث الرقيم بطوله.
اخبرنا سيف الدولة أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل بن نجاد الأنصاري 90 - و
بدمشق، وأبو المفضل مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أبي الصفر القرشي - بحلب -
قالا: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال: اخبرنا أبو عبد الله
الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن عليّ
الأملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم ابن يعقوب الحلبي المؤدب قال:
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي قال: حدثنا إبراهيم بن إسماعيل
بن عبد الله بن زرارة السكري قال: حدثنا أبي عن عفيف بن سالم عن عبد الله بن لهيعة
عن سعد بن إبراهيم عن المسور ابن مخرمة أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول:
" لا يغرم السارق إذا أقيم عليه الحد " .
ذكر أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي في كتاب " الجرح والتعديل "
قال: إسماعيل بن عبد الله بن زرارة الرقي، روى عن شريك ونظرائه، وأدركته ولم أكتب
عنه، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا
أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد
بن رزيق القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب قال: إسماعيل بن
عبد الله بن زرارة، أبو الحسن السكري الرقي، قدم بغداد وحدث بها عن حماد بن زيد
وعبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي، وعبد الوهاب الثقفي، وشريك بن عبد الله النخعي،
وداود بن الزبرقان.
روى عنه أبو بكر بن 90 - ظ أبي الدنيا، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن الفضل
بن جابر السقطي، واسحق سنين الختلي، والحسن بن عليّ ابن الوليد الفارسي وغيرهم.
قال الخطيب: حدثني الحسن بن محمد الخلال عن أبي الحسن الدار قطني قال: إسماعيل بن
عبد الله السكري ثقة.
قلت: هكذا أورد الخطيب عن أبي الحسن الدارقطني هذا الكلام في ترجمة إسماعيل بن عبد
الله بن زرارة أبي الحسن، ويحتمل أن يكون قول الداراقطني عن إسماعيل بن عبد الله
بن خالد بن يزيد بن عبد الله السكري، الآتي ذكره، وهو به أشبه لوصف أبي حاتم
الرازي له بالصدق، ولم يذكر في ابن زرارة شيئاً غير ما أوردناه.
وقد أنبأنا أبو الفرج القبيطي قال: أخبرنا أبو الكرم بن الشهرزوري عن أبي القاسم
الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو عمرو عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد
بن عدي قال: في ذكر عبد العزيز بن عبد الرحمن القرشي: وعبد العزيز هذا يروي عن
خصيف أحاديث بواطيل يرويها عنه إسماعيل بن زرارة. وإسحق بن خلدون البالسي، وفيها
غير حديث خصيف عن أنس، وسائر ذلك كله ليس لها أصول، ولا يتابعه الثقات عليها.
وقد ذكر الحافظ أبو القاسم بن عساكر قول الدارقطني بإسناده إلى الخطيب في ترجمة
أبي عبد الله إسماعيل بن عبد الله القاضي الآتي ذكره.
أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن
عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا
محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم الدهان قال: حدثنا أبو عليّ محمد بن سعيد بن
عبد الرحمن 91 - و الحراني الحافظ قال: سمعت إبراهيم ابن إسماعيل بن عبد الله بن زرارة
يقول: مات أبي بالبصرة سنة تسع وعشرين ومائتين.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأخبرنا به أبو القاسم ابن رواحة
إجازة عنه قال: أنبأنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد ابن
الأكفاني عن أبي الحسن عليّ بن الحسين بن أحمد التغلبي قال: أخبرنا أبو القاسم
تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو الحسين عليّ بن الحسن بن علان
الحراني الحافظ قال: إسماعيل بن عبد الله بن بن زرارة الرقي، قال لنا محمود: أنه
مات سنة ثلاث وعشرين ومائتين.
قلت: هو محمود بن محمد بن الفضل.
إسماعيل بن عبد الله بن يزيد بن أسد: ابن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن
عمعمة بن جرير بن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر
بن أنمار ابن أراش بن عمرو بن الغوث، وقيل: عمرو بن نبت بن زيد بن كهلان، وقيل:
عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان، أبو هاشم القسري العبقري البجلي،
وقال بعضهم: هو منسوب إلى قصر ابن هبيرة وأبدلوا الصاد سينا وقال آخرون: هو منسوب
إلى قصر بجيلة، موضع 93 - و بالكوفة، وهو بجلي، والأول هو الصحيح.
وأبو هاشم القسري هو أخو خالد القسري، روى عن أخيه خالد، روى عنه أيوب بن سويد
الرملي، ومحمد بن عمران، وولي إمرة الموصل ففي طريقه إليها اجتاز بحلب أو ببعض
عملها.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن بن هبة الله
قال: أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد الشيروي في كتابه، ثم أخبرني أبو بكر محمد
بن عبد الله ابن أحمد بن حبيب، وأبو منصور بزغش بن عبد الله عنه قال: أخبرنا أبو
سعيد الصيرفي قال: حدثنا أبو العباس الأصم، ح.
قال
أبو القاسم: وأخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع ابن عليّ قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا محمد بن يعقوب بن يوسف قال: حدثنا محمد
بن عبد الله ابن عبد الحكم قال: حدثنا أيوب بن سويد قال: حدثنا إسماعيل بن عبد
الله القسري عن أخيه خالد بن عبد الله عن أبيه عن جده يزيد بن أسد أنه قدم على عمر
بن الخطاب من دمشق فقال له: يا بن أسد، الشهداء فيكم؟ فقال: الشهيد يا أمير
المؤمنين من قاتل في سبيل الله حتى يقتل، قال: فما تقولون فيمن مات حتف أنفه، لا
يعلمون منه إلا خيراً؟ قال عبد عمل خيراً ولقي رباً لا يظلمه، يعذب من عذب بعد
الحجة عليه والمعذرة فيه، أو يعفو عنه، قال عمر: كلا والله ما هو كما تقول.
وقال الشيروي: يقولون من مات مفسداً في الأرض ظالماً للذمة عاصياً للإمام 93 - ظ
غالاً للمال، ثم لقي العدو فقاتل فقتل شهيداً، ولكن الله عز وجل قد يعذب عدوه
والبر والفاجر، ومن مات حتف نفسه لا يعلمون منه إلا خيراً كما قال الله عز وجل:
" من يطع الله والرسول فأولئك مع الذين أنعم الله عليهم من النبيين الآية.
أخبرنا أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر
أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا
أبو عبد الله الحسين بن عبد الله بن الشويخ الأرموي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم
عبد الواحد بن محمد سنبك قال: حدثنا أبو عليّ الحسن ابن محمد الأنصاري قال: حدثنا
أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبو القاسم هرون بن أبي نمر السلمي قال: أخبرني
محمد بن محمد بن زبان عن محمد بن عمران عن إسماعيل بن عبد الله القسري قال: قال
خالد بن عبد الله القسري لبنيه: إنكم قد شرفتم، وقمن أن تطلب إليكم الحوائج فمن
يضمن حاجة امرئ مسلم فليطلبها بأمانة الله عز وجل.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد - فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي غالب بن البناء عن
أبي محمد الجوهري - قال: أخبرنا عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال:
حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: ومن بجيلة - وهم بنو أنمار بن
أراش بن عمرو بن الغوث بن بنت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن 94 - و
يعرب بن قحطان: يزيد بن أسد ابن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن عمعمة بن
جرير بن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قس بن عبقر بن أنمار،
وفد على النبي صلى الله عليه وسلم فأسلم، ولم يكن ممن اختلط بالكوفة ولا نزلها،
ونزل الشام. من ولده: خالد بن عبد الله بن يزيد وأخوه إسماعيل بن عبد الله ولي
الموصل، وكان في صحابة أبي جعفر.
وقال هشام بن محمد بن السائب الكلبي: ولم يولد لعبد الله بن عبد شمس إلا واحد إلى
يزيد بن أسد واحد واحد بولد.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا
عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أبو طاهر بن سلمة
قال: أخبرنا عليّ بن محمد، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا أبو
محمد بنابي حاتم قال: إسماعيل بن عبد الله القسري، روى عنه أيوب بن سويد الرملي.
إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن بن أبي بكر بن هبة الله بن حسين بن عبد الله:
أبو الطاهر بن أبي محمد الحافظ الأنصاري المصري، المعروف بابن الأنماطي، رحل في
طلب الحديث، وسمع منه الكثير بمصر، وبغداد، ومكة، وإربل، وحلب، ودمشق.
سمع
بمكة: أبا عبد الله محمد بن عبد الله بن الحسين الأشكيذباني، وأبا عبد الله محمد
بن إبراهيم الشيرازي، وسمع بمصرك من البوصيري، وابن حمد الأرتاحي، وأبي الحسن شجاع
بن محمد بن سيدهم المدلجي، وأبي عبد الله محمد بن عبد المولى بن محمد الليثي، و
ومحمد بن يوسف الغزنوي وأبي عبد الله محمد الكاتب، وأبي الثناء حماد بن هبة الله،
ومرتضى بن حاتم بن مسلم بن أبي العز الحارثي، وزين الدين عليّ بن نجا الواعظ 94 -
ظ وصاحبته فاطمة بنت سعد الخير الأنصارية زوج ابن نجا، وسمع ببغداد عبد الوهاب بن
عليّ بن عليّ المعروف بابن سكينة، وأبا محمد عبد العزيز بن الأخضر وغيرهما،
وبواسط: أبا الفتح المندائي، وبإربل: حنبل بن عبد الله المكبر، وشيخنا أبا حفص بن
طبرزد وبالإسكندرية:أبا عبد الله محمد بن عبد الله الحضرمي، وأبا القاسم عبد
الرحمن بن مكي، وبحلب شيخنا أبا هاشم الهاشمي، وبدمشق: أبا محمد القاسم ابن عليّ
بن الحسن بن عساكر، وأبا طاهر الخشوعي، وشيوخنا القاضي أبا القاسم ابن الحرستاني،
وأبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وزين الأمناء وأبا منصور ابني محمد بن الحسن
وغيرهم ممن يطول ذكرهم، ويكثر عددهم.
وكان قد سيره الملك المحسن أحمد بن يوسف بن أيوب إلى اربل لإحضار حنبل بن عبد الله
إلى دمشق لسماع مسند أحمد بن حنبل، فمضى إلى اربل وأحضره إلى دمشق واجتاز به بحلب
فأقام بها يوماً أو يومين بظاهرها، ولم يسمع على حنبل بها إلا الشيء اليسير.
وكان تقي الدين أبو الطاهر الأنماطي هذا كثير الإفادة حريصاً على تحصيل الفوائد،
حسن الأخلاق، سمحا بإعارة كتبه وأصوله حتى إلى البلاد النائية عنه، وكان يضبط سماع
الطلبة ويؤدبهم في مجالس ويكتب الطباق بخطه.
ونفق على الوزير عبد الله بن عليّ المعروف بابن شكر، وقرر له بدمشق معلوماً على
المصالح، وكان مالكي المذهب، ثم انتقل إلى مذهب الشافعي، واجتمعت به بدمشق في سنة
أربع عشرة 95 - و وستمائة، وأفادني عن جماعة من الشيوخ، وأعارني أصوله، وسمعت
بقراءته وسمع بقراءتي، ولم يتفق لي سماع شيء منه إلا ما جرى في المذاكرة، وحدث
بدمشق، وكتب عنه جماعة من المحدثين من أقرانه وغيرهم، روى لنا عنه أبو المحامد
القوصي حديثاً خرجه عنه في معجم شيوخه، والحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن
عليّ حكاية ذكرها أيضاً في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد القوصي - قراءة عليه بدمشق - قال: حدثنا
المحدث الأجل تقي الدين أبو الطاهر إسماعيل بن عبد الله بن عبد المحسن الأنصاري،
المعروف بابن الأنماطي المصري قال: أخبرنا رضي الدين مرتضى بن حاتم بن مسلم
الحارثي المصري المقدسي - قال القوصي: وأجازه لي الشيخ المذكور قال: أخبرنا أبو
عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن محمد بن منصور الحضرمي قال: أخبرنا أبو عبد الله
محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن المظفر بن عبد الرحمن
قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد المهندس قال: أخبرنا محمد بن محمد الباهلي قال:
حدثنا محمد بن أبان البلخي قال: أخبرنا سفيان عن أبي اسحق عن أبي حية بن قيس عن
عليّ بن أبي طالب أنه توضأ ثلاثاً ثلاثا، ثم مسح برأسه، ثم شرب فضل وضوئه، ثم قال:
من سره أن ينظر إلى وضوء النبي صلى الله عليه وسلم فلينظر إلى هذا.
هكذا أخبرنا أبو المحامد القوصي عن أبي الطاهر عن مرتضى عن أبي عبد الله الحضرمي،
وأبو الطاهر الأنماطي سمع من أبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الحضرمي وقد أخبرنا
الحسين يحيى بن عليّ العطار قال: سمعت شيخنا أبا الحسن شجاع بن سيدهم المدلجي
المالكي، وكان من خيار عباد الله وصلحائهم من بقية أهل الخير بمصر يقول: كان شيخنا
أبو العباس بن الحيطة رحمه الله سديداً في دين الله، فظاً غليظاً على أعداء الله
أهل البدع، لقد كان يحضر مجلسه داعي الدعاة مع عظم سلطانه ونفوذ أمره، فما يحتشمه
ولا يكرمه، ولقد كان يقول بحضرته في بعض المسائل التي يرد فيها على الشيعة
والروافض: والإسماعيلية أحمق الناس في هذه المسألة، الروافص خالفوا كتاب الله وسنة
رسول الله صلى الله عليه وسلم وكفروا بالله كفراً صريحاً، بلا تأويل هذا ومعناه.
قال
الحافظ أبو الحسين العطار: الحافظ أبو الطاهر بن الأنماطي مصري أعيان المحدثين
وفضلائهم المعتمرين، سمع الكثير بمصر، ثم رحل إلى العراق ودخل بغداد بعد التسعين،
وحصل من المسموعات والفوائد جملة كثيرة، وكتب بخطه الكثير، وقطع جل عمره في طلب
العلم، وكان كثير الإفادة، واستجاز لخلق كثير من المصريين والشاميين وغيرهم ابتداء
من غير سؤال من أكثرهم، ولم يحدث إلا باليسير مما حصله. سمع بالإسكندرية: من أبي
عبد الله محمد بن عبد الرحمن ابن الحضرمي في سنة سبع وثمانين وخمسمائة، رأيت سماعه
عليه لسداسيات الرازي في جمادى الأولى من السنة المذكورة، وسمع بها أيضاً من غيره،
وسمع معنا على جماعة من الشيوخ بمصر والشام، وكان مولده بمصر، وتوفي رحمه الله
ليلة الاثنين الثالث عشر من شهر رجب سنة تسع عشرة وستمائة بدمشق.
أخبرني أبو المحامد القوصي قال: توفي أبو الطاهر بن الأنماطي بدمشق في شهور سنة تع
عشرة وستمائة. 95 - ظ.
إسماعيل بن عبد الجبار بن يوسف بن عبد الجبار بن شبل بن عليّ بن أبي الحجاج
الصويتي: المقدسي، ثم المصري الجذامي - وصويت بطن من جذام - ويلقب علم الدين، قرأ
الأدب على أبي محمد بن بري، وسمع الحديث بالإسكندرية من الحافظ أبي طاهر السلفي
وحدث عنه. سمع منه ولده صديقنا ورفيقنا ضياء الدين محمد بن إسماعيل، وكان عارض جيش
الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله بعد موت أبيه، ثم وليه بعد لابنه
الملك العزيز عثمان بن يوسف ولمن تجدد بعده من ملوك الديار المصرية إلى زمن الملك
العادل أبي بكر بن أيوب، فحصل في نفس وزيره صفي الدين عبد الله بن شكر منه شيء
أوجب أذاه وعزله، ففارق مصر وقدم حلب في سنة ثلاث وستمائة وافداً على الملك الظاهر
غازي بن يوسف ابن أيوب، فأكرمه وأحسن إليه، وأجرى له رزقاً حسناً، ولم يزل مقيماً
بحلب في كنفه وجاريه إلى أن مات بها بعد أن أصابه الفالج مدة بحلب، ولم أسمع منه
شيئاً.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن عبد الجبار بن أبي الحجاج - إذنا - قال:
أخبرنا والدي إسماعيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي
الأصبهاني، ح.
وأخبرنا به سماعاً عالياً أبو عبد الله محمد بن داود بن عثمان الدربندي، وأبو عليّ
حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفيان وآخرون قالوا: أخبرنا أبو طاهر السلفي أحمد
بن محمد بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن
الفضل بن أحمد بن 96 - و محمود الثقفي رئيس أصبهان سنة ثمان وثمانين وأربعمائة
وتوفي سنة تسعٍ، ومولده سنة ثمان وتسعين وثلاثمائة - قال: أخبرنا عبد الله بن
يعقوب الكرماني قال: حدثنا يحيى بن يحيى الكرماني قال: حدثنا حماد بن زيد مجالد عن
الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " إنكم
اليوم على دين وإني مكاثر بكرم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي " .
كتب لي رفيقنا ضياء الدين محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج بخطه، وذكر حال والده
وقال: وقرأ والدي الأدب على الشيخ محمد بن عبد الله بن بري وصحبه مدة طويلة،
ومولده بدرب الأسواني بالقاهرة في سنة تسعٍ وأربعين وخمسمائة، ومن شعره ما سمعته
من لفظه، وقد دخل عليه مملوك صغير وقد لحقه رمد تشيف بأشياف ورد:
أقول لما أن طرفه مشيفا: ... سبحان من أعلى على نرجس وردا مضعفا
قال: ونقلت من خطه من شعره:
يقول أناس إن في الملح حرم ... موكدة حتى نساهم في البلوى
فقلت لهم: إن كان حقاً حديثكم ... فما ذا عساه أن يكون من الحلوا
قال: ونقلت من خطه - يعني من شعره:
ورد الجواب كرد السلام ... بمثل التحية أو أحسن
قال: ولما شاهد الثلج بحلب عند سقوطه قال: 96 - ظ.
رأيت الثلج عم الأرض حتى ... تساوى الوهد منه بكل سن
كأن الأرض مد بها إزار ... ووقع الثلج من نداف قطن
قال:
والعجب أنه تولى ديوان الجيش الناصري بعد موت أبيه، وكانت وفاة والده في سنة ثلاث
وثمانين وخمسمائة في البيت المقدس إلى أن صرف منه في حادثة الصفي عبد الله بنعلي
المعروف بابن شكر، في ذي الحجة سنة اثنتين وستمائة، أقام فيه تسع عشرة سنة، وتولاه
أبوه في سنة أربع وستين وخمسمائة، وتوفي في السنة المذكورة - يعني سنة ثلاث
وثمانين وخمسمائة - فأقام فيه تسع عشرة سنة، فاتفق هو ووالده في مدة توليها الجيش،
واتفقا أيضاً في العمر، لأن والده في سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، وتوفي في السنة
المذكورة، فعاشا عمراً واحداً، وهو أحد وستون سنة.
قال: وتوفي - يعني أباه - بمحروسة حلب في عشية الجمعة الثامن والعشرين من ذي
القعدة سنة عشر وستمائة.
قلت: وكان العلم بنابي الحجاج ماهراً في صناعة التصرف، وبضاعة في العلوم مزجاة
رحمه الله.
إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عائذ: أبو عثمان
الصابوني النيسابوري، الإمام الحافظ المفسر الواعظ نقدم حلب حاجا سنة اثنتين
وأربعمائة، وحدث بها، وسمع منه جد جدي أبو الفضل هبة الله ابن أحمد بن يحيى بن
زهير بن أبي جرادة، واجتاز بمعرة النعمان، وسمع من أبي 97 - و العلاء أحمد بن عبد
الله بن سليمان شيئاً من شعره رواه عنه، وحدث بمعرة النعمان فسمع منه أبو غانم عبد
الرزاق بن أبي حصين المعري، وحدث بدمشق ونيسابور وغيرهما من البلاد عن أبي العباس
أحمد بن محمد بن اسحق البالوي، وأبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، وأبي بكر أحمد بن
الحسين بن مهران المقرىء، وإسحق بن إبراهيم الهروي، وأبي عبد الرحمن محمد ابن
الحسين بن موسى السمسار، وأبي منصور محمد بن عبد الله بن جمشاد الواعظ، وأبي الحسن
محمد بن الحسين بن داود الحسني، وأبي الحسن محمد بن عليّ بن سهل الماسرجسي، وأبي
بكر محمد بن عبد الله الحوزقي، وأبي طاهر ابن خزيمة، وأبي محمد الحسن بن أحمد
المخلدي، وأبي محمد بن أبي شريح، وأبي سعيد عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب
الرازي، وأبي حفص عمر بن أحمد ابن محمد بن عمر بن حفص الرازي، وأبي معاذ الشاه ابن
أحمد الهروي، وأبي محمد بن عبد الله بن أحمد بن الرومي، وأبي الحسن عبد الرحمن بن
إبراهيم المزكي، وأبي نعيم عبد الملك بن الحسن الأزهري، وروى عن أبي الفتح البستي
شيئاً من شعره.
روى عنه: أبو عليّ إسماعيل بن أحمد بن الحسين، وأبو بكر أحمد بن الحسين الحافظ
البيهقيان وآباء الحسن عليّ بن محمد بن شجاع الربعي، وعلي ابن الخضر السلمي
الدمشقيان، ونجا بن أحمد العطار، وعلي بن الحسين بن صصرى، وعلي بن عبد الله الواعظ
النيسابوري، وطريف بن محمد بن عبد العزيز الحيري، وأبو عليّ 97 - ظ الحسين بن أحمد
بن عبد الواحد الصوري، ونصر الله بن أحمد بن عثمان الحشنامي، وأبو العباس أحمد بن
منصور بن محمد الغساني، وأبو المحاسن الروياني، وأبو عبد الله محمد بن الفضل
الفراوي، وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، ومحمد بن عليّ بن أحمد بن المبارك
الفراء، ومحمد بن سعادة السلماسي، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وعبد الله بن عبد
الرزاق بن فضيل، وغير هؤلاء ممن يطول ذكرهم.
أخبرنا
أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء البغدادي الصوفي بدمشق، وشيخ الشيوخ أبو
الحسن بن عمر بن أبي الحسن بن محمد بن حموية بحلب بالياروقية قالا: أخبرنا أبو
الفتوح محمد بن محمد بن عليّ بن محمد بن الطائي قال: أخبرنا شيخ القضاة أبو عليّ
إسماعيل بن أحمد بن الحسين البيهقي قال: أخبرنا الإمام حقاً، وشيخ الإسلام صدقاً
أبو عثمان إسماعيل بن عبدالرحمن الصابوني قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد بن محمد
عمر بن حفص الرازي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن خداش قال:
حدثنا سعدان ابن نصر قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن الزهري سمع أنس بن مالك رضي
الله عنه يقول: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة وأنا ابن عشر سنين، ومات
وأنا ابن عشرين سنة، فكن أمهات يحثثنني على خدمته، فدخل علينا النبي صلى الله عليه
وسلم دارنا فحلبنا له من شاة لنا داجن وشيب له من ماء بئر الدار، وأبو بكر عن
شماله وأعرابي عن يمينه 98 - و فشرب النبي صلى الله عليه وسلم وعمر ناحية، فقال
عمر: أعط أبا بكر، فناول الإعرابي وقال: " الأيمن فالأيمن " حديث صحيح
أخرجها في صحيحهما.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي عبد الله محمد بن ابن
الفضل بن أحمد الفراوي قال: أخبرنا الإمام شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل ابن عبد الرحمن
الصابوني قال: أنشدني أبو العلاء التنوخي الأديب بمعرة النعمان لنفسه:
محمود الله والمسعود خائفة ... فعد عن ذكر محمود ومسعود
ملكان لو أنني خيرت ملكهما ... وعود صلب أشار العقل بالعود
القبر لا ريب منزول فما أربي ... إلي ارتفاع رفيع السمك مصعود
قوتي غناي وطمري ساتري وقتى ... مولاي كنزي وورد الموت موعودي
والنفس أمارة بالسوء ما اجترمت ... إلا وسيئ طبعي قائل عودي
قال أبو عبد الله الفراوي: أنشدنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد
الصابوني لنفسه:
مالي أرى الدهر لا يسمو بذي كرم ... ولا يجود بمعوان ومفضال
ولا أرى أحداً في الناس مشتريا ... حسن الثناء بأنعام وأفضل
ولا أرى أحداً في الناس مكتزا ... ظهور أثنية أو مدح مقوال
صاروا سواسية في لومهم ... شرعاً كأنما نسجوا فيه بمنوال
98 - ظ قال أبو عثمان: ورأيت في بعض أجزائي مكتوباً:
طيب الزمان لمن خفت مؤونته ... ولن يطيب لذي الأثقال والمؤن
فاستحسنته وأضفت إليه من قلبي:
هذا يزجي بيسر عمره طرباً ... وذلك ينماث في غم وفي حزن
فاجهد لتزهد في الدنيا وزينتها ... إن الحريص على الدنيا لفي محن
قال: وكنت قلت في باب ولدي أبي نصر عبد الله الخطيب رحمة الله ورضوانه عليه:
غاب وذكراه لم تغب أبداً وكان مثل السوادفي الحدقه
لورده الله بعد غيبته ... وجعلت مالي لشكره صدقة
فلم يرد الله سبحانه رده إلي، وقبض روحه في بعض ثغور أذربيجان متوجهاً إلى بيت
الله الحرام، وزيادة قبر نبيه محمد المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام، فصبرا
لحكمه، ورضاً بقضائه، وتسليماً لأمره، ألا له الخلق والأمر، تبارك الله رب
العالمين، وإلي الله جل جلاله الرغبة في التفضل عليه بالمغفرة والرضوان، والجمع
بيننا وبينه في رياض الجنان بمنه وفضله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: اخبرنا أبو سعد السمعاني قال: حدثنا أبو
الفرج بنا بي الحسن بن يوسف - من لفظه - قال: حدثني أبو عبد الله بن محمد بن أحمد
بن اسحق بن موسى المخزومي بقرية سراك من نواحي نيسابور قال: حدثني أبو محمد الحسن
بن أحمد السمرقندي قال لما عزم شيخ الإسلام أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن
الصابوني على الحج، فابتكر يوماً وقد أسرجت الدواب، وزمت الركاب، وهيئت الأقتاب،
وهو يبكي مودعاً أهله وينشد هذه الأبيات:
ما كنت أعلم ما في البين من جزع ... حتى تنادوا بأن قدجىء بالسفن
قالت تودعني والدمع يغلبها ... كما يميل نسيم الريح بالغصن
وأغرضت
ثم قالت وهي باكية: ... يا ليت معرفتي إياك لم تكن
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو الحسن
عبد الغافر بن إسماعيل بن عبد الغافر قال: ومن ذلك - يعني شعر أبي عثمان - قوله:
99 - و
إذا لم أصب أموالكم ونوالكم ... ولم أملا لمعروف منكم ولا البرا
وكنتم عبيداً للذي أنا عبده ... فمن أجل ماذا أتعب البدن الحرا
أخبرنا أبو يعقوب بن حمود الصوفي بالقاهرة عن أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد
السلفي قال: سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن طاهر بن سعيد بن فضل الله أبي الخير
الميهني الشيخي بثغر جنزة يقول: سمعت أبي يقول: كان جدي الشيخ أبو سعيد فضل الله
بن أبي الخير في آخر عمره يقعد على دكة من خشب، ولم يك يصعدها من علماء نيسابور
إذا رأوه سوى ثلاثة أحدهم إسماعيل الصابوني.
هذا ما ذكره عبد الرحمن، وقال لي عليّ بن عيسى الواعظ النيسابوري المعروف بالعيار
بمرند وكان قد رأى الصابوني - الحكاية، وقال: سوى إسماعيل الصابوني، وأبي محمد
الجويني، وأبي القاسم القشيري.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد بن منصور السمعاني قال: قرأت بخط الغمام والدي رحمة الله: سمعت أبا الحسن
ظريف بن محمد الحيري يقول: دخلت مع والدي على شيخ الإسلام إسماعيل بن عبد الرحمن
الصابوني فقال: كنا ثلاث وستين رجلاً، من أصحاب الحاكم أبي عبد الله الحافظ، وهم
المقدمون من أصحابه الذين كانوا يسمعون منه متى شاءوا من غير نوبة، وغيرهم كان لهم
نوبة فلم يبق من أولئك إلا ثلاثة، يعني نفسه، والشيخ 99 - ظ أبا بكر محمد بن عبد
العزيز الحيري والشيخ أحمد بن الحسين البيهقي.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني إذنا قال: أخبرنا أبو المظفر بن عبد الكريم
القشيري في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين البيهقي الحافظ قال: اخبرنا
إمام المسلمين حقاً، وشيخ الإسلام صدقاً أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني
بحكاية ذكرها.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن أبي البناء بن الحسين الساوي الصوفي بالقاهرة - قراءة
عليه - قال: أنبانا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: سمعت أبا على الحسن بن عبيد
الله بن سعادة الزريقي بسلماس يقول: سمعت أبا عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن
الصابوني - وقت وداعه الناس - : يا أهل سلماس لي ها هنا عندكم اشهر أعظ في كل يوم
ولم اشرع غلا في تفسير آية واحدة وما يتعلق بها، ولو بقيت عندكم تمام سنة لما
تعرضت لغيرها، والحمد لله تعالى.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد الشيرازي قال: أخبرنا عليّ بن الحسن
الحافظ قال: حدثني أبو بكر يحيى بن إبراهيم بن أحمد بن محمد السلماسي الواعظ بدمشق
قال: أخبرنا أبي أبو طاهر بن أبي بكر قال: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن نصر بن كاكا
المرندي الفقيه قال: حدثني أبو الحسن البغدادي قال: كان الشيخ الإمام أبو الطيب
رضي الله عنه إذا حضر محفلاً من محافل التهنئة أو التعزية، أو سائر ما لم يكن يعقد
إلا بحضوره فكان المفتتح به والمختتم، الرئيس بإجماع الموالف والمخالف المقدم، 100
- و أمر بإلقاء مسألة، وكانت المتفقهة لا يسألون غيره في مجلس حضره، فإذا تكلم
عليها ووفى حق الكلام فيها وانتهى إلى آخرها، أمر أبا عثمان فترقل الكرسي، وتكلم
على الناس على طريق التفسير والحقائق، ثم يدعوا ويقوم أبو الطيب فيفرق الناس. قال:
وهو يومئذ في أوائل سنة.
قال ابن كاكا: وحدثني أبو سعد يحيى بن الحسن الهروي الفقيه نزيل نيسابور عن الإمام
أبي عليّ الحسن بن العباس قال: اتفق مشايخنا من أئمة الفريقين وسائر من ينتمي إلى
علم التفسير والتذكير أن أبا عثمان كامل في آلاته مستحق للغمامة بصفاته، لم يترقل
الكرسي في زمانه على ظرفه وبيانه وثقته وصدق لسانه.
قال
ابن كاكا: وحدثني أبو طالب الحراني وكان قد أمضى في خدمة العلم طرفاً صالحاً من
عمره بنيسابور وقرأ على أبي منصور البغدادي وأبي محمد الجويني قال: توسطت مجالس
أعيان الوقت أيام السلطان أبي القاسم رحمة الله، فصادفتهم مجمعين على أن أبا عثمان
إذا نطق بالتفسير قرطس في غرض الإجادة والإصابة، وإذا أخذ في التذكير والرقائق أجابته
القلوب القاسية أحسن الإجابة، وإنه في علم الحديث علم بل عالم، وبسائر العلوم
متحقق عالم.
قال وحدثني الشيخ أبو منصور المقرىء الأسد أباذي وقد جمع في أسفاره بين بلاد
المشرق والمغرب قال: كانوا يعدون بخراسان وأفنية العلم رحاب، ويد العدل تجاب 100 -
ظ والعيش عذب مستطاب، في علوم التفسير رجلين: أبا جعفر فاخر السجستاني، والصابوني
بخراسان لا يثلثهما فاضل ولا يدخل في حسابهما كامل.
قال أبو منصور: فأما اليوم فلا مثل لأبي عثمان في الموضعين.
قال: وحدثني أبو عبد الله الخوارزمي - شيخ تفقه بغداد ووقع إلينا - قال: دخلت نيسابور
عند أجتيازي إلى العراق لطلب العلم فرأيت أبا عثمان مائساً في حلة الشباب ولمته
يومئذ كجناح الغداف أوحنك الغراب، وشيوخ التفسير إذ ذاك متوافرون، كأبي سعد وأبي
القاسم، وهو يعد على تقارب سنه صدراً وجيهاً وشيخنا نبيهاً، له ما شئت من إكرام
وإعظام وإجلال وافضال.
قال: وحدثني أبو شيبة مولى الهرويين قال: وفد أبو عثمان عن السلطان المعظم إلى
الهند فلما صدر منها دخل هراة، وعقد المجلس أياماً وأبو زكريا - يعني - يحيى بن
عمار في قيد الحياة قد انتهت إليه رئاسة الحنابلة في جميع الإقليم، فكان إذا فرغ
من المجلس جاءه ممن جلس عنده وأبو زكريا يظهر السرو بمكانه، ويصرح أنه من حسنات
قرانه.
قال: وحدثني أبو الفضل محمد بن شعيب النديم قال: كان مشايخنا الذين ينظم بقولهم
عقد الإجماع يسلمون لأبي عثمان مقاليد الإمامة في علم التفسير والحديث وما يتعلق
بهما من الفنون أيام السلطان 101 - و المعظم والمراتب متنافس فيها.
قال: وحدثني أبو الوفاء الكرماني - وكان حميد الخليقة، سديد الطريقة، كثير الإقامة
بنيسابور، وقد سمع بها الكثير، وعاشر الصدور - قال: لقيت المسان من الرواة ومن نبغ
من الفقهاء العصريين بعدهم، فذكر من أولئك:الحيري، والطرزي، ومن هؤلاء: العمري
والجويني وغيرهم من الأئمة الذين هم المعتمدون في أصول الفقه وفروعه، المدرسون
لمفترق الشرع ومجموعه، فإذا نطقوا خرست الألسن هيبة وإجلالاً، وإذا أفتوا همت
الكواعب بأن تخر لتقبيل فتاويهم سراعاً عجالاً، أو نازلوا الخصم في المناظرة وقوة
الكلام صاعا بصاع سجالاً فأنزلوا به آجالاً لا أو جالا.
قال: ويجاوبهم إلى من يتحقق بعلم التنزيل أو التأويل ويطلع على خبايا التحقيق
والتحصيل، فكانت آروائهم على أن أبا عثمان منهم عين الإكليل وأنه:
يجلو القلوب بوعظه وكلامه ... كالثلج بالعسل المشوب لسانه
قال: وحدثني الحسين بن إبراهيم، مستملي المالكي، قال: مازلت أسمع بالعراق من
الشيوخ، ثم بديار بكر من القاضي أبي عبد الله المالكي أن الصابوني في الحفظ
والتفسير وغيرهما ممن شهدت له أعيان الرجال بالكمال.
قال: وحدثني محمد بن عبد الله العامري الأسفرائيني الفقيه قال: أدركت آخر أيام
الذين كانوا أئمة الأرض دون خراسان كأبي اسحق، وأبي منصور البغدادي وأبي بكر
القفال 101 - ظ إمام الشفعوية في المشرق، وأبي زكريا يحيى بن عمار المفسر، وكان
الناس يطلقون القول في مجالس النظر المعقودة عندهم أن أبا عثمان لا يدافع في كماله
ولا ينازع في شيء من خصاله.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي الصوفي بالديار المصرية قال:
أنبأنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي الحافظ قال: سمعت أبا نصر أحمد بن سعد بن أبي
صابر الطريثيثي - وكان من شيوخ الصوفية بوراوي من مدن أذربيجان - يقول: كان أبو
إسماعيل عبد الله بن محمد الأنصاري الحافظ بهراة يقول: لم أرَ في أئمة العلم أقل
حسداً من إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني بنيسابور.
قرأت
بخط الحافظ أبي طاهر السلفي في تعليق له: سمعت الموهبي أبا الحسن مكي بن أبي طالب
البروجردي بهمذان يقول: سمعت أبا القاسم عبد الله بن عليّ بن اسحق الطوسي بنيسابور
يقول: كنا نقرأ على إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني جزءاً، فلما بقي منه قدر قريب
قام وتوضأ ورجع وقال: شككت في الضوء فلم أر لي أن أكون شاكاً في وضوئي ويقرأ عليّ
حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا عليّ بن الحسن قال:
أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل الفارسي قال: إسماعيل بن عبد الرحمن بن
أحمد بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عائذ الأستاذ الإمام، شيخ الإسلام أبو
عثمان الصابوني، الخطيب المفسر، المحدث، الواعظ، أوحد وقته في طريقته، وعظ
المسلمين في مجالس التذكير سبعين سنة، وخطب وصلى في الجامع نحواً من عشرين سنة،
وكان أكثر أهل العصر من المشايخ سماعاً وحفظاً ونشراً لمسموعاته، وتصنيفاً وجمعاً،
وتحريضاً عليّ السماع، وإقامة لمجالس الحديث، سمع الحديث بنيسابور، وذكر بعض
شيوخه، بسرخس، وبهراة، وسمع بالشام والحجاز والجمال وغيرها من 102 - و البلاد،
وحدث بخراسان إلى غزنة وبلاد الهند، وبجرجان، وآمل، وطبرستان، والثغور، وبالشام
وبيت المقدس، والحجاز.
وأكثر الناس السماع منه، ورزق العز والجاه في الدين والدنيا، وكان جمالاً للبلد،
زيناً والمجالس، مقبولاً عند الموافق والمخالف، ومجمعاً على أنه عديم النظر، وسيف
السنة ودافع أهل البدعة، وكان أبوه أبو نصر من كبار الواعظين بنيسابور ففتك به
لأجل التعصب والمذهب، وقتل وهذا الإمام صبي بعد، حول تسع سنين، وأقعد بمجلس الوعظ
مقام أبيه، وحضر أئمة الوقت مجالسه، وأخذ الإمام أبو الطيب الصعلوكي في تربيته
وتهيئة أسبابه، وكان يحضر مجالسه ويثني عليه، وكذلك سائر الأئمة كالأستاذ أبي اسحق
الأسفرائيني، والأستاذ الإمام أبي بكر بن فورك، وسائر الأئمة، ويتعجبون من كمال
ذكائه وعقله وحسن إيراده الكلام، وحفظه للأحاديث حتى كبر وبلغ مبلغ الرجال، ولم
يزل يرتفع شأنه حتى صار إلى ما صار إليه وهو في جميع أوقاته مشتغل بكثرة العبادات
ووظائف الطاعات، مبالغ في العفاف والسداد وصيانة النفس، ومعروف بحسن الصلاة وطول
القنوات واستشعار الهيبة حتى كان يضرب به المثل، وكان محترماً للحديث.
قرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن بعض من يوثق بقوله من الصالحين أنه
قال: ما رويت خبراً ولا أثراً في المجلس إلا وعندي إسناده، وما 1 - 2 - ظ دخلت بيت
الكتب قط إلا على الطهارة، وما رويت الحديث ولا عقدت المجلس، ولا قعدت للتدريس قط
إلا على الطهارة.
قال السكري: ورأيت كتاب الأستاذ الإمام أبي اسحق الأسفرائيني إليه كتبه بخطه
وخاطبه بالأستاذ الجليل سيف السنة، وفي كتاب آخر غيط أهل الزيغ.
وحكى الأستاذ أبو القاسم الصيرفي المتكلم أن الإمام أبا بكر بن فورك رجع عن مجلسه
يوماً فقال: تعجبت اليوم من كلام هذا الشاب، تكلم بكلام عذب بالعربية والفارسية.
أخبرنا
زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن في روايته عنه قال: أخبرنا عمي
أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: إسماعيل بن عبد الرحمن بن أحمد
بن إسماعيل بن إبراهيم بن عامر بن عائذ، أبو عثمان الصابوني النيسابوري الحافظ
الواعظ، قدم دمشق حاجاً سنة اثنتين وثلاثين وأربعمائة، وحدث بها، وعقد مجلس
التذكير، وروى عن أبي طاهر بن خزيمة، وأبي عليّ زاهر بن أحمد السرخسي الفقيه، وأبي
سعيد بن عبد الله بن محمد بن عبد الوهاب الرازي وأبي العباس بن محمد بن اسحق
البالوي، وأبي محمد الحسن بن أحمد المخلدي، وأبي الحسين أحمد بن محمد الخفاف، وأبي
سعيد محمد بن الحسين بن موسى السمسار، وأبي بكر محمد بن عبد الله الجوزقي، وأبي
بكر أحمد بن الحسين بن مهران المقرىء، وأبي معاذ الشاه بن أحمد الهروي، وأبي نعيم
عبد الملك بن الحسن الأزهري، وأبي محمد عبد الله بن أحمد بن الرومي، وأبي الحسن
محمد بن عليّ بن سهل الماسرجسي 103 - و والسيد أبي الحسن محمد بن الحسين بن داود
الحسني، وأبي عبد الرحمن بن إبراهيم المزكي، وأبي منصور محمد بن عبد الله بن جمشاد
الواعظ، والحاكم أبي عبد الله الحافظ، وأبي عبد الرحمن السلمي، وأبي محمد بن أبي
شريح، وخلق سواهم.
وروى عنه من أهل دمشق أبو الحسن: عليّ بن محمد شجاع الربعي، وعلي ابن الخضر
السلمي، وعبد العزيز الكتاني، وأبو القاسم بن أبي العلاء، وأبو العباس بن قبيس
ومحمد بن عليّ بن أحمد بن المبارك الفراء، وأبو الحسن عليّ بن الحسين بن صصرى،
ونجا بن أحمد العطار، وعبد الله بن عبد الرزاق بن فضيل الدمشقيون، ومن غيرهم: أبو
الحسن عليّ بن عبد الله النيسابوري الواعظ نزيل أصبهان، وأبو عليّ نصر الله بن
أحمد بن عثمان الخشنامي النيسابوري، وأبو عليّ الحسين بن أحمد بن عبد الواحد
الصوري وجماعة كثيرة من أهل نيسابور وغيرهم.
وحدثنا عنه: أبو عبد الله الفراوي.
قال الحافظ أبو القاسم أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قراءتي قال: حدثني الحسن بن
سعيد العطار قال: سمعت من أبي عثمان الصابوني جميع كتاب الموطأ رواية أبي مصعب عن
مالك، ثم ورد كتابه إلى دمشق يذكر فيه أن بعضه ليس بسماع له من شيخه، فذكره ذلك
للشيخ الحافظ أبي محمد عبد العزيز بن أحمد فقال: إليّ ورد كتابه من نيسابور يذكر
فيه أن كتاب القراض والفرائض من الموطأ غير مسموعين له، ووعدني بإخراج الكتاب،
وذكر لي بعد ذلك أنه لا يعلم أين تركه، ولم يزجي الأمر رحمه الله إلى أن توفي 103
- ظ.
قال: وحدثني الشيخ الفقيه الثقة أبو العباس أحمد بن منصور بن محمد الغساني قال:
أراني أبو محمد عبد العزيز الكتاني الصوفي في نصف جمادى الأولى من سنة تسع وثلاثين
وأربعمائة كتاب الإمام أبي عثمان الصابوني إليه يذكر فيه أن كتاب القراض والفرائض
من الموطأ رواية أبي مصعب الزهري غي مسموعين له ولا لشيخه زاهر بن أحمد، وبقية
الموطأ سماعه من زاهر، فليعلم الجماعة بذلك ليعلموه ولا يرووا عنه من الموطأ هذين
الكتابين، فإنهما غير مسموعين له ولا لشيخه زاهر.
قال الحافظ أبو القاسم: أنشدنا أبو جعفر: محمد بن الحسين بن أبي القاسم ابن الحسين
الجالوسي، ومحمد بن الخليل بن أبي بكر أبي جعفر السلال الطبريان بمرو وقالا:
أنشدنا أبو عليّ نصر الله بن أحمد بن عثمان الخشنامي إملاءً قال: أنشدني والدي
لنفسه من قصيدة أنشأها في مدح شيخ الإسلام ويهنيه بالقدوم من الحج.
من أبر شهر الآن إذ هبت بها ... ريح السعادة بكرة وأصيلا
بقدوم من أضحى فريد زمانه ... أعني أبا عثمان إسماعيلا
فعدلاً وعقلاً واشتهار صيانةٍ ... وعلو شانٍ في الورى وقبولا
من شاء أن يلقى الكمال بأسره ... خدم احتسابا ربعه المأهولا
لا زال ركناً للمفاخر والعلى ... ما لاح نجمٌ للسراة دليلا
وقال
الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو نصر إبراهيم بن الفضل بن إبراهيم البار قال: أخبرنا
104 - و أبو عبد الله الحسين بن محمد الكتبي الحاكم بهراة قال: سنة تسع وأربعين
وأربعمائة وورد الخبر بوفاة الإمام شيخ الإسلام إسماعيل الصابوني بنيسابور في
المحرم، وكان مولده في سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وكان أول مجلس عقده بنيسابور
بعد قتل والده أبي نصر في سنة اثنتين وثمانين وثلاثمائة، وسمعته يقول: هراة
وسجستان مجمع الأسرة، وبوشنج مقطع السرة، ونيسابور موضع النصرة.
وذكر غير الكتبي أن مولده ببوشنج ليلة الاثنين للنصف من جمادى الآخرة. قال الحافظ
أبو القاسم: أنبأنا أبو الحسن الفارسي قال: حكى الأثبات والثقات أنه كان يعقد
المجلس، وكان يعظ الناس ويبالغ فيه إذ دفع إليه كتاب ورد من بخارى، يشتمل على ذكر
وباء عظيم وقع بها، واستدعى فيه أغنياء المسلمين بالدعاء على رؤوس الملأ في كشف
ذلك البلاء عنهم ووصف فيه أن واحداً تقدم إلى خباز يشتري الخبز فدفع الدراهم إلى
صاحب الحانوت، فكان يزنها والخباز يخبز والمشتري واقف، فمات الثلاثة في الحال،
وأشتد الأمر على عامة الناس، قلما قرأ الكتاب هاله ذلك، وأستقرأ من القارئ قوله
تعالى: " أفأ من الذين مكروا السيئات أن يخسف الله بهم الأرض "
ونظائرها، وبالغ في التخويف والتحذير، وأثر ذلك فيه، وتغير في الحال، وغلبه وجع
البطن من ساعته وأنزل من المنبر وكان يصيح من الوجع، وحمل إلى الحمام إلى قريب من
غروب الشمس، فكان يتقلب ظهراً 1.4 - ظ لبطن ويصيح ويأن فلم يسكن مابه، فحمل إلى
بيته وبقي فيه سبعة أيام لم ينفعه علاج، فلما كان يوم الخميس سابع مرضه ظهرت آثار
سكره الموت فودع أولاده، وأوصاهم بالخير، ونهاهمك عن لطم الخد وشق الجيوب
والنياحة، ورفع الصوت بالبكاء، ثم دعا بالمقرئ أبي عبد الله خاصته حتى قرأ سورة يس
وتغير حاله، وطاب وقته، وكان يعالج سكرات الموت إلى أن قرأ إسناد ما روي أن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " من كان أخر كلامه لا إله إلا الله دخل الجنة
" ثم توفي رحمه الله من ساعته عصر يوم الخميس، وحملت جنازته من الغد عصر يوم
الجمعة - إلى ميادين الحسين - الرابع من المحرم سنة تسع وأربعين وأربعمائة، وأجتمع
من الخلائق ما الله أعلم بعددهم، وصلى عليه ابنه أبو بكر ثم أخوه أبو يعلى، ثم نقل
إلى مشهد أبيه في سكة حرب، وكان مولدة سنة ثلاث وسبعين وثلاثمائة، وكان وقد وفاته
طاعنا في سبع وسبعين.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن
أحمد الكتاني قال: أخبرنا القاضي أبو عليّ الحسن بن أبي طاهر الحنبلي قال: توفي
الأستاذ أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه الله في سنة خمسين
وأربعمائة.
قال عبد العزيز: وكان شيخاً ما رأيت في معناه زهداً وعلماً، كان يحفظ من 105 - و
كل فن، لا يقعد به شيء، وكان يحفظ القرآن وتفسير من كتب كثيرة، وكان من حفاظ
الحديث واكن مقدماً في الوعظ والأدب وغير ذلك من العلوم.
قال ابن الأكفاني: ثم حدثني أبو الفتيان عمر بن عبد الكريم الذهشتاني، قدم علينا -
قال: حضرت وفاة أبي عثمان بنيسابور لأربع ليالٍٍ مضت من المحرم سنة تسع وأربعين
وأربعمائة، وصلى عليه ابنه أبو بكر.
قال الحافظ أبو القاسم: وهذا هو الصحيح في وفاته، وقال: سمعت أحمد معمر بن عبد
الواحد بن رجاء بن الفاخر بجر باذقان، قال: سمعت أبا محمد عبد الرشيد بن ناصر
الواعظ ببطحاء مكة من لفظه قال: سمعت إسماعيل بن عبد الغافر بن الفارسي بنيسابور
قال: سمعت الإمام أبا المعالي الجويني قال: كنت بمكة أتردد في المذاهب، فرأيت
النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: علك باعتقاد ابن الصابوني.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو الحسن عبد الغافر بن إسماعيل قال: ومن أحسن ما
قيل فيه ما كتبت بهراة للإمام أبي الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي البوشنجي:
أودى الإمام الحبر إسماعيل ... لهفي عليه فليس منه بديل
بكت السما والأرض يوم وفاته ... وبكى عليه الوحي والتنزيل
والشمس والقمر المنير تناوحا حزناًعليه وللنجوم عويل 105 ظ
والأرض خاشعة تبكي شجوها ... ويلي تولول اين إسماعيل
أين
الإمام الفرد في آدابه ... ما إن له في العالمين عديل
لا تخد عنك منى الحياة فإنها ... تلهي وتنسي والمنى تضليل
وتأهبن للموت قبل نزوله ... فالموت حتم والبقاء قليل
قال عبد الغافر: وحكى بعض الصالحين أنه رأى أبا بكربن أبي نصر المفسر المقبري
الحنفي جالساً على كرسي وبيده جزء يقرأه، فسأله عما فيه فقال: إذا احتاج الملائكة
إلى الحج وزيارة بيت الله العتيق جاءوا إلى زيارة قبر إسماعيل الصابوني.
قال عبد الغافر: وقرأت من خط الفقيه أبي سعد السكري أنه حكى عن السيد أبي إبراهيم
بن أبي الحسن بن ظفر الحسيني أنه قال: رأيت في النوم السيد النقيب أبا القاسم زيد
بن الحسن بن محمد بن الحسين رحمه الله وبين يديه طبق من الجواهر ما شاء الله،
فسألته فقال: أتحفت بهذا مما نشر على روح إسماعيل الصابوني.
قال: وحكى المقري محمد بن عبد الحميد الأبيوردي، الرجل الصالح، عن الإمام فخر
الإسلام أبي المعالي الجويني أنه رأى في المنام كأنه قيل له: عد عقائد أهل الحق،
قال: فكنت أذكرها سمعت نداء، كان مفهومي منه أني أسمعه من الحق تبارك وتعالى يقول
" ألم تقل إن ابن الصابوني رجل مسلم " ؟! قال: وقرأت 106 - و أيضاً من
خط السكري حكاية رؤيا رآها الشيخ أبو العباس الشقاني، رأى الحق سبحانه، وأنه قال:
وأما ابن ذلك المظلوم فإن له عندنا قربى ونعمى وزلفى في منام طويل.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بحماة قال:
أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الأصبهاني قال: قال لي
الأمين أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد بن الأكفاني المعدل بدمشق: هذه نسخة
وصية الأستاذ الإمام شيخ الإسلام أبي عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني رحمه
الله عليه ورضوانه وقعت إلي من جهة أعتمد عليها.
قال
الحافظ أبو طاهر: وقد أجاز إسماعيل لنسيبي أبي الطيب الطهراني، وهو قد أجاز لي قبل
رحلتي ودخولي إلى دمشق واجتماعي بابن الأكفاني، وآخرون سوى نسيبي رحمهم الله قال:
هذا ما أوصى به إسماعيل بن عبد الرحمن بن إسماعيل أبو عثمان الصابوني الواعظ غير
المتعظ، الموقظ غير المستيقظ، الآمر غير المؤتمر، الزاجر غير المتزجر، المعلم،
المعرف، المنذر، المخوف، المخلط، المفرط، المسرف، المقترف للسيئات، المعترف،
الواثق مع ذلك برحمه الله سبحانه، الراجي لمغفرته، المحب لرسوله صلى الله عليه
وسلم تسليماً وشيعته، الداعي للناس إلى التمسك بسنته وشريعته، أوصى وهو يشهد أن لا
إله إلا الله وحد ه لا شريك له، إلهاً 106 - ظ واحداً أحداً فرداً صمداً لم يتخذ
صاحبة ولا ولداً، ولم يشرك في حكمه أحداً، الأول الآخر، الظاهر، الباطن، الحي
القيوم، الباقي بعد فناء خلقه، المطلع على عباده، العالم بخفيات العيوب. الخبير
بضمائر القلوب، المبدي، المعيد، " الغفور، الودود. ذو العرش المجيد " ،
الفعال لما يريد " ليس كمثله شيء وهو السميع البصير " ، هو مولانا
" فنعم المولى ونعم النصير " يشهد بذلك كله مع الشاهدين، مقراً بلسانه
عن صحة وأعتقاد وصدق يقين، ويتحملها عن المنكرين الجاحدين، وبعدها ليوم الدين،
" لا ينفع مال ولا بنون، إلا من أتى الله بقلب سليم " ، يوم لا يغني
مولى عن مولى شيئاً ولا هم ينصرون، إلا من رحم الله أنه هو العزيز الرحيم، ويشهد
أن محمداً عبده ورسوله، أرسله " بالهدى ودين الحق ليظهره على الدين كله ولو
كره المشركون " ، ويشهد أن الجنة وجملة ما أعد الله تبارك وتعالى فيها
لأوليائه حق، ويسأل مولاه الكريم جل جلاله أن يجعلها مأواه ومثواه، فضلاً منه
وكرماً، ويشهد أن النار، وما أعده الله فيها لأعدائه حق، ويسأل مولاه الكريم أن
يجيره منها ويزحزحه عنها، ويجعله من الفائزين الذين قال الله عز وجل: " فمن
زحزه عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور " ،
ويشهد أن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا شريك له وبذلك أمر، وهو من
المسلمين والحمد لله رب العالمين، وأنه رضي بالله رباً وبالإسلام دينا، وبمحمد
نبياً، وبالقرآن إماماً، على ذلك يحيا 1 - 7 - و وعليه يموت إن شاء الله عز وجل،
ويشهد أن الملائكة حق، والنبيين حق، " وأن الساعة آتية لا ريب فيها وأن الله
يبعث من في القبور " ، ويشهد أن الله سبحانه وتعالى قدر الخير وأمر به ورضيه
وأحبه، وأراد كونه من فاعله، ووعد حسن الثواب على فعله، وقدر الشر وزجر عنه ولم
يرضه، ولم يحبه وأراد كونه من مرتكبه غير راضٍ به ولا محب له تعالى ربنا عما يقول
الظالمون علوا كبير، وتقدس عن أن يأمر بالمعصية أو يحبها أو يرضاها، وجل أن يقدر
العبد على فعل شيء لم يقدره عليه، أو يحدث من العبد ما لا يريده ولا يشاؤه، ويشهد
أن القرآن كتاب الله وكلامه، ووحيه وتنزيله، غير مخلوق، وهو الذي في المصاحف
مكتوب، والألسنة مقروء، وفي الصدور محفوظ، وبالآذان مسموع، قال الله تعالى: "
وإن أحد من المشركين استجارك فأجره حتى يسمع كلام الله " وقال: " إن
الذين يتلون كتاب الله " وقال: " إن هو إلا ذكر وقرآن مبين " ،
ويشهد أن الإيمان تصديق بالقلب بما أمر الله أن يصدق به، وإقرار باللسان بما أمر
الله أن يقر به، وعمل بالجوارح بما أمر الله أن يعمل به، وانزجار عما زجر عنه، من
كسب قلب، وقول لسان، وعمل جوارح وأركان، ويشهد أن الله سبحانه وتعالى مستوٍ على عرشه
استواء غلبة كما بينه في كتابه في قوله تعالى: إن ربكم " الذي خلق السموات
وما بينهما في ستة أيام ثم استوى على العرش الرحمن فاسأل به خبيرا " في آيات
أُخر، والرسول صلوات الله عليه وسلم تسليماً ذكر فيمل نقل 107 - ظ عنه من غير أن
يكيف استواءه عليه، أو يجعل لفعله وفهمه أو وهمه سبيلاً إلى إثبات كيفية، إذ
الكيفية عن صفات ربنا منفية.
قال إمام المسلمين في عصره أبو عبد الله مالك بن أنس رضي الله عنه في جواب من سأله
عن كيفية الاستواء: الاستواء معلوم، والكيف مجهول، والإيمان به واجب، والسؤال عنه
بدعة، وأظنك زنديقاً، أخرجوه من المسجد.
ويشهد
أن الله سبحانه وتعالى موصوف بصفاته العلى التي وصف نفسه بها في كتابه، وعلى لسان
نبيه صلى الله عليه وسلم تسليماً كثيراً، ولا ينفي شيئاً منها، ولا يعتقد شبهاً
لها بصفات خلقه بل يقول: إن صفاته لا تشبه صفات المربوبين، كما لا تشبه ذاته ذوات
المحدثين، تعالى الله عما تقول المعطلة والمشبهة علواً كبيرا، ونسلك في الآيات
التي وردت في ذكر صفات الباري جل جلاله، والأخبار التي صحت عن رسول الله صلى الله
عليه وسلم في بابها، كآيات مجيء الرب يوم القيامة، وإتيان الله في ظل من الغمام،
وخلق آدم بيده، واستوائه على عرشه، وكأخبار نزوله كل ليلة إلى السماء الدنيا،
والضحك والنجوى، ووضع الكنف على من يناجيه يوم القيامة وغيرها مسلك السلف
الصالحين، وأئمة الدين من قبولها وروايتها على وجهها بعد صحة سندها، وإبرازها على
ظاهرها والتصديق بها، والتسليم لها، واتقاء اعتقاد التكييف والتشبيه فيها، واجتناب
ما يودي إلى القول بردها، وترك قبولها أو تحريفها بتأويل مستنكر مستكره، ولم ينزل
الله به سلطاناً، ولم يجر به للصحابة والتابعين والسلف الصالحين لساناً 108 - و
وينهي في الجملة عن الخوض في الكلام والتعمق فيه، والاشتغال بما كره السلف رحمهم الله
الاشتغال به ونهوا وزجروا عنه، فان الجدال فيه والتعمق في دقائقه والتخبط في
ظلماته كل ذلك يفسد القلب، ويسقط منه هيبة الرب جل جلاله، ويوقع الشبه الكثيرة
فيه، ويسلب البركة في الحال، ويهدي إلى الباطل والمحال والخصومة في الدين والجدال،
وكثرة القيل والقال في الرب ذي الجلال الكبير المتعال، سبحانه وتعالى عما يقول
الظالمون علوا كبيرا، والحمد لله على ما هدانا من دينه وسنة نبيه صلوات الله عليه
حمداً كثيرا، ويشهد أن القيامة حق، وكل ما ورد به الكتاب أو الأخبار الصحاح من
أشراطها وأهوالها ما وعدنا وأوعدنا به فيها حق نؤمن به، ويصدق الله سبحانه ورسوله
صلى الله عليه وسلم فيما أخبر عنه كالحوض، والميزان، والصراط، وقراءة الكتب،
والحساب، والسؤال والعرض، والوقوف، والصدر عن الحشر إلى جنة أو نار مع الشفاعة
الموعودة لأهل التوحيد، وغير ذلك مما هو مبين في الكتاب، ومدون في الكتب الجامعة
لصحاح الأخبار، ويشهد بذلك كله في الشاهدين، ويستعين بالله تبارك وتعالى في الثبات
على الشهادات إلى الممات حتى يتوفى عليها في جملة المسلمين المؤمنين الموقنين
الموحدين، ويشهد أن الله تعالى يمن على أوليائه بوجوه " ناصرة. إلى ربها
ناظرة " ، ويرونه عياناً في دار البقاء، لا يضارون في رؤيته ولا يمارون ولا
يضامون.
ويسأل الله تبارك وتعالى أن يجعل وجهه من تلك الوجوه. ويقيه كل بلاء وسوء 108
ومكروه، ويلقيه كل ما يأمله من فضله ويرجوه بيمنه، ويشهد أن خير الناس بعد رسول
الله صلى الله عليه وسلم أبو بكر الصديق، ثم عمر الفاروق، ثم عثمان بن عفان، ثم
عليّ بن أبي طالب رضوان الله عليهم أجمعين، ويترجم على جميع الصحابة ويتولاهم
ويستغفر لهم، وكذلك ذريته وأزواجه أمهات المؤمنين، ويسأل الله تبارك وتعالى أن
يجعله معهم، ويرجو أن يفعله به فإنه قد صح عنده من طرق شتى أن رسول الله صلى الله
عليه وسلم قال: " المرء مع من أحب " .
ويوصي إلى كل من يخلفه من ولد، وأخ، وأهل، وقريب، وصديق، وجميع من يقبل وصيته من
المسلمين عامة أن يشهدوا بجميع ما شهد به، وأن يتقوا الله حق تقاته ولا يموتوا إلا
وهم مسلمون " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " .
ويوصيهم بصلاح ذات البين، وصلة الأرحام، والإحسان إلى الجيران والأقارب والإخوان،
ومعرفة حق الأكابر، والرجمة على الأصاغر، وينهاهم عن التدابر والتباغض والتقاطع
والتحاسد ويأمرهم أن يكونوا إخوانا، وعلى الخيرات أعوانا وأن يعتصموا " بحبل
الله جميعا " ولا يتفرقوا، ويتبعوا الكتاب والسنة وما كان عليه علماء الأمة
وأئمة الملة، كمالك بن أنس، والشافعي، وسفيان الثوري وسفيان بن عيينة، وأحمد بن
حنبل، وإسحق بن إبراهيم، ويحيى بن يحيى، وغيرهم من أئمة السلمين وعلماء الدين رضي
الله عنهم أجمعين، وجمع بيننا وبينهم في ظل طوبى ومستراح العابدين.
أوصى
بهذا كله إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني إلى أولاده وأهله وأصحابه ومختلفة مجالسه
وأوصى أنه إذا نزلت به المنية التي لا شك أنها نازلة، والله يسأل خير ذلك اليوم
الذي تنزل 109 - و المنية به فيه، وخير تلك الليلة التي تنزل به فيها، وخير تلك
الساعة وخير ما قبلها وخير ما بعدها - أن يلبس لباساً حسناً طيباً، طاهراً نقياً،
وتوضع على رأسه العمامة التي كان يشدها في حال الحياة وضعاً على الهيئة التي كان
يضعها على رأسه أيام حياته، ويوضع الرداء على عاتقيه ويضجع مستلقياً على قفاه
موجهاً للقبلة، ويجلس أولاده عند رأسه، ويضعوا المصاحف على حجورهم، ويقرأوا القرآن
جهرا، وحرج عليهم أن يمكنوا امرأة لا قرابة بينه وبينها ولا نسب ولا سبب من طريق
الزوجية تقرب من مضجعه في تلك الساعة، أو تدخل بيتاً يكون فيه، وكذلك يحرج عليهم
أن يأذنوا لأحد من الرجال في الدخول عليه في تلك الساعة، بل يأمرون الأخ والأختان
وغيرهم أن يجلسوا في المدرسة، ولا يدخلوا الدار، ويساعدوا الأصحاب في قراءة
القرآن، وإمداده بالدعاء، فلعل الله سبحانه وتعالى أن يهون عليه سكرات الموت،
ويسهل له اقتحام عقبة الموت على الإسلام والسنة في سلامة وعافية.
وأوصى إذا قضى نحبه وأجاب ربه، وفارقت روحه جسده أن يشد ذقنه، وتغمض عينه، وتمد
أعضاده، ويسجى بثوب، ولا يكشف عن وجهه لينظر إليه إلى أن يأتيه غاسله فيحمله إلى
مغسله جعل الله ذلك الحمل مباركاً عليه، ونظر بعين الرحمة إليه، وغفر ما قدمه من
الأعمال السيئة بين يديه.
وأوصى أن لا يُناح عليه، وأن يمنع أولياؤه وأقرباؤه وأحباؤه وجميع الناس من الرجال
والنساء أنفسهم عن السلق 109 - ظ والحلق، والتخريق للثياب والتمزيق، وأن لا يبكوا
عليه إلا بكاء حزن قلب ودموع عين لا يقدرون على ردها ودفعها، فأما دعاء بويل ورن
شيطان، وخمش وجوه ولطمها، وحلق شعر ونتفه، وتخريق ثوب وتمزيقه وفتقه فلا، وهو بريء
ممن فعل شيئاً - ذلك كما توفي النبي صلى الله عليه وسلم - منهم.
وأوصى أن يعجل تجهيزه وغسله وتكفينه وحمله إلى حفرته، ولا يحبس ولا يُبطأ به، وإن
مات ضحوة النهار، أو وقت الزوال، أو بكرة، فإنه لا يؤخر تجهيزه إلى الغد، ولا يترك
ميتاً بين أهله بالليل أصلاً، بل يجعل أمره قينقل إلى حفرته نقلا بعد أن يغسل
وترا، ويجعل في آخر غسله من غسلاته كافور، ويلف قي ثلاثة أثواب بيض سحولية إن
وجدت، فإن لم توجد سحولية كفن في ثلاثة أثواب بيض ليس فيها قميص ولا عمامة، ويجمر
كفنه وتراً لا شفعاً قبل أن يلف عليه، ويسرع بالسير بجنازته، كما أمر الرسول صلى
الله عليه وسلم، ويُحمل للصلاة عليه إلى ميدان الحسين ويصلي عليه ولده أبو نصر إن
كان حاضراً، فإن عجز عن القيام بالصلاة عليه فأمر الصلاة عليه إلى أخيه أبي يعلى،
يرد إلى المدرسة فيدفن فيها بين يدي والده الشهيد رضي الله عنه، ويلحد له لحداً،
وينصب عليه اللبن نصباً، ولا يشق له شقاً، ولا يتخذ له تابوت أصلاً، ولا يوضع في
التابوت للحمل إلى المصلى، وليوضع على الجنازة، ملفوفاً في الكفن مسجىً بثوب أبيض
ليس فيه ابريسم بحال، ولا يطين قبره ولا يجصص، ويرش عليه الماء، وتوضع عليه الحصا،
ويمكث عند قبره مقدار ما ينحر جزور ويقسم لحمه حتى يعلم ما يراجع 110 - و به رسل
ربه جل جلاله، ويُسأل الله تعالى على رأس قبره التثبيت الموعود لجملة المؤمنين في
قوله تعالى " يثبن الله الذين آمنوا بالقول الثابت في الحياة الدنيا وفي الآخرة
" ويستغفر له ولوالديهن ولجميع المؤمنين والمؤمنات، والمسلمين والمسلمات، ولا
ينسى بل يذكر بالدعاء، فإن المؤمن إذا قبض كان كالغريق المتغوث ينتظر دعوة صالحة
تلحقه، ولا يمكن أحد من الجواري والنسوان أن يكشفن عن رؤوسهن، وأن يندبه في ذلك
الوقت، بل يشتغل الكل بالدعاء والاستغفار لعل الله سبحانه وتعالى يهون عليه الأمر
في ذلك الوقت، وييسر خروج منكر ونكير من قبره على الرضا منه، وينصرفان عنه وقد
قالا له: نم نومة العروس ولا روعة عليك، ويفتحان في قبره بابا من الجنة "
فضلاً من الله " ومنَّة فيفوز " فوزاً عظيماً " ، ويجوز ثواباً
كريماً، ويلقى روحاً وريحاناً، ورباً كريماً رحيما.
آخر الجزء الثمانين، ويتلوه في أول الجزء الحادي والثمانين إسماعيل بن عبد المجيد
بن إسماعيل بن محمد، أبو سعيد القيسي.
الحمد
لله رب العالمين، وصلى الله على سيدنا محمد نبيه المصطفى، وعلى آله الطاهرين، وصحبه
الأكرمين وسلم. 110 - ظ.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
إسماعيل بن عبد المجيد بن إسماعيل بن محمد: أبو سعيد القيسي، درس الفقه بمدينة
سيواس من بلد الروم، واجتاز بحلب في دخوله إلى الروم، أو ببعض عملها من الثغور،
وكان فقيهاً فاضلاً، أخذ الفقه عن أبيه عبد المجيد.
إسماعيل بن عبيد الله بن أفرم: أبي المهاجر، أبو عبد الحميد، مولاهم، غزا الصائفة
غير مرة، ومر بحلب، واستعمله عمر بن عبد العزيز على إفريقية من بلاد المغرب، وأدرك
معاوية بن أبي سفيان، وكان يؤدب أولاد عبد الملك بن مروان، وحدث عن أنس بن مالك،
وفضالة ابن عبيد الله، وعبد الله بن عمرو بن العاص، والسائب بن يزيد، والحارث بن
الحارث الغامدي، وعبد الرحمن بن غنم، وعطية بن عروة السعدي، وقبيصة بن ذؤيب، وعلي
بن عبد الله بن عباس، وأبي عبد الله الأشعري، وخالد بن عبد الله بن حسين وعبد
الملك بن مروان، وقيس بن الحارث الكندي، وعطاء بن يزيد الليثي، وأم الدرداء
الصغرى، وكريمة بنت الحسحاس، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم وميسرة مولى
فضالة.
روى عنه أبو عمر وعبد الرحمن بن عمرو الأوزاعي، وعبد الرحمن بن يزيد ابن جابر،
وابنه عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله، وسعيد بن عبد العزيز، وربيعة ابن يزيد
الدمشقي، والهيثم بن عمران العبسي، ومحمد بن 112 - و مهاجر. ومحمد بن الحجاج
القرشي، وأبو محمد عيسى بن موسى القرشي، ومنصور بن رجاء، وعبد الله بن عبد الرحمن
بن يزيد بن جابر، وعمرو بن واقد، وعبد ربه بن ميمون الأشعري، وعبد الرزاق بن عمر
الثقفي، ومدرك بنابي سعد الفزاري، وكلثوم بن زياد المحاربي، وأبو المقدام رجاء بن
أبي سلمة، ومحمد بن سعيد المصلوب، ومنصور بن رجاء.
أخبرنا أبو عليّ حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي الصوفي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو
طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي قال: أخبرنا أبو الفتح أحمد بن عبد
الله بن أحمد السوذرجاني قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله ابن أحمد قال:
حدثنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا يحيى بن عبد العزيز بن إسماعيل بن عبيد الله
بن أبي المهاجر قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز عن إسماعيل
بن عبيد الله قال: قال لي عبد الملك: يا إسماعيل أدب ولدي فإني معطيك، قلت: وكيف
بذلك يا أمير المؤمنين وقد حدثتني أم الدرداء عن أبي الدرداء أن رسول الله صلى
الله عليه وسلم قال: " من يأخذ على تعليم القرآن قوساً قده الله قوساً من نار
" .
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل - إذناً، واجتمعت به في دارنا بحلب في مجلس والدي -
قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني.
قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد الأكفاني تمام بن محمد قال:
أخبرنا عبد الله بن 112 - ظ عبد العزيز التنوخي عن إسماعيل ابن عبيد الله - وكان
ثبتاً - عمن حدثه عن عقبة بن عامر الجهني قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم:
" من ستر فاحشة فكأنما أحيا موؤدة " .
قال جابر بن عبد الله: و " أنا سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال تمام: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر بن بن هشام قال: حدثنا أبو زرعة قال:
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن عليّ
بن القاسم قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله
بن أبي الحديد قال: أخبرنا محمد بن عمير قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في
الطبقة الرابعة إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر المخزومي ولاه عمر بن عبد
العزيز افريقية، وقال ابنه عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن أبي المهاجر: هو مولى
الأرقم بن الأرقم، دمشقي ولده بها، مخزومي.
أنبأنا
أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو
البركات الأنماطي، وأبو العز ثابت بن منصور بن المبارك قالا: أخبرنا أبو طاهر أحمد
بن الحسين - زاد الأنماطي: وأبو الفضل بن خيرون - قالا: أخبرنا محمد بن الحسين بن
أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن 113 - و اسحق قال: أخبرنا
أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في الطبقة الثالثة من أهل
الشامات: إسماعيل بن عبيد الله بن مهاجر، مولى لقريش، دمشقي.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله البغدادي عن أبي الفضل محمد بن ناصر السلامي قال:
أخبرنا أبو الفضل بن خيرون والمبارك بن عبد الجبار، ومحمد بن عليّ النرسي - أبو
الغنائم واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو
الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال:
أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: إسماعيل بن عبيد الله ابن أبي المهاجر الشامي
مولى بني مخزوم، سمع السائب بن يزيد، وأم الدرداء؛ سمع منه سعيد بن عبد العزيز.
قال ضمرة عن رجاء بن أبي سلمة عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي: قال له رجاء بن
حيوة: يا أبا عبد الحميد.
قال ابن ناصر: أنبأنا أبو الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو ناصر الوائلي قال:
أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أحمد بن شعيب قال: قال أبي
عبد الرحمن النسائي: أبو عبد الحميد إسماعيل بن عبيد الله.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بنابي محمد قال:
أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا أبو
سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم ان الحجاج يقول: أبو عبد
الحميد إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، سمع السائب بن يزيد، وأم الدرداء؛
روى عنه سعيد بن عبد العزيز.
قال: أبو القاسم: أخبرنا أبو 113 - ظ محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد
الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال:
حدثنا أبو زرعة قال: حدثني هشام عن الهيثم بن عمران عن الأوزاعي قال: قدم علينا
إسماعيل بن عبيد الله بيروت مرابطاً زمن مروان، قال: فقال لي: لعلك منهم؟ يعني
قدرياً، قلت: لا أبا عبد الحميد.
قال أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمد، ح.
قال: أخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا أبو
محمد بن أبي حاتم قال: إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، مولى بني مخزوم، روى
عن السائب بن يزيد، وأم الدرداء، روى عنه الأوزاعي، وسعيد ابن عبد العزيز، وعبد
الرحمن بن يزيد بن جابر.
سمعت أبي وأبا زرعة يقولان ذلك؛ زاد أبو زرعة: واسم أبي المهاجر أقرم، يعد في
الدمشقيين؛ زاد أبي: وكان مؤدباً لعبد الملك بن مروان، وكان عمر بن عبد العزيز
استعمله على افريقية، روى عن عبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك، والحارث
الغامدي، وعطية السعدي، وأدرك معاوية.
قال أبو محمد: روى عن عليّ بن عبد الله بن عباس، روى عنه ربيعة بن يزيد الدمشقي.
قال أبو محمد: حدثنا أبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل قال: حدثنا
أيوب بن تميم القارىء عن الأوزاعي أنه كان إذا حدث عن إسماعيل بن عبيد الله قال:
وكان مأمونا على ما حدث.
قال أبو محمد: وحدثنا أبي حاتم قال: حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل قال:
حدثنا أبو مسلمة قال: كان سعيد بن عبد العزيز 114 - و وإذا حدث عن إسماعيل بن عبيد
الله قال: وكان ثقة صدوقاً.
وقال أبو القاسم بن أبي محمد: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن
أبي تمام على بن محمد بن الحسن عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن
القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال:
حدثنا الهيثم بن عمران بن عبد الله بن جرول قال: رأيت إسماعيل بن عبيد الله بن أبي
المهاجر المخزومي، وكان من صالحي المسلمين يخضب رأسه ولحيته.
وقال
أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو منصور محمد ابن عبد
العزيز قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: سمعت الدارقطني يقول: إسماعيل هذا ثقة.
قال أبو القاسم: أنبأنا أبو عليّ الحداد عن أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد ابن عمر
بن يزيد الصفار قال: حدثنا جدي أبو بكر عبد الله بن أحمد بن القاسم، ح.
قال: وأنبأنا أبو منصور محمد بن إسماعيل الصيرفي عن أبي بكر محمد بن عبد الله بن
أحمد بن شادان الأعرج قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن محمد المقرىء قالا:
أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الحسن بن متويه قال: حدثنا محمد بن يعقوب بن حبيب قال:
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل قال: حدثنا الوليد ابن مسلم قال: حدثنا سعيد
بن عبد العزيز قال: أشرفت أم الدرداء على مادي جهنم ومعها إسماعيل بن عبيد الله
فقالت: يا إسماعيل إقرأ، فقرأ: " أفحسبتم إنما خلقناكم عبثاً وأنكم إلينا لا
ترجعون فورب السماء والأرض إنه لحق مثلما أنكم تنطقون " 114 - ظ فخرت على
وجهها وخر إسماعيل على وجهه، فلما رفعا رؤوسهما حتى ابتل ما تحت وجوههما من
دموعهما.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن لي أن ارويه عنه - قال: أخبرنا
أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال:
أخبرنا محمد بن هبة الله قال: اخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سعيد قال: حدثنا ضمرة عن رجاء قال: سمعت
معناً التنوخي يقول: ما رأيت في هذه الأمة زاهداً غير اتنين: عمر بن عبد العزيز
وإسماعيل بن عبيد الله المخزومي، وكان خالاً لهشام بن عبد الملك، فقال رجاء: كان
إسماعيل بن عبيد الله إذا قفل من الصائفة افترش برازعه وكان هو وأم ولده ودوابه في
بيت واحد، دوابه في ناحية، قال: وكان يقول: لو أن هذا الجار يفجر عن قدير ما أذعت
به، يعني القدير الطبيخ.
قال ضمرة: وسمعت من يذكر عن إسماعيل بن عبيد الله أنه قدم إلى رجال زبيباً فجعل
يأكل ويطرح حبه، فقال له: إن كنت شعبت فاتركه.
قال عبد الله بن جعفر: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا
أبو مسهر قال: كنا نجلس بالغدوات مع يزيد بن أبي مالك، وسليمان بن موسى، وبعد
الظهر مع إسماعيل بن عبيد الله، وربيعة بن يزيد، وبعد العصر مع مكحول.
أخبرنا أبو حفص إذناً عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة
الله قال: اخبرنا محمد بن 115 - و الحسين قال: اخبرنا عبد الله ابن جعفر قال:
حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وروى الاوزاعي عن إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر،
مخزومي، شامي، ثقة.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي - إذناً - قال: أخبرنا أبو البركات
النماطي كتابة قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال:
أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: قال أبي: كن
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر من مالي بني مخزوم، وهو أدب سعيداً ويزيد
ومسلمة بني عبد الملك، والعباس بن الوليد، وهو ممن يرضى به الحديث.
وقال أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين
بن جعفر ومحمد بن الحسن، وأحمد العتيقي قالوا: أخبرنا الوليد ابن بكر قال: حدثنا
عليّ بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا صالح بن أحمد العجلي قال: حدثني أبي قال:
إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، شامي، تابعي، ثقة.
أخبرنا أبو القاسم القاضي إذناً عن أبي بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح
أحمد بن عبد الملك بن عليّ بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن السقاء قال: حدثنا أبو
العباس الأصم قال: سمعت العباس بن محمد الدوري قال: سمعت يحيى يقول: إسماعيل بن
عبيد الله بنابي المهاجر كان معلماً.
وأنبأنا أبو القاسم القاضي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل ابن
خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا
أبو أمية الأحوص بن المفضل قال: أخبرنا 115 - ظ أبي قال: قال: يحيى ابن معين:
إسماعيل بن عبيد الله بنابي المهاجر مولى بني مخزوم، معلم.
أنبأنا
أبو القاسم القاضي عن أبي محمد طاهر بن سهل بن بشر قال: أخبرنا أبو الخطيب قال::
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بنابي طاهر الدقاق قال: أخبرنا
أبو بكر النجاد قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: حدثنا سهل بن صالح
الأنطاكي قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا الهيثم بن عمران قال: سمعت
إسماعيل بن عبيد الله يقول: ينبغي لنا أن نحفظ حديث رسول الله صلى الله عليه وسلم
كما نحفظ القرآن لأن الله يقول: " وما أتاكم الرسول فخذوه " .
أنبأنا أبو القاسم عنابي الحسن الفقيه قال: أخبرنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم وأبو
محمد بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: أخبرنا أبو عليّ بن منير قال:
أخبرنا أبو بكر محمد بن خريم قال: حدثنا هشام قال: حدثنا الهيثم ابن عمران قال:
سمعت إسماعيل بنيي الله، وسمع ربيعة بن يزيد يحدث عن النبي صلى الله عليه وسلم، ثم
ثنى فحدث إسماعيل عن كسرى، ثم ثنى ثم ثلث، فقال ربيعة: غفر الله لك أبا عبد
الحميد، حدثت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم وتحدث عن كسرى فقال: ما حدثت عنه
إلا من أجلك، أنظر كيف تحدث يا ربيعة، فإنك ترى الإمام على المنبر يتكلم بالكلام،
فما تخرجون من المسجد حتى تختلفوا عليه، والله لأن أذب على كسرى أحب إلي من أكذب
على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال: وسمعت إسماعيل بن عبيد الله يحدث قال: قال 116 - و لي عمر بن عبد العزيز: كم
أتت عليك يا إسماعيل سنة؟ قلت: ستون سنة وشهور، قال: يا إسماعيل إياك والمزاح.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ
بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال:
أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة
قال: حدثني هشام بن خالد قالا: حدثنا الهيثم بن عمران قال: سمعت إسماعيل بن عبيد
الله قال: كنت أعلم بني عبد الملك من عاتكة: يزيد ومروان ومعاوية ومروان أصغرهم،
فأخبرني عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل قال: سمعت الوليد بن مسلم يقول: أم الدرداء
أشارت به على عبد الملك.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن
المسلم - قراءة عليهما - قالا: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف - قراءة عليه - قال:
أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن عليّ البغدادي قال: قرىء على أبي بكر محمد بن
القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا عمر بن شبَّة قال: قال عبد الملك بن
مروان: ما رأيت مثلنا ومثل هذه الأعاجم، كان الملك فيهم دهراً طويلاً، فوالله ما
استعانوا منا إلا برجل واحد - يعني النعمان بن المنذر - ثم عادوا عليه فقتلوه، وإن
الملك فينا مذ هذه المدة، فقد استعنا منهم برجال حتى في لساننا، هذا إسماعيل بن
عبيد الله بن أبي المهاجر يعلم ولد أمير المؤمنين العربية.
قال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو شجاع ناصر بن 116 - ظ محمد بن أحمد البوقاني
بها قال: أخبرنا أبو محمد بن الحسن بن أحمد السمرقندي قال: أخبرنا أبو سهل عبد
الكريم بن عبد الرحمن الكلاباذي - بها وهي محلة من محال بخارى قال: أخبرنا أبو
عمرو محمد بن محمد بن صابر بن كاتب البخاري قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن
المنذر بن سعيد الحافظ الهروي المعروف بشكر قال: حدثنا محمد بن إدريس الرازي قال:
حدثنا عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي قال: حدثنا عبد الأعلى
بن مسهر عن سعيد بن عبد العزيز قال: سمعت إسماعيل بن عبيد الله يقول لبنيه: يا بني
أكرموا من أكرمكم وأن كان عبدا حبشيا وأهينوا من أهانكم وأن كان رجلاً قرشيا.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي
قال: أخبرنا أحمد بن اسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال:
حدثنا خليفة بن خياط في تسمية عمال عمر بن عبد العزيز على افريقية، قال: ثم ولى
إسماعيل بن عبيد الله، مولى بني مخزوم، فقدمها سنة مائة فأسلم عامة البربر في
ولايته، وكان حسن السيرة، حتى مات عمر.
وقال
الحافظ: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو
محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا
عبد الرحمن بن إبراهيم قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن ابن جابر قال: عقد عمر بن عبد
العزيز لإسماعيل بن عبيد الله على جند افريقية وبها من بها من قريش وغيرهم وهو
مولى لبني مخزوم. 117 - و.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال:
أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر
قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا سعيد - يعني ابن أسد - قال: حدثنا ضمرة عن
رجاء بن أبي سلمة عن إسماعيل بن عبيد الله المخزومي قال: كلمت رجاء بن حيوة، وعدي
بن عدي في شيء فكأنهما وجدا في أنفسهما، فقلت لهما: أنه ليس يحسن من رأيكما أن
تنزلنا رأبكما بمنزله من لا ينبغي أن يرد عليه منه شيء، فقال رجاء بن حيوة: يا أبا
عبد الحميد من عد منا ذلك منه فلا نعدمه منك يا أبا عبد الحميد.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن
الحسن بن هبة الله قال: إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، وأسم أبي المهاجر
أقرم أبو عبد الحميد ، مولى لبني مخزوم، من أهل دمشق، كانت دارة ظاهر باب الجابية
عند طريق القنوات، وكان يؤدب ولد عبد الملك بن مروان، وأستعمله عمر بن عبد العزيز
على افريقية.
روي عن فضالة بن عبيد، وعبد الله بن عمرو بن العاص، وأنس بن مالك، والسائب بن
يزيد، والحارث بن الحارث الغامدي، وعطية بن عروة السعدي، وعبد الرحمن بن غنم،
وقبيصة بن ذؤيب، وعلي بن عبد الله بن عباس، وخالد بن عبد الله بن حسين، وأبي عبد
الله الأشعري، وقيس بن الحارث الكندي الشعري المذحجي، وعبد الملك بن مروان، وعطاء
بن يزيد الليثي، وأم الدرداء الصغرى، وكريمة بنت الحسحاس 117 - ظ وميسرة مولى
فضالة، وعبد الرحمن بن عبد الله بن أم الحكم، وأدرك معاوية.
روى عنه: الأوزاعي، وسعيد بن عبد العزيز، وعبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وربيعة بن
يزيد الدمشقي، وأبنه عبد العزيز بن إسماعيل، والهيثم بن عمران العبسي وعبد الله بن
عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وكلثوم بن زيا د المحاربي، ومحمد بن الحجاج القرشي
الدمشقي، وعمرو بن واقد، وأبو محمد عيسى بن موسى القرشي، ورجاء بن أبي سلمة، وأبو
المقدام، ومنصور بن أبي، وعبد ربه بن ميسون الأشعري، وعبد الرزاق بن عمر الثقفي،
ومدرك بن أبي سعد الفزاري، ومحمد بن سعيد المصلوب، ومحمد بن مهاجر.
قال: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو مسعود عبد الجليل
بن محمد، وأبو بكر محمد بن شجاع عنه قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد
الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس إسماعيل بن عبيد الله بن أبي المهاجر، مولى
بني مخزوم، دمشقي، ولي أمر افريقية لعمر بن عبد العزيز، توفي سنة إحدى وثلاثين
ومائة، وكان مولده سنة إحدى وستين.
وقال الحافظ أبو القاسم النسيب، وأبو الوحش 118 - و المقرىء عن رشاء ابن نظيف
المقرىء قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد، وعبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا
الحسن بن رشيق قال: أخبرنا أبو بشر الدولابي قال: حدثني سليمان ابن أشعت عن عبد
الوهاب بن نجدة قال: حدثنا محمد بن شعيب بن شابور قال: توفي إسماعيل بن عبيد الله
بن أبي المهاجر المخزومي سنة إحدى وثلاثين ومائة.
وقال: أخبرنا أبو محمد بن الأنطاكي قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو
محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: وحدثني
عبد الرحمن بن يحيى بن إسماعيل بن عبيد الله قال: حدثني إبراهيم بن أبي شيبان قال:
مات إسماعيل بن عبيد الله قبل دخول عبد الله بن عليّ دمشق بثلاثة أشهر، سنة اثنتين
وثلاثين ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر
أحمد بن الحسن قال: اخبرنا أبو محمد يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن
إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الدولابي قال: حدثنا معاوية بن
صالح قال: إسماعيل بن عبيد الله مولى بني مخزوم ثقة.
قال
أبو مسهر: مات في خلافة مروان بن محمد، وقد أدرك معاوية وهو غلام.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أجاز
لي أبو القاسم التنوخي قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن أحمد الطبري قال: حدثتنا
أم الضحاك عاتكة بنت بن عمرو بن عاصم النبيل قال: قرأت في كتاب أبي أحمد بن عمرو
بن أبي عاصم، وأجاز لي أن أروي عنه، قال: سنة إحدى وثلاثين ومائة: إسماعيل بن عبيد
الله بن أبي المهاجر، يعني مات.
ذكر من اسم أبيه عليّ ممن اسمه إسماعيل إسماعيل بن عليّ بن الحسين بن محمد بن
الحسن بن زنجويه الرازي: أبو سعد السمان، الحافظ الزاهد، رحل إلى البلد وجال،
وأكثر من الشيوخ في الترحال، 118 - ظ وكان في الحفظ والثقة على أجمل حال، وأفسد
حسن هذه الأفعال بانتحاله مذهب الاعتزال، وكان شيوخه نحواً من أربعة آلاف، وكان
إماماً في فقه أبي حنيفة رضي الله عنه، ومعرفة الخلاف، وله معجمان: معجم الشيوخ،
ومعجم البلدان، ودخل في رحلته حلب، ومعرة النعمان.
سمع بحلب: أبا محمد عبد الباقي بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بن موسى ابن أبي
جرادة الشاهد، والقاضي أبا يعلى عبد المنعم بن عبد الكريم بن أحمد بن عبد العزيز
بن سنان الخفاجي، المعروف بالقاضي الأسود، وأبا الحسن محمد ابن سعيد بن يحيى بن
الحسين بن محمد بن الربيع بن سنان الخفاجي، والخطيب أبا أسامة عبد الله بن أحمد بن
عليّ بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة، وعمه أبا القاسم الحسين بن عليّ بن عبيد
الله بن محمد بن أبي أسامة، وأبا مسلم أحمد ابن محمد بن الحسن العدل، والشريف أبا
عبد الله جعفر بن محمد بن أحمد بن محمد الحسيني الإسحاقي، وأبا الحسن عليّ بن محمد
بن أحمد بن حبيب الطيوري، وأبا عليّ الحسن، وأبا طاهر محمد ابني عبد الوهاب بن
عليّ بن أحمد الصائغ، وأبا الحسن محمد بن عليّ بن يوسف بن يش بن يعقوب بن يوسف
التميمي الحلبيين، وأبا الفتح أحمد، وأبا الحسين عليّ ابني القاضي أبي عمر وعثمان
بن عبد الله ابن إبراهيم العجلي الطرسوسي، والمؤيد بن أحمد الخطيب وأبا بكر بن
محمد بن يعقوب بن أحمد بن أبي هزان الأنطاكي، وأبا العشائر هبة الله بن أحمد ابن
البيع اللبان.
وسمع بمعرة النعمان: أبا العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وأبا العباس أحمد بن خلف
الممتع الأديب، وأبا 119 - و العباس أحمد، وأبا الفضل جعفر ابني عبيد الله بن محمد
بن خباءة، وأبا الحسن سلامة بن عليّ بن عبيد الله بن محمد ابن سلامة، وأبا الفضل
أحمد بن محمد بن مسعر، وأبا محمد بن عبد الله بن سليمان والمهذب بن عليّ بن
المهذب، وأبا إبراهيم إسماعيل بن جعفر بن عليّ بن المهذب، وأخويه أبا النضر عبد
الكريم، وأبا الفتح الفضل ابني جعفر بن علي، وأبا القاسم شهاب بن محمد بن عامر بن
أحمد بن محمد بن همام، وأبا عبد الرحمن معن بن عمرو بن أحمد بن محمد بن همام، وأبا
حصين عبد الله بن المحسن التنوخيين المعريين، وأبا الفضل صالح بن الحسن بن عليّ بن
محمد بن يحيى بن الفرج البوقي وأبا الخير الفرج بن محمد بن عبد الله بن ناشب
الأديب، وأبا الحسن المؤمل بن عذير بن إسماعيل، وأبا محمد الحسن بن عليّ بن عبد
العزيز بن حبابة البالسي.
وسمع بمكة شرفها الله: أبا حفص عمر بن القاسم المصري، وأبا الحسن أحمد ابن إبراهيم
بن فراس، وأبا أسامة محمد بن أحمد الهروي، وأبا الحسن عليّ بن عبد الله بن جهضم.
وبدمشق: أبا محمد عبد الرحمن بن عثمان التميمي، وأبا زكريا بن أحمد بن محمد ابن
أحمد بن سليمان الصوفي، وأبا بكر محمد بن عبد الرحمن القطان، وأبا القاسم عبد
الدائم بن المحسن بن عبيد الله، وأبا الحسن عليّ بن محمد الحنائي.
وبصور: أبا القاسم الحسن بن أحمد بن نصر الصوري، وبأطرابلس: أبا النمر 119 - ظيحيى
أحمد بن عبد الرحمن بن قابوس الاطرابلسي، وبقيسارية: أبا أحمد محمد بن سهل القفلي،
وبكفر - بطنا أبا الحسن عليّ بن أبي الهول، وبضمير: أبا الفتح محمد بن عليّ بن
الحسين، وبمدين شعيب: إسماعيل بن عمرو الحداد.
وببغداد:
أبا عبد الله محمد بن بكران بن عمران، والحسن بن حيدرة الداودي وأبا طاهر المخلص،
وأبا الحسن أحمد بن محمد بن موسى، وأبا القاسم عبيد الله ابن أحمد المقرىء، وعلي
بن عمر التمار، وكوهي بن الحسن الفارسي، وأبا الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين،
ومحمد بن عليّ بن أحمد السقطي، ومحمد بن عمر بن حميد بن بهثة.
وبتكريت: أبا محمد الحسن بن محمد بن موسى، وبالكوفة: أبا عبد الله محمد بن عبد
الله الجعفي، وأبا طاهر أحمد بن محمد بن أحمد التميمي، وأبا محمد عبد الله بن
مجالد بن نشر، وبواسط: عبد السلام بن عبد الملك بن حبيب، وأبا الحسن عليّ بن الحسن
الحازوي، ومحمد بن عليّ السقطي، وبالأهواز: أبا نصر أحمد بن عليّ بن عبدوس، وبعسكر
مكرم: طاهر بن محمد بن سمعان الجواليقي، والحسن بن عبد الله بن سهل، وبالري: عبد
الرحمن بن محمد بن أحمد بن فضالة وأبا عليّ عبد الملك بن محمد بن مهدي، وأبا حاتم
محمد بن عبد الواحد الخزاعي، وبهمذان: أبا بكر أحمد بن عليّ بن لال، وأحمد بن
إبراهيم بن تركان، وأبا بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبا عبد الله بن عبد
الله الجعفي، وبقزوين: أبا محمد عبد الله بن عبد الرحمن الفراء، وعبد الله بن عمر
بن زاذان، وبالسوس: أبا الحسين أحمد بن الحسين السوسي، وأبا القاسم إبراهيم بن
أحمد ابن 120 - و موسى، وأبا عبد الله إسماعيل بن محمد بن يوسف، وأبا القاسم بحر
ابن الحسين الضرير، وبأرجيش: أبا بكر محمد بن عبد الله بن يزداد وجماعة آخرون يطول
ذكرهم، ويشق حصرهم.
روى عنه: أبو بكر أحمد بنعلي الخطيب، وأبو عليّ الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد،
وأبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني، وابن أخيه أبو بكر طاهر بن الحسين بن علي،
وأبو الحسين بن مردك، وأبو الحسن المطهر بن عليّ العلوي المعروف بالمرتضى، وجماعة
غيرهم.
أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور قالت:
أخبرنا الإمام أبو القاسم محمد بن عمر بن محمد الزمخشري - إجازة - قال: حدثني
الأستاذ الأمين أبو الحسين عليّ بن الحسين بن مردك قال: أخبرنا الشيخ الزاهد
الحافظ أبو سعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان - إجازة - قال: حدثنا أبو القاسم
الحسين بن عليّ بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة عبد الله بن محمد بن أبي أسامة
الحلبي - بها لفظاً - قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلام
الطرسوسي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا اسحق الأزرق عن سفيان
عن أبي اسحق عن عاصم بن ضمرة عن عليّ عليه السلام عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه
قال: " على أثر كلا صلاة ركعتان إلا العصر والفجر " .
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي وأخبرنا به - إجازة أو سماعاً - أبو عليّ حسن بن
أحمد الأوقي قال: أخبرنا السلفي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن الحسين بن مردك
الكاتب - بالري - قال: أخبرنا إسماعيل بن عليّ بن الحسين الحافظ السمان قال:
أخبرنا أبو المجد محمد بن عبد الله بن سليمان التنوخي - بمعرة النعمان - ، وأبو
الفتح المؤيد بن أحمد بن عليّ الخطيب - بحلب قالا: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن
القاسم الحلبي - وقال المؤيد: المعروف بالمصري بحلب - قال: حدثنا أبو الحسن أحمد
بن محمد ابن الحسن المعروف بابن أبي نضلة، الشيخ الصالح، قال: حدثني أبي قال:
حدثنا يعلى بن عبيد عن الأعمش عن أبي صالح عن عبد الله بن عباس قال: " استعدى
رجل على عليّ بن أبي طالب إلى عمر بن الخطاب، وكان عليّ جالساً في مجلس عمر ابن
الخطاب، فالتفت عمر إلى عليّ فقال: يا أبا الحسن - وقال المؤيد: قم يا أبا الحسن
فاجلس مع خصمك - فقام عليّ فجلس مع خصمه فتناظرا، وانصرف الرجل ورجع عليّ إلى
مجلسه فجلس فيه، فتبين عمر التغير في وجهه فقال له: يا أبا الحسن مالي أراك
متغيراً، أكرهت ما كان؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين، قال: ولم؟ قال: لأنك كنيتني،
بحضرة خصمي، فالا قلت لي: قم يا عليّ فاجلس مع خصمك، فأخذ عمر برأس عليّ فقبل بين
عينيه، ثم قال: بأبي أنتم، بكم هدانا الله، وبكم أخرجنا من الظلمات إلى النور.
اخبرنا
أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم ابن محمد السمعاني
قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسن بن أبي القاسم القصراتي - بأذون قال: أخبرنا
أبو بكر طاهر بن الحسين بن عليّ بن الحسين السمان - بالري - قال: حدثنا عمي أبو
سعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان الحافظ قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن
إسماعيل النيسابوري قال: أخبرنا مكي ابن عبدان قال: حدثنا سعيد بن محمود الطوسي
قال: حدثنا جعفر بن عمر قال: حدثنا الفرات بن السائب قال: حدثني ميمون بن مهران
قال: حدثني ابن عباس رضي الله عنهما أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: "
أن الملائكة لتفرح بذهاب الشتاء رحمة للمساكين " .
أنبأنا أبو القاسم عبد المحسن بن عبد الله بن أحمد الطوسي الموصلي قال: أخبرنا أبو
الفضل محمد بن عليّ السقسيني قال: 120 - ظ أخبرنا أبو المؤيد الموفق بن أحمد المكي
قال: أخبرنا الأمام فخر خوارزم أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثنا أبو
عليّ الحسن بن عليّ بن أبي طالب - بالري - قال: أخبرنا أبو بكر طاهر بن الحسين بن
عليّ السمان قال: حدثنا عمي الحافظ أبو سعد اسماعيل بن عليّ قال: حدثنا أبو القاسم
الحسين بن عليّ بن أبي أسامة - بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يعقوب بن أحمد بن
يعقوب بن ثوابة الحمصي قال: حدثنا محمد بن عوف قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال:
حدثنا محمد بن مهاجر عن الزبيدي عن الزهري عن عروة عن عائشة رضي الله عنها قالت:
ويح لبيد إذ يقول:
ذهب الذين يعاش في أكنافهم ... وبقيت في خلف كجلد الأجرب
فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! فقال عروة: رحم الله عائشة فكيف لو أدركت زماننا هذا؟!
قال الزهري: رحم الله عروة فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! فقال الزبيدي: يرحم الله
الزهري فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال لنا عثمان: رحم الله ابن مهاجر كيف لو أدرك
زماننا هذا؟ قال يعقوب بن ثوابة: رحم الله ابن عوف، كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال
الشيخ أبو سعد: قال أبو القاسم الحسين ابن عليّ وأنا أقول: رحم الله ابن ثوابة كيف
لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو سعد وأنا أقول رحم الله أبا القاسم بن أبي أسامة،
كيف لو أدرك زماننا هذا؟! 121 - و قال أبو بكر طاهر بن الحسين: وأنا أقول: رحم
الله عمي أبا سعد كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال أبو علي: وأنا أقول: رحم الله
طاهرا كيف لو أدرك زماننا هذا؟! قال فخر خوارزم: رحم الله شيخنا أبا عليّ فكيف لو
أدرك زماننا هذا؟! قال أبو المؤيد: رحم الله شيخنا فخر خوارزم فكيف لو أدرك زماننا
هذا؟! قال أبو القاسم: رحم الله أبا الفضل فكيف لو أدرك زماننا هذا؟! قلت: رحم
الله أبا القاسم فكيف لو أدرك زماننا هذا؟!.
نقلت من خط الإمام الحافظ أبي الفضل محمد بن طاهر المقدسي، وأخبرنا به أبو الحجاج
يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - قراءة عليه بحلب وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو
جعفر بن محمد بن إسماعيل بن محمد الطرسوسي عن أبي الفضل محمد بن طاهر قال: سمعت
أبا الحسن المطهر بن عليّ العلوي، المعروف بالمرتضى، بالري يقول: سمعت أبا سعد
السمان يقول: من لم يكتب الحديث لم يتغرغر بحلاوة الإسلام.
قال أبو الفضل المقدسي: المرتضى رحمه الله كان إمام الشيعة في وقته، وأبو سعد إمام
المعتزلة وله في الحديث رحلة حسنة، ومعرفة، والله تعالى وفقه الأنصاف حتى جرى على
لسانه هذا الكلام.
أخبرنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا عمي
الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن الدمشقي قال: إسماعيل بن عليّ ابن حسين 121 - ظبن
محمد بن زنجويه أبو سعد الرازي، المعروف بالسمان الحافظ، قدم دمشق طالب علم، وكان
من المكثرين الجوالين، سمع من نحو من أربعة آلاف شيخ، وسمع بدمشق: أبا محمد بن أبي
نصر وجماعة سواهم، وببغداد أبا طاهر المخلص، ومحمد بن بكران بن عمران، ومحمد بن
عمر بن محمد بن بهثة ومحمد بن عليّ بن أحمد السفطي، وبالري: عبد الرحمن بن محمد بن
أحمد بن فضالة، وعلي بن عبيد الله بن أحمد بن محمد بن يحيى الفقيه، وبمكة: أبا
محمد ابن النحاس، وأحمد بن إبراهيم بن فراس.
روى عنه أبو بكر الخطيب، وعبد العزيز الكتاني، وجماعة من أهل بلده، منهم ابن أخته
أبو بكر طاهر بن الحسين.
قال
الحافظ أبو القاسم: سألت أبا منصور عبد الرحيم بن المظفر بن عبد الرحيم الحمدوني
الرازي بالري عن وفاة أبي سعد السمان الرازي، فقال: توفي سنة ثلاث وأربعين
وأربعمائة، وكان عدلي المذهب، يعني معتزليا، وكان له ثلاثة آلاف وستمائة شيخ، وصنف
كتباً كثيراً، ولم يتأهل قط.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز بن
أحمد الكتاني قال: بلغتني وفاة أبي سعد إسماعيل بن عليّ الحافظ الرازي السمان
بالري. في شعبان سنة سبع وأربعين، قدم علينا دمشق، وسمع بها من شيوخنا عبد الرحمن
بن عثمان بن أبي نصر، وغيره، حدث عن أبي طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص البغدادي
وغيره، وكان من الحفاظ الكبار، وكان فيه زهد وورع 122 - و وكان يذهب إلى الإعتزال.
شاهدت بخط جار الله محمود بن عمر بن محمد الزمخشري: في أصل معجم أبي سعد السمان،
والنسخة جميعها بخط الزمخشري ما مثاله، وأنبأتنا به زينب بنت عبد الرحمن الشعري
قالت: أخبرنا محمود بن عمر الزمخشري - إجازة - قلت: وقرأته بخط: ذكر الأستاذ أبو
عليّ الحسين بن محمد بن مردك في تاريخه: مات بالري شيخهم، وعالمهم، وفقيههم،
ومتكلمهم، ومحدثهم الشيخ الزاهد أبو يعد إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان رحمة
الله عليه، وقت العتمة من ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من شعبان سنة خمس وأربعين
وأربعمائة، وكان إماماً بلا مدافعة في القراءآت، والحديث، ومعرفة الرجال والأنساب،
والفرائض والحساب، والشروط، والمقدرات، وكان إماماً أيضاً في فقه أبي حنيفة
وأصحابه، وفي معرفة الخلاف بين أبي حنيفة والشافعي وفي فقه الزيديه، وفي الكلام، وكان
يذهب مذهب الحسن البصري رحمه الله، ومذهب الشيخ أبي هاشم، وكان قد حج بيت الله
وزار القبر، ودخل العراق، وطاف الشامات والحجاز وبلاد المغرب، وشاهد الرجال
والشيوخ، وقرأ على ثلاثة آلاف رجل من شيوخ زمانه، وقصد أصبهان لطلب الحديث في آخر
عمره، وكان يقال في مدحه وتقريظه انه ما شاهد مثل نفسه، وكان مع هذه الخصال
الحميدة زاهدا، ورعا، مجتهدا، قواما، صواما، قانعا، راضيا، لم يتحرم في مدة 122 -
ظ عمره، وقد أتى عليه أربع وسبعون سنة، بطعام أحد ولم يدخل إصبعه في قصعة انسان،
ولم يكن لأحد عليه منة ولا يد في حضره ولا سفره، مات رحمه الله ولم يكن له مظلمة
ولا تبعة من مال ولا لسان، كانت أوقاته موقوفة على قراءة القرآن والتدريس
والرواية، والإرشاد والهداية، والوراقة، والعبادة، خلف ما جمعه في طول عمره من
الكتب وفقا على المسلمين، كان رحمه الله تاريخ الزمان، وشيخ الإسلام وبقية السلف
والخلف، مات ومافاته في مرضه فريضة ولا واجب من صلاة غيرها، وما سال منه لعاب، ولا
تلوث وله ثياب، ولا تغير لونه، وكان مع ما به من الضعف، وتساقط القوة يجدد التوبة،
ويكثر الاستغفار، ويقرأ القرآن، مضى لسبيله وهو يتبسم كالغائب يقدم على أهله،
وكالمملوك المطيع يرجع إلى مالكه، ودفن رحمة الله عليه غد ليلة الأربعاء بجبل طبرك
بقرب الفقيه محمد بن الحسن الشيباني صاحب أبي حنيفة، بجنب قبر أبي الفتح عبد
الرزاق بن مردك رحمهم الله.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: حدثنا
أبو محمد عمر بن محمد الكلبي قال: وجدت على ظهر جزء: مات الشيخ الزاهد أبو سعد
إسماعيل بن عليّ بن الحسين السمان وقت العتمة ليلة الأربعاء الرابع والعشرين من
شعبان سنة خمس وأربعين وأربعمائة، شيخ العدلية وعالمهم، وفقيههم، ومتكلمهم 123 - و
ومحدثهم، وكان إماماً بلا مدافعة في القراءآت والحديث، ومعرفة الرجال والأنساب
والفرائض، والحساب، والشروط، والمقدرات، وذكر كلام ابن مردك الذي نقلته من خط
الزمخشري إلى آخره.
أنبأتنا
زينب بنت عبد الرحمن بن الحسن الشعري قال: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عمر
الزمخشري، وقرأته بخط الزمخشري على النسخة التي بخطه من معجم السمان، والنسخة
موقوفة على تربة الإمام أبي حنيفة رضي الله عنه ببغداد، وصورة ما شاهدته بخط
الزمخشري نسخة كتاب وصية نقلتها من خطه: هذا ما أوصى إسماعيل بن عليّ بن الحسين
السمان، المعروف بابي سعد، في صحة من عقله وبدنه وجواز أمره، وذلك في شهر ربيع الآخر
من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة وهو يشهد أن لا إله إلا الله وحده لا شريك له الملك
وله الحمد يحيي ويميت بيده الخير وهو على كل شيء قدير، ويشهد أنه تعالى واحد لا
ثاني له في الأزل وأنه قادر لذاته، عالم لذاته، حي، سميع، بصير، غني فيما لم يزل
ولا يزال، وانه لا يشبه الأجسام ولا الأعراض، " ليس كمثله شيء وهو السميع
البصير لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار وهو اللطيف الخبير " ويشهد أن
أفعاله كلها حسنة، وأنه منزه عن فعل القبائح وأنه تعالى لا يريد المعاصي ولا
يشاؤها ولا يرضاها ولا يختارها، ولا يحبها، ولا يكلف العباد ما لا يطيقونه 123 - ظ
ولا يعذب أحداً بغير ذنب، وأنه متكبر عن ظلم عبيده صادق في جميع وعده ووعيده.
ويشهد أن محمداً عبده ورسوله، صلوات الله عليه، وصلوات ملائكته، ويشهد أن الموت
حق، والحساب حق، والجنة حق، والنار حق وان " الساعة آتية لا ريب فيها وأن
الله يبعث من في القبور " وأن صلاته ونسكه ومحياه ومماته لله رب العالمين لا
شريك له وبذلك أمر، وهو من المسلمين، وأنه قد رضي بالله رباً، وبالإسلام ديناً،
وبمحمد صلى الله عليه وسلم وعلى آله نبياً، وبالقرآن إماما، وبالمسلمين أخوانا،
على ذلك حيي، وعليه يموت، وعليه يبعث حياً إن شاء الله، وأوصى من خلف بعده أن
يعبدوا الله في العابدين، وأن يحمدوه في الحامدين، وأن ينصحوا لجماعة المسلمين،
وأن لا يموتن إلا وهم مسلمون.
وأوصى أنه حدث به حدث الموت الذي جعله الله عدلاً بين عباده، وحتماً على خلقه أن
يبدأ من تركه بفكنه وحنوطه، ومالا بد منه في تجهيره بالسنة، والمعروف ثم ينقضي
دينه، ويترضى غرمائه، ثم يخرج من جميع ما خلفه من العين والدين والكتب جميع ماله
مما مات عنه من سائر أملاكه من دور وأراض، وغير ذلك، ثلث جميعه تاما وافيا كملاً
فيتصدق به على فقراء المسلمين من أهل العدل، والتوحيد، المعتزلة منهم، والزيدية،
والهارونية 124 - و يخرج ذلك عن سائر حقوق الله الواجبة كانت عليه، اللازمة من
زكاة واجبة، أو ندر، أو كفارة، أو صدقة واجبة، لزمه في حال حياته صرفها إلى
الفقراء، وعن سائر القرب اللازمة كانت له، قل أو كثر، مما سمي أو لم يسم، وأسند
وصيته هذه إلى فلان، وفلان، وأوصى إليهما و إلى المسلمين عامة بأن يبروه بما
أمكنهم من وجوه البر من حج، أو عمرة، أو زيارة قبر النبي صلى الله عليه وسلم، أو
غيره من قبور الأنبياء، والأئمة، والصالحين أو صدقة، أو قراءة قرآن، أو غير ذلك
مما يجوز أن يبر به الميت بعد وفات على ما يسوغه الشرع، أو بدعوا له بأدعية حسنة
صالحة، ليغفر الله ذنوبه من صغير أو كبير بعدما تاب وندم على جميع ما ترك من
الواجبات أو أتى من المقبحات لقبحها، وعزم أن لا يعود إليها، وأوصى أن يستحلوا له
كل من عرفوا، أو ظنوا أن له تبعة أو حقاً عنده، وأن يقوموا بحق الله، وكل ما أوصى
به، وأن يحذروا تأخير ما يمكن تعجيله، والتهاون بما يجب الجد والانكماش فيه، فقبل
ذلك كله فلان وفلان بعد أن قرئ عليهما الكتاب، فعرفا ما فيه، وأعترفا بصحته، وذلك
في صحة من عقلهما وبدنهما، وجواز أمرهما، طائعين غير مكرهين وذلك في شهر ربيع
الآخر من سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة.
هذا ما نقلته من خط الزمخشري 124 - ظ وأنا استغفر الله من أجراء قلمي بكل ما هو
على خلاف السنة، وعلى موافقة البدع.
إسماعيل بن عليّ بن عبيد الله، أبو الفداء الموصلي الواعظ: ويعرف بابن عبيد، سافر
الكثير، وسمع ببغداد أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي والكروجي، وبالإسكندرية
أبا طاهر السلفي، وبحلب أبا عبد الله محمد بن نصر القيسراني.
وحدث بمصر، والإسكندرية، والموصل، وغيرها من البلاد عن الشيخ العارف أبي بكر محمد
بن بركة بن محمد بن كرما الصلحي وغيره.
روى
لنا عنه شيخنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن الحسن بن الحدوس الشافعي
الموصلي، وأثنى عليه معي، ووصفه بالكياسة والظرف، والعلم.
وروى عنه أبو الحسن عليّ بن المفضل المقدسي، وكتب ألينا أبو عبد الله بن الدبيثي
الواسطي قال: سئل ابن عبيد عن مولده، فذكر أنه ولد في سنة أربع وعشرين وخمسمائة.
اخبرنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان الموصلي
قال: أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بنعلي بن عبيد الله الموصلي الواعظ، بالموصل، قال:
أخبرنا الشيخ العارف أبو بكر محمد بن بركة بن محمد بن كرما الصلحي قال: حدثنا أبو
الحسن عليّ بن أحمد بن الدهان المرتب قال: أخبرنا الشريف أبو الحسن محمد بن عليّ
بن محمد بن المهتدي بالله قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن 125 - و بكران بن عمران
الرازي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار قال: حدثنا محمد بن العباس
قال: الحزامى قال: حدثنا خالي محمد ابن إبراهيم بن المطلب بن السائب بن أبي وداعة
قال: حدثنا عبد الرحمن بن خارجة عن عبد الله بن سعد بن أبي وقاص عن أبيه قال: كان
أبي إذا قضى نسكه وودع البيت، وركب دابته تمثل بهذين البيتين:
فلما قضينا من منى كل حاجة ... ومسح ركن البيت من هو ماسح
أخذنا بأطراف الأحاديث بيننا ... وسألت بأعناق المطي الأباطح
أنبأنا أبو الحسن عليّ بن المفضل المقدسي الأسكندراني قال: أنشدني أبو الفداء
الواعظ قال: أنشدني القيسراني الشاعر لنفسه بحلب:
تناهى إلى ألحاظه السحر والظبي ... فراح وفي عينيه بابل والهند
فلا تتركوا ثاري فلي عنده دم ... إذا كتمته العين نم به الخد
أخبرنا أبو محمد بن الحدوس الفقيه قال: أنشدني جمال الدين أبو الفداء إسماعيل بن
عليّ الواعظ قال: دخلت على الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب بعد أن فتح مصر،
وكان مساءً فدهشت فقلت: صبح الله المولى بالسعادة، فأنكر على الحاضرون، فلما قعدت
رجعت إلى نفسي وأحسست بالغلط، قال: فحضرني أن أنشدته هذين البيتين:
صحبته عند المساء فقال لي: ... ماذا الصباح وظن ذاك مزاجا
125 - ظ
فأجبته إشراق وجهك غرني ... حتى تيقنت المساء صباحا
ذكر أبو عبد الله محمد بن ساكن، المتصدر بجامع مصر في تسمية شيوخه أن أبا الفداء
ورد مصر سنة خمس وستين وخمسمائة، وقد توفي بعد ذلك.
إسماعيل بن عليّ بن محمد العثماني، الكوراني: الكردي، شيخ حسن صالح، متعفف، منقطع
عن أهل الدنيا، يأمر بالمعروف وينهى عن المنكر، قدم علينا حلب، وأقام مدة طويلة في
مسجد باب الأربعين لا يخالط أحدا من أرباب الدنيا، ولم يقبل من أحد من الملك صلة،
وكان يغلظ لهم في الأقوال، ويخشن عليهم في الموعظة، والنهي عن الظلم، والتقريع لهم
على ذلك.
سمع بحلب من القاضي أبي الحسن أحمد بن محمد بن الطوسي، وحدث عنه بدمشق شيخنا أبا
بكر عبد الله بن عمر القرشي، واجتمعت به مراراً متعددة بحلب وبدمشق، وصار بيني
وبينه ود ومؤانسة ولم يبق لي سماع شيء منه، ووهبني فرجية من صوف من ملابسه.
وتوفي بدمشق ليلة السبت ثامن عشر شعبان سنة أربع وأربعين وستمائة، ودفن بظاهرها في
مقابر الصوفية رحمه الله.
إسماعيل بن عليّ الدمشقي: أبو محمد الكاتب، الشاعر، المعروف بابن العينزربي، أصله
من عين زربة وانتقل أبوه منها حين استولى الروم عليها، وولد له إسماعيل بدمشق، روى
عنه شيئاً من شعره أبو محمد بن سعيد بن سنان الخفاجي الحلبي، وكان بينه وبين
الوزير أبي نصر بن النحاس الكاتب الحلبي مشاعرة، وأظنه تعرف به بحلب، وذكره العماد
أبو عبد الله محمد بن محمد الأصبهاني في جريدة القصر، في شعراء حلب، وكان شاعراً
مجيداً حسن النظم جيد الكتابة.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن - فيما أذن لنا في روايته - قال:
أخبرنا عمي أبو القاسم بن الحسن قال: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن محمد بن سعيد
بن سنان الحلبي قال: أنشدنا أبو محمد إسماعيل بن العينزربي الكاتب بدمشق:
ترك الظاعنون قلبي بلا قل ... ب وعيني عيناً من الهملان
وإذا لم تفض دماً سحب أجفا ... ني على بعدهم فما أجفاني
حل
في مقلتي فلو فتشوها ... كان ذاك الانسان في انساني
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد 126 -
و الشافعي قال:قرأت بخط حمزة بن عليّ بن العينزربي لأخيه أبي محمد إسماعيل بن علي:
أيا راقد الليل حقٌ يقال ... إذا هجع الجفن زار الخيال
فما لي وعهدك عهدٌ به ... ولا سر جفني منه اكتحال
أحن إلى ساكنات الحجاز ... وقد حجزتني أمور ثقال
وأحنو على ظبيات هناك ... وقد تشتهي النفس ما لا تنال
زجرتك يا قلب عن حبهن ... وقلت: أما آن منهن آل
وما هن سمرٌ طوال برزن ... بلى في الحشا هنَّ سمر طوال
بكيت وفاضت بحور الدموع ... وكان لها من جفوني انثيال
وظن العواذل أن قد سلوت ... لفقد البكاء وجاءوا فقالوا:
حقيقٌ حقيقٌ وجدت السلو ... عنها فقلت: محالٌ محال
دليل على أنني ما سلوت ذاك ... التثني وذاك الدلال
لهيفاء ينفث من طرفها إذا ... ما بدت لك سحرٌ حلال
وهي أطول من هذا. وقرأت بخط أخيه حمزة أيضاً له:
ما على ما قلت تعويل ... كله مطلٌ وتعليل
كلما حملت من سقم ... فعلى الأجفان محمول
رب ليل ظل يجمعنا ... كله ضمٌ وتقبيل
أشرفت كاساته وعملتفي أعاليها أكاليل 126 ظ
أشموس لحن مشرقة أم ... كؤوسٌ أم قناديل
في يدي بدرٍ يطوف بها ... من جنان الخلد منقول
لم يشن أعطافه قصرٌ ... فيه تهجين ولا طول
وكأن الحسن صاح بنا ... حين وافى نحوه كيلوا
كم أباطيلٍ نعمت بها ... حبذا تلك الأباطيل
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي الحسن عليّ بن المسلم السلمي
الفقيه قال: أنشدنا خالي أحمد بن محمد بن عقيل الشهرزوي لإسماعيل ابن العين زربي:
وحقكم لأزرنكم في دجنة ... من الليل تخفيني كأني سارق
ولا زرت والسيوف هواتف ... إلي وأطراف الرماح لواحق
قرأت في شعر الوزير أبي نصر محمد بن الحسن بن النحاس الحلبي من قصيدة كتب بها إلى
إسماعيل بن العين زربي الكاتب:
نبذتم الحفظ نبذ العار بينكم ... كأنكم كف إسماعيل في الأزم
تفر عن يده الأموال عالمة ... بأنها عنده مخفورة الذمم
لولا الذكاء الذي يذكيه خاطره ... لأعشبت في يديه صفحة القلم
الدهر فيك مواعيد نطعن بها ... فضائل نسقت عن أكرم الشيم
لما اشتملت المعالي زدتها شرفاً ... وأصبح المجد يجلو ثغر مبتسم
على الكتابة مذ لابستها عبق ... تضوع النور غب الوابل الرذم
127 - و
إذا الملم علت يوماً مراجله ... وأصبح الخطب موقوفاً على قدم
واستشهد القوم والألباب عازب ... عن الصواب وضاقت خطة الكلم
جلوت فصل خطاب تستقل به ... غرب اللسان وحد الصارم الحذم
إن الطروس على خديك مثنية ... ورب مثنٍ وإن لم يتصل بفم
لو أن كفيك مدت باليسار على ... مقدار قدرك زالت سنة العدم
لا بد أن يستقيل الدهر غفلت ... وتستنيب الليالي فيك عن أمم
إني مدحتك أبغي الود عن ثقة ... بأن عهدك محمي من التهم
فأقر اعتقادي اخلاصاً يصدقه ... فحرمة الود عفواً أو كد الحرم
أهل الكتابة ما زالت طرائفهم ... في الشعر إلاك هجناً رزح الكلم
فإن أجد فمقالتي فيك أنطقني ... وإن أقصر فإني لا حق بهم
أنبأنا
أبو البركات بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسين
قال: إسماعيل بن علي، أبو محمد بن العين زربي، شاعر محسن ذكر شيخنا أبو محمد بن
الأكفاني أن إسماعيل بن العين زربي، مولده بدمشق، وتوفي في شهور سنة سبعٍ وستين
وأربعمائة.
إسماعيل بن عمر بن يوسف بن قرناص الحموي: أبو العرب، ويلقب مخلص الدين، فقيه فاضل،
أديب شاعر ناثر، من أهل حماة، ولي التدريس بني قرناص، خارج مدينة حماة، واجتمع بي
بحماة وأنشدني شيئاً من شعره، وذكر لي أن 127 - ظ مولده سنة أربع وستمائة.
أنشدني مخلص الدين أبو العرب إسماعيل بن عمر بن يوسف بن قرناص بحماة لنفسه، وكتبها
على قصيدة أبي القاسم بن فيرة الشاطبي الرعيني التي نظمها في القراءات على قافية
اللام ألف:
جلا الرعيني لنا مبدعاً ... عروسه البكر وياما جلا
لو رامها مبتكرة غيره ... قالت قوافيها له الكل: لا
فأنشدني أيضاً لنفسه:
أما والله لو شقت قلوب ... ليعلم ما بها من فرط حب
لأرضاك الذي لك في ضميري ... وأرضاني رضاك بشق قلبي
إسماعيل بن عياش بن سليم: أبو عتبة الأزرق العنسي الحمصي، سافر إلى بغداد ثم بعثه
المنصور إلى الشام، ودخل أنطاكية، وحكى أنه كان جالساً إلى عاملها وقد ورد عليه
كتاب أبي جعفر المنصور يأمره بنبش القبور، فنبشوا في جبل أنطاكية قبر عوذ بن سام
ابن نوح وعند رأسه مكتوب لا إله إلا الله محمد رسول الله، أنا عوذ بن سام بن نوح بعثت
إلى أهل أنطاكية فكذبوني وقتلوني، وقد ذكرنا الحكاية في باب ما ورد من الكتابة
القديمة على الأحجار بحلب وعملها، رواها عنه أبو يحيى.
وروى عن محمد بن زياد الألهاني، وشرحبيل بن مسلم الخولاني، وسليمان الأعمش، وأبي
عمرو الأوزاعي، وسفيان الثوري، ومحمد بن عمرو، وبجير بن سعد، وأبي 128 - و بكر بن
عبد الله بن أبي مريم، وضمضم بن زرعة، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وعمرو بن قيس
السكوني، وثور بن يزيد، وعمرو ومحمد ابني مهاجر، والحجاج بن أرطأة، واسحق بن عبد
الله بن أبي فروة، وهشام بن الغاز، وهشام بن عروة، وعطاء بن عجلان، وعبد الله بن
عثمان بن خثيم، وابن جريج، وعبيد الله بن عمر، وعمر بن محمد بن زيد العمري، وابن
سمعان، وموسى بن عقبة، وسهيل بن أبي صالح، ومحمد بن اسحق، ويحيى بن عبيد الله،
وجعفر بن الحارث، وعبد الرحمن بن زياد بن أنعم.
روى
عنه سفيان الثوري - وهو من شيوخه - ، وعبد الله بن وهب، وضمرة ابن ربيعة، ومعمر بن
سليمان، وهشام بن عمار، وعبد الرحمن بن عبد الله الحلبي وأبو عبيدة عتبة بن رزين
الألهاني، ويحيى بن معين وعبد الله بن المبارك، وهرون بن معروف، وبقية بن الوليد،
وسليمان بن عبد الرحمن، وأبو داود الطيالسي، والأبيض ابن الأغر، ومحمد بن اسحق،
والفرج بن فضالة، ويحيى بن حسان، والحسن بن عرفة، وعبد الوهاب بن الضحاك ومنصور بن
أبي مزاحم، ومحمد بن عيسى بن الطباع، وداود بن رشيد، وعلي بن عياش، ويزيد بن هرون،
ومنصور ابن أبي مزاحم، وإبراهيم بن العلاء، ومحمد بن حمير، وأبو مسهر عبد الأعلى بن
مسهر، وشبابة بن سوار، وكثير بن الوليد، وأبو اليمان، وأبو معمر القطيعي، وأبو
الجماهير، وزهير بن عباد، وأبو عبيد، وأبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي، والهيثم بن
خارجة، وعبد الرحمن بن واقد الواقدي، وأبو قتيبة مسلم بن قتيبة، وموسى بن أعين،
ومروان بن محمد، والليث بن سعد، وحجاج بن محمد الأعور، والوليد بن مسلم، ومحمد بن
بكار 128 - ظ بن الريان، وعبد الله بن صالح العجلي، وهشام بن عمار، وداود بن عمرو
الضبي، وأبو إبراهيم الترجماني، ويحيى بن عثمان البصري، ويحيى بن يحيى، وعلي بن
حجر، وشيبان بن عبد الرحمن أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد، البغدادي -
بقراءتي عليه بحلب - قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن عبد الواحد بن
محمد بن الحصين - بقراءة أخي عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد
بن إبراهيم ابن غيلان البزاز قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن إبراهيم
الشافعي قال: حدثني اسحق بن الحسن الحربي قال: حدثنا يحيى بن عثمان البصري قال:
حدثنا إسماعيل بن عياش عن محمد بن اسحق بن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده عن رسول
الله صلى الله عليه وسلم قال: " إذا فزع أحدكم فليقل: أعوذ بكلمات الله
التامة من غضبه وعذابه، ومن شر عباده، ومن همزات الشياطين، وان يحضرون فإنها لن
تضره " . قال: فكان عبد الله يعلمها من بلغ من ولده ومن لم يبلغ منهم، كتبها
في صك وعلقها في عنقه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن
محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي في ببياباد قال: أخبرنا
أبو بكر محمد بن يحيى بن إبراهيم المزكي، ح.
قال أبو سعد: وأخبرنا أبو سعد عبد الله بن أسعد بن حيان النسوي بنيسابور قال:
أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن خلف الشيرازي قالا: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن
الحسين السلمي قال: سمعت عبد الواحد بن بكر الورثاني يقول: سمعت أحمد بن عبد الله
بن أبي دجانة يقول: حدثنا عبد الصمد بن سعيد قال: حدثنا سليمان بن عبد يقول: سمعت
يحيى بن صالح يقول: كنا نأتي إسماعيل ابن عياش فيكرمنا ويبرنا وينزلنا أشرف
المنازل، ويقدم لنا الماء بالثلج ويقول لنا: كلوا يا سادتي فإن الله تعالى وصف
الجنة بصفة الصيف لفواكهها لا بصفة الشتاء فقال تعالى: " في سدرٍ مخضود.
وطلحٍ منضود. وظلٍ ممدود. وماء مسكوب. وفاكهة كثيرة. لا مقطوعة ولا ممنوعة "
.
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا
أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري
قال: حدثنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي عن يحيى بن معين قال: وإسماعيل بن
عياش مولى عنس.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن
الأبنوسي قال: أخبرنا 129 - و أبو القاسم عبيد الله بن عتاب بن عتاب بن محمد قال:
أخبرنا بن عمير إجازة، ح.
وأنبأنا أبو القاسم عبد الرحمن بن عبد الله الأسدي عن أبي القاسم بن السوسي قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد، ح.
وأخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا القاسم بن عليّ قال: أخبرنا نصر بن مطكود قال:
أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد
الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمير - قراءة - قال: سمعت أبا الحسن بن سميع
يقول:في الطبقة السادسة: إسماعيل بن عياش، أبو عتبة الحمصي، عنسي.
أنبأنا
ابن طبرزد قال:أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعا - قال:
أخبرنا أبو الفضل بن البقال: قال أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا أبو اسحق
إبراهيم بن أحمد قال: حدثنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب يقول:
إسماعيل بن عياش يُكنى أبا عتبة.
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون، وأبو
الحسين بن الطيوري وأبو الغنائم محمد بن عليّ النرسي - واللفظ له - قالوا: أخبرنا
أبو أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون: وأبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا أحمد
بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: إسماعيل بن
عياش، أبو عتبة الحمصي، أراه العنسي، سمع شرحبيل ابن مسلم، ومحمد بن زياد روى عنه
ابن المبارك، ما روى عن الشاميين فهو أصح.
أخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد فيما أذن لنا في روايته عنه، وسمعت منه بعضه 129
- ظ قال: أخبرنا عمي أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر السقاني قال: أخبرنا أبو بكر
أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت
مسلم بن الحجاج يقول: أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي عن محمد بن زياد ويحيى بن
سعيد الأنصاري، روى عنه ابن المبارك ويحيى بن يحيى.
قال أبو القاسم الحافظ: قرأنا على أبي عبد الله بن البناء عن أبي تمام الواسطي عن
أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر ابن أبي
خيثمة قال: واسماعيل بن عياش، يكنى أبا عتبة، حدثنا بذلك الوليد بن شجاع، وسمعت
أبي يقول: كان إسماعيل بن عياش أحول.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا " أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه قال:
حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو الفتح سليم بن أيوب قال: أخبرنا
أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان الموصلي قال: حدثنا أبو القاسم عليّ ابن إبراهيم
قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول:
إسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق، أبو عتبة.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن حمزة بن القبيطي في كتابه إلينا من بغداد قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بن عليّ بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم
الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال أخبرنا أبو أحمد بن عدي، قال:
حدثنا عن عبد الله البغوي قال: حدثنا عليّ بن عبد العزيز قال: حدثنا سليمان بن
أحمد قال: حدثنا أبو مسهر 130 - و قال حدثني محمد بن مهاجر الأنصاري قال: كان أخي
محمد بن هاجر يقول لي: لا تسألني كما يسألني هذا الأحمر الحمصي، يعني إسماعيل بن
عياش.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة - إذناً
- قال: أخبرنا أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد اليخاري، ح.
قال: شيخنا ابن الحرستاني: وأنبأنا أبو القاسم نصر بن مقاتل بن مطكود قال: أخبرنا
إبراهيم بن يونس بن محمد قال: أخبرنا أبو زكريا البخاري قال: أخبرنا عبد الغني بن
سعيد قال: وأما العنسي الحمصي بعين وسين مهملتين ونون فعدد كثير منهم: إسماعيل بن
عياش أبو عتبة العنسي الحمصي وقال عبد الغني بن سعيد: عياش بالياء، معجمة باثنتين
والشين معجمة. أنبأنا ابن الحرستاني عن عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا
قال: أما عياش بياء مشددة معجمة باثنتين من تحتها وآخره شين معجمة، إسماعيل بن
عياش، أبو عتبة. قال ابن ماكولا: وأما العنسي بالنون فجماعة منهم: إسماعيل ابن
عياش، أبوعتبة العنسي.
أنبأنا سليمان بن االفضل قال: أخبرنا عليّ بن أبي محمد قال: اخبرنا أبو بكر
اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا أحمد ابن
محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن عبد الله العسكري قال: وأما عياش تحت
الياء نقطتان والسين منقوطة منهم: إسماعيل بن عياش الحمصي مشهور..13 - ظ
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا
أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال أخبرنا أبو بكر
أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد ابن رزق قال: أخبرنا
إسماعيل بن عليّ الخطبي وأبو عليّ بن الصواف قالا: حدثنا عبد الله بن أحمد قال:
قال أبي: ولد ابن عياش - يعني إسماعيل - سنة ست ومائة.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعرج بن أحمد قال: حدثنا
أحمد بن عليّ الأبار قال: سألت عمرو بن عثمان عن إسماعيل بن عياش قال: قال أبي قال
ابن عيينة: مولد ابن عياش قبلي سنة ست.
قال: وكيف ذهب عنه أصحابنا وأنا مولدي سنة ثمان؟! قال: قلت: يا أبا محمد وأنت
بكرت.
قال: وأخبرنا الطناجيري قال: أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثنا اسحق بن موسى
الرملي قال: سمعت محمد بن عوف يقول: سمعت يزيد بن عبد ربه يقول: كان مولد إسماعيل
بن عياش سنة اثنتين ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ عمي قال: أخبرنا
أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو الميمون بن
راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد إسماعيل بن عياش
سنة ست ومائة. 132 - و.
أخبرنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن حمزة بن فارس في كتابه إلينا من بغداد قال:
أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله بنعلي بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم
إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو
أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن فضيل قال: سمعت سعيد بن عمرو
يقول: بقية يقول كانت إذا جاءت مسألة إلى إسماعيل بن عياش يقول: اذهبوا بها إلى ذلك
الغلام. قال: بقية: وإنما بيني وبينه خمس سنين، ولد سنة خمس ومائة وولدت سنة عشر
ومائة.
قال: وأخبرنا أبو أحمد الحافظ قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عنبسة قال: حدثنا أبو
التقى قال: حدثنا أبو التقى قال: قال لي بقية: لي عبد الله بن صالح الهاشمي: يا
أبا يحمد أيكما أكبر أنت أو إسماعيل بن عياش؟ قلت: مولد إسماعيل سنة ثمان ومائة
ومولدي سنة اثنتي عشرة ومائة. قال: فقال عبد الله: إنكما لترب.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا
أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن
عليّ الواسطي قال: أخبرنا عمر بن أحمد الواعظ.
قال الخطيب: وأخبرنا عبيد الله بن عمر بن أحمد الواعظ قال: حدثني أبي قال: حدثنا
محمد بن أحمد بن محمويه بالبصرة قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: ما رأيت رجلاً أكبر
نفساً من إسماعيل 132 - ظ ابن عياش، كنا إذا أتيناه إلى مزرعته لا يرضى لنا
بالخروف والخبيص، وسمعته يقول: ورثت عن أبي أربعة آلاف دينار فأنفقتها في طلب
العلم.
قال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: قال أحمد بن محمد بن حنبل: ليس أحد
أروى لحديث الشاميين من إسماعيل بن عياش، والوليد بن مسلم.
قال: وحدثنا يعقوب قال: كنت أسمع أصحابنا يقولون: علم الشام عند إسماعيل بن عياش
والوليد بن مسلم.
قال: وسمعت أبا اليمان يقول: كان أصحابنا لهم رغبة في العلم وطلب شديد بالشام والمدينة
ومكة، وكانوا يقولون: نجهد في الطلب، ونتعب أبداننا، ونغيب فإذا جئنا وجدنا كلما
كتبنا عند إسماعيل.
قال يعقوب: وتكلم قوم إسماعيل، وإسماعيل ثقة عدل، أعلم الناس بحديث الشام، ولا
يدفعه دافع، وأكثر ما تكلموا قالوا: يغرب عن ثقات المدنيين والمكيين.
وقال الخطيب: أخبرني الحسين بن عليّ الطناجيري قال: حدثنا عمر بن أحمد الواعظ قال:
حدثنا ابن صدقة قال: قال ابن أبي خيثمة: سمعت يحيى بن معين يقول: إسماعيل بن عياش
ثقة، والعراقيون يكرهون حديثه.
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الأبنوسي قال:
أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن
عدي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن زهير قال: سئل
يحيى بن معين عن إسماعيل بن عياش فقال: ليس به بأس، من أهل الشام، والعراقيون
يكرهون حديثه.
قيل
ليحيى: أيما أثبت بقية أو إسماعيل بن عياش؟ فقال: كلاهما صالحان.
وقال ابن عدي الحافظ: حدثنا محمد بن عليّ بن إسماعيل قال: حدثنا عثمان ابن سعيد
الدارمي قال: قلت ليحيى بن معين 133 - و فإسماعيل بن عياش كيف هو عندك؟ قال: أرجو
أن لا يكون به بأس.
قال ابن عدي: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز عن عباس عن يحيى قال: كان
إسماعيل بن عياش أحب إلى أهل الشام من بقية، وقد سمع ابن عياش من شرحبيل، وابن
عياش ثقة وهو أحب إلى من فرج بن فضالة.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل المكي قال: أخبرنا
أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا أبو موسى ابن أبي عبد
الرحمن قال: أخبرني أبي قال: سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيى بن معين قال: إسماعيل
بن عياش ثقة.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن
أبي الحسن إجازة، وأخبرنا عنه عمي أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا سهل بن بشر قال:
أخبرنا أبو بكر خليل بن هبة الله بن الخليل قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي قال:
أخبرنا أبو الجهم أحمد بن الحسين بن طلاب قال: حدثنا العباس بن الوليد بن صبح
الخلال قال: حدثنا مروان قال: حدثنا محمد بن مهاجر قال: قال لي أخي عمرو بن مهاجر:
ليس يحسن تسأل، ألا تسألني مسألة، هذا الأزيرق ما سألني أحد مسألة منه، يعني
إسماعيل بن عياش. قال محمد: فقلت له: كيف أريد أن أكون أنا مثل هذا، وهذا فقيه.
قال أبو البركات: أخبرنا عمي الحافظ قال: أنبأنا أبو القاسم عليّ بن إبراهيم
وحدثني أبو البركات بن أبي 133 - ظ طاهر الفقيه عنه قال: أخبرنا رشاء بن نظيف -
إجازة - قال: أخبرنا عبد الوهاب بن جعفر بن عليّ - ونقلته من خطه - قال: أخبرنا
أبو بكر محمد بن سليمان بن يوسف الربعي قال: حدثنا عبد الصمد ابن سعيد بن عبد الله
بن يعقوب الحمصي قال: سمعت بن عوف يقولك سمعت أبا اليمان يقول: كان منزل إسماعيل
بن عياش إلى جانب منزلي، فكان يحيى الليل م، فكان ربما قرأ، ثم قطع، ثم رجع فقرأ
من الموضع الذي قطع منه، فلقيته يوماً فقلت: يا عم قد رأيت منك شيئاً وقد أحببت أن
أسألك عنه، إنك تصلي من الليل، ثم تقطع ثم تعود إلى الموضع الذي قطعت فتبتدىء منه؟
فقال: يا بني ما سؤالك عن ذلك؟ قلت: أريد أن أعلم، قال: يا بني ما سؤالك عن ذلك؟
قلت: أريد أن أعلم، قال: يا بني إني أصلي فأقرأ فأذكر الحديث في الباب من الأبواب
الذي أخرجتها فأقطع الصلاة فأكتبه فيه، ثم أرجع إلى صلاتي فأبتدئ من الموضع الذي
قطعت منه.
فقال: أنبأنا أبو القاسم بن عليّ بن إبراهيم عن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا أبو أحمد
عبيد الله بن محمد أحمد الفرضي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى بن عبد الله بن
الصولي قال: حدثنا عثمان بن صالح قال: كان أهل مصر ينتقصون عثمان حتى نشأ فيهم
الليث بن سعد، فحدثهم بفضائل عثمان فكفوا عن ذلكن وكان أهل حمص ينتقصون عليّ بن
أبي طالب حتى نشأ فيهم إسماعيل بن عياش فحدثهم 134 - و بفضائله فكفوا عن ذلك.
وقال: أنبأنا أبو نصر الحسن بن محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار
بن أحمد قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال: أخبرنا أبو
الحسين عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمة قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن أحمد بن
يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي يعقوب قال: حدثني أحمد بن داود الحراني قال: سمعت
عيسى بن يونس، وذكر إسماعيل بن عياش فقال: أبو عتبة، هو أرشدني إلى الشاميين.
وقال أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا عليّ بن محمد، ح.
قال ابن مندة: وأخبرنا حمد بن عبد الله - إجازة - قالا: أخبرنا أبو محمد ابن أبي
حاتم قال: حدثنا أبي قال: سمعت سليمان بن أحمد الواسطي يقول: سمعت يزيد بن هرون
يقول ما رأيت شامياً ولا عراقياً أحفظ من إسماعيل بن عياش.
أخبرنا
أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أبخرنا أبو الحسن بن الآنبوسي، قالا: أخبرنا
إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال أخبرنا أبو أحمد ابن عدي قال:
حدثنا يوسف بن الحجاج قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: سمعت الهيثم بن خارجة
يقول: سمعت يزيد بن هارون يقول: ما رأيت أحفظ من إسماعيل بن عياش، ما أدري ما
سفيان الثوري.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إذاً - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو
بكر 134 - ظ الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا إسماعيل بن عليّ
الخطبي قال: قال أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن حنبل: قال أبي لداود ب عمرو
الضبي، وأنا أسمع: يا أبا سليمان كان يحدثكم إسماعيل بن عياش هذه الأحاديث بحفظه؟
قال: نعم، ما رأيت معه كتاباً قط، فقال له: قد كان حافظاً، كم كان يحفظ؟ قال:
شيئاً كثيراً، قال له: كان يحفظ عشرة آلاف؟ قال: عشرة آلاف وعشرة آلاف وعشرة آلاف،
قال أبي: هذا كان مثل وكيع.
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد الصيدلاني قال: حدثنا
محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا زكريا بن يحيى الحلواني أبو أحمد قال: حدثنا أحمد
بن سعيد ابن مريم قال: سمعت عليّ بن عبد الله بن جعفر يقول: رجلان هما صاحب حديث
بلديهما: إسماعيل بن عياش وعبد الله بن لهيعة.
وقال الخطيب: أخبرني محمد بنالحسن بن أحمد الأهوازي قال: أخبرنا أبو عليّ الحسين
بن محمد الشافعي بالأهواز قال: حدثنا أبو عبيد محمد بن عليّ الآجري قال: سمعته -
يعني أبا داود السجستاني يقول: قال يزيد بن هرون: ما رأيت عربياً أحفظ من إسماعيل
بن عياش، قال أبو داود: قدم إسماعيل قدمتين، قدم هو وجرير بن عثمان الكوفة في
مساحة أرض حمص، وقدمه قدمها إلى بغداد، سمع منه البغداديون، وسمع يزيد بن هارون من
إسماعيل بن عياش ببغداد في القدمة الأولى.
قال الخطيب: وأخبرنا الحسين - 135 - و بن عليّ الصيمري قال أخبرنا عليّ بن الحسن
الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سمعت
يحيى بن معين يقول: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته قاعداً عند دار الجوهري على
غرفة وما معه إلا رجلين ينظران في كتابه، فرجعت ولم أسمع شيئاً، وكان يحدثهم بنحو
من خمسمائة في اليوم أكثر أو أقل، وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من
غدوة إلى الليل.
وزاد غيره عن يحيى: فرجعت ولم أسمع شيئاً.
أخبرنا به أبو الفرج بن القبيطي كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال:
حدثنا البغوي قال: حدثنا عباس عن يحيى قال: مضيت إلى إسماعيل بن عياش فرأيته عند
دار الجوهري قاعد على غرفة ومعه رجلان ينظران في كتابه، فيحدثهم خمسمائة في اليوم،
أقل أو أكثر، وهم أسفل وهو فوق، فيأخذون كتابه فينسخونه من غدوة إلى الليل، قال
يحيى: فرجعت ولم أسمع شيئاً.
وقال ابن عدي: ذكر عبد الرحمن بن أبي بكر بن عياش عن يحيى، وذكر عنده ابن عياش
فقال: كان يقعد ومعه ثلاثة أو أربعة فيقرأ كتاباً والناس مجتمعون، ثم يلقيه إليهم
فيكتبونه جميعاً، ولم ينظر في الكتاب إلا أولئك الثلاثة أو الأربعة. وشهدت ابن
عياش وهو يحدث هكذا فلم أكن آخذ منه شيئاً ولكني شهدته يملي إملاء فكتب عنه.
قال ابن عدي: حدثنا يوسف بن الحجاج 135 - ظ قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال: لم
يكن بالشام بعد الأوزاعي وسعيد بن عبد العزيز مثل إسماعيل بن عياش ما روى عن
الشاميين فهو أصح.
وقال ابن عدي: حدثنا عبد الوهاب بن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب أحمد ابن حميد
قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل بن عياش ما روى عن الشاميين صحيح وما روى عن
أهل الحجاز فليس بصحيح.
وقال ابن أبي عصمة: حدثنا أحمد بن أبي يحيى قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: إسماعيل
بن عياش ما روى عن الشاميين فهو صحيح وما روى عن 136 - و أهل المدينة وأهل العراق
ففيه ضعيف يغلط.
وقال
ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني عبد الله بن أحمد قال: سألت يحيى بن معين عن
إسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن الشيوخ الثقات مثل محمد ابن زياد وشرحبيل بن
مسلم، قلت ليحيى: كتبت عن إسماعيل بن عياش؟ قال: نعم سمعت منه شيئاً. قال عبد
الله: وقد حدثنا عنه يحيى بن معين وهرون بن معروف قالا: حدثنا إسماعيل بن عياش عن
شرحبيل بن مسلم عن أبي أمامة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " الزعيم غارم
" .
أخبرنا أبو محمد بن رواج - إذناً - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: سمعت المبارك
بن عبد الجبار الصيرفي يقول: سمعت أبا مسلم الليثي يقول: سمعت عليّ بن أبي بكر
الجرجاني يقول: سمعت مسعود بن عليّ السجزي يقول: وسمعته - يعني الحاكم أبا عبد
الله - يقول: إسماعيل بن عياش مع جلالته إذا انفرد بحديث لم يقبل منه لسوء حفظه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: وأخبرنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا هبة الله بن محمد ابن جيش
الفراء قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين -
وذكر عنده إسماعيل بن عياش - فقال: كان ثقة فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فيما
روى عن غيرهم فخلط فيها.
قال: وأخبرنا أبو الفرج محمد بن عبيد الله بن شهريار الأصبهاني قال: أخبرنا سليمان
بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سمعت يحيى بن معين
يقول: إسماعيل بن عياش ثقة فيما روى عن الشاميين، وما روى منه عن أهل الحجاز فإن
كتابه ضاع فخلط في حفظه عنهم.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا الحسين بن عليّ التميمي قال:
حدثنا أبو عوانة يعقوب بن اسحق الاسفرائيني قال: حدثنا أبو بكر المروذي قال: سألته
- يعني 136 - ظ أحمد بن حنبل - عن إسماعيل بن عياش فحسن روايته عن الشاميين، وقال:
وهو فيهم أحسن حالا مما روى المدنيين وغيرهم.
قال: وأخبرنا البرقاني قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن حسنويه العزرمي قال: أخبرنا
الحسين بن إدريس الأنصاري قال: حدثنا أبو داود سليمان بن الأشعث قال: وسألت أحمد
عن إسماعيل بن عياش فقال: ما حدث عن مشايخهم، قلت: الشاميين؟ قال: نعم فأما حديث
غيرهم فعنده مناكير.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا موسى بن إبراهيم بن النضر العطار
قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: سألت علياً - يعني ابن المديني - عن
إسماعيل بن عياش فقال: كان يوثق فيما روى عن أصحابه أهل الشام، فأما ما روى عن غير
أهل الشام ففيه ضعيف.
قال الخطيب: وأخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر الخلال قال:
حدثنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: وإسماعيل بن عياش ثقة
عند يحيى بن معين وأصحابنا فيما روى عن الشاميين خاصة، وفي روايته عن أهل العراق
وأهل المدينة اضطراب كثير، وكان عالماً بناحيته.
قال: وأخبرنا ابن الفضيل القطان قال: أخبرنا عثمان بن أحمد الدقاق قال: حدثنا سهل
بن أحمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن عليّ قال: وإسماعيل ابن عياش إذا حدث
عن أهل بلاده فصحيح، فإذا حدث عن أهل المدينة مثل هشام بن عروة، ويحيى بن سعيد،
وسهل بن أبي صالح، فليس بشيء.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي 137 - و قال: أخبرنا أبو القاسم بن
أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال:
أخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء، ح.
قال: وأخبرنا ابن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله - اجازة - قالا: أخبرنا أبو
محمد بن أبي حاتم قال: سألت أبي عن إسماعيل بن عياش فقال: هولين يكتب حديثه، لا
أعلم أحداً كف عنه إلا أبو اسحق الفزاري.
قال: وسمعت أبي يقول: وسئل إبراهيم بن موسى عن إسماعيل بن عياش كيف هو في الحديث؟
قال: كان حسن الخضاب.
وسئل أبو زرعة عن إسماعيل بن عياش فقال: صدوق إلا أنه غلط في حديث الحجازيين
والعراقيين.
وقال ابن أبي حاتم: حدثنا أبي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: سمعت وكيعا
يقول: قدم علينا إسماعيل بن عياش فاخذ مني أطرافا لإسماعيل بن أبي خالد، فرأيته
يخلط في أخذه.
قال
أحمد بن أبي الحواري: قال لي وكيع: يروون عندكم عنه؟ فقلت: أما الوليد ومروان
فيروون عنه، وأما الهيثم بن خارجة ومحمد بن إياس فكأنهم، قال: وأي شيء الهيثم وابن
اياس، إنما أصحاب البلد الوليد ومروان.
كتب إلينا المؤيد بن محمد الطوسي من نيسابور غير مرة قال: أخبرنا أبو عبد الله حمد
بن الفضل الفراوي، ح.
وأخبرنا أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا
أبو بكر محمد بن عليّ بن ياسر الحياني قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال:
أخبرنا أبو الحسن عبد الغافر بن محمد بن أحمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد ابن
عمرويه الجلودي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن سفيان قال: سمعت أبا الحسين مسلم
بن الحجاج يقول: 137 - ظ حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا زكريا
بن عدي قال: قال لي أبو اسحق الفزاري: اكتب عن بقية ما روي عن غير المعروفين، ولا
تكتب عن إسماعيل بن عياش ما روى عن المعروفين ولا عن غيرهم.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفتح الكروخي قال: أخبرنا أبو عامر
محمود بن القاسم، وأبو نصر الغورجي، وأبو بكر التاجر، قالوا: أخبرنا أبو محمد
الحراني قال: أخبرنا أبو العباس المحبوبي قال: أخبرنا أبو عيسى الترمذي قال: سمعت
محمد بن إسماعيل يقول: إن إسماعيل بن عياش يروي عن أهل الحجاز وأهل العراق أحاديث
مناكير، كأنه ضعف روايته عنهم فيما ينفرد به، وقال: إنما حديث إسماعيل بن عياش عن
أهل الشام. وقال أحمد: إسماعيل بن عياش أصلح من بقية، ولبقية أحاديث مناكير عن
الثقات.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن عبد الله السراج بنيسابور قال: سمعت أبا
سعيد بن رميح يقول: سمعت عمر بن رميح بحير يقول: سألت محمد ابن إسماعيل البخاري عن
إسماعيل بن عياش فقال: إذا حدث عن أهل بلدة فصحيح، وإذا حدث عن غير أهل بلده ففيه
نظر.
قال الخطيب: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال:
أخبرنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثنا الحسن بن عليّ
قال: حدثنا أبو صالح الفراء قال: قلت قلت لأبي اسحق 138 - و الفزاري: إني أريد مكة
وأريد أمر بحمص وثم رجل يقال له إسماعيل بن عياش فأسمع منه؟ قال: لا ذاك رجل لا
يدري ما يخرج من رأسه.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا
يعقوب بن سفيان قال: قال: عليّ بن المديني: ضرب عبد الرحمن على حديث إسماعيل بن
عياش، وعلى حديث المبارك بن فضالة.
وقال الخطيب: أخبرنا عليّ بن طلحة المقرىء قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي
قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داود الكرجي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش
قال: إسماعيل بن عياش ضعيف الحديث.
أنبأنا أبو الفرج محمد بن عليّ بن حمزة الحراني قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد
الله بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم
حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: كتب إلى محمد بن الحسن بن
عليّ بن بحر: حدثنا عمرو بن عليّ قال: كان عبد الرحمن لا يحدث عن إسماعيل بن عياش،
فقال له رجل مرةً: حدثنا أبو داود عن أبي عتبة، فقال له عبد الرحمن: هذا إسماعيل
بن عياش،، فقال له الرجل: لو كان إسماعيل لما كتب عنه شيئاً، فسألت عنه أبا داود
فقال: حدثنا إسماعيل بن عياش أبو عتبة.
قال أبو أحمد بن عدي: إسماعيل بن عياش أبو عتبة الحمصي، وذكر له أحاديث لم يروها
غيره، ثم قال: وهذه الأحاديث من أحاديث الحجاز ليحيى بن سعيد، ومحمد بن عمر، وهشام
بن عروة، وابن جريج، وعمر بن محمد، وعبيد الله الوصافي، وغير ما ذكرت من حديثهم
ومن حديث 138 - ظ العراقيين، إذا رواه ابن عياش عنهم فلا يخلو من يغلط فيه إما أن
يكرون حديثاً رأسه أو مرسلاً يوصله أو موقوفاً يرفعه، وحديثه عن الشاميين إذا روى
عنه ثقة فهو مستقيم، وغي الجملة إسماعيل بن عياش ممن يكتب حديثه ويحتج به خاصة في
حديث الشاميين.
أخبرنا
أبو القاسم بن محمد القاضي إجازة عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا
أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر فيما قرأته عليه قال: قرىء
على أبي بكر محمد بن اسحق وأنا أسمع قال: لا أحتج بإسماعيل بن عياش. وأنبأنا أبو
القاسم القاضي عن أبي الحسن عليّ بن المسلم الفقيه: أخبرنا أبو الفرج سهل بن بشر
قال: أخبرنا عليّ بن منير قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن
النسائي قال: إسماعيل بن عياش ضعيف.
أنبأنا زيد بن الحسن البغدادي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر الشامي
قال: أخبرنا أبو الحسن العقيقي قال: حدثنا يوسف بن أحمد قال: أخبرنا أبو جعفر قال:
حدثنا زكريا بن يحيى، ومحمد بن زكريا البلخي قالا: حدثنا محمد بن المثنى قال: ما
سمعت عبد الرحمن يحدث عن إسماعيل بن عياش شيئاً قط.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن محمد بن ناصر عن أبي الفضل التميمي قال: أخبرنا أبو
نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الكريم ابن أبي عبد
الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي ليس ممن يعتمد عليه.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: إسماعيل بن عياش بن سليم، أبو عتبة العنسي من أهل حمص، سمع محمد بن
139 - و زياد الألهاني، وشرحبيل بن مسلم، وبحير ابن سعد، وأبا بكر بن عبد الله بن
أبي مريم، ويحيى بن سعيد الأنصاري، وسهيل ابن أبي صالح، وعبد الله بن عثمان بن
خثيم.
روى عنه سليمان الأعمش، وفرج بن فضالة، وعبد الله بن المبارك، ويزيد ابن هرون،
وأبو داود الطيالسي، وعبد الله بن صالح العجلي، ومحمد بن بكار ابن الريان، وأبو
إبراهيم الترجماني وداود بن عمر الضبي، والحسن بن عرفة العبدي، وكان إسماعيل قد
قدم بغداد على أبي جعفر المنصور، وولاه خزانة الكسوة، وحدث ببغداد حديثاً كثيراً.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم
عليّ بن الحسن قال: إسماعيل بن عياش بن سليم أبو عتبة العنسي الحمصي، وروى عن
شرحبيل بن مسلم الخولاني، ومحمد بن زياد الألهاني وبحير بن سعد، وثور بن يزيد،
وأبي بكر بن أبي مريم، وعمرو بن قيس السكوني، وعمرو ومحمد ابني مهاجر، وضمضم بن
زرعة، والأوزاعي، وهشام بن الغاز الشاميين، وعطاء بن عجلان، وعمر بن محمد بن زيد
العمري، وسهيل بن أبي صالح، وعبد الله بن عثمان بن خثيم المكي، وابن سمعان، وابن
جريج، ويحيى ابن سعيد الأنصاري، وموسى بن عقبة، وعبيد الله بن عمر، ومحمد بن عمرو،
وهشام بن عروة، وإسحاق بن عبيد الله بن أبي فروة الحجازيين، والحجاج بن أرطأة،
وسفيان الثوري، وروى عن الأعمش، وروى عنه سفيان الثوري، والليث بن سعد، ومحمد بن
اسحق، وعبد الله بن المبارك، وعبد الله 139 - ظ بن وهب، وضمرة بن ربيعة، وحجاج بن
محمد الأعور، ومعتمر بن سليمان، ومروان بن محمد الأسدي، والوليد بن مسلم، وموسى بن
أعين، وهشام بن عمار، وسليمان ابن عبد الرحمن، وبقية بن الوليد، وأبو داود
الطيالسي، وأبو قتيبة سلم بن قتيبة، والفرج بن فضالة ويزيد بن هرون، ويحيى بن
حسان، ويحيى بن معين، وعبد الرحمن واقد الواقدي، وهرون بن معروف، والهيثم بن
خارجة، والحسن بن عرفة، ومنصور بن أبي مزاحم، وكثير بن الوليد، والأبيض بن الأغر -
وأبو أيوب سليمان بن أيوب الحمصي، وأبو عبيدة عبيد بن رزين الألهاني، وعبد الوهاب
بن الضحاك، وإبراهيم بن العلاء، ومحمد بن حميد، وأبو اليمان، وعبد الرحمن بن عبد
الله الحلبي، وأبو مسهر، وأبو معمر الطيعي، وداود بن رشيد، وعلي بن عياش، وأبو
الجماهير، وزهير بن عباد، وشبابة بن سوار، وأبو عبيد، ومحمد بن عيسى بن الطباع،
وغيرهم.
وكان حجاجاً، وكانت طريقه على دمشق، حج بضع حجة، وبعثه أبو جعفر المنصور إلى دمشق،
فعدل أرضها الخراجية.
وقال: أخبرنا عمي الحافظ: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن
الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال، أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال:
حدثنا أبو زرعة قال، حدثني يزيد بن عبد ربه قال: ولد إسماعيل بن عياش سنة ست
ومائة، ومات سنة إحدى وثمانين.
أنبأنا
أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: قرأت على الحسن بن أبي بكر عن أحمد بن كامل 140 - و القاضي قال: مات
أبو عتبة إسماعيل بن عياش الحمصي الأزرق في سنة إحدى وثمانين ومائة، وكان ينزل
بغداد، وولاه المنصور خزانة الكسوة.
قال الخطيب: أخبرنا محمد بن الحسين المتوشي قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: أخبرنا
أحمد بن عليّ الأبار قال: حدثنا الحسن بن عليّ قال: سمعت حيوة بن شريح يقول: مات
إسماعيل بن عياش سنة إحدى وثمانين.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا
يعقوب قال: سمعت الحجاج بن محمد الخولاني قال: مات إسماعيل ابن عياش سنة إحدى
وثمانين ومائة، يوم الثلاثاء لست مضين من جمادى.
أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي -
إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن
الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال أبو عبد الله:
وابن عياش فيها مات - يعني سنة إحدى وثمانين ومائة.
أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون وأبو
الحسن بن الطيوري، وأبو الغنائم محمد بن عليّ - واللفظ له - قالوا: أخبرنا أبو
أحمد الغندجاني - زاد ابن خيرون وأبو الحسين الأصبهاني - قالا: أخبرنا: أحمد بن
عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: قال لنا حيوة:
مات - يعني إسماعيل بن عياش - سنة إحدى وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب بن البناء عن عبيد الله بن أحمد الكوفي، ح. 140
- ظ.
قال أبو حفص المؤدب: وأخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إذناً
إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن عبيد الله بن سوار قال: أخبرنا
عبيد الله بن أحمد الكوفي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: أخبرنا عبد الله
بن أبي داود قال: حدثنا ابن مصطفى قال: وإسماعيل بن عياش توفي يوم الثلاثاء لثمان
خلون من شهر ربيع الأول سنة إحدى وثمانين ومائة.
قال أبو البركات الأنماطي: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون
قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن اسحق قال:
أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في خامسة أهل الشام:
إسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي مات سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي - إجازة إن لم
يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال:
حدثنا عبد الله قال: حدثني عباس قال: حدثنا أبو مسلم قال: مات إسماعيل بن عياش سنة
اثنتين وثمانين.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص -
إجازة - قال: حدثنا أبو محمد عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخبرني عبد الرحمن
بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيدة القاسم بن سلام قال: سنة
اثنتين وثمانين ومائة، فيها مات 141 - و إسماعيل بن عياش بحمص.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال:
أخبرنا الحافظ أبو القاسم عليّ بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال:
أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن
سعد قال: في الطبقة الخامسة من أهل الشام إسماعيل بن عياش، ويكنى أبا عتبة، حمصي،
توفي سنة اثنتين وثمانين ومائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد
بن عليّ بن ثابت قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم بن
عبدان الجدري في كتابه إلينا من شيراز قال: حدثنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال:
حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة اثنتين وثمانين
ومائة فيها مات إسماعيل بن عياش الحمصي، يكنى أبا عتبة.
قال
الخطيب: وأخبرنا أبو سعيد بن حسنوية قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال:
حدثنا عمر بن أحمد الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات إسماعيل بن عياش
سنة اثنتين وثمانين ومائة.
قال الخطيب: وأخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا
أحمد بن عليّ الأبار قال: سألت عمرو بن عثمان عن إسماعيل بن عياش متى قال: سنة
إحدى أو اثنتين وثمانين. 141 - ظ.
حرف الغين في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن غازي بن عبد الله النقيب: أبو محمد الحراني، حكى عن زاكي المجنون
الحراني، وكان يرجع إلى فضل وخير، روى عنه ابنه إبراهيم الذي ذكره، ذكر لي رفيقنا
أبو محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني، وحكى لنا عنه، وذكر لي أنه دخل حلب غير
مرة.
أخبرني أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن شجانة الحراني بها قال: أخبرني إبراهيم بن
إسماعيل النقيب قال: أبي: خرجت من حران إلى الموصل في زمن الشتاء والوحل والأمطار،
وكانت جمال الناس تقع كثراً، وقاسى الناس شدة عظيمة، وكنت أخشى على نفسي لما أعلم
من ضعفي، فنمت فسمعت قائلاً يقولك ألا أعلمك شيئاً إذا قتله لم يقه جملك وتأمن به؟
فقلت له: بلى والله ولك الأجر، فقال لي: قل: " إن الله يمسك السماوات والأرض
أن تزولا " الآية، فقلتها فما وقع جملي حتى دخلنا الموصل، وهلك للناس شيء
كثير من سقوط جمالهم وسلم ما معي.
أنشدني أبو محمد بن شجانة قال: أنشدني أبو إسماعيل الحراني قال: أنشدني أبي
إسماعيل قال: سمعت زاكي المجنون الحراني ينشد:
قد تحرق النار من له كبد ... فمن هو النار فكيف يحترق
قالوا: به جنة ولو علمواأن جنوني به لما نطقوا 142 و
توفي أبو محمد النقيب بإربل.
حرف الفاء في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن فضائل بن سعيد: أبو محمد البدليسي الصوفي، من أهل بد ليس، إحدى بلاط
أخلاط، قدم الشام منها واجتاز بحلب أو ببعض عملها في طريقه.
ذكره الحافظ أبو القاسم الدمشقي في تاريخه بما أنبأنا به أبو البركات الحسن ابن
محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي أبو القاسم عليّ بن الحسن بن هبة الله قال: إسماعيل
بن فضائل بن سعيد، أبو محمد البدليسي، من أهل بدليس من بلاد أرمينية، قدم دمشق،
ونزل دويرة الصوفية مدة ثم جعل إماماً في الجامع، وسكن دار الخليل، وكان متصوفاً،
قليل التبذل، حافظاً للقرآن برواياتٍ، ملازما لبيته، فأقام إماما في الجامع نيفا
وثلاثين سنة إلى أن ظهر عليه شيء في اعتقاده من ميله إلى التشبيه، فعزل عن الإمامة
في شهر رمضان سنة ثمان وعشرين وخمسمائة ونصب أبو محمد بن طاوس مكانه، وجرت في ذلك
تعصبات ومرافات إلى الوالي، فاستقر الأمر على أنه لا يتقدم في الجامع غير إمام
الشافعية، وإمام الحنفية لا غير، وبقي الأمر كذلك مدة، وكان البدليسي في ابتداء
أمره صوفياً مجرداً، حكي عنه أنه كان في الدويرة، فإذا أصابه احتلام اغتسل بالماء
البارد، فقال له بعض الناس: لو جعلت تحت سجاتك صحيحاً تدخل به الحمام، فقال: أنا
أظهر التصوف فكيف أدخر شيئاً 142 - ظ ثم أثرى بعد ذلك من التجار فيما كان يأخذه من
الأجر على الصلاة، ومن قبول الصلات، واشترى بستاناً ومات وخلف قطعة من المال،
وكانت وفاته في الثالث من ذي الحجة سنة خمس وثلاثين وخمسمائة، ودفن ببستانه من أرض
كفر يا مقرى.
إسماعيل بن المفضل: حدث بطرسوس عن أبي أمية محمد بن إبراهيم الطرسوسي، روى عنه
أحمد بن محمد بن هرون الخلال، وسمع منه بطرسوس.
حرف القاف في آباء من اسمه إسماعيل
إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل الإمام: أبو القاسم الحلبي الخياط المؤدب، وبعضهم
ينسبه المصري، كان حلبياً، وأظنه سكن مصر فنسب إليها، ثم سكن دمشق، وحدث بحلب،
وحمص، وحماة، ودمشق.
سمع
بحلب: أبا العباس يحيى بن عليّ بن هاشم الكندي، ومحمد بن أحمد ابن عبد الله
الرافقي بن عبد الحميد الغضائري، وأبا الفضل العباس بن الفضل بن حبيب الدباج
السامري الحافظ، وبأنطاكية اسحق بن أبي عبد الرحمن الأطروش، وأبا الطاهر الحسين بن
أحمد بن إبراهيم بنفيل، وأبا العباس الوليد ابن عبد العزيز بن أبان، وأبا الحسن
يعقوب بن اسحق بن أبي عبد الرحمن العطار الأنطاكيين، وبطرسوس أبا عبد الله محمد بن
أحمد السوانيطي، وأبا عبد الله محمد بن يزيد الذرقي، وبأذنه أبا عمير عدي بن أحمد
بن عبد الباقي الأذني، وروى عنهم أبي أحمد العباس بن 143 - و الفضل بن جعفر المكي،
ومكحول البيروتي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن محمد بن الحسين، المعروف بابن نضلة،
وأبي الحسن بن اسحق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، وابن خيرة الرقي.
روى عنه أبو المعمر المسدد بن عليّ بن عبد الله الأملوكي الحمصي، وأبو القاسم تمام
بن محمد بن عبد الله الرازي، والقاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله ابن إبراهيم
الطرسوسي، وأبو الحسن عليّ بن محمد بن الطيوري الحلبي الفقيه، وأبو الفتح المؤيد
بن أحمد بن عليّ الخطيب، وأبو نصر بن عبد الوهاب بن عبد الله ابن الجبان، وعبد
الوهاب الميداني، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي، وأبو الحسين
عليّ بن عبد القاهر الأزدي الصايغ، وأبو العباس أحمد بن محمد بن زكريا النسوي
الصوفي، وأبو عليّ الحسن بن عليّ بن شواش، وشعيب بن عبد الرحمن بن عمر بن نصر،
وأبو الحسن عبيد الله بن الحسن بن أحمد بن الوراق، ومكي بن محمد بن العمر، وأبو
المجد محمد بن عبد الله بن سليمان المعري.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن صصرى الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو الحسن
عليّ بن عساكر بن سرور المقدسي بقراءة أبي عليه قال: أخبرنا القاضي الخطيب أبو عبد
الله الحسن بن أحمد بن عبد الواحد بن أبي الحديد السلمي قال: أخبرنا أبو المعمر
المسدد بن عليّ بن عبد الله الأملوكي قال: حدثنا أبو القاسم إسماعيل بن القاسم بن
إسماعيل الحلبي بحمص يوم الجمعة لسبعٍ وعشرين ليلة خلت من ذي القعدة سنة سبعين
وثلاثمائة قال: حدثنا أبو الحسن عليّ بن عبد الحميد الغضائري قال: حدثنا عبد الله
بن معاوية الجمحي قال: حدثنا ثابت بن يزيد عن هلال بن خباب 143 - ظ عن عكرمة عن
ابن عباس قال: دخل عمر على النبي صلى الله عليه وسلم وهو على حصير قد أثر في جنبه
فقال: يا رسول الله لو اتخذت فراشاً أوثر من هذا؟ فقال: " مالي وللدنيا، وما للدنيا
ومالي، والذي نفسي بيده ما مثلي ومثل الدنيا إلا كراكب سار في يوم صائف فاستظل تحت
شجرة ساعة من نهار ثم راح وتركها " .
أنبأنا زين الأمناء أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم
عليّ بن الحسن الحافظ قال: إسماعيل بن القاسم بن إسماعيل، أبو القاسم المصري
الخياط المؤدب، كان يسكن باب كيسان، روى عن محمد بن أحمد بن عبد الله الرافقي نزيل
حلب، وأبي عمير عدي بن أحمد بن عبد الباقي الأذني، وأبي الطاهر الحسن بن أحمد بن
إبراهيم بن فيل، وعلي بن عبد الحميد الغضائري، وأبي عبد الله محمد بن يزيد الدرقي
نزيل طرسوس، ومكحول البيروتي، وأبي العباس الوليد بن أبان الأنطاكي، وأبي الحسن
أحمد بن محمد بن الحسن، المعروف بابن بصلة، وأبي العباس يحيى بن عليّ بن هاشم
الكندي الحمصي. وأبي الحسن يعقوب بن اسحق بن إبراهيم بن يزيد العسقلاني، وأبي
يعقوب اسحق ابن أبي عبد الرحمن الأنطاكي العطار، وأبي الفضل العباس بن الفضل
الدباج البغدادي نزيل حلب.
روى عنه تمام بن محمد، وعبد الوهاب الميداني، وأبو نصر بن الجبان، ومكي ابن محمد
بن الغمر، وأبو الحسين عليّ بن عبد القاهر الأزدي الصائغ، وأبو المعمر المسدد بن
عليّ الحمصي، وأبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن طلحة الصيداوي وأبو عليّ الحسن
بن عليّ شواش، وأبو الحسن 144 - و عبد الله بن الحسن ابن أحمد الوراق، وشعيب بن
عبد الرحمن بن عمر بن نصر، وأبو العباس أحمد ابن محمد بن زكريا النسوي الصوفي.
كذا
قال الحافظ أبو القاسم في ذكر شيوخ أبي القاسم هذا: يحيى بن عليّ بن هاشم الكندي
الحمصي، وليس بحمصي، بل هو يحيى بن عليّ بن محمد هاشم الخفاف الكندي الحلبي مولداً
وداراً، وستأتي ترجمته في موضعها من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
وذكر في جملة شيوخه أيضاً: أبا الفضل العباس بن الفضل الدباج البغدادي نزيل حلب،
فذكرناه نحن أيضاً اعتماداً على قول الحافظ، وتقليداً له، وفي النفس منه شيء،
فإنني أخشى أن يكون أبا أحمد العباس بن الفضل بن جعفر المكي، فإنه من شيوخ إسماعيل
الحلبي، ووقع لنا جزء من حديثه رواه لنا شيخنا أبو القاسم ابن صصرى، وقد أوردنا
حديثاً منه في أول الترجمة، وروى في ذلك الجزء عن العباس بن الفضل بن جعفر المكي
فلعل روايته عن العباس بن الفضل المكي وقعت إلى الحافظ أبي القاسم فظنه العباس بن
الفضل الدباج، فعده من جملة شيوخه، وليس منهم، ولم يقع إلي ما يدل على أنه روى عن
الدباج غير ما ذكره الحافظ، والدباج هو من أقران أبي القاسم الحلبي فنبهت على ذلك
إلى أن يتضح الأمر فيه إن شاء الله تعالى.
مات أبو القاسم إسماعيل بن القاسم الحلبي بعد ذي القعدة من سنة سبعين وثلاثمائة،
فإنه حدث بحمص في هذا التاريخ كما أوردناه في الحديث الذي أسندناه. 144 - ظ.
إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان: أبو العتاهية، وقيل اسمه القاسم بن إسماعيل،
وقيل اسمه إبراهيم، وكنيته أبو اسحق، وأبو العتاهية لقب له، ويكنى كيسان أبا سويد،
وقيل كيسان لقب جد أبيه، وأبو سويد اسمه، ولقب كيسان في صغره لذكائه وكيسه، وهو
مولى لعنزة، قيل هو مولى عباد بن رفاعة العنزي، وقيل هو مولى لعطاء بن محجن، وقيل
انه كان بائع جرار، وكان شاعراً سهل الألفاظ حلوها، قادراً على النظم، غزا مع هرون
الرشيد غزاته التي فتح فيها هرقلة، ومدحه عند فتحها بأبيات سنذكرها إن شاء الله
تعالى.
لقي أبو العتاهية بقية بن الوليد، وأظنه كتب عنه، وروى عن سليمان بن مهران الأعمش.
روى عنه ضرام - وقبل صدام، وقيل صدران - بن ريحان بن جميل، ويحيى ابن معين،
والرياشي، وأشجع السلمي، وأبو سلمة الغنوي، وأبو أيوب سليمان ابن أبي شيخ،
وإبراهيم بن أبي شيخ، وأحمد بن الحسن الصوفي، ويعقوب السواق، وعبد الله بن الضحاك،
وإسحق بن إبراهيم الموصلي، وإسحق بن أحمد ابن نهيك، وأبو الشمقمق، ومساور السياف،
وابنه محمد بن أبي العتاهية، وأبو رياح، وسلم بن وارع الخواص، وعلي بن عبيدة
الريحاني، ومنصور بن عمار الزاهد، وأبو الحواجب محمد بن يحيى الأنصاري، وأبو توبة
صالح بن عبد الله بن زياد بن دراج، وأحمد بن عليّ بن مرزوق، ومشرف بن سعيد، وأبو
سعيد محمد بن النعمان، وحسن بن شقرة، وأبو شعيب الحجام، ومخارق المغني ومحمد بن
صالح العدوي، ومحمد بن عيسى الحربي، وأبو دعامة إسماعيل بن علي، ومحمد بن عمرو
الطرطوسي الشاعر، وداود بن يحيى بن عيسى بن النجار أخبرنا لؤلؤ بن عبد الله الحارمي
الغنوي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا محمد بن بركات
السعيدي - اجازة ان لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو عبد الله القضاعي قال: حدثنا
أبو حازم محمد بن الحسين بن محمد ابن خلف بن الفراء البغدادي - املاء من كتابه -
قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن غالب الفقيه - قراءة عليه قال: حدثنا أبو صخرمالك بن
الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان بن عصام بن خشيته بن أسود بن مرثد بن عوف بن كعب
بن سعد ابن زيد مناة بن تميم قال: حدثنا أبو الحسن صعصعة بن الحسين الرقي الأنصاري
حافظ ثقة - بمرو قال: حدثنا محمد بن ضرام بن ريحان بن جميل قال: حدثنا أبي قال:
حدثنا أبو العتاهية القاسم بن اسماعيل الشاعر، ح.
وأخبرنا
به عالياً أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - فيما أذن فيه - قال: أخبرنا أبو منصور
بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت قال: أخبرنا محمد بن طلحة قال:
حدثنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن عبد الله بن محمد ابن سهل الفارسي - قدم علينا من
مرو حاجا - قال: حدثنا مالك بن الحسن بن مالك بن الحكم بن سنان السعدي المروزي من
لفظه بمرو قال: حدثنا صعصعة بن الحسين الرقي بمرو قال: حدثنا محمد بن صدام بن
ريحان بن جميل قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو العتاهية الشاعر إسماعيل بن القاسم
قال: حدثنا سليمان بن مهران الأعمش عن أبي سفيان طلحة بن نافع عن جابر بن عبد الله
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كثر - وقال أحمد بن محمد بن
غالب: من كثرت صلاته بالليل حسن وجهه بالنهار " .
ونقلت هذا الحديث من خط الحافظ أبي طاهر السفلي، وذكر أنه أنتخبه من من أصول
سماعات القاضي أبي الطيب الجنزي، وقرأه عليه، وأنبانا به أبو القاسم عبد الله بن
الحسين بن رواحة قال: أنبأنا أبو طاهر اليلفي قال: أخبرنا القاضي أبو طاهر بن
المسدد بن المظفر الجنزي بثغر جنزة قال: أخبرنا أبو القاسم عليّ بن عبد الرحمن بن
الحسن النيسابوري بثغر تفليس قال: أخبرنا حمزة بن عبد العزيز بن محمد المهلبي قال:
أخبرنا أبو بكر عبد الرحمن بن محمد بن علوية الأبهري قال: حدثنا مصعب بن الحسين
الرقي قال: حدثنا محمد بن صدران بن ريحان بن جميل قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو
العتاهية، وأمه القاسم بن إسماعيل الشاعر، قال: حدثنا الأعمش عن أبي سفيان بن جابر
قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من كثرت صلاته بالليل حسن وجه
النهار " 145 - ظ أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال:أخبرنا أبو منصور
القزاز قال: أخبرنا أحمد بن عليّ بن ثابت الخطيب قال: إسماعيل بن القاسم بن سويد
بن كيسان، أبو إسحاق العنزي، المعروف بأبي العتاهية الشاعر، أصله من عين التمر،
ومنشأه الكوفة، ثم سكن بغداد، وأبو العتاهية لقب لقب به لاضطراب كان فيه، وقيل بل
كان يحب المجون والخلاعة، فكني لعتوه أبا العتاهية وهو أحد من سار قوله، وانتشر
شعره، وشاع ذكره، ويقال: إن أحدا لم يجمع له ديوانه بكماله، لعظمه، وكان يقول في
الغزل والمديح والهجاء قديما، ثم نسك وعدل عن ذلك إلى الشعر في الزهد، وطريقة
الوعظ، فأحسن القول فيه وجود، وأربى على كل من ذهب ذلك المذهب، وأكثر شعره حكم
وأمثال، وكان سهل القول، قريب المأخذ، بعيدا عن التكلف مقدما في الطبع.
نقلت من أخبار أبي العتاهية للآمدي - وذكر كاتبها أنه نقلها من خط الآمدي - قال:
وكان مولد أبي العتاهية سنة اثنتين وثلاثين ومائة، ويقال: بل ولد في سنة ثلاثين
ومائة.
صغره وذكائه فكان كيسان في يد عباد، وتبناه حتى شب، وأدخله معه الكوفة في معسكر
سعد بن أبي وقاص يوم القادسية، وكان لعباد ابن من سرية له أسمه زياد، فلما بلغ
كيسان مبلغ الرجال أعتق عباد أما والده، وزوجه بها، فولدت له أبناً فسماه عباد بن
رفاعة سويداً، فكان زيد بن عباد وسويد بن كيسان أخوين لأم، وتوفي عباد وبعده
كيسان، وبلغ سويد مبلغ الرجال، وقد أعقب زيد أخوه لأمه عدة بنين، وتوفي زيد أيضاً،
فكان سويد بن كيان هو القائم بأمور ولد أخيه زيد، ورزق سويد الولد، فكان من ذكور
ولده: القاسم، ومحمد، وإسماعيل، وعبد الرحمن، وحسان، ثم ان البعث ضرب على ولد زيد
بن عباد مع قتيبة بن مسلم إلى خراسان، فخرجوا جميعاً، وأقام سويد بن كيسان عمهم
وولده في ديار بالكوفة، وأعقب القاسم بن سويد ابنين وبنتاً، فأحد الابنين 147 - ظ
إسماعيل أبو العتاهية، وهو اصغر ولده، والآخر يزيد وهو بكره، وانما سماه القاسم
زيداً باسم عمه يزيد بن عباد بن رفاعة، وكانت أم زيد وإسماعيل بنت رجل من عظماء
أهل بخارى يقال له زياد، ومن ولده يحيى بن جرير، كان بالكوفة له نس، ويحيى هو ابن
خال أبي العتاهية لحا، وكان زياد جد أبي العتاهية من قبل أمه مولى محمد ابن هاشم
بن عمرو بن عتبة الزهري، زهرة قريش، أخوال رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعمرو بن
مالك بن عتبة هو الذي كان على الناس يوم جلولاء الوقيعة، المرقال من بني عمه.
قال:
ولما لم يصح لأبي العتاهية من نسبه أكثر من هذه الجملة أقتصر على الظاهر دون الخفي
وانتمى إلى ولاء عباد بن رفاعة العنزي من قبل أعماله، وغلى ولاء محمد بن هشام
القرشي من قبل أخواله، وكان لا يرى التفاضل بالأنساب والمناكح واجباً، ومما قال في
ذلك:
وإذ تناسبت الرجال فمى أرى ... نسباً يقاس بصالح الأعمال
وله أيضاً يومئ إلى ذلك:
ما بال من أوله نظفة ... وجبيفة آخره يفخر
قال: ولم يكن يصاهر إلا الوالي.ولا يضع نفسه إلا في جملتهم وعدادهم.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، ومحمد بن يحيى قالا: حدثنا أبو أحمد
البربري قال: حدثني ابن مهرويه قال: حدثني الحسن بن عليّ قال: حدثني أحمد بن
الحجاج العنزي قال: حدثني صعب بن دوبل أبو دوبل الحداني قال: كنت عند 148 - و مندل
وحبان ابني عليّ بن الحارث بن قيس العنزي، وهما من ولد عمرو بن عامر بن سعد بن
حبان بن حبيب بن أوس بن طريف بن النمر بن يقدم بن عنزة، فأتاهما أبو العتاهية
مشجوجاً قد ضرب، فقال لهما: من أنا؟ فقال حبان ومندل: أنت إسماعيل بن القاسم،
أخونا وابن عمنا ومولانا قال: فإن فلاناً الجرار ضربني وقال لي: يا نبطي، فغضبنا
له، وقاما معه حتى أخذا له بحقه.
وقال: حدثني أبو عبد الله الحكمي، وأبو بكر الصولي قالا: حدثنا ابن موسى قال:
حدثني محمد بن القاسم بن مهرويه قال: حدثني الحسن بن عليّ البصري قال: حدثني محمد
بن محمد بن معاوية الأسدي عن جبارة بن الغلس قال: أبو العتاهية مولى لعطاء بن محجن
من سادة أهل الكوفة، فخاصم يسير بن عبد الرحمن العجلي، وكان على شرطة الكوفة، فذهب
ليقنعه فبدر عطاء بن محجن فقنعه حتى فر منه.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن خيثمة قال: حدثنا محمد
بن أبي العتاهية قال: كنية أبي أبو اسحق، وأبو عتاهية لقب، وكان الهدي قال له
يوماً: أنت إنسان متعته متحذلق تجهل، فاستولت له من ذلك اليوم منية غلبت عليه،
وسارت له دون اسمه وكنيته.
وقال الآمدي فيما نقلته من كتابه: وقيل إنما لقب بهذا اللقب لاضطراب كان في خلقه
كأنه معتوه.
قال: ويقال: بل كان ابنه محمد يلقب عتاهية فكني به 148 - ظ.
قلت: وقد روى بعض أصحاب الجاحظ عنه أنه قال: كان أبو العتاهية غلاماً بالكوفة
مخنثاً، وكان أبوه جراراً، وكان مولى لعنزة، وكان يلقب بثاته، فخرج من الكوفة على
ذلك، فصار إلى بغداد ففتح له من الشعر فقاله، وكسب المال وصار إلى ما صار إليه.
وقال أبو العباس أحمد بن عبيد الله بن عمار في أخبار أبي العتاهية: ولم يصنع
الجاحظ في قوله " كان مخنثاً " شيئاً، لكن حالته في أول أمره كانت
خسيسة، وكان أبوه من السوقة بالكوفة، ففي كلامه لين وترصيع بطبع رقيق وقريحة صحيحة
فكان كلامه نقياً مختصراً، ومعانيه قريبة المأخذ، وكان يحب أن يحكي كلام كل صنف من
الناس.
قرأت
في كتاب الورقة تأليف محمد بن داود بن الجراح قال: أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم
كيسان، كوفي، مولى لعنزة، وكان يتكسب بالعشق، ويتوصل إلى مدح الخلفاء، وله من
الشعر الجيد في الرقيق والمدح والزهد ما ليس لأحد، وعلى ذلك كثر غثاؤه وسقطه، وكان
سلم يقول: هو أشعر الأنس والجن. وقرأت في معجم الشعراء تأليف أبي عبيد الله محمد
بن عمران المرزباني، وأنبأنا به ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد
الجوهري عن أبي عبيد الله قال: أبو العتاهية إسماعيل بن القاسم بن سويد بن كيسان
مولى عباد بن رفاعة العنزي الكوفي، وكان كيسان جده من أهل عين التمر، وأبو
العتاهية لقب، وكنيته أبو اسحق، ولقب لإضراب كان فيه، ويقال: وهو مولى لعطاء بن
محجن العنزي أحد بني نصر بن سعد بن حبان 149 - و ويقال: اسم أبي العتاهية إبراهيم
بن اسحق، والأول أصح، وكان جراراً يبيع الخزف بالكوفة، وأمه أم زيد بنت زياد
البخاري، مولى لبني زهرة، وولد في سنة ثلاثين ومائة ومات ببغداد في سنة عشر
ومائتين، وقيل في سنة إحدى عشرة، وقيل قبل ذلك وبعده، والأول أصح، وقبره في الجانب
الغربي من مدينة السلام قبالة قنطرة الزياتين، وكان أبيض اللون، أسود الشعر،
قصيفاً طريفاً له وفرة جعدة، وهيئة حسنة، مخضب في آخر عمره بالحناء، وأخباره مع
المهدي، والهادي، والرشيد، والأمين، والمأمون مشهورة، وكان ذا منزلة عند الخلفاء
والوزراء وعلية أهل الدولة، ومذهبه في سهولة الطبع وقرب المأخذ، والبعد من التكلف
متعالم غير مدافع، حتى أن قائلاً لو قال: انه أطبع الناس أجمعين لما خولف في قوله،
وهو مفتن في سائر أجناس الشعر وأنقذ قوله في آخر عمره فيما لم يشركه أحد ممن تقدمه
من الشعراء ولا من تأخر عنه من القول في الزهد، والمواعظ، والعبر، والأمثال.
وقرأت في كتاب المستنير لأبي عبيد الله المرزباني قال: حدثني عليّ بن أبي عبد الله
الفارسي قال: أخبرني أبي عن أبي دعامة عليّ بن بر يد قال: كان أبو العتاهية كوفياً
مولى لعنزة، وكان جراراً، وكان أبوه يكنى أبا إسماعيل، وكان في الديوان دهراً،
فلما نسك أبو العتاهية، وترك الديوان، وقال في الزهد، تعلم الحجامة ليذل نفسه بذلك
ويتواضع به، فأخبر يحيى بن 149 - ظ خالد، فقال: ما دعاه إلى هذا؟ قيل: أراد أن يذل
نفسه، قال: أما كانت له صناعة قبل هذا؟ قيل: بلى، كان يبيع الجرار، فقال: لقد كان
له في بيع الجرار من الذل ما يغنيه عن الحجامة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن أبي الحسن البغدادي بالقاهرة قال: أنبأنا أبو
الفضل محمد بن ناصر بن عليّ قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أيوب البزاز، وأبو
الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو عليّ الحسن بن أحمد بن شاذان قال:
أخبرنا أبو عليّ الطوماري قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: حدثنا أبو
العباس المبرد عن الرياشي قال: أقبل أبو العتاهية ومعه سلة محاجم، فجلس إلينا
وقال: لست أبرح أو تأتوني بمن أحجمه، فجئناه ببعض عبيدنا فحجمه، ثم يقول:
إنما التقوى هي العز والكرم ... وحبك للدنيا هو الذل والعدم
وليس على عبد تقي نقيصة ... إذا صح التقوى وإن حاك أو حجم
قرأت في كتاب المستنير للمزرباني عن محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه
قال: وأخبرني الحسين بن محمد العرمرم قال: أخبرنا محمد بن يزيد النحوي قال: كان
أبو العتاهية يبيع الجرار بالكوفة، وكانت له ابنتان سمى أحدهما بالله والأخرى لله،
فخطب أحديهما منصور بن المهدي، فلم يزوجه أبو العتاهية، وقيل: إنما مالت نفسه
إليها لأنها أحديهما منصور بن المهدي، فلم يزوجه أبو العتاهية، وقال: إنما مالت
نفسه إليها لأنها بنت أبي العتاهية وأن اسمها لله، وكأني به في غد قد ملها وضامها،
فلم يكن إلى الانتصاف منه سبيل، وما كنت لأزواجها إلا بائع جرار 150 - و لا يطول
عليها، ولكني أختاره مؤشراً.
وقال:
حدثني عليّ بن أبي عبد الله الفارسي قال: أخبرني أبي قال: حدثني عليّ بن مهدي قال:
حدثني عبد الله بن عطية قال: رأيت أبا العتاهية أيام محمد على قنطرة الصراة شيخاً
مخضوباً عليه رداء ونعل، يوم الجمعة والناس يمرون إلى الصلاة وهو يمشي وخلفه غلام
له على حمار، فسألت غلامه لم لا يركب؟ قال: لا يمضي إلى صلاة الجمعة إلا راجلاً،
فإذا انصرف ركب. 150 - ظ.
؟؟بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
وقال أبو عبد الله المرزباني حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني محمد ابن موسى
البربري قال: حدثني محمد بن الحسن قال: حدثني يحيى بن الحسن قال: اخبرني محمد بن
سعيد بن منصور خال المهدي قال: كان أبو العتاهية من أهل الكوفة، وكانوا ستة أخوة
يتصرفون في تجاراتهم، وكان أبو العتاهية أوضعهم حالاً، فقالت له أمه: كم تصبر على
هذا الضر وتنتظر ما يكون من أخوتك، فلو صرت إلى بغداد، فأطاع أمرها، وصار إلى
بغداد واتخذها تختاً يبيع فوقه الفلوس، قال أبو العتاهية: فحضرتني أبيات قالتها في
سعيد بن منصور فقال لي: لو قلت شيئاً في أمير المؤمنين المهدي أوصلته إليه، فقلت
أبياتاً على الدال منها:
شهدت قريش والقبائل كلها ... بفضل أمير المؤمنين محمد
فأمر لي بعشرة آلاف درهم، فأخذتها، وانفتح لي الشعر فقلت فيه، فأمر لي بمثلها حتى
وصل إليّ منه مائة ألف درهم، وكان سعيد بن منصور السبب في ذلك. ثم انفتحت لي
الأمور.
وقال: حدثني محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا محمد بن
أبي العتاهية قال: كان أبي في صغره أحد أهل الفتك والمزح، ولم يكن له تشاغل عن
الأدب بشيء، وكان مكفياً قد ورث أباه عقاراً بقيمه، وكان يأتي الحيرة ونواحيها
كثيراً 152 - و للنزهة والشرب هناك.
وقال: كان أبي يسلك في الأدب مسلك عبد الله بن المقفع، ولم يكن يقدم على العلوم
الأوائل من الهند والروم وأهل فارس علماً، ولا يزيد على حكمتهم شيئاً، وكان يقول
بالتوحيد غير أنه كان يزعم أن الله عز وجل أحدث جوهرين متضادين لا من شيء، ثم أنه
بنى العالم هذه البنية منهما، وكان يقول: إن العالم حديث العين والصنعة لا محدث له
ولجميع ما فيه إلا الله تعالى وحده، كان يزعم أن الله عز وجل سيعيد كل شيء مما خلق
على هذه الصنعة إلى الجوهرين المتضادين، أو قال: الأصلين الحديثين لا من شيء قبل
أن تفنى الأعيان جميعاً، وكان يذهب إلى أن المعارف واقعة بقدر الفكر والبحث
والاستدلال طباعاً، وكان يقول: إن الله عز وجل لم يزل موصوفاً بالحي، " وإنه
لا تدركه الأبصار وهو يدرك الأبصار " وكان يذهب إلى أن الحوادث كلها خيرها
وشرها مذ برأ الله العالم وإلى والى أن يبيده فلكية على ما ذهب المنجمين ما خلا
الإرادة فقط، وكان يقول بالوعيد، وبتحريم المكاسب على مذهب الزيدية، وكان يتشيع
لآل رسول الله صلى الله عليه وسلم، غير أنه لم يكن ينتقص أحداً من أصحاب رسول الله
صلى الله عليه وسلم، ولا من أمهات المؤمنين رحمهن الله، ولم يكن يرى الخروج على
السلطان، ولا يرى الجدل والرماء في الدين، وكان يذهب إلى خلع الدنيا والزهد فيها
والتصوف والقناعة، وكان يقول: الاستطاعة مع 152 - ظ الفعل، إن الله عز وجل قضى
السيئات والحسنات.
وقال: كانت لأبي جارة تشرف على سطحه، فرأته ليلة يقنت، فروت عنه أنه يكلم القمر،
واتصل الخبر بحمدويه صاحب الزنادقة، فصار إلى منزلها وبات وأشرف على أبي العتاهية
فرآه يصلي، فلم يزل يرقبه حتى قنت وصار إلى مضجعه، فانصرف حمدويه خاسئاً.
قال المرزباني: أخبرني محمد يحيى قال: حدثنا أو ذكوان قال: حدثنا العباس بن رستم
قال: كان حمدويه الزنادقة أراد أن يأخذ أبا العتاهية ففزع من ذلك فجلس حجاماً.
قال المرزباني: أخبرني الصولي قال: حدثني عون بن محمد قال: سمعت العباس بن رستم
يقول: كان أبو العتاهية مذبذبا في مذهبه، ويعتقد شيئاً، فإذا سمع طاعناً عليه
اعتقاده وأخذ غيره، قال: وشعره يدلك على ذلك.
وقال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثني شيخ من مشايخنا
قال:: حدثني أبو شعيب الحجام صاحب ابن أبي دُاؤد قال: قلت لأبي العتاهية: القرآن
مخلوق أو غير مخلوق؟
فقلا:
سألت عن الله أو غير الله؟ قلت: عن غير الله، فأمسك حتى أعدت عليه هذا مرات، يقول
لي مثل قوله، فقلت: مالك لا تجيبني؟ قال: قد أجبتك، ولكنك حمار.
قال: وأخبرني محمد بن العباس قال: حدثني أبو أحمد بن يحيى بن عليّ قال: حدثني ابن
مهرويه قال: حدثنا العباس بن ميمون طلائع عن رجاء بن سلمة قال: سمعت أبا العتاهية
يقول: قرأت البارحة " عم يتساءلون " ثم قلت قصيدة خراً منها.
وقال: 153 - و أخبرني الحسين بن عليّ قال: حدثني الحسن بن عليل العنزي قال: حدثني
أحمد بن سليمان الحنفي قال: حدثني أبي قال: شهد رجل على أبي العتاهية بالزندقة،
ونحن بطوس مع الرشيد فحبسه الرشيد منذ غدوه إلى العصر، وطلبوا شاهداً آخر فلم
يجدوا فأطلقه، ثم حبسه ثانية، فدخلنا عليه الحبس فأنشدنا:
هي الأيام والعبر ... وأمر الله ينتظر
أتيأسُ أن ترى فرحاً ... فأين الله والقدر
فأطلقه الرشيد.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن بنا أن نرويه - قال: أخبرنا أبو
منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عليّ بن ثابت قال: أخبرنا أبو بكر
البرقاني قال: أخبرنا محمد بن العباس بن محمد الخزار قال: حدثنا محمد بن المرزبان
قال: أخبرني عبد الله بن محمد قال: أخبرني الحسين ابن عبد الرحمن قال: قال الرشيد
لأبي العتاهية: الناس يزعمون أنك زنديق؟! فقال: يا سيدي كيف أكون زنديقاً وأنا
القائل:
أيا عجبي كيف يعصى الإل ... ه أم كيف يجحده جاحدُ
وفي كل شيء له آيةٌ ... تدل على أنه واحد
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ ابن أحمد
الغساني قال: أخبرنا أحمد بن عليّ البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن عليّ الجوهري
قال: أخبرنا محمد بن عمران بن موسى الكاتب قال: حدثنا عبد الواحد ابن محمد الخصيب
153 - ظ قال: حدثني أبو الفضل ميمون بن هرون قال: حدثني العبر قال: جلس منصور بن
عمار بعض مجالسه، فحمد الله وأثنى عليه وقال: إني أشهدكم أن أبا العتاهية زنديق،
فبلغ ذلك أبا العتاهية، فكتب إليه:
إن يوم الحساب يوم عسير ... ليس للظالمين فيه نصير
فاتخذ عدة لمطلع القب ... ر وهطول الصراط يا منصور
ووجه بها أبو العتاهية إلى منصور، فندم على قوله، وحمد الله وأثنى عليه وقال:
أشهدكم أن أبا العتاهية قد اعترف بالموت والبعث، ومن أعترف بذلك فقد برىء مما قذف
به.
قرأت في كتاب المستنير للمرزباني قال: حدثني عليّ بن أبي عبد الله قال: أخبرني أبي
قال: حدثني عليّ بن مهدي الكسروي قال: حدثني محمد بن يزيد العمي عن عمرو بن مالك
المذاري قال: كان أبو العتاهية من عندنا وكان أبوه يباع الجرار، وكان ضيق المعاش،
وكان أبو العتاهية كثيراً ما يجالس من يجتاز بنا من النساك، وكان قليل العلم، فخرج
مع بعض النساك فأقام بعبادان حيناً، فرجع وقد تفقه وحين أدبه، وقال الشعر في
الزهد، ثم شخص إلى الكوفة فتأدب هناك، ثم قدم بغداد ورأى نفسه متخلفة عن أولئك
الشياطين، وأراد أن يكون له سبب إلى الملوك يتعيش به، فأشار عليه الهيثم بن عدي أن
يشبب بالخيزران، فجبن عن ذلك، فأغراه بعتبة جارية ريطة بنت أبي العباس، فلبس مدرعة
صوف، وطلب عتبة 154 - و وسأل عنها فدل عليها وهي تسأل بعض عجائز القصر أرق مسألة،
فتعرض لها أبو العتاهية فقال:
فديتك تجميش العجوز بلية ... ولا سيما من برة متبتلة
فأمرت فوجىء في عنقه ورأته في زي مجنون سبيله، فرجع إلى الهيثم ابن عدي فشكا إليه،
فقال: إنما أشرت عليك أن تشبب بها وتدعي عشقها، لم أشر عليك أن تأمرها بالمعروف
وتنهاها عن المنكر، وقد وقع الجنون بحيث أردت فالزم هذا فعسى أن تنال خيراً، ففعل
فكان يتبع عتبة في الطرقات وينشدها أشعاره، وإذا دخلت إلى بيتها جلس لها حتى تخرج،
فاستطرف الناس ذلك منه، وكنوه بأبي العتاهية، وضرب وحبس فلم يزده ذلك إلا بصيرة في
أمره، وكان ذلك سبباً له إلى بلوغ ما أمل.
أخبرنا عبد الصمد بن الحرستاني - إذناً - قال: أخبرنا أبو الحسن بن أحمد الغساني قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرنا محمد بن يحيى قال: حدثني محمد بن موسى البربري قال: أخبرني أبو عبد الله محمد بن عليّ الهاشمي عن أبي شعيب أحمد بن يزيد صاحب ابن أبي داؤد قال: قلت لأبي العتاهية: يا أبا اسحق حدثني بقصتك مع عتبة فقلا لي: أحدثك، قدمنا من الكوفة ثلاثة فتيان شباباً أدباء، وليس لنا ببغداد من نقصده، فنزلنا غرفة بالقرب من الجسر فكنا نبكر فنجلس في المسجد 154 - ظ الذي بباب الجسر في كل غداة، فمرت بنا يوماً امرأة راكبة معها خدم سودان، فقلنا: من هذه؟ قالوا: خالصة، فقال أحدنا: قد عشقت خالصة، وعمل فيها شعراً فأعناه عليه، ثم لم يلبث أن مرت أخرى راكبة معها خدم بيضان، فقال، قلنا: من هذه؟ فقالوا عتبة، فقلت: قد عشقت عتبة، فلم نزل كذلك في كل يوم إلى أن التأمت لنا أشعار كثيرة، فدفع صاحبي شعره إلى خالصة ودفعت أنا شعري إلى عتبة، وألححنا الحاحاً شديداً، فمرة تقبل أشعارنا، ومرة نطرد، إلى أن جدوا في طردنا، فجلست عتبة يوماً في أصحاب الجوهر، ومضيت فلبست ثياب راهب، ودفعت ثيابي إلى إنسان كان معي، وسألت عن رجل كبير من أهل السوق فدللت على شيخ صانع، فجئت إليه فقلت: إني قد رغبت في الإسلام على يدي هذه المرأة فقام معي وجمع جماعة من أهل السوق، وجاءها فقال: إن الله قد ساق إليك أجراً، هذا قد رغب في الإسلام على يديك، قالت: هاتوه، فدنوت منها فقلت: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، وقطعت الزنار، ودنوت فقبلت يدها، فلما فعلت ذلك رفعت البرنس فعرفتني، فقالت: نحوه لعنة الله، فقالوا: لا تلعنيه فقد أسلم، فقالت: إنما فعلت ذلك لقذره، فعرضوا عليّ كسوة، فقلت ليست بي حاجة إلى هذه، وإنما أردت أن أشرف بولائها، فالحمد لله الذي من عليّ بحضوركم، وجلست فجعلوا يعلمونني الحمد، وصليت 155 - و معهم العصر وأنا في ذاك بين يديها أنظر إليها لا تقدر لي على حيلة، فلما انصرفت لقيت خالصة فشكت إليها، فقالت: ليس هذان من أن يكونا عاشقين أو مستأكلين، فصح عزمهما على امتحاننا بمال على أن ندع التعرض لهما، فإن قبلنا المال فنحن مستأكلان وإن لم نقبله فنحن عاشقان، فلما كان الغد مرت خالصة فعرض لها صاحبها فقال له الخدم: اتبعنا فاتبعهم، ثم لم نلبث أن مرت عتبة فقال لي الخدم: اتبعنا، فاتبعتهم، فمضت بي إلى منزل خليط لها بزاز، فلما جلست دعت بي فقالت لي: يا هذا إنك شاب وأرى لك أدباً، وأنا حرمة خليفة، وقد تأنيتك فإن أنت كففت وإلا أنهيت ذلك إلى أمير المؤمنين، ثم لم آمن عليك. قلت: فافعلي بأبي أنت وأمي، فإنك إن سفكت دمي أرحتني، فأسألك بالله إلا فعلت ذلك، إذ لم يكن لي فيك نصيب، فأما الحبس والحياة ولا أراك فأنت في حرج من ذاك، فقالت: لا تفعل يا هذا وأبق على نفسك وخذ هذه الخمسمائة الدينار واخرج عن هذا البلد، فلما سمعت ذكر المال وليت هارباً، فقالت: ردوه، فلم تزل تردني فقلت: جعلت فداءك ما أصنع يعرض من الدنيا وأنا لا أراك، وإنك لتبطئين يوماً واحداً عن الركوب فتضيق بي الأرض بما رحبت، وهي تأبى إلا ذكر المال حتى جعلت لي ألف دينار، فأبيت وجاذبتها مجاذبة شديدة وقلت: لو أعطيتني جميع ما يحويه الخليفة ما كانت لي فيه حاجة وأنا لا أراك بعد أن أجد السبيل إلى رؤيتك وخرجت 155 - ظ فجئت الغرفة التي كنا ننزلها فإذا صاحبي مورم الأذنين، وقد امتحن بمثل محنتي فلما مد يده إلى المال صفعوه، وحلفت خالصة لئن رأته بعد ذلك لتودعنه الحبس، فاستشارني في المقام فقلت: اخرج وإياك أن يقدر عليك، ثم التقتا فأخبرت كل واحدة صاحبتها الخبر، وأحمدتني عتبة وصح عندها أني محب محق، فلما كان بعد أيام دعتني عتبة فقالت بحياتي عليك إن كنت تعزها إلا أخذت ما يعطيك الخادم فأصلحت به شأنك، فقد غمني سوء خالك، فامتنعت، فقالت: ليس هذا مما تظن، ولكني لا أحب أن أراك في هذا الزي، فقلت: لو أمكنني أن تريني في زي المهدي لفعلت ذلك، فأقسمت علي، فأخذت الصرة فإذا فيها ثلاثة دينار، فاكتسيت كسوة واشتريت حماراً.
أنبأنا
زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال:
أخبرنا أبو حنيفة عبد الوهاب بن عليّ بن الحسن المؤدب قال: حدثنا المعافى بن زكريا
الجريري قال: حدثنا محمد بن أحمد بن إبراهيم الحكيمي قال: أخبرنا أحمد بن أبي
خيثمة قال: حدثنا عتاهية بن أبي عتاهية قال: أقبل أبي يمدح المهدي ويجتهد في
الوصول إليه، فلما تطاولت أيامه أحب أن يشتهر نفسه بأمر يصل إليه، فلما بصر بعتبة
راكبة في جمع من الخدم تتصرف في حوائج الخلافة تعرض لها وأمل أن يكون تولعه بها هو
السبب الموصل إلى محبته وانهمك في التشبيب والتعرض في كل مكان لها، والتفرد بذكرها
وإظهار شدة 156 - و عشقها، وكان أول شعر قاله فيها:
راعني يا يزيد صوت الغراب ... لحذاري للبن من أحبابي
يا بلائي ويا تقليل أحشائي ... ونفسي لطائر نعاب
أفصح البين بالنعيب وما ... أفصح لي في نعيبه بالإياب
فاستهلت مدامعي جزعاً منه ... بدمع ينهل بالتسكاب
ومنعت الرقاد حتى كأني ... أرمد العين أو كحلت بصاب
قلت للقلب إذ طوى وصل ... سعدي لهواه بالأنساب
أنت مثل الذي يفر من القط ... ر حذار الندى إلى الميزاب
وهي طويلة قال: وقال في عتبة:
ولقد طربت إليك ح ... تى صرت من ألم التصابي
يجد الجليس إذا دنا ... ريح الصبابة في ثيابي
وقال فيها أيضاً:
وإني لمعذور على طول حبها ... لأن لها وجهاً يدل على عذري
إذا ما بدت والبدر ليلة تمه ... رأيت لها فضلاً مبيناً على البدر
وتهتز من تحت الثياب كأنها ... قضيبٌ من الريحان في ورق خضر
أبى الله إلا أن أموت صبابةً ... بساحرة العينين طيبة النشر
وتبسم عن ثغر نقي كأنه من ... اللؤلؤ المكنون في صدف البحر
156 - ظ
يخبرني عنه السواك بطيبه ... ولست به لولا السواك بذي خبر
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن عليّ الدامغاني بحلب قال: أخبرنا
أبي منصور جعفر ببغداد قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين
بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا
الزبير - يعني ابن بكار - قال: حدثني جعفر بن الحسين اللهبي قال: أرسل أمير
المؤمنين المهدي يوماً إلى أبي العتاهية فدعاه فقال: أنت الذي تقول في عتبة:
الله بيني وبين مولاتي ... أبدت لي الصد والملامات
متى وصلتك حتى تنكر صدها عنك؟ قال: يا أمير المؤمنين أنا الذي أقول:
يا ناق سيري بنا ولا تعدي ... نفسك مما ترين راحات
حتى تنيخي بنا إلى ملكٍ ... توجه الله بالمهاربات
يقول للريح كلما صفقت: ... هل لك ياريح في مباراتي
قال: فأطرق ملياً وجعل ينكت بقضيب كان في يده، ثم رفع رأسه فقال: أنت الذي تقول:
ألا ما لسيدتي ما لها ... لقد سكن الحب سر بالها
ما يدريك ما في سر بالها؟ فقال: يا أمير المؤمنين وأنا الذي أقول:
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
157 - و
فلم تك تصلح إلا لهُ ... ولا كان يصلح إلا لها
ولو رامها أحدٌ غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
قال: فنكس رأسه ونكت بقضيبه، ثم رفع رأسه فسأله عن شيء فعيي بجوابه: فأمر به فجلد،
ثم أخرج مجلوداً فلقي عتبة على الباب فقال:
بخٍ بخٍ يا عتب من مثلكم ... قد قتل المهدي فيكم قتيل
قال: فدخلوا فأخبروا المهدي بما قال: فضحك، ثم أمر له بعشرين ألف درهم فأخذها،
فلما خرج كان على الباب المرابطة فقسمها فيهم، فأخبر المهدي بذلك، فدعاه فقال له:
ما الذي حملك على أن أكرمتك بكرامة فقسمتها؟ فقال: يا أمير المؤمنين ما كنت لآكل
ثمن من أحببت، فأطلقها له، وتقدم إليه ألا يبذرها.
أنبأنا
القاضي أبو القاسم بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ ابن أحمد
الغساني قال: أخبرنا أحمد بن عليّ الحافظ قال: أخبرنا أبو حنيفة المؤدب قال: حدثنا
المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا عسل بن زكوان
قال: أخبرنا دماذ عن حماد بن شقيق قال: قال أبو سلمة الغنوي: قلت لأبي العتاهية:
ما الذي صرفك عن قول الغزل إلى قول الزهد؟ قال: إذاً والله أخبرك، إني لما قلت:
الله بيني وبين مولاتي ... أهدت لي الصد والملالات
منحتها مهجتي وخالصتي ... فكان هجرانها مكافاتي
157 - ظ
هيمني حبها وصيرني ... أحدوثة في جميع جاراتي
رأيت في المنام في تلك الليلة كأن آتيا أتاني فقال: ما أصبت أحداً تدخله بينك وبين
عتبة يحكم لك عليها بالمعصية إلا الله تعالى؟! فانتبهت مذعوراً، وتبت إلى الله من
ساعتي من قول الغزل.
وذكر أبو الحسن المسعودي في كتاب مروج الذهب: قال أبو العباس يحيى ثعلب: كان أبو
العتاهية قد أكثر مسألة الرشيد في عتبة، فوعده بتزويجها، إن أجابت وتجهيزها ثم أن
الرشيد سنح له شغل فحجب عنه أبو العتاهية فدفع إلى مسرور الكبير ثلاث مراوح، فدخل
بها مبتسماً فقرأ الرشيد على أحديهن:
ولقد تنسمت الرياح لحاجتي ... فإذا لها من راحتيك نسيم
قال: أحسن الخبيث، وإذا على الأخرى:
أعلمت نفسي من رجائك ما له ... عنق يخب إليك بي ونسيم
فقال: وقد أجاد، وإذا على الأخرى:
ولربما ست ثم أقول لا ... إن الذي ضمن النجاح كريم
فقال: قاتله الله، ثم دعا به فقال: ضمنت لك يا أبا العتاهية وإني قاعد لقضاء
حاجتك، وبعث إلى عتبة: أنتظريني الليلة في منزلك فلي إليك حاجة، فصارت هي إليه،
فحلف ألا يذكر عندها، فلما كان الليل صار إليها في خواص خدمه فقال: لست أذكر حاجتي
أو تضمين لي قضاءها 158 - و قالت: أنا أمتك وأمرك في نافذة إلا أبا العتاهية فإني
حلفت لأبيك رضي الله عنه بأيمان لا تحد كفارتها بالمضي إلى مكة حافية، كلما قضيت
حجة وجبت حجة أخرى، وكلما أفدت شيئاً تصدقت به، وبكت بين يديه، فرحمها ورق لها،
وانصرف عنها، وغدا عليه أبو العتاهية لا يشك في الظفر، فقال له: ما قصرت في أمرك،
ومسرور وحسين ورشيد وغيرهم شهود لي، وشرح له الخبر.
قال أبو العتاهية: لما خبرني لم أدر أين أنا، ثم قلت: الآن يئست منها إذ ردتك،
وعلمت أنها لا تجيب أحداً بعدك، فلبس الصوف وقال:
قطعت منك حبائل الآمال ... وحططت عن ظهر المطي رحالي
ووجدت برد اليأس بين جوانحي ... فغنيت عن حلٍ وعن ترحال
وذكر أبو عبيد الله المرزباني في كتاب المستنير، وقرأته فيه في أخبار أبي
العتاهية، وأخبرنا به إجازة أحمد بن الأزهر بن السباك قال: أنبأنا أبو بكر محمد
ابن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري عنه قال: حدثني محمد بن أحمد الكاتب، حدثني
ثابت بن الزبير بن حبيب قال: أخبرني ابن أخت أبي خالد الحراني أقل: قال لي هرون
الرشيد: أحبس أبا العتاهية حتى يقول شعراً رقيقاً، وأمرني بالتضييق عليه، قال:
فأخذته فحبسته في بيت خمسة أشبار في خمسة أشبار، فصاح الموت، أخرجوني أنا أقول لكم
ما شئتم، قال: فقلت له فقل، فقال: أخرجني حتى أتنفس فأخرجته وأعطيته قرطاساً ودواة
فكتب فيه: 158 - ظ.
من لعبد أذله مولاه ... ما له شافع إليه سواه
يشتكي ما به إليه ويخشا ... ه ويرجوه مثلما يخشاه
قال: فجئت بها مسروراً، فأدخلها إلى أمير المؤمنين، فتقدم الرشيد إلى إبراهيم
الموصلي فغنى بها، ودعا به فقال: أنشدني: يا عتب سيدتي أمالك دين ......
فأنشده إياها، فوعده أن يزوجه بها، فلما خرج قال له النساء: عنه شبب بها وشهرها في
الناس وان زوجته إياها حققت عليها ما قال فيها، فأمر له عوضاً من ذلك بخمسين ألف
درهم.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا
محمد بن أبي العتاهية قال: غني الرشيد يوماً في شعر أبي وهو في الحبس:
خليلي مالي ما تزال مضرتي ... تكون على الأقدار حتما من الحتم
كفاك
بحق الله ما قد ظلمتني ... فهذا مقام المستجير من الظلم
ألا في سبيل الله جسمي وقوتي ... أما مسعد حتى أنوح على جسمي
فأمر الرشيد بإحضاره فقال له: أيجوز لك هذا، بالأمس ينهاك أمير المؤمنين المهدي عن
القول في عتبة فتأبى إلا لجاجاً ومحكاً، واليوم آمرك بالقول فيها فتأبى ذلك؟! قال:
يا أمير المؤمنين أن الحسنات يذهبن السيئات، كنت أقول في الغزل ولي شباب وحدة، وبي
حراك وقوة، واليوم فأنا شيخ ضعيف لا يحسن بمثلي لهو ولا تصاب، فقال: والله لا رضيت
منك 159 - و إلا بالذي كنت عليه، ثم قال له: أنشدني بعض ما قلت فيها، فسكت، فقال:
والله لتنشدني شيئاً من ذلك، فأنشده:
نفسي شيء من الدنيا معلقة ... الله والقائم المهدي يكفيها
؟؟؟إني لآيس منها ثم يطمعني ... فيها احتقارك للدنيا وما فيها
فقال له الرشيد: هل لك في التزويج بها؟ قال: لا والله، قال: إنك أن قبلت ذلك خليت
سبيلك وزدت في منزلتك، قال: عليّ عهد الله عز وجل ألا أتزوج على أم ولدي حتى ألقى
الله، فاعفني من ذلك يا أمير المؤمنين عفا الله عنك، فأمر الرشيد برده إلى الحبس.
وقال المرزباني: حدثني عليّ بن الفارس قال: اخبرني أبي قال: حدثني عليّ بن مهدي عن
أحمد بن حمدون قال: أخبرني مخارق قال: لما تقرأ أبو العتاهية ولبس الصوف، أمره
الرشيد أن يقول شعراً في الغزل، فامتنع فضربه ستين عصاً، وحلف ألا يخرج من حبسه
حتى يقول شعراً في الغزل فلما رفعت المقارع عنه قال للرشيد: كل مملوك له حر، ومرته
طالق أن تلم سنة إلا بلا غله إلا الله محمد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فكأن
الرشيد تحوب مما فعل به، فأمر بأن يحبس في داره ويوسع عليه، ولا يمنع من الدخول
إليه.
قال مخارق: وكانت الحال بيني وبين إبراهيم الموصلي لطيفة، فكان لا يزال يبعث بي
إليه في الأيام أتعرف خبره، فإذا أدخلت إ ليه إلى حبسه وجدت بين يديه ظهوراً ودواة
يكتب إلي بجميع ما يريد، وأكلمه أنا، فمكث كذا سنة، واتفق 159 - ظ أن إبراهيم صنع
صوته:
أعرفت أن الحي بالحجر ... فسر وريان فقبة العمر
وهجرتنا وألفت رسما باليا ... والرسم كان أحق بالعمر
فقال لي إبراهيم اذهب إلى أبي العتاهية حتى تغنيه هذا الصوت، فأتيته في اليوم الذي
تنقضي فيه يمينه، فكتب إلي بعد أن غنيته: هذا اليوم الذي تنقضي فيه يميني، فأحب أن
تقيم عندي إلى الليل فأقمت عنده نهاري كله حتى إذا أذن الناس المغرب، كلمني فقال:
مخارق، قلت: لبيك، قال قل لصاحبك يا ابن الزانية أما والله لقد أبقيت للناس فتنة
إلى يوم القيامة، فانظر أين أنت من الله غدا، قال مخارق: فقلت له: دعني من هذا،
قلت شيئاً تتخلص به من هذا الموضع؟ قال: قد قلت في أمرأتي شعراً، فأنشدنيه،
فأنشدني:
من لقلب متيم مشتاق ... شقه شوقه وطول الفراق
طال شوقي إلى قعيدة بيتي ... ليت شعري فهل لنا من تلاق
فهي حظي قد أقتصرت عليها ... من ذوات العقود والأطواق
جمع الله عاجلا بك شملي ... عن قريب وفكني من وثاقي
قال: فكتبتها وصرت بها إلى إبراهيم، فصنع فيها لحنا، ثم دخل على الرشيد، فكان أول
ما غناه في ذلك المجلس، فأعجبه، وقال: لمن هذا الغناء والشعر؟ قال إبراهيم: أما
الغناء فلي، وأما الشعر فلا سيرك أبي العتاهية، قال: أو فعل؟ قال: نعم قد كان ذاك،
فدعا160 - و ثم قال لمسرور: كم كنا ضربناأبا العتاهية؟ قال: ستين عصا، فأمر له
بستين ألفا، وخلع عليه وأطلقه.
وقال المرزباني: حدثني محمد بن إبراهيم قال: أخبرنا أحمد بن أبي خيثمة قال: حدثنا
محمد بن أبي العتاهية، ح.
قال:
وحدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا عبد الله ا بن أبي سعد
قال: قال لي محمد بن أبي العتاهية: لم يزل أبي يقول الشعر في عتبة إلى أن خرج
الرشيد في خلافته إلى الرقة، وكان أبو العتاهية ينادم الرشيد، ولا يفارقه في سفر
ولا حضر إلا في وقت الحج إذا كان بالعراق، وكان الرشيد يجري عليه في كل سنة خمسين
ألف درهم سوى المعاون والجوائز، فلما قدم الرشيد الرقة أظهر أبو العتاهية التزهد،
وتصوف وترك حضور المنادمة والقول في الغزل، فأمر الرشبد بحبسه فحبس، فلما طالت
أيامه في الحبس كتب إلى الرشيد قصيدة يقول فيها:
تذكر أمين الله حقي وحرمتي ... وما كنت توليني لعلك تذكر
ليالي تدني منك بالقرب مجلسي ... ووجهك من ماء البشاشة يقطر
فمن لي بالعين التي كنت قبلها ... إلي بها نفسي فداؤك تنظر
فبعث إليه الرشيد لما قرأها: لا بأس عليك، فكتب إليه
أرقت وطار عن عيني النعاس ... ونام السامرون ولم يواسوا
أمين الله ظلك ظل أمن ... عليك من التقى فيه لباس
وجودك يستهسل ندى و يحيا ... به من كل ناحية أناس
وجودك يستهل جودك ندى يحيابه من كل ناحية أناس 160 ظ
تساس من السماء بكل سعد ... وأنت به تسوس كما تساس
كأن الخلق في تركيب روح ... له جسد وأنت عليه راس
قال: وحدثني أبو عبد الله الحكمي قال: حدثني محمد بن موسى عن الزبير، ح.
قال: وأخبرني الحسين بن عليّ قال: حدثنا أحمد بن سعيد قال: حدثني الزبير ابن بكار
قال: حدثنا أبو غزية قال حدثني أبو يحيى العباداني عن اسحق بن إبراهيم قال: لما
حبس الرشيد أبا العتاهية كتب إلي يسألني أن أتكلم فيه، قال: فكتبت إليه: قد قال
أمير المؤمنين ليس عليك بأس، وأنا أتكلم في أمرك وأعمل في خلاصك، قال: فكتب إلي:
أرقت وطار عن عيني النعاس ... ونام السامرون ولم يواسوا
فديتك أن غم السجن باس ... وقد أرسلت: ليس عليك باس
قال: فعملت فيه لحنا غنيته الرشيد، فقال: لمن هذا الشعر؟ قلت: لأبي العتاهية، فأمر
بإطلاقه.
وقال المرزباني: أخبرني إبراهيم بن محمد النحوي عن محمد بن يزيد النحوي قال: كان
على الروم امرأة، وكانت تكتب إلى المهدي، والهادي، والرشيد في أول خلافته بالتعظيم
والتبجيل، وتدر عليهم الهدايا حتى بلغ ابن لها، فصار الملك دونها، وإنما تملك
الروم المرأة من أهل بيت الملكة إذا لم تجد منهم رجلا، وكذلك فارس تفعل، فلما بلغ
ابنها عاث وأفسد، وخاشن الرشيد، فخافت على ملك الروم أن يذهب، وعلى بلادهم أن
تعطب، لعلمها بالرشيد، وخوفها من سطوته، فاحتالت على ابنها فسلمت عينه، فبطل من
الملك، فعاد إليها، فاستنكر 161 - و ذلك أهل المملكة، وأبغضوها من أجله، فخرج
عليها نقفور، وكان كاتبها، فأعانوه وعضدوه، فقام بأمر الملك، وضبط أمر الروم، فلما
قوي على أمره، وتمكن من ملكه، كتب إلى الرشيد: من نقفور ملك الروم إلى هرون ملك
العرب، أما بعد: فإن هذه المرأة كانت قد وضعتك وأباك وأخاك موضع الشاه، ووضعت
نفسها موضع الرخ، وأنا الشاه وأنت الرخ، وقد عزمت على تطرف بلادك والهجوم على
أمصارك، أو تؤدي إليّ ما كانت المرأة تؤديه إليك، وكلاما شبيها بهذا، فلما ورد على
الرشيد كتب إليه: بسم الله الرحمن الرحيم.
من عبد الله هرون، أمير المؤمنين، إلى نقفور كلب الروم، أما بعد فقد فهمت كتابك،
وجوابك عندي: ما تراه فضلاً أن تسمعه.
ثم
شخص من شهره يؤم بلاد الروم في جمع لم يسمع بمثله، وقواد لا يجارون رأياً ونجدة،
فلما بلغ ذلك نقفور ضاقت عليه الأرض بما رحبت، وشاور في أمره، وجاء الرشيد حتى توغل
بلاد الروم يقتل ويسبي ويغنم، ويخرب الحصون، ويعفي الآثار حتى صار إلى طريق
متضايقة دون قسطنطينية، فلما بلغها ألفاها وقد أمر نفقور بالشجر فقطع، ورمي به في
تلك الطرق، وأشعلت فيه النيران، فكان ذلك ما تحصن به عند نفسه، فقال الرشيد: ما
ترون في هذه النيران؟ فكان أول من تلبس ثياب النفاطين وخاضها محمد بن يزيد بن مزيد
الشيباني، ثم اتبعه الناس، فبعث إليه نقفور بالهدايا، وخضع له أكثر الخضوع، وأدى
إليه الجزية عن رأسه فضلاً عن 161 - ظ أصحابه، ففي ذلك يقول أبو العتاهية:
إمام الهدى أصبحت بالدين معنياً ... وأصبحت تسقي كل مستمطر ريا
لك اسمان شقا من رشاد ومن هدى ... وأنت الذي تدعى رشيداً ومهديا
إذا ما سخطت الشيء كان مسخطا ... وإن ترضى شيئا كان في الناس مرضيا
بسطت لنا شرقاً وغرباً يد العلى ... فأوسعت شرقيا وأوسعت غربيا
ووشيت وجه الدين بالجود والندى ... فأصبح وجه الأرض بالروض موشيا
وأنت أمير المؤمنين فتى التقى ... نشرت من الإحسان ما كان مطويا
قضى الله أن صفى لهرون ملكه ... وكان قضاء الله في الخلق مقضياً
تحلبت الدنيا لهرون بالرضا ... وأصبح نقفور لهرون ذميا
فرجع الرشيد عندما أعطاه نقفور إلى الرقة، فلما سقط الثلج، وأمن نقفور أن يغزى،
وتمكن بالمهلة من التدبير نقض ما كان بينه وبين الرشيد، ورجع إلى حالته الأولى،
فلم يجتر يحيى بن خالد، فضلاً عن غيره، على اخبار الرشيد بذلك فبذل هو وبنوه
للشعراء الأموال على أن يقولوا أشعاراً في إعلام الرشيد بغدر نقفور، فكلهم كاع
وأشفق إلا شاعراً من أهل جدة يكنى أبا محمد عبد الله بن يوسف، كان مجيداً جيد
النفس، قوي الشعر، فاختصه ذو اليمينين في أيام المأمون، ورفع قدره جداً، فإنه أخذ
مائة ألف، وأدخل إلى الرشيد فأنشده:
نقض الذي أعطيته نقفورفعليه دائرة البوار تدور 162
أبشر أمير المؤمنين فإنه ... فتح أتاك به الإله كبير
فتح يزيد على الفتوح تأمناً ... بالنصر فيه لواؤك المنصور
فلقد تباشرت الرعية أن أتى ... بالنقض عنه وافد وبشير
ورجت بيمنك أن تعجل غزوة ... تشفي النفوس نكالها مذكور
أعطاك جزيته وطأطأ خده ... حذر الصوارم والردى محذور
فأجرته من وقعها وكأنها ... من حرها شعل الضرام تطير
وصرفت بالطول العساكر قافلاً ... عنه وجارك آمن مسرور
نقفور إنك حين تغدر أن نأى ... عنك الإمام لجاهل مغرور
أظننت حين غدرت أنك مفلت ... هبلتك أمك ما ظننت غرور
ألقاك حينك في زواخر بحره ... فطمت عليك من الإمام بحور
إن الإمام على اقتسارك قادر ... قربت ديارك أو نأت بك دور
ليس الإمام وإن غفلنا غافلاً ... عما يسور لحزمه ويدير
ملك تجرد للجهاد بنفسه ... فعدوه أبداً به مقهور
يا من يريد رضى الإله بسعيه ... والله لا يخفى عليه ضمير
لا نصح ينفع من يغش إمامه ... والنصح من نصحائه مشكور
نصح الإمام على الأنام فر ... يضة ولأهله كفارة وطهور
فلما أنشده قال الرشيد: أو قد فعل؟ وعلم أن الوزراء احتالوا في ذلك، فغزاه في بقية
162 - ظ الثلج، فافتتح هرقلة في ذلك الوقت، فقال أبو العتاهية:
ألا نادت هرقلة بالخراب ... من الملك الموفق للصواب
غدا هرون يرعد بالمنايا ... ويبرق بالمذكرة القضاب
وغايات يحل النصر فيها ... تمر كأنها مر السحاب
أمير المؤمنين ظفرت فاسلم ... وأبشر بالغنيمة والإياب
قال: أراد قول امرىء القيس:
وقد
طوفت في الآفاق ... حتى رضيت من الغنيمة بالإياب
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن
أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر بن عليّ قال: حدثني عبيد الله بن أبي الفتح قال:
أخبرنا أحمد بن إبراهيم ابن الحسن قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال:
حدثنا عبد الله بن أبي سعد الوراق قال: حدثني عليّ بن الحسن بن عبيد الله الشيباني
قال: حدثني هرون بن سعدان قال: كنت جالساً مع أبي نواس في بعض طرق بغداد، وجعل
الناس يمرون به وهو ممدود الرجل بين بني هاشم وفتيانهم والقواد وأبنائهم، ووجوه
أهل بغداد، فكل يسلم عليه، فلا يقوم إلى أحد منهم، ولا يقبض رجله إليه، إذ أقبل
شيخ راكباً على حمار مريسي، وعليه ثوبان دبيقيان، قميص ورداء قد تقنع به، ورده على
أذنيه، فوثب إليه أبو نواس، وأمسك الشيخ عليه حماره، واعتنقا، وجعل أبو نوا س
يحادثه وهو قائم على رجليه، فمكثا بذلك 163 - و ملياً حتى رأيت أبا نواس يرفع إحدى
رجليه ويضعها على الأخرى مستريحاً من الإعياء، ثم انصرف الشيخ، وأقبل أبو نواس
فجلس في مكانه، فقال له بعض من بالحضرة: من هذا الشيخ الذي رأيتك تعظمه هذا
الإعظام وتجله هذا الإجلال؟ فقال: هذا إسماعيل بن القاسم أبو العتاهية، فقال له
السائل: لم أجللته هذا الإجلال، وساعة منك عند الناس أكثر منه؟! قال: ويحك لا تفعل
فوالله ما رأيته قط إلا توهمت أنه سماوي وأنا أرضي.
أخبرنا أبو القاسم عيسى بن عبد العزيز بن عيسى اللخمي - في كتابه إلينا من
الإسكندرية - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد السلفي قال:
أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد بن الحسين السراج قال: أخبرنا أبو القاسم المحسن بن
حمزة بن عبد الله الوراق قال: حدثنا أبو عليّ الحسن بن عليّ بن جعفر الديبلي قال:
أخبرنا أبو القاسم عليّ بن محمد بن عبدوس الكوفي قال: حدثني أبو عليّ محمد بن همام
عن يعقوب بن اسحق الرخامي عن أبيه قال: كنت جالساً مع أبي نواس على باب داره بالبصرة،
فبينا نحن كذلك إذا أقبل شيخ على حماره، فلما بصر به أبو نواس قام فتلقاه، ومشى
معه يحادثة، وشيعه، ثم رجع، فقلت له: بالله ما رأيت كاليوم قط، قال: وما ذاك؟ قلت:
أنا جالس معك منذ الغداة يمر بنا طبقات الناس من بني هاشم وغيرهم، ما رأيتك حفلت
بأحد منهم، حتى أقبل هذا الشيخ ففعلت به ما رأيت، فقال: أو ما تعرف هذا، هذا أبو
العتاهية الذي يقول:
إذا قل مال المرء قل صديقهوضاق به عما يريد طريقه 163 ظ
وقصر طرف العين منه كلالة ... وأسرع فيما لا يحب شقيقه
وذم إليه خدنه طعم عوده ... وقد كان يستحليه حين يذوقه
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر
الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن عليّ بن حبيش قال: حدثنا
أحمد بن محمد بن اسحق الوراق قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الكوفي قال: حدثنا ابن
أبي شيخ قال: بكرت إلى سكة ابن نيبخت في حاجة فرأيت أبا نواس في السكة، فجلست
إليه، فمر بنا أبو العتاهية على حمار، فسلم، ثم أومأ برأسه إلى أبي نواس وأنشأ
يقول:
لا ترقدن لعينك السهر ... وانظر إلى ما تصنع العبر
إنظر إلى عبر مصرفة ... إن كان ينفع عينك النظر
وإذا سألت فلم تجد أحداً ... فسل الزمان فعنده الخبر
أنت الذي لاشيء تملكه ... وأحق منك بمالك القدر
قال: فنظر إلى أبو نواس، ثم قال: " أفسحر هذا أم أنتم لا تبصرون " .
أخبرنا
عبد الصمد بن محمد - إذنا - قال: أخبرنا أبو الحسن الغساني قال: أخبرنا أحمد بن
عليّ قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد الوكيل قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد
المعدل قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: قال لي أبو عبد الله محمد بن
القاسم: أخبرني العتبي قال: رؤي مروان بن أبي حفصة واقفاً بباب الجسر كئيباً آسفاً
ينكث بسوطه في معرفة دابته، فقيل له: يا أبا السمط ما الذي نراه بك؟ قال: أخبركم
بالعجب، مدحت 164 - و أمير المؤمنين، فوصفت له ناقتي من خطامها إلى خفيها، ووصفت
الفيافي من اليمامة إلى بابه أرضاً أرضاً، ورملة رملة، حتى إذا أشفيت منه على غنى
الدهر جاء ابن بياعة الفخاخير - يعني أبا العتاهية - فأنشده بيتين، فضعضع بهما
شعري، وسواه في الجائزة بي، فقل له، وما البيتان؟ فأنشد:
إن المطايا تشتكيك لأنها ... تطوي إليك سبا سباً ورمالاً
فإن رحلن بنا رحلن مخفة ... وإذا رجعن بنا رجعن ثقالا
قلت: أخذ هذا المعنى من قول النبي صلى الله عليه وسلم: " لو إتكلتم على الله
حق التوكل لرزقكم كما يطير الطير، تغدو خماصاً وتعود بطاناً " .
نقلت من خط أبي بكر محمد بن هاشم الخالدي، وحدثنا الصدائي عن المبرد عن عليّ بن
عمروس الشاعر عن أشجع السلمي قال: أذن المهدي للشعراء، فدخلت مع من دخل، فاتفق أن
جلست إلى جانب بشار، فإنا لسكوت إذ سمعنا حساً، فقال لي بشار: من هذا يا أشجع؟
قلت: أبو العتاهية، فقال أترى تحمله قحته وجهله على أن ينشد في مثل هذا المحفل
شعراً؟! قلت لا علم لي، استأذن في النشيد فأذن له، فأنشد:
ألا ما لسيدتي مالها ... أدلت فأحمل إدلالها
قال: فنخسني بشار ثم قال: أما ترى ما أجبس هذا الجاهل، ينشد هذا الشعر الركيك في
مثل هذا المحفل العظيم، فلما بلغ إلى قوله: 164 - ظ.
أتته الخلافة منقادة ... إليه تجرر أذيالها
فلم تك تصلح إلاّ له ... ولم يك يصلح إلا لها
ولو رامها أحد غيره ... لزلزلت الأرض زلزالها
ولو لم تطعه بنات النفو ... س لما قبل الله أعمالها
فقال لي بشار: ويحك يا أشجع انظر هل طار أمير المؤمنين عن سريره سروراً؟! قال: فلا
والله ما أخذ من الشعراء في اليوم جائزة أسنى من جائزته.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن عليّ بن أحمد
الغساني قال: أخبرنا أحمد بن عليّ الحافظ قال: أخبرنا عليّ بن الحسين صاحب العباسي
قال: أخبرنا عليّ بن الحسن الرازي قال: أخبرنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال:
حدثنا ابن أبي سعد قال: حدثني محمد بن عبد الرحمن بن معاوية المهلبي قال: حدثني
أبو تمام قال: يكتب من شعر أبي العتاهية خمسة أبيات، فإن أحداً لم يشركه فيها، ولا
تهيأ لأحد مثلها، قوله:
الناس في غفلاتهم ... ورحا المنية تطحن
والذي قال في أحمد بن يوسف:
ألم تر أن الفقر يرجى له الغنى ... وأن الغنى يخشى عليه من الفقر
وقوله في موسى أمير المؤمنين:
ولما استقلوا بأثقالهم ... وقد أزمعوا بالذي أزمعوا
قرنت ألتفاتي بآثارهم ... وأتبعتهم مقلة تدمع
وقوله:
هب الدنيا تساق اليك عفواً ... أليس مصير ذاك إلى زوال
وقال: أخبرنا أحمد بن عليّ قال: أخبرني عليّ بنت أيوب القمي قال: أخبرنا محمد بن
عمران المرزباني قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة عن محمد بن يزيد النحوي قال:
لا أعلم شيئاً من عزل أبي العتاهية ومديحه يخلو من صنعة، وربما كانت من القصيدة في
موضعين، فمن شعره الذي كان يستطرف قوله:
آه من غمي وكربي ... آه من شدة حبي
ما أشد الحب يا سب ... حانك اللهم ربي
ولقد قلت وجمر ... ب قد أقرح قلبي
يا بلائي من غزال ... قد سبا قلبي ولبي
لم أنك منه نوالاً ... غير أن كدر شربي
أنت ممن خلق الرح ... من من ذا الخلق حسبي
قال: ومن مليح أشعاره قوله:
من لم يذق لصبابة طعماً ... فلقد أحطت بطعمها علما
إني
منحت مودتي سكناً ... فرأيته قد عدها جرما
يا عتب ما أنا عن صنيعك بي ... أعمى ولكن الهوى أعمى
والله ما أبقيت من جسدي ... لحماً ولا أبقيت لي عظماً
إن الذي لم يدر ما كلفني ... ليرى على وجهى به وسما
قال: ومن شعره المختار قوله: 165 - ظ.
ياعتب هجرك مورث الأدواء ... والهجر ليس لو دنا بجزاء
يا صاحبي لقد لقيت من الهوى ... جهداً وكل مذلة وعناء
علق الفؤاد بحبها من شقوتي ... والحب داعية لكل بلاء
إني لأرجوها وأحذرها فقد ... أصبحت بن مخافة ورجاء
بخلت عليّ بودها وصفائها ... ومنحتها ودي ومحض صفائي
فتخالف الأهواء فيما بيننا ... والموت عند تخالف الأهواء
نقلت من أخبرا أبي العتاهية في كتاب المستنير للمرزباني: أخبرني محمد بن يحيى قال:
حدثنا عون بن محمد الكندي قال: حدثني محمد بن النضر كاتب غسان بن عباد قال: أخرجت
رسولاً إلى عبد الله بن طاهر، وهو يريد مصر، فنزلت على العتابي، وكان لي صديقاً،
فقال: أنشدني لشاعر العراق، يعني أبا نواس، وكان قد مات، فأنشدته ما أحفظ من ملحه،
وقلت له: ظننتك تقول أنشدني لأبي العتاهية؟ فقال: لو أردت هذا لقلت: أنشدني لأشعر
الناس، ولم أقتصر على العراق.
وقال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني محمد بن موسى قال: حدثني أحمد بن بشر الحلبي
أبو طاهر قال: حدثني إبراهيم بن محمد بن برية الهاشمي قال: حدثني السدري قال: سمعت
الأصمعي يقول: شعر أبي العتاهية مثل كساحة الملوك يقع فيه الجوهر والذهب.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعيد عبد الكريم بن محمد
التميمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن إبراهيم 166 - و الطرازي بأصبهان قال:
أنبأنا أحمد بن مهدي السلامي قال: أخبرنا محمد بن أبي القاسم الأزرق قال: أخبرنا
محمد بن الحسن بن زياد النقاش أن أحمد بن يحيى ابن زيد أخبرهم قال: أتى أبا
العتاهية بعض أخوانه فقال له: أعرني دفتر كذا وكذا، فقال: إني أكره ذاك، فقال له:
أما علمت أن المكارم موصولة بالمكاره، فدفع إليه الدفتر.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن رستم بن كيلان شاه الديلمي بالبيت المقدس قال: أخبرنا
أبو عليّ الحسن بن هبة الله بن يحيى، المعروف بابن البوقي الواسطي قال: حدثنا
والدي أبو جعفر هبة الله قال: قرىء على أبي طاهر بركة بن حسان الجوزي، وأنا حاضر
أسمع، فأقر به قيل له: أخبركم أبو منصور زيد بن طاهر اللاكي، قدم عليكم، قال:
أخبرنا أبو الحسن عليّ بن عمر بن بلال بن عبدان قال: حدثنا أبو القاسم عمر بن محمد
بن سيف قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: حدثنا أبو الحسن بن النوبي قال: حدثني أبو
العباس الذي يكثر لهرون الرشيد قال: بعث الرشيد إلى أبي العتاهية، وهو بالرقة، فأحضره،
قال: من أمرك بقطع القول في الزهد، عد إلى القول فيما كنت تقول، فقال: يا أمير
المؤمنين قد قلت وما سمعت مني، فإن استحسنته وأمرتني بالقول في مثله فعلت، وإلا
رجعت إلى ما كنت أقول، فقال: قل، فقال: وأنا خلف القبة.
قل لأهل القبور: كيف وجدتم ... طعم مر البلى وثقل التراب
في بيوت سقوفها اللبن فيها ... أسكن الموت جوفها أحبابي
166 - ظ
وأتاها البلى فمر عليها ... فأبت أن تسيغ رد الجواب
أكل الدود من وجوه حسان ... لم تزل في غضارة وشباب
بدد الموت شملهم فتنادوا ... بنزال إلى بيوت خراب
فله الحمد إذ قضاه علينا ... منزل القطر من متون السحاب
فلما بلغ أبو العتاهية إلى قوله: أكل الدود من وجوه حسانٍ....
بكى هرون الرشيد، وقال له لما فرغ منها: قل في هذا المعنى.
قال: وكنا رؤساء المكثرين ثلاثة، فأمر لنا بعشرة آلاف درهم، فلم نزل نكثر بهذه
الأبيات حول قبته طول ليلته.
=