الثلاثاء، 28 يونيو 2022

بغية الطلب في تاريخ حلب المؤلف : ابن العديم ج7و8.

 

7.  : بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

وتوجه ابن المغربي قبل وصول هذا الامان اليه الى العراق، وقصد فخر الملك أبا غالب وزير مشرف الدولة أبي علي، وبلغ القادر بالله خبره، فاتهمه بالورود لإفساد الدولة العباسية، وتردد بينه وبين فخر الملك في بابه ما أوجب خروجه الى واسط، وكتب فخر الملك في بحراسته هناك ومعرفة حقه، وأقام مدة على هذه الجملة من أمره، حتى إذا توفي فخر الملك شاع في إصلاح القادر بالله، واستعطاف رأيه وابراء ساحته عنده مما كان ظن به وقدر فيه، وعاد الى بغداد وأقام أياماً بها، ثم مضى الى قرواش ابن المقلد أمير العرب، وسار معه الى الموصل فأقام بها مدة يسيرة وخافه المعروف بابن أبي الوزير الكافي، وكان إذ ذاك وزيراً لقروش ومدبراً لأمور دولته، فحمل إليه مالاً كثيراً وتقدم له بالرحيل، فسار عنها متوجهاً الى دياربكر، وأميرها إذ ذاك نصر الدولة أبو نصر أحمد بن مروان الكردي، فأقام عنده مدة على سبيل الضيافة، ثم خوطب في التصرف ففعله بعد إباء شديد وامتناع كثير، وكانت لبسته إذ ذاك المرقعة والصوف، ولم تمض إلا مدة يسيرة حتى غير ذلك اللباس، وظهر أمره بعد الالتباس، وانكشفت حاله لجميع الناس، وجرت حاله على ما قال، وقد ابتاع غلاماً تركياً كان يهواه قبل أن يبيعه منه مولاه:
تبدل من مرقعة ونسك ... بأنواع الممسك والشفوف
وعنّ له غزال ليس يحوي ... هواه ولا رضاه بلبس صوف
فعاد أشد ما كان إنتهاكاً ... كذاك الدهر مختلف الصروف
فأقام هناك مدة طويلة في أعلى حال، وأجل رتبة، وأعظم منزلة، ثم كوتب من الموصل بالمسير إليها، وعرض عليه صاحبها وزارته، وذلك بعد وفاة الكافي وزيره، فسار عن ميافارقين وديار بكر على سبيل اعتبار الأعمال، وتصفح العمال، وتمادى به السفر الى أن قرب من الموصل، ثم أسرى من الليل فصبح الموصل، واجتمع بصاحبها وقاده وزارته وتردد في الدخول الى الحضرة، ووساطة ما بين السلطان، وبين معتمد الدولة، واجتمع برؤساء الأتراك والديلم واستمالهم، وكان الملك ببغداد إذا ذاك أبو علي بن سلطان الدولة أبي شجاع بن بهاء الدولة أبي نصر بن عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة أبي علي، وشرع له أبو منصور قردوست في الوزارة شروعاً لم يتم في حياته، وعدل أبو القاسم بعد وفاته الى مراسلة الأمير أبي المسك عنبر واستمالته واعتنق السفارة بينه وبين أبو الحسين بن وصيف فلما قبض على مؤيد الملك كوتب أبو القاسم بالورود، فورد وتقلد الوزارة بغير خلع ولا لقب ولا مفارقة للدراعة، وذلك في شهر رمضان سنة خمس عشرة وأربعمائة، وكان عالماً فاضلاً وبليغاً مترسلاً ومفنناً في كثير من العلوم الدينية والأدبية والنجومية، ومشاراً إليه في قوة الذكاء والفطنة، وسرعة الخاطر والبديهة، وأقام في الوزارة بالحضرة شهوراً أوحش فيها الأمير أبا المسك من الوافي أبي مقاتل أرسلان الطويل، وأغراه به حتى قبض عليه وقتله، وجرى في أثناء ذلك من الأمور التي دعت مشرف الدولة والأمير أبا المسك الى مفارقة بغداد والخروج الى أو انا ما قد شرح في كتب التواريخ.
وخرج الوزير أبو القاسم معها، ثم عرض له من الاشفاق ما حمله على مفارتهما، وقصد معتمد الدولة أبي المنيع قرواش، وتجدد من سوء رأي الخليفة القادر بالله فيه لما حدث بين الزكي أبي علي بن عمر بن محمد بن الحسن وأبي الحسن علي بن أبي طالب، وبين أبي علي المختار بن عبيد الله والهاشميين بالكوفة من الفتنة التي ذهبت فيها النفوس والأموال، مما جمعت فيه الجموع وعقدت به المحاضر المشتملة على ذمّه، والوقيعة فيه ما أوجب له قصد نصر الدولة أبي نصر بن مروان والبعد الى بلاده فأقام عنده على حكم الضيافة مدة أكرمه فيها نصر الدولة غاية الاكرام، وأقطعه ضياعاً جليلة تقوم به، وبمن وصل معه من حاشيته وأتباعه، ولم يزل عنده الى أن كوتب من بغداد بالعود إليها، فاستأذن نصر الدولة على ذلك فلم يمكنه مخالفته.
قلت: وحالت المنية بينه وبين الوصول الى بغداد، على ما نذكره في وفاته إن شاء الله تعالى بميافارقين.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل، فيما أذن لنا أن نرويه عنه، قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو الكرم خميس بن علي الحوزي الحافظ قال: سمعت عن واحدٍ من أصحابنا يقول: لما نزل الوزير المغربي بواسط في درب الواسطيين مكث أياماً لم يحضر مسجدهم، فدخل عليه أبو بكر هذا، يعني أبا بكر أحمد بن العباس الدونباي، فقال: يا شيخ يا أستاذ يا وزير مهما شئت كن، إن كنت تحضر مسجدنا هذا في الصلوات الخمس وإلا فانتقل عنا، فقال: السمع والطاعة أيها الشيخ، ثم انتقل عنهم من يومه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
نقلت من كتاب المفاوضة جمع محمد بن علي بن نصر الكاتب، من خطه، وأخبرنا به أحمد بن أزهر بن السماك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران - إذنا - قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثني أبو الحسن مهيار الشاعر قال: لما وزر أبو القاسم بن المغربي ببغداد تعظم وتكبر، ورهبته الناس، وانقبضت عن لقائه، ثم خفت عاقبة ذلك، فعملت فيه قصيدتي البائية المشهورة التي أولها:
هل عند عينيك على غرّب.
ودخلت إليه فوقفت بين يديه طمعاً في أن يجلسني، فما فعل، فأنشدته:
نعم دموع يكتسي تربه ... منها قميص البلد المعشب
فرفع طرفه إلي وقال: إجلس أيها الشيخ، فجلست ومررت في القصيدة حتى بلغت إلى قولي:
جاء بك الله على فترة ... بآية من يرها يعجب
لم تألف الأبصار من قبلها ... أن تطلع الشمس من المغرب
فقال أحسنت يا سيدي، فلما فرغت من الانشاد جمع كل ما كان بين يديه من دينار ودرهم، فدفعه إلي، وكان قدرها مائتي دينار، فقبلت الأرض وانصرفت.
ودخل الصاحب أبو القاسم بن عبد الرحيم رحمه الله، فأعطاه ديناراً ودرهماً، فصاح بي: أيها الشيخ، فرجعت فسلمها إلي، وكان في الدينار ثلاثون مثقالاً خلاصاً، ثم استدعى طستا وغسل كل ما مدح به من الشعر في ذلك اليوم.
قال أبو الحسن بن نصر. هذا وإن كان احساناً من جانب، فهو سرف من جانب، ولو أحسن الدهر كله ليله ونهاره امحاه ما استجازه في الصاحب أبي القاسم رضي الله عنه.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: وجدت بخط أبي الفضل بن خيرون: الوزير أبو القاسم المغربي بميافارقين يوم الأحد الحادي عشر من شهر رمضان سنة ثمان عشرة وأربعمائة - يعني مات - .
قرأت بخط عبد القوي بن الحباب في تعليقه الذي ذكر فيه ابن المغربي قال: وذكر أن بعض وزرائه، يعني أبا نصر بن مروان، ويعرف بأبي الحسن محمد بن القاسم بن صقلاب، من أهل الموصل، قال الله: إن هذا رجل عظيم له سياسة وعظم حيلةٍ وقد بلغك ما فعل من الأمور العظام، وأنه دوخ الممالك، وقلب الدول، وقد خبر حال هذا البلد وطال مقاماً فيه، وعرض غوامض أسراره، ولست تأمن مكره، فاحتال عليه وسقاه السم في شرابه، وكان مبارزاً بأخبيته وفساطيطه بظاهر ميافارقين، فلنا أحسن بالموت تقدم برده الى المدينة فرد إليها، وتوفي بها في شهر رمضان سنة ثماني عشرة وأربعمائة، وأوصى أن تحمل جثته الى جوار قبر أمير المؤمنين علي كرّم الله وجهه بظاهرة الكوفة، ويدفن في تربة له هناك فحملت، وبين الموضعين مسيرة شهر.
قلت: وذلك حين كوتب من بغداد بالعودة إليها.
قرأت في بعض التواريخ قال: ولما أحس، يعني أبا القاسم بن المغربي، من نفسه بالموت، كتب كتاباً الى كل من يصل إليه من الأمراء والرؤساء الذين بينه وبين الكوفة، يعرفهم فيه أن حظية له توفيت وأن تابوتها يجتاز بهم إلى مشهد أمير المؤمنين وقرأ ولداه عقيل وعمار على أبي عبد الله بن خالويه في حكاية، وخاطبهم لمن يصحبه ويحضره، وكان قصده أن لا يتعرض أحد لتابوته وأن ينطوي خبره فتم له ذلك وحمل الكتاب مع تابوته وكل من يجتاز به ظن أنه الجارية، حتى وصل ودفن بالمشهد بالكوفة.
الحسين بن علي بن حماد الموصلي:

أبو بكر، شاعر محسن كان بحلب في عصر أبي عبد الله بن خالوية، قرأت له أبياتاً من الشعر بخط أحد ولديه المذكورين، ذكراها كانت على ظهر كتاب المعاني للفراء، بخط أبي عبد الله بن خالوية، صورتها: قال ابن خالويه: حضر ذات يوم عندي أبو لسحق بن شهرام، وأبو العباس ابن كاتب البكتمري، وأبو الحسن المعنوي فأنشد عمار بيتاً على فص خاتمه وهو:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وسأل الجماعة إجازته، فقال أبو اسحاق بن شهرام:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وقد قال لي قوم تبدل سواهم ... لعلك تسلو إنما الحب كالحب
ومن لي بسلوى عنهم لو أطقتها ... ولكن عذلي ليس يقبله قلبي
ومن حب لا تبخل علي بقبلةٍ ... ترد بها نفسي فيغبطني صحبي
فإني وبيت الله فيك معذب ال ... فؤاد عليل القلب مختلس اللب
ولي مثل قد قاله قبل شاعر ... إذا ازددت منه زدت ضرباً على ضرب
خرجت غداة النفر أعترض الدمى ... فلم أر أحلى منك في العين والقلب
فو الله ما أدري أحباً رزقته ... أم الحبّ أعمى مثل ما قيل في الحب
وقال أبو العباس:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
فيا أسفي لو كان يغني تأسف ... وواكربتي لو روّحت شدة الكرب
شربت بكأس الهم خمر فراقهم ... فأصبحت سكران السرور بلا شرب
وقال أبو الحسن المعنوي:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
ولم أر هذا الدهر يملك صرفه ... سوى الرجل العلامة النجد الندب
ولست لصرف الدهر بالواهن الذي ... يروح على لومٍ ويغدو على عتب
أنا معنوي الشام قولاً وفطنةً ... ولست هبيري العلاقة والحب
فحدثنا بهذا أبا بكر الحسين بن علي بن حماد فأجازها، وهذا قول ولديه:
وكل مصيبات الزمان وجدتها ... سوى فرقة الأحباب هينة الخطب
وقد نالني من ريب دهري مصائب ... تعالت تباعاً أقصدت حبة القلب
فما جرعتني من كؤوس صروفها ... أمر من البين المفرق للصحب
فكم زفرات تعتريني لذكرهم ... تقلبني ما بين جنب إلى جنب
تقلقني طوراً بشب ضرامها ... وتتركني طوراً سليباً بلالب
فوا أسفاً من فرقةٍ بعد ألفة ... ويا حسرات سوف تقضي على نحبي
ويا لوعةً في القلب يقدح زندها ... تردد ما بين الشراسيف والحجب
أأحبابنا صرف الزمان أصابنا ... فمزقنا ما بين شرقٍ إلى غرب
أخلاي إني منذ يوم فراقكم ... أروح وأغدو دائم الهم والكرب
ويا حزناً من ريب دهرٍ نبا بنا ... وشتتنا بعد التآلف والقرب
فلو كان غير الدهر طال تعتبي ... عليه ولكن ما على الدهر من عتب
الحسين بن علي بن دحّيم:
الحلبي الطحان، أبو علي، حدث عن أبي بكر الخرائطي، وأبي بكر أحمد بن مسعود بن النضر الوزّان سمع منه أبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان الحضرمي وذكره في تاريخه الذي ذيل به على تاريخ مصر لابن يونس، فقال في كتاب الغرباء ممن دخل مصر.
الحسين بن علي بن دحيم الحلبي الطحان أبو علي، روى عن الخرائطي، سمعت منه.
قلت: وكان في حلب بيتنا يقال لهم بنو دحيم، وكان فيهم العدالة والأمانةوكان يضرب المثل بحلب بشاهد منهم، فيقال: كأنه العدل ابن دحيم، وأظن أن هذا المذكور منهم. والله أعلم.
هكذا ذكر الحضرمي نسبه، وهو الحسين ين علي بن محمد بن دحيم.
الحسين بن علي بن سعيد:

ابن حامد بن عثمان بن علي بن جار الخير أبو عبد الله بن دبابة البزاز السنجاري، الملقب أمين الدين، وينبز بالبقيرة شاعر حسن الشعر من أهل سنجار، سكن بغداد وقدم حلب لاستخلاص أخيه من أسر الكرج، وكان لأخيه المأسور دين على الأمير سنقر الحلبي، أحد أمراء حلب فقدم أبو عبد الله بن بابة الى حلب، واستخلص دين أخيه لفكاكه من الأسر.
روى لنا شيئا من شعره ولده الفقيه شمس الدين علي بن الحسين، والقاضي أبو علي حسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي، وأخبرني ولده علي أن دبابة الذي ينسب إليه رجل من العرب، قال: وجار الخير هو الذي نقل الى سنجار وأقام بها، وقال لي: سمعت ذلك من والدي الحسين بن علي رحمه الله، وكان مولده في سنة أربعين وخمسمائة.
أنشدنا أبو الحسن علي بن الحسين بن علي بن سعيد بن حامد المعروف بابن دبابة السنجاري بها وبحلب، قال: أنشدني أبي لنفسه يمدح الإمام الناصر لدين الله أمير المؤمنين.
مبصر هل بذي العلمين نار ... أم ابتسمت على أضم نوار
فان تك أو حشت منها ديار ... فقد أنست بحلتها ديار
ذراني كي أسيل بها دموعي ... وأسألها متى شط المزار
أصبراً بعدهم ولنا ثلاث ... عدمت تصبري وهم جوار
أحن وما الذي يجدي حنيني ... حنين النوق فارقها الحوار
وألتثم الثرى شوقاً إليها ... ولا صبر لدّي ولا قرار
فان لاح الصّوار ذكرت ليلى ... وأذكرها إذا نفح الصّوار
تقول عوادلي والليل داج ... وللجوزاء في الأفق انحدار
تمتع من شميم عرار نجد ... فما شيم البروق عليك عار
فما تدري أيجمع منك شمل ... بعيد اليوم أو تنأى الديار
فإن فراقهم في العين ماء ... سفوح وهو في الأحشاء نار
فقلت لهم لئن عز التأسي ... وأعوزني على الوجد اصطبار
وفاجأني الزمان بكل خطب ... أليم ما لموهنه جبار
فلي بالناصر المنصور دامت ... أياديه على الزمان انتصار
إمام للبرية طاب أصلا ... وطاب الفرع منه والنجار
له خلقان من أريٍ وشريٍ ... إلى هذا يشار وذا يشار
أنشدني أبو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي من لفظه بمنزلي بحلب، قال: أنشدني أمين الدين الحسين بن دبابة السنجاري البزاز لنفسه بحلب يهجو أبا علي بن الربيع اليهودي رأس المثيبة ببغداد وكان يلقب بالبقيرة:
تبصر بقيرة آل الربيع ... عدمت البصيرة إثر البصر
سننت لذبحك موسى الهجاء ... وموسى الذي سن ذبح البقر
قال لي أبو علي القيلوي لقّب الأمين حسين في سنجار بالبقيرة بقوله هذين البيتين فلا يعرف بسنجار إلا بالبقيرة.
أخبرني شمس الدين علي بن الحسين بن دبابة عن والده الحسين قال: كان في أيام شبابه يعتني بشيء من الهجو، قال: فبات ليلة فرأى أسداً عظيماً قد أقبل نحوه قال: فخاف خوفاً عظيماً، قال: فقال له الأسد: تعود تهجو؟ فقال: لا، قال: فتب، قال: فتاب عن الهجو من ذلك اليوم: أنشدني أبو الحسن بن الحسين بن دبابة بسنجار قال: كتب إليّ والدي في كتاب هذا الشعر لنفسه:
أراني أرى سنجار لا در درها ... إذا ما أجلب الطرف أرض وبار
جواري بها شرّ الجوار فعلني ... أراها وما أنهارها بجوار
وليت الحيا الوكاف لا جاد ربعها ... وشبت مغانيها الغداة بنار
فليس بها من يرتجى لملمة ... وليس بها يوما مقبل عشار
أظل بها حلف الهموم كأنما ... سقيت الردى فيها بكاس نوار

أخبرني أبو الحسن علي بن الحسين بن دبابة قال: كان عمي أسرته الكرج، وكان له دين على سنقر الحلبي الأمير بحلب، فسعى والدي في فكاكه، فقطع عليه الكراج أربعة آلاف دينار، فجاء والدي الى حلب واستخلص دين عمي من سنقر الحلبي، وجمع عليه شيئاً آخر حتى تكمل أربعمائة دينار، وسار بها الى خلاط، وكان في صحبته غلام لعمي المأسور فوصل والدي الى خلاط في الشتاء، وكان البرد شديداً، فالتفت الى غلام أخيه في ميدان خلاط، وقال يا فلان بالله لو أبصرت أخي الساعة هاهنا ما كان جيداً ونستريح من الصداع ومقاساة البرد، ومن جمع أربعة آلاف دينار وما معنا غير أربعمائة؟ قال: فما استتم الكلام حتى رأى شخصا يعرفه من أهل سنجار فسلم عليه وقال: ما رأيت أخاك؟ قال: وأين أراه: قال: هو في المدينة فقال: لا تفعل، فقال: بلى والله، ودخل إليه وأخرجه من المدينةالى أبي، واجتمعا وقضيا أمنية، وكان قد هرب من الأسر واتفق وما اتفق.
قال لي عز الدين أبو علي حسن بن محمد القيلوي: توجه ابن دبابة الى سنجار ثم توجه منها الى دمشق فمات بها بعد سنة عشر وستمائة، وقال لي أبو الحسن علي ابن الحسين بن دبابة: توفي والدي في جمادى الآخرة سنة ست عشرة وستمائة، عن ست وسبعين سنة.
الحسين بن علي بن شبل بن طهمان:
أبو بكر الطهماني المعروف بشبل، حدث بحلب عن اسحاق بن شاهين، وروى عن سليمان بن سالم. روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي، وأبو بكر أحمد بن عيسى النحاس.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة، وأبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وولده القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الطرسوسي الحلبيون قالو:أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة الحلبي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن أحمد بن الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر السبيعي الحلبي الحافظ قال: حدثنا أبو بكر الحسين بن علي بن شبل بن طهمان، المعروف بشبل الطهماني بحلب قال: حدثنا اسحاق بن شاهين قال: حدثنا خالد بن عبد الله المزني عن داود بن أبي هند عن الشعبي عن عبد الله بن عمرو بن العاص قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " المهاجر من هجر السيئات " .
الحسين بن علي بن العباس:
أبو عبد الله الشطي المعدل، حدث بحلب عن حفص بن عمر بن الصباح الرقي المعروف بسبجة وعبد الملك بن عبد الحميد الميموني، وأبي بكر محمد بن ابراهيم المروزي. روى عنه أبوا الحسين: محمد بن بن أحمد بن أبي فروة الملطي ومحمد بن أحمد الهاشمي القاضي، وأبو الطيب عبد المنعم بن عبيد بن غلبون، والقاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق الحلبي.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري بدمشق قال: أخبرنا الفقيه أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن أحمد بن طلاب القرشي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن جميع قال: حدثنا الحسين بن علي الشطي بحلب قال: حدثني حفص بن عمر بن الصباح قال: حدثنا أبو حذيقة عن سفيان عن اسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم عن جرير قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسرع الأرض خراباً يسراها ثم يمناها " .
الحسين بن علي بن عبد مناف أبي طالب:
ابن عبد المطلب بن هاشم بن مناف أبو عبد الله بن أبي الحسن الهاشمي القرشي، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته، وأحد سيدي شباب أهل الجنة، ولد في شعبان سنة أربع من الهجرة، وقيل ولد لست سنين وأربعة أشهر من الهجرة، وشهد صفين مع أبيه علي عليه السلام وكان أميراً على القلب يومئذ، وهم همدان.
وغزا القسطنطينية في الجيش الذي كان يزيد بن معاوية أميره، فقد اجتاز بحلب في طريقه من دمشق إليه.
حدث عن جده رسول الله صلى الله عليه وسلم، وعن أبيه علي بن أبي طالب وأمه فاطمة عليهما السلام.

روى عنه ابنه علي بن الحسين زين العابدين وابنه عبد الله بن الحسين وابنتاه فاطمة وسكينة وابن أخيه زيد بن الحسن بن علي، وأبو هريرة، وطلحة بن عبيد الله العقيلي، وعامر الشعبي وعكرمة مولى ابن عباس وعبيد ابن حسين، وشعيب ابن خالد ويوسف الصباغ، وزياد بن شابور، وحميد بن سلم، وسنان بن أبي سنان الدئلي، ومحمد بن الصائغ، وهمام بن غالب الفرزدق، وعبد الله بن سليمان بن نافع مولى بني هاشم، والعيزار بن حريث، وأبو سعد الميثمي وأبو هشام وأبو خازم الاشجعي، والمطلب بن عبد الله بن حنطب، وعبيد الله بن أبي يزيد وبشير بن غالب.
أخبرنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسين قال أخبرنا أبو طالب ابن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أحمد بن الحسين المديني قال: حدثنا سفيان بن وكيع قال: حدثنا يونس بن بكير بن زياد بن المنذر عن بشير بن غالب عن حسين بن علي قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يشرب قائما.
أخبرنا أبو صادق الحسن بن يحيى بن صباح - قراءة عليه بدمشق - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن ابن الحسين الخلعي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل بن نظيف الفراء وأبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى الشاهد قالا: حدثنا أبو الطاهر محمد بن أحمد قال: حدثنا أبو عمران موسى بن سهل قال: حدثنا عبد الواحد بن غياث قال: حدثنا فرعة بن سويد السدوسي قال: حدثنا عبيد الله بن عمر عن الزهري عن علي ابن الحسين عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه " .
ورواه يعلى بن عبيد عن حجاج بن دينار عن شعيب بن خالد عن الحسين رضى الله عنه أخبرنا به أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا عمي الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل قال: حدثنا محمد بن الحسين بن سليم قال: حدثنا أحمد بن موسى بن مردويه الحافظ إملاء قال: حدثنا عبد الله بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن الجهم السمري قال: حدثنا يعلى بن عبيد قال: حدثنا حجاج بن دينار عن شعيب بن خالد عن الحسين بن علي رضى الله عنهما قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من حسن اسلام المرء تركه ما لا يعنيه " .
أخبرنا زيد بن الحسن - إذنا - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: حدثنا أحمد بن علي بن شعيب المدائني قال: حدثنا أبو بكر بن البرقي قال: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن المرتضى العلوي قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر السلامي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو البركات أحمد بن عبد الواحد بن الفضل بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد الدولأبي قال: حدثني أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم الزهري قال: حدثنا أبو صالح عبد الله بن صالح قال: قال الليث بن سعد: قالت فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسين بن علي في ليال خلون من شعبان سنة أربع.
أنبأنا عمر بن الحسن عن أبي القاسم بن عبد الملك قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة، قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن عثمان قال: أخبرني أبو العباس السرخسي قال: أخبرنا ابن أبي خيمثة عن مصعب الزبيري قال: ولد الحسين لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.
انبأنا عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الغنائم ابن المأمون قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: قال الزبير بن بكار: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

قال أبو غالب بن البناء: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وحدثني ابراهيم بن المنذر عن عبد الله بن ميمون مولى الحارث بن عبد الله بن أبي ربيعة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: كان بين الحسن والحسين طهر واحد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه، قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: قال لنا سعد بن سليمان عن حفص بن غياث عن جعفر بن محمد قال: كان بين الحسن والحسين طهر واحد.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران الأشناني قال: حدثنا موسى بن زكريا التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال: وفيها، يعني، سنة أربع: ولد الحسين بن علي بن أبي طالب.
أنبأنا أبو محمد بن المرتضى العلوي قال: حدثنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو طاهر الأنباري قال: أخبرنا أبو البركات بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد بن رشيق قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثنا أحمد بن المقدام العجلي قال: حدثنا زهير بن العلاء قال: حدثنا سعيد بن أبي عروبة عن قتاده قال: ولدت، يعني، فاطمة حسيناً بعد الحسين بسنة وعشرة أشهر، فولدته لست سنين وأربع أشهر ونصف من التاريخ.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن أبي الرجاء بن شهريار، في كتابه، قال: أخبرنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر بن المقريء قال حدثنا محمد بن عبد الله الطائي قال: حدثنا عمران بن بكار قال: حدثنا ربيع بن روح قال: حدثنا محمد بن حرب الزبيدي عن عدي بن عبد الرحمن الطائي عن داود بن أبي هند عن سماك عن أم الفضل بنت الحارث أنها رأت فيما يرى النائم، أن عضواً من أعضاء النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فقصصتها عن النبي صلى الله عليه وسلم فقال: خيراً رأيت، تلد فاطمة غلاماً فترضعيه بلبن قثم، قالت: فولدت فاطمة غلاما فسماه النبي صلى الله عليه وسلم حسيناً، دفعه الى أم الفضل فكانت ترضعه بلبن قثم.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحداد وجماعة في كتبهم قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريده قال: أخبرنا سليمان ابن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا ضرار بن صرد قال: حدثنا عبد الكريم بن يعفور الجعفي عن جابر عن أبي الشعثاء عن بشر بن غالب قال: كنت مع أبي هريرة فرأى الحسين بن علي فقال: يا أبا عبد الله لقد رأيتك على يدي رسول الله صلى الله علسه وسلم، قد خضبتهما دماً، حين أتى بك حين ولدت فسررك ولفك في خرقه، ولقد تفل في فيك وتكلم بكلام ما أدري ما هو، ولقد كانت فاطمة سبقته بقطع سرة الحسن فقال: لا تسبقيني بها.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو سعيد بن سالم الشاشي قال: حدثنا عبيد الله بن عمرو الرقي عن ابن عقيل عن محمد بن علي عن علي بن أبي طالب أنه سمى ابنه الكبير حمزة، وسمي حسيناً بعمه جعفر، قال: فدعا رسول الله صلى الله عليه وسلم علي بن أبي طالب فقال اني قد غرت اسم ابني هذين، قال: فقلت الله ورسوله أعلم قال: فسمي حسناً وحسيناً.

وأنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي العز بن كادش قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن نصير قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن عتيب قال: حدثنا محمد بن خالد بن خداش قال: حدثنا سلم بن قتيبة قال أخبرنا يونس ابن أبي اسحاق عن أبيه هانيء بن هانيء عن علي قال: لما ولد الحسن سميته حربا فقال النبي صلى اله عليه وسلم: ما سميت ابن؟ قلت حربا، قال: هو الحسن، فلما ولد الحسين سميته حربا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم ما سميت ابني؟ قلت: حربا قال هو الحسين فلما ولد محسن سميته حربا فقال النبي صلى الله عليه وسلم: ما سميت أبني؟ قلت حربا قال فهو محسّن، ثم قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني سميت بني هؤلاء بني هارون بنيه شبر وشبير ومشبر.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي - اذنا - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم - إجازة ان لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أحمد ابن عثمان قال: أخبرنا الدحداح أحمد بن محمد بن اسماعيل التميمي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن عبد الرحيم الأشجعي قال: حدثنا سفان بن عيننه عن عمرو عن عكرمة قال: لما ولدت فاطمة الحسن أتت به النبي صلى الله عليه وسلم فسماه حسنا، فلما ولدت حسينا أتت به النبي صلى الله عليه وسلم، فقالت: هذا أحسن من هذا فشق له من اسمه وقال: هذا حسين.
أنبأنا أبو القاسم القاضي قال: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي، كتابة قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد وأبو محمد عبد الرحمن بن محمد قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت العباس بن محمد يقول: سمعت يحيى يقول: الحسين بن علي أبو عبد الله.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد ابن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي محمد بن أحمد ابن الحسن قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال عمي أبو بكر: الحسين بن علي أبو عبد الله.
أخبرنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن نعمة الله بن محمد قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن محمد قال: حدثنا محمد بن أحمد ابن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: الحسين بن علي، أبو عبد الله.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا اسماعيل بن أحمد، إجازة ان لم يكن سماعا، قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: الحسين بن علي يكنى أبا عبد الله.
أنبأنا أبا الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل جعفر بن يحيى قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله حسين ابن علي.
أنبأنا عبد الصمد بن محمد عن أبي الفتح نصر الله بن محمد اللاذقي قال: أخبرنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان، قال: حدثنا علي بن ابراهيم الجوزي قال: حدثنا أبو زكريا يزيد بن محمد ابن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: الحسين بن علي أبو عبد الله.
أخبرنا أبو اليمن الكندي - إذناً - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في الطبقة الخامسة: الحسين بن علي بن أبي طالب ابن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف بن قصي، ويكنى أبا عبد الله، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأمها خديجة بنت خويلد بن أسد بن عبد العزي بن قصي، علقت فاطمة بالحسين لخمس ليالٍ خلون من ذي القعدة سنة ثلاث من الهجرة، فكان بين ذلك وبين ولاد الحسن خمسون ليلة، وولد الحسن في ليالٍ خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حسين بن علي ابن أبي طالب، أبو عبد الله الهاشمي، قال أحمد بن سليمان عن عطاء بن مسلم عن الأعمش قال: قتل الحسين وهو ابن تسع وخمسين، وقال أبو نعيم: قتل الحسين يوم عاشوراء، وقال فروة بن أبي المغراء عن القاسم بن مالك عن عاصم بن كليب عن أبيه قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم، فذكرته لابن عباس فقال: أذكرت حسين ابن علي حين رأيته؟ قلت: نعم والله ذكرته بكفيه حين رأيته يمشي، قال: إنّا كنا نشبهه بالنبي صلى الله عليه وسلم، وقال عبد الله بن محمد بن محمد بن الصلت حدثنا سفيان بن عيينة عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قتل الحسين بن علي وهو ابن ثمان وخمسين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي طالب، له رواية من رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد بن محمد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله الهاشمي ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم وريحانته وشبهه، ولد لخمس ليالٍ خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل وهو ابن ثمان وقيل تسع وخمسين، وى عنه أبو هريرة، وابنه علي وفاطمة وسكينة ابنتاه، وعبيد الله بن أبي يزيد والمطلب بن عبد الله بن حنطب، وسنان بن أبي سنان، وأبو حازم الأشجعي وغيرهم.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا خلف بن القاسم قال: أخبرنا علي بن السكن قال: والحسين بن علي يكنى أبا عبد الله، بابنه عبد الله، وكان أصغر من الحسين يقال إنه أصيب وهو ابن ست وخمسين، ليس يحفظ عنه سماعاً من رسول الله صلى الله عليه وسلم من وجه صحيح، وقد روى عن أمه فاطمة بنت رسول الله، وعن أبيه علي بن أبي طالب، ويقال ولد الحسين في سنة أربع من الهجرة، وأدرك من حياة النبي صلى الله عليه وسلم ست سنين.
وقد وي من وجوه صحاح حضور الحسين بن علي رسول الله ولعبه بين يديه وتقبيله إيّاه، فأما الرواية التي تأتي عن الحسين بن علي عن رسول الله صلى الله عليه وسلم فكلها مراسيل.
قال ابن السكن: حدثنا حاتم بن محبوب قال حدثنا عبد الجبار بن العلاء قال: حدثنا سفيان قال: سمعت جعفر بن محمد قال: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
أنبأنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري الحافظ قال: أخبرنا أبو وليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباع قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: الحسين بن علي بن أبي طالب، أمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، يكنى أبا عبد الله، ولد لخمس خلون من شعبان سنة أربع وقيل ثلاث هذا قول الواقدي وطائفة معه.

قال الواقدي: علقت فاطمة بالحسين بعد مولد الحسن بخمسين ليلة، وروى جعفر بن محمد عن أبيه قال: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر واحد، وقال قتادة: ولد الحسين بعد الحسن بسنة وعشرة أشهر لخمس سنين وستة أشهر من التاريخ وعق عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم كما عق عن أخيه، وكان الحسين فاضلاً ديناً كثير الصوم والصلاة والحج، قتل رحمه الله يوم الجمعة لعشر خلت من المحرم، يوم عاشورء سنة إحدى وستين بموضع يقال له كربلاء من أرض العراق، وبناحية الكوفة، ويعرف الموضع أيضاً بالطف قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال له أيضاً سنان بن أبي سنان النخعي وهو جد شريك القاضي، ويقال بل الذي قتله رجل من مذحج، وقيل قتله شمر بن ذي الجوشن، وكان أبرص، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير، حز رأسه، وأتى به عبيد الله بن زياد وقال:
أوقر ركأبي فضة وذهباً ... إني قتلت الملك المحجّبا
قتلت خير الناس أماً وأباً ... وخيرهم إذ ينسبون نسبا
وقال يحيى بن معين: أهل الكوفة يقولون: إن الذي قتل الحسين عمر بن سعد ابن أبي وقاص، قال يحيى: وكان ابراهيم بن سعد يروي فيه حديثاً لأنه لم يقتله عمر بن سعد.
قال أبو عمر بن عبد البر: إنما نسب قتل الحسين الى عمر بن سعد لأنه كان الأمير على الخيل التي أخرجها عبيد الله بن زياد الى قتل الحسين، وأمر عليهم عمر ابن سعد ووعده أن يوليه الري إن ظفر بالحسين وقتله، وكان في تلك الخيل والله أعلم قوم من مضر من اليمن.
قال أبو عمر: لما مات معاوية وأفضت الخلافة الى يزيد وذلك في سنة ستين وردت بيعته على الوليد بن عقبة بالمدينة ليأخذ البيعة على أهلها، أرسل الى الحسين ابن علي والى عبد الله بن الزبير ليلاً فأتى بهما فقال: بايعا، فقالا: مثلنا لا يبايع سراً، ولكننا نبايع على رؤوس الناس إذا أصبحنا، فرجعا إلى بيوتهما، وخرجا من ليلتهما الى مكة، وذلك ليلة الأحد لليلتين بقيتا من رجب، فأقام الحسين بمكة شعبان ورمضان وشوال وذو القعدة، وخرج يوم التورية يريد الكوفة، فكان سبب هلاكه.
قال أبو عمر: قال مصعب الزبيري حج الحسين بن علي خمساً وعشرين حجة ماشياً.
وذكر أسد عن حاتم بن اسماعيل عن معاوية بن أبي مزرد عن أبيه قال: سمعت أبا هريرة يقول: أبصرت عيناي هاتان، وسمعت أذناي رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو أخذ بكفيّ حسين، وقدماه على قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول: ترق عين بقّه، قال: فرقا الغلام حتى وضع قدميه على صدر رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم قال له رسول الله: إفتح فاك ثم قبّله، ثم قال: اللهم أحبّه، فإني أحبه.
قال أبو عمر رحمه الله: روى الحسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم قوله: " من حسن إسلام المرء تركه ما لا يعنيه " هكذا حدث به العمري عن الزهري عن علي بن حسين عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، وقد ذكرنا الاختلاف في اسناد هذا الحديث في كتاب التمهيد لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم في الموطأ.
وروى ابراهيم بن سعد عن ابن اسحاق عن الزهري عن سنان بن أبي سنان الدؤلي عن حسين بن علي عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً في ابن صائد: " اختلفتم وأنا بين أظهركم فلأنتم بعدي أشد اختلافاً " .
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الحسين بن علي بن أبي طالب بن عبد المطلب بن هاشم بن عبد مناف، أبو عبد الله سبط رسول الله صلى الله عليه وسلم، وريحانته في الدنيا، حدث عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبيه، روى عنه ابنه علي بن الحسين وابنته فاطمة، وابن أخيه زيد بن الحسن، وشعيب بن خالد، وطلحة بن عبيد الله العقلي ويوسف الصبّاغ وعبيد بن حسين وهمّام بن غالب والفرزدق وأبو هشام. ووفد على معاوية، وتوجه غازياً الى القسطنطينية في الجيش الذي كان أميره يزيد بن معاوية.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد ابن أبي سعيد بن روح قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الوليد البغدادي قال: حدثنا محمد بن أبي السري العسقلاني قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن زهير بن محمد عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله أن رسول الله صلى الله عليه وسلم عق عن الحسن والحسين وختنهما لسبعة أيام.
قال الطبراني لم يروه عن ابن المنكدر إلا زهير ولم يقل أحد ممن روى هذا الحديث عن زهير وختنهما لسبعة أيام الا الوليد بن مسلم.
أخبرنا أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي قال: أخبرنا أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني الحلبي عمي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل ابن الجلي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن أحمد بن الطيوري الحلبي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن منصور بن سهل الحلبي قال: حدثنا أبو عثملن الوراق قال: حدثنا أبو وهب الحراني قال: حدثنا مخلد عن محمد بن عبد الله عن أبي اسحاق عن الحارث عن علي عليه السلام قال: كان الحسن أشبه الناس برسول الله ما بين الذقن إلى الرأس وكان الحسين أشبه الناس برسول الله صلى الله عليه وسلم من الذقن الى القدم وفيهما شبه رسول الله عليهم السلام.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحس الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن الفتح العشاري قال:حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسماعيل المعروف بابن سمعون قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الكندي قال: حدثنا ابن أبي ليلى عن أخيه عيسى بن عبد الرحمن عن أبيه عن جده قال: كنا عند النبي صلى الله عليه وسلم فجاء الحسين بن علي عليهما السلام يحبو حتى صعد على صدره فبال عليه، فابتدرناه لنأخذه فقال النبي صلى الله عليه وسلم: " ابني ابني " ، قال: ثم دعا بماء وصبه عليه.
أخبرنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن الحصين قال: أخبرنا ابن عيلان قال: أخبرنا الشافعي قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثنا محمد بن يزيد الآدمي قال: حدثنا محمد بن موسى البصري قال: حدثني حاتم بن عبد الله عن يحيى بن عبد الله بن الحسين عن أبيه عن جده الحسين بن علي قال: حياني رسول الله صلى الله عليه وسلم بالورد بكلتي يديه، فلما أدنيته من أنفي قال: أما إنه سيد ريحان الجنة بعد الآس.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي قال: أخبرنا أبو نصر الحسين بن محمد بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمدبن أحمد بن جميع قال: حدثنا حفص بن عبد الله الأبلي بالأبلّة قال حدثنا محمد بن اسحاق الصغاني قال: حدثنا يزيد بن موهب قال: حدثنا أبو شهاب عن سفيان الثوري عن أبي الزبير عن جابر قال: دخلت على النبي صلى الله عليه وسلم وهو يصلي على أربع والحسن والحسين رضي الله عنهما على ظهره، وهو يقول: نعم الجمل جملكما ونعم العدلان أو الحملان أنتما.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، ح.
وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري - قدم علينا حلب - قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان. قال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي بن الحسين بن زكريا. وقال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن ابن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا حسن بن زريق أبو علي الطهوي قال: حدثنا أبو بكر عن عاصم عن زر عن ابن مسعود قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يصلي والحسن والحسين يلعبان ويصعدان على ظهره، وأخذ المسلمون يميطونهما، فلما انصرف قال: " من أحبني فليحب هذين " .

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن العباس الخلال المعروف باسلام بمرو قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسين الشير نخشيري وأبو عبد الله محمد بن الحسن المهربيذ قشاي قالا: أخبرنا أبو العباس عن عبد الله بن محمد بن هارون الطيسفوني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي ببغداد قال: حدثنا العباس بن ابراهيم القراطيسي قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل الأحمسي قال: حدثنا أسسباط - يعني - ابن محمد عن كامل أبي العلاء عن أبي صالح عن أبي هريرة رضي الله عنه قال: كان سول الله صلى الله عليه وسلم يصلي صلاة العشاء وكان الحسن والحسين رضي الله عنهما يثبان على ظهره فلما صلى قال أبو هريرة رضي الله عنه: ألا أذهب بهما إلى أمهما؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا، فبرقت برقة، فما زالا في ضوئها حتى دخلا على أمهما.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد ابن جميع قال: حدثنا أبو بكر الغزال ببغداد - درب السقائين - قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن معاوية عن عمرو ومحمد بن اسحاق الصغاني قال: حدثنا أبو غسان قال: حدثنا أسباط عن السدي عن صبح مولى أم سلمة عن زيد بن أرقم قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم لعلي وفاطمة والحسن والحسين: " أنا حرب لمن حاربكم، سلم لمن سالمكم " .
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد السلمي، وأبو سعد ثابت ابن مشرف بن أبي سعد البناء وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن عبد الله بن روزبة البغداديون قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداودي قال: أخبرنا أبو محمد ن عبد الله بن أحمد الحموي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدثنا موسى بن اسماعيل قال: حدثنا مهدي قال: حدثنا ابن أبي يعقوب عن ابن أبي نعم قال: كنت شاهداً لابن عمر وسأله رجل عن دم البعوض فقال: ممن أنت؟ فقال: من أهل العراق، قال: انظروا إلى هذا يسألني عن دم البعوض وقد قتلوا ابن النبي صلى الله عليه وسلم، وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: هما ريحانتي في الدنيا.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الحموي قال: أخبرنا الامام أحمد بن محمد الحافظ - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن موسى السكوني المؤدب قال: أخبرنا أبو يعلى أحمد بن علي بن المثني الموصلي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أسماء قال: حدثنا مهدي بن ميمون قال: حدثنا محمد ابن عبد الله بن أبي يعقوب عن ابن أبي نعيم قال: كنت جالسا عند ابن عمر فسأله رجل عن دم البعوض فقال: يسألوني عن دم البعوض وهم قتلوا ابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " هما ريحانتي في الدنيا " .
وقال: حدثنا محمد بن اسماعيل البخاري قال: حدثني محمد بن بشار قال: حدثنا غندر قال: حدثنا شعبة عن محمد بن أبي يعقوب قال سمعت ابن أبي نعم يقول: سمعت عبد الله بن عمرو - وسأله عن المحرم - قال شعبه: أحسبه يقتل الذباب فقال: أهل العراق يسألون عن الذباب، وقد قتلوا ابن بنت رسول الله، وقال النبي صلى الله عليه وسلم: " هما ريحانتاي من الدنيا " .
أخبرنا أبو القاسم العطار وأبو سعد البناء، وأبو الحسن بن روزبه البغداديون قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداودي قال: أخبرنا أبو محمد الحموي قال: حدثنا أبو عبد الله الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله البخاري قال: حدثني محمد بن الحسين بن ابراهيم قال: حدثني حسين بن محمد قال: حدثنا جرير عن محمد عن أنس ابن مالك قال: أتي عبيد الله بن زياد برأس الحسين فجعل في طست، فجعل ينكث وقال: في حسنه شيئاً فقال أنس: كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان مخضوبا بالوسمة.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر السفلي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا.
وأخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري - قدم علينا حلب - قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي، وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد سلمان. قال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحسين بن زكريا. وقال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا عبد الحميد بن بحر - سمعته بالبصرة - قال: أخبرنا منصور بن أبي الأسود عن الأعمش عن ابراهيم عن علقمة بن قيس عن عبد الله بن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
أخبرنا أبو الفضائل عبد الرزاق بن عبد الوهاب بن علي بن سكينة، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف البغداديان - قدما علينا حلب - قالا أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو محمد رزق الله بن عبد الوهاب بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عمرو بن البختري قال: حدثنا ابراهيم بن عبد الرحيم بن عمر قال: حدثنا فيض بن وثيق قال: حدثنا عثمان بن مطر قال: حدثنا ثابت عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحسن والحسين سيدا شباب أهل الجنة.
أخبرنا الشيخ الصالح أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى بن حكيم الحلبي بها، قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن ياقوت بن عبد الله الفراش قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل الضبي قال: حدثنا أبو الحسين عبد الله بن محمد بن شاذان قال: حدثنا محمد بن سهل ابن الحسن قال: حدثنا محمد بن حسان قال: حدثنا عبد الله بن الأشرس قال: حدثنا علي بن موسى الرضا عن أبيه عن جده محمد بن علي عن أبيه عن جده عن علي بن أبي طالب عليه السلام أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين فقال: " من أحبني وأحب هذين وأباهما وأمهما كان معي في الجنة، المرء مع من أحب، المرء مع من أحب المرء مع من أحب " .
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد ابن سعيد بن روح قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمد ابن محمد بن خلاد الباهلي البصري قال: حدثنا نصر بن علي الجهضمي قال: حدثنا علي بن جعفر بن محمد بن علي بن الحسين بن علي عن أخيه موسى بن جعفر عن أبيه جعفر بن محمد عن أبيه محمد بن علي عن علي بن الحسين عن أبيه عن علي بن أبي طالب أن النبي صلى الله عليه وسلم أخذ بيد الحسن والحسين فقال: " من أحب هذين وأباهما وأمهما فإنه معي في درجتي يوم القيامة.
قال الطبراني: لم يروه عن موسى ابن جعفر إلا أخوه علي بن جعفر، تفرد به نصر بن علي.
قلت وقد رواه علي بن موسى الرضا رضي الله عنه عن موسى بن جعفر كما أوردناه قبله.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني، خطيبها بها، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي البغدادي، وأبو اسحاق ابراهيم ابن عثمان بن يوسف، بحلب، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعت السمرقندي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري قال: حدثني علي بن محمد بن عبيد قال: حدثنا جعفر بن أبي عثمان الطيالسي قال: حدثنا يحيى بن معين قال: حدثنا أبو عبيدة عبد الواحد ابن واصل قال: حدثنا ظريف بن عيسى قال:حدثني يوسف بن عبد الحميد قال: قال لي ثوبان مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: أجلس رسول الله صلى الله عليه وسلم الحسن والحسين على فخذيه، وفاطمة في حجره واعتنق عليا، قال: اللهم هؤلاء أهل بيتي.

أخبرنا الشريف أبو حامد بن عبد الله بن علي الحسيني قال: أخبرنا عمي أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلي قال: حدثنا أبو الحسن بن الطيوري الحلبي قال: حدثنا أبو القاسم عبد الرحمن بن منصور بن سهل قال: حدثنا أبو يعقوب الوراق قال: حدثنا محمود بن غيلان قال: حدثنا أبو أحمد قال: حدثنا سفيان عن زبيد عن شهر بن حوشب عن أم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم جلل عليا والحسن والحسين وفاطمة كساءً وقال: هؤلاء أهل بيتي وخامتي، اللهم أذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً، قالت أم سلمة: وأنا معهم يا رسول الله؟ قال: انك الى خير.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب العشاري قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن اسماعيل بن سمعون - إملاء - قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن جعفر الصيرفي قال: حدثنا أبو اسامة الكلبي قال: حدثنا علي بن ثابت قال: حدثنا أسباط بن نصر عن السدي عن بلال بن مرداس عن شهر بن حوشب عن أم سلمة قالت: جاءت فاطمة الى رسول الله صلى الله عليه وسلم بخزيرة فوضعتها بين يديه، فقال: ادعي زوجك وابنيك، فدعتهم وطعموا وعليهم كساء خيبري، فجمع الكساء عليهم ثم قال: هؤلاء أهل بيتي وخامتي فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً قالت أم سلمة: فقلت يا رسول الله ألست من أهل البيت؟ قال: انك على خير والى خير.
قال: وحدثنا محمد قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا علي بن ثابت عن أبي اسرائيل عن زبيد عن شهر عن أم سلمة مثل ذلك.
أخبرنا أبو محمد بن الحسين الأندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا أحمد بن مجاهد الأصبهاني قال: حدثنا عبد الله بن عمر بن أبان قال: حدثنا زافر بن سليمان عن طعمة بن عمرو الجعفري عن أبي الجحاف داود بن أبي عوف عن شهر بن حوشب قال أتيت أم سلمة أعزيها على الحسين بن علي فقالت: دخل عليّ رسول الله صلى الله عليه وسلم فجلس على منامة لنا فجاءته فاطمة رضوان الله عليها بشيء فوضعته، فقال ادع لي حسناً وحسيناً وابن عمك علياً، فلما اجتمعوا عنده قال: اللهم هؤلاء خامتي وأهل البيت فأذهب عنهم الرجس وطهرهم تطهيراً. قال الطبراني لم يروه عن طعمه إلا زافر تفرد به عبد الله بن عمر بن مشكدانة.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني - قراءة عليه وأنا أسمع - بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - قراءةً علينا من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أبو يوسف القلوسي قال: حدثنا سلمان بن داود قال: حدثنا عمار بن محمد قال: حدثني سفيان الثوري عن أبي الجحاف عن أبي سعيد قال: نزلت " انما يريد الله ليذهب عنكم الرجس أهل البيت " في خمسة، في رسول الله صلى الله عليه وسلم وعليّ وفاطمة والحسن والحسين.
أخبرنا أبو حامد محمد بن عبد الله الاسحاقي الحلبي بها، قال: أخبرنا عمي أبو المكارم حمزة بن علي الحلبي بها قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جراده الحلبي بها، قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل بن الجلى الحلبي بها قال: حدثنا أبو الحسن بن الطيوري الحلبي بها قال: حدثنا أبو القاسم بن منصور قال: حدثنا عمر بن سنان قال: حدثنا أبو عبد الغني الحسن بن علي الأهوازي قال: حدثنا عبد الرزاق عن أبيه عن ميناء بن ميناء مولى عبد الرحمن ابن عوف أنه قال: ألا تسألون قبل أن تشاب الأحاديث بالأباطيل قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنا شجرة وفاطمة أصلها وفروعها، وعلي لقاحها والحسن والحسين ثمرها وشيعتنا ورقها، والشجرة وأصلها في عدن، والأصل والفرع واللقاح والورق والثمرة في الجنة.

أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو بكر عبد الباقي - اذنا ان لم يكن سماعا - قال: حدثنا أبو محمد الجوهري - املاءً - قال: أخبرنا أبو بكر بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثنا عفان قال: حدثنا وهيب قال: حدثنا عبد الله بن عثمان بن خثيم عن سعد بن أبي راشد عن يعلى العامري أنه خرج مع رسول الله صلى الله عليه وسلم الى طعام دعوا له، قال: فاستمثل رسول الله صلى الله عليه وسلم. قال عفان: قال وهيب: فاستقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم أمام القوم وحسين مع غلمان يلعب فأراد رسول الله صلى الله عليه وسلم أن يأخذه. قال: فطفق الصبي يفرّ هاهنا مرة وهاهنا مرة، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم يضاحكه حتى أخذه قال: فوضع احدى يديه تحت قفاه والأخرى تحت ذقنه فوضع فاه على فيه فقبله، وقال: حسين مني وأنا من حسين، أحب الله من أحب حسيناً، حسين سبط من الاسباط. أخبرنا أبو الحسن المبارك بن أبي بكر محمد بن مزيد الخواص، وأبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري البغداديان بها قالا: أخبرنا أبو محمد عبد الغني بن الحسين بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن النعمان قال: أخبرنا أبو بكر بن المقتدي قال: أخبرنا أبو محمد اسحاق بن أحمد بن شافع الخزاعي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يحيى العدني قال: حدثنا يوسف بن خالد عن ابن خثيم عن سعد بن راشد الحمصي عن يعلى بن مرّة أن حسين بن علي أقبل فأراد النبي صلى الله عليه وسلم أن يأخذه ولاوذه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أخذه فوضع إحدى يديه تحت ذقنه والأخرى على فأس رأسه، ثم قبله، ثم قال: اللهم أحب حسيناً، اللهم أحب من يحب حسين، حسين سبط من الأسباط.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي، بالمسجد الأقصى، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن ابراهيم الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا،ح.
وأخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري - قدم علينا حلب - قال: أخبرنا أبو المظفر أحمد بن محمد بن علي بن صالح الكاغدي وأبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان. قال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن الحسين بن زكريا، وقال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون قالا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: أخبرنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي، قال حدثنا ربيع بن سعد عن عبد الرحمن بن سابط قال: كنت مع جابر، فدخل حسين بن علي رضي الله عنهما، فقال جابر: من سره أن ينظر الى رجل من أهل الجنة فلينظر الى هذا، فأشهد لسمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقوله.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي ابن صابر قالا: أخبرنا الشريف أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثنا زكريا بن عدي قال: حدثنا ابن نمير عن الربيع بن سعد الجعفي عن ابن سابط عن جابر قال: دخل حسين بن علي المسجد من باب بني فلان، فقال جابر: من سره أن ينظر الى رجل الجنة، فلينظر الى هذا، سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقوله.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا الغلأبي قال: حدثنا ابن عائشة قال: حدثنا حسن بن حسين الفزازي قال: حدثنا قطري الحساب عن مدرك بن عمارة قال: رأيت ابن عباس آخذاً بركاب الحسن والحسين، فقيل له: أتأخذ بركأبيهما وأنت أسنً منهما؟ فقال: ان هذين ابنا رسول الله صلى الله عليه وسلم، أو ليس من سعادتي أن أخذ بركأبيهما.

أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي قال: أخبرنا العدل أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن الكتاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي - قراءةً عليه - قال أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن مخلد البزاز - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان قال: حدثنا أبو الحسن أسلم بن سهل بحشل قال: حدثنا سعد بن وهب قال: حدثنا حماد ابن زيد عن يحيى بن سعد عن عبيد بن حنين قال: حدثني الحسين بن علي رضوان الله عليه قال: أتيت عمر بن الخطاب رضوان الله عليه وهو على المنبر، فقلت: انزل عن منبر أبي فاذهب الى منبر أبيك، فقال عمر رضوان الله عليه: ان أبي لم يكن له منبر، م أخذني فأجلسني معه، فلما نزل نزل بي معه الى منزله فقال يا بني اجعل تغشانا اجعل تأتينا، فجئت يوماً وهو خالٍ بمعاوية رضي الله عنه، فجاء عبد الله ابن عمر فلم يؤذن له، فرجع فرجعت فلقيني: فقال: ما لي لم أرك؟ فقلت: قد جئت وكنت خالياً بمعاوية وابن عمر على الباب فرجع ورجعت، فقال: أنت أحق بالاذن من ابن عمر انما أنبت ما ترى في رأسي من الشعر الله ثم أنتم.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف، اذنا عن أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد ابن زيد عن يحيى بن سعيد عن عبيد بن حنين عن حسين بن علي قال: صعدت إلى عمر رضي الله عنه وهو على المنبر فقلت: انزل عن منبر أبي، واذهب الى منبر أبيك، فقال: من علمك هذا؟ قلت: ما علمنيه أحد، قال منبر أبيك والله منبر أبيك، والله هل أنبت على رؤوسنا الشعر إلا أنتم، جعلت تأتينا، جعلت تغشانا.
أخبرنا أبو الفضل المرجا بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي قال: أخبرنا الحافظ أبو الحسن محمد بن محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان قال: أخبرنا أبو الحسن أسلم بن سهل بن أسلم بحشل قال: حدثنا محمد بن عبد الله ابن سعيد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسن بن عماره عن زياد الحارثي قال: سمعت الحسين بن علي رضوان الله عليه يقول: من أتى مسجداً لا يأته إلا الله تعالى فذاك ضيف الله تعالى حتى يخرج منه.

أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف - بالبيت القدس - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبوعبد الله القاسم ابن الفضل بن أحمد الثقفي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم الجرجاني قال: حدثنا أبو علي الحسين بن عبد الله العسكري قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلأبي قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا أبو بكر الهذلي عن عكرمة عن ابن عباس أنه بينما هو يحدث الناس إذ قام اليه نافع بن الأزرق فقال له: يا بن عباس تفتي الناس في النملة والقملة صف لي إلهك الذي تعبد، فأطرق ابن عباس اعظاما لقوله، وكان الحسين بن علي بن أبي طالب رضي الله عنه جالسا ناحية، فقال: إلي يابن الأزرق، قال: لست إياك أسأل، قال بن عباس: يا ابن الأزرق إنه من أهل بيت النبوة وهم ورثة العلم، فأقبل نافع نحو الحسين فقال له الحسين: يا نافع نه من وضع دينه على القياس لم يزل الدهر في الالتباس سائلا ناكبا عن النهاج، طاعنا بالاعوجاج، ضالا عن السبيل قائلا غير الجميل، يابن الأزرق: أصف إلهي بما وصف به نفسه لا أعرفه بما عرف به نفسه، فلا يدرك بالحواس، ولا يقاس بالناس، قريب غير ملتصق، وبعيد غير منتقص، يوجد ولا يبعض، معروف بالآيات، موصوف بالعلامات، لا إله إلا هو الكبير المتعال، فبكى ابن الأزرق، وقال: يا حسين ما أحسن كلامك، قال له الحسين: بلغني أنك تشهد على أبي وعلى أخي بالكفر وعليّ؟ قال ابن الأزرق: أما والله يا حسين لئن كان ذاك لقد كنتم منار الاسلام، ونجوم الأحكام، فقال الحسين: إني سائلك عن مسألة، فقال: سل، فسأله عن هذه الآية: " وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة " يابن الأزرق من حفظ في الغلامين؟ قال ابن الأزرق: أبوهما، قال الحسين فأبوهما خير أم رسول الله صلى الله عليه وسلم؟ قال ابن الأزرق: قد أنبأنا الله أنكم قوم خصمون.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هة الله الشيرازي قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا خالي أبو المعالي محمد بن يحيى القاضي قال: أخبرنا سهل بن بشر الاسفرائيني قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن أحمد بن السري قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا يموت بن المزرع قال: حدثنا محمد بن الصباح السماك قال: حدثنا بشر بن طابخة عن رجل من همذان قال: خطبنا الحسين ابن علي غداء اليوم الذي استشهد فيه فحمد الله وأثنى عليه، ثم قال: عباد الله اتقوا الله وكونوا من الدنيا على حذر، فإن الدنيا لو بقيت لاحد وبقي عليها أحد، كانت الانبياء أحق بالقضاء، وأولى بالرضا وأرضى بالقضاء، غير أن الله تعالى خلق الدنيا للبلاء، وخلق أهلها للفناء فجديدها بال ونعيمها مضمحل، وسرورها مكفهر، والمنزل بلغة والدار قلعة، " فتزودوا فإن خير الزاد التقوى " " واتقوا الله لعلكم تفلحون " .

أخبرنا عمر بن محمد المكتب - فيما اذن لنا بروايته عنه - قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن محمد بن المجلي - إجازة إن لم أكن سمعته منه - قال: أخبرنا محمد بن محمد بن أحمد قال: حدثنا عبد الله بن علي بن أيوب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن الجراح قال: أخبرنا أبو بكر بن دريد قال: لما استكف الناس الحسين ركب فرسه، ثم استنصت الناس فأنصتوا له، فحمد الله وأثنى عليه وصلى على النبي صلى الله عليه وسلم ثم قال:تبا لكم أيتها الجماعة وبرحا أحين استصرختمونا ولهين، فأصرخناكم موجعين شحذتم علينا سيفا كان في أيماننا، وحششتم علينا نارا اقتدحناها على عدوكم عدونا، فأصبحتم إلبا على أوليائكم، ويدا عليها لأعدائكم بغير عدل رأيتموه وتره فيكم، زلا أصل أصبح لكم فيهم، ومن غير حدث كان منا، ولا ري يقبل فينا، فهلا لكم الويلات إذ كرهتموها تركتمونا والسيف مشيم، والجاش ضامن والرأي لم يستخف، ولكن استضرعتم علينا نظيرة الدبا، وتداعيتم الينا كتداعي الفراش قيحا وحكة وهلوعا وذلة لطواغيت الأمة، وشذاذ الأحزاب، ونبذة الكتاب، وعصبة الآثام، وبقية الشيطان ومحرافي الكلام ومطفي السنن وملحقي العهرة بالنسب، وأسف المؤمنين، ومزاح المستهزئين " الذين جعلوا القرآن عضين " " لبئسما قدمت لهم أنفسهم أن سخط الله عليهم وفي العذاب هم خالدون فهؤلاء يعضدون وعما يتخاذلون، أجل والله الخذل فيكم معروف، وشجت عليه عروقكم واستازرت عليه أصولكم بأفرعكم فكنتم أخبث ثمرة شجرة للناس، وأكلة لغاصب، الافلعنة الله على الناكثين الذين ينقضون الأيمان بعد توكيدها، وقد جعلوا الله عليهم كفيلا، ألا وإن البغي قد ركن بين اثنين، بين: المسألة والذلة وهيهات منا الدنية، ابى الله ذلك ورسوله والمؤمنون، وحجور طابت، وظهور طهرت، وأنوف حمية ونفوس أبيه تؤثر مصارع الكرام على ظئار اللئام، ألا وإني زاحف بهذه الأسرة على قل العدد، وكثرة العدو وخذلة الناصر.
فإن نهزم فهزامون قدما ... وإن نهزم فغير مهزمينا
وما إن طبنا جبن ولكن ... منايانا وطعمه آخرينا
ألا ثم لا تلبثوا إلا ريث ما يركب فرس تدار بكم دور الرحا، ويغلق بكم فلق المحور عهدا عهده إليّ أبي عن أبي فأجمعوا أمركم وشركاءكم، ثم لا يكن أمركم عليكم غمة، ثم اقضوا إلي ولا تنظرون الآية والآية الأخرى.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا الشيخان أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري، وأبو الحسن علي بن محمد بن الخطيب الأنباري، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد بن عبد الرحمن المقدسي بنابلس، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد بن أحمد بن قدامة وأبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن علي بن سرور المقدسيان بدمشق، وأبو بكر محمد بن عمر بن يوسف بن محمد بن بهروز البغدادي بمعرة النعمان، وأبو عبد الله محمد بن ابراهم ابن مسلم بن سلمان الإربلي بحلب، قالوا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري الكاتبة قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قالوا: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الله بن بشران العدل، قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان البردعي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن عباد بن موسى عن محمد بن مسعر اليربوعي قال: قال علي بن أبي طالب رضى الله عنه للحسين بن علي رضى الله عنه: كم بين الإيمان واليقين؟ قال: أربع أصابع، قال: بيّن، قال: اليقين ما رأته عينك، والإيمان ما سمعت أذنك وصدقت به، قال: أشهد أنك ممن أنت منه ذرية بعضها من بعض.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد بن يحيى بن حكيم قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن ياقوت بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن اسماعيل الضبي قال: وجدت في كتاب والدي رحمه الله: حدثني أبو الحسن علي بن جعفر بن زيد، من ولد عقيل بن أبي طالب، قال: قيل للحسين بن علي عليه السلام: كيف أصبحت يابن رسول الله؟ قال: أصبحت كثير الذنوب قبيح العيوب، فلا أدري أيهما أشكر أقبيح ما يستر، أم عظيم ما يغفر.

قال أبو عبد الله وفيه - يعني كتاب والده - حدثنا أبو بكر يوسف بن يعقوب الواسطي قال: حدثني أحمد بن أبي القاسم عن أبيه قال: كتب اخ للحسين بن علي عليه السلام الى الحسين كتابا يستبطئه في مكاتبته قال: فكتب إليه الحسين: يا أخي ليس تأكيد المودة بكثرة المزاورة، ولا بمواترة المكاتبة ولكنها في القلب ثابتة وعند النوازل موجودة وقد قال في ذلك أوس بن حجر.
وليس أخوك الدائم الوصل بالذي ... يذمك إن ولى ويرضيك مقبلا
ولكنه النائي إذا كنت آمنا ... وصاحبك الأدنى إذا الأمر أعضلا
أخبرنا أبو الفضل بن أبي الحسن التاجر قال: أخبرنا محمد بن علي الكتاني قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن بحشل الرزاز قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سعيد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الحسن بن عمارة عن زياد الحارثي قال: أبو الحسن - وهو - زياد بن شأبور عم بقية بن عبيد قال: سمعت الحسين بن علي رضوان الله عليه يقول: من أتى مسجدا لا يأتيه إلا لله تعالى، فذاك ضيف الله تعالى حتى يخرج منه.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله الصوفي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن بن أحمد قال: حدثني أبو جعفر محمد بن الحسين بن ابراهيم بن اشكاب قال: حدثنا جعفر بن عون قال مسعر: أخبرناه قال: مر حسين بن علي عليه السلام على مساكين، فجلس إليهم ثم قال: إنه لا يحب المستكبرين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر. قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد ابن يونس قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون قال: كتب الحسن الى الحسين يعيب عليه اعطاء الشعراء، قال: فكتب إليه: إن خير المال ما وقى العرض.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن أحمد الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر ابن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: سمعت عمر بن شبه يقول: سمعت أبا الحسن المدائني يقول: جرى بين الحسن بن علي وأخيه الحسين كلام حتى تهاجرا، فلما أتى على الحسن ثلاثة أيام تأثم من هجر أخيه فأقبل إلى الحسين وهو جالس فأكب على رأسه فقبله، فلما جلس الحسن قال له الحسين: إن الذي منعني ابتدائك والقيام إليك أنك أحق بالفضل مني، فكرهت أن أنازعك ما أنت أحق به.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أنبأنا أبو غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن ابن عون قال: لما خرج الحسين بن علي من المدينة يريد مكة مر بابن مطيع وهو يحفر بئره، فقال له: أين فداك أبي وأمي؟ قال: أردت مكة، قال: وذكر أنه كتب إليه شيعته ها، فقال له ابن مطيع: إن بئري هذا قد رشحتها، وهذا اليوم أوان ما خرج إلينا في الدلو شيء من ماء، فلو دعوت الله لنا بالبركة قال: هات من مائها، فأتي من مائها في الدلو، فشرب منه ثم تمضمض، ثم رده في البئر، فأعذب وأمهى.

أنبأنا أبو نصر محمد ن هة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الشيرازي قال: أخبرنا أبو عمر الخزاز قال: أخبرنا أبو الحسن الخشاب قال: أخبرنا الحسين بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا علي بن محمد عن أبي الأسود العبدي عن الأسود بن قيس العبدي قال: قيل لمحمد بن بشير الحضرمي قد أسر ابنك بثغر الري، قال: عند الله أحتسبه ونفسي ما كنت أحب أن يؤسر، ولا أن أبقى بعده، فسمع قوله الحسين فقال له: رحمك الله أنت في حل من بيعتي فاعمل في فكاك ابنك، قال: أكلتني السباع حيا ان فارقتك، قال: ابنك هذه الاثواب البرود يستعين بها في فداء أخيه، فأعطه خمسة أثواب، قيمتها ألف دينار.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو البركات محفوظ بن الحسن بن محمد بن صصري قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف المقريء - اجازة - قال: حدني القاضي أبو الحسن علي بن محمد بن اسحاق بن يزيد الحلبي قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن عبد الله الناقد قال: حدثني أبو القاسم مسعود - يعني - ابن عبد الله قال: حدثني حميد بن ابراهيم المعافري قال: سمعت عبد الله بن عبد الله المديني، يذكر عن أبيه عن جده، وكان مولى للحسين بن علي بن أبي طالب أن سائلا خرج ذات ليلة يتخطى، ح.
قال الحافظ أبو القاسم: وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن علي بن الفرات - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبي - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي - بمصر - قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن ابراهيم الليثي الشافعي قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا هارون بن محمد قال: حدثنا قعنب بن المحرز قال: حدثنا الأصمعي عن أبي عمرو بن العلاء عن الذيال بن حرملة قال: خرج سائل يتخطى أزمة المدينة حتى أتى باب الحسين بن علي فقرع الباب وأنشأ يقول:
لم يخب اليوم من رجاك ومن ... حرك من خلف بابك الحلقة
وأنت جود وأنت معدنه ... أبوك ما كان قاتل الفسقة
قال: وكان الحسين بن علي واقفا يصلي فخفف من صلاته، وخرج الى الإعرأبي فرأى عليه أثر ضر وفاقة فرجع ونادى بقنبر فأجابه: لبيك يابن رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: ما تبقى معك من نفقتنا؟ قال: مائتا درهم أمرتني بتفرقتها في أهل بيتك، قال: فهاتها فقد أتى من هو أحق بها منهم، فأخذها، وخرج، فدفعها الى الاعرابي وأنشأ يقول:
خذها واني اليك معتذر ... واعلم بأني عليك ذو شفقة
لو كان في سيرنا عصا تمد اذا ... كانت سمانا عليك مندفقة
لكن ريب المنون ذو نكد ... والكف منا قليلة النفقة
قال: فأخذها الاعرأبي وولى وهو يقول:
مطهرون نقيات جيوبهم ... تجري الصلاة عليهم أينما ذكروا
فأنتم أنتم الأعلون عندكم ... علم الكتاب وما جاءت به السور
من لم يكن علويا حين تنسبه ... فما له في جميع الناس مفتخر
لفظهما متقارب.
أخبرنا أبو الحجاج بن يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن مسعود بن أبي منصور بن محمد بن الحسن الحمال قال: أخبرنا أبو منصور محمود بن اسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني اللخمي قال: حدثنا أبو شعيب الحراني قال: حدثنا عمر بن شبه قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عمرو بن ثابت قال: سمعت سكينة بنت الحسين تقول: عوتب أبي الحسين بن علي في أميّ، فقال أبي الحسين:
لعمرك انني لاحب دارا تضي ... فها سكينة والرباب
أحبهم وأبذل جلّ مالي ... وليس للائم فيها عتاب
ولست لهم وان غضبوا ... مطيعا حياتي أو بغيبني التراب

وقد ذكرنا في ترجمة الرباب في آخر الكتاب أنها كانت مع الحسين رضي الله عنه يوم الطف، وأنها رجعت الى المدينة مصابة مع من رجع، فخطبها الاشراف من قريش فقالت: والله لا يكون لي حمو آخر بعد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فعاشت عده سنة لم يظلها سقف بيت حتى بليت وماتت كمدا.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف وأنبأنيه أبو القاسم علي بن ابراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلّم عنه قال: أخبرنا أبو الفتح ابراهيم بن يسبخت قال: حدثنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا محمد بن يونس الكديمي قال: حدثنا محمد بن المؤمل الحارثي قال: حدثنا الأعمش أن الحسين بن علي قال:
كلما زيد صاحب المال مالاً ... زيد في همه وفي الأشغال
قد عرفناك يا منغصة العي ... ش ويا دار كل فانٍ وبال
ليس يصفو لزاهدٍ طلب الزه ... د إذا كان مثقلاً بالعيال
وأنبأنا القاضي أبو نصر قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو بكر ابن المزرفي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن محمد بن عبد العزيز العكبري قال: أنشدني القاضي عبد الله بن علي بن أيوب قال: أنشدنا القاضي أبو بكر بن كامل قال: أنشدني عبد الله بن ابراهيم وذكر أنه للحسين بن علي:
إغن عن المخلوق بالخالق ... تغن عن الكاذب والصادق
واسترزق الرحمن من فضله ... فليس غير الله من رازق
من ظن أن الناس يغنونه ... فليس بالرحمن الواثق
أو ظن أن المال من كسبه ... زلّت به النعلان من حالق
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز قال: أنشدنا المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أنشدنا محمد بن علي الصوري قال: أنشدنا أبو القاسم علي بن محمد بن شهدك الأصبهاني بصور للحسين بن علي:
لئن كانت الدنيا تعد نفيسة ... فدار ثواب الله أعلى وأنبل
وان كانت الأبدان للموت أنشئت ... فقتلٌ في سبيل الله أفضل
وإن كانت الأرزاق شيئا مقدرا ... فقلة سعي المرء في الكسب أجمل
وإن كانت الأموال للترك جمعت ... فما بال متروك به المرء يبخل
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو الفتوح عبد الخالق بن عبد الواسع بن عبد الهادي بن عبد الله الهروي ببغداد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد بن علي بن عمر العميري قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن عمار بن يحيى بن عمار الشيباني إملاءً قال: سمعت أبا بكر هبة الله بن الحسن القاضي بفارس قال: قرأت على الحارث بن عبيد الله عن اسحاق بن ابراهيم قال: بلغني أن الحسين بن علي أتى مقابر الشهداء بالبقيع فطاف بها وقال:
ناديت سكان القبور فأسكتوا ... وأجابني عن صمتهم ندب الجثا
قالت أتدري ما صنعت بساكني ... مزقت ألحمهم وخرقت الكسا
وحشوت أعينهم تراباً بعدما ... كانت تأذى باليسير من القذى
أما العظام فإنني فرقتها حتى ... تباينت المفاصل والشوا
قطعت ذا من ذا ومن هذا كذا ... فتركتها رمماً يطول بها البلى
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثني يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا محمد بن عبيد قال: حدثنا شرحبيل بن مدرك الجعفي عن عبد الله بن نجي عن أبيه أنه سار مع علي بن أبي طالب، وكان صاحب مطهرته، فلما حاذوا نينوى وهو منطلق الى صفين نادى علي: صبراً أبا عبد الله، صبراً أبا عبد الله بشط الفرات، قلت: ومن ذا أبا عبد الله؟ قال: دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وعيناه تفيضان، فقلت: يانبي الله أغضبك أحد ما شأن عينيك تفيضان؟ قال بل قام من عندي جبريل قبل فحدثني أن الحسين يقتل بشط الفرات، وقال: هل لك أن أشمك من تربته؟ قال: قلت: نعم، فمد يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها فلم - يعني - أملك عيني أن فاضتا.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا محمد ابن شداد المسمعي قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الله بن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى الى محمد صلى الله عليه وسلم: إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً، وسبعين ألفاً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد بن ابراهيم الأصبهاني فقال: سمعت القاضي أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد المكي من أصله العتيق بقزوين يقول: سمعت أبا بعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ يقول: أخبرنا محمد بن الحسن ابن الفتح الصوفي قال: حدثنا أبو عروبة الحراني قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا ابن عمي أحمد قال: حدثنا وكيع عن عبد الله بن سعد بن أبي هند عن عائشة وأم سلمة أن النبي صلى الله عليه وسلم دخل عليهما وهو يبكي، قالتا: فسألناه عن ذلك فقال: إن جبريل أخبرني أن ابني الحسين يقتل، وبيده تربة حمراء، فقال: هذه تربة تلك الأرض.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا عبد الخالق ابن الحسن السقفي قال حدثنا اسحاق بن الحسن الحربي قال: حدثنا يحيى الحماني قال: حدثنا سليمان بن بلال عن عمرو بن أبي عمرو عن المطلب بن حنطب عن أم سلمة قالت: دخل علي النبي صلى الله عليه وسلم فقال لي: احفظي الباب لا يدخل علي أحد فسمعت نحيبه، فدخلت فإذا الحسين بين يديه، فقلت: والله يا رسول الله ما رأيته حين دخل، فقال: إن جبريل كان عندي آنفاً، فقال لي يا محمد أتحبه؟ فقلت: يا جبريل أما من حب الدنيا فنعم، قال: فإن أمتك ستقتله. بعدك، تريد أريتك تربته يا محمد؟ فدفع إلي هذا التراب، قالت أم سلمة: فأخذته فجعلته في قارورة، فأصبته يوم قتل الحسين وقد صار دماً.
قالا: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن محمد بن محمد المطرز قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا جعفر بن محمد بن محمد بن عمروقال: حدثنا أبو حصين محمد بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن عبد الحميد قال: حدثنا سليمان بن بلال عن كثير بن زيد عن المطلب بن عبد الله بن حنطب عن أم سلمة قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم جالساً ذات يوم فقال: لا يدخلن علي احد فانتظرت فدخل الحسين، فسمعت نشيج النبي صلى الله عليه وسلم يبكي فاطلعت فإذا الحسين في حجره، أو إلى جنبه يمسح رأسه وهو يبكي، فقلت: والله ما علمت به حتى دخل، قال النبي صلى الله عليه وسلم: إن جبريل كان معنا في البيت، فقال: أتحبه؟ فقلت: من حب الدنيا فنعم، فقال: إن أمتك ستقتل هذا بأرض يقال لها كربلاء، فتناول جبريل من ترابها فأراه النبي صلى الله عليه وسلم، فلما أحيط بالحسين حين قتل قال: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: أرض كربلاء، قال: صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم أرض كرب وبلاء.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الطيوري قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر قال: أخبرنا أبو أحمد الدهان قال: حدثنا أبو علي الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا سليمان بن عمر قال: حدثنا أبي عن أبي المهاجر عن عباد بن اسحاق عن هاشم بن هاشم عن عبد الله بن وهب عن أم سلمة قالت: دخل علي رسول الله صلى الله عليه وسلم بيتي فقال: لا يدخل علي أحد، فسمعت صوته، فدخل فإذا عنده حسين بن علي، وإذا هو حزين يبكي فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: أخبرني جبريل عليه السلام أن أمتي تقتل هذا بعدي، فقلت: ومن يقتله، فتناول مدرة، فقال: أهل هذه المدرة يقتلونه.

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا عبد الله بن سعيد بن أبي هند عن أبيه قال: قالت أم سلمة: كان النبي صلى الله عليه وسلم نائما في بيتي، فجاء حسين يدرج، قالت: فقعدت على الباب فأمسكته مخافة أن يدخل فيوقظه قالت: ثم غفلت في بيتي، فدب فدخل فقعد على بطنه، قالت: فسمعت نحيب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فجئت فقلت: والله يا رسول الله ما علمت به، فقال إنما جاءني جبريل عليه السلام وهو على بطني قاعد، فقال لي: أتحبه؟ فقلت: نعم، قال: إن أمتك ستقتله، ألا أريك التربة التي يقتل بها؟ قال: فقلت: بلى، قال: فضرب بجناحه فأتاني بهذه التربة، قالت: وإذا في يده تربة حمراء وهو يبكي ويقول: يا ليت شعري من يقتلك بعدي؟.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحداد وغيره، إجازة، قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: حدثنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا عبد اله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني عبادة بن زياد الأسدي قال: حدثنا عمر بن ثابت عن الأعمش عن أبي وائل شقيق بن سلمة عن أم سلمة قالت: كان الحسن والحسين يلعبان بين يدي النبي صلى الله عليه وسلم في بيتي فنزل جبريل فقال: يا محمد إن أمتك تقتل ابنك هذا من بعدك، وأومأ بيده الى الحسين، فبكى رسول الله صلى الله عليه وسلم، وضمه الى صدره ثم قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم وديعة عندك هذه التربة فشمها رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقال: ريح كرب وبلاء، قال: وقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أم سلمة إذا تحولت هذه التربة دماً فاعلمي أن ابني قد قتل، قال: فجعلتها أم سلمة في قارورة، ثم جعلت تنظر إليها كل يوم تعني وتقول: إن يوما تحولين دماً ليوم عظيم.
وقلت: وقد ذكر أبو حاتم بن حبان حديث إخبار ملك القطر عليه السلام النبي صلى الله عليه وسلم بقتل الحسين في المسند الصحيح على التقاسيم والأنواع. ورفعه إلى أنس بن مالك رضي الله عنه.
أخبرنا به أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل في كتابه إلينا من هراة غير مرة قال: أخبرنا أبو القاسم تميم بن أبي سعيد بن أبي العباس الجرجاني قال: أخبرنا الحاكم أبو الحسن علي بن محمد بن علي البحاثي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن هارون قال: أخبرنا أبو حاتم محمد بن حبان البستي قال: أخبرنا الحسن بن سفيان قال: حدثنا شيبان بن فروخ قال: حدثنا عمارة بن زاذان قال: حدثنا ثابت عن أنس بن مالك قال: استأذن ملك القطر ربه أن يزور النبي صلى الله عليه وسلم، فأذن له، فكان في يوم أم سلمة فقال النبي صلى الله عليه وسلم: احفظي علينا الباب لا يدخل علينا أحد، فبينا هي على الباب إذ دخل الحسين ابن علي فطفر فاقتحم الباب فدخل فجعل يتوثب على ظهر النبي صلى الله عليه وسلم وجعل النبي صلى الله عليه وسلم يتلثمه ويقبله، فقال له الملك: أتحبه؟ فقال: نعم، قال أما إن أمتك ستقتله إن شئت أريك المكان الذي يقتل فيه؟ قال: نعم، فقبض قبضة من المكان الذي قتل فيه فأراه إياه، فجاءه بسهلة أو تراب أحمر فأخذته أم سلمة فجعلته في ثوبها، قال: ثابت كنا نقول إنها كربلاء.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد ابن حامد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهم بن سعيد الحبال، وست الموفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن محمد بن ابراهيم المرابطة. قال أبو اسحق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي - قراءة عليه وأنا أسمعه - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار، قراءة عليه.

وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسن بن بنذار الأذني، وأنا أشاهده أسمع، قال: أخبرني جدي القاضي أبو الحسن علي بن الحسين، قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب، قال: حدثنا الكزبراني قال: حدثنا عبد الله بن رجاء قال: حدثنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس أن ملك القطر استأذن أن يزور رسول الله صلى الله عليه وسلم وذلك يوم أم سلمة، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: أنظر أن لا يدخل علينا أحد حتى يخرج فجاء الحسين فدخل فجعل مرة يثب على ظهر الرسول صلى الله عليه وسلم وهو يقبله ويلثمه، فقال له الملك: أتحبه؟ قال: نعم، قال: أما إن أمتك ستقتله وإن شئت أريتك المكان الذي يقتل فيه، فقبض كفه فإذا تربة حمراء.
وقال: حدثنا محمود قال: حدثنا الكزبراني قال: حدثنا غسان بن مالك قال: حدثنا عمارة بن زاذان عن ثابت عن أنس عن النبي صلى الله عليه وسلم بمثله.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا علي بن سعيد الرازي قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم بن مغيرة المروزي قال: حدثنا علي بن الحسن بن واقد قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو غالب عن أبي أمامة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لنسائه لا تبكوا هذا الصبي - يعني حسيناً - قال: فكان يوم أم سلمة فنزل جبريل، فدخل رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال لأم سلمة: لا تدعي أحدا يدخل علي فجاء الحسين فلما نظر الى النبي صلى الله عليه وسلم في البيت أراد أن يدخل فأخذته أم سلمة فاحتضنته وجعلت تناغيه ومسكته، فلما اشتد في البكاء حلت عنه فدخل حتى جلس في حجر رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال جبريل للنبي صلى الله عليه وسلم: إن أمتك ستقتل ابنك هذا، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: يقتلونه وهم مؤمنون بي؟ قال: نعم يقتلونه، فتناول جبريل تربة فقال: بمكان كذا وكذا، فخرج رسول الله قد احتضن حسيناً كاسف البال مهموماً فظنت أم سلمة أنه غضب من دخول الصبي عليه، فقالت: يا نبي الله جعلت لك الفداء إنك قلت لنا: لا تبكوا هذا الصبي وأمرتني أن لا أدع أحداً يدخل عليك فجاء فخليت عنه، فلم يرد عليها، فخرج الى أصحابه وهم جلوس، فقال لهم: ان أمتي يقتلون هذا، وفي القوم أبو بكر وعمر، وكان أجرأ القوم عليه، فقالا: يا نبي الله يقتلونه وهم مؤمنون؟ قال: نعم هذه تربته فأراهم إياها.
وقال: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس عن عمار الدهني قال: مر عليّ على كعب فقال: يقتل من ولد هذا رجل في عصابة لا يجف عرق خيولهم حتى يردوا على محمد صلى الله عليه وسلم، فمر حسن فقالوا: هذا يا أبا اسحق؟ قال: لا، فمر حسين، فقالوا: هذا؟ قال: نعم.
قال: وحدثنا سليمان قال: حدثنا محمد بن محمد التمار البصري قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال: حدثنا سليمان بن كثير عن حصين بن عبد الرحمن عن العلاء بن أبي عائشة عن أبيه عن رأس الجالوت قال: كنا نسمع أنه يقتل بكر بلاء ابن نبي، فكنت إذا دخلتها ركضت فرسي حتى أجوز عنها فلما قتل حسين جعلت أسير بعد ذلك على هينتي.
أنبأنا سليمان البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الغنائم عبد الصمد بن علي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثني محمد بن ميمون الخياط قال: حدثنا سفيان بن عبد الجبار بن العباس سمع عون بن أبي جحيفة قال: إنا لجلوس عند دار أبي عبد الله الجدلي فأتانا مالك بن صحار الهمداني قال: دلوني على منزل فلان، قال: قلنا: ألا نرسل اليه فيجيء، اذ جاء فقال: أتذكر إذا بعثنا أبو مخنف الى أمير المؤمنين وهو بشاطئ الفرات فقال: ليحلن ها هنا ركب من آل رسول الله صلى الله عليه وسلم يمر بهذا المكان فيقتلونهم فويل لكم منهم وويل لهم منكم.

قال الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو طالب علي بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الحسن الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد بن النحاس قال: أخبرنا أبو سعيد بن الاعرأبي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن قاسم الاسدي النحاس قال: حدثنا منصور بن واقد الطنافسي قال: حدثنا عبد الحميد الحماني عن الأعمش عن أبي اسحاق عن كدير الضبي قال: بينا أنا مع علي بكر بلاء بين أشجار الحرمل أخذ بعرة ففركها ثم شمها، ثم قال: ليبعثن الله من هذا الموضع قوما يدخلون الجنة بغير حساب.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه عن أبي بكر محمد عبد الباقي الانصاري قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبوعمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا عبد الله بن موسى قال: أخبرنا اسرائيل عن أبي اسحاق عن هانئ بن هانئ عن علي قال: ليقتلن الحسين بن علي قتلا، واني لأعرف تربة الأرض التي يقتل بها، يقتل بقرية قريب من النهرين.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن البسري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله السكري قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزق قال: حدثنا ابن عيينة عن ابراهيم بن ميسره عن طاوس قال: سمعت ابن عباس يقول: استشارني الحسين بن علي عليهما السلام بالخروج بمكة، قال: فقلت: لولا أن يزرئ بي أو بك لنشبت يدي في رأسك قال: ما أحب أن تستحل بي، يعني مكة، قال: يقول طاووس: وما رأيت أحدا أشد تعظيما للمحارم من ابن عباس، لو أشاء أن أبكي لبكيت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد، اجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي في كتابه، قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن علي المقرئ قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن اسحاق الاسفرائيني قال: حدثنا يوسف بن يعقوب القاضي قال: حدثنا محمد بن عبد الملك بن زنجويه قال: حدثنا شبابة بن سوار قال: حدثنا يحيى بن سالم الاسدي قال: سمعت الشعبي يقول كان ابن عمر قدم المدينة فأخبر أن الحسين بن علي قد توجه الى العراق فلحقه على مسيرة ليلتين أو ثلاث من المدينة فقال: أين تريد؟ قال: العراق، ومعه طوامير وكتب، فقال: لا تأتهم، فقال: هذه كتبهم وبيعتهم، فقال: ان الله عز وجل خير نبيه بين الدنيا والآخرة، فاختار الآخرة، ولم يرد الدنيا، وانكم بضعة من رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يليها أحد منكم أبدا، وما صرفها الله عز وجل عنكم إلا للذي هو خير لكم، فارجعوا، فأبىوقال: هذه كتبهم وبيعتهم، قال: فاعتنقه ابن عمر، وقال استودعك الله من قتيل.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة القاضي، فيما أذن لنا في روايته عنه، قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا أبو محمد بن طاووس قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن عوف بن أحمد المزي قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن علي، ح.
قال: وأخبرنا ابن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمزة بن محمد ابن حمزة الحراني، قال: حدثنا سليم بن حيان، وقال الحراني: سليمان عن سعيد ابن ميناء قال: سمعت عبد الله بن عمرو يقول: عجل حسين قدره، عجل حسين قدره لو أدركته ما كان ليخرج إلا أن يغلبني، ببني هاشم فتح، وببني هاشم ختم، فاذا رأيت الهاشمي قد ملك فقد ذهب الزمان.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد عن أبي غالب أحمد وأبي عبد الله يحيى ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال أخبرني من سمع هشام بن يوسف الصنعاني يقول: عن معمر قال: وسمعت رجلا يحدث عن الحسين بن علي قال: سمعته يقول لعبد الله بن الزبير أتتني بيعة أربعن ألفاً يحلفون لي بالطلاق والعتاق من أهل الكوفة أو قال من أهل العراق، فقال له عبد الله بن الزبير: أتخرج الى قوم قتلوا أباك وأخرجوا أخاك؟ قال هشام بن يوسف فسألت معمرا عن الرجل، فقال: هو ثقة، قال عمي: وزعم بعض الناس أن عبد الله بن العباس هو الذي قال هذا.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو النجح يوف بن شعيب القاضي قال: أخبرنا أبو الغنائم بن هبة الله الرندي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد الفارسي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله البيع قال: أخبرنا أبو محمد الحسن ابن محمد بن يحيى العلوي العقيلي قال: حدثني جدي يحيى بن الحسين قال: حدثني الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن فضالة عن أبي مخنف قال: حدثني عبد الملك بن نوفل بن مساحق عن أبي سعيد المقبري قال: والله لرأيت الحسين بن علي وانه ليمشي بين رجلين يعتمد على هذا مرة وعلى هذا مرة حتى دخل مسجد رسول الله صلى الله عليه وسلم وهو يقول متمثلاً:
لا ذعرت السوام في فلق ... الصبح مغيراً ولا دعيت يزيدا
يوم أعطى مخافة الموت ضيماً ... والمنايا يرصدنني أن أحيدا
قال: فعلمت عند ذلك أنه لا يلبث إلا قليلاً حتى يخرج فما لبث أن خرج حتى لحق بمكة.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري في كتابه قال: أخبرنا الحسن بن علي الشاهد قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن فهم الفقيه قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي ذئب قال: حدثني عبد الله بن عمير مولى أم الفضل، ح.
قال: وأخبرنا عبد الله بن محمد بن عمر بن علي عن أبيه، ح.
قال: وأخبرنا يحيى بن سعيد بن دينار السعدي عن أبيه، ح.
قال: وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد عن أبي وجرة السعدي عن علي بن حسين، قال: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني.
قال محمد بن سعد: وأخبرنا علي بن محمد عن يحيى بن اسماعيل بن أبي المهاجر عن أبيه، وعن لوط بن يحيى الغامدي عن محمد بن بشير الهمداني وغيره، وعن محمد بن الحجاج عن عبد الملك بن عمير وعن هارون بن عيسى عن يونس ابن أبي اسحاق عن أبيه وعن يحيى بن زكريا بن أبي زائدة عن مجالد عن الشعبي.
قال ابن سعد: وغير هؤلاء أيضا قد حدثني في هذا الحديث بطائفة، فكتبت جوامع حديثهم في مقتل الحسين رحمه الله ورضوانه وصلواته وبركاته قالوا: لما بايع معاوية بن أبي سفيان الناس ليزيد بن معاوية كان حسين بن علي بن أبي طالب ممن لم يبايع له وكان أهل الكوفة يكتبون الى حسين يدعونه الى الخروج إليهم في خلافة معاوية كل ذلك يأبى، فقدم منهم قوم الى محمد بن الحنفية فطلبوا اليه أن يخرج معهم فأبى وجاء الى الحسين فأخبره بما عرضوا عليه، وقال: إن القوم انما يريدون أن يأكلوا بنا ويشيطوا دماءنا فأقام حسين على ما هو عليه من الهموم مرة يريد أن يسير اليهم، ومرة يجمع الاقامة، فجاءه أبو سعيد الخدري فقال: يا أبا عبد الله إني لكم ناصح واني عليكم مشفق وقد بلغني أنه كاتبك قوم من شيعتكم بالكوفة يدعونك الى الخروج اليهم، فلا تخرج فإني سمعت أباك يقول بالكوفة: والله قد مللتهم وأبغضتهم وملوني وأبغضوني وما بلوت منهم وفاء ومن فاز بهم فاز بالسهم الأخيب، والله مالهم نيات ولا عزم أمر، ولا صبر على السيف.

قال: وقدم المسيب من نجبة الفزازي وعدة معه الى الحسين بعد وفاة الحسن فدعوه الى خلع معاوية، وقالوا: قد علمنا رأيك ورأي أخيك، فقال: إني أرجو أن يعطي الله أخي على نيته في حبه الكف، وأن يعطيني على نيتي في حبي جهاد الظالمين، وكتب مروان بن الحكم الى معاوية: اني لست آمن أن يكون حسين مرصداً للفتنة، وأظن يومكم من حسين طويلاً، فكتب معاوية الى الحسين ان من أعطى الله صفقة يمينه وعهده لجدير بالوفاء، وقد أنبئت أن قوما من أهل الكوفة قد دعوك الى الشقاق، وأهل العراق من قد جربت قد أفسدوا على أبيك وأخيك فاتق الله واذكر الميثاق، فانك متى تكدني أكدك.
فكتب اليه الحسين: أتاني كتابك وأنا بغير الذي بلغك عني جدير، والحسنات لا يهدي لها إلا الله وما أردت لك محاربة، ولا عليك خلافاً، وما أظن لي عند الله عذراً في ترك جهادك، وما أعلم فتنة أعظم من ولايتك أمر هذه الأمة، فقال معاوية: ان أثرنا بأبي عبد الله إلا أسداً.
وكتب اليه معاوية أيضاً في بعض ما بلغه عنه: إني لأظن أن في رأسك نزوة فوددت أن أدركها فأغفرها لك.
قال: وأخبرنا علي بن محمد عن جويريه بن أسماء عن نافع بن شيبة قال: لقي الحسين معاوية بمكة عند الردم فأخذ بخطام راحلته فأناخ بها، ثم ساره حسين طويلاً وانصرف، فزجر معاوية راحلته: فقال له يزيد: لا يزال رجل قد عرض لك فأناخ بك، قال: دعه لعله يطلبها من غيري فلا يسوغه فيقتله.
رجع الحديث الى الأول، قالوا: ولما حضر معاوية دعا يزيد بن معاوية فأوصاه بما أوصاه به، وقال له: انظر حسين بن علي بن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم فإنه أحب الناس إلى الناس، فصل رحمه، وارفق به يصلح لك أمره، فإن يك منه بشيء فإني أرجو أن يكفه الله بمن قتل أباه وخذل أخاه، وتوفي معاوية ليلة النصف من رجب سنة ستين، وبايع الناس ليزيد، فكتب يزيد مع عبد الله بن عمرو بن أوس العامري - عامر بن أوفى - الى الوليد بن عتبة بن أبي سفيان وهو في المدينة أن أدع الناس فبايعهم، وابدأ بوجوه قريش، وليكن أول من تبدأ به الحسين بن علي، فان أمير المؤمنين رحمه الله عهدإليّ في أمره الرفق به واستصلاحه، فبعث الوليد من ساعته نصف الليل الى الحسين بن علي وعبد الله ابن الزبير فأخبرهما بوفاة معاوية ودعاهما الى البيعة ليزيد، فقال: نصبح وننظر ما يصنع الناس، ووثب الحسين فخرج وخرج معه ابن الزبير وهو يقول: هو يزيد الذي نعرف، والله ما حدث له حزم ولا مروءة، وقد كان الوليد أغلظ للحسين فشتمه الحسين وأخذ بعمامته فنزعها من رأسه فقال الوليد: ان هجنا بأبي عبد الله إلاّ أسداً، فقال له مروان: وبعض جلسائه: اقتله، قال: ان ذلك لدم مضنون في بني عبد المناف، فلما صار الوليد الى منزله قالت له امرأته أسماء ابنة عبد الرحمن ابن الحارث بن هشام: أسببت حسيناً؟ ! قال: هو بدأ فسبني، قالت: وان سبك حسين تسبه، وان سب أباك تسب أباه؟ قال: لا، وخرج الحسين وعبد الله بن الزبير من ليلتهما الى مكة، وأصبح الناس فغدوا على البيعة ليزيد، وطلب الحسين وابن الزبير فلم يوجدا، فقال المسور بن مخرمة: عجل عبد الله، وابن الزبير الآن يلفته ويرجيه الى العراق ليخلو بمكة.
فقدما مكة، فنزل الحسين دار العباس بن عبد المطلب، ولزم ابن الزبير الحجر، ولبس المعافري وجعل يحرض الناس على بني أمي، وكان يغدو ويروح الى الحسين ويشير عليه أن يقدم العراق، ويقول: هم شيعتك وشيعة أبيك، فكان عبد الله بن عباس ينهاه عن ذلك ويقول: لا تفعل، وقال له عبد الله بن مطيع: أي فداك أبي وأمي متعنا بنفسك ولا تسر الى العراق، فو الله لئن قتلك هؤلاء القوم ليتخذنا خولاً وعبيداً، ولقيهما عبد الله بن عمر وعبد الله بن عياش بن أبي ربيعة بالأفواء منصرفين من العمرة، فقال لهما ابن عمر: اذكركما الله، إلاّ رجعتما فدخلتما في صالح ما يدخل فيه الناس، وتنظرا، فان اجتمع الناس عليه لم نشذا، وان أفترق عليه كان الذي تريدان.

وقال ابن عمر لحسين: لا تخرج فان رسول الله صلى الله عليه وسلم خيره الله بين الدنيا والآخرة فاختار الآخرة، وانك بضعة منه، ولا تنالها - يعني الدنيا - فاعتنقه وبكى وودعه، فكان ابن عمر يقول: غلبنا حسين بن علي بالخروج، ولعمري لقد رأى في أبيه وأخيه عبرة، ورأى من الفتنة وخذلان الناس لهم ما كان ينبغي له أن لا يتحرك ما عاش، وأن يدخل في صالح ما دخل فيه الناس، فان الجماعة خير.
وقال له ابن عباس: أين تريد يا بن فاطمة؟ قتا: العراق وشيعتي، فقال: اني لكاره لوجهك هذا، تخرج الى قوم قتلوا أباك وطعنوا أخاك حتى تركهم سخطة وملة لهم، أذكرك الله أن تغرر بنفسك.
وقال أبو سعيد الخدري: غلبني الحسين بن علي على الخروج وقد قلت له: اتق الله في نفسك، والزم بيتك، فلا تخرج على إمامك.
وقال أبو واقد الليثي: بلغني خروج حسين فأدركته بملل، فناشدته الله أن لا يخرج، فانه يخرج في غير وجه خروج، إنما يقتل نفسه، فقال: لا أرجع.
وقال جابر بن عبد الله: كلمت حسينا فقلت: اتق الله ولا تضرب الناس بعضهم ببعض، فو الله ما حمدتم ما صنعتم فعصاني، وقال سعيد بن المسيب: لو أن حسينا لم يخرج لكان خيراً له.
وقال أبو سلمة بن عبد الرحمن: قد كان ينبغي لحسين أن يعرف أهل العراق ولا يخرج اليهم، ولكن شجعه على ذلك ابن الزبير.
وكتب إليه المسور بن مخرمة: اياك أن تغتر بكتب أهل العراق ويقول لك ابن الزبير: الحق بهم، فانهم ناصروك، إياك أن تبرح الحرم فانهم إن كانت لهم بك حاجة فسيضربون آباط الابل حتى يوافوك فتخرج في قوة وعدة، فجزاه خيراً، وقال: أستخير الله في ذلك.
وكتبت إليه عمرة بنت عبد الرحمن تعظم عليه ما يريد ان يصنع، وتأمره بالطاعة ولزوم الجماعة وتخبره أنه إنما يساق الى مصرعه، وتقول أشهد لحدثتني عائشة أنها سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: يقتل حسين بأرض بابل، فلما قرأ كتابها قال: فلا بد إذاً من مصرعي، ومضى.
وأتاه أبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام فقال: يا بن عم ان الرحم تظأرني عليك، وما أدراني كيف أنا عندك في النصيحة لك؟ قال: يا أبا بكر ما أنت ممن يستغش ولا يتهم فقل، قال: قد رأيت ما صنع أهل العراق بأبيك وأخيك، وأنت تريد أن تسير اليهم، وهم عبيد الدنيا فيقاتلك من قد وعدك أن ينصرك، ويخذلك من أنت أحب إليه ممن ينصره، فأذكرك الله في نفسك، فقال: جزاك الله يا بن عم خيراً، فقد اجتهدت، ومهما يقض الله من أمر يكن، فقال أبو بكر: إنا لله، عند الله نحتسب أبا عبد الله.
وكتب عبد الله بن جعفر بن أبي طالب اليه كتاباً يحذره أهل الكوفة ويناشده الله أن يشخص اليهم، فكتب اليه الحسين: إني رأيت رؤيا ورأيت فيها رسول الله، وأمرني بأمرٍ أنا ماض له ولست بمخبر بها أحد حتى ألاقي عملي.
وكتب إليه عمرو بن سعيد العاص: اني أسأل الله أن يلهمك رشدك وأن يصرفك عما يرديك، بلغني إنك قد اعتزمت على الشخوص الى العراق، فإني أعيذك بالله من الشقاق، فان كنت خائفاً فأقبل إلي، فلك عندي الأمان والبر والصلة، فكتب إليه الحسين: ان كنت أردت بكتابك إلي بري وصلتي فجزت خيراً في الدنيا والآخرة، وإنه لم يشاقق من دعا الى الله وعمل صالحاً وقال انني من المسلمين، وخير الأمان أمان الله، ولم يؤمن بالله من لم يخفه في الدنيا، فنسأل الله مخافة في الدنيا توجب لنا أمان الآخرة عنده.
وكتب يزيد بن معاوية الى عبد الله بن عباس يخبره بخروج حسين الى مكة ويحسبه جاءه رجال من أهل هذا المشرق فمنوه الخلافة، وعندك منهم خبرة وتجربة، فان كان فعل فقد قطع واشج القرابة، وكتب بهذه الأبيات اليه والى من بمكة والمدينة من قريش:
يا أيها الراكب الغادي لطيته ... على عذافرة في سيرها قحم
أبلغ قريشا على نأي المزار بها ... بيني وبين حسين الله والرحم
وموقف بفناء البيت أنشده ... عهد الإله وما توفى به الذمم
عنيتم قومكم فخراً بأمكم ... أم لعمري حصان برة كرم
هي التي لا يدانى فضلها أحد ... بنت الرسول وخير الناس قد علموا
وفضلها لكم فضل وغيركم ... من قومكم لهم في فضلها قسم

إني لأعلم أو ظنّا كعالمه ... والظن يصدق أحيانا فينتظم
أن سوف يترككم ما تدعون بها ... قتلىتهاداكم العقبان والرخم
يا قومنا لا تشبوا الحرب اذ سكنت ... ومسكوا بحبال السلم واعتصموا
قد غيرت الحرب من قد كان قبلكم ... من القرون وقد بادت بها الأمم
فأنصفوا قومكم لا تهلكوا بذخاً ... فرب ذي بذخ زلت به القدم
قال: فكتب إليه عبد الله بن عباس: إني لأرجو أن لا يكون خروج الحسين لأمر تكرهه، ولست أدع النصيحة له في كل ما يجمع الله به الألفة ويطفئ به النائرة.
ودخل عبد الله بن عباس على الحسين فكلمه ليلاً طويلاً، وقال: أنشدك أن تهلك غداً بحال مضيعة لا تأتي العراق، وان كنت لا بد فاعلاً فأقم حتى ينقضي الموسم وتلققى الناس وتعلم على ما يصدرون، ثم ترى رأيك، وذلك في عشر ذي الحجة سنة ستين، فأبى الحسين إلاّ أن يمضي الى العراق، فقال له ابن عباس: والله إني لأظنك ستقتل غداً بين نسائك وبناتك كما قتل عثمان بين نسائه وبناته، والله إني لأخاف أن تكون الذي يقاد به عثمان، فإنا لله وإنا اليه راجعون، فقال: أبا العباس، إنك شيخ قد كبرت، فقال: ابن عباس: لولا أن يزري ذلك بي أو بك لنشبت يدي في رأسك، ولو أعلم أنا إذا تناصينا أقمت لفعلت، ولكن لا أخاك ذلك نافعي، فقال له الحسين: لأن أقتل بمكان كذا وكذا أحب إليّ أن تستحل بي - يعني - مكة، قال: فبكى ابن عباس وقال: أقررت عين لبن الزبير فذاك الذي يسلي بنفسي، ثم خرج عبد الله بن عباس من عنده وهو مغضب، وابن الزبير على الباب، فلما رآه قال: يا بن الزبير قد أتى ما أحببت، قرت عينك هذا أبو عبد الله يخرج ويتركك والحجاز.
يا لك من قبّرة بمعمر ... خلا لك الجو فبيضي و اصفري
ونقري ما شئت أن تنقري
وبعث حسين الى المدينة فقدم عليه من خفّ معه من بني عبد المطلب، وهم تسعة عشر رجلاً ونساء وصبيان من أخوانه وبناته ونسائهم، وتبعهم محمد بن الحنفية فأدرك حسينا بمكة، وأعلمه أن الخروج ليس له برأي يومه هذا، فأبى الحسين أن يقبل، فحبس محمد بن علي ولده، فلم يبعث معه أحد منهم حتى وجد حسين في نفسه على محمد، وقال: ترغب بولدك عن موضع أصاب فيه، فقال محمد: وما حاجتي أن تصاب ويصأبون معك، وان كانت مصيبتك أعظم عندنا منهم.
وبعث أهل العراق الى الحسين الرسل والكتب يدعونه اليهم فخرج متوجها الى العراق في أهل بيته وستين شيخا من أهل الكوفة، وذلك يوم الاثنين في عشر ذي الحجة سنة ستين، فكتب مروان الى عبد الله بن زياد: أما بعد فإن الحسين بن علي قد توجه إليك وهو الحسين بن فاطمة، وفاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وتالله ما أحد يسلمه الله أحبّ إلينا من الحسين، فإياك أن تهيج على نفسك ما لا يسده شيء، ولا تنساه العامة ولا تدع ذكره، والسلام عليك.
وكتب إليه عمرو بن سعيد بن العاص، أما بعد: فقد توجه إليك الحسين وفي مثلها تعتق وأن تكون عبداً يسترق كما تسترق العبيد.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة الحموي، اجازة أو سماعاً، قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن أحمد بن البسري، قرأت عليه، وقرىء عليه وأنا أسمع، قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن عبد الله السكري قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد بن اسماعيل الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق - يعني - ابن همام الصنعاني قال: أخبرنا ابن عيينة قال: أخبرني لبطة ابن الفرزدق عن أبيه قال: خرجت أريد الحج فلما أتيت الصفاح إذا بقوم عليهم هذه اليلامق وعليهم درق، وإذا جماعة، وإذا ركبان قال: فنزلت عن راحلتي فقلت لبعضهم: ما هذا؟ قالوا: الحسين بن علي رضي الله عنهما يريد العراق قال: فسيبت راحلتي ثم مشيت اليه حتى أخذت بالخطام، أو قال بالزمام، فقلت: أبو عبد الله؟ قال: أبو عبد الله فما وراءك؟ قال: قلت وصوابه أنت أحب الناس الى الناس والسيوف مع بني أمية، والقضاء من السماء، قال: فوالله لقد امتعض منها وما أعجبته، قال: ثم مضى ومضيت فلما كان يوم النفر مررت بسرادق فإذا بفنائه صبيان سود فطس، قال: فأخذت بقفا صبي منهم فقلت: لمن انت؟ قال: لعبد الله بن عمرو، قال: فقلت: فأين هو؟ قال: في السرادق، قال: فدخلت فسلمت فقلت: ما قولك في الحسين بن علي عليهما السلام؟ قال: لا يحيك فيه سلاحهم، قال: فخرجت، قال: فبينا أنا على ماء بين الكوفة ومكة إذا إنسان يوضع على بعيره، قال: فقلت: من أين؟ قال: من الكوفة، قال: لت: ما فعل احسين بن علي؟ قال: قتل قال: فرفعت يدي فقلت: اللهم افعل بعبد الله بن عمرو ان كان يسخر بي.
قال سفيان بن عيينة في غير هذه الرواية: ذهب الفرزدق الى غير المعني، أو قال: الوجه، انما هو لا يحيك في السلاح لا يضره القتل مع ما قد سبق له.
أنبأنا أبو علي الحسن بن هبة الله بن الحسن بن علي الدوامي قال: أخبرنا القاضي محمد بن عمر بن يوسف الأرموي قال: أخبرنا الشريف أبو الغنائم عبد الصمد بن علي بن المأمون قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثنا محمد ابن يونس قال: حدثنا أبو عبيدة معمر بن المثنى التيمي قال: حدثني لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال: حججت فلما كنت بذات عرق لقيني الحسين بن علي يريد الكوفة، فقصدته فسلمت عليه فقال لي: ما خلفت لنا وراءك بالبصرة؟ فقلت: قلوب القوم معك وسيوفهم مع بني أمية، فقال: ما أشك في أنك صادق، الناس عبيد الدنيا، والدين لغو على ألسنتهم يحوطونه ما درت به معائشهم فإذا استنبطوا قلّ الديّانون.
وقال ابن المأمون: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبي سعيد الغاضري قال: حدثنا أبو عثمان المازني قال: حدثنا الأصمعي عن أعين بن لبطة بن الفرزدق عن أبيه قال: رأيت أبي في النوم بعد موته، فقلت له: ما فعل الله بك؟ فقال غفر لي بقصدي الحسين وسلامي عليه.
أخبرني أبو حفص الدارقزي، فيما أذن لنا فيه، قال: أخبرنا أبو غالب أحمد ابن الحسن - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن خنيقاءالدقاق قال: أخبرنا اسماعيل بن علي الخطبي قال: وكان مسير الحسين بن علي بن أبي طالب - ويكنى بأبي عبد الله، وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم - من مكة الى العراق بعد أن بايع له من اهل الكوفة إثنا عشر ألفاً على يدي مسلم بن عقيل بن أبي طالب، وكتبوا إليه في القدوم عليهم فخرج من مكة قاصداً إلى الكوفة، وبلغ يزيد خروجه فكتب الى عبيد الله بن زياد وهو عامله على العراق يأمه بمحاربته وحمله اليه ان ظفر به، فوجه اللعين عبيد الله بن زياد الجيش اليه مع عمر بن سعد بن أبي وقاص، وعدل الحسين الى كربلاء، فلقيه عمربن سعد هناك، فاقتتلوا فقتل الحسين رضوان الله عليه ورحمته وبركاته، ولعنة الله على قاتله، وكان قتله في اليوم العاشر من المحرم يوم عاشوراء من سنة احدى وستين.

وقال أبو غالب: أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد ابن اسحاق قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدنثي عمي قال: حدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك عن أبيه قال: خرج الحسين بن علي الى الكوفة ساخطاً لولاية يزيد، فكتب يزيد الى ابن زياد، وهو واليه على العراق: انه قد بلغني أن حسيناً قد صار الى الكوفة وقد ابتلي به زمانك من بين الأزمان وبلدك من بين البلدان، وابتليت به أنت من بين العمال، وعندها تعتق أو تعود عبداً كما يعتبد العبيد، فقتله ابن زياد وبعث برأسه اليه.
أخبرنا عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد - اجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو بكر الحميدي قال: حدثني سفيان قال: حدثني رجل من بني أسد يقال له بجير بعد الخمسين والمائة، وكان من أهل الثعلبية ولم يكن في الطريق رجل أكبر منه، فقلت: مثل من كنت حين مرّ بكم حسين بن علي؟ قال: غلام قد أيفعت، قال: فقام إليه أخ لي كان أكبر مني يقال له زهير، قال: أي ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، إني أراك في قلة من الناس فأشار بسوط في يده هكذا فضرب حقيبة وراءه، فقال: ها ان هذه مملوءة كتباً فكأنه شدّ من منّة أخي، قال سفيان: وكنا استودعناه طعاماً لنا ومتاعاً فلما رجعنا طلبناه منه، فقلت له: ابن كم أنت؟ قال: ابن ست عشرة ومائة، قال سفيان: ان كان طعاماً فلعل الحي قد أكلوه، فقلنا: إن لله، ذهب طعامنا منه، فاذا هو يمزح معي، فأخرج إلينا طعامنا ومتاعنا.
وقال حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو بكر - يعني الحميدي - قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا شهاب بن خراش عن رجل من قومه قال: كنت في الجيش الذي بعثه عبيد الله بن زياد الى حسين بن علي وكانوا أربعة آلاف يريدون الديلم، فصرفهم عبيد الله بن زياد الى حسين بن علي، فلقيت حسينا، فرأيته أسود الرأس واللحية، فقلت له: السلام عليك يا أبا عبد الله، فقال: وعليك السلام، وكانت فيه غنه، فقال: لقد باتت منكم فينا سلة منذ الليلة، يعني سرق.
قال شهاب: فحدثت به زيد بن علي فأعجبه، وكانت فيه غنة، قال سفيان: وهي في الحسينيين.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن أبي المعالي بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو طالب محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو علي بن الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا عبد الخالق بن الحسن قال: حدثنا اسحاق بن الحسن الحربي قال: حدثنا عفان قال: حدثنا جعفر بن سليمان قال: حدثني يزيد الرشك قال: حدثني من شافه الحسين بهذا الكلام قال: حججت فأخذت ناحية الطريق أتعسف الطريق، فدفعت الى أبنية وأخبية فأتيت أدناها فسطاطاً، فقلت: لمن هذا؟ فقالوا: للحسين بن علي رضي الله عنه، فقلت: ابن فاطمة بنت رسول الله؟ قالوا: نعم، قلت: في أيها هو؟ فأشاروا الى فسطاط، فأتيت الفسطاط فاذا هو قاعد عند عمود الفسطاط، واذا بين يديه كتب كثيرة يقرأها، فقلت بأبي أنت وأمي ما أجلسك في هذا الموضع الذي ليس فيه أنيس ولا منفعة؟ قال: ان هؤلاء - يعني السلطان - أخافوني، وهذه كتب أهل الكوفة إليّ وهم قاتلي، فاذا فعلوا ذلك لم يتركوا لله حرمة إلّا انتهكوها، فسلط الله عليهم من يذلهم حتى يتركهم أذل من من فرم الأمة. قال جعفر: فسألت الأصمعي عن ذلك قال: هي خرقة الحيضة اذا ألقتها النساء.

أنبأنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن - اجازة ان لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد العزيز قال: حدثني أحمد بن محمد ابن عيى قال: حدثنا عمرو بن عون قال: أخبرنا خالد عن الجريري عن عبد ربه أو غيره، أن الحسين لما أرهقه السلاح، وأخذ له السلاح قال: ألا تقبلون مني ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين؟ قالوا: وما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل من المشركين؟ قال: كان اذا جنح أحدهم قبل منه، قالوا: لا، قال: فدعوني أرجع، قالو: لا، قال: فدعوني آتي أمير المؤمنين، فأخذ له رجل السلاح، فقال له: أبشر بالنار، فقال: بل ان شاء الله برحمة ربي عز وجل وشفاعة نبيي صلى الله عليه وسلم، فقتل وجيء برأسه حتى وضعه في طست بين يدي ابن زياد فنكته بقضيب، وقال: لقد كان غلاما صبيحاً، ثم قال: أيكم قاتله؟ فقام الرجل، فقال: أنا قتلته، فقال: ما قال لك؟ فأعاد الحديث، فاسود وجهه قال عبد الله بن محمد: وحدثني عمي قال: حدثني القاسم بن سلام قال: حدثني حجاج بن محمد عن أبي معشر عن بعض مشيخته قال: قال الحسين بن علي حين نزلوا كربلاء: ما اسم هذه الأرض؟ قالوا: كربلاء، قال: كرب وبلاء، وبعث عبيد الله بن زياد عمر بن سعد فقاتلهم فقال الحسين: يا عمر اختر مني أحد ثلاث خصال: إما إن تتركني رجع كما جئت، فإن أبيت هذه فسيرني ألى يزيد فأضع يدي على يده فيحكم فيّ ما رأى، فإن أبيت هذه فسير بي إلى الترك فأقاتلهم حتى أموت، فأرسل إلى ابن زياد بذلك، فهمّ أن يسيره الى يزيد، فقال له شمر ابن جوشن: لا إلاّ أن ينزل على حكمك، فأرسل اليه بذلك، فقال الحسين: والله لا أفعل، وأبطأ عمر عن قتاله، فأرسل اليه ابن زياد شمر بن جوشن فقال: إن تقدم عمر يقاتل، وإلّا فاقتله وكن أنت مكانه، وكان مع عمر قريب من ثلاثين رجلاً من أهل الكوفة، فقالوا: يعرض عليكم ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم ثلاث خصال، فلا تقبلون منها شيئاً، فتحولوا مع الحسين فقاتلوا.
وقال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا اسحاق بن اسماعيل الطالقاني سنة خمس وعشرين قال: حدثنا جرير عن ابن أبي ليلى قال: قال الحسين بن علي حين أحس بالقتل: أبغوني ثوباً لا يرغب فيه أجعله تحت ثيأبي لا أجرّد، فقيل له: تبان؟ فقال: ذلك لباس من ضربت عليه الذلة، فأخذ ثوباً فخزّقه فجعله تحت ثيابه، فلما قتل جرد صلوات الله عليه ورضوانه.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو محمد ابن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا سعد بن سليمان عن عباد بن العوام عن حصين قال: أدركت ذلك حين مقتل الحسين قال: فحدثني سعيد بن عبيدة قال: فرأيت الحسين وعليه جبة برود، ورماه رجل يقال له عمرو بن خالد الطهوي بسهم فنظرت إلى السهم معلقاً بجبته.
أخبرنا أبو الفضل رجاء بن أبي الحسن بن هبة الله بن غزال التاجر الواسطي قال: أخبرنا العدل أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن الكتاني - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد بن عبد الله العجمي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن مخلد البزاز - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أسلم بن سهل بن أسلم بن حبيب الرزاز الواسطي المعروف بحشل قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الهيثم بن غالب الشيباني قال: سمعت أبا اسحاق الشيباني - وأتاه رجل من آل حوشب بن يزيد - فقال له: إن مالك بن حوشب ابن يزيد قتل وعليه جبّه خز، فقال له أبو اسحاق الشيباني: وإن الحسين بن علي رضوان الله عليهما قتل وعليه جبة خز، وقد نصل خضابه، وكان يخضب بالسواد فدفن في ثيابه.
وقال: حدثنا بحشل قال: حدثنا زكريا بن يحيى بن صبيح قال:حدثنا هشيم قال: أخبرنا زاذان أبو منصور قال: رأيت الحسين بن علي رضوان عليه مخضوب الرأس واللحية بالوسمة.

أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال، وست الموفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن محمد الصقلي المرابطة قال: أبو اسحاق أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن حسن الطرسوسي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي - قراءة عليه - وقالت خديجة: قرئ علي أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار ابن عبد الله بن خير الأذني الأنطاكي - وأنا شاهدة أسمع - قال: أخبرني جدي القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثنا نصر بن مزاحم العطار عن أبي مخنف قال: حدثني سليمان بن أبي راشد عن حميد بن مسلم قال: سمعت الحسين بن علي وقد أحاطوا به يقول: اللهم احبس عنهم قطر السماء، وامنعهم بركات الأرض، وإن متعتهم إلى حين، ففرقهم فرقاً، ومزقهم مزقاً، واجعلهم طرائق قدداً، ولا ترض عنهم الولاة أبداً، فإنهم دعونا لينصرونا فعدوا علينا فقتلونا. وضارب حتى كفهم عنه، ثم تغاووا عليه فقتلوه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا علي بن محمد عن عامر بن أبي محمد عن الهيثم بن موسى قال: قال العريان بن الهيثم: كان أبي يتبدّى فينزل قريباً من الموضع الذي كان فيه معركة الحسين فكنا لا نبدوا إلاّ وجدنا رجلاً من بني أسد هناك فقال له أبي: أراك ملازما هذا المكان؟ قال: بلغني أن حسيناً يقتل ههنا، فأنا أخرج لعلي أصادفه فأقتل معه، فلما قتل الحسين قال أبي: انطلقوا ننظر هل الأسدي فيمن قتل، فأتينا المعركة، فطوفنا فإذا الأسدي مقتول.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن الفضل بن سهل الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت - إذناً - قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أحمد الضبي قال: أخبرنا علي بن عمر الحافظ قال: حدثنا محمد بن نوح الجند يسأبوري قال: حدثنا علي بن حرب الجند يسأبوري قال: حدثنا اسحاق ابن سليمان قال: حدثنا عمرو ابن أبي قيس عن يحيى بن سعيد أبي حيان عن قدامة الضبي عن جرداء بنت سمير عن زوجها هرثمة بن سلمة قال: خرجنا مع علي في بعض غزوه، فسار حتى انتهى إلى كربلاء، فنزل إلى شجرة يصلي إليها فأخذ تربة من الأرض فشمها ثم قال: واهاً لك تربة ليقتلن بك قوم يدخلون الجنة بغير حساب قال: فقلنا من غزاتنا، وقتل علي ونسيت الحادث. قال: فكنت في الجيش الذي ساروا إلى الحسين، فلما انتهيت إليه نظرت إلى الشجرة فذكرت الحديث فتقدمت على فرس لي فقلت: أبشرك ابن بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم وحدثته الحديث، قال: معنا أو علينا؟ قلت: لا معك ولا عليك وتركت، قال: أمّا لا فولّ في الأرض، فو الذي نفس حسين بيده لا يشهد قتلنا اليوم رجل إلاّ دخل جهنم، فانطلقت هاربا موليا في الأرض حتى خفي عليّ مقتله.
أخبرنا مرجا بن أبي الحسن التاجر قال: أخبرنا محمد بن علي بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر بن عثمان الحافظ قال: حدثنا يزيد ابن هارون قال: أخبرتني أمي عن جدتها قالت: أدركت قتل الحسين بن علي رضوان الله عليه، فلما قتل خرج ناس الى إبل كانت معه فانتهبوها، فلما كان الليل رأيت فها النيران تلتهب، فاحترق كل ما أخذ من عسكره.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس، وأبو المظفر حامد بن العميد بن أميري القزويني بحلب قالا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين ابن صفوان البردعي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبيد بن أبي الدنيا القرشي قال: أخبرني العباس بن هشام بن محمد الكوفي عن أبيه عن جده قال: كان رجل من بني أبان بن دارم يقال له زرعة شهد قتل الحسين رضي الله عنه، فرمى الحسين بسهم فأصاب حنكه فجعل يلتقي الدم، ثم يقول هكذا الى السماء، فيرمي به، وذلك أن الحسين رضي الله عنه دعا بماء ليشرب فلما رماه حال بينه وبين الماء، فقال: اللهم ظمئه، اللهم ظمئه، قال: فحدثني من شهده وهو يموت وهو يصيح من الحرّ في بطنه والبرد في ظهره، وبين يديه المراوح والثلج، ومن خلفه الكانون، وهو يقول اسقوني أهلكني العطش، فيؤتى بالعسّ العظيم فيه السويق أو الماء واللبن، لو شربه خمسة لكفاهم، قال: فيشربه، ثم يعود فيقول اسقوني أهلكني العطش. قال: فانقد بطنه كانقداد البعير.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الصفار الموصلي بحلب قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أحمد بن عبد العزيز بن القاص بالموصل قال: أخبرنا الرئيس أبو علي محمد بن سعيد بن ابراهيم بن نبهان قال: أخبرنا ابو علي الحسن ابن أحمد بن ابراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله ابن زياد قال: حدثني أبو يوسف يعقوب بن خضر المتطبب قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا ابن عيينة عن أبيه قال: أدركت من قتلة الحسين ضي الله عنه رجلين، أما أحدهما فإن الله طول ذكره، فكان يحمله على عاتقه، وأما الآخر فمان يأتي عزلاء الراوية فيضعها على فيّه حتى يستفرغها ويصيح: العطش العطش، ويدور الى الجانب الآخر من الراوية فيستفرغها، ولا يروى، وذلك أنه نظر إلى الحسين وقد أهوى الى فيه وهو يشرب فرماه بسهم، فقال الحسين، مالك لا أرواك الله من الماء في دنياك ولا في آخرتك.
أخبرنا أبو المظفر حامد بن العميد بحلب وأبو محمد عبد الرحمن بن ابراهيم المقدسي بنابلس، ومحفوظ بن هلال الرسعني برأس عين، قالوا: أخبرتنا شهدة بنت أحمد بن فرج الكاتبة. قال محفوظ: إجازة. قالت: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا اسحاق بن اسماعيل قال: أخبرنا سفيان قال: حدثتني جدتي أم أبي قالت: أدركت رجلين ممن شهد قتل الحسين، فأما أحدهما فطال ذكره حتى كان يلفه، وأما الآخر فكان يستقبل الراوية فيشربها حتى يأتي على آخرها. قال سفيان: أدركت ابن أحدهما به خبل أو نحو هذا.

قرأت في الأخبار الطوال تأليف أبي حنيفة أحمد بن داوود الدينوري، وذكر خبر خروج الحسين عليه السلام من مكة إلى أن قتل فأحببت إيراد ذكر قتله، ومن قتل معه من أهله لأنه استوعب ذكره مع الاختصار، ونقله عن رواة السير، قال بعدما أورده من تسيير مسلم بن عقيل بن أبي طالب إلى الكوفة وأخذه البيعة على ثمانية عشر ألف من أهل الكوفة،ونكثهم والظفر به وقتله، قال: قالوا: ولما رحل الحسين من زرود تلقاه رجل من بني أسد فسأله عن الخبر فقال لم أخرج من الكوفة حتى قتل مسلم بن عقيل وهانيء ن عروة، ورأيت الصبيان يجرون بأرجلهما، فقال: إنا لله وانا اليه راجعون، عند الله نحتسب أنفسنا، فقيل له: ننشدك الله يابن رسول الله في نفسك، وأنفس أهل بيتك هؤلاء الذين تراهم معك، انصرف إلى موطنك، ودع المسير إلى الكوفة، فوالله ما لك بها ناصر، فقال بنو عقيل - وكانوا معه - : ما لنا في العيش بعد أخينا مسلم حاجة، ولنا براجعين حتى نموت، فقال الحسين: فما خير في العيش بعد هؤلاء، وسار، فلما وافى زبالة وافاه بها رسول محمد بن الأشعث وعمر بن سعد بما كان سأله مسلم أن يكتب به إليه من أمره، وخذلان أهل الكوفة إياه بعد أن بايعوه، وقد كان مسلم سأل محمد بن الأشعت ذلك - يعني حين ظفر به ابن زياد سأل ابن الأشعت، وعمر بن سعد، أن يكتبا إلى الحسين بذلك - فلما قرأ الكتاب استيقن بصحة الخبر، وأقطعه قتل مسلم بن عقيل وهانيء بن عروة، ثم أخبره الرسول بقتل قيس بن مسهر رسوله الذي وجهه من بطن الرقة، وقد كان صحبه قوم من منازل الطريق، فلما سمعوا خبر مسلم، وقد كانوا ظنوا أنه يقدم على أنصار وعضد، تفرقوا عنه ولم يبقى معه إلاّ خاصته، فسار حتى انتهى الى بطن العقيق فلقيه رجل من بني عكرمة، فسلم عليه وأخبره بتوطيد ابن زياد الخيل ما بين القادسية الى العذيب رصداً له، ثم قال له: انصرف بنفسي أنت، فوالله ما تسير إلاّ الأسنة والسيوف، ولا تتكلن على الذين كتبوا اليك فإن أولئك أول الناس مبادرة الى حربك فقال له الحسين: قد ناصحت وبالغت فجزيت خيراً، ثم سلم عليه، ومضى حتى نزل بسراة بات بها ثم ارتحل وسار، فلما انتصف النهار، واشتد الحر، وكان ذلك في القيظ تراءت لهم الخيل، فقال الحسين لزهير بن القين: أما ها هنا مكان نلجأ اليه أو شرف نجعله خلف ظهورنا ونستقبل القوم بوجه واحد؟ قال له زهير: بلى هذا جبل ذي جشم يسره عنك، فمل بنا إليه، فان سبقت اليه فهو كما تحب، فسار حتى سبق اليه وجعل ذلك الجبل وراء ظهره، وأقبلت الخيل، وكانوا ألف فارس مع الحر بن يزيد التميمي ثم اليربوعي، حتى اذا دنوا أمر الحسين عليه السلام فتيانه أن يستقبلوهم بالماء فشربوا، وتغمرت خيلهم ثم جلسوا جميعاً في ظل خيولهم وأعنتها في أيديهم حتى إذا حضر الظهر قال الحسين عليه السلام للحرّ أتصلّي معنا، أو تصلي بأصحابك وأصلي بأصحأبي؟ قال الحر: بل نصلي جميعاً بصلاتك فتقدّم الحسين عليه السلام، فصلى بهم جميعاً، فلما انقتل من صلاته حوّل وجهه إلى القوم، ثم قال: أيها الناس، معذرة إلى الله، ثم إليكم اني لم آتكم حتى أتتني كتبكم، وقدمت عليّ رسلكم، فإن أعطيتموني ما أطمئن به من عهودكم ومواثيقكم دخلنا معكم مصركم، وإن تكن الأخرى انصرفت من حيث جئت فأسكت القوم، فلم يردّوا عليه شيئا حتى إذا جاء وقت العصر نادى مؤذّن الحسين، ثم أقام، وتقدم الحسين عليه السلام فصلى بالفريقين ثم انفتل اليهم، فأعاد مثل القول الأول.

فقال الحر بن يزيد: والله ما ندري ما هذه الكتب التي تذكر، فقال الحسين عليه السلام: إئتني بالخرجين اللذين فيهما كتبهم فأتي بخرجين مملوءين كتبا، فنثرت بين يدي الحر وأصحابه، فقال له الحرّ: يا هذا، لسنا ممن كتب إليك شيئاً من هذه الكتب، وقد أمرنا أن لا نفارك اذا لقيناك أو نقدم بك الكوفة على الأمير عبيد الله بن زياد، فقال الحسين عليه السلام: الموت دون ذلك، ثم أمر بأثقاله، فحملت، وأمر أصحابه، فركبوا، ثم ولى وجهه منصرفا نحو الحجاز، فحال القوم بينه وبين ذلك، فقال الحسين للحر: ما الذي تريد؟ قال: أريد والله أن أنطلق ك إلى الأمير عبيد الله بن زياد، قال الحسين: إذن والله أنا بذك الحرب، فلما كثر الجدال بينهما قال الحر: إني لم أومر بقتالك، وإنما أمرت أن لا أفارقك، وقد رأيت رأيا فيه السلامة من حربك، وهو أن تجعل بيني وبينك طريقاً، لا تدخلك الكوفة، ولا تردك إلى الحجاز، تكون نصفا بيني وبينك حتى يأتينا رأي الأمير، قال الحسين: فخذ ها هنا، وآخذ متياسرا من طريق العذيب، ومن ذلك المكان إلى العذيب ثمانية وثلاثون ميلا، فسار جميعا حتى انتهوا إلى عذيب الحماوات، فنزلوا جميعا، وكل فريق منهما على غلوة من الآخر.
ثم ارتحل الحسين من موضعه ذلك متيامنا عن طريق الكوفة حتى انتهى الى قصر بني مقاتل، فنزلوا جميعا هناك، فنظر الحسين الى فسطاط مضروب، فسأل عنه، فأخبر أنه لعبيد الله بن الحر الجعفي، وكان من أشراف أهل الكوفة، وفرسانهم، فأرسل الحسين إليه بعض مواليه يأمره بالمصير أليه، فأتاه الرسول، فقال هذا الحسين بن علي يسألك أن تصير إليه، فقال عبيد الله: والله ما خرجت من الكوفة إلا لكثرة من رأيته خرج لمحاربته وخذلان شيعته، فعلمت أنه مقتول ولا أقدر على نصره، فلست أحب أن يراني ولا أراه، فانتعل الحسين حتى مشى، ودخل عليه قبته، ودعاه الى نصرته، فقال عبيد الله: والله إني لأعلم أن من شايعك كان السعيد في الآخرة، ولكن ما عسى أن أغني عنك، ولم أخلّف لك بالكوفة ناصرا، فأنشدك الله أن تحملني على هذه الخطة، فإن نفسي لم تسمح بعد بالموت، ولكن فرسي هذه الملحقة، والله ما طلبت عليها شيئا قط إلا لحقته، ولا طلبني وأنا عليها أحد قط إلا سبقته، فخذها، فهي لك، قال الحسين: أما إذ رغبت بنفسك عنا فلا حاجة با إلى فرسك.
وسار الحسين عليه السلام من قصر بني مقاتل، ومعه الحر بن يزيد، كلما أراد أن يميل نحو البادية منعه، حتى انتهى الى المكان الذي يسمى كربلاء فمال قليلا متيامنا حتى انتهى الى نينوى، فإذا هو براكب على نجيب، مقبل من القوم، فوقفوا جميعا ينتظرونه، فلما انتهى اليهم سلم على الحر، ولم يسلم على الحسين، ثم ناول الحر كتاب من عبيد الله بن زياد، فقرأه، فإذا فيه: أما بعد، فجعجع بالحسين بن علي وأصحابه بالمكان الذي يوافيك كتأبي، ولا تحلّه إلا بالعراء على غير خمر ولا ماء، وقد أمرت حامل كتابي هذا أن يخبرني بما كان منك في ذلك، والسلام.

فقرأالحر الكتاب ثم ناوله الحسين، وقال: لا بد من إنفاذ أمر الأمير عبيد الله بن زياد، فانزل بهذا المكان، ولا تجعل للأمير علي علّة، فقال الحسين عليه السلام: تقدم بنا قليلاً الى هذه القرية التي هيا منا على غلوة وهي الغاضرية أو هذه الأخرى التي تسمى السقية، فنزل في أحديهما، قال الحر: إن الأمير كتب إلي أن أحلك على غير ماء، ولا بد من الانتهاء الى أمره، فقال زهير بن القين للحسين: بأبي وأمي يا بن رسول الله، والله لو لم يأتنا غير هؤلاء لكان لنا فيهم كفاية، فكيف بمن سيأتينا من غيرهم؟ منهم نناخر هؤلاءّ، فإن قتال هؤلاء أيسر علينا من قتال من يأتينا من غيرهم، قال الحسين عليه السلام: فإني أكره أن أبدأهم بقتال حتى يبدأوا، فقال له زهير: فها هنا قرية بالقرب منا على شط الفرات، وهي في عاقول حصينة، الفرات يحدق بها إلا من وجه واحد، قال الحسين: وما اسم تلك القرية؟ قال العقر، قال الحسين: نعوذ بالله من العقر فقال الحسين للحر: سر بنا قليلا، ثم نزل، فسار معه حتى أتوا كربلاء، فوقف الحر وأصحابه أمام الحسين ومنعوهم من المسير، وقال: أنزل بهذا المكان، فالفرات منك قريب، قال الحسين: وما أسم هذا المكان؟ قيل له: كربلاء، قال: ذات كرب وبلاء، ولقد مر أبي بهذا المكان عند مسيره الى صفين، وأنا معه، فوقف، فسأل عنه، فأخبر باسمه، فقال: ها هنا محط ركابهم، وهاهنا مهراق دمائهم، فسئل عن ذلك، فقال: ثقل لآل بيت محمد، ينزلون ها هنا، ثم أمر الحسين بأثقاله، فحطّت بذلك المكان يوم الاربعاء غرّة المحرم من سنة إحدى وستين، وقتل بعد ذلك بعشرة أيام، وكان قتله يوم عاشوراء، فلما كان اليوم الثاني من نزوله كربلاء وافاه عمر بن سعد في أربعة آلاف فارس.
وكانت قصة خروج عمر بن سعد، أن عبيد الله بن زياد ولاه الري وثغر دستسبي والديلم، وكتب له عهده عليها، فعسكر للمسير إليها، فحدث أمر الحسين، فأمر ابن زياد أن يسير الى محاربة الحسين، فإذا فزع منه سار الى ولايته، فتلكأ عمر بن سعد على ابن زياد، وكره محاربة الحسين، فقال له ابن زياد فاردد علينا عهدنا، قال: فأسير إذاً، فسار في أصحابه أولئك الذي ندبوا معه الى الري ودستبي، حتى وافى الحسين، وانضم اليه الحر بن يزيد فيمن معه، ثم قال عمر بن سعد لقرة بن سفيان الحنظلي: انطلق الى الحسين، فسله ما أقدمك، فأتاه فأبلغه، فقال الحسين: أبلغه عني أن أهل المصر كتبوا إلي يذكرون ألا إمام لهم، ويسألوني القدوم عليهم، فوثقت بهم، فغدروا بي، بعد أن بايعني منهم ثمانية عشر ألف رجل، فلما دنوت، فعلمت غرور ما كتبوا به إلي أردت الانصراف الى حيث منه أقبلت، فمنعني الحر بن يزيد، وسار حتى جعجع بي في هذا المكان، ولي بك قرابة قريبة، ورحم ماسة، فأطلقني حتى أنصرف، فرجع قرة الى عمر بن سعد بجواب الحسين بن علي، فقال عمر: الحمد لله، والله إني لأرجو أن أعفى من محاربة الحسين، ثم كتب الى ابن زياد يخبره ذلك.
فلما وصل كتابه الى ابن زياد كتب إليه في جوابه: قد فهمت كتابك، فاعرض على الحسين البيعة ليزيد، فإذا بايع في جميع من معه، فأعلمني ذلك ليأتيك رأيي، فلما انتهى كتابه الى عمر بن سعد قال: ما أحسب ابن زياد يريد العافية، فأرسل عمر بن سعد بكتاب ابن زياد الى الحسين، فقال الحسين للرسول: لا أجيب ابن زياد الى ذلك أبدا، فهل هو إلا الموت، فمرحبا به، فكتب عمر بن سعد الى ابن زياد بذلك، فغضب، فخرج بجميع أصحابه إلى النخيلة.
ثم وجه الحصين بن نمير، وحجّار بن أبجر، وشبث بن ربعي، وشمر بن ذي جوشن، ليعاونوا عمر بن سعد على أمره، فأما شمر فنفذ لما وجهه له، وأما شبث فاعتل بمرض، فقال ابن زياد: أتتمارض؟ إن كنت في طاعتنا فاخرج الى قتال عدونا، فلما سمع شبث ذلك خرج، ووجه أيضا الحارث بن يزيد بن رويم، قالوا: وكان ابن زياد إذا وجه الرجل إلى قتال الحسين في الجمع الكثير، يصلون الى كربلاء، ولم يبق منهم إلا القليل، كانو يكرهون قتال الحسين، فيروغون ويتخلفون فبعث ابن زياد سويد ابن عبد الرحمن المنقري في خيل الى الكوفة، وأمره أن يطوف بها، فمن وجده قد تخلف أتاه به، فبينا هو يطوف في أحياء الكوفة إذ وجد رجلا من أهل الشام قد كان قدم الكوفة في طلب ميراث له، فأرسل به الى ابن زياد فأمر به، فضربت عنقه، فلما رأى الناس ذلك خرجوا.

قالوا: وورد في كتاب ابن زياد على عمر بن سعيد، أن امنع الحسين وأصحابه الماء، فلا يذوقوا منه حسوة كما فعلوا بالتقي عثمان بن عفان، فلما ورد على عمر بن سعد ذلك أمر عمرو بن الحجاج أن يسير في خمسمائة راكب، فينيخ على الشريعة، ويحولوا بين الحسين وأصحابه، وبين الماء، وذلك قبل مقتله بثلاثة أيام، فمكث أصحاب الحسين عطاشى.
قالوا: ولما اشتد بالحسين وأصحابه العطش أمر أخاه العباس بن علي - وكانت أمه من بني عامر بن صعصعة - أن يمضي في ثلاثين فارسا وعشرين راجلا، مع كل رجل قربة حتى يأتوا الماء، فيحاربوا من حال بينهم وبينه.
فمضى العباس نحو الماء وأمامهم نافع بن هلال حتى دنوا من الشريعة، فمنعهم عمرو بن الحجاج، فجالدهم العباس على الشريعة بمن معه حتى أزالوهم عنها، واقتحم رجّالة الحسين الماء، فملأوا قربهم، ووقف العباس في أصحابه يذبون عنهم حتى أوصلوا الماء الى عسكر الحسين.
ثم أن ابن زياد كتب الى عمر بن سعد: أما بعد، فإني لم أبعثك الى الحسين لتطاوله الأيام، ولا لتمنيه السلامة والبقاء، ولا تكون شفيعه إلي، فاعرض عليه، وعلى أصحابه النزول على حكمي، فإن أجأبوك فابعث به وبأصحابه إلي، وإن أو فازحف اليه، فإنه عاق شاق، فإن لم تفعل فاعتزل جندنا، وخل بين شمر بن ذي الجوشن وبين العسكر، فإنا قد أمرناه بأمرنا، فنادى عمر بن سعد في أصحابه أن انهدوا الى القوم، فنهض إليهم عشية الخميس وليلة الجمعة لتسع ليال خلون من المحرم، فسألهم الحسين تأخير الحرب الى غد، فأجأبوه.
قالوا: وأمر الحسين أصحابه أن يضموا مضاربهم بعضهم من بعض، ويكونوا أمام البيوت، وأن يحفروا من وراء البيوت أخدودا، وأن يضرموا فيه حطبا وقصبا كثيرا، لئلا يؤتوا من أدبار البيوت، فيدخلوها.
قالوا: ولما صلى عمر بن سعد الغداة نهد بأصحابه وعلى ميمنته عمرو بن الحجاج، وعلاى ميسرته شمر بن ذي الجوشن - واسم شمر شرحبيل بن عمر بن معاوية، من آل الوحيد، من بني عامر بن صعصعة - وعلى الخيل عروة بن قيس، وعلى الرجّالة شبث بن ربعي، والراية بيد زيد مولى عمر بن سعد.
وعبأ الحسين عليه السلام أيضاً أصحابه، وكانوا اثنين وثلاثين فارسا وأربعين راجلا، فجعل زهير بن القين على ميمنته، وحبيب بن مطهر على ميسرته، ودفع الراية الى أخيه العباس بن علي، ثم وقف، ووقفوا معه أمام البيوت، وانحاز الحر ابن يزيد الذي كان جعجع بالحسين الى الحسين، فقال له: قد كان مني الذي كان، وقد أتيتك مواسيا لك بنفسي، أفترى ذلك لي توبة مما كان مني؟ قال الحسين: نعم، انها لك توبة، فابشر، فأنت الحر في الدنيا، وأنت الحر في الأخرة، إن شاء الله.
قالوا: ونادى عمر بن سعيد مولاه زيداً أن قدم الراية، فتقدم بها، وشب الحرب، فلم يزل أصحاب الحسين يقاتون ويقتلون، حتى لم يبق معه غير أهل بيته، فكان أول من تقدم منهم، فقاتل علي بن الحسين، وهو علي الأكبر فلم يزل يقاتل حتى قتل، طعنه مرة بن منقذ العبدي، فصرعه، وأخذته السيوف فقتل، ثم قتل عبد الله بن مسلم بن عقيل، رماه عمرو بن صبح الصيداوي، فصرعه، ثم قتل عدي ابن عبد الله بن جعفر الطيار، قتله عمرو بن نهشل التميمي، ثم قتل عبد الرحمن بن عقيل بن أبي طالب، رماه عبد الله بن عروة الخثعمي بسهم، فقتله، ثم قتل محمد بن عقيل بن أبي طالب، رماه لقيط بن ناشر الجهني بسهم، فقتله، ثم قتل القاسم بن الحسن بن علي بن أبي طالب، ضربه عمرو بن سعد بن مقبل الأسدي، ثم قتل أبو بكر بن الحسن بن علي، رماه عبد الله بن عقبة الغنوي بسهم، فقتله.
ولما: رأى ذلك العباس بن علي قال لإخوته عبد الله، وجعفر، وعثمان، بني علي، عليه عليهم السلام، وأمهم جميعا أم البنين العامرية من آل الوحيد: تقدموا، بنفسي أنتم، فحامواعن سيدكم حتى تموتوا دونه، فتقدموا جميعا، فصاروا أمام الحسين عليه السلام، يقونه بوجوههم ونحورهم، فحمل هانيء بن ثويب الحضرمي على عبد الله بن علي، فقتله، ثم حمل على أخيه جعفر ابن علي، فقتله أيضا، ورمى يزيد الأصبحي عثمان بن علي بسهم، فقتله، ثم خرج إليه، فاحتز رأسه، فأتى به عمر بن سعد، فقال له: أثبني، فقال عمر: عليك بأميرك - يعني عبيد الله بن زياد - فسله أن يثيبك، وبقي العباس بن علي قائما أمام الحسين يقاتل دونه، ويميل معه حيث مال، حتى قتل، رحمة الله عليه.

وبقي الحسين وحده، فحمل عليه مالك بن بشر الكندي، فضربه بالسيف على رأسه، وعليه برنس خز، فقطعه، وأفضى السيف الى رأسه، فجرحه، فألقى الحسين البرنس، ودعا بقلنسوة، فلبسها، ثم اعتم بعمامة، وجلس فدعا بصبي له صغير، فأجلسه في حجره، فرماه رجل من بني أسد، وهو في حجر الحسين بمشقص، فقتله،، وبقي الحسين عليه السلام مليّاً جالسا، ولو شاؤوا أن يقتلوه قتلوه، غير أن كل قبيلة كانت تتكل على غيرها، وتكره الاقدام على قتله، وعطش الحسني، فدعا بقدح من ماء، فلما وضعه في فيه رماه الحصين بن نمير بسهم، فدخل فمه، وحال بينه وبين شرب الماء، فوضع القدح من يده.
ولما رأى القوم قد أحجموا عنه قام يتمشى على المسناة نحو الفرات فحالوا بينه وبين الماء، فانصرف الى موضعه الذي كان فيه، فانتزع له رجل من القوم بسهم، فأثبته في عاتقه، فنزع عليه السلام السهم، وضربه زرعة بن شريك التميمي بالسيف، واتقاه الحسين بيده، فأسرع السيف في يده، حمل عليه سنان بن أوس النخعي، فطعنه، فسقط، ونزل اليه حولي بن يزيد الأصبحي ليحز رأسه، فأرعدت يداه، فنزل أخوه شبل بن يزيد، فاحتز رأسه، فدفعه الى أخيه حولي، ثم مال الناس على ذلك الورس الذي كان أخذه من العير، والى ما في المضارب فانتهبوه.
يعني بذلك أن الحسين عليه السلام لما فصل من مكة سائرا ووصل الى التنعيم لحق عيرا مقبلا من اليمن عليها ورس وحناء ينطلق به الى يزيد بن معاوية، فأخذها وما عليها.
عدنا الى الحديث، قالوا: ولم ينج من أصحاب الحسين عليه السلام وولده وولد أخيه إلا بناه، علي الأصغر، وكان قد راهق، والا عمر، وكان قد بلغ أربع سنين.
ولم يسلم من أصحابه الا رجلان أحدهما المرقع بن ثمامة الأسدي، بعث به عمر بن سعد الى ابن زياد فسيره الى الربذة، فلم يزل بها حتى هلك يزيد، وهرب عبيد اللخ الى الشام، فانصرف المرقع الى الكوفة، والاخر مولى لرباب، أم سكينة، أخذوه بعد قتل الحسين، فأرادوا ضرب عنقه، فقال لهم: إني عبد مملوك فخلوا سبيله.
وبعث عمر بن سعد برأس الحسين من ساعته الى عبيد الله بن زياد مع حولى ابن يزيد الأصبحي.
وأقام عمر بن سعد بكربلاء بعد مقتل الحسين يومين، ثم أذن في الناس بالرحيل وحملت الرؤوس على أطراف الرماح، وكانت اثنين وسبعين رأسا، جاءت هوازن منها باثنين وعشرين رأسا، وجاءت تميم بأربعة عشر رأسا مع الحصين ابن نمير، وجاءت كندة بثلاثة عشر رأسا مع قيس بن الأشعث، وجاءت بنو أسد بستة رؤوس مع هلال الأعور، وجاءت الأزد بخمس رؤوس مع عيهمة بن زهير، وجاءت ثقيف باثني عشر رأسا مع الوليد بن عمو.
وأمر عمر بن سعد بحمل نساء الحسين وأخواته وبناته وجواريه وحشمه في المحامل المستورة على ابل، وكانت بين وفاة رسول الله صلى الله عليه وسلم وبين قتل الحسين خمسون عاما.
قالوا: ولما أدخل رأس الحسين عليه السلام على ابن زياد فوضع بين يديه جعل ابن زياد ينكت بالخيزرانة ثنايا الحسين، وعنده زيد بن أرقم، صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال له: مه، ارفع قضيبك عن هذه الثنايا، فلقد رأيت رسول الله صلى الله عيه ولم يلثمها، ثم خنقته العبرة، فبكى، فقال له ابن زياد: مم تبكى؟ أبكى الله عينيك، والله لولا أنك شيخ قد خرفت لضربت عنقك.
قالوا: وكانت الرؤوس قد تقدم بها شمر بن ذي الجوشن أمام عمر بن سعد.
قالوا: واجتمع أهل الغاضرية فدفنوا أجساد القوم.
وروي عن حميد بن مسلم قال: كان عمر بن سعد لي صديقا، فأتيته عند منصرفه من قتال الحسين، فسألته عن حاله، فقال: لا تسأل عن حالي، فإنه ما رجع غائب الى منزله بشر مما رجعت به قطعت القرابة القريبة، وارتكبت الامر العظيم.

قالوا: ثم ان ابن زياد جهز عليّ بن الحسين ومن كان معه من الحرم، وجه بهم الى يزيد بن معاوية مع زحر بن قيس ومحقن بن ثعلبة، وشمر بن ذي الجوشن، فساروا حتى قدموا الشام، ودخلوا على يزيد بن معاوية بمدينة دمشق، وأدخل معهم رأس الحسين، فرمي بين يديه، ثم تكلم شمر بن ذي الجوشن، فقال: يا أمير المؤمنين، ورد علينا هذا في ثمانية عشر رجلا من أهل بيته، وستين رجلا من شيعته، فسرنا إليهم، فسألناهم النزول على حكم أميرنا عبيد الله بن زياد أو القتال، فغدونا عليهم عند شروق الشمس، فأحطنا بهم من كل جانب، فلما أخذت السيوف منهم مأخذها جعلوا يلوذون الى غير وزر، لوذان الحمام من الصقور، فما كان إلى مقدار جزر جزور، أو نوم قائل حتى أتينا على آخرهم، فهاتيك أجسادهم مجردة، وثيابهم مرملة، وخدودهم معفرة، تسفى عليهم الرياح، زوارهم العقبان، ووفودهم الرخم فلما سمع ذلك يزيد دمعت عينه وقال: ويحكم، قد كنت أرضى من طاعتكم بدون قتل الحسين، لعن الله ابن مرجانة، وأما والله لو كنت صاحبه لعفوت عنه رحم الله أبا عبد الله، ثم تمثل:
نفلق هاماً من رجالٍ أعزةٍ ... علينا، وهم كانوا أعق وأظلما
ثم أمر بالذّرية فأدخلوا دار نسائه وكان يزيد إذا حضر غداؤه دعا عليّ بن الحسين وأخاه عمر فيأكلان معه، قال: ثم أمر بتجهيزهم بأحسن جهاز وقال لعلي بن الحسين: انطلق مع نسائك حتى تبلغهن وطنهن، ووجه معه رجلا في ثلاثين فارساً يسير أمامهم، وينزل حجزةً عنهم، حتى انتهى بهم إلى المدينة.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خلف المقدسي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن زياد القطان قال: حدثنا عبد الكريم بن الهيثم قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن يزيد عن هشام عن محمد عن أنس قال: شهدت عبيد الله بن زياد حيث أتى برأس الحسين عليه السلام قال: فجعل ينكث بقضيب في يده، قال: فقلت: أما إنه كان أشبههم بالنبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن التاجر الواسطي بحلب قال: أخبرنا العدل أبو طالب محمد بن علي الكتاني قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن مخلد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الصلحي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عثمان بن سمعان الحافظ قال: حدثنا أسلم بن شهل بحشل قال: حدثنا حسين بن عبد الله قال: حدثنا النضر بن شميل قال: حدثنا هشام بن حسان قال: حدثتني حفصة بنت سيرين قالت: حدثني أنس بن مالك قال: كنت عند عبيد الله بن زياد إذ جيء برأس الحسين بن علي رضوان الله عليه، فوضعه بين يديه فجعل يقول بقضيبه في أنفه ويقول: ما رأيت مثل هذا حسناً، فقلت: إنه كان أشبههم برسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي - في كتابه - قال: أخبرنا أبو الكرم بن الشهرزوري قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي - اجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو عمر الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي سويد قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن سلمة عن علي بن زيد عن أنس بن مالك قال: شهدت رأس الحسين بن علي حين جيء به إلى عبيد الله بن زياد، فجعل ينكت ثناياه بقضيب ويقول: إنه كان لحسن الثغر! قال: قلت: والله لأسوءنك لقد رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبل موضع قضيبك من فيه.
أنبأنا علي بن المفضل المقدسي الحافظ عن أبي القاسم خلف بن عبد الملك بن السكن قال: حدثنا محمد بن زهرون الحضرمي قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم المروزي قال: حدثنا أبو عبيدة الحداد قال: حدثنا الحسن بن أبي الحسن النبال قال: حدثنا أبو الحسن العالية البدّاء قال: لما قتل الحسين بن علي أرسل عبيد الله بن زياد الى أبي برزة فقال: كيف ترى شأني وشأن حسين يوم القيامة؟ قال: وما علمي بما يصنع الله يوم القيامة؟ فقال: لك الأمان لا أضيرك، ولكن أخبرني برأيك، فقال: أما إذ سألتني عن رأيي فإن رأي أن يشفع لحسين رسول الله صلى الله عليه وسلم ويشفع لك زياد، فقال: أخرج أخرج، فلما بلغ باب الدار قال: ردوه، فقال: لئن لم تغد إليّ وتروح ضربت عنقك.

أبو برزة هذا هو نضلة بن عبيد الأسلمي، من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا علي بن محمد عن عثمان بن مقسم عن المقبري عن عائشة قال: بينا رسول الله صلى الله عليه وسلم راقداً إذ جاء الحسين يحبو إليه، فنحيته عنه، ثم قمت لبعض أمري، فدنا منه، فاستيقظ يبكي، فقلت: ما يبكيك؟ قال: إن جبريل أراني التربة التي يقتل عليها الحسين، فاشتد غضب الله على من يسفك دمه، وبسط يده فإذا فيها قبضة من بطحاء، فقال: يا عائشة، والذي نفسي بيده إنه ليجزتني، فمن هذا من أمتي يقتل حسينا بعدي؟! أخبرنا أبو حفص عمر بن معمر بن طبرزد - قراءة مني عليه بحلب - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد ابن محمد بن ابراهيم بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا محمد بن شداد المسمعي قال: حدثنا أبو نعيم قال: عبد الله ابن حبيب بن أبي ثابت عن أبيه عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: أوحى الله تعالى إلى محمد صلى الله عليه وسلم: إني قد قتلت بيحيى بن زكريا سبعين ألفاً، وإني قاتل بابن ابنتك سبعين ألفاً وسبعين ألفاً.
أنبأنا أأبو نصر بن هبة الله الشافعي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله الخلال قال: أخبرنا سعيد بن أحمد العيار قال: حدثنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن محمد بن زكريا الشيباني قال: حدثنا عمر بن الحسين بن علي بن مالك الشيباني القاضي قال: حدثنا أحمد بن الحسن الخزاز قال: حدثنا أبي قال: حدثنا حصين بن مخارق عن داوود بن أبي هند عن ابن سيرين قال: لم تبك السماء على أحد بعد يحيى بن زكريا إلاّ على الحسين بن علي.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن مسعود بن شداد الموصلي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أحمد بن القاص قال: أخبرنا أبو علي بن نبهان قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو سهل أحمد بن محمد بن عبد الله بن زياد القطان قال: حدثنا اسحاق بن الحسن الحربي قال: حدثنا عفان بن مسلم قال: حدثنا حماد بن زياد عن عمار بن أبي عمار عن ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام، وأنا قائل بنصف النهار على سريري، أشعت أغبر ومعه قارورة، فقلت: ما هذا بأبي أنت وأمي؟ قال: قال: هذا دم الحسين وأصحابه، التقطه فاجعله في القارورة. قال فحسب فوجدناه قتل في ذلك اليوم.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحى قال: أخبرنا أبو الحسن على بن الحسين بن عمر الفراء - اجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال، وست الوفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن محمد بن ابراهيم المرابطة. قال أبو اسحق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن عمر بن الحسن الطرسوسي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي - قراءة عليه - وقالت خديجة: فرئ على أبي قاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار الأنطاكي، وأنا شاهدة أسمع، قال: أخبرني جدي القاضي أبو الحسن علي بن الحسين قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب قال:حدثنا الكزبراني قال: حدثنا غسان بن مالك قال: حدثنا عتبان بن مالك قال: حدثنا حماد عن عمار بن أبي عمار عن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في النوم، أشعث أغبر، وفي يده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي، ما هذا؟ قال: هذا دم الحسين ابن علي، لم أزل التقطه منذ اليوم، فأحصي ذلك اليوم فوجدوه يوم قتل الحسين رحمه الله.

أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين الساوي، بالقاهرة المعزية، قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن أحمد بن البرداني الشيخ الحافظ قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد بن الحسن القزويني العابد الزاهد املاء، قال: حدثنا عمر بن محمد بن علي الزيات قال: حدثنا أبو عبيدة محمد بن عبدة بن حرب القاضي قال: حدثنا ابراهيم بن الحجاج قال: حدثنا حماد بن سلمة عن عمار ابن أبي عمار ان ابن عباس قال: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم فيما يرى النائم نصف النهار، أشعث أغبر، في يده قارورة فيها دم، فقلت: بأبي أنت وأمي يا رسول الله، ما هذا؟ فقال: هذا دم الحسين، فلم أزل التقطه منذ اليوم فوجدوه قتل ذلك اليوم.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: حدثنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن ابراهيم التاجر الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الفضل منصور بن نصر الكاغدي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن محمد بن عبد الله البغدادي الجمال قال: حدثنا بشر بن موسى الأسدي قال: حدثنا خالد قال: حدثنا جعفر عن أم سالم خالة لجعفر ابن سليمان قالت: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنه مطرنا مطراً على البيوت والحيطان كالدم، فبلغني أنه كان بالبصرة والكوفة وبالشام وبخراسان حتى كنا لا نشك أنه سينزل عذاب.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الغنائم بن المأمون قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: أخبرنا أبو القاسم البغوي قال: حدثني أحمد بن محمد بن يحيى بن سعد قال: حدثنا زيد بن الحباب قال: حدثني أبو يحيى مهدي بن ميمون قال: سمعت مروان مولى هند بنت المهلب قال: حدثني بوّاب عبيد الله بن زياد أنه لما جئ برأس الحسين، فوضع بين يديه، رأيت حيطان دار الأمارة تسايل دماً.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقيرّ البغدادي النجار بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن محمد - إجازة - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله الحبال الحافظ قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن الحسن بن عمر الناقد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن سليمان - المعروف بالطبري الأنصاري قال: حدثنا أبو علي - يعني - هارون بن عبد العزيز بن هاشم - قال: حدثنا عمر ابن سهل قال: حدثنا أحمد بن محمد الجمال قال: قرأت على أحمد بن الفرات قال: حدثنا محمد بن الصلت عن مسعدة عن جابر عن قرط بن عبد الله قال: مطرت ذات يوم بنصف النهار، فأصاب ثوبي فإذا دمّ، فذهبت بالابل الى الوادي، فإذا دم، فلم تشرب وإذ هو يوم قتل الحسين رحمة الله عليه.
أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي بن المرتضى العلوي قال: حدثنا محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو البركات بن نظيف قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: أخبرني أبو عبد الله الحسين بن علي قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن يحيى بن زيد بن الحسين بن زيد بن علي بن حسين قال: حدثنا حسن بن حسين الأنصاري عن أبي القاسم مؤذن بني مازن، عن عبيد المكتب عن ابراهيم النخعي قال: لما قتل الحسين، احمرت السماء من أقطارها، ثم لم تزل حتى تقطرت فقطرت دماً.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي - فيما أذن لي في روايته - قال: أخبرنا أبو طاهر بركات بن ابراهيم بن طاهر الخشوعي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المشرف بن المسلمّ بن حميد الأنماطي - إجازة - قال: أخبرنا القاضي أبو الحسين محمد بن حمود الصواف قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد بن محمد الواسطي قال: حدثنا أبو حفص عمر بن الفضل بن المهاجر الربعي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الوليد الرملي قال: حدثنا أبو نصر محمد قال: حدثنا سلاّم بن سليمان الثقفي عن زيد بن عمرو الكندي قال: حدثني أم حبّان قال: يوم قتل الحسين رضي الله عنه أظلمت علينا ثلاثاً، ولم يمس أحد من زعفرانهم شيئاً إلاّ احترق، ولم يقلب حجر ببيت المقدس إلاّ أصبح عنده دماً عبيطاً.

وقال: حدثنا أبو حفص قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الوليد قال: حدثني عبيد الله بن محمد الفريابي قال: حدثنا محمد بن شعيب السنجي عن عيسى بن يونس عن أبي بكر الهذلي عن الزهري قال: لما قتل الحسين بن علي رضي الله عنهما لم ترفع ببيت المقدس حصاة إلا وجد تحتها دم عبيط.
أنبأنا عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب - يعني - ابن سفيان قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد عن معمر قال: أول ما عرف الزهري، تكلم في مجلس الوليد بن عبد الملك، فقال الوليد: أيكم يعلم ما فعلت أحجار بيت المقدس يوم قتل الحسين بن علي؟ فقال الزهري: بلغني أنه لم تقلب حجر إلاّ وجد تحته دم عبيط.
وقال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا مسلم ابن ابراهيم قال: حدثتنا أم شوق العبدية قالت: حدثتني نصرة الأزدية قالت: لما أن قتل الحسين بن علي مطرت السماء دماً، فأصبحت وكل شئ ملآن دماً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال، وست الموفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن محمد بن ابراهيم الصقلي المرابطة. قال أبو اسحق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد بن الحسن المقرئ الطرسوسي - قراءة عليه، وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي - قراءة عليه. وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار بن عبد الله بن خير الأذني الأنطاكي، وأنا شاهدة أسمع قال: أخبرني جدي القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب بأنطاكية قال: حدثنا الكزبراني قال: حدثنا أبو ربيعة فهد بن محمود العامري قال: حدثنا أبو عوانه عن حصين بن عبد الرحمن قال: لما خرجت جيوش ابن زياد مع عمر بن سعد الى الحسين بن علي عليه السلام، توجه الحسين يريد الشام، فتلقته خيولهم، فنزل عند كربلاء فناشده الله والاسلام أن سيرونا الى أمير المؤمنين يزيد فأضع يدي في يده، فأبوا عليه إلاّ حكم ابن زياد.
قال حصين: فحدثني سعد بن عبيدة السلمي قال: إني لأنظر إلى الحسين يكلمهم، واني لأنظر إليه وعليه جبة من برود، فلما كلمهم انصرف فرماه عمير الطهاوي بسهم، فإني لأنظر الى السهم بين كتفيه متعلقاً في جبته، ورجع إلى مصافه، وانهم لقريب من مائة رجل فيهم لصلب علي خمسة، ومن بني هاشم ستة عشر، ومنهم حليف لهم من بني سليم.
قال: فحدثني سعد بن عبيدة قال: إنا لمستنقعون في الماء مع عمر بن سعد، أتاه رجل فسارّه، فقال: قد أرسل إليك حوثر بن بدر التميمي، وأمره ابن زياد إن لم تقاتل يضرب عنقك، فوثب الى فرسه يقاتلهم فجاء برأس الحسين عليه السلم إلى ابن زياد، فوضع بين يديه، فجعل يقول بقضيب معه: أرى أبا عبد الله قد شمط، وانطلق ابنان لعبد الله بن جعفر، فلجآ إلى رجل من طيئ فذبحهما وجاء برؤوسهما حتى وضعهما بين يدي ابن زياد، فأمر بضرب عنقه، وأمر بداره فهدمت.
قال حصين: لبثوا شهرين أو ثلاثة، كأنما تلطخ الحيطان بالدماء ساعة تطلع الشمس حتى ترتفع.
قرأت بخط أبي عبد الله الحسين بن خالويه في بعض أماليه: حدثنا البعراني - يعني أبا حامد محمد بن هارون الحضرمي - قال: حدثنا هلال - يعني - ابن بشر قال: حدثنا عمر بن حبيب القاضي عن هلال بن ذكوان قال: لما قتل الحسين مطرنا مطراً بقي أثره في ثيابنا مثل الدم.
وقرأت أيضا بخط ابن خالويه حدثنا هلال قال: حدثنا معدي بن سليمان الخياط قال: حدثنا محمد بن مقبل قال: حدثنا يحيى بن السري قال: حدثنا روح بن عبادة عن ابن عون عن محمد بن سيرين قال: لم نكن نرى هذه الحمرة في السماء حتى قتل الحسين بن علي.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الحافظ قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن جعفر بن حيان قال: حدثنا محمود بن أحمد بن الفرج قال: حدثنا محمد بن المنذر البغدادي قال: حدثنا سفيان بن عيينه قال: حدثتني جدتي أم عيينه أن جمالاّ كان يحمل ورساً فهوي قتل الحسين بن علي فصار ورسه دماً.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا ابن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو بكر الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثتني جدتي قالت: لقد رأيت الورس عاد رمادا، ولقد رأيت اللحم كأنه فيه النار حين قتل الحسين.
وقال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا عقبة بن أبي حفصة السلولي عن أبيه قال: إن كان الورس من ورس الحسين يقال به هكذا فيصير رماداً.
أخبرنا مرجا بن الحسن الواسطي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن علي قال: أخبرنا محمد بن عمار بن سمعان قال: حدثنا أسلم بن سهل قال: حدثنا اسماعيل بن عيسى قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: حدثتني أمي عن جدتها قالت: أدركت قتل الحسين بن علي رضي الله عنه، فلما قتل خرج ناس إلى إبل كانت معه فانتهبوها، فلما كان الليل رأيت فيها النيران تلتهب كلما أخذ من عسكره.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أنبأنا أبو علي الحداد وغيره قالوا: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا أحمد ابن شعيب عن أبي حميد الطحان قال: كنت في خزاعة فجاؤوا بشيء من تركه الحسين فقيل لهم: نتجر أو نبيع فنقسم؟ قالوا: اتجروا. قال فجعل على جفنه فلما وضعت فارت ناراً.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة قال: أنبأنا أبو القاسم بن محمد بن حسين قال أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله بن الحسن ابن النخاس قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عبد الواحد بن محمد بن أبي الحديد قال أخبرنا جدي أبو بكر محمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا خيثمه قال: حدثنا أحمد بن العلاء أخو هلال بالرقة قال: حدثنا عبيد بن جنّاد قال: حدثنا عطاء بن مسلم عن ابن السدي عن أبيه قال: كنا غلمه نبيع البز في رستاق كربلاء، قال: فنزلنا برجل من طئ قال: فقرب إلينا العشاء. قال: فتذاكرنا قتلة الحسين، قال: فقلنا: ما بقي أحمد ممن شهد قتلة الحسين إلا وقد أماته الله ميتة سوء أو بقتلة سوء، قال: فقال ما أكذبكم يا أهل الكوفة تزعمون أنه ما بقي أحد ممن شهد قتل الحسين إلاّ وقد أماته ميتة سوء أو بقتله سوء وأنه لممن شهد قتلة الحسين وما بها أكثر مال منه، قال: فنزعنا أيدينا عن الطعام، قال: وكان السراج يوقد قال: فيذهب ليطفأ، قال: فبذهب ليخرج الفتيلة بأصبعه، قال: فأخذت النار باصبعه، قال: فمدها إلى فيه فأخذت بلحيته، قال: فأحضر إلى الماء حتى القى نفسه، قال: فرأيته يتوقد فيه حتى صار حممة.
أخبرنا مرجا بن الحسن التاجر قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل بن أحمد قال أخبرنا محمد بن محمد بن مخلد قال أخبرنا علي بن الحسنقال: أخبرنا أبو بكر عثمان قال: حدثنا أبو الحسن بن سهل قال: حدثنا أحمد بن اسماعيل بن عمر قال: حدثنا سليمان بن منصور قال: حدثنا علي بن عاصم عن حصين قال: كنت بالكوفة فجاءنا قتل الحسين بن علي رضوان الله عليه فمكثنا ثلاثاً كأن وجوهنا طليت رماداً، قال على بن عاصم: قلت لحصين: مثل من كنت يومئذ؟ قال: رجل متأهل.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الفضل الفراوي وأبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي وأبو القاسم اسماعيل ابن السمرقندي في كتبهم إلي. قال الفراوي: أخبرنا أبو بكر البيهقي، وقال السلمي: حدثنا أبو بكر الخطيب. وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن اللالكاي. قالوا: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا سليمان بن حرب قال: حدثنا حماد بن زيد قال: حدثنا جميل بن مرة قال: أصأبوا إبلاً في عسكر الحسين يوم قتل فنحروها وطبخوها قال: فصارت مثل العلقم فما استطاعوا أن يسيغوا منها شيئاً.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن عبد العزيز العباسي ببغداد قال: حدثنا أبو علي الحسن بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن ابراهيم بن أحمد قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن إبراهيم بن عبد الله المكي قال: حدثنا محمد ابن زنبور قال: حدثنا أبو بكر - يعني - بن عياش، قال الكلبي: رأيت سنان بن أوس الذي قتل الحسين عليه السلام يحدث في المسجد شيخ كبير قد ذهب عقله.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا جدي القاضي أبو المفضل يحيى بن علي بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن محمد بن داوود الرزاز قال: حدثنا أبو عمرو عثمان بن أحمد بن عبد الله بن السماك قال: حدثنا أبو قلابة قال حدثنا أبو عاصم وأبو عامر قال حدثنا قرة بن خالد السدوسي قال: سمعت أبا رجاء العطاردي يقول: لا تسبوا أهل هذا البيت، أو أهل بيت النبي صلى الله عليه وسلم فإنه كان لنا جار من بلهجيم، قدم علينا من الكوفة، قال: ما ترون الى هذا الفاسق بن الفاسق، قتله الله، يعني الحسين، فرماه الله بكوكبين من السماء فطمس بصره، قال أبو رجاء: فأنا رأيته.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن البناء، إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن سياوش الكازروني قال: حدثنا أبو أحمد عبيد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم الفرضي المعري قال: قرئ على أبي بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري النحوي وأنا حاضر قال: حدثنا أبو بكر موسى بن اسحاق الأنصاري قال: حدثنا هارون بن حاتم أبو بشر قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي حماد عن ثابت بن اسماعيل عن أبي النضر الجرمي قال: رأيت رجلاً سمج العمى فسألته عن سبب ذهاب بصره، فقال: كنت ممن حضر عسكر عمر بن سعد فلما جاء الليل رقدت فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام بين يديه طست فيها دم وريشة في الدم، وهو يؤتى بأصحاب عمر بن سعد فيأخذ الريشة فيخط بها بين أعينهم، فأتي بي فقلت: يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح ولا رميت بسهم، قال: أفلم تكثر عدونا وأدخل اصبعيه في الدم السبابة والوسطى، وأهوى بها إلى عيني فأصبحت وقد ذهب بصري.
قال: حدثنا عبد الرحمن بن أبي الحماد قال: حدثنا الفضيل بن الزبير قال: كنت جالساً فأقبل رجل فجلس إليه، رائحته رائحة القطران، فقال له: ياهذا أتبيع القطران؟ قال: ما بعته قط، قال: ما هذه الرائحة؟ قال: كنت ممن شهد عسكر عمر بن سعد وكنت أبيعهم أوتاد الحديد فلما جن عليّ الليل رقدت فرأيت في نومي رسول الله صلى الله عليه وسلم ومعه عليّ، وعليّ يسقي القتلى من أصحاب الحسين فقلت له: أسقني، فأبى، فقلت: يا رسول الله مره يسقني، فقال: ألست ممن عاون علينا؟ فقلت: يا رسول الله والله ما ضربت بسيف ولا طعنت برمح، ولا رميت بسهم، ولكنني أبيعهم أوتاد الحديد، فقال: يا عليّ أسقه فناولني قعباً مملوءً قطراناً، فشربت منه قطرناً، ولم أزل أبول القطران أياما، ثم انقطع ذلك البول عني، وبقيت الرائحة في جسمي، فقال له السدي: يا عبد الله كلّ من برّ العراق واشرب من ماء الفرات فما أراك تعاين محمداً أبداً.

أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا عبد الصمد بن علي قال: أخبرنا عبيد الله بن محمد بن اسحاق قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا عمي قال: حدثنا ابن الأصبهاني قال: حدثنا شريك عن عطاء بن السائب عن علقمة بن وائل أو وائل بن علقمة أنه شهد ما هناك، قال: قام رجل، فقال: أفيكم الحسين؟ قالوا: نعم قال: أبشر بالنار، قال: أبشر برب رحيم وشفيع مطاع، من أنت؟ قال: أنا حويزة، قال: اللهم حزه إلى النار، فنفرت به الدابة فتعلقت به رجله في الركاب، فوالله ما بقي عليها منه إلاّ رجله.
أخبرنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني، شفاهاً، قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: حدثنا أسد بن القاسم الحلبي قال: رأى جدي صالح بن الشحام بحلب، رحمه الله، وكان صالحاً دينا، في النوم كلباً أسود، وهو يلهث عطشاً ولسانه قد خرج على صدره، فقلت: هذا كلب عطشان دعني أسقه ماءً أدخل فيه الجنة، وهممت لأفعل ذلك، فإذا بهاتف يهتف من ورائه وهو ويقول: يا صالح لا تسقه، يا صالح لا تسقه، هذا قاتل الحسين بن علي أعذبه بالعطش الى يوم القيامة.
أخبرنا أبو نصر، إذناً، قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو سهل محمد بن ابراهيم قال: أخبرنا أبو الفضل الرازي قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن هارون قال: حدثنا محمد بن اسحاق قال: أخبرنا العباس بن محمد مولى بني هاشم قال: حدثنا يحيى بن أبي بكير قال: حدثنا علي - ويكنى أبا اسحق - عن عامر بن سعد البجلي قال: لما قتل الحسين بن علي رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام فقال: إن رأيت البراء بن عازب فأقره مني السلام وأخبره أن قتلة الحسين بن علي في النار، وإن كاد الله يسحت أهل الأرض منه بعذاب أليم، فقال فأتيت البراء فأخبرته، فقال صدق رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من رآني في المنام فقد رآني فإن الشيطان لا يتصور بي.
أنبأنا أبو نصر قال أخبرنا: علي قال: أبو الفتح محمد بن علي بن عبد الله بن عبد الله المضري وأبو بكر ناصر بن أبي العباس علي الصيدلاني بهراة قالا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي شريح قال: حدثنا يحيى بن محمد بن صاعد قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا أبو خالد الأحمر قال: حدثني رزيق قال: حدثتني سلمى قالت: دخلت على أم سلمة وهي تبكي فقل: ما يبكيك؟ قالت: رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وعلى رأسه ولحيته التراب، فقلت: ما لك يا رسول الله؟ قال: شهدت قتل الحسين آنفا. قال علي: وراه الترمذي عن الأشج إلا أنه قال رزين وهو الصواب.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو المعالي بن صابر، قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا نظيف قال: أخبرنا الحسن بن اسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن محرز قال: حدثنا الحماني قال: قال الأعمش: أحدث رجل من أهل الشام على قبر الحسين بن علي فابرص من ساعته.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر عن عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.

وأخبرنا أبو عبد الله بن الملثم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن بن الفراء، إجازة، قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل الضراب قالا: أخبرنا الحسن بن اسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا يوسف بن عبد الله الحلواني قال: حدثنا عثمان بن الهيثم قال: كان رجل بالبصرة من بني سعد، وكان قائداً من قواد عبيد الله بن زياد، فسقط من السطح فانكسرت رجلاه، فدخل عليه أبو قلابة فعاده فقال له: أرجو أن يكون ذلك خيرة، فقال له: يا أبا قلابة وأي خير في كسر رجليّ جميعا؟ فقال: ما ستره الله عليك أكثر، فلما كان بعد ثلاث ورود عليه كتاب ابن زياد يسأله الخروج فيقاتل الحسين بن علي عليهما السلام، قال: فقال له: قد أصابني ما أصابني، قال ذلك الرسول: فما كان إلاّ سبعاً حتى وافى الخبر بقتل الحسين رضي الله عنه، فقال الرجل: رحم الله أبا قلابة لقد صدق إنه كان خيراً لي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، ح.
وأخبرنا علي بن المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أخبرنا أبو بكر السمعاني إجازة، قال: أخبرنا أبو عبد الله اسماعيل بن عبد الغافر بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد الصفار قال: أخبرنا الوليد ابن العمري قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: ويروى عنه - يعني عبد الملك بن عمير - أنه قال: رأيت عجباً رأيت رأس الحسين رضي الله عنه أتي به حتى وضع بين يدي عبيد الله بن زياد ثم رأيت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري - بالقاهرة - قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي ابن الحسين بن عمر الموصلي الفراء - اجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال وست الموفق خديجة مولاة أبي حفص عمر بن الحسن الطرسوسي - قراءة عليه أنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار الأنطاكي قراءة عليه. وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين ابن بندار الأذني الأنطاكي، وأنا شاهدة أسمع قال: أخبرنا جدي القاضي أبو الحسن علي بن الحسين بن بندار. قالا: حدثنا أبو العباس محمود بن محمد بن الفضل الأديب بأنطاكية قال: حدثنا أبة فروة قال: حدثنا أبو الجواب قال: حدثنا يونس بن أبي اسحاق عن أبي اسحاق عن عمرو بن نعجة قال: أول ذلٍ دخل على الاسلام قتل الحسين وادعاء معاوية زياداً.
وقال: حدثنا محمود قال: حدثنا محمد بن موسى بن داوود قال: وحدثني محمد ابن سعد قال: حدثني الواقدي قال: حدثنا عيسى بن عبد الرحمن السّلمي عن الشعبي قال: أول من حمل في الاسلام على خشبة رأس الحسين بن علي.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي، وعبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر أبوي بكر البيهقي والحيري وأبو عثمان الصابوني والبحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحاكم قال: حدثنا أبو محمد العلوي - يعني - يحيى بن محمد بن أحمد بن زبارة قال: حدثنا أبو محمد العلوي صاحب فاخر النسب ببغداد قال: حدثنا أبو محمد ابراهيم بن علي الرافقي - من ولد أبي رافع مولى رسول الله صلى الله عليه وسلم - قال: حدثنا الحسن بن علي الحلواني عن علي بن معمر عن اسحاق بن عباد عن المفضل بن عمر الجعفي قال: سمعت جعفر بن محمد يقول: حدثني أبي محمد بن علي قال: حدثني أبي علي بن الحسين قال: لما قتل الحسين بن علي عليهما السلام جاء غراب فوقع في دمه وتمرغ ثم طار فوقع بالمدينة على جدار فاطمة بنت الحسين ابن علي بن أبي طالب، وهي الصغرى، ولعب فرفعت رأسها فنظرت إليه، فبكت بكاء شديداً وأنشأت تقول:
نعب الغراب فقلت من ... تنعاه ويلك يا غراب
قال الإمام فقلت من ... قال الموفق للصواب
إن الحسين بكربلأ بين ... الأسنة والضراب
فابك الحسين بعبرة ... ترضي الإله مع الثواب

ثم استقل به الجناح ... فلم يطق رد الجواب
فبكيت مما حل بي ... بعد الوصي المستجاب
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو المظفر حامد بن أبي العميد بن أميري القزويني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن اسماعيل بن يوسف بن محمد القزويني قال: أخبرني أبو نصر محمد بن عبد الله الأرغياني - إذنا - قال: أخبرنا القاضي الشهيد أبو المحاسن عبد الواحد بن اسماعيل الروياني قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن الحسين الفقيه قال: أخبرنا أبو العباس عبيد الله بن جعفر الحضري قال: أخبرنا عبد الله بن محمد أبو محمد الأنصاري قال: أخبرنا عمارة بن زيد قال: أخبرنا بكر ابن حارثة عن محمد بن اسحاق عن عيسى بن عمر عن عبد الله بن عمرو الخزاعي عن هند بنت النجود قالت: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم بخيمة خالته أم معبد ومعه أصحاب له، فكان في أمره في الشاة ما قد عرفه الناس، فقال في الخيمة هو وأصحابه حتى أبرد، وكان يوم قائظ شديد حره، فلما قام من رقدته دعا بماء فغسل يديه فأنقاهما، ثم مضمض فاه ومجّه إلى عوجه كانت إلى جنب خالته ثلاث مرات، فاستنشق واستنثر ثلاثاً ثلاثاً إلى أن قالت: ثم مسح رأسه ما أقبل منه وأدبر مرة واحدة، ثم غسل رجليه ظاهرهما وباطنهما، والله ما عاينت أحداً فعل ذلك قبله وقال: ان لهذه العوسجة لشأناً، ثم فعل ذلك من كان معه من أصحابه مثل ذلك، ثم قام فصلى ركعتين فعجبت وفتيات الحي من ذلك، وما كان عهدنا بالصلاة ولا رأينا مصلياً قبله، فلما كان من الغد أصبحنا وقد علت العوسجة حتى صارت كأعظم دوحة عادية قامتها وخضد الله شوكها وساخت عروقها وكثرت أفنانها، واخضرت ساقها وورقها وأثمرت بعد ذلك وايعنت بثمر كأعظم ما يكون من الكمأة في لون الورس المسحوق ورائحة العنبر وطعم الشهد - والله ما أكل منه - يعني - جائع إلاّ شبع ولا ظمآن إلاّ روي، ولا سقيم إلا برئ ولا ذو حاجة وفاقه إلا استغنى ولا أكل من ورقها ناقة ولا شاة إلا در لبنها، ورأينا النماء والبركة في أموالنا منذ يوم نزل بنا، وأخصبت بلادنا وأمرعت، فكنا نسمي تلك الشجرة المباركة، وكان ينتابنا من حولنا من أهل البوادي يستشفون بها ويتزودون في الأسفار، ويحملون معهم في الأرضين القفار فتقوم لهم مقام الطعام والشراب، فلم تزل كذلك على ذلك حتى أصبحنا ذات يوم ود تساقط واصفر ورقها، فأحزننا ذلك وفزعنا له، فما كان إلا قليل حتى جاء نعي رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا هو قد قبض في ذلك اليوم، وكانت بعد ذلك تثمر ثمراً دون ذلك العظم والطعم والرائحة، وأقامت على ذلك ثلاثين، فلما كان ذات يوم أصبحنا فإذا هي قد اشوكت من أولها الى آخرها، وذهبت غضارة عيدانها وتساقط جميع ثمرها، فما كان إلا يسيرا حتى بلغنا مقتل أمير المؤمنين علي بن أبي طالب فما أثمرت بعد ذلك قليلاً ولا كثيراً فانقطع ثمرها، فلما نزل من حولنا نأخذ من ورقها ونداوي به مرضانا ونستشفي به من أسقامنا، فأقامت على ذلك مدة وبرهة طويلة، ثم أصبحنا يوماً وإذا بها قد أنبعت من ساقها دما عبيطا جاريا وورقها ذابل يقتر ماء كما اللحم، فعلمنا أن قد حدث حدث عظيم فبتنا ليلتنا فزعين مهمومين نتوقع الداهية، فلما أظلم الليل علينا سمعنا نداءً وعويلاً من تحتها وجلبة شديدة وضجة وسمعنا صوت باكية تقول:
يا بن الوصي ويا بن البتول ... ويا بقية السادة الأكرمينا
ثم كثرت الرنات والأصوات فلم نفهم كثيراً مما كانوا يقولون، فأتانا بعد ذلك قتل الحسين بن علي عليهما السلام، ويبست الشجرة، وجفت وكسرتها الرياح والأمطار بعد ذلك، فذهبت واندرس أثرها.
قال أبو محمد الأنصاري فلقيت دعبل بن علي الخزاعي بمدينة الرسول صلى الله عليه وسلم فحدثته هذا الحيث فلم ينكره، وقال: حدثني أبي عن جدي عن أمه سعدى بنت مالك الخزاعية أنها أدركت تلك الشجرة وأكلت من ثمرها على عهد علي بن أبي طالب وانها سمعت في تلك الليلة نوح الجن فحفظت من قول جنية منهن قالت:
يا بن الشهيد ويا شهيد عمّه ... خير العمومة جعفر الطيار
عجب لمصقول أصابك حدّه ... في الوجه منك وقد علاك غبار

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: حدثنا عبد المحسن بن محمد لفظاً قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن محمد الدهان قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن الحسن البردعي قال: حدثنا أبو هريرة أحمد بن عبد الله بن أبي العصام العدوي قال: حدثنا ابراهيم بن يحيى بن يعقوب أبو الطاهر البزاز قال: حدثنا ابن لقمان قال: حدثنا الحسين بن ادري قال: حدثنا هاشم عن أمه عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين يوم قتل وهن يقلن:
أيها القاتلون ظلماً حسيناً ... أبشركوا بالعذاب والتنكيل
كل أهل السماء يدعو عليكم ... من نبي ومرسل وقتيل
قد لعنتم على لسان ابن داو ... د وموسى وصاحب الإنجيل
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: أنبأنا أبو علي الحداد وجماعة قالوا: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا القاسم بن عباد الخطابي قال: حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا عمرو بن ثابت عن حبيب بن أبي ثابت قال: قالت سلمة: ما سمعت نوح الجن منذ قبض النبي صلى الله عليه وسلم إلاّ الليلة وما أرى ابني إلاّ قد قتل، يعني الحسين، فقالت: لجارتها: اخرجي فسلي فأخبرت أنه قتل وإذا جنية تنوح:
الا يا عين فا حتفظي بجهد ... ومن تبكي على الشهداء بعدي
على رهط تقودهم المنايا ... الى متجبر في ملك عبد
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء - إجازة لي - قال: أنبأنا أبو اسحاق الحبال وست الموفق خديجة المرابطة. قال: أبو اسحق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار بن أحمد الطرسوسي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار قراءة عليه. وقالت خديجة: قرئ على أبي القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار وأنا شاهدة أسمع قال: أخبرني جدي أبو الحسن علي بن الحسين قالا: أخبرنا محمود، يعني ابن محمد الأديب، قال: حدثنا الحنفي قال: حدثنا صلت بن مسعود عن سفيان قال: أخبرنا أبو جناب قال: حدثنا الجصاصون أنهم سمعوا الجن تنوح على الحسين رضي الله عنه.
مسح النبي جبينه ... فله بياض في الخدود
أبواه من عليا معد ... جدّه خير الجدود
أنبأنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد عن عمه علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني أبو عبد الله التيمي قال: حدثنا علي بن عبد الحميد السمعاني عن أبي مزيد الفقيمي قال: كان الجصاصون إذا خرجوا في السحر سمعوا نوح الجن على الحسين:
مسح الرسول جبينه ... فله بريق في الخدود
أبواه في عليا قريش ... جدّه خير الجدود
قال: فأجبتهم:
خرجوا به وفداً إليه ... فهم له شر الوفود
قتلوا ابن بنت نبيهم ... سكنوا به نار الخلود
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً، قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد ابن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص ابن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا عفاف بن مسلم قال: حدثنا حماد ابن سلمة قال: حدثنا عمار بن أبي عمار عن أم سلمة قالت: سمعت الجن تنوح على الحسين.
قال: وأخبرنا أبي قال: وسمعت الواقدي قال: لم تدرك أم سلمة قتل الحسين، ماتت سنة ثمان وخمسين.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد وجماعة، إذناً، قالوا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا سليمان بن أحمد قال: حدثنا زكريا بن يحيى الساجي قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن صالح الأزدي قال: حدثنا السري بن منصور بن عمار عن أبيه عن ابن لهيعة عن أبي قبيل قال: لما قتل الحسين بن علي احتزوا رأسه وقعدوا في أول مرحلة يشربون النبيذ ويتحفون الرأس فخرج عليهم قلم حديد من حائط فكتب بسطر دمٍ:
أترجو أمة قتلت حسيناً ... شفاعة جده يوم الحساب
وقد قيل إن هذا البيت قيل قبل مبعث النبي صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - اجازة - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري، اجازة ان لم يكن سماعاً، قال: حدثنا أبو محمد الجوهري - إملاءً - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبيد العسكري قال: حدثنا محمد بن عثبان بن أبي شيبة قال: حدثنا محد بن الجنيد قال: حدثنا أبو سعيد التغلبي قال: حدثنا يحيى بن يمان قال: أخبرني امام مسجد بني سليم قال: غزا أشياخ لنا الروم فوجدوا في كنيسة من كنائسهم:
كيف ترجو أمة قتلت حسي ... ناً شفاعة جده يوم الحساب
فقالوا منذ كم وجدتم هذا الكتاب في هذه الكنيسة؟ قاوا: قبل أن يخرج نبيكم بستمائة عام.
وأنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد الحلواني قال: أخبرنا أبو بكر بن خلف قال: أخبرنا السيد أبو منصور ظفر بن محمد بن أحمد الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسين علي ابن عبد الرحمن بالكوفة قال: حدثنا أبو عمرو أحمد بن حازم الغفاري قال: أخبرنا أبو سعيد التغلبي قال: حدثنا أبو اليمان عن إمام لبني سليم عن أشياخ له قالوا: غزونا بلاد الروم فوجدنا في كنيسة من كنائسها مكتوبا:
أترجو أمة قتلت حسيناً ... شفاعة جده يوم الحساب
فقلنا للروم من كتب هذا في كنيستكم؟ قالوا: قبل مبعث نبيكم بثلاثمائة عام.
قال أبو القاسم بن أبي محمد كذا قال إنما هو يحيى بن اليمان أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن الحسين بن الحنائي قال: أخبرنا أحمد ومحمد ابنا عبد الرحمن بن أبي النصر قالا: أخبرنا يوسف بن القاسم الميانجي قال: حدثنا أبو الوليد بشر بن محمد بن بشر التيمي الكوفي بالكوفة قال: حدثني أحمد بن محمد المصقلي قال: حدثني أبي قال: لما قتل الحسين بن علي سمع مناد ينادي ليلا يسمع صوته ولا يرى شخصه:
عقرت ثمود ناقة فاستوصلوا ... وجرت سوانحهم بغير الأسعد
فبنوا رسول الله أعظم حرمة ... وأجل من أم الفصيل المقصد
عجباً لهم ولما أتوا لم يمسخوا ... والله يملي للطغاة الجحّد

أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري في كتابه عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه أبي علي قال: حدثني أبي قال: خرج إلينا أبو الحسن الكرخي يوماً فقال: تعرفون ببغداد رجلاً يقال له ابن أصدق، فلم يعرفه من أهل المجلس غيري، وقلت أعرفه فكيف سألت عنه؟ قال: أي شيء يعمل؟ قلت: ينوح على الحسين بن علي عليهما السلام، قال: فبكى أبو الحسن وقال: عندي عجوز تزينني من أهل كرخ جدان يغلب على لسانها النبطية، ولا يمكنها أن تقيم كلمة عربية، فضلا عن أن تحفظ شعرا، وهي من صوالح النساء وتكثر من الصلاة والصوم والتجهد، وانتبهت البارحة في جوف الليل، ومنامها قريب من منامي، فصاحت: أبو الحسن، أبو الحسن، قلت: ما لك؟ قالت: إلحقني، فجئتها ووجدتها ترعد وقلت: ما أصابك؟ قالت: رأيت في منامي وقد صليت وردي ونمت، كاني في درب من دروب الكرخ فيه حجرة محمرة بالساج مبيضة بالاسفيداج مفتوحة الباب وعليه نساء وقوف فقلت لهم: ما الخبر؟ فأشاروا الى داخل الدار وإذا إمرأة شابة حسناء بارعة الجمال والكمال وعليه ثياب بياض مرويّة من فوقها إزار شديد البياض قد التفت به وفي حجرها رأس يشخب دما. ففزعت، وقالت لا عليك، أنا فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهذا رأس الحسين صلوات الله على الجماعة فقولي لابن أصدق حتى ينوح:
لم أمرضه فأسلوا ... لا ولا كان مريضا
وانتبهت مذعورة.
قال أبو الحسن: وقالت العجوز: أمرظه بالظاء لانها لا تتمكن من اقامة الضاد فسكنت منها الى أن عاودت نومها.
وقال أبو القاسم: ثم قال لي مع معرفتك بالرجل فقد حملتك الامانة في هذه الرسالة، فقلت: سمعا وطاعة لأمر سيدة النسلء رضوان الله تعالى عليها.
قال: وكان هذا في شعبان والناس في إذ ذاك يلقون أذى شديدا، وجهدا جهيدا من الحنابلة، وإذا أرادوا زيارة المشهد بالحائر، خرجوا على استتار ومخافة، فلم أزل أتلطف في الخروج حتى تمكنت منه وحصلت في الحائر ليلة النصف من شعبان، وسألت عن أصدق فدللت عليه، ودعوته وحضرني، فقلت له: إن فاطمة عليها السلام تأمرك أن تنوح بالقصيدة التي فيها:
لم أمرضه فأسلو ... لا ولا كان مريضا
فانزعج من ذلك وقصصت عليه وعلى من كان معه عندي الحديث، فأجهشوا بالبكاء وناح بذلك طول ليلته وأول القصيدة:
أيها العينان فيضا ... واستهلا لا تغيضا
وهذه الحكاية ذكرها غرس بالنعمة أبو الحسن محمد بن هلال بن المحسن بن ابراهيم المعروف بابن الصأبيء في كتاب الربيع وذكرهان أباه الرئيس هلال ابن المحسن ذكرها في كتاب المنامات من تأليفه وقال: حدث القاضي أبو علي التنوخي قال: حدثني أبي، يعني أبا القاسم، وذكر الحكاية.
أنبأنا بذلك أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن علي عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان عن أبي عبد الله الحميدي قال: أخبرنا غرس النعمة، وأبو الحسن الكرخي المذكور هو من كبار أصحاب أبي حنيفة وله من المصنفات مختصر الكرخي في الفقه.
وقريب من هذه الحكاية ما قرأت بخط أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين في تاريخه، وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن هبة الله بن النجار عنه قال: حدثني الشيخ نصر الله بن مجلي مشارف الصناعة بالمخزن، وكان من الثقاة الامناء، أهل السنة، قال: رأيت في المنام علي بن أبي طالب عليه السلام، فقلت: يا أمير المؤمنين تفتحون مكة فتقولون: من دخل دار أبو سفيان فهو آمن، ثم يتم على ولدك الحسين يوم الطف ما تم؟ فقال لي علي عليه السلام: أما سمعت أبيات الجمال ابن الصيفي في هذا؟ فقلت: لا، فقال: اسمعا منه، ثم استيقظت، فباكرت الى دار الحيص بيص فخرج إلي فذكرت له الرؤيا فشهق وأجهش بالبكاء، وحلف بالله إن كانت خرجت من فمي أو خطي الى أحد وان كنت نظمتها الا في ليلتي هذه:
ملكنا فكان العفو منا سجية ... فلما ملكتم سال بالدم أبطح
وحللتم قتل الاسير وطالما ... عذون عن الاسرى نعف ونصفح
ولا غرو فيما بيننا من تفاوت ... فكل إناء بالذي فيه ينضح
وأخبرنا أبو الطليق معتوق بن أبي السعود البغدادي المقرئ قال: أنشدني الوزير أبو غالب بن الحصين هذه الأبيات للحيص بيص.

أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله الانصاري قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: سمعت أحمد بن محمد العتيقي يقول: سمعت أبا عبد الله بن عبيد العسكري يقول: سمعت أبا الفضل العباس بن عبد السميع المنصوري يقول: سمعت الفتح بن شرف يقول: كنت أفت للنمل الخبز كل يوم، فلما كان يوم عاشوراء لم يأكلوه.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي فيما اذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن منصور بن بكر بن محمد بن حيد قال: أخبرنا جدي أبو منصور قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس الحيري - إملاءً - قال: أخبرنا الحسن بن محمد الاسفرائيني قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا عبد الله بن الضحاك قال: حدثنا هشام بن محمد قال: لما أجري الماء على قبر الحسين نضب بعد أربعين يوما وامتحى أثر القبر، فجاء أعرابي من بني أسد فجعل يأخذ قبضة قبضة ويشمه حتى وقع على قبر الحسين وبكى وقال: بأبي وأمي ما كان أطيبك وأطيب تربتك ميتا ثم بكى وأنشأ يقول:
أرادوا ليخفوا قبره عن عدوه ... فطيب تراب القبر دل على القبر
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - اجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: سمعت أحمد - يعني - ابن محمد العتيقي يقول: سمعت أبا بكر محمد بن الحسن بن عيان الصيرفي يقول: سمعت جعفرا الخلدي يقول: كان بي جرب عظيم كثير فتمسحت بتراب قبر الحسين، قال: فغفوت فانتبهت وليس علي منه شيء.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو منصور زريق القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: حدثني أبو عمر محمد بن العباس الخزاز قال: أخبرنا مكرم بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن سعيد الجمال قال: سألت أبا نعيم عن زيارة قبر الحسين، فكأنه أنكر أن يعلم أين قبره.
وقال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين الازرق قال: أخبرنا جعفر بن محمد الخلدي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن يحيى بن زكريا قال: حدثنا اسماعيل بن أبان قال: أخبرنا حبان بن علي عن سعد بن طريف عن أبي جعفر عن أم سلمة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يقتل حسين على رأس ستين من مهاجري.
وقال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال: حدثني أبي قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثني هارون بن عبد الله قال: سمعت أبا نعيم يقول: قتل الحسين بن علي سنة ستين يوم السبت يوم عاشوراء وقتل وهو ابن خمس وستين أو ست وستين.
وقال الخطيب: أخبرنا عبيد الله بن عمر قال: قال أبي: وهذه الرواية لأبي نعيم وهم من جهتين في القتل والمولد، فأما مولد الحسين عليه السلام فانه كان بينه وبين أخيه الحسن طهر، وولد الحسن للنصف من شهر رمضان سنة ثلاث من الهجرة، وأما الوهم في تاريخ موته، فأجمع أكثر أهل التاريخ أنه قتل في المحرم سنة احدى وستين الا هشام بن الكلبي فإنه قال: سنة اثنتين وستين، وهو وهم أيضا.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: كتب الينا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن اسحاق الثقفي قال: حدثنا أبو الاشعث قال: حدثنا زهير بن العلاء قال: أخبرنا سعد بن أبي عروبه عن قتاده قال: قتل الحسين بن علي يوم الجمعة يوم عاشوراء لعشر مضين من المحرم سنة احدى وستين وهو ابن أربع وخمسين سنة وستة أشهر ونصف.
أخبرنا أبو حفص الكاتب - إذنا - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: قال أبو عبد الله الواقدي: قتل الحسين بن علي في صفر سنة احدى وستين وهو يومئذ ابن خمس وخمسين، حدثني بذلك أفلح بن سعيد عن ابن كعب القرظي قال: وأخبرنا محمد بن عمر عن أبي معشر قال: قتل الحسين بن علي لعشر خلون من المحرم قال الواقدي: وهذا أثبت.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا الحسين بن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: الحسين بن علي قتل بنهر كربلاء يوم عاشوراء في المحرم سنة احدى وستين وهو ابن ست وخمسين سنة.
وقال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا علي بن أحمد الرزاز قال: أخبرنا محمد ابن أحمد بن الحسن الصواف قال: حدثنا بشر بن موسى قال: حدثنا عمرو بن علي قال: وقتل الحسين بن علي، كان يكنى بأبي عبد الله، سنة احدى وستين وهو يومئذ ابن ست وخمسين سنة في المحرم يوم عاشوراء.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: الحسين بن علي بن أبي طالب، وابن فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم يكنى أبا عبد الله، ولد في ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل بالطف يوم عاشوراء سنة احدى وستين، وهو ابن خمس وخمسين وستة أشهر وكان قبره بكربلاء من سواد الكوفة، قتله سنان بن أنس النخعي، ويقال: قتله ابن ذي الجوشن الضبابي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابن بشران قال: أخبرنا الحسين ابن صفوان قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرت عن ابن عيينة قال: سمعت الهذلي يسأل جعفر بن محمد فقال: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة.
أنبأنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: قال محمد ابن أبي عمر عن ابن عيينة عن جعفر بن محمد قال: قتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين سنة، قال: أبو نعيم في يوم سبت يوم عاشوراء.
أنبانا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا سفيان عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: وقتل الحسين، يعني لثمان وخمسين.
قال ابن السمرقندي: أخبرنا عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا الحميدي قال: حدثنا سفيان قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: قتل علي وهو ابن ثمان وخمسين، ومات لها حسن وقتل حسين لها.
قال: وأخبرنا الخطبي قال: حدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا اسماعيل بن بهرام قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه ان الحسين عمر سبعا وخمسين سنة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا محمد بن أحمد الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا اسماعيل بن ابراهيم قال: حدثنا محمد بن جعفر بن محمد عن أبيه أن الحسين عمر سبعا وخمسين أو ثمان وخمسين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أنبأنا أبو غالب وأبو عبد الله ابنا البناء قالوا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني سفيان ابن عيينة عن جعفر بن محمد قال: قتل حسين وهو ابن ثمان وخمسين، قال: والحديث الاول في سنة أثبت، يعني ابن ست وخمسين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن اسماعيل الفضيلي قال: أخبرنا أبو القاسم أحمد بن محمد الخليلي قال: أخبرنا أبو القاسم الخزاعي قال: أخبرنا أبو سعيد الهيثم بن كليب قال: سمعت محمد بن صالح يقول سمعت عثمان يقول سمعت الفضل يقول: مات الحسين بن علي يوم السبت، يوم عاشوراء سنة ستين.

وقال أبو القاسم بن الحسن: أخبرنا أبو البكرات - يعني - ابن المبارك قال: أخبرنا أبو الفضل - يعني - ابن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء قال: حدثنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: أخبرنا أبي قال نعيم قال: وقتل الحسين بن علي في سنة ستين في آخرها يوماً.
وقال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: قال أبي: وثقتل الحسين يوم عاشوراء أول سنة ستين: وقال عمي أبو بكر: قتل الحسين بن علي في سنة إحدى وستين يوم عاشوراء وقتله سنان بن أبي اسن وجاء برأسه خولي بن يزيد الاصبحي جاء به إلى عبيد الله بن زياد.
أنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بنعلي قال: أخبرنا علي بن الحسن بن علي، ح.
قال: وأخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا الحسن بن الحسين النعالي قال: حدثني جدي لأمي إسحق بن محمد النعالي قالا: أخبرنا عبيد الله بن إسحق قال: حدثنا قعنب بن المحرز قال: وقتل الحسين سنة ستين يوم عاشوراء.
وأنبأنا أبو حفص المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله قل: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحد قال: أخبرنا حنبل بن إسحق قال حدثنا أبو نعيم قال: وحسين بن علي يوم السبت يوم عاشوراء سنة ستين، وهذا وهم.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابن رزق قال: أخبرنا محمد بن عمر الحافظ قال: حدثنا هيثم بن خالد قال: حدثنا ابن زنجويه قال: حدثنا أبو الأسود قال: قتل الحسين سنة ستين.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا عيسى بن عبد الله قال: قتل الحسين بن علي سنة ستين.
قال الخطيب وقول من قال سنة إحدى وستين أصح.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان، قال: حدثنا سلمة عن أحمد - يعني - ابن حنبل عن إسحق بن عيسى، ح.
قال: وأخبرنا ابن رزق قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد الله عن إسحق بن عيسى عن أبي معشر.
قال حنبل: وحدثنا عاصم بن علي قال: حدثنا أبو معشر قال: وقتل الحسين ابن علي لعشر ليال خلون من المحرم سنة إحدى وستين، واللفظ لحديث سلمة.
أنبأنا عمر بن جلرز وقال: قال أبو القاسم بن الحسن: أخبرنا أبو غالب بن البناء - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا عبيد الله بن عثمان بن خنيقاء قال: أخبرنا اسماعيل بن علي قال: حدثنا موسى بن اسحاق قال: حدثني من سمع أبا اسحاق قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثني من سمع أبا معشر السندي عن أصحاب المغازي أن الحسين بن علي قتل لعشر ليال خلون من المحرم سنة احدى وستين.
وقال: ابن طبرزد: أنبأنا أبو البركات الانماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: حدثنا الأحوص بن المفضل الغلأبي قال: حدثنا أبي قال: قال الواقدي: وقتل الحسين بن علي يوم عاشوراء في سنة إحدى وستين.
أنبأنا أبو محمد الحسن بن علي المرتضى قال: حدثنا أبو الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو طاهر بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو البركات بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو بشر الدولابي قال: حدثني أبو عبد الله جعفر بن علي الهاشمي، ثم العباسي قال: حدثنا محمد بن محمد بن أيوب قال: قتل الحسين بن علي بن أبي طالب يوم عاشوراء، وهو يوم الاحد لعشر مضين من المحرم بكربلاء سنة إحدى وستين، قتل معه من أخوته وولده وأهل بيته ثلاثة وعشرون رجلا.
أنبأنا زيد بن الحسن عن أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وقتل الحسين بن علي يوم عاشوراء سنة إحدى وستين بالطف بكربلاء وعليه جبة خز دكناء وهو صابغ بالسواد وهو ابن ست وخمسين.

وقال الزبير في موضع آخر: و الحسين بن علي ولد لخمس ليال خلون من شعبان سنة أربع من الهجرة، وقتل يوم الجمعة يوم عاشوراء في المحرم سنة أحدى وستين، قتله سنان بن أبي أنس النخعي، وأجهز عليه خولي بن يزيد الأصبحي من حمير وحز رأسه وأتى به عبيد الله بن زياد فقال:
أوقر ركأبي فضة وذهبا
أنا قتلت الملك المحجبا
قتلت خير الناس أماً وأبا
أخبرنا أبو حفص المكتب - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد - إجازة أن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا ابن بكير عن الليث بن سعد قال: وفي سنة إحدى وستين قتل الحسين بن علي وأصحابه لعشر ليال خلون من المحرم يوم عاشوراء يوم السبت.
وقال: أبو القاسم اسماعيل بن أحمد أخبرنا أبو الفتح نصر بن أحمد بن نصر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا محمد عن زيد بن علي قال: أخبرنا محمد بن محمد الشيباني قال: حدثنا هارون بن حاتم قال: حدثنا أبو بكر بن عياش قال: وقتل الحسين بن علي لعشر ليال خلون من المحرم سنة إحدى وستين.
قال أبو القاسم: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن عبد الرحمن، إجازة، قال: أخبرنا عبيد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة إحدى وستين أصيب فيها الحسين بن علي يوم عاشوراء. وقال أبو القاسم: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أبو بكر عمر بن حفص قال: حدثنا محمد ابن يزيد قال: وقتل الحسين بن علي يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين بكربلاء، وهو ابن سبع وخمسين سنة.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الاوقي - إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسين بن قشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وستين: الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله عليه السلام يوم عاشوراء، يعني قتل.
كتب إلينا أبو الحسن علي بن المفضل الحافظ أن أبا القاسم خلف بن عبد الملك بن بشكوال أجاز لهم: وقال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد، اجازة، قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف ابن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: والحسين بن علي بن أبي طالب استشهد بكربلاء من ناحية الكوفة يوم عاشوراء ليلة جمعة، سنة احدى وستين.
وقال أبو نعيم: قتل علي مع أبيه يوم عاشوراء في سنة ستين رضي الله عنه.
أنبأنا محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق النهاوندي قال: أخبرنا أحمد بن عمران الأشناني قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: قتل الحسين بن علي يوم الاربعاء وهو ابن ثمان وخمسين لعشر خلون من المحرم يوم عاشوراء سنة احدى وستين.
قال خليفة بن خياط: حدثني محمد بن معاوية عن سفيان عن أبي موسى قال: سمعت الحسن البصري يقول: أصيب مع الحسين ستة عشر رجلا من اهل بيته ما على وجه الارض يومئذ اهل بيت بهم شبيهون. الذي ولي قتل الحسين شمر بن ذي الجوشن، وأمير الجيش عمر بن سعد بن مالك. قال سفيان: قال جعفر بن محمد: قتل الحسين وهو ابن ثمان وخمسين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد قال: اخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثانية الحسين بن علي بن أبي طالب، ويكنى أبا عبد الله وأمه فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قتل رحمه الله بنهر كربلاء يوم عاشوراء في المحرم سنة إحدى وستين وهو ابن ست وخمسين سنة.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا الحافظ: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي.

وأنبأنا أبو القاسم عبد الصمد محمد بن الحرستاني عن أبي محمد السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان ابن زبر قال: حدثنا الهروي قال: حدثنا محمد بن صالح قال: قتل الحسين بن علي سنة إحدى وستين يوم عاشوراء ويم السبت وهو ابن ست وخمسين سنة، وقد قيل إنه قتل سنة اثنتين وستين.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا عبيد الله، يعني، ابن عمر بن شاهين قال: حدثني يحيى بن محمد قال: حدثنا محمد بن موسى بن حماد عن ابن أبي السري عن هشام بن الكلبي قال: وفي سنة اثنتين وستين قتل الحسين بن رضي الله عنهما يوم عاشوراء.
وقد ذكرنا عن الخطيب أنه قال: أجمع أكثر أهل التاريخ أنه قتل في المحرم سنة إحدى وستين إلا هشام بن الكلبي فإنه قال: سنة اثنتين وستين، وأوردنا عن ابن أبي السري عنه ما أوردناه، وقد نقل عن علي بن المديني أنه قتل سنة اثنتين وستين.
أخبرنا بذلك أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي - اذنا - قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي - إجازة ان لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا عبد الواحد بن محمد ابن عثمان قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن اسحاق قال: حدثنا اسماعيل بن اسحاق ابن اسماعيل قال: سمعت علي بن المديني قال: مقتل حسين سنة اثنتين وستين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال ابن لهيعة: كان قتل الحسين بن علي، وقتل عقبة بن نافع وحريق الكعبة في سنة واحدة سنة ثنتين أو ثلاث وستين.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن خنيقاء قال: أخبرنا أبو محمد الخطبي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبو نعيم قال: قتل الحسين بن علي يوم السبت، يوم عاشوراء، وقيل يوم الاثنين.
أخبرنا القاضي أبو نصر بن الشيرازي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن الحسن الكلاباذي قال: الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو عبد الله، أخو أبي محمد الحسن بن علي الهاشمي المديني، وأمهما فاطمة بنت رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال الواقدي: وماتت ليلة الثلاثاء لثلاث خلون من شهر رمضان سنة إحدى عشرة من الهجرة، وهي ابنة تسع وعشرين سنة أو نحوها، سمع أباه علي بن أبي طالب، روى عنه ابنه علي بن الحسين الأصغر في التهجد والخمس وغير موضع، ولد سنة أربع من الهجرة بعد أخيه الحسن، وولد أخوه سنة ثلاث من الهجرة، قال خليفة: وقتل يوم عاشورا، يوم الاربعاء سنة إحدى وستين.
قاله خليفة ومسدد.
ويروى عن جعفر عن أبيه قال: لم يكن بين الحسن والحسين إلا طهر، ومات الحسن في شهر ربيع الاول سنة تسع وأربعين وهو ابن سبع وأربعين وكان قد سقي السم.
قال الواقدي وابن نمير مثله. قال الواقدي: وفيها - يعني في سنة ثلاث - ولد الحسن بن علي في النصف من شهر رمضان، وفيها علقت فاطمة بالحسين، بين علوقها وبين ولادة الحسن خمسين ليلة، وقال الواقدي: وفيها: ولد الحسين - يعني في سنة أربع من الهجرة - في ليال خلون من شعبان.
وقال ابن أبي شيبة: قتل عاشوراء سنة احدى وستين.
قال ابن نمير: قتل في عشر من المحرم سنة احدى وستين، وهو ابن خمس وخمسين سنة.
وقال محمد بن سعد: قال الواقدي: قتل بنهر كربلاء، يوم عاشوراء سنة احدى وستين، وهو ابن ست وخمسين سنة.
وقال الذهلي: قال: قال يحيى بن بكير: قتل في صفر سنة احدى وستين، وسنة ست وخمسون سنة.
وقال ابن بكير مرة أخرى في سنة: ثمان وخمسون، وقال ابن أبي شيبة: مات في سنة ثمان وخمسين، ويقال: مات وهو ابن خمس وستين، ويقال ابن سبع وخمسين.
وقال الواقدي: والثبت عندنا أنه قتل في المحرم يوم عاشوراء، وهو ابن خمس وخمسين سنة وأشهر.

وقال أبو عيسى: قتل يوم السبت يوم عاشوراء سنة ستين.
وقال الواقدي: حدثني أفلح بن سعيد عن ابن كعب القرظي قال: قتل الحسين في ضفر سنة احدى وستين.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قالا: أنبأنا محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو نصر محمد بن أحمد بن علي الصيرفي - إذناً ومشافهة - أن القاضي أبا بكر أحمد بن الحسين الخرشي، أجاز لهم، قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن اسحاق قال: حدثنا محمد بن زكريا بن دينار قال: حدثنا ابن عائشة قال وقف سليمان بن قنة بمصارع الحسين وأصحابه بكربلاء فاتكأ على قوسه وجعل يبكي ويقول:
إن قتيل الطف من آل هاشم ... أذل رقاباً من قريش فذلت
مررت على أبيات آل محمد ... فلن أرها أمثالها يوم حلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منهم برغمي تخلّت
الم تر ان الأرض أمست مريضة ... لفقد حسين والبلاد اقشعرت
وكانوا رجاء ثم عادوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدنا محمد بن محمد الدهقان الامام بجامع بلخ، أنشدنا لسليمان بن قنه:
مررت على أبيات آل محمد ... فلن أرها أمثالها يوم حلّت
فلا يبعد الله الديار وأهلها ... وإن أصبحت منها برغي تخلّت
ألا أن قتلى الطف من آل هاشم ... أذلت رقاب المسلمين فذلّت
وكانوا غياثاً ثم أضحوا رزية ... لقد عظمت تلك الرزايا وجلّت
أخبرنا أبو المفضل مرجا بن محمد بن هبة الله بن شقرة - قراءةً عليه - قال: أنبأنا القاضي أبو طالب محمد بن علي الكتاني عن أبيه منصور عبد المحسن بن محمد بن علي قال: أنشدنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال أنشدنا أبو بكر أحمد بن القاسم بن نصر بن زياد النيسأبوري قال: أنشدنا أبو علي الحسن بن علي الخزاعي دعبل لنفسه:
مدارس آيات من تلاوة ... ومنزل وحي مقفز العرصات
لآل رسول الله بالخيف من منىً ... وبالبيت والتعريف والجمرات
قفا نسأل الدار التي خف أهلها ... متى عهدها بالصوم والصلوات
قال فيها:
فأما المصيبات التي لست بالغاً ... مبالغها مني بكنه صفاتي
قبور لدى النهرين من بطن ... كربلاء معرسهم منها بشط فرات
أخاف بأن أزدراهم ويشوقني ... معرّسهم بالجزع ذي النخلات
تقسّمهم ربب المنون فما ترى ... لهم عقوة مغشية الحجرات
خلا أن منهم بالمدينة عصبة ... مذودون أنضاء من الأزمات
قليلة زوّار خلا أن زوراً ... من الضبع والعقبان والرخمات
وكيف أداوي من جوى بي ... والجوى أمية أهل الكفر واللعنات
وآل زياد بالحرير مصونة ... وآل رسول الله بالفلوات
وآل رسول الله نحف جسومها ... وآل زياد غلظ الرقبات
ألم ترأني من ثلاثون حجة أروح ... وأغدو دائم الحسرات
أرى فيئهم في غيرهم متقسماً ... وأيديهم من فيئهم صفرات
إذا وتروا مدوا إلى واتريهم ... أكفاً عن الأوتار منقبضات
وهذه قصيدة شاعرة طويلة تزيد على خمسين بيتاً سنوردها ان شاء الله تعالى بكاملها في ترجمة دعبل بن علي الخزاعي.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو أسعد السمعاني قال: سمعت أبا السعادات المبارك بن الحسين بن عبد الوهاب الواسطي بالنعمانية - مذاكرة من حفظه - يقول سمعت القاضي أبا يوسف عبد السلام بن محمد القرويني يقول: اجتمعت - يعني - بأبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري فجرى بيننا كلام، فقال أبو العلاء: ما سمعت في مراثي الحسين بن علي رضي الله عنهما مرثية تكتب، قال: فقلت له: قد قتل رجل من فلاحي بلدنا أبياتا يعجز عنها شيخ تنوخ فقال لي: أنشدنيها، فأنشدته:
رأس ابن بنت محمد ووصية ... للمسلمين على قناة يرفع
والمسلمون بمنظر وبسمع ... لا جازع فيهم ولا متفجع
كحلت بمنظرك العيون عماية ... وأصمّ رزؤك كل أذن تسمع
أيقظت اجفاناً وكنت أنمتها ... وأنمت عيناً لم تكن بك تهجع
ما روضة إلاّ تمنت أنها لك ... تربة ولخط قبرك مضجع
فقال أبو العلاء: والله ما سمعت أرق من هذا.
قلت قد رثي الحسين رضوان الله عليه بأشعار كثيرة لو بسطت يدي الى إيراد جملة منها لطال ذكرها، وامتعها حصرها، فاقتصرت منها على هذا القليل خوفا من الاكثار، وتجنبا للتطويل.
الحسين بن علي بن عبيد الله:
ابن محمد بن عبد الله، أبي أسامة بن محمد بن بهلول أبي لأسامة، أبو القاسم الأسامي الحلبي، من ولد أسامة بن زيد، من بيت مشهور بحلب، كان فيهم الفضلاء والخطباء والمحدثون، وأبو القاسم هذا كان أديباً فاضلاً، شاعراً محدثاً.
أخذ الأدب عن أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي، وأبي العباس أحمد بن فارس الأديب المنبجي وأبي الحسين سعيد بن زيد الحمصي، وأبي العباس أحمد بن محمد النامي المصيصي.
وروى الحديث عن القاضي أبي محمد عبيد الله بن الحسين بن عبد الرحمن الصابوني الأنطاكي، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلاّم، وأبي عبد الله محمد بن عيسى بن اسحاق التميمي البغدادي - نزيل حلب - وأبوي بكر محمد ابن الحسين بن صالح السبيعي، ومحمد بن ابراهيم بن أبي أمية الطرسوسي، وأبي عمران موسى بن القاسم بن موسى بن الحسن بن موسى الأشيب، وأبي الحسين محمد بن عثمان الذهبي، وأبي القاسم يعقوب بن أحمد بن يعقوب بن ثوابة الحمصي وأبي علي عبد الصمد بن محمد بن عبد الرحمن بن يزيد، وأبي عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الصمد بن محمد بن شيبان الموصلي المعروف بابن عنزة، وأبي الحسن محمد بن جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي.
روى عنه أبو سعد اسماعيل بن علي السمان الحافظ، وأبو علي الحسن بن علي ابن محمد بن أحمد الوخشي القاضي، وأبو خازم محمد بن الحسين بن محمد بن خلف بن الفراء، وأبي القاسم الحسين بن علي المغربي الوزير، وأبو الفتح أحمد بن علي النخاس المدائني، ومشرق بن عبد الله الفقيه العابد.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا القاضي أبو سعد عمر بن علي بن الحسين المحمودي ببلخ، قال: حدثنا القاضي أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر الوخشي الحافظ، من حفظه في صفر سنة احدى وسبعين وأربعمائة قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين ابن علي بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة الحلبي قال: أخبرنا القاضي أبو علي الحسن بن علي بن محمد بن أحمد بن جعفر الوخشي الحافظ، قال: حدثنا أحمد بن شيبان الرملي قال: حدثنا سفيان بن عيينه عن الزهري عن السائب بن يزيد رضي الله عنه قال: أذكر اذ غزا النبي صلى الله عليه وسلم تبوكاً خرجنا مع الصبيان نتلقى الى ثنية الوداع زاد غيره في الحديث:
طلع البدر علينا من ثنيات الوداع.
وجب الشكر علينا ما دعا لله داع.
أخرجه البخاري عن علي.

أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن الشعري - في كتابها الينا غير مرة من نيسأبور - قالت: أخبرنا الامام أبو القاسم محمود بن عمر بن محمد الزمخشري - اجازة - قال: حدثني الأستاذ الأمين أبو الحسن علي بن الحسين بن مزدك قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو سعد اسماعيل بن علي بن الحسين السمان - اجازة - قال: حدثنا الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد بن أبي أسامة عبد الله بن محمد ابن أبي أسامة الحلبي - بها، لفظاً - قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن أحمد بن سلام الطرسوسي، فذكر حديثاً.
نقلت مما علقته من بعض الكتب من الفوائد، قال أبو خازم محمد بن الحسين ابن الفراء: أنشدني أبو القاسم الحسين بن علي بن أسامة بحلب في منزله بدرب الحطأبين قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي:
لم نكن نعرف العناق فلما ... كان يوم الفراق أبدوا عناق
وإذا كان في الفراق عناق ... جعل الله كل يوم فراقا
قلت: درب الحطابين نافذ من محال حلب، بالقرب من باب أنطاكية، بها كانت منازل بني أبي أسامة.
قرأت في أثناء رسالة من رسائل الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن المغربي قال: " وعلى ذكر التجني " فأنشدوني لشيخ لنا بحلب أعرفه، وما كان يفارق دارنا، ولم أسمع الشعر منه، وهو أبو القاسم بن أبي أسامة الحلبي:
يا من إذا ما تجنى خلت من حذر ... على مودته أني تجنيت
ثم سير إلى صديقنا ورفيقنا في السماع القاضي ضياء الدين أبو عبد الله محمد ابن اسماعيل بن أبي الحاج المقدسي ثم المصري يذكر لي أنه وقف على بعض تعاليق نقلت من خط الوزير أبي القاسم بن المغربي فشاهد فيها: أنشدني بعض أصدقائنا عن صديقنا أبي القاسم الحسين بن علي بن أبي أسامة الحلبي لنفسه:
يا من إذا ما تجنى خلت من حذر ... على مودته أني تجنبيت
لا تحسبني وإن طال التهاجر بي ... أني مللت ولا أني تناسيت
إذا الكريم رأى مالا يلائمه ... فخير ما صان فيه نفسه البيت
الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد:
أبو علي الرهاوي المقرىء، من أهل الرها، اشتغل بالقراءات، وسافر للقراءة على الشيوخ، فقرأ القراّن بحلب على أبي الطيب محمد بن الحسن الزّعري المقرىء،برواية أبي محمد اليزيدي وسنذكر اسناد قراءته في ترجمة أبي الطيب الزعري - ان شاء الله تعالى - وقرأ أيضاً على أبي عليّ أحمد بن محمد بن الحسن الأصبهاني، وعلى أبي بكر محمد بن أحمد الضرير، وعلى أبي العباس أحمد بن سعيد، وحدث عن أحمد بن صالح بن عمر بن القاسم البغدادي. روى عنه شيخه أبوعلي أحمد بن محمد الأصبهاني،وأبو محمد عبد العزيز الكتاني، وأبو علي الحسن بن القاسم الواسطي، وقرأ عليه، وله تصنيف في القراءات.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: الحسين بن علي بن عبيد الله بن محمد، أبو علي الرهاوي المقرىء، قرأ القراّن على أبي علي أحمد بن محمد ابن أحمد بن الحسن الأصبهاني برواية الحلواني عن هشام بن عمار، وقرأ على أبي بكر محمد بن أحمد الضريربحرف حمزة، وعلى أبي العباس أحمد بن سعيد، وكلن مصنفاً في القراءات، وحدث بدمشق وغيرها عن أحمد بن صالح بن عمر ابن القاسم البغدادي، وقرأ عليه أبو الحسن بن القاسم بن علي الواسطي، المعروف بغلام الهراس المقرىء، وروى عنه أبو علي أحمد بن محمد، وهو شيخه، وحكى عنه عبد العزيز الكتاني وفاة بعض شيوخ أهل دمشق.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد الشافعي قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: توفي أبو علي الحسين بن عبيد الله المقرىء استاذ أبي طاهر الخياط، يوم الخميس لاثنتي عشرة ليلة خلت من شهر رمضان سنة أربع عشرة وأربعمائة.
الحسين بن علي بن عمر بن عيسى:

أبو القاسم الحلبي، المعروف بابن كوجك العبسي القمي الاصل، شاعر مجيد من أهل حلب، وكان يورق حسناً. روى عن أبي مسعود كاتب حسنون المصري، وعن أبيه علي بن عمرو، وأبي بكر أحمد بن محمد الصنوبري الحلبي الشاعر، وأبي سعيد النصيبي، وأبي جعفر بن خلادة الانطاكي، وأبي القاسم بن المنتاب العراقي، وأبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان الحمداني. روى عنه ولده علي بن الحسين وغيره ولأبي بكر الصنوبري إليه أبيات.
قرأت في شرح شعر أبي فراس الحارث بن سعيد بن حمدان، الذي جمعه وشرحه أبو عبد الله بن خالويه أبياتا لأبي القاسم الحسين بن علي بن كوجك العبسي الحلبي، قالها في سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، لما بنى الحدث، وسكن أهلها بها، وقصدها نقفور مك الروم في جموع عظيمة، ونفر اليه سيف الدولة، فهرب عند اشرافه عليه، قبل اللقاء، وخلى أصحابه السلاح، فاشتد على سيف الدوة قرب نقفور، وذكر أبو عبد الله بن خالويه بعض القصيدة، وقال: انها قصيدة يصف فيها الحال، كيرة المحاسن، والأبيات التي ذكرها:
رام هدم الاسلام بالحدث المؤذن ... بنيانها بهدم الضلال
نكلت عنك منه نفس ضعيف ... سلبته القوى رؤوس العوالي
فتوقى الحمام بالنفس ولمال ... وباع المقام بالارتحال
تلاك الطير والوحوش سغابا ... بين تلك السهول والأجبال
ولكم وقفة قريت عفاة ... الطر فيها جماجم الأبطال
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم علي ابن الحسن الحافظ قال: الحسين بن علي بن كوجك أبو القاسم الكوجكي، حدث بطرابلس سنة تسع وخمسين وثلاثمائة عن أبي مسعود كاتب حسون المصري وعن أبيه علي، وأبي سعيد النصيبي، وأبي جعفر بن خلادة الأنطكي، وأبي بكر أحمد بن محمد الصنوبري الشاعر، وأبي القاسم بن المنتاب العراقي وغيرهم. كتب عنه بعض أهل الأدب، وأنشد له بعض هذه الأبيات:
وما ذات بعلٍ مات عنها فجأة ... وقد وجدت حملاً دوين الترائب
بأرض نأت عن والديها كلاهما ... تعاورها الوراث من كل جانب
فلما استبان الحمل منها تنهنهوا ... قليلاً وقد دبّوا دبيب العقارب
فلما غدا للمال ربا ونافست ... لاعجابها فيه عيون الكواعب
وكاد يطول الدرع في القد جسمه ... وقارب أسباب النهى والتجارب
وأصبح مأمولاً يخاف ويرتجى ... جميل المحيا ذا عذار وشارب
أتيح له عبر الذراعين محذر ... جرى على أقرانه غير هائب
فلم يبق منه غيل عظم مجرز ... وجمجمة ليست ذات ذوائب
بأوجع مني يوم ولت حدوجهم ... يؤم بها الى دون وادي غباغب
وقع إليّ جزء في مدائح الشيخ أبي جعفر محمد بن المهذب الكاتب كاتب العزيز والمعتز الفاطميين بمصر فقرأت فيه قصيدتين من شعر الحسين بن علي بن كوجك يمدح بهما أبا جعفر المذكور أحديهما نقلت منها:
ما وقوفي بمربع مجهول ... وسؤالي لرسم دارٍ محيل
درست آيه فأصبح ... كالوحي لنشر الصباوطي القبول
فتعفى فما به غير نوئي ... لائح في مجال رملٍ مهيل
يفتق البرق ما تنسج كف ... الرعد بين الربى وبين السهول
بعد أنس من الأنيس وأوقات ... سرور في ظل عيش ظليل
إذ شبابي رهن المجون لدى ... الحانة لا أرعوي لعذل عذول
ساحباً بردة الصبي خالعاً ... فيه عذاري الى وصال الشمول
يا ليالي الهوى سقيت فكم ... واصلت فيك المنى بخلٍ وصول
ابكر الراح بكرة في ندامي ... واصلوها في بكرة وأصيل
يترك العاقل اللبيب إذا ... واصل أقداحها بلا معقول
دع صفات اللذات وإله ... عن اللهو بمدح المسود البهلول
بأبي جعفر محمد الفاضل ... بابن المهذب المأمول

طاب فرعا ولم نزل نعرف ... الفرع قديما يزكو لطيب الأصول
ترب مجد سما باكليل فخر ... طال حتى علا على الاكليل
حسن البشر طيب النشر محمود ... السجايا مؤمل في المحول
كاتب ينثر البلاغة كالدر ... نظيما ما بين نظم الفصول
قلم في يمينه يقلم الخطب ... ويأتي على الزمان المهول
بين سنيه للوفود هبات ... ناطقات بصحة التأميل
يستقي الفهم عن فؤاد صحيح ... الرأي لا ذاهل ولا معلول
مرهف الحد مقبل الجدا ... مضى في الملمات من حسام صقيل
وأما القصيدة الاخرى فأولها:
نمت بمكنون الأسى أشجانه ... فغدت شهوداً في الهوى أجفانه
وتذكر الأوطان حين نأت به ... عن قربها أيامه وزمانه
شوق أمرمن الفراق يشوقه ... وجوى يهيج وهجه نيرانه
غربت به أيامه فطوته عن ... خلانه فبكى له أخوانه
وغدا وريعان الشباب يروعه ... بفراقه لما ارعوى ريعانه
لاح المشيب بعارضيه فصده ... فغدا قصيراً في المجون عنانه
وطوى الهوى طي المشيب شبابه ... فجفا حبائبه وهم أشجانه
قال في المدح يصف كتابته:
وإذا الصوارم والأسنة أرهفت ... فابن الدواة حسامه وسنانه
وإذا ثلاث بنانه ارتحلته في ... طرس أتى بالسحر منه بنانه
يدع الطروس إذا علاها نزهة ... من نظم نثر خطّه عقيانه
الحسين بن علي بن محمد بن اسحق:
ابن محمد بن أحمد بن اسحاق بن عبد الرحمن بن يزيد بن موسى، أو العباس ابن أبي الحسن الحلبي، من بيت العلم والحديث والقضاء بحلب. حدث هو وأبوه وجده وعم أبيه.
روى عن جده محمد وعم أبيه أبي جعفر قاضي حلب، وأبي القاسم القاسم بن ابراهيم الملطي، وعبد الرحمن بن اسماعيل الشاعر، والحسن بن رشيق، وأحمد بن محمد بن سعيد، والحسن بن يوسف بن مليح الطرائفي، وأبي بكر أحمد بن عمر ابن جابر الرملي ويعقوب بن المبارك ومحمد بن موسى بن يعقوب بن المأمون الهاشمي، والقاضي المحاملي، وأبي زرعة أحمد بن محمد بن عمان الرازي، والحافظ أبي سعيد عبد الرحمن بن أحمد بن يونس بن عبد الأعلى وحاتم بن عبد الله الجهازي المصري، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر الاسكندراني وأبي العباس ابن عقدة، وأبي بكر محمد بن عبد الرحمن بن السندي الهمذاني، وسمع منه بحلب.
روى عنه أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي، وأبو عبد الله محمد ابن أحمد بن محمد بن عمرو بن شاكر، وعلي بن أحمد النعيمي، وأبو عبد الله بن بكر، وأبو اسحاق ابراهيم بن أحمد الطبري.
قرأت بخط الامام أبي طاهر أحمد بن محمد الحنفي الحافظ، وأخبرنا به أبو علي حسن بن أحد بن يوسف الصوفي وغيره - إجازة عنه - قال: أخبرني أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الكرخي ببغداد قال: أنبأنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب الواسطي قال: حدثنا أبو العباس الحسين بن علي بن محمد بن اسحاق الحلبي - قدم علينا - قال: حدثنا محمد محمد بن عبد الرحمن بن السندي أبو بكر الهمذاني بحلب قال: حدثنا محمد بن سليمان بن فارس النيسأبوري صاحب التاريخ، قال: حدثنا رجاء بن عبد الكريم قال: حدثنا القعنبي عن مالك بن أنس عن زيد بن أسلم عن أبيه عن عمر بن الخطاب عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إن من الشعر حكمة.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو العباس الحسين بن علي بن محمد الحلبي ببغداد قال: حدثنا قاسم بن ابراهيم قال: حدثنا أبو أمية المختط قال: حدثني مالك بن أنس عن الزهري عن أنس بن مالك عن عمر ابن الخطاب قال: حدثني أبو بكر الصديق قال: سمعت أبا هريرة يقول: جئت الى النبي صلى الله عليه وسلم وبين يديه تمر، فسلمت عليه فرد عليّ وناولني من التمر ملء كفه فعددته ثلاثاً وسبعين تمرة، ثم مضيت من عنده الى علي بن أبي طالب وبين يديه تمر، فسلمت عليه، فرد علي وضحك إليّ وناولني من التمر ملء كفه، فعددته فإذا هو ثلاث وسبعون تمرة، فكثر تعجبي من ذلك، فرجعت الى النبي صلى الله عليه وسلم، فقلت: يا رسول الله جئتك وبين يديك تمر فناولتني ملء كفك، فعددته ثلاثا وسبعين تمرة، ثم مضيت الى عي بن أبي طالب وبين يديه تمر، فناولني ملء كفه فعددته ثلاثا وسبعين تمرة، فعجبت من ذلك، فابتسم النبي صلى الله عليه وسلم وقال: يا أبا هريرة أو ما علمت أن يدي ويد علي بن أبي طالب في العدل سواء.
قال الخطيب: حديث باطل بهذا الاسناد تفرد بروايته قاسم الملطي، وكان يضع الحديث.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن ززيق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسين بن علي بن محمد بن اسحاق بن محمد بن أحمد بن اسحاق بن عبد الرحمن بن يزيد بن عبد الرحمن، أبو العباس الحلبي، قدم بغداد، وحدث بها عن قاسم بن ابراهيم الملطي، والقاضي المحاملي، وأبي العباس بن عقدة، وحاتم بن عبد الله الجهازي المصري، وعلي بن عبد الله بن أبي مطر الأسكندراني وفي حديثه غرائب مستطرفة.
كتب عنه ابراهيم بن أحمد، أبو اسحاق الطبري المقرئ، وأبو عبد الله بن بكير، وحدثنا عنه القاضي أبو العلاء الواسطي، وعلي بن أحمد اليغمر، وما علمت من حالة إلاّ خيراً، وكان يوصف بالحفظ والمعرفة.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر في كتابه قال: كتب إلينا أبو اسحاق الحبال سنة ثمان وثلاثمائة - يعني - مات أبو العباس بن القاضي أبي الحسن بن يزيد الحلبي يوم الاحد، وأخرج يوم الاثنين لسبع خلون من جمادى الآخرة، حدث.
الحسين بن علي بن محمد بن دحيم بن طبس الحلبي:
أبو علي الطحان، قد تقدم ذكره، على ما نسبه أبو القاسم يحيى بن علي بن الطحان الحضرمي في كتابه الذي ذيل به على تاريخ ابن يونس وقال فيه: الحسين بن علي بن دحيم الحلبي الطحان، أبو علي، يروي عن الخرائطي، سمعت منه، وذكر أبو يعقوب القراب نسبه، كما أورده ها هنا.
روى عنه أبو سعد بن محمد الماليني.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي - في كتابه - قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب القراب قال: أخبرنا أبو سعد - يعني الماليني - قال: وأبو علي الحسين بن علي بن محمد بن دحيم بن طبس الحلبي، كتبت عنه بمصر، توفي في صفر سنة ست وثمانين ولاثمائة.
الحسين بن علي بن محمد بن جعفر:
أبو عبد الله الفقيه القاضي الصيمري الحنفي، من كبار الحنفيين وأعيانهم المصنفين.
سمع أبا الحسن علي بن عمر الدارقطني، وأبا حفص بن شاهين، وأبا حفص الكتاني، وأبا عبيد الله محمد بن عمران المرزباني، والحسين بن محمد بن سليمان الكاتب وأبا الفرج المعافي بن زكريا الحريري وأبا بكر هلال بن محمد بن أخي هلال الرازي، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي، وأبا بكر محمد ابن عدي بن زحر المنقري، وأبا بكر بن شاذان، وأبا بكر محمد بن أحمد المفيد الجرجرائي، وأبا الفتح يوسف بن عمر بن مسرور القواس، وعلي بن حسان الدممّي، وعبيسى بن علي بن عيسى الوزير، وأبا عبد الله الحسين بن محمد ابن أحمد بن القاسم الدهقان، وأبا الفضل الزهري.

وى عنه أبو بكرأحمد بن علي بن ثابت الخطيب، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني، وأبو محمد عبد العزيز بن الكتاني، وعلي بن أبي الهول، وأبو الحسن الحنائي، وأبو الوليد سليمان بن خلف الباجي، وله كتاب مصنف في مناقب أبي حنيفة رضي الله عنه، وشرح مختصرا أبي جعفر الطحاوي، واجتاز بحلب، أو ببعض عملها حاجاً على طريق الشام.
أنبأنا شيخنا العلامة أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا الخطيب أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني الحسين ابن علي الصيمري قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الله الحلواني قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن محمد بن سعيد قال: حدثني أحمد بن يوسف بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن بنان - وهو - ابن حمدان المدائني قال: حدثنا أبي ومروان بن شجاع، وسعيد بن مسلمة عن أبي حنيفة عن محمد بن المنكدر عن عثمان بن محمد عن طلحة بن عبيد الله قال: تذاكرنا لحم الصيد يأكله المحرم والنبي صلى الله عليه وسلم نائم فارتفعت أصواتنا فاستيقظ فقال: فيما تتنازعون؟ قلنا في لحم الصيد فأمرنا في أكله.
قال: وحدثنا أبي قال: حدثنا ابن جريح وسفيان الثوري عن ابن المكندر عن عثمان عن عبد الرحمن بن عثمان عن أبيه عن طلحة بن عبيد الله عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: الحسين بن علي ابن محمد بن جعفر أبو عبد الله القاضي الصيمري قدم بغداد وكان أحد الفقهاء المذكورين من العراقيين، حسن العبارة جيد النظر، ولي قضاء المدائن في أول أمره، ثم ولي بآخره الأضاء بربع الكرخ، ولم يزل يتقلده الى حين وفاته، وحدث عن أبي بكر المفيد الجرجرائي، وأبي الفضل الزهري، وأبي بكر بن شاذان، وعلي بن حسان الدممي، وأبي حفص بن شاهين، والحسين بن محمد بن سليمان الكاتب، وأبي حفص الكتاني، وأبي عبيد الله المرزباني، وعيسى بن علي بن عيسى الوزير، وغيرهم.
كتبت عنه وكان صدوقاً وافر العقل جميل المعاشرة عارفاً بحقوق أهل العلم، وسمعته يقول: حضرت عند أبي الحسن الدراقطني وسمعت منه أجزاء من كتاب السنن الذي صنفه، قال: فقرئ عليه حديث غورك السعدي عن جعفر بن محمد، الحديث المسند في زكاة الخيل وفي الكتاب غورك ضعيف، فقال أبو الحسن: ومن دون غورك ضعفاء، فقيل له: الذي رواه عن غورك هو أبو يوسف القاضي، فقال أعور بين عميان، وكان أبو حامد الاسفرائيني حاضرا، فقال: الحقوا هذا الكلام في الكتاب. قال الصيمري: فكان ذلك سبب انصرافي عن المجلس ولم أعد الى أبي الحسن بعدها، ثم قال: ليتني لم أفعل وإيش ضر أبا الحسن انصرافي، أو كما قال.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أبي العلاء وغيره قال: أخبرنا أحمد ابن سليمان بن خلف بن سعد الباجي قال: قال أبي أبو الوليد: أبو عبد الله الصيمري إمام الحنيفة ببغداد، وكان قاضياً عاقلاً خيراً.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الحسين بن علي بن محمد بن جعفر، أبو عبد الله القاضي الحنيفي، الفقيه المعروف بالصيمري سمع أبا بكر هلال بن محمد بن أخي هلال الرائي، وأبا بكر محمد بن عدي بن زحر المنقري، وأبا بكر محمد بن أحمد المفيد، وأبا الفرج المعافى بن زكريا الجريري، وأبا الحسن أحمد بن محمد بن عمران بن الجندي، وأبا الفتح يوسف بن عمر بن مسرور القواس وأبا عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد بن قاسم الدهقان، وأبا حفص بن شاهين، وأبا الحسن علي بن عمر الحزمي.
وقدم دمشق حاجاً، وحدث بها، فروى عنه من أهلها علي بن أبي الهول، وعلي الحنائي، وعبد العزيز الكتاني، ومن غيرهم أبو بكر الخطيب، وقاضي القضاة أبو عبد الله محمد بن علي الدامغاني.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: مات الصيمري في ليلة الاحد الحادي والعشرين من شوال سنة ست وثلاثين وأربعمائة، وكان مولده في سنة احدى وخمسين وثلاثمائة.
الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد:

أبو اسماعيل الدائلي المنشء الطغرائي الاصبهاني من ولد أبي الاسود الدئلي، كان كاتبا شاعرا حسن النظم والنثر، عارفا باللغة والأدب، وعلوم الاوائل، خدم السلطان ملكشاه، ووصل صحبته الى حلب في سنة تسع وسبعين وأربعمائة، ثم كتب بعده لابنه السلطان محمد على ديوان الانشاء والطغراء، فعرف بالطغرائي لذلك، وولاه الاشراف على المملكة ثم عزله، ثم كتب الطغراء للسلطان غياث الدين مسعود بن محمد، ثم استوزره بعد ذلك، وأسر معه في الوقعة التي كانت بينه وبين أخيه محمود، فقتله محمود، وكان مولده بعد الخمسين والاربعمائة.
روى بحلب شيئا من شعر غيره، رواه عنه أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي ابن منقذ، وروى عن أبي نصر الكشاني المقرئ شيئا من الحديث، رواه عنه الحافظ أبو طاهر السّلفي الاصبهاني، وروى عنه من شعره جماعة منهم أبو الفتح محمد بن علي بن محمد النطنزي، وأبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر الشهرزوري، وأبو الحسن علي بن الدردائي، وأبو السعادات هبة الله بن علي بن حمزة بن السجزي وأبو الفضل هبة الله بن الحسين الدباس، وأبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن منصور العروضي الأصبهاني، وأبو المظفر محمد بن أسعد بن الحليم الحنفي، وعبد الرحمن بن الأخوة، وولده محمد بن الحسين بن علي.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السّلفي الأصفهاني في تعليق له ذكر فيه أبا اسماعيل الطغرائي، وأبا نصر بن أبي حفص قال فيه: ونذكر الآن ما سبق به الوعد من إيراد شيء من شعر الرئيسين أبي نصر بن أبي حفص وأبي اسماعيل الأصبهانيين، إذ كان يضرب بالعراقيين بهما المثل في عصريهما، فضلا عن أصبهان مصرهما، وقد رأيتهما، ولم أسمع من أبي نصر شيئا من الحديث لا الشعر، كان يرويه عن أبي نصر الكشابي المقرئ.
أخبرنا القاضي أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن سعيد بن الخشاب الحلبي قال: حدثني الوزير نظام الدين أبو المؤيد محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي.
وأخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي العراقي قال: أخبرني عضد الدين مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ، والوزير نظام الدين محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين قالا: حدثنا مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن علي ابن منقذ قال: وردت مع أبي الى السلطان ملكشاه وهو نازل بقرا حصار من أرض حلب، قال: فذكر لأبي أن الهذيل بن محمد، ناظر الموصل والجزيرة مريض قال: فدخلنا الى خيمته نعوده، فوجدنا عنده مؤيد الدين أبا اسماعيل الطغرائي، وجرى بحضرته ذكر الشيب والشباب فأنشد مؤيد الدين أبو اسماعيل الطغرائي:
أقول ونوّار المشيب بعارضي ... قد افترلي عن لون أسود سالخ
أشيب وحاجات النفوس كأنما ... يجيش بها في الصدر مرجل طابخ
وما كلّ همي للمشيب وإن هوى ... بي الشيب عن طود من العزّ باذخ
ولكن قول الناس شيخ وليس ... لي على حادثات الدهر صبر المشايخ
قال: فسأله أبي وقال: يا سيدي هذه الأبيات لك؟ فقال: لا ولكنها لبعض شعراء خراسان.
قال أسامة. فأخذ والدي بكتفي وقدمني اليه، فلم يزل يكررها عليّ حتى حفظتها.
قال لي بهاء الدين أبو محمد بن الخشاب: قال لي الوزير نظام الدين: قال لي أسامة بن منقذ: فاسمع هذه الأبيات مني واروها عني عن جدك.
قلت: وهذه الأبيات لأبي أحمد محمد بن أحمد التمامي البوشنجي.
أخبرنا أبو هشام عبدج المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أنشدنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أنشدني أبو طاهر محمد بن الفضل بن محمد بن منصور العروضي الأصبهاني - املاء من حفظه ببلخ - قال: أنشدني الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ الكاتب لنفسه من لفظه بأصبهان.
ولقد أقول لمن يسدد سهمه ... نحوي وأطراف المنية شرع
والموت من لحظات أخزر طرفه ... يرنو وقلبي دونه يتقطع
تالله فتش عن فؤادي أولاً ... هل فيه للسهم المسدّد موضع
أهون به لو لم يكن في طيه ... عهد الحبيب وسره المستودع
وقال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو بكر محمد بن القاسم بن المطرزد الشهرزوري - املاء من حفظه - بالموصل قال: أنشدنا الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ لنفسه بأصبهان:

لا تجزعن إذا ما الهمّ ضقت به ... ذرعاً ونم وتودع فارغ البال
فبين غفوة عين وانتباهها ... تنقل الدهر من حال إلى حال
وما اهتمامك بالمجدي عليك ... وقد جرى القضاء بأرزاق وآجال
أنشدنا عبد المطلب بن أبي المعالي بن عبد المطلب - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا عبد الكريم بن محمد بن أبي المظفر قال: أنشدنا أبو السعادات هبة الله بن علي بن حمزة بن الشجري النحوي - من حفظه في دار الوزير الزينبي ببغداد وأبو الفضل هبة الله بن الحسين الدباس - املاء بالحلة السيفية.
وأنشدنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي الأصل قال: كتب الي أبو الفتح عثمان بن عيسى البلطي: أنشدني العقية زين الدين بن الحليم قالوا: أنشدنا الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ النفسة:
إذا ما لم تكن ملكاً مطاعاً ... فكن عبداً لمالكه مطيعا
وإن لم تملك الدنيا جميعاً ... كما تهواه فاتركها جميعا
هما سببان من ملك الدنيا ونسك ... ينيلان الفتى الشرف الرفيعا
فمن يقنع من الدنيا بشيء ... سوى هذين يحس بها وضيعا
قرأت بخط الحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل على الله البغدادي وأنبأنا عنه أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي قال: حدثني أبو المحاسن أحمد بن محمد بن عبد السلام بن محمد بن حفص الكاتب قال: أنشدني المولى عز الدين أحمد بن حامد المستوفي، ونحن على مسرّة قال كتبها إليّ أبو اسماعيل الطغرائي وهو على مسرّة:
فديتك قد تنبهنا لدهر ... عيون صروفه عنّا نيام
وجاد لنا الزمان بجمع شمل ... تألف بعدما انقطع النظام
مدام يشبه التفاح ذوباً ... وتفاح كما جمد المدام
ومن نسج الربيع محبرات ... تأنق في حواشيها الغمام
وريان الصبى للحسن فيه ... بدائع لا يحيط بها الكلام
لنا من قتل صدغيه نجاد ... ومن ألحاظ مقتله حسام
ومجلسنا على ما فيه يومي ... بنقصان وأنت له تمام
فلا تعتل بالأشغال واحضر ... على عجل وإلا السلام
قرأت بخط الامام أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل وغيره قال: ومن شعر الأستاذ أبي اسماعيل ما أنشدني محمد بن أبي القاسم البلخي قال: أنشدني محمد بن الفضل الحنيفي ببلخ قال: أنشدني الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ الأصبهاني لنفسه:
ولقد أقول لمن يسدد سهمه ... نحوي وأطراف المنية شرع
والموت من لحظات أخزر طرفه ... يرنو وقلبي دونه يتقطع
تالله فتش عن فؤادي أولا ... هل فه للسهم المسدد موضع
أهون به لو لم يكن في طيه ... عهد الحبيب وسره المستودع
قال السلفي: وقد أعارني أبو الحسن المالكي كتابا لمحمد بن محمود النيسأبوري بخطه وفيه شيء من بديع شعر الأستاذ أبي اسماعيل ومليحه الذي ظهرت مهارته فيه، وفي تنقيحه ومن ذلك قوله:
خليليّ هل بالأجرع الفرد وقفة ... عسى يلتقي مستودع ومضيع
فإن به فيما عهدنا سرحة ... يفئ لديها بالعشيّ قطيع
أياليت لي تعريجة تحت ظلها ... ولو أنني أعرى بها وأجوع
أضعت بها قلبا صحيحاً فليتني ... يرد عليّ اليوم وهو صديع
وإني لأستحيي من الشوق أن يرى ... فؤادي سليما ليس فيه صدوع
وقوله:
يظنون ما بي من هوىً مثل ما بها ... وهيهات إني في الهوى أمّة وحدي
وكيف تساوى الحال بيني وبينهم ... وأبرح ما يشكون أيسر ما عندي
ومن طول عشقي للهوى ورياضتي ... لنفسي على قرب الأحبة والبعد
أذم جفوناً ليس يقرحها البكا ... وأمقت قلباً لا يذوب من الوجد
قلت: وهذا الكتاب لأبي العلاء محمد بن محمود سماه سر السرور.

قرأت بخط قوام الاسلام أبي سعد السمعاني ما أخبرنا به شيخنا أبو هاشم الهاشمي قال أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني اسماعيل بن أحمد بن اسماعيل الباخرزي إملاء من حفظه في دارنا بمرو للأستاذ أبي اسماعيل المنشئ.
بالله يا ريح إن مكنت ثانية من ... صدغه فأقيمي فيه واستتري
وراقبي غفلة منه لتنتهزي لي ... فرصةً وتعودي منه بالظفر
ولو قدرت على تشويش طرّته ... فشوّشيها ولا تبقي ولا تذري
ولا تمسىّ عذاريه فتفتضحي ... بنفخة المسك بين الورد والصدر
وباكري بين ورد من مقبله ... مقابل الطعم بين الطيب والخصر
ثم اسلكي بين برديه على عجل ... واستبضعي الطيب وائتنى على قدر
ونبهيني دون القوم وانتفضي ... عليّ والليل في شك من السحر
لعل نفحة طيب منك ثانية ... تقضي لبانة قلب عاقر الوطر
أخبرنا عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أنشدنا أبو سعد بن أبي بكر المروزي قال: أنشدني أبو الفتح محمد بن علي بن محمد بن ابراهيم الأصبهاني بمرو قال: أنشدني الأستاذ أبو اسماعيل المنشئ لنفسه في غلام له اسمه أللمش، وكان واقفاً بين يديه، وكنت أخالسه النظر، فالتفت إليّ وقال: فهل طرق سمعك ما قلت فيه:
إيها فإني لا أطيق محرّشي ... وألمح جوأبي في عذار أللمش
وأنظر إليه ساخطاً أو راضياً ... وإن استطعت القول فيه فخرّش
لم أنس والميدان نهب حسنه ... نظاره إذ لاح فوق الأبرش
والريح تطرد عن مسيل عذاره ... صدغيه بين مسلسل ومشوش
في جانبي حسن ووشي فاخر ... من لم يغض الطرف دونهما عشي
ركض الجواد فأي قلب لم يطر ... شققاً وأية مقلة لم تدهش
ورمى فنازعها الاصابة مقله ... من أقصدته سهامها لم تنعش
ثم أنثني جذلان يفضح وشيه ... ديباج خدٍ بالعذار منقّش
ريان من ماء الصبى شرق به ... سكرانٍ من خمر الملاحة منتش
وأخبرنا أبو هاشم بن أبي المعالي قال: أنشدنا أبو سعد بن أبي بكر. قلت: ونقلته من خطه قال: أنشدني أبو الحسن علي بن أبي طاهر التاجر الأصبهاني من لفظه بسمرقند للأستاذ أبي اسماعيل المنشئ في مرثيه غلامه أللمش التركي:
يا أرض تيهاً فقد ملكت به ... أعجوبة من محاسن الصّور
إن قذيت مقلتي فلا عجب ... فقد حثوا تربه على بصري
لا غرو إن أشرقت مضاجعه ... فإنها من منازل القمر
قال: وقال فيه يرثي:
أخي ماذا دهاك وما أصابك ... دعوتك ثم لم أسمع جوابك
هب الأيام لم ترحم عويلي ... ولا حزني ألم ترحم شبابك
أنشدنا أبو علي حسن بن محمد بن اسماعيل القيلوي للاستاذ أبي اسماعيل الطغرائي.
وقال لي أنشدنيها نظام الدين محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين قال: أنشدني أبي الحسين قال: أنشدني أبي محمد قال: أنشدني أبو اسماعيل لنفسه:
ويا جيرتي بالجزع جسمي بعدكم نحيل ... وطرفي بالسهاد كحيل
عهدت بكم عصر الشبيبة مونقاً ... فخان وخنتم والوفاء قليل
وأودعتكم قلبي فلما طلبته مطلتم ... وشر الغارمين مطول
فإن عدتم يوماً تريدون مهجتي ... تمنعت إلا أن يقام كفيل
أخبرنا أبو هاشم الصالحي قال: أخبرنا عبد الكريم بن أبي بكر بن أبي المظفر قال: أنشدني أبو الفتح محمد بن علي بن محمد النطنزي - إملاء بمرو - وقال: أنشدني الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ لنفسه:
هي العيسى قودا في الأزمة تنفخ ... تمطى بها من عجمه الرمل برزخ
فلين الدجى عن غزة الصبح فاغتدت ... بحيث التقى منها وقوف ونوخ
كأن اللغام الجعد طار نساله ... على الجدار المرخاة برس مسبخ
عليها قطاف المشي أطول خطوها ... قذى الفتر إذ أدنى خطاهن فرسخ

بدور أكنتها خدور يجنها جناح ... خدارى من الليل أفتخ
فياظعنات الحي بالله عرجي ... على سلسلٍ من عبرتي يتنضخ
ويا نسمات الريح رفقاً بمهجتي ... ففي القلب نار كلما هجت تنفخ
ويا نار قلبي ما لجمرك كلما ... نضحت عليه الماء لا يتبوخ
لكم في جنوب العرض مسرى ومسرح ... للحب في جنبي مرسى ومرسخ
فمن مبلغ عني عداي ألوكة ... تؤم بها هام الا عادي وتشدخ
أفي كل يوم جلبة من عداوة ... تقرف أو شوك من الضغن تنتخ
ولسعة كيدٍ لو يرام بنفثها ... مناكب رضوى أوشكت تنفسخ
تطاولني قعس الضراب سفاهة ... وقد قصرت عني شماريخ بذخ
وما راعني هدر الفحالة قبلكم ... فارتاع من رز البكارة تقلخ
قلت: وهذه القصيدة مدح بها السلطان محمود بن محمد في أيام أبيه السلطان محمد عارض بها قصيدة ابن هانئ المغربي التي أولها:
سرى وجناح الليل أقتم أفتح ... مهاد ضجيع بالعبير مضمخ
وأخبرنا الشريف أبو هاشم الهاشمي قال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر القاضي املاءً بجامع الموصل قال: أنشدني الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ لنفسه:
تمنيت أن ألقاك في الدهر مرةً ... فلم أك من ذاك التمني بمرزوق
سوى ساعة التوديع دامت فكم منى ... أنالت وما قامت بها أملاً سوقي
فياليت أن الدهر كل زمانه ... وداع ولكن لا يكون بتفريق
وقال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو الفتح محمد بن علي بن النطنزي - إملاءً من حفظه بهمذان - قال: أنشدنا الاستاذ أبو اسماعيل المنشئ لنفسه من فلق فيه:
ملومكما فيما يقال مريب ... وحالكما في اللائمين عجيب
وإن الذي أسرفتمافي ملامه ... به من قراع الحادثات ندوب
فما سمعه للعاذلات بفرضةٍ ... ولا قلبه للظاعنين جبيب
إذا ما أتيت الغور غور تهامة ... تطلع نحوي كاشح ورقيب
يقولون من هذا الغريب وماله ... وفبم أتانا والغريب مريب
غدا في بيوت الحي ينشد نضوه ... ونحن نرى أن المضل كذوب
وما راعهم إلا شمائل ماجد ... طروب ألا إن الكريم طروب
ولو نام بعض الحي أو غاب ليلة ... لقرت عيون واطمأن جنوب
خليلي بالجرعاء من أيمن الحمى ... هل الجزع مرهوم الرياض مصوب
وهل نطفة زرقاء ينقشها الصبا ... هنالك سلسال المذاق شروب
فعهدي به والدهر أغيد والهوى ... بما صباه والزمان قشيب
بالسفح موشي الحدائق آهل ... وبالجزع مولى الرياض مصوب
بأبطح معشاب كأن نسيمه ... ثناء المجد الملك فيه نصيب
هو الازهر الوضاح أما مهزه ... فلدن وأما عوده فصليب
وقال: أنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدت القاضي أبو بكر محمد بن القاسم بن المظفر الاربلي بالموصل قال: أنشدني مؤيد الدين أبو اسماعيل المنشئ لنفسه في الشمعة. وانبأنا أبو الفتح داود بن المعمر الواعظ به عن أبي بكر بن الشهرزوردي:
ومساعد لي بالبكا مساهر ... بالليل يؤنسني بطيب لقائه
هامي المدامع أو يصاب بعينه ... حامي الاضالع أو يموت بدائه
يحيى بما يفني به من جسمه ... فحياته مرهونة بفنائه
ساوتيه في لونه ونحوله ... وفضلته في بؤسه وشقائه
هب أنه مثلي لحرقة قلبه ... وسهاده جنح الدجى وبكائه
أفوادع طول النهار مرفه ... كمعدب بصباحه ومسائه
قال: وأنشدنا أبو سعد السمعاني قال: أنشدني أبو الفضل هبة الله بن الحسين الدباس - إملاءً من حفظه بالحلة في رحبة جامعها قبل رحيل الحاج - قال: أنشدنا أبو اسماعيل الكاتب لنفسه:

أصالة الرأي صانتني عن الخطل ... وحلية العلم زانتني عن الخلل
ومنها:
أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي
قال أبو سعد السمعاني: وقرأت في كتاب وشاح دمية القصر يعني لأبي الحسن البيهقي للأستاذ أبي اسماعيل تمام هذه القصيدة بعد البيت الأول:
مجدي أخيرا ومجدي أولا شرع ... والشمس رأد الضحى كالشمس في الطفل
فيما الاقامة بالوزراء لا سكني ... بها ولا ناقتي فيها ولا جملي
فلا صديق إليه مشتكى حزني ... ولا أنيس إليه منتهى جذلي
أريد بسطة كف أستعين بها ... على قضاء حقوق للعلى قبلي
والدهر يعكس آمالي ويقنعني ... من الغنيمة بعد الكد بالقفل
حب السلامة يثني هم صاحبها ... عن المعالي ويرضى المرء بالكسل
إن العلى حدثتني وهي صادقة ... فيما تحدث إن العز في النفل
لو أن في شرف الثاوي بلوغ علىً ... ما جاوز الشمس يوماً نقطة الحمل
أعلل النفس بالآمال أرقبها ... ما أضيق العيش لولا فسحة الأمل
لم أرتض العيش والأيام مقبلة ... فكيف أرضى وقد ولت على عجل
غالى بنفسي عرفاني بقيمتها ... فصنتها عن رخيص القدر مبتذل
وعادة النصل أن يزهى بجوهره ... فليس يعمل إلا في يدي بطل
ما كنت أؤثر أن يمتد بي زمن ... حتى أرى دولة الأوغاد والسفل
تقدمتني أناس كان شيوطهم ... ورا خطوي لو أمشي على مهل
هذا جزاء امرىء أقرانه درجوا ... من قبله فتمنى فسحة الأجل
وإن علاني من دوني فلا عجب ... لي أسوة في انحطاط الشمس عن زحل
فاصبر لها غير محتال ولا ضجر ... في حادث الدهر ما يغني عن الحيل
أعدى عدوك أدنى من وثقت به ... فحاذر الناس واصحبهم على دخل
فإنما رجل الدنيا وواحدها ... من لا يعول في الدنيا على رحل
غاض الوفاء وفاض العذر وانفرجت ... مسافة الخلف بين القول والعمل
وشان صدقك عند الناس كذبهم ... وهل يطابق معوج بمعتدل
إن كان ينجع شيء في ثباتهم ... على العهود فسبق السيف للعذل
يا وارداً سور عيش كله كدر ... أنفقت صفوك في أيامك الأوّل
ملك القناعة لا يخشى عليه ولا ... يحتاج فيه الى الأنصار والخول
ترجو البقاء بدار لا ثبات لها ... فهل سمعت بظل غير منتقل
ويا خبيرا على الأسرار مطلعاً ... اصمت ففي الصمت منجاة عن الذلل
قد رشحوك لأمر فطنت له ... فاربأ بنفسك ن تعى مع الهمل
قلت: وهذه القصيدة من محاسن قصائده لا بل من محاسن شعر أهل عصره يسميها الناس لامية العجم تفضيلا لها على غيرها من أشعار العجم كما سموا قصيدة الشنفرى التي أولها:
أقيموا بني أمية صدور مطيكم ... فإني الى قوم سواكم لأميل
لامية العرب تفضيلا لها على غيرها من أشعار العرب، نظمها ببغداد في سنة خمس وخمسمائة يفتخر فيها ويشكو الاغتراب وأورد فيها من الحكم ما لا يخفى على المتأمل من ذوي الألباب.
أخبرنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت اسماعيل بن أحمد بن اسماعيل الباخرزي - إملاءً - يقول: دخل الأستاذ أبو اسماعيل المنشئ على بعض أكابر الدولة في مجلس الأنس فقدم إليه ثيابا رفيعة كرامة له، فكره ذلك حتى عرف فيه وأنشأ مرتجلاً:
وما ساقني فقر إليك وإنما ... أبى لي عزوف النفس أن أعرف الفقرا
ولكنني أبغي التشرف إنه سجية ... نفس حرة ملئت كبرا

أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: الحسين بن علي بن عبد الصمد الدئلي المنشئ أبو اسماعيل صدر العراق وشهرة الآفاق، غزير الفضل لطيف الطبع، جواد الخاطر، حسن المعرفة باللغة والأدب، أقوم أهل عصره بصنعة الشعر وإنشاء الرسائل، وكان محترما كبير الشأن جليل القدر، ورد بغداد وأقام فيها مدة طويلة، وكان يسافر مع العسكر الى الجبال والري وأصبهان الى أن شرق بفضله وكماله وقتل رحمه الله.
كذا ذكره وأسقط اسم جده محمد.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج المقدسي الصويتي - إجازة - قال: أخبرنا عماد الدين أبو حامد محمد بن محمد بن أخي العزيز قال في كتاب خريدة القصر: الأستاذ مؤيد الدين أبو اسماعيل الطغرائي المنشئ، الحسين بن علي بن محمد بن عبد الصمد الدئلي، من ولد أبي الأسود الدئلي من أهل أصبهان، الكبير الشأن، الصدر الوسيع الصدر، الرفيع القدر، الجزيل الفضل الجليل المحل، خدم السلطان العادل ملكشاه بن ألب أرسلان، وكان منشئ السلطان محمد مدة مملكته متولي ديوان الطغراء، ومالك قلم الإنشاء والفارع ذروة العلاء، والمقترع عذرة البيان، والمخترع فطرة المعاني الحسان، والمصرف يراعة البراعة، والمبرز في صياغة أبرز الصناعة، تشرفت به الدولة السلجوقية، وتشوقت إليه المملكة النبوية، وتنقل في المناصب، وتوقل في مراقب المراتب، وتولى الاستيفاء، وترشح للوزارة، واستبد بالحكم، وتوشح بالكفاية.
قال والدي رحمه الله: هو نسيبنا من قبل الأخوال، والمناسب بمناقبة حوالي الأحوال، لم يكن للدولتين الامامية والسلجوقية من يضاهيه في الترسل والانشاء سوى أمين الملك أبي نصر بن أبي حفص من أهل أصفهان، المنشئ في عهد نظام الملك، والفضل له لتقدمه، ولكن برز عليه في فنون العلم وحسن الاستعارة في النثر والنظم، وراض في العربية المصعب، فأصحب وسلك المذهب المذهب وأبدع المعنى المهذّب، وله معجز البلاغة المعجب، ومعرب الفصاحة المغرب، وشعره عبر الشعرى العبور علو عبارة وسموق استعارة، وسمو راية، وشروق آية، وتناسق مقصد وغاية وتناسب بداية ونهاية.
وأما نثره، فنثره الدراري ونثر الدرر، ومنثور الزهر، وأما خلائقه فمفطورة على الكرم موفورة بحسن الشيم، متأرجة بعرف العرف متموجة بماء اللطف متبلجة بنور الظرف، متوهجة بنار الحسن مبهجة بنور اليمن.

حدثني الأديب الامام محمد بن الهيثم بأصبهان عنه، وهو الذي سمعت شعره منه أنه كشف بذكائه سر الكيمياء المرموز، وعدم من عروس صنعته النشوز، واستخرج من معماه الكنوز، لم يزل مدة حياته مصدّرا في الدسوت موقراً بالنعوت حليفا بل جليسا أنيسا للسلاطين والملوك، محبرا بنظمه ونثره الوشي المحوك، فلما انتهت الأيام الغياثية المحمدية، واستوفت مدتها استأنفت الدولة المغيثية المحمودية جدتها، واستقر الشهاب أسعد في مكانه، وانتصب في منصب ديوانه، وكان السلطان مسعود بن محمد ملكا صغيرا، فاستوزر أبا اسماعيل، وروض به روض ملكه المحيل، وأصبح بالمؤيد مؤيدا، وبسداده مسددا حتى اتفقت بينه وبين أخيه السلطان محمود الحرب التي أودعت أهل الفضل الحرب، وفلت العلم والأدب، ولما مس عود مسعود العجم انكسر وأحجم مقدم جيوشه جيوشبك، وألقى قناع الهزيمة، وانحسر وأدرك الاستاذ رحمه الله فأسر، وطغى رأي الطغرائي في حقه، فسعى في حتفه خوفا على منصبه، فاحتال في نصبه وأعطى الرضا بعطبه، وفتك به وقت أسره، بل قدم قسرا وقتل صبرا قبل أنه ينبئه بأمره وينوه بقدره، واّزر الطغرائي الوزير وعانده التقدير، ففاز بالشهادة وختم له بالسعادة وذلك في سنة خمس عشرة وخمسمائة فهذا من جملة من قتله فضله، ورماه بنبل الهلك نبله وألحفه رداء الردى علمه، وشامه الأدب فهام به في تيه الحيرة وحسده الدهر فاغياله وقلص بعد السبوغ ظلاله، بل غار الزمان على مثله بين بغية الجهال فاسترده، وأخلق من الابتهاج بفضله ما أجده، هولا يعد في الشعراء، فهل أجل، والخاطر الاّخذ في وصف جوده خاطره، ومدح أزاهيره وزواهره أكل، وإنما هو معدود من الوزراء العظماء والصدور الكبراء الذين حازوا الأقاليم بالاقلام، وزلزلوا الأقدام بالإقدام وحاطوا الممالك من المهالك، وأطلعوا سناء النصر من سماء السنابك ونالوا الاّراب بالاّباء، وسألوا الأولياء بالاّلاء، وقادوا الكتائب بالكتب، وجادوا برواتب العوارف في عواري الرتب لا جرم لما أتلفوا عارية الثراء وتوطنوا الثراء عارين من المعاء كاسين من الفخار اعتاضوا بالثناء، وملكوا القبول من قلوب الفضلاء، وتخلدت ماّثرهم مأثورة ومفاخرهم مذكورة وفضائلهم باقية ومناقبهم في أفق البقاء بعد فنائهم متلالية، فكم شاد أبو اسماعيل أس معيل بالغنى هدم الفقر منه البنى، وأعدم الزمان منه المنى وهو الحسين الشهيد ربّ كرب وبلاء مثل سميه عليه السلام بكربلاء فلا جرم قاتله في النار والمشارك في دمه من الأشقياء الأشرار خاف أهل النقص والنفاق من نفاق سوق فضله فقتلوه وأهدروا دمه المعصوم حسدا لطوله وطول وطلوّه، وسنبين لك من أشعاره حقيقة شعاره، لقد أثار الدهر لإبقاء ثاره بقبح آثاره عثير عثاره، وأي كريم جرى القدر في إيراده على إيثاره، فلم يتطرق الكدر الى إصداره، وأي قمر لم يحظ بإبداره، فلم يحطّ به المحاق الى بيت سراره، وأي فاضل فاض له الحظ فما غاض، وأي كامل لم تصبه عين الكمال فاستكمل الأغراض جاه الجاهل كأنفاض الفاضل في نمو، وحظ العالم كلحظ الظالم في عتو والرجا ما له رواج والاقبال ما له على ذي الكرم معاج، ما تولى الإنشاء بعده في المملكة السلطانية من طول باعه وأهل رباعه، وإنما تولاه ذو النقص للنقص ولما عزّ الرأس رضعوا بالأخمص.
وذكر بعد هذا شيئا من شعره قد ذكرنا بعضه.

وذكره صديقنا ورفيقنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار في التاريخ المجدد لمدينة السلام، وأجاز لنا الرواية عنه، وقال: الحسين بن علي بن عبد الصمد الدئلي أبو اسماعيل المنشي المعروف بالطغرائي، من أهل أصبهان كان يتولى الطغراء للسلطان محمد بن ملكشاه، وهي علامة تكتب على التوقيعات، ثم ولاه الاشراف على المملكة في بعض الاوقات، ثم عزله وأمره بلزوم منزله، وكان ابنه أبو المؤيد محمد بن الحسين يلي الطغراء للسلطان أبي الفتح مسعود بن محمد بن ملكشاه، فلما قوي أمر مسعود في سنة ثلاث عشرة وخمسمائة قصده الاستاذ أبو اسماعيل ولجأ فتلقاه بالإكرام، وولاه الوزارة في شهر ربيع الأول من السنة المذكورة، ولقبه قوام الدين وسار في الجيش مع مسعود الى باب همذان لقتال محمود، فانهزم المعسكر المسعودي، وأخذ أبو اسماعيل الوزير أسيرا الى حضرة السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، فقتله، وكان من أفراد الدهر، ومن اعيان العصر، غزير الفضل كامل العقل، حسن المعرفة باللغة والأدب، أقوم أهل عصره بقراءة الشعر وكتابة الرسائل، وشعره ألطف من النسيم، وأرق من حواشي النعيم، وكان أطرف أهل زمانه قدم بغداد، وأقام بها مدة طويلة وجالس فضلاءها وروى بها شيئا من شعره، روى عنه من أهلها الشريف أبو السعادات ابن الشجري وعلي بن أحمد الدردائي ومحمد بن أسعد بن الحليم الفقيه الحنفي وعبد الرحمن بن محمد بن الاخوة.
وقال: كانت الوقعة بين السلطان محمود بن محمد بن ملكشاه، وأخيه مسعود ابن محمد بن ملكشاه بباب همذان في عصر يوم الخميس تاسع عشر ربيع الاول من سنة أربع عشر وخمسمائة فانهزم مسعود وعسكره، وأخذ من جملتهم الوزير أبو اسماعيل الطغرائي وأسوراً الى حضرة السلطان محمود، فأمر بقتله فقتل وقد جاوز الستين من عمره رحمه الله.
كذا قال في نسبه أيضا الحسين بن علي بن عبد الصمد، وأسقط اسم جده محمد، وإنما نقله كذلك من المذيل لأبي سعد السمعاني، والصحيح ما ذكرناه في أول الترجمة.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمد الشيباني المعروف بابن الأثير الجزري قال في تاريخه: كان الأستاذ أبو اسماعيل الحسين بن اسماعيل الطغرائي الأصبهاني قد اتصل بالملك مسعود فاستوزره فأشار على جيوشبك في جميع الجيوش لمحاربته، وبلغ ذلك الى السلطان محمود، فأرسل إليه والى أخيه مسعود يرغبهما ويعدهما الاحسان إن عاودا الطاعة ويتهدهما إن أصرا على المعصية، فلم يفعلا وسارا في العساكر الى السلطان ينتهزان الفرصة بقلة عسكره وتفرقهم، فجمع من قرب إليه من عساكره، فبلغت عدتهم نحو خمس عشرة ألف فارس والتقوا عند عقبة أسد أباذ في ربيع الاول من سنة أربع عشرة وخمسمائة فدام القتال بينهم الى الليل، ثم انهزم الملك مسعود وجيوشبك ومن معهما وأسر جماعة من أمراء عسكرهما والأعيان منهم الأستاذ أبو اسماعيل الطغرائي وزير مسعود فقتله السلطان وقال: قد صح عندي فساد اعتقاده ودينه وكان قد جاوز ستين سنة.
قرت بخط أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني وأخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا شجاع كيخسره بن يحيى بن الحسين بن باكير الشيرازي يقول: قتل الأستاذ أبو اسماعيل المنشئ في أوخر سنة ثلاثة أو أربعة عشرة وخمسمائة: قال أبو سعد هكذا ذكر أبو شجاع. قال: ورأيت في بعض تعاليقي القديمة عن أبي الفتح محمد بن علي النطنزي أن الأستاذ أبا اسماعيل المنشئ قتل في سنة ثماني عشرة وخمسمائة.
وقال: أخبرنا أبو سعد السمعاني - وشاهدته أنا بخطه - قال: سمعت أبا الفرج مسعود بن أبي الرجاء المقرب بن محمد الأصفهاني التميمي يقول: قتل الأستاذ أبو اسماعيل سنة خمس عشرة وخمسمائة قتله محمود السلطان.
قلت: والصحيح أنه قتل في سنة أربع عشرة وخمسمائة.
قرأت بخط الوزير أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين في التاريخ الذي جمعه وذيل به مختصر الطبري قال: في حوادث سنة أربع عشرة وخمسمائة في هذه السنة قتل الأستاذ أبو اسماعيل الطغرائي، وكان وزير السلطان مسعود أسر في الكسرة المذكورة، وكانت فضائله في الشعر والرسائل والحكمة مشهورة.
ذكر ذلك بعد ذكر كسرة السلطان محمود بن محمد أخاه مسعوداً.

وفي حاشية الكتاب بخط الوزير نظام الدين أبي المؤيد محمد بن الحسين بن محمد بن الأستاذ أبو اسماعيل المنشئ ماصورته: وكان يتولى لأبيه السلطان محمد ديواني الإنشاء والطغراء، وكان ممن أسر في هذه الوقعة، وقتل صبرا، وكان من الفضلاء المتقدمين بالشعر والكتابة وغيرهما.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن أبي الحسن بن نصر البسطامي ببلخ قال: سمعت محمد بن علي الأبريسمي الطبيب يقول لي وهو عند السلطان طغرل بن محمد بن ملكشاه وقد نزل مريضا من سفره حين ورد بلخ بقرية طغاباذ، فعالجه من مرضٍ حاد قال: قال لي: أنا أتأذى من أصوات العصافير في هذه الدويرة، فقلت له: مر بعض الغلمان يصيدهم بقوس الجلاهق، فقال: بل أحتمل فإنها سكنتها وتوطنتها، فتبسمت فقال لي: ما هذا التبسم؟ قلت: سبحان من جعلك بمرضك الى هذا الحد من الرقة، وقد قتلت مثل الأستاذ أبي اسماعيل الكاتب في فضله وغزارة علمه وكفايته! قال: فتوردت وجنتاه وقال: الفضل الخالي من الفضول ممدوح.
قلت: هكذا قال أبو شجاع البسطامي وأوده في كتاب أدب المريض والعائد سماع شيخنا أبي هاشم منه، والمشهور أن الذي قتل أبا اسماعيل السلطان محمود علي ما ذكرناه عن العماد الكاتب وغيره، وهو الذي كانت الوقعة بينه وبين أخيه مسعود وأسر فيها أبو اسماعيل، ويحتمل أن السلطان طغرل قتله بأمر أخيه محمود قبل أن تفضي إليه السلطنة أو أنه سعى في قتله، فقال له الطبيب ما قال، والله أعلم.
نقلت من خط أبي سعد السمعاني: أخبرنا شيخنا أبو هاشم قال: أخبرنا أبو سعد قال: سمعت أبا شجاع عمر بن أبي الحسن البسطامي الإمام ببخارى مذاكرة يقول: قال شافع الطبيب الجرجاني: ودخلت على السلطان طغرل بن محمد ابن محمد ملك شاه بهراة، وكان مريضا، فقال لي: يا فلان أنا تحت شجرة وعليها عصافير تؤذيني بصياحها، فقلت له: يا مولانا تأمر الغلمان ومعهم قوس البندق يضربونها ويفرقونها فقال: لا يجوز هذا أن أنفرها من أوكارها وآثم بذلك، فتبسمت، فقال لي: لم تتبسم؟ فقلت يا مولانا تقتل الأستاذ أبا اسماعيل المنشئ مع ما فيه من الفضل، والساعة تحترز من تنفير العصافير! فقال لي يا شافع الفضل ينبغي أن لا يكون معه الفضول، فإذا كان في الفاصل الفضول يهلكه.
قال: ثم سمعت اسماعيل بن أحمد بن اسماعيل الباخرزي أن الأستاذ أبا اسماعيل قتله محمود بن محمد بن ملكشاه قال: وأنا لا أشك فيه.
قلت: هكذا ذكر السمعاني في المذيل عن أبي شجاع البسطامي قال شافع الطبيب الجرجاني، وأن ذلك بهراة، وأخبرنا شيخنا عن أبي شجاع وذكره في المريض والعائد قال: سمعت محمود بن علي الابريسمي الطبيب، وذكر أن ذلك بقرية طغاباذ من عمل بلخ، والظاهر أن الوهم وقع من أبي سعد، وأنه كتبه من حفظه واشتبه عليه والله أعلم.
الحسين بن علي بن محمد:
ابن علي بن اسماعيل بن الحسين بن زيد بن الحسين بن علي بن أبي طالب أبو عبد الله الحسني القمي المعروف باميركا، قدم حلب وافداً على الأمير سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، وكان شيخا مسنا، له ذكر، ويعرف أبوه بشكنبه، ذكره الحسين بن جعفر بن خداع النسابه في كتاب المعقبين من ولد الحسن والحسين رضوان الله عليهما فقال: وكان الحسين بن علي بفرغانة، وأمه أم ولد، قدم أبو عبد الله المعروف باميركا وهو الحسين بن علي بن محمد بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن الى حلب وأنا بها في سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، ثم توجه الى مصر فقدمها، وهو بها يعرف بالقمي، فأقام بها نحواً من أربع سنين، وخرج الى الشام متوجهاً الى بلده.

قرأت بخط محمد بن أسعد الجواني في ذكره الحسين بن علي بن محمد بن علي ابن اسماعيل بن الحسن بن الحسن بن أمير الؤمنين علي ابن عم رسول الله صلى الله عليه وسلم، أبو عبد الله أمريكا القمي قدم حلب في أيام سيف الدولة أبي الحسن علي بن حمدان سنة سبع وأربعين وثلاثمائة، وهو أول من أذن في الليل وقال في أذانه: محمد وعلي خير البشر، فتوفي بمنبج سنة أربع وثمانين وثلاثمائة وله فوق المائة سنة أبوه علي يعرف بشكنبه تفسيره بالعربية الكرش هكذا وجدته في هذا الموضع بخطه ابن أسعد، وقد أسقط زيداً بين الحسن والحسين وهو وهم، ثم قرأت بخط في كتاب الجوهر المكنون من تأليفه: شكنبة في بني الحسن ابن علي، ولد علي شكنبه ومن الناس من يقول إشكنبه وهو اسم عجمي، وهو اسم الكرش، وهو علي بن محمد بن علي بن اسماعيل بن الحسن بن زيد بن الحسن بن علي بن علي بن أبي طالب عليه السلام، ومن ولده الحسين المعروف باميركا بن شكنبه فذكره ها هنا على الصحة في نسبه فبان أن ذلك كان سهوا من القلم، والله أعلم.
لا نعلم أن الأذان المشروع غير في أيام سيف الدولة، وإنما كان ذلك في أيام ولده سعد الدولة أبي المعالي شريف، فقد كان أميركا أول من أذن في أيام سعد الدولة.
الحسين بن علي بن محمد بن يوسف بن بحر بن بهرام بن المرزبان:
أبو القاسم بن أبي الحسن الكاتب، جد أبي القاسم الوزير، وعرف أبوه أبو الحسن بالمغربي لأنه كان يختلف عن ديوان المغرب، فنسب إليه، ولد ببغداد ونشأ بها، وقدم حلب واستكتبه سيف الدولة أبو الحسن بن حمدان، وحظي عنده، ومات في أيامه بحلب، وكان كاتبا مجيداً شاعراً حسن النظم والنثر، روى عن أبيه وعن الأمير محمد بن ياقوت. روى عنه أبو الحسن علي بن الحسين، وقد استقصينا نسبه في ترجمة ابن ابنه أبو القاسم الوزير، وذكرنا ما وقع فيه من الخلاف قرأت بخط الوزير نظام الدين محمد بن الحسين بن محمد بن أبي اسماعيل المنشئ قال الوزير - هو - أبو القاسم المغربي: أنشدني أبي قال: أنشدني أبي قال: أنشدني محمد بن ياقوت الأمير الذي كان بالعراق:
كأن الثريا راحة تشبر الدجى ... لتدري أطال الليل لي أم تقوضا
فأعجب بليل بين شرق ومغرب ... يقاس بشبر كيف يرجى له إنقضا

وجدت بخط الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسن بن علي المغربي ما صورته: قول في النخلة لجدي أبي القاسم الحسين بن علي بن محمد بن يوسف ابن بحر بن بهرام بن المرزبان بن باذام بن بلاش بن فيروز بن يزدجرد بن بهرام جور رضي الله عن: فأما ذات الطول المديد، والقوام بغير تأويد، المخصوصات بالطلع النضيد، والمزينات بالسعف والجريد، الممنوحات عمومة الأنساب الباقيات على مرور الأحقاب، المطعمات في المحل أنواع الرطاب، فبدو خلقها من التراب، وفيها معتبر لذوي الألباب، تبدو من نواة عابسة، ضئيلة يابسة، ثم من خوصة مهينة ضعيفة غير متينة، حتى اذا برزت من الأرض، وظهرت للهواء المحض، ونشأت فيها صنعة التلوين بتقدير ذي القوة المتين، نهضت نهوض المسرع الحثيث وعدت من الودي والجثيث، ثم انثعلت بالكرب وأنسغت بالقلب، وانتشرت بخضر العواهن، وفعدت في أزكى الأماكن، ثم ألمت، وتزعزعت واهتجنت وأينعت، واشتملت بملاحف الليف، وسهلت سبيل ممتاحها بدرج الكرانيف، وصارت من الصنوان وغير الصنوان، وظهرت في أحسن القوام والألوان، وأبرزت طلعها الهضيم فتبسم عن اللؤلؤ النظيم، وتدلت عثاكيل الاعريض وشماريخ الغضيض في العراجين المخضرة والأهن المصفرة، فتغير بالهواء كونها، وحال عن البياض لونها، وأجنت طلعها غضة مهوة، وبدلتها بيضاء معوة، ثم أتت بالعجب العجاب، وتضوعت عن ريا الشباب، وتراءت خاضبه في أحسن منظر، وتشبهت ناصعة بالزبرجد الأخصر حتى اذا ما الصيف منحها أرواحه، ونقل عليها مساءه وصباحه، وطبخها حر الهجير، ولونها صنع القمر المنير تهادت في حللها المصفرة، ورياطها المحمرة، وتبرجت بغرائد عقودها، وأذنت بانجاز موعودها، وأظهرت الزهو بعد الشقح، وتزعفرت غبّ اخضرار البلح، وتنقلت بلطيف التدبير في بديع التصوير، وتجلت في حليها بحلى العرائس، ولبست من ثمارها أزين الملابس، وراقت عيون الناظرين، ووعدت أنامل الخارفين، وفاخرت طيب الأكال، وشارفت غاية الكمال، فلان من ثمرها ما كان صلباً، وسهل منه ما كان صعبا، وساغ لمجتنيه وأنعم قرى متضيفيه، وصارت من أكرم الزاد، وعدت من الرزق الحسن للعباد، وكثرت أخواتها من منن الخالق الجواد، فوكنت وذنّت وجزعت وحلقت واهصرت، وانخضدت وعمها الترطيب فانسبتت وانسكبت فيها ينأبيع الضرب في أظرف ظروف وأرق أهب ثم قبّت وجمدت وانتهت فهمدت، وبلغت أجل التمام وأذنت بالجذاذ والصرام، فماحت ممتارها، وأكرمت زوارها، وصارت عصمة للحاضر وثباتا للمسافر فبالها من ثمرة ما أكرمها، ومن موهبة ما أعظمها ومن دلالة على الصانع القديم ما أحكمها، ولو لم تكن كذلك لما كرر الله وصفها ولا أعاد في الكتاب ذكرها، ولا اعتد على عباده بما رزقهم منها، يقول جل من قائل: " ومن ثمرات النخيل والأعناب تتخذون منه سكرا ورزقا حسناً إن في ذلك لآيات لقوم يعقلون " وفي قوله عز اسمه " وفي الأرض قطع متجاورات وجنات من أعناب وزرع ونخيل صنوان وغير صنوان تسقى بماء واحد ونفضل بعضها على بعض في الأكل إن في ذلك لأيات لقوم يتفكرون " وفي قوله عز اسمه " وأنبتنا به جنات وحب الحصيد والنخل باسقات لها طلع نضيد رزقا للعباد " وفي قوله حكاية عن نبيه صالح عليه السلام في معاتبته لأسرته واعتداده على عترته: " أتتركون فيما هاهنا آمنين في جناتٍ وعيون وزروع ونخل طلعها هضيم ولما جعلها في رتبة جنته ولا أعدها من جزاء أهل طاعته " ، وفي قوله تبارك وتعالى حين وصف الجنتين فقال جل ذكره: " فيها فاكهة ونخل ورمان فبأي آلاء ربكما تكذبان " ولما جعل اسمها طيبا في الأسماء أصلها ثابت وفرعها في السماء، ولا ضرب الله بها الأمثال وأثنى عليها في كل حال فقال تقدست أسماؤه: " وضرب الله مثلاً كلمة طيبة كشجرة طيبة أصلها ثابت وفرعها في السماء تؤتي أكلها كل حين بإذن ربها ويضرب الله الأمثال للناس لعلهم يتذكرون " فأعلمنا تبارك وتعالى أنها تطعم في الشتاء طلعا هنيا، وفي الصيف رطباً جنيا، ولما كرم الله بها خير نساء العالمين حين نزل عليها الروح الآمين فقال: " وهزي اليك بجذع النخلة تساقط رطبا جنيا واشربي وقري عيناً " فجعل للبكر البتول بها أعظم الآيات وفي فنائها أكبر البينات، فتبارك الله أحسن الخالقين، والحمد لله رب العالمين، وصلى الله على سيد المرسلين محمد وآله الطاهرين.

نقلت من خط ابن صاعد الكاتب، ما ذكر أنه نقله من خط الوزير أبي القاسم ابن المغربي قال: ولجدي أبي القاسم الحسين بن علي رضي الله عنه:
إن شكوى المرء فيما نابه ... خور في نفسه مما نزل
واطراح الفكر في دفع الأذى ... خور في عقل من عنه عدل
فانف عنك الهم بالعزم ودع ... عقلك الجم معدّاً للحيل
قرأت في رسالة من رسائل الوزير أبي القاسم الحسين بن علي بن الحسين بن علي ذكر فيها أن أصله من البصرة، وانتقل سلفه عنها في فتنة البريدين، قال: وكان جد أبي، وهو أبو الحسن علي بن محمد يخلف على ديوان المغرب، فنسب به الى المغربي، وولد جدي الأدنى ببغداد في سوق العطش منشأ وتقلد أعمالا كثيرة منها تدبير محمد بن ياقوت عند استيلائه على أمر المملكة، وكان خال أبي، وهو أبو علي هارون بن عبد العزيز الاوارجي المعروف الذي مدحه المتنبي محققا بصحبة أبي بكر محمد بن رائق، فلما لحق ابن رائق مالحقه بالموصل سار جدي وخال أبي الى الشام والتقيا بالإخشيد وأقام والدي وعمي رحمهما الله بمدينة السلام وهما حدثان الى أن توطدت أقدام شيوخهما بتلك البلاد، وأنفذ الإخشيد غلامه المعروف بفاتك المجنون الممدوح المشهور فحملهما ومن يليهما الى الرحبة، وسار بهما على طريق الشام الى مصر، وأقامت الجماعة هناك الى أن تجددت قوة المستولي على مصر فانتقلوا بكليتهم وحصلوا في حيزّ سيف الدولة أبي الحسن علي ابن حمدان مدة حياته، واستولى جدي على أمه استيلاءً تشهد به مدائح لأبي نصر ابن نباتة فيه، ثم غلب أبي من بعده على أمه وأمر ولده غلبةً تدل عليها مدائح أبي العباس النامي، وذكر تمام الرسالة.
وذكر أبو غالب همام بن المهذب المعري في تاريخه انه لما عقد سيف الدولة الفداء مع الرروم واشترى أسرى المسلمين بجميع ما كان معه من المال واشترى الباقين، رهن عليهم أبا القاسم الحسين في كاتبه وبدنته الجوهر المعدومة المثل وكان ذلك سنة أربع ةوخمسين وثلاثمائة، فقد توفي على ما ذكه في هذه السنة أو في التي بعدها، فان سيف الدولة توفي سنة ست وخمسين وثلاثمائة، وقد أشارأبو القاسم الوزير في رسالته الى ما يدل على أن جده توفي في حياة سيف الدولة وأن أباه غلب من بعد جده على أمره.
الحسين بن علي بن نصر:
أبو المحاسن الاستاذ شاعر مدح نظام الملك بحلب أو ببعض عملها فانه مدحه بالشام ولم يجاوز نظم الملك عمل حلب من الشام، ذكره أبو الطيب الباخرزي في دمية القصر فقال: الأستاذ أبو المحاسن الحسين بن علي بن نصر خدم المجلس العالي يعني نظام الملك بهذه اللامية التي أولها:
لو ساعفتني سلوة تتعلل ... لفككت نفسي من وثاق العذل
ولرحت عن ثقل الغرام مرفهاً ... ولكنت من حمل الكلام بمعزل
منها:
حدث إذا افتتح الكلام حسبته ... يتلو عليك من الكتاب المنزل
منها:
قال الذي من قبل هذا لم يقل ... فقل الذي من قبله لم يفعل
فالشرق يشكره بأعذب منطقٍ ... والغريب يذكره بأفصح مقول
أوطأت أرض الشام جيشاً مقبلا ... لا يسألون عن السواد المقبل
من كل ملتهب العرام مجادل ... ركب الحصان كأجدلٍ في مجدل
قال الباخرزي: قلت: انظر كيف جمع بين المجادل والأجدل والمجدل. ومنها:
فكما أردت سل البرايا واحتكم ... وكما اشتهيت سق القضايا وافعل
الحسين بن علي بن يزيد بن داوود بن يزيد:

أبو علي الصائغ النيسأبوري الحافظ، رحل في طلب الحديث وطاف البلاد ودخل الشام في طلب، الحديث والاسناد، وسمع بحلب يحيى بن علي بن محمد الحلبي ابن بنت أبي سكينة وبأنطاكية محمد بن عبد الرحمن بن سهم الأطاكي، والفضل بن محمد الأنطاكي، وبدمشق أبا الحسن أحمد بن عميربن جوصاء واسماعيل بن محمد بن اسحاق العذري، وبغزه الحسن بن الفرج الغزي صاحب أبي بكر، وببغداد عبد الله بن محمد بن ناجيه وقاسم بن زكريا المطرز، وبالموصل أبا يعلى الموصلي، وبمكة المفضل بن محمد الجندي، وبمصر أبا عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي وببلده نيسأبور جعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، وإبراهيم بن أبي طالب وعبد الله بن محمد بن شيرويه، وعلي بن الحسن الصفار، وبهراة أبا علي الحسن بن ادريس الأنصاري ومحمد بن عبد الرحمن الساميوبنسا الحسن بن سفيان، وبالري إبراهيم بن يوسف الهسنجاني وعلي بن الحسن بن سالم الأصبهاني، وبمرو عبد الله بن محمود السعدي، وبجرجان عمران بن موسى ابن مجاشع الجرجاني وبأصبهان محمد بن نصير، وبالكوفة محمد بن جعفر الفتات وأبا العباس بن عقدة، وبالبصرة أبا خليفة القاضي ومحمد بن عثمان بن أبي سويد الذارع البصري وبواسط جعفر بن أحمد بن سنان وبتستر أحمد بن يحيى بن زهير، وبالأهواز عبدان بن أحمد العسكري وبمرو الروذ يوسف بن موسى المرورودي، وبالرقة محمد بن علي بن الحسن الرقي.
روى عنه الحافظ أبو محمد يحيى بن صاعد، وأبو الحسن بن جوصاء وأبو العباس بن عقدة، وأبو عبد الله محمد بن اسحاق بن مندة، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن جعفر الجرجاني وأبو أحمد العسال، وإبراهيم بن محمد حمزة، وأبو طالب أحمد بن نصر والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع، وأبو عبد الرحمن السلمي، وأبو بكرأحمد بن اسحاق بن أيوب وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه وأبو طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن يعقوب وأبو سليمان بن زبر وأبو بكر محمد بن ابراهيم المقرئ.
أخبرنا والدي أبو الحسن أحمد وعمي أبو غانم محمد ابنا هبة الله بن أبي جرادة، وأبو عبد الله محمد بن الحسين بن الماجور بحلب، وأبو البركات الحسن ابن محمد بن الحسن وأبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل الأنصاري بدمشق، والسلار بهرام بن محمود بن بختيار الأتباكي وولده محمد بالمزة، قالوا: أخبرنا أبو المظفر سعيد بن سهل بن محمد الفلكي قال: حدثنا أبو الحسين علي بن أحمد ابن محمد المديني قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين بن موسى السلّمي قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن علي الحافظ قال: أخبرنا محمد بن علي بن الحسن الرقي قال: حدثنا سليمان بن عمر الرقي قال: حدثنا اسماعيل بن عليّة قال: حدثنا روح بن القاسم قال عن العلاء عن أبيه عن أبي هريرة رضي الله عنه النبي صلى الله عليه وسلم قال: أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا اله إلاّ الله ويرضوا بي وبما جئت به فإذا فعلوا ذلك عصموا مني دماءهم وأموالهم إلاّ بحقها وحسابهم على الله عز وجل.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا الامام أبو الفتوح أسعد بن أبي الفضائل بن خلف العجلي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم اسماعيل بن محمد بن الفضل، قراءة عليه وأنا أسمع، ح.
وأخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني، في كتابه إلينا من مرو، قال: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار في كتابه الينا من نيسأبور قال: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور قالوا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي ابن عبد الله بن خلف قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن حمدويه النيسأبوري قال: أخبرني أبو علي الحافظ قال: حدثني يحيى بن علي بن محمد الحلبي - بحلب - قال: حدثني جدي محمد بن ابراهيم بن أبي سكينة قال: حدثنا محمد بن الحسن الشيباني قال: حدثنا أبو حنيفة عن محمد بن شهاب الزهري عن سبرة بن الربيع الجهني عن أبيه أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى عن متعه النساء يوم فتح مكة.
وقال الحاكم: سمعت أبا علي يقول صحف فيه أبو حنيفة لإجماع أصحاب الزهري على روايته عنه عن الربيع بن سبره عن أبيه.

قلت: هذا القول تحامل من أبي علي الحافظ ومن الحاكم أبي عبد الله على أبي حنيفة رضي الله عنه، حيث نسبه الخطأ في ذلك إلى أبي حنيفة، ولم ينسبه الى من هو دونه فإن يحيى بن علي بن محمد الحلبي رواه عن جده محمد بن ابراهيم بن أبي سكينة الحلبي عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة، فلم اختص أبو حنيفة بالخطأ دون هؤلاء، وقد ذكر أبو محمد بن حيان البستي أن محمد بن ابراهيم بن أبي سكينة ربما أخطأ، فكان نسبه الخطأ إليه أولى من نسبته الى امام من أئمة المسلمين، وقد نظرت في مسانيد أبي حنيفة رضي الله عنه وهي مسنده الذي جمعه الحافظ أبو أحمد بن عدي، ومسنده الذي جمعه الحافظ أبو الحسين بن المظفر، ومسنده الذي جمعه أبو القاسم طلحة بن محمد بن جعفر الشاهد، ومسنده الذي جمعه أبو نعيم الحافظ ومسنده الذي جمعه أبو عبد الله الحسين بن محمد بن خسرو البلخي وذكر في كل منها ما أسنده أبو حنيفة رضي الله عنه عن محمد بن مسلم بن شهاب الزهري، وذكروا حديث متعة النساء، فمنه ما هو مروي عن محمد بن الحسن عن أبي حنيفة عن الزهري عن محمد بن عبيد الله عن سبرة الجهني عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه ما رواه أيوب بن هانئ وشعيب ابن اسحاق والصلت بن الحجاج كلهم عن أبي حنيفة عن الزهري عن محمد بن عبيد الله عن سبرة عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنه ما رواه القاسم بن الحكم عن أبي حنيفة عن الزهري عن ابن سبرة عن أبيه عن النبي صلى الله عليه وسلم، ومنهما رواه سعيد بن سالم عن أبي حنيفة عن الزهري عن رجل من آل سبرة عن سبرة، ولم يذكر أحد منهم في طريق من طرق الحديث المشار إليه في رواية أبي حنيفة عن سبرة بن الربيع عن أبيه فبان بذلك أن الخطأ إنما وقع من محمد بن ابراهيم أو من ابن بنته يحيى، أو أنه وقع الخطأ من كاتب النسخة التي لأبي علي الحافظ فنسبه ذلك الى أبي حنيفة رضي الله عنه تحامل وظلم وعدوان.
أخبرنا أبو الفضل جعفر بن علي بن يحيى الهمذاني، في كتابه إلينا من الاسكندبرية، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: سمعت أبا سهل غانم بن محمد الحداد الأصبهاني ببغداد يقول: سمعت أبا بكر أحمد بن الفضل المقرئ الباطرقاني بأصفهان يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن اسحاق بن منده الحافظ يقول: سمعت ابا عليالحسين بن علي النيسأبوري، وما رأيت أحفظ منه، يقول: ما تحت أديم السماء كتاب أصح من كتاب مسلم بن الحجاج.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل - قراءة عليه بالقاهرة - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السّلفي قال: سمعت القاضي أبا الفتح اسماعيل بن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ يقول، يعني في دذكر أبي علي الحافظ: سمعت الحاكم يقول: لست أقول تعصبا لانه أستاذي، ولكن لم أر مثله قط.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الانصاري قال: أنبأنا أبو المظفر القشيري عن أبي سعيد محمد بن علي بن محمد الخشاب قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: وسألته - يعني الدارقطني - عن أبي علي الحافظ النيسأبوري فقال: مهذب امام.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: كتب إليّ أبو نر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا بكر محمد بن عمر القاضي ابن الجعأبي الحافظ يقول: أبو علي استاذي في هذا العلم.
قال: وسمعت أبا زكريا السكري وهو يحيى بن أحمد الفقيه يقول: سمعت أبا يعلى حمزه بن محمد العلوي يقول: ما رأيت بخراسان أحفظ للحيث من أبي علي ولقد جهدت به ان ينشط في الخروج الى بلادنا ليقضي الواجب من حق علم، فلم يفعل.
أنبأنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن المقير قال: أخبرنا أبو المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري في كتابه قال: حدثنا محمد بن طاهر المقدسي قال: سمعت ابا زكريا الحافظ يقول سمعت عمي أبا القاسم الحافظ يقول: سمعت أبي عبد الله بن منده الحافظ يقول: ما رأيت في اختلاف الحديث والاتقان أحفظ من أبي علي الحسين بن علي بن داود النيسأبوري.

أخبرنا أبو القاسم بن الطفيل قال: أخبرناأخبرنا أبو الطاهر السلفي قال: سمعت أبا الفتح الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليلي الحافظ يقول: سمعت من يحكي عنه، يعني عن أبي علي الحسين بن علي، قال: دخلت الكوفة فدققت على ابن عقده بابه، فقال: من؟ فقلت: أبو علي النيسأبوري الحافظ، فلمل دخلت عليه ذاكرني وقال: أنت الحافظ؟ فقلت: نعم قال: لعلك تحفظ ثيابك، فلما رجعت من الشام لقيته فذاكرني، ثم قال: أنت والله أبو علي الحافظ قد غلبتني.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الخطيب قال: حدثت عن أبي عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ النيسأبوري قال: سمعت أبا علي الحافظ يقول: كتب عني أبو محمد ابن صاعد غير حديث في المذاكرة، وكتب عني بن عمير جملة من الحديث.
وقال أبو عبد الله: وسمعت أبا بكر بن أبي دارم الكوفي الحافظ بالكوفة يقول: وسألني عن أبي علي الحافظ، ثم قال: ما رأبت العباس بن عقده لأحد من حفاظ الحديث كتواضعه لأبي علي النيسأبوري وقال أبو عبد الله: سمعت أبا علي يقول: اجتمعت ببغداد مع أبي أحمد العسال وابراهيم بن حمزة، وأبي طالب، وأبي بكر بن الجعأبي، وأبي أحمد الزيدي فقالوا: يا أبا علي تملي علينا من حديث نيسأبور مجلسا نستفيده عن آخرنا، فامتنعت فما زالوا بي حتى أمليت عليهم ثلاثين حديثاً، ما أجاب واحد منهم في حديث إلاّ ابراهيم بن حمزة في حديث واحد، أمليت عليهم عن أبي عمرو الحيري عن اسحاق بن منصور عن أبي داودعن شعبة عن الأعمش عن أبي صالح عن أبي هريرة عن نبي صلى الله عليه وسلمقال: من أطاعني فقد أطاع الله، الحديث، فقال: إبراهيم حدثنا عن يونس بن حبيب عن أبي داوود فقلت: لا تبعد أن تجيب في حديث من حديث أهل بلدك.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن أبي القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي - إجازة - قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: وسمعت أبا عمرو بن أبي عثمان العدل يقول: رأيت أحمد بن عمر الدمشقي ينتخب من حديث أبي علي ويقرأ عليه، قال: وسمعت أبا عبد الله الزبير ابن عبد الواحد الحافظ بأسد أباذ يقول: كنا في السفر أسنّ من أبي علي، وهو أحفظ منا، وكنا نكتب بانتخابه وما رأيت لأبي علي قط إلاّ روايته عن عبد الله بن وهب الدينوري وابن جوصاء وقال: سمعت أبا علي يقول: وردت على عبدان الأهوازي فأكرم موردي وكان يتبجح بي ويبالغ في تقريبي وإعزازي واكرام موردي ويجيبني الى كل ما، ألتمسه من حديث الى ان ذاكرته غير مرة واستقصيت عليه في المذاكرة والمطالبة، فتغير لي، وقد عرف من أخلاقه أنه كان يحسد كل من يحفظ الحديث.

وسمعت أبا علي يقول: قال لي أبو بكر بن عبدان غير مرة: يا أبا علي قد رزقت من قلب هذا الشيخ ما لم يرزق غيرك فلا تستقص عليه في المذاكرة وارفق به فقد طعن في السن، فكنت أتكلف أن اسامح في المذاكرة، فذكر ما عند حبيب بن أبي ثابت عن سعيد بن جبير عن ابن عباس ان النبي صلى الله عليه وسلم سمع رجلا يلبي عن شبرمة، فقلت: من عن حبيب؟ قال: ليث بن أبي سليم، فقلت: يا أبا محمد هذا حبيب بن أبي عمرة وليس بابن أبي ثابت، فتغير وأسمعني، وقال لي: تواجهني بمثل هذا، فقمت وقلت لأصحابنا: والله لأطعمنه من لحمه في ذكر حبيب ابن أبي ثابت، فلما كان يوم مجلسه ابتدأت أذاكره حبيب بن أبي ثابت فخرج إلي وامتنع في أحاديث كنت سألته عنها من سؤالاته، فقضي أن ابا العباس بن سريح ورد العسكر وأنا بها فقصدته وأخبرته حالي، فقال: من عزمي أن أدخل علي أبي محمد، فإذا دخلت فسله بحضرتي، فدخل عليه القاضي أبو العباس فسألته عن حديث ابن عون عن الزهري، وسأله أبو العباس فأخرج الاصل وحدثنا به قال: حدثنا عن الزهري عن سالم عن أبيه أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا افتتح الصلاة كبر ورفع يديه وإذا ركع وإذا رفع رأسه من الركوع. قلت لأبي علي: ايش علة هذا الحديث؟ قال: لا أعرف علة له، قلت: يقال إنه عن محمد ابن يحيى القطعي عن محمد بن بكر البرساني عن ابن جريج فقال أبو علي: ليس هذا الحديث عند البرساني، عن ابن جريج وعبدان ثبت حافظ، وإنما حدثنا به من أصل كتابه. قال أبو علي: فلما منّ الله علي بسماع هذا لم أبال بغيره، قلت لأبي علي: قد حدث به غير عبدان عن محمد بن يحيى القطعي، قال: من؟ قلت: حدثناه عمر البصري قال: حدثنا الحسن بن عثمان التستري قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي، فقال أبو علي: ألا يستحي عمران يحدث عن هذا التستري، هذا كذاب يسرق، وإنما سرقه من عبدان.
قال: وسمعت أبا علي يقول: أتيت أبا بكر بن عبدان فقلت: الله الله، تحتال في حديث سهل بن عثمان العسكري عن جنادة عن عبيد الله بن الفضل عن عبيد الله ابن أبي رافع عن علي حديث افتتاح الصلاة، فقال: يا أبا علي قد حلف الشيخ أن لا يحدث بهذا الحديث وأنت بالأهواز، فشق علي ذلك، فأصلحت أسبأبي للخروج، ودخلت عليه وودعته وشيعني جماعة من أصحابنا ثم انصرفت واختفيت في موضع الى يوم المجلس، وحضرته متنكرا من حيث لم يعلم بي أحد، فخرج وأملى الحديث من أصل كتابه، وكتبته، وأملى غير حديث مما كان امتنع علي فيها، ثم بلغني بعد ذلك أن عبدان قال: لبعض أصحابه: فوتنا أبا علي النيسأبوري تلك الأحاديث، فقيل له: يا أبا محمد غنه كان في المجلس، وقد سمع الأحاديث فتعجب من ذلك.
أنبأنا أبو بكر بن عبد الله بن عمر القرشي قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ محمد بن عبد الله قال: حضرنا مجلس الشيخ أبي بكر بن اسحق، وأبو عبد الله محمد بن يعقوب الأخرم وأبو علي الحافظان حاضران فأملى علينا الشيخ أبو بكر عن ابراهيم بن يوسف الهسنجاني عن أبي الطاهر عن ابن وهب عن يونس عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من أدرك من الصلاة ركعة فقد أدركها كلها.

فقال أبو علي: هذا لا تحفظه الاّ من حديث عبيد الله بن عمر عن الزهري فقال أبو عبد الله: بلى في حديث حرملة عن ابن وهب عن يونس: فقد أدركها كلها، فقال أبو علي: حدثنا ابن قتيبة عن حرملة ولم يقل فيه كلها، فقال أبو عبد الله: حدث به مسلم بن الحجاج عن حرملة وقال فيه: كلها، وجرى بينهما كلام كثير، وقام أبو عبد الله، وكان أبو علي: يهابه هيبة الولد لأبيه، فلما كان المجلس الثاني عند الشيخ حضرا جميعاً، وقعد أبو عبد الله عن يمينه وأبو علي عن يساره، فأخرج أبو عبد الله كتاب مسلم بن الحجاج بخط مسلم عن حرمله وفيه كلها فقال أبو علي من لا يحفظ الشيء فإنه يعذر، فقال أبو عبد الله: من ينكر مثل هذا تعرك اذنه، وتفك أسنانه، فامتلأ أبو علي من ذلك غيظاً، وهم أبو عبد الله بالقيام فقال له أبو علي: اقعد فإن بيننا حساب آخر، قال: وما هو؟ قال: حدثت عن كشمرد عن حفص عن ابراهيم بن طهمان بالحديثين، وقد تفرد بهما أحمد بن حفص عن أبيه فقال أبو عبد الله: لم احدث، قال: بلى، أبو القاسم وأبو حفص ابنا عمر ثقتان، وقد سمعاه منك، فقال أبو عبد الله: لإن كنت حدثت به فقد رجعت عنه، فقال: لك غير هذا، قال: مثل ماذا؟ قال: حديث في تخريجك القديم على كتاب مسلم عن أحمد بن سلممة عن محمد بن المثني عن محمد بن جهضم عن اسماعيل بن جعفر عن خبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم: إذا قال المؤذن الله أكبر الله أكبر، والآن فقد حدثت به عن علي ابن الحسن عن محمد بن جهضم، فقال أبو عبد الله: كلاهما عندي، وقد حدثت بهما، وهذا حديثي إن شئت حدثت بالنزول وإن شئت بالعلو، فقال أبو علي: لا يرتقى من النزول الى العلو، وأنت تحفظ حديثك، أخرج إلينا حديث علي بن الحسن ثم تفرقا، وصبحت أبا عبد الله بن يعقوب، فسمعته غير مرة في الطريق يقول: هذا جزاء من لم يمت مع أقرانه، وكنت أبا علي بعد ذلك نادماً على ما قال في ذلك اليوم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي القاسم الشحامي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي - اجلزة - قال: سمعت أبا عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا علي الحسين بن علي الحافظ يقول: كنت أختلف الى الصاغة وفي جوارنا بباب معمر فقيه كراميّ يعرف بالوالي، فكنت أختلف اليه بالغدوات، وآخذ عنه الشيء بعد الشيء من مسائل الفقه، فقال لي أبو الحسن الشافعي: يا أبا علي لا تضيع أيامك، ما تصنع بالاختلاف الى الوالي وبنيسأبور من العلماء والأئمة عدة، فقلت: الى من اختلف؟ فقال: الى ابراهيم بن أبي طالب، فأول اختلفت في طلب العلم إلى ابراهيم بن أبي طالب سنة أربع وتسعين ومائتين، فلما رأيت شمائله وسمته، وحسن مذاكرته للحديث، حلا في قلبي، فكنت أختلف إليه وأكتب عنه الأمالي، فحدث يوماً عن محمد بن يحيى عن اسماعيل بن أبي أويس، فقال لي بعض أصحابنا: لم لا تخرج الى هراة فإن بها شيخاً ثقة يحدث عن اسماعيل بن أبي أويس، فوقع ذلك في قلبي، فخرجت إلى هراة وذلك في سنة خمس وتسعين ومائتين.
قال: وسمعت أبا علي الحافظ يقول: استأذنت أبا بكر محمد بن اسحاق بن خزيمة في الخروج الى العراق سنة ثلاث وثلاثمائة فقال: توحشنا مفارقتك يا أبا علي، وقد رحلت وأدركت الأسانيد العالية، وتقدمت في حفظ الحديث ولنا فيك فائدة وأنس فلو أقمت؟ فما زلت به حتى أذن لي الى الري وبها علي بن الحسن بن سلم الأصبهاني وكان من أحفظ مشايخنا وأثبتهم وأكثرهم فائدةً، فأفادني عن ابراهيم بن يوسف الهسنجاني وغيره من مشايخ الري ما لم أكن أهتديت أنا إليه ودخلت بغداد وجعفر الفريابي حيّ وقد أمسك عن التحديث ودخلت عليه غير مرة وبكيت بين يديه، وكنا ننظر اليه حسرةً، ومات وأنا ببغداد سنة أربع وثلاثمائة، وصليت على جنازته.
قال الحاكم: انصرف أبو علي من مصر الى بيت المقدس ثم حج حجة أخرى، ثم انصرف الى بيت المقدس وانصرف الى الشام الى بغداد وهو باقعة في الحفظ لا يطيق مذاكرته أحد ثم أنصرف الى خراسان، ووصل الى وطنه ولا يفي بمذاكرته أحد من حفاظنا.

قال: وسمعت أبا علي يقول: قال لي أبو بكر محمد بن اسحق: يا أبا علي لقد أصبت في خروجك الى العراق والحجاز، فإن الزيادة على حفظك وفهمك ظاهرة، ثم عن أبا علي أقام بنيسأبور الى سنة عشر وثلاثمائة يصنف ويجمع الشيوخ والأبواب وجوّدّها، ثم حملها الى بغداد سنة عشرٍ ومعه أبو عمرو الضغير فأقام ببغداد وليس بها أحفظ منه إلاّ أن يكون أبو بكر الجعأبي فإني سمعت أبا علي يقول: ما رأيت من البغداديين أحفظ منه، ثم إن أبا علي خرج الى مكة ومعه أبو عمرو، فحج وخرج الى الرملة وأبو العباس محمد بن الحسن بن قتيبة حي ثم أنصرف أبو علي إلى دمشق، ثم إن أبا علي جاء الى حران وانتخب على أبي عروبة، ثم ان أبا علي انصرف الى بغداد فأقام بها حتى نقل ما استفاد من تصنيفاته في تلك الرحلة وذاكر الحفاظ بها، ثم إن علي انصرف من العراق، ولم يرحل بعدها إلاّ الى سرخس وطوس ونسا.
أنبأنا أبو المظفر عبد الرحيم بن أبي سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني والقاسم بن عبد الله بن عمر الصفار. قال السمعاني: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، وقال الصفار: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور. قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيع قال: سمعت الفقيه أبا بكر الأبهري يقول: سمعت أبا بكر بن أبي داود يقول لأبي علي النيسأبوري الحاغظ: يا أبا علي ابراهيم عن ابراهيم عن ابراهيم من هم؟ قال: أبو علي ابراهيم بن طهمان بن عامر البجلي عن ابراهيم النخعي، قال: أحسنت يا أبا علي.
أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: سمعت القاضي أبا الفتح اسماعيل ابن عبد الجبار بن محمد الماكي يقول: سمعت أبا يعلى الخليل بن عبد الله بن أحمد الخليلي الحافظ يقول: أبو علي الحسين بن علي بن يزيد النيسأبوري الحافظ الكبير، إمام في وقته متفق عليه تلمّذ عليه الحفاظ، وارتحل الى العراقين والشام ومصر أدرك أبا خليفة وابن قتيبة العسقلاني، وأبا عبد الرحمن النسائي وأقرانهم، كتب عن قريبٍ من ألفي شيخ، ولقب في صباه بالحافظ. وقال ابن المقرئ: الأصبهاني أدعو له في أدبار الصلوات لأني كنت أتبعه في شيوخ الشام ومصر حتى حصلت على ما أرويه.

أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر القرشي وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي عثمان الصابوني والبحيري وأبوي بكر البيهقي والحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: الحسين بن علي بن يزيد بن داوود بن يزيد الحافظ أبو علي النيسأبوري، واحد عصره في الحفظ والورع والرحلة، ذكره بالشرق كذكره بالغرب، مقدم في مذاكرة الأئمة وكثرة التصنيف وكان مع تقدمه في هذه العلوم أحد المعدلين المقبولين في البلد، سمع بنيسأبور ابراهيم بن أبي طالب وعلي بن الحسين الصفار صاحب يحيى بن يحيى، وأبا يحيى البزاز، وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ، وعبد الله بن شيرويه، وابراهيم بن اسحاق الأنماطي، وأقرانهم وبهراة، وهي أول رحلته، أبا جعفر محمد بن عبد الرحمن الشامي وأبا علي الحسين بن ادريس الأنصاري وأقرانهما وبنسا الحسن بن سفيان، وبجرجان عمران ابن موسى وأقرانه وبمرو عبد الله بن محمود وأقرانه وبالري ابراهيم بن يوسف الهسنجاني وأقرانه وببغداد عبد الله بن ناجية والقاسم بن زكريا، وأقرانهما وبالكوفة محمد بن جعفر وعبد الله بن سوّار وأقرانهما وبواسط جعفر بن أحمد بن سنان الحافظ وأقرانه، وبالأهواز عبد الله بن أحمد عبدان الحافظ، والحسين بن داوود الصواف وأحمد بن يحيى بن زهير التستري وأقرانهم، وبأصبهان أبا عبد الله محمد بن نصير صاحب اسماعيل بن عمرو البجلي وأقرانه، وسمع بالجزيرة من أبي يعلى الموصلي المسند من أوله الى آخره، وكتبه بخطه، ودخل الشام فكتب بها عن أصحاب إبراهيم بن أبي العلاء وسليمان بن عبد الرحمن ابن ابنة شرحبيل والمعافى بن سليمان، وسمع بمصر أبا عبد الرحمن النسائي والعباس ابن محمود وسمع بغزة الموطأ من الحسين بن الفرج عن يحيى بن بكير، وكتب بمكة عن المفضل بن محمد الجندي وأقرانه، وعقد له مجلس الأملاء سنة سبع وثلاثين وثلاثمائة، وهو ابن ستين سنة، فإن مولده رحمه الله كان سنة سبع وسبعين، ثم لم يزل يحدث بالمصنفات والشيوخ بقية عمره.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - إذناً وكتبه لي بخطه - قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسين ابن علي بن يزيد بن داوود بن يزيد أبو علي الحافظ النيسأبوري، كان واحد عصره في الحفظ والإتقان والورع مقدما في مذاكرة الأئمة، كثير التصنيف، ذكره الدار قطني فقال: إمام مهذب، وكان مع تقدمه في العالم أحد الشهود المعدلين بنيسأبور، ورحل في الحديث إلى الآفاق البعيدة بعد أن سمع بنيسأبور ابراهيم بن أبي طالب وعلي بن الحسن الصفار صاحب يحيى بن يحيى، وجعفر بن أحمد الحصيري، وعبد الله بن محمد بن شيرويه وأقرانهم، وسمع بهراة محمد بن عبد الرحمن الشامي والحسين بن إدريس الأنصاري وبنسا الحسن بن سفيان، وبجرجان عمران بن موسى بن مجاشع وبمرو عبد الله بن محمود، وبالري ابراهيم بن يوسف الهسنجاني وببغداد عبد الله بن محمد بن ناجية وقاسم بن زكريا المطرز، وبالأهواز عبدان بن أحمد وأحمد بن يحيى بن زهير، وبأصبهان محمد بن زهير صاحب اسماعيل بن عمرو، وبالموصل أبا يعلى أحمد بن علي، وكتب بالشام عن أصحاب ابراهيم بن العلاء وسليمان بن عبد الرحمن وهشام بن عمار والمعافى بن سليمان، وسمع بمصر أبا عبد الرحمن النسائي، وسمع بغزة الموطأ من الحسن بن الفرج عن يحيى بن بكير عن مالك، وكتب بمكة عن المفضل بن محمد الجندي وحدث ببغداد أحاديث كتبها عنه الشيوخ.

أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الحسين بن علي بن يزيد بن داوود بن يزيد، أبو علي النيسأبوري الصايغ الحافظ رحل في طلب الحديث وطوّف وجمع فيه وصنف وسمع بدمشق أبا الحسن بن جوصاء واسماعيل بن محمد بن اسحاق العذري، وبغيرها ابراهيم بن أبي طالب وجعفر بن أحمد بن نصر الحافظ وعبد الله ابن شيرويه والفضل بن محمد الأنطاكي ومحمد بن عثمان بن أبي سويد الزارع البصري وأبا جعفر محمد بن عبد الرحمن الشامي وأبا علي الحسين بن ادريس، والحسن بن سفيان وعمران بن موسى الجرجاني، وعبد الله بن محمود المروزي وابراهيم بن يوسف الهسنجاني، وعبد الله بن ناجية، والقاسم بن زكريا وأبا خليفة وزكريا الساجي، وعبدان الجواليقي، وأبا يعلى الموصلي، والحسن بن الفرج الغزي، وأحمد بن يحيى بن زهير التستري، وجعفر بن سنان الواسطي وخلقاً سوهم.
كتب عنه أبو الحسن بن جوصاء وأبو محمد بن صاعد، وأبو العباس بن عقدة، وابراهيم بن محمد بن حمزة، وأبو أحمد العسال، وأبو طالب أحمد بن نصر الحافظ وهم من شيوخه. وروى عنه أبو عبد الله الحافظ وأبو عبد الرحمن السلّم، وأبو عبدج الله بن مندة وأبو بكر أحمد بن اسحاق بن أيوب الصبغي، وهم من أقرانه، وأبو سليمان بن زبر، وأبو طاهر محمد بن محمش الزيادي، وأبو الوليد حسان بن محمد الفقيه.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن خعمر وعبد الرحمن بن عمر قال: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي بكر البيهقي والحيري، وأبوي عثمان الصابوني والبحيري قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله الحاكم قال: توفي أبو علي الحافظ رحمه الله عشية الأربعاء ودفن عشية الخميس الخامس عشر من جمادى الأولى من سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وغسله أبو عمرو بن مطر وصلى عليه أبو بكر بن المؤمل، ودفن في مقبرة باب معمر.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: توفي أبو علي الحافظ عشية الأربعاء ودفن عشية الخميس الخامس عشر من جمادى الأولى سنة تسع وأربعين وثلاثمائة، وكان مولده سنة سبع وسبعين ومائتين.
الحسين بن علي بن أبي مروان:
أبو عبد الله المصري، حدث بحلب عن الربيع بن سليمان، وبمنبج عن محمد ابن الأشعث الأشعثي. روى عنه محمد بن جفر بن أبي الزبير قاضي منبج، وأبو الحسين الرازي.
أنبأنا المؤيد بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله الحلبي في كتابه قال: حدثني عبد الله بن اسماعيل الجلي الحلبي قال: حدثني أبي قال: أخبرنا محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي المصري بمنبج قال: حدثنا محمد بن الأشعث من ولد الأشعث بن قيس قال: حدثنا أبي عن أبيه عن يزيد بن سنان عن جعفر بن محمد عن أبيه عن جده قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم لعلي: يا علي من أنتمى إلينا فطالبوه بستٍ قال: وما هن يا رسول الله؟ قال: الصباحة والفصاحة والسماحة والشجاعة، والحلم والعلم، فقال عمر: يا أبا الحسن سل النبي صلى الله عليه وسلم، فمن لم يكن فيه شيء من هذه الخصال؟ فبادر النبي قبل أن يسأله علي فقال: فليس مني، فليس مني.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السّلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن الاكفاني قال: وحدثنا عبد العزيز الكتاني أن تمام بن محمد بن عبد الله الحافظ، أذن لهم في الرواية، قال: حدثنا أبي أبو الحسين محمد بن عبد الله بن جعفر الرازي قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن علي بن أبي مروان المصري بحلب قال: حدثنا الربيع بن سليمان قال: حدثنا الشافعي قال: سمعت مالك بن أنس يقول: الساعي يقتل نفسه ومن سعى به ومن سعى إليه.
الحسين بن علي العطار المصيصي:
حدث عن خليفة بن خياط شباب العصفري روى عنه أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني.

حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد ابن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب قال: حدثنا الحسين بن علي العطار المصيصي قال: حدثنا شباب العصفري قال: حدثنا بكر بن سليمان صاحب المغازي عن محمد بن اسحاق قال: حدثني بقية ابن وهب عن أبي عزيز بن عمير أخي مصعب بن عمير قال: كنت في الأسارى يوم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالأسارى خيرا، وكنت من نفر من الأنصار، فكانوا إذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا التمر وأطعموني الخبز لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم إياهم.
قال الطبراني: لا يروى عن عزيز بن عمير إلا بهذا الإسناد تفرد به ابن اسحق. كذا وقع في النسخة بقية، والصواب نبيه بن وهب.
الحسيين بن علي أبو عبد الله العلوي الطبري:
حدث بطرسوس سنة ست وثلاثين وثلاثمائة عن أبي روق الهزاني.
روى عنه القاضي أبو عمرو عثمان بن عبد الله بن ابراهيم الطرسوسي، قاضي معرة النعمان، وذكره أيضا في كتاب سير الثغور فيما قرأته بخطه، وذكر أنه كان يسكن دار سلسبيل بطرسوس مع جماعة من المستورين الصالحين، وقال: كان أعجمي اللسان ستيرا نبيلا.
الحسين بن علي الناصح:
حدث بحلب في صفر سنة سبع وسبعين وثلاثمائة، عن أبي القاسم عبد العزيز ابن عبد الله بن يونس الموصلي وأبي الفتح المطردي، وأبي حفيص عمر بن الحسن القاضي، ومحمد بن جرير الطبري، وأبي الفرج محمد بن عبدان البزازي، واسماعيل ابن محمد الصفار، وأحمد بن هلال، وأحمد بن موسى بن عامر الجوهري البغدادي سمعه بطبرية، وأكثر أحاديثه غرائب، سمع منه بحلب رجل اسمه علي بن ابراهيم ابن يوسف الحلبي.
الحسين بن علي الاصبهاني:
أبو عبد الله نزيل طرسوس، حدث بها، روى عنه أبو محمد عبد الله بن محمد ابن اسماعيل بن يوسف الطرسوسي المعلم النسائي.
الحسين بن علي النسوي:
أبو عبد الله الفقيه، حدث بمعرة النعمان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائه عن أبي القاسم سعيد بن محمد بن الحسن الادريسي، وببالس سنة أربع وأربعين وأربعمائة عن أبي محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع الغساني، وبدمشق عن أبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي وغيره.
روى عنه قاضي بالس أبو التمام عبد العزيز بن محمد بن الياس، وأبو غانم عبد الرزاق بن عبد الله بن المحسّن التنوخي وعلي بن الخضر بن الحسن العثماني الحاسب.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البيان محمد بن عبد الرزاق ابن أبي حصين قاضي حمص قال: أخبرنا أبي القاضي أبو غانم عبد الرزاق قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي النسوي الفقيه بمعرة النعمان سنة اثنتين وأربعين وأربعمائة قال: حدثنا أبو القاسم سعيد الإدريسي قال: حدثنا الحسن بن أحمد بن ابراهيم البزازي البغدادي المعروف بابن شاذان قال: حدثنا الفقيه أحمد بن سليمان قال: حدثنا عبد الله بن محمد أبي عبد الرحمن الحبلى عن الصنابحي عن معاذ بن جبل قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: إني لأحبك، فقل اللهم أعني على شكرك وذكرك وحسن عبادتك.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: أخبرنا أبو البيان محمد بن عبد الرزاق بن عبد الله التنوخي قاضي حمص بها، قال: أخبرنا أبو غانم بن أبي حصين بمعرة النعمان قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن علي النسوي قال: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن محمد بن أحمد الفراتي - اجازة - قال: حدثنا أبو الحارث محمد بن عبد الرحيم بن الحسين الحافظ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن عبد الاعلى المقرئ الأندلسي قال: حدثنا أبو القاسم بكر بن أحمد الخباز بواسط قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب ابن نجيّة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حميد عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أكرم ذا شيبه فكأنما أكرم نوحاً في قومه وكأنما أكرم الله عز وجل.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: قرأت بخط الحسين بن علي النسوي على جزء: لعلي بن الخضر العثماني:
قد جاف جنبي عن الرقاد ... خوفاً من الموت والمعاد

من خاف من سكرة المنايا ... لم يدر للزرع من حصاد
قد بلغ الزرع منتهاه ... لا بد للزرع من حصاد
وقال أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: الحسين بن علي أبو عبد الله النسوي الفقيه، حدث بدمشق سنة أربعين وأربعمائة، وبالمعرة عن أبي محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وأبي القاسم سعيد بن محمد بن الحسن الادريسي، وأبي الفضل أحمد بن محمد بن أحمد بن أبي الفراتي كتب عنه علي بن الخضر بن الحسن العثماني الحاسب، وأبو غانم عبد الرزاق بن عبد الله ابن المحسن التنوخي.
توفي أبو عبد الله النسوي في سنة أربع وأربعين وأربعمائة، أو بعدها فإن أبا التمام قاضي بالس سمع منه في بعض شهور هذه السنة.
الحسين بن علي ويعرف بكورة:
وقيل اسمه الحسن، وقد قدمنا ذكره، والصحيح أن أسمه الحسين، كان يتولى الري من قبل صاحب خراسان، فاستأمن إلى المعتضد، فلما صالح المعتضد هارون بن خماريه بن أحمد بن طولون على أن سلم إليه حلب والعواصم، ولاه المعتضد ولده المكتفي، وولى فيها المكتفي في أيامه من قبله الحسين بن علي كورة، وإليه تنسب دار كورة داخل باب الجنان.
سير إليّ القاضي بهاء الدين أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب بخطه ما ذكر لي أنه نقله من خط الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة رحمه الله في جزء ذكر فيه ولاة حلب وأمراءها، فنقله وذكر فيه وقال: ولم تزل حلب في أيدي بني طولون الى ان ملك هارون بن خمارويه بن أحمد طولون وصالح المعتضد في جمادى الأولى سنة ست وثمانين ومائتين، وقلدها لابنه أبي محمد المنعوت بالمكتفي بالله مضافة إلى ديار مضر وديار بكر، وكان مقامه بالرقة، ووليها في أيام المكتفي وأيام أخيه المقتضر بالله جماعة منهم الحسين بن علي كورة الذي كان يلي الري من قبل صاحب خراسان، واستأمن إلى المعتضد، وإليه تنسب الدار المعروفة بدار كورة بحلب، والحمام المجاور لها.
وقرأت بخط أبي منصور هبة الله بن سعد الله بن سعيد بن الجبراني في تعليق ذكر فيه ولاة حلب، فذكر مثل ما ذكر أبو الحسن بن أبي جرادة، وقد ذكرنا في باب من اسمه الحسن بن علي في ترجمته شيئا من احواله مختصراً.
الحسين بن علي الفقيه:
حكى عنه عمارة بن علي اليمني الشاعر في تاريخ اليمن.
الحسين بن علي، أبو طالب التميمي النقاش الانطاكي:
شاعر محسن متقدم على عصره سيف الدولة أبي الحسن بن حمدان، روى عنه أبو القاسم علي بن الحسين بن جعفر العلوي، وأبو الحسين الحراني المعروف بالكمدي شيئاً من شعره، وذكر له أبو الحسن علي بن حمد بن المطهر الشمشاطي مقاطيع كبيرة في كتابه الموسم بالتنزه والابتهاج وفي كتابه الموسم بالأنوار وفي كتاب الديرة.
وقال في كتاب الديرة: دير مارة مروثا، ويعرف بالبيعتين بظاهر حلب في سفح جبل جوشن، مطل على العوجان، وهو نهر قويق، للرجال والنساء قال:
يا دير مارة مرثا ... سقيت غيثاً مغيثا
فأنت جنّة حسن ... قد حزت روضاً أثيثا
مجمعاً في القلالي ... وفي الذرى مبثوثا
يهدي النسيم إلى ... سكانه ملبوثا
زرناه في فتية ما ... ترى بهم تمكيثا
عن الخلاعات حتى ... يقبلوا الصلبونا
وذكر تمام القطعة، وأضربنا عن ذكره لما فيه من الألفاظ المستهجنة وذكر الخلاعة التي ليست بحسنه، وإنما ذكرناها لما فيها من دخول صاحب الترجمة حلب.
وأورد له الشمشاطي في كتاب الأنوار أبياتا كتبها إلى أبي حفص عمر بن موسى الكاتب يستدعيه:
يا خليلي الذي تخلل روح ... بهوى نازح عند الاختلال
إن عندي فدتك نفسي ... غزالا فلك الشمس وجهه والهلال
جملة الأمر أنه سلس التكة ... من خدها فتاة الحجال
وغناء كأنه فرحة الأنفس ... سرّت بصحة الآمال
فاتنا مسرعاً فذا يوم ... دجن غريت مزنه بانهمال
لا تخلف عني بحي ... إن تخلفت بعد هذي الخصال
وقرأت لأبي طالب بيتاً حسنا في صفة الدولاب ذكره في كتاب الأنور وهو:

مشمر في السير إلاّ أنه ... يسري فيمنعه السرى أن يبعدا
قال الشمشاطي: ويدخل في هذا الباب ما جاء في العروب والأرحية فمن ذلك ما أنشددناه أبو القاسم العلوي لأبي طالب الحسين بن علي الأنطاكي:
وابنة بر لم تبن عن زهد ... أضحى بها البحر قريب عهد
تعافه وهو زلال وشد ... لما نضت ملاحق الإفرند
إلا بربط عنده وشد ... لما نضت ملاحق الإفرند
واتشحت من الدجى ببرد ... توسّطت سكر صفيحٍ صلد
فأشبهت واسطة في عقد ... مطلة على ركاب الوفد
كأنها أم النعام الربد ... عجاحها شيب بينها المرد
واجدة بالبر أي وجد ... تذكرت طيب ثراه الجعد
أيام تغذى بحيا كالشهد ... ولمع برقٍ وحين رعد
فهي تعيد أنّةً ونئدي ... كما يئن موثق في عقد
لولا امتداد الطنب الممتد ... لشمرت تشمير ذات الجد
وصافحت خد الثرى بخد قال الشمشاطي: وأنشدنا أبو القاسم العلوي قال: وأنشدني الأنطاكي من قصيدة:
وللماء من حولنا ضّجة ... إذا الماء كافح تلك العروبا
حبال تؤلفها حكمة ... فتمحو البحار بها لا السهوبا
تقابلنا في قميص الدجى ... إذا الأفق أصبح منه سليبا
حيازيمها الدهر منصوبة ... تعانق للماء وفداً غربيا
عجبت لها شاحبات الخدو ... د لم يذهب الري عنها الشحوبا
إذا ما هممنا بغشيانها ... ركبت لها ولداً أو نسيبا
يجاورها كل ساعٍ يرى ... وإن جدّ في السير منها قريبا
خليّ الفؤاد ولكنه ... يحن فيشجي الفؤاد الطروبا
وقال: وله أيضاً:
وزنجية عرفت بالإباق ... فليس لها راحة في الوثاق
إذا اضطربت الماء من حولها ... رأيت الحبال بها في تلاق
يثور بها قسطل أبيض ... على القوم غير كثيف الرواق
وأبناؤها المرد غداة الصّبوح ... مطايا تخب كدهم العتاق
فظلنا نميت لديها الزّقاق ... الى ان حيينا بموت الزّقاق
وقال في كتاب الأنوار أيضاً وللحسين بن علي:
قالت وقد رحلت في ثوب البلى أصلا ... وعدت امرح في برد الصبى جذلا
أزارك الليل شعري فاغتديت به ... مزور اللون أم عوضته بدلا
هبك استعرت خماري فاختمرت به ... فمن يعيرك فيه اللهو والغزلا
ما اعتضت يا عم من بيض الحجال وقد ... سودت بيضك إلاّ الصد والعذلا
فقمت في لونها من عتبها خجلاً ... وظلت أطلب ظلاً للصبي أفلا
وقرات في الحماسة العراقية جمع محمد بن علي العراقي ما أورده فيها للحسين ابن علي الأنطاكي:
بأبي والله من طرقا ... كابتسام البرق إذ خفقا
زارني وجداً برؤيته ... وملأ قلبي به حرقا
زارني طيف الحبيب ... فما زاد أن أغرى بي الأرقا
ومما أورده أيضاً في الحماسة المذكورة للحسين بن علي المذكور:
طيف ألم به حياه وانصرفا ... ماذا عليه وماذا كان لو وقفا
أتى فأهدي إلى هادي الحشا قلقا ... وسالم القلب من حر الهوا شغفا
يا طيف أروى فقد هيجت لي كمدا ... مدى الليالي وأذكرت الذي سلفا
الحسين بن عمر بن نصر بن الحسن بن سعد بن عبد الله بن باز:

أبو عبد الله الموصلي، من أهل الموصل، سمع ببلده أباه عمر، وخطيب الموصل أبا الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي، وأبا الفرج يحيى بن محمود الثقفي ورحل الى بغداد فسمع بها من أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف، وأبي عبد الله المظفر بن أبي نصر البواب وأبي محمد لاحق بن علي بن كاره، وأبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق، وأبي الحسن علي بن عبد الرحييم بن العصار وأبي شاكر عيسى بن أحمد وأبي هاشم الدوشأبي، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ثم رحل الى الشام ومصر تاجرا، فسمع في طريقه بحلب من شيخنا أبي الحسن علي بن أبي بكر الهروي ثم عاد الى الموصل، وحدث بها، وتولى دار الحديث المظفرية بها، وأجاز لنا الرواية عنه، وروى عنه الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار، وأبو البركات بن المستوفي، وأخبرني أبو الفضل عباس بن بزوان الإربلي أنه سأله عن مولده فقال في ذي الحجة سنةاثنتين وخمسين وخمسمائة بالموصل.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز الموصلي في كتابه إلينا غير مرة قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج - قراءة عليها - قالت: أخبرنا النقيب أبو الفوارس طراد بن محمد بن علي الزينبي قال: أخبرنا علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا اسماعيل بن محمد الصفار قال: حدثنا أحمد بن منصور قال: حدثنا عبد ارزاق قال: أخبرنا معمر عن همام أنه سمع أبا هريرة يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يقل أحدكم اللهم اغفر لي إن شئت، اللهم ارحمني إن شئت، اللهم ارزقني إن شئت ليعزم مسألته فإنه يفعل ما يشاء لا مكره له.
قرأت بخط الحسين بن عمر بن باز في مجموع علقه في الأسفار وأجاز لنا الرواية عنه قال: أنشدني الشيخ الامام تقي الدين علي بن أبي بكر الهروي بظاهر مدينة حلب حرسها الله، ونقلتها من ظهر كتاب الوصية الهروية له قال: أنشدني الشيخ الامامالعارف، لسان الزمان، وسيد أهل الطريقة علاء الدين عبيد الأعلى علي بن المجري لنفسه بمدينة حلب سنة خمس وتسعين وخمسمائة.
من خص بالمدح الصديق فإنني ... أحبو بصالح مدحي الأعداء
أهدوا غليّ معائبي فرفضتها ... ونفيت عن أخلاقي الأقذاء
وتنافسوا في المكرمات فنلتها ... حتى امتطيت بأخمصي الجوزاء
ونقلت من خط ابن باز: وأنشدني أيضا الشيخ علي بن الهروي لنفسه، وأجازه لنا ابن الهروي:
إذا ما يسرك يوماً سمحت ... فغيرك عندي به أسمح
لئن كان في الناس مستقبحا ... ففعلك من قبله أقبح
ونقلت من خطه في هذا المجموع: ولبعضهم علقها بحلب حرسها الله:
كتبت والكأس في يمناي مترعة ... وأملح الناس يستقينا ويلهينا
ونحن في مجلس حل السرور به ... خلوين من ثالث حتى يوافينا
فكن جواب كتأبي والسلم ... فما أراك تلحقنا إلاّ مجانينا
قال لي رفيقنا أبو الفضل عباس بن بزوان الإربلي: الحسين بن عمر بن نصر ابن الحسن بن سعد المعروف بابن الموصلي، سمع ببلده - يعني الموصل - أباه، وأبا الفضل عبد الله بن أحمد الطوسي، وأبا الفرج الثقفي وغيرهم، وسمع ببغداد من لاحق بن كاره، وشهدة بنت أحمد بن الفرج الكاتبة، وعبد الحق بن عبد الخالق ابن يوسف، وأبي منصور بن أحمد بن الفرج الدقاق، وأبي عبد الله المظفر ابن أبي نصر البواب، وأبي هاشم الدوشأبي، روى لنا عنهم وعن علي بن الهروي، ذكر أنه سمع منه بحلب بعض مصنفاته في اجتيازه الى مصر، وعاد الى الموصل، فتولى دار الحديث المظفرية بها، ولم يزل شيخنا ومشتمعا الى أن توفي، وكانثقة حسن الخط والقراءة.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار الحافظ قال: الحسين بن عمر ابن نصر بن الحسن بن سعد بن عبد الله، وأبو عبد الله المعروف بابن الباز، من أهل الموصل، قدم بغداد شابا طالبا للحديث في سنة اثنتين وسبعين وخمسمائة، وسمع بها من أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق بن أحمد بن يوسف، وأبي محمد لاحق ابن علي بن كاره، والكاتبة شهدة بنت الآبري وجماعة غيرهم، وكتب بخطه كثيرا من الكتب والأجزاء، وعاد الى الموصل فأقام بها يسمع م شيوخها كالخطيب أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي ومن دونه، ثم قدم علينا بغداد في سنة ستمائة، وسمع من شيوخنا وسمعنا بقراءته، واصطحبنا في الطلب والتحصيل، وكان ذا همة حسنة وجد واجتهاد ومحبة لهذا الشأن، وكان صدوقا وفاضلا، يخطب بالسواد، وترك الخضاب في آخر عمره.
وقال: سألت أبا عبد الله بن باز عن مولده فقال: وفي يوم الثلاثاء خامس عشري ذي الحجة من سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة بالموصل، وبلغنا أنه توفي في ليلة السبت مستهل ربيع الآخر سنة اثنتين وعشرين وستمائة بالموصل.
أنبأنا الحافظ عبد العظيم المنذري قال: وفي ليلة الثاني من شهر ربيع الآخر توفي الشيخ الأجل أبو عبد الله الحسين بن عمر بن نصر بن الحسن بن سعد بن باز الموصلي بها، ومولده بها في يوم الثلاثاء الخامس والعشرين من ذي الحجة سنة اثنتين وخمسين وخمسمائة، سمع بالموصل ومن أبي الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الخطيب، سمع ببغداد من أبي محمد لاحق بن علي بن كاره، وأبي أحمد أسعدج بن يلدرك الجبريلي، وأبي عبد الله المظفر بن أبي نصر البواب، وأبي الحسن عبد الحق بن عبد الخالق اليوسفي، وأبي شاكر عيسى بن أحمد، وأبي منصور محمد بن أحمد بن الفرج الدقاق، وأبي الحسن علي بن عبد الرحيم السلمي وفخر النساء شهدة بنت الآبري، وجماعة سواهم.
دخل الشام ومصر، وما علمته سمع بمصر ولا حدث بها، والظاهر أنه قدمها للتجارة، وحدث بالموصل واربل، وولي دار الحديث المظفرية بالموصل.
الحسين بن عمر أبو عبد الله المعروف بالقحف:
وهو الحسن بن علي بن عمر القحف روى عن أبي العلاء بن سليمان، وقد تقدم ذكره، وبعضهم يسميه الحسين.
وقد ذكر صديقنا ورفيقنا الحافظ أبو عبد الله بن النجار في التاريخ المجدد لمدينة السلام وقال: الحسين بن عمر أبو عبد الله القاص المصري، يعرف بالقحف.
هكذا رأيته بخط أبي علي بن البرداني، فلعله غير أبي محمد الحسن بن علي ابن عمر القحف الذي ذكرناه آنفا، والله أعلم.
أنبأنا أبو عبد الله بن النجار قال: رأت في كتاب أبي علي أحمد ابن محمد بن البرداني بخطه، وقرأته على محمد بن محمد بن الحسن عن أحمد بن المقرب عنه قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن عمر القاص المصري - يعرف بالقحف - من لفظه لنفسه، يرثي القاضي أبا الحسن - يعني - ابن المهتدي.
إنما العيش والحياة غرور ... كل حي الى الممات يصير
ذهب الأول العزيز من الناس ... ويتلوه في الذهاب الأخير
حكم الموت بينهم حكم عادل ... فتساوى غنيّهم والفقير
رحّلتم عن الديار المنايا ... فحوتهم بعد القصور القبور
نزلوا منزلاً هم فيه شرع ... لا أميرٌ فيه ولا مأمور
وإذا كان غاية الحي موتٌ ... فطويل الحياة عندي قصير
كل شيء يفنيه كّ الليالي ... ليس يبقى إلاّ اللطيف الخبير
يصدع الدهر فيه للجبل الص ... لد فتهوى أحجاره والصخور
لا كبير يهابه حادث الموت ... ولا من يديه ينجو الصغير
كم الى كم نلهو ونطمع ... بالعيش وللموت روحةٌ وبكور
يسلب المرء من أخيه فلا ... يستطيع دفعاً له أن يستشير
فتراه يلفى لديه صريعاً ... قد علاه بعد الحراك الفتور
كل هذا وعظ لنا غير أنا ... في غرور والخاسر المغرور
غير أن الفراق صعب على ال ... حباب مستكره الفراق مرير
سيما فرقة بغير اجنتماع ... ما توالت أزمانها والدهور

قل صبري أبا الحسين وإني ... لجليدٌ على الخطوب صبو
فجمع المسلمين فيك زمانٌ ... يعتي صفو عيشه تكدير
عدموا والداً شفيقاً عليهم ... وهو في دينه سراج منير
سيدٌ ماجد له الحلم والعلم ... وفيه السداد والتدبير
دينٌ خيرّ تقي نقي ذو ... عفافٍ برّ صبورٌ شكور
كاظم راحم شريفٌ عطوفٌ ... بين عينيه للديانه نور
كل شيء يستكثر الناس في الد ... نيا قليل في ناظريه يسير
صائمٌ قائمٌ إذا جنّ ليل ... ذاكر ربه حيي وقور
شهد الله والعباد بأنيّ ... لا كذوب فيه ولا متعير
وأصبنا فيه ةأي مصاب ... وزيناه وهو رزء كبير
أيها الراحل الذي سار بالأمس ... ووارته في الصعيد القبور
هل تجيب الندا فهذا عليّ ... نجلك السيد الخطيب الستير
قائلاً كيف بت في منزل ... الوحدة بيت مهدم مهجور
وافؤادي قرحٌ على إثر قرح ... ناصري فيه عبرةٌ وزفير
طال ليلي لما فقدتك حتى ... وقف النجم حائراً لا يغور
ورتني الهموم والحزن حتى ... ضاق صدري وكاد قلبي يطير
وعدمت العزاء والصبر فالن ... ار بقلبي وماء جفني غزير
أظلمت بعدك المحاريب إذ أن ... ت لعقر المحراب في الليل نور
أتراني أنساك كاّ ولكن ... أنا ماطالت الحياة ذكور
كيف أنسى من شخصه ... طول دهري في فؤادي وناظري مبور
لا هناني من بعدك العيش ... يوماً ولا عاد لي يسير السرور
أي عيش لموجع القلب باكٍ ... سلبت منه نعمةٌ وحبور
ورأى لحظ عينه بحر علم ... وهو في ضيق لحده مأسو
ليتني متّ قبل موتك حتى ... لا يراني عند العزاء الحضور
معشر المسلمين عوذوا بصبر ... لا يحوز الثواب إلاّ الصبور
الحسين بن المبارك بن محمد:
ابن يحيى بن مسلم الربعي الزبيدي الأصل، البغدادي، أبو عبد الله الحنبلي، أصلة من زبيد من اليمن، وولد ببغداد ونشأ بها وه وأخو شيخنا أبي علي الحسن ابن المبارك، سمع ببغداد أبا الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي، وأبا حامد محمد ابن عبد الرحيم الغرناطي.
حدث ببغداد وتوجه منها الى الشام، واجتاز بحلب وهو قاصد دمشق في سنة ثلاثين وستمئة، ولم يقم بها أكر من يوم واحد، ولم نعلم ه، لأنه طلب الى دمشق للسماع عليه، فأخفى أمره لئلا يمسك في حلب للسماع، وحدث بها بشيء يسير من حديثه وسار الى دمشق فحدث بها بصحيح البخاري عن أبي الوقت وبشيء كير غيره، وحضر السماع عليه الملك الأشرف موسى بن الملك العادل أبي بكر بن أيوب وخلق كير غيره، وحصل له من الملك الأشرف وغيره جمة حسنة من المال، اتسع بها، ووفى عنه ديونا كانت عليه بعد فقر واملاق، وعاد الى بغداد، فلم يقم بعا إلا قليلاً ومات.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار وغيره، وأجاز لنا أن نروي عنه ما يرويه، وكن ثقة متدينا صالحا فقيها.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين المبارك بن محمد الزبيدي، وأخبرنا أخوه أبو علي الحسن بن المبارك بمكة شرفها الله، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قالوا: أخرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى الهروي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد العزيز الفارسي قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أبو الجهم العلاء بن موسى الباهلي قال: حدثنا الليث بن سعد المصري عن أبي الزبير المكي عن جابر بن عبد الله الأنصاري قال: حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يدخل أحد ممن بايع تحت الشجرة النار.

أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم الزبيدي أبو عبد الله، من ساكني باب البصرة، وهو أخو أبي علي الحسن الذي قدمنا ذكره، وهو الاصغر سمع أبا الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي وغيره، وقرأ طرفا صالحا من الفقه على مذهب أبي عبد الله أحمد بن حنبل وله معرفة حسنة بالأدب، ولديه فضل وافر، كتبت عنه وهو صدوق حسن الطريقة جميل السيرة متدين صالح، سألت أبا عبد الله بن الزبيدي عن مولده فقال في سنة ست - أو سبع - وربعين وخمسمائة - الشك منها - وسافر الى الشام، وحدث بدمشق بصحيح البخاري عن أبي الوقت مرات، وسمعه منه خلق كير، وحصل له شيء من الدنيا بعد فقر وضيق حال كان فيه، وعاد الى بغداد فوصلها مريضا، وأقام بها أياما وتوفي يوم الاثنين الثالث والعشرين من صفر سنة احدى وثلاثين وستمائة، ودفن من الغد بمقبرة جامع المنصور عند أهله.
أخبرنا الحافظ عبد العظيم المنذري قال: وفي الثالث والعشرين من صفر - يعني - من سنة احدى وثلاثين وستمائة توفي الشيخ الثقة أبو عبد الله الحسين بن المبارك بن محمد بن يحيى بن مسلم الربعي، الزبيدي الاصل، البغدادي المولد والدار، الحنبلي، ببغداد، ودفن بمقبرة جامع المنصور.
سمع من أبي الوت عبد الأول بن عيسى الهروي، وأبي جعفر محمد بن محمد الطائي، وأبي حامد الغرناطي، وأبي زرعة طاهر بن محمد بن طاهر المقدسي وغيرهم، وحدث ببغداد ودمشق وحلب وغيرها من البلاد، ولنا منه إجازة، كتب بها إلينا من بغداد غير مرة منها ما هو في سنة احدى وعشرين وستمائة، وكان فقيها حافظا.
أخبرني أبو حفص عمر بن علي بن دهجان البصري ببغداد قال: كان رجل من أهل البصرة قد أودع وديعة عند الحسين الزبيدي، وقال له: اذا بلغ أوادي سلمها إليهم، ولم يعلم بها أحد فاحتاج الحسين إليها فأنفقها وسار الى الشام، وحدث بها وحصل له بالشام ذهب، فعزل الوديعة واتفق أنه قدم بغداد الى الشام وهو مريض فقال لولده عمر: في عنقي أمانة أريد أن أنزعها من عنقي وأجعلها في عنقك، فقال: وما هي؟ قال لبني فلان البصري عندي مائتا دينار، وهيهذه لا يعلم ها أحد إلا الله توصلها إليهم، وأخاف أن لا أصح، فتسلمه ابنه منه، ومات الحسين في تلك الليلة، فمضى ولده وسأل عن أولاد ذلك الشخص المودع، فوجد عليهم ديونا قد لزهم الخصوم فيها ولهم آدر قد عزموا على بيعها ووجدهم متودرين من الخصوم فقال لبعض الجيرانحين سأل عنهم: إن لهم عندي ذهبا، فاجتمعوا به وسلم إليهم الوديعة فوفوا دينهم، وسلمت أملاكهم.
قال لي ابن دهجن: فاجتمعت بابنه وسألته عن ذلك، فشق عليه سؤالي، ثم أخبرني به، قال: وكان الحسين كثيرا ما يدعو اللهم أدّ عني أمانتي.
الحسين بن محمد بن ابراهيم:
سمع بتل منّس المسيب بن واضح السلمي التل منسي، روى عنه أبو القاسم الفضل بن جعفر التيمي مؤذن مسجد دمشق.
أخبرنا أبو الحسن علي بن شجاع بن سالم القرشي بالقاهرة، قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد اللبني قال: أخبرنا أبي عبد المولى قال: حدثنا أبو خلف عبد الرحيم بن محمد بن المدبر قال: أخبرنا النقاش، يعني الفقيه أبا اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن أحمد قال: حدثنا أبو عبد الله الجرجاني، يعني الحسن بن جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو القاسم الفضل بن جعفر التميمي مؤذن مسجد دمشق قال: حدثنا الحسين بن ابراهيم قال: حدثنا المسيب بن واضح قال: حدثنا اسماعيل بن عياش عن عطاء بن عجلان عن أنس بن مالك قال: قال النبي صلى الله عليه وسلم: شفاعتي لاهل الكبائر من امتي.
الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن مارسجس:
الحافظ أبو علي النيسأبوري الماسرجسي رحل الى الشام، وسمع بحلب من أبي الحسن علي بن عبد الحميد الغضائري الزاهد، ويحيى بن علي بن محمد الكندي الحلبيين وسمع بدمشق من أبي الحسين محمد بن عبد الله الرازي، وبصيدا من أبي الحسن محمد بن الفتح، وبمصر من عبد العزيز بن أحمد بن الفرج الغافقي، وعلي ابن اسحاق القيسراني وأبي عبد السلام عبد الله بن عبد الرحمن الرحبي، ومحمد بن سفيان، وبتينس من أبي جعفر عمر بن ابراهيم الكلأبي، وبنيسأبور من أبيه محمد ومن جده أبي العباس أحمد بن محمد بن الحسين المارسرجسي، وأبي العباس السراج وأبي بكر بن خزيمة.

روى عنه أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي، والحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله البيّع الحافظ.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا خالي القاضي أبو المعالي محمد بن يحيى قال: أخبرنا أبو روح ياسين بن سهل بن محمد قال: سمعت أبا منصور محمد بن أحمد بن أحمد بن منصور القاضي يقول: قال الحاكم: قد كان في عصرنا جماعة بلغ المسند المصنف على تراجم الرجال لكل واحد منهم ألف جزء، منهم أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن حمزة الاصبهاني، وأبو علي الحسين بن محمد بن أحمد المارسرجسي.
أنبأنا أبو بكر عبد الله بن عمر وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن أبي نصر قالا: أخبرنا أبو الخير القزويني قال: أخبرنا زاهر بن طاهر عن أبوي عثمان الصابوني والبحيري، وأبوي بكر البيهقي والحيري قالوا: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين الحافظ أبو علي المارسرجسي سيفنّه عصره في كثرة الكتابة والسماع والرحلة، وأثبت أصحابنا في السماع والأداء ومن بيت الحديث.
سمع بنيسأبور أبا بكر بن خزيمة، وأبا العباس الثقفي، وأكثر عن جماعتهم، وسمع جده وكان أسند أهل عصره، وأباه وكان من أصحاب مسلم بن الحجاج، ورحل الى العراق سنة إحدى وعشرين، فسمع أبا عبد الله بن مخلد وطبقتهم، ثم خرج الى الشام فكتب عن أصحاب هشام بن عمار وأقرانهم، ثم دخل مصر وأكثر المقام بها، وسمع أصحاب المزني وأقرانهم، وصنف المسند الكبير في ألف وثلاثمائة جزء مهذبا بالعلل، وجمع حديث الزهري جمعاً لم يسبقه إليه أحد، وكان يحفظحديث الزهري مثل الماء، وصنف المغازي والقبائل، وكان عارفا بها، وصنف أكثر المشايخ والأبواب، وخرّج على كتاب البخاري ومسلم في الصحيح، ولم يبلغ وقت الحاجة إليه، نظرت أنا له في الزهري وفي الفوائد ومقدار مائة وخمسين جزءا من المسند، وأدركته المنية رضي الله عنه، قبل الحاجة الى إسناده، توفي رحمه الله يوم الثلاثاء التاسع من رجب وقت الظهر، ودفن يوم الاربعاء العاشر منه بعد العصر من ستة جمس وستين وثلاثمائة، شهدت جنازته، وصلى عليه الفقيه أبو الحسن الماسرجسي ابن أخيه في ميدان الحسين، ودفن بداره وهو ابن ثمان وستين سنة، فان مولده كان سنة ثمان وتسعين ومائتين، ودفن علم كثير بدفنه.
وزاد غير زاهر بن طاهر عن البيهقي عن الحاكم قال: وشيخنا أبو علي سمع بنيسأبور من جده أبي العباس، وأبي بكر بن اسحاق وأقرانهما، ثم دخل العراقين والحجاز ومصر والشام، وانصرف على طريق الأهواز، وجوّد عن مشايخ عصره في هذه الديار، وجمع حديث الزهري حتى زاد فيه على محمد بن يحيى وكان محمد بن يحيى يعرف بالزهري، فصار الماسرجسي الزهري الصغير، ثم افنى عمره في جمع المسند الكبير، وعندي أنه لم يصنف في الاسلام أكبر منه، فإنه وقع بخطه في ألف وثلاثمائة جزء، فإن أبا محمد بن زياد العدل عقد له مجلسا لقراءته على الوجه، وكان مسند أبي بكر الصديق بخط الحسين في بضعة عشر بعلله وشواهده، فكتبه الوراقون في نيف وستين جزءا.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال الحسين بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن عيسى بن ماسرجس أبو علي النيسأبوري الحافظ الماسرجسي، له رحلة الى الشام ومصر والعراق، سمع فيها أبا الحسين الرازي بدمشق، وأبا الحسن محمد بن الفتح بصيدا، وأبا عبد السلام عبد الله بن عبد الرحمن الرحبي، وعلي بن اسحاق القيسراني، ومحمد بن سفيان، وعبد العزيز بن أحمد بن الفرج الفافقي بمصر، وأبا حفص عمر بن ابراهيم الكلأبي بتنيس، وسمع بخراسان أباه وجده أبا العباس أحمد بن محمد الماسرجسي وابا العباس السراج، وأبا بكر بن خزيمة، روى عنه الحاكم أبو عبد الله، وأبو عبد الرحمن السلمي.
الحسين بن محمد بن أحمد أبو عبد الله العينزربي:
أصله من عين زربة بلدة بالثغور الشامية، قد ذكرناها في مقدمة كتابنا هذا، ونزل دمشق وأظن أنه خرج من عين زربة حين استولى عليها الكفار، حكى عن أبي بكر بن أحمد بن علي الحبال الحلبي، حكى عنه أبو الحسن علي بن محمد الحنائي.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي - إذنا - قال: أخبرنا علي بن الحسن الدمشقي قال: قرأت بخط أبي الحسن علي بن محمد الحنائي سمعت أبا عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد العينزربي، حكى عن أبي بكر أحمد بن علي الحبال حكى عنه علي الحنائي. وقال الحافظ: قرأت بخط عبد المنعم بن علي بن النحوي مات أبو عبد الله العينزربي في يوم الجمعة لسبع عشرة ليلة خلت من شوال سنة اثنتين وتسعين وثلالثمائة.
الحسين بن محمد بن أحمد الانصاري:
أبو عبد الله الحلبي البزاز الشاهد المعروف بابن المنيقر حدث عن أبي عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري، روى عنه أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعت السمرقندي، والفقيه أبو الفتح نصر بن ابراهيم بن نصر المقدسي، وأبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، ومحمد بن عبد الرحمن بن محمد النهاوندي المعروف بمّدوس، وأبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسأبوري المؤذن، ونجا بن أحمد العطار وأبو الفتح محمد بن الحسين بن محمد الأسد أبا ذي، وأبو القاسم ابن أبي العلاء، وعبد العزيز الكتاني، وأبو عبد الله محمد بن ابراهيم الشيرازي، وأبو البركات ابراهيم بن الحسن بن محمد بن طلحة الصيداوي المقرئ، وأبو محمد الحسين بن محمد بن أحمد النيسأبوري الواعظ.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن محمد بن تيمية الحراني بها، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغدادي، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الكاشغري بحلب قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي ابن أحمد بن سلمان قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعت السمرقندي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروزاباري الصوفي بصور قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد الدوري قال: حدثنا أبو حذافة أحمد بن اسماعيل السهمي قال: حدثنا سعد بن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أخيه عبد الله بن سعيد عن أبيه عن أبي هريرة قال: قال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا سهم في الإسلام لمن لا صلاة له، ولا صلاة لمن لا وضوء له، ولا وضوء لمن لم يذكر اسم الله عليه ولاث منجيات وثلاث مهلكات، فأما المنجات فخشية الله في السر والعلانية، والاقتصاد في الفقر والغنى والحكم بالعدل عند الغضب والرضى، والمهلكات شح مطاع، وهوى متبع، واعجاب المرء بنفسه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا أبو بكر عبد الغفار بن محمد ابن الحسين الشيروي - قراءة عليه بنيسأبور وأنا حاضر - قال: حدثنا أبو عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني يقول: سمعت الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي بدمشق.
وأخبرناه عاليا أبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمي بحران، وأبو اسحاق ابراهيم بن عثمان بن يوسف الزركشي، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد البغداديان بحلب قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي البطي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عمر بن الأشعث السمرقندي قال: حدثنا الحسين بن محمد بن أحمد الحلبي قال: حدثنا أبو عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري قال: سمعت أبا صالح عبد الله بن صالح الصوفي يقول: رؤي بعض أصحاب الحديث في المنام فقيل لهم ما فعل الله بك؟ قال: غفر لي، قال: بأي شيء؟ قال: بصلاتي في كتبي على رسول الله صلى الله عليه وسلم.
أخبرنا أبو نصر محمد بن الشيرازي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسين بن محمد بن أحمد أبو عبد الله الأنصاري الحلبي الشاهد البزاز، المعروف بابن المنيقر، سكن دمشق وحدث بها عن أبي عبد أحمد بن عطاء الروذباري الصوفي، روى عنه الفقيه أبو الفتح نصر بن ابراهيم وبو صالح أحمد بن عبد الملك النيسأبوري المؤذن، ونجا بن أحمد، وعبد العزيز الكتاني، وأبو الفتح محمد الحسن بن محمد الأسد أباذي، وأبو القاسم بن أبي العلاء.

وقال الحافظ: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: حدثني نجا بن أحمد العطر قال: توفي أبو عبد الله الحسين بن محمد الحلبي البزاز في سنة ست وثلاثين وأربعمائة، حدث عن أبي عبد الله أحمد بن عطاء الروذباري الصوفي، وذكر الحداد أنه ثقة مأمون شاهد.
الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين:
أبو محمد النيسأبوري الواعظ، سمع بمعرو النعمان أبا العلاء أحمد بن عبد الله ابن سليمان، وأبا علي الحسن بن علي بن عنبسة الكفرطأبي، وأبا علي المهذب بن علي بن المهذب التنوخي المعري، وبدمشق أبا الحسن بن السمسار، وبنيسأبو أبا طاهر محمد بن محمد بن محمش الزيادي، وأبا حازم عمر بن أحمد بن ابراهيم بن عبدويه النيسأبوري، وروى عن أبي الحسن العتيقي، وأبي عبد الرحمن السلمي وأبي بكر محمد بن عبد الله الفارسي، والقاضي أبي محمد عبد الوهابابن علي بن نصر البغدادي ومحمد بن الحسين بن خلف البغدادي، وأبي الحسن محمد بن القاسم الفارسي، وأبي سعد محمد بن أحمد العميد، وأبي الحسن عليّ ابن محمد بن ابراهيم المقرئ، وأبي علي الحسن بن عدي بن محمد الأديب الفقيه، وأبي منصو عبد الملك بن اسماعيل الثعالبي وأبي سهل سعيد بن عبد العزيز النيلي، والحافظ أبي عثمان اسماعيل بن عبد الرحمن وأبي عبد الله الحسين بن محمد ابن أحمد الأنصاري المعروف بابن المنيقير الحلبي.
روى عنه أبو الحسن علي بن المؤمل بن غسان الكتب المصري وأبو الفتيان عمر ابن أبي الحسن الرواسي، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن الحطاب الرازي.
أخبرنا يوسف بن خليل وأبو... بن زون قالا: أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الرازي قال: أخبرنا أبو محمد الحسين بن محمد بن أحمد النيسأبوري الواعظ قال، وأبي أحمد بن ابراهيم ابن أحمد الرازي الفقيه بمصر قالا: حدثنا أبو الحسن علي بن موسى بن الحسين الدمشقي بها قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن ابراهيم بن مروان قال: حدثنا الحسن بن خلف قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن بن عيسى قال: حدثنا ابن عياش قال: حدثنا الأوزاعي وسعيد بن يوسف عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لا تنكح الثيب حتى تستأمر، ولا البكر حتى تستأذن واذنها الصمت.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسيفي كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السّلفي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المؤمل بن غسان المصري قال: حدثنا أبو محمد الحسين بن محمد بن أحمد النيسأبوي الواعظ بمصر قال: أنشدنا أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان لنفسه:
نوائب إن حلت تجلت سريعةً ... وإما توالت في الزمن تولّت
ودنياك ن قلّت أقالت وإن ... قلت فمن قلت في الدين لحتّ وعلّت
غلت وأغالت ثم غالت وأوحشت ... وجشت وجاشت واستمالت وملت
وصلّت بنيران وصلّت سيوفها ... وصلت حساماً من أذاةٍ وسلّت
أزالت وزالت بالفتىمن مقامه ... وحلّت فلما أحكم العقد حلّت
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: الحسين بن محمد بن أحمد بن الحسين الوعظ أبو محمد من أهل نيسأبو، كان واعظاً سمع ببلده أبا طاهر محمد بن محمد محمش الزيادي وحدث عنه بشيء يسير، ورد بغداد إن شاء الله، ثم خرج منها اى مصر، وحدث بها عن ابن محمش، وكتب عنه أبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الرواسي وقال: أخبرنا أبو محمد الواعظ بمصر في تاج الجوامع، وروى حديثا عن الصحيفة لهمام بن منبه، وهو في معجم شيوخ الرواسي.
أخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله، وأبو ... بن عزون قالا: أخبرنا أبو القاسم البوصيري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن ابراهيم الحطاب الرازي قال: أبو محمد الحسين محمد بن أحمد النيسأبوري الوعظ، كان يكتب الى أن توفي، وسمع معنا على محدثي مصر، وقد أدرك بخراسان أبا عبد الرحمن السّلمي وطبقته، وبالشام علي بن موسى بن السمسار وغيره، وكان من رفقاء أبي بدمشق في طلب الحديث، وعندي عنه جزء من فوائد أبي عبد الله بن مروان سمعت عليه وعلى والدي، وكانا قد سمعاه معاً على ابن السمسار الدمشقي بها.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ الدمشقي قال: الحسين بن محمد بن أحمد، أبو محمد النيسأبوري الواعظ سمع بدمشق أبا الحسن ابن السمسار، وأبا عبد الرحمن محمد بن الحسين الصوفي بنيسأبور، وأبا الحسن العتيقي روى عنه أبو عبد الله بن الحطاب.
الحسين بن محمد بن أسعد بن حليم الحنفي:
الفقيه المعروف بالنجم، قر الادب على ملك النحاة أبي نزار والفقه على أبيه محمد بن أسعد وسمع منه ومن الأمير مجد الدين محمد بن محمد بن نوشتكين المعروفبابن الداية بحلب، وولى التدريس بالمدرسة المعروفة بالحدادين بحلب، وله تصانيف في الفقه، شرح الجام الصغير لمحمد بن الحسن، وفرغ م تصنيفه بمكة حرسها الله، وله كتاب الفتاوى والواقعات وكان فقيهاً عالماً فاضلاً متديناً.
سمعت القاضي الخطيب ماد الدين عبد الكريم بن شيخنا أبي القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني يقول: أخبرني القاضي شرف الدين الموصلي قال: حضر نجم الدين بن الحليم يوما عند نور الدين محمود بن زنكي، فأخرج خاتماً من يده، وكان فيه لوزات ذهب، فقال له: يجوز لبس هذا؟ قال: فدفع بيده في صدر نور الدين، وقال تتحرج في لبس هذا الخاتم وفيه مقدار يسير من الذهب لا يبلغ وزنه ثمن مقال أو أقل، ويحمل الى خزانك كل يوم من المال الحرام كذا كذا ألف درهم! فقال له نور الدين: كيف تقول هذا ومن أين يحمل الى خزانتي من المال الحرام ما تقول؟ فقال يحمل اليك من مؤونة النقل كذا، ومن مؤونة الدواب ومن مؤونةكذا ومؤونة كذا، وكل هذه أمال حرام، قال: فاستدعى نور الدين صاحب ديوانه وسأله عن ذلك، فقال: نعم هو صحيح، وهذا قد جرت عادة الملوك به، فقال نور الدين: لا حاجة لي فيه وأمر بتبطيله.
الحسين بن محمد بن الياس البالسي:
روى عن أبي عثمان سعيد بن يحيى بن حمامة الطرسوسي.
الحسين بن محمد بن الحسين بن صالح:
ابن اسماعيل بن عمر بن حماد بنحمزة السبيعي، أبو عبد الله بن أبي بكر ابن أبي عبد الله الحلبي، محدث بن محدث بن محدث، من بيت العلم والحديث، انتقل أبوه وجده الى حلب وبهم يعرف درب السبيعي بحلب، وقد ذكرنا جده الحسين بن صالح وابن عم أبيه الحسن بن أحمد بن صالح الحافظ وسنذكر أباه الحافظ أبا بكر في المحمدين إن شاء الله تعالى.
حدث أبو عبد الله عن أبيه أبي بكر محمد بن الحسين الحافظ، وأبي علي الحسن بن علي التنوخي المعروف بابن النفوذي، قاضي جبلة، وعبد الله بن الحسن ابن أبي الأصبغ القاضي التنوخي، روى عنه القاضي أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحم بن محمد القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا التنوخي - يعني - علي بن المحسن قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن صالح السبيعي الحلبي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن علي التنوخي المعروف بابن النقوذي، قاضي جبلة بها، قال: حدثنا أحمد بن خليد بن يزيد عن عبد الله الكندي بحلب. وأخبرني علي بن أحمد الرزاز، قال: أخبرنا علي بن أحمد بن علي الوراق المصيصي قال: حدثنا أحمد بن خليد الكندي قال: حدثنا يوسف بن يونس الأفطس، زاد السبيعي: أبو يعقوب، ثم اتفقا قال: حدثنا سليمان بن بلال بن عبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إذا كان يوم القيامة دعا الله عبداً - وقال المصيصي: بعبدٍ - من عبيده فيوقف بين يديه فيسأله عن حاجته كما يسأله عن ماله " .
قال الخطيب هذا الحديث غريب جداً لا أعلمه يروى إلاّ بهذا الاسناد، تفرد به أحمد بن خليد.
وقال الخطيب: الحسين بن محمد بن الحسين بن صالح أبو عبد الله السبيعي الحلبي، قدم بغداد وحدث بها عن أبيه، وعن عبد الله بن الحسن بن أبي الأصبغ القاضي التنوخي، والحسن بن علي المعروف بابن النقوذي، حدثنا عنه علي بن المحسن التنوخي، وقال: قال لي التنوخي: قدم الحسين بن محمد السبيعي علينا بغداد في سنة احدى وسبعين وثلاثمائة، وأول ما كتب الحديث في سنة ست وعشرين أو سبع وعشرين: قال: وولد أبي في الكوفة وانتقل الى حلب فولدت له بها، قال التنوخي: ورجع الى حلب فمات بها.
الحسين بن محمد بن الحسين:

أبو عبد الله الضراب الصوري النحوي، قدم حلب سنة سبعين وثلاثمائة، وقرأ بها على الاستاذ أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه النحوي، وحدث عن عمر بن علي ويوسف الميانجي، روى عنه الحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد الحافظ البخاري.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي، وأجازه لي، قال: ذكر لي عبد السلام أن أبا عبد الله النحوي توفي سنة أربع عشرة، وأنه كان في وقته نحوي البلد ومدرسه، وكانت له حال واسعة حسنة، ومذهبه حسن في السنة. وقال لي عبد السلام حدثنا أنه حجفدخل على رجل يقرئ، فأبى أن يأخذ عليه وكذلك في اليوم الثاني، وفي اليوم الثالث، فتقدم اليه وقال: ان كنت تقرئ لله فخذ عليّ وإن كنت تقرئ للدنيا فمعي ماأعطيك، فأذن له فلما قرأ الفاتحة فسّرها له وذكر ما فيه من الإعراب، فقام الشيخ من مكانه وجلس بين يديه وقال: أنت أحق مني بهذا الموضع، أوكما قال.
وقال الحافظ أبو القاسم: الحسين بن محمد بن الحسين أبو عبد الله الصوري الضراب النحوي، حدث عن يوسف الميانجي وأبي حفص عمر بن علي، روى عنه أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري الحافظ.
قلت: عبد السلام الذيحكى عنه غيث بن علي الأزمنازي يغلب على ظني أنه ولده عبد السلام بن غيث والله أعلم.
الحسين بن محمد بن الحسين الخواص المعري الطرسوسي:
أبوعبد الله، حدث بطرسوس عن أبي بكر محمد بن سفيان صاحب المزني، ويونس بن عبد الأعلى الصدفي، روى عنه أبو بكر أحمد بن محمد بن عبدوس النسوي الحافظ.
الحسين بن محمد بن الحسين:
ابن علي بن محمد بن عبد الصمد الدئلي، أبو اسماعيل الأصفهاني، الوزير، حفيد أبي اسماعيل الحسين بن الطغرائي الذي قدمنا ذكره، ووالد الوزير نظام الدين محمد بن الحسين وزير الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، كان كاتباً حسن الكتابة، وينظم الشعر، وتولى الوزارة بمدينة إربل في عهد الأمير مجاهد الدين قابماز بن عبد الله، مولى الأمير زين الدين علي بن بكتكين، ثم عزل عن الوزارة، وتوجه الى حلب فتوفي بها.
روى عن أبيه شيئاً من شعر جده أبي اسماعيل المنشىء، روى عنه ابنه نظام الدين أبو المؤيد محمد بن الحسين، والبديع يوسف بن القاسم الاصطرلأبي.
أخبرنا أبو علي حسن بن اسماعيل القيلوي قال: أنشدني نظام الدين محمد بن الحسين بن محمد بن الحسين بن علي قال: أنشدني أبي الحسين بن قال: أنشدني أبي محمد بن الحسين قال: أنشدني أبي أبو اسماعيل الطغرائي لنفسه، وقد تقدمت في ترجمته:
ويا جيرتي بالجزع جسمي بعدكم ... نحيل وطرفي نالسهاد كحيل
عهدت بكم عصر الشبيبة غضة ... فخان وخنتم والوفاء قليل
وأودعتكم قلبي فلما طلبته مطلتم ... وشر الغارمين مطول
فإن عدتم يوماً تريدون مهجتي ... تمنعت إلاّ أن يقام كفيل
قرأت بخط أبي البركات المبارك بن أحمد المستوفي - وأجازه لنا، وأخبرنا به أبو البركات المبارك بن أبي بكر بن حمدان سماعاً عنه - قال: حدثني البديع يوسف بن القاسم الاصطرلأبي قال: كنت أعمل صنعة بدار أبي اسماعيل الحسين بن محمد سنة سبعين وخمسمائة وعنده أبو اسحاق ابراهيم بن محمد المشرف الإربلي، فعلا شيء من الدخان، فتأذى به أبو اسحق، وكانت عينه الصحيحة مريضة، فنهض خارجاً، وحضر الوزير أبو اسماعيل وطلبه، فأخبرته القصة، فأنفذ في طلبه، فكتب اليه:
لولا الدخان لما فارقت ... مجاسكم فإنه مجلس النعام والجود
فكتب اليه الوزير أبو اسماعيل يداعبه ويستدعيه:
ذاك الدخان الذي شاهدت بدده ... يد الشمال جهاراً أي تبديد
فاحضر لنعتاض عنه مع مروّقة ... يا سيدي بدخان الند والعود
قال لي أبو البركات بن أبي بكر بن حمدان: قال لي أبو البركات بن المستوفي: أخبرني ولده محمود بن الوزير أبي اسماعيل أن والده توفي بحلب في سنة اثنتين وتسعين وخمسمائة، ونقلت ذلك من خط ابن المستوفي، ولنا منه اجازة.
الحسين بن محمد بن داود بن سليمان بن حيان:

أبو القاسم القيسي المصري الحافظ، المعروف بوأمون، دخل طرسوس، واجتمع بها مع أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، ومحمد بن ابراهيم مربع الحافظ وجماعة من العلماء، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة...
حدث عن محمد بن هشام بن أبي خيره السدوسي بمسنده، وعن يحيى بن معين وابراهيم بن علي بن عبد الجبار الأزدي، وعيسى بن حماد زغبة والمزني صاحب الشافعي، وسلمة بن شبيب.
روى عنه أبو القاسم الطبراني، وأبو حفص عمر بن العيسى الدينوري، وأبو الحسين عبد الكريم بن أحمد بن أبي جدار، وأبو بكر بن المقرىء، وأبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ، وأبو طهر بن أبي حرب البلخي، وأبو عبد الله الحسين بن أحمد الثقفي.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بنى الحسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعدبن أبي سعيد الأصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوزجانيه قالت: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا الحسين بن محمد داود المصري مأمون قال: حدثنا عيسى بن حماد زغبة قال: حدثنا الليث بن سعد قال: حدثني محمد بن عجلان عن سهيل بن أبي صالح عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا يجتمعان في النار اجتماعاً يضر أحدهما صاحبة: مسلم قتل كافراً، ثم سدد المسلم وقارب، ولا يجتمعان في جوف مؤمن: غبار في سبيل الله، وقيح جهنم، ولا يجتمعان في جوف مؤمن: الايمان والحسد. لم يروه عن ابن عجلان إلاّ الليث.
أخبرنا يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو مسلم بن الأخوة وصاحبته عين الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج بن أبي الرجاء - قالت إجازة - قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي ومنصور بن الحسين قالا: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن داوود مأمون المصري - بمصر - قال: حدثنا محمد ابن هشام بن أبي خبرة قال: حدثنا بكر بن عبد الله الليثي، قال: حدثنا روح ابن القاسم عن عبد الله بن عمارة بن خثيم عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من خير ثيابكم البياض فألبسوه أحياءكم، وكفنوه فيها موتاكم، وإن من خير كحالكم الأثمد يجلي البصر وينبت الشعر.
أخبرنا أبو هاشم بن الفضل قال: أخبرنا أبو طاهر بن محمد السنجي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن حمد الدوني قال: أخبرنا أبو نصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد السني قال: حدثنا الحسين بن محمد مأمون قال: حدثنا محمد بن هشام بن أبي خبرة. وحدثنا عمرو بن علي المقدمي قال: حدثنا حريز بن عثمان عن سلمان بن شمير عن كثير بن مرة الحضرمي أنه قال لابنه: يا بني لا تحدث بالحكمه عند السفهاء فيكذبونك، ولا بالباطل عند الحكماء فيمقتونك، ولا تمنع العلم أهله فتأثم، ولا تبذله لغير أهله فتجهل، واعلم أن عليك في علمك حقاً كما أن عليك في مالك حقاً.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد الزينبي - قراءة عليه وأنا أسمع - وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو السعود بن المجلي وغيرهما - اجازة إن لم يكن سماعاً منهم أو من أحدهم - قالوا: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن مسعدة الاسماعيلي قال: سمعت أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: سألت الدارقطني عن الحسين بن محمد مأمون أبي القاسم القيي بمصر، فقال: ثقة.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به أبو القاسم بن رواحة وابن الطفيل عنه، قال: قرأت - يعني - على الحسن بن بركات القرشي الخشوعي وعبد الكريم بن حمزة.
وأنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن عبد الكريم بن حمزة عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد بن نصر الحافظ البخاري قال: مأمون المصري اسمه الحسين بن محمد بن داوود القيسي، ومأمون لقب، حدث عن المزني وغيره.
أخبرنا أبو الفضل ذاكر بن اسحاق قال: أخبرنا أبو سهل بن أبي الفرج قال: أخبرنا أبو منصور شهردار بن شيروية قال: أخبرنا أبو بكر البيع قال: أخبرنا أبو غانم بن المأمون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الرحمن الشيرازي في كتاب الألقاب قال: مأمون الحسين بن محمد بن داود بن سليمان المصري، يكنى أبا القاسم. أخبرنا أبو حفص عمر بن عيسى الدينوري - املاء - ببخارى قال: حدثنا أبو القاسم الحسين بن محمد بن داوود بن سليمان المصري، مأمون، قال: حدثنا عيسى بن حماد، فذكره.

أخبرني أبو بكر محمد بن عبد العظيم المنذري قال: وكانت وفاة مأمون الحافظ سنة ثلاث وعشرين وثلاثمائة، وهي من الغرائب المستفادة.
الحسين بن محمد بن صالح:
ابن عبد الله بن صالح بن علي بن عبد الله بن العباس بن عبد المطلب، أبو عبد الله الهاشمي الصالحي.
قرأت بخط القاضي أبي طاهر صالح بن الهاشمي في كتاب وقع إليّ في أنساب بني صالح بن علي قال في ذكر الحسين بن محمد بن صالح: وكان أجل أخوته وأعلاهم قدراً، وقد كان المعروف بأحمد المولدّ وهو محاصر لاهل حلب في فتنة المستعين جعله سفيراً بينه وبينهم، وداخلاً بالصلح، فلم يجبه أهل حلب إلى ما أورد فلما بايعوا بعد ذلك للمعتز، وانقضى أمر المستعين، ولاه أحمد جند قنسرين، فأقام مدة يسيرة ثم انصرف الى سلمية.
قلت: وكان جده عبد الله بن صالح بن علي قد نزل سلمية، واتخذ فيها الضياع، وأقام فيها، وخط منازله، وبقي أولاده بها بعده إلى حدود الأربعمائة.
الحسين بن محمد بن الصقر:
أبو عبد الله الكاتب المعلثاوي الموصلي، كان أبو محمد بن الصقر عاملاً لسيف الدولة بن حمدان على أنطاكية، وكان الحسين هذا أديباً، اجتمع بأبي العباس أحمد بن محمد النامي بحلب، وحكى عنه. روى عنه أبو علي المحسن بن علي التنوخي.
أنبأنا أبوحفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن - اجازة - قال: أخبرني أبي أبو علي قال: حدثني أبو عبد الله الحسين بن محمد بن الصقر الكاتب رجل من أهل معلثايا، وممن نشأ بالموصل، وكان أبوه عاملاً لسيف الدولة على أنطاكية، وهو من أهل الأدب، قال: جرى ذكر أبي الطيب بين يدي أبي العباس النامي المصيصي، فذكر حكاية قد ذكرناها في ترجمة المتنبي.
الحسين بن محمد بن عبادة بن البختري الواسطي:
رحل وسمع بالرقة هلال بن العلاء الرقي ودخل الشام فسمع بالمصيصة وافد ابن موسى المصيصي ومحمد بن علي بن كيسان المصيصي، وسمع بأنطاكية أبا عمرو عثمان بن خرزاد الأنطاكي، روى من خط الحافظ سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي.
نقلت من خط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأنبأنا به عنه أبو محمد عبد الرحمنوأبو العباس أحمد ابنا عبد الله بن علوان الأسديان، قال: الحسين بن محمد بن عبادة الواسطي يروي عن أبي عمر هلال بن العلاء القتبي الرقي، وأبي سعيد وافد ابن موسى المصيصي الذارع، وأبي بكر محمد بن علي بن كيسان البصري ثم المصيصي وعثمان بن خرزاد الأنطاكي، روى عنه سعيد بن عثمان بن السكن البغدادي الحافظ، وعبادة بفتح العين لا شك فيه، رأيته في كتاب عبد الغني بخطه عن سعيد بن السكن مضبوطا وأبوه محمد بن عبادة بن البختري، أبو جعفر العجلي واسطي مشهور بالرواية، روى عن أبي أسامة وطبقته، روى عنه أبو جعفر بن الحضرمي مطين وأسلم ابن سهل الواسطي وآخرون وأخه يحيى بن عبادة، روى عن زيدبن هارون يروى عنه أسلم بن سهل.
الحسين بن محمد بن عبد الله بن ابراهيم:
أبو يعلى الروذراوري الوزير والد الوزير أبي شجاع محمد بن الحسين وكان صحب الامير أبا كاليجار كرشاسف بن علاء الدولة أبي جعفر محمد بن دسمن صاحب همذان وأصفهان، ونظر في أعماله، وكان ينقاد له في جميع ما يدبره، ويتصرف فيه ثم صحب الامير أبا كاليجار هزارسب بن ينكير بن عياض أمير خوزستان والبصرة وواسط، ودبر بلاده مع سعتها ومجاورة الاعداء لها أحسن تدبير، ثم وزر ببغداد في سنة ستين وأربعمائة بعد عزل أبي نصر بن جهير، فلم تطل مدته وتوفي.
وكان بحلب فانني عثرت على دخوله حلب في حكاية وقعت إليّ وعلقتها وشذت عن يدي.
قرأت بخط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن أخي العزيز الكاتب في تاريخ بخطه قال في حوادث سنة ستين وأربعمائة، قال: وفي ليلة الثلاثاء من ذي القعدة، وهي ليلة المهرجان خرج توقيع الخليفة إلى فخر الدولة أبي نصر بن جهير بعزله وذلك بمحضر من قاضي القضاة أبي عبد الله الدامغاني، ونزل من باب اليسرى وهو يبكي والعامةتبكي لبكائه،وسار الى نور الدولة دبيس، وكان نازلاً بالفلوجة وتقررت الوزارة لأبي يعلى والد الوزير أبي شجاع، وكان قبل ذلك يكتب لهزارسب ابن ينكير، وكوتب، وورد الخبر بوفاته في ساعة وصول فخر الدولة الى القلعة ومرضه وقت عزله.

أنشدني أبو السعادات المبارك بن أبي بكر بن حمدان الموصلي قال: نقلت من خط أبي الفضل محمد بن عبد الله الملك بن الهمذاني لأبي يعلى الحسين بن محمد بن عبد الله والد الوزير أبي شجاع من قصيدة في القائم بأمر الله أمير المؤمنين رضوان الله عليه يقول فيها:
فحين جد زماني في إساءته ... وقام عندي ببلوله على قدم
رحلت عنه بخوف من نوائبه ... حتى نزلت بأمن في حمى الحرم
حمى الامام الذي أبقى النبي له ... تراثه فاصطفاه الله للأمم
ذاك الذي فرض الرحمن طاعته ... على الخلائق من عرب ومن عجم
بيت الرسالة والتنزيل منشؤه ... فهل مزيد على هذا الذي كرم
بنوره في الدياجي نهتدي أبداً ... بوجهه السعد يستسقي حيا الديم
من دوحة فرعها فوق السماء علاً ... وأصلها قدرسا في الأرض عن قدم
أبان هدى رسول الله مجتهداً ... حتى غدا الحق صفواً عن أذى التهم
فمنذ قام بأمر الله قد حرست ... جوانب الدين والدنيا من الثلم
لا زالت الأرض من نعماه ناضرة ... ما اخضر من ورق غصن من السلم
ذكر أبو الفضل محمد بن عبد الملك بن الهمذاني في ذيل كتاب الوزراء أن أبا يعلى توفي في ذي القعدة سنة ستين وأربعمائة.
الحسين بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين:
ابن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن الفضل بن جعفر بن الحسين بن أحمد ابن محمد بن أبي مضر زيادة الله بن أبي العباس عبد الله بن أبي اسحاق ابراهيم بن أبي ابراهيم أحمد بن أبي العباس محمد بن أبي عقال الأغلب بن أبي اسحاق ابراهيمابن أغلب بن سالم بن عقال بن خفاجة بن عباد بن عبد الله بن محارب بن سعد بن حرام بن سعد بن مالك بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مرّ بن أد بن طابخة بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو علي بن أبي عبد الله بن أبي المعالي المعروف بابن الجباب، والمعروف بالجباب هو جعفر بن الحسين الأغلبي التميمي المصري، من بني زيادة الله آخر ملوك بني الأغلب بالمغرب، وجده أبو المعالي هو المعروف بالقاضي الجليس كان جليساً لخليفة عصره من الفاطميين، ولقب بالجليس، وأبوه يلقب بالقاضي المرتضى، وهو من بيت الملك والرئاسة والتقدم والأدب والعلم والرواية، وهو أخو شيخنا فخر القضاة أبي الفضل أحمد بن محمد هكذا ذكر لي نسبه ابن عمه أبو المعالي عبد العزيز بن عبد القوي ابن عبد العزيز بن الحسين، وكتبه لي بخطه، سمع أبا البركات عبد القوي، والشريف أبا محمد يونس بن يحيى بن أبي الحسن والشريف أبا المفاخر سعيد بن الحسين بن محمد المأموني الهاشميين، والحافظ أبا طاهر بن محمد السّلفي، والحافظ أبا محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله المعروف بابن عساكر، وأبا محمد عبد الله بن بري النحوي، وأبا منصور محمد بن أبي المكارم مكرم بن شعبان الشيباني الكرماني القاضي، وأبا عمرو عثمان بن الفرج العبدري، وأبا الفرج بن الدهان، وأبا عبد الله محمد بن اسماعيل بن علي بن محمد بن أبي الضيف اليماني، ولبس خرقة التصوف من جماعة من مشايخ الصوفية، وأجاز له أبو طاهر اسماعيل بن عوف ودخل الى الحجاز واليمن والشام وهاجر الى حلب الى الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ثم اتصلبخدمة أخيه الملك الأفضل علي بن يوسف بسميساط، ثم بخدمة الملك الأشرف موسى بن أبي بكر بن أيوب بحران، ثم عاد الى مصر فتوفي بها، وكان أولاً ينوب عن أبيه القاضي المرتضى في ولايته بمصر.
روى لنا عنه عمه أبو المعالي بن الجباب، وأبو بكر محمد بن عبد العظيم ابن عبد القوي.
حدثنا أبو المعالي عبد العزيز بن عبد القوي بن عبد العزيز بن الجباب بمدينة بلبيس بظاهرها قال: أخبرني أبو علي الحسين بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين ابن عبد الله بن الجباب بقراءتي عليه قال: أخبرني الشريف أبو محمد يونس بن يحيى عن بن أبي الحسن البركات الهاشمي تجاه البيت المعظم زاده الله شرفا قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب، ح.

وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت قال: أخبرنا أبو عاصم الفضيل بن أبي يحيى بن الفضيل الهروي الفضيلي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي المنيعي قال: حدثنا مصعب بن عبد الله الزبيري قال: حدثني مالك بن أنس عن حبيب بن عبد الرحمن عن حفص بن عاصم عن أبي سعيد الخدري، أو عن أبي هريرة، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " سبعة يظلهم الله في ظله يوم لا ظل إلاّ ظله " : أمام عادل وشاب نشأ بعبادة الله عز وجل، ورجل قلبه معلق بالمسجد اذا خرج منه حتى يعود اليه، وجلان تحابا في الله فاجتمعا على ذلك وتفرقا، ورجل ذكر الله خالياً ففاضت عيناه، ورجل دعته ذات حسب وجمال فقال: اني أخاف الله عز وجل، ورجل تصدق بصدقة فأخفاها حتى لا تعلم شماله ما تنفق يمينه.
أخبرنا عبد العزيز بن عبد القوي من لفظه قال: أخبرني أبو علي الحسين بن محمد قال: أخبرني الإمام الحافظ بهاء الدين أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن ابن هبة الله بن عبد الله بن الحسن الشافعي بقراءتي عليه قال: أخبرني القاضي المنتجب أبو المعالي محمد بن يحيى بن علي القرشي قال: أخبرنا القاضي أبو الحسن علي بن الحسن بن الحسين الخلعي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر ابن النحاس التجيبي قال: أخبرنا أبو الطاهر أحمد بن محمد بن عمر المديني قال: حدثنا أبو موسى يونس بن عبد الأعلى الصدفي قال: حدثنا عبد الله ابن وهب قا: أخرني يونس بن يزيد عن ابن شهاب عن أبي سلمة بن عبد الرحمن عن أبي هريرة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: " والله إني لاستغفر الله وأتوب اليه في اليوم أكثر من سبعين مرة " .
قال لي أبو المعالي عبد العزيز بن عبد القوي: أبو علي الحسين بن القاضي المرتضى أبي عبد الله محمد بن القاضي الأمين جليس أمير المؤمنين، أبي المعالي عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن أحمد بن الفضل بن جعفر عرف بالجباب وكان من الصالحين وإنما عرف بالجبّاب لأنه كان ناظراً على الجباب التي تصنع للخليفة، وذكر تمام النسب كما ذكرناه، وقال: حدث بمصر، ودخل الشام وحلب، وخدم الملوك، وكان يخف على الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب وينوب بين يديه عن والده القاضي المرتضى أبي عبد الله محمد، وهو أكبر أولاد أبيه ودخل الحجاز واليمن، وهاجر الى الملك الظاهر غازي، صاحب حلب في سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، ثم الى الملك الأفضل نور الدين أخيه بسميساط، وخدم في آخر أمره الملك الأشرف موسى بن الملك العادل سيف الدولة أبي بكر بن أيوب بحران من بلاد الجزيرة ثم عاد الى مصر، وتوفي بها السابع عشر من ذي القعدة سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وكان مولده رحمه الله في سنة ستين وخمسمائة.
وقال لي شيخنا فخر القضاة أبو الفضل أحمد بن محمد بن عبد العزيز بن الجباب: أخي أبو علي الحسين بن محمد الملقب عز القضاة سمع صحيح مسلم من الشريف أبي المفاخر المأموني، وسمع أبي عمرو عثمان بن الفرج العبدري ومن أبي محمد بن برى، ومن أبي الفرج بن الدهان، وحدث، دخل دمشق وحلب وحرّان، قال: ومولده سنة ثمان وخمسين وخمسمائة تقريبا، وتوفي رحمه الله بمصر سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
أنشدنا الرشيد أبو عبد الله محمد بن عبد العظيم بن عبد القوي المنذري بالقاهرة قال: أنشدنا أبو علي الحسين بن محمد بن الجباب التميمي بمنزله بفسطاط مصر قال: أنشدني أبي لنفسه لغزاً في هدهد:
ولابس حلة قوهيه ... يسحب منها فضل أردان
نجاه من سطوة سلطانه ... لسان صدق غير خوّان
تراه ذا تاج وما قومه ... في حالة أرباب تيجان
أربعة أحرفه وهي إن ... حققتها بالعدّ حرفان

قال لي محمد بن عبد العظيم: الحسين بن محمد بن عبد العزيز بن الحسين بن عبد الله أبو علي بن أبي عبد الله بن أبي المعالي التميمي السعدي الأغلبي المعروف بابن الجبّاب، أخو شيخنا فخر القضاة وأبي الفضل أحمد، سمع من أبيه القاضي المرتضى أبي عبد الله محمد ومن الشريف أبي المغافر سعيد بن الحسين المأموني، ومن أبي عمرو عثمان بن فرج بن سعيد العبدري وتأدب وقال الشعر الحسن وجميع مجاميع وترسل عن السلطان الملك الكامل الى بلاد الاسماعيلية، وحدث سمعت منه، وسئل عن مولده فقال: في ذي القعدة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة، وتوفي بمصر في سحر السادس عشر من ذي القعدة في سنة ثلاث وعشرين وستمائة.
الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد:
ابن محمد بن الحسن بن عبيد الله بن القاسم بن عبد الله بن سليمان بن وهب ابن سعيد بن عمرو بن الحصين بن قيس بن قنان بن سلمة بن وهب بن عبد الله بن ربيعة بن الحارث بن كعب الحارثي أبو عبد الله البغدادي لالمعروف بالبارع ابن الدباس من أولاد القاسم بن عبيد الله بن سليمان الوزير بن الوزير، مقرئ مجود شاعر محسن فاضل أديب، قرأ القرآن على أبي بكر بن الخياط وأبي علي بن البناء وأحمد بن اللحياني، ويوسف الغوري وغيرهم.
وروى الحديث عن أبي علي الحسن بن غالب بن المبارك الحربي المقرئ، والقاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، وأبي جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن المسلمة، وأحمد بن محمد بن أحمد البزاز وأبي الجوائز الحسين بن علي ابن باري الواسطي، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن حسنون، وأبي الحسن علي ابن أحمد الملطي، وأبي القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الاسدي وغيرهم، وكان عارفاً باللغة والأدب متميزاً فيهما.
روى عنه الحافظان أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي وأبو الفرج عبد الرحمن ابن علي الجوزي، وأبو مضر أحمد بن ابراهيم بن عبد العزيز الطبري، وأبو المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري وأبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد البغداديان وأبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن علي بن المندائي الواسطي، والحسن بن جعفر بن عبد الصمد بن المتوكل الهاشمي، وحامد بن أبي الفتح المديني وأبو الحسن سعد الله بن محمد بن علي بن طاهر الدقاق، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب البغدادي النحوي وغيرهم، ودخل شيزر سنة خمس وثمانين وأربعمائة، ومدح بها عز الدولة نصر بن علي بن منقذ، واجتاز في طريقه بحلب.
أخبرنا بو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: حدثنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: حدثنا أبو القاسم علي بن الحسن ابن هبة الله الحافظ بدمشق لفظا قال: أخبرنا أبو عبد الله البارع الأديب المقرئ بقراءتي عيه ببغداد قال: أخبرنا أبو علي بن المبارك الحربي قال: أخرنا أبو الفضل عبيد الله بن عبد الرحمن الزهري قال: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن ابن المستفاض الفيريأبي قال: حدثنا محمد بن عثمان بن خالد أبو مروان العثماني، ومنصور بن أبي مزاحم قالا: حدثنا ابراهيم بن سعد عن ابن شهاب عن عبيد الله ابن عبد الله بن عتبة عن عبد الله بن عباس رضي االله عنهما قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم أجود بالخير، وكان أجود ما يكون في رمضان حين يلقاه جبريل، وكان يلقاه جبريل كل ليلة في رمضان حتى ينسلخ، يعرض عليه النبي صلى الله عليه وسلم القرآن، فاذا لقيه جبريل كان رسول الله صلى الله عليه وسلم أجود بالخير من الريح المرسلة.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد المروزي قال: حدثنا أبو الفضل عبد الرحيم بن أحمد بن محمد بن محمد البغدادي بأصبهان، وكتب لي بخطه، قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب البارع ببغداد قال: حدثني أبو الجوائز الحسن بن علي بن باري الواسطي الكاتب قال: حججت في بعض السنين فبينما أنا في الطاف إذ لمحت جارية لم أر كحسنها، فتعلقها قلبي فسألتها عن اسمها فقالت: نعم، وانتسأبي الى بني فهم، فلم أزل أستمتع بالنظر اليها مدة اقامتنا بمكة، فلما فارقنا مكة فلم أدر أي صوب سلكت فقلت:
قل للظلوم ألا هلمي لل ... حكم إن أنكرت ظلمي
ومن البلية أن يبيت ... حبيب نفسي وهو خصمي

أو أن أرى نجمي وقد ... ناديته مغرى برجمي
أر كائب الأحباب ليتك ... با لمحصب لم ترمى
حقا لقد نعمت ظهورك ... إذ سرت بحدوج نعم
خود تصيب سواد قلبي ... وهي للجمرات ترمي
وكم التقت أنفاسنا في ... حومة الحجر الأحم
عند استلام الركن آونة ... وسحب الدمع تهمني
فمحوت ما سطرت ملاثمها ... على عمد بلثمي
يا غرة السروات من فهم ... لقد أضللت فهمي
أثبت يوم النثر فهمك ... في الفؤاد وطاش سهمي
وازداد وجدي بها وكلفي بحبه، فقال لي بعض من آنس به: لو تزوجت يسكن ما بك، فتأبيت ثم ملت الى ماقال رجاء الافاق، فاستعنت بامرأة على ارتياد امرأة أتزوجها، فجائتني بعد أيام وقالت: قد حصلت لك امرأة تلائم مرادك حسناً وبيتاً، فاستحضرت وليها وتزوجتها، فلما زفت إليّ تأملتها فإذا هي صاحبتي، فقضيت العجب من حسن الاتفاق.
أنشدنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن الحسن بن النجار البغدادي بحلب قال: أنشدنا أبو الفتح محمد بن أحمد بن بختيار بن علي الماندائي ببغداد قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس النحوي المعروف بالبارع - بقراءة والدي عليه - يمدح عز الدولة نصر بن منقذ الكناني بشيزر، وذلك في سنة خمس وثمانين:
علا الشيب فاستولى على الهزل جدّه ... وأقمر في داج ألغى رشده
وودعني البيض الأونس والصبا ... عزيز عليّ فقدهن وفقده
وفين لسود حلن بيضاً فحلن عن ... هواي وهل يصبو إلى الشي ضده
أشرخ الشباب ابن حميداً فإنني ... رزئتك لا أسلم النصل غمده
لقد سل منك الشيب أبيض صارما على مفرقي يسعى بحتفي فرنده
يميناً لجهلي فيك أشهى من النهى ... إليّ مع الشيب الذي جار قصده
أقبل حلول الأربعين تسرعت ... طلائعه نحوي وطبّق رفده
أرى كل يوم مرّ من عمر الفتى ... إذا ما تقضى أعجز المرء ردّه
وكل نعيم ناله في شبابه ... يشاب إذا ما شاب بالصاب شهده
فلا نبغداً عهد الشباب إذا الهوى ... عليّ أمير والغواية جنده
وإذ مركبي طرف من الجهل جامح ... على الحلم في مضماره ما يصده
وإذ صارم الأفراح واللهو منتضى ... على الهمّ في يمناي لم ينب حده
أروح وأغدو بين كأس وقينة ... وخلٍ ومعشوق الدلال أوده
أمامي الهوى يدعو إلى الغي والصبا ... ورائي على الزلات يسحب برده
سقى الله يوماً لو يحدّ إذا انقضى ... سرور لقلنا ذلك اليوم حدّه
سحبنا فضول الربط فيه إلى الصبا ... ندامى صفاء ما يكدر ورده
يدير علينا الكأس أهيف مخطف ... إذا ما تثنى أخجل الفصن قده
حكى ما حوت يمناه بالطعم ريقه ... وبالفعل عيناه وباللون خده
إذا انجاب عنا غيهب السكر فان ... قضى كبهجته يوم به تمّ سعده
فبتنا نرى أن النجوم بكفه تدا ... ر وإن البدر في الحسن عبده
طوى الدهر ذاك العيش إلاّ إذ كاره ... وهل ذكر ما أبلى الزمان يجدّه
فدعه وعدّ لقول في مدح من خدى ... ركابك من أقصى العراقين قصده
أبي المرهف المأمول نصر بن منقذ ... الكناني مجد الدين لا زال مجده
إذا تجد الاحسان يملي ثناه على ... خاطرٍ مدح اللئام يكدّه
حقيق بعز الدولة المدح إنه ... أتى فيه حقاً ليس يمكن جحده
فإن أوله مني الثناء فأهله ... وإني وشعري للمقل وجهده
ليهن عقيلاتي الكرام صونها ... عن الهون نصر واحد العصر فرده

تمنّت جواداً يحمل المدح برهة ... فهذا أوان أدركت ما توده
طويت بها الأحياء حتى وردته ... فألقيته كالغيث للناس رفده
تفيض يداه بالسماح سجية ... بها كان معروفاً أبوه وجده
فلا طرف إلاّ نحو نعماه طامح ... ولا قلب إلاّ كامن فيه وده
جزى الله نصراً عن كنانة خير ما ... جزى سيداً للحمد يشريه صمده
أناف بها فخرا على النجم وابتنى ... لها شرفاً يبقى وذلك وكده
أقام بثغر الشام يحميه بالقنا وقد ... فغرت أفواهها فيه ربده
فشاد منار الدين بالعدل والهدى ... وسد الذي أعيى على الخلق سده
وساس به الله الأمور فأصبحت ... شوا مسها واستنفذ الهزل جدّه
فأضحى الورى في سيرة عمرية ... وأضحى بحمد الله يقرن حمده
وأسفر وجه الدهر بعد قطوبه ... وعزّ به الاسلام واشتد عضده
أغر كريم الصفح ينسى وعيده ... حياء ولكن نصب عينيه وعده
نهاه النهى أن يحمل الضغن قلبه ... له الله مأمونا على الغيظ حقده
قلى ماله المحبوب مذ عشق العلى ... فليس لشيء ما خلا الحمد كدّه
أرى الشام أضحى في الممالك شامة ... بسيرة سعد الملك أسعد جده
جلا بضياء العدل نصر بن منقذ ... دجى الظلم عنه إذ ورى فيه زنده
ومنعّه بالبيض تعرى متونها ... وبالبيض تغشى منهم الروع أسده
من آل علي بن المقلد فتية ... بهم حلّه في النائبات وعقده
جسومهم شتى وأرواحهم معا ... كما ضم شمل الدر في السلك عقده
علوا فكنصر والمقلد مرشد ... وسلطان كل في العلى ليس ندّه
ومنهم وإن لم يبلغ الحلم شافع ... ألا إن المجد كالشيب مرده
أآل علي أي عقد مكارم ... لكم تفخر الدنيا بكم إذ نعدّه
وأي ثناه في الزمان وسؤدد لكم ... جلّ حتى ليس يدرك حدّه
خلقتم لهذا الأمر حتى كأنما ... وليدكم دست الإمالاه مهدة
وأنتم سداد الثغر للدين جنة ... ببأسكم الاسلام أرهف حده
لكم في ذرى العلياء أرفع منزل ... فويق مناط النجم في الأفق بعده
فلا زلتم ظلاً على الخلق وارفاً ... ووارى الذي يبغيكم الشرّ لحده
أنشدنا محمد بن محمود بن الحسن قال: أنشدنا أبو الفتح بن أحمد الواسطي قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمد البارع لنفسه:
ألبارق العلوي أنت طروب ... ألا كل نجدي إليّ حبيب
تألق وجداً فاستشف به الجوى ... جوانح ما يخبو لهن لهيب
فأقصد قلبي بينهن ولم تكن ... سهام الهوى إلاّ الكرام تصيب
أأحبابنا لا القرب يرجى لديكم ... ولا النفس عنكم بالعباد تطيب
أبى الشوق إلاّ أن قلبي لذكركم ... يقلقله بين الضلوع وجيب
وأنّ صبا نجد اليكم تهزني ... كما اهتز من مرّ النسيم قضيب
وإني لورقاء الغصون اذا دعت ... هديلا بمرفض الدموع مجيب
غنينا معاً ثم افترقنا كأنما بنا ... وبكم ريب الزمان لعوب
أخبرنا عبد المطلب بن أبي المعالي قال: أنشدنا عبد الكريم بن أبي بكر المروزي قال: أنشدنا أبو المعمر المبارك بن أحمد بن عبد العزيز الأنصاري من لفظه.
وأنبأنا أبو الحسن بن المقير قال: كتب إلينا أبو المعمر الأنصاري قال: أنشدنا أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن الدباس البارع لنفسه، وهو مما قاله بالحجاز في سنة ثلاث وسبعين وأربعمائة.
ذكر الأحباب والوطنا ... والصبى والإلف والسكنا

فبكى شجواً وحق له ... مدنف بالشوق حلف ضنا
أبعدت مرمى يد رجمت ... من خراسان به اليمنا
خلست من بين أضلعه ... بالنوى قلباً له ضمنا
من لمشتاق تميله ذات ... سجع ميّلت فننا
كلما هاج الهديل لها ... طرباً هاجت له شجنا
لم تعرض في الحنين بمن ... مسعد إلاّ وقال أنا
لك أنسي مثل أنسك ... بي فتعالي نبد ما كمنا
نتشاكى ما نجّن إذا ... بحت شجوا صحت واحزنا
غير أني منك أعذر إن ... عاد سري في الهوى علنا
أنا لا أنت البعيد هوى ... أنا لا أنت الغريب هنا
أنا فرد يا حمام وها أنت ... والإلف القرين ثنا
أسرحا رأد النهار معاً ... واسكنا جنح الدجى غصنا
وابكيا يا جارتي لما لعبت ... أيدي الفراق بنا
واعلما أن قد مللت وأم ... للت من تطوافي المدنا
كم ترى أشكوا البعد وكم ... أندب الأطلال والد منا
ذبت حتى لو أخو رمدٍ ... ضمّنى جفناه ما فطنا
لو رآني حاسدي لبكى ... رحمةً لي أو عليّ حنا
لي عين دمعها دررّ خل ... قت أجفانها مزنا
وحشاً أنفاسه شررّ محر ... قات من إليّ دنا
أين قلبي ما صنعت به لا ... أرى صدري له وطنا
ما جنى جسمي فعاقبه ... إنما طرفي عليه جنا
خان يوم النفر وهو معي ... فأبى أن يصحب البدنا
أبه حادي الرفاق حدا ... أم له داعي الفراق عنا
أم أصاب البين ما ظهر ... اليوم من شملي وما بطنا
ليت أني قد صممت فلم ... أصغ للداعي به أذنا
إن عناني بالمسير فعن ... سير قلبي من حشاي كنا
راح بي نضوا وخلفه ... بالهوى في الحي مرتهنا
لست بالله أنهم ... في شأنه إلا ثلث منا
خلسته لا أبريها عين ... ريم الخيف حين رنا
ضمّنا رمي الجمار فما راح ... حتى رحت ممتحنا
بينما نقضي مناسكنا ... إذ لقينا دونها الفتنا
رفعت سجف القباب ... فلا الفرض أدينا ولا السننا
سفرت تلك الوجوه ... فأغشين بالأنوار أعيننا
ثم صينت بالأكف سوى ... مقل تستخون الأمنا
رشقتنا عن حواجبها ... بسهام تنفذ الجننا
فاحتسبنا الاجر في نظر ... آد بالأوزار أظهرنا
كم أخي نسك وذي ورع ... جاء يبغي الحج فافتتنا
أنصفونا يا بني حسن ... ليس هذا منكم حسنا
لم أحلّت محرماتكم ... بالعيون النجل أنفسنا
قد سمحنا بالقلوب لكم ... ليس نبغي منكم ثمنا
فاغفروها باللحاظ اذا ... شئتم أن تعقروا البدنا
نحن وفد الله عندكم ... ما لكم جيرانه ولنا
لم يجرنا منكم حرم من ... أتاه خائفا أمنا
دون هذا ما بنا رمق ... حسبكم ماشفنا وعنا
أنصفونا أو مسابغ ... عدل معين الدين يشملنا
ملك حاز العلى وأذ ... لّ العدى واستعبد الزمنا
أنشدنا أبو هاشم الصالحي قال: أنشدنا أبو سعد المروزي قال: أنشدني أبو الحسن سعد الله محمد بن علي بن طاهر الدقاق المقرئ من لفظه، وكتب لي بخطه.
وأنبأنا أبو القاسم بن هبة الله الشاهد عن أبي الحسن سعد الله بن محمد المقرئ قال: أنشدني أبو عبد الله البارع لنفسه:

إن قلب عاشقنا عندنا نقلبه ... إن شكى نعاتبه أو بكى نعذبه
دأبنا نبعده والهوى يقربه ... ليس هجرنا عجب بل رضاه أعجبه
والهوى إذ صدق العزم فيه صاحبه ... فالبعاد أقربه والعذاب أعذبه
أنشدنا المحب بن محمود البغدادي قال: أنشدنا محمد بن أحمد قاضي واسط قال: أنشدنا أبو عبد الله البارع لنفسه:
أميم هل الدهر الذي مر راجع ... لنا بالذي تطوى عليه الصحائف
ليالي إذ شملي وشملك والهوى ... جميع ولم يهتف بينك هاتف
وإذ أنت كالشعرى ضياء وبهجة ... وإذ شعري كالليل أسحم واحف
ونحن كغصني بانه طلها الندى ... وريحت فلانت بعد منها المعاطف
كلانا إذا ما أينعت ثمر المنى ... له في غراس الحب بالوصل قاطف
يود وصالي من أود وصاله ... ويشغف قلبي من أنا له شاغف
فلم ليلة بتنا ضجيعين لم أخف ... رقيبا ولم أحفل بما قال قاذف
لهوت بخود منك خمصانة الحشا ... تكاد تهي بالخصر منها الروادف
وقبلت ثغرا منك عذبا مجاجه ... برودا أمالته إلي السوالف
سكرت فما أدري وللحب سورة ... أبالراح أم ما ضمنته المرشف
وقد لف عطفينا العناق كما لوى ... بعضنا بالبعض للشوق عاطف
عففت عن الفحشاء فيها وإنني ... لما دونها من زلةٍ لمقارف
الى أن بدا نور من الشرق ساطع ... أضاء سناه فهو للشهب كاسف
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: حدثنا أبو سعد السمعاني قال: سمعت أبا عبد الله حامد بن أبي الفتح المديني يقول: سمعت أبا عبد الله البارع النحوي يقول: ولدت في سنة ثلاث وأربعين وأربعمائة في صفر.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود النجار قال: قرأت بخط محمد بن ناصر اليزدي قال لي - يعني - البارع، أبا عبد الله بن الدباس: ولدت سنة أربع وأربعين - يعني - وأربعمائة.
قرأت بخط قوام الدين، تاج الاسلام عبد الكريم بن أبي بكر بن أبي المظفر.
وأخبرنا به أبو هاشم الهاشمي قال: حدثنا عبد الكريم قال: سمعت أبا العباس الخضر بن ثروان الفارقي المقرئ مذاكرة ليلا بمرو يقول: دخلت ييغداد على أبي عبد الله البارع الأديب لأقرأ عليه القرآن، فصادفت عنده أضرّارء يقرأون عليه القرآن، ومن عجزه وشيخوخته ينام ويغفل وهم يضربون الحصير بالعصي التي بأيديهم، فقلت: ما تصنعون؟ قالوا: نقرأ عاى البارع، قلت: وهذا الضرب بالخشب كما يفعل الصوفية حالة الرقص لا قراءة القرآن؟ فقالوا: إنما نفعل هذا لكي لا ينام، قال: فخرجت وتركتهم ولم أقرأعليه.
وقال: أخبرنا عبد الكريم قال: سألت أبا القاسم الدمشقي الحافظ عنه - يعني البارع - فقال: ما كأن به بأسا.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: قرأت بخط أبي الفضل بن شافع قال شيخنا ابن ناصر: البارع فيه تساهل وضعف.
وقال ابن النجار: قرأت بخط أبي محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب النحوي قال: أخبرنا شيخنا الامام أبو عبد الله البارع بكتاب اصلاح المنطق لابن السكيت، بقراءتي عليه من أصل سماعه، بخط أبي الحسن الرزاز قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة - بقراءة أخي أبي الكرم المبارك بن فاخر النحوي عليه في ذي الحجة من سنة ثلاث وخمسين وأربعمائة - قال: أخبرنا أبو القاسم بن سويد قال: أخبرنا أبو بكر بن الأنباري قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا ابن رستم قال: أخبرنا ابن السكيت، ونسخة أبي علي بن البناء مجلدتان وفي آخر الثانية منهما بخطه: قرأ إسناد هذا الكتاب علينا الشيخ الجليل أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا بجميع هذا الكتاب أبو القاسم بن سويد، وذكر إسناده، وسمعت ذلك وأولادي: أبو نصر، وأبو غالب، وأبو عبد الله، وذكر جماعة في جمادى الآخرةسنة سبع وخمسين، فبابن البناء كان اقتداؤه واثره اتبع في سماع هذا الكتاب، والحق أبلج والباطل لجلج، وعلى الصدق نور، ومن حمله حسده على تكذيب الصادقين فهو أكذب الكاذبين، وفضوح الدنيا أهون من فضوح الآخرى، وعند الله يجتمع الخصوم، وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون.

قلت هذا الكلام من ابن الخشاب كأنه رد على طعن قدح في رواية كتاب إصلاح المنطق بهذا الطريق، وتكلم في صحة إسناد البارع، والظاهر عندي أنه أبو الفضل بن ناصر والله أعلم.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: الحسين بن محمد عبد الوهاب بن أحمد بن محمد ابن الحسن بن عبد الله بن القاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب الدباس أبو عبد الله المعروف بالبارع، أديب فاضلحسن المعرفة باللغة والأدب، وكان مقرئا قرأ جماعة عليه القرآن، وكان يسكن البدرية احدى المحال الشرقية مما يلي دار الخلافة والشط، سمع أبا علي الحسن بن غالب بن علي بن المبارك المقرئ، وأبا جعفر محمد بن أحمد بن محمد بن المسلمة، وجماعة سواهما، روى لنا عنه جماعة من أصحابنا.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار - فيما أذن لنا فيه - قال: الحسين بن محمد بن عبد الوهاب بن أحمد بن محمد بن الحسن بن قاسم بن عبيد الله بن سليمان بن وهب الحارثي، أبو عبد الله المقرئ، المعروف بالبارع بن الدباس، من أولاد الوزراء والأكابر - هكذا رأيت نسبه بخط أبي محمد بن الخشاب النحوي - قرأ القرآن بالروايات على أبي بكر محمد بن علي الخياط، وأبي علي الحسن بن أحمد بن البناء، ويوسف الغوري، وأحمد بن علي الخياط، وأبي علي الحسن بن أحمد بن الباء، ويوسف الغوري، وأحمد بن اللحياني وغيرهم، سمع الحديث بإفادة أخيه لأمه المبارك بن فاخر النحوي من القاضي أبي يعلى محمد بن الحسين بن الفراء، وأبي الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن حسنون النرسي وأبي القاسم عبد الواحد بن علي بن برهان الأسدي، وأبي جعفر محمد بن أحمد بن المسلمة، وأبي علي الحسن بن غالب بن المبارك المقرئ، وأبي الحسين أحمد بن محمد بن النقور وجماعة غيرهم، وقرأ اللغة والادب حتى برع فيهما وقال الشعر الكثير الجيد الجزل، ومدح الأئمة الخلفاء: المقتدي بأمر الله وابنه المستظهر بالله، وابنه المسترشد بالله، وجماعة من الوزراء والكبراء والأمراء وسافر الى العراق، فمدح نظام الملك بزنجان وغيره بأصبهان، ودخل خراسان، ومدح جماعة بمرو وغيرهم ودخل بلاد اليمن، ومدح بها، وكذلك الشام، وكان يعاشر الشباب، ويحضر مجالس اللهو والقصف واللذات رأيت ذلك بخط يده في ديوان شعره، ثم إنه حسنت طريقته في أخر عمره، وقد جمع له الشيخ أبو محمد عبد الله بن علي بن أحمد المقرئ سبط أبي منصور الخياط طرقا لقراءاته وأسانيد رواياته في كتاب سماه الشمس المنيرة في القراءات الشهيرة سمعناه من القاضي أبي الفتح الواسطي عنه، قرأ عليه القرآن خلق كثير، وأقرأوا عنه، وروى عنه الحديث جماعة من القدماء، وحدثنا عنه أبو الفرج بن الجوزي، وأبو الفتح محمد ابن أحمد بن المندائي قاضي واسط.
وقال ابن النجار: قرأت بخط الحافظ أبي البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: توفي أبو عبد الله الحسين بن محمد بن عبد الوهاب الدباس في ليلة الثلاثاء السابع عشر من جمادى من سنة أربع وعشرين وخمسمائة، ودفن يوم الثلاثاء بباب حرب.
أخبرنا أبو هاشم الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: قرأت بخط أبي عبد الله الحسين بن خسرو البلخي رحمه الله بالري: مات البارع أبو عبد الله بن الدباس يوم الثلاثاء سابع عشر جمادى الآخرى، ودفن يوم الاربعاء ثامن عشر جمادى الآخرى من سنة اربع وعشرين وخمسمائة، وكان قد أضر في أخر عمره.
الحسين بن محمد بن علي:
أبو العباس الحلبي، روى عن قاسم بن ابراهيم الملطي، روى عنه أبو العلاء محمد بن علي الواسطي هكذا رأيته في إسناد ذكره أبو بكر الخطيب، ويغلب على ظني أنه الحسين بن علي بن محمد بن اسحاق أبو العباس، وقد قدم ذكر الجد على الأب، وقد قدمنا ذكره.

أنبأنا زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: حدثنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي، وأبو العباس الحسين بن محمد ابن علي الحلبي قالا: حدثنا قاسم بن ابراهيم الملطي قال: حدثنا لوين قال: حدثنا مالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من قرأ ثلث القرآن أعطي ثلث النبوة، ومن قرأ ثلثي القرآن أعطي ثلثي النبوة، ومن قرأ القرآن كله أعطي النبوة كلها، ويقال لي يوم القيامة: إقرأ وارقى بكل آية درجة ويصعد حتى ينجز ما معه من القرآن، ثم قال له اقبض فيقبض بيده، ثم يقال له: هل تدري ما تبذل فإذا في يده اليمنى الخلد وفي الأخرى النعيم " .
الحسين بن محمد بن عمرو بن ابراهيم:
ابن اسحاق بن أحمد بن جعفر الطائي المنبجي، أبو الخطاب من أهل منبج، حدث عن يوسف بن القاسم الميانجي، روى عنه الحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي بن عبد الله المنذري قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد الأرتاحي - قراءة عليه بمصر وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين بن عمر الموصلي - إجازة - قال: أخبرنا الحافظ أبو زكريا عبد الرحيم بن أحمد البخاري قال: أخبرنا أبو الخطب الحسين بن محمد بن عمرو بن ابراهيم بن اسحاق بن أحمد بن جعفر الطائي المنبجي قال: حدثنا يوسف بن القاسم الميانجي قال: أخبرنا أبو خليفة قال: أخبرنا أبو الوليد قال: حدثنا شعبة قال: أنبأنا أبو اسحاق قال: سمعت عاصم بن ضمرة يقول: سمعت عليا رضي الله عن يقول: من كل الليل قد أوتر رسول الله صلى الله عليه وسلم من أوله، وأوسطه وآخره، وانتهى وتره الى آخره.
الحسين بن محمد بن غويث:
وقيل ابن غوث أبو عبد الله التنوخي الدمشقي، رحل وسمع بمصر والسواحل وسمع بطرسوس أبا أمية محمد بن ابراهيم الطرسوسي، وحدث عنه وعن الحسن ابن عبد الله بن منصور البالسي و... المزني والعباس بن الوليد البيروتي، ويونس بن عبد الأعلى الصدف، وابراهيم بن أبي سفيان القيسراني، ومحمد بن عزيز الأيلي ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم، وعلي بن عبد العزيز البغوي وبكار ابن قتيبة، وابراهيم بن مرزوق، ويزيد بن سنان البصري، وأحمد بن يحيى الصوفي وعبد الله بن قداح المصري، وبحر بن نصر الخواني، والحسن بن نصر المروزي، والربيع بن سليمان، وعبد الرحمن بن الجارود وعبد الله بن القداح المصري، ومالك بن سيف التجيبي.
روى عنه أبو بكر المقرئ، وأحمد بن عبد الله البرامي، وأبو الحسين عبد الوهاب الكلأبي، والحسن بن منير التنوخي وأبو سليمان بن زبر، وأبو الحسين محمد بن عبد الله الرازي، وأحمد بن عبد الله بن أبي دجانة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال أخبرنا أبو مسلم المؤيد بن عبد الرحيم بن أحمد بن الخوة وصاحبته عين الشمس قالا: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي - قالت: إجازة - قال: أخبرنا أبو التح منصور بن الحسين بن علي وأبو طاهر أحمد بن محمود قالا: أخرنا أبو بكر بن المقرئ قال: حدثنا أبو عبد الله حسين بن محمد بن غوث الدمشقي قال: حدثنا الحسن بن عبد الله البالسي قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم الحنيني عن عبد الله بن عمر العمري ومالك بن أنس عن نافع عن ابن عمر قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم اذا افتتح الصلاة رفع يديه حذو منكبيه وإذا أراد أن يركع رفعهما.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن قال: الحسين بن محمد بن غويث، ويقال غو، أبو عبد الله التنوخي رح وسمع وحدث عن المزني ومحمد بن عزيز الأيلي وابراهيم بن أبي سفيان القيسراني، والحسن بن عبد الله بن منصور البالسي، ويزيد بن سنان البصري وعبد الله بن القداح المصري ويونس بن عبدج الأعلى وأحمد بن يحيى الصوفي وبحر بن نصر الخولاني، ومحمد بن عبد الله بن عبد الحكم والحسن بن نصر المروزي، وعبد الرحمن بن الجارود ومالك بن سيف التجيبي والربيع بن سليمان، وعلي بن عبد العزيز البغوي، وأبي أمية الطرسوسي، والعباس بن الوليد بن مزيد وبكار بن قتيبة، وابراهيم بن مرزوق.

روى عنه أبو الحسين الرازي، وعبد الوهاب الكلأبي، وأبو سليمان بن زبروأبو بكر أحمد بن عبد الله بن أبي دجانة وأبو بكر بن المقرئ والحسن ابن منير التنوخي، وأبو بكر بن عبد الله بن الفرج البرامي.
وقال: قرأت على أبي محمد السلمي عن أبي محمد عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرني مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: توفي أبو علي الحسين بن غويث ليلة الاحد لعشر بقين من ذي الحجة - يعني - من سنة سبع عشرة ولاثمائة، خالفه أبو الحسين الرازي قال: قرأت بخط أبي الحسين نجا ابن أحمد الشاهد فيما نقله من خط أبي الحسين الرازي في تسمة من كتب عنه بدمشق: أبو علي الحسين بن محمد بن غوث التنوخي، مات سنة ثمان عشرة وثلاثمائة.
قال الحافظ: وكان قول أبي سليمان أولى لأنه قيد بالشهر.
الحسين بن محمد بن فيره بن حيون:
أبو علي السرقسطي المعروف بابن سكرّة الأندلسي الحافظ إمام كبير حافظ فقيه، سمع الحديث ببلاد المغرب، ثم دخل ديار مصر فسمع بالاسكندرية ومصر من شيوخها، ثم حج وسمع بمكة حرسها الله، ثم توج من الحج الى البصرة، فسمع بها من جماعة من الشيوخ، ثم توجه الى واسط، ثم قدم بغداد وأقام بها خمس سنين يشتغل بالحديث والفقه وتحصيل الفوائد، ثم دخل الشام فسمع فيها وفي طريقه اليها جماعة من الشيوخ، واجتاز بحلب في طريقه أو ببعض عملها، ثم عاد الى المغرب، وتصدر بها، وقصده الناس، واستفادوا منه، وتولى القضاء بمرسيه وشرق الأندلس ثم استقال وعزل نفسه، ثم خرج الى الغزو فأدركته الشهادة رحمه الله، وقد استقصى الحافظ أبو عبد الله بن النجار في ترجمته ذكره وتعداد أكثر شيوخه، فاستغنينا بايراد ما ذكره عن ذكر شيوخه، لكنه لم يسند عنه حديثاً، فأوردنا شيئاً مما وقع الينا من روايته.
أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا الامام الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال: أنبأن القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض قال: حدثنا القاضي الشهيد أبو علي بقراءتي عليه قلت له: حدثكم أبو الحسين بن عبد الجبار وأبو الفضل أحمد بن خيرون قالا: حدثنا أبو يعلى أحمد بن عبد الواحد عن أبي علي الحسن بن محمد السنجي عن أبي العباس محمد بن أحمد بن محبوب قال: حدثنا أبو عيسى محمد بن سورة الحافظ قال: حدثنا محمد بن يحيى قال: حدثنا محمد بن يوسف عن ابن ثوبان - هو عبد الرحمن بن ثابت بت ثوبان - عن حسان ابن عطية عن أبي كبشة السلولي عن عبد الله بن عمرو قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: بلغوا عني ولو آية، وحدثوا عن بني اسرائيل ولا حرج ومن كذب عليّ متعمداّ فليتبوأ مقعده من النار.
أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد الزاهد قال: أخبرنا أبو محمد الأندلسي عن أبي الفضل بن موسى اليحصبي قال: حدثنا القاضي الشهيد - يعني - أبا علي ابن سكّرة سماعاً من لفظه قال: أخبرنا العذري أبو العباس قال: أخبرنا أبو ذر الهروي قال: سمعت أبا زرعة عبيد الله بن عثمان يقول: سمعت أبا بكر النقاش يدعو بهذا الدعاء، اذا فرغنا وانصرفنا: عمر الله قلوبكم بذكره وألسنتكم بشكره وجوارحكم بخدمته، ولا جعل على قلوبكم ربانية لأحد من خليقته.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود النجار قال: الحسين بن محمد بن فيّرة ابن حون أبو علي الصدفي المعروف بابن سكرة، من أهل سرقسطة من بلاد الأندلس، قرأ بها القرآن عى أبي علي الحسين بن محمد بن مبشر المقرئ المعروف بابن الامام، صاحب أبي عمرو الداني، وسمع الحديث من أبي محمد عبد الله بن اسماعيل بن محمد بن فورتش، وأبي عبد الله محمد بن عبد الله بن محمد بن الصراف امام الجامع بها، وجال في الاندلس فسمع ببلنسية أبا العباس أحمد بن عمر بن أنس العذري وبالمريّة أبا عبد الله محمد بن سعدون ابن بلال، وبالمهدية أبا محمد سلمان بن العباس بن سليمان القروي، ثم دخل ديار مصر فسمع بالاسكندرية أبا العباس أحمد بن ابراهيم الرازي، وأبا جعفر أحمد بن حيى بن علي بن الجارود المصري، وأبا محمد عبد الله بن الحسن بن مسلّم الصقلي المقرئ وبمصر أبا اسحاق ابراهيم بن سعيد الحبال، وأبا الحسن علي بن الحسن الخلعي، وأبا الحسن محمد بن عبد الله بن داوود الفارسي وبتنيس أبا القاسم عبد المحسن بن عثمان بن غانم الشافعي وحج وسمع بمكة أبا عبد الله الحسين بن الطبري، وأبا بكر الطرطوشي، وتوجه الى البصرة وسمع بها أبا يعلى المالكي، وأبا القاسم عبد الملك بن خلف بن شغبة الحافظ، وجعفر بن محمد العباداني، وأبا الفرج محمد بن عبيد الله قاضي البصرة، وأبا العباس أحمد ابن محمد الجرجاني، وسمع بواسط أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن شاندة الأصبهاني، وأبا الحسن علي بن محمد بن المغازلي، وأبا عبد الله محمداً، وأبا الفضل محمداً ابني محمد بن علي بن عبيد الله بن علي بن السوادي ودخل بغداد في منتصف جمادى الآخرى سنة اثنتين وثمانين وأربعمائة، فأقام بها مدة خمس سنين حتى علق عن أبي بكر الشاشي الفقيه الشافعي تعليقته الكبرى في مسائل الخلاف ونفقته عليه، وسمع الحديث الكثير من النقيب أبي الفوارس طراد بن محمد ابن علي الزينبي وأبي الغنائم محمد بن علي بن أبي عثمان وأبي الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم، وأبي عبد الله مالك بن أحمد بن علي الانياسي، وأبي الحسن علي بن محمد بن الخطيب الأنباري، وأبي الخطاب نصر بن أحمد بن البطر، وأبي عبد الله الحسن بن محمد بن طلحة، وأبي سعد أحمد بن علي بن تحريش القزاز، وأبي محمد رزق الله بن عبد الوهاب التميمي، وأبي الغنائم حمزة بن محمد بن الحسن الزبيري، وأبي الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون، وأبي طاهر أحمد بن الحسن الكرجي، وأخيه أبي غالب محمد بن الحسن، وأبي الحسين أحمد بن عبد القادر بن محمد بن يوسف، وأبي بكر أحمد بن عمر بن أبي الأشعث السمرقندي، وأبي طاهر أحمد بن علي بن سوار المقرئ، وأبي بكر أحمد بن علي الطريثيثي، وأبي المعالي ثابت بت بندار البقال، وأبوي عبد الله الحسين بن أحمد بن ايوب العكبري، والحسين بن علي بن التستري، وأبي يعلى محمد بن أحمد الأنصاري، وأبي الوفاء محمد بن عبد السلام بن عفان الواعظ، وأبي محمد عبد الله بن جابر بن ياسين، وأبي عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي، وخلق كثير غيرهم، وحصل الكتب والفوائد، ثم إنّه دخل الشام في سنة تسع وثمانين، فسمع بها الفقيه نصر بن ابراهيم المقدسي، وأبا المعالي سهل بن بشر الاسفرائيني، وأبا اسحاق ابراهيم بن يونس بن محمد بن يونس االمقرئ خطيب دمشق، ومقاتل بن مطكود السوسي، وعاد الى بلاد المغرب، فأقام بها، وأخذ الناس عنه عماً كثيراً، حدث ببغداد بحديث واحد على ما ذكه في مشيخته، فإنه قال في مشيخته: علي بن هة الله بن عبد السلام أبو الحسن، بغدادي سمع معنا، أخذت عنه خمسة أحديث، وأخذ عني حديثاً واحداً.

أنبنا أبو نصر محمد بن هة القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن الدمشقي قال: الحسين بن محمد بن فيره بن حيون أبو علي الصدفي الأندلسي الحافظ الفقيه من أهل سرقسطة رحل سمع بدمشق نصر بن ابراهيم المقدسي وسهل بن بشر، وابراهيم بن يونس، ومقاتل بن مطكود، وببغداد أبا القاسم عبد الله بن طاهر التميمي البلخي المعروف بشاهفور، وأبا الغنائم ابن أبي عثمان، وعلي بن محمد بن محمد الأنباري، وعاصم بن الحسن، ومالك بن أحمد البانياسي، وأبا الفضل بن خيرون، وأبا طاهر الباقلاني، وأبا الخطاب بن البطر، وأبا محمد التميمي، وطراد بن محمد الزينبي، وأبا طاهر جعفر بن محمد بن الفضل القرشي العّبادني، وأبا الفرج محمد بن عبيد الله بن الحسن القاض ي، وأبا القاسم عبد الواحد بن علي بن فهد العلاف، وأبا الفضيل أحمد بن أحمد بن الحسن الصبهاني الفقيه، وبالبصرة أبا القاسم عبد الملك بن علي بن خلف بن شغبة، وبواسط أبا المعالي محمد بن عبد السلام بن محمد الواسطي، سمع منه بدمشق أبو القاسم وأبو محمد ابنا صابر، وخالي القاضي أبو المعالي وأبو الحسن علي بن زيد بن علي.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن الحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال: أنبأني القاضي أبو الفضل عياض بن موسى بن عياض اليحصبي قال: أبو عي حسين بن فيرة بن حيون الصدفي السرقسطي يعرف بابن سكّرة، مولده نحو أربع وخمسين وأربعمائة بمدينة سرقسطة، قرأ القرآن بها، وسمع من أبي محمد بن فوتش، وأبي الوليد الباجي، ويرهم وذاكرهما في الفقه، وذكر أن ابتداءه للسماع كان ند الباجي في شوال سنة إحدى وسبعين، ثم خرج عن سرقسطة سنة ثلاث وسبعين ببلنسية والمرية من جماعة، ولقي جلة من فقهاء الأندلس ورواتها.
أخذ عن أبي العباس العذري ببلنسية وبالمرية ابن المرابط وابن سعدون، وعني بالحديث والضبط وحفظ أسماء الرجال، وكان مع هذا موصوفا بالفضل والدين والعفة والصدق، ثم رحل الى المشرق أول محرم سنة إحدى وثمانين وأربعمائة في البحر، فلقي بقايا من شيوخ إفريقية بالمهدية، ولقي بمصر الحبّال والخلعي، وحج من عامه فلقي بمكة أبا عبد الله الطبري وأبا بكر الطرطوشي وسار الى البصرة ولقي أبا يعلى المالكي، وأبا العباس الجرجاني، وأبا القاسم بن شغبة الحافظ، وخج عنها الى بغداد، فسمع في طريقه بواسط، ودخل بغداد منتصف حجمادى الآخرة سنة اثنتين وثمانين، فأطال المقام بها خمس سنين كاملة حتى كتب عن الامام أبي بكر الشاشي تعليقته الكبرى في مسائل الخلاف وتفقه عنده، ولازم السماع عند من أدرك بها من جلة البغداديين ولقي بها جماعة من الخرسانيين وغيرهم من الطارئين عليها للحج من أئمة أهل المشرق والقاطنين بها منهم، ثم رحل عنها في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين فسمع بدمشق وغيرها في طريقه من نصر الفقيه وغيره، وحصلت عنده عوالي نفيسة وفوائد جمة، ووصل الى الأندلس في صفر سنة تسعين وأربعمائة، واستقر سكناه بمدينة مرسية، وواظب الجلوس للاسماع والاملاء ولرواية، والمذاكرة في مسائل المدونة على طريقة أهل المغرب في الملكية، فرحل الناس للسماع منه من أقطار الأندلس والمغرب.
وتوفي على اثرذلك كنيّه وسميّه أبو علي الحسين بن محمد الغساني الحافظ المعروف بالجيّاني، شيخنا وآخر المسندين بقرطبة، وأضبط النس لكتاب ورواية، فانفرد بعد وفاته بالامامة في الحديث بالاندلس، وكثر الراحلون إليه، وغص مجلسه واستوفت نوب السامعين منه أجزاء نهاره وكثيراً من ليله، وتنافس الناس في الأخذ منه، والحمل عنه، وشارك فيه الأكابر والأصاغ، وكان صابراً على ذلك محتسباً فيه، ولم يزل يزداد على مّ الأيام معرفةً وحفظاً وورعاً وجلالة ومنزلة من قلوب الناس مع حسن خلقه وتواضعه وجميل عشرته، حتى بذّ ذكره جميع طبقات الفضلاء، وبعد صيته من بين العلماء.

ثم طلب أهل مرسية وشرق الأندلس من مير المسلمين أبي الحسقن علي بن يوف بن تاشفين أن يقلده قضاءهم فقلده ذلك في ربيع الآخر سنة خمس وخمسين وخمسمائة فامتنع منه وخرج الى المرية فارا بنفسه، وترددت اليه كتب أمير المسلمن ورسله، وألزم إشخاصه الى مسية، وشدد في الأمر فنهض إليها على كره متقلدا قضاءها وقضاء قضاة الشرق بها، فلزم هذا العمل محمود السيرة قائخما بالحق الى أن عزل عن القضاء نفسه، واختفى ووردت كتب السلطان برجوعه الى القضاء وهو يأبى، وبقيت الحال هكذا شهرا، وكتب الطلاب والرحالون كتابا يشكون فيه الى أمير المسلمين حالهم ونفاذ نفقاتهم وانقطاع آمالهم فسعى له قاضي الجماعة عند أمير المسلمين وبين له وجه عذره الى أن أسعف رغبته، وظهر للناس.
ولما وجه أمير المسلمين الجيوش الى الثغر مع أخيه ابراهيم سنة أربع عشرة، خرج فيمن خرج من المطوعة، فلما جرت على المسلمين الهزيمة المشهوة بقتندة كان فيمن فقد فختم له بالشهادة، وكانت هذه الوقعة بقتندة من ثغر سرقسطة يوم الخميس لست بقين لربيع الاول من السنة المذكورة.
قال القاضي عياض: ولقد حدثني الفقيه أبو اسحاق ابراهيم بم جعفر أنه قال له: خذ الصحيح فاذكر أي متن شئت منه أذكر لك سنده، أو أي سند أذكر لك متنه.
الحسين بن محمد بن مودود:
ابن حماد بن داوود بن علي بن عبد الله السلمي مولاهم أبو عروبة الحراني الحافظ وليّ قضاء حران وسافر في طلب العلم الى الشام والثغور والحجاز والعراق وفي عبوره من حران الى الشام اجتاز بحلب أو ببعض نواحيها.
حد عن فضاله بن الفضل الكندي، وأبي رفاعة عبد الله بن محمد، والمغيرة ابن عبدج الرحمن الحراني، وعلي بن سعيد بن شهريار، وعبد الوهاب ابن الضحاك العرضي وعمرو بن هشام الحراني، والمسيب بن واضح السلّمي، وليمان بن سلمة، ومحمد بن المفى الحمصي، وسلمة بن وأبي كريب، ومحمد ابن يحيى ابن كثير، ومحمد بن المثنى، ومحمد بن بشار، وعمرو بن عثمان، وعبد الوارث بن عبد الصمد بن عبد الوارث، وجميل بن الحسين، ومحمد بن عوف الحمصي، وأبي الخطاب زياد بن يحيى الحساني وعبد الرحمن بن عمرو البجلي، وعمرو بن عثمان، ومحمد بن زياد بن عبد الله بن عيسى، وأبي داوود سليمان بن سيف الحراني، وعلي بن منصور العطار، وأحمد بن بزيع الآدمي، وابراهيم بن سعيد الجوهري، وعباد بن يعقوب، ومخد بن مالك وغيرهم.
روى عنه الحافظ: أبو أحمد عبد الله بن عدي الجرجني،وأبوا بكر: محمد بن ابراهيم المقرئ، وأحمد بن محمد بن اسحاق السني.
أخبرنا بو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد ابن محمد بن عبد الله السنجي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن حمد الدوني قال: أخبرنا أبونصر الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق السني الحافظ قال: أخبرني أبو عروبة قال: حدثنا ابراهيم بن سعيد الجوهري قال: حدثنا شبابة بن سوار عن أبي بكر الهذلي عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: رخص رسول الله صلى الله عليه وسلم في شعر الجاهلية إلا قصيدة أمي بن أبي الصلت في أهل بدر وقصيدة الأعشى في ذكر عامر وعلقمة.
أخبرنا بو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسبم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: الحسين بن محمد بن مودود أبو عروبة الحراني كان عارفا بالحديث والرجال، وكان مع ذلك مفتي أهل حان، أشفاني حين سألته عن قوم من رواتهم وذكرت ذك في ذكر أساميهم.
اتحسين بن محمد بن موسى:
أبو علي بن أبي جعفر البطناني الحلبي، وقيل فيه الحسن، والصحيح الحسين، وقد ذكرناه فيمن اسمه الحسن، وقد ذكره أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي في معجم شيوخه فيمن اسمه الحسين، وهو حلبي وينسب الى بطنان قرية من قرى حلب، بينها وبين منبج وإليها يضاف وادي بطنان، وهو وادي بزاعا، وهي الى جانب بزاعا و تعرف ببطنان حبيب.
حدث بحلب عن عبد الله بن أبي بكر العتكي، وأحمد بن محمد بن أبي عقبة الأنصاري، وأبي الوليد الطيالسي، ويحيى بن عبد الحميد الحماني، واسماعيل بن عبد الله بن زرارة العبدري قاضي دمشق.

روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين بن صالح السبيعي الحلبي، و محمد بن عبد الرحمن الأصبهاني، و محمد بن أحمد بن عبد الله بن موسى الرافقي، وأبو عبد الله جعفر بن محمد بن سعيد بن شعيب و أبو جعفر أحمد بن اسحاق بن محمد ابن يزيد الحلبي، وأبو حفص عمر بن أحمد العطار البغدادي.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة وأبو محمد عبد الرحمن ابن عبد الله بن علوان، وولده القاضي أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن، وأبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد بن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن هبة الله بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله ابن أبي جرادة الحلبي قال: حدثني أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل الجلي الحلبي قال: أخبرنا أبو عبيد الله بن أبي نمير العابد الحلبي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسين بن صالح السبيعي قال: حدثنا الحسين بن محمد بن موسى البطناني بحلب سنة تسعين ومائتين قال: حدثنا عبد الله بن أبي بكر العتكي.
وأخبرنا يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو طاهر بركات بن ابراهيم ابن طاهر القرشي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد الكتاني الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم تمام بن محمد بن عبد الله الرازي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن اسحاق بن محمد ابن يزيد الحلبي القاضي قال: حدثنا أبو علي الحسن بن أبي جعفر البطناني بحلب قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أبي بكر العتكي، واللفظ للسبعي، قال: حدثنا شعبه عن هارون المعلم عن بديل بن مسيرة عن عبد الله بن شقيق عن عائشة قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرأ: " فروح وريحان " .
قال أبو عبد الرحمن: فلقيت هارون المعلم فسألته عن الحديث فحدثنيه كما حدثني شعبة.
وهذه القراءة، بضم الراء، من فروخ قرأبها يعقوب بن اسحاق الحضرمي.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن غسان بن غافل الأنصاري الحمصي بدمشق ومكرم بن محمد بن حمزه بن أبي الصقر بحلب قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الحرستاني قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي الحمصي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد الرافقي قال: حدثنا حاتم بن اسماعيلعن ابن أبي أسباط عن يحيى بن أبي كثير عن أبي سلمة عن أبي هريرة. وحاتم بن اسماعيل عن ابن أبي أسباط عن يحيى بن أبي كثير عن عكرمة عن ابن عباس قالا: كان النبي صلى الله عليه وسلم: إذا خطبت إليه بعض بناته أتى الخدر فقال: " إن فلانا يخطب فلانة، فإن طعنت في الخدر لم يزوجها، وإن تطعن في الخدر أنكحها " .
أخبرنا أبو الحسن علي بن شجاع بن سالم القرشي المقرئ قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أبي محمد عبد المولى بن محمد بن عبد الله الخمي قال: أخبرنا أبي أبو محمد عبد المولى قال: أخبرنا أبو خلف عبد الرحيم بن محمد بن المدبّر قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عبد الله بن أحمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين ابن جعفر بن محمد الجرجاني قال: حدثنا أبو حفص عمر بن أحمد العطار البغدادي بمصر قال: حدثنا أبو علي الحسين بن جعفر البطناني قال: حدثنا اسماعيل بن عبد الله بن زرارة قال: حدثنا محمد بن ربيعة الكلأبي قال: حدثنا أبو الحسن العسقلاني عن أبي جعفر محمد بن ركانة عن أبيه ركانة قال: صارعت النبي صلى الله عليه وسلم فصرعني. قال ركانة: وسمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " فرق بيننا وبين المشركين لبس العمائم على القلانس " .
قرأت في تاريخ الثقات تأليف الحافظ أبي حاتم محمد بن حبان البستي في الطبقة الرابعة وهم أتباع التابعين قال: حسين بن أبي جعفر البطناني من أهل حلب، كنيته أبو علي، يروي عن أبي الوليد الطيالسي وعبد الله بن أبي بكر العتكي. حدثني عنه محمد بن عبد الرحمن الأصبهاني.
قلت: سمع أبو بكر السبيعي منه سنة تسعين، فقد توفي بعد ذلك.
الحسين بن محمد الحلبي الأنصاري:

ويلقب بركة، روى عن يوسف بن أسباط، روى عنه موسى بن محمد الأنطاكي والحسن بن علي المعمري، وأبو محمد عبد الله بن زياد بن خالد بن أبي زياد بن أبان بن المغيرة، وأحمد بن عبد الله بن سأبور وأبو يعقوب المنجنيقي، والحسن بن علي القاضي، وكان يضع الحديث، وقد ذكرناه في حرف الباء فيمن اسمه بركة لاشتهاره بذلك وغلبته على حسين.
الحسين بن محمد أبو يعلى الملطي:
حدث بملطية عن الحسن بن زيد روى عنه جابر بن عبد الله بن المبارك الجلاب الموصلي، وقد سقنا عنه حديثا في ترجمة الحسن بن زيد.
الحسين بن محمد أبو القاسم الهبيري:
الفزاري الحلبي، من ولد عمر بن هبيرة ومن مذكوري التناء بحلب وأرباب النعم المشهورة بجند قنسرين والعواصم، وأهل بيته يقال لهم البيريون، بيت قديم من بيوت حلب ومن أهل المروءة والمعروف والتقدم عند الخلفاء والوزراء والملوك، وولوا ولايات بالعراق والشام، وقد ذكر أبو القاسم ذلك في رسالة من رسائله وقفت عليها، وكان أبو القاسم هذا شاعراً مجيداً وكاتباً بليغاً وله معرفة تامة باللغة والأدب، وكان بينه وببين أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه مكاتبة ومشاعرة، وله الى الامير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله ابن حمدان رقاع حسنة تشتمل على نثر ونظم، طالعت ذلك في مجلدة وقعت إلي من رسائله. روى عنه أبو عبد الله بن خالويه.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي بن النخاس المدائني الحلبي في مجموع وهبنية والدي رحمه الله: حدثنا الشيخ أبو الحسين أحمد بن علي بن عبد الله بن أبي أسامة رحمه الله قال: أملى علينا ابن خالويه قال: كتب أبو القاسم الهبيري الى وكيل له في القرية: إذت قرأت كتأبي هذا فاحمل إليّ حنزاباً هندياً تختبره وتنتضيه أو قبرسياً تختاره وترتضيه، أبيض عاجياً، أو أسود جوجيا، فإن لم تجده أسود حالكاً، ولا أبيض يقفا فليكن موشحاً بلقاً، ذا خلقٍ مدمج وجنب كنفج،مبرنس الرأس متوجه، مدبّجالظهر مخرفجه، بادي المنقار موذّفه، زمّجي الوجه مفوّفه، مدملك الهامة محدرج الحلقوم، مستجاف الحوصلة والبلعوم، رحيب المبرج والمنخرين، بارز الصماخين، مقلّص الرعثين كأنهما قرطان معلقان أو مصبحان يقدان، أو مدهنتا عقيق، أو وردتا شقيق، ذا عنقٍ أغلب أعنق، وعرف قانئٍ أفرق، كان ملكاً ألحفه ديباجه وألبسه تاجه، فهو يزفّ عليه مائلاً، ويشف ماثلاً، تحسبه المريخ إذا طلع، أو الرطب إذا أينع أو سطور جلنّار، أو لهيب النار، أو حماض البراري، فإذا نظر برشم وجمّح من مقلةٍ خدره المحجّج يطرف عن فصوص الياقوت الأحمر ونور الرياض الأزهر، له زور مولع رحيب، وجؤجؤ تارّ غير سليب، وجناح مؤجّد التركيب، مؤزّر الزفّ والانبوب كهيئة الطيلسان، أو رياط العصب اليمان، أو رياض البستان، كأنما حفت قوادمه بقواطع الأقلام أو حواشي الأعلام، أو مصاريب العيدان، أو رخص البنان، وذنب ناشر شايل، وسروال ضاف سائل، وركبه مركبة في ساق درماء كأنها قناة خط صماء أصفر الظنبوب والشراك محسر الصيصة عند العراك شر نب شوك الرجل، شثن الأصابع كأنها براثن ضبع أو مخالب سبع إن بحث نبث أو ركل ضبث، كأنما ينقر بنيازك الرماح، أو يناضل بنضال القداح، حسن الاشراف والايفاد والزيفان عند السفاد، ولا يكون أشغى ولا أورق، ولا أضجم ولا أجوق ولا أحصّ الجناح، ولا أبح الصياح، إن صاح خلت جواداً صهل، أو زاف قلت ستراً سدل يزهي على الطاووس شكلاً وحسناً، ويوفي عليه قدراً ووزناً، إن قاتل عترفاناً بذّه وفاقه، أو رآه ناظر أعجبه وراقه، يتوقد زغلاً وذكاءً، ويجري لونه ماءاً وضياءاً حتى إذا انتصب فاخزأل، وصفق فاستقل،وارتاح فأعجب، وصوت فأجلب، وعلا الجدار خاطباً وسبح معلناً، وقام مؤذناً أيقظ الى الصلاة غابقاً، وأذكر ناسياً، وبشر بهجة الإصباح وحث على الصبوح، ومعاطاة الأقداح فيعجب ويروق من رآه فيسبح ويقول تبارك الله أحسن الخالقين فإذا جئت به ملائماً لهذه الهيئة حويت قصب السبق وحققت مخيلة الظن، واستوجب حسن النظر إن شاء الله.
فأجابه الوكيل: قرأت كتابك وفهمت بعضه وأكثره لم أفهمه، والصواب أن تطلب هذه الصفة من ربك فعسى أن يعطيك ديك العرش إنه على كل شيء قدير.

وبخط المدائني تفسير الغريب عن ابن خالويه: الحنزاب: الديك، وتنتضيه: تختاره، أبيض عاجياً: شديد البياض يضرب الى الصفرة، وأسود دجوجياً: شديد السواد، وكذلك الحالك، واليقق: الشديدالبياض، والمومج: المفتول الخلق، والكنفج المنتفخ، والمبرنس: كأنه لابس برنس، والمدبج: كأنه لابس ديباج، والمخرفج: السمين المحسن الغذاء، والبادي: الظاهر.
قلت: وهذا في رواية ابن خالويه، ووقع إلي في غير هذه الرواية بازي المنقار، أي شبيه بمنقار البازي.
عدنا الى كلام ابن خالويه: مونف: مرتفع: وقوله زمجي الوجه أي شبيه بالزمج، كما تقول وجه متترك يشبه الأتراك، ومفوفه: فيه سواد وبياض، مدملك: مدور، ومحدرج الحلقوم: أملس، مستجاف الحوصله: واسع، رحيب المبرج: واسع البرج، يعني نظر عينيه، وبارزالصماخين أي ظاهر الأذنين، والرعثان ما تدلى من حنكه ومذابحه، شبهه بقرطين، لأن القرط يقال له الرعثة، وقوله عنق أغلب، يعني غليظ، وأعنق: طويل، وقانئ: شديد الحمرة، والمائل: القائم، والمريخ: نجم، وأينع: نضج، والحماض: نبات أحمر شبه به عرفه، برشم وحمج: أدام النظر، وخدرة: غليظة، والمحجج من الحجاجين وهي عظام المقلة، ويطرف: من فصوص الياقوت: شبه حمرة حدقته بذلك، والزور والجؤجؤ: الصدر، مولع: منقش، والتار: السمين، والمؤجد: الشديد، والزف: الريش، والعصب: ثياب اليمن، والرباط: البيض، وقوادمه: ريش، والسروال يعني الريش الذي على منسوب الى الخط وهي قرية على شاطئ البحر، والظنبوب: عظم الساق، عند العراك: يعني القتال، والشرنبث والشثن يعني الغليظ، ونبث: أخرج التراب، والارتفاع، والأشغى: المختلف المنقار، والأورق الطويل، والأجوق: المعوج، وكذلك الأضجم، والأحص: القليل الريش، وسدل: أسبل، والعترفان: الديك، وبذه: سبقه، وراقه: أعجبه، والرغل: النشاط، واحزأل: ارتفع، وارتاح: نشط، والغابق: الذي يشرب الغبوق، وهو شرب العشي ومعاطاة: مناولة، وناولته وعاطيته واحد.
وقد وقع إلي في بعض مطالعاتي هذه الرسالة لأبي القاسم الهبيري، وذكر أن ابن خالوليه اقترح عليه انشاءها.
قرأت في جزء وقع إلي من كلام أبي القاسم الهبيري نظما ونثراً أبياتاً له كتبها الى أبي عبد الله بن خالويه وقد سار الى ميافارقين:
على أن صبري أضيق ساحة ... وأقصر خطواً عن مصابحة البعد
عزيز على عيني وقد غبت لحظها ... وإن كان مطوي الجفون على السهد
وان رحيلا حال دون لقائنا لأقسى ... بنا قلباً من الحجر الصلد
لقد كان قلبي من يد الشوق مطلقا ... فأوقعته في قبضة الشوق والوجد
وقد كنت في دولة القرب سلوة ... عن السكن الجافي والأمل المكدي
بمن أعد الايام برء سقامها ... الى من على الهجران والبين والصد
وما زال قلبي مذ صحبت الهوى عالقا ... على طرق الهجران والبين والصد
ومن عادة الايام إخلاف وعدها ... فهل تنجز الايام فيك من وعد
ومما قرأته من شعره في هذا الجزء، وكتبته الى الأمير سيف الدولة:
وكيف احتمالي للزمان ضلامة ... وأنت على عين الزمان رقيب
وفي كل أرض في جنابك آهل ... وكل قريب لم تصله غريب
إذا مرضت حال امرئ لم يكن ... لها سوى فضل إنعام الأمير طبيب
ومنه أيضا وكتبها الى بعض اخوانه:
لو سلمنا من فرقة الاخوان ... لسمحنا لنائبات الزمان
أعلن البين كل سر وأبدي ... خفرات الدموع للأجفان
ما فراق الأحباب عندي إلا ... كفراق الأرواح للأبدان
الحسين بن محمد الهاشمي:
شاعر نزل محلى، وهو دير بنواحي المصيصة على ساحل جيحان، وقال فيه أبياتا من الشعر هي:
لست أنسى يوما بدير محلى ... لم ندعه يوما من الدهر عطلا
شغلتنا فيه اللذاذات حتى لم ... نجد غيرها لما فبه شغلا
في ربى دبج الربيع ثراها وك ... ساها مطارفاً ثم حلا
فهي تجلي على العيون كما عاينت ... في حسنها العرائس كحلا

ما رأى الناس مثل ذا الدير ديراً ... لا ولا عاينوا لذا المثل مثلاً
خيل هذا زبرجداً وعقيقاً ... والثرى عنبراً بمسك يعلا
صاهرت زهرة الغوادي فأهدين ... الى كل كاعب منه بعلا
ويباري جيحان ذا الدير ... في سقي المدام علا ونهلا
يرضع الروض خلف هذا وهذاك ... فقد شبّ بعدما كان طفلا
الحسين بن محمد المعري:
المعروف بالزاهد الدوسي شاعر من أهل معرة النعمان، ظفرت له بقطعتين من الشعر في مراثي بني المهذب المعريين يرثي بهما أبا الحسن المهذب بن علي بن المهذب التنوخي المعري، أحديهما قوله:
تجدد حزني بعد ما كان قد مضى ... بقائلة ان المهذب قد مضى
كريم غدا في كل قلب محببا اذا ... ما سواه كان فيه مبغضا
به كان ركن المكرمات مشيدا ... فغير عجيب ان عفا وتقوضا
يحرضني قوم على الحزن بعده ولست ... بمحتاج الى أن أحرضا
وقد أمرضتني الحادثات لفقده ... فتا لله لا أنفك ما عشت ممرضا
فلا يك انسان حليف رضى به ... ففي مثل هذا الخطب لا يحسن الرضا
وأقرضني دهري أسى وصبابة ... فيا ليته استوفى الذي كان أقرضه
أيومض برق الجود بعد مهذب ... وما كان الا من اياديه مومضا
وما بت الا بالهمام محمد مدى الدهر ... عن أفضاله متعوضا
وإن أبا تمام ركني ومثله أبو ... اليسر ان صرف الردى بي تقوضا
فداموا على النعماء في ظل نعمة ولا ... زال من عاداهم الدهر مدحضا
وأما الاخرى فيقول فيها:
نار الاسى بقلوبنا تتلهب ... لما ثوى شيخ العلاء مهذب
أراده صرف الحادثات وانما أردى قلوبنا بعده تنقلب
مازال يعذب في الحياة ثناؤه ... وثناه بعد الموت منها أعذب
كالمسك يؤخذ غير أن نسميه ... أذكى وأعذب في النفوس وأطيب
ولئن تسربل بالنعيم فاننا من ... بعده بلظى الجحيم نعذب
فسقى ثراه الغيث يهطل صوبه ... أبدا عليه ويستهل ويسكب
توفي المهذب بن علي سنة ثمان وعشرين وأربعمائة، فقد توفي الزاهد بعد ذلك.
الحسين بن منصور بن ابراهيم:
أبو علي الشطوي ويعرف بأبي علؤّية، سمع بالمصيصة حجاج بن محمد الأعور، وروى عنه وعن سفيان بن عيينة وحماد بن الوليد، والحارث بن النعمان، ووكيع بن الجراح روى عنه محمد بن اسحاق السراج، ومحمد بن مخلد وغيرهما.
وبعضهم يسميه الحسين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن عبد الله بن الحسين بن عبد الله الأنصاري عن الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن عمر البرمكي قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن سعد بن الحسين بن سفيان النسوي قال: أخبرنا محمد ابن اسحاق السراج قال: حدثنا الحسين بن منصور أبو علوية قال: حدثنا حجاج بن محمد الاعور بالمصيصة عن يونس بن أبي اسحاق عن أبي اسحاق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس قال: ولد رسول الله صلى الله عليه وسلم عام الفيل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحسين بن منصور بن ابراهيم أبو علي الصوفي ويعرف بأبي علوية، حدث عن سفيان بن عيينة وحماد بن الوليد ووكيع، وحجاج بن محمد الأعور والحارث بن النعمان البندار، روى عنه محمد لبن مخلد وجماعة، الا أنهم سموه الحسن، وقد أسلفنا ذكر ذلك، وكان ثقة.
الحسين بن منصور بن عبد الرحمن الرماني:
أبو علي المصيصي حدث بها عن داوود بن معاذ المصيصي والمعافى بن سليمان.
روى عنه أبو القاسم الطبراني وعبد الله بن عمر بن علي الجوهري.

أخبرنا أبو عبد الله محمد بن عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: حدثنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد قال: حدثنا الحسين ابن منصور الرماني بالمصيصة قال: حدثنا داوود بن معاذ قال: حدثنا عبد الوارث عن أبي عمرو بن العلاء عن محمد بن أبي ليلى عن يحيى بن عبيد البهراني عن ابن عباس: ان النبي صلى الله عليه وسلم كان ينبذ له فيشر به في اليوم وليلته والغدو وليلته فاذا كان اليوم الثالث أمر أن يهراق، أو يسقى الخدم.
حدثنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين الاندلسي قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد الاصبهاني قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد العزيز الجوزدانية قالت: أخبرنا أبو بكر محمد بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا الحسين بن منصور الرماني المصيصي قال: حدثنا المعافى بن سليمان قال: حدثنا حكيم بن نافع عن يحيى بن سعيد الانصاري عن سعيد بن المسيب عن عمر بن الخطاب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أول ما يرفع من الناس الامانة وآخر ما بيقى الصلاة ورب مصل لا خير فيه " . لم يروه عن يحيى الا حكيم تفرد به المعافى، لا يروى عن عمر الا بهذا الاسناد.
الحسين بن منصور بن عمرو بن جبلة:
وأظن أنه المصيصي، حدث عن محمد بن سليمان لوين المصيصي، وعفان بن مسلم، وأبي حذيفة. روى عنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن عبد الله بن موسى الرافقي الحلبي.
أخبرنا أبو الفضل مكرم بن محمد بن حمزة بن أبي الصقر بحلب وأبو عبد الله محمد بن غسان الانصاري بدمشق قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن جعفر الحرستاني قال: أخبرنا الخطيب أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي الاملوكي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الكريم - يعني - الحلبي قال: بن عمرو بن جبلة قال: حدثنا محمد بن سليمان الاسدي قال: حدثنا ابن أبي زائدة قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر ان غلاما لابن عمر أبق الى العدو، ثم ظهر المسلمون عليه، فرده النبي صلى الله عليه وسلم، ولم يكن قسمة.
الحسين بن موسى بن عمران:
أبو الطيب الرقي، وقيل هو بغدادي، نزيل أنطاكية حدث بها عن عامر بن سيار النحلي الحلبي وموسى بن مروان الرقي، روى عنه الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد الحافظ وأبو حفص عمر بن علي العتكي.
أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضلفي كتابه الينا من هراة والحرة أم المؤيد زينب بنت أبي القاسم عبد الرحمن بن الحسن بن أحمد الشعري النيسأبوري في كتابها الينا من نيسأبور قالا: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن عبد الرحمن الكنجروردي قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد بن اسحاق الحافظ قال: أخبرنا أبو الطيب الحسين بن موسى الرقي بأنطاكية قال: حدثنا عامر - يعني ابن سيار - قال: حدثنا عبد الحميد - يعني - ابن بهرام قال: حدثنا شهر بن حوشب قال: حدثني جندب بن سفيان رجل من بجيلة قال: اني لعند رسول الله صلى الله عليه وسلم حين جاء بشير سرية بعثها، فأخبر بنصر الله الذي نصر سريته وبفتح الله الذي فتح لهم قال: يا رسول الله بينما نحن نطلب القوم وقد هزمهم الله عز وجل إذ لحقت رجلاً بالسيف، فلما أحس أن السيف مواقعه التفت وهو يسعى فقال: إني مسلم إني مسلم، قال: قتلته؟ قال: يا رسول الله نعم، قال: فهلا شققت عن قلبه فنظرت أصادق هو أو كاذب؟ قال: لو شققت عن قلبه ما كان يعلمني ما قلبه إلاّ قطعة من اللحم، قال: فأنت قتلته لا ما في قلبه تعلم ولا لسانه صدقته، فأنت قاتلة، قال يا رسول الله استغفر لي، فقال: لا أستغفر لك فمات ذلك الرجل فدفنوه فأصبح على وجه الأرض ثلاث مرات، فلما رأى ذلك القوم استحيوا وحزنوا أو حربوا - الشك من أبي محمد - فاحتملوه فألقوه في تلك الشعاب.

أنبأنا أبو الحسين علي بن أبي عبد الله بن أبي الحسن بن المقير قال: أخبرنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد ابن الحسن قال: أخبرنا أبو علي بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر ابن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن أحمد الحافظ قال: أبو الطيب الحسين بن موسى بن عمران الرقي، سكن أنطاكية عن عامر بن سيار التميمي وموسى بن مروان الرقي فيه نظر.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: الحسين بن موسى بن عمران البغدادي حدث عن عامر بن سيار، شيخ مجهول، عن محمد بن عبد الملك بن أبي أيوب المديني الطويل، روى عنه عمر بن علي المتكي.
هكذا ذكر ترجمته، ولعله بغدادي الاصل ونزل الرقة ثم سكن أنطاكية، أو رقي نزل بغداد ثم أنطاكية والعجب من أبي عبد الله بن النجار حيث يقول: حدث عن عامر بن سيار شيخ مجهول، وعامر بن سيار شيخ معروف تميمي من أهل نحليني من جبل السماق، كتب عنه جماعة من العلماء، وستأتي ترجمته في حرف العين ان شاء الله تعالى.
الحسين بن نجي بن سلمة بن جشم:
ابن أسد بن خليبة بن شاجي بن موهب بن أسد بن جعشم بن حذيم بن الصدف ابن شهال بن عمرو بن دعمى بن زيد بن حضر موت، وقيل دعمى بن حضر موت، وقيل الصدف هو أسلم بن زيد بن مالك بن زيد بن حضرموت الاكبر الصدفي، شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها يومئذ.
قرأت بخط أبي سعيد السكري في نسب حضر موت مما رواه عن محمد بن حبيب قال في نسب الصدف: فولد نجي بن سلمة بن جشم بن أسد بن خليبة بن شاجي بن موهب بن أسد بن جعشم بن حذيم بن الصدف: عبد الله بن نجي، ومسلم بن نجي، والحسين بن نجي، قتل مع علي بصفين، وحمزة بن نجي قتل بصفين مع علي وذكر أخوته وأنهم قتلوا بصفين، وسنذكر كل واحد منهم في موضعه ان شاء الله تعالى.
الحسين بن هبة الله بن محفوظ:
ابن الحسن بن محمد بن أحمد بن الحسين بن صصري أبو القاسم بن أبي الغنائم بن أبي البركات بن أبي محمد بن أبي الحسين الربعي التغلبي، العدل الرضا من بيت الحديث والأمانة والدين، حدث هو وأبوه وجده وأخوه الحافظ أبو المواهب الحسن.

رحل معه الى حلب وسمع بإفادته بها من أبي طالب عبد الرحمن بن الحسن ابن العجمي وأحمد بن أبي الوفاء البغدادي إمام الحنابلة، والخطيب أبي طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد، والقاضي أبي المفاخر عبد الغفور بن لقمان بن لقمان الكردري، والحافظ أبي محمد عبد الله بن محمد الأشيري، وأبي المكارم محمد بن عبد الملك بن أحمد بن أبي جرادة، وأبي نصر عبد الصمد بن ظفر المحتسب، وأبي الحسن أحمد بن محمد بن الطرسوسي القاضي، وأبي حامد محمد ابن عبد الرحيم الغرناطي وسمع بدمشق من أبيه هبة الله وجده أبي البركات محفوظ، وأخيه أبي المواهب الحسن، وأبي القاسم الحسين بن الحسن بن محمد عبدان بن زرين بن محمد المقرئ،وأبي القاسم نصر بن أحمد بن مقاتل بن مطكود، وأخيه علي بن أحمد السوسّيين، وأبوي يعلى حمزة بن علي الحبوبي، وحمزة بن أحمد بن كروس والحافظين: أبي الحسين هبة الله، وأبي القاسم علي ابني الحسن بن هبة الله، وأبي النجيب السهروردي، وأبي الندى حسان بن تميم والشريف أبي طالب علي بن حيدرة وأبي محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الدرارني، وعبد الواحد بن عبد الماجد بن عبد الواحد القشيري، وابنه المحاسن عبد العزيز، وأبي المظفر محمد بن أسعد بن الحليم، وأبي سعد عبد الله بن محمد بن أبي عصرون، وأبي الفرج يحيى بن محمود الثقفي، وأبي القاسم علي بن الحسن الكلأبي المعروف بابن الماسح، وأبي محمد عبد الله بن الشهرزوري قاضي الشام، وأبي عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، وولده أبي البدائع محمود، وأبي الفضل عبد المحسن بن عبد المنعم بن علي بن مثيب الكفرطأبي، وشيخ الشيوخ عبد الرحيم بن اسماعيل النيسأبوري،وأبي طالب الخضر بن هبة الله بن طاووس، وأبي عبد الله محمد بن حمزة بن أبي الصقر، وأبي المعالي مسعود بن محمد النيسأبوري، وأبي محمد عبد الرحمن بن علي بن المسلم الخرقي، وأبي الغنائم مظهر بن خلف أسامة بن منقذ، وأبي بكر عبد الله بن محمد النوقاني،وأبي الفضل عبد الواحد بن إبراهيم بن المقرئ الحلبي، وجماعة يطول ذكرهم ويكثر تعدادهم، وأجاز له جماعة من المشايخ المعتبرين.
وحدث بالكثير، وروى عنه أخوه الحافظ أبو المواهب في معجم شيوخه واجتمعت به بدمشق في سنتي تسع وستمائة وأربع عشرة وستمائة، وعند توجهي إلى الحج في سنة ثلاث وعشرين وستمائة، وسمعت عليه أجزاء من الحديث، وكان ثقة مأموناً ديناً صالحاً كيساً حسن الأخلاق، سألته عن مولده فقال: لا أدري إلاّ أن ابن عبدان أخذ لي إجازة في سنة إحدى وأربعين، فيكون مولدي في الأربعين أو دونها - يعني - وخمسمائة.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى التغلبي قال: أخبرنا جدي لأمي أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن المسلم بن هلال الأزدي قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الكريم بن المؤمل بن الحسن الكفرطأبي - قراءة عليه وأنا حاضر - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن القاسم بن أبي نصر التميمي قال: أخبرنا أبو الحسن خيثمة بن سليمان بن حيدرة قال: حدثنا اسحاق بن سيار قال: حدثنا عبيد الله وهو ابن موسى عن الحسن بن صالح عن الأسود بن قيس عن نبيح عن أبي سعيد رضي الله عنه قال: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن صيام هذين اليومين يوم الأضحى ويوم الفطر.
أخبرنا أبو القاسم بن صصرى قال: أخبرنا أبو القاسم الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي

- بقراءة والدي - قال: أخبرنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي بن أبي العلاء - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: قرئ على أبي القاسم عمر بن أحمد ابن الوليد بن الأصبغ المنبجي بها قال: حدثنا عبد الرحمن بن عيسى بن محمد بمنبج قال: حدثنا أحمد بن يوسف قال: حدثنا سهل - يعني - ابن صالح قال: حدثنا قفيصة عن سفيان الثوري عن الأعمش عن عماة بن عمير عن حريث بن ظهير وعبد الرحمن بن مرثد عنهما جميعا أو عن أحديهما قال: قال عبد الرحمن: انه أتى علينا زمان لسنا نقضي ولسنا هناك، وان الله بلغنا من الأمور ما ترون، فمن عرض له فيكم بعد اليوم قضاء فليقض بما في كتاب الله، فإن جاءه بما ليس في كتاب الله وما لم يقض به نبيه فليقض بما قضى الصالحون به، فإن جاءه ما ليس في كتاب الله ولم يقض به نبيه ولم يقض به الصالحون فليجتهد رأيه ولا يقولن: إني أرى كذا وكذا فإن الحلال بين والحرام بين وبين ذلك أمور مستبهمة، فدع ما يريبك الى ما لا يريبك.
أخبرنا الحسين بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عساكر بن سرور الخشاب المقدسي قال: أخبرنا القاضي أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو المعمر المسدد بن علي الأملوكي قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل الحلبي - يعني - ابن القاسم بن اسماعيل قال: أنشدنا ابن أبي خيرة الرقي قال: أنشدونا لأبي عمرو بن العلاء:
أبني إنّ من الرجال بهيمة ... في صورة الرجل السميع المبصر
فطن بكل مصيبة في ماله ... وإذا يصاب بدينه لم يشعر
بلغنا أن شيخنا أبا القاسم الحسين بن صصرى توفي بكرة يوم السبت الثالث والعشرين من محرم سنة ست وعشرين وستمائة وصلي عليه بجامع دمشق بعد صلاة العصر زدفن بسفح جبل قاسيون.
وأخبرني بذلك جمال الدين محمد بن علي بن الصابوني وأخرني شرف الدين... بن شيخنا أبي الغنائم سالم بن الحسن بن صصرى أن عم أبيه أبا القاسم الحسين بن صصرى توفي في أوائل محرم سنة ست وعشرين وستمائة.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري، قال في ذكر من مات سنة ست وعشرين وستمائة: وفي الثالث والعشرين من المحرم توفي الأصيل أبو القاسم الحسين بن الشيخ الأجل أبي البركات محفوظ بن أبي محمد الحسن بن أبي الحسين محمد بن الحسن بن الحسن بن أحمد بن الحسين بن صصرى الربعي التغلبي البلدي الأصل، الدمشقي المولد والدار، الشافعي، العدل بدمشق، وصلي عليه بجامع دمشق وبظاهر المدينة، ودفن من يومه بسفح قاسيون، ومولده قبل الأربعين وخمسمائة.
سمع من آباء القاسم: الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن، ونصر بن محمد بن مقاتل السوسي، وعلي بن الحسن بن هبة الله الحافظ وأبي يعلى حمزة بن فارس بن أحمد بن كروس، والفقيه أبي الحسين هبة الله بن الحسن القرشي وغيرهم، وأجاز له الفقيه أبو الفتح نصر الله بن محمد بن عبد القوي اللاذي وغيره من الدمشقيين، وأبو محمد عبد الله بن علي المقرئ المعروف بابن بنت الشيخ، والشريف أبو السعادات هبة الله بن محمد بن علي الننحوي المعروف بابن الشجري، وأبو الفتح عبد الملك بن أبي القاسم الكروخي، وأبو بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني وغيرهم من البغداديين، وأبو عبد الله الحسين بن خميس الموصلي وحدث بالكثير، لقيته بدمشق وسمعت منه، وهو من بيت الحديث والعدالة.
الحسين بن هشام بن فرخسرو المروزي:
أخو علي بن هشام، وكانا من أعيان قواد المأمون، وعلي هو الأكبر منهما، سخط عليه المأمون، فأقدمهما عليه وهو بأذنه سنة سبع عشرة ومائتين فضرب عنقيهما بأذنة، وسنذكر خبريهما مستقصى في ترجمة علي بن هشام ان شاء الله تعالى.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي الحلبي في تاريخه، وأخبرنا به اجازة عنه المؤيد بن محمد الطوسي قال: سنة سبع عشرة ومائتين: وفيهما قتل المأمون ابني هشام: علياً وحسيناً بأذنة، أشخصهما اليه عجيف بن عنبسة، بعثه اليهما ثم بعث برأسيهما الى بغداد وخراسان فطيف بهما الى الجزيرة إلى بغداد الى مصر الى دمشق حتى أقطار الأرض ثم رميا في البحر وكتب في أذن علي بن هشام رقعة يذكر فيها أمره ويعذر به الناس.
الحسين بن الهيثم بن ماهان الكسائي:

أبو الربيع الرازي دخل الشام وسمع بتل منس المسيب بن واضح السلمي التلمنسي وبدمشق من عمار وعثمان بن اسماعيل الهذلي، وهشام بن خالد الأزرق، وبالعراق محمد بن الصباح الجرجرائي، ومالك بن يحيى التنوخي، وبمصر حرملة بن يحيى، وخالد بن عبد السلام الصدفي.
روى عنه أبو سهل بن زياد القطان، وأبو الحسين عبد الصمد بن علي بن محمد الطستي، وأبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، وأبو هارون موسى بن محمد بن هارون الأنصاري، وأبو عمران موسى بن سعيد، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وأبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي عبد الله الفراوي قال: أنبأنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الحافظ قال: سمعت علي بن عمر الدار قطني يقول: أبو الربيع الحسين بن الهيثم الرازي حدث ببغداد يعرف بالكسائي لا بأس به.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: الحسين بن هيثم بن ماهان، أبو الربيع الرازي الكسائي، سمع بدمشق هشام بن عمار، وهشام بن خالد الأزرق، وعثمان بن اسماعيل الهذلي، وبمصر زكريا بن يحيى كاتب العمري، وحرملة بن يحيى، وخالد ابن عبد السلام، وبالشام المسيب بن واضح وبالعراق محمد بن الصباح الجرجرائي، ومالك بن يحيى التنوخي.
روى عنه عبد الصمد بن علي الطستي، وأبو بكر بن سلمان وأبو سهل بن زياد القطان، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وأبو هارون موسى بن محمد بن هارون الأنصاري الزرقي، وأبو بكر أحمد بن يوسف بن خلاد النصيبي وأبو عمران موسى بن سعيد.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: الحسين بن هيثم بن ماهان أبو الربيع الكسائي الرازي، سكن بغداد وحدث بها عن محمد بن الصباح الجرجرائي، وهشام بن عمار الدمشقي، وحرملة بن يحيى وخالد بن عبد السلام المصريين، روى عنه عبد الصمد ابن علي الطستي، وأحمد بن الفضل بن خزيمة، وأحمد بن سلمان النجاد، وأبو سهل بن زياد القطان قال ابن سعيد: وكان ثقة، وقال بدر: وذكره الدار قطني فقال: لا بأس به.
الحسين بن يعقوب بن داوود:
ولاه يحيى بن خاقان بريد قنسرين والعواصم، ديار مضر، وخرج الى ولايته، وله شعر حسن حكى أبو بكر وأبو عثمان ابنا هاشم الخالديان عنه حكاية في كتاب الديارات.
الحسين بن يوسف بن محمد بن علي بن زر الحجبي:
أبو عبد الله القاص، حدث بحلب عن أبيه يوسف بن محمد بن علي وأحمد ابن المعلّى الدمشقي. روى عنه أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي، وأبو الطيب عبد المنعم بن عبيد الله بن غلبون الحلبيان.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة، والشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي، وابنه أبو عبد الله محمد بن أحمد بن محمد ابن الطرسوسي قالوا: أخبرنا أمين الدولة أبو سالم أحمد بن عبد القاهر بن الموصول الحلبي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: حدني الشيخ أبو الفتح عبد الله بن اسماعيل الحلبي المعروف بابن الجلي قال: أخبرنا الشيخ أبو عبيد الله عبد الرزاق بن عبد السلام بن أبي نمير الأسدي العابد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين السبيعي قال: حدثنا أبو عبد الله الحسين ابن يوسف بن محمد بن علي بن زر الحجبي القاص بحلب قال: حدثني أبي يوسف ابن محمد بن علي بن زر الحجبي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن يونس قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عبد الله الهيثم قال: حدثنا عبد الله بن ممون قال: حدثنا جعفر بن محمد عن أبيه قال: دخلت على جابر بن عبد الله الأنصاري، وقد ذهب بصره، فسلمت عليه، فقال لي: من أنت؟ فقلت: محمد بن علي، فقال: ومن محمد بن علي؟ فقلت: ابن الحسين بن علي، فقال: وابأبي أنت وأمي، ثم فتح جربّان قميصي الأعلى، فقال: وجعل يقبل عنقي ويقول لي: ان رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، قلت: وكيف قلت ذلك؟ قال: لأني دخلت على رسول الله صلى الله عليه وسلم ذات يوم، فقال لي: يا جابر عسى أن يطول بك عمرٌ، فإن لقيت رجلاً من ولدي يقال له محمد بن علي بن الحسين، فاقره مني السلام، فقد بلغت رسالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.
الحسين بن أبي طالب المصيصي:

روى عن محمد بن هارون الدمشقي، روى عنه أبو القاسم زيد بن عبد الله ابن عبد الكبير البصري.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي بالمسجد الأقصى بالقدس الشريف قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو طالب أحمد بن أبي هاشم محمد بن أحمد بن محمد بن عبد الرحمن القرشي المعروف بالكندلاني قال: حدثنا الشيخ أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش الحافظ - إملاء - قال: أخبرنا أبو القاسم زيد بن عبد الله بن عبد الكبير البصري برامهرمز قال: حدثنا الحسين بن أبي طالب المصيصي قال: سمعت محمد بن هارون الدمشقي ينشد:
لمحبرة تجالسني نهاري أحب ... إليّ من أنس الصديق
ورزمة كاغدٍ في البيت عندي ... أحب إلي من عدل الدقيق
ولطمة عالم في الخدّ مني ألذّ ... لدي من شرب الرحيق
الحسين بن أبي علي
أبو عبد الله القائد الصقليّ، أديب فاضل شاعر سافر الى العراق، وعاد ومرّ في طريقه بحلب، واجتمع بأبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري، ذكره أبو القاسم علي بن جعفر بن القطاع السعدي في كتابه فقال: الحسين بن أبي علي القائد أبو عبد الله الصقلي من أبناء قواد السلطان وشجعان الفرسان وكان مع ذلك من آدب الناس وأظرفهم وأحلاهم وألطفهم، وسافر الى اعراق واجتمع في رجوعه بأبي العلاء المعري بمعرة النعمان وأنشده له أشعاراً في غاية الاحسان فأعجب بها وأثنى عليه، فمن شعره قوله يصف العود من أبيات يقول فيها:
ومعاهد آنستني بأوانس ... يدنو السرور بها وفنه شطون
خمص البطون صدورها أفواها ... جعلت لها بدل العيون عيون
وذوات ألسنة أسر حديثها ... الشجي وأفصح قولها الملحون
يصدرن عنها عن صدور ما بها ... مما يثير من الحديث دفين
مضمومة ضم الحبيب مخمسّ منها ... صدور تارة وقرون
يضربن عند عناقهن فمن رأى ... أن العقاب مع العناق يكون
فكما ضربن وما لهنّ جناية ... وكذا لهّنّ وما أثمن يمين
تدعو بألسنها السرور كما ... دعا حسن الثناء بجوده شروين
قال قوله في موسى الحطمة وكان كبير الأنف:
كنت في مجلس قوم ... رسلاً منهم بموسى الحطمة
فأتى الأنف الينا بكرة ... وأتى موسى إلينا العتمة
قال: وقوله فيه أيضا:
وإذا أقبل موسى ... خلته يحمل قبراً
بات موسى داخل البيت ... وبات الأنف برّا
الحسين بن أبي الفضل بن الحسن الحسيني:
المصري، شريف من أهل البيتوتات المشهورة بمصر.
قرأت في بعض تعاليقي أنه حين جرى على الدولة المصرية ما جرى واستولى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب رحمه الله على الديار المصرية، وأقام بها الخطبة لبني العباس، توجه الحسين هذا الى الشام، ثم أقام بحلب أياماً في دولة الملك الصالح اسماعيل بن نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله، وتوفي الملك الصالح وملك حلب ابن عمه عز الدين مسعود بن مودود بن زنكي، فاستخدم الحسين بن أبي الفضل هذا بسوق الخيل، وكان شاعراً حسن الشعر وقفت له على أبيات من قصيدة يمدح بها مجاهد الدين قايماز الزيني أولها:
جفا الطيف لكن بعدما بعد المسرا ... وهاب الفجاج الغر واللّحج الخضرا
أأحبابنا إن ساءني بعد داركم ... فقد عشت مسروراً بقربكم دهرا
ومنها:
وكنّا معا كالراحتين تظافراً ... فإن نأت اليمنى لما نأت اليسراد
غنيت على فقري إليكم عن الورى ... وصاحبت في عسري لفقدكم اليسرا
الحسين ابن العطار المصيصي:
حدث عن خليفة بن خياط العصفري المعروف بشباب. روى عنه أبو القاسم الطبراني.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن حسين بن هلالة الأندلسي قال: أخبرنا أسعد ابن أبي سعيد قال: أخبرتنا فاطمة الجوزجانية قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا الحسين بن العطار المصيصي قال حدثنا شباب العصفري قال: حدثنا بكر بن سليمان صاحب المغازي قال حدثنا محمد بن اسحاق قال: حدثني نبيه بن وهب عن أبي عزيز بن عمير أخي مصعب بن عمير قال: كنت في الأسارى يوم بدر فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: استوصوا بالأسارى خيراً، قد كنت في نفر من الأنصار، فكانوا اذا قدموا غداءهم وعشاءهم أكلوا الثمر وأطعموني الخبز لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم.
قال الطبراني: لا يروى عن أبي عزيز بن عمير إلاّ بهذا الاسناد تفرد به اسحق.
الحسين لأخو زيدان الكوفي:
صحب وكيع بن الجراح، وكان معه في المصيصة وطرسوس، وحكى عنه، روى عنه أبو هشام محمد بن يزيد الرفاعي.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأنا على أبي غالب، وأبي عبد الله ابني الحسن بن البناء، ح.
وأنبأنا عمر بن محمد المكتب عنهما عن أبي تمام علي بن محمد الواسطي عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن قاسم بن جعفر الكوكبي قال: كنت مع وكيع حين رجع من مكة حتى مات، قال: فقال لي بفيد: أنا في السوق ولكن أقطع نفسي مخافة أن يغتم ابني هذا، يعني أحمد، ثم قال: يا أحمد بقس علينا من السنة باب لم ندخل فيه، أخضبني.
قال: وأقبلنا جميعا من المصيصة أو طرسوس، فأتينا الشام، فما أتينا بلدا الا استقبلنا واليها وشهدنا الجمعة في مسجد دمشق، فلما سلم الامام أطافوا بوكيع، فلما انصرف الى أهله فحدثت به مليح ابنه فقال: رأيت في جسده آثاراً مما زحم ذلك اليوم.
الحسين مولى عمر بن عبد العزيز:
كان معه بخناصرة ودابق، وكان يتولى الأذن عليه.
أخبرنا أبو حفص بن طبرزد - اجازة عن أبي السعود بن المجلي - قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا أبو القاسم عبيد الله بن أحمد بن علي المقرئ قال: حدثنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمو الانصاري: حدثكم الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: وكان عمر بن عبد العزيز يأذن عليه مولاه حسين.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحسين مولى عمر بن عبد العزيز وآذنه، له ذكر.
الحسين الحلبي أبو محمد:
حكى عن الفضل بن اسماعيل بن صالح بن علي الحلبي حكاية حضرها معه بأنطاكية بدير بولس وروى عنه شيئا من شعره روى عنه ابنه أبو عبد الله محمد ابن الحسين وقد ذكرنا الحكاية في ترجمة ابنه محمد، وسيأتي ذكره في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
حسين الفوعي:
شاعر مجيد من أهل الفوعة، قرية كبيرة تمن ناحية الجزر من عمل حلب، ويروي له هذان البيتان:
إن كتمت الهوى جهلت الذي بي ... وأخاف العيون حين أبوح
لا أرى خلوة إليك فأشكو ... ما بقلبي لعله يستريح
وقيل إن الرشيد لما سمع هذين البيتين أقدمه عليه، فلما دخل إليه أنشده قصيدة أولها:
بالإمام المطهر الآصار ... ضاع نشر الايمان في الأقطار
فأعطاه عشرة آلاف درهم وأقطعه الفوعة.
حسين ويلقب باقي الدولة:
كان تاجالدولة تتش بن ألب أرسلان قد ولاه حلب ومكنه فيها واستولى عليها حين قتل تاج الدولة، فلما بلغ خبر قتله رضوان بن تتش وكان متوجهاً الى أبيه عاد الى حلب فسلمها إليه وتسلمها رضوان منه ومن وزير أبيه أبي القاسم بن بديع في سنة ثمان وثمانين واربعمائة.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أبخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: كان بدمشق يعني، رضوان بن تتش عند توجه أبيه الى ناحية الري، فكتب إليه يستدعيه، فخرج إليه فلما كان بالأنبار بلغه قتله، فرجع الى حلب فتسلمها من الوزير أبي القاسم وكان المستولي على أمرها باقي الدولة حسين في سنة ثمان وثمانين وأربعمائة.

هكذا ذكر الحافظ الدمشقي، وهو حسين جناح الدولة، صاحب حمص، أتابك رضوان بن تتش ومدبره، وكان تاج الدولة تتش حين قتل قسيم الدولة آق سنقر وتسلم البلاد وسلم حمص الى جناح الدولة حسين، وجعله أتابك عسكر ولده رضوان فلما قتل تاج الدولة تتش كان حسين يدبر أمر رضوان وهو صبي بحلب فاستشعر جناح الدولة حسين من رضوان فهرب وانفصل عنه، ومضى الى حمص ومعه زوجته أم الملك رضوان، وند هربه في الليل كسر باب العراق وخرج منه، وبعد وصوله الى حمص كبس عسكر رضوان على سرمين وأسر أرباب دولته وديوانه ووزيره أبا الفضل بن الموصل، ومات صاحب الرحبة زوج آمنة بنت قيماز فخرج جناح الدولة إليها ليأخذها، فوجد دقاق وقد سبقه إليها في سنة ست وتسعين، فعادج منها ونزل نقرة بني أسد وخرج إليه رضوان الى النقرة واصطلحا وأخذه معه الى ظاهر حلب وضرب له خياما وأقام في ضيافته عشرة أيام، ولم يصف قلب أحد منهما وسار جناح الدولة حسين الى حمص، وأقام بها الى أن نزل يوماً لصلاة الجمعة فهجم عليه جماعة من الاسماعيلية فقتلوه، وكان ذلك بتدبير أبي طاهر الصائغ رئيس الاسماعيلية تقربا الى الملك رضوان لما كان قد تجدد بينه وبينه من الوحشة، وكان حسين رجلاً باسلاً ذا رأي سديد وفيه دين وخير.
أنبأنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر بن علي عن الأمير مؤيد الدولة أسامة بن مرشد بن منقذ قال: وتسلم قسيم الدولة آق سنقر مدينة حمص يعني من خلف بن ملاعب وقلعتها، فلما قتل قسيم الدولة قتله تاج الدولة وتسلم البلاد وسلم حمص الى جناح الدولة وهو أتابك عسكر ولده الملك رضوان، فلما قتل تاج الدولة بالري استشعر جناح الدولة حسين من الملك رضوان وانفصل عنه، ووصل الى حمص فنزل من القلعة الى الجامع يوم الجمعة للصلاة فلما وصل مصلاه أتاه ثلاثة نفر من عجم الباطنية في زي الصوفية يستميحونه فوعدهم فهجموا عليه بسكاكينهم فقتلوه رحمه الله وقتلوا معه قوماً من أصحابه، وقتلوا وقتل نفر كانوا في الجامع من الصوفية العجم بالتهمة وهم أبرياء وذلك يوم الجمعة الثاني والعشرين من رجب سنة ست وتسعين وأربعمائة واختبط البلد، وخافوا من الافرنج، فراسلوا شمس الملوك دقاق يلتمسون منه انقاذ من يتسلم حمص وقلعتها قبل أن يخرج إليها ويتسلمها الافرنج من تمتد أطماعهم، فتوجه شمس الملوك إليها وتسلمها وأحسن إلى أولاد جناح الدولة وسار بهم الى دمشق فأقر عليهم اقطاع أبيهم.
قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرسد بن منقذ: وفيها يعني سنة ست وتسعين وأربعمائة وثب قوم من الباطنية على جناح الدولة حسين فقتلوه، وذلك يوم الجمعة ثامن وعشرين رجب، وكان ذلك من تدبير أبي طاهر الصائغ وخدمة للملك رضوان، واستولى بعده قراجا على حمص.
قرأت في مدرج وقع إلي بالقاهرة بخط العضد مرهف بن أسامة بن مرشد بن منقذ يتضمن ذكر واقعات وقعت ذكرها: سنة ست وتسعين - يعني - وأربعمائة، فيها: قتل جناح الدولة بحمص في يوم الجمعة.
قلت وكان قتله في الثاني من شهر رجب بتدبير الحكيم أبي الفتح المنجم الباطني ورفيقه أبي طاهر، وقيل كان ذلك بأمر رضوان وبقي المنجم الباطني بعده أربعة وعشرين يوماً ومات.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله العظيمي، ونقلته من خطه، قال: سنة ست وتسعين وأربعمائة: فيها قتل الباطنية جناح الدولة بحمص في الجامع يوم الجمعة ستة نفر أحدهم يعرف من أهل سرمين.
وفيها مات الحكيم العجمي المنجم الباطني بحلب.
حسنون بن محمد بن الفرج بن عبد الله:
أبو القاسم العطار حدث بعين زربة من الثغور الشامية عن أبي فردة يزيد بن محمد الرهاوي، روى عنه أبو الحسين محمد بن أحمد بن محمد بن جميع الغساني الصيداوي، وأبو نصر بن محمد بن أحمد بن حرب البخاري القاضي.
أخبرنا القاضي جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني بقراءتي عليه بدمشق قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم السلمي الفقيه قال: أخبرنا أبو النصر بن طلاب الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن فروة يزيد بن محمد قال: حدثني أبي عن أبيه عن سليمان بن مهران عن أبي سفيان عن جابر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من ضحك منكم في الصلاة فليعد الوضوء وليعد الصلاة.
حصين:

رجل من أصحاب سليمان بن عبد الملك، غزا الصائفة، وكان بدابق، وحكى موت سليمان وسببه، روى عنه ابن عياش.
قرأت في كتاب الوصايا لأبي حاتم سهل بن محمد السجستاني قال: وحدثونا عن ابن عياش قال: خبرني حصين قال: كان ابن سليمان غزا معنا الصائفة، قال: فما رأينا رجلا كان أورع ولا أحسن صلاة ولا أكثر صدقة منه قال: فو الله إني لقائم على رأس سليمان أذب عنه بمنديل إذ تشمم فوجد رائحة فقال: أئتوني من هذا الخبز فأتي بثلاثة أرغفة عظام من خبز الفرني فقال: يا غلام إنطلق الى المطبخ فانظر هل تصيب لي مخا، فانطلق فنكت عظما مما طبخ ثم أقبل به في شيء، فلما رآه قال: ويلك ما هذا، فانصرف الغلام فما ترك في المطبخ عظما إلا نكته، ثم أتى به في صفحة، قال: فو الله إن وضعه على خوان، وما وضعه إلا على الأرض فأكل تلك الارغفة الحارة بذلك المخ، ثم وثب فدخل على أم سلمة بنت عمر بن سهل، فما نزل عن بطنها إلا وهو مغشي عليه فأقام يوما وليلة، ثم أفاق، فقال: هو الموت علي برجاء بن حيوة الكندي، وكان من أخص الناس، وذكر تمام الحكاية في وصية سليمان وموته.
حصين بن جندب:
ابن عمر بن الحارث بن وحشي بن مالك بن ربيعة بن منبه بن يزيد بن حرب ابن علة بن خالد بن مالك بن أدد بن يشجب، أبو ظبيان الجنبي، ويزيد بن حرب هو جنب، سمع علي بن أبي طالب، وعبد الله بن عباس، وعمار بن ياسر، وجرير ابن عبد الله البجلي، وسلمان الفارسي، وأسامة بن زيد.
روى عنه ابنه قأبوس بن أبي ظبيان وأبو اسحاق السبيعي، وسليمان بن مهران الأعمش، وأبو عمران ابراهيم بن يزيد النخعي وأبو زيد وفاء بن إياس الأسدي الوالبي الكوفي وسلمة بن كهيل وسماك بن حرب وحصين بن عبد الرحمن الكوفي وغزا الصائفة مع يزيد بن معاوية سنة خمسين حين غزا قسطنطينية، واجتاز بحلب أو ببعض عملها.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا محمد بن الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا محمد بن أحمد ابن اسحاق الأهوازي قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن اسحاق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في تسمية أهل الكوفة: أبو ظبيان الجنبي، اسمه حصين بن جندب بن عمرو بن الحارث بن وحشي بن مالك بن ربيعة بن منبه بن يزيد بن حرب ابن علة بن خالد بن مالك بن أدد بن يشحب، ويزيد بن حرب هم جنب مات سنة تسعين، ويقال خمس وثمانين.
وقال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن اسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: في تسمية أهل الكوفة: أبو ظبيان الجنبي أدرك عليا، اسمه حصين بن جندب.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني عن أبي بكروجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عياش بن محمد يقول سمعت يحيى بن معين يقول اسم أبي ظبيان حصين بن جندب، وقال: في موضع آخر سمعت يحيى يقول في حديث عبد الرزاق عن سفيان عن قأبوس عن أبي ظبيان عن علي قال: أتاه رجلان وقعا على امرأة في طهر واحد، قال يحيى: هذا أبو ظبيان يعني والد قأبوس واسمه حصين بن جندب. قال: وسمعت يحيى يقول إلا هذا ألا رجل يروي عنه مسعر في حدي عن أبي ظبيان أن عمر قال: له ما مالك؟ هذا أبو ظبيان آخر قلت ليحيى: من هو؟ قال: لا أدري.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن بن المفرج قال: أخبرنا سهل بن بشر الاسفرائيني وأحمد بن محمد بن سعيد الطريثيثي قالا: أخبرنا محمد بن أحمد السعدي قال: أخبرنا منير بن أحمد بن الحسن الخلال قال: أخبرنا جعفر بن أحمد ابن ابراهيم قال: حدثنا أحمد بن الهيثم البلدي قال: قال أبو نعيم الفضل بن دكين أبو ظبيان حصين بن جندب.

وقال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو الأعز قراتكين بن الاسعد قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا علي بن محمد بن أحمد بن لؤلؤ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسين بن شهريار قال: حدثنا عمرو بن علي ابن بحر قال في تسمية من روى عن ابن عباس من أهل الكوفة: أبو ظبيان الجنبي، حصين بن جندب، سمعت وكيعا يقول: حدثنا الأعمش عن أبي ظبيان بن جندب.
أخبرنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن المؤمل قال: حدثنا الفضل بن محمد قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: أبو ظبيان حصين بن جندب.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: حدثنا أبو بكر يحيى بن ابراهيم السلماسي قال: أخبرنا أبو الحسن نعوة الله بن محمد المرندي قال: حدثنا أبو مسعود أحمد بن محمد بن عبد الله البجلي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا أبو الحسن سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني عمي أبو بكر الحسن بن سفيان بن موسى قال: حدثنا محمد بن علي ابن عم رواد بن الجراح عن محمد بن اسحاق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: أبو ظبيان حصين بن جندب.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثانية من تابعي أهل الكوفة أبو ظبيان الجنبي من مذحج واسمه حصين بن جندب توفي سنة تسعين.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن منصور قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي بن يعقوب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن محمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان الغلأبي حدثنا أبي قال: وأبو ظبيان الجنبي، حي من مذحج، اسمه سعيد بن جبير، قال في هذا الموضع هكذا، وقال في موضع آخرحصين بن جندب، وقال في موضع آخر وأبو ظبيان الجنبي من مذحج وهو حصين بن جندب بن عمرو بن الحارث بن مالك ابن وحشي بن مالك بن ربيعة بن جنب.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا القاضي أبو العلاء محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الجراحي.
قال: وأخبرنا ابن خيرون قال: أخبرنا الحسن بن الحسين النعالي قال: حدثني جدي لأمي اسحاق بن محمد،قال: أخبرنا عبد الله بن اسحاق قال: حدثنا قعنب بن المحرر قال: أبو ظبيان الجنبي حصين بن جندب.
وقال ابن ناصر: أنبأنا جعفر بن يحيى التميمي قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني أبو موسى بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أب - يعني النسائي - قال: أبو ظبيان، حصين بن جندب.
وقال ابن ناصر: أنبأنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا هبة الله بن ابراهيم بن عمر الصواف قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسماعيل ابن الفرج المهندس قال: أخبرنا أبو بشر محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري الدولأبي قال: أبو ظبيان حصين بن جندب.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز - في كتابه إلينا من الموصل - قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حصين بن جندب أبو ظبيان الجنبي الكوفي سمع سلمان وعلياً، سمع منه ابراهيم والأعمش.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: اسم أبي ظبيان حصين ابن جندب الجنبي، سمع سليمان وعلياً، سمع منه ابراهيم والأعمش ووفاء بن إياس، وكان يحيى ينكر أن يكون سمع من سلمان.

وقال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن منصور قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي سمع علياً وعماراً، روى عنه الأعمش وابنه قأبوس.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد اللاذقي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا نصر بن ابراهيم قال: أخبرنا سليمان بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن ابراهيم بن أحمد قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: أبو ظبيان الجنبي حصين بن جندب.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن قشام وأبو الحسن علي بن أبي عبد الله ابن المقير - إجازة - قالا: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمداني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن الحافظ قال: أبو ظبيان حصين بن جندب بن عمرو بن الحارث بن وحشي ابن مالك بن ربيعة بن منبه بن يزيد بن حرب بن علة بن خالد بن مالك بن أدد بن زيد بن يشجب بن يزيد بن حرب وهو جندب الجنبي، من مذحج، الكوفي، سمع علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وعبد الله بن عباس.
روى عنه ابراهيم بن يزيد النخعي وسليمان بن مهران الكاهلي وسماك بن حرب الذهلي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك ابن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذي قال: حصين بن جندب أبو ظبيان الجنبي المذحجي الكوفي، وهو والد قأبوس حدث عن ابن عباس وأسامة بن زيد، وجرير بن عبد الله. روى عنه حصين بن عبد الرحمن، والأعمش في القراءات وتفسير سورة الحجر. قال عمرو بن علي: مات سنة تسعين، وقال أبو عيسى مثله، وقال ابن سعد كاتب الواقدي مثله.
أنبأنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة عن الحافظ أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا أبو مسلم - يعني - صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي أحمد بن صالح العجلي قال: وأبو ظبيان الجنبي تابعي ثقة.
قال وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا أبو الحسن الفأفاء قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ذكره أبي عن اسحاق بن منصور عن يحيى بن معين أنه قال: أبو ظبيان ثقة.
وسئل أبو زرعة عن أبي ظبيان فقال: كوفي ثقة.
وذكر أبو محمد بن أبي حاتم قبل هذا الكلام في كتاب الجرح والتعديل وقال: حصين بن جندب أبو ظبيان الجنبي كوفي، روى عن علي وسلمان وابن عباس وجرير بن عبد الله، روى عنه ابراهيم النخعي وأبو اسحاق السبيعي وسلمة بن كهيل، وابنه قأبوس، وسماك والأعمش وحصين ووفاء بن إياس، سمعت أبي يقول ذلك، ثم قال بعده: ذكره أبي، الى آخر ما ذكره الحافظ، والظاهر ان هذا الكلام سقط من النسخة التي نقل منها الحافظ من كتاب الجرح والتعديل.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن البندار قال: أخبرنا أحمد بن محمد البرقاني قال: سألته - يعني - الدارقطني عن حصين أبي ظبيان فقال: ثقة. وقال في موضع آخر قلت له: الأعمش عن أبي ظبيان هو والد قأبوس؟ قال: نعم، قلت: اسمه؟ قال: حصين بن جندب ثقة.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: حصين بن جندب أبو ظبيان الجنبي الكوفي، سمع علي بن أبي طالب وعمار بن ياسر وسلمان الفارسي وعبد الله بن عباس وأسامة بن زيد الكلبي، وجرير عبد الله البجلي، روى عنه ابنه قأبوس بن أبي ظبيان وأبو عمران ابراهيم بن يزيد النخعي، وسليمان ابن مهران الأعمش وسماك بن حرب، وأبو اسحاق السبيعي، وحصين بن عبد الرحمن ووفاء بن إياس أبو يزيد الأسدي الوالبي الكوفيون، وذكر الواقدي أنه غزا الصائفة مع يزيد بن معاوية في غزوة القسطنطينية سنة خمسين.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي - فيما أذن لي فيه - قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسعين، حصين بن جندب الجنبي، من سعد العشيرة - يعني مات - .
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن عبد الرحمن المخلص - إجازة - قال: أخبرنا أبو محمد السكري قال: أخبرني عبد الحمن بن محمد بن المغيرة عن أبيه قال: أخبرنا أبو عبيد قال: سنة تسعين فيها مات أبو ظبيان الجنبي حصين بن جندب.
وقال ابن طبرزد: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري - سماعا أو إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ قال: أخبرنا أبو بكر بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص عمرو بن علي قال: مات أبو ظبيان سنة تسعين.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب اسحاق بن ابراهيم بن عبد الرحمن الهروي أن أبا ظبيان بن جندب مات سنة تسعين.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد عن عمه الحافظ أبي القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: سنة تسعين فيها مات أبو ظبيان الجنبي.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد، وأبو القاسم الرحبي في كتبهم، ثم أخبرنا أبو المعالي المروزي قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن الحسن قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: مات أبو ظبيان حصين بن جندب الجنبي - في الأصل اللخمي - زمن الحجاج سنة خمس وتسعين.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي قال: حدثنا أبو الحسين ابن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدثكم الهيثم بن عدي قال: أبو ظبيان حصين بن جنب اللخمي - أظنه الجنبي - زمن الحجاج سنة ست وتسعين أو نحوها.
قلت: كذا وقع في الاصل، وهو ابن جندب لا شك، وهذا تصحيف من الكاتب، والله أعلم.
الحصين بن الحارث بن عبد المطلب:
ابن عبد مناف بن قصي بن كلاب القرشي، وقيل الحصين بن الحارث بن المطلب، شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه ومشاهدة كلها، وقيل إنه كان أحد شهود الحكميين بين علي ومعاوية.
أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا محمد بن أبي زيد قال: أخبرنا محمود الصيرفي قال: أخبرنا ابن فاذ شاه قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا ضرار بن صرد قال: حدثنا علي بن هاشم عن محمد بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه في تسمية من شهد مع علي: حصين بن الحارث، بدري، شهد معه كل مشاهده، من بني عبد المطلب بن عبد مناف.
كتب إلينا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري من مكة شرفها الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الاشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: الحصين بن الحارث بن المطلب بن عبد المناف بن قصي القرشي المطلبي، هو أخو عبيدة بن الحارث، شهد بدرا هو وأخوه عبيدة، والطفيل والحارث وقتل عبيدة ببدر شهيدا، ومات الحصين والطفيل حميعا سنة ثلاثين.
حصين بن خليد:
ابن جزء بن الحارث بن زهير بن جذيمة بن رواحة بن ربيعة بن مازن بن الحارث بن قطيعه بن عيسى بن بغيض بن ريث بن غطفان بن سعد بن قيس عيلان، العبسي، كان ينزل مع بني عبس بناحية قنسرين، وهو من سادات بني عبس أخوال الوليد وسليمان ابني عبد الملك، وأخوه القعقاع بن خليد.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القسام علي بن الحسن الدمشقي قال: حصين بن خليد بن جزء بن الحارث، وذكر نسبه كما ذكرناه الى قيس عيلان وقال: العبسي أخو القعقاع بن خليد، وكان من سادات عبس بالشام له ذكر.
حصين بن نمير:
ابن نائل بن أسد بن جعثنة بن الحارث بن سلمة بن شكامة بن شبيب بن السكون أشرس بن كندة، الكندي أبو عبد الرحمن الكندي السكوني الحمصي روى عن بلال بن حمامة، روى عنه ابنه يزيد بن حصين، وكان معاوية بصفين وولى الصائفة لابنه يزيد، واجتاز بحلب، ونزل دابق في خروجه الى الغزاة وكان أميرا على حمص.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا ابن المجلي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن علي المقرئ قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: حصين بن نمير الكندي، يكنى أبا عبد الرحمن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حصين بن نمير أبو عبد الرحمن.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن اسماعيل قال: حصين عامل عمر بن الخطاب، والد يزيد بن حصين، ثم قال: حدثنا محمد بن الزبير قال: حدثنا يزيد ابن حصين عن أبيه قال: شهدت بلالا على أخيه، وكان عمر استعمله على الأردن، فزوجه عربية، ويقال إنه أحرق الكعبة ولم يصح اسناده.
ذكر البخاري ترجمتين كما أوردنا فيدل ذلك على أنهما اثنان في زعمه وهما واحد بغير شك.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: حصين بن نمير بن نائل بن لبيد بن جعثنة بن الحارث ابن سلمة بن شكامة بن حبيب بن السكون بن أشرس بن كندة، وهو ثور بن عفير ابن عدي بن الحارث أبو عبد الرحمن الكندي ثم السكوني، من أهل حمص روى عن بلال، روى عنه ابنه يزيد بن حصين، وكان بدمشق حين عزم معاوية على الخروج الى صفين وخرج معه، وولي الصائفة ليزيد بن معاوية، وكان أميرا على جند حمص، وكان في الجيش الذي وجهه يزيد الى أهل المدينة من دمشق لقتال أهل الحرة، واستحلفه مسلم بن عقبة المعروف بمسرف على الجيش، وقاتل ابن الزبير، وكان بالجأبية حين عقدت لمروان الخلافة.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا المخلص أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن ابراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر بن محمد بن سوقة عن رجل قال: مرت السكون مع أول كندة مع حصين بن نمير السكوني ومعاوية بن حديج في أربعمائة، فاعترضهم عمر فإذا فيهم فتية دلم سباط مع معاوية بن حديج، فأعرض عنهم ثم أعرض فقيل له: مالك ولهؤلاء؟ قال: إني عنهم لمتردد وما بي قوم من العرب أكره إليّ منهم، ثم أمضاهم فكان بعد يكثر أن يتذكرهم بكراهية، ويعجب الناس من رأي عمر حين تعقبوه بعدما كان من أمر الفتنة الذي كان، وإذا هم رؤوس تلك الفتنة فكان منهم من غزا عثمان، وكان منهم رجل يقال له سودان بن حمران قتل عثمان ابن عفان وإذا منهم رجل حليف لهم يقال له خلد بن ملجم قتل علي بن أبي طالب، وإذا منهم معاوية بن حديج فنهض في قوم منهم يتتبع قتلة عثمان يقتلهم، وإذا منهم قوم يهوون قتل عثمان.
أخبرنا سليمان بن الفضل - إجازة - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور فذكره، وقال الحافظ رحمه الله: وكان فيهم حصين، وهو الذي حاصر ابن الزبير بمكة ورمى الكعبة بالمنجنيق فسترت بالخشب فاحترقت.

أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي غالب أحمد وأبي عبد الله ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد ابن الفضل - إجازة - قالا: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد الواسطي - إجازة - قال: أخبرنا أبو بكر بن بيري قراءة قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد بن سعيد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا أبي قال: حدثنا وهب بن جرير قال: حدثنا جويرية قال: سمعت أشياخ أهل المدينة قالوا: سار مسرف بن عقبة بالناس وهو ثقيل بالموت نحو مكة حتى إذا صدر بالموت عن الأبواء هلك الى النار، فلما عرف الموت دعا حصين بن نمير الكندي فقال: إنك إعرأبي جلف فسر بهذا الجيش، فمضى حصين بن نمير من وجهه ذلك، فلم يزل محاصرا لأهل مكة حتى هلك يزيد قال: فبلغت ابن الزبير وفاة يزيد قبل أن تبلغ حصين بن نمير، فناداهم عبد الله بن الزبير: لم تقاتلون فقد مات صاحبكم؟ قالوا: نقاتل لخليفته، قالوا: فقد هلك خليفته الذي استخلفه، قالوا: فنقاتل لمن استخلف بعده قال: فإنه لم يعهد الى أحد قال: ابن نمير إن يك ما تقول حقا فما أسرع الخبر إلينا.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين ابن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن جعفر عن عمته أم بكر بنت المسور بن مخرمة قال: وحدثني شرحبيل بن أبي عون عن أبيه قال: وحدثني عبد الرحمن بن أبي الزناد قال: غيره عن أبيه وغيرهم أيضاقد حدثني بطائفة من هذا الحديث - قال: أمر يزيد مسلم بن عقبة وقال: إن حدث بك حدث فحصين بن نمير على الناس، فورد مسلم بن عقبة المدينة فمنعوه أن يدخلها فأوقع بهم وأنهبها ثلاثا، ثم خرج يريد ابن الزبير، فلما كان بالمشلل نزل به الموت فدعا حصن بن نمير فقال له: يا برذعة الحمار لولا عهد أمير المؤمنين إلي فيك ما عهدت إليك، أسمع عهدي لا تمكن قريشا من إذنك ولا تزدهم على ثلاث الوقاف ثم الثقاف، ثم الإنصراف، وأعلم الناس أن الحصين واليهم، ومات مكانه فدفن على ظهر المشلل لسبع ليال بقين من المحرم سنة أربع وستين، ومضىحصين بن نمير في أصحابه حتى قدم مكة فنزل بالحجون الى بئر ميمون، وعسكر هناك فكان يحاصر ابن الزبير، فكان الحصر أربعة وستين يوما يتقاتلون فيها أشد القتال، ونصب الحصن المنجنيق على ابن الزبير وأصحابة ورمى الكعبة، ولقد قتل من الفريقين بشر كثير وأصاب المسور فلقة من حجر المنجنيق، فمات ليلة جاء نعي يزيد بن معاوية، وذلك لهلال شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين، فكلم حصين بن نمير ومن معه من أهل الشام عبد الله بن الزبير أن يدعهم يطوفوا بالبيت وينصرفوا عنه فشاور في ذلك أصحابه ثم أذن لهم فطافوا وكلم ابن الزبير الحصين بن نمير وقال له: قد مات يزيد وأنا أحق الناس بهذا الامر لان عثمان عهد إلي في ذلك عهدا، صلى به خلفي طلحة والزبير وعرفته أم المؤمنين، فبايعني وادخل فيما يدخل فيه الناس - يعني يكن لك ما لهم وعليك ما عليهم - فقال له: الحصين بن نمير: أي والله يا أبا بكر لا أتقرب إليك بغير ما في نفسي، أقدم الشام فإن وجدتهم مجتمعين لك أطعتك وقاتلت في عصاك، وإن وجدتهم مجتمعين على غيرك أطعته وقاتلتك، ولكن سر أنت معي الى الشام أملكك رقاب العرب، فقال ابن الزبير أو أبعث رسولا، قال: تبا لك سائر اليوم إن رسولك لا يكون مثلك، وافترقا وأمن الناس ووضعت الحرب أوزارها، وأقام أهل الشام أياما يبتاعون حوائجهم ويتجهزون، ثم انصرفوا راجعين الى الشام، فدعا ابن الزبير يومئذ الى نفسه.
أخبرنا أبو البركات سعيد بن هاشم بن أحمد - إذنا - قال: أخبرنا علي بن أبي محمد - في كتابه - أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمان قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وكان حصار حصين بن نمير خمسين يوما حتى مات يزيد ونصب حصين المجانيق على الكعبة وحرقها يوم الثلاثاء لخمس خلون من شهر ربيع الآخر سنة أربع وستين.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: وقال ابن بكير: قال الليث: وفي سنة خمسين غزوة ابن قحذم وفضالة بن عبيد وأبي سمرة والحصين بن نمير حرقه الاولى.
أنبأنا سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني - بقراءتي عليه - قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: أخبرنا أحمد بن ابراهيم قال: حدثنا ابن عائد قال: حدثنا الوليد قال: حدثني ابن غلاق عن يزيد بن عبيدة قال: وفي سنة ثمان وخمسين شتا عمرو بن مره المندرون، وأعاد الحصين بن نمير صائفة الروم، قال: وقال الوليد بن مسلم: وفي سنة اثنتين وستين غزا حصين بن نمير الصائفة وهي غزوة سورية.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله في كتابه قال: أخبربنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد ابن اسحاق قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها - يعني - سنة اثنتين وستين كانت صائفة عليها حصين ابن نمير اليشكري فغزا سورية.
كذا قال: والصواب السكوني.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي الحلبي - وأخبرنا به اجازة المؤيد الطوسي عنه - قال: سنة ثلاث وستين، وفيها كانت غزاة الحصين بن نمير أرض الروم حتى بلغ مرج الحمام.
وقال العظيمي: ونقلته من خطه: سنة ست وستين فيها: قتل عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير يوم الخازر وبعث ابراهيم بن الاشتر برؤوسهم الى المختار بن أبي عبيد فبعث بها الى ابن الزبير فنصبت بالمدينة وبمكة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي - إجازة عن أبي محمد التميمي - قال أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة ست وستين قالوا: قتل فيها عبيد الله بن زياد والحصين بن نمير، ولي قتلهما ابراهيم بن الأشتر فبعث برؤوسهم الى المختار فبعث به الى ابن الزبير فنصبت بالمدينة ومكة.
أخبرنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن اللالكاي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا أبو محمد أبو عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وقتل في هذا اليوم حصين بن نمير - يعني في سنة سبع وستين.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد بن أبي الحسين قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن عبد الله قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عمر اليمني بمصر، ح.
قال: وأخبرنا القاضي أبو القاسم التنوخي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قالا: حدثنا بكر بن أحمد بن حفص الشعراني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي قال: سنة ست وستين عام الخازر قتل عبيد الله بن زياد، وحصين ابن نمير، وجرير بن شراحيل الكندي في آخرين سموا لنا.
أخبرنا أبو نصر هبة الله - فيما أذن نا في روايته - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخرنا أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخخي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن المظفر قال: أخبرنا أبو محمد بكر بن أحمد بن حفص قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي بحمص قال: في طبقة قديمة أدركت أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، منهم: حصين بن نمير السكوني، استعمله الخلفاء وأصحاب النبي صلى الله عليه وسلم أحياء، قتل في سنة ست وستين عام الخازر مع عبيد الله بن زياد.

أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد ابن اسماعيل قال: ثم أحرق مصعب بن الزبير المختار، وأحرق ابراهيم بن الأشتر عبيد الله بن زياد وحصين بن نمير السكوني، فقال عبد الملك بن عمار: وأتي بجسد ابن الأشتر لمولى لحصين بن نمير: حرقه كما حرق مولاك.
حصين المؤدب المعري:
شاعر كان بمعرة النعمان، وفت له على أبيات رثى بها المفضل بن محمد بن المهذب وعزى بها أباه صالح عنه قرأتها في جزء دفعه إلي بعض آل المهذب في مراثيهم والأبيات:
تخيّر منا الموت واسطة العقد ... أما كان منه أيها الموت من بدّ
ترى كان هذا الإختيار تعمّدا ... وقصداً أم لم يكن منك عن عمد
لقد جل رزء حلّ بالأمس عندنا فما ... بال هذا الموت للحي لا بفدى
مضى بهجة الدنيا وجلّ نعيمها فيا ... جفن جد بالدمع في ساحة الخدّ
وقد خلّف الأهلين يبكون حسّراً ... وكم أصبحوا في ظل عيش به رغد
لقد حملوا الأرض منه هدية ... تسرّ بها لكنها ساءت المهدي
وقالوا سلام الله منا تحية عليك ... فهذا باللقاء آخر العهد
فلو طاوعته نفسه قال معلنا ... أتمضون عني ثم أبقى هنا وحدي
فلو كن ميت يفتدى لفديته ... بروحي وما أحوي ومن لي بأن أفدي
اذا ما سلا سالٍ فقيدا فانني ... أى ذلك السلوان عندي لا يجدي
أبا صالح يا سيد الناس كلهم ... ومن فاق في أعلى محل من الزهد
عزاءً فما الأيام إلاّ معارة ... ومن ذا الذي يبقي وليس به تردي
ولله أحكام إذا نزلت بنا ... فليس لمرءٍ أن يعيد ولا يبدي
حضين بن المنذر
ابن الحارث بم وعله بن المجالد بن اليثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل، أبو محمد وقيل أبو ساسان الرقاشي الربعي البصري، وقيل أبو ساسان لقب وليس بكنية.
روى عن عثمان بن عفان، وعلي بن أبي طالب، ومجاشع بن مسعود، وأبي موسى الأشعري، والمهاجر بن قنفذ.
روى عنه الحسن البصري وابنه يحيى بن الحضين، وعبد الله بن فيروز الداناج وعبد العزيز بن معمر اليشكري، وعلي بن سويد بن منجوف، وداود بن أبي هند.
وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وجعله أميراً على بكر البصرة، وكان صاحب رايته يومئذ وفيه يقول:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدّما
وكان حضين فارساً شجاعا مبخلا شاعرا، وولاه علي رضي الله عنه اصطخر، وقال فيه أبو عبد الرحمن النسائي في كتاب التمييز بين أحوال الرجال حضين بن المنذر ثقة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا أبو جعفر محمد بن مسلمة الواسطي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا ابن أبي عروبة، ح.
وقال أبو طالب بن غيلان: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: أخبرنا محمد بن اسحاق بن خزيمة ال: حدثنا علي بن حجر قال: حدثنا اسماعيل بن عليّة عن سعيد بن أبي عروبة - واللفظ ليزيد بن هارون - قال: أخبرنا ابن أبي عروبة عن عبد الله الداناج عن حضين بن المنذر قال: صلى الوليد ابن عقبة أربعا وهو سكران، ثم انفتل وقال: أزيدكم فرفع ذلك إلى عثمان، فقال له علي بن أبي طالب: اضربه الحد، فأمر بضربه فقال علي للحسن: قم فاضربه، قال: فما أنت وذاك؟ قال: إنك ضعفت ووهنت وعجزت ووهنت، ثم قال: قم ين عبد الله بن جعفر فقال عبد الله بن جعفر فجعل يضربه وعلي يعد حتى إذا بلغ أربعين قال: كيف أو اكفف، ثم قال: ضرب رسول الله صلى الله عليه وسلم وكلّ سنة.
وقال اسماعيل بن عليّة في رواية المزكي: وقد سمعت حديث الداناج منه ولم أحفظه عنه.

أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي قال: أخبرنا أبو السعادان بن عبد الرحمن بن محمد وشهدة بنت أحمد الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش المعدل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا محمد بن جعفر قال: سمعت المبرد يقول: كان الحضين بن المنذر إذا رأى زوج ابنته أو أخته زال عن مجلسه، وقال: مرحباً بمن ستر العورة وكفى المؤونة.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا ألحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي بدمشق - من لفظه - قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن ابراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين الشافعي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد بن مفرج الأرتاحي قال: أخبرنا الحسن علي بن الحسين بن عمر الفراء - إجازة - قال: أخبرنا أبو القاسم عبد العزيز بن الحسن بن اسماعيل قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن اسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا محمد بن داوود قال: حدثنا المازني قال: قيل للحضين بن المنذر الرقاشي: بأي شيء سدت قومك؟ قال: حبسب لا يطعن فيه ورأي لا يستغنى عنه، ومن تمام السؤدد أن يكون الرجل ثقيل السمع عظيم الرأس.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد - ان لم يكن سماعا فإجازة - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي البزاز قال: أخبرنا القاضي الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن محمد بن عبيد الله بن المهتدي بالله قال: أخبرنا الشريف أبو الفضل محمد بن الحسين بن المأمون الهاشمي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا عامر بن عمران أبو عكرمة الضبي قال: حدثني سليمان بن أبي شيخ قال: لما فتح قتيبة بن مسلم سمرقند أمر بأفرشته ففرشت، وأجلس الناس على مراتبهم، وأمر بقدور الصفر فنصبت فلم ير الناس على مثلها في الكبر، إنما يرقي إليها بالسلالم، قال: فالناس منها متعجبين، وأذن للعامة، فاستأذنه أخوه عبد الله بن مسلم في أن يكلم الحضين بن المنذر الرقاشي على جهة التعبث به، وكان عبد الله بن مسلم يحمّق، فنهاه قتيبة عن كلام الحضين وقال: هو باقعة العرب وداهية الناس، ومن لا تطيقه فخالفه، وأبى إلا كلامه، فقال للحصين: يا أبا ساسان أمن الباب دخلت؟ فقال له: ما لعمك بصر يتصور الجدران، قال: أفرأيت القدور؟ قال: هي أعظم من أن لا ترى، قال: أفتقدّر أن رقاش رأت مثلها؟ قال: ولا رأى مثلها عيان ولو رأى مثلها عيان لسمى شعبان ولم يسم عيلان، قال: أفتعرف الذي يقول
عز لنا وأمرنا وبكر بن وائل ... تجّر خصاها تبتغي من تحالف
قال: نعم وأعرف الذي يقول:
فخيبة من يخيب على غنيّ ... وباهلةٍ ويعصر والرباب
والذي يقول:
إن كنت تهوى أن تنال رغيبةّ ... في دار باهلة بن يعصر فارحل
قوم قتيبة أمهم وأبوهم ... لولا قتيبة أصبحوا في مجهل
فقال عبد الله بن مسلم فهو الذي يقول:
سدّ حضين بابه خشية القرى ... باصطخر والكبش السمين بدرهم
ثم قال عبد الله: يا أبا ساسان دعنا من هذا، هل تقرأ من القرآن شيئاً؟ قال: إني لأقرأ منه الكثير الطيب: " هل أتى على للإنسان حين من الدهر لم يكن شيئا مذكوراً " فاغتاظ عبد الله وقال: لقد بلغني أن امرأتك زفت إليك وهي حامل، فقال الحضين: يكون ماذا تلد غلاماً فيقال فلان بن الحضين كما قيل عبد الله بن مسلم، فقال له قتيبة: أكفف لعنك الله فأنت عرضت نفسك لهذا.

وأنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء قال: أخبرنا محمد بن أحمد ابن الآبنوس قال: أخبرنا عبد الله بن محمد بن سعيد بن محارب بن عمرو الأنصاري الأصطخري قال: حدثنا أبو يحيى زكريا بن يحيى الساجي بالبصرة قال: حدثنا أبو عامر حمزة بن علي الصنعاني عن أبي حاتم عن عبيدة عن يونس قال: وفد الحضين بن المنذر إلى بعض الخلفاء فكأن الآذن أبطأ في الإذن، فسبقه القوم لتباطئه فقال له الخليفة: ما لك يا أبا ساسان تدخل علي في آخر الناس؟ فقال:
وكل خفيف الشأن مشمراً ... إذا فتح البوّاب بابك إصبعا
ونحن الجلوس الماكثون رزانةً ... وحلماً إلى أن يفتح الباب أجمعا
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي وغيره عن أبي طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم الشيرازي قال أخبرنا عبد الرحمن بن عمر بن أحمد بن حمّة الخلال قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثني يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي يعقوب قال: حضين بن المنذر هو الذي يؤثر عنه أن ختنه على ابنته أو أخته كان إذا دخل عليه تنحى له حضين عن مجلسه، ثم قال: مرحباً بمن كفى المؤونة وستر العورة، وكان الحضين بخراسان أيام قتيبة بن مسلم فيقال: إنه كان عنده فدخل على قتيبة مسعود بن حراش العبسي، والحضين شيخ كبير معتم بعمامة، فقال مسعود لقتيبة: من هذه العجوز المعتمةّ عند الأمير؟ فقال قتيبة: بخٍ هذا حضين بن المنذر فقال حضين: من هذا أيها الأمير؟ قال: مسعود بن حراش العبسي فقال حضين: أنا والله لم يمجد قومه في الجاهلية عبد حبشي - يعني عنترة - ولا في الإسلام بغي، قال: فسكت عنه مسعود بن حراش.
وشهد حضين صفين مع علي وبقي بعد ذلك إلى أيام معاوية، فوفد على معاوية وكان لا يعطي البواب ولا الحاجب شيئاً، فكان لا يأذن له الحاجب إلاّ آخر الناس، فدخل يوماً فقام حيال معاوية وقال:
وكل خفيف الشأن يسعى مشمراً ... إذا فتح البواب بابك اصبعا
ونحن الجلوس الماكثون رزانة ... حياء إلى أن يفتح الباب أجمعا
قال: فأوماً إليه معاوية بيده أن أعطهم شيئاً، فإنك لا تعطي أحداً شيئاً.
قرأت بخط أبي عبد الله الحسن بن علي بن مقلة: أنشدني أبو الحسن الأسدي قال: أنشدني أبو عبد الله محمد بن عمرو بن أبي صفوان من ولد عثمان ابن أبي العاص الثقفي لأبي ساسان الحضين بن المنذر الرقاشي، لما قتل كتيبة بن مسلم:
ألم تر زحراً وابن نجد تعاورا ... بسيفيهما رأس الهمام المتوّج
وما أدركت في قيس عيلان وترها ... بنو منقرٍ إلاّ بأسياف مذجح
عشيّة جئنا بابن نجد وجئتم ... بأدعج مرقوم الذراعين ديزج
أسك غدافي كأن جبينه ... مجاجة نفسٍ في أديم ممجمج

أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن عن أبي محمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان - قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا ابراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن صسليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر ابن سعد عن سويد بن حبّو البصري عن الحضين بن المنذر أن ناساً أتوا علياً بصفين فقالوا له: إنّا لا نرى خالد بن المعمرّ إلاّ وقد كاتب معاوية، وقد خشينا أن يبايعه فبعث إليه علي والى رجال من أشرافنا فحمد الله وأثنى عليه ثم قال: أما بعد يا معشر ربيعة فأنتم أنصاري ومجيبوا دعوتي ومن أوثق حي العرب في نفسي، وقد بلغني أن معاوية كاتب صاحبكم خالد بن المعمر وقد جمعتكم لأشهدكم عليه ولتسمعوا أيضا مني ومنه، ثم أقبل عليه علي فقال: يا خالد بن المعمر إن كان ما بلغني عنك حقاً فإني أشهد الله ومن حضر أنك آمن حتى تلحق بالعراق أو بالحجاز أو بأرض لا سلطان لمعاوية فيها وإن كنت مكذوباً عليك فأبرّ صدورنا بالإيمان، فحلف بالله عز وجل أنه ما فعل، وقال رجال منا كثير: لو نعلم أنه فعل لقتلناه: وقال شقيق بن ثور البكري: والله ما وفق الله خالداً إن نصر معاوية وأهل الشام على علي وربيعة فلما كان يوم الخميس وخرج الناس للقتال وانهزم أصحاب علي من قبل الميمنة، فقال الحضين بن المنذر فجاءنا علي ومعه بنوه فنادى بصوت له عالٍ وجهير: لمن هذه الرايات؟ فقلنا رايات ربيعة فقال علي: بل هي رايات الله عصمهم الله وصبرهم وثبت أقدامهم، قال الحضين: ثم قال لي: يا فتى ألا تدنيرايتك ذراعاً؟ قلت: بلى يا أمير المؤمنين وعشرة أذرع فحملت بها وأدنيتها من القوم، فقال لي مكانك.
وقال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر باسناده أن الحضين بن المنذر أقبل يزحف برايته، قال السدي: وكانت راية حمراء فقال:
لمن راية حمراء يخفق ظلها ... إذا قلت قدمها حضين تقدما
ويدنو بها في الصف حتى يزيرها ... حمام المنايا تقطر الموت والدما
تراه إذا كان يوم عظيمة ... أبى فيه إلاّ عزّة وتكرما
جزى الله قوماً صابروا في لقائهم ... لدى البأس خيراً ما أعنف وأحزما
وأكرم صبراً حين تدعى الى الوغى ... إذا كان أصوات الكماة تغمغما
ربيعة أعني إنهم أهل نجدة ... وبأس إذا لاقوا خميسا عرمرما
وقد صبرت عكّ ولخم وحمير ... ومذحج حتى لم يفارق دم دما
ونادت جذام كلها: يالمذحج جزى ... الله شراً أينا كان أظلما
أما تتقون الله في حرماتكم ... وما قرب الرحمن منها وعظّما
أذقنا ابن حرب طعننا وضربنا ... بأسيافنا حتى تولى وأحجما
وحتى ينادى الزبرقان ابن أظلم ... ونادى الكلاع ياكريب وأنعما
وعمرو وسفيان وجهم ومالك وحوشب ... والرعي ربيعاً وأظلما
وكرز بن نبهان وابنا مخارق ... وصباح والقيني عتيكا وأسلما
والمشهور أن هذا الشعر لعلي بن أبي طالب رضي الله عنه.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء كتابة قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران - إجازة - قال: أخبرنا أبو الحسين المراعيشي وأبو العلاء علي بن عبد الرحيم الواسطي قالا: أخبرنا أبو عبد الله ابراهيم بن محمد عرفة نفطوية قال: ومما يروى لعلي رحمه الله:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدما
فيوردها في الصف حتى يردها ... حياض المنايا تقطر الموت والدما
جزى الله قوما قاتلوا في لقائهم ... لدى الموت يوماً ما أعز واكرما
وأطيب أخباراً واكرم شيمة ... إذا كان أصوات الرجال تغمغما
ربيعة أعني إنهم أهل نجدة ... وبأس إذا لاقوا خميساً عرمرما
قال أبو عبد الله نفطويه: قوله إذا قيل قدمها حضين يعني حضين بن المنذر أبا ساسان، وكانت معه راية قومه يوم صفين وعاش بعد ذلك دهراً طويلا.

أخبرنا أبو الفضل المرجا بن محمد بن هبة الله الواسطي - إذنا - وقرأت عليه بهذا الأسناد قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي الكتأبي الواسطي - إجازة - قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عمر قال: أخبرنا محمد ابن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: وحدثني يعقوب قال: وحدثني خلف بن سالم قال: حدثنا وهب بن جرير عن أبي الخطاب - يعني - محمد بن سواء عن أبي جعفر محمد بن مروان أن علياً قال:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدما
فيوردها في الصف حتى يقيلها ... حياض المنايا تقطر الموت والدما
جزى الله قوما قاتلوا في لقائهم ... لدى الموت قدماً ما أعز واكرما
وأطيب أخباراً واكرم شيمة إذا ... كان أصوات الرجال تغمغما
ربيعة أعني إنهم أهل نجدة ... وبأس إذا لاقوا خميساً عرمرما
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف البغدادي قال: أخبرنا أبو زرعة طاهر ابن محمد بن طاهر المقدسي قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسين المقومي قال: أخبرنا أبو طلحة القاسم بن أبي المنذر قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن ابراهيم قال: حدثنا أبو عبد الله بن ماجه القزويني قال: حدثنا اسماعيل بن محمد الطلحي وأحمد ابن سعيد الدرامي قالا: حدثنا روح بن عبادة عن سعيد عن قتاده عن الحسن عن الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة أبي ساسان الرقاشي عن المهاجر بن قنفد بن عمرو بن جدعان، فذكر حديثا.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا الحسن بن عبد الله بن سعيد العسكري قال: وأما حضين - الحاء مضمومة غير معجمة والضاد معجمة ونون - فمنهم حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي، من سادات ربيعة، وكان راية أمير المؤمنين يوم صفين، وفيه يقول أمير المؤمنين:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدما
ثم ولاه اصطخر، وكان يبخل فقيه يقول زياد الاعجم:
يسد حضين بابه خشية القرة ... باصطخر والشاة السمين بدرهم
وفيه يقول الضحاك بن هشام:
أنت امرؤ منا خلقت لغيرنا ... حياتك لا نفع وموتك فاجع
وقد روى الحديث عن عثمان وعلي، ومجاشع بن مسعود، ومهاجر بن قنفذ.
روى عنه الحسن وعبد الله الداناج، وعبد العزيز بن معمر، وعلي بن مسعود بن منجوف، ولا أعرف من يسمى حضيناً بالضاد والنون غيره، وغير من ينسب إليه من ولده.
قرأت بخط الحافظ أبي طاهر السلفي، وأخبرنا إجازة عنه أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف المعري قال: أخبرنا الشيخ أبو القاسم يوسف ابن ابراهيم بن يوسف الحجاجي قال: أخبرنا أبو الحسين ابراهيم بن حمكان بن محمد النشوي قال: سمعت أبا الحسين - يعني - أحمد بن فارس النحوي يقول: حضين بن المنذر أبو ساسان صاحب راية علي، هو بالضاد المعجمة، وربما صحف المصحف فقال بالصاد.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن البراء قال: قال علي ابن المديني: أبو ساسان حضين بن المنذر.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان بن ابراهيم قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن اسحاق قال: حدثنا اسماعيل بن اسحاق بن اسماعيل بن حماد قال: سمعت علي بن المديني يقول حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الفضل بن البلقان قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا ابراهيم بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا ابراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن أبي حبيب يقول: حضين بن المنذر الرقاشي يكنى أبا ساسان سمع من أبي موسى، وروى عن علي وعثمان.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا موسى بن عمران الصوفي قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحاكم قال: أخبرنا أبو العباس السياري قال: حدثنا عيسى بن محمد الكاتب قال: حدثنا العباس بن مصعب عن شيوخه أن الحضين بن المنذر لما نزل مرو وكان قتيبة بن مسلم يستشيره في أموره، كان الحضين ينطوي على بغض قتيبة.
قال الحاكم: حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن ذهل بن شيبان، أبو ساسان الرقاشي وكنيته أبو محد وأبو ساسان لقب، سمع عثمان وعلي بن أبي طالب روى عنه الحسن بن أبي الحسن البصري وعبد الله الداناج.
قال شيخنا الكندي: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعا، وقد سمعت عليه الكثير - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن الحسن وأبو الفضل أحمد بن الحسن قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أبو حفص الاهوازي قال: أخبرنا خليفة بن خياط قال: الحضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن مجالد بن يثربي بن الريان بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة، يكنى أبا ساسان، ويكنى أبا محمد، مات في خلافة سليمان بن عبد الملك.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الاعز قراتكين بن الاسعد قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو الحسن بن لؤلؤ قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن شهريار قال: حدثنا أبو حفص القلاس قال: حضين بن المنذر بن الحارث، هو ابن وعلة، أبو ساسان، هو رجل من بني رقاش.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن منده قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمرو قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من أهل البصرة حضين بن المنذر الرقاشي.
أنبأنا أبو نصر قال: أخبرنا علي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الله ابن محمد قال: حدثنا محمد بن اسماعيل قال: حدثني علي بن ابراهيم قال: حدثنا روح قال: حدثنا علي بن سويد بن منجوف قال: تعشينا مع يزيد بن المهلب ومعنا حضين ابن المنذر فقلت: يا أبا محمد - وقال غيره كنيته أبو ساسان - الرقاشي، ويقال حضين ابن الحارث بن وعلة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر ومحمد بن الحسن وأحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد بن صالح قال: حدثني أبي أحمد قال: أبو ساسان حضين بن المنذر السدوسي بصري تابعي ثقة وكان على راية عليّ يوم صفين.
قال: أبو البركات الأنماطي أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان ابن أبي شيبة قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا وكيع عن الاعمش عن أبي اسحاق عن حضين، وكان صاحب شرطة علي.
أنبأنا أبو بصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن ورشاء بن نظيف قالا: أخبرنا محمد بن ابراهيم بن محمد قال: أخبرنا محمد بن محمد بن داوود بن عيسى قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن خراش قال: حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي صدوق.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: قال أبو عبيدة في تسمية الامراء من أصحاب علي يوم صفين: وعلى بكر البصرة حضين ابن المنذر الرقاشي أبو ساسان.

أخبرنا الحسين بن عمر بن باز الموصلي في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل البخاري قال: حضين بن المنذر أبو ساسان الرقاشي، ويقال حضين بن الحارث بن وعلة، سمع عثمان وعلياً وعن مهاجر بن قنفذ. روى عنه الحسن وعبد الله الداناج البصري. قال علي بن ابراهيم: حدثنا روح قال: حدثنا علي بن سويد بن منجوف: تعشينا مع يزيد بن المهلب ومعنا حضين ابن المنذر فقلت: يا أبا محمد.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر الشقاني قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول أبو ساسان حضين بن المنذر الرقاشي سمع عثمان وعليا بن قنفذ. روى عنه الحسن وعبد الله الداناج.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو طاهر ابن سوار المقرئ وأبو الحسن المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قالا: أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال: حدثنا أبو حكيم محمد بن ابراهيم الكوفي قال: حدثنا عبد الملك بن بدر بن الهيثم القاضي قال: حدثنا أحمد بن هارون بن روح البرديجي قال: في الطبقة الثانية من الاسماء المنفردة حضين بن المنذر، وهو أبو ساسان، يروي عن علي وأبي موسى بصري.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني - فيما أجاز لنا روايته عنه - قال: أخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد الفقيه اللاذقي - إجازة إن لم يكن سماعا - قال: أخبرنا نصر بن ابراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا أبو نصر طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا علي بن ابراهيم قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدومي يقول: حضين بن المنذر يكنى أبا ساسان.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أنبأنا أبو الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: وأما حضين، بالضاد المعجمة، فهو حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة الرقاشي، أبو ساسان، روى عن علي بن أبي طالب وعثمان بن عفان وأبي موسى الاشعري، ومهاجر بن قنفذ. روى عنه عبد الله الداناج، وعلي بن سويد بن منجوف، والحسن البصري، وهو الذي قال فيه الشاعر:
لمن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدما
أنبأنا ابن الحرستاني عن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد الرحيم بن أحمد البخاري قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد قال: وحضين - بالحاء المهملة والضاد المعجمة والنون واحد - وهو حضين بن المنذر الرقاشي أبو ساسان، روى عن علي.
أخبرنا القاضي أبو بصر محمد بن هبة الله - أذنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن المجالد بن اليثربي بن الحارث بن مالك بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكران وائل، أبو ساسانن وهو لقب وكنيته أبو محمد الرقاشي البصري، روى عن عثمان وعلي، والمهاجر بن قنفذ، ومجاشع بن مسعود، روى عنه الحسن وعبد الله بن فيروز الداناج، وعلي بن سويد بن منجوف، وعبد العزيز ابن معمر اليشكري، وداود بن أبي هند، وابنه الحضين بن المنذر ووفد على معاوية.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد الأنصاري عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن الأمير أبي نصر علي بن ماكولا قال: وأما حضين - بضم الحاء المهملة وفتح الضاد المعجمة - فهو حضين بن المنذر بن الحارث بن وعلة بن مجالد بن يثربي بن ريان بن الحالاث بن مالك بن شيبان بن ذهل أحد بني رقاش شاعر فارس، يكنى أبا ساسان، روى عن عثمان وعلي وغيرهما، روى عنه عبد الله بن الداناج وعلي بن سويد بن منجوف، والحسن البصري، وابنه يحيى بن حضين سمع أباه، روى عنه سلم بن قتيبة الباهلي، وكان اثيرا عند بني أمية فقتله أبو مسلم الخرساني.
يريد ابن ماكولا ابنه يحيى.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أبو عبد الله النهاوندي قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وحضين أبو ساسان أدرك خلافة سليمان بن عبد الملك، وذكر خليفة أن سليمان بويع سنة ست وتسعين، وقال خليفه في موضع آخر: إنه مات في خلافة سليمان بن عبد الملك وقد قدمنا ذكره.
ذكر من اسمه حطان
حطان بن خفاف:
أبو الجويريه الجرمي، غزا الروم مع معن بن يزيد السّلمي وأصاب جرة فيها دنانير، وأتاه بها فخمسها، وعرض عليه من نصيبه منها فقال حطان: لا حاجة لي فيه.
روى عن معن بن يزيد السلمي، وقد ذكرناه في المعروفين بالكنى لاشتهاره بأبي الجويرية وسيأتي ذكره إن شاء الله تعالى، وقد سقنا عنه حديثا رواه عن معن بن يزيد.
حطان بن كامل بن علي بن منقذ:
الكناني الشيرزي أمير شجاع شاعر، ولد بشيزر، وخدم الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، وحظي عنده فسيره إلى اليمين، وولي زبيد، وحصل بينه وبين عثمان بن الزنجاري باليمن خلاف، وكان صارم الدين خطلبا بزبيد فتوفي فحصل حطان بن منقذ بها في نحو ثلاثمائة فارس فوصل عثمان محاصرا لها في تسعمائة فارس، وكان الملك الناصر قد تخيل من حطان، وكتب إلى عثمان بالتحيل على حطان والقبض عليه، فعرض الكتاب على الأمراء باليمن فامتنع قايماز وياقوت واليا الجبل، وامتنع صارم الدين خطلبا والي زبيد، وغلبه دقش أحد أمراء الجند، وكان سير مع خطلبا وخدعه لمرضه حتى أدخل حطان الى زبيد ومكنه منها ودخل اليها يوم ثامن صفر سنة تسع وسبعين - يعني - وخمسمائة ومات خطلبا في تاسعه، واتفق دقش ومن معه مع حطان على العصيان والتحصن بزبيد ونزل عثمان على زبيد فحصرها، وكتب عثمان بذلك إلى الملك الناصر، وكتب دقش إلى الملك الناصر يذكر أنه كان سير رسولا إلى عثمان يسأله في الصلح والرجوع الى بلده فامتنع من ذلك، وأن عثمانقد كان حصر زبيد قبل موت خطلبا، فما وجدوا إلاّ أن صدروا له حطان لأمور أعظمها أن معه مالا ينفقه، وترك حطان على أنه مطيع يحضر الى الخدمة ويحاسب على المال، والرجل وأمراء العسكر محصورون، وانهم متماسكون إن وصلتهم نجدةعاجلة أو أمر يشغل عثمان، وأن دقش وقرا سليمان وحطان قالوا لهذا الرسول المسيّر: أخرج الى عثمان في المصالحة علىأمر السلطان مهما به امتثل.
وقرأت في تاريخ القاضي الفاضل عبد الرحيم بن علي الذي علق فيه الحوادث في كل يوم، قال فيه: وذكر الرسول أنه اجتمع بياقوت في تعز، وكان سار اليه رسولا من عثمان ان ينزل ويكون في خدمته فقال ما أفعل الا بكتاب من السلطان، وانه ارتهن عياله وخدعه سمين الله والطلاق، فركبت اليه وتسلم بلادي واقطع زبيد، وذكر الرسول أن خطلبا قال له: إني سقيت وتم علي الردى واني تالف لا محالة وما اشار الى احد، وكان رسول عثمان قد ذكر مثل ذلك واسند الفعل الى حطان.

قال القاضي الفاضل: وسيرت كتب إلى الملك الناصر وإلى الملك العادل وغيرهما من حطان وأخيه محمد ودقش وقرا سليمان وياقوت المعظمي، وتنوخ بن عبد المجيد تتضمن القضية المتفق على شرحها بن عثمان الزنجاري مازال يخادع ياقوت وقايماز ويلاطفهما حتى انخدع له قايماز وتراسلا في المصاهرة وتقرر المهر عشرة اّلاف دينار مصرية، وأحضر الشهود، وكتب الكتاب، ونزل قايماز من حصنه ليعقد عقدة النكاح، فلما صار في خيمة عثمان سلسله وضايقه على تسليم ما تسليم ما بيده من البلاد والقلاع فتسلما بأسرها وحاصر الجند، وحلف لأهلها على أمانهم منه ومن عسكره، فلما فتحوا الأبواب هجم بعسكره وأباحهم دماء أجنادهم وأموال أهلها ونساءهم حتى حكى أنه افتض في البلد سفاحا نحو ثلاثمائة بكر فضلا عن الثيب وقتل في المسجد نفران من الفقهاء في المدافعة عن حريمهما، أن مسجدها الأعظم مسجد معاذ بن جبل انتهكت حرمته وهدمت جدرانه عند الهجمة وانصرف عنها، وحاصر قلاع ياقوت، واستخلص بعضها، وسار الى زبيد في أوائل المحرم سنة تسع وسبعين فحاصرها وقاتلها قتالا شديدا، ونصب عليها السلاليم، واتفق مرض صارم الدين خطلبا وضعف منّته وإفلاسه مما بنفقه في العسكر، واختلاف وجوه الناس عليه، وضعف قلوب أهل زبيد بقوة عثمان بالمال والرجال وفتكه فيما استعصى عليه من البلاد وإتلافه أموالهم الظافرة وموادهم من النخيل والكروم والأشجار، وتخريب الضياع وتعطيل المزارع، فجمع خطلبا امراء المصريين الذين معه: قرا سليمان ودقش وغيرهما، وقال: ترون ما نزل بنا وما نحن عليه من عدم المال والرجال، ومتى ملك هذا الطاغية زبيد ملك اليمن كلها، وإني أرى أن نراسل حطان ونستحلفه على بذل جهده من المال والرجال والنفس في المدافعة عن هذا البلد ودفع هذا الرجل عنه، فرأى الجماعة ذلك الرأي، وراسلوا حطان بن منقذ وعرفوه بالأمر، وكان قد أنجدهم قبل ذلك بأخيه محمد بن كامل بن فرسان عدة، وكذلك أنجدهم ياقوت بعسكر، ولم يزل التردد بينهم وبين حطان حتى استوثق بعضهم من بعض بالأيمان، ودخل حطان زبيد في ثامن صفر، ومات خطلبا في عاشره، وأطلق حطان الأموال والخلع في العسكر، وتألف القلوب وتجرد لقتال عثمان وأصحابه ومنعهم من الخروج من خيامهم، ثم أشار الأمراء المصريون بمراسلة عثمان بن الوزنجاري والتلطف له في الكلام، وأن يقال له: هذه البلاد في أيدينا أمانة للسلطان، وما نسلمها دون أن يقتل منا ومن جماعتك خلق كثير، فان رأيت أن تربح دماء الفريقين ونكاتب السلطان وننتظر أمره فالى من رسم بتسليم البلاد سلمت إليه بغير حرب، فنفر عثمان وقال: إنني أنا الملك العثماني المذكور في سير اليمن وملاحمها أنه يملك ما بين حضرموت ومدينة الرسول صلى الله عليه وسلم ولا أبرح على زبيد دون فتحها عنوة، وسلخ جلدي قرا سليمان ودقش، وصلب حطان، وإباحة نهبها وقتل مقاتلتها عشرة أيام، كما وعدت عسكري، وكما فعلت في الجند، فتجرد حينئذ من بزبيد لقتاله وفتحوا في سادس شهر ربيع الأول ثلاثة أبواب من أبواب زبيد وافترقوا ثلاث فرق وكبسوا عسكر عثمان بغتة فتقابض الغريقان في اللحى، وتجالدوا بالسيوف، فانهزم عثمان وأسلم عسكره، فكثر فيهم القتل، وتبع الجند والراجل من انهزم منهم، وغنم عسكر زبيد منهم سبعمائة خيمة وألفي جمل، ونكسول من فرسانهم ثلاثمائة فارس، ولم يسلم مع عثمان سوى ستة فرسان لا غير، وكتب حطان يبذل من نفسه الطاعة، ويسأل الصفح عما كان قذف به، وما تقوّل في حقه من قد ظهرت منافقته وكفرانه نعمة الاصطناع ويسأل إعلامه بما يعمل من المقام فتقرر له قاعدة أو الاستدعاء، فيتوثق بالإيمان ليصل ويكاتب الى من يتسلم البلاد، ويسأل يمين السلطان وخطه ويمين الملك العادل وتشريفا من لباس السلطان وتشريفا من الملك العادل، وتشريفين من الملكين العزيز عثمان والظاهر غازي وأمراً صريحا بما يعتمده من تسليم البلاد الى من يعين عليه، وكذلك حصن قوارير، أو تقرير قاعدة له يخدم هناك بها، وبذل من نفسه موجب ما استقر بينه وبين خطلبا واستحلفه عليه، أن يحمل الى الخزانة الناصرية عشرة آلاف دينار، وان رسم استخدامه باليمين فهو يكفل بفتح كل ما كان في يد الملك المعظم ويوفر الغلات التي في الأهراء بزبيد على العسكر المصري ليستفرّ بها الى مصر في عوده.

قال القاضي الفاضل: وتحقق السلطان أمر هذه الكسرة وطاعة حطان، وأما ما كان من عثمان فإنه وصل الى جهة من أمال التعكر، واستقر بها لأن الجند خراب، فلما علم من ياقوت عجزه عنه وضعفه رجع الى الجند وعمّرها وصار يغير منها الى بلاد الأمير المذكور، ونزل على حصن من حصونه يقال له الحريم فاتصل الخبر بقحطان فجمع له وتجهز للطلوع، فلما علم بذلك رحل من الموضع، وأغار على جهة من جهات ياقوت يقال لها جبأ.
حظي بن أحمد بن محمد بن القاسم السلّمي:
أبو هانئ الصوري، سمع بطرسوس أبا عبد الله محمد بن فريد بن ابراهيم الدرقي وبحمص أبا زكريا يحيى بن زكريا بن حيويه النيسأبوري، وبصور أبا عبد الملك محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس، وبالرملة أبا الحسن أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني المصري.
وحدث ببيت المقدس، روى عنه أبو العباس أحمد بن محمد بن الجراح الأسلمي.
أنبأنا أحمد بن زاهر بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا أبو اسحاق ابراهيم بن سعيد بن عبد الله الحافظ المصري في كتابه إليّ من مصر قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن محمد بن الحاج بن يحيى الاشبيلي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو هانئ حظي بن أحمد بن محمد بن القاسم السلامي السلمي الصوري - قراءو عليه ببيت المقدس - قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن داوود بن أبي صالح الحراني المصري بالرملة قال: حدثنا أبو مصعب قال: حدثنا مالك عن يحيى بن سعيد بن عروة بن الزبير عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: وجبت محبة الله على من غضب فحلم.
أنبأنا سليمان بن الفضلب قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حظي بن أحمد بن محمد بن القاسم، أبو هانئ السلامي الصوري، سمع أبا عبد الملك محمد بن أحمد بن عبد الواحد بن عبدوس بصور، وأبا زكريا يحيى بن زكريا ابن حيّويه النيسأبوري بحمص، وأبا عبد الله محمد بن يزيد بن ابراهيم الدرقي بطرسوس، وأبا الحسن أحمد بن داود بن أبي صالح الحراني المصري بالرملة، روى عنه أبو العباس الاشبيلي واجتاز بدمشق أو بساحلها عند مضيه الى حمص وطرطوس.
ذكر من اسمه حفص
حفص بن أحمد الكمدي:
أبو الحسين الحراني، روى عن علي بن سليمان الهاشمي وأبي القاسم الأنطاكي.
روى عنه في شعر ديك الجن، وروى عنه الخالديان وأبو الحسن الشمشاطي في كتاب الديرة، عن أبي بكر الصنوبري.
حفص بن عمر بن رواحة:
الحلبي الأنصاري، روى عن السائب بن حبيش الكلاعي، وخالد بن معدان روى عنه ابنه أبو سعيد بن حفص الحلبي، وقيل أبو سعد، وعبد الرحمن المحاربي.
أنبأنا تاج الأمناء أبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن الدمشقي قال: أخبرنا عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن أحمد بن المبارك الفراء.
قال: أخبرنا عبد الله بن الحسين بن عبد الله الصفار قال: أخبرنا عبد الوهاب قال: أخبرنا أبو الجهم قال: حدثنا هشام بن عمارة قال: حدثنا أبو سعيد بن حفص بن رواحة الأنصاري عن أبيه أنه حدثه عن السائب بن حبيش عن معدان بن أبي طلحة قال: لقيت أبا الدرداء فسألني عن منزلي فأخبرته، فقال أبو الدرداء: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: ما من ثلاثة في قرية ولا في بدو لا يقيمون الصلاة إلا استحوذ عليهم الشيطان، فعليكم بالجماعة فإنما يأكل الذئب القاصية.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن الحافظ أبي القاسم قال في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله إجازة، ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد محمد بن أبي حاتم قال: حفص بن عمر الأنصاري روى عن خالد بن معدان، روى عنه ابنه أبو سعد عمر بن حفص المعروف بابن رواحة، سمعت أبي يقول ذلك، روى عن من حدثه عن مكحول روى عنه عبد الرحمن المحاربي.

كذا وقع حفص بن رواحة، وأظنه حفص بن عمر قاضي حلب الآتي ذكره، فإن الحاكم أبا أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ ذكر في الكنى ابنه أبا سعيد بن حفص الحلبي، وذكر أنه رهط عبد الله بن رواحة الأنصاري، فنسبه هشام بن عمار إلى جده الأعلى رواحة الأنصاري. وقد ذكرنا ذلك في ترجمة عمر بن حفص.
حفص بن عمر بن ثابت بن زرارة:
وقيا ابن ثابت بن الحارث، وقيل ثابت بن محمد الأنصاري الحلبي القاضي قاضي حلب، أصله من الكوفة، وسكن حلب وولي قضاءها، حدث عن عبد الملك بن عمير وقيس بن مسلم، وأبي الحارث صالح بن حسان الأنصاري، وحماد بن أبي سليمان، والفضل بن عيسى الرقاشي، والحجاج بن فرافصه، وموسى بن حبيب وأبي الربيع الدمشقي، والعلاء بن اللجلاج وأبان ومحمد بن اسحاق وأبي اسحاق الهمداني، وأبيه عمر بن ثابت الكوفي، ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير، والمختار بن فلفل وابن أبي غنية.
روى عنه محمد بن عبد الرحمن بن طلحة القرشي، ومحمد بن بكار بن الريان، ويحيى بن صالح الوحاظي، وعامر بن سيار الحلبي النحلي، ويحيى بن عبد الملك، وابنه أبو سعيد عمر بن حفص بن عمر، ومحمد بن المتوكل العسقلاني، وعبد الرحمن المحاربي وعبيد بن جناد الحلبي وداود بن رشيد.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت قال: أخبرني السكري قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا جعفر بن محمد بن الأزهر قال: حدثنا المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا يحيى بن صالح الوحاظي عن حفص بن عمر قال: حدثنا صالح بن حسان عن محمد بن كعب عن ابن عباس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " لا تأخذوا الحديث إلا عمن تجيزون شهادته " .
قال الخطيب: رواه أبو حفص الأبار عن صالح فاختلف عليه في رفعه ووقفه على ابن عباس، ورواه أبو داود الحفري عن صالح عن محمد بن كعب عن النبي صلى الله عليه وسلم ولم يذكر فيه ابن عباس ولا نعلم رواه عن محمد بن كعب غير صالح.
ذكر الحافظ أبو الفضل محمد بن طاهر المقدسي هذا الحديث في الأحاديث التي رواها الكذبة والمجروحون والضعفاء والمتروكون، وقال فيه: حفص بن عمر قاضي حلب كان يوصف بوضع الحديث.
أنبأنا بذلك يوسف بن خليل قال: أنبأنا أبو جعفر محمد بن إسماعيل الطرسوسي عن محمد بن طاهر أنبأنا عبد البر بن الحسن العطار الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: حفص بن عمر يقال له قاضي حلب وروي أحاديث عنه منها هذا الحديث، وقال: وهذا الحديث رفعه عن صالح حفص ووقفه أبو حفص الأبار عن صالح بن حسان وأبو حفص أوثق من حفص بن عمر، قال: ولحفص بن عمر أحاديث غير ما ذكرته ولم أجد له أنكر مما ذكرته.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمود بن أحمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود بن أحمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم قال: حدثنا صدقة بن منصور قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا حفص بن عمر قاضي حلب عن عبد الملك بن عمير قال: ذهبت أنظر إلى علي رضي الله عنه فسمعته يقول: إن من كان قبلكم يبعرون بعراً وأنتم تثلطون ثلطاً فاتبعوا الحجارة الماء.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر بن علي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن بن أحمد بن شعيب بن علي النسوي قال: حفص بن عمر كوفي ضعيف.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو غالب الكرخي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني قال: سألته - يعني أبا الحسن الدار قطني - عن حفص بن عمر الحلبي، فقال: أصله كوفي ثم ولي قضاء حلب، صالح يعتبر به.

أنبأنا أبو القاسم بن أبي محمد الأسدي وغيره عن أبي القاسم علي بن الحسن قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الحسين بن عبد الملك الخلال قال: أخبرنا أبو القاسم بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله إجازة، ح.
قال: وأخبرنا أبو طاهر بن سلمة قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حفص بن عمر بن ثابت بن زرارة الأنصاري روى عن الجلاء بن اللجلاج، روى عنه محمد بن المتوكل العسقلاني، سمعت علي بن الحسين بن الجنيد يقول: هو منكر الحديث.
وقال ابن أبي حاتم أيضاً: حفص بن عمر الحلبي قاضي حلب روى عنه المختار بن فلفل ويحيى بن عباد بن عبد الله بن الزبير وابن أبي عيينة.
روى عنه محمد بن بكار وعبيد بن جناد، وداود بن رشيد، ومحمد بن المتوكل، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه عبد الرحمن بن محمد المحاربي، وروى هو عن صالح بن حسان، سألت أبي عنه فقال: هو ضعيف الحديث، هو دون حفص بن سليمان في الضعف، سئل أبو زرعة عنه، فقال: منكر الحديث.
قلت هكذا فرق بينهما ابن أبي حاتم وهما واحد، بل الثلاثة المذكورون واحد، وقد ذكر الكلاباذي في رجال مسلم أباه، فقال عمر بن ثابت بن الحارث الأنصاري، من بني بلحارث بن الخزرج.
حفص بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم:
الأموي، كان مع أبيه بخناصرة، وشهد وفاته بدير سمعان. وسنذكر في ترجمة عمر ما يدل على ذلك إن شاء الله تعالى.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حفص بن عمر بن عبد العزيز بن مروان بن الحكم الأموي، له ذكر.
حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله:
ابن الحارث بن جبل بن جبل بن كليب بن عوف بن عوف بن معاهر بن عمرو بن زيد بن مالك بن زيد بن الحارث بن عمرو بن حجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زيد بن حضرموت الحضرمي أبو بكر المعاهري، حدث عن الزهري، وأظنه سمع منه برصافة هشام فإنه وفد على هشام بن عبد الملك.
وروى عن هلال بن عبد الرحمن أيضاً، روى عنه عمر بن الحارث والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة ويزيد بن حبيب.
وولاه هشام الصائفة، فغزا الروم، ثم ولاه غزو البحر على أهل مصر، وولاه مصر فبقي واليها إلى أيام مروان بن محمد.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو محمد عبد الرحمن بن حمد بن الحسن بن عبد الرحمن الدوني، وحدثني أبو الحسن سعد الخير بن محمد بن سهل الأنصاري عنه قال: أخبرنا القاضي أبو نصر أحمد بن الحسين بن محمد الكسار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن اسحاق الدينوري الحافظ قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي قال: أخبرنا عبد الملك بن شعيب بن الليث بن سعد قال: حدثني أبي عن جدي عن ابن أبي حبيب - يعني يزيد - عن حفص بن الوليد عن محمد بن مسلم عن عبيد الله بن عبد الله حدثه أن ابن عباس قال: أبصر رسول الله صلى الله عليه وسلم شاة ميتة لمولاة لميمونة، وكانت من الصدقة فقال: لو نزعوا جلدها فانتفعوا به، قال: إنها ميتة، قال: إنما حرم أكلها.
قال أبو سعيد بن يونس: لم يسند حفص غير هذا الحديث، وقال ابن أبي حاتم عن أبيه: حديثه عن ابن شهاب مرسل.
أنبأنا الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حفص بن الوليد الحضرمي أمير مصر عن ابن شهاب، روى عنه الليث ويزيد بن أبي حبيب.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال ابن بكير: قال الليث بن سعد: وفي سنة أربع وعشرين ومائة قتل كلثوم أمير إفريقية ومن صبر معه قتلهم ميسرة وأصحابه، وأمر حنظلة بن صفوان على أهل إفريقية، وخرج من مصر في شهر ربيع الآخر، وأمر حفص بن الوليد على أهل مصر، وفيها نزع القاسم بن عبيد الله من مصر وجمع لحفص عربها وعجمها.
وفيها - يعني - سنة تسع عشرة غزا حفص بن الوليد البحر على أهل مصر يحملون الخشب وعلى الجماعة ابن أبي مريم - يعني - عبد الله.

وفي سنة إحدى وعشرين ومائة غزا حفص بن الوليد البحر، وكان بالشام حتى قفل منه، والأسود بن بلال على الجماعة.
وفي سنة اثنتين وعشرين ومائة غزا حفص بن الوليد البحر على أهل مصر وعلى الجماعة أسود بن بلال فصلوا من الاسكندرية فأصابوا إقريطية فلقوا الجمع فهزمهم الله ووطئوا إقريطية، وأصابوا رقيقا.
وفي سنة ثلاث وعشرين ومائة غزا حفص بن الوليد على أهل البحر فلم يكن لهم خروج عامئذ غير أنه اتبع العديد الذين كانوا نزلوا البرلس حتى بلغوا سرطابس فلم يدركهم حفص في قبرس، فرجع.
قال ابن بكير: قال الليث: وفي سنة ثمان وعشرين ومائة أمر حوثرة بن سهيل على مصر في المحرم، ونزع حفص بن الوليد وجعل معه عيسى بن أبي عطاء على أهل الأرض، وقدم معه أهل الشام، فأخذ حفص بن الوليد، وقتل ناساً من أهل مصر.
قال: وفيها سنة سبع وعشرين ومائة أمر أمير المؤمنين مروان حسان - يعني - ابن عتاهية على أهل مصر ونزع حفص في ثمان ليال بقين من جمادى الآخرة ثم نزا بحسان أهل مصر فنزعوه وأمروا عليهم حفص بن الوليد مستهل رجب، ثم أمر حنظلة على مصر فمنعه حفص وأصحابه ذلك.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: كتب إلي أبو محمد حمزة بن العباس، وأبو الفضل أحمد بن محمد بن الحسن بن محمد بن سليم، وحدثني أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو الفضل بن سليم قالا: أخبرنا أبو بكر الباطرقاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: حدثنا أبو سعيد بن يونس قال: حدثني أبي عن جدي أنه حدثه قال: حدثنا ابن وهب قال: حدثني الليث أن حفص بن الوليد أول ولايته بمصر أمر بقسم مواريث أهل الذمة على قسم مواريث المسلمين، وكانوا قبل حفص يقسمون مواريثهم بقسم أهل دينهم.
قال: وقال لنا أبو سعيد بن يونس: حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله بن الحارث بن جبل بن كليب بن عوف بن عوف بن معاهر بن عمرو بن زيد بن مالك بن زيد بن الحارث بن عمرو بن حجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زيد بن حضرموت الحضرمي، ثم من بني عوف بن معاهر، كان من أشرف حضرمي بمصر في أيامه ولم يكن خليفة من بعد الوليد إلا وقد استعمله، وكان هشام بن عبد الملك قد شرفه ونوه بذكره وولاه مصر بعد الحر بن يوسف بن يحيى بن الحكم نحواً من شهر ثم عزله، ثم وفد على هشام فألفاه في التجهيز إلى الترك فولاه الصائفة فغزا ثم رجع فولي بحر مصر سنة تسع عشرة ومائة، وسنة عشرين ومائة، وسنة إحدى وعشرين ومائة، وسنة اثنتين وعشرين ومائة، فلما قتل كلثوم بن عياض القشيري عامل هشام على إفريقية، وكان قتله في ذي الحجة سنة ثلاث وعشرين ومائة كتب هشام إلى حنظلة بن صفوان الكلبي وكان عامله على جند مصر بولاية إفريقية، فشخص إليها، وكتب إلى حفص بن الوليد بولاية جند مصر وأرضها، فولي حفص عليها بقية خلافة هشام وخلافة الوليد بن يزيد ويزيد بن الوليد وإبراهيم بن الوليد ومروان بن محمد إلى سنة ثمان وعشرين ومائة.
حدث عنه يزيد بن أبي حبيب وعمرو بن الحارث والليث بن سعد وعبد الله بن لهيعة وغيرهم، وكان ممن خلع مروان بن محمد مع رجاء بن الأشيم الحميري وثابت بن نعيم بن يزيد بن روح بن سلامة الجذامي، وزامل بن عمرو الجذامي في عدد من أهل مصر والشام، قتله حوثرة بن سهيل بمصر في شوال سنة ثمان وعشرين ومائة، وخبر مقتله يطول.
وقال المسور الخولاني يحذر ابن له من مروان، ويذكر قتل مروان حفص بن الوليد ورجاء بن الأشيم ومن قتل معهما من أشراف أهل مصر وحمص:
وإن أمير المؤمنين مسلط ... على قتل أشراف البلادين فاعلم
فإياك لا تجني من الشر غلطةً ... فتودي كحفص أو رجاء بن أشيم
ولا خير في الدنيا ولا العيش بعدهم ... وكيف وقد أضحوا بسفح المقطم
قرأت في كتاب الجرح والتعديل تأليف أبي محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم وأخبرنا به أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله - إجازة - قال أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن قال: حفص بن الوليد الحضرمي أمير مصر روى عن ابن شهاب مرسل، روى عنه يزيد بن أبي حبيب والليث بن سعد، سمعت أبي يقول ذلك.

أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حفص بن الوليد بن سيف بن عبد الله بن الحارث بن جبل بن كليب بن عوف بن عوف بن معاهر بن عمرو بن زيد بن مالك بن زيد بن الحارث بن عمرو بن حجر بن قيس بن كعب بن سهل بن زيد بن حضرموت أبو بكر الحضرمي المصري أمير مصر من قبل هشام بن عبد الملك، وليها جمعتين ثم وليها مرة أخرى باستخلاف حنظلة بن صفوان له عليها فأقره الوليد بن يزيد ثم وليها مرة ثالثة في خلافة مروان بن محمد أكرهه الجند على ولايتها، وأخرجوا حسان بن عتاهية عامل مروان عليها.
روى عن الزهري وهلال بن عبد الرحمن القرشي، روى عنه يزيد بن أبي حبيب، والليث بن سعد وعمرو بن الحارث، وعبد الله بن لهيعة، ووفد على هشام بن عبد الملك، والوليد بن يزيد وولاه هشام الصائفة، وقتل الوليد وحفص بدمشق فأمره يزيد بن الوليد على مصر.
أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: قال الليث: قال ابن بكير: وفيها يعني سنة ثمان وعشرين - يعني - ومائة قتل حفص بن الوليد.
وذكر أبو محمد بن يوسف الكندي أن الحوثرة بن سهيل قتل حفص بن الوليد يوم الثلاثاء لليلتين خلتا من شوال.
حفص الحلبي:
مولى السكوني، حدث عن علي بن زيد بن جدعان، روى عنه أبو بدر شجاع بن الوليد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي الفضل محمد بن ناصر قال: أخبرنا أبو الحسن بن أحمد السمرقندي - إجازة - قال: أخبرنا القاضي أبو بكر محمد بن أحمد الوازعي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الوليد بن أحمد الزوزني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال حدثنا أحمد بن يحيى السوسي قال: حدثنا أبو بدر شجاع بن الوليد قال: حدثنا حفص الحلبي مولى السكوني عن علي بن زيد بن جدعان عن أبيه عن عائشة: أعطيت تسعاً لم تعطه شيئاً من النساء بعد مريم بنت عمران، نزل جبريل بصورتي في كفه، وأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم بتزويجي، الحديث.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
حفص العابد المصيصي:
كان من العلماء العباد المذكورين بالشام المشهورين بالعبادة والاجتهاد وكان يطوي الأيام الكثيرة.
حفص الأموي:
شاعر مجيد مشهور من شعراء بني أمية، قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك ومدحه واستخصه هشام، وكان يهجو بني هاشم وبقي حتى أدرك دولتهم ولحق بعبد الله بن علي فاستأمن إليه فآمنه بعد أن هجا بني أمية.
كتب إلينا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي منها قال: أنبأنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد البندار - إذناً - قال: أنبأنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن أحمد بن أبي مسلم المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يزيد المبرد قال: حدثنا إبراهيم بن سفيان الزيادي قال: كان حفص الأموي هجاءً لبني هاشم فطلبه عبد الله بن علي فلم يقدر عليه، ثم جاء فقال: عائذ بالأمير منه، قال: ومن أنت؟ قال: حفص الأموي، فقال: ألست الهجاء لبني هاشم قال: أنا الذي أقول أعز الله الأمير:
وكانت أمية في ملكها ... تجور وتكثر عدوانها
فلما رأى الله أن قد طغت ... ولم يطق الناس طغيانها
رماها بسفاح آل الرسول ... فجذ بكفيه أعيانها
ولو آمنت قبل وقع العذاب ... لقد قبل الله إيمانها
فقال: اجلس، فجلس فتغدى بين يديه، ثم دعا خادماً له فساره بشيء، ففزع حفص وقال: أيها الأمير قد تحرمت بك وبطعامك، وفي أقل من هذا كانت العرب تهب الدماء، فقال: ليس ما ظننت فجاء الخادم بخمسمائة دينار فقال: خذها ولا تقطعنا وأصلح ما شعثت منا.

وحكى عيسى بن لهيعة بن عيسى بن لهيعة بن عقبة الحضرمي المصري عن خالد بن كلثوم عن عوانة بن الحكم ومحمد بن السائب الكلبيين قالا: قال هشام يوماً لجلسائه وقوامه على خيله: كم أكثر ما ضمت عليه حلبة من الخيل في إسلام أو جاهلية؟ فقيل له ألف فرس، وقيل ألفان، فأمر أن يؤذن الناس بحلبة أربعة آلاف فرس، فقيل له: يا أمير المؤمنين يحطم بعضها بعضاً فلا تتسع لها طريق فقال نطلقها ونتوكل على الله والله الصانع فجعل الغاية خمسين ومائة غلوة، والقصب مائة والمقوس ستة أسهم، وقاد إليه الناس من كل أوب، ثم برز هشام إلى دهناء الرصافة قبيل الحلبة بأيام، فأصلح طريقاً واسعاً لا يضيق بها فلما أرسلت يوم الحلبة بين يديه وكان ينظر إليها تدور حتى ترجع فجعل الناس يترأونها حتى أقبل الذائد كأنه ريح لا يتعلق به شيء حتى دخل سابقاً وأخذ القصبة، ثم جاءت الخيل بعد لأي أفذاذاً وأفواجاً، ووثب الرجاز يرتجزون منهم المادح للذائد ومنهم المادح لفرسه ومنهم المادح لخيل قومه فوثب مولاهم حفص الأموي فقام مرتجزاً يقول:
إن الجواد السابق الإمام ... خليفة الله الرضا الهمام
أنجبه السوابق الكرام ... من منجبات ما بهن ذام
كرائم يجلى بها الظلام ... أم هشام جدهما القمقام
وعائش تسمو بها الأقوام ... خلائف من نجلها أعلام
إن هشاماً جده هشام ... مقابل مدابر هضام
جرى به الأخوال والأعمام ... نجل لنجل كلهم قدام
سنواله السبق وما استناموا ... حتى استقامت حيث ما استقاموا
وأحرز المجد الذي أقاموا ... أطلق وهو يفع غلام
في حلبة تم لها التمام ... من آل فهر وهم السنام
فبذهم سبقاً وما ألاموا ... كذلك الذائد يوم قاموا
أتى ببدء الخيل ما يرام ... مجلياً كأنه حسام
سباق غايات لها ضرام ... لا يقبل العفو ولا يضام
ويل الجياد منه ماذا راموا ... سهم تعز دونه السهام
فأعطاهم هشام يومئذ ثلاثة آلاف درهم وخلع عليه حلل من جيد وشي اليمن وحمله على فرس له من خيله السوابق وانصرف معه ينشده هذا الرجز حتى قعد في مجلسه وأخذه بملازمته فكان أثيراً عنده، وأعطى أصحاب الخيل المقصبة يومئذ عطايا كثيرة، فقال الكلبي: لا نعلم لتلك الحلبة نظيراً في الحلائب.
ذكر من اسمه الحكم
الحكم بن أزيهر الحميري:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، ذكره المدائني في وقعة صفين.
الحكم بن جرو:
أو حزن القيني، قدم الرصافة على هشام بن عبد الملك في الوفد الذي أوفده إليه يوسف بن عمر من العراق.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم الدمشقي قال: الحكم بن جرو أو حزن القيني، قدم على هشام بن عبد الملك في وفد أوفده إليه يوسف بن عمر من العراق، وهو من أهل الأردن، له ذكر.
الحكم بن خلف الجزري:
أبو مروان المنبجي، حدث عن الهيثم بن جميل الأنطاكي، وأبي عبد الرحمن عبد الله بن جعفر الرقي، روى عنه أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الأسفرائيني.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير في كتابه عن الحافظ أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: أخبرنا ابن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن اسحاق الحافظ قال: أبو مروان الحكم بن خلف الجزري المنبجي سمع أبا عبد الرحمن عبد الله بن جعفر الرقي والهيثم بن جميل الأنطاكي، كناه لنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن مسلم الاسفرائيني.
الحكم بن عبد الله بن مروان:
ابن محمد بن مروان بن الحكم بن أبي العاص الأموي، كان مع جده مروان حين عبر بمنبج هارباً من بني العباس بعد الكسرة بالزاب، ووصل معه إلى مصر وأسر بها وحمل أسيراً إلى أبي العباس السفاح فحبسه، فلما انتهت الخلافة إلى هارون الرشيد أطلقه، ثم حبس مع أبيه عبد الله بن مروان.

أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: الحكم بن عبد الله بن مروان بن محمد بن الحكم بن أبي العاص كان مع أبيه وجده حين قدما دمشق هاربين من بني العباس، وأسر بمصر وحمل إلى السفاح فحبسه ثم أطلقه هارون الرشيد ثم حبس بعد ذلك بعد أن قدم أبوه عبد الله من أرض الحبشة مع أبيه.
الحكم بن عبد الرحمن بن أبي العصماء:
الخثعمي الفرعي، أدرك عسر النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه أبو هزان يزيد بن سمرة الرهاوي وشهد فتوح الشام، فقد حضر فتح قنسرين وحلب.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو عبد الله قال: أخبرنا محمد بن عوف المزني قال أخبرنا أبو العباس محمد بن موسى بن الحسين بن السمسار قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن حزيم قال: حدثنا هشام بن عمارة قال: حدثنا يزيد بن سمرة قال: حدثنا الحكم بن عبد الرحمن بن أبي العصماء الفرعي من خثعم، وكان ممن شهد قيسارية، قال: حاصرها معاوية سبع سنين إلا أشهر، ومقاتلة الروم الذين يرزقون فيها مائة ألف، وسامرتها ثمانون ألفاً ويهودها مائتا ألف فدلهم لنطاق على عورة، وكان من الرهون، فأدخلهم من قناة يمشي فيها الجمل بالمحمل، وكان ذلك يوم الأحد، فلم يعلموا وهم في الكنيسة إلا وبالتكبير على باب الكنيسة، فكانت بوارهم.
قال أبو بكر: قال لنا هشام بن عمار: قال يزيد بن سمرة: وبعثوا بفتحها إلى عمر تميم بن ورقاء عريف خثعم فقام عمر على المنارة فنادى: ألا إن قيسارية فتحت قسراً.
قال الحافظ أبو القاسم: الحكم بن عبد الرحمن بن أبي العصماء الخثعمي ثم الفرعي، شهد فتوح الشام وحضر حصار، قيسارية، وهو ممن أدرك عصر النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه أبو هزان يزيد بن سمرة الرهاوي المذحجي.
الحكم بن عمر:
وقيل عمرو، أبو سليمان، وقيل أبو عيسى الرعيني الحمصي.
سمع عبد الله بن بسر صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، وقتادة بن دعامة، وإسماعيل بن معد يكرب، وعمر بن عبد العزيز بن مروان، ومسلمة بن عبد الملك بن مروان الأمويين، وخالد عبد الله القسري.
روى عنه خالد بن مرداس السراج وبسرة بن صفوان اللخمي ومنصور بن أبي مزاحم وشبابة بن سوار وخلف بن عمرو الأموي ويحيى بن صالح الوحاظي ويحيى بن سعيد العطار وكان في صحابة عمر بن عبد العزيز بدابق وبخناصرة وبالناعورة من أرض حلب، وكان من المعمرين.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لنا في روايته عنه - قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن محمد بن محمد بن محمد بن عبد الله البيضاوي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن مرداس قال: حدثنا الحكم بن عمر قال: بعثني خالد بن عبد الله القسري وصاحب لي إلى قتادة بن دعامة الأعمى ليسأله عن ثمانية عشر مسألة من القرآن، فسألناه: عن الأرض وما طحاها. قال: طحوها عتها، وهذه من لغة قوم من اليمن، قال: وسألناه عن " اقتلوا أنفسكم وتوبوا إلى بارئكم " قال: اقتلوا أنفسكم وتوبوا إلى بارئكم، قال: وسألناه عن قوله تبارك وتعالى: " ولا تيأسوا من روح الله " ، قال لا: ولكن من روح الله، قال: وسألناه عن قوله عز وجل " تغرب في عين حامية " قال: لا في عين حمئة. قال: وسألناه عن النصارى واليهود والصابئين والمجوس والذين أشركوا قال: هم الزنادقة، وأنتم تدعونهم بالشام المنانية.
أنبأنا عبد الوهاب بن علي الأمين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا عيسى بن علي قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن مرداس قال: حدثنا الحكم بن عمر الرعيني وكنيته أبو سليمان، من أهل الشام قال: شهدت عمر بن عبد العزيز رضي الله عنه في زمانه وأنا ابن عشرين، وقد هلك عمر بن عبد العزيز منذ اثنتين وسبعين سنة، قال: وصليت مع عمر بن عبد العزيز فكان يجهر ببسم الله الرحمن الرحيم في كل سورة يقرأها.

أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو الفتح البيضاوي قال: أخبرنا ابن النقور قال: أخبرنا ابن الجراح قال: أخبرنا البغوي قال: حدثنا خالد مرداس قال: حدثنا الحكم قال صليت مع عمر بكنيسة بخناصرة فيها تماثيل يتيمم تجاه القبلة وسائرها كما هي.
وقال: حدثنا خالد قال: حدثنا الحكم قال: شهدت مسلمة بن عبد الملك يخاصم أهل دير اسحاق عند عمر بن عبد العزيز بالناعورة، فقال عمر لمسلمة: لا تجلس على الوسائد وخصماؤك بين يدي، ولكن وكل لخصومتك من شئت وإلا فجاثي القوم بين يدي، فوكل مولى له بخصومته فقضى عليه بالناعورة.
قلت: دير اسحاق إلى جانب القرية وبعضهم في زماننا يسميه دير الزبيب وليس به، ودير الزبيب تجاه دير اسحاق من الغرب.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: الحكم بن عمرو رأى عبد الله بن بسر وعمر بن عبد العزيز.
أنبأنا عبد البر بن الحسن العطار الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا أحمد بن علي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد الدورقي عن يحيى بن معين قال: الحكم بن عمرو الرعيني ليس بشيء.
وحدثنا ابن عدي قال: حدثنا ابن حماد، وأخبرنا ابن أبي بكر قالا: حدثنا عباس عن يحيى قال: الحكم بن عمرو الرعيني ضعيف.
وحدثنا ابن عدي قال: حدثنا علي بن أحمد بن سليمان قال: حدثنا أحمد بن سعد بن أبي مريم قال: سألت يحيى بن معين عن الحكم بن عمرو الرعيني فقال: ضعيف لا يكتب حديثه.
قال ابن عدي: والحكم بن عمر هذا - وقيل ابن عمر - الرعيني هو قليل الرواية عمن يروى عنه.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن: الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن أحمد قال: حدثنا خليفة بن خياط قال في الطبقة السادسة من أهل الشامات: الحكم بن عمرو، رعيني دمشقي.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو زرعة قال في تسمية نفر يحدثون عن عمر بن عبد العزيز: الحكم بن عمر الرعيني.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل قال: حدثنا أبي قال: سألت أبا زكريا عن أبي عيسى الحكم بن عمرو قد سمع منه الهروي؟ فقال: ليس بشيء، وقد حدثنا عنه الوحاظي قال: نقشت خاتم عمر بن عبد العزيز " كفى الله بعزته عمر، وقال في موضع آخر: الحكم بن عمر الرعيني ضعيف.
أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم الرازي قال: الحكم بن عمر الرعيني قدم بغداد، رأى عبد الله بن بسر وعمر بن عبد العزيز وقتادة.
روى عنه منصور بن أبي مزاحم، وخالد بن مرداس وبسرة بن صفوان ويحيى بن صالح الوحاظي قال: كتبت عنه ببغداد، سمعت أبي يقول ذلك، وسئل أبي عنه فقال: ضعيف الحديث.
أنبأنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: والحكم بن عمرو الرعيني شامي ضعيف.
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم - إذناً - قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا علي بن منير قال: أخبرنا الحسن بن رشيق قال: حدثنا أبو عبد الرحمن النسائي قال: حكيم بن عمرو الرعيني ضعيف.

أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله الشيرازي - فيما أجازه لنا - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحكم بن عمر، ويقال ابن عمرو، أبو سليمان، ويقال أبو عيسى الرعيني الحمصي، قيل إنه دمشقي سمع عبد الله بن بسر وقتادة، وعمر بن عبد العزيز، ومسلمة بن عبد الملك، وإسماعيل بن معد يكرب.
روى عنه خالد بن مرداس السراج ومنصور بن أبي مزاحم وبسرة بن صفوان اللخمي، ويحيى بن صالح الوحاظي، وشبابه بن سوار، ويحيى بن سعيد العطار، وخلف بن عمرو الأموي، ووفد على عمر بن عبد العزيز، ثم سكن بغداد ولم يذكره الخطيب.
الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب:
ابن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة، أبو مروان القرشي المخزومي المديني وأمه السيدة بنت جابر بن الأسود بن عون الزهري روى عن أبيه وأبي سعيد المقبري. روى عنه أخوه عبد العزيز بن المطلب، وابنا أخيه المذكور: إسماعيل وموسى ابنا عبد العزيز، ومحمد بن عبد الله الشعيثي، وسليمان بن عطاء، والهيثم بن عمران، وسعيد بن عبد العزيز التنوخي، والهيثم بن عمران ومعيوف بن يحيى الحمصي، وكان أجود قريش في زمانه وكان يلي المساعي، ثم تزهد وترك الدنيا، وقدم منبج وسكنها مرابطاً إلى أن مات بها، وكان من أهل المدينة، وكان من الممدحين مدحه إبراهيم بن هرمة بأشعار كثيرة.
أخبرنا أبو البركات محمد بن الحسين بن عبد الله بن رواحة الحموي بها قال: أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن مكي بن إسماعيل بن عوف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن علي الفارسي بمصر قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن محمد بن عبد الله بن الناصح قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن علي بن سعيد بن إبراهيم القاضي قال: حدثنا أبو زكريا يحيى بن معين قال: حدثنا جرير عن مغيرة قال: كان الحكم إذا قدم المدينة أخلوا له سارية النبي صلى الله عليه وسلم يصلي إليها.

أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي - قراءة عليه بحلب - قال: أنبأنا أبو طالب محمد بن علي الكتاني عن أبي الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن أحمد الوراق في نسب قريش للزبير بن بكار قال: حدثنا أحمد بن سليمان الطوسي قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: أخبرني عمي مصعب بن عبد الله عن مصعب بن عثمان عن نوفل بن عمارة أن رجلاً من قريش من بني أمية له قدر وخطر لحقه دين وكان له مال من نخل وزرع، فخاف أخبرنا يباع عليه فشخص من المدينة يريد الكوفة يعمد خالد بن عبد الله القسري، وكان والياً لهشام بن عبد الملك على العراق، وكان يبر من قدم عليه من قريش، فخرج الرجل يريده، فأعد له هدايا من طرف المدينة حتى قدم فيد ونظر إلى فسطاط عنده جماعة، فسأل فقيل له الحكم بن المطلب - يعني ابن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم - وكان يلي المساعي، فليس نعليه وخرج حتى دخل عليه فلما رآه قام إليه فتلقاه وسلم عليه وأجلسه في صدر فراشه، ثم سأله عن مخرجه، فأخبره بدينه وما أراد من إتيان خالد بن عبد الله القسري فقال له الحكم: انطلق بنا إلى منزلك فلو قد علمت مقدمك لسبقتك إلى إتيانك، فمضى معه حتى أتى منزله، فرأى الهدايا التي أعد لخالد، فتحدث معه ساعة ثم قال: إن منزلنا أحضر عدة وأنت مسافر، ونحن مقيمون فأقسمت عليك إلا قمت معي إلى المنزل وجعلت لنا من هذه الهدايا نصيباً، فقام معه الرجل وقال: خذ منها ما أحببت فأمر بها فحملت كلها إلى منزله وجعل الرجل يستحي أن يمنعه منها شيئاً حتى صار إلى المنزل، فدعا بالغداء وأمر بالهدايا ففتحت فأكل منها ومن حضره ثم أمر ببقيتها فرفعت إلى خزانته، وقام وقام الناس، ثم أقبل على الرجل فقال أنا أولى بك من خالد وأقرب إليك رحماً ومنزلاً، وهاهنا مال الغارمين أنت أولى الناس به ليس لأحد عليك فيه منة إلا لله جل وعز فتقضي به دينك، ثم دعا له بكيس فيه ثلاثة آلاف دينار فدفعه إليه ثم قال: قد قرب الله عليك الخطوة، فانصرف إلى أهلك مصاحباً محفوظاً، فقام الرجل من عنده يدعو له ويتشكر، ولم يكن له همة إلا الرجوع إلى أهله وانطلق الحكم يشيعه، فسار معه شيئاً، ثم قال له: كأني بزوجتك قد قالت لك: أين طرف العراق وبزها وخزها وعراضتها أما كان لنا معك نصيب؟ ثم أخرج صرة قد كان حملها معه فيها خمسمائة دينار، فقال: أقسمت عليك إلا جعلت هذه عوضاً من هدايا العراق وانصرف.
وأخبرنا بهذه الحكاية أبو حفص عمر بن طبرزد - إجازة - قال: أخبرنا أبو غالب أحد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن - إجازة إن لم يكن سماعاً، منهما، أو من أحدهما - قالا: أخبرنا محمد بن أحمد بن محمد قال أخبرنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن سليمان بن داوود قال: حدثنا الزبير بن بكار بن عبد الله قال: ومن ولده الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب، كان من سادة قريش ووجوهها، وكان ممدوحاً وله يقول ابن هرمة في شعر كثير مدحه به:
لا عيب فيك يعاب إلا أنني ... أمسي عليك من المنون شفيقاً
إن القرابة منك يأمل أهلها ... صلة ويأمن غلظة وعقوقا
يجدون وجهك يا ابن فرعي مالك ... سهلا إذا غلظ الوجوه طليقا
وقال أيضاً ابن هرمة يمدح الحكم بن المطلب:
فإن معشر بخلوا والتووا ... علي فرأيهم لم يصب
فإن الإله كفاني التي ... تهم وسيب بني المطلب
وكنت إذا جئتهم راغباً ... مجيء المصاب إلى المحتسب
أقروا بلا خلف حاجتي ... ألا مثل سائلهم لم يخب
وكان يلي المساعي.
قال الزبير فأخبرني عمي مصعب بن عبد الله عن مصعب بن عثمان، وذكر الحكاية كما سقناها وقال في آخرها: قال الزبير: وأتوهم أن أكون سمعته من مصعب بن عثمان.

قال: وحدثنا الزبير قال: قال عمي مصعب بن عبد الله: وكان الحكم بن المطلب من أبر الناس بأبيه، وكان أبوه المطلب بن عبد الله يحب ابنا له يقال له الحارث حباً شديداً مفرطاً، وكانت بالمدينة جارية مشهورة بالجمال والفراهة فاشتراها الحكم بن المطلب من أهلها بمال كثير، فقال له أهلها - وكانت مولدة عندهم - : دعها عندنا حتى نصلح من أمرها، ثم نزفها إليك بما تستأهل الجارية منا فإنما هي ولد، فتركها عندهم حتى جهزوها وبيتوها وفرشوها، ثم نقلوها كما تهيأ تزف العروس إلى زوجها، وتهيأ الحكم بأجمل الثياب وتطيب، ثم انطلق فبدأ بأبيه ليراه في تلك الهيئة ويدعو له تبركاً بدعاء أبيه، حتى دخل عليه في تلك الهيئة وعنده الحارث بن المطلب، فأقبل عليه أبوه فقال: إن لي إليك حاجة، فما تقول؟ قال: يا أبت إنما أنا عبدك فمر بها أحببت، قال: تهب جاريتك هذه للحارث أخيك، وتعطيه ثيابك هذه التي عليك وتطيبه من طيبك وتدعه يدخل على هذه الجارية، فإني لا أشك أن نفسه قد تاقت إليها، قال الحارث: لم تكدر على أخي وتفسد قلبه علي، وذهب يريد يحلف، فبدره الحكم فقال: هي حرة إن لم تفعل ما آمرك أبي فإن قرة عينه أحب إلي من هذه الجارية، وخلع ثيابه فألبسه إياها وطيبه من طيبه فخلاه فذهب إليها.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك قال: جلس المطلب بن عبد الله ليلة يتعشى مع إبراهيم بن هشام ومعه عدة من ولده فيهم الحكم والحارث وغيرهما، فجعل المطلب يأخذ الطعام الطيب من بين يدي ابنه - الذي لم يسم لي - فيضعه بين يدي حارث فجزع الفتى وقال: ما رأيت كما تصنع بنا قط وكما تستهيننا! فأمر بغلمانه فأدخلوا، وأمر بابنه ذلك فجر برجله حتى أخرجوه من الدار، فقال له الحكم: ما آثرت، إلا أحسننا وجهاً وإنه لأهل للإثرة، فقال له أبوه: لك فلان وفلان حتى وهب له خمسة من رقيقه، فلما خرجوا قال أخو الحكم له: لا جزاك الله خيراً ما ظننتك إلا ستغضب لي ويخرج بك على مثل حالي، فقال له الحكم: ما أحسنت في قولك ولا غبطتك بما صرت إليه فأقول مثل ما قلت.
قال: وحدثنا الزبير قال: وحدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن عبد العزيز عن عميه موسى وإسماعيل ابني عبد العزيز قالا: كان القرشي إذا انقطع شسعه خلع النعل الأخرى، فانقطع شسع الحكم بن المطلب فخلع النعل الأخرى ومضى فأخذ نعليه إنسان نوبي فسوى الشسع وجاء بالنعلين في منزله فقال له: سويت الشسع؟ قال: نعم، فدعا جاريته بثلاثين ديناراً فدفعها إلى النوبي، وقال: ارجع بالنعلين فهما لك.
قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن يحيى الكناني قال: استعمل بعض ولاة المدينة الحكم بن المطلب المخزومي على بعض المساعي، فلم يرفع شيئاً، فقال له الوالي: أين الإبل والغنم؟ فقال: أكلنا لحومها بالخبز، قال: فأين الدنانير والدراهم؟ قال: أعتقدنا بها الصنائع في رقاب الرجال فحبسه، فأتاه وهو في الحبس بعض ولد نهيك بن إساف الأنصاري فمدحه فقال:
خليلي إن الجود في السجن فابكيا ... على الجود إذا سدت علينا مرافقه
نرى عارض المعروف كل عشية ... وكل ضحى يستن في السجن بارقه
إذا صاح كبلاه طفا فيض بحره ... لزواره حتى تعوم غرانقه
فأمر له بثلاثة آلاف درهم وهو محبوس.
قال: وحدثنا الزبير قال: وأخبرني نوف البغدادي بن ميمون قال: أنشدني أبو مالك محمد بن مالك بن علي بن هرمة لعمه إبراهيم بن علي بن هرمة يمدح الحكم بن المطلب:
تصبح أقوام عن المجد والعلى ... فأضحوا نياماً وهو لم يتصبح
إذا كدحت أعراض قوم بلومهم ... نجا سالماً من لومهم لم يكدح
ليهنك إن المجد أطلق رحله ... لديك على خصب خصيب ومسرح
قال وحدثنا الزبير قال: قال عمي مصعب بن عبد الله: كان الحكم بعد حاله هذه قد تخلى من الدنيا ولزم الثغور حتى مات بالشام، وأمه السيدة بنت جابر بن الأسود بن عوف الزهري.
قال: وحدثنا الزبير قال: وحدثني يحيى بن محمد قال: حدثني اسحاق بن محمد المسيبي قال: أخبرني من رأى الحكم بن المطلب حين صار إلى منبج وتزهد وإنه ليحمل زيتاً في يده ولحماً.

قال: وحدثنا الزبير قال: حدثني محمد بن الضحاك قال: ذكر رجل أنه رأى الحكم بن المطلب بعد أن تزهد بثغر منبج مسمطاً لحماً يحمله.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل بن سلامة السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله بن حمد الأرتاحي قالا: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء. قال الأرتاحي - إجازة - قال: أخبرنا عبد الله بن الحسن بن إسماعيل الضراب قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا علي بن الحسن الربعي - وقال ابن بنين: الحسن بن علي الربعي - قال: حدثنا أبي عن العتبي، قال: قيل لنصيب: هرم شعرك، قال: لا، ولكن هرم الجود والمعروف، لقد مدحت الحكم بن المطلب بقصيدة فأعطاني أربعمائة شاة وأربعمائة دينار وأربعمائة ناقة، قال العتبي: فأخبرني رجل من منبج قال: قدم علينا الحكم وهو مملق لا شيء معه فأغنانا، قيل: كيف أغناكم وهو مملق لا شيء معه؟ قال: علمنا المكارم، فعاد أغنياؤنا على فقرائنا، فاستوت الحال، قال العتبي: وأعطى الحكم بن المطلب كل شيء يملكه حتى إذا نفد ما عنده ركب فرسه وأخذ رمحه يريد الغزو، فمات بمنبج، وفي ذلك يقول الشاعر ابن هرمة:
سألا عن الجود والمعروف أين هما ... فقيل إنهما ماتا مع الحكم
ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها ... من التقدم بالمعروف والكرم
قرأت بخط الأستاذ أبي الحسن علي بن هلال المعروف بابن البواب، حدث ثعلب عن رجل من أهل منبج قال: قدم علينا الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب وفقراؤنا كثيرون فأغنانا كلنا، فقلت: كيف ذلك: قال: علمنا مكارم الأخلاق، فعاد غنينا على فقيرنا فغنينا كلنا.
نقلت من نوادر أبي بكر الصولي بخط علي بن موسى بن اسحاق الرزاز وسماعه منه، وأنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم البندار في كتابه عن أبي أحمد المقرئ قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي - إجازة - قال: حدثنا محمد بن زكريا الغلابي قال: حدثنا العتبي عن أبيه قال: قيل لنصيب: هرم شعرك، قال: ما هرم إلا عطاؤكم من يعطيني كما أعطاني الحكم بن المطلب، خرجت إليه وهو ساع على بعض صدقات المدينة فلما رأيته قلت:
أبا مروان لست بخارجي ... وليس قديم مجدك بانتحال
أغر إذا الرواق انجاب عنه ... بدا مثل الهلال على المثال
تراءاه العيون كما تراءى ... عشية فطرها وضح الهلال
فأعطاني أربعمائة ضائنة ومائة بقجة وقال: ارفع فراشي فخذ ما تحته فأخذت مائتين دنانير.
قرأت في كتاب طبقات الشعراء المحدثين تأليف عبد الله بن المعتز في أخبار إبراهيم بن هرمة قال: وكان مدح الحكم - وكان من أسخياء أهل زمانه - وقيل له: هرمت أشعارك، قال: كلا ولكن هرمت مكارم الأخلاق بعد الحكم.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال الحكم بن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي مديني سمع أباه، روى عنه أخوه عبد العزيز.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: الحكم بن المطلب بن عبد الله بن حنطب المخزومي المديني أخو عبد العزيز بن المطلب، روى عن أبيه وأبي سعيد المقبري، روى عنه محمد بن عبد الله الشعيثي وسليمان بن عطاء والهيثم بن عمران العبسي، وأخوه عبد العزيز بن المطلب، سمعت أبي يقول ذلك، روى عنه سعيد بن عبد العزيز.

أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي الحافظ في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي - سماعاً أو إجازة - قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الكرخي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن أحمد بن غالب البرقاني قال: سألته - يعني الدار قطني - عن عبد العزيز بن المطلب فقال: شيخ مدني يعتبر به وأبوه المطلب بن عبد الله بن حنطب، ثقة وأخوه الحكم بن المطلب يقاربه يعتبر به.
قرأت في كتاب الأخوة الذين رووا الحديث تأليف أبي بكر الجعابي الحافظ وذكر أخاه عبد العزيز وقال: الحكم بن المطلب بن عبد الله بن حنطب قالوا: كان من سادات قريش، لهما رواية قالوا: والحكم مات بالشام قال: وإسماعيل وموسى ابنا عبد العزيز - يعني - ابن المطلب يحدث عنهما عبد الرحمن بن عبيد الله الزهري، وهما من أهل المدينة عندهما حكايات عن الحكم بن المطلب.
أنبأنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة القرشي المخزومي من أجواد قريش من أهل المدينة، قدم منبج وسكنها مرابطاً إلى أن مات بها، واجتاز بدمشق حدث عن أبيه وأبي سعيد المقبري، روى عنه أخوه عبد العزيز بن المطلب، ومحمد بن عبد الله الشعيثي، وسليمان بن عطاء والهيثم بن عمران، وسعيد بن عبد العزيز الدمشقيين.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو افرج المعافى بن زكريا بن يحيى الجريري قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو عثمان قال: أخبرني رجل من قريش بمكة أحسبه من ولد عبد الرحمن بن عوف قال: حدثني حميد بن معيوف الحمصي عن أبيه قال: كنت فيمن حضر الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بن حنطب بن الحارث بن عبيد بن عمر بن مخزوم، وهو يجود بنفسه بمنبج، قال: ولقي من الموت شدة فقال رجل ممن حضر وهو في غشية له: اللهم هون عليه فإنه كان وكان فلما أفاق قال:: من المتكلم؟ قال المتكلم: أنا، قال إن ملك الموت يقول لك: ألي بكل سخي رقيق، قال: وكأنما كانت فتيلة أطفئت، فلما بلغ موته ابن هرمة قال:
سألا عن الجود والمعروف أين هما ... فقلت إنهما ماتا مع الحكم
ماتا مع الرجل الموفى بذمته ... يوم الحفاظ إذا لم يوف الذمم
ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها ... من التهدم بالمعروف والكرم
قال ابن دريد: فسألت أبا حاتم عن قوله: لو تنبش لم جزم؟ فقال: قال قوم من النحويين كراهة لكثرة الحركات كما قال الراجز:
إذا اعوججن قلت صاحب قوم ... بالدو أمثال السفين العوم
وقال له: لو قال نبشت مقابرها لاستراح من اللبس، وكان كلاماً فصيحاً.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي المظفر بن القشيري قال: أخبرنا أبو الفضل جعفر بن الحسين وأبو أسعد عبد الرحمن بن منصور قالا: أخبرنا عبد الله بن يوسف قال: أخبرنا أبو سعيد بن الأعرابي قال: حدثنا أبو سعيد السكري قال: حدثنا الزبير بن أبي بكر قال: حدثني القاسم بن معتمر قال: حدثني ابن معيوف عن أبيه قال: كنت فيمن حضر وفاة الحكم بن المطلب بمنبج فشد عليه فقال إنسان: اللهم هون عليه، فأفاق فقال: من المتكلم؟ فقالوا: فلان، فقال هذا ملك الموت يقول: إني بكل سخي رقيق، قال: ثم لم يتكلم بعدها حتى مات.
قلت: وهذا القاسم بن المعتمر، هو القاسم بن محمد بن المعتمر بن عياض بن حمنن بن عوف، وحمنن أخو عبد الرحمن بن عوف، وهو الرجل الذي روى عن حميد بن معيوف، وسنذكر ذلك مبيناً إن شاء الله تعالى في ترجمة معيوف بن يحيى، وقد قيل أن الرجل الذي قال اللهم هون عليه، هو إبراهيم بن هرمة، فإنني قرأت في كتاب طبقات الشعراء تأليف عبد الله بن المعتز قال: ولما حضر الحكم الوفاة قام الخلق على رأسه يبكون وفيهم إبراهيم بن هرمة فقال: اللهم هون عليه، فإنه كان وكان، ففتح عينيه وقال: إن ملك الموت يقول: إني بكل سخي رقيق، ثم صار كأنه سراج انطفأ ومات.

وقيل إن الأبيات الثلاثة الميمية للراتجي يرثي بها الحكم.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب أحمد وأبي عبد الله يحيى ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني مصعب بن عثمان وغيره أن الراتجي قال يرثي الحكم بن المطلب:
ماذا بمنبج لو تنبش مقابرها ... من التهدم بالمعروف والكرم
سألوا عن الجود والمعروف ما فعلا ... فقلت: إنهما ماتا مع الحكم
ماتا مع الرجل الموفى بذمته قبل ... السؤال إذا لم يوف بالذمم
قال الزبير: وقال عبابه الراتجي يبكي عبد الله بن معاوية بن عبد الله بن جعفر بن أبي طالب والحكم بن المطلب:
أمسى رجال السماح قد هلكوا ... فنحن نبكي بقية الرمم
للهاشمي الذي ثوى بلوا مرو ... عقيد السماح والحكم
هذا بأرض العراق في رجم ... ثاو وهذا بالشام في رجم
حلت بهذا مصيبة وبذا إن ... أبك هذا وذاك لم ألم
كنت إذا جئت زائراً لهما ... وجدت فضل السماح والكرم
فاشتبه الناس بعد فقدهما ... فذو الغنى منهم كذا العدم
أخبرني الشيخ علي بن أبي بكر الهروي في كتاب الزيارات: مدينة منبج بها الحكم بن المطلب بن عبد الله بن المطلب بالمقبرة العتيقة قد اندرس قبره.
الحكم بن موسى بن أبي زهير أبو صالح:
واسم أبي زهير شيرزاد البغدادي الزاهد القنطري، سمع بحلب مبشر بن إسماعيل الحلبي وبدمشق الوليد بن مسلم وشعيب بن إسحق، وعبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر، وصدقه بن خالد، والوليد بن مسلم، ويحيى بن حمزة، وعبد الرزاق بن عمير، ويحيى بن حمزة والهيثم بن حميد، وبحمص إسماعيل بن عياش، وبحران محمد بن سلمة الحراني، وروى عنهم وعن عبد الرحمن بن أبي الرجال، والوليد بن محمد الموقري، وعيسى بن يونس، وعطاف بن خالد المخزومي.
روى عنه أحمد بن محمد بن حنبل ومسلم بن الحجاج، وأبو داود سليمان بن الأشعث، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وأبو قدامة السرخسي، ومحمد بن يحيى الذهلي، وعبد اله بن المبارك وهقل بن زياد، وأبو القاسم عبد الله بن محمد البغوي، وأبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، وموسى بن نصير القنطري، وأبو يعلى الموصلي، والحسن بن محمد الزعفراني وعلي بن المديني، ومحمد بن اسحاق الصغاني، وموسى بن هارون الحافظ، وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا، وأبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، والحارث بن أبي أسامة وعباس الدوري، وأحمد بن أبي خيثمة، وحماد بن المؤمل الكلبي وأبوا زرعة الدمشقي والرازي، وأحمد بن منصور الرمادي، ومحمد بن يوسف التركي، وأبو حاتم الرازي وعبد الله بن أحمد، وحامد بن محمد بن شعيب، ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي، وأبو قصي إسماعيل بن محمد العذري، ومحمد بن بشر بن مطر، وأبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي، وعلي بن داود القنطري، وأبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن بن كامل القرقساني، وأبو عمرو عثمان بن خرزاد الأنطاكي، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة، وزهير بن محمد بن قمير، ومحمد بن إسماعيل بن عليه القاضي، وأبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي، وإسحق بن إبراهيم بن محمد عرعرة وإبراهيم ابن أبي داود البرلسي. أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد البغدادي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي سنة ست وسبعين ومائتين قال: حدثني الحكم بن موسى قال: حدثنا محمد بن سلمة الحراني عن الفزاري عن محمد بن المنكدر عن جابر بن عبد الله قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم يعجبه أن يفطر على الرطب ما دام الرطب، وعلى التمر إذا لم يكن رطب، ويختم بهن ويجعلهن وتراً ثلاثاً أو خمساً أو سبعاً.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق العطار البغدادي - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا الحكم بن موسى قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير عن عبد الله بن أبي قتادة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " أسوأ الناس سرقة الذي يسرق صلاته، قالوا: يا رسول الله وكيف يسرق صلاته؟ قال: لا يتم ركوعها ولا سجودها " أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أنبأنا محمد بن أحمد بن رزق قال: أخبرنا محمد بن العباس بن أبي ذهل الهروي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن يونس الحافظ قال: حدثنا عثمان بن سعيد الدارمي قال: قدم علي بن المديني بغداد فحدثه الحكم بن موسى بحديث أبي قتادة إن أسوأ الناس سرقة، فقال له علي: لو غيرك حدث به كنا نصنع به، أي لأنك ثقة، ولا يرويه غير الحكم، وكذلك يحيى بن حمزة عن سليمان بن داوود، حديث عمرو بن حزم عن النبي صلى الله عليه وسلم في الصدقات.
أخبرنا أبو حفص بن محمد المؤدب - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر بن علي قال: حدثني الأزهري عن عبيد الله بن عثمان بن يحيى قال: أخبرنا أحمد بن جعفر المنادي - إجازة - قال: حدثني أبو عيسى محمد بن إبراهيم القرشي قال: سمعت أبا جعفر محمد بن عبد الرحمن الصيرفي يقول: بعث إلى الحكم بن موسى في أيام عيد أنه يحتاج إلى نفقة، ولم يك عندي إلا ثلاثة آلاف درهم، فوجهت إليه بها فلما صارت في قبضه وجه إليه خلاد بن أسلم أنه محتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إليه، واحتجت أنا إلى نفقة فوجهت إلى خلاد أني أحتاج إلى نفقة، فوجه بها كلها إلي فلما رأيتها مصرورة في خرقها وهي الدراهم بعينها أنكرت ذلك، فبعثت إلى خلاد: حدثني بقضية هذه الدراهم، فأخبرني أن الحكم بن موسى بعث بها إليه، فوجهت إلى الحكم منها بألف ووجهت إلى خلاد منها بألف وأخذت أنا منها ألفاً.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن النقور وأبو القاسم بن البسري وأبو نصر الزينبي قالوا: أخبرنا أبو طاهر المخلص، ح.
قال إسماعيل بن أحمد: وأخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الله بن الحسين الدقاق قالا: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا أبو صالح الشيخ الصالح الحكم بن موسى فذكر حديثاً.
وأنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن محمد بن عبد الله المعدل قال: أخبرنا دعلج بن أحمد قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا الحكم بن موسى أبو صالح الشيخ الصالح.
وقال أبو بكر: أنبأنا ابن رزق قال: أخبرنا محمد بن عمر بن غالب قال: أخبرنا موسى بن هارون قال: الحكم بن موسى أبو صالح الشيخ صالح، بلغني أن علي بن المديني حدث عنه قبل موته بمدة، فقال حدثنا: أبو صالح الشيخ صالح. وقال: أخبرنا الجوهري قال: حدثنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب قال: حدثنا الحسين بن فهم قال: الحكم بن موسى كان رجلاً صالحاً ثبتاً في الحديث.
أنبأنا أبو حفص المؤدب عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال في تسمية أهل بغداد: الحكم بن موسى البزاز، ويكنى أبا صالح ثقة كثير الحديث، وكان من أهل خراسان من أهل نسا، وروى عن الشاميين عن يحيى بن حمزة وهقل بن زياد وغيرهما من أهل الشام، وكان رجلاً صالحاً ثبتاً في الحديث، وتوفي ببغداد في شوال سنة اثنتين ومائتين.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني محمد بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا محمد بن نعيم الضبي قال: أخبرني أبو أحمد علي بن محمد الحنيني بمرو، قال: سألت أبا علي صالح بن محمد جزرة الحافظ عن شريح بن يونس فقال ثقة ثقة ثقة لو رأيته لقرت عينك، وسألته عن يحيى بن أيوب فقال: ثقة ثقة ثقة لو رأيته لقرت عينك به قال أبو علي: وثالثهم الحكم بن موسى القنطري الثقة المأمون، هؤلاء الثلاثة تقطعوا من العبادة.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الأشناني قال: سمعت أحمد بن محمد بن عبدوس الطرائفي يقول سمعت عثمان بن سعيد الدارمي يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن موسى ثقة.
وقال: أخبرنا الصيمري قال: حدثنا علي بن الحسن الرازي قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا أحمد بن زهير قال: سئل يحيى بن معين عن الحكم بن موسى فقال: ثقة.
وقال: أخبرنا حمزة بن محمد بن طاهر قال: حدثنا الوليد بن بكر الأندلسي قال: حدثنا علي بن أحمد زكريا الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: أبو صالح الحكم بن موسى ثقة.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الفضل بن الحكاك - إجازة - قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت يحيى يقول: الحكم بن موسى ليس به بأس.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيوية قال: أخبرنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سئل يحيى بن معين عن الحكم بن موسى فقال: كان ثقة من أهل نسا.
أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق بن يوسف قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: الحكم بن موسى أبو صالح البغدادي، سمع يحيى بن حمزة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو صالح الحكم بن موسى البغدادي سمع يحيى بن حمزة وهقل بن زياد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا عبد الباقي بن محمد بن غالب بن العطار قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمران قال: حدثنا عبد الله بن سليمان بن الأشعث قال: وأبو صالح الحكم بن موسى حدث عن يحيى بن حمزة والهقل بن زياد.
أنبأنا أحمد بن عبد الله الأسدي عن أبي الفرج مسعود بن الحسن الثقفي قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة - إجازة - قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: الحكم بن موسى أبو صالح البغدادي، روى عن يحيى بن حمزة وصدقة بن خالد والهيثم بن حميد، سمعت أبي يقول ذلك.
أخبرنا ابن أبي خيثمة في كتابه إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن موسى ثقة، روى عنه أبي وأبو زرعة سئل أبي عنه فقال صدوق.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: حدثنا عبد املك بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر الكلاباذي قال: الحكم بن موسى أبو صالح بغدادي سمع يحيى بن حمزة، روى عنه البخاري قال: وقال الحكم بن موسى لم يوذ عليه، قال البخاري: مات في شهر رمضان أو شوال سنة ثنتين وثلاثين ومائتين.

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: الحكم بن موسى ابن أبي زهير أبو صالح القنطري، وهو نسائي الأصل، رأى مالك بن أنس، وسمع يحيى بن حمزة الحضرمي، وإسماعيل بن عياش، وعبد الله بن المبارك وعيسى بن يونس والوليد بن مسلم وهقل بن زياد، وصدقة بن خالد والهيثم بن حميد.
روى عنه أحمد بن حنبل وعلي بن المديني، والحسن بن محمد الزعفراني، ومحمد بن اسحاق الصغاني، وعباس الدوري، وحماد بن المؤمل الكلبي والحارث ابن أبي أسامة، وأحمد بن أبي خيثمة وأبو الأحوص محمد بن الهيثم القاضي، وأبو بكر بن أبي الدنيا، وموسى بن هارون الحافظ وأحمد بن الحسن بن عبد الجبار الصوفي، وأبو القاسم البغوي.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن مميل - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: الحكم بن موسى بن أبي زهير، واسمه شيرزاد أبو صالح البغدادي القنطري الزاهد، أصله من نسا من قرية من رستاق ابناه، وولد بساريه من أعمال طبرستان، وسمع بدمشق عبد الله بن عبد الرحمن بن يزيد بن جابر ويحيى بن حمزة، والهيثم بن حميد وصدقة بن خالد وعبد الرزاق بن عمير الدمشقي والوليد بن مسلم وشعيب بن إسحق، وبغيرها الوليد بن محمد الموقري، ومبشر بن إسماعيل الحلبي، وإسماعيل بن عياش، وعيسى بن يونس، ومحمد بن سلمة الحراني، وعبد الرحمن بن أبي الرجال، وعطاف بن خالد المخزومي.
روى عنه أحمد بن حنبل، وأحمد بن إبراهيم الدورقي، وعبد الله بن عبد الرحمن الدارمي، ومحمد بن يحيى الذهلي، ومسلم بن الحجاج في صحيحه، وأبو داوود في سننه، وأبو قدامة السرخسي، والحسن بن محمد الزعفراني، وعباس الدوري، وأحمد بن منصور الرمادي، وأبوا زرعة الدمشقي، والرازي، وأبو حاتم وأبو قصي إسماعيل بن محمد العذري، وعلي بن داود القنطري، وأبو إسماعيل محمد بن إسماعيل الترمذي، وزهير بن محمد بن قمير، ومحمد بن إسماعيل بن علية قاضي دمشق، وأبو بكر أحمد بن علي بن سعيد القاضي، وأبو يعلى الموصلي، وعبد الله بن محمد البغوي، ومحمد بن اسحاق الصغاني، وإبراهيم بن أبي داود البرلسي، وعثمان بن خرزاد، وإسحق بن إبراهيم بن محمد بن عرعرة، وعلي بن عبد الرحمن بن المغيرة وأبو الأصبغ محمد بن عبد الرحمن بن كامل الأسدي القرقساني، وأبو بكر محمد بن هارون بن عيسى الأزدي، ومحمد بن بشر بن مطر وعبد الله بن أحمد ومحمد بن يحيى بن سليمان المروزي والحارث بن محمد بن أبي أسامة، وحامد بن محمد بن شعيب البلخي ومحمد بن يوسف التركي وغيرهم.
أخبرنا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم السمعاني - في كتابه - قال: أخبرنا أبو البركات عبد الله بن محمد بن الفضل الفراوي، ح.
وأخبرنا القاسم بن عبد الله بن عمر الصفار كتابة قال: أخبرتنا عمة والدي عائشة بنت أحمد بن منصور قالا: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني عبد العزيز بن عبد الملك الأموي قال: حدثنا أبو بكر محمد بن العباس بن فضل البغدادي بحلب قال: حدثنا أحمد بن الحسن بن عبد الجبار قال: مات الحكم بن موسى سنة اثنتين وثلاثين ومائتين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي - إجازة إن لم يكن سماعاً - عن عبد العزيز التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فيها مات الحكم بن موسى يوم السبت ليومين خليا من شوال.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: قال البغوي: ومات أبو صالح الحكم بن موسى ليومين من شوال سنة اثنتين وثلاثين وقد كتبت عنه.
وقال أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين القطان قال: أخبرنا جعفر بن محمد الخلدي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: سنة اثنتين وثلاثين ومائتين فيها مات الحكم بن موسى أبو صالح البغدادي.

أنبأنا ابن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن أبي الفضل بن الحكاك قال: أخبرنا أبو نصر عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسوي قال: أبو صالح الحكم بن موسى بغدادي أخبرنا عبد الله بن أحمد بن عبد السلام عن محمد بن إسماعيل قال: مات الحكم بن موسى أبو صالح بغدادي سنة ثنتين وثلاثين ومائتين.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد وأبو القاسم غانم بن محمد في كتبهم، ثم أخبرنا أبو المعالي عبد الله بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو علي قالوا: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أبو القاسم إبراهيم بن أحمد بن أبي حصين قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي قال: ومات الحكم بن موسى أبو صالح سنة خمس وثلاثين ومائتين.
قلت هكذا روى أبو القاسم بن أبي حصين عن محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي في وفاة الحكم وقد روى جعفر الخلدي والحسن بن محمد السكوني كلاهما عن محمد بن عبد الله بن سليمان الحضرمي أن وفاته كانت سنة اثنتين وثلاثين، وقد ذكرنا رواية جعفر الخلدي عن الحضرمي.
وأما رواية السكوني عنه فقد أخبرنا بها عمر بن محمد بن طبرزد إجازة عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو علي بن المسلمة وأبو القاسم عبد الواحد بن علي بن محمد بن فهد قالا: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا الحسن بن محمد السكوني قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن سليمان قال: وفيها - يعني - سنة اثنتين وثلاثين ومائتين مات الحكم بن موسى أبو صالح البغدادي.
وقد حكي عن حامد بن شعيب أن الحكم توفي سنة خمس وثلاثين.
أخبرنا بذلك محمد بن محمد بن شهريار - في كتابه - قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم المقرئ قال: سمعت حامد بن شعيب يقول: مات الحكم بن موسى سنة خمس وثلاثين ومائتين.
الحكم بن نميلة الخراساني:
قائد مذكور كان مع عمر بن هبيرة فلما انهزم ابن هبيرة عن قحطبة سار الحكم مع جماعة من العرب الخراسانيين وتوجهوا يريدون مروان بن محمد حتى أتوا عانة وعليها صاعد بن عبيد فاحتبسهم عنده وكتب إلى مروان يخبره فكتب مروان إلى صاعد يأمره بالإحسان إليهم، وأن يولي عليهم الحكم بن نميلة فلما انهزم مروان عن الزاب كتب إلى الخراسانية الذين بعانة أن يوافوه بمنبج ففعلوا، وقدموا عليه منبج ومعهم الحكم بن نميلة والياً عليهم، ومضوا مع مروان بن محمد إلى مصر والحكم بن نميلة معهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
الحكم بن الوليد بن يزيد:
ابن عبد الملك بن مروان بن الحكم بن أبي العاص بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف القرشي الأموي، جعل أبوه الوليد بن يزيد له ولاية العهد من بعده، ثم من بعده لاخية عثمان بن الوليد فلما قتل الوليد بالبخراء قيل إن يزيد بن الوليد حبسهما بقلعة قنسرين، وقيل إن عبد العزيز بن الحجاج ويزيد بن خالد القسري ومن تابعهما بقنسرين قتلوهما بقنسرين وقيل بدمشق، وكان الحكم شاعراً.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري عن أبي عبيد الله محمد بن عمران المرزباني قال في معجم الشعراء: الحكم بن الوليد بن يزيد بن عبد الملك كان ولي عهد أبيه ثم أخوه بعده، فقتلا في الحبس وهو القائل:
أتنزع بيعتي من أجل أمي ... وقد بايعتم بعدي هجينا
فإن أهلك أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا
فاحتج مروان بهذا البيت في طلب الخلافة فأقبل إلى الشام فغلب عليها.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب وأبي عبد الله ابني أبي علي بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فولد الوليد بن يزيد بن عبد الملك: يزيد والحكم المذبوح في السجن. قال الحكم بن الوليد بن يزيد المقتول في السجن هو وأخوه - يعني - عثمان وهو ولي عهد أبيه ثم أخوه من بعده:
أتنزع بيعتي من أجل أمي ... وقد بايعتم بعدي هجينا

ومروان بأرض ابني نزار ... كليث الغاب مفترشا عرينا
وإن أهلك أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا
فأخبرني عمي مصعب بن عبد الله ومحمد بن الضحاك قالا: بهذا البيت الأخير احتج مروان في طلب الخلافة فأقبل إلى الشام حتى أخذها وأما قوله:
أتنزع بيعتي من أجل أمي ... وقد بايعتم بعدي هجينا
فإنه ابن أم ولد ويزيد بن الوليد الذي بايعوا ابن أم ولد وكان بنوا مروان يرون أن ذهاب ملكهم على يد خليفة منهم ابن أم ولد.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن العظيمي الأستاذ في تاريخه. وأخبرنا به - إجازة عنه - شيخنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي وغيره قال: سنة سبع وعشرين ومائة فيها أقبل مروان بن محمد بن مروان من الجزيرة حتى وصل دمشق لست ليال خلون من صفر فلما نزل نهض عبد العزيز بن الحجاج ويزيد بن خالد بن عبد الله القسري بقنسرين ومن تابعهما على ذلك إلى الحكم وعثمان ابني الوليد وهما محبوسان في الحصن، وكان يزيد بن الوليد حبسهما فقتلوهما، وقتلوا يوسف بن عمر الثقفي، وأخذ عبد العزيز بن الحجاج فقتل وصلب، وقتل يزيد بن خالد بن عبد الله، وصلبا على باب الجابية مع ناس كثير، ولما بايع الناس مروان نزل على حلب وكان على قنسرين بشر بن الوليد بن عبد الملك فأخذه وأخذ مسرور بن الوليد، وكان معهما إبراهيم بن عبد الحميد بن عبد الرحمن فحبسهما، وقتل إبراهيم بن عبد الحميد، وكان عبد العزيز بن الحجاج محاصراً لأهل حمص يرميهم بالمجانيق، فلما بلغه مسير مروان رحل عنهم وسار مروان إلى سليمان بعين الجر، فاقتتلوا أياماً وقتل من الفريقين خلق حتى انهزم سليمان وأصحابه ومواليه الذكوانية فدخل سليمان دمشق وعندها يقال أنه قتل الحكم وعثمان ابنا الوليد بن يزيد.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين عن أبي محمد عبد العزيز بن أبي طاهر قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا عبد الوهاب بن إبراهيم قال: حدثنا أبو هاشم مخلد بن محمد مولى عثمان بن عفان قال: لما أتى مروان موت يزيد بن الوليد شخص إلى إبراهيم بن الوليد فسار في جند الجزيرة، ووده إبراهيم الجيوش مع سليمان بن هشام، فسار بهم حتى نزل عين الجر فالتقيا بها فدعاهم مروان إلى الكف عن قتاله والتخلية عن ابني الوليد: الحكم وعثمان، وهما في سجن دمشق محبوسان فأبوا عليه، وجدوا في قتاله فاقتتلوا فكانت هزيمتهم، فقتلوا منهم نحواً من سبعة عشر أو ثمانية عشر ألفاً، وأتوا مروان من أسراهم بمثل عدة القتلى أو أكثر، فأخذ مروان عليهم البيعة للغلامين: الحكم وعثمان، وكان يزيد بن عبد الله القسري معهم فهرب فيمن هرب مع سليمان بن هشام إلى دمشق، ومضى سليمان ومن معه من الفل حتى أصبحوا دمشق، واجتمع إليه وإلى إبراهيم وإلى عبد العزيز بن الحجاج رؤوس من معهم وهم: يزيد بن خالد القسري وأبو علاقة السكسكي وأبو دؤالة ونظراؤهم فقال بعضهم لبعض: إن بقي الغلامان ابنا الوليد حتى يقدم مروان فيخرجهما من الحبس ويصير الأمر إليهما لم يستبقيا أحداً ممن قتل أباهما، فالرأي أن نقتلهما، فولوا ذلك يزيد بن خالد، ومعهما في الحبس أبو محمد السفياني، ويوسف بن عمر فأرسل إليهما يزيد مولى لخالد يكنى أبا الأسد في عدة من أصحابه، فدخل السجن فشدخ الغلامين بالعمد، وأخرج يوسف بن عمر فضرب عنقه، وأرادوا أبا محمد ليقتلوه فدخل بيتاً من بيوت السجن فأغلقه وألقى خلفه الفرش والوسائد واعتمد على الباب فلم يقدروا على فتحه ودعوا بنار ليحرقوه فلم يؤتوا بها حتى قيل قد دخلت خيل مروان المدينة، وهرب إبراهيم بن الوليد وتغيب، وأنهب سليمان ما كان في بيت المال من المال وقسمه فيمن معه من الجنود وخرج من المدينة، وثار من فيها من موالي الوليد بن يزيد إلى دار عبد العزيز بن الحجاج فقتلوه ونبشوا قبر يزيد بن الوليد وصلبوه على باب الجابية، ودخل مروان دمشق فنزل عالية وأتي بالغلامين مقتولين ويوسف بن عمر فأمر بهم فدفنوا وأتي بأبي محمد محمولاً في كبوله فسلم عليه بالخلافة، ومروان يسلم عليه يومئذ بالإمرة، فقال له: مه فقال: إنهما جعلاها لك بعدهما وأنشده شعراً قاله الحكم في السجن.
قال: وكانا قد بلغا، ولد لأحدهما وهو الحكم، وكان أكبرهما والآخر قد احتلم قبل ذلك بيسير، فقال: قال الحكم:
ألا من مبلغ مروان عني ... وعقبى العمر طال بذي حنينا
بأني قد ظلمت وصار قومي ... على قتل الوليد متشايعينا
أيذهب كلبهم بدمي ومالي ... فلا غثا أصبت ولا سمينا
ومروان بأرض بني نزار ... كليث الغاب مفترش عرينا
ألا يحزنك قتل فتى قريش ... وشقهم عصا للمسلمينا
ألا واقر السلام على قريش ... وقيس بالجزيرة أجمعينا
وسار الناقص القدري فينا ... وألقى الحرب بين بني أبينا
فلو شهد الفوارس من سليم ... وكعب لم أكن لهم رهينا
ولو شهدت ليوث بني تميم ... لما بعنا تراث بني أبينا
أتنكث بيعتي من أجل أمي ... وقد بايعتم قبلي هجينا
فليت خؤولتي في غير كلب ... وكانت في ولادة آخرينا
فإن أهلك أنا وولي عهدي ... فمروان أمير المؤمنينا
قال: ابسط يدك أبايعك، وسمع من مع مروان من أهل الشام فكان أول من نهض معاوية بن يزيد بن حصين بن نمير ورؤوس أهل حمص فبايعوه، فأمرهم أن يختاروا لولاية أجنادهم فاختار أهل دمشق زامل بن عمرو الحبراني، وأهل حمص عبد الله بن شجرة الكندي، وأهل الأردن الوليد بن معاوية بن مروان، وأهل فلسطين ثابت بن نعيم الجذامي الذي كان استخرجه من سجن هشام وغدر به بأرمينية، فأخذ عليهم العهود المؤكدة والأيمان المغلظة على بيعته وانصرف إلى منزله من حران.

ولما استوت لمروان الشام وانصرف إلى منزله من حران طلب الأمان منه إبراهيم بن الوليد، وسليمان بن هشام فأمنهما، فقدم عليه سليمان وكان يومئذ بتدمر فيمن معه من أخوته وأهل بيته ومواليه الذكوانية فبايعوا مروان.
أخبرنا عمر بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين بن الفضل قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: وعقد - يعني الوليد - لابنه الحكم بن الوليد واستعمله على دمشق، وعهد من بعد الحكم لابنه عثمان بن الوليد واستعمله على حمص.
وقال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: قال ابن بكير: قال الليث: وفي سنة سبع وعشرين ومائة قتل الحكم، يعني ابن الوليد.
الحكم بن هشام بن عبد الرحمن:
أبو محمد الثقفي العقيلي، من آل أبي عقيل، الثقفي الكوفي، حدث عن عبد الملك بن عمير، ويونس بن عبيد، وعباد بن منصور، ويحيى بن سعيد بن أبان، وقتادة وحماد بن أبي سليمان، وسفيان الثوري، وشيبه بن المساور، وأبي اسحاق الهمداني، وهشام بن عروة، ومنصور بن المعتمر.
روى عنه عبد الله بن صالح بن مسلم العجلي وعبد الله بن عبد الملك الجمحي، وهشام بن عمار، ومحمد بن عائذ، ويحيى بن يمان، وإسحق بن منصور، والوليد بن مسلم، ويوسف بن أبي أمية الثقفي، وكثير بن هشام، وعبد اله بن يوسف والهيثم بن خارجة، وأبو مسهر ومحمد بن الصلت وعبد الرحمن بن علقمة المروزي ويعقوب القمحي، وأبو النضر اسحاق بن إبراهيم القرشي، وكان مؤاخياً لأبي حنيفة رضي الله عنه، وكان يتجر من الكوفة إلى الشام، وقدم حلب وحكى حكاية جرت له بها مع رجل سأله عن أبي حنيفة.
قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو حفص بن شاهين قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال: أخبرنا هشام بن عمار قال: حدثنا الحكم بن هشام قال: حدثنا عبد الملك بن عمير عن أبي بردة بن أبي موسى، وأبي بكر بن أبي موسى عن أبي موسى الأشعري قال: سافرنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم ليلة فعرس فعرسنا فتعار من الليل فأتيت مضجعه وجاء رجل آخر من المسلمين فالتقينا عند مضجعه فلم نره، فشق ذلك الأمر علينا فإذا نحن بهزيز كهزيز الرحا، قال فأتيناه فلقينا النبي صلى الله عليه وسلم فقال: ما شأنكم؟ فقلنا: يا رسول الله تعارنا من الليل فأتينا مضجعك فلم نرك فيه، فشق ذلك علينا فخشينا أن يكون قد عضتك هامة أو سبع قال: فقال أتاني آت من ربي عز وجل فخيرني أن يدخل نصف أمتي الجنة وبين الشفاعة فاخترت الشفاعة، فقلنا يا رسول الله اجعلنا ممن تشفع له، فقال: أنتم - يعني - ممن أشفع له، قلنا: أو لا تبشر الناس، بها يعني؟ قال: فبشر الناس وابتدروا الرجال فلما كثر على رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: هي لمن مات لا يشرك بالله شيئاً.
قال ابن شاهين: تفرد بهذا الحديث الحكم بن هشام عن عبد الملك بن عمير، وهو حديث غريب ما سمعناه إلا منه، والحكم بن هشام رجل من أهل الكوفة كان يتجر إلى الشام، وهو ثقة كذلك، حدثنا الأصطخري عن عباس قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن هشام كوفي ثقة.
أنبأنا أبو مسلم الهمداني قال: أجاز لنا جدي شهردار بن شيرويه الديلمي، أبو منصور قال: أخبرنا أبو الفرج الأصبهاني - بها إذناً - قال: أخبرنا أبو الحسين الإسكاف قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا الإمام أبو محمد الحارثي قال: حدثنا محمد - يعني - ابن منصور قال: حدثنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا علي بن عيسى عن عبد الله بن صالح عن الحكم بن هشام قال: قدمت حلب فجاءني رجل، فقال لي: صف أبا حنيفة فإني لا أزال أرى رجلاً يمدحه وآخر يذمه، فقلت لأصفن لك صفته إن شاء الله، كان أبو حنيفة لا يكفر أحداً حتى يخرج من الباب الذي دخل فيه، وكان ناصحاً لمن كان له محباً أو مبغضاً، وكان عظيم الأمانة مات وعنده من الودائع ما لا يحصى، وخيره السلطان على أن يوجع ظهره وبطنه أو يجعل مفاتيح خزائن الأموال بيده، فاختار عذابه على عذاب الآخرة.

أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا عبد الله بن يوسف قال: حدثنا الحكم بن هشام الثقفي من آل أبي عقيل شامي.
قلت: هو كوفي - إنما قال إنه شامي لأنه سكن دمشق.
وقال شيخنا أبو حفص أخبرنا أبو عبد الله بن الحسن بن البناء عن علي بن محمد عن محمد بن العباس قال: أخبرنا محمد بن القاسم قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: أخبرنا سليمان - يعني - ابن أبي شيخ عن عبد الله بن صالح بن مسلم قال: كان الحكم بن هشام كوفياً يخرج إلى دمشق ويأخذ عطاءه فيما هناك، ثم يرجع إلى الكوفة. قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن هشام الذي يروي عن عبد الملك كوفي ثقة.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: كتب إلينا أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالوية قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب الأصم قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن هشام كوفي يحدث عن عبد الملك بن عمير وهو ثقة.
قال: وأخبرنا أبو الحسن بن السقاء - وحده - قال: حدثنا أبو العباس قال: سمعت العباس يقول: سمعت يحيى يقول: الحكم بن هشام ثقفي من آل أبي عقيل، يروي عنه أبو مسهر وغيره.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب قال: أنبأنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي عن عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: الحكم بن هشام الثقفي العقيلي، من آل أبي عقيل كوفي، وقع إلى دمشق، أبو محمد، روى عن قتادة، وحماد بن أبي سليمان وعبد الملك بن عمير، وهشام بن عروة.
روى عنه يعقوب القمي، ويحيى بن اليمان، وكثير بن هشام، وإسحق بن منصور وعبد الله بن يوسف وأبو النضر الدمشقي وعبد الرحمن بن علقمة المروزي وهشام بن عمار.
سمعت أبي يقول ذلك، وروى عن أبي اسحاق الهمداني ومنصور بن معتمر ويونس بن عبيد وسفيان الثوري.
أخبرنا ابن أبي خيثمة في كتابه إلي قال: سمعت يحيى بن معين يقول: الحكم بن هشام الذي يروي عن عبد الملك بن عمير كوفي ثقة، سئل أبو زرعة عن الحكم بن هشام فقال: لا بأس به.
وقال مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي بكر الخطيب قال: الحكم بن هشام أبو أحمد الثقفي من آل أبي عقيل، كوفي وقع إلى دمشق، وحدث عن أبي اسحاق السبيعي وقتادة وعبد الملك بن عمير، والثوري.
روى عنه يعقوب القمي ويحيى بن يمان، وكثير بن هشام وعبد الله بن يوسف التنيسي، وهشام بن عمار وغيرهم.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما العقيلي - بفتح العين - فهو الحكم بن هشام، أبو أحمد الثقفي من آل أبي عقيل، كوفي، وذكر كما قال الخطيب سواء، غير أنه قال بدل: روى عنه، حدث عنه.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن اسحاق قال: حدثنا الهيثم بن خارجة قال: حدثنا الحكم بن هشام الكوفي قال: كان سعيد بن العاص يقول لبنيه: تعلموا الشعر، قال الهيثم: وكان الحكم بن هشام من ولد سعيد بن العاص، قال: وكان يقول: ومن مثل الحجاج تزوج أربعين من قريش.
أخبرنا أبو القاسم بن الحرستاني - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: حدثني محمد بن هارون الأنصاري قال: حدثنا حويت بن سليمان قال: حدثنا محمد بن وهب قال: حدثنا الوليد بن مسلم قال: حدثنا الحكم بن هشام العقيلي، وكان من الثقات. قال: حدثنا عبد الملك بن عمير فذكر حديثاً.
وقال أبو عبد الله محمد بن إبراهيم الأصبهاني قلت لأبي حاتم: ما تقول في الحكم بن هشام يحدث عن عبد الملك بن عمير؟ قال: هو ثقفي كوفي يكتب حديثه ولا يحتج به.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: الحكم بن هشام بن عبد الرحمن أبو محمد الثقفي العقيلي، من آل أبي عقيل الثقفي الكوفي، سكن دمشق وحدث عن قتادة وعبد الملك بن عمير، وحماد بن أبي سليمان، وأبي اسحاق الهمداني ومنصور بن المعتمر، وسفيان الثوري، وهشام بن عروة، ويونس بن عبيد، ويحيى بن سعيد بن أبان، وشيبه بن المساور، وعباد بن منصور.
روى عنه عبد الله بن عبد الملك الجمحي، وعبد الله بن يوسف، وأبو النضر اسحاق بن إبراهيم القرشي، وهشام بن عمار، وسليمان بن عبد الرحمن، ومحمد بن عائذ ويعقوب القمي، ويحيى بن يمان وكثير بن هشام، وإسحق بن منصور، وعبد الرحمن بن علقمة المروزي، والوليد بن مسلم ومحمد بن الصلت، ويوسف بن أبي أمية الثقفي، والهيثم بن خارجة.
وقال أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: قرأنا على أبي غالب وأبي عبد الله ابني البناء عن علي بن محمد عن أبي عمر بن محمد بن العباس قال: حدثنا محمد بن القاسم قال: أخبرنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا سليمان - يعني - ابن أبي شيخ، ح.
وأخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كرتيلا قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد الخياط قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الله السوسجردي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن أبي طالب علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن مروان بن عمر السعدي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان أن سليمان بن أبي شيخ حدثه قال: حدثنا عبد الله بن صالح العجلي قال: أقبل الحكم بن هشام الثقفي يريد مندلاً فلما دنا منه، قال أصحاب مندل: تكلمه؟ قال: دعوه فلما جلس قالوا له: يا أبا محمد ما تقول في عثمان؟ قال: كان والله خيار الخيرة أمير البررة قتيل الفجرة، منصور النصرة مخذول الخذلة أما خاذله فقد خذله الله، وأما قاتله فقد قتله الله، وأما ناصره فقد نصره الله ما تقولون أنتم؟ قالوا: فعلي خبر أم - وقال ابن كرتيلا: أو - معاوية؟ فقال: بل علي خير من معاوية، قالوا: فأيهما كان أحق بالخلافة؟ قال: من جعله الله خليفة فهو أحق.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر ومحمد بن الحسن، ح.
وأنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي الحافظ قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي - سماعاً أو إجازة - قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد قال: حدثنا صالح بن أحمد قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثني أبي عبد الله قال: قال رجل للحكم بن هشام: ما تقول في معاوية؟ قال: ذاك خال كل مؤمن، قال: ما تقول في عثمان؟ قال: كان والله منصور النصرة مخذول الخذلة مقتول القتلة أمير النور.
قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثني أبي عبد الله قال: جاء يوماً يشتري سمكاً فاستعان برجل يشتري له، فقال له السماك: انظر أصلحك الله أي شحم في بطنها، قال: ظلم تقول إنا استعنا بهذا عليك ليكفينا مؤونتك، وكان فقيراً، وكان يدعي إلى الطعام وهو جائع، فيلبس مطرف خز له قديم ثم يدخل العرس فيبارك ولا يأكل عزة نفس.
وكان الحكم بن هشام عسراً في الحديث، فلما جاءه ابن المبارك انبسط إليه وحدثه، وكان مؤاخياً لأبي حنيفة، قال صالح: قال أبي الحكم بن هشام الثقفي من أنفس ثقيف وكان ثقة وكان يقول: إنما كان هذا المنبر مجلس الحي - يعني مسير الكوفة - لكثرة من وليه من ثقيف، وروى عن قتادة وعبد الملك بن عمير أخبرنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك في كتابه - قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي بكر أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن أحمد بن شعيب الروياني قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب قال: حدثنا محمد بن السمط بن الحسن الأسدي قال: حدثنا أبو نصر رجاء بن سهل الصغاني قال: حدثنا أبو مسهر قال: كنا عند الحكم بن هشام العقيلي، وعنده جماعة من أصحاب الحديث، قال: فقال: إنه من أغرق في الحديث فليعد للفقر جلبابا فليأخذ أحدكم من الحديث بقدر الطاعة وليحترف حذراً من الفاقة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس قال: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد الآبري قال: أخبرنا طراد بن محمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران علي بن محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد بن جعفر الجوزي قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثني القاسم بن هاشم قال: حدثني محمد بن عبد الحميد الطائي قال: حدثنا هشام بن الكلبي قال: قال الحكم بن هشام لابن ابن له - وكان يتعاطى الشراب: أي بني إياك والنبيذ فإنه قيء في شدقك وسلح على عقبك وحد في ظهرك، وتكون ضحكة للصبيان وأميراً للذبان.
الحكم والد شعيب بن الحكم:
كان بدابق حين ولي عمر بن عبد العزيز الخلافة، حكى عن عمر، روى عنه ابنه شعيب بن الحكم الشاعر.
أخبرنا أبو جعفر يحيى بن أبي منصور جعفر بن عبد الله الدامغاني - إذناً، وقرأت عليه إسناده - قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا الشريف أبو العز محمد بن المختار بن محمد بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر القطيعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني الوليد بن شجاع قال: حدثني مبشر - يعني الحلبي - قال: حدثني شعيب بن الحكم الشاعر عن أبيه قال: رأيت عمر بن عبد العزيز رحمه الله بمسجد دابق حين دعي ليبايع له فمر إلى جانبي وإن عليه لمطرف خز وكساء خز وهو يقول: الله المستعان، الله المستعان.
حكيم بن حزام:
ابن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو خالد القرشي الأسدي، صحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه سعيد بن المسيب ومحمد بن سيرين، وعروة بن الزبير، وعطاء بن أبي رباح، وموسى بن طلحة، والمطلب بن حنطب المخزومي، وعبد الله بن عروة بن بنته، وصفوان بن محرز، وعراك بن مالك، وسليمان بن أبي خيثمة، ويوسف بن ماهك، ويوسف بن مهران، وعبد الله بن الحارث، وأبو حبيبة مولى الزبير، وقيل إنه شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقيل إنه غزا القسطنطينية في زمن معاوية مع ابنه يزيد بن معاوية.
أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري الحرستاني - بقراءتي عليه - قلت له: أخبركم أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الاسفرائيني فأقر به قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله الأزدي المصري قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن العباس الأخميمي، بانتقاء أبي محمد عبد الغني بن سعيد بن علي الأزدي الحافظ قال: حدثنا محمد بن الوليد القرشي قال: حدثنا عبد الوهاب قال: حدثنا خالد عن عطاء بن أبي رباح عن حكيم بن حزام قال: كنت أشتري الطعام فنهاني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أبيع الطعام حتى أقبضه.
أخبرنا أبو حفص ابن طبرزد - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: وحدثنا معاذ بن المثنى قال: حدثنا سيف بن مسكين قال: حدثنا شعبة قال: أخبرني جعفر بن إياس قال: سمعت يوسف بن مهران محدث عن حكيم بن حزام قال: قلت: يا رسول الله يأتيني الرجل يطلب مني البيع وليس عندي أفأشتريه له؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تبع ما ليس عندك.
هكذا قال يوسف بن مهران.
وقال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا ابن ياسين قال: حدثنا بندار قال: حدثنا محمد قال: حدثنا شعبة عن أبي بشر قال: سمعت يوسف بن ماهك يحدث عن حكيم بن حزام قال: بايعت رسول الله صلى الله عليه وسلم على أن لا أخر إلا قائماً، قال: قلت يا رسول الله الرجل يسألني البيع وليس عندي أفأبيعه قال: لا تبع ما ليس عندك.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب أحمد وأبي عبد الله يحيى ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وولد حزام بن خويلد حكيماً وخالد وهشاماً، وأمهم فاخته بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى.

وقال ابن البناء: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد - إجازة - قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: أخبرنا مصعب بن عبد الله قال: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، أسلم يوم الفتح، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم حنيناً مسلماً، وكان حكيم بن حزام نجا يوم بدر، فكان حكيم إذا حلف بيمين قال: لا والذي نجاني يوم بدر.
أنبأنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن بشكوال - في كتابه - قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: حدثنا علي بن محمد قال: حدثنا عباس الترفقي قال: حدثنا محمد بن عمر عن أبيه عن المنذر بن عبد الله عن موسى بن عقبة عن أبي حبيبة مولى الزبير قال: سمعت حكيم بن حزام يقول: ولدت قبل الفيل بثلاثة عشر سنة.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله - إذناً - قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو سعد المطرز وأبو علي الحداد قالا: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا أبو العباس السراج قال: أخبرني أبو يونس قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى وأمه فاخته بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى، يكنى أبا خالد مات سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين، ولد قبل الفيل بثلاث عشرة سنة ومات بالمدينة.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة من بني أسد بن عبد العزى: حكيم بن حزام بن خويلد بن عبد العزى بن قصي، وأمه أم حكيم بنت زهير بن الحارث بن أسد بن عبد العزى بن قصي.
وقال محمد بن عمر: وشهد حكيم بن حزام مع أبيه الفجار، وقتل أبوه حزام بن خويلد في الفجار الآخرة وكان حكيم يكنى أبا خالد وقدم حكيم بن حزام المدينة ونزلها وبنى بها داراً عند بلاط الفاكهة عند زقاق الصواغين، ومات بالمدينة سنة أربع وخمسين في خلافة معاوية بن أبي سفيان، وهو ابن عشرين ومائة سنة.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه عن أبي عمر وعبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الرابعة ممن لقي النبي صلى الله عليه وسلم بالطريق وأسلم قبل أن يدخل مكة - يعني عام الفتح - حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي - يكنى أبا خالد - مات بالمدينة سنة أربع وخمسين وهو ابن مائة وعشرين سنة وله دار بالمدينة عند بلاط الفاكهة عند زقاق الصواغين.
أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في كتابه إلي من الاسكندرية عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب أبو خالد الأسدي حجازي، مديني يقال إنه عاش في الجاهلية ستين سنة وفي الإسلام ستين سنة، أمه فاخته بنت زهير بن الحارث بن أسد مات سنة أربع وخمسين.
أخبرني محمد بن أبي عوانة قال: حدثنا سليمان بن سيف قال: حدثنا سعيد بن بزيع عن محمد بن اسحاق قال: ومنهم حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب بن فهر بن مالك بن النضر بن كنانة.
قال ابن السكن: وكان إسلامه في سنة ثمان من الهجرة ويقال هو من مسلمة الفتح، وكان لحكيم من الولد: عبد الله، وخالد ويحيى وهشام، أدركوا النبي صلى الله عليه وسلم كلهم وأسلموا يوم الفتح وصحبوا رسول الله صلى الله عليه وسلم.

وقال ابن إسحق: كان حكيم من المؤلفة، فأعطاء رسول الله صلى الله عليه وسلم من غنائم خيبر مائة من الإبل.
وقال ابن السكن: أخبرنا الحسين بن إسماعيل بن محمد قال: حدثنا يوسف بن موسى القطان قال: حدثنا أبو أسامة قال: حدثنا هشام بن عرون قال: أخبرني أبي أن حكيم بن حزام أعتق في الجاهلية مائة رقبة وحمل على مائة بعير، فلما أسلم حمل على مائة بعير وأعتق مائة رقبة، قال: فسألت رسول الله صلى الله عليه وسلم فقلت: يا رسول الله أشياء كنت أصنعها في الجاهلية أتحنث بها - يعني أتبرر بها - فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما سلف لك من خير.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي - إجازةً إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا الحسين بن جعفر ومحمد بن الحسن، ح.
وأخبرنا الحافظ أبو الحسن علي بن المفضل في كتابه من الإسكندرية، قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر قالا: أخبرنا الوليد بن بكر قال: أخبرنا علي بن أحمد بن زكريا قال: أخبرنا صالح بن أحمد بن صالح قال: حدثني أبي أحمد قال: حكيم بن حزام بن خويلد الأسدي من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم، وعمته خديجة وابنه هشام بن حكيم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أنبأنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي. وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري، ح.
وأنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: ومن بني أسد بن عبد العزى بن قصي بن كلاب بن مرة: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى، وأمه زينب، ويقال فاخته بنت زهير بن الحارث بن أسد، وأمها سلمى بنت عبد مناف بن عبد الدار بن قصي، يكنى أبا خالد، وكان إسلامه يوم الفتح، وكان من المؤلفة، أعطاه النبي صلى الله عليه وسلم من غنائم حنين مائة بعير فيما ذكر ابن إسحق، ولد حكيم بن حزام: أم هشام، وهشام، وخالد ويحيى، وعبد الله وأم سمية، وأم عمرو، فذلك، ومات سنة أربع وخمسين بالمدينة وهو ابن عشرين ومائة ويروى عنه أنه قال: ولدت قبل الفيل بثلاث عشرة.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه من مكة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: حكيم بن حزام بن خويلد بن أسد بن عبد العزى بن قصي القرشي الأسدي يكنى أبا خالد، هو ابن أخي خديجة بنت خويلد زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولد في الكعبة وذلك أن أمه دخلت الكعبة في نسوة من قريش وهي حامل، فضربها المخاض، فأتيت بنطع فولد حكيم بن حزام عليه، وكان من أشراف قريش ووجوهها في الجاهلية والإسلام، كان مولده قبل الفيل بثلاث عشرة سنة أو اثنتي عشرة سنة على اختلاف في ذلك وتأخر إسلامه إلى عام الفتح فهو من مسلمة الفتح هو، وبنوه: عبد الله وخالد ويحيى وهشام وكلهم صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وعاش حكيم بن حزام في الجاهلية ستين سنة، وفي الإسلام ستين سنة، وتوفي بالمدينة في داره بها عند بلاط الفاكهة، وزقاق الصواغين في خلافة معاوية سنة أربع وخمسين، وهو ابن مائين وعشرين سنة، وكان عاقلاً سوياً فاضلاً تقياً سيداً بما له غنياً.

قال مصعب: جاء الإسلام ودار الندوة بيد حكيم بن حزام فباعها بعد من معاوية بمائة ألف درهم، فقال له ابن الزبير: بعت مكرمة قريش، فقال حكيم: ذهبت المكارم إلا التقوى، وكان من المؤلفة قلوبهم وممن حسن إسلامه منهم، أعتق في الجاهلية مائة رقبة، وحمل على مائة بعير، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم بعد أن أسلم فقال: يا رسول الله أرأيت أشياء كنت أفعلها في الجاهلية أتحنث بها ألي فيها أجر؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أسلمت على ما سلف لك من خير، وحج في الإسلام ومعه مائة بدنة قد جللها بالحبرة وكفها عن أعجازها ووقف بمائة وصيف بعرفة في أعناقهم أطواق الفضة منقوش فيها: عتقاء الله عن حكيم بن حزام، وأهدى ألف شاة.
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم العلوي قال: أخبرنا أبو الحسن المعري، ح.
وأخبرنا عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا أبو عبد الله بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء - إجازة - قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عباد التميمي قال: حدثنا الزيادي عن محمد بن عبد الله القرشي عن أبيه عن جده قال: قال حكيم بن حزام: ما أصبحت صباحاً قط فلم أر أحداً ببابي طالب حاجة إلا عددتها مصيبة أرجو ثوابها من الله تعالى.
أخبرنا الحافظ أبو الحسن المقدسي في كتابه عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قال: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: حدثني محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن عبد الله قال: سمعت ابن نمير يقول: مات حكيم بن حزام أبو خالد سنة أربع وخمسين، قال ابن السكن: وأظن أن الصواب في موت حكيم ما ذكره ابن نمير والله أعلم.
قال: وقال الواقدي كما قال ابن نمير.
أخبرنا أبو الغنائم محمد بن محمد بن شهريار الأصبهاني، في كتابه إلينا منها، قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت أبي الفضل البغدادي قال: أخبرنا أبو طاهر الثقفي قال: أخبرنا أبو بكر بن المقرئ قال: سمعت أبا عبد الرحمن محمد بن عبد الله بن عبد السلام مكحول البيروتي قال: سمعت عثمان بن خرزاد يقول: سمعت مصعب الزبيري يقول: مات حكيم بن حزام فقال في زمن معاوية.
حلبس بن زبار بن غطيف:
ويقال حلبس بن عطيف بن حارثة بن سعد بن الخزرج بن امرئ القيس بن أخزم بن أبي أخزم بن جرول بن ثعل بن عمرو بن الغوث بن طيء الطائي أخو عدي بن حاتم بن عبد الله بن سعد بن الخزرج لأمه، شهد صفين وأخوه ملحان، مع معاوية له ذكر.
ذكر ذلك الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي في تاريخ دمشق، وأخبرنا به القاضي أبو نصر بن هبة الله بن الشيرازي - فيما أذن لنا فيه - قال: أخبرنا أبو القاسم الحافظ.
وذكر أبو محمد بن حزم نسب بني غطيف، وقال: حلبس بن غطيف، وقال كما قال الحافظ أبو القاسم، ولم يذكر في نسبه زبارا.
ذكر من اسمه حماد
حماد بن أحمد بن محمد:
ابن بركة بن أحمد بن صديق بن صروف أبو الثناء الحراني، روى عن أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي، نزيل حران، دخل حلب مرارا متعددة، ولم يتفق لي الاجتماع به، وكان شيخا صالحا ورعا من أهل حران مشهورا بالدين والصلاح والصبر على البلاء، سمعت رفيقنا أبا محمد عبد الرحمن بن شجانة الحراني يقول لي عند وصولي الى حران في العشر الوسط من شوال سنة أربع وعشرين وستمائة: كان الشيخ حماد بن صديق من عمال الله والمنقطعين إليه، ولم يكن في زماننا أكثر اجتهادا ولا أشد صبرا على البلاء مع قلة الشكوى منه، كان قد تفتح جسمه كله ومات وهو صائم بحران في العشر الأول منه في سنة أربع وعشرين وستمائة.
قلت وكان ذلك قبل وصولي بأيام فأسفت على عدم لقائه والتبرك بزيارته.

قرأت في تاريخ حران جمع أبي المحاسن بن سلامة الحراني، سيره لي هدية الخطيب الفاضل عبد الغني بن شيخنا أبي عبد الله محمد بن تيمية، وذكر أنه نقله بخطه من خطه قال فيه: وفي سنة أربع وعشرين وستمائة في ليلة السبت خامس شوال مات الشيخ الزاهد الناسك المبتلي الراضي الصابر أبو الثناء حماد بن الشيخ أحمد بن محمد بن بركة بن صديق النجار الحراني بعد مرض طويل تفتح فيه بدنه مدة اثنتي عشر سنة، وهو مقيم على ذكر الله وطاعته وشكره صابرا محتسبا ذلك في ثواب الله ومرتاضه، وكان قد لقي الشيخ حياة بن قيس وعاهد ولده عمر، وأقام براوية في مسجد لله يعرف ببيت الزجاج معلق داخل باب من يزيد، مدة من السنين منقطعا الى عبادة الله سبحانه وتعالى، وترك المعاش، وقد كان نجارا من قبل، وكان له ملك فجعل يؤجره ويأكل من أجرته، وبنى لله تعالى مسجدا قريبا من داره، ولم يتزوج قط، وكان عمه نيف وسبعين سنة وكان بيح الوجه دمث الاخلاق، سلس الانقياد طيب المعاشرة والمحاضرة.
أنبأنا عبد العظيم بن عبدج القوي المنذري قال: وفي الخامس من شوال يعني من سنة أربع وعشرين وشستمائة توفي الشيخ الصالح أبو الثناء حماد بن أحمد بن محمد بن صديق الحراني الحنبلي بحران، سمع بحران من أبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي، وأجاز له جماعة، ولنا منه إجازة كتب بها الينا.
حماد بن حامد بن أحمد العرضي:
أبو المكارم التاجر، تاجر معروف من اهل عرض بلدة من المناظر من أعمال حلب بالقرب من الرصافة، طاف البلاد في التجارة، وسمع الحديث بنيسابور من المؤيد بن محمد الطوسي، وأبي بكر القاسم بن أبي سعد الصفار، وزينب بنت عبد الرحمن الشعري، وحدث بسنجار بشيء من حديثه، روى لنا عنه... ابن الصفار....
أخبرنا... بن الصفار بسنجار قال: قرأت على الأجلّ أبي المكارم حماد بن حامد بن أحمد العضي بسنجار قلت له: أخبركم الإمام أبو بكر القاسم بن أبي سعد بن عمر الصفار - قراءة عليه - وأنتم تسمعون، وزينب بنت أبي القاسم الشعري - قراءة عليها بنيسابور - قلت: وأخبرنا أبو علي، وزينب في كتابهما إلينا من نيسابور - غير مرة - قالا: أخبرنا الإمام أبو بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن الأزهري - قرااءة عليه - قال: حدثنا أبو محمد الحسن بن أحمد المخلدي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن اسحاق الثقفي السراج في ربيع الأول سنة اثنتي عشرة وثلاثمائة قال: حدثنا اسحاق بن ابراهيم قال: أخبرنا سفيان بن عيينة عن أبي يعقوب عن مسلم بن صبيح عن مسروق عن عائشة رضي الله عنها قالت: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا دخل العشر أحياء الليل وأيقظ أهله وجدّ وشد المئزر.
قال لي ابن الصفار: توفي حماد العرضي بسنجار سنة أربع وأربعين وستمائة، ودفن بها رحمه الله.
حماد بن حمزة بن حماد المعري:
شاعر من أهل معرة النعمان، كان في عصر أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان، وقفت على ذكره في رسالة لأبي العلاء وأحسن الثناء عليه فيها.
حماد بن عبد الله الأقطع:
أبو الخير التيناتي، من أهل المغرب وسكن التينات بلدة بالقرب من أنطاكية، وقد ذكرناها في مقدمة الكتاب، وكان أبو الخير أحد أولياء الله تعالى المعروفين بالكرامات الظاهرة، المشهورين بالعبادة الوافرة، حكى عنه ابنه عيسى، وحمزة بن عبد الله العلوي، وقد ذكرناه في باب الكنى فيما يأتي من كتابنا هذا لشهرته بالكنية.
حماد بن عبد الرحمن:
أبو عبد الرحمن الكلبي القنسري من أهل قنسرين، وقيل هو حمصي حدث عن سماك بن حرب، وخالد بن الزبرقان، ومحمد بن أبي ليلى، وادريس بن يزيد الأودي روى عنه هشام بن عمار والوليد بن مسلم.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الاسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: حدثنا جعفر بن أحمد بن عاصم قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا حماد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن أبي ليلى عن رافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم اتخذ خاتما من فضة، فصّه منه، وكان يلبسه في خنصره اليسرى، ويجعل فصّه فيما يلي كفه.

قال الحافظ بن عدي: حماد بن عبد الرحمن الكلبي من أهل حمص يكنى أبا عبد الرحمن وروي من حديثه هذا الحديث وحديثا آخر، وقال: وهذان الحديثان لا أعلم يرويهما غير حماد بن عبد الرحمن وهو قليل الرواية.
أنبأنا سعيد بن هاشم وأبو البركات خطيب حلب قال: كتب إلينا أبو الفرج مسعود بن الحسن الثقفي أن أبا عمرو بن مندة أخبره قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: حماد بن عبد الرحمن الكلبي القنسري، سألت أبي عنه فقال: هو شيخ مجهول منكسر الحديث ضعيفه، قال: وسئل أبو زرعة الرازي عن حماد بن عبد الرحمن فقال: يروي أحاديث مناكير، روى عنه الوليد بن مسلم وهشام بن عمار.
حماد بن محمد بن جساس:
أبو الشكر البوازيجي أحد عباد الله الصالحين، وله كرامات ظاهرة، وكان صحب الشيخ عدي بن مسافر، ثم اشتهر بعد ذلك، قدم حلب، وذكر لي عمي أبو غانم أنه اجتمع به بمنبج.
سمعت شيخنا قاضي القضاة أبا المحاسن يوسف بن رافع بن تميم يقول: كان الشيخ حماد البوازيجي رجلا صالحا فاشتهى مظفر الدين كوكبوري صاحب إربل أن يراه ويتبرك به فأرسل إليه من إربل الى البوازيج وقال له: لو أمكنني أن أسعى اليك جئت لزيارتك وطلب منه أن يأتي إلى إربل، فأجابه الى ذلك وقدم عليه الى إربل، فخرج مظفر الدين والتقاه واجتمع به، وطلب منه شيئا من أثره ليتبرك به، فأعطاه مئزرا له، قال: فذلك المئزر لم يطرحه مظفر الدين عن رأسه أبدا ويلبسه فوق الشربوش الى اليوم.
وحدثني عمي أبو غانم بن هبة الله بن أبي جرادة قال: بلغني عن المخزومي وكان من الصالحين أنه رأى النبي صلى الله عليه وسلم في النوم فقال: أأنت قلت يا رسول الله: من أكل مع مغفور له؟ غفر له؟ فقال: نعم أنا قلت ذلك، قال عمي: واتفق أني حججت وحج المخزومي ذلك العام فقمت أنا وأحمد بن الأستاذ وجماعة ومضينا الى زيارته لنسأله عن ذلك، فدخلنا عليه وسألناه عن ذلك فقال: نعم رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في المنام وسألته فقل: أأنت قلت يا رسول الله: من أكل مع مغفور له غفر له؟ فقال: نعم أنا قلت من أكل مع مغفور له غفر له، قال لي عمي: ثم اجتمعنا بعد ذلك بمنبج عند الشيخ عبد الحق المغربي، وكان رجلا صالحا، وكان معنا الشيخ أبو الحسن علي الفاسي، فذكرنا له هذه الحكاية والمنام، فلما فرغنا دخل علينا عقيب ذلك الشيخ حماد البوازيجي، وكنا قد سمعنا عنه أنه رؤي وهو يأكل، فأحضر شيء من الطعام فقلنا له: تأكل معنا؟ فقال: نعم من أكل مع مغفور له غفر له، بصوت عال مرتفع، فقال الشيخ علي الفاسي: هذه والله كرامة للشيخ حماد.
نقلت من خط أبي البركات ابن المستوفي في تاريخ إربل الذي جمعه: حماد بن محمد بن جساس البوازيجي، أبو الشكر من المشهورين أقام بالبوازيج ومات بها وقبره فيها، شيخ البوازيج في الانقطاع من أصحاب عدي بن مسافر، إلا أنه اشتهر، فترك النسبة الى عدي وأصحابه، فصار بينه وبين أصحاب عدي مباينة عظيمة ومنافرات أدت كثيرا الى وقائع وفتن، تردد كثيرا الى إربل، وكان الناس يتلقونه من فراسخ ويخشاه الأكابر، ويتردد إليه السلطان أبو سعيد كوكبوري بن علي، وكان من يتولى البوازيج يتأذى به لانقياد الناس العامة إليه، وكان كثير من البوازيجيين يرمونه بكثرة المال، حدثت أنه في مبدأ عمره التام كان يقطع الطريق، قال: وكان من دخل عليه زاويته في البوازيج يحضر له ما تيسر من مأكول، وكان الناس يهدون له في كل سنة هدايا كثيرة من بقر وغنم وغير ذلك فيطعمها من حضره في نصف شعبان.
أجاز لنا أبو السعادات بن أحمد بن المستوفي - ونقلته من خطه - قال: وحدثت أنه كان لنا إذا رقا أحدا قال: اللهم إنك تعلم أني عبد لا أضر ولا أنفع، وعن أذى بقة لا أدفع، اللهم فتحسن ظنهم فينا، عافيهم وعافينا.
قال: وأنشدني غير مرة ولم يسم قائلهما، ووجدتهما لأبي سعد بن دوست:
عليك بالحفظ دون الكتب ... تجمعا فإن للكتب آفات تفرقها
الماء يغرقها والنار تحرقها ... واللص يسرقها والفأر يحرقها
قال: وكان كثير الدعابة سريع الغضب، سريع الرضا، وتوفي رحمه الله في ثاني عشر رجب من سنة ثمان وستمائة.
حماد بن منصور بن حماد بن خليفة بن علي:

وقيل علوان أبو الثناء البزاعي الاستاذ من أهل بذاعا، قرأت نسبه هكذا بخط أبي غالب بن الحصين، وقال في جد جده علي،: وأخبرني علي بن محمود بن علي البزاعي، وذكر لي أنه نسيب لحماد أن جد جده اسمه علوان، بدل علي، وكان الاستاذ حماد شاعراً مجيداً فاضلاً عارفاً بالقرآن وعلومه واللغة والنحو، حسن الخط ديناً، سمع الحافظ أبا بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني. روى عنه شيئاً من شعره الحافظ أبو محمد القاسم بن الحافظ أبي القاسم علي بن الحسن وأبو عبد الله محمد بن حمزة بن أبي الصقر القرشي الدمشقي وذكره في معجم شيوخه، وعماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب، وسمعوا منه كلهم بحلب.
وروى لنا عنه أبو الحسن علي بن فضل الله الدقاق، وأبو الفتح بن بيان بن علي، وأبو الفضل عبد الرحمن بن أبي غانم بن ابراهيم بن سندي، وهبة الله بن أحمد بن جعفر البزاعي وأبو عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي، والقاضي أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب، وكان يعلم الصبيان بحلب، وانتفع به جماعة من الحلبيين.
قرأت بخط الوزير جمال الدين أبي غالب عبد الواحد بن مسعود بن الحصين البغدادي في كتابه في ذكر الشعراء على حروف المعجم، وأنبأنا به إجازة عنه أبو عبد الله محمد بن محمود النجار البغدادي قال: حماد بن منصور بن حماد بن خليفة ابن علي البزاعي، مولده بحلب في سنة ثمان عشرة وخمسمائة، كان رجلا صالحاً، كثير العبادة، قيماً بتلاوة القرآن، وخبيراً بالقراءات ووجوهها وتعليلها، وله أشعار كثيرة مشحونة بالحكمة والواعظ والاداب لم يسأل قط في شعره ولا رغب به الى ملك ولا سوقة.
سمعت مهذب الدين أبا الحسن علي بن فضل الله بن الدقاق الحلبي يثني على حماد البزاعي كثيرا، ويقول: كان حماد مكملا قد جمع بين حسن الكتابة والشعر والنحو والقرآن واللغة، وأخذ من كل علم بطرف حسن، وكان عنده دين متين، وله بركة على من يعلمه، ونفس صالح رحمه الله.
سمعت الشريف شمس الدين أبا علي الحسن بن زهرة العلوي الحلبي النقيب بها يقول: لما قدم القاضي الفاضل - يعني - عبد الرحيم بن علي البيساني حلب واجتمع به الاستاذ حماد البزاعي وامتدحه، ورأى ما عنده من الفضائل فاحترمه وأكرمه وعظمه، وتظلم الدهر له كيف ألجأه الى التعليم خلع عليه ووصله صلة أعانته على دهره وعاش بها مدة.
سألت الشيخ أبا عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي الزاهد عن الأستاذ حماد ابن منصور البزاعي فقال: هو مؤدبي تأدبت به، وكان عقله يغلب عليه، وذكر لي كلاماً معناه أنه كان ينسب الى التشيع.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن اسماعيل بن أبي الحجاج الصويتي - إجازة - قال: أخبرنا عماد الدين أبو عبد الله محمد بن محمد الكاتب قال في خريدة القصر: حماد الخراط، وهو حماد بن منصور البزاعي، وبزاعا بين حلب ومنبج ليس بالشام في عصرنا هذا مثله رقة شعر وسلاسة نظم، وسهولة عبارة ولفظ، ولطافة ومعنى وحلاوة مغرى بأسلوب سالب للب، خالب للخلب وصنعة عارية من التكلف، باينة من التعسف، تترنح له أعطاف السامعين وتتبع رقته في رياض اللطف للماء المعين، لما كنت بحلب وعند ترددي إليها في عهد نور الدين سقاه الله عهاد الرحمة ما زلت اسمع من شعره ما يزيدني طربا ويفيدني عجبا وعجبا، وذكر له أشعار حسنة.
أنشدني مهذب الدين أبو الحسن علي بن فضل الله بن الدقاق الحلبي بمنزله بها قال: أنشدني الاستاذ حماد بن منصور بن حماد البزاعي لنفسه:
يا ضرة القمر المدلّة ... بجمالها بالله بالله
جودي فليس البخل حل ... ية من الحسن جله
وتعطفي عطف الكر ... يم على معنّاك المدله
ويلاه كم تقلدي ... ن دماءنا يا مستحله
وبأي حكم شريعة ... لك سفكها أم أي مله
يا شمس حسن بين أت ... راب حففن بها أهله
تغدو بملك الحسن ... فيهم والملاحة مستقله
لولا هواك لما تح ... ول عزه المشتاق ذله
ولكل شيء كائن ... سبب يقوم به وعله
أنشدني زكي الدين أبو الفضل عبد الرحمن بن أبي غانم بن ابراهيم بن سندي الحلبي قال: أنشدني الاستاذ حماد البزاعي لنفسه:
وأقلقي وأناريه ... تهتكت أستاريه

قلبي قليب طافح ... والعين عين جاريه
ساروا بمن أهوى ... فويلي للحمول الساريه
كيف احتيالي إن نأت ... ديارهم عن داريه
واحربا أقضي أسىً ... وما انقضت أوطاريه
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه وفيقي
أنشدني تاج الدين أبو الفتح بن بيان بن علي الحلبي بياقد قرية من جبل سمعان قال: أنشدني حماد البزاعي لنفسه:
لي مالك كل من يراه ... يقول سبحان من براه
أمير حسن وحاجباه ... في سدة الملك حاجباه
أسقمني سقم ناظريه ... وذوبتني ذؤابتاه
جبينه صبحه إذا ما ... بدا وأصداغه دجاه
وابأبي وجهه المفدا ... وأي شيء ترى فداه
فاه يعذني عليه من لم ... يذق وذاك الحياء فاه
يا غصنا هان ما جناه ... على محب له جناه
سواي يسلو وأنت حقا ... من كل شيء يسلى سواه
أنشدني أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن حامد الكلابي العباسي البزاعي بحلب قال: أنشدني الاستاذ حماد البزاعي بحلب لنفسه في مكتبه بالقرب من درب الديلم:
تعلموا الجود تسودوا به ... ما الجود موقوف على حاتم
وبادروا والحال معمورة ... قبل تفاجئها يد الهادم
فالدهر دوّال وأيامه ... تدول والناس مع القائم
لا تخدعوا باليوم واخشوا غدا ... ما أقرب العرس من المأتم
سمعت الشيخ الصالح أبا عبد الله محمد بن أبي سعد الحلبي يقول: أرسلني والدي الى الاستاذ حماد البزاعي وقال له على لساني: إنني قد عملت منطقة لداري وأريد أن أكتب عليها أبياتا من الشعر فاكتب لي شيئا تقوله على البديهة حاضر الوقت قال: فكتب في رقعة هذه الأبيات وأنفذها، قال لي أبو عبد الله وأخذتها عنه:
يا عامر الدار الذي قلبه ... فيها بذكر الله معمور
بمثل ما اسست منها ... على التقوى بحق ترفع الدور
أوضحت في الدنيا طريقها الى ... الاخرى به سعيك مشكور
فاسعد ودم وابق مهنا ... بها دار لها البهجة والنور
محروسة بالخير مأنوسة ... من رحمة الله لها سور
سمعت القاضي أبا محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب يقول لي: مدح الاستاذ حماد البزاعي والدك لما ولي قضاء حلب بقصيدة ضاديه، ودخل الى والدي وعرضها عليه بعد أن أنشدها والدك، فأخذها والدي منه وهي بخطه فناولينها لاكتب على خطه وأنا إذ ذاك صبي، وسمعتها من لفظه وهو ينشدها والدي، فلم يبق على خاطري منها غير بيت واحد وهو يقول.
وغدا بنجم الدين وابن جماله ... متوليا أمر الشريعة والقضا
قرأت بخط غالب بن الحصين، وأنبأنا به عنه أبو عبد الله بن النجار قال: ووفاته بها - يعني وفاة حماد بحلب - في سنة ثمانين وخمسمائة.
وقال لي نسيب حماد المهذب على بن محمود بن علي البزاعي: مات حماد بعله السل.
حماد بن هبة الله بن حماد بن الفضيل:
أبو الثناء الفضيلي الحراني الحافظ التاجر، رحل الى البلاد في التجارة، وطلب الحديث، وسمع الكثير بالعراق والجزيرة والشام وخراسان والديار المصرية.==

8.   بغية الطلب في تاريخ حلب
المؤلف : ابن العديم

فسمع بمصر أبا محمد عبد الله بن رفاعه السعدي وأبا محمد بن بري وبالاسكندرية أبا طاهر السلفي، وأبا طاهر بن عوف، وعبد الواحد بن عسكر النجار، وبدمشق أبا القاسم علي بن الحسن الشافعي، وأبا عبد الله بن صدقة الحراني، وأبا سعد بن أبي عصرون، وبحران أبا الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي، وببغداد أبا القاسم بن السمرقندي، وأبا بكر عبد الله بن النقور، وأبا الفتح بن البطي، وأخاه أبا عبد الله أحمد، وأبا القاسم بن أبي شريك الحاسب، وأبا الوقت عبد الاول بن شعيب السجزي، وأبا محمد الموصلي، وأبا محمد عبد الله بن أحمد بن الخشاب، وأبا بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني، وأبا القاسم سعيد ابن أحمد بن البناء ويحيى بن ثابت بن بندار، وسعد الخير الانصاري، وأبي الفضل محمد بن ناصر وغيرهم وبنيسابور عمر بن أحمد الصفار، وبهراة أبا المحاسن مسعود بن محمد بن مسعود الغانمي، وعبد السلام بن أحمد بن اسماعيل الاسكاف وأبا الفتح سالم بن عبد الله بن عمر العمري وسمع بغير هذه البلاد وكتب بخطه الكثير، وجمع تاريخا لبلده حران، وذكر فيه من بناها، وما جاء في ذكرها ومن دخلها من العلماء والشعراء والفضلاء ودخل حلب مراراً في التجارة وأقام بها مدة، وكان يتردد اليها وسكن بلده حران آخر عمره الى أن مات.
روى عنه الحافظ عبد القادر بن عبد الله الرهاوي، والحافظ عبد الغني المقدسي، والحافظ أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي، وأبو الخطاب العليمي، روى لنا عنه أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي العطار بمصر والقاهرة، وكان له شعر حسن، وعنده فضائل عديدة.
أخبرنا الحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي بن عبد الله القرشي قال: أخبرنا الشيخ الأجل العالم الأديب الفاضل الأمين رضي الدين أبو الثناء حماد بن هبة الله بن حماد بن الفضيل الحراني - قراءة عليه ونحن نسمع غير مرة - قال: أخبرنا الصائن أبو الفتح عبد السلام بن أحمد بن اسماعيل بن محمد المقرئ الهروي المعروف ببكبرة - قراءة مني عليه بهراة - قال: أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي مسعود عبد العزيز بن محمد الفارسي الفقيه - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن محمد الأنصاري - المعروف بابن أبي شريح - قال: أخبرنا أبو القاسم عبدج الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي ببغداد قال: حدثني مصعب بن عبد الله بن مصعب - إملاء في شعبان سنة ثمان وعشرين ومائتين قال: حدثني مالك عن نافع عن ابن عمر أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان إذا قفل من غزو أو حج أو عمرة يكبر على كل شرف ثلاث تكبيرات، ثم يقول لا إله إلاّ الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد وهو على كل شيء قدير، آيبون تائبون عابدون ساجدون لربنا حامدون، صدق الله وعده ونصر عبده، وهزم الأحزاب وحده.
أنشدنا أبو الحسين يحيى بن علي القرشي قال: أنشدنا أبو الثناء حماد ابن هبة الله الأديب لنفسه:
لما بدت من ثياب من ملابسها ... خفيفة النسيج لا يعبأ بها النظر
خافت عيوناً فغطت وجهها خجلاً ... بكمها وعلاها الدل والخفر
فخلت أثوابها اللاتي بها استترت ... غيما يلوح لنا من دونه القمر
أنشدنا أبو الحسين قال: أنشدنا حماد لنفسه
تنقل المرء في الآفاق يكسبه ... محاسناً لم تكن فيه ببلدته
أما ترى بيذق الشطرنج أكسبه ... حسن التنقل فيها فوق رتبته
وأنشدنا قال: أنشدنا حماد لنفسه
ما الناس إلأاّ امرؤ ذو ثروة وغنى ... يبني بها شرفاً يبقى على الأبد
أو ذو علوم وآداب يسود بها ... وما سوى ذين لا يعتد من أحد
قال لي رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي: روى لنا شيخنا أبو الثناء هذا عن جماعة آخرين منهم أبو المحاسن الغانمي، وأبو بكر الزاغوني، وأبو محمد بن رفاعه الفرضي المصري والحافظ أبو الخطاب العليمي وشهدة الكاتبة وغيرهم، وروى لنا أيضا عن شجاع البسطامي بالاجازة، وبلغني أن له إجازة من القاضي أبي بكر الأنصاري، قال لي: وكان ثقة فاضلاً، وكان شيخنا أبو الحسن المقدسي يثني عليه وحدث عنه في تخاريجه وتواليفه، وكان مولده في سنة احدى عشرة وخمسمائة.

أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: قرأت بخط حماد بن هبة الله الحراني: مولدي بعد ستين يوماً من سنة احدى عشرة وخمسمائة.
قرأت في تسميه مشايخ أبي عبد الله محمد بن ساكن الحميري بخطه: الشيخ الأجل أبو الثناء حماد بن هبة الله بن حماد بن الفضيل الحراني قدم علينا بعد سنة ثلاث وسبعين وخمسمائة، سألته عن مولده فقال سنة احدى عشرة وخمسمائة، روى عن الشيخ أبي القاسم السمرقندي ببغداد، وسعد الخير الأندلسي الصيني المالكي، وأبي القاسم يحيى بن ثابت بن بندار، وأبي الفضل بن ناصر، وأبي المعمر النقيب العلوي. والقاضي كمال الدين بن الشهر زوري والقاضي المارستاني، وأبي الوقت عبد الله بهراة، وعبد الرحمن القلعي، واسماعيل بن بكير، وأبي المحاسن المسعودي، وابن عصرون بدمشق، وعمر الصفار بنيسابور، وفي شيوخه كثرة سمعت عليه اجزاء وأجازني.
أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: حماد بن هبة الله ابن حماد بن الفضيل أبو الثناء التاجر من أهل حرّان رحل في طلب الحديث وسمع الكثير بالعراق والشام ومصر وخراسان وكتب بخطه وحصل النسخ، وكان فيه فضل وأدب ويقول الشعر سمع ببغداد أبا القاسم اسماعيل بن أحمد بن السمرقندي وأبا بكر محمد بن عبيد الله بن نصر بن الزاغوني وأبا القاسم سعيد بن أحمد بن البناء وأبا الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وجماعة دونهم، وبمصر أبا محمد عبد الله بن رفاعة بن غدير السعدي، وبالاسكندرية أبا طاهر أحمد بن محمد السّلفي، وبهراة أبا المحاسن مسعود بن محمد بن مسعود الغانمي وعبد السلام ابن أحمد بن اسماعيل الاسكاف وأبا الفتح سالم بم عبد الله بن عمر العمري، وأبا النضر عبد الرحمن بن عبد الجبار الفامي وغيرهم، وقد بغداد مراراً كثيرة، وحدث بها بيسير، وقد حدث بحران وديارمضر بالكثير، وكان صدوقاً، حسن الطريقة متدينا، وقد كتب إليّ من حران برواية جميع مروياته، وخطه عندي بذلك.
قرأت على الشيخ الحافظ أبي الحسين يحيى بن علي القرشي - فيما انتقيته من معجم شيوخه - قال بعد حديث رواه عنه الشيخ أبو الثناء الحراني: من أعيان المحدثين والفضلاء المتأدبين، سمع الكثير ورحل في طلب الحديث إلى العراق والشام ومصر، وحدث عن جماعة منهم أبو القاسم بن السمرقندي، وأبو المحاسن الغانمي، وأبو بكر بن الزاغوني، وعبد السلام بن أحمد الهروي، وعبد الله بن رفاعة الفرضي المصري، وروى لنا عن هؤلاء المسمين وعن غيرهم، وصنف تاريخاً لبلده حران، وكان صدوقاً، حدث عنه شيخنا الحافظ أبو الحسن المقدسي وسمعته يثني عليه، وكان أديبا وله شعر جيد، وقال لي: ولد شيخنا أبو الثناء الحراني في سنة احدى عشرة وخمسمائة، وتوفي رحمه الله في ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
سمعت رفيقنا أبا محمد عبد الرحمن بن شجانه الحراني بها يقول: توفي حماد بن هبة الله الحراني بحران سنة تسع وتسعين وخمسمائة، ودفن بظاهر البلد في الجبانة رحمه الله.
وهذا وهم، والصحيح ما ذكرناه عن أبي الحسين القرشي.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: وتوفي بحران - يعني - حماد بن هبة الله في يوم الأربعاء الثاني والعشرين من ذي الحجة من سنة ثمان وتسعين وخمسمائة.
قرأت في تاريخ أبي المحاسن بن سلامة الحراني بخط أبي محمد عبد الغني ابن محمد بن تيمية خطيب حران، وذكر لي أنه نقله من خط أبي المحاسن قال: وفي الأربعاء ثاني عشر ذي الحجة سنة ثمان وتسعين وخمسمائة، مات الشيخ الحافظ رضي الدين أبو الثناء حماد بن هبة الله بن فضيل الحراني من أهل العلم والحديث، سمع من السّلفي أبي طاهر وغيره، وسافر فغاب عن حران ستين سنة يتجر ويكتب الحديث، وألف لحران تاريخاً لمن دخلها ومن كان منها وبها من أهل العلم والحديث وغير ذلك.
حماد العدوي:
شهد وفاة سليمان بن عبد الملك بدابق، روى عنه يعقوب بن جعدة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو بكر الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سليمان قال: حدثنا الربيع بن روح قال: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن عن يعقوب بن جعدة عن حماد العدوي قال: سمعت صوتاً عند وفاة سليمان بن عبد الملك يقول:

اليوم حلت واستقر قرارها ... على عمر المهدي قام عمودها
الحمارس:
رجل له ذكر شهد صفين مع علي رضي الله عنه.
حمد بن أحمد بن محمد بن بركة:
ابن أحمد بن صديق بن صرّوف القاضي، أبو عبد الله الحراني، أخو حماد بن أحمد الذي قدمنا ذكره، كان فقيها حسنا، تفقه ببغداد على مذهب أبي عبد الله أحمد ابن حنبل على أبي الفتح بن النيّ، وأبي الفرج بن الجوزي، وسمع الحديث ببلده حران من أبي ياسر بن أبي حبة، وأبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء البغدادي، وسمع ببغداد أبا الفرج بن الجوزي، وأبا الفتح عبيد الله بن عبد الله بن شاتيل وأبا الحسين عبد الحق بن يوسف وأبا محمد شافع بن صالح الجيلي، وعبد المغيث بن زهير الحربي، وحدث بدمشق وحران وقدم علينا حلب حين أجفل أهل حران من ملك الروم كيكاوس بن كيخسرو، ولم يتفق لي به اجتماع، وأظن أنه حدث بحلب في تلك المرة، وكان قد ندب الى القضاء بحران فامتنع منه ثم عزم عليه مظفر الدين كوكبوري بن علي كوجك صاحب اربل في ولاية قضاء شهرزور، فولى القضاء بها وسار اليها، وكتب لي ولده محمد بن حمد بخطه يذكر أن اباه توفي في سابع عشر صفر من سنة أربع وثلاثين وستمائة، قال: وذكر رحمه الله أنه بلغ عمره الى سبعة وسبعين سنة أو ثمانية وسبعين.
أخبرني أبو عبد الله محمد بن يوسف البرزالي قال: وفي يوم الأحد سادس عشر صفر توفي القاضي أبو عبدج الله حمد بن أحمد بن محمد بن صديق الحراني، ودفن بسفح جبل قاسيون، وذلك سنة أربع وثلاثثين وستمائة.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي السادس عشر من صفر - يعني - من سنة أربع وثلاثين وستمائة: توفي الشيخ الفقيه أبو عبد الله حمد بن أحمد بن محمد بن بركة بن أحمد بن صديق بن صروف الحراني الحنبلي بدمشق، ودفن بسفح جبل قاسيون.
تفقه ببغداد على مذهب الإمام أحمد بن حنبل رضي الله عنه على أبي الفتح نصر ابن فتيان بن مطر المعروف بابن المنيّ، وأبي الفرج عبد الرحمن بن علي بن الجوزي، وسمع بها من أبي الحسين عبد الحق بن عبد الخالق، وأبي الفتح عبيد الله بن عبد الله بن محمد بن شاتيل وأبي العز عبد المغيث بن زهير الحربي، وأبي محمد شافع ابن صالح بن شافع الجيلي وغيرهم، وسمع بحران من أبي ياسر عبد الوهاب بن هبة الله بن عبد الوهاب المعروف بابن أبي حبّة وأبي الفتح أحمد بن أبي الوفاء، وحدث بحران، وأعاد بالمدرسة بها مدة، وحدث بدمشق، لقيته بحران وسمعت منه، وسألته عن مولده فذكر ما يدل تقريبا أنه سنة ثلاث أو أربع وخمسين وخمسمائة، وصديق بضم الصاد وفتح الدال المهملتين، وياء ساكنة آخر الحرف وبعدها قاف، وصرّوف بفتح الصاد المهملة، وتشديد الراء المهملة وضمها وبعدها واو ساكنة وفاء.
ذكر من اسمه حمدان
حمدان بن الحسن بن عبد الله بن حمدان بن حمدون التغلبي:
أبو المظفر بن الأمير ناصر الدولة أبي محمد بن أبي الهيجاء، قدم مع أبيه ناصر الدولة حلب الى عمه سييف الدولة في سنة وثلاثمائة، حين قصد معز الدولقة بن بويه أباه ناصر الدولة وكانت الرقة لأبي المظفر حمدان بن ناصر الدولة فاجتمع اخوته لحصاره بالرقة فكتب أبو فراس الحارث بن سعيد بن حمدان اليهم: المجد بالرقة مجموع.
قرأت في كتاب عنوان السير تأليف محمد بن عبد الملك الهمذاني: قال: وكان لناصر الدولة أبي محمد بن حمدان أولاد منهم أبو المظفر حمدان وهو مذكور في التاريخ وفي مدح ابن بناته.
حمدان بن حمدون بن الحارث:
ابن لقمان بن الرشيد بن المثنى بن رافع بن الحارث بن غطيف بن مجربه بن جارية ابن مالك بن عبيد بن... بن عدي بن أسامة بن مالك بن بكر بن حبيب بن عمرو بن غنم بن تغلب، واسم تغلب دبار بن وائل واليه ينتسب بنو حمدان كلهم وحمدان هذا كان بملطية، وهو الذي بنى سورها.

ونقلت نسبه هكذا من خظ الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي وبيض ما بين عبيد بن وبين ابن عدي وضبب عليه، إما لأنه لم يعرف اسم من بينهما واما لأنه شك في ذلك، ووقع إليّ نسبه بغير خط الوزير أبي القاسم وذكر نسبه متصلا الى عبيد بن عدي بن أسامة هكذا الى تغلب، قال الوزيرأبو القاسم - ونقلته من خطه: وبعض حساد هؤلاء القوم يرميهم بالدعوة، ويقول انهم موالي اسحاق بن أيوب التغلبي وذلك باطل، وأصله أن كثيراً منهم أسلموا على يد اسحاق هذا فتطرق القول عليهم لأجل ذلك، وقد قال الشاعر:
إن العرانيين تلقاها محسدة ... ولن ترى للئام الناس حسّاداً
قال الوزير: وحدثني أبي قال: سألت الحسين بن بكر الكلابي النسابة - قال: وكان أحفظ خلق الله لأنساب العرب وأخبارها ومثالبها ومناقبها - عن السبب في استرذال العرب غنياً وباهلة فقال: والله ان فيهما لفضلاً غزيراً وفخراً كثيراً، غير أنه غمرهما فضل أخويهما: فزارة وذبيان من غطفان بن سعد بن قيس عيلان، وكذلك أصغر من في ولد حمدان أكبر من كبراء غيرهم.
قلت: ومن قال أنهم موالي اسحاق بن أيوب فالظاهر أراد أنهم موالي الموالاه لأن الذين أسلموا على يده موالي موالاة لا موالي عتاقة.
قلت: وكان حمدان بن حمدون من الكرماء الأجواد، والشجعان الشداد، وممن له ذكر في الغزو والجهاد، وقد بنى سور ملطية وأنفق عليه سبعين ألف دينار، وقد ذكره أبو الحسن محمد بن عبد الملك الهمذاني المؤرخ في كتاب عنوان السير في محاسن أهل البدو والحضر فقال: تغلبّ حمدان بن حمدون بن حارث بن لقمان ابن راشد التغلبي على دارا ونصيبين، وتحصن بقلعة ماردين، فخرج اليه المعتضد بالله، ووقف على بابها وقال: يا حمدان افتح الباب ففتحه وجلس المعتضد بالله، فأمر بنقل ما فيها وهدمها، ثم رضي على حمدان وأمّرّه على ما تغلب عليه، وكان أهل الموصل وديار بكر قد عمهم الغلاء ثلاثة أعوام، فحمل اليهم حمدان من الأقوات ما أرخص أسعارهم، وانفق على سور ملطية سبعين ألف دينار ووقف أربعمائة فرس عليهم وتوفي في سنة اثنتين وثمانين ومائتين.
حمدان بن عبد الرحيم بن حمدان بن علي:
ابن خلف بن هلال بن نعمان بن داود، أبو الفوارس ابن أبي الموفق التميمي الأثاربي، ثم الحلبي، من ولد حاجب بن زرارة التميمي، أصله من قرية من قرى حلب يقال لها معراثا الأثارب، وكانت جارية في ملكة ومن أولاده انتقلت الى ملاكها الآن، ثم انتقل هو وأبوه الى الأثارب فسكناها، وكان أكثر مقامه بالجزر يتردد في الدولتين الاسلامية والفرنجية، وولي في الجزر أعمالاً للديوان في دولة أتابك زكي بن آق سنقر.
وحكى لي الصدر بهاء الدين أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب أنه لما كان الجزر في أيدي الفرج ولوا حمدان بن عبد الرحيم فيه أعمالا وصادروه بعد ذلك.
وحكى لي حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد بن عبد الرحيم أن عم أبيه حمدان ابن عبد الرحيم تولى ديوان معرة النعمان في بعض السنين، ووهبه صاحب الأثارب الفرنجي قرية تعرف بمعربونية من ناحية معرة مصرين ودامت في يده بعد أخذ المسلمين البلاد من أيدي الفرنج، وسنذكر سبب تمليك القرية اياه في أثناء هذه الترجمة، وما زالت معربونية في أيدي أهله الى زمننا.
قلت: وسكن حمدان حلب وسير رسولاً الى الفرنج، وسيّر الى مصر الى الآمر الفاطمي، وسير أيضاً إلى دمشق رسولاً الى طغتكين أتابك، ودخل بغداد.
وكان هذا حمدان بن عبد الرحيم خليعا، كثير الانهماك في الشرب في قرى الجزر ونواحيها والديرة والمنتزهات في جبل سمعان والجبل الأعلى، وكان قد شذا طرفا من الادب واطلع على التواريخ وأيام العرب وحصل قطعة صالحة من معرفة النجوم والطب، وصنف كتاباً في أخبار بني تميم وأيامهم جمع فيه فوائد كثيرة وأشعاراً حسنة وضمنه ذكر مآثرهم وأخبارهم ووقائعهم وأشعارهم، وانتسب فيه الى بني تميم ووسمة بالمصباح ووضع كتاباً في تاريخ حلب من سنة تسعين وأربعمائة ضمنه أخبار الفرنج وأيامهم وخروجهم الى الشام من السنة المذكورة وما بعدها وسماه المفوّف، وله شعر حسن لطيف الألفاظ عذب المجاجة، وربما يقع فيه ألفاظ ملحونة، وقع الى ديوان شعره بخطه وقد سقط منه شيء، وكان مولده في حدود الستين والأربعمائة.

وقرأ الأدب على الشيخ أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة، وروى عن أبي نصر بن الخيشي وعن أبيه عبد الرحيم، روى عنه أبو عبد الله محمد بن المحسن الملحي، وابن أخيه عبد الرحيم بن سعيد بن عبد الرحيم وسعيد ابن اخت نعمان رئيس معرة النعمان.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي بدمشق، قال: أخبرنا أبو محمد القاسم بن علي بن الحسن بن هبة الله قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن المحسن ابن أحمد الملحي لفظاً قال: حمدان بن عبد الرحيم الطبيب الأثاربي وصل الى دمشق رسولاً الى أتابك طغتكين، وكان رجلاً وسيماً متشبثاً بأهداب الأدب في طلب العلم، كثير الدؤوب، كريم النفس، له بجميع من يمر به من الأدباء صحبة وأنس إجتاز به في بعض السنين الأمير مهند الدولة أبو نصر الخيشي، فأنزله بداره في الأثارب وأقام عنده أشهراً فأنشدني ما عمله الخيشي وقد وافى هلال شهر رمضان
لله من قمر رآني معرضا ... عنه واعراضي حذار وشاته
طلع الهلال فقمت أعمل حيلة ... في قبلة تجني جنا وجناته
فمضى وقال تصد عن قمر الهوى ... لترى الهلال أرقأ إلى رجاته
فأنا وحق هواك أبعد مرتقى ... منه وتأثيري كتأثيراته
أنا كامل أبداً وذلك ناقص ... فاعزم بوصفي جاهداً وصفاته
قرأت في بعض تعليقاتي من الفوائد أن حمدان مضى الى بغداد في سنة أربعين وخمسمائة وعمل بها وأظنني نقلتهما من خطه:
ان بغداد لمن أبصر ورآ ... ها طرفة بين البلاد
فتأملها تراها عجبا نعم ... بيض على قوم سواد
لو قال: تجدها، كان أجود.
سمعت بعض بني عبد الرحيم يقول لي: إن حمدان كان سير من حلب رسولاً الى مصر في أيام الآمر بن المستعلي، وكان من عادة الرسل أنهم يجتمعون بالآمر ويجلسون بين يديه فلم يستحضر حمدان لأنه نقل اليه انه حشيشي فكتب اليه أبيات يطلب الحضور وتنصل مما قرف به عنده، فأذن له الآمر فلما مثل بين يديه ارتجل وقال:
سلام ورضوان وروحٌ ورحمة ... على الآمر الطهر الذكي المناسب
إمامٌ إذا جاد الحجاب لنابه ... أثرنا ثرى أقدامه بالحواجب
أخبرنا أبو الفوارس حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد بن عبد الرحيم قال: حدثني والدي عبد الرحيم بن سعيد قال: كان عمي الرئيس أبو الفوارس حمدان قد قرأ على الشيخ أبي الحسن بن أبي جرادة النحو واللغة وعلم الهندسة والنجوم وغير ذلك، واتفق له أن خرج الى معراثا الأثارب، وهي ملكه وكانت في يد الفرنج اذ ذاك فمرض صاحب الأثارب سير منويل، وهو ابن أخت صاحب أنطاكية، فدخل اليه وعالجه حتى برأ، فلما أبل من مرضه سيّر سير منويل الى حمدان وقال له: تمنّ، فطلب منه قرية، فأعطته معربونية، فسكن فيها مدة ثلاثين سنة وعمرها واتخذها منزلاً، فأرسل اليه الشيخ أبو الحسن بن أبي جرادة يعتبه على مقامه تحت أيدي الفرنج ويلومه على ذلك فكتب اليه:
وقائل عائب لي إذ رأى شغفي بقرية ... ليس سكناها من الشرف
ماذا دعاك الى هذا فقلت له ... صروف دهر وصرف الدهر غير خفي
بخل الوفي واعراض الرضي وتق ... صير الصفي وظلم المشرف الحنفي
فإن أقمت به فالمسك موطنه ... في جلدة ومقر الدر في الصدف
قال: فهجرته زوجته بنت المعمّم وامتنعت من الخروج إليه الى القرية، فكتب الى ابن أخيه المنتجب أبي سالم بن أبي الحسن بن عبد الرحيم:
يا أبا سالم سلمت على م ... رّ الليالي وزادك الله قدرا
وأرتني فيك الأماني وقد صن ... ويك ما أبرق الغمام ودرا
خد حديثي واعرفه لا تعدم ... حرفاً حرفاً وسطراً سطراً
أنا شيخ همّ وقد أكل الده ... ر شبابي واعتضت باليسير عسرا
ساكن في خرابة بين قوم ... دأبهم كلهم حراث الصحرا
لا أراهم ولا يروني إلاّ ... مثل غمر الأحباب بالجفن سرّا
واذا ما جلست فيهم فما أس ... مع منهم إلاّ كلاما هجرا

قاس زرعي وخاس قطني ... وقد أعنب ثوري. ومشفني قد تفرا
هذه ألفاظ يستعملها الفلاحون فيما بينهم
ثم أنتم كنتم جواري وسما ... ري فبنتم لسوء حظي طرا
والتي كانت القرينة من خمسين ... عاماً أبدت فراقا وهجرا
عتركتني أدور في الدار كالحي ... ران وحدي أكابد العيش ضرا
أكنس الدار وأضرم النار أجلو ... القدر اطهي أدق للقدر بزرا
واقتراحي عليك أيدك الل ... ه بفخر منه وزادك فخرا
أن أقضي حوائجي قبل أقضي ... وتداري ما أربى قبل أدرا
وإذا أنت نمت عنها وما أعددت ... للخطب قبل يسرك يسرا
هات قل لي فمن لها غيركم عو ... ناً حلا الدهر في فمي أو أمرّا
فاشتروا لي وصيفة أو غلاماً ... أو فردوا قرينة العمر قسرا
وكأني بكم وأنتم تقولو ... ن ترى عمنا يحاول أمرا
بعد عمرين عاد يهوى التصابي ... ويرجّي لبقله له أن يطرّا
ذهب الأطيبان هيهات أن ... يشمخ مهراً من كان برذون كسرا
وكانت هذه القرية معربونيه حين وهبه إياها صاحب الاثارب في أواخر سنة احدى وعشرين وخمسمائة داثرة موحشة الصّوى، فنزلها وأحضر إليها أهله وعمر بها داراً وأحضر إليها فلاحين وأكرة، وعمر غامرها وزرعه واستغله.
وسير إليّ الصدر أبو محمد الحسن بن ابراهيم بن الخشاب كراريس من شعر حمدان بن عبد الرحيم بخطه فقرأت فيها أبياتاً كتبها بعد خروجه من معربونية الى جيرانه بها وهي:
اسكان عرشين القصور عليكم ... سلامي ما هبّت صبا وقبول
ألا هل إلى حث المطايا إليكم ... وشمّ خزامي حربنوش سبيل
وهل غفلات العيش في دير ... مرقس تعود وظل اللهو فيه ظليل
إذا ذكرت لذاتها النفس عندكم ... تلاقى عليها زفرة وعويل
بلاد بها أمسىالهوى غير أنني ... أميل مع الأقدار حيث تميل
أنشدنا أبو الفوارس حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد بن عبد الرحيم قال: أنشدني والدي أبو الموفق عبد الرحيم بن سعيد قال: أنشدني عمي حمدان بن عبد الرحيم لنفسه:
دير عمان ودير سابان هج ... ن غرامي وزدن أشجاني
إذا تذكرت فيهما زمنا ... قضيته في عرام ريعاني
يا لهف نفسي مما أكابده ... إن لاح برق من دير حشيان
وإن بدت نفحة من الجانب ... الغربي فاضت غروب أجفاني
وما سمعت الحمام في فنن ... إلاّ وخلت الحمام فاجاني
ما اعتضت مذ غبت بدلا حاشى ... وكلا ما الغدر من شاني
كيف سلويّ أرضاً نعمت بها ... أم كيف أنسى أهلي واخواني
لا جلق رقن لي معالمها ... ولا أطبتني أنهار بطنان
ولا ازدهتني في منبج فرصٌ ... راقت لغيري من آل حمدان
يعني أبا فراس بن حمدان وكان يتشوق منازله بمنبج في شعره:
لكن زماني بالجزر أذكرني ... طيب زماني به فأبكاني
يا حبذا الجزر كم نعمت به ... بين جنان ذوات أفنان
بين جنان قطوفها ذلل ... والظل واف وطلعها دان
قلت: وهذان الديران دير عمان ودير سابان هما خربان وفيهما بناء عجيب وصور مشرقة، وبينهما قرية تعرف بترمانين من قرى جبل سمعان أحد الديرين من قبلي القرية والآخر من شماليها، وقد ذكر الخالديان: أبو بكر وأبو عثمان، وأبو الحسن الشمشاطي في كتابي الديرة دير رمانين قالوا: ويقال له دير سابان، وذكروا قصة جرت فيه لعمر بن الخطاب رضي الله عنه في الجاهلية سنذكرها في ترجمة عمر رضي الله عنه إن شاء الله تعالى، وقد غير اسم القرية لطول الزمان ودير سابان ودير عمان باللسان السرياني ومعنى دير عمان باللسان السرياني: دير الجماعة، ودير سابان معناه دير الشيخ لأن سابا بالسرياني الشيخ، فعربا فقيل: سابان وعمان.

أخبرني أبو الفوارس بن أبي الموفق بن سعيد الحلبي قال: أخبرني سعيد بن أخت نعمان رئيس المعرة بقلعة حلب قال: قدم الرئيس حمدان بن عبد الرحيم معرة النعمان فجلس هو والرئيس نعمان رئيس المعرة خالي، وجماعة من أهل المعرة على مجلس لهو وشرب بمعرة النعمان، وكان عندهم مغنية تدعى ست النظر، فافترقوا بعد هزيع من الليل وقام حمدان بن عبد الرحيم سكران وفرش له فراش بقبة الأمير أبي الفتح بن أبي حصينة بمعرة النعمان، وكانت قبة عالية، ونام وقام ليقضي حاجة وهو في سكرة، فسقط من أعلى القبة إلى الدار فعلم به الرئيس نعمان وأصحابه فبادروا إليه وحملوه، وأقسم نعمان على أصحابه أن لا يعلموه بما جرى، ووضعوه على فراشه وسكنوه ساعة، ثم أرسلوا خلف ست النظر المغنية وأحضروها فجلست عند رأسه وغنت فهب من رقدته وجلس واستطاب وقته، فسألوه أن ينظم في ذلك شيئاً فعمل:
أيا صاح قد صاح ديك الصباح ... وهبت تغنيك ست النظر
بلفظ هو السحر سحر الحلال ... ووجه حوى الحسن مثل القمر
وتشدوك قم وتنبه لها ... وباكر صبوحك قبل البكر
أفق كم تنام وهات المدام ... ورقرق لنا الجام وقيت شر
أما تنظر الفجر خلف الظلام ... محثاً وأعلامه قد نشر
وقد سامحتك صروف الزمان ... وكفت أكف القضاء والقدر
فما العذر في ترك شرب المدام ... ونهب الأباريق كراً وفر
فحث الشمول بخفق الطبول ... ونفخ الزنامي وقرع الوتر
فما رونق الدهر باق عليك ... فخذ ما صفا واجتنب ما كدر
قال سعيد: فبقي حمدان مدة لا يعلم بما جرى إلى أن خطر لي أن قلت له: ما تقول يا مولاي فيمن سقط من هذا المكان إلى أسفل؟ فقال: ما يجمع الله به شملا، فقلت: أما تذكر ليلة أيا صاح قد صاح ديك الصباح؟ فقال: ما جرى؟ فقصصت عليه القصة، فقال: لهذا تؤلمني أعضائي من ذلك اليوم، ثم ألقى نفسه مريضاً فبقي على الفراش مطروحاً شهرين.
أخبرني حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد بن عبد الرحيم أن عم أبيه حمدان بن عبد الرحيم توفي سنة اثنتين وأربعين وخمسمائة وقد جاوز الثمانين.
حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد:
ابن عبد الرحيم بن حمدان بن علي التميمي، أبو الفوارس بن أبي الموفق ولد ابن أخي الذي قدمنا ذكره، شيخ حسن مستور يحفظ أشعاراً كثيرة ونوادر مستملحة، روى عن أبيه وعن سعيد ابن أخت نعمان و.........
علقت عنه فوائد تتعلق بالحلبيين منها ما قد رويناه في ترجمة عم أبيه المقدم ذكره.
أخبرنا أبو الفوارس حمدان بن عبد الرحيم بن سعيد - إملاء من لفظه، بمعراثا عملس قرية على مقربة من حلب - كان شريكاً فيها - قال: حدثني أبي أن عمه حمدان بن عبد الرحيم كان ذات يوم بحلب في حجرة له بباب أنطاكية جالساً على شراب وعنده ندماؤه، فخرج ابن أبي جرادة - إما أبو الحسن أو أحد ولديه - من دار، وكانت مجاورة لدار حمدان فجلس على سور المدينة يتفرج على المارة تحته تحت الطيارة التي لحمدان، فعلم حمدان بذلك، فسكت وأسكت من حوله وأخفى نفسه، وأطال ابن أبي جرادة الجلوس، فأخذ حمدان رقعة وكتب إليه هذه الأبيات:
عبدك في بيته على صفة ... للسكر فيها حظ وللطرب
ووقته يقتضي حضورك يا ... أكرم بيت في العجم العرب
لكنما الاحتشام يمنعه ... أن يجمع الجد فيه باللعب
فأنعم وجمل أو فانصرف ... فلقد خفناك لما خفنا على الأدب
قال: فقام ابن أبي جرادة وانصرف إلى داره.
توفي أبو الفوارس بن عبد الرحيم هذا بحلب في سنة إحدى وثلاثين وستمائة، وكانت وفاته ليلة الأحد حادي وعشرين من شهر رمضان من السنة أخبرني بذلك ولده.
حمدان بن علي بن محمد بن حمدان الشيباني:
أبو يعلي الموصلي ثم الحلبي الصوفي حدث بحلب عن أبي العباس أحمد بن بنان بن العباس القرميسيني، وبالرملة عن يحيى بن مسعر بن محمد المعري، روى عنه الحافظ أبو سعد إسماعيل بن السمان، وأبو القاسم عبد الرحمن بن محمد بن النجار.

أخبرتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن الشعري في كتابها إلينا من نيسابور قالت: أنبأنا أبو القاسم محمود بن عمر الزمخشري قال: حدثني أبو علي الحسين بن علي بن مردك قال: أخبرنا أبو سعد السمان - إجازة - قال: حدثنا أبو يعلي حمدان بن علي بن محمد بن حمدان الشيباني الموصلي ثم الحلبي الصوفي - بقراءتي عليه بالرملة - قال: حدثنا يحيى بن مسعر بن محمد التنوخي قال: حدثنا أبو عروبة الحسين بن محمد بن أبي معشر قال: حدثنا إسماعيل بن موسى قال: أخبرنا علي بن عابس عن الحسن بن عبيد الله عن أبي الضحى عن زيد بن أرقم قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول لعلي يوم غدير خم: " اللهم من كنت مولاه فعلي مولاه، اللهم وال من والاه - وأحسبه قال - وعاد من عاداه " .
حمدان بن غارم بن نيار:
وقيل نبار، أبو حامد البخاري الزندني من قرية يقال لها زندنه، وحمدان لقب له، واسمه أحمد وغلب لقبه على اسمه.
سمع بدمشق هشام بن عمار وصفوان بن صالح ودحيما، وبعسقلان محمد بن أبي السري العسقلاني، وبحمص اسحاق بن إبراهيم بن العلاء بن زبريق الحمصي، وبحران معلل بن نفيل الحراني وبالعراق أبا بكر بن أبي شيبة، وأبا كريب، وخلف بن هشام، واجتاز بحلب في ما بين حران وحمص، أو ببعض عملها.
روى عنه أبو علي الحسن بن الحسين البزاز، وأبو الحارث أسد بن حمدويه النسفي، وأبو القاسم عبد الله بن محمد بن اسحاق بن سويد بن نصر بن مهران المروزي وعبد الله بن حمدويه النسفي ومحمد بن أحمد السعداني البخاري، وأبو ذر القاضي.
حمدان بن يوسف بن محمد البابي:
الضرير من أهل باب بزاعا، قرية جامعة من عمل حلب، شاعر مجيد قد ذكرنا له القصيدة اليائية التي يذكر فيها قرى بزاعا وغيرها من قرى حلب في مقدمة الكتاب اجتمعت به في مجلس شيخنا افتخار الدين أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي في شهر رجب من سنة ثلاث عشرة أو أربع عشرة وستمائة وأنشده قصيدة في مدحه وسمعتها من لفظه فأوردتها هاهنا بكمالها وهي:
إن تمادت في تجنيها نوار ... فبها منها إليها المستجار
أو رأت وصلي حراماً في الهوى ... فلها فيما تريد الإختيار
ليس لي عنها وإن فندني عاذل ... باللوم والعذل اصطبار
طار نومي عن جفوني مذ جفت ... ففؤادي مستهام مستطار
غادة تطمع في الأنس وما شا ... نها إلا التنائي والنفار
للورى من فرعها الداجي ومن ... وجهها الوضاح ليل ونهار
وإذا ما ست دلالاً ورنت ... كلت السمر العوالي والشفار
طرفها يفعل في عشاقها ... مثل ما تفعل في العقل العقار
فكأن الراح من مبسمها وثنا ... ياها على الصب تدار
كم جوى خامرني شوقأً إلى ... ما حوى منها نقاب وخمار
يا لها من كاعب حوراء في ... لحظها غنج وسحر واحورار
أين من يأخذ بالثأر فلي ... عند تلك الظبية الأدماء ثار
في جفوني من دموعي لحج ... وبقلبي من لظى الوجد شرار
وإذا ما ضنت السحب ففي ... مقلتي سحب من الدمع غزار
من سناها تخجل الشمس ومن ... قدها الغصن إذا ما مالت يغار
فضياء البدر من بهجتها ... وقضيب البان ما ضم الإزار
أكتم الحب ولكن الهوى ... سره المكتوم في القلب جهار
غادرتني مثلاً بين الورى ... ليس لي غمض ولا عندي قرار
عيرتني بهواها أسرة ... قلت مهلاً ما على العاشق عار
لو رأيتم وجه من همت بها ... لعلمتم أن لي فيه اعتذار
كملت في حسنها الموفى كما ... كمل الفخر الشريف الافتخار
الإمام الأروع الصدر الذي ... قد كفاه المدح علم ونجار
نسب منه على البدر سرار ... وعلى الشمس شعار ودثار
وعليه كلما بينته من ... رسول الله سيما ووقار

تقصر الألباب عن إدراكه ... فإذا ما حاولوا الإدراك حاروا
وكأن الناس في أحوالهم ... كنقود بهرجت وهو نضار
ظهرت بين الورى سيرته ... وتبدت مثل ما يبدو النهار
كل فخر حازه أهل النهى ... فهو جزء من علاه مستعار
كلم تسمع من أيسرها ... حكماً فيهن للدر احتقار
أبداً ما قاله ممتثل في الدنا ... يومي إليه ويشار
يعذب الإسهاب من ألفاظه ... ومن الغير يمل الاختصار
من أياديه لنا سحب غزار ... أبداً تترى إذا ضن القطار
وبجنبيه من الحليم جبال ... راسيات ومن العلم بحار
كل يوم لثغور الدين من ... علمه الجم ابتسام وافترار
وبأغصان الأماني أبداً لذوي ... البؤس من النجح ثمار
أيها المولى الذي عن طوله ... في مساعيه لا عداه اقتصار
يا شريفاً شرف الدهر به ... فهو للدنيا وللدين منار
أنت من قوم إذا ما شفعوا ... لامرئ في الحشر لم تمسسه نار
زرت مغناك الذي إن زاره ... مستميح لم يرعه الافتقار
راجياً صرفك جيش البؤس ... عن ريع مسكين له فيه مغار
وانتصاري بك يا من لم يزل ... أبداً منه لراجيه انتصار
جاء بالإقبال يسعى رحب ... بعد بعد ودنا منه المزار
رجب الله تعالى شهره فله ... بين الشهور الاشتهار
فابق مسروراً مهناً بالعلى ... أبداً ما طرد الليل النهار
حمدون بن إسماعيل بن داود:
أبو عبد الله الكاتب النديم روى عن المعتصم، وقيل عن أبيه عن المعتصم، روى عنه ابنه أبو عبد الله محمد بن حمدون ومحمد بن نعيم، وقدم حلب صحبة المتوكل سنة أربع وأربعين ومائتين، حين توجه إلى دمشق، وكان جواداً شاعراً وفات أبا بكر الخطيب ذكره، مع أنه وقع إليه حديثه ورواه في ترجمة غيره.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي - فيما أذن لنا أن نرويه - قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن اسحاق بن إبراهيم القاضي بالأهواز قال: حدثنا محمد بن نعيم قال: حدثنا حمدون بن إسماعيل قال: حدثنا أبي عن المعتصم عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن محمد بن علي بن عبد الله بن عباس عن أبيه عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " لا تحتجموا يوم الخميس فإنه من يحتجم فيه فيناله مكروه فلا يلومن إلا نفسه " .
كذا رواه محمد بن نعيم عن حمدون عن أبيه إسماعيل عن المعتصم، ورواه أبو عبد الله محمد بن حمدون بن إسماعيل عن أبيه حمدون عن المعتصم نفسه ولم يذكر أباه.
أخبرنا بذلك أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: حدثنا أحمد بن عبد الله بن جلين الدوري قال: حدثنا القاضي أحمد بن اسحاق بن إبراهيم الملحمي قال: حدثنا أحمد بن الطيب السرخسي قال: حدثني أبو عبد الله بن حمدون بن إسماعيل عن أبيه قال: سمعت المعتصم بالله يحدث عن المأمون عن الرشيد عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس عن النبي صلى الله عليه وسلم ذكر الحجامة يوم الخميس وكرهها، قال: فدخلت على المعتصم بعد مدة بعيدة في يوم خميس وهو يحتجم، فلما رأيته وقفت واجماً وتبين ذاك في وجهي فقال: يا حمدون لعلك ذكرت الحديث الذي حدثتك به عن المأمون عن آبائي في حجامة الخميس، والله ما ذكرت ذلك حتى شرط الحجام، قال فحجم من عشيته وكانت المرضة التي مات فيها.

وهذه الرواية أشبه بالصحة لأنه قال فيها حكاية عن المعتصم ويحتمل أن المعتصم حدث بالحديث حمدون وأباه إسماعيل بن داود فنسي حمدون صيغة اللفظ المنقول عن النبي صلى الله عليه وسلم فرواه عن أبيه عن المعتصم وذكر الحكاية عن المعتصم في كونه احتجم وقد كان روى له الحديث فنسي لفظه، وذكر معناه المشعر بالكراهية ولهذا قال فيه ذكر الحجامة يوم الخميس وكرهها، ولم يأت فيها بصيغة لفظه صلى الله عليه وسلم الذي رواه عن أبيه عن المعتصم والله أعلم.
وقد روى هذا الحديث أبو حامد أحمد بن جعفر الأشعري عن أبي الطيب السرخسي عن أبي عبد الله محمد بن حمدون عن أبيه عن المعتصم، وقد ذكرناه.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي أن أبا بكر البيهقي أخبره قال: سمعت أبا عبد الله الحافظ يقول سمعت أبا اسحاق إبراهيم بن محمد بن يحيى يقول: سمعت أبا العباس السراج يقول: سمعت عبد الله بن محمد يقول: عزى حمدون بن إسماعيل اسحاق بن إبراهيم بعبد الله بن طاهر فقال:
لم تصب أيها الأمير بعبد الله ... لكن به أصيب الأنام
وسيكفيكم البكاء عليه ... أعين المسلمين والإسلام
ذكر أبو عبد الله محمد بن داوود بن الجراح الكاتب في كتاب الورقة في أخبار شعراء المحدثين قال: حمدون بن إسماعيل النديم بغدادي ينزل عبرتا أديب كاتب شاعر، ممن نادم المعتصم ومن بعده من الخلفاء إلى أن توفي في خلافة المعتز وكان جواداً وولاه المتوكل موضع الزنبق وهو الشيز من أذربيجان:
ولاية الشيز عزل ... والعزل عنها ولاية
فولني العزل عنها إن ... كنت بي ذا عناية
ذكر أبو الحسن محمد بن أبي الفوارس الوراق أن حمدون بن إسماعيل بن داود مات في ذي الحجة سنة أربع وخمسين ومائتين بسر من رأى.
حمرة بن مالك بن سعد:
ابن حمرة بن مالك بن شعيرة بن منبه بن سلمة بن مالك بن عذر بن سعد بن مالك بن دافع بن جشم بن حاشد بن جشم بن الحيران بن نوف بن همدان الهمداني، وسماه بعضهم حمرة، وقال بعضهم حيوان بن نوف بدل حيران بن نوف، وكان حمرة من وجوه أهل الشام وأولي الهيآت منهم، ووفد على النبي صلى الله عليه وسلم، وحكى عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه.
روى عنه عمرو بن محصن الأزدي، وكان أبو بكر الصديق رضي الله عنه قد وجهه إلى الشام، وشهد صفين مع معاوية، وكان أميراً على همدان الأردن، وكان من شهوده يوم الحكمين حين صالح علياً رضي الله عنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من اسمه حمزة
حمزة بن أحمد بن الحسين بن علي:
ابن محمد السكران بن عبد الله بن الحسين بن الحسن الأفطس بن علي بن علي بن الحسين بن علي بن أبي طالب، أبو يعلى بن أبي القاسم العلوي الحسيني الأفطسي الأنطاكي، وأمه فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الشبيه بن زيد الحسيني الزيدي، كان مع أبيه وأمه بحلب عند الأمير سيف الدولة أبي الحسن علي بن عبد الله بن حمدان، روى عن أبي الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري، روى عنه أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري.
أخبرنا الشيخان أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغداديان - أبو عبد الله بدمشق وأبو سعد بحلب - قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن أحمد بن الحسين الحسيني الأفطسي رحمه الله - قراءة عليه في منزله بزقاق القناديل - قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن عبد الله بن زكريا بن حيويه النيسابوري قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عمرو بن عبد الخالق البزاز قال: حدثنا أحمد بن عبدة قال: أخبرنا عبد العزيز بن محمد قال: حدثنا العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا مضى النصف من شعبان فأمسكوا عن الصوم حتى يدخل رمضان، أو إلى رمضان.
حمزة بن الأصبغ بن ذؤالة الكلبي:

له ذكر، وكان في صحبة مروان بن الحكم بعدما بويع له بالخلافة حين قدم رصافة هشام وهو متوجه إلى الرقة لتوجيه ابن هبيرة إلى العراق وحمزة معه، وكان بتدمر مع أبيه الأصبغ منابذاً لمروان، فسار إليهم الأبرش بن الوليد الكندي يدعوهم إلى الطاعة فأجابه منهم الأصبغ وابنه حمزة، وهرب الباقون فانصرف الأبرش بمن بايعه إلى مروان وساروا في صحبته إلى الرصافة، وقد ذكرنا الأصبغ أباه في باب الألف.
حمزة بن بيض بن نمر بن عبد الله:
ابن شمر بن عبد الله بن عمرو بن عبد العزى بن سحيم بن مرة بن الدؤل بن حنيفة، شاعر مذكور مشهور فصيح.
روى عن الشعبي، روى عنه ولده مخلد بن حمزة، ومجفر والد عبيد بن مجفر قدم حلب واحتال حتى دخل على يزيد بن المهلب بن أبي صفرة وهو في حبس عمر بن عبد العزيز بها فامتدحه.
وقد ذكرناه فيمن يعرف باسم أبيه في آخر الكتاب.
قرأت في أخبار ابن بيض عن الزبير بن بكار بخط ابن الحداد الوراق فيما حكاه عن ابن الأعرابي قال: دخل ابن بيض على يزيد بن المهلب وهو في حبس عمر بن عبد العزيز وقال: إن لي عليه ديناً، فأدخلوه إليه فأنشده:
قد قلت لما رأيت مجلسه ... والدمع مني إذ ذاك ينتسب
أغلق دون السماح والعز ... والنجدة باب مفتاحه آشب
أصبح في قيدك السماحة وال ... حامل والمضلعات والحسب
إن مت مات الندى أبا خالد ... والبحر بحر الفواضل الحدب
ابن ثلاث وأربعين خلت ... لا ضرع واهل ولا تلب
لا بطر إن تتابعت نعم ... وصابر في البلاء محتسب
بذذت سبق الحياد في مهل ... وقصرت دون سعيك العرب
فقال له يزيد: كيف وصلت إلي؟ قال: ادعيت ديناً، قال هو علي.
ومما نقلته من خط المذكور من هذا الكتاب، قال أبو الحسن - يعني - المدائني: كان حمزة بن بيض الحنفي شاعراً طريفاً، فشاتم حماد بن الزبرقان، وكان من طرفاء أهل الكوفة وكلاهما صاحب شراب، وكان حماد يتهم بالزندقة فمشى الرجال بينهم حتى اصطلحا، فدخلا يوماً على والي الكوفة فقال لابن بيض: أراك قد صالحت حماداً فقال ابن بيض: نعم أصلحك الله على أن لا آمره بالصلاة ولا ينهاني عنها.
نقلت من خط توزون إبراهيم بن محمد الطبري في أمالي أبي عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد صاحب ثعلب، باستملائه منه في سنة ثماني وعشرين وثلاثمائة قال، فيما رواه عن ثعلب: وقال - يعني - ثعلب: اجتمع يزيد بن الحكم وحمزة بن بيض في حبس فقال له يزيد - وهو يهزأ به: إنك لأستاذ بالشعر يا بن بيض، قال أي لعمري إني لأدق الغزل، وأصفق النسج وأرق الحاشية.
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو البركات محمد بن حمزة بن الحسن العرقي - إجازة - وأخبرنا أبو محمد عبد الدائم بن محمد بن جعفر الكناني العسقلاني سماعاً عنه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن جعفر بن القطاع قال: أخبرنا أبو بكر بن البر اللغوي قال: أخبرنا أبو محمد إسماعيل بن محمد النيسابوري قال: أخبرنا أبو نصر إسماعيل بن حماد الجوهري قال: وقوله: سد ابن بيض الطريق، قال الأصمعي: هو رجل كان في الزمن الأول يقال له ابن بيض عقر ناقته على ثنية فسد بها الطريق ومنع الناس من سلوكها، قال الشاعر:
سددنا كما سد ابن بيض طريقه ... فلم يجدوا عند الثنية مطلعا
وكتب أبو سهل الهروي في حاشية الصحاح هكذا رأيته بخط الجوهري ابن بيض مفتوح الباء، وكذلك رواه أبو إبراهيم اسحاق بن إبراهيم الفارابي في كتاب ديوان الأدب بفتح الباء والذي قرأته على شيخنا أبي أسامة رحمه الله ابن بيض بكسر الباء وكذا رأيته أيضاً عند جماعة من العلماء باللغة بكسر الباء.
حمزة بن سعيد المروزي:
حدث بطرسوس عن علي بن عاصم، روى عنه أحمد بن النضر العسكري.

أنبأنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو سعيد خليل بن أبي الرجاء الرازاني قال: أخبرنا الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو القاسم سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا أحمد بن النضر قال: حدثنا حمزة بن سعيد المروزي بطرسوس قال: حدثنا علي بن عاصم عن عبيد الله بن عمر عن القاسم عن عائشة قالت: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " كل مسكر حرام " .
حمزة بن السيد بن فارس:
وقيل أبي الفوارس بن أحمد الأنصاري أبو يعلى بن أبي الفضل الصفار الدمشقي، ويعرف بابن أبي لقمه، حدثني بدمشق عن أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدي - وسألته عن مولده - فقال: لا أدري، ثم قال تقديراً سنة ثمان وعشرين وخمسمائة، وذكر لي أنه دخل حلب تاجراً ثلاث مرات في أيام محمود بن زنكي، وكان شيخاً لا بأس به صحيح السماع.
أخبرنا أبو يعلى حمزة بن السيد بن فارس الأنصاري الصفار المعروف بابن أبي لقمة - بقراءتي عليه بدمشق في الرابع من صفر سنة أربع عشرة وستمائة بمقصورة الخضر في الجامع - قال: أخبرنا أبو القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان الأزدي في سنة ست وثلاثين وخمسمائة قال: أخبرنا الفقيه أبو القاسم علي بن محمد بن علي المصيصي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن صدقة بن الحسين بن سلامة التميمي قال: حدثنا أبو بكر بن إبراهيم بن محمد بن عبد العزيز العدوي قال: حدثنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن الفريابي قال: حدثنا سويد بن سعيد قال: حدثنا حفص بن ميسرة عن موسى بن عقبة عن نافع وعبد الله بن دينار عن ابن عمر قال: بينما نحن في صلاة الصبح إذ جاءهم رجل فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم نزل عليه الليلة قرآن وقد أمر أن يستقبل الكعبة فاستقبلوها، وكانت وجوههم إلى الشام فاستداروا إلى الكعبة.
قرأت في بعض تعاليقي من الفوائد أن شيخنا أبا يعلى بن أبي لقمه الصفار توفي يوم الأربعاء ثامن عشر شهر رمضان من سنة ست عشرة وستمائة ودفن بمقبرة باب الفراديس.
ثم أخبرني رفيقنا وصاحبنا جمال الدين محمد بن علي بن الصابوني أنه توفي يوم الأربعاء ثامن عشرين شهر رمضان - يعني - من سنة ست عشرة وستمائة.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري في كتاب التكملة لوفيات النقله قال: وفي الثامن عشر من شهر رمضان - يعني - من سنة ست عشرة وستمائة توفي الشيخ أبو يعلى حمزة بن أبي الفضل السيد بن أبي الفوارس الأنصاري الدمشقي الصفار المعروف بابن أبي لقمه بدمشق ودفن من يومه بباب الفراديس، حدث عن أبي القاسم الخضر بن الحسين بن عبدان.
حمزة بن طالب بن حمزة:
أبو الحسين المنبجي القاضي سمع بدمشق عبد الوهاب الكلابي، روى عنه أبو مسلم محمد بن علي بن محمد بن طلحة الأصبهاني.
قاله: الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله في تاريخ دمشق أخبرنا به القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد بن الشيرازي، فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم.
حمزة بن عبد الله العلوي:
الصوفي كان من مشايخ الصوفية، ودخل التينات واجتمع بأبي الخير حماد التيتافي المغربي وحكى عنه، روى عنه عبد الله بن علي الصوفي.
أخبرنا عمي أبو غانم محمد بن هبة الله بن محمد بن أبي جرادة - بقراءتي عليه - قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن حموية قال: أخبرنا أبو الفتوح الشاذياخي، ح.
وأنبأتنا الحرة زينب بنت عبد الرحمن النيسابورية قالت: أخبرنا الشاذياخي، ح.
وأخبرنا أبو النجيب القارئ في كتابه قال: أخبرنا أبو الأسعد القشيري قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الكريم بن هوازن القشيري قال: سمعت محمد بن أحمد بن محمد التميمي يقول: سمعت عبد الله بن علي الصوفي يقول: سمعت حمزة بن عبد الله العلوي يقول: دخلت على أبي الخير التيتاني، وكنت اعتقدت في نفسي أن أسلم عليه وأخرج ولا آكل عنده طعاماً، فلما خرجت من عنده ومشيت قدراً فإذا به يأتي خلفي وقد حمل طبقاً عليه طعام فقال: يا فتى كل هذا فقد خرجت الساعة من اعتقادك.
حمزة بن علي بن حمزة بن أبي الحجاج العدوي:

أبو يعلى الدمشقي قدم حلب وتفقه معنا على شيخنا قاضي القضاة أبي المحاسن يوسف بن رافع بن تميم، وسمع منه الحديث ومن شيخنا أبي هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي، وأبي محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان وغيرهم، وحدث بدمشق ببعض حديثه.
وأخبرني عبد المؤمن بن خلف الدمياطي أنه أخبره أن مولده في العشرين من سنة ست وثمانين وخمسمائة وتوفي وأنا بدمشق ليلة الأربعاء الثامن والعشرين من صفر سنة ست وخمسين وستمائة، ودفن يوم الأربعاء بمقبرة باب الصغير بدمشق.
حمزة بن علي بن زهرة:
ابن علي بن محمد بن محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق بن جعفر الصادق بن محمد الباقر بن علي زين العابدين بن الحسين بن علي بن أبي طالب الحسيني الإسحاقي أبو المكارم بن أبي سالم بن أبي الحسن الحلبي المعروف بالشريف الطاهر، كان شريفاً فاضلاً عالماً فقيهاً من فقهاء الشيعة ومتكلميهم، وله تصانيف على مذهب الإمامية ورأيهم منها كتاب " غنيه النزوع إلى علم الأصول والفروع " ، ووقفت له على مقدمة مختصرة في النحو وسمها بكتاب النكت.
حدث بحلب عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جراده، وأبي الحسن بن طارق بن الحسن الحلبي روى عنه بمصر أبو......بن الأرفادي وروى لنا عنه بحلب ابن أخيه الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي الحسيني.
أخبرنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله - قراءة عليه - قال: أخبرنا عمي أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة الحلبي قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن الجلي الحلبي قال........
سألت شيخنا أبا حامد محمد بن عبد الله بن زهرة من مولد عمه أبي المكارم حمزة فأخبرني أنه ولد في سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
وقرأت بخط الشريف إدريس بن حسن الإدريسي في نسب بني اسحاق المؤتمن، قال: أبو المكارم حمزة الفقيه رأيته وناظرته على مذهبه وقال: ولد الفقيه أبو المكارم حمزة في شهر رمضان سنة إحدى عشرة وخمسمائة.
نقلت من خط محمد بن أسعد الجواني النسابة، وأخبرنا إجازة عنه أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي وغيره قال: ومن البيت يعني بيت الشريف أبي إبراهيم محمد بن أحمد الإسحاقي: الشريف القاضي الأجل الإمام الفقيه الصدر العالم الطاهر عز الدين أبو المكارم حمزة بن علي بن أبي الحسن زهرة بن علي بن محمد بن أبي إبراهيم الممدوج محمد بن أحمد بن محمد بن الحسين بن اسحاق الثقة المؤتمن بن الإمام جعفر الصادق عليه السلام.
قرأت في تعليقي من الفوائد: توفي الشريف أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة بحلب في سنة خمس وثمانين وخمسمائة وأظن أني علقته من خط شيخنا أبي حامد.
حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف:
ابن إبراهيم بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبه أبو القاسم بن أبي الحسن بن أبي عمرو القرشي المخزومي المغيري، من ولد عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، الكاتب المصري، ويلقب بالأشرف كاتب حسن الإنشاء، شاعر مجيد عارف بعلوم الحديث، قد أخذ إسماعيل كل علم بطرف قوي، ولي الديوان في دولة الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب حين استولى على الديار المصرية، وولي ديوان الأحباس تارة، وكان أبوه يلي الديوان في دولة المصريين، سمع بمصر من أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد المصيني، وأبي عبد الله محمد بن عبد الرحمن الفنجديهي، وأبي الحسن علي بن هبة الله الصوري وأبي عبد الله محمد بن علي الرحبي، وأبي محمد عبد الله بن بري النحوي، وسمع بالاسكندرية من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد السلفي، وأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني وأبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف، وأبي الحسين يحيى بن محمد بن أحمد الرازي، وسمع بدمشق من جماعة لا يحضرني ذكرهم.

وحدث بمصر وبغداد والإسكندرية والشام، وكان الوزير عبد الله بن علي بن شكر قد قصده وعاداه وأهانه وآذاه، فهرب من الديار المصرية، وقدم حلب وافداً على الملك الظاهر غازي بن يوسف بن أيوب، فأكرم مثواه وأحسن قراه ورتب له معلوماً يرضاه، وحدث بحلب، ولم يتفق لي سماع شيء منه لأنني ما كنت اشتغلت بطلب الحديث حينئذ، وسيره الملك الظاهر رسولاً عنه إلى بغداد مرتين، فحدث بها وكتب عنه شيء من شعره، ثم عاد من حلب إلى الديار المصرية فصلح ما بينه وبين ابن شكر، ومات بها في مجلسه فجأة، وكتب إلي الإجازة من مصر في سنة أربع عشرة وستمائة، وروى لنا عنه الحافظ رشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي القرشي، وكان بعين واحدة رحمه الله.
أنبأنا القاضي الأشرف أبو القاسم حمزة بن علي بن عثمان وأخبرنا به عنه سماعاً أبو الحسين يحيى بن علي القرشي قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا الرئيس أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد الثقفي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد بن الحسين السلمي - إملاءً - قال: حدثنا محمد بن محمد بن يعقوب الحافظ قال: حدثنا أيوب بن يوسف البزاز أن جعفر بن نوح حدثهم قال: حدثنا محمد بن عيسى الطباع قال: حدثنا عبثر بن القاسم - والصواب عبيد بن القاسم - عن العلاء بن ثعلبة عن طاووس عن واثلة بن الأسقع قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " دع ما يريبك إلى ما لا يريبك " قرأت بخط سليمان بن عبد الله بن الحسن بن علي التميمي الدارمي المكي المعروف بابن الريحاني نزيل القاهرة ما صورته: يقول الفقير إلى رحمة الله تعالى سليمان بن عبد الله بن الحسن بن علي التميمي الدارمي المكي المعروف بابن الريحاني عفا الله عنه وهذا خطه.
بلغني عن سيدنا وشيخنا القاضي الأجل العالم الفاضل البارع المكين الأشرف جمال الدين أمين المسلمين ثقة الثقات علم الرواة صفي أمير المؤمنين أبي القاسم حمزة ابن القاضي السعيد الأثير أبي الحسن علي بن عثمان القرشي المخزومي رضي الله عنه وعن سلفه الكرام أنه يبتدئ في كتابة الدرج بالحسبلة ويبني عليها إلى أن يختم بالبسملة، فمثلت في خدمته وأخي شقيقي سلامة في يوم السبت سلخ شهر ربيع الآخر الذي من سنة إحدى عشرة وستمائة، فسألته عن ذلك فقال لي: من أخبرك بهذا عني؟ قلت: أخبرني من أخبره عن سيدنا مخبر، فقال: هذا طويل فهل لك في مشاهدة ذلك مني وتكون كمخبر من أخبرك في الرواية عني، فشكرت من إنعامه وسألته المن بإتمامه فقال: أقترح ما أضمنه ما أكتبه ليعلم أنني اقتضبته فقلت له استدعاء إجازة فاستمد وكتب كما أخبرت عنه من غير ريث ولا وجازة وكان الاستدعاء الذي كتبه من آخره إلى أوله وأملاه على ما هذه نسخته: بسم الله الرحمن الرحيم المسؤول من إنعام سيدنا أن يلحق عبده فلان بن فلان بمن تشرف بالرواية عن جلاله، واغترف من بحره الفائق في كماله في الفضل الذي شمل كافة مريديه، وعم جميع طالبيه أن يجيز لكاتبه جميع ما يرويه من مروي ومسموع ومستجاز ومعقول ومجموع، ليحصل له الجمال في الانتساب إليه والاعتماد في الرواية عليه، لأنه الصدر الذي حمل الخلف وسد ثلمة الماضين من السلف، فلا برح ينعم به لسائله عيناً ويكسب به علماً وعيناً، ولا زال يفيد وفده ويولي من نعمتي العلم والبر رفده إن شاء الله تعالى.
وبخط الريحاني: وأنشدني أيضاً لنفسه - قلت: وهو إجازة لي منه:
إذا غاب عن غاب المناصب ليثها ... تسامى إليها ابن الحصين وسامها
كذاك نجوم الليل تبدو طوالعاً ... إذا فارقت شمس الأصيل مقامها
وبخطه وأنشدني لنفسه وقد أجازه لي أيضاً:
لئن حالت الأحوال دون لقائنا ... فحال صفاء الود ليس يحول
وما بعد دار الخل تبعد أنسه ... إذا كان في القلب المشوق يجول
قال وأنشدني لنفسه. قلت: وهو لي إجازة منه:
تواضعت حتى ظن بي كل صاحب ... سقوط مقام أو مذلة خاضع
وما ذاك إلا أن نفسي كريمة ... ترى الكبر عن كبر يرى في المجامع
وكل على القدر تكبر نفسه عن ... الكبر إذ معنى العلى في التواضع
قال: وأنشدني لنفسه، وأجازه لي:

إدأب لنفسك في التعلم جاهداً ... إن التعلم يرفع الأقواما
كم من وضيع يكرم أصله قد ... حل بالعلم الذرى وتساما
وترى الذكي الأصل يصغر ... أمره بالجهل حتى ما يعار سلاما
والكلب لما إن تعلم صائداً ... أضحى بذاك يسوغ الإكراما
أخبرنا أبو الحسين يحيى بن علي القرشي بعدما قرأت عليه الحديث الذي رواه لنا عنه، وقد قدمناه، قال: القاضي أبو القاسم بن عثمان من أعيان أهل هذا الشأن ومن بيت الرفعة والرئاسة، سمع الكثير وحصل الأصول، وانتقل إليه أكثر أجزاء الحافظ السلفي التي بخطه وخط غيره، ودخل الشام والعراق وحدث بهما، وكانت له عناية بالحديث ومعرفة بالشيوخ، وكان ثبتاً متحرياً في الرواية، روى لنا عن الشريف أبي محمد العثماني وأبي طاهر السلفي وأبي عبد الله بن الرحبي وأبي القاسم ابن جاره الفقيه وسالم بن اسحاق المعري وأبي القاسم المصيني وغيرهم، سألته عن مولده فقال في العاشر من شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة، - وتوفي رحمه الله فجأة، في سلخ ذي الحجة سنة خمس عشرة وستمائة بالقاهرة.
أنبأنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن النجار قال: حمزة بن علي بن عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن يعقوب بن مسلم بن منبه القرشي المخزومي، أبو القاسم الكاتب من ولد عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي أبو القاسم الكاتب من ولد عبد الله بن أبي ربيعة المخزومي، ويلقب بالأشرف من أهل مصر كان والده صاحب ديوان مصر في أيام المصريين، ولي هو الديوان في أيام صلاح الدين، وكان كاتباً سديداً، حاذقاً بليغاً له الإنشاء الحسن والنظم والنثر الجيدان، وكان ينشئ الكتاب من أسفله إلى رأسه على أحسن قانون من غير توقف، اشتهر عنه ذلك، وكان قد اشتغل بالحديث فسمع منه الكثير على أبي طاهر السلفي ومن دونه بالديار المصرية، وحصل الأصول الملاح، وفهم منه طرفاً حسناً، وخاف من ابن شكر وزير الملك العادل أن يقصده بأذى، فإنه كان مغرى بقلع البيوت الأصيلة في التقدم، فهرب إلى الشام واتصل بخدمة الملك الظاهر صاحب حلب، فأحسن قراه وأكرمه، وكان يراسل به الأطراف وأرسله مرتين إلى بغداد إلى الديوان العزيز، الأولى في أواخر سنة اثنتين وستمائة فنزل بالجانب الغربي وقصدناه للسماع عليه، فوجدنا شيخاً فاضلاً حسن المعرفة بالحديث ذا أخلاق رضية وسيرة مرضية سمعنا منه كتاب الدعاء للمحاملي عن السلفي، ولم ألقه بعد ذلك، وكان صدوقاً.
قال لي الرشيد أبو عبد الله محمد بن عبد العظيم بن عبد القوي المنذري: كان ابن عثمان بعد عوده إلى الديار المصرية أكرمه الوزير ابن شكر، وزال ما كان في نفسه منه، فحضر ذات يوم مجلسه وهو جالس إلى جنبه وحادثه، فأطرق ابن عثمان ومات فجأة، فأحضر ابن شكر جماعة وأشهدهم على ذلك خوفاً من أن ينسب إليه أنه تسبب إلى ذلك.
قال لي الرشيد محمد بن عبد العظيم: سمعت والدي يقول: توفي أبو القاسم حمزة بن أبي الحسن علي بن عثمان القرشي فجأة في سلخ ذي الحجة سنة خمس عشرة وستمائة، قال: وسمعته يقول: مولدي في العاشر من شوال سنة سبع وأربعين وخمسمائة.
أنبأنا الحافظ عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال، في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي سلخ ذي الحجة - يعني - من سنة خمس عشرة وستمائة توفي القاضي الأجل أبو القاسم حمزة بن القاضي الأجل أبي الحسن علي بن أبي عمرو عثمان بن يوسف بن إبراهيم بن أحمد بن يعقوب القرشي المخزومي الشافعي، العدل، الكاتب المنعوت بالأشرف، فجأة بالقاهرة، ودفن بتربتهم المعروفة بهم بقرب ضريح الإمام الشافعي رضي الله عنه.

سمع بمصر من أبي القاسم عبد الرحمن بن محمد المصيني وغيره، ورحل إلى الإسكندرية فسمع بها من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني، وأبي محمد عبد الله بن عبد الرحمن العثماني وأبي الطاهر إسماعيل بن مكي بن عوف الزهري، وأبي الحسين يحيى بن أبي عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي وجماعة سواهم وعاد إلى مصر فسمع بها من أبي الحسن علي بن هبة الله الصوري، وأبي عبد الله محمد بن علي الرحبي والعلامة أبي محمد عبد الله بن بري النحوي، وأبي سعيد محمد بن عبد الرحمن الفنجديهي، وخلق كثير من أهل البلد والقادمين عليه، وسمع بدمشق من جماعة، وحدث بالاسكندرية ومصر وبغداد ودمشق وغيرها وحصل الأصول، وكتب بخطه وكان عنده بخط الحافظ أبي طاهر الأصبهاني قطعة صالحة وكان له أنس بهذا الشأن، وله شعر وولي ديوان الأحباس بالديار المصرية وغير ذلك، سمعت منه، وسمعته يقول مولدي في العاشر من شعبان سنة سبع وأربعين وخمسمائة وحدث من بيته غير واحد.
حمزة بن علي بن العين زربي:
أبو يعلى، قيل أنه من عين زربة، بلدة من الثغور الشامية، شاعر حسن الشعر، روى عنه غيث بن عبد السلام السلمي الأرمنازي.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي القرطبي بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: ومنها - يعني من عين زربة - أبو يعلى حمزة بن علي بن العين زربي.
كذا قال إنه من عين زربة، وأظن المنسوب إلى عين زربة أباه أو جده ويحتمل أن يكون منها.
أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا أبو محمد الحافظ قال: قرأت بخط أبي الفرج غيث بن علي السلمي لأبي يعلى حمزة بن العين زربي من جملة رسالة له:
يا راكباً يقطع عرض الفلا ... بلغ أحبائي الذي تسمع
قل لهم ما جف لي مدمع ولا ... هنأني بعدكم مضجع
ولا لقيت الطيف مذ غبتم ... وإنما يلقاه من يهجع
أخبرنا أبو الحسن قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد قال: وقرأت بخط أبي الفرج - يعني غيث بن علي - ناولني أبو يعلى حمزة بن علي بدمشق بخطه لنفسه من قصيدة، قال الحافظ أبو محمد: قال أبي: وقرأت أنا ذلك بخط حمزة:
تناسيتم عهد الهوى بعد تذكار ... فأجرى حديثي عنكم مدمعي الجاري
وأنكرتم بعد اعتراف مودتي ... فهيجتم وجدي وأضرمتم ناري
وهل دام في الأيام وصل لهاجر ... وود لخوان وعهد لغدار
أما حاكم لي في هواكم يقيلني ... أما آخذ لي بعد سفك دمي ثاري
وإني لصبار على ما ينوبني ... ولكن على هجرانكم غير صبار
حمزة بن علي بن هبة الله:
ابن الحسن بن علي أبو يعلي الثعلبي المعروف بابن الحبوبي الدمشقي البزاز، سمع بدمشق من أبي القاسم علي بن محمد بن أبي العلاء المصيصي، وأبي الفتح نصر بن إبراهيم المقدسي، وأبي الفرج سهل بن بشر الاسفرائيني.
روى عنه ابنه أحمد بن حمزة، والحفاظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي وأبو سعد عبد الكريم بن محمد بنمنصور السمعاني وأبو المحاسن عمر بن علي القرشي، وأبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي الدمشقي، وأبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وأخوه شيخنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله.
وروى لنا عنه مكرم بن محمد بن حمزة بن محمد بن أبي الصقر القرشي، وقدم حلب مجتازاً إلى بغداد في تجارة بعد العشرين والخمسمائة.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي، قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني، قال: أخبرنا حمزة بن علي الحبوبي - بقراءة عليه بجامع دمشق، ح.

وأخبرنا بن عالياً أبو المفضل مكرم بن محمد بن حمزة - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا حمزة بن علي الحبوبي، قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي الفقيه - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص بن الحمامي ببغداد قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان بن الحسن النجاد قال: أخبرنا يحيى بن جعفر قال: حدثنا عبد الوهاب بن عطاء قال: أخبرنا سعيد بن إياس عن أبي معشر عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة رضي الله عنها أنها قالت: كنت أفرك بيدي فركاً من ثوب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فإذا رأيته فأغسله، فإن خفي عليك فرششه أو انضح حياله أو نحوه، شك سعيد.
أخبرنا مكرم بن محمد - قراءةً عليه وأنا أسمع - وأبو القاسم الحسين أبي هبة الله بن صصرى - إجازة إن لم يكن سماعاً - قال: أخبرنا أبو يعلي حمزة بن علي بن هبة الله بن الحسن المعروف بابن الحبوبي قال: أخبرنا الفقيه أبو القاسم علي المصيصي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر بن حفص الحمامي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسن النجاد قال: قرئ على الحسن بن مكرم، وأنا أسمع، قال: حدثنا علي بن عاصم قال: حدثنا الحذاء وهشام بن حسان عن محمد بن سيرين عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا جاء أحدكم إلى الصلاة فلا يسع ولكن ليمشي وعليه السكينة والوقار فليصل ما أدرك وليقض ما سبقه.
قال شيخنا أبو القاسم: وكان - يعني ابن الحبوبي - لا بأس به.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حمزة بن علي بن هبة الله بن الحسن بن علي أبو يعلي الثعلبي البزاز المعروف بابن الحبوبي، سمع أبا القاسم بن أبي العلاء وأبا الفتح نصر بن إبراهيم، وأبا الفرج سهل بن بشر، كتبت عنه شيئاً يسيراً، وكان شيخاً لا بأس به، سمعه عمه أبو المجد معالي بن هبة الله.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد السمعاني قال: حمزة بن علي بن هبة الله الحبوبي أبو يعلي من أهل دمشق قدم بغداد تاجراً بعد العشرين وخمسمائة.
سمع أبا القاسم بن أبي العلاء المصيصي، كتبت عنه أربعة أحاديث يرويها ابن العلاء من الحمامي المقرى.
قلت: ولم يرو ابن العلاء عن الحمامي غير هذه الأحاديث الأربعة، وهذان الحديثان منها.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا علي بن الحسن الحافظ قال: سمعت أبا يعلى يقول: مولدي آخر سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، ومات أبو يعلى ليلة الخميس، ودفن يوم الخميس بعد صلاة الظهر الثالث من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة عند مسجد شعبان بسفح جبل قاسيون، وحضرت الصلاة عليه.
قرأت في معجم شيوخ أبي المحاسن عمر بن علي القرشي ببغداد بخطه، وأخبرنا به إجازة ولده عبد الله قال: أخبرنا أبي قال: توفي - يعني - أبا يعلى بن الحبوبي ليلة الخميس ثالث جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة بدمشق بعد انتقالي منها وسألته عن مولده فقال سنة اثنتين وتسعين وأربعمائة في آخرها.
أخبرنا أبو الفضل إسماعيل بن سليمان بن إيداش المعروف بابن السلار في منزله قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الخالق بن أسد بن ثابت الحنفي قال: سألت أبا يعلي حمزة بن علي بن هبة الله عن مولده فقال في ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين وأربعمائة، وتوفي ليلة الخميس الثالث من جمادى الأولى سنة خمس وخمسين وخمسمائة ودفن من الغد بجبل مغارة الدم بظاهر دمشق.
حمزة بن القاسم:
أبو محمد الشامي، وأظنه من أهل طرابلس، وأنه يقال له ابن الشام ويقال ابن الشام يده، وهو لقب جده، وهم أهل بيت بطرابلس يعرفون بذلك ومنهم جماعة من الأدباء والفضلاء، حكى عنه أبو الفرج الأصبهاني أنه قرأ على حائط بستان بالماطرون شعراً، والماطرون بدمشق وحكى عنه أيضاً أنه اجتاز بالرها عند مسيره إلى العراق ذكر ذلك في كتاب آداب الغرباء، فقد اجتاز بحلب في طريقه أو ببعض عملها.
حمزة بن مالك الهمداني:

من وجوه أصحاب معاوية بصفين، وقيل إنه جعله على همدان دمشق بها، وهو ممن شهد في الصحيفة التي كتبها بينه وبين علي رضي الله عنهما في الرضا بتحكيم الحكمين وهو عندي حمرة بن مالك بن سعد بن حمرة الهمداني، وقد قدمنا ذكره، لكن قيل فيه حمزة بالزاي فأوردنا ذكره فيمن اسمه حمزة، وذكرناه أيضاً في ترجمة عبد الله بن خليفة الطائي.
ومما وقع إلي من شعره ما ذكره أبو البختري وهب بن وهب بن كثير عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: قالوا: وخرج يومئذ حمزة بن مالك الهمذاني الشامي في همدان، وكانوا يطلبون في طيء دماً، فلما وقف موقفاً يسمع النداء من صف أهل العسكر، نادى: من يخرج إلي من طيء، فخرج عبيد الله بن أبي الجوشاء في طيء وهو رئيسها، فقال حمزة: من أنتم؟ قالوا: نحن الغوث وجديلة، فقال حمزة: هل فيكم من أهل الجزيرة أحد، قالوا: لا: قالوا: نحن طيء الجبلين وسهلهما، قالوا: فقطع عليه ابن أبي الجوشاء كلامهم ثم برز فنادى: من يبارز، وطفق يقول:
إن تك تسمع بفخار معشري ... فاقدم علينا في العجاج الأكدر
قالوا: فبرز له حمزة بن مالك وهو يقول:
نحن النجيبون وفينا المفخر ... لاطئ الأجبال حين نذكر
قالوا: فاقتتلوا قتالاً شديداً ففقئت عين ابن أبي بشر، فذكر أبياتاً له نذكرها إن شاء الله تعالى في ترجمته، قال: وقال حمزة بن مالك:
ونحن ولاة الروم والروم مفعم ... يسيل عليها بالكماة جوانبه
ونحن ولاة الروم والروم مفعم ... هنالك حتى ابصر الحق شاعبه
أقمنا لهم صدر النهار سلاحنا ... وقد ناب من أمر الخليل نوائبه
حمزة بن محمد بن علي بن محمد بن العباس:
أبو القاسم الكناني المصري الحافظ، أحد الحفاظ المشهورين والعلماء المذكورين، رحل في طلب الحديث، ودخل حلب وسمع بها من قاضيها في سنة خمس وثلاثمائة أبي عبيد الله محمد بن أحمد بن حمزة بن سعيد الدمشقي، وبمصر بلده من أبي عبد الرحمن أحمد بن شعيب النسائي، وأحمد بن محمد بن عبد العزيز، وعمران بن موسى بن حميد الطبيب، وببغداد من أبي القاسم عبد الله بن محمد بن عبد العزيز البغوي، والعباس بن أحمد بن محمد بن عيسى البغدادي، وبالكوفة من علي بن العباس الكوفي وعلي بن أحمد بن الحسين الكوفي، وبالبصرة من العباس بن حماد بن حماد بن فضالة، ومحمد بن علي بن القاسم البصريين، وبالموصل من أبي يعلى أحمد بن علي بن المثنى الموصلي.
وروى عنهم وعن محمد بن جعفر بن الإمام البغدادي، والقاسم بن الليث، وعبد السلام بن أحمد بن سهل، البصري الشيخ الصالح، وأحمد بن عيسى بن عبد الجبار، وأبي العباس محمد بن الحسن العسقلاني، والهيثم بن خلف الدوري، وأبي جعفر أحمد بن هارون بن زيد المكي، وأبي بكر وراق ابن أبي الدنيا ومحمد بن سعيد بن عثمان بن عبد السلام السراج، ومحمد بن عون الكوفي، وجماعة يطول ذكرهم.
روى عنه الحفاظ أبو الحسن علي بن عمر بن أحمد بن مهدي الدار قطني، وأبو محمد عبد الغني بن سعيد الأزدي، وأبو عبد الله محمد بن اسحاق بن منده الأصبهاني، والفقيه أبو الحسن علي بن محمد بن خلف المعافري المعروف بابن القابسي، وأبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس المصري، وأبو الحسن أحمد بن محمد بن مرزوق الأنماطي، وأبو الحسن علي بن عبد الله بن جهضم، وأبو عبد الله شعيب بن عبد الله بن المنهال، وأبو النعمان تراب بن عمر بن عبيد وأبو الفرج جعفر بن أحمد بن لقمان، وأبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحراني الصواف المعروف بابن حمصة، وهو آخر من روى عنهم، ولم يكن عنده عن حمزة ولا عن غيره سوى مجلس البطاقة والسجلات وهو خر مجلس أملاه حمزة وإنما سمي مجلس البطاقة والسجلات لسبب معروف، سنذكره عند إيراد الحديث إن شاء الله تعالى، ولحمزة الكناني أمالي من الحديث غير المجلس المذكور، وكان حافظاً متقناً ثقة صدوقاً، وكان مولده في شعبان سنة خمس وسبعين ومائتين.
وذكر الحافظ أبو عبد الله محمد بن عبد الله بن البيع الحاكم في كتاب معرفة علوم الحديث أنه أحد الحفاظ الأربعة المشار إليهم بالحفظ في زمانه.

أخبرنا الشيخ أبو عبد الله محمد بن أبي المعالي بن البناء، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغداديان قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبيد الله بن الزاغوني قال: أخبرنا الشيخ أبو طاهر محمد بن أحمد بن أبي الصقر قال: أخبرنا أبو عبد الله شعيب بن عبد الله بن المنهال قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي بن العباس الكناني الحافظ قال: حدثنا أبو بكر وراق ابن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا بقية بن الوليد عن عبيد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من أصابه جهد في رمضان فلم يفطر فمات دخل النار.
أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن عبد القوي بن أبي العز بن داود بن عزون بالقاهرة، ورشيد الدين أبو الحسين يحيى بن علي العطار بمصر وأبو محمد يونس بن خليل بن عبد الله بحلب قالوا: أخبرنا أبو الطاهر إسماعيل بن صالح بن ياسين المقرئ قال: أخبرنا أبو عبد الله الرازي، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الله وأبو البركات محمد ابنا الحسين بن عبد الله بن رواحة الحمويان بها قالا: أخبرنا أبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي، وأبو طالب أحمد بن المسلم اللخمي.
قال السلفي أخبرنا أبو عبد الله الرازي، وأبو صادق مرشد المديني، وقال أبو طالب اللخمي أخبرنا أبو عبد الله الرازي، ح.
وأخبرنا أبو سعد عبد القاهر بن محمد بن الطرسوسي الحلبي بها قال: أخبرنا أبو حامد محمد بن عبد الرحيم الغرناطي، بحلب، ح.
وأخبرنا أبو الخطاب عمر بن ايلملك، وأبو طالب محمد بن عبد الله بن صابر - قراءة عليهما بالبيت المقدس - قالا: حدثنا أبو القاسم البوصيري، ح.
وأخبرنا أبو علي الأوقى وعمر بن ايلملك بالقدس، وأبو عبد الله محمد بن داود الدربندي بحبرى عند قبر الخليل عليه السلام، وأبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحسين المقدسي بمكة حرسها الله، وأبو الحسن علي بن عبد الرحمن بن مساور المخيلي بمنبج وبحلب، وأبو القاسم عبد الله بن رواحة الحموي بها، وأبو الفضل يوسف بن عبد المعطي بن المخيلي الاسكندراني، وأبو محمد عبد العزيز بن عبد المنعم بن النقار المصري بالقاهرة قالوا: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني الحافظ بالاسكندرية قالوا: أخبرنا أبو صادق مرشد بن يحيى المديني قالا: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الصواف الحراني بمصر قال: حدثنا أبو القاسم حمزة بن محمد بن علي الكناني الحافظ - إملاء - قال: أخبرنا عمران بن موسى بن حميد الطبيب قال: حدثنا يحيى بن عبد الله بن بكير قال: حدثني الليث بن سعد عن عامر بن يحيى المعافري عن أبي عبد الرحمن الحبلى أنه قال: سمعت عبد الله بن عمر يقول: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يصاح برجل من أمتي على رؤوس الخلائق يوم القيامة فينشر له تسعة وتسعون سجلاً، كل سجل منها مد البصر، ثم يقول الله عز وجل: أتنكر من هذا شيئاً؟ فيقول: لا يا رب، فيقول الله عز وجل ألك عذر أو حسنة؟ فيهاب الرجل فيقول: لا يا رب، فيقول عز وجل: بلى إن لك عندنا حسنات، وإنه لا ظلم عليك فتخرج له بطاقة فيها: أشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله، فيقول: يا رب ما هذه البطاقة مع هذه السجلات؟ فيقول عز وجل: إنك لا تظلم، قال: فتوضع السجلات في كفة والبطاقة في كفة فطاشت السجلات وثقلت البطاقة قال حمزة ولا نعلمه روى هذا الحديث غير الليث بن سعد وهو من أحسن الحديث. قالا: قال لنا شيخنا أبو الحسن الحراني: لما أملى علينا حمزة هذا الحديث صاح غريب من الحلقة صيحة فاضت نفسه معها، وأنا ممن حضرت جنازته وصلى عليه.

قرأت في كتاب قضاة مصر تأليف أبي محمد الحسن بن إبراهيم بن زولاق مما رواه الشريف القاضي أبو إبراهيم إسماعيل بن علي بن إسماعيل بن محمد بن موسى الحسيني عن أبي الحسن علي بن عبد الله الدينوري عنه، قال ابن زولاق: وحدثني أبو القاسم حمزة بن محمد الحافظ قال: رحلت في طلب الحديث سنة خمس وثلاثمائة، فدخلت حلب، وأبو عبد الله بن عبده قاضيها فلزمته وكتبت عنه، وكنت أحادثه، وكان يقول لي لو عرفتك بمصر لملأت ركائبك ذهباً وأغنيتك، قال: وقيل إن أبا عبيد الله دفع إلى حمزة عند وداعه للمسير إلى العراق مائتي دينار، وبها قوي حمزة على سفره.
أخبرني أبو الفضل عباس بن بزوان الاربلي قال: نقلت من خط عبد الوهاب بن عتيق بن هبة الله بن وردان على جزء البطاقة: وكتب إلينا ابن وردان بذلك، قال رأيت بخط القضاعي ما صورته: وكتب إلينا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب بن السباك عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن القضاعي: أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني الحافظ المحدث توفي بمصر سنة سبع وخمسين وثلائمائة وقبره عند المصلى الجديد بالجبانة المعروفة بمصلى العيد، وكان أحد الحفاظ المبرزين، وسافر إلى العراق وغيرها، وسمع كثيراً وحدث عنه بمصر جماعة ممن أدركناهم وآخر من حدث عنه ابن حمصة الحراني الراوي لهذا المجلس وهو أول ماله عن حمزة الكناني وآخره وكان ينزل القلوص، توفي سنة إحدى وأربعين وأربعمائة، وكان مولده سنة ثلاث وأربعين وثلاثمائة وكان مولد حمزة الكناني في شعبان سنة خمس وسبعين ومائتين.
أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابه قال: أخبرنا رجاء بن حامد بن رجاء المعداني عن أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد العميري قال: أخبرنا أبو يعقوب القراب الهروي، قال: أخبرنا أحمد بن محمد الماليني قال: سمعت إبراهيم بن نصر - مصري - يقول: قال لي حمزة بن محمد الكناني الحافظ: ولدت في شعبان سنة خمس وسبعين ومائتين. قال القراب: وأخبرنا أحمد - يعني الماليني - قال: سمعت أبا القاسم ميمون بن حمزة العلوي يقول: توفي أبو القاسم حمزة بن محمد الكناني في ذي الحجة سنة سبع وخمسين وثلاثمائة.
حمزة بن محمد بن أبي سلمة:
أبو سالم الحراني، ثم الحلبي أصله من حران، ولد بحلب وسكنها وولد له بها ولده محمد بن حمزة، وسنذكره إن شاء الله تعالى في باب المحمدين، وكان أبو سالم هذا تاجراً كتب عنه أبو سعد السمعاني أبياتاً رواها عن ابن منير، وروى عنه ولده عبد الرحيم السمعاني.
كتب إلينا أبو المظفر عبد الرحيم بن عبد الكريم بن محمد السمعاني من مرو غير مرة قال: أبو سالم حمزة بن محمد بن أبي سلمة الحراني، ثم الحلبي شاب متميز من أهل حلب، قدم مرو تاجراً، ودخل دارنا مع الشريف أبي العباس بن المؤيد بالله الهاشمي فكتب عنه والدي أبياتاً من الشعر بحضوري وكانت ولادته بحلب في سنة اثنتي عشرة وخمسمائة، قال عبد الرحيم: أنشدنا حمزة بن محمد الحراني في دارنا بمرو - إملاء من حفظه - قال: أنشدنا أبو الحسين أحمد بن منير الطرابلسي لنفسه بحلب:
عاتبته فاستطالا ... وصد عني دلالا
ما هكذا من تعالى ... في حسنه يتغالا
مولاي قد ذبت شوقا ... فكم تذيب مطالا
ما كان وعدك إلا ... مثل السلو محالا
سبكت حبة قلبي ... وصغتها لك خالا
فقد كستني نحولا ... كما كستك جمالا
يا كاملاً حسنه عل ... م البدور كمالا
أما تعلمت شيئا ... من الكلام سوى لا
حمزة بن نجي بن سلمة:
ابن جشم بن أسد بن خليبة بن شاجي بن موهب بن أسد بن جعشم بن خريم بن الصدف الصدفي، شهد مع علي رضي الله عنه صفين هو وأخوته السبعة، وقتلوا كلهم وقد سبق ذكر الحسين منهم وسنذكر الباقين في مواضعهم.
حمزة بن يوسف بن إبراهيم:
ابن موسى بن إبراهيم بن محمد بن أحمد، وقيل إبراهيم بن أحمد بن محمد بن عبد الله بن هشام بن العاص بن وائل السهمي، أبو القاسم الجرجاني الحافظ، رحل وطاف وسمع بالشام وبالجزيرة وبالعراق وغير ذلك من البلاد واجتاز بحلب، أو بعملها في طريقه من الجزيرة إلى الشام.

سمع أبا الحسن علي بن عمر الدار قطني، وأبا بكر بن عبدان وأبا بكر محمد بن إسماعيل بن العباس الإسماعيلي، وأبا محمد الحسن بن علي بن عمرو القطان، وأبوي زرعة محمد بن يوسف الجرجاني الكشي، وأحمد بن الحسين الرازي، وأبا بكر محمد بن إبراهيم بن عاصم بن المقرئ، وأبا محمد بن غلام الزهري، وأبا بكر محمد بن عدي المنقري، وأحمد بن عبد الرحمن الشيرازي، وأبا الفضل جعفر بن الفضل بن حنزابة الوزير، وأبا عمر بن حيوية، وأبا الحسين محمد بن المظفر الحافظ وأبا الحسين يعقوب بن موسى الفقيه، والحافظ أبا مسعود الدمشقي، وأبا ذر محمد بن محمد بن المنذر الحافظ، وأبا الحسن محمد بن أحمد بن سفيان بن حماد، وأبا الحسن بن لؤلؤ وأبا شجاع فارس بن موسى الفرضي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد - قراءة عليه وأنا أسمع - قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي قراءة عليه وأنا أسمع وأبو القاسم ابن السمرقندي، وابن المجلي وغيرهم - إجازة إن لم يكن سماعاً، منهم أو من واحد منهم - قالوا: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة الإسماعيلي الجرجاني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن طراد بن محمد الزينبي - قراءة عليه وأنا أسمع - وأبو القاسم الرازي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن يعقوب الحارثي ببخارى قال: حدثنا الهيثم بن حكيم عن حسان عن أنس قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: طالب العلم بين الجهال كالحي بين الأموات.
وأخبرنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم الوزير قال: أخبرنا أبو القاسم الجرجاني قال: سمعت الشيخ أبا القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: كنت ببغداد في أيام الأمير أبي شجاع فنا خسرو وكان الملقب بجعل المعتزلي يدعو الناس إلى الاعتزال، وقد افتتن كثير من المتفقهة به، فرأيت في المنام أن جماعة من الفقهاء والمتفقهة في بيت مجتمعين، فدخل النبي صلى الله عليه وسلم ذلك البيت وأشار إلى كل واحد منهم يقول: فلان على الطهارة، وفلان ليس على الطهارة، فقلت: هذا دليل على نبوته، يعلم من هو على الطهارة ومن ليس على الطهارة، وكنت أكرر القول، وأقول هذا دليل على نبوته ورسالته، ووقع لي في المنام أن الذي يقول لبس هو على الطهارة إنه معتزلي، ومن على الطهارة هو على السنة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
؟حمش بن عبد الرحيم التريكي:
الزاهد المطوعي أبو عبد الله النيسابوري، واسمه محمد، وحمش لقب له غلب على اسمه، سمع أحمد بن عبد الله بن يونس ويحيى بن يحيى، وأبا خالد يزيد بن صالح الفراء، وأحمد بن أبي الجواري وحامد بن يحيى البلخي، وهشام بن عمار الدمشقي وكثير بن عبيد المذحجي، ومحمد بن المصفى الحمصيين وأحمد بن حرب وعبيد بن آدم العسقلاني، روى عنه مكي بن عبدان وزنجويه بن محمد وأبو عمرو.....المستملي.
وكان كثير المقام بطرسوس وسنذكره أيضاً في المحمدين فيما يأتي إن شاء الله تعالى.
وقد ذكره الحاكم أبو عبد الله بن عبد الله الحافظ في تاريخ نيسابور بما أخبرنا به الحافظان أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري، وأبو محمد عبد القادر بن عبد الله الرهاوي في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو الجنيد أحمد بن إسماعيل بن يوسف القزويني ببغداد قال: أخبرنا زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو عثمان إسماعيل بن عبد الرحمن الصابوني، وأبو بكر أحمد بن حي بن علي البيهقي، وأبو عثمان سعيد بن محمد البحيري، وأبو بكر محمد بن عبد العزيز الحيري - إجازة منهم - قالوا: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله محمد بن عبد الله الحافظ قال: حمش بن عبد الرحيم التريكي الزاهد أبو عبد الله المطوعي النيسابوري صاحب الصومعة والمسجد اللذين يتبرك بهما وبالصلاة فيهما.
سمع أحمد بن عبد الله بن يونس، ويحيى بن يحيى، وأبا خالد يزيد بن صالح الفراء وكان اسمه محمد، وحمش لقب، وبه يعرف، وكان من المرابطين ويكثر المقام بطرسوس، فسمع على كبر سنه من حامد بن يحيى البلخي، وعبيد بن آدم العسقلاني ومحمد بن المصفى، وكثير بن عبيد المذحجي وهشام بن عمار، وأحمد بن أبي الحواري وطبقتهم وكان من قدماء أصحاب أبي عبد الله أحمد بن حرب الزاهد من الملازمين له، وقد روى عنه أبو عمرو المستملي وزنجويه بن محمد ومكي بن عبدان.

قال الحاكم: قرأت بخط أبي عمرو سماعه منه عن جماعة هؤلاء الشيوخ يوم الجمعة الثاني عشر من ذي الحجة سنة اثنتين وسبعين ومائتين، قال: وقال لي في هذا اليوم: جاوزت الثمانين.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل الهروي عن زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا الحافظ أبو عبد الله قال: حدثني أبو سعيد عن أبي حامد أحمد بن حمدويه قال: سمعت أبي يقول: توفي حمش التريكي الزاهد في شوال سنة خمس وسبعين ومائتين.
ذكر من اسمه حمل
حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم الكلبي العليمي وفد على النبي صلى الله عليه وسلم وشهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، ويغلب على ظني أنه كان من جبل بني عليم الكلبيين من ناحية معرة النعمان.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف الخشاب قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا هشام بن محمد قال: حدثني ابن أبي صالح رجل من بني كنانة عن ربيعة بن إبراهيم الدمشقي قال: وفد حارثة بن قطن بن زائر بن حصن بن كعب بن عليم الكلبي، وحمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأسلما، فعقد لحمل بن سعدانة لواء، فشهد بذلك اللواء صفين مع معاوية.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: حمل بن سعدانة بن حارثة بن معقل بن كعب بن عليم الكلبي.
حمل بن عبد الله الخثعمي:
شهد صفين مع معاوية وكان يومئذ أميراً على خثعم.
أنبأنا القاضي أبو نصر الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الحافظ قال: أبو غالب محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وقال أبو عبيدة: وكان على خثعم ولغها حمل بن عبد الله الخثعمي. قال الحافظ أبو القاسم.......
حميدان بن نصر بن خضير:
أبو جعفر البغدادي كان بحران، ودخل دمشق وحدث بها، فقد اجتاز بحلب أو ببعض عملها.
ذكر من اسمه حميد
حميد بن جعفر بن زهير المعري:
كان من أهل الأدب والفضل، وكتب الكثير وسمع بحلب أبا عبد الله الحسين بن خالويه وأكثر عنه، وروى عن أبي عيسى الطيب بن محمد بن الحسن الهاشمي، ووقفت على رسالة كتبها أبو العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري إلى أبي اليمن المسلم بن الحسن النصراني ناظر الديوان بحلب على يد أبي العلاء زهير بن حميد بن زهير ذكر فيها حميداً أباه فقال في الرسالة: وتصل هذه السطور من يد أبي العلاء زهير بن حميد بن زهير وكان والده رحمه الله ممن طلب الأدب في فطانه من شبابة الحملة ومسانه، والتمسه في نجد وغور واستكثر من زهره والنور.
وقرأت بخط جعفر بن أحمد بن صالح كاتب أبي العلاء المعري وصاحبه ونسيبه ما صورته: حميد بن جعفر بن زهير، وكان غلام ابن خالويه، وقرأ عليه وأكثر.
حميد بن حامد بن مغيث بن منقذ:
الكناني الشيرازي، الأمير من وجوه بني منقذ، وله ذكر.
قرأت في تاريخ أبي المغيث منقذ بن مرشد قال: سنة تسعين وأربعمائة: وفيها مات الأمير أبو الغنائم حميد بن حامد بن مغيث بن منقذ رحمهم الله، وكان موته يوم الأربعاء ثاني عشر جمادى الآخرة.
حميد بن الحسن بن عبد الله:
أبو الحسن الوراق، سمع بمنبج أبا الفضل صالح بن الأصبغ بن عامر المنبجي وبحمص أبا الخليل العباس بن الخليل الحمصي، وروى عنهما، وعن أحمد بن إبراهيم بن الحسن بن حبيب الزراد، وأبي جعفر محمد بن عبد الحميد وجعفر بن محمد الخطيب بقزوين، وأبي هاشم محمد بن عبد الأعلى بن عليل، وأبي العباس محمود بن محمد بن الفضل الرافقي، وجعفر بن محمد الجروي، والحسن بن حبيب الحضائري، ومحمد بن يوسف الهروي، ومحمد بن خريم وأبي عبد الله أحمد بن هشام بن عمار، وإبراهيم بن عبد الرحمن بن مروان، ومحمد بن حامد اليحياوي، وأحمد بن سعيد بن عتيب الصوري.

روى عنه أبو القاسم تمام بن محمد الرازي وأبو الحسن بن السمسار، والحافظ عبد الغني بن سعيد المصري، وعبد الوهاب الميداني، وأبو نصر بن الجبان ومكي بن محمد بن الغمر، وعبد الله بن محمد بن أيوب القطان.
حميد بن حريث بن بحدل بن أنيف بن دلجة الكلبي:
له ذكر، وغزا مع يزيد بن معاوية القسطنطينية حين أغزاه معاوية إياها في خلافته وقدم حلب مع عبد الملك بن مروان حين توجه لقتال مصعب بن الزبير، فلما كان ببطنان حبيب، ورجع عنه عمرو بن سعيد الأشدق خالعاً له ومضى إلى دمشق مضى معه حميد بن حريث بن بحدل ورجاء بن سراج وجماعة من أهل الشام حتى صاروا إلى دمشق ودخلوها، وملكها عمرو بن سعيد، وكان من أمره ما عرف.
حميد بن زنجويه:
واسم زنجويه مخلد بن قتيبة بن عبد الله، أبو أحمد الأزدي الخراساني النسائي، وزنجويه لقب لأبيه غلب على اسمه.
رحل إلى الشامات والعراق والحجاز ومصر، وسمع الكثير ودخل حلب أو عملها وكان فقيهاً محدثاً، روى عن النضر بن شميل، ومحمد بن يوسف الفريابي ووهب بن جرير ومؤمل بن إسماعيل وجعفر بن عون وإسماعيل بن أبي أويس وعبيد الله بن موسى العبسي، وعثمان بن عمر بن فارس البصري، ويزيد بن هارون وعلي بن الحسين بن واقد المروزي.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري ومسلم بن الحجاج، وعبد الله بن أحمد بن حنبل، وأبو محمد يحيى بن صاعد، وإبراهيم بن اسحاق الحربي، والقاضي أبو عبد الله الضبي المحاملي.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور بن زريق قال: أخبرنا أحمد بن علي بن ثابت قال: قرأت على الحسن بن أبي القاسم عن أبي سعيد أحمد بن محمد بن رميح النسوي قال: سمعت أحمد بن محمد بن عمر بن بسطام يقول: سمعت أحمد بن سيار يقول: حميد بن زنجويه بن قتيبة بن عبد الله، أبو أحمد الأزدي كان لا يخضب، وكان حسن الفقه، وقد كتب الحديث، وقد رحل إلى الشامات، وكان رأساً في العلم حسن الموقع عند أهل بلده وكان بنساً كهل يقال له حميد بن أفلح حسن صاحب سنة وجماعة قد جالس ابن أبي أويس، وكتب عن أبي عبيد وذكر أن ابن أويس سأله عن حميد بن زنجويه فقال: أخرجت مسائل لمالك كنت أحب أن ينظر فيها من أهل خراسان أحمد بن شبويه وحميد بن زنجويه.
قلت: الشامات خمسة إحداها الشام الخامسة وهي قنسرين وحلب، وقد ذكرنا ذلك في مقدمة الكتاب.
أنبأنا الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله الكاتب قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: حدثنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: سمعت محمد بن زياد النسوي قال: سمعت القاسم بن سلام قال: ما قدم علينا من قبل خراسان مثل ابن شبويه وابن زنجويه.
وقال أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرني الصوري قال: حدثنا عبيد الله بن القاسم الحمداني باطرابلس قال: أخبرنا عبد الرحمن بن إسماعيل الخشاب قال: حميد بن مخلد نسائي ثقة.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن - إذناً - قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب البغدادي قال: حميد بن زنجويه أبو أحمد الأزدي، وزنجويه لقب واسمه مخلد بن قتيبة بن عبد الله خراساني من أهل نسا كثير الحديث، قديم الرحلة فيه إلى العراق والحجاز والشام ومصر، وسمع النضر بن شميل المازني، وجعفر بن عون العمري، وعبيد الله بن موسى العبسي ويزيد بن هارون الواسطي، ووهب بن جرير، وعثمان بن عمر بن فارس البصريين وعلي بن الحسين بن واقد المروزي وإسماعيل بن أبي أويس ومؤمل بن إسماعيل، ومحمد بن يوسف الفريابي وغيرهم من طبقتهم.
روى عنه محمد بن إسماعيل البخاري، ومسلم بن الحجاج النيسابوري، وعامة الخراسانيين، وقدم بغداد وحدث بها فروى عنه من أهلها: إبراهيم بن اسحاق الحربي وعبد الله بن أحمد حنبل، ويحيى بن صاعد، والقاضي المحاملي، وكان ثقة ثبتاً حجة.
وقال الخطيب: أخبرني الصوري قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الأزدي قال: حدثنا عبد الواحد بن محمد بن مسرور قال: حدثنا أبو سعيد بن يونس قال: حميد بن مخلد، ويعرف مخلد بزنجويه بن قتيبة، نسوي قدم إلى مصر وحدث بها، وخرج عن مصر فتوفي سنة إحدى وخمسين ومائتين.
حميد بن سفيح بن إبراهيم بن سفيح:

أبو العباس سمع بأنطاكية أبا طاهر الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن فيل البالسي الأنطاكي، وبالمصيصة أبا معشر إبراهيم بن اسحاق بن إبراهيم، وأبا يوسف محمد بن سفيان الصفار المصيصيين، وبأذنه على بن يزيد الطائي الأذني.
وروى عنهم وعن عبد الله بن أحمد بن حنبل وأبي جعفر أحمد بن عيسى الخشاب وعمر بن إبراهيم بن سليمان، ونصر بن عبد الملك السنجاري، وأحمد بن اسحاق وسعيد بن خليفة، ومحمد بن محمد الجذوعي البصري، ومحمد بن إبراهيم بن سليمان الخوارزمي، ومحمد بن هشام المروروذي، ونصر بن الحارث بن أبي الفتح وغيرهم.
روى عنه أبو منصور محمد بن الحسين بن الصباح البلدي.
حميد بن الظريف:
أبو المكارم الواعظ القرشي شريف فاضل، واعظ شاعر حكى عنه أبو المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ، وقدم حلب ووعظ بها في المسجد الجامع، وحضر مجلسه الأكابر.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أبي جعفر أحمد بن علي الإمام، أذناً عن أبي المظفر أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ قال: اجتاز بي الأمير السيد الشريف العالم الواعظ، نظام الدين أبو المكارم حميد بن الظريف بحماة، فنزل بالقرب مني، ثم اجتمعت به بمدينة حلب فذكرني على الكرسي بمجلسه الجامع، وشكر وأطنب، ثم كتب إلي رقعة عنوانها الله قابل عذر العباد وفي ذيلها: بعض خدمه حميد بن الظريف، وفيها هذه الأبيات:
أعف عن الخادم فيما قصرا ... من مدحك الواجب حين أظهرا
غرست فضلاً فربا وأثمرا ... شكراً على مر المدى معمرا
لكنني سترته فاستترا ... سلبته النقط فصار سكرا
قال أسامة: فكتبت إليه:
يا أوحد العصر علاً وعنصرا ... وبحر فضل بالعلوم زخرا
أفحمني شكرك عن أن أشكرا ... نثرت من ذكري علي جوهرا
طوقتني دراً وفاح عنبرا ... وطاب من فيك فصار سكرا
حميد بن عبد الرحمن الرواسي:
الكلابي الكوفي له ذكر في التاريخ، وهو الذي حمل رأس زيد بن علي بن الحسين رضي الله عنه إلى هشام بن عبد الملك، فجاءه به وهو بالرصافة فأجاز حميد بن عبد الرحمن عشرة آلاف درهم، وبعث بالرأس مع رجل من بني عبس شامي الدار من جند قنسرين، فطاف به في أجناد الشام، ثم إلى مصر والمدينة، ثم رده إلى جسده.
كذا نقلته في بعض ما علقته من الكتب من الفوائد.
حميد بن علي الحتاني:
المعري من أهل حتان قرية من قرى معرة النعمان، شاعر حسن الشعر مطبوع وقع إلي من شعره ما نقلته من خط أبي المجد محمد بن عبد الله بن محمد بن عبد الله بن سليمان قال: دخل لص على حميد بن علي الحتاني فسرقه ولم يعلم الوالي: فلما علم استدعاه وحبسه إذ لم يعلمه فعمل هذه الأبيات:
قل للأمير ابن كثير الذي ... فاق الورى في العلم والعقل
وفارس الخيلين يوم الوغى ... ومغرس الإحسان والفضل
جرت أمور ما سمعنا بها ... في زمن الإنصاف والعدل
اللص في منزله آمن ... والحبس فيه صاحب الرحل
لو جاز هذا الحكم بين الورى ... لطولب المقتول بالقتل
فلما أنشده إياها أطلقه: ولحميد بن علي الحتاني، ونقلته من خط أبي المجد بن سليمان، أيضاً:
هجوتكم رغبةً فيكم ... وذلك للتاجر الحازم
يذم البضاعة من حذقه ... ليدفع عنها يد السائم
حميد بن قحطبة:

واسم قحطبة إياد بن شبيب بن خالد بن معدان بن شمس بن قيس بن كلب بن سعد بن عمرو بن غنم بن مالك بن نبهان الطائي، قائد مذكور من قواد بني العباس، وكان أحد السبعين الذين هم دعاة الدعاة الذين اختارهم الشيعة لإقامة الدعوة العباسية بخراسان بعد العشرين الذين هم بعد النقباء الاثني عشر، وكان أبوه قحطبة بن شبيب أحد النقباء الاثني عشر، والسبعون هم دعاة الدعاة وكان حميد مع عبد الله بن علي بن العباس حين توجه إلى الشام لقتال مروان بن محمد بن مروان، وكان أحد قواده وكان على ميسرته حين قدم قنسرين في سنة اثنتين وثلاثين ومائة، بعد أن بيض أو الورد مجزأة بن الكوثر بن زفر بن الحارث الكلابي، وأظهر الخلع للسفاح، ودعا أهل قنسرين إلى ذلك فأجابوه ووجه عبد الله بن علي قبل ذلك أخاه عبد الصمد بن علي في زهاء عشرة آلاف فناهضهم أبو الورد ولقيهم بين العسكرين فهزم عبد الصمد ومن معه، فلما قدم عبد الصمد على أخيه عبد الله أقبل ومعه حميد بن قحطبة، فالتقوا واقتتلوا بمرج الأجم بالقرب من قنسرين، وثبت لهم عبد الله بن علي وحميد بن قحطبة فهزموهم، وقتل أبو الورد.
ثم إن حميد بن قحطبة بعد موت السفاح بايع عبد الله بن علي مع غيره من القواد، فلما قدم أبو مسلم لقتال عبد الله بن علي وكان زفر بن عاصم الهلالي بحلب يومئذ من قبله، وكان عبد الله بن علي بحران، فوجه حميد بن قحطبة وكتب له كتاباً إلى زفر بن عاصم وفيه: إذا ورد عليك حميد فاضرب عنقه، فعلم بذلك وهرب وعاد إلى أبي مسلم خوفاً من عبد الله بن علي، ثم إن المنصور ولى حميد بن قحطبة الجزيرة وكان حميد قد نزل بعد هزيمة أبي الورد مع عبد الله بن علي على دابق فسيره عبد الله إلى أبان بن معاوية بن هشام بن عبد الملك، وقد قرب منه يريد بياته فلقيه حميد فهزمه وسار أبان إلى سميساط وقد ذكرنا ذلك في في ترجمة أبان.
قال أبو علي أحمد بن محمد مسكويه في كتاب تجارب الأمم: وكان أبو مسلم استخلف على خراسان خالد بن إبراهيم أبا داود، وكان عبد الله بن علي خشي أخبرنا لا يناصحه أهل خراسان فقتل منهم نحواً من سبعة عشر ألفاً ضروب القتل وكتب لحميد بن قحطبة كتاباً وجهه إلى حلب وعليها زفر بن عاصم، وفي الكتاب: إذا ورد عليك حميد بن قحطبة فاضرب عنقه، فسار إليه ثم فكر حميد في كتابه فلم ير من الصواب له أن يوصله ولم يقرأه ففك الطومار وقرأه فلما عرف ما فيه دعا قوماً من خاصته فأفشى إليهم أمره، وشاورهم وقال: من أراد أن ينجو ويهرب فليسر معي فإني أريد أن آخذ طريق العراق، ومن لم يحمل نفسه على السير فلا يفشين سري وليذهب حيث أحب واتبعه قوم وفوز بهم ونجا.
قرأت في تاريخ مختار الملك المسبحي قال: في سنة تسع وخمسين ومائة وفيها مات حميد بن قحطبة.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أنبأنا زاهر بن طاهر عن أبي القاسم البندار قال: أنبأنا أبو أحمد القاري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن يحيى الصولي إجازة قال: وفيها - يعني - سنة تسع وخمسين ومائة مات حميد بن قحطبة.
حميد بن مالك بن مغيث:
ابن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم أبو الغنائم بن أبي الفياض الملقب بمكين الدولة الكناني، الأمير كان شاعراً مجيداً وفارساً شديداً، وكان ولد بشيزر ومات بحلب، روى عنه مؤيد الدولة أبو الفضل أسامة بن مرشد بن علي بن منقذ، وأبو علي الحسين بن رواحة.
قرأت بخط أبي المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ: أنشدني الأمير مكين الدولة أبو الغنائم حميد بن مالك بن حميد لنفسه ونحن على جسور كامد بالبقاع، وأنبأنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أسامة:
من لم يحمد لم يجد وإن شرفت ... همته واعتلى به النسب
فاعلم يقيناً وكن على ثقة ... أن ملاك المروءة الذهب
قال أسامة: فقلت في الوقت هذين البيتين وأنشدته إياهما:
الجود والبخل في النفوس ولا ... تظن أن المروءة الذهب
كم من غني يداه خامدة ... ومن فقير نداه مكتسب

قرأت بخط العماد أبي عبد الله محمد بن محمد بن حامد الكاتب في كتابه الذي وسمه بذيل الخريدة وسيل الجريدة قال: الأمير مكين الدولة أبو الغنائم حميد بن أبي الفياض بن مالك بن منقذ من بني عم مؤيد الدولة: ذكره الفقيه ابن رواحة الشاعر وقالا: إنه مات بحلب بعد الزلزلة سنة ثمان وخمسين وخمسمائة قال: وأنشدني لنفسه بيتين قالهما في أهله حيث وقعت قلعة شيزر بالزلزلة عليهم وهما:
من سره أن يرى من دهره عجباً ... فليأتنا وظلام الليل مسدول
يرى الأحبة صرعى والديار على ... عروشها ونطاق المجد محلول
قال: وله إلى مؤيد الدولة أسامة:
بنو منقذ عقد المكارم والعلى ... وأنت على التحقيق واسطة العقد
فغيرك نال السعي بالسعد وادعاً ... وأنت امرؤ بالسعي ضرب إلى السعد
أأحبابنا عز اللقاء وما أرى ... تمادي هذا البين يفضي إلى جد
إذا قلت قد آن التداني تجددت ... خطوب من الأيام تحكم بالبعد
ولست ألوم الدهر فيما أصابني ... لأن التنائي كان مني على عمد
وبعدك مجد الدين أعظم خطة ... لقيت وما حال المفارق للمجد
ولو قيل لي اختر ما تشاء من المنى لما ... كان لي في غير رؤياك من قصد
وقوله:
يقولون لو كان الهوى منه صادقاً ... لأصبح مغراً بالفراق وذمه
ولولا احتجاجي بالتفرق والنوى ... لما فزت يوم الوداع بلثمة
وقوله:
ولم أنس يوم البين حسن اعتذاره ... إلي وشكواه صروف زمانه
وأودعني نار الأسى ببيانه ... وودعني خوف العدا ببنانه
هكذا رأيته بخط العماد الكاتب: حميد بن أبي الفياض بن مالك، وأبو الفياض كنيته مالك.
أنبأنا........قال: حميد بن مالك بن مغيث بن نصر بن منقذ بن محمد بن منقذ بن نصر بن هاشم أبو الغنائم الملقب بمكين الدولة الكناني، ولد بشيزر في تاسع جمادى الآخرة سنة إحدى وتسعين وأربعمائة ونشأ بها، وانتقل إلى دمشق فسكنها مدة طويلة، واكتتب في العسكر، وكان يحفظ القرآن، وله شعر جيد وفيه شجاعة وعفاف ومات في نصف شعبان سنة أربع وستين وخمسمائة بحلب.
حميد بن مخلد بن قتيبة بن عبد الله:
أبو أحمد بن زنجويه النسائي وزنجويه لقب مخلد قد ذكرناه. روى عنه أبو عبد الرحمن النسائي وقال: ثقة.
حميد بن هارون المصيصي:
هو أحمد بن هارون الذي قدمنا ذكره في الأحمدين، وأظن حميداً تصغير اسمه، فعرف به، والله أعلم.
حدث عن محمد بن كثير المصيصي، روى عنه عمر بن القاسم بن محمد بن بندار السباك.
أخبرنا أبو الفرج بن القبيطي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسن بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا عمر بن القاسم بن محمد بن بندار السباك قال: حدثنا حميد بن هارون المصيصي قال: حدثنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن الزهري عن أبي سلمة عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم. قال الزهري: وحدثني أبي عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إذا استيقظ أحدكم من نومه فلا يدخل يده في الإناء حتى يغسلها ثلاثاً فإنه لا يدري أين باتت يده " .
قال الشيخ - يعني - ابن عدي: وهذا الحديث بالإسناد الثاني، قال الزهري: وحدثني أبي عن أبي هريرة، لم يحدث به غير أحمد بن هارون هذا، وهو غير محفوظ ولم أجد لأحمد هذا أشنع من هذين الحديثين، يعني هذا وحديثاً قد سقناه في ترجمته المتقدمة فيمن اسمه أحمد.
حميد أبو قلابة:
كان مع عمر بن عبد العزيز بدابق حين استخلف، وحكى عنه، روى عنه حماد.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله الدامغاني - فيما أذن لي في روايته، وقرأت عليه إسناده - قال: أخبرنا أبي أبو منصور جعفر قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار بن المؤيد قال: أخبرنا أبو علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر بن جعفر القطيعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال حدثنا أبو كامل قال: حدثنا حماد عن حميد قال: لما استخلف عمر بن عبد العزيز، بكى وقال: يا أبا قلابة هل تخشى علي؟ قلت: كيف حبك للدرهم؟ قال: لا أحبه، قال: لا تخف إن الله سيغنيك.
حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة:
أبو عبد الله البغدادي الرصافي المكبر بجامع الرصافة ببغداد، كان دلالاً في بيع الأملاك ببغداد، وسمع في صباه مسند أبي عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل كاملاً من أبي القاسم بن الحصين، وسمع أبا إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي وأبا الفضل محمد بن ناصر السلامي، وأبا الحسن علي بن عبيد الله بن الزاغوني، وأبا المعالي أحمد بن منصور الغزال.
وحدث ببغداد وإربل والموصل وحلب ودمشق، وكان مظفر الدين كوكبوري بن علي، صاحب إربل بنى دار الحديث بإربل وكتب إلى الخليفة الناصر أبي العباس أحمد في إنفاذه وإنفاذ عمر بن طبرزد إلى إربل ليسمع منهما، وسير لكل منهما نفقة، فأنفذا إلى إربل، وحدث حنبل بإربل بمسند أحمد، وسمع الملك المحسن أبو العباس أحمد بن صلاح الدين يوسف بن أيوب بخبرهما فكاتب صاحب إربل في طلبهما إليه إلى دمشق، فاستأذن الخليفة في ذلك، وسير حنبل أولاً إلى دمشق، وسمع منه المسند مع جماعة كثيرة بدمشق، واجتاز بحلب في طريقه فلم يقم بها إلا ليلة واحدة، وظفر به بعض طلبة الحديث بحلب فسمعوا منه أربعين حديثاً خرجت له من المسند ولم يتفق لي السماع معهم، ودخلت دمشق زائراً البيت المقدس في سنة ثلاث وستمائة وحنبل بها فلم أسمع منه شيئاً لأنني لم أكن طلبت الحديث حينئذ لأن أول طلبي الحديث كان سنة أربع وستمائة، وعاد حنبل على طريق البرية إلى بغداد ولم يمر بحلب ففاتني السماع منه.
وروى لنا عنه أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بحلب، وأبو بكر عبد الله بن الخضر الحلبي بالعلا في طريق مكة، وأبو عبد الله محمد بن عبد الملك بن عثمان المقدسي بغزة وأبو البركات عبد السلام بن عبد الله بن تيمية الحراني بنصيبين، وأبو محمد عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي بدمشق.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عبد الواحد الحلبي بالعلا عند قفولنا من الحج والقاضي أبو محمد عبد الله بن محمد بن عطاء الأذرعي الطريفي بدمشق قالا: أخبرنا حنبل بن عبد الله بن الفرج المكبر الرصافي بحلب، وقال أبو محمد: بدمشق، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني أبي أبو عبد الله أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثنا عباد المهلبي عن هشام بن زياد عن عثمان بن أرقم بن أبي الأرقم المخزومي عن أبيه - وكان من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم - أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: " إن الذي يتخطى رقاب الناس يوم الجمعة، ويفرق بين الاثنين بعد خروج الإمام كالجار قصبه في النار " .
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي - قراءة عليه بحلب - قال: أخبرنا أبو عبد الله حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة الآمدي المكبر بقراءتي عليه بجامع المهدي بالرصافة، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد قال: أخبرنا حنبل بدمشق قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد الكاتب قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن حمدان بن مالك القطيعي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن أحمد بن محمد بن حنبل قال: حدثني أبي رحمه الله قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا حميد عن أنس بن مالك قال: إن كانت الأمة من أهل المدينة لتأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتنطلق به في حاجتها.

أنبأنا أبو البركات بن المستوفي قال: وطالما سمعته - يعني حنبل المكبر - يقول يا رب ارددني إلى بغداد، ولا تمتني حتى أكبر على الدكة التي كنت أكبر عليها، فعاد إلى بغداد ومات بها، فيما بلغني، في سنة أربع وستمائة، إن شاء الله.
قال: ونقلته من خطه وكان مع ابن طبرزد جزء ظهر فيه سماع حنبل بن الفرج على بعض مشايخ بغداد وسمعه ابن طبرزد لا يفعل، فقلت: نحضر على العادة للسماع ثم نقرأ عليهما ولا ينكر ابن طبرزد على عدة مشايخ، وأرادوا أن يجمعوا بينهما للسماع عليها وكان ابن جلرزد ذلك، فعرف حنبل هذه القضية فحضر فقلت: أخبركما شيخكما فلان - وسميته - ثم قلت لابن طبرزد: وأخبرك مشايخك وهم فلان وفلان، فلما قال حنبل: نعم جذب الجزء ابن طبرزد ونفر وقال: يا حنبل أين سمعت هذا الجزء؟ فقال: في موضع كذا بمحلة كذا، على الشيخ فلان، أنت أين سمعته؟ وطال الخصام بينهما زماناً حتى سكنا، وسمعنا عليهما بعد ذلك.
وقال لي الملك المحسن أحمد بن يوسف: اجتهدت جهدي كله أن أجد لحنبل حديثاً واحداً غير المسند فلم أجده.
قلت: سمع غير المسند من الشيوخ الذين ذكرناهم، وكان سماعه قليلاً ولعله لم يحضر معه إلى دمشق شيئاً من مسموعاته، فلهذا لم يظفر بشيء منها.
أنبأنا أبو عبد الله بن الدبيثي قال: سئل حنبل عن مولده فذكر ما يدل أنه في سنة عشر وخمسمائة أو سنة إحدى عشرة، وتوفي ببغداد بعد عوده من الشام في ليلة الجمعة رابع عشر محرم سنة أربع وستمائة، ودفن يوم الجمعة بالجانب الغربي بمقبرة باب حرب عن غير عقب ولا أهل، وقد جاوز التسعين، قال: وكان دلال الدور ببغداد وهو من أهلها كان يسكن الرصافة، ويؤذن في جامع المهدي.
أنبأنا الحافظ أبو عبد الله محمد بن محمود النجار البغدادي قال: حنبل بن عبد الله بن الفرج بن سعادة أبو عبد الله من أهل الرصافة سمع في صباه مسند أبي عبد الله أحمد بن حنبل كاملاً من أبي القاسم بن الحصين، وسمع أيضاً من أبي الحسن علي بن عبيد الله الزاغوني، وأبي القاسم بن السمرقندي، وأبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ، وحدث بالمسند ببغداد وبلاد الجزيرة والشام، وهو آخر من رواه عن ابن الحصين كاملاً ببغداد، كتبت عنه وكان شيخاً صالحاً حسن الأخلاق يكبر بجامع المهدي.
قال ابن النجار: أخبرني أبو الحسن بن القطيعي قال: سألت حنبل بن عبد الله الرصافي عن مولده فقال: ولدت سنة سبع عشرة وخمسمائة. قال: توفي حنبل بن عبد الله يوم الخميس الثالث عشر من المحرم سنة أربع وستمائة، وصلي عليه من الغد بباب ترب الخلفاء بالرصافة، ودفن بباب حرب.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المنذري قال: وفي ليلة الرابع عشر من المحرم - يعني - من سنة أربع وستمائة توفي الشيخ المسند أبو علي وأبو عبد الله حنبل بن عبد الله بن فرج بن سعادة الواسطي الأصل البغدادي المولد والدار، الرصافي المكبر ببغداد، ودفن من الغد بباب حرب، وسئل عن مولده فقال: سنة أربع عشرة أو خمس عشرة وخمسمائة، وسئل مرة أخرى فذكر ما يدل على أنه ولد في سنة عشر أو إحدى عشرة وخمسمائة.
سمع مسند الإمام أحمد رضي الله عنه من أبي القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين، وسمع أيضاً من الحافظ أبي القاسم إسماعيل بن أحمد السمرقندي، وأبي المعالي أحمد بن منصور الغزال، وحدث ببغداد ودمشق والموصل وغير ذلك في طريقه ذاهباً وراجعاً ولنا منه إجازة كتب بها إلينا من دمشق.
والرصافة التي نسب إليها هي رصافة بغداد، كان يكبر بجامع المهدي، وكان دلالاً في بيع الآدر والأملاك.
ذكر من اسمه حنش
حنش بن عبد الله بن عمرو بن حنظلة:
ابن نهد بن قيان بن ثعلبة بن عبد الله بن ثامر السبائي أبو رشدين الصنعاني غزا الصائفة مع فضالة بن عبيد واجتاز بحلب أو ببعض عملها معه في غزاته وصحب علي بن أبي طالب، وروى عنه وعن فضالة بن عبيد وعبد الله بن عباس وأبي هريرة، وأبي سعيد الخدري ورويفع بن ثابت.
روى عنه ابنه الحارث وقيس بن الحجاج وخالد بن أبي عمران وسلامان بن عامرة، وعامر بن يحيى، وسيار بن عبد الرحمن وربيعة بن سليم وأبو مرزوق حبيب بن الشهيد.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر بن العباس قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: أخبرنا أحمد بن خالد قال: حدثنا محمد بن اسحاق عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي مرزوق - مولى لتجيب - قال: حدثني حنش الصنعاني قال: غزوت المغرب وعلينا رويفع بن ثابت الأنصاري فافتتحنا قرية يقال لها جزية فقام فينا رويفع بن ثابت الأنصاري خطيباً فقال إني لا أقوم فيكم إلا ما سمعت من رسول الله صلى الله عليه وسلم: قام فينا يوم خيبر حين افتتحناها: من كان يؤمن بالله واليوم والآخرة فلا يأتين شيئاً من السبي حتى يستبريها.
حنش بن علي الهمداني:
الصنعاني صنعاء الشام قيل هو الذي يروي عن فضالة بن عبيد حديث القلادة، فإن كان كما قيل فقد غزا معه الصائفة، ويكون قد دخل حلب أو بعض عملها.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله بن عمر بن علي بن محمد قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن عثمان بن سنبك قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن موسى بن اسحاق الأنصاري قال: حدثنا إسماعيل بن اسحاق بن إسماعيل قال: سمعت علي بن المديني يقول: حنش - يعني - الذي روى عن فضالة بن عبيد: هذا حنش بن علي الصنعاني صنعاء الشام بها قرية يقال لها صنعاء وأبو الأشعث الصنعاني منها، قال: ليس هذا حنش بن المعتمر الكناني صاحب علي، ولا حنش ربيعة الذي صلى خلف علي صلاة الكسوف، ولا حنش صاحب التيمي.
حنظلة بن خويلد:
العنزي أو الغنوي، شهد صفين مع الفريقين وروي عن عبد الله بن عمرو بن العاص روى عنه أسود بن مسعود.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن خلف بن راجح بن بلال المقدسي بجبل قاسيون قال: أخبرنا الأسعد بن يلدرك بن أبي اللقاء قيل له: أخبركم أبو الخطاب علي بن عبد الرحمن بن عيسى بن الجراح قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الملك بن محمد بن عبد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن الفضل بن العباس بن خزيمة قال: حدثنا عيسى بن عبد الله زعاث قال: حدثنا ابن الأصبهاني قال: حدثنا محمد بن أبي شيبة عن العوام بن حوشب قال: حدثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد العنزي قال: وكان آمناً في الفريقين في أصحاب علي وأصحاب معاوية، قال: إني لجالس مع معاوية وعمرو بن العاص وعندهما عبد الله بن عمرو إذ أقبل رجلان يختصمان في رأس عمار، قال: فقال عبد الله بن عمرو: ليطب به أحدكما نفساً لصاحبه فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: " إنه تقتله الفئة الباغية " قال: فقال معاوية لعمرو: ألا ترى ما يقول هذا المجنون؟ قال: فما لك معنا؟ قال: فقال إن عمر شكاني إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: أطع أباك فأنا معكم ولست أقاتل.
ورواه أحمد بن محمد بن سلام عن عبد الرحمن بن محمد بن سلام عن يزيد عن العوام بن حوشب عن أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد الغنوي - بدل العنزي - فذكر نحوه.
أخبرنا بذلك المؤيد بن محمد الطوسي في كتابه قال: أخبرنا محمد بن كامل بن ديسم اجازة قال: أنبأنا أبو صالح محمد بن المهذب قال: حدثنا أبو عمر وعثمان بن عبد الله الطرسوسي قال: حدثنا أحمد بن محمد بن سلام قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن سلام قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا العوام بن حوشب قال حدثني أسود بن مسعود عن حنظلة بن خويلد الغنوي فذكره نحوه.
حنين بن اسحاق العبادي:
أبو زيد الحكيم والعباد من نصارى الحيرة، أنفذه بنو موسى بن شاكر مع غيره إلى بلد الروم فجاءهم بطرائف الكتب وغرائب المصنفات في الفلسفة والهندسة والموسيقى والارثماطيقي والطب، واجتاز بحلب أو ببعض عملها في دخوله إلى الروم، إن لم يكن أقام بها، وكان عارفاً بهذه العلوم وترجم كتباً كثيرة من اليونانية والسريانية إلى العربية، وصنف كتباً كثيرة.

قرأت في كتاب الفهرست تأليف أبي الفرج محمد بن اسحاق النديم بخط مظفر بن الفارقي، وذكر أنه نقله من خط مؤلفه أبي الفرج قال: حنين بن اسحاق العبادي ويكنى أبا زيد والعباد من نصارى الحيرة، وكان فاضلاً في صناعة الطب فصيحاً باللغة اليونانية والعربية والسريانية دار البلاد في الكتب القديمة ودخل بلد الروم وأكثر نقوله لبني موسى، وتوفي يوم الثلاثاء لست خلون من صفر سنة ستين ومائتين، وهو أول يوم من كانون الأول سنة ألف ومائة وخمس وثمانين للاسكندر الرومي، وله من الكتب التي ألفها سوى ما نقل من كتب القدماء: كتاب " أحكام الإعراب على مذاهب اليونانيين مقالتان " ، " كتاب المسائل في الطب للمتعلمين وزاد فيها حبيش الأعسم تلميذه مع كتاب الحمام مقالة " " كتاب اللبن مقالة " " كتاب علاج العين عشر مقالات لطيف " ، " كتاب الأغذية ثلاث مقالات " " كتاب تقاسم علل العين مقالة " " كتاب علاج أمراض العين مقالة " ، " كتاب آلات الغذاء ثلاث مقالات " ، " كتاب الأسنان واللثة مقالة " ، " كتاب للباه مقالة " ، " كتاب تدبير الناقه مقالة " ، " كتاب معرفة أوجاع المعدة وعلاجها مقالتان " ، " كتاب في المد والجزر مقالة " ، " كتاب السبب الذي صارت مياه البحر مالحة مقالة " ، " كتاب المولودين لثمانية أشهر مقالة " عمله لأم ولد المتوكل، " كتاب الترياق مقالة " ، " كتاب العين على طريق المسألة والجواب ثلاث مقالات " ، " كتاب ذكر ما ترجم من الكتب مقالتان " ، " كتاب قاطاغورياس على رأي ثامسطيوس مقالة " ، " كتاب رسالة إلى الطيفوري في مرض الورد " ، " كتاب القروح وتولده مقالة " ، " كتاب الآجال مقالة " ، " كتاب تولد النار بين الحجرين مقالة " ، " كتاب تولد الحصاة مقالة " ، " كتاب اختيار الأدوية المحرقة مقالة " ، " كتاب إلى ابن المنجم في استخراج كيميه كتب جالينوس " .
ذكر من اسمه الحواري
الحواري بن حطان:
ابن المعلى بن حطان بن سعد بن زيد بن لوذان بن غنم بن الساطع التنوخي، وإليه ينتسب بنو الحواري بمعرة النعمان فكان من الرجال المذكورين المقدمين، وهو الذي خرج بحاضر قنسرين على عبد الله المأمون ثم ظفر به، فعفا عنه.
قرأت في كتاب مشاكلة الناس لزمانهم تأليف أحمد بن أبي يعقوب بن جعفر بن وهب بن واضح، أبي العباس العباسي مولاهم في ذكر من عفا عنه المأمون، قال: وعن الحواري بن حطان التنوخي الخارج بحاضر تنوخ.
الحواري ويسمى أيضاً خير بن محمد:
ابن علي بن محمد بن أحمد بن محمد بن أحمد بن الحواري بن حطان بن المعلى أبو بشر التنوخي العميد المعري، قيل إن بني الحواري ينتسبون إليه، والصحيح أنهم ينتسبون إلى المذكور أولاً.
وكان أبو بشر هذا شاعراً مجيداً، وقع إلي من شعره هذه الأبيات قالها وقد وقف على داره بمعرة النعمان بعد هجوم الفرنج المعرة فرآها وقد خربت:
أهذه بين انكاري وعرفاني ... مسارب الوحش أم داري وأوطاني
جهلتها ولقد أبدت ملاعبها ... عهد الصبى بين إخواني وخلاني
فعجت أسألها والدمع منسكب ... والقلب في لوعة من وجده عان
يا دار مالي أرى الأيام قد حكمت ... فينا وفيك بحكم الجائر الجاني
فلو أجابت لقالت هكذا فعلت ... قدما بحيرة نعمان ونغمان
وفي مدائن أنو شروان معتبر ... للسائلين وفي سيف وغمدان
فاذهب لشأنك فالدنيا لها دول ... تمضي وتأتي وكل بينها فان
حوثرة بن سهل بن العجلان:
ابن سهيل بن كعب بن عامر بن عمر بن رباح بن عبد الله بن عبد بن فراض بن باهلة الباهلي أبو المثنى القنسريني، من أهل قنسرين، وهو أخو عجلان بن سهيل الباهلي، كان أمير مصر لمروان بن محمد، وكان معه يوم غلب على دمشق وكان سيء السيرة.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن اسحاق بن مندة عن أبيه قال: أخبرنا أبو سعيد بن يونس قال: حوثرة بن سهيل بن العجلان، كان أمير مصر لمروان بن محمد، وكان رجل سوء سفاكاً للدماء تحكى عنه حكايات في خطبه.
حوشب ذو ظليم:

بالضم والفتح، والضم أشهر قيل هو ابن طخية، وقيل ابن التباعي بن غسان بن ذي ظليم بن ذي الأستار ميسان، وقيل حوشب ذو ظليم بن عمرو بن شرحبيل بن عبيد بن عمرو بن حوشب الأظلوم بن ألهان بن شداد بن زرعة بن قيس بن صنعاء بن سبأ الأصغر بن كعب بن زيد بن سهل بن عمرو بن قيس بن معاوية بن جشم بن عبد شمس بن وائل بن غوث بن حمير بن قطن بن عوف، وقيل عريب بن زهير بن أيمن بن حمير بن سبأ الألهاني الحميري أبو مر، والألهان والأوزاع أخوان، روى حوشب عن النبي صلى الله عليه وسلم حديثاً في فضل من مات له ولد، وفي حديث إسلامه حديثاً.
روى عنه حسان بن كريب، وولده عثمان بن ذي ظليم.
وشهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وكان على رجالة أهل حمص، وحكى أبو البختري وهب بن وهب أن معاوية جعل حوشباً على كندة أهل حمص، وكان رئيساً في قومه متبوعاً.
أنبأنا أبو الحسن علي بن محمود بن أحمد الصابوني عن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن بن ننجاب قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمرو بن شمر عن جابر الجعفي عن عامر الشعبي عن صعصعة بن صوحان، والحارث بن أدهم قال: وخرج حوشب ذو ظليم - يعني - بصفين، فجعل يقاتل وهو يقول:
يا أيها الفارس ادن لا ترع ... أنا أبو مر وهذا ذو كلع
مسود بالشام ما شاء صنع ... قد أكثر العذر لديكم لو نفع
فأجابه الأشعث أو رجل من كندة:
أبلغ عني حوشباً وذا كلع ... وشرحبيل إذ هوى به الطمع
قوم جفاة لا حياء ولا ورع ... يقودهم ذاك السفيه المدرع
أنبأنا علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد - إجازة - قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: وحوشب ذكر في حديثه أن له صحبة، وليس بمشهور، لم يروه غير ابن لهيعة، وروى عن حوشب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول: لو أن جريج الراهب فقيهاً عالماً لعلم أن إجابته أمه من عبادة ربه.
ذكره ابن السكن في حرف الحاء من كتاب الحروف ثم قال: في حرف الذال: وذو ظليم روي عنه في قضية إسلامه، حديثه عند بعض ولده وفيه نظر.
هكذا ذكر ابن السكن وفرق بين حوشب وذي ظليم وجعلهما اثنين ولم ينسب واحداً منهما وهما واحد.
قال ابن السكن في ترجمة حوشب: أخبرنا بكر بن المرزبان قال: حدثنا عبد ابن حميد قال: حدثنا يحيى بن إسحق، ح.
قال: وأخبرنا أبو العباس محمد بن عبد الرحمن الدغولي قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حكيم قال: حدثنا عبد الله بن يزيد المقرئ قالا: حدثنا ابن لهيعة قال: أخبرني عبد الله بن هبيرة السبأي عن حسان بن كريب أن غلاماً منهم توفي بحمص فوجد عليه أبوه أشد الوجد، فقال له حوشب صاحب النبي صلى الله عليه وسلم: ألا أخبرك ما سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول في مثل ابنك: إن رجلاً من أصحابه كان له ابن وأدرك، فكان يأتي مع أبيه إلى النبي صلى الله عليه وسلم، ثم إنه توفي فوجد عليه، فقال له نبي الله صلى الله عليه وسلم لما رآه: أتحب لو أن ابنك كان كأشد الصبيان شطاطة وأكيسه، أتحب لو أن ابنك كأجرأ الفتيان جرأة، أتحب لو أن عندك ابنك كهلاً كأفضل الكهول وأسراه، أو يقال لك ادخل الجنة بثواب ما أخذنا منك؟.

وقال ابن السكن في ترجمة ذي ظليم: حدثني إبراهيم بن أحمد بن شريف الرملي قال: حدثنا عيسى بن غيلان السوسي قال: حدثنا عاصم بن هاشم بن مسعود بن عبد الله بن عبد خير الطائي الحمصي قال: حدثني محمد بن عثمان بن ذي ظليم عن أبيه عن جده ذي ظليم أنه لما أظهر الله نبيه ندب الناس إليه، فندب عبد خير في أربعين فارساً، فأتاه وهو جالس وأبو بكر وعمر، فقال: أيكم رسول الله؟ فقالوا: هذا فقال: ما الذي جئتنا به إن يك حقاً اتبعناك؟ قال: تشهد أن لا إله إلا الله وأني رسول الله وتقيم الصلاة وتؤتي الزكاة، وتأمر بالمعروف وتنهى عن المنكر، قال: إن هذا لحسن جميل، آمنت بما آمنت به، أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما اسمك قال: عبد شر، قال: أنت عبد خير، ادن يا عبد خير فقبل يد النبي صلى الله عليه وسلم وأعطاه كتابه إلى ذي ظليم، فآمن ذو ظليم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: حوشب بن طخية الحميري ويقال الألهاني، ذو ظليم أسلم على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقيل إنه قدم على النبي صلى الله عليه وسلم، واتفق أهل العلم بالسير والمعرفة بالخبر أن النبي صلى الله عليه وسلم كتب إلى حوشب ذي ظليم الحميري كتاباً، وبعث به إليه مع جرير البجلي ليتعاون هو وذو الكلاع - رئيسين في قومهما متبوعين - وهما كانا ومن معهما من اليمن القائمين بحرب صفين مع معاوية، وقتلا جميعاً بصفين، قتل حوشباً سليمان بن صرد الخزاعي وقتل ذا الكلاع حريث بن جابر، وقيل قتله الأشتر.
حدثت عن أبي نعيم بن عبد الله بن أحمد بن اسحاق الأصبهاني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن موسى قال: حدثنا علي بن أحمد بن أبي يزيد قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثني أبي قال: حدثنا عمرو بن شمر عن محمد بن سوقه عن عبد الواحد الدمشقي قال: نادى حوشب الحميري علياً يوم صفين، فقال: انصرف عنا يا ابن أبي طالب فإنا ننشدك الله في دمائنا ودمك، ونخلي بينك وبين عبدانك وتخلي بيننا وبين شائنا، ونحقن دماء المسلمين، قال علي: هيهات يا بن أم ظليم، والله لو علمت أن المداهنة تسعني في دين الله لفعلت، ولكان أهون علي في المؤونة، ولكن الله لم يرض من أهل القرآن بالسكوت والادهان إذا كان الله يعصى وهم يطيقون الدفاع والجهاد حتى يظهر أمر الله.
قال: وقد روي عن حوشب الحميري حديث مسنداً في فضل من مات له ولد رواه ابن نبيط عن عبد الله بن ميسرة عن حسان بن كريب عن حوشب الحميري عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: من مات له ولد فصبر واحتسب قيل له ادخل الجنة بفضل ما أخذنا منك.
قرأت في كتاب صفين عن أبي البختري وهب بن وهب قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: حدثنا إسماعيل بن عنان بن عبد الرحمن قال: حدثنا أحمد أبي خيثمة قال: حدثنا المدائني قال في خبر صفين: ثم حمل صاحب اللواء حوشب ذو ظليم وهو يقول:
أهل العراق ناسبوا وانتسبوا ... نحن اليمانيون فينا حوشب
وذو ظليم ذا كم المجرب ... فينا الصفيح والفتى المغلب
أهل العراق كلهم مذبذب ... في قتل عثمان وكل مذنب
إن علياً فيكم محبب
فحمل عليه سليمان بن صرد الخزاعي وهو يقول:
يا لك يوماً كاسفاً عصبصبا ... يا لك يوماً لا يواري مركبا
يا أيها الحي الذي تذبذبا ... لسنا نخاف ذا ظليم حوشبا
لأن فينا بطلاً مجربا ... ابن بديل كالهزبر مغضبا
أمسى علي عنده محببا ... يفديه بالأم ولا يبقى الأبا
ثم طعنه سليمان فقتله.
وقيل قتله الصرادق، حكى ذلك أبو البختري وهب بن وهب في خبر صفين عن جعفر بن محمد عن أبيه قال: فنهدت حمير ورأسها حوشب ذو ظليم ونهدت ربيعة ورأسها خالد بن المعمر فاضطربوا بالسيوف حتى قتل من الفريقين قتل ذريع، وبرز الصرادق وذو ظليم فاطعنا واختلفا فقتله الصرادق وفي ذلك يقول الصرادق:

جهدتم علينا آل حمير ضله ... ونحن أناس نعتلي في الوقائع
وحوشب قد لاقى وذاق وباله ... كما ذاق فيها ذو الكلاع صنائعي
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: كتب إلينا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد وأبو الغنائم ابنا علي بن الحسن بن أبي عثمان وأبو القاسم علي بن أحمد بن البسري وأبو الحسن الأخضر وأبو طاهر القصاري قالوا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا يزيد بن هارون قال: أخبرنا العوام بن حوشب عن عمرو بن مرة عن أبي وائل قال: قال أبو ميسرة عمرو بن شرحبيل وكان من أفاضل أصحاب عبد الله قال: رأيت في المنام كأني دخلت الجنة فإذا قباب مضروبة فقلت لمن هذه؟ فقالوا: لذي الكلاع وحوشب، وكانا ممن قتل مع معاوية، قلت: فأين عمار وأصحابه؟ قالوا: أمامك، قلت: وقد قتل بعضهم بعضا؟! قيل: إنهم وجدوا الله واسع المغفرة.
ذكر من اسمه حوي
حوي بن حوي الكندي:
شهد صفين مع معاوية، وجعله على كندة دمشق، له ذكر في كتاب صفين.
حوي بن مانع بن زرعة:
ابن محصن بن حبيب بن ثور بن خداش، من بني عامر بن السكاسك، شهد صفين مع معاوية بن أبي سفيان، وقيل هو الذي قتل عمار بن ياسر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله - فيما أذن لنا أن نرويه عنه - قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي قال: أخبرنا أحمد بن اسحاق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: قال أبو عبيدة: كان على كندة دمشق - يعني - حوي بن مانع، وهو قاتل عمار بن ياسر.
حوي بن أبي عمرو:
وقيل حي، وقيل حيني، أبو عبيد القرشي، مولى سليمان بن عبد الملك وحاجبه، وكان معه بدابق.
سمع أبا يزيد عطاء بن يزيد الليثي، وعبادة بن نسي الكندي، وروى عن داود بن الحضرمي وسالم بن عبد الله، والقاسم بن محمد بن أبي بكر، ونعيم بن سلامة وسعيد بن عبد الملك بن مروان، وصالح بن جبير الصدائي وعقبة بن وساج.
روى عنه أبو عبد الله محمد بن عجلان القرشي، وأبو عبد الله مالك بن أنس ورجاء والأوزاعي، وصالح بن أبي الأخضر اليمامي، وسهيل بن أبي صالح وأبو رزين.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد، قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر الشافعي قال: حدثنا قاسم بن زكريا قال: حدثنا أبو أحمد هارون بن حميد قال: حدثنا أبو داود عن صالح بن أبي الأخضر قال: حدثنا أبو عبيد صاحب سليمان بن عبد الملك قال: حج سليمان بن عبد الملك ومعه عمر بن عبد العزيز، فدخل عليه داود بن الحضرمي، وكان عامله على مكة وقد تطيب ولم يكن طاف طواف الزيارة، فقال له سليمان أنفرت بعد؟ قال: لا، قال: فما لك والطيب؟ قال: يا أمير المؤمنين إن عائشة كانت تذكر أنها طيبت النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو عبيدة: فأمرني فأرسلت إلى سالم والقاسم، فدخلا عليه فسألهما عن ذلك، فقال سالم: يا أمير المؤمنين أما عمر بن الخطاب فكان يقول: إذا رميتم الجمرة فقد حل كل شيء إلا الطيب وأما القاسم بن محمد فقال: يا أمير المؤمنين أخبرتني عائشة أنها طيبت رسول الله صلى الله عليه وسلم عند إحلاله وعند إحرامه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا أبو الفرج سعيد بن أبي الرجاء الصيرفي في كتابه قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الفضل الباطرقاني - قراءة عليه - قال: أخبرنا أبو اسحاق إبراهيم بن أحمد بن محمد بن إبراهيم الفارسي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن مخلد العطار الخضيب قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري قلت: حدثكم الهيثم بن عدي عن يونس بن يزيد عن الزهري قال: وكان سليمان يأذن عليه مولاه أبا عبيد.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن قشام إجازة عن الحافظ أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد.
ذكر من اسمه حيان
حيان بن أبجر:

له صحبة، وشهد مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه صفين، روى عنه ابناه عبد الملك وجبلة.
أنبأنا نصر بن أبي الفرج الحصري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر الحافظ قال: حيان بن الأبجر له صحبة يعد في الكوفيين، شهد مع علي صفين.
حيان بن بشر بن حيان:
ابن بشر بن حيان، وقيل بشر بن المخارق بن شبيب بن حيان بن سراقة بن مرثد بن حميري بن عتبة بن جذيمة بن الصيداء بن عمرو بن قعين بن الحارث بن ثعلبة بن ذودان بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو بشر بن أبي المخارق بن أبي بشر الأسدي القاضي قاضي المصيصة، وكان من بيت القضاء والعلم ولي جده حيان بن بشر بن المخارق القضاء بأصبهان في أيام المأمون، وولي قضاء الشرقية ببغداد في أيام المتوكل، وولي من بيته قضاء القضاة ببغداد عمر بن أكثم بن أحمد بن حيان بن بشر أبو بشر، وولي أبوه وجده وجد أبيه القضاء.
حدث بالمصيصة عن أحمد بن حرب الطائي، ويحيى بن آدم، وسليمان بن عبد الخير، روى عنه أحمد بن علي بن عبد الله، محتسب المصيصة، وعمر بن مؤمل، وأبو يعلى الموصلي، وبسام بن الفضل البغدادي وأبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي، وأبو القاسم فرج بن إبراهيم بن عبد الله النصيبي، وأبو علي سعيد بن عثمان بن السكن.
أخبرنا القاضي جمال الدين أبو القاسم عبد الصمد بن أبي الفضل الحرستاني قال: أخبرنا علي بن المسلم الفقيه قال: أخبرنا أبو نصر بن طلاب قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن جميع الصيداوي قال: حدثنا حيان بن بشر الأسدي بالمصيصة قال: حدثنا أحمد بن حرب قال: حدثنا عبد المجيد بن عبد العزيز بن أبي رواد قال: حدثنا ابن جريج عن حبيب بن أبي ثابت عن عاصم بن ضمرة عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: " من أحب أن يمد في عمره ويبسط له في رزقه ويستجاب له دعاؤه وتصرف عنه ميتة السوء فليتق الله وليصل رحمه " .
قرأت في كتاب القضاة للحافظ عبد الغني بن سعيد قال: حيان بن بشر بن حيان بن بشر بن حيان، يكنى أبا بشر قال لي عمر بن مؤمل: هو من رهط بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة بن حيان، وكان في الزهد على غاية، وكان يخرج وهو قاض إلى الباقلاني فيشتري الباقلاء في قصعة ويرجع إلى بيته، وجئت يوماً إلى حيان بن بشر في علة موته وقد بقي علي من كتاب وكيع شيء وإذا هو يطلب قارورة البول فلما رآني قال: ناولني إياها فناولته فتذمم لي فقال: ما جاء بك؟ قلت أريد تمام كتاب وكيع، فقال: اقرأ فقرأت جميع ما بقي علي، فلما أردت أن أقوم قلت له: يا سيدي لك حاجة؟ قال: نعم، قلت: ما هي؟ قال: لا ترني وجهك بعد اليوم، قلت: نعم، فما رآني حتى مات.
قال عبد الغني: وقال لي عمر بن المؤمل: جاء رجل إلى حيان بن بشر ونحن عنده لنسمع منه تاريخ يحيى بن معين، فقال له: ما اسمك؟ قال: محمد، قال: ابن من؟ قال: ابن إبراهيم قال: ابن من؟ قال: ابن محمد، قال: ابن من؟ قال: ابن إبراهيم، قال: وإيش صنعتك؟ قال: بيطار قال: وأبوك؟ قال: بيطار، قال: وجدك؟ قال: بيطار، قال: وجد أبيك؟ قال: بيطار، قال: أنت بيطار ابن بيطار بن بيطار، وأنا قاض بن قاض بن قاض بن قاض، حيان بن بشر بن حيان بن بشر.
قال عبد الغني: قال لي عمر بن المؤمل: كنا عنده يوماً فأقبل فتى حسن الوجه فدخل إلى منزله فقال لي: ما تعرف هذا؟ قلت: لا، قال هذا هرم بن حيان وليس بصاحب أويس، هذا هرم ابني.
قلت: قول عمر بن المؤمل هو من رهط بشر بن موسى بن صالح بن شيخ بن عميرة بن حيان يشير إلى أنهما يجتمعان في حيان بن سراقة بن مرثد الأسدي وكان بشر بن موسى ابن أخت جده حيان، وكان أصبهانياً، وكان من جلة أصحاب الحديث، روى عنه ابن أخته بشر بن موسى، وذكره أبو بكر الخطيب في تاريخ بغداد بما أنبأنا به أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: حيان بن بشر بن المخارق الأسدي، أبو بكر.
وقال الخطيب: أخبرنا علي بن المحسن قال: أخبرنا طلحة بن محمد بن جعفر قال: وحيان رجل من جلة المسلمين تقلد القضاء في نواح كثيرة، وتقلد أصبهان، ثم قلد الشرقية.

ونسب الخطيب جده هكذا فقال: حيان بن بشر بن المخارق، وخالف عبد الغني فإن عبد الغني سمى جد جده حيان، والصحيح ما ذكره الخطيب وجده كان أصبهانياً.
حيان بن قيس بن عبد الله بن وحوح:
وقيل بدل وحوح عمرو: ابن عدس بن ربيعة بن جعدة بن كعب بن ربيعة بن عامر بن صعصعة بن بكر بن هوازن بن.
وكان مغالباً.
وقال أبو عبيدة معمر بن المثنى كان النابغة الجعدي ممن ذكر الجاهلية، وأنكر الخمر والسكر، ما يغير العقل، وهجر الأزلام والأوثان وقال في الجاهلية:
الحمد لله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلما
وكان يذكر دين إبراهيم عليه السلام والحنيفية ويصوم ويستغفر ويتوقى أشياء لغوا فيها، ووفد على رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال له:
أتيت رسول الله إذ جاء بالهدى ... ويتلو كتاباً بالمجرم نيرا
وجاهدت حتى ما أحس ومن ... معي سهيلاً إذا ما راح ثمت عفرا
أقيم على التقوى وأرضى بفعلها ... وكنت من النار المخوفة أزجرا
وحسن إسلامه، وأنشد النبي صلى الله عليه وسلم، فقال له: لا يفضفض الله فاك.
وروى عمر بن شبه قال: حدثني بعض أصحابنا عن ابن داب قال: لما خرج علي عليه السلام إلى صفين خرج معه نابغة بني جعدة فساق به يوماً فقال:
قد علم المصران والعراق ... أن علياً فحلها العناق
أبيض جحجاح له رواق ... وأمه غالي بها الصداق
أكرم من شد به نطاق ... إن الألى جاؤوك لا أفاقوا
سقتم إلى نهج الهدى وساقوا ... إلى التي ليس لها عراق
في ملة عادتها النفاق
فلما قدم معاوية الكوفة قام النابغة بين يديه فقال:
ألم تأت أهل المشرقين رسالتي ... فإني نصيح لا يبيت على عتب
هلكتم وكان الشر آخر عهدكم ... لئن لم تدارككم حلوم بني حرب
وقد كان معاوية كتب إلى مروان في النابغة، فأخذ مروان أهله وماله، فدخل النابغة على معاوية وعنده عبد الله بن عامر، ومروان، فأنشده:
من راكب يأتي ابن هند لحاجتي ... بكوفان والأنباء تنمي وتجلب
ويخبر عني ما يقول ابن عامر ... ونعم الفتى يأوي إليه المغضب
فإن تأخذوا مالي وأهلي بظنة ... فإني لجواب الرجال مجرب
صبور على ما يكره المرء كله ... سوى الظلم إني إن ظلت سأغضب
فالتفت معاوية إلى مروان فقال: ما ترى؟ قال: أرى أن لا ترد عليه شيئاً، فقال: ما أهون والله عليك أن ينجر هذا في غار، ثم يتقطع عرضي علي، ثم تأخذه العرب فترويه، أم والله إن كنت لممن يرويه، اردد عليه كل شيء أخذته له.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي ابن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف. ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن محمود بن عبد الله بن الملثم قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسين الفراء - إجازة - قال: حدثنا عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل قالا أخبرنا أبو محمد الحسين بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: أنشدنا إسماعيل بن اسحاق السراج قال: أنشدنا محمد بن سلام الجمحي لنابغة الجعدي.
الحمد لله لا شريك له ... من لم يقلها فنفسه ظلماً
المولج الليل في النهار وفي ... الليل نهاراً يعرج الظلما
الخافض الرافع السماء على ال ... أرض ولم يبن تحتها دعما
الخالق البارئ المصور في ... الأرحام ماء حتى يحور دماً
ثم عظاماً أقامها عصب ... ثبت لحماً كساه فالتأما
ثم كسا الريش والعقائب ... أبشاراً جلداً تخاله أدما
من نطفة قرها مقدرها ... يخلق منها الإنسان والنسما

واللون والصوت والمعايش ... والخلائق شتى وفرق الكلما
ثم لا بد أن سيجمعكم ... والله جهراً شهادة قسما
فائتمروا ما بدا لكم رشداً ... واعتصموا إن وجدتم عصما
في هذه الأرض والسما ولا ... عصمة منه إلا لمن رحما
يا أيها الناس هل ترون ... إلى فارس بادت وأنفها رغما
أمسوا عبيداً يرعون شاءكم ... كأنما كان ملكهم حلما
أو سبأ الحاضرون مأربا ... إذ يبنون من دون سيله العرما
فغرقوا في البلاد واغترفوا ... الذل وذاقوا البأساء أبو العدما
وبدلوا السدر والأراك به ... الخمط وأضحى البنيان منهدما
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل عن زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم البندار - إجازة - قال: أنبأنا أبو أحمد القارئ عن أبي بكر الصولي عن أبي العيناء عن الأصمعي قال: أنشدت الرشيد أبيات النابغة الجعدي من قصيدته الطويلة:
فتى تم فيه ما يسر صديقه ... على أن فيه ما يسوء الأعاديا
فتى كملت أعراقه غير أنه ... جواد فلا يبقى من المال باقيا
أشم طويل الساعدين شمردل ... إذا لم يرح في للمجد أصبح غاديا
فقال الرشيد: ويله ولم لم يروحه في المجد كما أغداه؟ ألا قال: " إذا راح للمعروف أصبح غادياً " فقلت: أنت والله يا أمير المؤمنين في هذا اعلم منه بالشعر.
أنبأنا أحمد بن أزهر بن السباك عن أبي بكر بن عبد الباقي قال: أنبأنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عبيد الله محمد بن عمران المرزباني - إجازة - قال حدثنا علي بن سليمان الأخفش عن أبي العباس ثعلب قال: الأصمعي: قلت لبعضهم: ما تقول: في شعر الجعدي: قال صاحب خلقان: عنده مطرف بألف، وخلق بدرهم.
قال المرزباني: وحدثني عبد الله بن يحيى العسكري قال: حدثني إبراهيم ابن عبد الصمد قال حدثنا الكراني قال: حدثني العباس بن ميمون طائع قال: حدثني الأصمعي قال حدثني أبو عمرو بن العلاء قال: سئل الفرزدق عن الجعدي فقال: صاحب خلقان: يكون عنده مطرف بألف، وخمار بواف، قال الأصمعي: وصدق الفرزدق: بينا النابغة في كلام أسهل من الزلال وأشد من الصخر إذ لان، فذهب، ثم أنشدنا له:
سما لك هم ولم تطرب ... وبت ببث ولم تنصب
وقالت سليمى أرى رأسه ... كناصية الفرس الأشهب
وذلك من وقعات المنون ... ففيئي إليك ولا تعجبني
أتين على أخوتي سبعة ... وعدن على ربعي الأقرب
وبعده أبيات، ثم يقول بعدها:
فأدخلك الله برد الجنان ... جذلان في مدخل طيب
فلان كلامه حتى لو أن أبا الشمقمق قال هذا البيت لكان رديئاً ضعيفاً.
قال الأصمعي: وطريق الشعراء إذا أدخلته في باب الخير لان ألا ترى أن حسان بن ثابت كان علا في الجاهلية والإسلام فلما دخل شعره في باب الخير من مراثي النبي صلى الله عليه وعلى آله وسلم وحمزة وجعفر عليهما السلام وغيرهم لان شعره وطريق الشعر هي طريق الفحول مثل امرئ القيس وزهير، والنابغة من صفات الديار والرحل والهجاء والمديح والتشبيب بالنساء وصفة الخمر والخيل والحروب فإذا أدخلته من باب الخير لان.
قال المرزباني: وحدثني إبراهيم بن شهاب قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام قال: كان الجعدي مختلف الشعر مغالباً، قال الفرزدق: مثله مثل صاحب الخلقان يرى عنده ثوب خز أو عصب، وإلى جانبه سمل كساء، وإذا قالت العرب مغلب فهو مغلوب وإذا قالوا: غلب فهو غالب، غلبت ليلى على الجعدي وغلب عليه أوس بن مغراء القريعي، ولم يكن إليه في الشعر ولا قريب، وغلب عليه عقال بن خويلد العقيلي وكان مفحماً بكلام بلا شعر، وهجاه سوار بن أوقى وفاخره وهجاه الأخطل بآخرة.

قال المرزباني: أخبرنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: حدثنا الأصمعي قال: أفحم النابغة ثلاثين سنة بعد قوله الشعر، ثم نبغ فقال، والشعر الأول من قوله جيد، والآخر كأنه مسروق وليس بجيد، قال أبو حاتم: قال النابغة الجعدي وهو ابن ثلاثين سنة فقال: ثلاثين سنة ثم أفحم ثلاثين سنة، ثم نبغ فقال ثلاثين سنة أو قرابتها.
قال المرزباني: حدثني أبو عبد الله الحكيمي قال: حدثني محمد بن موسى البربري قال: حدثنا محمد بن سلام قال: قال النابغة لعقال بن خويلد، ح.
قال المرزباني: وحدثني علي بن عبد الرحمن قال: أخبرني يحيى بن علي بن يحيى المنجم عن أبيه قال: حكى أبو الورد الكلابي قال: قال النابغة لعقال بن خويلد العقيلي وكان أجار بني وائل بن معن بن مالك بن أعمر وكانوا قتلوا رجلاً من بني جعدة وكانوا يطالبونهم بدمه فحذر النابغة عقالاً أن يصيبه في ظلمه ما أصاب كليب وائل في تعديه عليهم، وأن يقع بينهم ما وقع بين عبس وذبيان في حرب داحس والغبراء من الشر فقال:
أبلغ عقالاً أن غاية داحس ... بكفيك فاستأخر لها أو تقدم
فقال عقال: لا بل أتقدم يا أبا ليلى. قال النابغة:
يجير علينا وائلاً في دمائنا ... كأنك مما نال أشياعها عم
فقال عقال: بل على عمد يا أبا ليلى، فقال النابغة:
كليب لعمري كان أكثرنا ناصراً ... وأيسر جرماً منك ضرج بالدم
رمى ضرع ناب فاستمر بطعنة ... كحاشية البرد اليماني المسهم
وما علم الرمح الأصم كعوبه ... بثروة رهط الأبلخ التظلم
فقال عقال: لكن است حامله تعلم، وقال يحيى في حديثه: لكن حامله يعلم فغلب عليه عقال بهذا الكلام.
قال المرزباني: حدثني إبراهيم بن شهاب قال: حدثنا الفضل بن الحباب عن محمد بن سلام قال: حدثني أبو الغراف قال: قال النابغة الجعدي: إني وأوس بن مغراء لنبتدر بيتاً ما قلناه بعد لو قد قاله أحدنا لقد غلب على صاحبه.
قال ابن سلام: وكانا يتهاجيان ولم يكن أوس إلى النابغة في قريحة الشعر، وكان النابغة فوقه، فقال أوس بن مغراء:
فلست بعاف عن شتيمة عامر ... ولا حابسي عما أقول وعيدها
ترى اللؤم ما عاشوا جديداً عليهم ... وأبقى ثياب اللابسين جديدها
لعمرك ما تبلى سرابيل عامر ... من اللؤم ما دامت عليها جلودها
فقال النابغة: هذا البيت الذي كنا نبتدر، وغلب الناس أوساً على النابغة.
حيان بن هوذة النخعي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكانت معه راية علي ليلة الهرير، وقتل يومئذ هو وأخوه بكر بن هوذة، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة أبان بن قيس.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي محمد عبد الله بن أحمد النحوي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا ابن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم بن ديزيل قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد بإسناده الأول في خبر صفين يعني عن الحارث بن حضيرة عن أبي الكنود وغيره، قال: فاجتلدوا بالسيوف من صلاة الغداة إلى نصف الليل والأشتر في ميمنة الناس وابن عباس في الميسرة وعلي عليه السلام في القلب، والناس يقتتلون فجعل علي يزحف بأصحابه ويقول لهم: ازحفوا قيد رمحي هذا، فإذا فعلوا سألهم مثل ذلك، حتى التقوا ثم دعا علي عليه السلام نفر يسير، وركز رايته، وكانت مع حيان بن هوذة النخعي، فاقتتلوا إلى نصف الليل بم يصلوا لله عز وجل صلاة إلا تكبيراً فافترقوا على سبعين ألف قتيل، قال: وهي ليلة الهرير وجعل يهر بعضهم إلى بعض ويكدم بعضهم بعضاً. قال: وخرج علي يومئذ وهو يسير على فرسه في كيانته فقال: من يشري نفسه لله عز وجل.
ذكر من اسمه حيدرة
حيدرة بن أحمد بن عمر بن موسى:
أبو تراب الربعي الحراني، ويعرف بابن قطرميز، رجل فاضل أديب شاعر، كان مبرزاً في علم القرآن العظيم وله إطلاع على سائر العلوم وله شعر لا بأس به، كان منقطعاً إلى الأمير شرف الدولة مسلم بن قريش جليسه ومحادثه، وانقطع بعده إلى أبي سلامة مرشد بن منقذ، روى عنه مرشد.

قرأت بخط أبي المظفر أسامة بن مرشد بن منقذ في جزء كتبه لابن الزبير جواباً عن أسماء جماعة من الشعراء فكتب له في الجزء المذكور جماعة وشيئاً من أشعارهم ليودعه في كتاب جنان الجنان.
وأنبأنا به أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أجاز لنا أسامة بن مرشد وقال: الرئيس أبو تراب حيدرة بن أحمد بن عمر بن موسى رجل عالم قد خاض في كل العلوم، ونال منها حظاً جسيماً، وبرز في قراءة القرآن وعلومه، ولم يكن مشتهراً بالشعر، وكان أقل فضائله، وليس هو من أهل الشام وإنما ورد إليه من الشرق خاطراً فتمسك به والدي أبو سلامة مرشد بن علي رحمه الله، وترك له ما اقترح، وقرأ عليه القرآن والنحو وعلم النجوم، وكان هذا الرجل يعرف بابن قطرميز وسبب ذاك أن رجلاً من أماثل أهل الجزيرة يعرف بابن قطرميز تزوج والدته، وكان له ولد في عمر أبي تراب، فألزمه بقراءة العلوم وأبو تراب معه، فمهر أبو تراب وبلغ ما لم يبلغه ولده، واشتهر فنسب إلى زوج أمه.
قال أسامة: شاهدت منه كتاباً إلى والدي رحمه الله يقول فيه: وقد كنت بحسن رأيه وبدوام علائه رضي البال بالغ الآمال، فحين علم الزمان ذلك من عيشتي الراضية رماني بسهام قاضية فأعادت الصفاء رنقاً والعذاب طرقاً.
فلو كان قلبي كالقلوب أذابه ... فراقكم لكنه جلمد صخر
أقول إذا اشتد اشتياقي إليكم ... ودون لقائي مسلك فدفد وعر
إلى الله أشكو ما جنته يد النوى ... على مدنف أحشاؤه حشوها جمر
خليلي مالي والليالي كأنما على ... الدهر من تفريق إلفتنا نذر
فوا لهفي حتام ألقاه عاتباً ... ووا أسفاً كم أرتجي نفد العمر
فلو كان للأيام عهد عتبتها ... ولكنها الأيام شميتها الغدر
وحتى متى أدعو الزمان وأين من ... أنادي كأن الدهر في أذنه وقر
فإن كان لي زين الدولة الملك حافظاً ... عهودي فما آسي على ما حمى الدهر
همام أعاد الدهر طوع إرادتي ... فليس له نهي علي ولا أمر
فتى شرفته نفسه وجدوده ... وبيض المواضي والمثقفة السمر
وقال أسامة - ونقلته من خطه في الكتاب المذكور - وصنف لوالدي كتاباً في النجوم سماه المنهاج أحسن فيه افتتحه بقصيدة لم أحفظ منها سوى هذين البيتين:
فأف من الحياة وأف مني ... فكم أغضي على قهر وقسر
فطوراً في كفر طاب وطورا ... إلى حران أنضيها وأسري
قال أسامة: وكان له أهل بحران وأهل بشيزر، فإن كان هذا المذكور هو الذي اشتمل عليه الرقم ووسم بأبي تراب الربعي، إلا فما أعرف سواه قرأت في مجموع جمعه بعض أهل حلب قال: حيدرة بن أحمد بن عمر بن موسى أبو تراب الربعي. من أهل الشرق، ورد إلى حلب، ثم انقطع إلى ابن منقذ، وكان عنده أنواع من العلوم، وذكر له الأبيات الرائية المرفوعة.
حيدرة بن إسماعيل بن سالم:
الكاتب كان أحد كتاب الوزير أبي العز بن صدقة وزير أبي المكارم مسلم بن قريش، وكان ذا أدب وافر وعلم ظاهر، وفخر سني وكتابة حسنة وكان بليغاً.
قرأت في المجموع الذي جمعه بعض أهل حلب وقدمت ذكره في الترجمة المتقدمة قال: وقيل - يعني - لحيدرة بن إسماعيل لما أراد الاتصال بخدمة ابن الفرات: بماذا تخدم الوزير؟ قال: بأن لا أكذبه إذا سأل، ولا أصدقه إذا سكت، ولا أخونه إذا ولى، ولا أذمه إذا عزل، ولا أساعد له عدواً، ولا أجالس من كان عنده ظنيناً، ولا أسأله عما لم ينله نظري، ولا أرتفع فوق قدري، ولا أكتسب من غيره، ولا أشكر على نعمته سواه، وإن حسن موقعي منه شكرته للزيادة فيما فزت به، وإن جرى المقدار بخلاف ذلك، كنت غير لائم لنفسي ولا أعتب على فعلي، قال: ومن شعره:
إن كنت في الحق لا تجوزني ... فإنني قد أجوز في الغلط
إن لم أكن من خيار ما ضمه ال ... عدل فهبني لفاقة السقط
كذا كان في المجموع المشار إليه لما أراد الاتصال بخدمة ابن الفرات، ويغلب على ظني أنه تصحف عليه أبي العز بابن الفرات، وأظن أن آخر البيت الثاني: " فهبني نفاية السقط " والله أعلم.
حيدرة بن الحسن بن أحمد:

ابن علي بن عبيد الله بن محمد بن عبد الله بن محمد بن بهلول الحلبي، أبو تراب العدل الخطيب بن أبي أسامة، من ولد أسامة بن زيد من بيت مشهور بحلب، وفيهم جماعة من أهل العلم والحديث والأدب والخطابة بحلب، وقد ذكرنا جده أحمد وعم أبيه أبا القاسم الحسين، وسنذكر جد جده الخطيب أبا أسامة عبد الله، وأباه محمد بن بهلول، وكان أبو تراب هذا خطيباً بليغاً له ديوان خطب حسنة الإنشاء، وله شعره، وكان إمامي المذهب، خطب بجامع حلب سنة ثلاث وستين وأربعمائة وقت حصار العادل ألب أرسلان بحلب محمود بن نصر بن صالح، ثم عزل، ثم خطب ثانياً بحلب للمصريين حين خطب الملك رضوان بن تتش للمصريين وقطع خطبة بني العباس، وعزل جد أبي القاضي أبا غانم عن القضاء والخطابة في سنة تسعين وأربعمائة، وقيل إن أبا تراب لم يعش بعد ذلك إلا مدة يسيرة، ومات وكان قد أسن، ووقفت على شهادته في كتاب من كتب أوقاف الحلبيين مؤرخة بسنة خمس وثلاثين وأربعمائة، فيدل على أن مولده كان في حدود الأربعمائة بعدها.
وذكر لي بعض بني أسامة الحلبيين أنه ما زال مستمراً في الخطابة للمصريين بالبياض إلى آخر سنة خمس وسبعين وأربعمائة وليس كذلك، بل خطب لبني العباس بالسواد في سنة اثنتين وستين وأربعمائة في أيام محمود ثم أعاد الخطبة للمصريين حين حصره ألب أرسلان، ثم أعادها لبني العباس في سنة ثلاث وستين حين خرج إلى ألب أرسلان وأطاعه، واستمرت الخطبة لبني العباس إلى زمن رضوان كما ذكرناه.
وسمع أبو تراب الخطيب الحديث من أبي عبيد الله عبد الرزاق بن أبي نمير العابد الأسدي، سمع منه ولداه: أبو القاسم عبد الله بن حيدرة، وأبو الفرج عبد الواحد بن حيدرة، وعبد الله بن عبد السلام النائب بحلب.
قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي العظيمي، وأخبرنا به أبو اليمن الكندي - إذناً عنه - قال: وفي هذه السنة - يعني - سنة تسعين وأربعمائة خطب الملك رضوان بحلب للمصريين، وكان الخطيب أبو تراب له حكاية معروفة، وكان هذا الخطيب رأى مناماً أنه لا يموت حتى يعود يخطب للمصريين دفعة ثانية، لأنه خطب لهم بحلب في حصار السلطان العادل فكان كذلك.
قرأت في خطب أبي تراب حيدرة من نسخة بخط ولده، وقرأها عليه: أيها الناس العجل العجل قبل مرافصة الأجل وظهور القلق والوجل ومقام التوبيخ والخجل عند الوقوف بين يدي الله عز وجل، فكأنكم بطارق المنية قد قطع الأمنية، ونزل الحق الصراح، فنادى بعز لا براح، فلو أن له ما في الأرض جميعاً ومثله معه ما دفع عنه ما نزل به ولا نفعه، فعلت الضجة عند تلف المهجة، وأرملت الصاحبة وندبت النادبة ووجبت نقلته من منزله وإزعاجه، وقال أحب الناس إليه: كرامته إخراجه فأصابه من جميع ما ملكه أكفانه وما حوته من الطيب أجفانه، وشيعه الأماثل إلى أن أودعوه لحده وخلفوه مفرداً وحده فعاين هنالك أحواله، فإذا كل ما هو فيه عليه لا له، فرحم الله امرءاً سمع فوعى، وكان بما يسمعه منتفعاً قبل فوت الإمكان، واشتمال الندامة على ما أسلفه من عمله ورآه قدامه.
ومن خطبة أخرى: أيها الناس ما للقلوب حائدة عن سبل الخشوع وما للأبصار جامدة عن فيض الدموع، وما للأنصار قد أهلكها طول الهجوع، أتحققتم النجاة في المآب، أم تيقنتم الأمان في معادكم من العقاب، أم رضيتم بأعمالكم لمسائلة رب الأرباب، أم عدلتم على بصيرة عن نهج السبيل، أم رضيتم بالحياة الدنيا من الآخرة، " وما متاع الحياة الدنيا في الآخرة إلا قليل " .
ومن أخرى: أيها الناس، إن بقاءكم في هذه الدنيا الفانية قطع مسافة إلى مدى واشتغالكم بجمع حطامها إقدام على مرافصة الردى، وإهمالكم طاعة ربكم في يومكم أمان مما يحدث غدا، كأنكم لا تعلمون أن أرواحكم لدعوة الحمام صدى، أو تجهلون أن الموت يبقى منكم أحداً.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي عن أبي الحسن علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أنشدني القاضي أبو الفضل هبة الله بن أحمد بن يحيى بن أبي جرادة لنفسه من أبيات كتبها إلى الخطيب أبي تراب حيدرة بن أبي أسامة:
يا أوحد الخطباء غير منازع ... وجمال منبره وعالم عصره
ومهجن الفصحاء في أقوالهم ... ومصرف الكلم الفصاح بأمره
عزت على طلابها فكأنها ... جعلت حبائس نظمه أو نثره

تهدي لسامعها لشدة عجبه ... سكراً وفيها صحوة من سكره
سلب البلاغة كل نطق ... فاغتدى رباً لها لما غدت في أسره
وسما فحط الشهب في أفلاكها ... نثراً فنظمها طرائق شعره
ضل الذي جاراه في علمه ... يرجو اللحاق به ولا في قدره
هناه من أعطاه بارع فضله ... وأبان كل غريبة من فكره
توفي أبو تراب الخطيب في سنة تسعين وأربعمائة، أو بعدها بقليل على ما ذكرناه.
حيدرة بن علي بن محمود:
ابن إبراهيم بن الحسين، أبو المنجا بن أبي تراب الأنطاكي القحطاني عابر الأحلام المالكي، أصله من أنطاكية، وسكن دمشق، وأظنه كان بأنطاكية بعد أن فتحها سليمان بن قطلمش.
سمع أبا علي الحسن بن علي بن الحسن الكفرطابي، وأبا محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، والقاضي أبا العباس أحمد بن محمد البسطامي، وأبا الحسن رشاء بن نظيف، والقاضي أبا محمد عبد الوهاب بن علي بن أبي نصر المالكي، وأبا عمرو عثمان بن خلف الأندلسي، وعلي بن حمدان بن محمد البلخي، وأبا الحسن بن عوف، وأبا القاسم عبد العزيز بن علي الشهرزوري المالكي، وعنه أخذ علم تعبير الرؤيا.
روى عنه الأمير أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا الحافظ، وأبو الحسن علي بن المسلم الفقيه، والقاضي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي، وأبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس الغساني، وأبو الفتيان عمر بن أبي الحسن الدهستاني، أبو محمد بن الأكفاني.
حيدرة بن أبي القاسم بن أبي تراب:
أبو تراب الأستاذ الكفرطابي الناسخ كان علماً بحلب، وأظن والدي وعمي كتباً عليه بحلب، وكان يكتب خطاً لا بأس به.
حدث عن أبي الحسن بن أبي الفضل السلمي الفرضي، روى عنه الحافظ أبو المواهب الحسن بن هبة الله بن صصرى، وخرج عنه في معجم شيوخه.
أخبرنا أبو الغنائم سالم بن الحسن بن هبة الله بن صصرى - إذناً - قال: أخبرنا أبي أبو المواهب الحافظ قال: أخبرنا الشيخ أبو تراب المكتب وجماعة قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الفضل السلمي الفرضي - قراءة عليه ونحن نسمع - قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الصوفي - وأذن لنا فيه غير واحد عن الصوفي - قال: أخبرنا أبو تغلب محمد بن الأغلب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد بن محمد بن بطة قال: حدثنا أبو بكر محمد بن محمود السراج قال: أخبرنا أبو هشام الرفاعي عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم كان يلبس برده الأحمر وعمامته السوداء في العيدين والجمعة.
حيويل بن ناشرة:
ابن عبد عامر بن أيم بن الحارث الكنعي، أبو ناشرة المصري الأعور، كان من أشراف أهل مصر، روى عن عمرو بن العاص، روى عنه جماعة من أهل الشام ومصر، وشهد مع معاوية صفين.
/حرف الخاء
خاقان المفلحي:
خادم الرشيد، له ذكر وغناء في الجهاد، وكان مرابطاً بطرسوس وإليه تنسب دار خاقان بطرسوس، وهي دار الإمارة وفيها دفن عبد الله المأمون حين مات.
ذكر من اسمه خالد
خالد بن برمك الأصغر:
ويسمى عبد العزيز بن برمك الأكبر، ويسمى عبد الله بن يشتاسف بن جاماس، أبو العباس وأبو عون وأمه بنت ملك الصغانيان.
حدث عن عبد الحميد بين يحيى الكاتب، روى عنه ابنه يحيى بن خالد البرمكي وقدم وهو صبي مع أبيه برمك إلى رصافة هشام بن عبد الملك حين قدم أبوه على هشام، ونشأ بها مع ولد هشام، وقدم حلب صحبة المهدي حين قدمها وأغزاه المهدي الصائفة مع ابنه هارون في سنة ثلاث وستين ومائة، وقلد كتابة هارون وتدبير أمر عسكره ابنه يحيى بن خالد، وكان خالد بن برمك أحد العشرين الذين اختارهم الشيعة لإقامة دعوة بني العباس بعد النقباء الاثني عشر. قرأت في كتاب أخبار البرامكة تأليف أبي حفص عمرو بن الأزرق الكرماني قال: وحدثني بشر سعيد بن مسلمة بن هشام بن عبد الملك، وكان يحمل الحديث عنه قال: حدثتني رضوى حاضنة أبي أن خالد بن برمك كان يبيت مع مسلمة في لحاف واحد وهما صبيان، وأنه نشأ معه في موضع واحد. قال سعيد: وكان مسلمة أبي لا يولد له فوصف له برمك دواء فتعالج به فولدت له، فكانوا يسموني البرمكي على عهد هشام.

قال ابن الأزرق: حدثني شيخ قديم قال: وكان برمك واقفاً بباب هشام فمن به محمد بن علي بن عبد الله بن العباس فأعجبه ما رأى من هيئته فسأل عنه فأخبر بقرابته من النبي صلى الله عليه وسلم فقال لابنه خالد بن برمك: يا بني إن هؤلاء أهل بيت النبي وهم ورثته وأحق بخلافته والأمر صائر إليهم فإن قدرت يا بني أن يكون لك في ذلك أثر تنال به ديناً ودنيا فافعل، قال: فحفظ خالد ذلك عنه وعمل عليه عند خروجه في الدعوة، وكان خالد بن برمك أحد العشرين الذين اختارهم الشيعة لإقامة الدعوة بعد النقباء الاثني عشر.
قال أبو حفص بن الأزرق: سار برمك يعني من عند هشام بن عبد الملك حتى قدم جرجان، فنزل على يزيد بن البراء وأعلمه ما صار إليه من الخليفة وزوج ابنه خالد بن برمك من أم خالد بنت يزيد، وكان خالد أحب ولده إليه، وكان يقول فيما ذكر المشايخ عنه: به يجبر الله ولدي وأهل بيتي.
قال ابن الأزرق: وحدثني عمرو بن بحر الجاحظ قال: حدثني ثمامة بن أشرس قال: كان أصحابنا يقولون: لم يكونوا يرون لجليس خالد بن برمك داراً إلا وخالد بناها له، ولا ضيعة إلا وخالد ابتاعها له، ولا ولداً إلا وخالد وهب له أمه، ولا دابة إلا وخالد وهبها له إما من نتاجه أو غير نتاجه.
وقال وحدثني بشر بن حرب بن يزيد الطالقاني، وغيره من مشايخ الدعوة أنهم كانوا يسمون خالد بن برمك أمين آل محمد.
قال: وحدثني بن فاستك شيخ من أهل الباميان عن علي بن عصمة قال: كان يقال: ما من أحد من أهل خراسان إلا ولخالد بن برمك عليه منَّة، وذاك أنه قسط الخراج عليها وأحسن فيه إلى أهلها.
قال ابن الأزرق: وكان خالد بن برمك سمع من أبيه ذلك القول في محمد بن علي بن عبد الله بن عباس، وحفظ عنه وبحث عن الأمور بعد أبيه حتى انكشفت له فكاتب الإمام وراسله، وكانت رسل الإمام تأتيه وأمره ونهيه يرد عليه، وصير من الدعاة الذين يتلون النقباء فكان اسمه في كتاب الدعوة فيهم مع نظرائه من الدعاة حتى حدث من أمر البرامكة في أيام الرشيد ما حدث، فأسقطه منه أبو عصمة وغيره من الشيعة تقرباً إلى الرشيد بذلك، فهو يوجد في خواص الكتب.
قال ابن الأزرق: فحدثني أبو يحيى الخليل الشيعي قال: قدم عبد الملك بن يزيد وخالد بن برمك على الإمام فقال لعبد الملك: نعم العون أنت لنا فأنت أبو عون، وأنت يا خالد فإنك ستصير وزيراً لولد العباس، فأنت أبو العباس، فهو الذي كناهما.
قال: فكان خالد بن برمك يختلف فيما بين جرجان وطبرستان والري وتيك النواحي، فيدعو لبني هاشم ويظهر أن اختلافه في التجارة فيجلب معه الدواب والرقيق إلى تلك الكور، على خوف شديد ومخاطرة عظيمة لم يكن يظن بأحد هذا الرأي فضلاً عن الدعاء إليه إلا أتى عليه وعلى أهل بيته.
قال: وقد أخذ خالد في ذلك غير مرة فتأني واحتال حتى تخلص.
وقال ابن الأزرق بعد ذكر البيعة لأبي العباس السفاح: وأدني خالد بن برمك إلى الإمام أبي العباس وهو في محمل من الجراحة التي كانت به، فظن أبو العباس أنه من العرب، لما رأى من فصاحته وهيئته، فقال: ممن الرجل؟ فقال: مولاك يا أمير المؤمنين، قال: ممن أنت رحمك الله؟ قال أنا من العجم، قال: فمن أنت منهم؟ قال: أنا خالد بن برمك، ووصف له حالهم التي كانت بخراسان قبل الإسلام، وإن الله هداهم بهم أهل البيت، وأنه في محبتهم والتشيع لهم كما قال الكميت:
ومالي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مشيع الحق مشعب
قال: فأعجب به أبو العباس قال: وأقر أبو العباس خالد بن برمك على ما كان يتولى في العسكر من الغنائم، ثم جعل ديوان الخراج وديوان الجند إليه.
قال: ولما صار الديوانان إلى خالد بن برمك حسن فيهما مذهبه وكثر حامد، وعلى يديه جرت قطيعة العكي وقطيعة أبي حميد وقطائع كثيرة غير ذلك.
قال: وكانت الدفاتر في ديوان الجند صحفاً مدرجة، فجعلها خالد بن برمك دفاتر فهو أول من فعل ذلك وأول من جعل ديوان الجند على ما هو عليه اليوم.
قال: وحسن خالد بن برمك عند أبي العباس وجل قدره عنده، ووضعه في موضع المشاورة في الأمور، وحل محل الوزير.

أخبرنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي في كتابه عن زاهر بن طاهر الشحامي قال: أنبأنا أبو القاسم البندار عن أبي أحمد القارئ قال: أخبرنا أبو بكر الصولي اجازة أن الإمام أبا العباس السفاح لما استخلف أدخل عليه خالد بن برمك فبايعه وتكلم فأعجبته فصاحته، فظنه من العرب قال: ممن الرجل؟ قال مولاك يا أمير المؤمنين، قال: فمن أنت يرحمك الله؟ قال: من العجم، أنا خالد بن برمك، وأبي وأهلي في موالاتكم والجهاد عنكم كما قال الكميت:
فما لي إلا آل أحمد شيعة ... ومالي إلا مشعب الحق مشعب
فأعجب به أبو العباس وجعله بعد ذلك خليفة لأبي الجهم عبد الله بن عطية بن عبد الله بن كيسان على ديوان الخراج وديوان الجند، فحسن أثره وما زالت الحال تترامى به إلى أن صار وزيراً.
عدنا إلى ما ذكره ابن الأزرق، قال: ودفع أبو العباس إلى خالد بن برمك ابنته ريطة بنت أبي العباس فأرضعتها زوجة خالد وربتها، وأرضعت أم سلمة زوج أبي العباس أمير المؤمنين أم يحيى بنت خالد بلبان ابنتها ريطة.
قال: وحدثني اسحق بن إبراهيم عن هارون بن ديزويه قال: دخل خالد يوماً على أبي العباس فقال له: يا ابن برمك أما رضيت حتى استعبدتني؟ قال: ففزع خالد لذلك، قال: وكيف يا أمير المؤمنين بل أنا عبدك فضحك أبو العباس، وقال: ريطة بنت أمير المؤمنين وأم يحيى بنت خالد: تبيتان في فراش واحد فاتعارُّ من الليل فأجدهما قد تكشفتا فأمد اللحاف عليهما، قال: فقبل يده وتشكر ذلك له.
قال ابن الأزرق: وقال له أبو العباس يوماً، وخرج على الناس يوماً وأحب أن يعرفهم مكانه منه: يا خالد ما أحد أخص بأمير المؤمنين منك، أنت معي، وأهلك مع أهلي، وولدك مع ولدي، فشكره ودعا له.
قال: فلم يزل خالد مع أبي العباس أمير المؤمنين على تلك الحال حتى مضى أمير المؤمنين أبو العباس.
قال: واستخلف المنصور فأقر خالداً على حاله ومرتبته وعلى ديوان الخراج، وكان به معجباً، فمكث بذلك عدة سنين، ثم غلب عليه أبو أيوب المورياني فثقل على أبي أيوب مكان خالد، وأحب أن يخلو بأبي جعفر، فكان لا يألو ما حمل أبا جعفر عليه إلى أن أتيهم انتقاض فارس وغلبه الأكراد عليها، فأعظم أبو جعفر ذلك وأمر أبا أيوب بارتياد رجل يصلح لها، فقال: قد أصبته يا أمير المؤمنين، قال: ومن هو؟ قال: خالد بن برمك، قال: صدقت هو لها، فعقد له على فارس فشخص إليها فافتتحها، وجلا الأكراد عنها، وصلحت فارس على يدي خالد، وأقام بها سنين ودخل إليه وجوه الناس وأشرافهم من الأمصار وامتدحه الشعراء فوصلهم وحباهم وصرفهم راضين، فحمدوه في سائر الأمصار، وشاع ذكره بالسماحة وسعى أبو أيوب المورياني بخالد إلى أبي جعفر فقال له: قد اقتطع خالد من خراجك ثلاثة آلاف ألف درهم، ووصل بها الناس، فأغضبه عليه، فصرف خالداً عن فارس، فلما قدم عليه ألزمه بعض ذلك المال، فدعا به أن باع في أداء ذلك المال الدواب والرقيق والمتاع فلما دخل عليه قال: أخذت مالي واجترأت علي وفرقته في الناس فقال له خالد: كل ما قال أمير المؤمنين فقد صدق، غير أني يا أمير المؤمنين اقتصرت على أرزاقي ونظرت إلى معونتي من أمير المؤمنين وما تفضل به علي فصرفته إلى أشراف الناس وتفضلت به عليهم لأنه لم يكن شكري يحيط بنعم أمير المؤمنين علي فجمعت إلى شكري شكر هؤلاء، وذلك كله لأمير المؤمنين إن جعل السبيل إليه وأعانني عليه، فسره ذلك، قال: صدقت وأحسنت أقر الله عينك يا خالد قد زينتا وزينت نفسك لنا، فأنت في حل مما جرى على يدك من أموالنا، وقد رضيت عنك، وعظم في عينه بعد ذلك.
قال ابن الأزرق: وذكر علي بن الفرج، وكان الفرج أبوه لأبي أيوب، ثم صار لأبي جعفر قال: لم يكن أبو أيوب يأمن ناحية خالد بن برمك وأن يرده أبو جعفر إلى كتابته وديوان الخراج، فكان يحتال عليه، وكان مما احتال به أن دس إلى بعض الجهابذة مالاً عظيماً وقال له: إذا سألك أمير المؤمنين على هذا المال فقل له إنه استود عينه وخالد بن برمك، قال: ثم دس من رفع إلى أبي جعفر في ذلك.

قال: فدعا أبو جعفر بالنصراني فسأله فقال: نعم عندي مال لخالد بن برمك استود عنيه، قال: فبعث أبو جعفر إلى خالد فأحضره وسأله عن ذلك المال فحلف أنه لم يجمع مالاً قط ولا ادخره ولا رأى النصراني قط، ولا عرفه، ثم قال: يا أمير المؤمنين ترسل إلى الجهبذ وأكون في موضعي حيث يراني فإن عرفني فقد صدق علي وإن لم يعرفني فقد أظهر الله براءتي. قال: فبعث أبو جعفر إلى النصراني فقال: أصدق أمير المؤمنين عن هذا المال، قال: يا أمير المؤمنين المال لخالد، وما قلت إلا حقاً، قال: أفتعرف خالداً إن رأيته؟ قال: نعم يا أمير المؤمنين أعرفه إن رأيته فالتفت أبو جعفر إلى خالد فقال: قد أظهر الله براءتك، وهذا مال أصبناه بسببك، ثم قال للنصراني: هذا الجالس خالد فكيف لم تعرفه؟ قال " الأمان يا أمير المؤمنين فآمنه فأخبره بالقصة فأمره أبو جعفر بحمل المال إلى بيت المال، وكان بعد ذلك لا يقبل في خالد قولاً من أحد وازداد به ثقة وتقديماً.
قرأت في كتاب الوزراء لابن عبدوس الجهشياري قال: وأغزى المهدي هارون ابنه الصائفة في سنة ثلاث وستين ومائة وأنفذ معه خالد بن برمك، وقلد كتابته وتدبير أمر عسكره يحيى بن خالد ففتح عليهم وحسن أثر يحيى فيما قام وأحمد فعله فيه وتدبيره.
أنبأنا أبو روح الهروي في كتابه قال: أخبرنا زاهر بن طاهر اذنا قال: أخبرنا أبو القاسم البندار كتابة عن أبي أحمد القاريء قال: أخبرنا أبو بكر الصولي اجازة قال: مات خالد بن برمك في جمادى الأولى سنة خمس وستين ومائة وهو ابن خمس وسبعين، مولده سنة تسعين.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
خالد بن الحارث بن أبي خالد
قيس بن خلدة بن مخلد، وقد قيل مخلد بن عامر بن زريقي بن عبد حارثة بن مالك بن غضب بن جشم بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو مز يقياء ابن عامر ماء السماء بن حارثة بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد واسمه دراء بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان الأنصاري، هكذا نقلت نسبة من خط الوزير أبي القاسم الحسين بن علي المغربي وقال: وفي صلة نسب قحطان كلام ليس هذا موضعه.
شهد خالد العقبة وبدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه وقتل بها.
قرأت بخط الوزير أبي القاسم بن المغربي قال: أبو محمد عبد الله بن محمد بن عمارة النسابة، المعروف بابن القداح، مولى بني ظفر، من الأوس في كتابه الذي صنفه لنسب الأوس والخزرج: كان أبو خالد أحمد بن قيس هذا بدرياً عقبياً، وابناه: خالد ومخلد صحبا النبي صلى الله عليه وسلم، وحضرا صفين فقتلا يومئذ، وأمهما أميمة، امرأة من بني زريق من قومهما فقالت:
أعيني جودا بدمع سرب ... على فتية من خيار العرب
وما ضرهم غير حين النفوس ... أي أميري قريش غلب
خالد بن الحباب:
أبو الحباب، نزيل حماة، بلدة من العواصم قد ذكرناها في مقدمة الكتاب حدث عن سليمان التيمي، روى عنه أبو القاسم عبد الواحد بن شعيب الجبلي، وأبو حاتم محمد بن إدريس الرازي.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن محمد ابن الحصين قال: أخبرنا أبو نصر محمد بن محمد بن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن عبد الله بن إبراهيم الشافعي قال: حدثني أحمد بن محمد بن مؤمل قال: حدثنا عبد الواحد بن شعيب الجبلي بجبلة قال: حدثني خالد بن حباب قال: حدثنا سليمان عن أبي عثمان عن أبي موسى قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: احتج آدم وموسى، فقال موسى أنت آدم الذي خلقك الله تعالى بيده، وأسجد لك ملائكته عملت الخطيئة التي أخرجتك من الجنة؟ قال آدم: أنت موسى، الذي اصطفاك الله برسالته وأنزل عليك التوراة وكلمك تكليماً، فبكم خطيئتي سبقت خلقي، قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: فحج آدم موسى.
خالد بن الحصين السكسكي:
شهد صفين مع معاوية، وشهد على كتاب الحكمين بينه وبين علي في ما ذكره زيد بن حسن، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة علقمة بن يزيد فيما يأتي في كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
خالد بن حيان بن الأعين:
الحضرمي المصري قدم حلب أو بعض أعمالها مع صالح بن علي بن عبد الله بن العباس غازياً، خرج معه من مصر وكان من وجوه أهل مصر وأعيانهم.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة اجازة عن أبي القاسم خلف بن أحمد بن الفضل الحوفي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عمر بن النحاس قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن يوسف بن يعقوب الكندي قال: حدثني علي بن الحسن بن حديد قال: حدثنا عبيد الله بن سعيد عن أبيه قال: حدثني عمرو بن بحري الشيباني، أن صالح بن علي الهاشمي لما خرج من مصر إلى الشام خرج بنفر من وجوه أهل مصر، منهم معاوية بن عبد الرحمن بن مخرم الخولاني، وخالد بن حيان بن الأعين الحضرمي، وشرحبيل بن معذيلغة الكلبي، وعوف بن سليمان الحضرمي، وعمرو بن الحارث الفقيه.
خالد بن رباح
أبو رويحة الحبشي، مولى أبي بكر الصديق رضي الله عنه، أخو بلال بن رباح، له صحبة ولا رواية له، استعمله عمر رضي الله عنه على الأردن، وقيل أنه كان بحلب ومات بها.
أخبرنا أبو إبراهيم شعبان بن إبراهيم بن أبي طالب الحمصي وأبو حميد محمود ابن حميد بن خضير الداريان بداريا قالا: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله الشافعي، قال: أخبرنا الشيخ الأمين أبو محمد هبة الله أحمد بن محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني من لفظه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن طوق الطبراني قراءة عليه بداريا قال: أخبرنا أبو علي عبد الجبار بن عبد الله بن محمد بن عبد الرحيم الخولاني قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو أسامة الحلبي قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو سعد عن عدي بن عبد الرحمن أن بلالاً رضي الله عنه مات بحلب فدفن عند باب الأربعين، وقد قيل أن الذي بحلب قبر خالد بن رباح أخو بلال والله أعلم.
خالد بن الريان المحاربي:
مولاهم، كان على حرس عبد الملك بن مروان، وابنيه الوليد وسليمان، وكان مع سليمان بدابق، فلما توفي سليمان وولي عمر بن عبد العزيز عزله وولى عمرو بن مهاجر، وكان حين توفي سليمان جاء هو ورجاء بن حيوة إلى عمر بن عبد العزيز بدابق فقالا له: قم حتى جلس على المنبر، فخطب، فلما فرغ أخذ خالد بن الريان أشراف الناس فشرط عليهم أن يسمعوا ويطيعوا له.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل كتابة قال: أخبرنا أبو المكارم محمد ابن أحمد اللبان، قال: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا محمد بن الحسن بن قتيبة قال: حدثنا إبراهيم بن هشام بن يحيى بن يحيى قال: حدثني أبي عن جدي قال: كان عمر بن عبد العزيز ينهي سليمان بن عبد الملك عن قتل الحرورية، ويقول ضمنهم الحبوس حتى يحدثوا توبة، فأتي سليمان بحروري مستقتل فقال له سليمان: هيه قال: ايه نزع لحييك يا فاسق بن الفاسق، فقال سليمان: عليَّ بعمر بن عبد العزيز فلما أتاه عمر عاود سليمان الحروري، فقال: ماذا تقول؟ قال: وماذا أقول يا فاسق بن الفاسق، فقال سليمان لعمر: ماذا ترى عليه يا أبا حفص؟ فسكت عمر، فقال عزمت عليك لتخبرني ماذا ترى عليه؟ قال: أرى عليه أن تشتمه كما شتمك وتشتم أباه كما شتم أباك. قال سليمان: ليس إلا فأمر به فضربت عنقه وقام سليمان وخرج عمر فأدركه خالد بن الريان، صاحب حرس سليمان، فقال: يا أبا حفص تقول لأمير المؤمنين: ما أرى عليه إلا أن تشتمه كما شتمك وتشتم أباه كما شتم أباك، والله لقد كنت متوقعاً أن يأمرني بضرب عنقك، قال: ولو أمرك فعلته؟ قال: أي والله لو أمرني فعلت، فلما أفضت الخلافة إلى عمر جاء خالد بن الريان فقام مقام صاحب الحرس، وكان قبل ذلك على حرس الوليد وعبد الملك، فنظر إليه عمر فقال: يا خالد ضع هذا السيف عنك وقال: اللهم أني قد وضعت لك خالد بن الريان فلا ترفعه أبداً، ثم نظر في وجوه الحرس، فدعا عمرو بن مهاجر الأنصاري، فقال: يا عمرو والله لتعلمن أنه ما بيني وبينك قرابة إلا قرابة الإسلام، ولكن قد سمعتك تكثر تلاوة القرآن ورأيتك تصلي في موضع تظن أن لا يراك أحد، فرأيتك تحسن الصلاة وأنت رجل من الأنصار، خذ هذا السيف فقد وليتك حرسي.
خالد بن زيد بن كليب:

ابن ثعلبة بن عبد عمرو بن عوف بن غنم بن مالك بن النجار، وقيل خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن مالك بن النجار، وهو تيم الله بن ثعلبة بن الخزرج بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن امريء القيس بن ثعلبة بن مازن بن الأزد بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ، وأمه هند بنت سعد بن قيس بن عمرو بن امريء القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر، أبو أيوب الأنصاري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، نزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة، وشهد معه بدراً والعقبة وأحدا، والمشاهد كلها، وشهد صفين مع علي رضي الله عنه، وكان على مقدمته، وقيل إنما شهد معه يوم النهر، وغزا مع يزيد بن معاوية في حياة أبيه معاوية في سنة اثنتين وخمسين القسطنطينية ومات بها قي تلك الغزاة.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم وعن أبي بن كعب، وأبي هريرة رضي الله عنهما، روى عنه البراء بن عازب وأبو أمامة وجابر بن سمرة، وعبد الله بن زيد الخطمي، والمقدام بن معدى كرب وعطاء بن يزيد الليثي، وعبد الرحمن بن أبي ليلى، وأبو عبد الرحمن الحبلي، وعامر بن سعد بن أبي وقاص، وعاصم بن سفيان، وطلحة بن نافع الواسطي وعمر بن ثابت الأنصاري وعلقمة بن قيس، والأسود بن يزيد، والأصبغ بن نباتة، وأبو سورة ابن أخي أبي أيوب، وأبو رهم، وأبو عمران والقرثع، وأبو صرمة، وكان أبو أيوب معدوداً في أهل الصفة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن غيلان قال: حدثنا أبو بكر محمد بن إبراهيم الشافعي قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا حسين بن حسن الأشقر قال: حدثنا قيس بن الربيع عن سعد بن طريف عن الأصبع بن نباتة عن أبي أيوب الأنصاري قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا كان يوم القيامة نادى مناد من بطنان العرش يا أهل الجمع نكسوا رؤوسكم وغضوا أبصاركم حتى تمر فاطمة بنت محمد صلى الله عليه وسلم على الصراط، قال: فتمر مع سبعين ألف جارية من الحور العين كممر البرق.

أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسين بن هلالة قال: أخبرنا أسعد بن أبي سعيد بن روح قال: أخبرتنا فاطمة بنت عبد الله الجوز جانية، قال: أخبرنا أبو بكر بن ريذة قال: أخبرنا أبو القاسم سليمان بن أحمد بن أيوب الطبراني قال: حدثنا أحمد بن محمد بن مهدي المروزي ببغداد قال: حدثنا علي بن خشرمه قال: حدثنا الفضل بن موسى السيناني عن عبد الله بن كيسان قال: حدثنا عكرمة عن ابن عباس قال: خرج أبو بكر رضي الله عنه بالهاجرة، فسمع بذلك عمر فخرج، فإذا هو بأبي بكر، فقال يا أبا بكر ما أخرجك هذه الساعة؟ فقال: أخرجني والله ما أجد في بطني من حلق الجوع، فقال: وأنا والله ما أخرجني غيره، فبينما هما كذلك اذا خرج عليهما النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: ما أخرجكما هذه الساعة؟ فقالا: أخرجنا والله ما نجد في بطوننا من حلق الجوع، فقال صلى الله عليه وسلم: وأنا والذي نفسي بيده ما أخرجني غيره فقاموا فانطلقوا حتى أتوا باب أبي أيوب الأنصاري وكان أبو أيوب قد ذخر لرسول الله صلى الله عليه وسلم طعاماً أو لبناً فأبطأ يومئذ فلم يأت لحينه، فأطعمه أهله وانطلق إلى نخل يعمل فيه فلما أتوا باب أبي أيوب خرجت امرأته فقالت: مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبمن معه فقال لها رسول الله صلى الله عليه وسلم: فأين أبو أيوب؟ قالت: يأتيك يا رسول الله الساعة، فرجع رسول الله صلى الله عليه وسلم فبصر به أبو أيوب وهو يعمل في نخل له فجاء يشتد حتى أدرك رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال مرحباً بنبي الله ومن معه، فقال: يا رسول الله ليس بالحين الذي كنت تجيئني فيه، فرده فجاء إلى عزق النخل فقطعه، فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أردت إلى هذا؟ فقال: يا رسول الله أحببت أن تأكل من رطبه وبسره وتمره وتذنو به،ولأذبحن لك مع هذا، فقال: إن ذبحت فلا تذبحن ذات درٍ فأخذ عناقاً له أو جدياً فذبحه، وقال لامرأته اخبزي وأطبخ أنا، فأنت أعلم بالخبز، فعمد إلى نصف الجدي فطبخه وشوى نصفه، فلما أدرك الطعام وضع بين يدي رسول الله صلى الله عليه وسلم وأصحابه فأخذ رسول الله صلى الله عليه وسلم من الجدي فوضعه على رغيف، وقال: يا أبا أيوب أبلغ هذا فاطمة فإنها لم تصب مثل هذا منذ أيام، فلما أكلوا وشبعوا قال النبي صلى الله عليه وسلم: خبز ولحم وبسر وتمر ورطب، ودمعت عيناه، ثم قال: هذا من النعيم الذي تسألون عنه يوم القيامة، فكبر ذلك على أصحابه فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا أصبتم مثل هذا وضربتم بأيديكم فقولوا: بسم الله وبركة الله، فإذا شبعتم فقولوا: الحمد لله الذي أشبعنا وأروانا وأنعم وأفضل فإن هذا كفاف بهذا، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم لا يأتي إليه أحد معروفاً إلا أحب أن يجازيه، فقال لأبي أيوب إئتنا غداً، فلم يسمع فقال له عمر: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك أن تأتيه: فلما أتاه أعطاه وليدة، فقال يا أبا أيوب استوص بهذه خيراً فإنا لم نر إلا خيراً ما دامت عندنا، فلما جاء بها أبو أيوب قال: ما أجد لوصية رسول الله صلى الله عليه وسلم شيئاً خير من أن أعتقها فأعتقها.
لم يروه عن عبد الله بن كيسان إلا الفضل بن موسى.

أخبرنا الشريف أبو حامد محمد بن عبد الله بن علي الحسيني قال: أخبره عمي أبو المكارم حمزة بن علي بن زهرة الحسيني قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن عبد الله بن أبي جرادة قال: أخبرنا أبو الفتح عبد الله بن إسماعيل بن أحمد بن الجلي قال: حدثني أبي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن جعفر بن أبي الزبير القاضي المنبجي قال: حدثنا الحسن بن علي قال: حدثنا الحسين بن الحكيم قال: حدثنا الحسن بن الحسين قال: حدثنا علي بن الحسين العبدي عن الأعمش بن إبراهيم عن علقمة بن قيس والأسود بن يزيد قالا: أتينا أبا أيوب الأنصاري بعد ما انصرف مع علي عليه السلام من صفين فقلنا: يا أبا أيوب إن الله جلَّ وعز أكرمك بنبيه إذ أوصى إلى راحلته فبركت على بابك، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم ضيفاً لك فضيلة من الله فضلك بها، أخبرنا عن مخرجك مع علي بن أبي طالب عليه السلام فقال أبو أيوب: فإني أقسم لكما بالله لقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم معي في هذا البيت الذي أنتما فيه وعلي عن يمينه وأنا عن يساره، وأنس بن مالك قائم بين يديه إذ تحرك الباب فقال النبي صلى الله عليه وسلم: انظر من بالباب، فخرج أنس فنظر فقال: يا رسول الله هذا عمار، فقال: افتح لعمار الطيب المطيب ففتح أنس فدخل عمار فسلم على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فرحب به ثم قال: يا عمار إنه سيكون من بعدي في أمتي هنات حتى يختلف السيف فيما بينهم حتى يقتل بعضهم بعضاً، فإذا رأيت ذلك فعليك بهذا الذي عن يميني، يعني علياً عليه السلام فإن سلك الناس وادياً وعلي وادياً فاسلك وادي علي، وخل عن الناس، إن علياً لا يزول عن هدى ولا يدلك ردي، يا عمار طاعة علي طاعتي وطاعتي طاعة الله عز وجل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد بن محمد بن البسري قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن جعفر التميمي إذناً قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي دارم قال: حدثنا إسحق بن يحيي بن محمد بن بشر بن سليم الدهقان قال: حدثنا أبو محمد القاسم بن خليفة قال: أخبرنا ابن عمروس عن يحيي بن يعلى عن محمد ابن عبد الله بن أبي رافع عن عون بن عبد الله بن أبي رافع عن أبيه عبيد الله وكان كاتب علي عليه السلام عن تسمية من شهد مع أمير المؤمنين من قريش والأنصار ومهاجري العرب والتابعين الذين بشرهم رسول الله صلى الله عليه وسلم بالجنة وأبناء أهل بدر من بني هاشم وعبد مناف، فذكر جماعة، وقال: أبو أيوب خالد بن زيد بدري، وهو الذي نزل عليه النبي صلى الله عليه وسلم مقدمة المدينة، وهو كان على مقدمة علي يوم صفين، وهو الذي خاصم الخوارج يوم النهروان، وهو الذي قال لمعاوية حين سب علياً: كف يا معاوية عن سب علي في الناس، فقال معاوية: ما أقدر على ذلك منهم، فقال أبو أيوب: والله لا أسكن أرضاً أسمع فيها سب علي، فخرج إلى ساحل البحر حتى مات رحمه الله.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير قال: كتب إلينا الفضل بن سهل الحلبي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا ابن خميرويه قال: أخبرنا أبو علي بن إدريس قال: حدثنا ابن عمار قال: حدثنا إسماعيل يعني ابن عليةّ عن شعبة قال: قلت للحكم بن عتيبة: شهد أبو أيوب مع علي صفين؟ قال: لا، ولكن شهد معه قتال أهل النهر.
كذا قال الحكم، والصحيح أنه شهدها مع علي رضي الله عنه، وأكثر الحفاظ والأئمة على ذلك.
أخبرنا أبو الفضل المرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي بن أحمد بن محمد الكتاني الواسطي قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر بن حمد البغدادي قال: حدثنا أبو القاسم علي بن المحسن بن علي التنوخي قال: أخبرنا الحسين بن عمرو بن عمران الضراب قال: حدثنا محمد بن محمد بن سليمان الباغندي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأعمش عن أبي حسان والصواب أبي ظبيان قال: غزا أبو أيوب الروم فمرض فلما حضر قال: إذا أنا مت فاحملوني فإذا صاففتم العدو فادفنوني تحت أقدامكم، وسأحدثكم حديثاً سمعته من رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: من مات لا يشرك بالله شيئاً دخل الجنة.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: حدثنا صفوان بن صالح قال: حدثنا الوليد قال: حدثنا ابن جابر أن أبا أيوب لم يقعد عن الغزو في زمان عمر وعثمان ومعاوية، وإنه توفي في غزاة يزيد ابن معاوية القسطنطينية.
قال الوليد: فحدثني شيخ من أهل فلسطين أنه رأى بنية بيضاء دون حائط القسطنطينية فقالوا قبر أبي أيوب الأنصاري صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، فأتيت تلك البنية، فرأيت قبره في تلك البنية وعليه قنديل معلق بسلسلة.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الوكيل بقراءتي عليه، ح.
وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء قال: أخبرنا مسعود بن الحصين قالا: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن علي بن البسري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن يحيى السكري قال: أخبرنا أبو علي الصفار قال: حدثنا عباس بن عبد الله الترفقي قال: حدثنا أبو عبد الرحمن عبد الله بن يزيد المقريء قال: حدثنا حيوة وابن لهيعة قالا: سمعنا يزيد ابن أبي حبيب يقول: حدثني أبو عمران أنه سمع أبا أيوب الأنصاري يقول: إن الرجل ليعمل الحسنة فيتكل عليها، ويعمل المحقرات حتى يأتي الله وقد أحطن به، وقال الوكيل: وقد أحيط به، وإن الرجل ليعمل السيئة فيفرق منها حتى يأتي الله آمناً.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن عمر بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد ابن الحسن الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: فأما أسامي أهل الصفة فقد رأيت لبعض المتأخرين تتبعاً لذكرهم وجمعهم على حروف المعجم وذكر منهم جماعة، ثم قال: وذكر خالد بن زيد أبا أيوب الأنصاري، أهل الصفة من قبل محمد بن جرير، وأبو أيوب هو صاحب الدار المشهور، والذي نزل عليه العلم المنشور رسول الله صلى الله عليه وسلم حين قدم المدينة إلى أن بني المسجد والحجرة، وداره اليوم أيضاً بالمدينة مذكورة استغنى عن الصفة ونزولها، شهد بدراً والعقبة، لا من أهل الصفة، توفي بالقسطنطينية ودفن في أصل سورها.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا فاروق الخطابي قال: حدثنا زياد بن الخليل قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: حدثنا محمد بن فليح قال: حدثنا موسى بن عقبة عن ابن شهاب الزهري في تسمية من شهد العقبة أبو أيوب خالد بن زيد.
أنبأنا علي بن المفضل المقدسي عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال في كتاب الحروف: ذكر من اسمه خالد من الصحابة، وهم جماعة، منهم: أبو أيوب الأنصاري خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن مالك بن النجار، هكذا حدثني بنسبة محمد بن أبي عوانة الحراني قال: حدثنا سليمان بن يوسف قال: حدثنا سعيد بن بزيع عن محمد بن إسحق قال: ومن السبعين الذين بايعوا رسول الله صلى الله عليه وسلم بالعقبة الثانية: أبو أيوب خالد بن زيد، وشهد بدراً، ونزل عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في منزله حين هاجر إلى المدينة: فأقام في منزله حتى بنى مسجده ومساكنه، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم مشاهده كلها، وآخى النبي صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عمير، وشهد بعد ذلك مع علي بن أبي طالب الجمل وصفين، ثم سكن دمشق، فلم يزل يغزو الروم حتى قبض في غزوة غزاها مع يزيد بن معاوية، ودفن في أصل حصن القسطنطينية سنة اثنتين وخمسين، وقد شهد فتح مصر.
وروى عنه من الصحابة جماعة منهم: المقدام بن معد يكرب والبراء بن عازب وجابر بن سمرة وأبو أمامة، وعبد الله بن يزيد الخطمي.
وقد روى أبو أيوب عن رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثاً.

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري كتابه إلينا من مكة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، أبو أيوب الأنصاري النجاري، من بني غنم بن مالك بن النجار، غلبت عليه كنيته، أمه هند بنت سعد بن عمرو بن امريء القيس بن مالك بن ثعلبة بن كعب بن الخزرج بن الحارث بن الخزرج الأكبر شهد العقبة وبدراً وسائر المشاهد، وعليه نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في خروجه من بني عمرو بن عوف، حين قدم المدينة مهاجراً من مكة، فلم يزل عنده حتى بنى مسجده في تلك السنة، وبنى مساكنه، ثم انتقل صلى الله عليه وسلم إلى مسكنه، وآخى رسول الله صلى الله عليه وسلم بينه وبين مصعب بن عمير.
قال أبو عمر: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا ابن وضاح قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا يونس بن محمد عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي الخير عن أبي رهم السماعي أن أبا أيوب الأنصاري حدثه قال: نزل رسول الله صلى الله عليه وسلم في بيتنا الأسفل وكنت في الغرفة فأهريق ماء في الغرفة فقمت أنا وأم أيوب بقطيفة تنبع الماء شفقة أن يخلص إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، ونزلت إلى النبي صلى الله عليه وسلم وأنا مشفق، فقلت: يا رسول الله إنه ليس ينبغي أن نكون فوقك، انتقل إلى الغرفة، فأمر النبي صلى الله عليه وسلم بمتاعه أن ينتقل ومتاعه قليل، وذكر تمام الحديث.
وكان أبو أيوب الأنصاري مع علي بن أبي طالب في حروبه كلها، ثم مات بالقسطنطينية من بلاد الروم في زمن معاوية، وكانت غزاته تلك تحت راية يزيد، هو كان أميرهم يومئذ، وذلك سنة خمسين أو إحدى وخمسين من التاريخ وقيل بل كان ذلك سنة اثنتين وخمسين وهو الأكثر في غزوة يزيد القسطنطينية.
قال أبو عمر: حدثنا سعيد بن نصر قال: حدثنا قاسم بن أصبغ قال: حدثنا محمد بن وضاح قال: حدثنا ابن أبي شيبة قال: حدثنا أبو معاوية عن الأعمش عن أبي ظبيان عن أشياخه عن أبي أيوب أنه خرج غازياً في زمن معاوية فمرض، فلما ثقل قال لأصحابه: إذا أنا مت فاحملوني فإذا صاففتم العدو فادفنوني تحت أقدامكم ففعلوا، وذكر تمام الحديث.
قال أبو عمر: قال شعبة: سألت الحكم أشهد أبو أيوب صفين؟ قال لا، ولكنه شهد النهروان، وغيره يقول شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقال ابن الكلبي وابن إسحق: شهد أبو أيوب مع علي الجمل وصفين، وكان على مقدمته يوم النهروان ولأبي أيوب عقب.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن علي بن محمد بن حمويه قال: أخبرنا عبد الوهاب بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله بن خلف قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السُّلمي قال: خالد بن زيد، أبو أيوب الأنصاري من أهل الصفة، قال محمد بن جرير الطبري: وهو خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن غنم بن مالك النجار، شهد بدراً والعقبة والشاهد كلها، توفي بالقسطنطينية سنة اثنتين وخمسين.
قال أبو عبد الرحمن: أخبرنا أبو عبد الله عبد الله بن محمد بن حمدان العكبري قال: أخبرنا ابن منيع قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا ابن عون إسحق قال: أبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عبد عوف بن جشم بن غنم بن مالك بن عمرو بن الجموح وهو ممن شهد بدراً من الأنصار، وشهد مع علي الجمل وصفين ونهروان، ومات بأرض الروم زمن معاوية سنة اثنتين وخمسين، ودفن في أصل سور قسطنطينية، وغزا في تلك الغزوة مع يزيد بن معاوية، فلما دفن قالت الروم: لقد مات فيكم عظيم، قال يزيد اكبتوهم وقولوا: هذا رجل من أصحاب محمد صلى الله عليه وسلم من أقدمهم إسلاماً وقد قبرناه حيث رأيتم والله لئن مسَّ لا يضرب ناقوس بأرض الروم ما كانت لنا مملكة، فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا، وبنى الروم على قبره بناءً، وعلقوا عليه أربع قناديل تسرج.
وقال: سمعت أحمد بن سعيد المعداني يقول: سمعت عبد الله بن محمد البزناني يقول: سمعت أحمد بن سيار يقول: سمعت عبيد الله بن يحيى بن بكير يقول: أم أبي أيوب الأنصاري هند بنت سعد بن قيس بن الخزرج.

أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل، وأبو الحسن محمد بن أبي جعفر. قال أبو بكر: أخبرنا أبو القاسم الحافظ. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر. قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم البوصيري وأبو عبد الله ابن حمد قالا: أخبرنا أبو الحسن الفراء. قال ابن حمد إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن. قالا: حدثنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن علي المقريء قال: حدثنا الأصمعي عن أبيه عن جده عن أبي أيوب الأنصاري وهو خالد بن زيد، غزا بلاد الروم فمات بالقسطنطينية، فقبر مع سور المدينة، وبني عليه، فلما أصبحوا أشرف عليهم الروم فقالوا: يا معشر العرب قد كان لكم الليلة شأن؟ فقالوا: مات رجل من أكابر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم، ووالله لئن نبش لا ُضرب بنا قوس في بلاد العرب، قال: فكان الروم إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فأمطروا.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز ابن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أبو أيوب الأنصاري اسمه خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة بن عوف بن غنم ابن مالك بن النجار، شهد بدراً وأحد والخندق وسائر المشاهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتوفي بالقسطنطينية من أرض الروم سنة خمسين، وقيل سنة إحدى وخمسين في خلافة معاوية تحت راية يزيد وقيل إن يزيد أمر بالخيل فجعلت تقبل وتدبر على قبره حتى خفي أثر قبره، روي هذا عن مجاهد، وقد قيل إن الروم قالت للمسلمين صبيحة دفنهم لأبي أيوب: لقد كان لكم الليلة شأن؟ فقالوا هذا رجل من أكابر أصحاب نبينا صلى الله عليه وسلم وأقدمهم إسلاماً، وقد دفناه بمكان رأيتم، والله لئن نبش لا ضرب لكم بنا قوس في أرض العرب ما كانت لنا مملكة.
وروي هذا المعنى أيضاً عن مجاهد، قال مجاهد: فكانوا إذا أمحلوا كشفوا عن قبره فمطروا، و قال ابن القاسم عن مالك بلغني عن قبر أبي أيوب أن الروم يستصحون به ويستسقون.
وروى أيوب عن محمد بن سيرين قال: أنبئت أن أبا أيوب شهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم بدراً ثم لم يتخلف عن غزوة في كل عام إلى أن مات بأرض الروم، فلما ولي معاوية يزيد على الجيش إلى القسطنطينية، جعل أبو أيوب يقول: وما علي أن أمر علينا عاب، فمرض في غزوته تلك، فدخل عليه يزيد يعوده وقال له: أوصني، فقال: إذا مت فكفنوني ثم مر الناس فليركبوا ثم يسيرون في أرض العدو حتى إذا لم يجدوا مساغاً فادفنوني، قال: ففعلوا ذلك.
قال: وكان أبو أيوب يقول: قال الله عز وجل " انفروا خفافاً وثقالاً " ولا أجدني إلا خفيفاً أو ثقيلاً.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب، قال: أخبرنا أبو حازم العدوي قال: أخبرنا القاسم بن غانم المهلبي قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم البوشنجي قال: سمعت يحيى بن عبد الله بن بكير يقول: مات أبو أيوب سنة اثنتين وخمسين.
أنبأنا علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي بن السكن قال: حدثني هارون بن عيسى البلدي قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا يحيى ابن بكير قال: توفي أبو أيوب الأنصاري سنة ثنتين وخمسين في غزوة يزيد بن معاويه القسطنطينية ويقال أن مجاهداً حضر دفن أبي أيوب يومئذ.
أخبرنا أبو علي الأوقي فيما أذن لنا في روايته قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وأربعين ويقال: أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري بأرض الروم يعني مات، ثم قال: سنة اثنتين وخمسين أبو أيوب خالد بن زيد الأنصاري مات بأرض الروم، فدفن هناك في أصل سور القسطنطينية، وأجريت الخيل على قبره.

أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا القزاز قال: أخبرنا الخطيب قال: أخبرنا عبيد الله بن عمر الواعظ قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو طالب يعني أحمد بن نصر الحافظ قال: حدثنا أبو زرعة وهو الدمشقي قال مات أبو أيوب الأنصاري سنة خمس وخمسين بالقسطنطينية.
وقال الخطيب: أخبرنا أبو القاسم علي بن الفضل بن طاهر إمام الجامع بدمشق قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي قال: حدثنا أحمد بن عمر بن يوسف قال: سمعت أبا الحسن محمود بن إبراهيم بن محمد بن عيسى بن القاسم سميع يقول: وأبو أيوب خالد بن زيد بن كليب بن ثعلبة، بدري من بني النجار، قبره بالقسطنطينية.
خالد بن سنان:
ابن غيث بن مريط بن مخزوم بن مالك بن غالب بن قطيعة بن عبس بغيض بن الريث بن غطفان بن سعد بن قيس بن عيلان بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، العبسي النبي صلى الله عليه وسلم.
كان نبياً في الفترة، ويقال إنه كان بمنبج وأن قبره بها، وموضع قبره بمنبج معروف من شرقي المدينة وعليه مسجد يزار.
أخبرني الشيخ علي بن أبي بكر الهروي في كتاب الزيارات قال: وبها يعني بمنبج مشهد النور يزعمون أن به بعض الأنبياء، ويقولون إنه خالد بن سنان العبسي الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذاك نبي أضاعه قومه.
أخبرني القاضي أبو محمد صقر بن يحيى بن صقر الشافعي قاضي منبج قراءة عليه في منزلي بحلب قال: أنبأنا أبو طاهر هاشم بن أحمد بن عبد الواحد بن هاشم الحلبي قال: أخبرنا أبو الأسوار عمر بن منخل الدربندي قال: أخبرنا محمد بن أبي نصر بن أبي بكر اللفتواني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الغفار وتميم بن عبد الواحد وعمر بن أحمد بن عمر قالوا: حدثنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمر بن مهدي النقاش قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن إبراهيم بن إسماعيل الجرجاني قال: حدثني محمد بن عمر الرازي الحافظ قال: حدثني عمرو ابن إسحق بن العلاء قال: حدثنا جدي إبراهيم بن العلاء قال: حدثنا أبو محمد القرشي الهاشمي قال: حدثنا هشام بن عروة عن ابن عمارة عن أبيه عمارة بن حزن ابن شيطان قال: كانت لنا حرة يقال لها حرة الحدثان، وكان إذا كان الليل فهي نار تشتعل فإذا كان النهار فهي دخان يسطع وكانت طيء تعشي إبلها بضوء تلك النار من مسيرة سبع ليال، فأتاه خالد بن سنان من قريظ فقال: إن الله تعالى أمرني أن أطفيء عنكم هذه النار فليقم معي منكم من كل بطن رجل، فقام معه عشرة رجال وكنت أحدهم حتى أتى القليب، فخرج منه عنق من النار ثم استدار علينا حتى صرنا في مثل كفة الميزان، فجعلنا تنقيها بالعصي حتى احترقت، ثم بالعمائم حتى احترقت، فقلنا له: يا خالد أهلكتنا، قال: كلا إنها مأمورة وإني مأمور، ثم جعل يضربها بعصاه وهو يقول: بدًّا، بدًّا، كل حق لله مؤدى، أنا عبد الله الأعلى، فلم يزل يضربها حتى ردها إلى القليب، ثم تقدم خلفها وعليه قمي

صان له أبيضان، فأبطأ علينا فقال ابن عم له: لا يخرج منها أبداً، ثم خرج علينا وقميصاه ينطفان عرقاً، وهو يقول: بدّاً، بدّاً، كل حق هو مؤدى، أنا عبد الله الأعلى، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها أبداً، قال: فأهل ذلك البيت يدعون ابن راعية المعزى إليَّ اليوم، فقلنا له: يا خالد ما الذي رأيت؟ قال: رأيت أحداً تحشها فشدختهن وقد طفيتها عنكم، وكانت تضر بنا في الكلأ والمرعى، وكان من أعاجيبه أنه وقف علينا فقال: امضوا معي فمضينا معه حتى أتى مكاناً من الأرض فقال: احتفروا فاحتفروا، فأبدى لنا عن صخرة فيها كتاب قد زبر زبراً وحفر حفراً: " الله أحد، الله الصمد، لم يلد ولم يولد، ولم يكن له كفواً أحد " فاحتملناها، فكانت إذا نزلت بنا شدة أبدانا عنها فتكشف عنا، وكنا إذا قحط بنا المطر جللها ثوباً ثم قام يصلي ويدعو فمطر حتى إذا روينا كشف الثوب عنه فيمسك المطر، وكان من أعاجيبه أنه قال: إن امرأتي حامل غلام واسمه مُرَّة وهو أحيمر كالذرة ولن يصيب المولى معه مضرة، ولن تروا ما دام فيكم معرة، ثم قال: إني ميت إلى سبع فادفنوني في هذه الأكمة، ثم اخرجوا إلى قبري بعد ثالثة، فإذا رأيتم العير الأبتر يطوف حول قبري ويسوف بمنخره فانبشوني تجدوني حياً أخبركم بما يكون حتى تقوم الساعة، فخرجوا بعد ثالثة إلى قبره فإذا نحن بالعير الأبتر يطوف حول قبره ويسوف بمنخره فأردنا أن ننبشه فمنعنا قومه من ذلك قالوا: لا ندعكم تنبشوه تعيرنا به العرب، فلما بعث الله محمداً صلى الله عليه وسلم أتته ممياة بنت خالد فانتسبت له فبسط لها رداءه وأجلسها عليه وقال: بنت أخي نبياً ضيعه قومه.
وقالوا: حدثنا أبو سعيد النفاش قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن أحمد بن إبراهيم الغسال قال: حدثنا علي بن الحسن بن جنيد قال: حدثنا يعلى بن مهدي الموصلي قال: حدثنا أبو عوانة عن أبي يونس عن عكرمة عن ابن عباس أن رجلاً من بني عبس يقال له خالد بن سنان قال لقومه: إني أطفيء نار الحدثان فقال له رجل من قومه يقال له عمارة بن زياد: والله يا خالد ما قلت لنا قط إلا حقاً فما شأنك ونار الحدثان تزعم أنك تطفئها، فخرج خالد ومعه ناس من قومه فيهم عمارة بن زياد فخط لهم خالد خطاً فأجلسهم فيها فإذا هي تخرج من شق جبل في حرة يقال لها حرة أشجع فخرجت كأنها خيل شقر يتبع بعضها بعضاً فاستقبلها خالد بعصاه فجعل يضربها ويقول: بداً بداً كل هدي مؤدى، زعم ابن راعية المعزى أني لا أخرج منها وثيابي تندا، وقد كان خالد قال لهم: فإن أبطأت عليكم فلا تدعوني باسمي فأبطأ عليهم فقال لهم عمارة بن زياد: إن صاحبكم والله إن كان حياً لقد خرج إليكم بعد، فادعوه باسمه، قالوا له: إنه قد نهى أن ندعوه باسمه، فدظوه باسمه، فخرج إليهم فقال لهم: ألم أنهكم أن تدعوني باسمي فقد والله قتلتموني، احملوني فادفنوني فإذا مرت عليكم الحمر منها حمار أبتر فانبشوني فإنكم ستجدوني حياً، فمرت بهم الحمر فيها حمار أبتر فأرادوا نبشه، فقال لهم عمارة بن زياد: لا تنبشوه لا والله ما تحدث مضر أنَّا ننبش موتانا، وقد كان خالد قال لهم: إن في عكم امرأته لوحين فإذا أشكل عليكم شيء فانظروا فيها، فإنكم ستجدون ما تريدون، ولا تمسها حائض، فأتوا امرأته فسألوها عنها فأخرجتها إليهم، وهي حائض فذهب ما كان فيها من علمه.
قال أبو يونس: قال سماك سئل عنه النبي صلى الله عليه وسلم فقال: نبي أضاعه قومه.
قال أبو يونس: قال سماك: إن ابن خالد بن سنان أتى إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: مرحباً يا بن أخي.
قال أحمد بن حنبل: أبو يونس الذي روى عنه أبو عوانة حديث خالد النبي لا أعرفه.
وفي غير هذه الرواية أن ابنته أتت رسول الله صلى الله عليه وسلم فسمعته يقرأ: قل هو الله أحد، فقالت: كان أبي يقول ذا.
خالد بن صفوان بن عبد الله
ابن عمر بن سنان المعروف بالأهتم بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر ابن أسد بن الحارث المعروف بمقاعس بن عمرو بن كعب بن سعد بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو صفوان التميمي المنقري البصري، يعرف بالأهتم أيضاً لأنه ضرب بقوس على فيه فهتمت أسنانه، وكان معدوداً من الخطباء البلغاء الفصحاء.

روى عن ميمون بن مهران الجزري. روى عنه شبيب بن شبة وحفص ابن غياث، ويونس النحوي، وإبراهيم بن سعد، والمغيرة بن مطرف، وقدم رصافة قنسرين على هشام بن عبد الملك.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج الجريري قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا محمد بن زكريا قال: حدثنا العباس بن بكار قال: حدثنا شبيب بن شبة عن خالد بن صفوان أنه كان بالرصافة عند هشام بن عبد الملك فذكر حكاية ذكرناها في ترجمة الأحنف بن قيس.

أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر البغدادي بحلب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري قال: أخبرنا الشريف أبو الحسين محمد بن علي بن المهتدي بالله قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن الفضل بن المأمون قال: حدثنا محمد بن القاسم الأنباري قال: وحدثني عم أبي أبو العباس أحمد بن بشار بن الحسن بن بيان قال: حدثنا إسحق بن بهلول بن حسان بن سنان التنوخي الأنباري قال: حدثني أبي البهلول بن حسان قال: حدثنا إسحق بن زياد من بني سامة بن لؤي عن شبيب بن شبة عن خالد بن صفوان الأهتم قال: أوفدني يوسف بن عمر إلى هشام بن عبد الملك في وفد العراق فقدمت عليه وقد خرج متبدياً قرابينه وأهله وحشمه وغاشية من جلسائه فنزل في أرض قاع صحصح متنايف أفيح في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه، وأخذت الأرض فيه زينتها من اختلاف ألوان نبتها من نور ربيع مونق، فهو في أحسن منظر وأملح مختبر وأحسن مستمطر، بصعيد كأن ترابه قطع الكافور، حتى لو أن قطعة ألقيت فيه لم تترب، وقد ضرب له سرادق من حبرة كان صنعة له يوسف بن عمر باليمن فيه أربعة أفرشة من خز أحمر، مثلها مرافقها، عليه دراعة من خز أحمر، مثلها عمامتها وقد أخذ الناس مجالسهم فأخرجت رأسي من ناحية السماط فنظر إلي مثل المستنطق لي فقلت: أتم الله عليك يا أمير المؤمنين نعمه وسوغكها بشكره وجعل ما قلدك من هذا الأمر رشداً وعاقبة ما يؤول إليه حمداً خلصه لك بالتقى، وكثره لك بالنماء لا كدر عليك منه ما صفا، ولا خالط مسرورة بالردى، فقد أصبحت للمسلمين ثقة ومستراحاً إليك يفزعون في مطالبهم ويلجؤون في أمورهم، وما أجد يا أمير المؤمنين جعلني الله فداءك شيئاً هو أبلغ في قضاء حقك وتوفير مجلسك لما منّ الله به علي من مجلسك والنظر إلى وجهك من أن أذكرك نعمة الله عليك فانهل على شكرها، وما أجد في ذلك شيئاً هو أبلغ من حديث من تقدم قبلك من الملوك، فإن أذن لي أمير المؤمنين أخبرته، وكان متكئاً، فاستوى قاعداً فقال: هات يا بن الأهتم، فقلت: يا أمير المؤمنين إن ملكاً من الملوك قبلك خرج في عام مثل عامنا هذا إلى الخورنق والسدير في عام قد بكر وسميه وتتابع وليه وأخذت الأرض فيه زينتها في اختلاف ألوانها من نور ربيع مونق فهو في أحسن منظر وأملح مختبر، وأحسن مستمطر بصعيد كأن ترابه قطع الكافور حتى لو أن بضعة ألقيت فيه لن تترب وكان قد أعطي فتاء السن مع الكثرة والغلبة والنماء، فنظر فأبعد النظر فقال: لمن هذا الذي أنا فيه، هل رأيتم مثل ما أنا فيه هل أعطي أحد مثل ما أعطيت، وعنده رجل من بقايا حملة الحجة والمضي على أدب الحق ومنهاجه، فقال له: أيها الملك إنك قد سألت عن أمر أفتأذن في الجواب؟ قال: نعم، قال أرأيتك هذا الذي قد أعجبت به أهو شيء لم نزل فيه، أم هو شيء صار إليك ميراثاً عن غيرك، وهو زائل عنك، وصائر إلى غيرك كما صار إليك؟ قال: فكذلك هو، قال: أولاً أراك إنما أعجبت بشيء يسير تكون فيه قليلاً، وتغيب عنه طويلاً، وتكون غداً بحسابه مرتهناً؟ قال: ويحك أين المهرب، وأين المطلب؟ قال: إما أن تقيم في ملكك فتعمل فيه بطاعة ربك على ما ساءك وسرك ومضك وأرمضك وإما أن تضع تاجك وتضع أطمارك وتلبس أمساحك وتعبد ربك في هذا الجبل حتى يأتيك أجلك؟ قال: فإذا كان السحر فاقرع على بابي فإن أخترت ما أنا فيه كنت وزيراً، وإن اخترت خلوات الأرض وفقر البلاد كنت رفيقاً لا تخالف، فلما كان السحر قرع عليه بابه فإذا هو قد وضع تاجه ووضع أطماره ولبس أمساحه وتهيأ للسياحة، فلزما والله الجبل حتى أتتهما آجالهما، وذلك حيث يقول أخو بني تميم عدي بن زيد العبادي:
أيها الشامت المعير بالدهر ... أأنت المبرأ الموفور
أم لديك العهد الوثيق من ... الأيام بل أنت جاهل مغرور
من رأيت النون خلدن أم من ... ذا عليه من أن يضام خفير
أين كسرى كسرى الملوك ... أبو ساسان أم أين قبله سابور
وبنو الأصفر الكرام ملوك ... الروم لم يبق منهم مذكور
وأخو الحضر إذ بناه وإذ ... دجلة تجبى إليه والخابور
شاده مرمراً وخلله كلساً ... فللطير في ذراه وكور

لم يهبه ريب المنون فباد ... الملك عنه فبابه مهجور
وتأمل رب الخورنق إذ ... أشرف يوماً وللهدى تفكير
سره حاله وكثره ما يملك ... والبحر معرضاً والسدير
فارعوى قلبه وما غبطة ... حي إلى الممات يصير
ثم بعد الفلاح والملك ... والأمة وارتهم هناك القبور
ثم أضحوا كأنهم ورق جف ... فألوت به الصبا والدبور
قال: فبكى هشام حتى أخضل لحيته وبلَّ عمامته، وأمر بنزع أبنيته وبنقلان قرابينه وأهله وحشمة وغاشيته من جلسائه ولزوم قصره.
قال: فاجتمعت الموالي والحشم على خالد بن صفوان فقالوا: ما أردت إلى أمير المؤمنين نغصت عليه لذته وأفسدت عليه باديته؟ فقال لهم: إليكم عني فإني عاهدت الله عز وجل أن لا أخلو بملك إلا ذكرته الله عز وجل.
قال أبو بكر بن الأنباري: الذي حفظناه من شيخنا متنايف أفيح وقال أبو العباس أحمد بن يحيى: الصواب مسايف أفيح والمسايف جمع مسافة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو أحمد الحبلى قال: أخبرنا أبو حفص النسائي قال: حدثني محمد بن عمرو عن الهيثم بن عدي قال: خرج هشام بن عبد الملك ومعه مسلمة أخوه إلى مصانع قد هيئت له، وزينت بألوان النبت، وتوافى إليه بها وفود أهل مكة والمدينة وأهل الكوفة والبصرة، قال: فدخلوا عليه وقد بسط له في مجالس متشرفة مطلعة على ما شق له من الأنهار المحفة بالزيتون وسائر الأشجار فقال: يا أهل مكة أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا بيت الله المستقبل، ثم التفت إلى أهل المدينة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قالوا: لا، غير أن فينا قبر نبينا المرسل، ثم التفت إلى أهل الكوفة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقالوا: لا، غير أن فينا تلاوة كتاب الله تعالى المنزل، ثم التفت إلى أهل البصرة فقال: أفيكم مثل هذه المصانع؟ قال: فقام إليه خالد بن صفوان فقال أصلح الله أمير المؤمنين إن هؤلاء قد أقروا على أنفسهم ولو كان من له لسان وبيان لأجاب عنهم فقال له هشام: أفعندك في بلدك غير ما قالوا؟ فقال: نعم أصف بلادي وقد رأيت بلادك فتقيسها فقال: هات، فقال: يغدو قانصانا فيجيء هذا بالشبوط والثيم، ويجيء هذا بالظبي والظليم، ونحن أكثر الناس عاجاً وساجاً وخزاً وديباجاً وخريدة مغناجاً وبرذوناً هملاجاً، ونحن أكثر الناس قنداً ونقداً، ونحن أوسع الناس برية وأريفهم بحرية، وأكثرهم ذرية، وأبعدهم سرية، بيوتنا ذهب ونهرنا عجب، أوله رطب وآخره عنب، وأوسطه قصب، فأما نهرنا العجب فإن الماء يقل وله عباب ونحن نيام على فرشنا حتى يدخل أرضنا، فيقتل نتنها، ويعلو متنها فنبلغ منه حاجاتنا ونحن نيام على فرشنا، لا ننافس فيه من قله، ولا نمنع لذله، يأتينا عند حاجتنا إليه ويذهب عنا عند رينا وغنانا عنه.
النخل عندنا في منابته كالزيتون عندكم في مآركه، فذاك في أوله كهذا في إبانه، ذاك في أفنانه كهذا في أغصانه يخرج أسفاطاً عظاماً، وأوساطاً، ثم ينفلق عن قضبان الفضة منظومة بالزبرجد الأخضر ثم يصير أصفر وأحمر، ثم يصير عسلاً في شنة من سخاء ليست بقربة ولا إناء، حولها المذاب ودونها الحراب، لا يقربها الذباب مرفوعة عن التراب، من الراسخات في الوحل الملقحات بالفحل المطعمات في المحل وأما بيوتنا الذهب فإن لنا عليهم خرجاً في السنين والشهور، نأخذه في أوقاته، ويدفع الله عنه آفاته وننفقه في مرضاته.
قال فقال هشام: وأني لكم هذا يا بن صفوان ولم تسبقوا إليه ولم تنافسوا عليه؟ فقال: ورثناه عن الآباء، ونعمره للأبناء، فيدفع لنا عنه رب السماء، فمثلنا فيه كما قال أوس بن مغراء:
فمهما كان من خير فإنا ... ورثناه أوائل أولينا
ونحن مورثوه كما ورثناه ... عن الآباء إن متنا بنينا
قال: فقال له هشام: لله درك يا بن صفوان لقد أوتيت لساناً وعلماً وبياناً فأكرمه وأحسن جائزته وقدمه على أصحابه.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن عبد الله بن محمد بن علي الدامغاني قال: أخبرنا أبي قال: أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن عبد الواحد بن علي بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال حدثني عمر بن أبي بكر الموصلي قال: حدثنا عبد الله بن أبي عبيدة بن محمد بن عمار بن ياسر قال: قدم خالد بن صفوان على هشام بن عبد الملك، فقال له: مرحباً بك يا ابن صفوان، قال: رحب واديك يا أمير المؤمنين وعز ناديك، وهطلت عليك مكفهرات الغمام، قال: كيف أنت في مسيرك؟ قال: من الله في نعم متواترة لا أتعرف فيها إلا المزيد منه، حتى إذا كنا بثنية السماوة بعث الله علينا ريحاً حرجفاً، احمرت لها آفاق السماء وانحجرت لها الطير في أوكارها، والسباع في أسرابها فلم أهتد لعلم لا مع، ولا لنجم طالع فكنت كالمحر نجم أن تقدم عقر وإن تأخر كسر، فبينا نحن كذلك إذا نحن بفتية من بني مروان كأنهم قضب الشوحط على خيول لهم لاحقة الأياطل تهوي بهم هوي الأجادل، عليها غطريف مترف كالحسام المرهف خلفهم سلوقيه في أعناقها تلع وفي أعجازها قمع، وفي أرساغها فدع، فبينا نحن كذلك إذ وردنا على موز لعبد الملك بن مروان كأنه خشب اليرابيع، قد أحلو لك أفتاؤه وجاد به أصحابه، فنزلنا فكنا بين آكل وناسع وطاه ولاه، ومستو، فيالك من منزل كريم مآبه، جاد به أربابه، فأجابه هشام بجواب حسن، وقال له: امض فالمم بأهلك وعجل الرجعة إلينا لتنال من دنيانا وننال من طيبك، فحسده رجل من القوم فقال: ممن الرجل؟ فقال: من أهل العراق، قال: من أي أهل العراق؟ قال: من البصرة، فأمسك عما سوى ذلك وانقطع: فقال له خالد: قد سألت فأجبناك فممن الرجل؟ قال: من أهل الحجاز، فقال: بخٍ بخٍ بلد العرب ومنشؤ أهل الأدب، فمن أي أهل الحجاز قال: مكة، قال: بخٍ بخٍ حرم الله وأمنه، ومهاجر إبراهيم وإسماعيل، فمن أي أهل مكة؟ قال: من بني عبد الدار قال: لم تصنع شيئاً يا أخا بني عبد الدار، هشمتك هاشم، وأمتك أمية، ولوت عليك لؤي، وغلبتك غالب، ونفتك مناف، وزهرت عليك زهرة، فأنت عبدها وابن عبيدها، تغلق وراءها إذا خرجت، وتفتح دونها إذا دخلت، قم فاسمك العبقري نبات الروابي، فكان ذلك سبباً لهرب العبدي من الشام.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد ابن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني أبو جعفر محمد بن إبراهيم ابن يعقوب بن داود قال: حدثنا الهيثم بن عدي قال: كان أبو العباس يعجبه السمر ومنازعة الرجال، فحضره ذات ليلة في سفره إبراهيم بن مخرمة الكندي، وناس من بني الحارث بن كعب وهم أخواله، وخالد بن صفوان بن إبراهيم التميمي، فخاضوا في الحديث وتذاكروا مضرو اليمن، فقال إبراهيم: يا أمير المؤمنين إن اليمن هم العرب الذين دانت لهم الدنيا، وكانت لهم القرى، ولم يزالوا أرباباً ورثوا ذلك كابرا عن كابر، أولاً عن آخر، منهم النعمانيات والمنذريات والقابوسيات والتتابعة ومنهم من حمت لحمه الدبر، ومنهم غسيل الملائكة ومنهم من اهتز لموته العرش، ومنهم مكلم الذئب، ومنهم الذي كان يأخذ كل سفينة غصباً، وليس شيء له خطر إلا إليهم ينسب من فرس رائع، وسيف قاطع، ودرع حصينة، أو حلة مصونة، أو درة مكنونة، إن سئلوا أعطوا، وإن سيموا أبوا، وإن نزل بهم ضيف قروا، لا يبلغهم مكاثر ولا ينالهم مفاخر، هم العرب العاربة وغيرهم المتعربة.

قال أبو العباس: ما أظن التميمي يرضى بقولك، ثم قال: ما تقول يا خالد؟ قال: إن أذنت لي في الكلام وآمنتي من الموجدة تكلمت، قال: قد أذنت لك فتكلم ولا تهب أحداً، فقال: أخطأ يا أمير المؤمنين المتقحم بغير علم، ونطق بغير صواب فكيف يكون ما قال والقوم ليست لهم ألسن فصيحة ولا لغة صحيحة ولا حجة نزل بها كتاب ولا جاءت بها سنة، وهم منا على منزلتين إن جاروا عن قصدنا أكلوا وإن جازوا حكمنا قتلوا، يفخرون علينا بالنعمانيات والمنذريات وغير ذلك مما سنأتي عليه، ونفخر عليهم بخير الأنام وإكرام الكرام محمد عليه السلام، ولله علينا المنة وعليهم، لقد كانوا أتباعه، فبه عزوا وله أكرموا، فمنا النبي المصطفى، ومنا الخليفة المرتضى، ولنا البيت المعمور والمشعر وزمزم، والمقام والمنبر والركن والحطيم والمشاعر والحجابة والبطحاء، معما لا يخفي من المآثر ولا يدرك من المفاخر وليس يعدل بنا عادل، ولا يبلغ فضلنا قول قائل، ومنا الصديق والفاروق والوصي وأسد الله سيد الشهداء وذو الجناحين وسيف الله، عرفوا الدين وأتاهم اليقين فمن زاحمنا زاحمناه، ومن عادانا اصطلمناه ثم التفت فقال: أعالم أنت بلغة قومك؟ قال: نعم، قال: فما اسم العين؟ قال: الحجمة، قال: فما اسم السن؟ قال: اليدن، قال فما اسم الأذن؟ قال: الصنارة، قال: فما اسم الأصابع؟ قال: الشناتر،قال: فما اسم اللحية قال: الزب، قال: فما اسم الذئب؟ قال: الكنع، قال: فقال له: أفمؤمن أنت بكتاب الله تعالى، قال: نعم، قال: فإن الله تعالى يقول " أنزلناه قرآناً عربياً لعلكم تعقلون " وقال " بلسان عربي مبين " وقال " وما أرسلنا من رسول إلا بلسان قومه " فنحن العرب والقرآن بلساننا نزل، ألم تر أن الله قال: " العين بالعين " ولم يقل الحجمة بالحجمة وقال: " السن بالسن " ولم يقل الميدن بالميدن، وقال: " الأذن بالأذن " ولم يقل الصنارة بالصنارة وقال: " أصابعهم في آذانهم " ، ولم يقل شناترهم في صناراتهم وقال: " لا تأخذ بلحيتي ولا برأسي " ولم يقل لا نأخذ بزبي، وقال: " أكله الذئب " ولم يقل أكله الكنع.
ثم قال: أسألك عن أربع إن أنت أقررت بهن قهرت وأن جحدتهن كفرت، قال: وما هن؟ قال: الرسول منا أو منكم؟ قال: منكم، قال: فالقرآن نزل علينا أو عليكم؟ قال: عليكم، قال: فالبيت الحرام لنا أو لكم؟ قال: لكم، قال: فالخلافة فينا أو فيكم؟ قال: فيكم، قال خالد: فما كان بعد هذه الأربع فلكم.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا اسمع قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن،ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر، قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال أخبرنا أحمد بن مروان المالكي قال: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: سمعت ابن السكيت يقول: قال خالد بن صفوان: فوت الحاجة خير من طلبها إلى غير أهلها، وأشد من المصيبة سوء الخلف منها، وأنشد لامرأة من ولد حسان بن ثابت في مثله:
سل الخير أهل الخير قدما ... ولا تسل فتى ذاق طعم العيش منذ قريب
قال: وحدثنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا أبو نصر عن الأصمعي قال: قيل لخالد بن صفوان: أي الأخوان أحب إليك؟ قال: الذي يسد خللي، ويغفر زللي، ويقبل عللي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان الأسدي قال: أخبرنا أبو المفاخر عبد الغفور بن لقمان بن محمد الكردي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أبي بكر السنجي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.
قال: شيخنا أبو محمد: وأخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن الخطيب أذنا عن أبي بكر محمد بن منصور السمعاني، ح.

أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات بن الحداد قال أخبرنا يوسف بن آدم المراغي قال: أنبأنا محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا الشيخ أبو سعد محمد بن محمد بن محمد المطرز قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن جعفر بن محمد الفقيه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن بكر قال: حدثنا العباس بن الفرج قال: حدثنا عبد الله بن شبيب المكي قال: قيل لخالد بن صفوان: أي إخوانك أحب إليك قال: الذي يغفر زللي، ويقبل عللي، ويسد خللي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود بن الحسين، بالديار المصرية، قال: أنبأنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن مردوية الممناباذي بأصبهان أخبرنا أبو بكر محمد بن علي ابن أصبهبذ الأصبهاني قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن عبدان بن محمد الشيرازي الحافظ إملاء بتستر قال: حدثنا عبد الله بن أبي داود قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم قال: حدثنا القحذمي قال عن أبيه قال: قال خالد بن صفوان البر شيء هين، وجه طليق، وكلام لين.
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين الحموي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد ابن محمد الحافظ إذنا أن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا عبد العزيز بن علي بن أحمد الأزجي قال: حدثنا أبو طالب المكي قال: حدثنا عبد الله بن يحيى القرشي قال: حدثنا محمد بن الحسين اللخمي قال: حدثنا أبو العيناء السلمي قال: حدثني الوليد بن هشام القحذمي قال: قال خالد بن صفوان: لا تسأل الحوائج ثلاثة رجال: لا تسألها كذوبا، فإنه يقرب بعيدها ويباعد قريبها، ولا تسألها أحمق فإنه يريد أن ينفعك فيضرك، ولا تسألها رجلاً له إلى صاحبك حاجة فإنه يصير حاجتك بطانة لحاجته.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: حدثنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن عبد العزيز قال حدثنا الزيادي عن الأصمعي قال: قيل لخالد بن صفوان: ما بلغ من علم الحسن؟ قال: استغنى.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي عن أبي المعالي عبد الله بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن داود قال: حدثنا المازني عن الأصمعي قال: قال خالد بن صفوان: بت ليلة أتمنى ليلتي كلها حتى كسيت البحر الأخضر بالذهب الأحمر، ثم نظرت فإذا يكفيني من ذلك رغيفان وكوزان وطمران.
وقال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثنا محمد ابن سلام قال: قال خالد بن صفوان: لا تطلبوا مالا تستحقون فإن من طلب مالا يستحق استوجب الحرمان.
قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا أحمد بن يحيى قال: حدثنا محمد ابن سلام الجمحي قال: قال خالد بن صفوان: أربع لا يطمع فيهن أحد عندي: القرض، والفرض والهريس، وإن أسعى لأحد في حاجة، فقيل له: فما يصنع بك بعد هذا؟ قال ماء بارد، وحديث ما ينادي وليده.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي عبد الرحمن محمد ابن محمد بن عبد الرحمن الكشميهني، ح.
وأخبرنا علي بن عبد المنعم بن علي قال: أخبرنا يوسف بن آدم قالا: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني إذنا قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الساجي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا عبد الله بن محمد وجعفر قال: حدثنا أبو العباس الجمال قال حدثنا أبو غسان قال: حدثنا الأصمعي قال رأى خالد بن صفوان رجلاً يأكل جبناً فقال: ما ترجو منه أنه خشن المدخل عسر المخرج، ثم رآه الرجل بعد يأكله، فقال: ألم تنه عنه؟ قال: نعم، ولكنه يفتق الشهوة وهو حمض من حمض العرب.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت بخط أبي الحسن رشاء بن نظيف، وأنبأنيه أبو القاسم علي بن إبراهيم وأبو الوحش المقريء عنه قال: أخبرنا إبراهيم بن علي بن إبراهيم البغدادي قال: حدثنا محمد بن يحيى الصولي قال: حدثنا أبو حاتم سليمان بن أحمد المادرائي قال: حدثني أبي قال: حدثنا جدي قال: كان خالد بن صفوان بن الأهتم التميمي يأكل خبزاً وجبناً، إذ سلم عليه أعرابي فقال له: هلم إلى هذا الخبز والجبن فإنه حمض من حمض العرب، وهو يسيغ اللقمة، ويفتق الشهوة، وتطيب عليه الشربة، فانحط الأعرابي فلم يبق شيئاً منهما، فقال: يا جارية زيدينا خبزاً وجبناً، فقالت ما بقي عندنا منهما شيء، فقال خالد: الحمد لله الذي صرف عنا معرته وكفانا مؤونته والله إني ما علمته ليقدح في السن ويخشن الحلق، ويربو في المعدة ويعسر في المخرج، فقال الأعرابي: والله ما رأيت قط قرب مدح من ذم أقرب من هذا.
أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن علي بن بركات المنبجي ثم الحلبي قال: أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن آدم المراغي بحلب، ح.
وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن أبي عبد الرحمن محمد بن محمد الكشميهني قالا: أنبأنا أبو بكر محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن سعيد بن إبراهيم بن نبهان قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن مقسم قال: حدثنا أبو العباس أحمد بن يحيى ثعلب قال: ركب خالد بن صفوان يوماً ومعه أصحاب له فأخذتهم السماء وهو على حمار، فقال: أما علمتم أن قطوف الدابة أمير القوم، فساروا معه، فلما كان الغد ركب برذوناً هملاجاً، وأخذتهم السماء فرفع برذونه فقالوا: أبا صفوان ما كان هذا كلامك بالأمس قال: فلم غالينا بالهماليج.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو سعد ابن البغدادي قال: أخبرنا أبو منصور بن شكرويه ومحمد بن أحمد بن علي أبو بكر السمسار قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الله بن محمد قال: حدثنا المحاملي أبو عبد الله قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: أخبرنا الحسن بن علي بن منصور قال: حدثنا محمد سعيد الرازي قال: حدثنا محمد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرحمن ابن مغراء قال: سمعت شبيب بن شيبة يقول: لقيني خالد بن صفوان على حمار له، فقلت له: يا أبا صفوان أين أنت عن الهماليج؟ قال: تلك للطلب وللهرب، ولست بطالب ولا هارب، قلت: فأين أنت عن البراذين؟ قال: تلك للمغذين المسرعين، ولست بمغذ ولا مسرع، قلت: فأين أنت عن البغال؟ قال: تلك للأنزال والأنفال، ولست بصاحب نفل ولا نزل، قلت: فما تصنع بحمارك هذا؟ قال: أدب عليه دبيباً وأقرب تقريباً وأزور عليه إذا شئت حبيباً.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إبراهيم بن إسحق قال: حدثنا الزيادي قال: حدثنا الأصمعي قال: قال خالد بن صفوان: من تزوج امرأة فليتزوجها عزيزة في قومها ذليلة في نفسها، أدّ بها الغنى، وأذلها الفقر، حصان من جارها متحصنة على زوجها.
وقال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن داود قال: حدثنا محمد ابن سلاّم قال: قالت امرأة لخالد بن صفوان: إنك لجميل فقال خالد: كيف تقول هذا، فو الله ما فيّ عمود الجمال ولا رداؤه ولا برنسه، فأما عمود الجمال فالطول، وأما رداؤه فالبياض، وأما برنسه فسواد الشعر، وأنا أصلع آدم فصير، لكن قولي: إنك لحلو.
وقال ابن مروان: وحدثنا محمد بن موسى البصري قال: حدثنا محمد بن سلام الحمصي قال: قيل لخالد بن صفوان: مالك لا تنفق فإن مالك عريض؟ فقال: الدهر أعرض منه، فقيل كأنك تأمل أن تعيش الدهر كله، فقال: ولا أخاف أن أموت في أوله.

أنبأنا سعيد بن هاشم بن أحمد عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أحمد بن علي قال: أخبرني أبو الحسن الجواليقي في كتابه قال: أخبرنا أحمد بن علي الخزاز قال: حدثنا عبد الله بن بحر قال: حدثنا عمر ابن محمد بن عبد الحكم قال: حدثنا محمد بن عمرو الوراق عن علي بن محمد القرشي المدائني قال: كان خالد بن صفوان إذا أخذ جائزته قال للدراهم: أما والله لأطيلن ضجعتك ولأديمن صرعتك.
قال: وأتى خالد بن صفوان رجل فسأله فأعطاه درهماً، فقال له: سبحان الله يا أبا صفوان أسألك فتعطيني درهماً! فقال له خالد: يا أحمق أما تعلم أن الدرهم عشر العشرة، والعشرة عشر المائة، والمائة عشر الألف والألف عشر العشرة آلاف، ألا ترى كيف ارتفع الدرهم إلى دية المسلم، والله ما تطيب نفسي بدرهم أنفقه إلا درهماً قرعت به باب الجنة أو درهماً أشتري به موزاً فآكله.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي بدمشق بقراءتي عليه قال: أخبرنا شيخنا الإمام أبو محمد عبد الله بن علي المقريء قال: أخبرنا الحاجب أبو الحسن علي بن محمد بن العلاف قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن عمر ابن حفص الحمامي المقريء قال: حدثنا أبو طاهر عبد الواحد بن عمر قال: حدثنا وكيع قال: حدثني محمد بن خلاد قال: حدثنا الوليد بن هشام القحذمي قال: دخل خالد بن صفوان الحمام وفيه رجل مع ابنه، فأراد أن يعرف خالداً ما عنده من البين فقال: يا بني أبدأ بيداك ورجلاك، ثم التفت إلى خالد فقال: يا أبا صفوان هذا كلام قد ذهب أهله، قال: هذا كلام ما خلق الله له أهلا قط.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور المروزي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن علي بن محمد المالكي بواسط قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن بشران قال: حدثنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبد الرحيم بن دينار قال حدثنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه في كتاب عيون الأخبار قال: حدثنا أبو محمد عبد الله بن مسلم بن قتيبة قال: قال رجل لخالد بن صفوان: ما بالي إذا رأيتكم تتذاكرون الأخبار وتتناشدون الأشعار وتدارسون الآثار وقع عليَّ النوم؟ قال: لأنك حمار في مسلاخ إنسان.
أخبرنا أبو بكر السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن بن أبي جعفر قال: أخبرنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: وحدثنا إسماعيل بن إسحق السراج قال: حدثنا الزيادي عن مؤرج قال: قال رجل لخالد بن صفوان: إني إذا رأيتكم تتذاكرون الأحساب، وتتذاكرون الآثار وتتناشدون الأشعار وقع عليَّ النعاس، قال: لأنك حمار في مثال إنسان.
وقال: أخبرنا ابن مروان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو زيد عن أبي عبيدة قال: قال خالد بن صفوان: لا تطلبوا الحوائج في غير حينها ولا تطلبوها إلى غير أهلها، ولا تطلبوا ما لستم له بأهل فتكونوا للمنع أهلا.
أخبرنا يحيى بن أبي منصور البغدادي قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور بن مزيد قال: حدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام: قال خالد بن صفوان التميمي:
وما المرء إلا الأصغران لسانه ... ومعقوله والجسم خلق مصور
وما الزين في ثوب تراه وإنما ... يزين الفتى مخبوره أو يقصر
فإن طرة راقتك فاخبر فربما ... أمر مذاق العود والعود أخضر
أخبرنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي إذنا عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد المدائني قال: أخبرنا أحمد بن محمد اللبناني قال: حدثنا عبد الله بن محمد القرشي قال: حدثني الحسين بن عبد الرحمن قال: قال شبيب بن شيبة قال خالد بن صفوان: إن رجالاً قد أصابوا مالاً فتكلموا وعلوا وقال:
قد أنطقت الدراهم بعد عي ... أناساً طالما كانوا سكوتا
فما عادوا على جار بخير ... ولا رفعوا لمكرمة بيوتا
كذاك المال يجبر كل عيب ... ويترك كل ذي حسب صموتا

قرأت بخط توزون بن إبراهيم بن محمد الطبري في أمالي أبي عمرو محمد محمد بن عبد الواحد صاحب ثعلب باستملائه منه في سنة ثماني وعشرين وثلاثمائة قال: وأخبرنا ثعلب قال: وحدثني عمر بن شبة قال: حدثني الزَّعل ويقال الزِعلُ ابن الخطاب قال: بنى أبو نخيلة داره فمر به صفوان فوقف عليه، فقال له أبو نخيلة: يا صفوان كيف ترى؟ قال: رأيتك سألت الحافاً، وأنفقت فيها إسرافاً وجعلت إحدى يديك سطحاً وملأت الأخرى سلحاً، فقلت من وضع في سطحي وإلا رميته بسلحي، ثم مضى فقيل له: ألا تهجوه؟ فقال: إذاً يقف على المجالس سنة يصف أنفي لا يعيد حرفاً.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي قال: أخبرنا أبو شجاع عمر بن محمد بن عبد الله البسطامي قال: قال الأصمعي: مرض خالد بن صفوان التميمي وكان بخيلاً فوصف له الطبيب فروجاً، فقال: وما الفروج إذا أحب الله العافية، ثم ألح عليه الطبيب فاشترى فروجاً بنصف درهم، فأكل بعضه، ودخل عليه رجل من قريش يعوده فخاف أن يأكل معه، فقال خالد: تتغذى بنصف هذا الفروج وتتعشى بنصفه ثم تمثل:
نداري زماناً قد ألح بصرفه ... ومن لا يداري عيشه لا يعقل
فخرج القرشي وهو يقول:
تعلمت تدنيق المعيشة بعدما ... كبرت وأعداني على اللوم خالد.

أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير البغدادي بالقاهرة قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر بن علي إجازة قال: أنبأنا أبو إسحق إبراهيم بن عبد الله الحبال قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن القاسم بن مرزوق قال: أخبرنا أبو الفتح إبراهيم بن علي بن إبراهيم قراءة عليه، وزعم أن أبا بكر محمد ابن يحيي أخبرهم قال: حدثنا أبو أحمد عبد الوهاب بن الحارث قال: حدثنا عبد الله بن موهوب الخازن قال: سمعت سعداً الحاجب يقول: قال خالد ابن صفوان بن الأهتم: دخلت على أبي العباس السفاح فصادفته جالساً ليس عنده أحد، فقلت له: يا أمير المؤمنين إنني والله مازلت منذ قلدك الله الخلافة أطلب أن أصير إلى مثل هذا الموقف منك في الخلوة، فإن رأى أمير المؤمنين أن يأمر بإمساك الباب لأفرغ مما أريد ذكره له، ونصيحتي له فعل، فأمر الحاجب بذلك فقلت له: يا أمير المؤمنين لم يمكنني ذكر ما أردت ذكره لك إلا في يومي هذا، قال: قل، قلت: يا أمير المؤمنين فكرت في أمرك وأجلت الرأي فيك، فلم أجد أحداً له مثل قدرك أقل اتساعاً في الاستمتاع بالنساء ولا أضيق فيهن عيشاً، إنك ملكت نفسك امرأة واحدة من نساء العالمين فاقتصرت عليها فإن مرضت مرضت وإن غابت غبت، وإن تحركت تحركت وحرمت على نفسك التلذذ باستطراف الجواري ومعرفة اختلاف حالاتهن والتلذذ بما يشتهى منهن، إن منهن يا أمير المؤمنين الطويلة التي تتثنى للنجابة، والركماء الجسيمة التي تشتهى لحسنها ووثارتها، والبيضاء اللطيفة التي تحب لبراعتها، ومنهن الصفراء العجزاء واللذيذة الشجية، وأين أنت يا أمير المؤمنين عن بنات سائر الملوك، وما خصصن به من الخفر وحسن الأنس والتلذذ بلذيذ العيش، وتخلل خالد بلسانه فأطيب في صفات ضروب الجواري، وشوقه إليهن وأمير المؤمنين يريه أنه يعجبه ما يقول، فلما فرغ قال له: يا خالد ما سلك مسامعي قط كلام أعجب إلي ولا أحسن من كلام سمعته منك فأعده علي فقد وقع مني موقعاً خاصاً فأعاده عليه بأحسن مما ابتدأه به، ثم قال له: انصرف وبقي أبو العباس مفكراً فيما سمع من خالد وهو يصرف رأيه ويقسم أمره إذ دخلت عليه أم سلمة وكان أبو العباس حلف لها ألا يتخذ عليها سرية ولا حرة، فلما رأته متفكراً متغيراً قالت: إني لأنكرك يا أمير المؤمنين فهل حدث أمر تكرهه أو أتاك خبر ارتعت له؟ فقال لها: لا والحمد لله، ثم لم تزل تدنو منه وتستخبره حتى أخبرها بمقالة خالد، فارتاعت وقالت: فما قلت لابن الزانية؟ فقال: أينصحني وتشتمينه، فخرجت فأرسلت إلى موالي لها من البخارية، فأمرتهم بضرب خالد، قال خالد: فركبت بالعشي إليه وأنا مسرور بما ألقيت إلى أمير المؤمنين فبينما أنا مع الصحابة واقف إذ أقبلت البخارية تسأل عني، فتحققت الجائزة، فقلت: ها أنا ذا خالد، فسبق أحدهم إليَّ بخشبة، فلما أهوى إلي غمزت برذوني، ولحقه فضرب كفله، وتعادى إلي الباقون وغمزت برذوني ففتهم، واستخفيت في منزلي أياماً ووقع في قلبي أني أتيت من قبل أم سلمة وطلبني أمير المؤمنين فلم يجدوني، فلم أشعر إلا بقوم قد هجموا علي، وقالوا: أجب أمير المؤمنين فسبق إلي أنه الموت، فقلت: إنا لله لم أر دم شيخ من العرب أضيع من دمي، فركبت وركبوا معي، ثم أذن لي فرأيته خالياً فرجع إلي عقلي، ورأيت في المجلس بيتاً عليه ستور رقاق، فقال: يا خالد لم أرك؟ قلت: كنت عليلاً يا أمير المؤمنين فقال: ويحك إنك وصفت لي آخر دخلة دخلتها علي من أمر النساء والجوار صفة لم يخترق مسامعي كلام أحسن منه فأعده علي وسمعت حركة خلف الستر، فقلت: نعم يا أمير المؤمنين أعلمتك أن العرب إنما اشتقت من اسم الضرتين من الضر، وإن أحداً يكون عنده من النساء أكثر من واحدة إلا كان في ضر، فقال: ويحك لم يكن هذا في حديثك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين، قال: فأتمم الحديث، قال: وأخبرتك أن ثلاثاً من النساء كأثا في القدر تغلي عليهن أبداً، قال: برئت من قرابتي من رسول الله صلى الله عليه وسلم إن كنت سمعت بهذا منك قط ولا من غيرك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين إنما بهذا حدثتك قال: فأتمم الحديث، قلت: وأخبرتك أن الأربع من النساء شر مجموع لصاحبهن يشيبنه ويهرمنه، قال: والله ما سمعت مثل هذا منك ولا من غيرك، قلت: بلى والله يا أمير المؤمنين قال: أتكذبني؟ قلت: أفتقتلني، نعم والله يا أمير المؤمنين

وأخبرتك أن أبكار الجوار رجال إلا أنهن ليست لهن خصى، قال خالد: فسمعت ضحكاً من خلف الستر، فأنست، وقلت: نعم والله يا أمير المؤمنين وأعلمتك أن بني مخزوم ريحانة قريش وأن عندك من بني مخزوم ريحانتها، فعندك ريحانة الريحان وتطمح عينك إلى النساء والجوار، فقيل من وراء الستر: صدقت والله يا عماه لهكذا حدثت وبهذا أخبرته ولكن غير حديثك ونطق عن غير لسانك، فقال أبو العباس: ما لك قاتلك الله وفعل بك وفعل، وانسللت وخرجت ولم ألبث أن بعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وتخت ثياب وحملتني على برذون وقالت: ارفع حوائجك.أخبرتك أن أبكار الجوار رجال إلا أنهن ليست لهن خصى، قال خالد: فسمعت ضحكاً من خلف الستر، فأنست، وقلت: نعم والله يا أمير المؤمنين وأعلمتك أن بني مخزوم ريحانة قريش وأن عندك من بني مخزوم ريحانتها، فعندك ريحانة الريحان وتطمح عينك إلى النساء والجوار، فقيل من وراء الستر: صدقت والله يا عماه لهكذا حدثت وبهذا أخبرته ولكن غير حديثك ونطق عن غير لسانك، فقال أبو العباس: ما لك قاتلك الله وفعل بك وفعل، وانسللت وخرجت ولم ألبث أن بعثت إلي أم سلمة بعشرة آلاف درهم وتخت ثياب وحملتني على برذون وقالت: ارفع حوائجك.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن نصر قال: حدثني إبراهيم بن بشار قال: سمعت إبراهيم بن أدهم يقول: بلغني أن عمر بن عبد العزيز قال لخالد بن صفوان: عظني وأوجز قال: فقال خالد: يا أمير المؤمنين إن أقواماً غرهم ستر الله عز وجل وفتنهم حسن الثناء فلا يغلبن جهل غيرك بك علمك بنفسك أعاذنا الله وإياك أن نكون بالستر مغرورين وبثناء الناس مسرورين وعن ما افترض الله متخلفين ومقصرين، وإلى الأهواء مائلين، قال: فبكي، ثم قال: أعاذنا الله وإياك من اتباع الهوى.
قال: وأخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن نصير قال: أخبرنا إبراهيم بن نصر المنصوري قال: حدثني إبراهيم بن بشار قال: سمعت الفضيل يقول: بلغني أن خالد بن صفوان دخل على عمر، فقال له عمر بن عبد العزيز: عظني يا خالد، فقال: إن الله عز وجل لم يرض أحداً أن يكون فوقك، فلا ترض أن يكون أحداً أولى بالشكر منك، قال: فبكى عمر حتى غشي عليه، ثم أفاق، فقال: هيه يا خالد لم يرض أن يكون أحد فوقي فو الله لأخافنه خوفاً، ولأحذرنه حذراً، ولأرجونه رجاء، ولأحبنه محبة ولأشكرنه شكراً ولأحمدنه حمداً يكون ذلك كله أشد مجهودي وغاية طاقتي، ولأجتهدن في العدل والنصفة والزهد في فاني الدنيا لزوالها، والرغبة في بقاء الآخرة لدوامها حتى ألقى الله عز وجل، فلعلي أنجو مع الناجين، وأفوز مع الفائزين، وبكى حتى غشي عليه، فتركته مغشياً عليه وانصرفت.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيي ابني الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني. قال أبو غالب: وأنبأنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خالد بن صفوان بن الأهتم مشهور برواية الأخبار، كان يجالس هشام بن عبد الملك وخالد بن يزيد القسري.
قال أبو الفتح عبد الكريم: قال لنا أبو الحسن الدارقطني: عمرو بن الأهتم واسم الأهتم سنان بن سمي بن سنان التميمي، من ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر بن ماكولا قال: عمرو بن الأهتم، اسم الأهتم سنان بن سمي من ولده خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم أحد الفصحاء.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خالد بن صفوان بن عبد الله بن عمرو بن الأهتم، وهو سنان بن سمي بن سنان بن خالد بن منقر بن أسد بن مقاعس واسمه الحارث بن عمرو بن كعب بن سعد بن عبد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخه بن الياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو صفوان التميمي النقري الأهتم البصري أحد فصحاء العرب، وفد على عمر بن عبد العزيز، وهشام بن عبد الملك، وسمي الأهتم لأنه ضرب بقوس على فيه فهتمت أسنانه، روى عنه شبيب بن شيبة.
قرأت في كتاب البيان والتبيين تأليف أبي عمرو عثمان بن بحر الجاحظ قال: وقد كانت الحال بين خالد بن صفوان وشبيب بن شيبة، الحال التي تدعو إلى المفارقة بعد المحاسدة والمنافسة للذي اجتمع فيهما من اتفاق الصناعة والقرابة والمجاورة، فكان يقال: لولا أنهما أحلام تميم لتباينا نباين الأسد والنمر، وذكر خالد بن صفوان شبيب بن شيبة فقال: ليس له صديق في السر ولا عدو في العلانية فلم يعارضه شبيب، وبدّا كلمة خالد هذه على أنه يحسن يسب سب الأشراف.
خالد بن عبد الله بن الفرج:
أبو هاشم العبسي، ويعرف بخالد سبلان، مولى بني عبس ولقب سبلان لعظم لحيته شهد مع معاوية صفين، وسمع معاوية وعمر بن العاص وروى عن كهيل بن حرملة النمري الأزدي، روى عنه سعيد بن عبد العزيز التنوخي وخالد بن دهقان.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن الكلابي قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصاء قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: قال عبد الرحمن بن إبراهيم: حدثني أبو مسهر عن سعيد يعني ابن عبد العزيز عن مكحول في قوله تعالى: " يبدل الله سيئاتهم حسنات " قال: يجعل مكان السيئات حسنات، قال: فقال خالد سبلان: يخرجهم من السيئات إلى الحسنات، قال: فرأيت مكحولاً غضب حتى جعل يرتعد.
وقال: أخبرنا أحمد بن عمير قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة الرابعة خالد سبلان دمشقي مولى بني عبس.
وقال أحمد: حدثني يزيد بن أحمد عن أبيه قال: خالد جدي لأمي، ونسبه خالد بن عبد الله بن الفرج وإنما دعي سبلان لطول كان في لحيته أصهب داره دارنا، مولى بني عبس.
وقال أحمد بن عمير: خالد بن عبد الله بن الفرج، وهو خالد سبلان، مولى بني عبس، قال: حدثني عبد الرحمن بن الحسن عن أبيه بنسبه، وحدثني يزيد بن أحمد عن أبيه بنسبه، قال يزيد: دار خالد دارنا، وهو جدي لأمي.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري، قال: خالد سبلان عن كهيل بن حرملة الشامي، روى عنه خالد بن دهقان، سمع منه سعيد بن عبد العزيز.
أنبأنا سليمان بن الفضل الدمشقي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الصوفي قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال: خالد سبلان مولى لبني عبس عن أبي مسهر.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خالد سبلان يعد في الشاميين، روى عن كهيل ابن حرملة.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم ابن حمزة إجازة عن أبي نصر بن ماكولا قال: أما سبلان بفتح السين والباء المعجمة بواحدة، خالد سبلان هو خالد بن عبد الله بن الفرج مولى بني عبس، ولقب سبلان لطول كان في لحيته، يعد من الشاميين، يروي عن كهيل بن حرملة، روى عنه خالد بن دهقان.

أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن إسماعيل قال: حدثنا محمد بن أحمد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: خالد سبلان قال أبو مسهر: هو ثقة.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن محمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبوا محمد: هبة الله بن أحمد، وعبد الله بن أحمد في كتابيهما قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد بن سعيد قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: حدثنا الوليد بن مسلم عن مروان بن جناح عن خالد بن دهقان عن خالد سبلان قال: كنت فيمن شهد صفين، فبينا نحن كذلك إذا جاء الخبر إلى معاوية أنه قد بايع رجل من همدان اثنا عشر ألفاً من همدان بيعة الموت ليغتدن شاهرين سيوفهم لا ينثنوا دون أن يقتلوا معاوية أو ينهزم الناس أو يموتوا من آخرهم، فأعظم ذلك معاوية وأقبل على عمرو بن العاص فقال: اثنا عشر ألفاً كلهم قد بايع بيعة الموت، من يطيق هؤلاء؟ فقال له عمرو: اضربهم بمثلهم من قومهم، فأرسل إلى عضاة أو قال: ابن عضاة فأخبره عن الهمداني وأصحابه وقال: ما عندك؟ قال: ألقاهم بمثل عدتهم من همدان.
قال: فخرج إليه قبائل من همدان فخطبهم متوكئاً على قوسه، وما انتهك من حرمته وركب به، يعني، فبكوا حتى نشجوا، ثم ذكر الذين قتلوه، وأنه يحق على كل مسلم أن يطلب دم عثمان، والعوذ من قتلته، ونحو هذا من الكلام، وأن الهمداني قد بايعه منكم، فأخبرهم بما صنعوا، فما عندكم؟ قالوا: عندنا أن نلقاهم بيعة الموت، قال: بيعة الموت، قالوا: بيعة الموت، فأعادها، قال: بيعة الموت، قالوا: بيعة الموت، فأعادها ثم استدار على قوسه، ووثبوا وثبة رجل، فاستداروا مرات واعتنق بعضهم بعضاً، وبكى بعضهم إلى بعض، فغدا الهمذاني في أصحابه فاقتتلوا فيما بين أول النهار إلى صلاة العصر، فما انهزم هؤلاء ولا هؤلاء، فأرسل علي إلى معاوية يناشده الله في البعثة إلى كف أصحابه، ويكف أصحابه، فلم يزل معاوية يكف أصحابه ويزعهم وعلي بمثل ذلك حتى حجزوا بينهم.
خالد بن عبد الله بن يزيد:
ابن أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير ابن شق الكاهن بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر ابن أنمار بن أراش بن عمرو بن الغوث، وقيل عمرو بن نبت بن زيد بن كهلان، أبو الهيثم العبقري البجلي القسري، وهو بطن من بجيلة، وقد يقال القصري أيضاً، بالسين، والصاد، فمن نسبه بالصاد فهو منسوب إلى قصر ابن هبيرة، وقيل إلى قصر بجيلة، وهما موضعان، حدث عن أبيه عبد الله بن يزيد ومحمد بن زياد، روى عنه حميد بن تيرويه الطويل، وسيار أبو الحكم، وحبيب بن أبي حبيب وإسماعيل بن أوسط البجلي، وإسماعيل بن أبي خالد وأخوه إسماعيل بن عبد الله القسري والوليد بن نوح مولى أم حبيب وعبد الله بن بزيع، وأبو المليح الحسن بن عمر الرقي، وكان أميراً بمكة للوليد وسليمان ابني عبد الملك، وهو الذي صفح باب الكعبة والميزاب والأساطين بمكة بثلاثين ألف دينار سيرها إليه الوليد وولي العراقيين لهشام بن عبد الملك، وقدم دير سمعان على عمر بن عبد العزيز حين هم بإزالة الزخرفة في جامع دمشق فصدفه عن ذلك، وكان له غزو إلى بلاد الروم واجتاز بحلب في طريقه من الروم.
أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن يوسف الصوفي بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو مطيع محمد بن عبد الواحد بن عبد العزيز بن أحمد بن زكريا الصحاف قال: حدثنا أبو سعيد محمد بن علي بن عمرو بن مهدي النقاش قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن محمد بن عيسى بن مزيد الخشاب قال: حدثنا إبراهيم بن سعيد بن معدان بهمذان قال: حدثنا الحارث بن عبد الله قال: حدثنا هشيم عن سيار أبي الحكم قال: سمعت القسري يعني خالداً يخطب وهو يقول: حدثني أبي عن جدي قال: قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: يا يزيد بن أسد أحب للناس ما تحب لنفسك.

وأخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف قال: أخبرنا سعيد بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا يحيى ابن محمد بن صاعد قال: حدثنا محمد بن يحيى القطعي قال: حدثنا روح عن عطاء ابن أبي ميمونة قال: حدثنا سيار أبو الحكم أنه شهد خالد بن عبد الله القسري وهو يخطب على المنبر يقول: حدثني أبي عن جدي أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أسد أتحب الجنة؟ قال: قلت: نعم، قال: فأحب لأحد المسلمين ما تحب نفسك.
أخبرنا الإمام أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن الشافعي بدمشق قال: أخبرنا الإمام عمي أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبوا محمد: هبة الله بن أحمد وعبد الكريم بن حمزة قالا: حدثنا عبد العزيز، قال: أخبرنا تمام وعبد الوهاب قالا: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أحمد بن المعلى، ح.
قال تمام: وأخبرني أبو إسحق إجازة قال: حدثنا ابن المعلى، ح.
قال تمام: وأخبرني يحيى بن عبد الله قال: حدثنا عبد الرحمن بن عمر قال: حدثنا ابن المعلى، ح.
قال: وأخبرني صفوان بن صالح أملاه علي قال حدثنا الوليد ابن مسلم قال: حدثنا محمد بن مهاجر قال: سمعت أخي عمرو بن مهاجر قال: سمعت عمر بن عبد العزيز، وذكر مسجد دمشق، فقال: رأيت أموالاً أنفقت في غير حقها فأنا مستدرك ما استدركت وقال الميداني: أدركت منها فراده إلى بيت المال، أعمد إلى ذلك الفسيفساء والرخام فأقلعه وأطينه، وأنزل تلك السلاسل وأجعل مكانها حبالاً، وأنزع تلك البطاين فأبيع جميع ذلك وأدخله بيت المال، فبلغ ذلك أهل دمشق فاشتد عليهم، فخرج إليه أشرافهم فيهم خالد القسري، فقال لهم خالد: إئذنوا لي حتى أكون أنا المتكلم، فأذنوا له فلما أتوا دير سمعان استأذنوا على عمر فأذن لهم، فلما دخلوا سلموا عليه، فقال له خالد: يا أمير المؤمنين بلغنا أنك هممت في مسجدنا بكذا وكذا؟ قال: نعم رأيت أموالاً أنفقت في غير حقها، وأنا مستدرك ما أدركت منها فراده إلى بيت المال، فقال له: والله ما ذلك لك يا أمير المؤمنين، فقال عمر: لمن هو لأمك الكافرة، وغضب عمر، وكانت أمه نصرانية أم ولد رومية، فقال خالد: إن تك كافرة فقد ولدت مؤمناً فاستحى عمر وقال: صدقت، فما قولك ما ذاك لي، قال: لأنا كنا معشر أهل الشام وإخواننا من أهل مصر وإخواننا من أهل العراق نغزو فيعرض على الرجل منا أن يحمل من أرض الروم قفيزاً بالصغير من فسيفساء وذراع في ذراع من رخام فيحمله أهل العراق وأهل حلب إلى حلب ويستأجر على ما حملوا إلى دمشق ويحمله أهل حمص إلى حمص ويستأجر على ما حملوا إلى دمشق، ويحمل أهل دمشق ومن وراءهم حقهم إلى دمشق، فذلك قولي ما ذاك لك، فسكت عمر.
قال: ثم جاءه بريد من مصر من واليها يخبره أن قارباً ورد عليه من رومية فيه عشرة من الروم عليهم رجل منهم يريدون الوفود إلى أمير المؤمنين، فكتب إليه أن وجههم إلي، ووجه معهم عشرة من المسلمين عليهم رجل منهم كلهم يحسن بالرومية ولا يعلمونهم بذلك حتى يحملون إلي كلامهم، فساروا حتى نزلوا دمشق خارج باب البريد، فسأل الروم رئيس العشرة من المسلمين أن يستأذن لهم الوالي في دخول المسجد فأذن لهم فمروا في الصحن حتى دخلوا من الباب الذي يواجه القبة، فكان أول ما استقبلوا المقام ثم رفعوا رؤوسهم إلى القبة فخر رئيسهم مغشياً عليه، فحمل إلى منزله فأقام ما شاء الله أن يقيم، ثم أفاق فقالوا بالرومية: ما قصتك، عهدناك بالرومية وما ننكرك وصحبتنا في طريقنا هذه فما أنكرناك فما الذي عرض لك حين دخلت هذا المسجد؟ قال: لأنا معشر أهل رومية نتحدث أن بقاء العرب قليل، فلما رأيت ما بنوا علمت أن لهم مدة سيبلغونها، فلذلك أصابني الذي أصابني فلما قدموا على عمر أخبروه بما سمعوا منه، فقال عمر: ألا أرى مسجد دمشق غيظاً على الكفار، فترك ما كان هم به من أمره.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن ناصر إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن البرقي قال: ومن بجيلة بن أنمار بن أراش بن لحيان بن عمرو بن الغوث بن نبت بن مالك بن زيد بن كهلان بن سبأ: يزيد بن أسد بن كرز بن عامر بن عبد الله بن عبد شمس بن غمغمة بن جرير بن شق بن صعب بن يشكر بن رهم بن أفرك بن نذير بن قسر بن عبقر بن أنمار، وهو جد خالد بن عبد الله القسري.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد بن مطكود السوسي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: حدثنا عبد الوهاب قال: أخبرنا أحمد بن عمير قراءة قال: سمعت أبا الحسن بن سميع قال: خالد بن عبد الله بن أسد القسري.
كذا قال، وإنما هو عبد الله بن يزيد بن أسد.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر، في كتابه، قال: أخبرنا عبد الحق ابن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل قال: خالد بن عبد الله القسري البجلي اليماني كان بواسط، ثم قتل بالكوفة قريب من سنة مائة وعشرين، عن أبيه عن جده، روى عنه سيار أبو الحكم، وهو الذي قال يوم الأضحى: إني مضح بالجعد بن درهم زعم أن الله لم يكلم موسى تكليماً، ولم يتخذ إبراهيم خليلاً، ثم نزل فذبحه.
قال قتيبة: حدثنا القاسم بن محمد عن عبد الرحمن بن محمد بن حبيب بن أبي حبيب عن أبيه عن جده قال: شهدت خالداً وهو أخو أسد وهو ابن يزيد بن أسد ابن كرز أبو الهيثم.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أبي محمد قال: في نسخة ما شافهني به أبو عبد الله الأديب قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن إسحق قال: أخبرنا أبو علي إجازة، ح.
قال ابن منده: وأخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا علي بن محمد قالا: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: حدثنا محمد بن خلف التميمي قال: حدثنا يحيى الحماني قال: قيل لسيار: تروي عن مثل خالد؟ قال: إنه كان أشرف من أن يكذب.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم قال: أنبأنا أبو نصر بن ماكولا قال: وأما قسر، بفتح القاف وسكون السين المهملة، فهو قسر ابن عبقر قبيل من بجيلة ينسب إليها يزيد بن أسد صاحب النبي صلى الله عليه وسلم، ومن ولده خالد بن عبد الله القسري أمير العراق، يروي عنه عن أبيه عن جده، يقال جده يزيد بن أسد، ويقال أنه ليس من ولده.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي فيما أذن لنا فيه، وسمعت منه بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خالد بن عبد الله ابن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر بن عبقري، أبو الهيثم البجلي القسري أمير مكة للوليد وسليمان، وأمير العراقين لهشام بن عبد الملك، وهو من أهل دمشق.
روى عن أبيه، روى عنه سيار أبو الحكم، وإسماعيل بن أوسط البجلي، وحبيب بن أبي حبيب، وحميد الطويل، وإسماعيل بن أبي خالد، وداره بدمشق هي الدار الكبيرة التي في مربعة القز، تعرف اليوم بدار الشريف الزيدي، وإليه ينسب الحمام التي تقابل باب قنطرة سنان بباب توما.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: مات عبد الملك وعلى مكة نافع ابن علقمة بن صفوان، فأقره الوليد سنين ثم عزله وولى خالد بن عبد الله القسري وذلك سنة تسع وثمانين، فلم يزل بها والياً حتى مات الوليد وأقر يعني سليمان ابن عبد الملك عليها خالد بن عبد الله القسري ثم عزله وولى داوود بن طلحة.
وفيها يعني، سنة ست ومائة ولي خالد بن عبد الله القسري العراق.

وقال: سنة عشرين ومائة فيها عزل هشام خالد بن عبد الله القسري عن العراق وولاها يوسف بن عمر. قال: وفيها يعني سنة تسع وثمانين ولي خالد بن عبد الله القسري مكة. وقال خليفة: حدثني الوليد بن هشام عن أبيه عن جده وعبد الله بن المغيرة عن أبيه، وأبو اليقظان وغيرهم قالوا: جمعت العراق لخالد بن عبد الله بن أسد بن كرز البجلي في سنة ست ومائة، وعزل سنة عشرين ومائة.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو جعفر محمد بن علي بن محمد السمناني وأبو القاسم بن السمرقندي قالا: أخبرني أبو محمد الصريفيني قال: أخبرنا أبو القاسم بن حبابة قال: حدثنا أبو القاسم البغوي قال: حدثنا ابن هانيء قال: حدثنا أحمد بن حنبل قال: سمعت طلق النخعي قال: مات معبد في ولاية خالد وولي خالد سنة ست عشرة وتوفي سنة عشرين.
قال الحافظ أبو القاسم: كذا قال، وهو وهم.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا عمر بن عبيد الله ابن عمر قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا عثمان بن أحمد قال: حدثنا حنبل بن إسحق قال: حدثنا أبو عبد الله قال: ولي خالد سنة ست ومائة، وعزل سنة عشرين.
قال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله جعفر قال: حدثنا يعقوب قال: سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم قال: قال أبو مسهر في حديث: ماتت أم خالد القسري فخرج معها خالد وقال: كذب من قال إن خالداً ولي العراق سنة ولي هشام، سنة خمس ومائة فأقام عليها إلى سنة عشرين ومائة.
وقال ابن السمرقندي: أخبرنا أبو الحسين بن النقور، وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: حدثنا زكريا بن يحيى المنقري قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا سلمة بن بلال عن مجالد قال: ولي العراق عمر بن هبيرة الفزاري فكان على شرطه سويد بن فلان المزني، وعلى شرطة الكوفة خالد بن عبد الله القسري. ثم ولي العراق خالد بن عبد الله القسري.
وأخبرنا أيضاً عمر بن طبرزد كتابة قال أخبرنا أبو السعود بن المجلى إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن علي قال: حدثنا محمد بن مخلد بن حفص قال: قرأت على علي ابن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي عن ابن عباس قال في تسمية من ولي العراق وجمع له المصران: خالد بن عبد الله.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل أحمد بن الحسن، قالا: أخبرنا عبد الملك بن محمد بن بشران قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد عن الهيثم بن عدي قال: قال ابن عباس: الأشراف من أبناء النصرانيات خالد بن عبد الله القسري.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم النسيب قال أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الله بن سليمان قال: أنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أنا علي بن الحسين الفراء إجازة قال: أنا عبد الله بن الحسن قالا: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل الضراب قال أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: أخبرنا إبراهيم الحربي قال: حدثنا محمد بن الحارث قال: سمعت المدائني يقول: أول ما عرف به سؤدد خالد بن عبد الله القسري أنه مر في سوق دمشق وهو غلام فأوطأ فرسه صبياً فوقف عليه، فلما رآه لا يتحرك أمر غلامه فحمله، ثم أتى به إلى مجلس قوم فقال: إن حدث بهذا الغلام حدث فأنا صاحبه أوطأته فرسي ولم أعلم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل بالقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار ابن أحمد قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن جعفر بن السلماسي قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن عبد الله بن أحمد بن القاسم قال: حدثنا أبو علي محمد بن سعيد بن عبد الرحمن القشيري قال: وحدثنا أبو المليح قال: سمعت خالد القسري على المنبر يقول: قد اجتمع من فيئكم هذا ألف ألفَ لم يظلم فيها مسلم ولا معاهد.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا أبو المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا الحسين بن محمد بن خالوية النحوي قال: حدثني اليزيدي قال: حدثني أبو موسى عن دماذ عن الأصمعي قال: حرم خالد بن عبد الله القسري الغناء، فأتاه حنين ابن بلوع في أصحاب المظالم ملتحفاً على عود فقال: أصلح الله الأمير شيخ كبير ذو عيال، كانت له صناعة حلت بينه وبينها، قال: وما ذاك؟ فأخرج عوده وغنى:
أيها الشامت المعير بالشيب ... أقلن بالشباب افتخاراً
قد لبست الشباب قبلك حيناً ... فوجدت الشباب ثوباً معاراً
فبكى خالد، وقال: صدق والله إن الشباب لثوب معار، عد إلى ما كنت عليه ولا تجالس شاباً ولا معربداً.
هكذا قال أبو الفرج الحسين بن محمد بن خالويه، ووهم في اسم أبيه وهو الحسين بن أحمد بن حمدان بن خالويه، وقد ذكرنا ترجمته فيما سبق.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا أبو السعادات المبارك بن عبد الرحمن بن زريق الشيباني، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج الآبري، ح.
وأخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي المعدل قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد قالوا: أخبرنا الحاجب أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا محمد بن جعفر الخرائطي قال: حدثنا أبو الفضل الربعي قال: حدثنا إسحق بن إبراهيم عن الهيثم بن عدي عن ابن عياش قال: عرض خالد بن عبد الله القسري سجنه، فكان فيه يزيد بن فلان البجلي، فقال له خالد في أي شيء حبست يا يزيد؟ قال: في تهمة أصلح الله الأمير، قال: تعود إن أطلقتك؟ قال: نعم أيها الأمير وكره أن يصرح بالقصة أو يومي إليها فيفضح معشوقته لكي لا ينالها أهلها ببعض المكروه، فقال: خالد لأولياء الجارية: أحضروا رجال الحي حتى نقطع كفه بحضرتهم وكان ليزيد أخ فكتب شعراً ووجه به إلى خالد:
أخالد قد أنطيت والله غشوة ... وما العاشق المسكين فينا بسارق
أقر بما لم يأته المرء أنه رأى ... القطع خيراً من فضيحة عاشق
ولولا الذي قد خفت من قطع كفه ... لألفيت في أمر الهوى غير ناطق
إذا بدت الرايات للسبق في العلى ... فأنت ابن عبد الله أول سابق
فلما قرأ خالد الأبيات علم صدق قوله، فأحضر أولياء الجارية فقال: تزوجوا يزيد فتاتكم، فقالوا: أما وقد ظهر عليه ما ظهر فلا، فقال: لئن لم تزوجوه طائعين لتزوجنه كارهين، فزوجوه ونفذ خالد المهر من عنده.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله ابن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء ابن نظيف بن ما شاء الله المقريء المعري قال: أخبرنا الضراب أبو محمد الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان قال: حدثنا أحمد بن عبدان قال: حدثنا عبد الرحمن قال: سمعت الأصمعي قال: قال أعرابي لخالد بن عبد الله القسري: أصلح الله الأمير لم أصن وجهي عن مسألتك، فصن وجهك عن ردي وضعني من معروفك حيث وضعتك من رجائي، فأمر له بما سأل.
ودخل إليه أعرابي ومعه جراب فقال: أصلح الله الأمير يأمر لي بملأ جرابي دقيقاً فقال خالد املؤوه دراهم، فخرج على الناس، فقيل له: ما صنعت في حاجتك؟ قال: سألت الأمير ما أشتهي فأمر لي بما يشتهي.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أبي قال: حدثنا أبو أحمد الختلي قال: أخبرنا أبو حفص يعني النسائي، قال: قرأت في كتاب عن عبد الملك بن قريب الأصمعي قال: دخل أعرابي على خالد ابن عبد الله القسري فقال: أصلح الله الأمير إني قد امتدحتك ببيتين ولست أنشدكهما إلا بعشرة آلاف وخادم فقال له خالد قل فأنشأ يقول:
لزمت نعم حتى كأنك لم تكن ... لزمت من الأشياء شيئاً سوى نعم
وأنكرت لا حتى كأنك لم تكن ... سمعت بلا في سالف الدهر والأمم
فقال خالد بن عبد الله: يا غلام عشرة آلاف وخادماً يحملها.
قال: ودخل عليه أعرابي وقال: إني قد قلت شعراً وأنشأ يقول:
أخالد إني لم أزرك لحاجة ... سوى أنني عاف وأنت جواد
أخالد إن الأجر والحمد حاجتي ... فأيهما تأتي وأنت عماد
فقال له خالد بن عبد الله: سل يا أعرابي، قال: قد جعلت المسألة إلي أصلح الله الأمير؟ قال: نعم، قال: مائة ألف درهم، قال: أكثرت يا أعرابي، قال: أفأحطك أصلح الله الأمير؟ قال: نعم قال: قد حططتك تسعين ألفاً، فقال له خالد: يا أعرابي ما أدري من أي أمريك أعجب، فقال له: أصلح الله الأمير إنك لما جعلت المسألة إلي سألتك على قدرك وما تستحقه في نفسك، فلما سألتني أن أحط حططتك على قدري وما أستاهله في نفسي، فقال له خالد: والله يا أعرابي لا تغلبني، يا غلام مائة ألف فدفعها إليه.
أخبرنا عتيق السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد الفنكي عن أبي المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم النسيب قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين المصري بالقاهرة المعزية قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا علي بن الحسين الفراء إجازة قال أخبرنا عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا أبو الحسن الربعي قال حدثنا الزيادي عن العتبي قال: دخل أعرابي على خالد القسري فقال: إني امتدحك ببيتين فاسمعهما، قال: هات فأنشأ يقول:
أخالد إني لم أزرك لحاجة ... سوى أنني عاف وأنت جواد
أخالد بين الأجر والحمد حاجتي ... فأيهما تأتي فأنت عماد
فقال خالد: سلني يا أعرابي، قال: قد جعلت المسألة إلي؟ قال: نعم قال: مائة ألف درهم، قال: أسرفت يا أعرابي قال: أفأحطك أصلح الله الأمير؟ قال: نعم، قال: حططتك تسعين ألفاً، قال: ما أدري يا أعرابي أي أمريك أعجبك حطيطتك أم سؤالك، فقال: أصلح الله الأمير، إني سألتك على قدرك وحططتك على قدري وما أستاهل في نفسي، قال خالد إذاً والله لا تغلبني، أعطه يا غلام مائة ألف.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا محمد بن كثير العبدي قال حدثنا عبد الملك ابن قريب الأصمعي قال: حدثني عمر بن الهيثم قال: بينما خالد بن عبد الله بظهر الكوفة متنزهاً إذ حضره أعرابي فقال: يا أعرابي أين تريد؟ قال: هذه القرية يعني الكوفة قال: وماذا تحاول بها؟ قال: قصدت خالد عبد الله متعرضاً لمعروفة، قال: فهل تعرفه؟ قال: لا، قال: فهل بينك وبينه قرابة؟ قال: لا ولكن لما بلغني من بذله المعروف، وقد قلت فيه شعراً أتقرب به إليه، قال خالد: فأنشدني ما قلت: فأنشأ يقول:
إليك ابن كرز الخير أقبلت راغباً ... لتجبر مني ما وهي وتبددا
إلى الماجد البهلول ذي الحلم والندى ... وأكرم خلق الله فرعاً ومحتدا
إذا ما أناس قصروا بفعالهم ... نهضت فلم تلفى هنالك مقعدا
فيا لك بحراً يغمر الناس موجه ... إذا يسأل المعروف جاش وأزبدا

بلوت ابن عبد الله في كل موطن ... فألفيت خير الناس نفساً وأمجدا
فلو كان في الدنيا من الناس خالد ... لجود بمعروف لكنت مخلدا
فلا تحرمني منك ما قد رجوته ... فيصبح وجهي كالح اللون أربدا
فحفظ خالد الشعر، وقال له: انطلق صنع الله لك، فلما كان من غد دخل الناس إلى خالد واستوى السماطان بين يديه، تقدم الأعرابي وهو يقول:
إليك ابن كرز الخير أقبلت راغباً ... ......
فأشار إليه خالد بيده أن اسكت، ثم أنشد خالد بقية الشعر، وقال له: يا أعرابي قد قيل هذا الشعر قبل قولك، فتحير الأعرابي وورد عليه ما أدهشه، وقال: تالله ما رأيت كاليوم شيئاً لخيبة وحرمان، فانصرف وأتبعه خالد برسول ليسمع ما يقول، فسمعه الرسول يقول:
ألا في سبيل الله ما كنت أرتجي ... لديه وما لاقيت من نكد الجهد
دخلت على بحر يجود بماله ... ويعطي كثير المال في طلب الحمد
فحالفني الجد المشوم لشقوتي ... وقاربني نحسي وفارقني سعدي
فلو كان لي رزق لديه لنلته ... ولكنه أمر من الواحد الفرد
فقال له الرسول: أجب الأمير فلما انتهى إلى خالد قال له: كيف قلت؟ فأنشده، ثم استعاده فأعاده ثلاثاً إعجاباً منه به ثم أمر له بعشرة آلاف درهم.
قال المعافى: قوله فلم تلفى، والوجه فلم تلف، ولكنه اضطر فجاء به على الأصل كما قال الشاعر:
ألم يأتيك والأنباء تنمى ... بما لاقت لبون بني زياد
وقد استقصينا هذا الباب في غير هذا الموضع.
وقال: أخبرنا القاضي المعافى بن زكريا قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: حدثنا الأصمعي قال: ذكروا أن خالد بن عبد الله القسري لما أحكم جسر دجلة واستقام له نهر المبارك أنشأ عطايا كثيرة، وأذن للناس إذناً عاماً فدخلت عليه أعرابية قسرية فأنشأت تقول:
إليك يا بن السادة المواجد ... يعمد في الحاجات كل عامد
فالناس بين صادر ووارد ... مثل حجيج البيت نحو خالد
وأنت يا خالد خير والد ... أصبحت عند الله بالمحامد
مجدك مثل الشمخ الرواكد ... ليس طريف الملك مثل التالد
قال: فقال لها خالد: حاجتك كائنة ما كانت؟ فقالت: أصلح الله الأمير أناخ علينا الدهر بجرانه وعضنا بنابه فما ترك لنا صافنا ولا ما هنا، فكنت المنتجع وإليك المفزع، قال: فقال لها خالد: هذه حاجة لك دوننا، فقالت: والله لئن كان لي نفعها إن لك لأجرها وذخرها، مع أن أهل الجود لو لم يجدوا من يقبل العطاء لم يوصفوا بالسخاء، قال لها خالد: أحسنت، فهل لك من زوج؟ فقالت: لا وما كنت لأتزوج دعياً وإن كان موسراً غنياً، وما كنت أشتري عاراً يبقى بمال يفنى، وإني بجزيل مال الأمير لغنيه، قال الأصمعي: فأمر لها بعشرة آلاف درهم.
قال القاضي: أما قولها فما ترك لنا صافنا ولا ما هنا: الصافن من الخيل فيما ذكره أبو عبيدة الذي يجمع بين يديه وبين طرف سنبك إحدى رجليه، والسنبك مقدم الحافر، قال: وقال بعض العرب: بل الصافن الذي يجمع يديه والذي يرفع طرف سنبك رجليه، وهو مخيم، يقال أخام برجله، وقال الفراء: الصافنات فيما ذكر الكلبي بإسناده: القائمة على ثلاث، وقد أنافت الأخرى على طرف الحافر من يد أو رجل، وهي قراءة عبد الله صوافن، فإذا وجبت يريد معقولة على ثلاث، وقد رأيت العرب تجعل الصافن القائم على ثلاث أو غير ثلاث، وأشعارهم تدل على أن القائم خاصة والله أعلم بصوابه.
وقد روي عن ابن عمر أنه قال لرجل يريد نحر ناقته: انحرها معقولة اليسرى واليمنى قائمه على ثلاث سنة محمد صلى الله عليه وسلم، أو نحو هذا القول.
وقد قريء: " فاذكروا اسم الله عليها صوافن " على ما تقدم من الحكاية عن ابن مسعود، وصوافن بمعنى خالصة لله عز وجل من الصفا والخلوص، فأما قراءة الجمهور الأعم والسواد الأعظم فإنه صواف، على جمع الصافة وهي المصطفة، ورسم مصاحف المسلمين شاهد لهذه القراءة بالصحة مع استفاضة النقل لها في الأمة، وقد قال عمرو بن كلثوم في معنى هذه اللفظة:
تركنا الخيل عاكفة عليه ... مقلدة أعنتها صفونا

وأما قولها: ولا ما هناً، فإنها تعني ولا خادماً، ومن الماهن قول الشاعر:
وهربن مني أن رأين مويهنا ... تبدو عليه شتامة المملوك
المويهن تصغير ماهن، والخويدم تصغير خادم، والشتامة القبح، والكلوح، يقال وجه شتيم، أي باسر قبيح، ومن هذا الشتم والشتيمة في القول، معناه قبحه وقذعه والمشاتمة المسابة، وهما من هجر القول وفحشه، وقال بعض اللغويين: عضنا الدهر إنما يقال عظنا بالظاء والمعروف فيه الضاد.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد قال: أنبأنا عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن مولى بني هاشم قال: حدثنا عبد الرحمن بن أخي الأصمعي عن الأصمعي قال: أتى خالد بن عبد الله رجل في حاجة فقال له: تكلم، فقال الرجل: أتكلم بحدة الجأش أم بهيبة الأمل؟ قال: بل بهيبة الأمل، فسأله فقضى حاجته.
أخبرنا أبو هشام عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد المروزي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الوهاب السلامي قال: أخبرنا أبو الفوارس النقيب قال أخبرنا أبو الحسن بن بشران قال: أخبرنا أبو الحسين الجوزي قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا عبد الرحمن بن عبد الله عن عمه قال: حدثني الوليد بن نوح مولى لأم حبيبة بنت أبي سفيان قال: سمعت خالد القسري على المنبر يقول: إني لأطعم كل يوم ستة وثلاثين ألفاً من الأعراب تمراً وسويقاً.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد المؤدب فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش إجازة قال: أخبرنا أبو يعلى بن الفراء قال: أخبرنا إسماعيل بن سعيد بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن القاسم بن جعفر الكوكبي قال: حدثنا محمد بن موسى المارستاني المقريء قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثنا ثابت بن سليمان الجبلي عن خالد بن سليمان بن مهاجر قال سقط خاتم للرائقة جارية خالد بن عبد الله القسري اشتراه لها بعشرين ألف درهم، في بلاعة الدار، فاغتمت وقالت: يا مولاي جئني بمن يخرجه فقال لها: نخلفه عليك ولا يعود في يدك وقد صار في ذلك الموضع، يدك أعز علي من ذلك ثم قال:
أرائق لا تأسي على خاتم هوى ... فللأرض من حظ الكرام نصيب
فاشترى لها بدله فصاً بخمسة آلاف دينار.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن عمر الدمشقي قال: أخبرنا عمر بن بِن عبد الملك بن عمر الشاهد قال: أخبرنا أبو الحسن بن رزقويه البزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن سلمان النجاد، ح.
وأخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن أحمد الرازي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن عبد الله بن الشويخ الأرموي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الواحد بن محمد بن سنبك قال: حدثنا أبو علي الحسن بن محمد الأنصاري واللفظ له قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا عبد الله بن محمد بن عبيد قال: حدثني أبو القاسم هارون بن أبي يحيى السلمي قال: أخبرني محمد بن ريان عن محمد بن عمران عن إسماعيل بن عبد الله القسري قال: قال خالد بن عبد الله القسري لبنيه: إنكم قد شرفتم وقمن أن تطلب إليكم الحوائج، فمن تضمن حاجة امريء مسلم فليطلبها بأمانة الله عز وجل.
أخبرنا أبو علي الأوقي قال: أخبرنا أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الحطاب قال: أخبرنا الحسين بن عبد الله قال: أخبرنا عبد الواحد ابن محمد قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني عبد الرحمن بن عبد الله بن قريب عن عمه قال: قال خالد القسري لرجل من قريش: ما يمنعك أن تسألنا؟ قال: إذا سألتك فقد أخذت ثمنه.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى ابن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا أبو جعفر أحمد بن عبيد بن ناصح قال: حدثنا محمد بن عمران عن أبيه قال: كتب خالد بن عبد الله القسري إلى أبان بن الوليد البجلي، وكان قد ولاه المبارك: أما بعد فإن بالرعية من الحاجة إلى ولاتها مثل الذي بالولاة من الحاجة إلى رعيتها وإنما هم من الوالي بمنزلة جسده من رأسه وهو منهم بمنزلة رأسه من جسده، فأحسن إلى رعيتك بالرفق بهم، وإلى نفسك بالإحسان إليها ولا يكونن هم إلى صلاحهم أسرع منك إليه، ولا عن فسادهم أدفع منك عنه، ولا يحملك فضل القدرة على شدة السطوة بمن قل ذنبه، ورجوت مراجعته ولا تطلب منهم إلا مثل الذي تبذل لهم، واتق الله في العدل عليهم والإحسان إليهم و " إن الله مع الذين اتقوا والذين هم محسنون " أصرم فيما علمت، واكتب إلينا فيما جهلت يأتك أمرنا في ذلك إن شاء الله والسلام.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر الشامي قال: أخبرنا أبو الحسن العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا عمر بن شبة قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثني الفضل بن الزبير قال: سمعت خالد القسري وذكر علياً فذكر كلاماً لا يحل ذكره.
قال العتيقي: وحدثنا عبد الله بن أحمد قال: سمعت يحيى بن معين قال: خالد ابن عبد الله القسري كان والياً لبني أمية، وكان رجل سوء وكان يقع في علي بن أبي طالب.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور وأبو منصور بن العطار قالا: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا الأصمعي قال: خبرت أن خالد بن عبد الله القسري ذم بئر زمزم، قال: يقال أن زمزم لا تنزح ولا تذم بلى والله إنها تنزح وتذم ولكن هذا أمير المؤمنين قد ساق لكم قناة بمكة، وكان ذلك أيام هشام بن عبد الملك.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم النبيل قال: ساق خالد ماء إلى مكة فنصب طستا إلى جانب زمزم قال أبو عاصم: قد رأيتها ثم خطب فقال: قد جئتكم بماء الغادية لا تشبه أم الخنافس، يعني زمزم.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: حدثنا أبو عاصم قال: سمعت عمرو بن قيس يقول: لما أخذ خالد سعيد بن جبير وطلق بن حبيب خطب فقال: كأنكم أنكرتم ما صنعت، والله أن لو كتب إلى أمير المؤمنين لنقضتها حجراً حجراً، يعني الكعبة.
قال: وحدثنا الأصمعي قال: وسمعت شبيب بن شيبة يقول: ولي خالد العراق بضع عشرة سنة من قبل هشام بن عبد الملك.
قال: وكان سبب عزله أن امرأة أتت خالداً فقالت له: إن غلامك فلاناً توثب علي وهو مجوسي، فأكرهني على الفجور وغصبني نفسي، فقال: كيف وجدت قلفته؟ فكتب بذلك حسان النبطي إلى هشام بن عبد الملك فعزله وولى يوسف بن عمر العراق.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد الغساني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا محمد بن يونس قال: حدثنا الأصمعي قال: حدثنا شبيب بن شيبة قال: خطب خالد بن عبد الله القسري فقال: وهو على المنبر: يسومونني أن أقتد من كاتبي وإن أقدت منه لقد أقدت من نفسي، وإن أقدت من نفسي لقد أقاد أمير المؤمنين من نفسه، وإن أقاد أمير المؤمنين من نفسه لقد أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه، ولئن أقاد رسول الله صلى الله عليه وسلم من نفسه ليقيدن هاه هاه هاه، يومي بيده أو قال باصبعه إلى فوق جل ربنا وتعالى علوا كبيراً.

أنبانا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: قتل خالد سنة ست وعشرين ومائة وهو ابن نحو ستين سنة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو غالب بن البناء اذنا إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي قال: أخبرنا أحمد بن عبيد بن الفضل إجازة، ح.
قال أبو غالب بن البناء: وأخبرنا أبو تمام علي بن محمد إجازة قال: أخبرنا أبو بكر بن تيري قراءة عليه قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا سليمان بن أبي شيخ قال: حدثنا صالح بن سليمان قال: أراد الوليد بن يزيد الحج وقال: أشرب فوق ظهر الكعبة، فهم قوم أن يفتكوا به إذا خرج فجاؤوا إلى خالد بن عبد الله القسري فسألوه أن يكون معهم فأبى، فقالوا له: فاكتم علينا، فقال: أما هذا فنعم، فجاء إلى الوليد فقال له: لا تخرج فإني أخاف عليك قال: من هؤلاء الذين تخافهم علي؟ قال: لا أخبرك بهم قال: إن لم تخبرني بهم بعثت بك إلى يوسف، قال: وإن بعثت بي إلى يوسف، قال فبعث به إلى يوسف فعذبه حتى قتله.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد بن حامد قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء في كتابه عن أبي إسحق الحبال وخديجة المرابطة قال: أبو إسحق: أخبرنا أبو القاسم عبد الجبار ابن أحمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر الحسن بن الحسين بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أحمد بن علي بن الحسين بن بندار قال: حدثني جدي قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا الحنفي يعني أحمد ابن الأسود قال: حدثنا ابن أبي شيخ قال: حدثنا أبو سفيان الحميري وصالح بن سليمان قالا: أراد الوليد بن يزيد الحج وهو خليفة، فاتعد فتية من وجوه أهل اليمن أن يفتكوا به في طريقه، وسألوا خالداً القسري أن يكون معهم فأبى، قالوا: فاكتم علينا: فأتاه خالد فقال: يا أمير المؤمنين دع الحج فأني خائف عليك قال: ومن الذي تخافهم علي سمهم، قال: قد نصحتك ولن أسميهم لك، قال: إذاً أبعث بك إلى عدوك يوسف بن عمر قال: وإن فعلت، فبعث به إلى يوسف بن عمر فعذبه حتى قتله، ولم يسم له القوم.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن بن الحسين عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: فلبث خالد يوماً في العذاب ثم وضع على صدرته المضرسة فقتل من الليل، ودفن بناحية الحيرة في عباءته التي كان فيها، وذلك في المحرم سنة ست وعشرين ومائة، في قول الهيثم، فأقبل عامر بن سهلة الأشعري فعقر فرسه على قبره، فضربه يوسف سبعمائة سوط.
أنبأنا أحمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري في كتابه قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني إجازة قال: أخبرنا ابن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم قال: أخبرنا أبو عبيدة قال: لما قتل خالد بن عبد الله القسري لم يرثه أحد من العرب على كثرة أياديه عندهم إلا أبو الشغب العبسي فقال:
ألا أن خير الناس حياً وهالكاً ... أسير ثقيف عندهم في السلاسل
لعمري لقد أعمرتم السجن خالداً ... وأوطأتموه وطأة المثاقل
فإن تسجنوا القسري لا تسجنوا اسمه ... ولا تسجنوا معروفه في القبائل
خالد بن عبد الرحمن:
روى عن عمر بن عبد العزيز، روى عنه داود بن عبد الرحمن، وكان بعسكر سليمان بن عبد الملك بدابق.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن المقرب بن الحسين النساج قال: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي، ح.

وقال ثابت: وأخبرتنا ست الإخوة بنت محمد بن أبي منصور الكرخي قالت: أخبرنا أبو الحسين عاصم بن الحسن بن عاصم قالا: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن عبيد الله بن بشران قال: أخبرنا أبو علي الحسين بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن أبي الدنيا قال: حدثنا أحمد بن إبراهيم بن كثير قال: حدثنا أبو إسحق الطالقاني عن الفضل بن موسى عن داود بن عبد الرحمن عن خالد ابن عبد الرحمن قال: كنا في عسكر سليمان بن عبد الملك فسمع غناء من الليل فأرسل إليهم بكرة فجيء بهم فقال: إن الفرس لتصهل فتستو دق لها الرمكة، وإن الفحل ليخطر فتصبع له الناقة، وإن التيس ليثب فتستحرم له العنز، وإن الرجل ليتغنى فتشتاق إليه المرأة، ثم قال: اخصوهم، فقال عمر بن عبد العزيز: هذا مثله ولا يحل، فخلى سبيلهم.
خالد بن عرفطة:
ابن أبرهة بن سنان بن صفي وقيل صيفي بن العيلة بن عبد الله بن غيلان وقيل عيلان بن أسلم بن حراز بن كاهل بن عذرة بن سعد بن زيد بن ليث بن سود بن أسلم بن الحاف بن قضاعة بن مالك بن حمير بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن فحطان العذري.
صحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وروى عن حبيب بن سالم، وسالم بن عبيد روى عنه مولاه مسلم وأبو عثمان النهدي وهلال وعبد الله بن يسار، وشهد فتح المدائن، وولاه سعد بن أبي وقاص قتال الفرس يوم القادسية، وكان في صحبة معاوية حين توجه من الشام وعبر معه جسر منبج إلى الأخنونية، وصالح الحسن ابن علي رضي الله عنه وكان خالد بن عرفطة يحمل راية معاوية حتى دخل معه الكوفة.
أخبرنا عمر بن محمد بن طبرزد بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب قال: حدثنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا محمد بن غالب قال: حدثني عبد الصمد قال: حدثنا ورقاء عن منصور عن هلال قال: كنا في مسير فعطس رجل من القوم، فقال: السلام عليكم، فقال له سالم ابن عبيد الأشجعي: وعليك وعلى أمك، قال: لعلك ساءك ما قلت؟ قال: ما يسرني أن تذكر أمي بخير ولا شر، قال: أما إني لا أقول إلا كما قال النبي صلى الله عليه وسلم وعطس يعني رجلاً من القوم فقال: السلام عليكم، فقال: عليك وعلى أمك، وذكر تمام الحديث، وسنذكره في ترجمة سالم بن عبيد.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق العطار البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي الصوفي قال: أخبرنا الشيخ أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران بن عيسى بن عمر بن العباس السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي السمرقندي قال: أخبرنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبان ابن يزيد عن قتادة قال: كتب إلي خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم: إن غلاماً كان ينبز فرفوراً، فوقع على جارية امرأته، فرفع إلى النعمان بن بشير فقال: لأقضين فيه بقضاء شاف إن كانت أحلتها له جلدته مائة، وإن كانت لم تحل له رجمته فقيل لها: زوجك، فقال: إني قد أحللتها له، فضربه مائة، قال يحيى هو مرفوع.
وقال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن الدارمي قال: حدثنا صدقة ابن الفضل قال: حدثنا محمد بن جعفر عن شعبة عن أبي بشر عن خالد بن عرفطة عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير عن النبي صلى الله عليه وسلم بنحوه.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا محمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد بن عرفطة البكري، حليف بني زهرة له صحبة، روى عنه أبو عثمان النهدي، وعبد الله بن يسار، ومسلم مولى خالد بن عرفطة، سمعت أبي يقول ذلك.
ثم قال أبو محمد بن أبي حاتم: خالد بن عرفطة روى عن حبيب بن سالم عن النعمان بن بشير، روى أبان بن يزيد العطار عن قتادة عنه، سألت أبي عنه فقال: هو مجهول لا أعرف أحداً يقال له خالد بن عرفطة إلا واحد الذي له صحبة.

أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري فيما كتب إلينا من مكة قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان الليثي ويقال البكري من بني ليث بن بكر بن عبد مناة، ويقال بل هو من قضاعة من بني عذرة، ومن قال هذا قال: هو خالد بن عرفطة بن صعير بن أخي ثعلبة بن صعير، عذري من بني حراز بن كاهل ابن عذرة حليف لبني زهرة، يقال العذري ويقال الحرازي، ويقال البكري، ومن جعله عذرياً قال: هو خالد بن عرفطة بن أبرهة بن سنان بن صيفي بن الهائلة بن عبد الله بن غيلان بن أسلم بن حراز بن كاهل بن عذرة بن سعد هذيم وهذا هو الصواب في نسبه، والحق إن شاء الله والله أعلم.
قال: وقال خليفة بن خياط: لما سلم الأمر الحسن إلى معاوية خرج عليه عبد الله ابن أبي الحرشاء بالنخيلة، فبعث إليه معاوية خالد بن عرفطة العذري حليف بني زهرة في جمع من أهل الكوفة، فقتل ابن أبي الحرشاء ويقال ابن أبي الحمساء، وذلك في جمادى سنة إحدى وأربعين فيما ذكر أبو عبيدة والمدائني، وفي ذلك الشهر كان الاجتماع على معاوية.
قال أبو عمر: سكن خالد بن عرفطة الكوفة ومات بها سنة ستين وقيل سنة إحدى وستين عام قتل الحسين، وفيها ولد عمر بن عبد العزيز، روى عنه أبو عثمان النهدي ومسلم مولاه وعبد الله بن يسار.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن ابن قبيس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي قال: أخبرنا ابن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن سليمان الأصبهاني قال: حدثنا يونس بن أبي النعمان عن أم حكيم بنت عمرو الجدلية قالت: لما قدم معاوية يعني الكوفة فنزل النخيلة، دخل من باب الفيل، وخالد بن عرفطة يحمل راية معاوية، حتى ركزها في المسجد.
خالد بن عمرو بن خالد السلفي الحموي:
أبو الأجل نزيل حماه، بلدة من العواصم قد ذكرناه في مقدمة الكتاب. روى عن بقية بن الوليد، ومحمد بن حرب، وأبي حاتم بن إدريس الرازي، ومروان بن معاوية الفزاري، ويحيى بن محمد الطائفي، وهو حمصي نزل حماه.
قال أبو محمد بن أبي حاتم الرازي: خالد بن عمرو السلفي، كان ينزل حماة، على مسيرة يومين من حمص، سمع من أبي في الرحلة الأولى.
أنبأنا عبد البر بن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: خالد بن عمرو بن خالد أبو الأخيل السلفي الحمصي، روى أحاديث منكرة عن ثقات الناس، وكان جعفر الفريابي يقول: رأيت أبا الأخيل هذا بحمص ولم أكتب عنه لأنه يكذب.
وقال ابن عدي: سمعت بعض أصحابنا يذكره عن الفريابي.
قال ابن عدي: ولأبي الأخيل أحاديث مناكير.
أنبأنا عبد البر قال: أخبرنا البرمكي قال: أخبرنا ابن مسعدة قال: أخبرنا حمزة قال: أخبرنا أبو أحمد قال: سمعت أحمد بن أبي الأخيل يقول: مات أبو الأخيل خالد بن عمرو سنة ست وثلاثين ومائتين.
خالد بن عمرو بن محمد بن عبد الله بن سعيد بن العاص:
القرشي حدث بالمصيصة عن سفيان الثوري، وروى عنه الليث بن سعد شيبان وهشام الدستوائي، والمغيرة بن زياد ومالك بن مغول وإسرائيل وإبراهيم بن صالح ابن درهم، وشعبة بن الحجاج، وابن أبي ذئب ومسعر بن كدام.
روى عنه أبو عبيد القاسم بن سلام، وأبو نعيم عبيد بن هشام الحلبي، وأبو عثمان سعيد بن عبد العزيز الحلبي، وعبد الله بن عمر بن أبان، وحاجب بن سليمان المنبجي وأحمد بن منصور الرمادي، وكثير بن أبي صابر القنسريني، ومحمد بن حميد، وعمر بن يزيد السياري، وأبو عبد الله محمد بن الفرج بن الضحاك، وأبو علي محمد بن يزيد بن أبي الخناجر.

أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم هبة الله بن أحمد بن عمر الحريري قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي العشاري قال: حدثنا أبو الحسين محمد بن أحمد بن شمعون قال: حدثنا أبو علي محمد بن محمد بن أبي حذيفة الدمشقي قال: حدثنا أبو علي محمد بن يزيد بن أبي الخناجر قال: حدثنا خالد بن عمرو القرشي قال: حدثنا مسعر عن منصور عن إبراهيم عن علقمة عن عبد الله أن النبي صلى الله عليه وسلم صلى فزاد أو نقص، فقيل له: أحدث في الصلاة شيء؟ قال: لو حدث لأنبأتكم، هل أنا إلا بشر مثلكم أنسى كما تنسون فأيكم زاد في صلاتنا أو نقص فليتحرى الصلوات وليتم وليسجد سجدتي السهو.
أخبرنا أبو القاسم الحسين بن هبة الله بن محفوظ بن صصرى قراءة عليه وأنا أسمع بالكلاسة من جامع دمشق قال: أخبرنا جدي لأمي أبو المكارم عبد الواحد بن محمد بن هلال، قيل له: أخبركم أبو الحسن علي بن الحسن بن علي بن ميمون الربعي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن عبد الله بن سعيد بن عبد الله الكندي قال: أخبرنا سعيد هو أبو عثمان بن عبد العزيز بن مروان المعروف بالحلبي قال: حدثنا خالد بن عمرو عن الليث بن سعد عن يزيد بن أبي حبيب عن أبي عبد الله الصنابحي عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: يقول عز وجل: إن كنتم ترجون رحمتي فارحموا خلقي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان فيما أذن لي في روايته عنه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن أبي ذر الصالحاني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد بن عبد الرحيم قال: أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن جعفر المغازلي قال: أخبرنا أبو الدحداح أحمد بن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو عبد الله بن سعيد بن العاص بالمصيصة قال حدثنا سفيان الثوري عن حبيب بن أبي ثابت عن ميمون بن أبي شبيب عن المغيرة بن شعبة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: من حدث بحديث وهو يرى أنه كذب فهو أحد الكاذبين.
أنبأنا أبو محمد بن عبد البر بن الحسين بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي الحافظ قال: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا العباس قال: سمعت يحيى يقول: خالد بن عمرو السعيدي ليس حديثه بشيء.
وقال ابن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثني عبد الله قال: سألت أبي عن خالد بن عمرو القرشي فقال: ليس بثقة، وهو ابن عم عبد العزيز بن أبان، يروي أحاديث بواطيل.
وقال ابن عدي: حدثنا الجنيدي قال: حدثنا البخاري قال: خالد بن عمرو يعد في الكوفيين أراه قرشي، قال أحمد: منكر الحديث، سمع منه أبو عبيد القاسم بن سلام.
وقال ابن عدي: سمعت ابن حماد يقول: قال البخاري: خالد بن عمرو عن شيبان وهشام الدستوائي، روى عنه أبو عبيد منكر الحديث.
قال: وقال النسائي فيما أخبرني محمد بن العباس عنه قال: خالد بن عمرو الأموي ليس بثقة.
قال ابن عدي بعدما ذكر عنه أحاديث، منها الحديث الذي بدأنا بذكره عن أبي بكر الصديق رضي الله عنه: وهذه الأحاديث التي رواها خالد عن الليث عن يزيد بن أبي حبيب، عندنا من حديث يحيى بن بكير وقتيبة وابن رمح وابن زغبة ويزيد بن موهب وليس فيه من هذا شيء، وذكر بعدها أحاديث حدث بها عن غير الليث بن سعد وقال: وخالد بن عمرو له غير ما ذكرت من الحديث عن من يحدث عنهم وكلها أو عامتها موضوعة، وهو بين الأمر في الضعف.
خالد بن عمران بن نفيل بن جابر الأزدي
الموصلي، أخو المعافى بن عمران، وسنذكر نسبه في ترجمة أخيه المعافى، وكان خالد يتولى أعمالاً للسلطان، وقدم المصيصة، وحكى عنه العلاء بن أيوب.

أنبأنا أبو محمد المعافى بن إسماعيل بن الحسين بن أبي السنان قال: أخبرنا أبو منصور بن مكارم المؤدب قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن محمد قال: أخبرنا أبو الفضائل الحسن بن هبة الله، وأبو البركات سعد بن محمد بن إدريس قالا: أخبرنا أبو الفرج محمد بن إدريس قال: أخبرنا أبو منصور المظفر بن محمد الطوسي قال: أخبرنا أبو زكريا يزيد بن محمد بن إياس الأزدي قال: حدثني العلاء بن أيوب قال: صار خالد بن عمران إلى المصيصة، وهو في أعمال السلطان، فبعث إلى عبد الكبير ابن المعافى، فلم يأته، فصار إليه خالد وهو في حانوت يبيع البقل وما شاكله، فوقف على حانوته فقال له: فضحتنا يا عبد الكبير، فقال عبد الكبير: ما فضحنا غيرك يا خالد، يعني لأعماله.
خالد بن قطن
روى شيئاً من خبر صفين، ويغلب على ظني أنه شهدها روى عنه عمر بن سعد وسنذكر ذلك في ترجمة زياد بن النضر الحارثي، فيما يأتي من هذا الكتاب إن شاء الله تعالى.
خالد بن كيسان
ولي غزو البحر في أيام بني أمية، فأسره الروم، وذهبوا به إلى القسطنطينية ثم أهدوه إلى الوليد بن عبد الملك في السنة التي غزا فيها مسلمة بن عبد الملك، فقد اجتاز بحلب أو عملها في عودة من القسطنطينية إلى الشام.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا عن أبي محمد الجوهري عن أبي عمر بن حيويه قال: أخبرنا أبو أيوب سليمان بن إسحق قال: أخبرنا الحارث بن أبي أسامة قال: أخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر الواقدي قال: سنة تسعين فيها أسرت الروم خالد بن كيسان صاحب البحر فذهبت به إلى مدينة الكفر القسطنطينية، فأهداه صاحبها إلى الوليد بن عبد الملك، وهو عام غزا مسلمة، ففتح الله على يديه.
خالد بن محمد بن نصر بن صغير بن خالد القيسراني
أبو البقاء الخالدي المخزومي من ولد خالد بن الوليد المخزومي، وكان أصله من قيسارية الشام، وولد أبوه بعكا وانتقل إلى حلب بعد استيلاء الفرنج عليها، وولد له ولده خالد، وكان خالد كاتباً مجيداً في الخط، كثير التحرير بخطه متبعاً طريقة علي بن أبي هلال المعروف بابن البواب اتباعاً حسناً، لا سيما في قلم المحقق، فإنه أبدع فيه وأحسن كل الإحسان.
وخدم الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي بحلب، وتقدم عنده، ونفق عليه، وولى وزارته وجمع في ولايته بين الإنشاء والاستيفاء، وسيره رسولاً إلى الديار المصرية إلى الملك الناصر صلاح الدين يوسف بن أيوب، بعد أن استولى عليها لتقرير الأمور بها، فسمع بها الحديث من الحافظ أبي طاهر السلفي ومن أبي محمد بن رفاعة السعدي وسمع بدمشق قبل ذلك الحافظ أبا القاسم علي بن الحسن الشافعي، وكان قد سمع والده أبا عبد الله وحدث بشيء من حديثه بحلب وأجاز لجماعة.
سمع منه القاضي أبو الحسن أحمد بن محمد بن عبد الصمد بن الطرسوسي وأبو علي الحسن بن علي بن الحسين السقسيني، وشيخنا أبو البقاء يعيش بن علي ابن يعيش، روى لنا عنه شيخ الشيوخ أبو محمد بن عمر بن علي بن حمويه بإجازته منه، وأبو محمد عبد الحق بن عبد السلام بن عبد الحق الصقلي شعراً ذكر أنه أنشده إياه لنفسه، ولما عاد من الديار المصرية وجد نور الدين محمود بن زنكي رحمه الله قد مات بدمشق، فقدم إلى حلب، ولزم بيته واشتغل بعمارة أملاكه والقناعة بها حتى مات.
أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عمر بن علي بن حمويه بدمشق قال: أنبأنا خالد بن محمد بن نصر القيسراني الوزير قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد بن إبراهيم السلفي، ح.
وأخبرنا أبو عبد الله محمد بن داود الدربندي، وأبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي قالا: أخبرنا الحافظ أبو طاهر قال: أخبرنا أبو عبد الله القاسم بن الفضل بن أحمد بن محمود الثقفي رئيس أصبهان حدثنا أبو طاهر محمد بن محمش الزيادي الإمام بنيسابور قال: أخبرنا عبد الله بن يعقوب الكرماني قال: حدثنا حماد ابن زيد عن مخالد عن الشعبي عن جابر بن عبد الله قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: إنكم اليوم على دين وإني مكاثر بكم الأمم فلا تمشوا القهقري بعدي.

أخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش النحوي إجازة قال: أخبرنا أبو البقاء خالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني بحلب سنة ثمانين وخمسمائة بداره قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة وغيره قالوا: أخبرنا أبو طاهر قال: أخبرنا أبو الخطاب نصر بن أحمد بن عبد الله بن البطر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبيد الله بن يحيى بن زكريا البيع قال: حدثنا القاضي أبو عبد الله الحسين بن إسماعيل بن محمد المحاملي قال: حدثنا محمد بن إبراهيم الطرسوسي قال: حدثنا إسحق بن منصور السلولي قال: حدثنا إسرائيل عن جابر عن ابن بريدة عن أبيه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما أصيب عبد بعد ذهاب دينه بأشد من ذهاب بصره وما ذهب بصر عبد فصبر إلا دخل الجنة.
أخبرنا شيخ الشيوخ أبو عمر بن حمويه قال: أخبرنا خالد بن محمد بن نصر في كتابه إلينا من حلب قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل الأصبهاني قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن عبد الرحمن الذكواني قال: أخبرنا أبو بكر بن مردويه قال: حدثنا محمد بن جعفر بن الهيثم قال: حدثنا محمد بن أحمد بن أبي العوام قال: حدثنا أبي قال: حدثنا داود بن عطاء المدني قال: حدثنا عمر بن صهيان قال: حدثني صفوان ابن سليم عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كل عين باكية يوم القيامة إلا عين غضت عن محارم الله، وعين سهرت في سبيل الله، وعين خرج منها مثل رأس الذباب من خشية الله عز وجل.
أنشدنا أبو محمد عبد الحق بن عبد السلام بن عبد الحق الصقلي التميمي بدمشق قال: أنشدني الوزير موفق الدين أبو الوليد خالد بن محمد بن نصر بن صغير القيسراني لنفسه بحلب:
أخ لي عاداه الزمان فأصبحت ... مذممة فيما لديه المطالب
متى ما تذوقه التجارب صاحبا ... من الناس تردده إلى التجارب
وأنشدنا عبد الحق الصقلي قال: أنشدنا خالد لنفسه:
أما تريني قد بليت وغاضني ... ما نيل من بصري ومن أجلادي
وعصيت أصحاب الصبابة والصبا ... وأطعت عاذلتي ولان قيادي
هكذا أنشدنا عبد الحق الأبيات الأربعة ذكر أن خالداً أنشده إياها لنفسه، والبيتان الأولان لدعبل بن علي والآخران للأسود بن يعفر، ولعل خالداً أنشده الأبيات ولو يسم قائلاً فظنها له والله أعلم، ولا يظن بخالد أنه يدعي ما ليس له لا سيما في الشعر، فإنه كان على ما بلغني يكره أن ينسب إلى أبيه ويستره جهده فكيف في حق نفسه.
سمعت القاضي بهاء الدين أبا محمد الحسن بن إبراهيم بن سعيد بن الخشاب الحلبي يقول: سمعت الرئيس أبا الحسن علي بن الحكم الحلبي يقول: سمعت أبا عبد الله محمد بن نصير القيسراني يقول: قد أبطأ علي أمر خالد، يعني ولده.
قال لي أبو محمد بن الخشاب: وكان أبو عبد الله يعرف علم النجوم معرفة جيدة وكأنه استنبط من تسيير مولد ولده خالد أنه يكون له شأن ورئاسة وتقدم فكان ينتظر ذلك منه، فقدر الله تعالى أن الأمر وقع كما كان ينتظره.

أخبرني شمس الدين أبو عبد الله محمد بن يوسف بن الخضر، قاضي العسكر قال: كان موفق الدين خالد بن القيسراني يجلد تجليداً حسناً ويكتب خطاً جيداً وكان التجليد سبب تقدمه عند الملك العادل نور الدين محمود بن زنكي وذلك أنه وصف تجليده لنور الدين فأحضره ليجلد له كتباً فوقف على خطه فأعجبه وراق له، فطلب منه أن يكتب له شعب الإيمان للبيهقي، فاختار له موفق الدين خالد من الورق أجوده وصقله وتكلف لكتابته وتحرير خطه فيه وسعه، وجود خطه فيه وجعل في أول كل مجلدة منه ثلاثة أوراق بيضاء لم يكتب فيها شيئاً، وجعلها غواشي للكتاب، وأقام في كتابته مدة طويلة حتى فرغ منه وجلده، وكان نور الدين غائباً عن مدينة حلب، أظنه قال: بتل باشر، فاستعار خالد بغلة، أو قال فرساً وركبها وحمل معه الكتاب ومضى إلى عسكر نور الدين، وتوسل إلى الشيخ إسماعيل الخزاندار أن يقدمه له بين يدي نور الدين، فحمل له الكتاب وعرضه على نور الدين، فصفح القائمة الأولى فوجدها بيضاء ثم فعل بالثانية فوجدها كذلك ثم بالثالثة فوجدها كذلك فلم يتعدها إلى غيرها ولم يتأمل الكتابة، وقال: يكتب على هذه المجلدات الوقف على مقصورة الخضر بجامع دمشق ويرسل إليها ولم ينظر في الكتاب ولا وقف على ما كتب، فشق ذلك على خالد مشقة عظيمة لكونه اعتنى بالكتاب وقاسى التعب في تحرير خطه فيه، وصقل ورقه وتجليده والاعتناء به، ولم يقف نور الدين عليه ولم يحتفل به، وأقام بالعسكر وبات في المخيم فسرقت الدابة التي استعارها فأنهي أمرها إلى نور الدين فقال: هو فرط لمَ لمْ يحفظ دابته؟ فازداد خالد حرجاً على حرج وهماً على هم، وتوسل له إسماعيل الخزاندار إلى نور الدين حتى أمر باستخدامه في بعض الجهات البرانية من عمل حلب فخدم بها مدة وقل ما بيده ومرض، فترك الجهة التي كان فيها ودخل منها بغير دستور، وكان نور الدين معسكراً في بعض الجهات التي قصدها فقصد العسكر وجاء إلى الشيخ إسماعيل الخزاندار وأعلمه بحاله وبانفصاله، فقال له: وانفصلت عن غير دستور؟ قال: نعم لعجزي فعنفه ولامه وقال له: ليس لك ذنب وإنما الذنب أي حيث نسبت لك في هذا الأمر، فوجم خالد وندم ندامة عظيمة وشق عليه مواجهة الشيخ إسماعيل له بما واجهه به من الكلام الذي أغلظ له فيه، ثم إنه أعلم نور الدين بمجيئه وانفصاله عن الجهة فأحضره نور الدين مجلسه وأجلسه، ودفع إليه ورقة ودواة، وقال له: اكتب فيها شيئاً.
قال خالد: فأخذت الورقة وكتبت فيها سطرين، وأنا تارك من المرض الذي لحقني، فكتبت فيها سطرين لم أكتب مثلهما قط في الجودة، وكان ذلك ابتداء السعادة، قال: فأخذهما نور الدين وتأملهما واستحسنهما وكتب تحتهما بخطه نقلاً منهما، ثم أمر أن يكون في صحبته واستكتبه، وقرر له رزقاً يستعين به، ثم ارتفع أمره عنده وازدادت منزلته، وعلت مرتبته، وجعل أمره يترقى إلى أن كان منه ما كان رحمه الله. حكي لي معنى ما ذكرته وأظنه والله أعلم أسنده إلى الخطيب هاشم خطيب حلب.
قرأت في كتاب خريدة القصر، تأليف عماد الدين أبي عبد الله محمد الكاتب الأصبهاني، وأجازه لي صديقنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل بن أبي الحجاج قال: أخبرنا العماد الكاتب في ترجمة أبي عبد الله محمد بن نصر بن صغير القيسراني قال: ولما وصلت إلى الشام والتبست بخدمة نور الدين وجدت موفق الدين خالداً ولد أبي عبد الله القيسراني صدر مناصبها، وبدر مراتبها وجمعت بيني وبينه الصحبة، لأنه كان مستوفي المملكة وأنا منشئها تارة ومشرفها أخرى، فلما سيره نور الدين إلى مصر قمت بجميع الأمور بعده وكان نور الدين قد رفعه واصطنعه، وبلغ به مبلغاً من الأمر كأنه أشركه في ملكه، وقد كان حقيقاً بذلك لبيقا به، وما زلنا سفراً وحضراً نتناشد أشعار أبيه حتى لعله قد أتى في الإنشاد على معظم شعر والده، وكان قد بلغ إلى حد خدمه ممدوحو والده، وقصدوه ورجوه واجتدوه، وكأنه أنف من مدح والده لهم وكره لنفسه كيف قصدهم وأملهم.

أخبرني فخر الدين إبراهيم بن خالد بن محمد بن نصر القيسراني أن أباه خالداً توفي في يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة من سنة ثمان وثمانين وخمسمائة، ودفن بداره بحلب. قال لي: واتفق أنه نقل من داره بعد ذلك بسنتين إلى ظاهر حلب، ودفن في تربة بنيت له بناحية مقام إبراهيم عليه السلام ونقلناه إليها في يوم الجمعة رابع عشر جمادى الآخرة. قال: فقلت لعمي يعني مهذب الدين ماجد ابن محمد، ونحن خلف جنازته: ما أظن أنه اتفق من يوم توفي يوم الجمعة وهو رابع عشر جمادى الآخرة غير يومنا هذا.
خالد بن معدان بن أبي كرب:
أبو عبد الله الكلاعي الحمصي، كان يتولى الشرطة ليزيد بن معاوية. وغزا الروم مرات متعددة واجتاز بحلب وكان إذا نودي بالغزاة كان فسطاطه أول فسطاط ضرب بدابق.
حدث عن أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وأبي الدرداء، وعبادة بن الصامت وأبي أمامة الباهلي، وأبي هريرة، ومعاوية بن أبي سفيان، وعبد الله بن عمر، والمقدام بن معد يكرب، وثوبان، وأبي ذر الغفاري، وعتبة بن الندر، وعبد الله بن بشر وعبد الرحمن بن أبي عميرة، والحارث بن الحارث الغامدي، وأبي الغادية وعتبة بن عبد، وذي مخبر، وجبير بن نفير، وعمير بن الأسود، وعبد الله بن عائذ الثمالي، وكثير بن مرة وأبي زهير الأنماري، وعبد الرحمن بن عمرو السلمي، وأبي يزيد بن مزيد الهمداني، وربيعة بن الغاز الحرشي وعبد الله بن سعد الأنصاري، وحجر بن حجر الكندي، وعبد الله بن عمرو، وأبي قبيلة، وأبي بحريه ومالك بن يحامر وأبي زياد حيان بن سلمة، وعبد الرحمن بن أبي بلال، والصدي بن عجلان.
روى عنه بحير بن سعد والأحوص بن حكيم، وثابت بن ثوبان وابنه عبد الرحمن بن ثابت، وثور بن يزيد وإبراهيم بن أبي عبلة، وحريز بن عثمان ويزيد بن عبد الرحمن وابنته عبدة بنت خالد بن معدان، وعمر بن موسى.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد البغدادي قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال أخبرنا أبو محمد عبد الله ابن أحمد بن حموية السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن بن بهرام الدارمي قال: أخبرنا حيوة بن شريح قال: حدثنا بقية بن الوليد الميتمي قال: حدثنا بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن جبير بن نفير الحضرمي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: لقد جاءكم رسول إليكم ليس بوهن ولا كسيل ليختن قلوباً غلفاً ويفتح أعينا عمياً ويسمع آذانا صماً، ويقيم ألسنة عوجاً حتى يقال لا إله إلا الله وحده.
أخبرنا ثابت بن مشرف وموسى بن عبد القادر قالا: أخبرنا سعيد بن أحمد بن البناء قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا عبد الله بن محمد البغوي قال: حدثنا عبد الجبار بن عاصم قال: حدثنا بقية عن بحير بن سعد عن خالد بن معدان عن عتبة بن عبد أنه قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لو أن رجلاً جر على وجهه من يوم ولد إلى أن يموت هرما في مرضاة الله عز وجل لحقره يوم القيامة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة أن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن يعقوب قال: أخبرنا العباس بن العباس بن محمد بن عبد الله بن المغيرة الجوهري قال: أخبرنا صالح بن أحمد بن محمد بن حنبل قال أبي: خالد بن معدان أبو عبد الله.
وقال أبو البركات: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص ابن المفصل بن غسان قال: حدثنا أبي عن يحيى بن معين قال: خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي قال: أخبرنا أبو القاسم بن مطكود السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب الكلابي. قال: أخبرنا أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: خالد بن معدان الكلاعي حمصي.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة عبد الرحمن بن عمر قال: في الطبقة الثالثة خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي يكنى أبا عبد الله توفي سنة أربع ومائة سمعت نسبه من علي بن عباس.
أنبأنا الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد الغندجاني قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: خالد بن معدان الكلاعي، سمع أبا أمامة وعمير بن الأسود، وجبير بن نفير، والمقدام وكثير بن مرة، وقال إسحق: كنيته أبو عبد الله، قال: وقال عمرو بن علي: مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومائة.
وقال: وقال يزيد بن عبد ربه: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: حدثنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عبد الله خالد بن معدان، سمع أبا أمامه، روى عنه بحير بن سعد.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر السلامي عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو عبد الله خالد ابن معدان.
أخبرنا أبو الفضل بن هاشم بن أحمد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو بن محمد بن إسحق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد ابن معدان الكلاعي شامي لقي من الصحابة: أبا أمامة، والمقدام بن معدي كرب، وعتبة بن عبد، وابن أبي عميرة، وعبد الله بن بسر، والحارث بن الحارث الغامدي، وذا مخبر، وعتبة بن ندر، وأبا الغاديه، وعبد الله بن عائذ الثمالي روى عنه بحير بن سعد، وثور بن يزيد، سمعت أبي يقول ذلك.
أنبأنا أبو الحفص عمر بن علي بن قشام قال: أخبرنا أبو العلاء الحسن بن أحمد في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن الصفار قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن منجوبه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحق قال: أبو عبد الله خالد بن معدان بن أبي كرب الكلاعي الشامي الحمصي سمع الصدي بن عجلان، والمقدام بن معد يكرب وحكى أبو عمرو السكسكي عنه أنه قال: لقيت سبعين رجلاً من أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم. روى عنه محمد بن إبراهيم بن الحارث وبحير بن سعد، وثور بن يزيد وزياد بن سعد بن عبد الرحمن.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الفضل المقدسي قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أبو نصر الكلاباذي قال: خالد بن معدان أبو عبد الله الكلاعي الشامي، سمع أبا أمامة، والمقدام بن معدي كرب وعمير بن الأسود العبسي، روى عنه ثور بن يزيد في البيوع والأطعمة وغير ذلك، قال البخاري: وقال يزيد بن عبد ربه: مات سنة أربع ومائة، وقال عمرو بن علي: مات سنة ثلاث ومائة، قال الواقدي والهيثم بن عدي: مات سنة ثلاث ومائة.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن معدان بن أبي كرب أبو عبد الله الكلاعي الحمصي، كان يتولى شرطة يزيد بن معاوية، روى عن أبي عبيدة بن الجراح، ومعاذ بن جبل، وعبادة بن الصامت، وأبي الدرداء، وأبي هريرة وعبد الله بن عمر، وأبي أمامة، وثوبان والمقدام بن معدي كرب، وأبي ذر الغفاري، وعتبة بن الندر، وعبد الله بن بسر، وعبد الرحمن بن أبي عميرة، والحارث بن الحارث الغامدي وذي مخبر، وعتبة بن عبد، وأبي الغادية، وعبد الله بن عائذ الثمالي، وجبير بن نفير، وكثير بن مرة وعمير بن أسود وأبي زهير الأنماري، وربيعة بن الغاز الحرشي، وعبد الله بن عمرو وعبد الله بن سعد الأنصاري، وأبي عثمان يزيد بن مزيد الهمذاني، وعبد الرحمن بن عمرو السلمي، وحجر بن حجر الكندي، وأبي قبيلة ومالك بن يخامر، وأبي بحريه، وأبي زياد حيان بن سلمة، وعبد الرحمن بن أبي بلال.
روى عنه بحير بن سعد وثور بن يزيد، ويزيد بن عبد الرحمن بن أبي مالك، والأحوص بن حكيم، وإبراهيم بن أبي عبلة، وثابت بن ثوبان وابنه عبد الرحمن بن ثابت بن ثوبان، وحريز بن عثمان، وابنته عبدة بنت خالد بن معدان.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا عمي رحمه الله قال: أخبرنا أبو طالب الزينبي قراءة، ح.
قال: وأخبرنا أبي رحمه الله قال: أخبرنا أبو طالب الحسين بن محمد الزينبي في كتابه قال: أخبرنا علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: أخبرنا بكر بن أحمد قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عيسى قال: حدثني يزيد بن محمد، ح.
قال: وأنبأنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون عبد الرحمن بن عبد الله قال: حدثنا يزيد بن محمد بن عبد الصمد قال: حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا ابن عباس قال: حدثتنا عبدة بنت خالد وأم الضحاك راشد مولاة خالد قالتا: حدثنا معاوية ابن عمرو عن أبي إسحق الفزاري عن صفوان بن عمرو قال: كان خالد بن معدان إذا أمر الناس بالغزو كان فسطاطه أول فسطاط يضرب بدابق.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف ابن ما شاء الله.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن بن إسماعيل الغساني قالا: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا إبراهيم بن سهلويه قال: حدثنا الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا أبو أسامة قال: كان الثوري إذا جلسنا معه إنما نسمع الموت الموت، فحدثنا عن ثور عن خالد بن معدان قال: لو كان الموت علماً يسبق إليه ما سبقني إليه أحد إلا أن يسبقني رجل بفضل قوته، قال: فما زال الثوري يحب خالد ابن معدان منذ بلغه هذا الحديث عنه.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا أبو بكر بن مالك القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد بن حنبل قال: حدثني أبي قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن الزبير، ح.
قال أبو نعيم: وحدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا إبراهيم بن إسحق الحربي قال: حدثنا عبد الله بن عمر قال: حدثنا أبو أسامة قالا: حدثنا سفيان عن ثور، قال ابن الزبير: عن رجل قال: قال خالد بن معدان: ما أحب أن دابة في بر ولا بحر تفديني الموت، ولو كان الموت غاية يسبق إليها ما سبقني إليها أحد إلا سابق يسبقني إليها بفضل قوته.
قال: وحدثنا عبد الرحمن بن العباس قال: حدثنا إبراهيم بن إسحق الحربي قال: حدثنا سعيد بن يحيى قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الأحوص بن حكيم عن خالد ابن معدان قال: والله لو كان الموت في مكان موضوعاً لكنت أول من يسبق إليه.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري، وأبو الحسن الأنباري، ح.

وأخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم المقدسي بنابلس، وأبو محمد عبد الله بن أحمد بن محمد، وأبو إسحق إبراهيم بن عبد الواحد المقدسيان بدمشق وأبو بكر محمد بن بهروز البغدادي بمعرة النعمان، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم ابن مسلم الإربلي بحلب قالوا: أخبرتنا الكاتبة شهدة بنت أحمد الآبري قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قالوا: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن إدريس قال: حدثنا محمد بن وهب الدمشقي قال: حدثنا بقية عن العباس ابن الأخنس عن ثور بن يزيد عن خالد بن معدان قال: تعلموا اليقين كما تعلموا القرآن حتى تعرفوه فإني أتعلمه.
أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسن الداراني قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا محمد ابن الحسن بن الطفال قال: أخبرنا أبو الطاهر محمد بن أحمد بن عبد الله الذهلي قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا عطية بن بقية بن الوليد قال: حدثنا أبي قال: حدثنا بحير بن سعد قال: سمعت خالد بن معدان يقول: من التمس المحامد في مخالفة الله رد الله تلك المحامد عليه ذماً، ومن اجترأ على الملاوم في موافقة الحق رد الله تلك الملاوم عليه حمداً.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو الفتح نصر بن إبراهيم وأبو محمد بن فضيل قالا: أخبرنا أبو الحسن بن عوف قال: أخبرنا أبو علي بن منير قال: حدثنا أبو بكر بن خريم قال: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا عامر بن يحيى عن من حدثه عن خالد بن معدان قال: ما أحدث الله تعالى لي نعمة قط إلا أحدثت له بها شكراً حتى أن الرجل ليسلم عليّ أو يوسع لي في المجلس فأومي للسجود لله شكراً.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي قال: أخبرنا أبو عمران عيسى بن عمر السمرقندي قال: أخبرنا أبو محمد الدارمي قال: أخبرنا محمد بن كثير عن الأوزاعي عن بحير عن خالد بن معدان قال: الناس عالم ومتعلم، وما بين ذلك همج لا خير فيه.
أخبرنا أبو الحجاج بن خليل قال: أخبرنا أبو المكارم بن اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحداد قل: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: أخبرنا أبي وأبو محمد بن حيان قالا: حدثنا إبراهيم بن محمد بن الحسن قال: حدثنا علي بن سهل البرمكي قال: حدثنا الوليد عن عبدة بنت خالد بن معدان عن أبيها قالت: قل ما كان خالد يأوي إلى فراش مقيله إلا وهو يذكر فيه شوقه إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم وإلى أصحابه من المهاجرين والأنصار، ثم يسميهم ويقول: هم أصلي وفصلي وإليهم يحن قلبي، طال شوقي إليهم، فعجل ربي قبضي إليك حتى يغلبه النوم وهو في بعض ذلك.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا أبو حامد بن جبلة قال: حدثنا محمد بن إسحق قال: حدثنا حاتم بن الليث الجوهري قال: حدثني رجل من ولد خالد بن معدان قال: مات خالد بن معدان وهو صائم.
قال: وحدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا إبراهيم بن جعفر قال: حدثنا سلمة قال: كان خالد بن معدان يسبح في اليوم أربعين ألف تسبيحة سوى ما يقرأ من القرآن، فلما مات وضع على سريره ليغسل، جعل يشير بأصبعه ويحركها يعني بالتسبيح.

أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن المسلم إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا أبو نصر الجبان قال: حدثنا أبو القاسم بن أبي العقب قال: حدثنا أبو الليث المسلم بن معاذ قال: حدثنا أبو علي بن أبي منصور قال: حدثني علي بن عاصم من ولد مسلمة بن عبد الملك قال: حدثني سعيد بن عثمان الأطرابلسي قال: حدثنا أبو علي الحمصي عن أبي مطيع يعني معاوية بن يحيى أن شيخاً من أهل حمص خرج يريد المسجد وهو يرى أنه قد أصبح، فإذا عليه ليل، فلما صار تحت القبة سمع صوت جرس الخيل على البلاط فإذا فوارس قد لقي بعضهم بعضا، قال بعضهم لبعض: من أين قدمتم؟ قالوا: ولو تكونوا معنا، قالوا: لا، قالوا: قدمنا من جنازة البديل خالد بن معدان، قالوا: وقد مات ما علمنا بموته، قالوا: فمن استخلفتم بعده؟ قالوا: أرطأة بن المنذر، فلما أصبح الشيخ حدث أصحابه، فقالوا: ما علمنا بموت خالد بن معدان، فلما كان نصف النهار قدم البريد من أنطرسوس يخبر بموته.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: قرأنا على أبي عبد الله يحيى بن الحسن عن أبي تمام علي بن محمد عن أبي عمر بن حيويه قال: حدثنا محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا المدائني قال: خالد بن معدان توفي سنة ثلاث ومائة، ويقال أنه مات وهو صائم في ولاية يزيد ابن عبد الملك.
قال: وسمعت يحيى بن معين يقول: توفي خالد بن معدان سنة ثلاث ومائة.
وقال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن الحسن قال: حدثنا أحمد بن الحسين النهاوندي قال: حدثنا عبد الله بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن إسماعيل قال: حدثني عمرو بن علي قال: مات خالد بن معدان سنة ثلاث ومائة.
قال علي بن الحسن: أنبأنا أبو غالب محمد بن محمد بن أسد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمرو، ح.
قال: وأنبأنا أبو سعد بن الطيوري عن عبد العزيز بن علي الأزجي قالا: أخبرنا عبد الرحمن بن عمرو بن خمة قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: وخالد بن معدان ثقة لم يلق أبا عبيدة، هو كلاعي يعد من الطبقة الثالثة من فقهاء أهل الشام بعد الصحابة في سنة ثلاث مائة.
أخبرنا أبو اليمن الكندي اذنا عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد ابن الحسين بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن القاسم قال: قال الهيثم: مات خالد بن معدان الكلاعي سنة ثلاث ومائة.
أنبأنا سعيد بن هاشم عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن يوسف قال: حدثنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا ابن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من تابعي أهل الشام خالد بن معدان الكلاعي، قال محمد بن عمر، والهيثم: مات سنة ثلاث ومائة.
أنبانا عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خالد بن معدان الكلاعي وكان ثقة، أجمعوا على أن خالد بن معدان توفي سنة ثلاث ومائة في خلافة يزيد بن عبد الملك أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد اذنا عن أبي محمد عبد الكريم ابن حمزة السلمي عن أبي محمد التميمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: حدثنا أبو سليمان بن زبر قال: قال الهيثم: وفيها يعني سنة ثلاث ومائة مات أبو بردة بن أبي موسى، وطاوس اليماني، وعامر بن شراحيل الشعبي، وخالد بن معدان بالشام، وذكر ابن زبر أن أباه أخبره عن أحمد بن عبيد بن ناصح عن الهيثم بذلك.

أخبرنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد اذنا قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الاسفرائيني قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني العباس بن الوليد بن صبح قال: حدثنا يحيى بن صالح قال: حدثنا عفير بن معدان الكلاعي قال: قدم علينا عمر بن موسى حمص فاجتمعنا إليه في المسجد فجعل يقول: حدثنا شيخكم الصالح، حدثنا شيخكم الصالح، فلما أكثر قلت له: من شيخنا الصالح هذا، سمه لنا نعرفه؟ قال: فقال: خالد بن معدان، قلت له: في أي سنة لقيته؟ قال: لقيته سنة ثمان ومائة، قال: قلت: وأين لقيته؟ قال: لقيته في غزاة أرمينية، قال: فقلت له: اتق الله يا شيخ ولا تكذب مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة، وأنت تزعم أنك لقيته بعد موته بأربع سنين، وأزيدك أخرى لم يغز أرمينية قط، كان يغزو الروم.
قلت: وقد قيل: عن خالد بن معدان توفي سنة ثمان ومائة، وسنذكر ذلك إنشاء الله تعالى.
انبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد بن خيرون قال: أخبرنا يوسف بن رباح بن علي قال: أخبرنا أحمد ابن محمد بن إسماعيل قال: حدثنا أحمد بن حماد بن محمد قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: خالد بن معدان الكلاعي مات سنة أربع ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب ابن سفيان قال: سمعت عبد الرحمن بن إبراهيم يقول: خالد بن معدان زعموا سنة أربع ومائة. قال يعقوب وسمعت سليمان بن سلمة الخبائري الحمصي قال: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة. قال: يعقوب فحدثني بعض ولده يكنى أبا سعيد قال: مات جدي سنة أربع ومائة، ويكنى أبا عبد الله.
قال: وحدثنا يعقوب قال: حدثنا العباس بن الوليد بن صبح قال: حدثني يحيى بن صالح قال: حدثنا عفير بن معدان قال: مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثني يزيد بن عبد ربه قال: قرأت في ديوان العطاء مات خالد بن معدان سنة أربع ومائة.
وقال أبو القاسم بن الحسن: أنبأنا أبو طالب الحسين بن محمد قال: أخبرنا علي ابن المحسن قال: أخبرنا محمد بن المظفر قال: حدثنا بكر بن أحمد قال: حدثنا أحمد ابن محمد بن عيسى قال: وخالد بن معدان بن أبي كرب أبو عبد الله توفي سنة أربع ومائة بأنطرسوس، وكانت له عبادة وفضل.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: حدثنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا أبي محمد قال: حدثنا حبيش بن يزيد عن يحيى بن صالح قال: قال إسماعيل بن عياش: مات خالد بن معدان سنة خمس وثلاثمائة.
أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد الهروي عن أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا الحاكم أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو علي الحافظ قال: حدثنا محمد بن عبد الله البيروتي قال: حدثنا سليمان بن عبد الحميد البهراني قال: حدثنا محمد بن صالح قال: حدثنا إسماعيل بن عياش قال: كنت بالعراق فأتاني أهل الحديث فقالوا: هل هنا رجل يحدث عن خالد بن معدان فأتيته فقلت له: أي سنة كتبت عن خالد بن معدان؟ فقال: سنة ثلاث عشرة، فقلت أنت تزعم أنك سمعت من خالد بن معدان بعد موته بسبع سنين! قال إسماعيل: مات خالد سنة ست ومائة.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا علي بن أحمد بن البسري عن محمد بن عبد الرحمن المخلص قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني القاسم بن سلام قال: سنة ثمان ومائة فيها توفي خالد بن معدان بالشام.

أخبرنا أبو نصر القاضي اذنا قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: في سنة ثمان ومائة مات خالد بن معدان الشامي.
أخبرنا زيد بن الحسن إجازة قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قالا: أخبرنا محمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا محمد ابن أحمد بن إسحق قال: أخبرنا عمر بن أحمد بن إسحق قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: خالد بن معدان الكلاعي مات سنة ثمان ومائة حمصي يكنى أبا عبد الله.
خالد بن المعمر بن سلمان:
ابن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر بن وائل الذهلي.
شهد صفين مع علي رضي الله عنه وأبلى بلاء حسناً، وكان على بكر بن وائل في رؤوس الأخماس الذين قدموا من البصرة مع ابن عباس إلى صفين، ثم جعله علي أميراً على الذهليين من أهل البصرة، وكان رئيساً في قومه، وبايعته ربيعة بصفين على الموت حتى اعتقد لأهل الوبر منها ولأهل المدر ونجى الله تعالى به أهل اليمامة، وكان قد غدر بالحسن بن علي بعد قتل علي عليهما السلام، ولحق بمعاوية فوصله، وكان شاعراً.
وأنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله قال: اخبرنا أبو محمد بن أحمد الأحمدي في كتابه قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرني أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن بن ننجاب قال: حدثنا إبراهيم ابن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد عن يزيد عن أبي الصلت التميمي قال: سمعت أشياخنا من بني تيم الله يقولون: كانت رايات ربيعة كلها كوفيها وبصريها مع خالد بن المعمر السدوسي وكان من أهل البصرة قال: وسمعتم يقولون: لو كان خالد بن المعمر وشقيق بن ثور البكري، من أهل الكوفة، وقد اصطلحا أن يوليا راية بكر بن وائل الحضين بن المنذر وكان من أهل البصرة.
وكلنا قد تنافسنا فيها، ثم قالا: هذا فتى مناله حسب فنجعلها إليه حتى نرى رأينا، ثم أن علياً أعطى رايات ربيعة كلها خالد بن المعمر.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن بن زيد الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو بكر عبد الباقي بن عبد الكريم بن عمر الشيرازي قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الرحمن بن أحمد بن خمة الخلال قال: حدثنا أبو بكر محمد بن أحمد ابن يعقوب بن شيبة قال: حدثني جدي قال: حدثني خلف بن سالم قال: حدثنا وهب يعني ابن جرير قال: حدثنا أبو الخطاب عن محمد بن سواء قال: حدثني بسرشبيل بن عزرة أن بني الحارث وثبوا مع خالد بن المعمر يعني يوم صفين على شقيق بن ثور فانتزعوا الراية منه، واستطال عليه ابن الكواء اليشكري ورجا أن تدفع إليه فقال قائل: ويلكم يا بني ذهل لا تخرجوها منكم فجيء بحضين ابن المنذر وإنه لغلام رأسه ذؤابة فدفعت إليه يومئذ.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن بن أحمد الباقلاني قال أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: أخبرنا بن إسحق بن ننجاب الطيبي قال: حدثنا إبراهيم بن الحسن بن علي الكسائي قال: حدثنا يحيى بن سليمان الجعفي قال: حدثني نصر بن مزاحم قال حدثنا عمر يعني ابن سعيد قال: ورجع إلى حديثه عن يزيد بن أبي الصلت التميمي عن أشياخ منهم أن معاوية كان ضرب يومئذ يعني صفين لحمير سهمهم على ثلاث قبائل على: ربيعة ومذحج وهمدان، فلما وقع سهم حمير على ربيعة قال: ذو الكلاع قبحك الله من سهم كرهت الضراب اليوم، ثم أقبل ذو الكلاع في حمير ومعهم عبيد لله بن عمر بن الخطاب في أربعة آلاف من رجال أهل الشام قد بايعوا على الموت فلما دنوا من ربيعة، وهي حذاء ميمنة أهل الشام، وعلى ميمنتهم ذو الكلاع فحملوا على ربيعة وهم ميسرة أهل العراق وفيهم يومئذ ابن عباس وهو على الميسرة، فحمل عليهم ذو الكلاع وعبيد الله بن عمر بخيلهم ورجلهم حملة شديدة، فتضعضعت رايات ربيعة وثبتوا إلا قليلاً منهم، ثم إن أهل الشام انصرفوا فمكثوا قليلاً، ثم كروا فشدوا على الناس شدة شديدة، وعبيد الله بن عمر يحرضهم فثبتت له ربيعة فقاتلوا قتالاً شديداً وصاح خالد بن المعمر بأناس من قومه انهزموا يومئذ، فتراجعوا فكان معهم من عنزة أربعة آلاف بصفين.
أنبأنا أبو البركات الحسن بن محمد بن أبي محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد الأديب قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب الباقلاني قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن أحمد بن إسحق الطيبي قال: حدثنا عمر بن سعد في إسناده قال: وكان معاوية قد نذر سبي نساء ربيعة وقتل المقاتلة، فقال في ذلك خالد بن المعمر:
تمنى ابن حرب نذره في نسائنا ... ودون الذي يرجو سيوف قواضب
وتطلب ملكاً أنت حاولت خلعه ... بني هاشم قول امريء هو كاذب
قلت: لا يظن بمعاوية رضي الله عنه أنه ينذر سبي نساء المسلمين أو يستحل ذلك، وهذا من وضع نصر بن مزاحم والله أعلم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر المعري عن أبي محمد بن أحمد قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبو غالب بن الحسين قال: أخبرنا أبو علي بن شاذان قال: حدثنا أبو الحسن ابن ننجاب قال: حدثنا ابن ديزيل قال: حدثنا يحيى ابن سليمان قال حدثني نصر بن مزاحم قال: حدثنا عمر بن سعد قال: أخبرني ابن أخي عتاب بن لقيط البكري، وذكر شيئاً من خبر صفين قال: فبعث معاوية إلى خالد بن المعمر: إن لك امرة خراسان إن ظفرت ولم تتم فانصرف بأصحابك، فطمع خالد فلم يستتم على ما كان فيه فأمره معاوية حين ولي على خراسان، فمات خالد قبل أن يصل إليها.
أنبأنا أبو حفص المكتب عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن هبة الله قال: حدثنا أبو الحسين بن الفضل قال: حدثنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: في تسمية أمراء يوم الجمل من أصحاب علي وجعل على رجالتها الذهليين خالد بن المعمر السدوسي. وقال يعقوب في أسامي أمراء علي بن أبي طالب يوم صفين: خالد بن المعمر البكري.
وقال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا عبيد الله بن معاذ قال: حدثنا أبي قال: حدثنا قرة عن قتادة عن مضارب العجلي قال: إلتقى رجلان من بكر بن وائل أحدهما من شيبان والآخر من ذهل، فقال الشيباني: أنا أفضل منك وقال الذهلي: بل أنا أفضل منك فتحاكما إلى رجل من همذان، فقال: لست مفضلاً أحداً منكما على صاحبه، ولكن اسمعا ما أقول لكما: من أيكما كان علباء ابن الهيثم الذي قتل يوم الجمل وهو سيد ربيعة، وكان يأخذ في الإسلام ألفين وخمسمائة؟ قال الذهلي: كان مني، قال: فمن أيكما كان حسان بن مخدوج الذي قتل يوم الجمل وهو سيد ربيعة وكندة، ونزع عنه الأشعث بن قيس؟ قال الذهلي: مني، قال: فمن أيكما كان خالد بن المعمر الذي بايعته ربيعة بصفين على الموت، حتى اعتقد لأهل الوبر منها ولأهل المدر، ونجى الله به أهل اليمامة؟ قال الذهلي كان مني، قال: فمن أيكما كان حضين بن المنذر صاحب الراية السوداء.

لن راية سوداء يخفق ظلها ... إذا قيل قدمها حضين تقدما
قال الذهلي: كان مني.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر اللفتواني قال: أخبرنا أبو صادق محمد بن أحمد بن جعفر قال: حدثنا أحمد بن محمد بن زنجويه قال: أخبرنا أبو أحمد العسكري قال: معمر مخفف كثير لا نذكره، ونذكر معمراً بالتشديد لأنه هو الذي يشكل، فمنهم خالد بن المعمر السدوسي رأس بكر بن وائل في خلافة عمر، وهو الذي غدر بالحسن بن علي وبايع معاوية فقال الشاعر:
معاوى أمر خالد بن معمر ... معاوى لولا خالد لم تؤمر
قال الحافظ أبو القاسم: خالد بن المعمر بن سلمان بن الحارث بن شجاع بن الحارث بن سدوس بن شيبان بن ذهل بن ثعلبة بن عكابة بن صعب بن علي بن بكر ابن وائل الذهلي، شهد صفين مع علي، ثم غدر بالحسن بن علي ولحق بمعاوية.
قال: ذكر أبو محمد الحسن بن محمد الأيجي الكاتب أخبرنا أبو بكر محمد ابن الحسن بن دريد قال: أخبرنا أبو حاتم عن أبي عبيدة قال: لما قتل علي بن أبي طالب أراد معاوية الناس على بيعة يزيد فتثاقلت ربيعة ولحقت بعبد القيس بالبحرين واجتمعت بكر بن وائل إلى خالد بن المعمر، فلما تثاقلت ربيعة، تثاقلت العرب أيضاً، فضاق معاوية بذلك ذرعاً، فبعث إلى خالد فقدم عليه، فلما دخل إليه رحب به فقال: كيف ما نحن فيه؟ قال: أرى ملكاً طريفاً وبغضاً تليداً، فقال معاوية: قل ما بدا لك فقد عفونا عنك، ولكن ما بال ربيعة أول الناس في حربنا وآخرهم في سلمنا؟ قال له خالد: إنما أتيتك مستأمناً ولم آتك مخاصماً ولست للقوم في حجتهم وإن ربيعة أن تدخل في طاعتك تنفعك، وإن تدخل كرهاً تكن قلوبها عليك، وأبدانها لك، فاعط الأمان عامتهم: شاهدهم وغائبهم، وأن ينزلوا حيث شاؤوا، فقال: أفعل، فانصرف خالد إلى قومه بذلك، ثم إن معاوية بدا له فبعث إلى خالد فدعاه، فلما دخل إليه قال: كيف حبك لعلي؟ قال: أعفني يا أمير المؤمنين مما أكره فأبى أن يعفيه فقال: أحبه والله على حلمه إذا غضب، ووفائه إذا عقد، وصدقه إذا أكد، وعدله إذا حكم، ثم انصرف ولحق بقومه وكتب إلى معاوية:
معاوي لا تجهل علينا فإننا ... يد لك في اليوم العصيب معاويا
متى تدع فينا دعوة ربعية ... يجبك رجال يحصنون العواليا
أجابوا علياً إذ دعاهم لنصره ... وجروا بصفين عليك الدواهيا
فإن تصطنعنا يا بن حرب لمثلها ... تكن خير من تدعو إذا كنت داعيا
ألم ترى أهديت بكر بن وائل ... إليك وكانوا بالعراق أفاعيا
إذا نهشت قال السليم لأهله ... رويداً فإني لا أرى لي راقيا
فأضحوا وقد أهدو ثمار ... قلوبهم إليك وأفراق الذنوب كما هيا
ودع عنك شيخاً قد مضى لسبيله ... على أي حاليه مصيبا وخاطيا
فإنك لا تستطيع رد الذي مضى ... ولا دافعاً شيئاً إذا كان جائيا
وكنت أمرى يهوى العراق وأهله ... إذا أنت حجازي فأصبحت شاميا
وكتب الأعور الشني إلى معاوية:
أتاك بسلم الحي بكر بن وائل ... وكنت منوطا كالسقيا الموكر
معاوي أكرم خالد بن معمر ... فإنك لولا خالد لم تؤمر
فخادعته بالله حتى خدعته ... ولم يك خباً خالد بن المعمر
ولم تجزه والله يجزي بسعيه ... وتسديده ملكي سرير ومنبر
فدعاهما معاوية فوصلهما فقال الشني:
معاوي إني شاكر لك نعمة ... رددت بها ريشي علي معاوية
وكم من مقام غائظ لك قمته ... وداهية أشهرتها بعد داهية
فموتها حتى كأن لم أقم بها ... عليك وأوتادي بصفين باقية
فأبلغتني ريقي وكانت مقاتلي ... بكفيك لو لم يكذب السهم بادية
فقال معاوية:
لقد رضي الشني من بعد عتبه ... بأيسر ما يرضى صاحب العتب

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى ابن زكريا بن يحيى النهرواني قال: حدثنا الحسين بن القاسم الكوكبي قال: حدثنا عبد الرحمن بن محمد بن منصور قال: حدثنا العتبي عن أبيه عن أبي بكر الدمشقي أن معاوية بن أبي سفيان قال لخالد بن المعمر السدوسي: إنك لتحب علياً حباً مفرطاً! قال: أحبه والله لحلمه إذا غضب، وعدله إذا حكم، ووفائه إذا وعد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح الضبي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال خالد بن المعمر: قال الأعور الشني:
معاوي أكرم خالد بن معمر ... فإنك لولا خالد لم تؤمر
قال أبو عبيدة: وفد خالد بن المعمر السدوسي على معاوية فسأله مداجاة على علي، وكان معاوية قد وصله وولاه أرمينية، فوصل إلى نصيبين، ويقال أنه احتيل له شربة فمات فقبره بنصيبين.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي في كتابه عن أبي نصر بن ماكولا قال: وأما معمر بضم الميم الأولى وفتح العين وتشديد الميم الثانية وفتحها: خالد بن معمر السدوسي وفد علي معاوية فولاه أرمينية، فوصل إلى نصيبين، فيقال إنه احتيل له شربة فمات فقبره بها.
خالد بن ناجذ الأزدي الغامدي:
شهد صفين مع علي رضي الله عنه، وقتل بها يومئذ مع جندب بن زهير هو وأخوه عبد الله بن ناجذ، وقد ذكرنا ذلك في ترجمة جندب بن زهير.
ذكر من اسم أبيه الوليد
خالد بن الوليد بن المغيرة:
ابن عبد الله بن عمرو بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، أبو سليمان المخزومي، ويقال له سيف الله، وأمه عصماء، وهي لبابة الصغرى، وقيل الكبرى بنت الحارث بن حزن الهلالية أخت ميمونة بنت الحارث، أسلم يوم الأحزاب، وقيل أسلم مع عمرو بن العاص في سنة ثمان من الهجرة، وقيل قبل ذلك، وقيل أسلم في الهدنة طوعاً وصحب النبي صلى الله عليه وسلم وروى عنه واستعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم في بعض مغازيه.
روى عنه عبد الله بن عباس وجابر بن عبد الله، وقيس بن أبي حازم وأبو أمامة الباهلي والمقدام بن معد يكرب، ومالك بن الحارث الأشتر النخعي، وأبو عبد الله الأشعري، واليسع بن المغيرة المخزومي، واستعمله أبو بكر الصديق على قتال مسيلمة وأهل الردة بنجد.
ثم وجهه إلى العراق ثم إلى الشام وأمره على أمراء الشام، فلما ولي عمر عزله وولى أبا عبيدة، وشهد فتح حلب وقنسرين، وولي قنسرين في أيام في أيام عمر بن الخطاب.
أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله العطار قال: أخبرنا أبو الوقت السجزي قال أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد السرخسي قال: أخبرنا عيسى بن عمر قال أخبرنا أبو محمد الدارمي قال أخبرنا عبد الله بن صالح قال حدثني الليث قال: حدثني يونس عن ابن شهاب أنه قال: أخبرني أبو أمامة بن سهل بن حنيف الأنصاري أن عبد الله بن عباس أخبره أن خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله أخبره أنه دخل مع رسول الله صلى الله عليه وسلم على ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم وهي خالته وخالة ابن عباس فوجد عندها ضباً محنوذاً قدمت به أختها حفيدة بنت الحارث من نجد فقدمت الضب لرسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قل ما يقدم يده لطعام حتى يحدث به ويسمى له فأهوى رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الضب، فقالت امرأة من نسوة الحضور: أخبرن رسول الله صلى الله عليه وسلم ما قدمتن قلن: هذا الضب، فرفع رسول الله صلى الله عليه وسلم يده، فقال خالد بن الوليد: أتحرم الضب يا رسول الله؟ قال أراه لا، ولكنه لم يكن بأرض قومي فأجدني أعافه قال خالد: اجتررته فأكلته ورسول الله صلى الله عليه وسلم ينظر فلم ينهني.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد بن عبد الرزاق العطار وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغداديون قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه السرخسي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا أحمد بن واقد قال: حدثنا حماد بن زيد عن أيوب عن حميد بن هلال عن أنس أن النبي صلى الله عليه وسلم نعى زيداً وجعفراً وابن رواحة للناس قبل أن يأتيهم خبرهم فقال: أخذ الراية زيد، فأصيب ثم أخذ جعفر فأصيب ثم أخذ ابن رواحة فأصيب، وعيناه تذرفان، حتى أخذ سيف من سيوف الله، حتى فتح الله عليهم.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن بن محمد الأسدي المعروف بابن البن بدمشق قال: أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن محمد المصيصي المعروف بابن أبي العلاء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر، وأبو نصر محمد ابن أحمد بن الجندي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر المعروف بابن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي قال حدثنا محمد بن عائذ القرشي قال: فأخبرني الوليد يعني ابن مسلم قال: فحدثني أبو سليمان عبد الرحمن بن سليمان عن من حدثه ذلك الأشعري صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم: أنه لما قتل عبد الله بن رواحة جال الناس جولة وأخذ الراية رجل من الأنصار فقاتل بها، إذ مر به خالد بن الوليد فقال له الأنصاري: يا خالد خذ الراية، قال: أنت أحق بها، أنت أخذتها، قال له الأنصاري: أنت أحق بها فإنك أشجع مني، فأخذها خالد.
قال الوليد: فحدثني العطاف بن خالد المخزومي أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أخبر أصحابه في مجلسه فقال: التقى القوم فاقتتلوا قتالاً شديداً فقتل زيد ابن حارثة، وأخذ الراية جعفر ثم مكث ما شاء الله أن يمكث، ثم قتل جعفر، وأخذ الراية عبد الله بن رواحة، ثم مكث ما شاء الله أن يمكث ثم قتل ثم قال: أخذ الراية خالد بن الوليد، ثم قال الآن حمي الوطيس.
قال الوليد: حدثني غير واحد أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: وهو يخبر عن وقعتهم، ثم قال: أخذ الراية خالد بن الوليد نعم عبد الله وأخو العشيرة وسيف من سيوف الله سله الله على الكفار والمنافقين.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقى بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن زكريا الطريثيثي، وأبو سعد محمد بن عبد الكريم من محمد بن حشيش، ح.
وأخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف المعروف والده بأزرتق قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن البطي وأبو المظفر أحمد بن محمد بن علي الكاغدي. قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وقال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن الحسين بن زكريا قالوا: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر ابن درستويه النحوي قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان الفسوي قال: حدثنا وحشي بن حرب عن أبيه عن جده وحشي قال: لما استعمل أبو بكر خالد بن الوليد على قتال أهل الردة كلم في ذلك فأبى أن يرده، وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: نعم الفتى خالد، ونعم أخو العشيرة، وخالد بن الوليد سيف من سيوف الله عز وجل سله الله عز وجل على الكفار والمنافقين، ثم قال لي أبو بكر رضي الله عنه: يا وحشي اخرج فجاهد في سبيل الله كما جاهدت لتصد عن سبيل الله، قال: فخرجت مع خالد.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو الفضل محمد بن إسماعيل الفضيلي قال: أخبرنا أحمد بن أبي منصور قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا الهيثم بن كليب قال: حدثنا ابن المنادي قال: حدثنا الوليد بن شجاع قال: حدثنا ضمرة. قال الشيباني: أخبرني عن أبي العجماء قال: قيل لعمر بن الخطاب: لو عهدت يا أمير المؤمنين؟ قال: لو أدركت أبا عبيدة بن الجراح ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال: لم استخلفته على أمة محمد؟ قلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: لكل أمة أمين وأمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، ولو أدركت خالد بن الوليد ثم وليته ثم قدمت على ربي فقال لي: من استخلفت على أمة محمد؟ لقلت: سمعت عبدك وخليلك يقول: لخالد سيف من سيوف الله سله على المشركين.
وقال الحافظ أبو القاسم: كذا قال، وإنما هو أبو العجفاء السلمي، واسمه هرم بن نسيب، شامي.
قال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن علي قال: أخبرنا أحمد بن جعفر بن حمدان قال: حدثنا عبد الله قال: حدثني أبي أحمد قال: حدثنا حسين بن علي الجعفي عن زائدة عن عبد الله بن عمير قال: استعمل عمر بن الخطاب أبا عبيدة بن الجراح على الشام وعزل خالد بن الوليد قال: فقال خالد بن الوليد: بعث عليكم أمين هذه الأمة، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح، فقال أبو عبيدة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: خالد سيف من سيوف الله نعم فتى العشيرة.
وقال الحافظ: أخبرنا أم المجتبى فاطمة بنت ناصر قالت: قريء على إبراهيم ابن منصور قال: أخبرنا أبو بكر بن المقريء قال: أخبرنا أبو يعلى قال: حدثنا عبد الله بن عون الخزاز قال: حدثنا أبو إسماعيل المؤدب قال: حدثنا إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي عن ابن أبي أوفى قال: شكا عبد الرحمن بن عوف خالد بن الوليد إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خالد لم تؤذي رجلاً من أهل بدر، لو أنفقت مثل أحد ذهبا لم تدرك عمله، فقال: يا رسول الله يقعون فيّ فأردّ عليهم، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا تؤذوا خالداً فإنه سيف من سيوف الله عز وجل صبة الله على الكفار.
أخبرنا الشريف أبو الفضل يحيى بن عبد الله بن هاشم بن الحسين الهاشمي الصالحي، وأبو عبد الله محمد بن أبي عبد الله بن مشرف الحلبيان بها قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود الثقفي الأصبهاني قال: أخبرنا أبو علي الحسن ابن أحمد بن الحسن الحداد قراءة عليه وأنا حاضر قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا عبد الله بن جعفر بن فارس قال: حدثنا محمد بن عاصم قال: حدثنا الجعفي عن زائدة عن عاصم عن أبي صالح عن أبي هريرة قال: كان بين خالد ابن الوليد وبين عبد الرحمن بن عوف بعض ما يكون بين الناس قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ذروا لي أصحابي أو أصيحابي فإن أحدكم لو أنفق مثل أحد ذهباً لم يدرك مدّ أحدهم ولا نصيفه.
أخبرنا القاضي الإمام أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد طاهر بن سهل بن بشر الإسفرائيني قال: أخبرنا أبو الحسين محمد بن مكي بن عثمان بن عبد الله الأزدي قال: حدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن العباس الإخميمي قال: حدثنا الحسن بن محمد بن الصباح قال: حدثنا شبابة قال: حدثنا ورقاء عن أبي الزناد عن الأعرج عن أبي هريرة قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم عمر بن الخطاب رضي الله عنه ساعياً على الصدقة، فمنع ابن جميل وخالد بن الوليد، والعباس بن عبد المطلب فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: ما ينقم ابن جميل إلا أن كان فقيراً فأغناه الله، وأما خالد فإنكم تظلمون خالداً إن خالداً قد احتبس أدراعه واعتاده في سبيل الله، وأما العباس عم رسول الله صلى الله عليه وسلم فهي علىّ ومثلها معها، ثم قال أما شعرت أن عم الرجل صنو أبيه.

أنبأنا أبو روح عبد المعز بن محمد بن أبي الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم أزهر بن طاهر إذناً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو نصر عبد الرحمن بن علي بن محمد بن موسى قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إسماعيل بن يحيى الحربي قال: أخبرنا أبو حاتم مكي بن عبدان قال: حدثنا محمد بن عيسى هو ابن يزيد القراطيسي قال: حدثنا إسحق بن محمد عن أسامة بن زيد عن زيد بن أسلم عن أبي صالح وعطاء بن يسار عن أبي هريرة قال: كنا مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فجعل الناس يمرون فيقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا أبا هريرة من هذا؟ فأقول فلان، فيقول: نعم عبد الله فلان، ويمر يقول: من هذا يا أبا هريرة؟ فأقول: فلان، فيقول: بئس عبد الله، حتى مرّ خالد بن الوليد فقلت: هذا خالد بن الوليد يا رسول الله، فقال: نعم عبد الله، خالد سيف من سيوف الله.
أخبرنا عمر بن محمد المؤدب إذناً قال: أنبأنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيي ابنا الحسن بن البناء قالا: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير ابن بكار قال: حدثني محمد بن سلام قال: حدثني محمد بن حفص التميمي قال: لما كانت الهدنة بين النبي صلى الله عليه وسلم وبين قريش ووضعت الحرب، خرج عمرو بن العاص إلى النجاشي يكيد أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكانت له منه ناحية، فقال له: يا عمر تكلمني في رجل يأتيه الناموس كما كان يأتي موسى بن عمران، قال: قلت وكذاك هو أيها الملك؟ قال: نعم، قال: فأنا أبايعك له فبايعه على الإسلام، ثم قدم مكة فلقي خالد بن الوليد بن المغيرة، فقال له: ما رأيك؟ قال: قد استقام الميسم والرجل نبي، قال: فأنا أريده، قال: وأنا معك، قال له عثمان بن أبي طلحة: وأنا معك، فقدموا على النبي صلى الله عليه وسلم المدينة.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام: قال لي أبان بن عثمان: فقال: عمرو بن العاص: فكنت أسن منهما، فقدمتهما لأستدبر أمرهما، فبايعا على أن لهما ما تقدم من ذنوبهما فأضمرت أن أبايعه على أن لي ما تقدم وما تأخر، فلما أخذت بيده وبايعته على ما تقدم نسيت ما تأخر، قال محمد بن سلام: قال محمد بن حفص، فقال ابن الزبعرا:
أنشد عثمان بن طلحة حلفنا ... وملقى نعال القوم عند المقبل
وما عقد الآباء من كل حلفة ... وما خالد من مثلها بمحلل
أمفتاح بيت غير بيتك تبتغي ... وما تبتغي عن مجد بيت مؤثل
قال: وأنشدني عمي مصعب بن عبد الله ومحمد بن الضحاك هذا الشعر مخالفاً به في الألفاظ. قال: وقال عمي مصعب بن عبد الله: أقبل عمرو بن العاص من عند النجاشي فلقي عثمان بن طلحة وخالد بن الوليد بالهدة يريدان الهجرة فمضى معهما إلى النبي صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا مرجا بن أبي الحسن بن شقيرة الواسطي قال: أخبرنا القاضي أبو طالب محمد بن علي بن أحمد الواسطي بها قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن أحمد بن طاهر قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا عيسى ابن علي بن عيسى قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا داود بن عمرو قال: أخبرنا أبو راشد المثنى بن زرعة بن محمد بن إسحق قال: حدثني يزيد بن أبي حبيب عن راشد مولى حبيب بن أوس الثقفي عن حبيب بن أوس قال: حدثني عمرو ابن العاص من فيه قال: لما انصرفنا من الأحزاب عند الخندق جمعت رجالاً من قريش كانوا يرون رأيي ويسمعون مني فقلت لهم: والله إني أرى أمر محمد يعلو الأمر علواً منكراً، وإني قد رأيت رأياً فما ترون فيه؟ قالوا: وما ذاك الذي رأيت؟ قال: قلت رأيت أن نلحق بالنجاشي فنكون معه فإن ظهر محمد على قومنا كنا عند النجاشي، فإنا أن نكون تحت يديه أحب إلينا من أن نكون تحت يدي محمد وإن ظهر قومنا فنحن من قد عرفوا، فلم يأتنا منهم إلا خير؟ قالوا: هذا الرأي، قلت: فاجمعوا له ما نهدي له، وكان أحب ما يهدي إليه من أرضنا الأدم، فجمعنا له أدماً كثيراً، ثم خرجنا حتى قدمنا عليه، فو الله إنا لعنده إذ جاءه عمرو بن أمية الضمري، وقد كان رسول الله صلى الله عليه وسلم بعثه إليه في شأن جعفر وأصحابه، قال: فدخل عليه ثم خرج من عنده قال: فقلت لأصحابي: هذا عمرو ابن أمية، ولو قد دخلت على النجاشي فسألته إياه فأعطانيه فضربت عنقه، فإذا فعلت به ذلك رأت قريش أن قد أجزأت عنها حين قتلت رسول محمد، قال: فدخلت عليه فسجدت له كما كنت أصنع، فقال: مرحباً بصديقي، أهديت لنا من بلادك شيئاً؟ قلت: نعم أهديت لك أدماً كثيراً، ثم قربته إليه فأعجبه واشتهاه، ثم قلت له: أيها الملك قد رأينا رجلاً خرج من عندك وهو رسول رجل عدو لنا فأعطينيه لأقتله، قد أصاب من أشرافنا.
قال: فغضب ثم مد يده فضرب بها أنفه ضربة ظننت أنه قد كسره، لو اتسعت الأرض لدخلت فيها فرقاً منه، ثم قلت: أيها الملك والله لو ظننت أنك تكره هذا ما سألتك، قال: أتسألني أن أعطيك رسول رجل يأتيه الناموس الأكبر الذي كان يأتي موسى عليه السلام! قال: قلت: أيها الملك أكذلك هو؟ قال: ويحك يا عمرو أطعني واتبعه فإنه والله على الحق وليظهرن على من خالفه كما ظهر موسى على فرعون وجنوده، قال: قلت: أتبايعني على الإسلام؟ قال: نعم فبسط يده فبايعته على الإسلام، ثم خرجت إلى أصحابي وقد حال رأيي وما كان عليه فكتمت إسلامي فأتيت خالد بن الوليد، وذلك قبيل الفتح، وهو مقتبل من مكة، فقلت: أين يا أبا سليمان؟ فقال: والله لقد استقام المنير وإن الرجل لنبي أذهب والله أسلم حتى متى، قال: قلت: فأنا والله ما جئت إلا للإسلام، فقدمت على رسول الله صلى الله عليه وسلم، فتقدم خالد بن الوليد فأسلم وبايع، ثم دنوت فقلت: يا رسول الله إني أبايعك على أن تغفر لي ما تقدم من ذنبي، قال: ولا أذكر ما تأخر، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا عمرو بايع فإن الإسلام يجب ما قبله، وإن الهجرة تجب ما كان قبلها، قال: فبايعت ثم انصرفت.

أخبرنا أبو اليمن الكندي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس قال أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: فحدثني يحيى بن المغيرة بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام قال: سمعت أبي يحدث يقول: قال خالد بن الوليد: لما أراد الله بي من الخير ما أراد، قذف في قلبي حب الإسلام، وحضرني رشدي، وقلت: قد شهدت هذه المواطن كلها على محمد فليس موطن أشهده إلا وأنصرف وإني أرى في نفسي أني موضع في غير شيء وأن محمداً سيظهر، فلما خرج رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى الحديبية خرجت في خيل المشركين فلقيت رسول الله صلى الله عليه وسلم في أصحابه بعسفان فقمت بازائه وتعرضت له فصلى بأصحابه الظهر آمنا منا فهممنا أن نغير عليه ثم لم يعزم لنا، وكانت فيه خبرة فأطلع على ما في أنفسنا من الهموم به، فصلى بأصحابه العصر صلاة الخوف، فوقع ذلك مني موقعاً، وقلت: الرجل ممنوع وافترقنا، وعدل عن سنن خيلنا وأخذ ذات اليمين، فلما صالح قريشاً بالحديبية ودافعته قريش بالراح قلت في نفسي: أي شيء بقي أين المذهب، إلى النجاشي فقد اتبع محمداً وأصحابه آمنون عنده فأخرج إلى هرقل فأخرج من ديني إلى نصرانية أو يهودية فأقيم مع عجم تابع أو قيم في داري فمن بقي؟ فأنا على ذلك إذ دخل رسول الله صلى الله عليه وسلم في عمرة القضية وتغيبت فلم أشهد دخوله وكان أخي الوليد بن الوليد قد دخل مع النبي صلى الله عليه وسلم، عمرة القضية فطلبني فلم يجدني، فكتب إليَّ كتاباً فإذا فيه: بسم الله الرحمن الرحيم.
أما بعد فإني لم أر أعجب من ذهاب رأيك على الإسلام، وعقلك عقلك، ومثل الإسلام جهله أحد، وقد سألني رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: أين خالد؟ فقلت: يأتي الله به، فقال: ما مثل خالد جهل الإسلام، ولو كان جعل نكايته وحده مع المسلمين على المشركين لكان خيراً له، ولقد مناه على غيره، فاستدرك يا أخي ما فاتك منه، فقد فاتتك مواطن صالحة.
قال: فلما جاءني كتابه نشطت للخروج وزادني رغبة في الإسلام، وسرني مقالة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

قال خالد: وأرى في النوم كأني في بلاد ضيقة جديبة، فخرجت إلى بلد أخضر واسع، فقلت: إن هذه لرؤيا، فلما قدمت المدينة قلت: لأذكرنها لأبي بكر، قال: فذكرتها، فقال: هو مخرجك الذي هداك الله للإسلام، والضيق الذي كنت فيه الشرك، فلما أجمعت الخروج إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم قلت: من أصاحب إلى محمد؟ فلقيت صفوان بن أمية، فقلت: يا أبا وهب أما ترى ما نحن فيه إنما نحن أكلة رأس وقد ظهر محمد على العرب والعجم، فلو قدمنا على محمد فاتبعناه فإن شرف محمد لنا شرف، فأبى أشد الإباء وقال: لو لم يبق غيري من قريش ما اتبعته أبداً فافترقنا، وقلت: هذا رجل موتور يطلب وتراً قتل أبوه وأخوه ببدر، فلقيت عكرمة بن أبي جهل، فقلت له ما قلت لصفوان، فقال لي مثل ما قال صفوان، قلت: فاطو ما ذكرت لك، قال: لا أذكره وخرجت إلى منزلي، فأمرت براحلتي تخرج إلي إلى أن ألقى عثمان بن طلحة، فقلت: إن هذا لي صديق ولو ذكرت له ما أريد، وذكرت من قتل أبائه، فكرهت أذكره، فقلت وما علي وأنا راحل من ساعتي، فذكرت له ما صار الأمر إليه، وقلت إنما نحن بمنزلة ثعلب في جحر لو صب عليه ذنوب من ماء خرج، قال: فقلت له: نحواً مما قلت لصاحبيه، فأسرع الإجابة وقال: لقد غدوت اليوم وأنا أريد أن أغدو، وهذه راحلتي بفج مناخة، قال: فاتعدت أنا وهو يأجج أن سبقني أقام وإن سبقته أقمت عليه، قال: فأدلجنا سحره فلم يطلع الفجر حتى التقينا بيأجج، فغدونا حتى التقينا إلى الهدة، فنجد عمرو بن العاص بها فقال: مرحباً بالقوم، قلنا: وبك قال: أين مسيركم؟ قلنا: ما أخرجك قال: فاصطحبنا جميعاً حتى قدمنا المدينة فأنخنا بظاهر الحرة ركابنا، وأخبر بنا رسول الله صلى الله عليه وسلم فسر بنا، فلبست من صالح ثيابي، ثم عمدت إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فلقيني أخي فقال: أسرع فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم قد أخبر بك فسر بقدومك وهو ينتظركم، فأسرعت المشي فطلعت فما زال يتبسم حتى وقفت عليه، فسلمت عليه بالنبوة فرد علي السلام بوجه طلق، فقلت: إني أشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الحمد لله الذي هداك، قد كنت أرى لك عقلاً ورجوت أن لا يسلمك إلا إلى خير، قلت: يا رسول الله قد رأيت ما كنت أشهد من تلك المواطن عليك معانداً عن الحق فادع الله يغفرها لي، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: الإسلام يجب ما قبله، قلت: يا رسول الله على ذلك، فقال: اللهم اغفر لخالد بن الوليد كلما وضع عنه من صد عن سبيلك، قال خالد: فقدم عمرو وعثمان فبايعا رسول الله صلى الله عليه وسلم، وكان قدومنا في صفر من سنة ثمان، فو الله ما كان رسول الله صلى الله عليه وسلم من يوم أسلمت يعدل بي أحداً من أصحابه فيما حزبه.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي الحسن علي بن أحمد بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا أبو محمد ابن زبر قال: حدثنا العباس بن محمد بن حاتم قال: حدثنا أبو بكر يعني ابن أبي الأسود قال: سألت الأصمعي عن خالد بن الوليد متى أسلم، قال: ما بين الحديبية وخيبر.
أخبرنا أبو نصر القاضي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها يعني سنة ست أسلم عمرو بن العاص وخالد بن الوليد، وقال في سنة سبع فيها: أسلم أبو هريرة وعمران ابن حصين زمن خيبر، وخالد بن الوليد بين الحديبية وخيبر.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو المعالي ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء محمد بن علي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: قال الواقدي: لم يشهد خالد بن الوليد خيبر إنما هاجر خالد بن الوليد أول يوم من صفر سنة ثمان من الهجرة.

أخبرنا أبو حفص المكتب إذنا قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء في كتابه قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: وولد الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم: خالد بن الوليد الذي يقال له سيف الله، وكان مباركاً ميمون النقيبة.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال عمي مصعب: هاجر يعني خالداً بعد الحديبة هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين رآهم: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، ولم يزل يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم الخيل، ويكون في مقدمته في مهاجرة العرب، وشهد فتح مكة، ودخل في مهاجرة العرب في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة، ودخل الزبير ابن العوام في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم من المهاجرين والأنصار من أعلى مكة.
أنبأنا الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو طاهر الباقلاني وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن الأصبهاني قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أمه لبابة الكبرى، ويقال عصماء بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال هي خالة بني العباس بن عبد المطلب، يكنى أبا سليمان، مات بالشام في خلافة عمر بن الخطاب سنة إحدى وعشرين.
وقال الكندي: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إجازة أو سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، ويكنى أبا سليمان، وأمه عصماء، وهي لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر بن صعصعة بن قيس عيلان، وهي أخت أم الفضل بنت الحارث أم بني العباس بن عبد المطلب.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم يكنى أبا سليمان وأمه لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية، أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، مات بحمص سنة إحدى وعشرين، وأوصى إلى عمر بن الخطاب، ودفن في قرية على ميل من حمص. قال الواقدي: فسألت عن تلك القرية فقيل لي قد دثرت.
وقال علي بن أبي محمد: أخبرنا أبو محمد الأكفاني قال: حدثنا عبد العزيز ابن أحمد قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: أخبرنا جعفر بن محمد قال: حدثنا أبو زرعة قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم المخزومي، يكنى أبا سليمان. قال عبد الرحيم يعني ابن إبراهيم: مات بالمدينة.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن علي بن الآبنوسي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: ومن بني مخزوم من يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمه لبابة الصغرى بنت الحارث بن حزن بن بجير بن هرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال ابن عامر بن صعصعة، يكنى أبا سليمان، أسلم يوم الأحزاب، ويقال أنه أسلم مع عمرو بن العاص في صفر سنة ثمان من الهجرة، وقد جاء في الحديث أنه شهد خيبر، وكانت خيبر في أول سنة سبع، وقال مالك بن أنس: سنة ست، وتوفي في خلافة عمر بن الخطاب فيما ذكر سفيان بن عيينة عن عمرو بن دينار، ويقال أنه توفي بالمدينة سنة اثنتين وعشرين، ويقال أنه توفي بحمص سنة إحدى وعشرين.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: حدثنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: خالد بن الوليد بن المغيرة أبو سليمان القرشي، مات على عهد عمر، من المهاجرين، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، قاله سليمان ابن حرب عن الأسود بن شيبان عن خالد بن سمير عن عبد الله بن رياح عن أبي قتادة.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد القاسم ابن علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن أحمد السوسي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسن بن أحمد قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا عبد الوهاب ابن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن عمير بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول في تسمية من شهد فتح دمشق: خالد بن الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة، يكنى أبا سليمان، كان أميراً على ربع، قال عبد الرحمن بن إبراهيم: توفي خالد بن الوليد بالمدينة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام إذنا قال: أنبأنا الحافظ أبو العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحق الحافظ قال: أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، وأمه لبابة الكبرى ويقال لها عصماء بنت الحارث بن حزن بن بجير بن الهرم بن رؤيبة بن عبد الله بن هلال بن عامر، وهي خالة بني العباس بن عبد المطلب، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، مات بحمص سنة إحدى وعشرين، وأوصى إلى عمر بن الخطاب، ودفن في قرية على ميل من حمص.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعد بن عثمان بن السكن قال: ومنهم يعني من اسمه خالد من الصحابة خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب ابن لؤي بن غالب ويكنى أبا سليمان القرشي بابنه سليمان، يقال أسلم قبل فتح مكة وهاجر بعد الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها.
وروى جماعة من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في فضل خالد ابن الوليد أحاديث منها قول رسول الله صلى الله عليه وسلم: أن خالد بن الوليد سيف من سيوف الله سله الله على المشركين، ولم يزل خالد يجاهد الكفار حتى قبض الله رسوله، ثم استعمله أبو بكر الصديق في غزوة اليمامة، فكان أميرهم يومئذ وفتح الله عليه، ثم استعمله عمر بعد ذلك فافتتح دمشق سنة أربع عشرة، ثم عزله عمر وولى مكانه أبو عبيدة بن الجراح.
كان لخالد أخوان: الوليد وهشام أسلما وحسن إسلامهما، وأم خالد بن الوليد لبابة بنت الحارث بن حزن من بني عبد الله بن هلال، وتوفي خالد بمدينة حمص سنة إحدى وعشرين، ويقال توفي بالمدينة والله أعلم، وهو معدود فيمن سكن الشام من الصحابة، وقد روى عنه جماعة من الصحابة منهم عبد الله بن عباس والمقدام بن معد يكرب، وجابر بن عبد الله، وأبو أمامة وغيرهم، وروي عن خالد عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال. أخبرنا أبو القاسم الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي، أبو سليمان، وأمه لبابة بنت الحارث بن حزن الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله عز وجل، هاجر بعد الحديبية هو وعمرو بن العاص وعثمان بن طلحة، ومات بحمص سنة إحدى وعشرين ومات على عهد عمر.

أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا محمد بن طاهر قال: أخبرنا مسعود بن ناصر قال: أخبرنا عبد الملك بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن محمد الكلاباذي قال: خالد بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، أبو سليمان المخزومي القرشي المدني سماه النبي صلى الله عليه وسلم سيف الله، وأمه لبابة الكبرى بنت الحارث أخت ميمونة بنت الحارث زوج النبي صلى الله عليه وسلم، كذا قال: الواقدي، سمع النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابن عباس وقيس بن أبي حازم في الأطعمة، مات في عهد عمر بن الخطاب وقال الواقدي: مات بحمص سنة إحدى وعشرين وأوصى إلى عمر بن الخطاب، وقال ابن نمير مثله، ولم يذكر وصيته.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه من مكة قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز ابن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر قال: خالد بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمرو بن مخزوم القرشي المخزومي، أبو سليمان وقيل أبو الوليد، أمه لبابة الصغرى، وقيل بل هي لبابة الكبرى، والأكثر على أن أمه لبابة الصغرى بنت الحارث بن الحزن الهلالية، أخت ميمونة زوج النبي صلى الله عليه وسلم، ولبابة أمه بني العباس بن عبد المطلب، لأن لبابة الكبرى زوج العباس وأم بنيه.
كان خالد أحد أشراف قريش في الجاهلية، وإليه كانت القبة والاعنه، فإنه كان يكون على خيول قريش في الحروب، ذكر ذلك الزبير واختلف في وقت إسلامه وهجرته، فقيل هاجر خالد بعد الحديبية، وقيل بل كان إسلامه بين الحديبية وخيبر، وقيل بل كان إسلامه سنة خمس بعد فراغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من بني قريظة، وقيل بل كان إسلامه سنة ثمان مع عمرو بن العاصي وعثمان بن طلحة، وكان خالد على خيل رسول الله صلى الله عليه وسلم يوم الحديبية، وكانت الحديبية في ذي القعدة سنة ست وخيبر بعدها في المحرم وصفر سنة سبع، وكانت هجرته مع عمرو بن العاصي وعثمان بن طلحة، فلما رآهم رسول الله صلى الله عليه وسلم قال: رمتكم مكة بأفلاذ كبدها، ولم يزل من حين أسلم يوليه رسول الله صلى الله عليه وسلم أعنة الخيل فيكون في مقدمتها في محاربة العرب، وشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم فتح مكة فأبلى فيها، وبعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى العزى وكان بيتاً عظيماً لقريش وكنانة ومضى بنخلة فهدمها وجعل يقول:
كفرانك اليوم ولا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك
قال: أبو عمر لا يصح لخالد بن الوليد مشهد مع رسول الله صلى الله عليه وسلم قبل الفتح.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان فيما أجازه لنا قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن الوليد بن المغيرة ابن عبد الله بن عمر بن مخزوم بن يقظة بن مرة بن كعب بن لؤي بن غالب، وأبو سليمان المخزومي، سيف الله وصاحب رسول الله في بعض مغازيه.
وروى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه ابن عباس وجابر والمقدام بن معدي كرب ومالك بن الحارث الأشتر، واليسع بن المغيرة المخزومي، وأبو عبد الله الأشعري، واستعمله أبو بكر على قتال مسيلمة ومن ارتد من الأعراب بنجد ثم وجهه إلى العراق، ثم وجهه إلى الشام وأمره على أمراء الشام، وهو أحد الأمراء الذين ولوا فتح دمشق.
وقال الحافظ: حدثنا أبو بكر يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا نعمة الله بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن أحمد بن سليمان قال: أخبرنا سفيان بن محمد بن سفيان قال: حدثني الحسن بن سفيان قال: حدثنا محمد بن علي بن عمر عن رواد بن الجراح عن محمد بن إسحق قال: سمعت أبا عمر الضرير يقول: خالد بن الوليد أبو وهب.
قال الحافظ: كذا قال والمحفوظ أبو سليمان.
وقال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر المغربي قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا علي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي له صحبة.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: خالد بن الوليد ابن المغيرة يكنى أبا سليمان سيف الله.
أنبأنا أبو الحسن بن المقير عن أبي الفضل بن ناصر عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم ابن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي قال: أبو سليمان خالد بن المغيرة المخزومي.
أخبرنا أبو نصر القاضي كتابة قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو السعود بن المجلي قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي، ح.
قال: وأخبرنا أبو الحسين بن الفراء قال: أخبرنا أبي أبو يعلى قالا: أخبرنا أبو القاسم الصيدلاني قال: أخبرنا محمد بن مخلد قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عباس، ح.
قال: وأخبرنا أبو الفتح نصر الله بن محمد قال: أخبرنا نصر بن إبراهيم قال: أخبرنا سليم بن أيوب قال: أخبرنا طاهر بن محمد بن سليمان قال: حدثنا يزيد بن محمد بن إياس قال: سمعت محمد بن أحمد المقدمي يقول: خالد بن الوليد بن المغيرة يكنى أبا سليمان.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن أبي تمام على ابن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبيد قال: حدثنا محمد بن الحسين قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: سمعت أبي يقول: خالد بن الوليد أبو سليمان.
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا الحسن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم بن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية، قال: سمعت نوح بن حبيب يقول: خالد بن الوليد بن المغيرة يكنى أبا سليمان.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو الحسن بن السقاء وأبو محمد بن بالويه قالا: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيى بن معين يقول: وكنية خالد بن الوليد أبو سليمان.
أخبرنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين ابن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا رضوان بن أحمد إجازة قال: حدثنا أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا يونس بن بكير عن ابن إسحق قال: وسار رسول الله صلى الله عليه وسلم حتى دخل مكة وبعث إلى خالد ابن الوليد أن لا يقتلن أحداً، وأتاه الرسول فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يأمرك بقتل من لقيت، فقتل، وأرسل رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى قريش: مه، أغلبتم؟ فقالوا: غلبنا والله، فقال: سأقول كما قال أخي يوسف: لا تثريب عليكم اليوم، قالوا: وصلتك رحم.
وقال: وبعث إلى خالد بن الوليد: ما حملك على ذلك؟ فقال: يا رسول الله أرايت، إن كنت أمرتني أن آمره أن لا يقتل أحداً، فذهب وهمي إلى أن أقول له: اقتل من لقيت لشيء أراده الله، فكف عنه رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: حدثنا يونس بن بكير عن يونس بن عمرو عن العيزار بن حريث قال: مر خالد بن الوليد على اللات والعزى فقال:
كفرانك لا سبحانك ... إني رأيت الله قد أهانك
ثم مضى.
أنبأنا أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة إذنا إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني أبي قال: حدثنا عباد بن العوام عن سفيان بن حنين عن قتادة أن النبي صلى الله عليه وسلم بعث خالد بن الوليد إلى العزى، وكانت لهوازن، وكانت سدنتها بنو سليم فقال: انطلق فإنه تخرج عليك امرأة شديدة السواد طويلة الشعر، عظيمة الثديين قصيرة، قال: فقالوا يحرضونها:
يا عز شدي شدة لا سوى لها ... على خالد ألقي الخمار وشمري
فإنك إن لم تقتلي اليوم خالداً ... تبوئي بذنب عاجل وتنصري
فشد عليها أبو سليمان فضربها فقتلها، وجاء إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا خالد ما صنعت؟ قال: قتلتها، قال: ذهبت العزى ولا عزى بعد اليوم.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذنا إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد يعني الهذلي عن سعيد بن عمرو الهذلي قال: قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم مكة يوم الجمة لعشر ليال بقين من رمضان، فبث السرايا في كل وجه، وأمرهم أن يغيروا على من لم يكن على الإسلام، فخرج هشام بن العاص في مائتين قبل يلملم وخرج خالد بن سعيد بن العاص في ثلاثمائة قبل عرنة وبعث خالد بن الوليد إلى العزى يهدمها فخرج خالد بن الوليد في ثلاثين فارساً من أصحابه حتى انتهى إليها فهدمها ثم رجع إلى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: هدمت؟ قال: نعم يا رسول الله، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: هل رأيت شيئاً؟ قال: لا قال: فإنك لم تهدمها فارجع إليها فاهدمها، فرجع خالد وهو مغتبط فلما انتهى إليها جرد سيفه فخرجت إليه امرأة سوداء عريانة ناشرة الرأس فجعل السادن يصيح بها.
قال خالد: وأخذني اقشعرار في ظهري فجعل يصيح:
أعزى شدي شدة لا تكذبي ... أعزى فالقي القناع وشمري
أعزى إن لم تقتلي اليوم خالداً ... فبوئي بذنب عاجل وتنصري
قال: وأقبل خالد بالسيف إليها وهو يقول:
كفرانك لا سبحانك ... إني وجدت الله قد أهانك
قال: فضربها بالسيف فخزلها باثنتين، ثم رجع إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم فأخبره، فقال: نعم تلك العزى قد أيست أن تعبد ببلادكم أبداً، ثم قال خالد: أي رسول الله، الحمد لله الذي أكرمنا بك وأنقذنا من الهلكة، ولقد كنت أرى أبي يأتي العزى نحيره مائة من الإبل والغنم فيذبحها للعزى، ويقيم عندها ثلاثاً ثم ينصرف إلينا مسروراً، فنظرت إلى ما مات عليه أبي، وذلك الرأي الذي كان يعاش في فضله كيف خدع حتى صار يذبح لحجر لا تسمع ولا تبصر، ولا تضر ولا تنفع، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن هذا الأمر إلى الله فمن يسره الله للهدى تيسر ومن يسر للضلالة كان فيها.
وكان هدمها لخمس ليال بقين من رمضان سنة ثمان، وكان سادنها أفلح بن النضر الشيباني من بني سليم، فلما حضرته الوفاة دخل عليه وهو حزين، فقال له أبو لهب: مالي أراك حزيناً؟ قال: أخاف أن تضيع العزى من بعدي، قال أبو لهب: فلا تحزن فأنا أقوم عليها من بعدك فجعل كل من لقي قال: إن تظهر العزى كنت قد اتخذت يداً عندها بقيامي عليها، وإن يظهر محمد على العزى، ولا أراه يظهر فابن أخي، فأنزل الله عز وجل: " تبت يدا أبي لهب وتب " ويقال أنه قال هذا في اللات.
أنبأنا ابن طبرزد قال أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء إجازة إن لم يكن سماعاً منهما أو من أحدهما قالا: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني عمي مصعب بن عبد الله قال: فكان خالد يوم حنين في مقدمة رسول الله صلى الله عليه وسلم في بني سليم، وجرح فأتاه رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ما هزمت هوازن في رحلة فنفث على جراحة فانطلق منها وبعثه إلى الغميصاء، وكان بها قوم من بني كنانة يقال لهم بنو جذيمة، ومعه بنو سليم فاستباحهم، فادعوا الإسلام، فوداهم رسول الله صلى الله عليه وسلم، ثم حضر مؤتة فلما قتل زيد بن حارثة وجعفر بن أبي طالب وعبد الله بن رواحة مال المسلمون إلى خالد فانحاز بهم فعيرهم المسلمون حين رجعوا إلى المدينة فقالوا لهم: أنتم الفرارون، فشكوا ذلك إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: بل أنتم الكرارون فكف الناس عنهم.
أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي بن الحسين بن الحسن الأسدي المعروف بابن البن قراءة عليه بدمشق وأنا أسمع قال أخبرنا جدي أبو القاسم الحسين بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد بن محمد المصيصي المعروف بابن أبي العلاء.

قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان بن أبي نصر وأبو نصر محمد بن أحمد بن الجندي قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن يعقوب بن إبراهيم بن شاكر المعروف بابن أبي العقب قال: أخبرنا أبو عبد الملك أحمد بن إبراهيم القرشي قال: حدثنا محمد بن عائذ قال: فأخبرني الوليد يعني ابن مسلم قال: فحدثني العطاف بن خالد وغيره أن خالد بن الوليد يعني يوم مؤتة بات لم يصبح غادياً وقد جعل مقدمته ساقه وساقته ميمنة وميمنته ميسرة وميسرته ميمنة فأنكروا ما جاء به من خلاف ما كانوا يعرفون من راياتهم وهيئتهم، وقالوا قد جاءهم مدد فانهزموا وقتلوا مقتلة لم يقتلها قوم.
قال الوليد: وأما السلامي فإنه أخبر عن غير واحد أن خالد بن الوليد لما أخذ الراية قاتلهم قتالاً شديداً، ثم انحاز الفريقان كل عن كل قافلاً عن غير هزيمة، فقفل المسلمون على طريقهم التي أخذوا منها حتى مروا بتلك القرية والحصن الذين كانوا شدوا على ساقتهم وقتلوا منهم رجلاً، فحاصروهم في حصنهم حتى فتحه الله عليهم عنوة، فقتل خالد بن الوليد مقاتلتهم في بقيع إلى جانب حصنهم صبرا فيها سمى ذلك البقيع بقيع الدم إلى اليوم، وهدموا حصنهم هدماً لم يعمر بعده إلى اليوم.
قال الوليد: فحدثني عبد الله بن المبارك عن، عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: سمعت خالد بن الوليد يخبرنا بالحيرة فقال: لقد رأيتني يوم مؤتة وقد انقطع في يدي تسعة أسياف حتى وقعت في يدي صفيحة يمانية فصبرت.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا أسمع بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد من لفظه قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: حدثنا الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا الحارث بن أبي أسامة قال: حدثنا يزيد قال: أخبرنا إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: قال خالد بن الوليد: لقد اندق في يدي يوم مؤتة تسعة أسياف، فصبرت في يدي صفيحة يمانية.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء بحلب قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداوودي قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا إبراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن الزهري عن سالم عن ابن عمر قال: بعث النبي صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أحسبه قال إلى بني جذيمة فدعاهم إلى الإسلام، فلم يحسنوا أن يقولوا أسلمنا فجعلوا يقولون: صبأنا صبأنا، وجعل خالد بهم قتلاً وأسراً، قال: ثم دفع إلى كل رجل منا أسيراً حتى إذا أصبح يوماً أمرنا فقال: ليقتل كل رجل منا أسيره، قال ابن عمر، فقلت: والله لا أقتل أسيري، ولا يقتل رجل من أصحابي أسيره، قال: فقدمنا على النبي صلى الله عليه وسلم، فذكر له ما صنع خالد، فقال: فرفع يديه فقال: اللهم إني أبرأ إليك مما صنع خالد، مرتين أو ثلاثاً.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي

أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن يزيد عن إياس بن سلمة عن أبيه قال: لما قدم خالد على النبي صلى الله عليه وسلم يعني بعدما صنع ببني جذيمة عاب عبد الرحمن بن عوف على خالد ما صنع فقال: يا خالد أخذت بأمر الجاهلية، قتلتهم بعمك الفاكه قاتلك الله، قال: وأعانه عمر بن الخطاب على خالد، فقال خالد: أخذتهم أبيك، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت والله لقد قتلت قاتل أبي بيدي وأشهدت على قتله عثمان بن عفان، ثم التفت إلى عثمان فقال: أنشدك الله هل علمت أني قتلت قاتل أبي؟ فقال عثمان: اللهم نعم، ثم قال عبد الرحمن: ويحك يا خالد ولو لم أقتل أبي كنت تقتل قوماً مسلمين بأبي في الجاهلية؟ قال: ومن أخبرك أنهم أسلموا؟ قال: أهل السرية كلهم يخبرونا أنك وجدتهم قد بنوا المساجد وأقروا بالإسلام ثم حملتهم على السيف قال: جاءني رسول الله صلى الله عليه وسلم أن أغير عليهم فأغرت بأمر النبي صلى الله عليه وسلم، فقال عبد الرحمن بن عوف: كذبت على رسول الله صلى الله عليه وسلم وغالظ عبد الرحمن، وأعرض رسول الله صلى الله عليه وسلم عن خالد وغضب عليه وبلغه ما صنع بعبد الرحمن فقال: يا خالد ذروا لي أصحابي متى ينك أنف المرء ينكى المرء، ولو كان أحد ذهبا تنفقه قيراطاً قيراطاً في سبيل الله لم تدرك غدوة أو روحة من غدوات أو روحات عبد الرحمن.
قال: وحدثنا الواقدي قال: حدثني عبد الله بن عمر عن نافع عن ابن عمر قال: قال عمر رضي الله عنه لخالد: ويحك يا خالد أخذت بني جذيمة بالذي كان من أمر الجاهلية أو ليس الإسلام قد محا ما كان في الجاهلية؟ فقال: يا أبا حفص والله ما أخذتهم إلا بالحق أغرت على قوم مشركين فامتنعوا فلم يكن لي بداً إذ امتنعوا من قتالهم فأسرتهم، ثم حملتهم على السيف، فقال: أي رجل تعلم عبد الله بن عمر؟ قال: أعلمه والله رجلاً صالحاً، قال: فهو الذي أخبرني غير الذي أخبرتني، وكان معك في ذلك الجيش، قال خالد: فإني استغفر الله وأتوب إليه، قال: فانكسر عنه عمر وقال: ويحك إئت رسول الله صلى الله عليه وسلم يستغفر لك.
وقال: وحدثنا الواقدي قال: حدثني يحيى بن عبد الله بن أبي قتادة عن أهله عن أبي قتادة وكان في القوم قال: لما نادى خالد في السحر من كان معه أسير فليدافه. أرسلت أسيري وقلت لخالد: اتق الله فإنك ميت وإن هؤلاء قوم مسلمون، قال: رحمك الله يا أبا قتادة إنه لا علم لك بهؤلاء، قال أبو قتادة: فإنما يكلمني خالد على ما في نفسه من الترة عليهم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر بن طبرزد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن الحسين قال: حدثنا أبو حامد محمد بن هارون قال: حدثنا إسحق بن أبي إسرائيل قال: حدثنا الحكم بن ظهير عن السري عن أبي صالح عن ابن عباس قال: بعث رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي على سرية ومعه في السرية عمار بن ياسر، قال: فخرجوا حتى إذا أتوا قريباً من القوم الذين أرادوا أن يصبحوهم، نزلوا في بعض الليل، قال: وجاء القوم النذير فهربوا حيث بلغهم، قال: فأقام رجل منهم كان قد أسلم هو وأهل بيته فأمر أهله فتحملوا، ثم قال: قفوا حتى أسلم، ثم جاء حتى دخل على عمار فقال: يا أبا اليقظان إني قد أسلمت وأهل بيتي فهل ذلك نافعي إن أنا أقمت، فإن قومي قد هربوا حيث سمعوا بكم؟ قال: فقال له عمار: فأقم فأنت آمن، فانصرف الرجل هو وأهله.

قال: وصبح خالد القوم فوجدهم قد ذهبوا، فأخذ الرجل هو وأهله، فقال له عمار: لا سبيل لك على الرجل قد أسلم، قال: وما أنت وذاك أتجير عليَّ وأنا الأمير؟ قال: نعم أجير عليك وأنت الأمير إن الرجل قد آمن، ولو شاء أن يذهب كما ذهب أصحابه، فأمره بالمقام لإسلامه، فتنازعا في ذلك حتى تشاتما فلما قدما المدينة اجتمعا عند رسول الله صلى الله عليه وسلم فذكر عمار الرجل وما صنع فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم أمان عمار، ونهى يومئذ أن يجير أحد على أمير، فتشاتما عند رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال خالد: يا رسول الله أيشتمني هذا العبد عندك أما والله لولاك ما شتمني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: كف يا خالد عن عمار فإنه من يبغض عماراً يبغضه الله عز وجل، ومن يشتم عماراً يشتمه الله عز وجل، ومن يلعن عماراً يلعنه الله عز وجل، ثم قام عمار فولى وأتبعه خالد بن الوليد حتى أخذ بثوبه فلم يزل يترضاه حتى رضي ونزلت هذه الآية: " أطيعوا الله وأطيعوا الرسول وأولي الأمر منكم " أمراء السرايا " فإن تنازعتم في شيء فردوه إلى الله والرسول " فيكون الله ورسوله هو الذي يحكم فيه " ذلك خير وأحسن تأويلا " يقول خير عاقبة.
أنبأنا أبو اليمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن العباس الخزاز قال: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حبة قال: أخبرنا محمد بن شجاع قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا يوسف بن يعقوب بن عتبة عن عثمان بن محمد الأخنسي عن عبد الملك بن أبي بكر بن عبد الرحمن بن الحارث قال: أمر رسول الله صلى الله عليه وسلم خالد بن الوليد أن يغير على بني كنانة إلا أن يسمع آذاناً أو يعلم إسلاماً.
فخرج حتى انتهى إلى بني جذيمة فامتنعوا أشد الامتناع، وقاموا وتلبسوا السلاح فانتظرتهم صلاة العصر والمغرب والعشاء لا نسمع آذاناً ثم حمل عليهم فقتل من قتل وأسر من أسر، فادعوا بعد الإسلام.
قال عبد الملك: وما عتب عليه رسول الله صلى الله عليه وسلم في ذلك، ولقد كان المقدم حتى مات، ولقد خرج معه بعد ذلك إلى حنين على مقدمته، وإلى تبوك، بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى أكيدر دومة الجندل فسبا من سبا، ثم صالحهم، ولقد بعثه رسول الله صلى الله عليه وسلم إلى بلحارت بن كعب إلى نجران أميراً وداعياً إلى الله، ولقد خرج معه رسول الله صلى الله عليه وسلم في حجة الوداع، فلما حلق رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه أعطاه ناصيته، فكانت في مقدم قلنسوته، فكان لا يلقى أحداً إلا هزمه الله تعالى.
ولقد قاتل يوم اليرموك فوقعت قلنسوته فجعل يقول: القلنسوة القلنسوةَ، فقيل له بعد ذلك: يا أبا سليمان عجباً لطلبك القلنسوة وأنت في حومة القتال؟ فقال: إن فيها ناصية النبي صلى الله عليه وسلم، ولم ألق بها أحداً إلا ولى.
ولقد توفي خالد يوم توفي وهو مجاهد في سبيل الله وقبره بحمص فأخبرني من غسله وحضره ونظر إلى ما تحت ثيابه ما فيه مصح ما بين ضربة بسيف أو طعنة برمح أو رمية بسهم، ولقد كان عمر بن الخطاب الذي بينه وبينه ليس بذلك ثم يذكره بعد فيترحم عليه ويتندم على ما كان صنع في أمره ويقول: سيف من سيوف الله تعالى، ولقد نزل رسول الله حين هبط من لفت في حجته ومعه رجل فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من هذا؟ فقال الرجل: فلان قال: بئس عبد الله فلان، ثم طلع آخر فقال: من الرجل؟ فقال: فلان، فقال: بئس عبد الله فلان ثم طلع خالد بن الوليد، فقال: من هذا؟ قال: خالد بن الوليد، قال: نعم عبد الله خالد بن الوليد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو السعود أحمد بن علي بن المجلى إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد بن النضر الديباجي قال: حدثنا علي ابن عبد الله بن مبشر الواسطي قال: حدثنا محمد بن حرب أبو عبد الله النسائي قال: حدثنا أبو مروان يحيى بن أبي زكريا الغساني عن هشام عن عروة أن أبا بكر بعث خالد بن الوليد إلى بني سليم حين ارتدوا عن الإسلام فقتل وحرق بالنار، فكلم عمر أبا بكر فقال: بعثت رجلاً يعذب بعذاب الله انزعه، فقال أبو بكر: لا أشيم سيفاً سله الله عز وجل على الكفار، حتى يكون الله الذي يشيمه.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إذناً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي قال: حدثنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسن بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا سعيد بن منصور قال: حدثنا هشيم قال: حدثنا عبد الحميد بن جعفر الأنصاري عن أبيه قال: لما كان يوم اليرموك فقد خالد بن الوليد قلنسوة له، فقال اطلبوها فطلبوها فلم يجدوها، فقال: اطلبوها فطلبوها فوجدوها فإذا هي قلنسوة وسخة فقال: اعتم رسول الله صلى الله عليه وسلم فحلق رأسه فبدر الناس إلى شعره فسبقتهم إلى ناصية فجعلتها في هذه القلنسوة فما شهدت قتالاً وهي معي إلا رزقت النصر.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا يحيى بن حماد قال: حدثنا أبو عوانة عن عاصم بن كليب قال: سمعت شيخين في المسجد ممن سمع خالد بن الوليد قال أحدهما لصاحبه: أتذكر ما لقينا يوم الكمة بسباطة الحيرة؟ قال: نعم ما لقينا يوماً قط أشد منه، وقعت كمة خالد بن الوليد فقال: التمسوها وغضب فوجدناها فوضعها على رأسه، ثم اعتذر إلينا فقال: لا تلوموني فإن نبي الله صلى الله عليه وسلم حلق رأسه فانتهبنا شعره، فوقعت ناصيتة بيدي فجعلتها ناصية في هذه الخرقة، فإنما شق على حين وقعت.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: حدثنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن عمرو عن الشعبي قال: لما فتح خالد الحيرة صلى صلاة الفتح ثماني ركعات لا يسلم فيهن ثم انصرف وقال: لقد قاتلت يوم مؤتة فانقطع في يدي تسعة أسياف، وما لقيت قوماً كقوم من أهل فارس، وما لقيت من أهل فارس قوماً كأهل ألليس.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد بن يوسف الأوقي بالبيت المقدس قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين أحمد بن محمد ابن المسبح قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن سعيد الحبال قال: أخبرنا أبو العباس منير بن أحمد بن الحسن بن منير الخشاب قال: أخبرنا علي بن أحمد بن إسحق البغدادي قال: أخبرنا أبو العباس الوليد بن حماد الرملي قال: أخبرنا الحسين ابن زياد التميمي عن أبي إسماعيل محمد بن عبد الله الأزدي النصري قال: وحدثني إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت خالد بن الوليد وهو بالحيرة آمناً ما يخاف أحداً، وهو متوشح ثوباً قد شد طرفيه في عنقه وقد سمعته وهو يقول بالحيرة: لقد اندق في يدي تسعة أسياف يوم مؤتة وبقي في يدي صفيحة يمانية.

أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله الدمشقي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن محمد بن كادش العكبري قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين بن محمد الجازري قال: أخبرنا القاضي أبو الفرج المعافى بن زكريا بن يحيى النهرواني قال: حدثنا محمد بن الحسن بن دريد قال: أخبرنا العكلي قال: حدثنا محمد بن مرزوق قال: حدثنا هشام بن محمد بن السائب عن عوانة ابن الحكم وشرقي بن قطامى وأبي مخنف قالوا: لما انصرف خالد بن الوليد من اليمامة ضرب عسكره على الجرعة التي بين الحيرة والنهر وتحصن منه أهل الحيرة في القصر الأبيض، وقصر ابن بقيلة، فجعلوا يرمونه بالحجارة حتى نفدت، ثم رموه بالخزف، من آنيتهم، فقال له ضرار بن الأزور: مالهم مكيدة أعظم مما ترى فبعث إليهم إبعثوا إليَّ رجلاً من عقلائكم أسائله ويخبرني عنكم، فبعثوا عبد المسيح ابن عمرو بن قيس بن حيان بن بقيلة الغساني وهو يومئذ ابن خمسين وثلاثمائة سنة، فأقبل يمشي إلى خالد، فلما رآه قال: ما لهم أخزاهم الله بعثوا إلي رجلاً لا يفقه فلما دنا من خالد قال: أنعم صباحاً أيها الملك، فقال خالد: قد أكرمنا الله بغير هذه التحية بالسلام، ثم قال له خالد: من أين أقصي أثرك؟ قال: من ظهر أبي، قال: من أين خرجت؟ قال: من بطن أمي، قال: على ما أنت؟ قال: على الأرض، قال: فيم أنت ويحك؟ قال: في ثيابي، قال: أتعقل؟ قال: نعم وأقيد، قال: ابن كم أنت؟ قال: ابن رجل واحد، قال خالد: ما رأيت كاليوم قط أسائله عن شيء وينحو في غيره، قال: ما أجبتك إلا عما سألت عنه، فاسأل عما بدا لك، قال: كم أتى لك؟ قال: خمسون وثلاثمائة، قال: أخبرني ما أنتم؟ قال: عرب استنبطنا، ونبط استعربنا، قال فحرب أنتم أم سلم؟ قال: بل سلم، قال: فما بال هذه الحصون؟ قال: بنيناها لنحبس السفيه حتى ننهاه بالحليم.
قال: ومعه سم ساعة يقلبه في يده، فقال له: ما هذا معك؟ قال: هذا السم، قال: فما تصنع به؟ قال: أتيتك فإن رأيت عندك ما يسرني وأهل بلدي حمدت الله، وإن كانت الأخرى لم أكن أول من ساق إليهم ضيماً وبلاءً فآكله وأستريح، وإنما بقي من عمري يسير، فقال: هاته فوضع في يد خالد، فقال: بسم الله وبالله رب الأرض، ورب السماء الذي لا يضر مع اسمه داء ثم أكله فتجلته غشية فضرب بذقنه على صدره، ثم عرق وأفاق فرجع ابن بقيلة إلى قومه، فقال: جئت من شيطان أكل سم ساعة فلم يضره أخرجوهم عنكم فصالحوهم على مائة ألف، فقال له خالد: ما أدركت؟ قال: أدركت سفن البحر ترقأ إلينا في هذا الجرف، ورأيت المرأة من أهل الحيرة تخرج إلى الشام في قرى متواترة ما تزود رغيفاً، وقد أصبحت خراباً يبابا وكذلك دأب الله في العباد والبلاد، وقال عبد المسيح حين رجع:
أبعد المنذرين أرى سواماً ... يروح بالخورنق والسدير
تحاماها فوارس كل حي ... مخافة ضيغم عالي الزئير
وبعد فوارس النعمان أرعى ... رياضاً بين ذروة والحفير
فصرنا بعد هلك أبي قبيس ... كمثل الشاء في يوم المطير
تقسمها القبائل من معد ... علانية كأيسار الجزور
وكنا لا يباح لنا حريم ... فنحن كصرة الناب الضجور
كذاك الدهر دولته سجال ... يصرف بالمساءة والسرور
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: أخبرنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس ابن إسحق قال: حدثنا أبو السفر قال: نزل خالد بن الوليد الحيرة فنزل على قوم بني أم المرازبة، فقال لهم أئتوني بالسم، فلما أتوه به وضعه في راحته، ثم قال: بسم الله فاقتحمه فلم يضره بإذن الله شيئاً.
وقال محمد بن سعد: أخبرنا عبد الله بن الزبير الحميدي قال: حدثنا سفيان بن عيينة عن إسماعيل بن أبي خالد عن قيس بن أبي حازم قال: رأيت خالد بن الوليد أتي بسم، فقال: ما هذا؟ قالوا: سم، فقال بسم الله وشربه، وأشار سفيان بيده إلى فيه، قال عبد الله بن الزبير: وذلك بالحيرة.

أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن إبراهيم بن أحمد المقدسي بنابلس، وأبو المظفر حامد بن العميد أبي المظفر بن أميري القاضي الفزويني بحلب قالا: أخبرنا شهدة بنت أحمد الفرج الآبري، وأخبرنا محفوظ بن هلال بن محفوظ الرسعني بها قال: أخبرنا شهدة إجازة قالت: أخبرنا أبو الفوارس طراد بن محمد الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الزينبي قال: أخبرنا أبو الحسين علي بن محمد بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن إسحق السهمي عن أبي بكر بن عياش عن الأعمش عن خيثمة قال: أتي خالد ابن الوليد برجل معه زق خمر فقال: اللهم اجعله عسلاً، فصار عسلاً.
قال: وحدثني إبراهيم بن عبد الله بن حاتم الهروي قال: حدثنا هشيم قال: أخبرنا العوام بن حوشب قال: حدثني قومي عن رجل منهم يقال له صعصعة قال: فشت الخمر في عسكر خالد بن الوليد، فجعل يطوف عليهم، وكان رجل منا بعث به أصحابه فاشترى زقاً من خمر وحمله بين يديه، فاستقبله خالد كفة لكفة، فقال: ما هذا؟ قال: خل قال جعله الله خلاً فانطلق به إلى أصحابه ففتحوه فإذا خل كأجود ما يكون من الخل.
أخبرنا.... قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر بن أحمد بن عمر بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن أبي عثمان عن أبيه أن خالداً أتى في قنسرين برجل معه زق خمر فقال: اللهم اجعله خلاً، فأكلت منه فإذا هو خل مسطار، وأقبل الرجل يعدو.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد المكتب قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الباقي إذناً إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عبيد عن إسماعيل بن أبي خالد عن زياد قال: قال خالد بن الوليد عند موته: ما كان في الأرض ليلة أحب إلي من ليلة شديدة الجليد في سرية من المهاجرين أصبح بهم العدو، فعليكم بالجهاد.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا الوليد ابن عبد الله بن جميع قال: حدثني رجل أثق به أن خالد بن الوليد أم بالناس بالحيرة فقرأ من سور شتى، ثم التفت إلى الناس حين انصرف فقال: شغلني عن تعليم القرآن الجهاد.
قال: وحدثنا بن سعد قال: أخبرنا عبد الله بن نمير قال: حدثنا إسماعيل عن قيس قال: سمعت خالد بن الوليد يقول: لقد منعني كثيراً من القراءة الجهاد في سبيل الله عز وجل.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو عبد الله بن محمد بن الفضل قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله ابن عمر العمري قال: أخبرنا عبد الرحمن بن أبي شريح قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن عبد الجبار قال: حدثنا حميد بن زنجويه قال: حدثنا يعلى قال: حدثنا إسماعيل عن قيس بن أبي حازم قال: طلق خالد بن الوليد امرأته فقال: أما إني لم أطلقها لشيء رابني منها، ولكن لم يصبها بلاء مذ كانت عندي.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن حسن المخزومي عن نصر بن مزاحم عن معروف بن خربود قال: من انتهى إليه الشرف من قريش ووصله الإسلام عشرة نفر من عشر بطون من هاشم، وأمية ونوفل، وأسد وعبد الدار، وتيم، ومخزوم، وعدي، وسهم، وجمح.
قال: فكانت القبة والأعنة إلى خالد بن الوليد، فأما الأعنة فإنه كان يكون على خيول قريش في الجاهلية في الحرب، وأما القبة فإنهم كانوا يضربونها ثم يجمعون لها ما يجهزون به الجيش.

أنبأنا أبو حفص عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عتبة بن جبيرة عن عاصم بن عمر عن قتادة. قال: وحدثني محمد بن عبد الله عن الزهري عن حنظلة بن علي الأسلمي. قال: وحدثني مسلمة بن عبد الله بن عروة عن أبيه قال: دخل حديثهم في حديث بعض قال: لما ارتد من ارتد من العرب وامتنعوا من الصدقة شاور أبو بكر الصديق في غزوهم وقتالهم، فأجمع البعثة إليهم وخرج هو بنفسه إلى قناة فعسكر بها، وأظهر أنه يريد غزوهم بنفسه ليبلغهم ذلك فيكون أهيب لهم، ثم سار في قناة في مائة من المهاجرين، وخالد بن الوليد يحمل لواءه حتى نزل نقعاً وهو ذو القصة وأراد أن يتلاحق به الناس، ويكون أسرع لخروجهم فلما تلاحقوا به استعمل خالد بن الوليد عليهم وأمره أن يسير إلى أهل الردة فيقاتلهم على خمس خصال: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمداً عبده ورسوله وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصيام شهر رمضان.
ورجع أبو بكر إلى المدينة ومضى خالد بن الوليد ومعه أهل السابقة من المهاجرين والأنصار فأوقع بأهل الردة من بني تميم وغيرهم بالبطاح وقتل مالك بن نويرة ثم أوقع بأهل بزاخة وحرقهم بالنار وذلك أنه بلغهم عنهم مقالة سيئة، وشتموا النبي صلى الله عليه وسلم وثبتوا على ردتهم، ثم مضى إلى اليمامة فقاتل بها مسيلمة وبني حنيفة، حتى قتل مسيلمة وصالح خالد أهل اليمامة على الصفراء والبيضاء والحلقة والكراع ونصف السبي وكتب إلى أبي بكر: إني لم أصالحهم حتى قتل من كنت أقوى به، وحتى عجف الكراع ونهك الخف ونهك المسلمون بالقتل والجراح.
وقدم خالد بن الوليد من اليمامة ومعه سبعة عشر رجلاً من وفد بني حنيفة فيهم مجاعة بن مرارة وأخوته، فلما دخل خالد بن الوليد المدينة دخل المسجد وعليه قباء عليه صدأ الحديد، متقلداً السيف معتماً، في عمامته أسهم فمر بعمر فلم يكلمه، ودخل على أبي بكر فرأى منه كلما يحب فخرج مسروراً فعرف عمر أن أبا بكر قد أرضاه، فأمسك عن كلامه وإنما كان وجد عمر عليه فيما صنع بمالك ابن نويرة من قتله إياه، وتزوج امرأته وما كان في نفسه قبل ذلك من أمر بني جذيمة.
قال محمد بن عمر: فهذا أثبت عندنا أن خالد بن الوليد رجع من اليمامة إلى المدينة، وقد روى قوم من أهل العلم أن أبا بكر كتب إلى خالد حين فرغ من أهل اليمامة أن يسير إلى العراق ففعل.
أنبأنا أبو حفص قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي إذناً أو سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: ذكر حسان بن عبد الله عن ابن لهيعة قال: حدثنا أبو الأسود عن عروة قال: فلما فرغ خالد بن الوليد من اليمامة جاءه كتاب من أبي بكر الصديق يأمره بالمسير إلى الشام فيمد أهل الإسلام، فمضى خالد على وجهه فسلك عين التمر فمر بدومة الجندل، فأغار عليهم فقتل بها رجالاً وهزمهم الله وسبى بنت الجودي، ومضى حتى قدم الشام وبها يومئذ أبو عبيدة بن الجراح على جند، ويزيد بن أبي سفيان على جند، وعمرو بن العاص على جند فقدم عليهم خالد بن الوليد بأجنادين فهزم الله عدوه.
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد بن أحمد ابن المسلمة قال: أخبرنا علي بن أحمد بن عمر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن الصواف قال: أخبرنا الحسن بن علي القطان قال: حدثنا إسماعيل بن عيسى العطار قال: حدثنا أبو حذيفة إسحق بن بشر قال: وأخبرنا السدي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: قال عمر: أما والله لئن صير الله هذا الأمر إلي لأعزلن المثنى بن حارثة عن العراق وخالد بن الوليد عن الشام حتى يعلما إنما نصر الله دينه ليس إياهما نصر.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا أبو الحسن السيرافي قال: أخبرنا أحمد بن إسحق قال: أخبرنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى التستري قال: حدثنا خليفة العصفري قال: حدثنا معاذ عن ابن عون قال: لما ولي عمر قال: لأنزعن خالداً حتى يعلم أن الله إنما نصر دينه.

قال: وحدثنا خليفة قال: حدثنا علي وموسى عن حماد بن سلمة عن هشام بن عروة عن أبيه قال: لما استخلف عمر كتب إلى أبي عبيدة: إني قد استعملتك وعزلت خالداً.
قال الخليفة: وعزل يعني عمر خالد بن الوليد حين ولي، وولى أبا عبيدة ابن الجراح حين فتح الشامات يزيد بن أبي سفيان على فلسطين وناحيتها، وشرحبيل ابن حسنة على الأردن، وخالد بن الوليد على دمشق، وحبيب بن مسلمة على حمص.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي، وأبو المظفر القشيري قالا: أخبرنا محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن الزعفراني قال: حدثنا محمد بن الليث قال: حدثنا ابن عثمان قال: حدثنا عبد الله قال: حدثنا سعيد بن زيد قال: سمعت الحارث بن يزيد الحضرمي يحدث عن علي بن رباح عن ناشرة بن سمي اليزني قال: سمعت عمر بن الخطاب يقول يوم الجابية فذكر الحديث، وقال فيه: إني أعتذر إليكم من خالد بن الوليد إني أمرته أن يحبس هذا المال على ضعفة المهاجرين فأعطاه ذا البأس والشرف، وذا اللسان فنزعته، وأمرت أبا عبيدة بن الجراح، فقال: أبو عمرو بن حفص بن المغيرة: ما أعذرت يا عمر بن الخطاب، لقد نزعت عاملا استعمله رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأغمدت سيفاً سله رسول الله، ولقد قطعت الرحم، وحسدت ابن العم، فقال: عمر بن الخطاب: إنك لقريب القرابة حديث السن، مغضب في ابن عمك.
وقال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو غالب أحمد، وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن قالا: أخبرنا محمد بن أحمد قال: حدثنا محمد بن عبد الرحمن بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن مسلمة عن مالك بن أنس قال: قال عمر بن الخطاب لأبي بكر الصديق: إكتب إلى خالد بن الوليد أن لا يعطي شاة ولا بعيراً إلا بأمرك، قال: فكتب أبو بكر بذلك فكتب إليه خالد بن الوليد: إما أن تدعني وعملي: وإلا فشأنك بعملك، قال: فأشار عليه عمر بعزله، فقال أبو بكر: من يجزي عني جزاة خالد؟ قال عمر: أنا قال: فأنت.
قال مالك: قال زيد بن أسلم: فتجهز عمر حتى أنيخت الظهر في الدار وحضر الخروج فمشى أصحاب النبي صلى الله عليه وسلم إلى أبي بكر فقالوا: ما شأنك تخرج عمر من المدينة وأنت إليه محتاج، وعزلت خالداً وقد كفاك؟ قال: فما أصنع؟ قالوا تعزم على عمر فيجلس وتكتب إلى خالد فيقيم على عمله، ففعل، فلما ولي عمر كتب إلى خالد أن لا تعطي شاة بعيراً إلا بأمري، قال: فكتب إليه خالد بمثل ما كتب إلى أبي بكر، فقال عمر: ما صدقت الله إن كنت أشرت على أبي بكر بأمر ولم أنفذه فعزله، وكن يدعوه إلى أن يستعمله فيأبى إلا أن يخليه يعمل ما يشاء فيأبى عمر.
أنبأنا....
قال أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال أخبرنا أبو الحسين بن محمد بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن أبي عثمان والربيع وأبي حارثة قالوا: فما زال خالد على قنسرين حتى غزا غزوته التي أصاب فيها وقسم منها ما أصاب لنفسه.
وعن أبي المجالد مثله. قالوا: وبلغ عمر أن خالداً دخل الحمام فتدلك بعد النورة بثجير عصفر معجون بخمر، فكتب إليه: بلغني أنك تدلكت بخمر، وإن الله قد حرم ظاهر الخمر وباطنها، وحرم ظاهر الإثم وباطنه وقد حرم مس الخمر إلا أن يغسل كما حرم شربها، فلا تمسوها أجسادكم فإنها نجس وإن فعلت فلا تعودوا، فكتب إليه خالد إنا قيلناها فعادت غسولاً غير خمر فكتب إليه عمر: إني لأظن آل المغيرة قد ابتلوا بالجفاء فلا أماتكم الله عليه، فانتهى لذلك، وقال خالد في ذلك:
سهل أبا حفص فإن لدينا ... شرائع لا يشقى بهن المسهل
أنجست في الخمر الغسول ولا يرى ... من الخمر بثقيف المحيل المخلل
وهل يشبهن طعم الغسول ... وذوقه حمياء الخمور والخمور تسلسل

قال: وحدثنا سيف عن الربيع وأبي عثمان وأبي حارثة قالوا: وأدرب سنة سبع عشرة خالد وعياض فسارا فأصابا أمراً عظيماً، وكانا توجهاً من الجابية، فرجع عمر إلى المدينة وعلى حمص أبو عبيدة، وخالد تحت يديه على قنسرين، وعلى دمشق يزيد بن أبي سفيان، وعلى الأردن معاوية، وعلى فلسطين علقمة بن محرز، وعلى الأهراء عمرو بن عبسة، وعلى السواحل عبد الله بن قيس، وعلى كل عمل عامل، فقامت مسالح الشام ومصر والعراق على ذلك إلى اليوم، ولم يجاز أمة إلى أخرى خلفها بعد إلا أن يقتحموا عليهم بعد كفر منهم، فيقدموا مسالحهم، واعتدل ذلك سنة سبع عشرة.
قال: وحدثنا سيف عن أبي المجالد والربيع وأبي عثمان وأبي حارثة بإسنادهم قالوا: لما قفل خالد وبلغ الناس ما أصابت تلك الصائفة انتجعه رجال، فانتجع خالداً رجال من أهل الآفاق وكان الأشعث انتجع خالداً بقنسرين فأجازه بعشرة آلاف وكان عمر لا يخفى عليه شيء في عمله، فكتب إليه من العراق بخروج من خرج منها، ومن الشام بجائزة من أجيز فيها، فدعا البريد وكتب معه إلى أبي عبيدة أن يقيم خالداً ويعقله بعمامته وينزع عنه قلنسوته حتى يعلمكم من أين أجاز الآشعث أمن مال الله عز وجل، أم من ماله، أو من أصابة أصابها، فإن زعم أنه أصابها فقد أقر بخيانه، وإن زعم أنها من ماله فقد أسرف وأعزله على كل حال وأضمم إليك عمله، فكتب أبو عبيدة إلى خالد فقدم عليه، ثم جمع الناس وجلس لهم على المنبر، فقام البريد فقال: يا خالد أمن مالك أجزت بعشرة آلاف أم من إصابة، فلم يجبه حتى أكثر عليه، وأبو عبيدة ساكت لا يقول شيئاً، فقام بلال إليه فقال إن أمير المؤمنين أمر فيك بكذا وكذا، ثم تناول عمامته فنقضها لا يمنعه سمعاً وطاعة ثم وضع قلنسوته، ثم أقامه فعقله بعمامته وقال: ما تقول: أمن مالك، أو من إصابة؟ قال: لا بل من مالي، فأطلقه وأعاد قلنسوته، ثم عممه بيده وقال: نسمع ونطيع لولاتنا ونفخم ونخدم موالينا.
قال: وحدثنا سيف عن أبي عثمان وأبي حارثة، والربيع وأبي المجالد قالوا: وأقام خالد منخزلاً لا يدري أمعزول أو غير معزول، وجعل أبو عبيدة يكرمه ويزيده تفخيماً ولا يخبره، حتى إذا طال على عمر أن يقدم، ظن الذي قد كان فكتب إليه بالإقفال، فأتى خالد أبا عبيدة، فقال: رحمك الله ما أردت إلى الذي صنعت تكتمني أمراً كنت أحب أن أعلمه قبل اليوم، فقال أبو عبيدة فإني والله ما كنت لأروعك ما وجدت من ذلك بداً، وقد علمت أن ذلك يروعك، قال فرجع خالد إلى قنسرين فخطب أهل عمله وودعهم، وتحمل، ثم أقبل إلى حمص فخطبهم وودعهم، ثم خرج نحو المدينة حتى قدم على عمر فشكاه، وقال: لقد شكوتك إلى المسلمين، وبالله إنك في أمري غير مجمل يا عمر، فقال عمر: من أين هذا الثرى؟ قال: من الآنفال والسهمان، قال: ما زاد على الستين ألفاً فلك، فقوم عروضه فخرجت عليه عشرون ألفاً، فأدخلها بيت المال، ثم قال: يا خالد والله إنك عليّ لكريم، وإنك إلي لحبيب، ولن تعاتبني بعد اليوم على شيء.
قال: وحدثنا سيف عن أبي ضمرة وأبي عمر عن زيد بن أسلم عن أبيه قال: عزل عمر خالد، فلم يعلمه أبو عبيدة حتى علم خالد من قبل غيره، فأتاه فقال: يرحمك الله ما دعاك إلى أن لا تعلمني؟ فقال: كرهت أن أروعك، وعمل فيما فتح الله عز وجل، وصالح فيما سن، وقال خالد في إدرابه:
صدمت جموع الروم صدمة صادق ... بجيش تراه في الفضاء مفضل
ذعرت به الكلبين حتى تحصنا وحامى ... غداة الروع حيث تمهلوا
وما جبنوا أن حل جيش بدارهم ... ولكن لقوا ناراً سناها مكمل
قال: وحدثنا سيف عن عبد الله بن المستورد عن أبيه عن عدي بن سهيل قال: كتب عمر في الأمصار: إني لم أعزل خالد عن سخطة ولاخيانة، ولكن الناس فتنوا به، فخشيت أن يوكلوا إليه ويبتلوا فأحببت أن يعلموا أن الله هو الصانع وأن لا يكونوا معرض فتنة.
قال: وحدثنا سيف عن مبشر عن سالم قال: ولما قدم خالد على عمر قال عمر متمثلاً:
صنعت فلم يصنع كصنعك صانع ... وما يصنع الأقوام فالله أصنع
فأغرمه شيئاً ثم عوضه منه، وكتب فيه إلى الناس بهذا الكتاب ليعذره عندهم ولينصرهم.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي الحسن علي بن أحمد ابن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو محمد بن زبر قال: حدثنا محمد بن سليمان بن داود المنقري البصري قال: حدثنا أبو عثمان المازني قال: حدثنا الأصمعي عن سلمة بن بلال عن مجالد بن سعيد عن الشعبي قال: اصطرع عمر بن الخطاب وخالد بن الوليد وهما غلامان، وكان خالد ابن خال عمر، فكسر خالد ساق عمر، فعولجت وجبرت، وكان ذلك سبب العداوة بينهما.
وقال ابن زبر قال: حدثنا العباس بن محمد قال: حدثنا الأصمعي عن ابن عون عن محمد أن خالد بن الوليد دخل على عمر وعلى خالد قميص حرير، فقال له عمر: ما هذا يا خالد؟ وما بأسه يا أمير المؤمنين، أليس قد لبسه ابن عوف؟ فقال: وأنت مثل ابن عوف ولك مثل ما لابن عوف عزمت على من في البيت إلا أخذ كل واحد منهم طائفة مما يليه، قال: فمزقوه حتى لم يبق منه شيء.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي بكر بن محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال: لما قدم خالد بن الوليد من الشام، قدم وفي عمامته أسهم ملطخة بالدم قد جعلها في عمامته، فاستقبله عمر لما دخل المسجد فنزعها من عمامته، وقال أتدخل مسجد النبي صلى الله عليه وسلم ومعك أسهم فيها دم، وقد جاهدت وقاتلت، وقد جاهد المسلمون قبلك وقاتلوا.
أنبأنا ابن طبرزد عن أبي غالب بن البناء قال: أخبرنا أبو الحسين بن الأبنوسي قال: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن الفتح الجلي المصيصي قال: حدثنا محمد بن سفيان موسى قال: حدثنا أبو عثمان سعيد بن رحمة بن نعيم الأصبحي قال: سمعت ابن المبارك عن حماد بن زيد قال: حدثنا عبد الله بن المختار عن عاصم بن بهدلة عن أبي وائل ثم شك حماد في أبي وائل قال: لما حضرت خالد بن الوليد الوفاة قال: لقد طلبت القدر مظانة فلم يقدر لي إلا أن أموت على فراشي، وما من عمل شيء يعدل عندي بعد لا إله إلا الله من ليلة بتها وأنا متترس، والسماء تهلني ننتظر الصبح حتى نغير على الكفار، ثم قال: إذا أنا مت فانظروا في سلاحي وفرسي فاجعلوه عدة في سبيل الله، فلما توفي خرج عمر على جنازته فذكر قوله: ما على نساء آل الوليد أن يسفحن على خالد من دموعهن ما لم يكن نقعاً أو لقلقة.
قال ابن المختار: النقع التراب على الرأس، واللقلقة الصياح.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي من لفظه قال أنبأنا أبو المعالي ابن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف، ح.
وأخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان قال: أخبرنا محمد بن حمد قال: أخبرنا أبو الحسن الفراء إجازة قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن الحسن قالا: أخبرنا أبو الحسن بن إسماعيل الضراب قال: حدثنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا الحارث قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا الواقدي عن عبد الرحمن ابن أبي الزناد عن أبيه أن خالد بن الوليد لما حضرته الوفاة بكى وقال: لقيت كذا وكذا زحفاً، وما في جسدي شبر إلا وفيه ضربة سيف أو رمية بسهم أو طعنة برمح، وها أنا أموت على فراشي حتف أنفي كما يموت العير فلا نامت أعين الجبناء.

أنبأنا أبو...... قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو بكر بن سيف قال: حدثنا السري بن يحيى قال: حدثنا شعيب بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن مبشر عن سالم قال: فأقام خالد بالمدينة حتى إذا ظن عمر أن قد سبكه وبصر الناس حج وقد عزم توليته، واشتكى خالد بعد وهو خارج من المدينة زائراً لأمه، فقال: أحدرونى إلى مهاجري فقدمت به المدينة ومرضته، فلما ثقل وأظل عمر لقيته لاقِ على مسيره صادراً عن حجه فقال له عمر: مهيم؟ فقال: خالد بن الوليد ثقيل لما به، فطوى ثلاثاً في ليلة فأدركه حين قضى فرق عليه واسترجع، وجلس ببابه حتى جهز وبكته البواكي، فقيل لعمر ألا تسمع ألا تنهاهن؟ فقال: وما على نساء قريش أن يبكين أبا سليمان ما لم يكن نقع أو لقلقه، فلما أخرج بجنازته رأى امرأة محتزمة تبكيه وتقول:
أنت خير من ألف ألف من الناس ... إذا ماكبت وجوه الرجال
أشجاع فأنت أشجع من ليث ... عرين جهم أبى أشبال
أجواد فأنت أجود من سيل ... دياس يسيل بين الجبال
فقال: عمر من هذه؟ فقيل: أمه، فقال: أمه والإله ثلاثاً هل قامت النساء عن مثل خالد، قال: فكان عمر يتمثل في طيه تلك الثلاث في ليلة، وبعدما قدم:
نبكى ما وصلت به الندامى ... ولا نبكي فوارس الجبال
أولئك إن كنت أشد فقداً ... من الإذهاب والعكر الجلال
تمنى بعدهم قوم مداهم ... ولم يدنوا لأسباب الكمال
وقال أبو القاسم بن السمرقندي: أخبرنا محمد بن هبة الله قال: أخبرنا محمد ابن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثني إبراهيم بن المنذر قال: حدثني عمر بن عثمان التميمي قال: حدثني إسحق ابن يحيى بن طلحة بن عبيد الله عن عمه موسى بن طلحة قال: خرجت مع أبي طلحة ابن عبيد الله إلى مكة مع عمر بن الخطاب فلما كنا بعرق الظبية نزل عمر من هذا الجانب، ونزل أبي من هذا الجانب، فبينا نحن نحط رواحلنا أقبل راكب من المدينة حتى أهوى إلى ناحية عمر، فما قلنا أناخ حتى إذا بعمر قد أقبل يصيح: يا أبا محمد، يا طلحة، فقال أبي: ما لك يا أمير المؤمنين؟ قال: هلك أبو سليمان هلك خالد بن الوليد رحمه الله، فقال له أبي طلحة:
لأعرفنك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادا
أخبرنا أبو الفتوح الحصري في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد بن الدباغ قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر قال: وتوفي خالد بن الوليد بحمص، وقيل توفي بالمدينة سنة إحدى وعشرين، وقيل بل توفي بحمص، ودفن في قرية على ميل من حمص سنة إحدى وعشرين أو اثنتين وعشرين، وفي خلافة عمر بن الخطاب، وأوصى إلى عمر بن الخطاب.
ذكر البلاذري في أخبار البلدان فيما حكاه عن محمد بن سعد عن الواقدي قال: أثبت ما سمعنا في أمر عياض بن غنم أن أبا عبيدة مات في طاعون عمواس سنة ثماني عشرة واستخلف عياضاً، فورد عليه كتاب عمر بتوليته حمص وقنسرين والجزيرة، فسار إلى الجزيرة يوم الخميس للنصف من شعبان سنة ثمان عشرة في خمسة آلاف وعلى مقدمته ميسرة بن مسروق العبسي، وعلى ميمنته سعد بن عامر ابن حذيم الجمحي وعلى ميسرته صفوان بن المعطل السلمي، وكان خالد بن الوليد على ميسرته، ويقال إن خالداً لم يسر تحت لواء أحد بعد أبي عبيدة ولزم حمص حتى توفي بها سنة إحدى وعشرين وأوصى إلى عمر، وبعضهم يزعم أنه مات بالمدينة وموته بحمص أثبت.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عمرو بن عبد الله بن عنبسة قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عمرو بن عثمان يقول: لم يزل خالد بن الوليد مع أبي عبيدة حتى توفي أبو عبيدة، واستخلف عياض بن غنم الفهري، فلم يزل خالد معه حتى مات عياض بن غنم فاعتزل خالد إلى ثغر حمص فكان فيه وحبس خيلاً وسلاحاً فلم يزل مرابطاً بحمص حتى نزل به، فدخل عليه أبو الدرداء عائداً له فقال خالد بن الوليد: إن خيلي التي حبست في الثغر وسلاحي هو على ما جعلته عليه عدة في سبيل الله قوة يغزى عليها، وتعلف من مالي، وداري بالمدينة صدقة حبس لا تباع ولا تورث، وقد كنت أشهدت عليها عمر بن الخطاب ليالي قدم الجابية، وهو كان أمرني بها، ونعم العون هو على الإسلام، والله يا أبا الدرداء إن مات عمر لترين أموراً تنكرها قال: قال أبو الدرداء: وأنا والله أرى ذلك، قال خالد: قد كنت وجدت عليه في نفسي في أمور لما تدبرتها في مرضي هذا، وحضرني من الله حاضر عرفت أن عمر كان يريد الله بكل ما فعل، كنت وجدت في نفسي حين بعث إلي من يقاسمني مالي حتى أخذ فرد نعل، وأخذت فرد نعل فرأيته فعل ذلك بغيري من أهل السابقة، ومن شهد بدراً، وكان يغلظ علي وكانت غلطته على غيري نحواً من غلطته علي، وكنت أدل عليه بقرابته فرأيته لا يبالي قريباً ولا لوم لائم في غير الله، فذلك الذي أذهب ما كنت أجد عليه، وكان يكثر علي عنده، وما كان ذلك مني إلا على النظر، كنت في حرب ومكايدة، فكنت شاهداً، وكان غائباً فكنت أعطي على ذلك فخالفه ذلك من أمري، فقد جعلت وصيتي وتركتي وإنفاذ عهدي إلى عمر بن الخطاب.
قال: فقدم بالوصية على عمر فقبلها وترحم عليه، وأنفذ ما فيها وتزوج عمر بعد امرأته.
وقال: حدثنا محمد بن سعد. قال: أخبرنا الفضل بن دكين ومحمد بن عبد الله الأسدي قالا: حدثنا يونس بن أبي إسحق عن أبي السفر قال: مرض خالد بن الوليد بالشام فحضره أناس وهو يسوق فقال بعضهم: والله إنه ليسوق، فسمعه فقال: أجل فأستعين الله على ذلك.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا عبد الرحمن ابن أبي الزناد وغيره قالوا: وقدم خالد بن الوليد بعد أن عزله عمر بن الخطاب معتمراً فمر بالمدينة، فلقي عمر ثم رجع إلى الشام فانقطع إلى حمص، فلم يزل بها حتى توفي سنة إحدى وعشرين.
قال: وحدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني عمر بن عبد الله بن رباح عن أبي رباح خالد بن رباح قال: سمعت ثعلبة بن أبي مالك يقول: رأيت ابن الخطاب بقباء يوم السبت ومعه نفر من المهاجرين والأنصار، فإذا أناس من أهل الشام يصلون في مسجد قباء حجاجاً، فقال: من القوم؟ قالوا: من اليمن قال: أي مدائن الشام نزلتم؟ قالوا: حمص، قال: هل كان من مغربه خبر؟ قالوا: موت خالد بن الوليد يوم رحلنا من حمص، قال: فاسترجع عمر مراراً ونكس، وأكثر الترحم عليه، وقال: كان الله سداداً لنحور العدو، ميمون النقيبة، فقال له علي بن أبي طالب: فلم عزلته؟ قال: عزلته لبذله المال لأهل الشرف وذوي اللسان، قال علي: فكنت تعزله عن التبذير في المال وتتركه على جنده؟ قال: لم يكن يرضى، قال: فهلا بلوته؟.
قال: وحدثنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني يزيد بن عبد الملك عن الحارث بن الحكم الضمري عن شيخ من بني غفار، قال سمعت عمر ابن الخطاب بعد أن مات خالد بن الوليد وعمر فيما بين قديد وعسفان يقول وذكر خالداً وموته فقال: قد ثلم في الإسلام ثلمة لا توثق، فقلت: يا أمير المؤمنين لم يكن رأيك فيه في حياته على هذا؟ قال: ندمت على ما كان مني إليه.
قال محمد بن عمر: وحدثني غير يزيد بن عبد الملك قال: حج عمر بن الخطاب ومعه زبيد بن الصلت، وكان كثيراً ما يسايره، قال: فعرسنا من الليل بأسفل ثنية غزال فجعلت الرفاق تمر من الشام يذكرون خالد بن الوليد بعد موته ويقول راجزهم:
إذا رأيت خالداً تجففاً ... وكان بين الأعجمين منصفاً
وهبت الريح شمالاً حرجفا

قال: فجعل عمر يترحم عليه، فقال له زبيد: ما وجدت مثلك ومثله إلا كما قال الشاعر:
لا أعرفنك بعد الموت تندبني ... وفي حياتي ما زودتني زادي
فقال عمر: لا تقل ذلك فو الله ما نقمت على خالد في شيء إلا في اعطائه المال والله ليته بقي بالحمى حجر.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا محمد بن علي: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حدثني سعد بن عامر قال: حدثنا جويريه ولا أعلمه إلا عن نافع قال: لما مات خالد بن الوليد لم يوجد له إلا فرسه وغلامه وسلاحه، فقال عمر: رحم الله أبا سليمان إن كنا لنظنه على غير هذا.
أنبأنا أبو الحسن علي بن المفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشكوال في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا سعيد بن عثمان ابن السكن قال: حدثني أبو عمران موسى بن العباس قال: حدثنا أحمد بن عبد الله الحداد قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا سفيان عن إسماعيل عن قيس قال: قال عمر لما مات خالد بن الوليد: رحم الله أبا سليمان كنا نظن به أشياء، وقال مرة: أموراً ما كانت.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل الدمشقي قراءة عليه في منزلي بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش الآزجي قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن العباس العسكري قال: حدثنا عبد الله بن أبي سعد قال: حدثني عبد الرحمن بن حمزة اللخمي قال: حدثنا أبو علي الحرمازي قال: دخل هشام بن البختري في ناس من بني مخزوم على عمر بن الخطاب فقال له: يا هشام أنشدني شعرك في خالد بن الوليد، فأنشده فقال: قصرت في الثناء على أبي سليمان رحمه الله إن كان ليحب أن يذل الشرك وإن كان الشامت به لمتعرضا لمقت الله، ثم قال عمر قاتل الله أخا بني تميم ما أشعره:
فقل للذي يبقى خلاف الذي مضى ... تهيأ لأخرى قبلها فكأن قد
فما عيش من قد عاش بعدي بنافعي ... ولا موت من قد مات يوماً بمخلدي
ويروى ولا موت من قد مات قبلي ثم قال: رحم الله أبا سليمان ما عند الله خير له مما كان فيه، ولقد مات فقيداً وعاش حميداً، ولكن رأيت الدهر ليس بقابل.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله بن الحسن بن البناء قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد ابن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: قال محمد بن سلام: وحدثني أبان ابن عثمان قال: لم يبق امرأة من بني المغيرة إلا وضعت لمتها على قبر خالد، يقول حلقت رأسها.
قال: وحدثنا الزبير قال: قال محمد بن سلام: وحدثني غير واحد قال: سمعت يونس النحوي يسأل عنه غير مرة أن عمر بن الخطاب قال: دع نساء بني المغيرة يبكين أبيا سليمان يرقن من دموعهن سجلا أو سجلين ما لم يكن نقع أو لقلقة، قال يونس: النقع مد الصوت بالنحيب واللقلقة حركة اللسان نحو الولولة.
أخبرنا أبو حفص عمر بن طبرزد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر الخزاز قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا مسلم بن إبراهيم قال: حدثنا جويرية بن أسماء عن نافع قال: لما مات خالد بن الوليد لم يدع إلا فرسه وسلاحه وغلامه، فبلغ ذلك عمر بن الخطاب فقال: رحم الله أبا سليمان خالداً، كان على غير ما ظنناه به.
قال: وأخبرنا ابن سعد قال: أخبرنا كثير بن هشام قال حدثنا جعفر بن برقان قال: حدثنا يزيد بن الأصم قال: لما توفي خالد بن الوليد بكت عليه أم خالد فقال عمر: يا أم خالد وأجره تؤثرين جميعاً، عزمت عليك أن ألا تبيتي حتى تسودي يديك من الخضاب.

قال: وأخبرنا ابن سعد قال: أخبرنا وكيع بن الجراح، وأبو معاوية الضرير وعبد الله بن نمير قالوا: حدثنا الأعمش عن شقيق بن سلمة قال: لما مات خالد بن الوليد اجتمع نسوة من بني المغيرة في دار خالد يبكين عليه، قال: فقيلي لعمر: انهن قد اجتمعن في دار خالد وهن خلقا أن يسمعنك بعض ما تكره، فأرسل إليهن فانهاهن فقال عمر: وما عليهن أن يرقن من دموعهن على أبي سليمان ما لم يكن نقعاً أو لقلقلة. قال وكيع. النقع الشق، واللقلقة الصوت.
قال: وأخبرنا محمد بن سعد قال: أخبرنا محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر ابن عبد الله بن أبي سبرة عن عبد الله بن عكرمة قال: عجباً لقول الناس أن عمر نهى عن النوح، لقد بكى على خالد بن الوليد بالمدينة، ومعه نساء بني المغيرة شيعاً يشققن الجيوب ويضربن الخدود، وأطعموا الطعام تلك الأيام حتى مضت، ما ينهاهن عمر.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي الحسين المزكي قال: أخبرنا عبد العزيز بن أبي طاهر قال: أخبرنا عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون البجلي قال: أخبرنا أبو زرعة قال: سأل محمود يعني ابن سميع عبد الرحمن ابن إبراهيم عن موت خالد بن الوليد فقال: بالمدينة.
وقال الحافظ أبو القاسم: أنبأنا أبو سعد محمد بن محمد، وأبو علي الحسن ابن أحمد قالا: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن محمد بن الحسين قال: حدثنا محمد بن إسحق الثقفي قال: حدثنا المفضل بن غسان الغلابي، ح.
قال الحافظ: وأخبرنا أبو البركات قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: حدثنا أبو العلاء الواسطي قال: حدثنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: حدثنا الواقدي قال: مات خالد بن الوليد سنة إحدى وعشرين.
وقال الحافظ: أنبأنا جد أبوي القاضي أبو المفضل القرشي وغيره عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا محمد بن عبيد الله التميمي قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم قال: حدثنا أبو عبد الله القرشي قال: حدثنا سليمان بن عبد الرحمن قال: حدثنا أبو عبد الله التميمي قال: مات خالد بن الوليد بحمص سنة إحدى وعشرين.
وقال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال:أخبرنا أحمد بن الحسن بن عتبة الرازي قال: حدثنا عبد الله بن عيسى قال: حدثنا إبراهيم بن المنذر قال: وخالد بن الوليد يكنى أبا سليمان مات بحمص سنة إحدى وعشرين.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي فيما أجازه لي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن بن خشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا أبو الحسين عبد الباقي بن قانع قال: سنة إحدى وعشرين أبو سليمان خالد بن الوليد بن المغيرة المخزومي وله ستون سنة بحمص يعني مات.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن المؤدب قال: أخبرنا أبو سليمان بن أبي محمد قال: أبو سليمان خالد بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم، مات بحمص سنة إحدى وعشرين.
أخبرنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أخبرنا أبو الفضل الجنزوي قال: أخبرنا ابن الأكفاني قال: أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن أحمد قال: خبرنا المسدد ابن علي بن عبد الله الحمصي قال: أخبرنا أبي قال: حدثنا عبد الصمد بن سعيد القاضي قال: أخبرنا أحمد بن عمير قال: أخبرني عمران بن موسى بن أيوب قال: خالد بن الوليد يكنى أبا سليمان مات بحمص سنة إحدى وعشرين.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو غالب محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله أحمد بن إسحق قال: حدثنا أحمد ابن عمران قال: حدثنا موسى التستري قال: قال أبو عمرو العصفري: وفيها يعني إحدى وعشرين مات خالد بن الوليد رحمه الله بالشام.

وقال أبو القاسم: وأنبأنا أبو علي وأبو سعد قالا: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا محمد بن علي بن حبيش قال: حدثنا محمد بن عبدوس بن كامل قال: حدثنا محمد بن عبد الله بن نمير، ح.
قال: وأنبأنا أبو سعد قال: أخبرنا أبو نعيم قال: حدثنا سليمان بن أحمد الطبراني قال: حدثنا الحضرمي قال: سمعت محمد بن عبد الله بن نمير قال: مات خالد بن الوليد سنة إحدى وعشرين، زاد الطبراني، بحمص.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي إجازة أن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن أحمد ابن محمد بن البسري قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص إجازة قال: حدثنا عبيد الله بن عبد الرحمن السكري قال: أخرني أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة الصيرفي قال: أخبرني أبي قال: أخبرنا أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة إحدى وعشرين فيها توفي خالد بن الوليد أبو سليمان بحمص، وكانت أمه لبابة الصغرى بنت الحارث الهلالية.
سمعت عمي أبا غانم محمد بن هبة الله بن أبي جرادة يقول: حدثني الشيخ ربيع بن محمود المارديني الزاهد قال: جئت قبر خالد بن الوليد بحمص أزوره فرأيت عنده رجلاً من الأكراد، وهو يكثر البكاء والنحيب ويرفع صوته عند ذلك فقلت له: ما لك هكذا؟ فقال: جرى لي مع صاحب هذا القبر أمر أوجب ما ترى فسألته عنه، فقال: جاءنا الفرنج مغيرين على حمص وأحدقوا بالمدينة، وغلقت الأبواب بأسرها ولم يبق غير باب واحد، فجئت إلى هذا القبر وقلت: اللهم بحرمته عندك هب لي شجاعته هذه الساعة، ثم خرجت لا أخاف من أحد فلم يكن للفرنج في عيني من المقدار شيء، فحملت فيهم وقتلت فارسين، وأسرت فارسين، وأخذتهما وخيلهما، ودخلت بذلك إلى الملك العادل نور الدين محمود، فهذا الذي حملني على ما ترى.
خالد بن الوليد الأنصاري:
له ذكر في وقعة صفين سهدها مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه.
خالد بن هشام بن إسماعيل:
ابن هشام بن الوليد بن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي خال هشام بن عبد الملك، كان بناحية رصافة هشام، وكان من أهل المدينة فخرج مع سليمان بن هشام لقتال مروان بن محمد، حين اقتتلا فقبض عليه مروان وقتله.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: قرأت على أبي الوفاء حفاظ بن الحسن عن عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا عبد الوهاب الميداني قال: أخبرنا أبو سليمان بن زبر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد ابن جعفر قال: أخبرنا محمد بن جرير قال: حدثني أحمد بن زهير قال: حدثنا عبد الوهاب بن إبراهيم قال: حدثني أبو هاشم مخلد بن محمد بن صالح قال: وأتي مروان بخال لهشام بن عبد الملك، يقال له خالد بن هشام المخزومي، وكان بادناً كثير اللحم، فأدني إليه وهو يلهث، فقال: أي فاسق أما كان لك في خمر المدينة وقيانها ما يكفيك عن الخروج تقاتلني؟ قال: أمير المؤمنين أكرهني يعني سليمان بن هشام، فأنشدك الله والرحم، قال: وتكذب أيضاً، كيف أكرهك وقد خرجت بالقيان والزقاق والبرابط معك في عسكره، فقتله.
قال: وكان هذا سنة سبع أو ثمان وعشرين ومائة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء إجازة إن لم يكن سماعا قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: ومن ولد هشام بن إسماعيل: خالد بن هشام بن إسماعيل، حدثني محمد بن مسلمة عن عمه محمد بن يحيى بن محمد بن هشام قال: سابق الوليد بن عبد الملك بين الخيل فجاء فرس لخالد بن هشام بن إسماعيل سابقاً، فقال الوليد لمن هذا الفرس؟ فقال خالد: هذا فرس أمير المؤمنين الذي أهديت إليه البارحة، فقال: وصل الله رحمك، قد قبلنا هديتك وسوغناك سبقك، وعوضناك منه ألف دينار، وفي رواية أخرى وكان الوليد يجزع إذا سبق.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال: خالد بن هشام بن إسماعيل بن هشام بن الوليد ابن المغيرة بن عبد الله بن عمر بن مخزوم القرشي المخزومي، وفد على الوليد بن عبد الملك.
ألب أرسلان بن محمود:

ابن محمد بن ملكشاه بن ألب أرسلان بن جغري بك التركي كان هو وأخوه فرخشاه المعروف بالخفاجي في كفالة زنكي بن آق سنقر، وكان فرخشاه بالموصل، وكان أبوهما السلطان محمود قد كتب لزنكي توقيعاً بالشام، فاتفق أن فرخشاه بلغ وأدرك وتأسد، وكانت زوجه زنكي السكمانية تربيه ففهدته، وحدثته نفسه بالملك، وكان نصر الدين جغر نائب زنكي بالموصل، وكان ظالماً، فركب في بعض الأيام، ودخل إلى دار الملك للتسليم عليه فقتل في الدهليز، وأركبوا الملك، ودخل القلعة فقتل بها، وكان أخوه ألب أرسلان معتقلاً بسنجار فسار زنكي إلى الموصل، وأخرج ألب أرسلان من معتقله بسنجار وعطف عليه وأوهمه أنه كان في حبس أخيه فرخشاه، وعاد زنكي إلى حلب واستصحب معه ألب أرسلان، ثم جاء إلى حصار قلعة جعبر وألب أرسلان معه، وحاصرها إلا أن قتل بها على ما هو مشروح في ترجمته وافترقت عساكره، فمضى نور الدين محمود بن زنكي إلى حلب، واستمال جمال الدين محمد بن علي بن أبي منصور الملك ألب أرسلان، وأطعمه في المملكة، وكاتب زين الدين على كوجك على أن يستدعي سيف الدين غازي ابن زنكي، وكان في خدمة السلطان مسعود بأمر والده زنكي ليأمن غائلة السلطان ومكائده، فانفق وصول الخبر إليه وهو بشهرزور فدخل الموصل، ثم دخل جمال الدين والعسكر، وبقي الملك ألب أرسلان منفرداً فاستوحش، وطلب صوب الجزيرة، فسيروا في طلبه من داهنه وأظهر له الطاعة والعبودية عن غازي، وأنه إذا فارقه زالت عنه سمه الاتابكية، فلا تشمت به أعداءه، وأنه سيأخذ البلاد باسمك، فأجابهم ودخل الموصل في أبهة جميلة واستقبال ونثار، ودخل الدار فخنقوه، واتفق غازي مع نواب أبيه: زين الدين وجمال الدين والدبيسي، وكان ذلك في سنة إحدى وأربعين وخمسمائة.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
ذكر من اسم أبيه يزيد ممن اسمه خالد
خالد بن يزيد بن حمدان التميمي الخراساني:
له ذكر، اجتاز بمنبج وحران مع مروان بن محمد بن مروان، حين انهزم من عبد الله بن علي إلى مصر، وقتل ودخل خالد مع ابني مروان: عبد الله وعبيد الله إلى بلاد النوبة، قرأت ذلك بخط أبي سعيد السكري.
خالد بن يزيد خالد:
ابن عبد الله بن يزيد بن أسد بن كرز بن عامر البجلي أبو الهيثم القسري الدمشقي وجده، خالد هو أمير مكة والعراقين الذي قدمنا ذكره، قدم الثغور الشامية غازياً.
وحدث عن محمد بن سوقه وإسماعيل بن أبي خالد، وخالد بن صفوان بن الأهتم التميمي، وسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز وأبي حمزة ثابت بن أبي صفية الثمالي، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، وحريث، ويحيى بن عبيد الله التميمي، ومجالد بن سعيد، ومحمد بن سوقة، وفطر بن خليفة وأبي روق عطية بن الحارث الوادعي، ويزيد بن عبد الله بن أبي بردة الكوفي، وعمار بن أبي معاوية الدهني، وعمرو بن ميمون، ويحيى بن عبيد الله، وعمرو بن دينار، وجعونة بن قرة، والكلبي وأبي سعد البقال، والصلت بن بهرام، ومحمد بن عمرو وإبراهيم بن يزيد الجوزي، وعبد الله بن عون وأبي حيان يحيى بن سعيد بن حيان التميمي وهشام بن عروة وسهيل بن أبي صالح.
روى عنه من أهل الثغور والعواصم يوسف بن سعيد بن مسلم، وأبو الوليد أحمد بن جناب بن المغيرة المصيصيان وأبو سعيد أحمد بن بكر البالسي، ومن غيرهم أبو الحسن أحمد بن إبراهيم بن موسى المصاحفي، وهشام بن عمار الدمشقي وسليمان بن عبد الرحمن بن بنت شرحبيل، ومحمد بن عبيد الله قاضي أذرعات، والوليد بن مسلم، وهشام بن خالد، وأبو عبد الرحمن الطبري، وعبد الرحمن بن إبراهيم المعروف بدحيم.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد ابن غيلان قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله الشافعي قال: حدثنا إسحق بن موسى الرملي قال: حدثنا يوسف بن مسلم المصيصي قال: حدثنا خالد بن يزيد القسري عن محمد بن سوقة عن سعيد بن جبير عن عائشة قالت: نهى رسول الله صلى الله عليه وسلم عن أكل الضب.

أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد العطار الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا محمد بن الفضل البزاز بحلب قال حدثنا أحمد بن بكر البالسي قال: حدثنا خالد بن يزيد الدمشقي قال: حدثنا أبو سعد البقال عن أبي الزبير عن جابر أن النبي صلى الله عليه وسلم كان إذا رجع من غزوته قال: آيبون تائبون إن شاء الله لربنا حامدون.
قال: ابن عدي وهذا الحديث لأبي سعد البقال عن أبي الزبير لا أعلم رواه غير أحمد بن بكر، ولعل البلاء فيه من خالد بن يزيد الدمشقي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد المؤذن قال أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد ابن الحسن السكوني قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدثنا أبو شرحبيل عيسى بن خالد قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا إسماعيل عن سعيد بن عبد العزيز أن الحجاج بن يوسف سأل خالد بن يزيد عن الدنيا فقال: ميراث، فقال: فالأيام قال: دول، قال: فالدهر؟ قال: أطباق والموت بكل سبيل فليحذر كل عزيز الذل، وكل غني الفقر، فكم من عزيز قزم قد ذل، وكم من غني افتقر.
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود بن الحسن الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن إسحق بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي حاتم قال: خالد بن يزيد القسري، روى عنه هشام بن خالد، سألت أبي عنه، فقال: ليس بقوي.
وقال ابن أبي حاتم: خالد بن يزيد البجلي روى عنه دحيم.
هكذا ذكر ابن أبي حاتم وظنهما اثنين ففرق بينهما، والقسري هو البجلي بعينه وهو واحد وهم فيه.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير عن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ عن جعفر بن يحيى قال: أخبرنا أبو نصر الوائلي قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن النسائي، قال: أبو الهيثم خالد بن يزيد بن أسد عن أبي حمزة الثمالي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: في قسر بفتح القاف والسين المهملة منهم خالد بن يزيد القسري، يحدث عن هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، روى عنه أحمد بن بكر البالسي وغيره.
أنبأنا أبو المحاسن بن البانياسي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: كتب إلي أبو نصر القشيري: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: سمعت أبا علي يقول: خالد بن يزيد القسري معروف.
قلت: يريد أبا علي الحسين بن يزيد النيسابوري الحافظ.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن الحسن بن أحمد العطار قال: أخبرنا أبو المحاسن نصر الله بن المظفر البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا أبو القاسم حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي الحافظ قال: خالد بن يزيد بن أسد البجلي القسري وأحاديثه كلها لا يتابع عليها لا إسناداً ولا متناً، ولم أر للمتقدمين الذين يتكلمون في الرجال لهم فيه قولاً، ولعلهم غفلوا عنه، وقد رأيتهم تكلموا فيمن هو خير من خالد هذا، فلم أجد بداً من ذكره وأن أبين صورته، وهو عندي ضعيف وأحاديثه أفرادات، ومع ضعفه كان يكتب حديثه.
كذا قال ابن عدي: خالد بن يزيد بن أسد فأسقط ثلاثة من أجداده بين يزيد وأسد والصواب ما ذكرناه في ترجمته.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن أحمد العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا محمد بن عمر بن موسى العقيلي قال: خالد بن يزيد القسري لا يتابع على حديثه.

أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: قسر بفتح القاف وسكون السين المهملة، فهو قسر بن عبقر، قبيلة من بجيلة، منها خالد بن يزيد القسري، يحدث عن هشام بن عروة وإسماعيل بن أبي خالد وغيرهما، روى عنه أحمد بن بكر البالسي وغيره.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خالد بن يزيد بن خالد بن عبد الله ابن يزيد بن أسد بن كرز أبو الهيثم القسري، وجده خالد أمير العراق، من أهل دمشق، حدث عن إسماعيل بن خالد وعمار الدهني، وأبي حمزة ثابت ابن أبي صفيه الثمالي، وفطر بن خليفة وأبي روق عطية بن الحارث الهمداني الوادعي، والكلبي صاحب التفسير، ويزيد بن عبد الله بن أبي بردة الكوفين، وخالد بن صفوان بن الأهتم التميمي، وجعونه بن قرة ومحمد بن عمرو، وأبي سعد البقال، وعبد العزيز بن عمر بن عبد العزيز، ومحمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب، والصلت بن بهرام، وسليمان بن علي بن عبد الله بن عباس، وإبراهيم بن يزيد الجوزي، وأبي حيان يحيى بن سعد بن حيان التميمي، وهشام بن عروة، ومحمد ابن سوقة، وعبد الله بن عون، ويحيى بن عبيد الله التميمي.
روى عنه الوليد بن مسلم، وهشام بن عمار، وهشام بن خالد، ودحيم وسليمان بن عبد الرحمن ويوسف بن سعيد بن مسلم، وأحمد بن بكر البالسي، ومحمد بن عبد الله قاضي أذرعات، وأبو عبد الرحمن الطبري، وأبو الحسن أحمد ابن إبراهيم بن موسى المصاحفي الرملي، وأحمد بن جناب المصيصي.
خالد بن يزيد بن محمد:
أبو الهيثم الخزاعي، ويعرف بابن مخبط، سمع بالمصيصة وبعين زربة من إبراهيم بن سعيد الجوهري البصري، وحدث عنه بالمصيصة، وروى عن أبي سليمان داود بن معاذ بن أخت مخلد بن حسين، وعن قزعة، روى عنه يعقوب بن سفيان الفسوي، وأبو حفص عمر بن داود بن شلبون الأنطرسوسي، وأبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري، ومحمد بن محمد بن الحسن الرشيدي.
أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن عثمان بن يوسف بحلب قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان، وأبو المظفر أحمد بن محمد بن علي الكاغدي.
قال أبو الفتح: أخبرنا أبو الفضل أحمد بن الحسن بن خيرون. وقال أبو المظفر: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي الطرايثيثي قالا: أخبرنا أبو علي الحسين بن أحمد بن شاذان قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن جعفر بن درستويه قال: حدثنا أبو يوسف يعقوب بن سفيان قال: حدثنا خالد بن يزيد أبو الهيثم المخبطي قال: حدثنا قزعة عن حميد عن الأعرج عن الزهري عن محمود بن لبيد عن شداد بن أوس أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا حضرتم موتاكم فاغمضوا بصره، فإن البصر يتبع الروح، وقولوا خيراً، فإنه يؤمن على ما قال أهل الميت.
أخبرنا أبو محمد عبد العزيز بن محمود بن الأخضر البغدادي في كتابه قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن أحمد بن أحمد بن الخشاب قال: أخبرنا الحاجب قراتكين بن الأسعد قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن محمد الأبهري قال: حدثنا أبو الهيثم خالد بن يزيد، ويعرف بابن مخبط من كتابه قال: حدثنا أبو سليمان داود بن معاذ بن أخت مخلد بن حسين منذ خمس وثمانين سنة قال: حدثنا مسمع بن عاصم المسمعي عن هشام الدستوائي عن قتادة عن أنس بن مالك قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: لا يكون العبد مؤمناً حتى يحب للمسلم لنفسه من الخير.
خالد بن يزيد بن مزيد:
ابن زائدة بن عبد الله بن زائدة بن عبد الله بن مطر بن شريك، أبو يزيد ابن أبي خالد الشيباني، كان مذكوراً ممدحاً، وله أشعار حسنة وكان بقنسرين، ومدحه أبو تمام الطائي بها بقصيدته التي أولها:
يقول أناس في حنينا وقد رأوا ... عمارة رحلي من طريف وتالد
قرأت في نسخة من شعر أبي تمام الطائي مما أخذ عن أبي النضر بن أسباط النحوي نزيل حلب، وأبي الحر عبيد الله بن حفص التغلبي قال: حنينا موضع بقنسرين، وقيل بنواحي الثغور والجزيرة، قلت: والصحيح إن حنينا بناحية قنسرين بالقرب من رصافة هشام ودير حنينا كان ينزله معاوية بن هشام بن عبد الملك.

قرأت في كتاب الورقة في أخبار الشعراء، تأليف أبي عبد الله محمد بن داود ابن الجراح قال: خالد بن يزيد بن مزيد أبو يزيد الشيباني شاعر بغدادي له أشعار ملاح أنشد له أبو هفان:
قالوا رزقت من العباد مودة ... فأجبت لو كانت مودة واحد
فارحم تضرع خالد يا من به ... ودلاله قامت قيامة خالد
قال ومن قوله:
وقائلة حزناً علي من الردى ... وقد قلت هاتي ناوليني سلاحيا
لك الخير لا تعجل إلى قتل معشر ... فريداً وحيداً وابغ نفسك نائيا
فقلت: أخي سيفي ورمحي ناصري ... ودرعي لي حصن ومهري بلاغيا
ستتلف نفسي أو سأبلغ همتي ... فأغني وأقني من أردت بماليا
وتقصر يمنى من أراد بي الردى ... إذا أومأت يوماً إليه شماليا
فلا الفقر أضناني ولا البخل عاقني ... ولكن مالي ضاق بي عن فعاليا
أخبرنا أبو الفضل مرجا بن أبي الحسن بن هبة الله الواسطي قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن علي الكناني إجازة قال: أنبأنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن المحسن التنوخي قال: أخبرنا أبي أبو علي المحسن بن علي بن محمد قال: أخبرني محمد بن الحسن يعني ابن المظفر الكاتب اللغوي المعروف بالحاتمي، قال أخبرني أبو بكر الصولي. قال التنوخي: وهو فيما أجازه لي أبو بكر الصولي، وقد ذكره في شعر أبي تمام، قال: حدثنا محمد بن القاسم بن خلاد قال: رفع بعض العمال إلى المعتصم، وكان يلي الخراج في موضع يلي فيه خالد بن يزيد الحرب، أن خالد بن يزيد اقتطع الأموال واحتجز بعضها، فغضب المعتصم وحلف ليأخذن أموال خالد ولينفينه ويعاقبنه، فلجأ خالد إلى أحمد بن أبي داؤد القاضي، فاحتال حتى جمع بينه وبين خصمه فلم تقم على خالد حجة، فعرف المعتصم ابن أبي داؤد ذلك، وشفع إليه في خالد، فلم يشفعه، وأحضر خالد وأحضرت آلات العقوبة، وقد كان قبل ذلك قبض أمواله وضياعه وصرفه عن العمل، وحضر ابن أبي داؤد المجلس، فجلس دون مجلسه الذي كان يجلس فيه، فقال له المعتصم: ارتفع إلى مكانك، فقال: يا أمير المؤمنين ما أستحق إلا دون هذا المجلس، قال: وكيف؟ قال: الناس يزعمون أنه ليس محلي محل من يشفع في رجل قرف بما لم يصح، قال: فارتفع إلى موضعك، قال: مشفعاً أو غير مشفع؟ قال: بل مشفعاً قد وهبت لك خالداً ورضيت عنه، قال: إن الناس لا يعلمون بهذا، قال: قد رددت عليه أعماله وضياعه وأمواله، قال: ويشرفه أمير المؤمنين بخلع تظهر للعامة، فأمر أن تفك قيوده، ويخلع عليه، ففعل ذلك ورد إلى حضرته، فقال ابن أبي داؤد: قد استحق هو وأصحابه رزق ستة أشهر، فإن رأى أمير المؤمنين أن يجعلها صلة له؟ قال: ليحمل معه فخرج خالد وعليه الخلع، وبين يديه المال والناس منتظرون الايقاع به، فلما رأوه على تلك الحال سروا، وصاح به رجل: الحمد لله على خلاصك يا سيد العرب، فقال: كذبت سيد العرب والله ابن أبي داؤد لا أنا وفي هذه القصة يقول أبو تمام الطائي:
يا سائلي عن خالد وفعاله ... رد فاعترف علماً بغير رشاء
قد كان خطب عائر فأقاله ... رأي الخليفة كوكب الخلفاء
فخرجت منه كالشهاب ولم تزل ... مذ كنت خراجاً من الغماء
ما سرني بخداجها من حجة ... ما بين أندلس إلى صنعاء
خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان:
صخر بن حرب بن أمية بن عبد شمس بن عبد مناف، أبو هاشم الأموي، خرج مع عبد الملك بن مروان من دمشق حين خرج لقتال مصعب بن الزبير، فلما كان دون بطنان حبيب بليلة، فجلس خالد بن يزيد وعمرو بن سعيد فتذاكرا أمر عبد الملك ومسيرهما معه، فرجع عمرو بن سعيد إلى دمشق وشجعه خالد بن يزيد وقد ذكر ذلك في ترجمة عمرو بن سعيد الأشدق.
وروى خالد بن يزيد عن دحية بن خليفة الكلبي، وأبيه يزيد بن معاوية، وسمع أبا أمامة الباهلي. روى عنه محمد بن شهاب الزهري، والعباس بن عبد الله بن العباس، ورجاء بن حيوة وعلي بن رباح اللخمي المصري وإبراهيم بن أبي حرة الحراني، وخالد بن عمر الزيادي المصري، وأبو الأخضر مولى خالد بن يزيد المذكور، وكان فصيحاً بليغاً شاعراً.

أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء إذناً أو سماعاً قال: حدثنا محمد بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: فولد يزيد بن معاوية: معاوية وخالداً وأبا سفيان، وأمهم أم هاشم بنت هاشم بن عتبة بن ربيعة، وكان خالد بن يزيد يوصف بالعلم، ويقول الشعر، قال عمي مصعب بن عبد الله: زعموا أنه هو الذي وضع ذكر السفياني وعظمه، وأراد أن يكون للناس فيهم مطمع حين غلبه مروان بن الحكم على الملك، وتزوج أنه أم هاشم، وقد كانت أمه تكنى به، لها يقول أبوه يزيد بن معاوية:
ما بي يوم استعبرت أم خالد ... بمرضي ذوي داء ولا بصحاح
وقال ابن طبرزد: أخبرنا أبو السعود بن المجلى إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا أبو الحسين بن المهتدي قال: أخبرنا عبيد الله بن أحمد بن علي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن حفص قال: قرأت على علي بن عمرو الأنصاري: حدثكم الهيثم بن عدي قال: قال ابن عياش: خالد بن يزيد بن معاوية يكنى أبا هاشم.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات بن الأنماطي قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: أخبرنا محمد بن عثمان بن أبي شبيبة قال: خالد بن يزيد بن معاوية أبو هاشم.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم نصر بن مقاتل السوسي قال: أخبرنا الحسن بن أحمد بن أبي الحديد قال: أخبرنا أبو الحسن الربعي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عمر بن جوصاء قال: سمعت أبا الحسن بن سميع يقول: في الطبقة الثالثة خالد بن يزيد بن معاوية، ثم ذكر مرة أخرى فقال: وخالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان داره دار الحجارة باب الدرج شرقي المسجد.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن الحافظ قال: أخبرنا أبو محمد هبة الله بن أحمد بن محمد قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد قال: أخبرنا تمام ابن محمد البجلي قال: أخبرنا جعفر بن محمد بن جعفر قال: أخبرنا أبو زرعة قال: ومن بني أمية ممن يحدث خالد بن يزيد بن معاوية.
وقال أبو القاسم الحافظ: كتب إلي أبو زكريا يحيى بن عبد الوهاب بن مندة، وحدثني أبو بكر اللفتواني عنه، قال أخبرنا عمي أبو القاسم عن أبيه أبي عبد الله قال: قال لنا أبو سعيد بن يونس: خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان دمشقي قدم مصر مع مروان بن الحكم، روى عنه خالد بن عامر الزيادي.
أنبأنا أبو العباس أحمد بن عبد الله الأسدي قال: أخبرنا مسعود بن الحسن الثقفي في كتابه عن أبي عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: خالد بن يزيد بن معاوية أخو عبد الرحمن بن يزيد شامي روى عنه الزهري، سمعت أبي يقول ذلك، ويقول هو من الطبقة الثانية من تابعي أهل الشام.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمداني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه الأصفهاني قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد محمد بن محمد بن إسحق الحافظ قال: أبو هاشم خالد بن يزيد بن معاوية القرشي، قوله سمع منه أبو بكر محمد بن مسلم الزهري هو أخو عبد الرحمن ومعاوية ابني يزيد.
أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عثمان قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة الدمشقي قال:حدثنا أبو مسهر قال: حدثنا سعيد بن عبد العزيز قال: قال أصحابنا: كان خالد بن يزيد إذا لم يجد أحداً يحدثه حدث جواريه، ثم يقول: إني لأعلم أنكن لستن له بأهل، قال: فمعاوية وعبد الرحمن وخالد أخوة، وكانوا من صالحي القوم.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان صخر بن حرب بن عبد شمس ابن عبد مناف، أبو هاشم الأموي روى عن أبيه يزيد، ودحية بن خليفة الكلبي، روى عنه الزهري، ورجاء بن حيوة، والعباس بن عبد الله بن العباس ابن عبد المطلب، وإبراهيم بن أبي حرة الحراني، وعلي بن رباح اللخمي وخالد بن عمر الزيادي المصريان، وأبو الأخضر مولاه.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو محمد بن الأكفاني قال: حدثنا أبو محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي نصر قال: أخبرنا أبو الميمون بن راشد قال: حدثنا أبو زرعة قال: حدثنا أبو مسهر سعيد بن عبد العزيز عن أبي عبد ربّ الزاهد قال: قلت لأبي الأخضر مولى خالد بن يزيد: قد علِمَ علمْ العرب والعجم ففي ذلك وجد بناء هذه الدار، يعني دار الحجارة.
قال يعني أبا زرعة: وحدثني هشام عن مغيرة بن مغيرة عن عروة بن زياد عن رجاء بن حيوة قال: قال خالد بن يزيد كنت معنياً بالكتب، وما أنا من العلماء ولا من الجهال.
قال الحافظ أبو القاسم: أخبرنا أبو بكر وجيه بن طاهر قال: أخبرنا أبو حامد أحمد بن الحسن: قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا أبو حامد ابن الشرقي قال: حدثنا محمد بن يحيى الذهلي قال: حدثنا سعيد بن أبي مريم قال: أخبرنا يحيي بن أيوب عن عقيل عن ابن شهاب أن خالد بن يزيد بن معاوية كان يصوم الأعياد كلها: السبت والأحد والجمعة.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو جعفر بن المسلمة قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن سليمان قال: حدثنا الزبير بن بكار قال: حدثني محمد بن سلام عن بعض العلماء قال: ثلاثة أبيات من قريش توالت خمسة في الشرف، كل رجل منهم من أشرف أهل زمانه: خالد بن يزيد بن معاوية ابن أبي سفيان بن حرب، وأبو بكر بن عبد الرحمن بن الحارث بن هشام بن المغيرة، وعمرو بن عبد الله بن صفوان بن أمية بن خالد.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم العلوي قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: أنشدنا محمد بن فضالة النحوي لرجل في خالد بن يزيد، وذكر أنه أتاه، فقال: إني قد قلت فيك بيتين ولست أنشدهما إلا بحكمي، قال: قل فقال:
سألت الندى والجود حران أنتما؟ ... فقالا جميعاً: إننا لعبيد
فقلت، ومن مولاكما فتطاولا ... عليّ وقالا: خالد بن يزيد
فقال له: سل؟ قال: مائة ألف درهم فأمر لها بها.
نقلت من فوائد أبي الفضل جعفر بن الفضل بن الفرات بخطه أو بخط كاتبه قال: وقف علي بن عبد الله بن العباس بباب عبد الملك بن مروان ينتظر الاذان، فجاء خالد بن يزيد بن معاوية، فوقف إلى جانبه، قال: فجرى بينهما كلام في بني هاشم وبني أمية، فقال خالد لعلي: ألا تعجب؟ فقال علي: أعلم فلا أعجب، ولو كنت لا أعلم لعجبت، فأغلظ له خالد في الجواب، فقال له علي: أما والله ما النهار على الليل بنائم، ولا السيف عن الظالم بصائم، وليعضن كريم على ناجذه حتى يقيمه الذي أقعده.
قال: وخرج الاذن إلى خالد، فلما أراد الدخول قال له: على السر ما بيني وبينك يا أبا هاشم، فلما دخل على عبد الملك قال له: مالي أراك مغضباً يا أبا هاشم؟ قال: أو محجوجاً يا أمير المؤمنين، قال: ومن هذا الذي يغلبنك بالحجة، فو الله ما لسانك إلا شفرة تطبق على مفاصل الكلم، قال: وقفت بباب أمير المؤمنين مع علي بن عبد الله آنفاً فمت برحم أعرفها، وذكر ديناً لا أنكره، وما مثله ضاع ببابك يا أمير المؤمنين، قال: فإنا قد أمرنا له بمائة ألف درهم صلة، قال: فخرج خالد إلى علي بن عبد الله، وقال: يا أبا محمد قد تخطينا ما تكره إلى ما تحب، وقد أمر لك أمير المؤمنين بمائة ألف درهم صلة، فقال له علي: وصلتك رحم إذا ذهب آل حرب ذهب الحلم.

أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي قال: أخبرنا أبو الحسن بن قبيس قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي أبو بكر قال: أخبرنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا إبراهيم بن هانيء النيسابوري قال: حدثنا سعيد بن عفير قال: أخبرنا يحيى بن أيوب عن خالد بن يزيد الجمحي عن خالد بن يزيد بن معاوية قال: إذا رأيت الرجل لجوجاً ممارياً فقد تمت خسارته.
أخبرنا عتيق بن أبي الفضل السلماني، وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي. قال عتيق: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد. وقال أبو الحسن: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي بن إبراهيم الحسيني قال: أخبرنا رشاء بن نظيف قال: أخبرنا الحسن بن إسماعيل قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا إسماعيل بن إسحق قال: حدثنا علي بن عبد الله قال، سمعت سفيان بن عيينة يقول: قيل لخالد بن يزيد: ما أقرب شيء وأبعد شيء وآنس شيء، وأوحش شيء؟ فقال: أقرب شيء الأجل، وأبعد شيء الأمل، وآنس شيء الصاحب، وأوحش شيء الموت.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين بالقاهرة قال: أخبرنا محمد بن حمد الأرتاحي قال: أخبرنا أبو الحسن بن الفراء في كتابه عن أبي إسحق الحبال، وخديجة المرابطة قال الحبال: أخبرنا أبو القاسم الطرسوسي قال: أخبرنا أبو بكر بن بندار. وقالت خديجة: أخبرنا أبو القاسم الأذني قال: حدثني جدي أبو الحسن بن بندار قالا: حدثنا محمود بن محمد الأديب قال: حدثنا ابن الهيثم قال: حدثنا العتبي عن أبيه قال: قال عبد الملك لخالد بن يزيد: ما أقبح شيء رأيت قط؟ قال: الميت.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن محمد بن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن منصور بن محمد السمعاني، ح.
وأخبرنا أبو الحسن علي بن عبد المنعم بن الحداد قال: أخبرنا يوسف بن آدم قال: أنبأنا أبو بكر السمعاني قال: أخبرنا الإمام أبو الحسن علي بن أحمد المؤذن قال: أخبرنا أبو زكريا يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو القاسم الحسن بن محمد ابن الحسن السكوني قال: حدثنا أحمد بن حماد بن سفيان قال: حدثنا أبو شرحبيل عيسى بن خالد قال: حدثنا أبو اليمان قال: حدثنا إسماعيل عن سعيد ابن عبد العزيز أن الحجاج بن يوسف سأل خالد بن يزيد عن الدنيا فقال: ميراث فقال: فالأيام؟ قال: دول، قال: فالدهر؟ قال: أطباق والموت بكل سبيل، فليحذر كل عزيز الذل وكل غني الفقر، فكم من عزيز قوم قد ذل، وكم من غني افتقر.
أخبرنا أبو بكر بن أبي الفضل السلماني قال: أخبرنا علي بن الحسن، ح.
وحدثنا محمد بن أحمد قال: أنبأنا أبو المعالي بن صابر قالا: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم قال: أخبرنا أبو الحسن بن نظيف قال: أخبرنا أبو محمد الضراب قال: أخبرنا أحمد بن مروان قال: حدثنا محمد بن موسى قال: حدثنا محمد بن الحارث عن المدائني قال: كان بين خالد بن يزيد بن معاوية وبين عبد الملك بن مروان كلام، فجعل عبد الملك يتهدده، فقال له خالد أتهددني ويد الله فوقك مانعة وتمنعني وعطاء الله دونك مبذول.

أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن إبراهيم، وأبو الوحش سبيع بن المسلم بن قيراط قراءة عليهما قالا: أخبرنا رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو مسلم محمد بن أحمد بن علي قال: قرأت على أبي بكر محمد بن القاسم الأنباري قال: حدثني أبي قال: حدثنا أبو زيد عمر بن شبة قال: حدثنا أبو غسان المدني قال: أجرى عبد الله بن يزيد بن معاوية الخيل مع الوليد بن عبد الملك، فسبقه عبد الله فدخل الوليد على خيل عبد الله فعقرها، فجاء عبد الله خالداً أخاه، فقال: ألم تر أني سابقت الوليد فسبقته فعقر خيلي، والله لهممت بقتله، قال: فدخل خالد على عبد الملك فقال: يا أمير المؤمنين أتاني عبد الله فحلف لهم بقتل الوليد، فقال عبد الملك: ولم يقتله؟ قال: سابقه فسبقه فدخل على خيله فعقرها: فقال عبد الملك: إن الملوك إذا دخلوا قرية أفسدوها وجعلوا أعزة أهلها أذلة وكذلك يفعلون فقال خالد: يا أمير المؤمنين أقرأ الآية الأخرى: " وإذا أردنا أن نهلك قرية أمرنا مترفيها ففسقوا فيها فحق عليها القول فدمرناها تدميرا " فقال عبد الملك أما والله لنعم المرء عبد الله على لحن فيه، قال: أفعلى لحن ابنك تعول؟ قال: أن أخا الوليد سليمان، قال: وأخو عبد الله خالد، قال: مدحت والله نفسك يا خالد قال: وقبلي والله نفسك يا أمير المؤمنين، قال: ومتى قال: حين قلت: أنا قاتل عمرو بن سعيد، قال: حق والله لمن قتل عمراً أن يفخر بقتله، قال: أما والله لمروان كان أطولهما باعا، قال: أما إني أرى ثأري في مروان صباح مساء، ولو أشاء أن أزيله لأزلته، وعني بقوله أن أم خالد قتلت مروان، قال: إذا شئت أن تطفيء نورك فافعل، قال: ما جرأك عليّ يا خالد خلني عنك، قال: لا والله ما قال الشاعر:
ويجر اللسان من أسلات الحرب ... ما لا يجر منها البيان
قال: فاستحيا عبد الملك وقال: يا وليد أكرم أخاك وابن عمك فقد رأيت أباه يكرم أباك وجده يكرم جدك.
قرأت بخط أحمد بن أبي طاهر في جواب التعريض قال: وقال الهيثم بن عدي عن عبد الله بن عباس المستوف قال: دخل خالد بن يزيد بن معاوية بن أبي سفيان على عبد الملك بن مروان فقال: يا خالد كأنك قد عضضت على صوفه، فقال خالد: إن النساء يلثمن فاي، ولا يشممن قفاي، يعرض له بالبخر، وكان عبد الملك يكنى أبا الذبان من شدة بخره.
قال: ودخل بن يزيد على عبد الملك بن مروان، فتلقاه عبد الرحمن بن الضحاك بن قيس الفهري اعظاماً له، وكان خالد يسحب ثيابه، فقال له عبد الرحمن: بأبي وأمي أنت لم تطعم الأرض فضول ثيابك؟ فقال: أكره أن أكون كما قال الشاعر وعرض به:
قصير القميص فاحش عند بيته ... وشر قريش في قريش مركبا
والشعر لعدي بن الغدير الغنوي في الضحاك بن قيس الفهري.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني إذنا قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد الكتاني قال: أخبرنا تمام بن محمد قال: حدثنا أبو القاسم علي ابن يعقوب بن إبراهيم وأبو بكر أحمد بن محمد بن سعيد بن عبيد الله قالا: حدثنا إبراهيم بن عبد الرحمن بن إبراهيم، ح.

قال: وأخبرنا أبو بكر أحمد بن عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا أبو بكر محمد بن خريم قالا: حدثنا هشام بن عمار قال: حدثنا المغيرة قال: حدثنا عروة بن رويم عن رجاء بن حيوة عن خالد بن يزيد قال: بينا أنا أسير في أرض الجزيرة إذا مررت برهبان وقسيسين وأساقفة، فسلمت فردوا السلام فقلت: أين تريدون؟ قالوا: نريد راهباً في هذا الدير نأتيه في كل عام فيخبرنا بما يكون في ذلك العام حتى لمثله من قابل، فقلت: لآتين هذا الراهب فلأنظرن ما عنده وكنت معنياً بالكتب، فأتيته وهو على باب ديره، فسلمت فرد السلام، ثم قال: ممن أنت، فقلت: من المسلمين، فقال: أمن أمة أحمد؟ فقلت: نعم، فقال: من علمائهم أنت أم من جهالهم؟ قلت: ما أنا من علماءهم ولا أنا من جهالهم، قال: فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة وتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا تبولون فيها ولا تتغوطون؟ قلت: نحن نقول ذلك، وهو كذلك، قال: فإن له مثلاً في الدنيا فأخبرني بما هو؟ قلت: مثله كمثل الجنين في بطن أمه يأتيه رزق الله في بطن أمه ولا يبول ولا يتغوط، قال: فتربد وجهه، ثم قال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت: ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم قال: فإنكم تزعمون أنكم تدخلون الجنة فتأكلون من طعامها وتشربون من شرابها ولا ينقص ذلك منها شيئاً؟ قلت: نعم، نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإن له مثلاً في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت مثله في الدنيا كمثل الحكمة لو تعلم منها خلق الله أجمعون لم ينقص ذلك منها شيئاً، فتربد وجهه، ثم قال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم، قال: وأنتم تزعمون أن الحسنة بعشر أمثالها، قلت: نحن نقول ذلك وهو كذلك، قال: فإن له مثلاً في الدنيا فأخبرني ما هو؟ قلت: مثله في الدنيا كمثل الرجل يمر على الملأ فيهم العشرة أو أكثر من ذلك، فيسلم عليهم فيردون عليه السلام أجمعون، قال: فتربد وجهه، وقال: أما أخبرتني أنك لست من علمائهم؟ قلت: ما كذبتك ما أنا من علمائهم ولا من جهالهم قال: وأنتم ترون حقاً عليكم في صلاتكم أن تستغفروا للمؤمنين والمؤمنات؟ قلت نعم قال: فالتفت إلى أصحابه فقال: ما منهم من أحد يستغفر للمؤمنين والمؤمنات إلا كتب الله له من كل مؤمن ومؤمنة حسنة، قال: وأنتم ترون حقاً عليكم أن تقولوا: السلام علينا وعلى عباد الله الصالحين؟ قلت: نعم، فالتفت إلى أصحابه فقال: ما منهم من أحد يقول ذلك إلا ردَّ الله عليه السلام من كل عبد صالح من أهل السماء والأرض مضى أو هو كائن إلى يوم القيامة، ثم قال: هل فيكم ذو القرن يقوم إليه طفل من أطفاله فيرد قوله، ويصرف وجهه؟ قلت: قد كان ذلك، قال: هيهات هلكت هذه الأمة لن تقوم الساعة على دين أرق من هذا الدين، وأرجو أن يكون كذب إن شاء الله، فقلت لعروة: كم تعدون القرن؟ قال ابن ستين سنة. واللفظ لابن حزم.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أخبرنا جدي أبو المفضل يحيى بن علي القرشي القاضي قال: أخبرنا عبد الرزاق بن عبد الله بن الحسن، ح.
قال الحافظ: وحدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن أحمد بن صابر قال: أخبرنا علي بن الحسن بن عبد السلام: وعبد الله بن عبد الرزاق بن عبد الله، ح.
قال: وأخبرنا أبو القاسم بن السوسي قال: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الجزور قالوا: أخبرنا أحمد بن محمد العتيقي قال: حدثنا منصور بن جعفر بن ملاعب قال: حدثنا عبيد الله بن محمد النحوي قال: حدثنا ابن قتيبة قال: حدثنا أبو حاتم عن العتبي قال: لزم خالد بن يزيد بيته، فقيل له كيف تركت مجالسة الناس وقد عرفت فضلها، ولزمت بيتك؟ فقال: وهل بقي إلا حاسد على نعمة أو شامت بنكبه.

أخبرنا أبو البركات محمد بن أبي الأمانة جبريل بن المغيرة بن سلطان في كتابه إلينا من الديار المصرية، ونقلته من خطه قال: أخبرنا أبو الجيوش عساكر بن علي ابن إسماعيل بن نصر المقريء، قيل له: أنبأكم أبو عبد الله محمد بن أحمد بن إبراهيم الرازي قال: أخبرنا أبو الحسن محمد بن الحسين بن محمد بن الحسن المعروف بابن الطفال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو القاسم عبد الله الحسين المصبعي قال: حدثنا أبو رفاعة عمارة بن وثيمة ابن موسى بن الفرات قال: قال محمد يعني بن عبد الله بن عبد الحكم: أول من ضرب الدنانير في الإسلام عبد الملك بن مروان، وإنما كانت الدنانير تأتي من بلد الروم، ويطلق لهم القراطيس، وكان يكتب في رؤوس الطوامير " لن يستنكف المسيح أن يكون عبد الله ولا الملائكة المقربون " إلى آخر الآية، فلما نظر ملك الروم إلى الكتاب قال: ما هذا؟ فقريء له، شتموا إلهك الذي تعبد، يعنون عيسى، فغضب وكتب إلى عبد الملك يقول: والله لئن كتبت بعد هذا في الطوامير لأنقشن في الدنانير شتم نبيك، فاغتنم عبد الملك، فدخل عليه خالد بن يزيد بن معاوية وكان داهياً، فأخبره فقال له خالد: لا تغنم اجعل عندك داراً للضرب، واضرب فيها وامنعه القراطيس فإنه سيحتاج إليها فيأخذها على ما تشاء، وأبى ففعل، فكان أول من ضربها في الإسلام.
أخبرنا أبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي بقراءتي عليه بحلب قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله المبارك بن عبد الرحمن بن محمد، والكاتبة شهدة بنت أحمد بن الآبرى، ح.
أخبرنا أبو البقاء يعيش بن علي بن يعيش قراءة عليه بحلب قال: أخبرنا الخطيب أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن الطوسي قالوا: أخبرنا أبو الحسن بن العلاف قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو العباس الكندي قال: حدثنا أبو بكر الخرائطي قال: حدثنا محمد بن يزيد المبرد قال: حدثنا هشام عن أبي عبيدة معمر بن المثنى قال: حج عبد الملك بن مروان وحج معه خالد بن يزيد ابن معاوية، كان من رجالات قريش المعدودين وعلمائهم، وكان عظيم القدر عند عبد الملك، فبينا هو يطوف بالبيت إذ بصر برملة بنت الزبير بن العوام فعشقها عشقاً شديداً، ووقعت بقلبه وقوعاً متمكناً، فلما أراد عبد الملك القفول هم خالد بالتخلف عنه، فوقع بقلب عبد الملك تهمه، فبعث إليه فسأله عن أمره، فقال: يا أمير المؤمنين رملة بنت الزبير رأيتها تطوف بالبيت، قد أذهلت عقلي، والله ما أبديت إليك ما بي حتى عيل صبري، ولقد عرضت على عيني النوم، فلم تقبله والسلو على قلبي فامتنع منه، فأطال عبد الملك التعجب من ذلك، وقال: ما كنت أقول إن الهوى يستأسر مثلك، فقال: وإني لأشد تعجباً من تعجبك مني، ولقد كنت أقول: إن الهوى لا يتمكن إلا من صنفين من الناس، من الشعراء والأعراب، فأما الشعراء فإنهم ألزموا قلوبهم التفكر في النساء والغزل، فمال طبعهم إلى النساء فضعفت قلوبهم عن دفع الهوى فأسلموا إليه منقادين، وأما الأعراب فإن أحدهم يخلو بامرأته فلا يكون الغالب عليه غير حبه لها، ولا يشغله شيء عنه فضعفوا عن دفع الهوى، فتمكن منهم، وجملة أمري فيما رأيت، نظرة حالت بيني وبين الحزم، وحسنت عندي ركوب الإثم، مثل نظرتي هذه فتبسم عبد الملك، وقال: أوكل هذا قد بلغ بك؟ فقال: والله ما عرقتني هذه البلية قبل وقتي هذا، فوجه عبد الملك إلى آل الزبير يخطب رملة على خالد، فذكروا لها ذلك، فقالت: لا والله أو يطلق نساءه، فطلق امرأتين كانتا عنده أحديهما من قريش والأخرى من الأزد، وظعن بها إلى الشام وفيها يقول:
أليس يزيد الشوق في كل ليلة ... وفي كل يوم من حبيبنا قربا
خليلي ما من ساعة نذكر أنها ... من الدهر إلا فرجت عني الكربا
أحب بني العوام طراً لحبها ... ومن أجلها أحببت أخوالها كلبا
تجول خلاخيل النساء ولا أرى ... لرملة خلخالاً لا يجول ولا قلبا

أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن محمد بن علي بن كزتيلا قال: أخبرنا أبو بكر محمد ابن علي الخياط قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن الخضر السوسنجردي قال: أخبرنا أبو جعفر أحمد بن علي بن محمد الكاتب قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو عمرو محمد بن مروان السعدي قال: وقال خالد بن يزيد بن معاوية يرثي جده وأباه:
تجلد للعداة الشامتينا ... ولا تر للحوادث مستكينا
وعز النفس إن سخطت بصبر ... ينسيها التشكي والأنينا
فقد صكت قناتك بالمرادي ... شعوب صدعت منها متونا
وغالت من بني حرب رجالاً ... هم كانوا الرجال الكاملينا
وهم كانوا الحماة من المخازي ... وهم كانوا السقاة المطعمينا
يأذن الله والساعيين فيما ... يشرف أمر دين المؤمنينا
فغالتهم شعوب غيبتهم ... وهم عمد لأمر المسلمينا
فلو بقيت نفوسهم عليهم ... ولم تجرزهم الدنيا المنونا
لأصبح ما أهل الأرض عدنا ... وأصبح لحم دنياهم سمينا
رأيت الناس لاقوا بعد جدي ... معاوية الذي أبكى العيونا
وبعد أخي معاوية بن أخي ... وبعد أبي يزيد الأقورينا
أنبأنا أبو البركات سعيد بن هاشم الأسدي قال: أنبأنا مسعود بن الحسن الثقفي عن أبي عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن بن محمد بن لوه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: أخبرنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: أنشدني أبي لخالد ابن يزيد بن معاوية:
أتعجب أن كنت ذا نعمة ... وأنك فيها شريف مهيب
فكم ورد الموت من ناعم ... وحب الحياة إليه عجيب
أخاف المنية لما دعت ... وكرها يجيب لها من يجيب
سقته ذنوبا من أنفاسها ... ويذخر للحي منها ذنوب
قال: وأنشدني أبي لخالد بن يزيد:
إن سرك الشرف العظيم مع التقي ... وتكون يوما أشد خوف وائلا
يوم الحساب إذا النفوس تفاضلت ... في الوزن إذ غبط الأخف الثاقلا
فأعمل لما بعد الممات ولا تكن ... عن حظ نفسك في حياتك غافلا
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن بن هبة الله قال:بلغني أن خالد بن يزيد وأمية بن خالد بن عبد الله بن أسد، وروح بن زنباع ماتوا بالصنبره في عام واحد، وبلغني من وجه آخر أن روح بن زنباع مات في سنة أربع وثمانين في خلافة عبد الملك بن مروان.
وقال الحافظ أبو القاسم: قرأت بخط عبد الوهاب بن عيسى بن عبد الرحمن ابن هامان: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا محمد بن أحمد بن حماد الأنصاري قال: أخبرني أحمد بن محمد بن القاسم قال: حدثني أبي عفير قال: حدثني أبي قال: حدثني يزيد الرقي قال توفي خالد بن يزيد بن معاوية سنة تسعين، فشهده الوليد بن عبد الملك وهو يومئذ خليفة فصلى عليه، وقال: ليلق بني أمية الأردية على خالد فلن يتحسروا على مثله.
خالد بن يزيد:
أبو عبد الله الأزدي، حكى عن عمر بن عبد العزيز، وولي شرطته حين ولي الخلافة، وكان معه بدابق وبخناصرة، روى عنه المدائني، والليث بن سعد.
قرأت بخط أبي عبد الله الحسين بن أحمد بن خالويه في مجلس أملاه عليه أبو عبد الله بن عرفة نفطويه قال: أخبرنا عبد الله بن محمد عن المدائني عن خالد ابن يزيد الأزدي، وكان على شرطة عمر بن عبد العزيز حين استخلف قال: كان عمر بن عبد العزيز مع أبيه بمصر فضربه فرس فأصاب جبهته، فغشي عليه، وقالوا: مات وجاء رجل إلى عبد العزيز فقال: أصلح الله الأمير احتسب ابنك عمر فإن دابة ركضته فمات، فقال الأصبغ بن عبد العزيز: والله ما مات وجاء رجل آخر فقال: أصلح الله الأمير إن ركضته دابة فغشي عليه ثم أفاق وقد شجه على وجهه، فقال الأصبغ: الله أكبر، فقال عبد العزيز: ما هذا قلت ما قلت ثم قلت الآن هل بلغك في ذلك شيء؟ فقال: نعم هو أشج بني مروان الذي يعدل في الناس، قال: فما تقول فيّ؟ قال: لا تلي الخلافة.

أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد الأوقي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة تسع وثلاثين ومائة: خالد بن يزيد أبو عبد الله روى عنه الليث بن سعد، يعني، مات فيها.
خالد بن يزيد:
أبو الهيثم التميمي الكاتب، الخراساني الأصل، البغدادي الدار، كان كاتب الجيش ببغداد وولاه محمد بن عبد الملك الزيات الإعطاء بالثغور الشامية، فخرج إليها، ثم عاد إلى بغداد ووسوس في آخر عمره.
حدث عن أبي تمام حبيب بن أوس الطائي بحديث ذكرناه في ترجمة حبيب ابن أوس، روى عنه أبو علي مفضل بن الفضل الشاعر، وأبو القاسم بن أبي حبة، وأبو الحسن أحمد بن جعفر البرمكي المعروف بجحظه، وهلال بن العلاء، وأبو العباس ثعلب، والحسين بن إسحق وكان كاتباً شاعراً.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله قال: أخبرنا أبو القاسم يحيى بن أسعد بن بوش قال: أخبرنا أبو العز أحمد بن عبيد الله بن كادش قال: أخبرنا محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا أبو الفرج المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن موسى البرمكي جحظه قال: حدثني خالد الكاتب، قال: قال لي علي بن الجهم: هب لي بيتك: ليت ما أصبح من رقة خديك بقلبك قال: فقلت أرأيت أحداً يهب ولده.
أخبرنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله بن المقير إذنا عن أبي طالب المبارك ابن علي بن محمد بن خضير الصيرفي قال: أخبرنا أبو سعد أحمد بن عبد الجبار بن أحمد الصيرفي قراءة عليه قال: أنبأنا أبو غالب محمد بن أحمد بن سهل النحوي ويعرف بابن بشران قال: حدثنا علي بن منصور الحلبي قال: حدثنا علي بن محمد الشمشاطي قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن جعفر البرمكي قال: حدثني خالد الكاتب قال: خرجت متنزهاً ذات يوم فرفع لي دير فأممته فيه شاب لم أره أحسن وجها ولا أفصح لساناً منه مكبلاً في الحديد فسلمت، فرد السلام ورحب، ثم قال: من تكون؟ فقلت خالد الكاتب، فقال: أصاحب المقطعات؟ فقلت: نعم فقال: أنشدني من مقطعاتك فأنشدته:
ترشفت من مقلتيها العقارا ... وقبلت من خدها جلنارا
وعانقت منها كثيبا مهيلا ... وغصناً رطيبا وبدراً أنارا
وأبصرت من نورها في الظلام ... بكل مكان بليل نهارا
فقال: أحسنت والله، ثم قال ألا أنشدك بيتين لتجزهما لي؟ فقلت: هاتهما، فأنشدني:
رب ليل أشف من نفس العاشق ... طولاً قطعته بانتحاب
وحديث ألذ من نظر المعشوق ... بدلته ببؤس العتاب
قال خالد: فو الله ما قدرت على إجازتها، وأنا مذ عشرون سنة أفكر في ذلك ولا أقدر عليه.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو المنصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو عمر محمد بن عبد الواحد الزاهد قال: أخبرنا ثعلب قال: ما أحد من الشعراء تكلم في الليل إلا قارب إلا خالد الكاتب فإنه أبدع في قوله وليل المحب بلا آخر فإنه لم يجعل لليل آخرا وأنشدنا:
رقدت ولم ترث للساهر ... وليل المحب بلا آخر
ولم تدر بعد ذهاب الرقاد ... ما صنع الدمع بالناظر
أيا من تعبدني طرفة أجرني ... من طرفك الجائر
وخذ للفؤاد فذاك الفؤاد ... من طرفك الفاتن الفاتر
فمضيت إلى خالد في سنة إحدى وستين فأنشدني هذا الشعر.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: قال أحمد بن كامل القاضي: حدثت عن خالد الكاتب قال: قيل له من أين قلت في قصيدتك: وليل المحب بلا آخر؟ فقال: وقفت على باب، وسائل عليه مكفوف، وهو يقول: الليل والنهار عليَّ سواء، فأخذت هذا منه.
قلت: أنشدني شيخنا الحسن بن عمرو النحوي المعروف بابن دهن الحصا هذا المعنى:
فالآن ليلي مذغابوا فديتهم ... ليل الضرير فصبحي غير منتظر

أنبأنا ابن طبرزد قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أحمد بن علي الخطيب قال: أخبرنا القاضي أبو حامد أحمد بن محمد بن أبي عمرو الدلوي قال: حدثنا أبو القاسم الحسن بن محمد بن حبيب النيسابوري قال: سمعت أبا القاسم عبد الرحمن بن المظفر الأنباري يقول: سمعت أبا القاسم بن أبي حبة يقول سمعت خالد بن يزيد الكاتب يقول: بينا أنا مار بباب الطاق إذا راكب خلفي على بلغة، فلما لحقني نخسني بوسطه فقال: أأنت القائل يا خويلد: وليل المحب بلا آخر؟ قلت: نعم قال: لله أبوك، وصف امرؤ القيس الليل الطويل في ثلاثة أبيات، ووصفه النابغة في ثلاثة أبيات، ووصفه بشار بن برد في ثلاثة أبيات وبرزت عليهم بشرط كلمة فلله أبوك، قلت: وبم وصفه امرؤ القيس فقال بقوله:
وليل كموج البحر أرخى سدوله ... علي بأنواع الهموم ليبتلي
فقلت له لما تمطى بصلبه ... وأردف أعجازا وناء بكلكل
ألا أيها الليل الطويل ألا انجلي ... بصبح ومنا الإصباح منك بأمثل
قلت: وبم وصفه النابغة؟ فقال: بقوله:
كليني لهم يا أميمة ناصب ... وليل أقاسيه بطيء الكواكب
وصدر أراح الليل عازب همه ... فضاعف فيه الهم من كل جانب
تقاعس حتى قلت ليس بمنقض ... وليس الذي يهدي النجوم بآيب
قلت: بم وصفه بشار؟ فقال بقوله:
خليلي ما بال الدجى لا يزحزح ... وما بال الضوء الصبح لا يتوضح
أظن الدجى طالت وما طالت الدجى ... ولكن أطال الليل سقم مبرح
أضل النهار المستنير طريقه ... أم الدهر ليل كله ليس يبرح
قلت له يا مولاي هل لك في شعر قلته لم أسبق إليه؟ قال: نعم فقلت:
كلما اشتد خضوعي ... لجويً بين ضلوعي
ركضت في حلبتي ... خدي خيل من دموعي
قال: فثنى رجله عن بغلته، وقال: هاكها فاركبها، فأنت أحق بها مني، فلما مضى سألت عنه فقيل هو أبو تمام حبيب بن أوس الطائي.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي في مجموع وهبنيه والدي رحمه الله قال: وحدث أيضاً جحظة قال: حدثني خالد الكاتب قال: أدخلت على إبراهيم بن المهدي، وأنا غلام، فقال لي: أنت خالد؟ قلت: نعم، قال: أنشدني شيئاً، قلت: أعز الله الأمير أنا حدث أفرح وأقول في شجون نفسي لا أمدح ولا أهجو فإن رأى الأمير أن يعفيني فعل، فقال: والله لتقولن فإن الذي تقوله في شجون نفسك أشد لدواعي البلاء فأنشدته:
عاتبت نفسي في هواك ... فلم أجدها تقبل
وأطعت داعيها إليك ... ولم أطع من يعذل
لا والذي جعل الوجوه ... لحسن وجهك تمثل
لا قلت إن الصبر عنك ... من التصابي أجمل
قال: فصاح إبراهيم: وأي عليك إبراهيم ثم أنشده:
لو ترى ما أراه منك إذا ... ما جال ماء الشباب في وجنتيك
لتمنيت أن تقبل خديك ... وإن لم تصل إلى خديك
ثم أنشدته:
عش فحبيك سريعاً قاتلي ... والضنا إن لم تصلني واصلي
ظفر الحب بقلب دنف بك ... والسقم بجسم ناحل
فهما بين اكتئاب وبلى ... تركاني كالقضيب الذابل
فبكى العاذل لي من رحمة ... فبكائي لبكاء العاذل
قال: أحسنت والله، ثم قال: يا نصر كم معك من العين؟ قال: ستمائة وخمسون ديناراً، قال: ادفع إلى الفتى نصفها واجعل الكسر له سليماً، فأخذتها وعدت إلى منزلي، فاشتريت المنزل الذي كنت فيه فسترني وستر عيالي.

أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك قال: أخبرنا أبو بكر ابن أبي أحمد علي بن أيوب القمي قال: أخبرنا محمد بن عمران المرزباني قال: أخبرني محمد بن يحيى قال: حدثني الحسين بن إسحق قال: حدثني أبو الهيثم خالد بن يزيد الكاتب الشاعر قال: لما بويع إبراهيم بن المهدي بالخلافة طلبني، وقد كان يعرفني، وكنت متصلاً ببعض أسبابه، فأدخلت إليه فقال لي: يا خالد أنشدني من شعرك، فقلت: يا أمير المؤمنين ليس شعري من الشعر الذي قال فيه رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن من الشعر حكماً، وإنما أمزح وأهزل وليس مما أنشده أمير المؤمنين، فقال: لاتقل هذا يا خالد فإن جد الأدب وهزله جد، أنشدني فأنشدته:
عش فحبيك سريعاً قاتلي ... والضنا إن لي لم تصلني واصلي
ظفر الشوق بقلب كمد فيك ... والسقم بجسم ناحل
فهما بين اكتئاب وبلى ... تركاني كالقضيب الذابل
وبكى العاذل لي من رحمة ... فبكائي لبكاء العاذل
فاستملح ذلك ووصلني.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أحمد بن علي قال: أخبرنا علي بن أبي علي قال: حدثنا الحسين بن محمد بن سليمان الكاتب قال: حدثني أبو محمد عبد الله بن محمد المعروف بابن السقاء الواسطي بها قال: حدثني جحظة قال: قال لي خالد الكاتب: أضقت حتى عدمت القوت أياماً، فلما كان في بعض الأيام بين المغرب وعشاء الآخرة فإذا بابي يدق، فقلت: من هذا؟ فقال: من إذا خرجت إليه رأيته، فخرجت فرأيت رجلاً راكباً على حمار عليه طيلسان أسود، وعلى رأسه قلنسوة طويلة ومعه خادم، فقال لي: أنت الذي تقول:
أقول للسقم عد إلي بدني ... حبا لشيء يكون في سبيلك
قال: قلت: نعم، قال: أحب أن تنزل لي عنه، فقلت: وهل ينزل الرجل عن ولده؟ فتبسم، ثم قال: يا غلام أعطه ما معك، فأومأ إلي بصره في ديباجة سوداء مختومة، فقلت: إني لا أقبل عطاء من لا أعرفه، فمن أنت؟ قال: أنا إبراهيم بن المهدي.
أخبرنا أبو يعقوب يوسف بن محمود الساوي الصوفي الساوي قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا أبو علي أحمد بن محمد بن البرداني الشيخ الحافظ، قال: أنشدنا أبو محمد الحسن بن علي بن محمد الجوهري قال: أنشدنا عبد الله بن محمد بن حمدان العكبري بعكبرا قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن الحسين بن دريد لخالد الكاتب:
هل أنت منتفع بعلمك ... مرة والعلم نافع
ومن المشير عليك بالرأي ... السديد وأنت سامع
فالموت حوض أنت فيه ... لا محالة منه كارع
فمن التقى فازرع فإنك ... حاصد ما أنت زارع
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن جعفر بن علان الوراق قال: أخبرنا أبو الفرج أحمد بن محمد بن أحمد الصامت قال: حدثني أحمد بن جعفر أبو الحسن البرمكي جحظة قال: كنا جلوساً على باب عبد الصمد ابن علي ومعنا رجل ينشدنا أشعار عبد الصمد بن المعذل إذ أقبل أبو الهيثم خالد ابن يزيد الكاتب فجلس إلينا، فقال: فيم كنتم؟ فقلنا: بجهلنا، هذا ينشدنا شيئاً من شعر عبد الصمد، فالتقت إليه خالد فقال: يا فتى من الذي يقول:
تناسيت ما أوعيت سمعك يا سمعي ... كأنك بعد الضر خل من النفع
ثم قال له: يا فتى هل أحسن عبد الصمد أن يجعل للسمع سمعاً؟ قال: لا، ثم أنشده:
لئن كان أضحى فوق خديه روضة ... فإن على خدي غديراً من الدمع
ثم نهض فقال لنا المنشد: من هذا؟ فقلنا: خالد فعدا خلفه، وانقطعت نعله، وانقلبت محبرته حتى كتب البيتين.

أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي الحلبي بها قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قلت: ونقلته أنا من خط السمعاني من أصل سماع شيخنا أبي هاشم قال: أنشدنا يحيى بن علي ابن محمد بن علي البغدادي بها قال: أنشدنا عبد الصمد بن علي بن محمد المأموني قال: أنشدنا أبو الفضل محمد بن الحسن بن المأمون الهاشمي قال: أنشدنا أبو بكر محمد بن القاسم بن بشار الأنباري قال: أنشدني أبي هذه الأبيات يخبر أنها لخالد الكاتب:
السن نضحك والأحشاء تحترق ... وإنما ضحكها زور ومختلف
ليست الذين رأوني ضاحكاً زعموا ... رأوا بكائي إذا ما أظلم الأفق
لولا مراقبة الأعداء لإستبقت ... مني الدموع كما في السر تستبق
يا رب باكٍ بعين قلبه فرح ... ورب ضاحك سنٍ ما به رمق
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل قال: أخبرنا أبو القاسم بن يونس قال: أخبرنا أبو العز بن كادش قال: أخبرنا أبو علي محمد بن الحسين الجازري قال: أخبرنا المعافى بن زكريا الجريري قال: حدثنا إبراهيم بن الفضل بن حيان الحلواني قال: حدثني أبو بكر بن ضباب قال: سمعت بعض أصحابنا بالرقة يقول: كبر خالد الكاتب حتى دق عظمه، ورق جلده فوسوس، فرأيته ببغداد والصبيان يتبعونه ويصيحون به: يا بارد يا بارد، فأسند ظهره إلى قصر المعتصم، فقال لهم: كيف أكون بارداً وأنا الذي أقول:
بكى عاذلي من رحمتي فرحمته ... وكم مسعد من مثله ومعين
ورقت دموع العيون حتى كأنها ... دموع دموعي لا دموع جفوني
وكان خالد يتعمد في شعره مثل هذا.
أنبأنا عمر بن محمد الدار قزي قال: أخبرنا محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر البغدادي قال: أخبرنا الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا أحمد بن كامل فيما أجاز لنا روايته عنه قال: أخبرني أبو الحسين علي ابن الحسن بن أحمد القرشي من أهل حران قال: سمعت هلال بن العلاء يقول رأيت خالد الكاتب الشاعر بمدينة السلام والناس يصيحون: يا بارد، يا بارد، ويرمونه بالحجارة فتساند إلى حائط، وقال: ويلكم كيف أكون بارداً وأنا الذي أقول:
ولا مسه قلبي فآلم كفه ... فمن لمس قلبي في أنامله عقر
ومر بفكري خاطراً فجرحته ... ولم أر خلقاً قط يجرحه الفكر
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد قال: أخبرنا أحمد ابن علي الحافظ قال: أخبرنا علي بن طلحة المقريء قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن عمران قال: حدثنا صالح بن محمد قال: حدثنا القاسم بن سهل قال: مر خالد الكاتب يوماً بصبيان فجعلوا يرجمونه ويزنونه، ويقولون له: يا خالد يا بارد، فقال لهم: ويلكم أنا بارد، وأنا الذي أقول:
سيدي أنت لم أقل سيدي أنت ... لخلق سواك والصب عبد
خذ فؤادي فقد أتاك بودٍ ... وهو بكر ما اقتضه قط وجد
كبد رطبة يفتتها الوجد ... وخد فيه الدمع خد
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي بن النخاس المدائني الحلبي في مجموع وهبنيه والدي رحمه الله قال: حدثني أبو الصقر المؤدب قال: أخبرني بعض تلامذة خالد بن يزيد الكاتب قال: رأيته يوماً بعد ما كبر وهو راكب قصبة والصبيان من حوله، فقلت له: يا أستاذ ما الذي صار بك إلى ما رأى فأنشأ يقول:
الهموم والسهر ... والسهاد والفكر
سلطت على جسد ... فيه للهوى أثر
لا ومن كلفت به ... ما يطيق ذا بشر
فقلت: يا أستاذ أريد أن تنشدني أرق ما تعرف، فقال أكتب:
رق فلو مرت به ذرة ... أرجلها منعلة بالحرير
لأثرت فيه كما أثرت ... مدامة في العارض المستنير
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب.
أضمر أن أضمر حبي له ... فيشتكي إضمار إضماري
رق فلو مرت به ذرة ... لخضبته بدم جار
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا فقال: أكتب:
صافحته فاشتكت أنامله ... وكاد يبقى بنانه بيدي
وكنت إذا صافحت يداه ... يدي كأني قابض على البرد

لو لحظته العيون مدمنة ... لذاب من رقة فلم يجد
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
رقته ما مثلها رقة ... فإن جفا فالويل من صده
قدرة عينيه على مهجتي ... كقدرة المولى على عبده
قد جال ماء الحسن في خده ... وضجت الأغصان من قده
فانقش بما شئت على خاتم ... وشربه تقرأه من خده
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
توهمه طرفي فأصبح خده ... وفيه مكان الوهم من نظري أثر
وصافحه كفي فآلم كفه ... فمن غمز كفي في أنامله عقر
ومر بفكري خاطراً فجرحته ... ولم أر جسماً قط يجرجه الفكر
فلو أن كتاب العراق أكفهم ... حوت قصب الآخام أمدادها البحر
يخطون ما جاءت بن الصين كاغدا ... وما نشرت من طي قرطاسها مصر
لما كتبوا معشار عشر عشير ... ما تضمنه من حبك القلب والصدر
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: أكتب:
تكون من نور الإله بلا مس بقول ... عزيز: كن من الروح بالقدس
فلما رأته الشمس أخمد نورها ... وقالت له: بالله أنت من الأنس
فقال لها: إني أظنك ضرتي ... وخمس بالكف المليح على الشمس
فقلت: يا أستاذ أريد أرق من هذا، فقال لي: قد تقدمت إلى المنزل أن يصلحوا عدساً بسليق وأنا ألقاك غدا بشيء رقيق، وتركني وانصرف.
ونقلت من خط أبي الفتح المدائني المذكور في هذا المجموع: حدث أبو بكر قال: حدثني صديق لي قال: كنت ببغداد فرأيت خالد الكاتب يخاطب غلاماً: وهو يقول له: ما آن أن يرحمني قلبك؟ فقال الغلام: لا فقال خالد: حتى متى يلعب بي حبك؟ فقال الغلام: أبدا فقال خالد: وكم أقاسي فيك جهد البلا؟ فقال الغلام: حتى أموت فقال خالد: لا كل ذا يا سيدي حسبك فقال الغلام: بلى فقال خالد: لا أعدم الله فؤادي الهوى فقال الغلام: آمين فقال خالد: يوماً ولا جرَّبه قلبك فقال الغلام: فعل الله ذاك فقال خالد: إن كان ربي قد قضى ذا الهوى فقال الغلام: فما علي أنا؟ فقال خالد: وشدة الحب فما ذنبك؟ فقال الغلام: سل نفسك قال المحدث: فلت للغلام: أما تستحي من هذا الرجل في جلالته؟ فقال: فديتك كل من يلقى يقول له مثل هذا.
ذكر اليوسفي صاحب الرسائل، وهو في غالب ظني أحمد بن يوسف قال: وحدثني أبو الحسن الشهرياري أن خالداً وقع بينه وبين الحلبي الشاعر الذي يقول فيه البحتري: سل الحلبي عن حلب، وهي قصيدة، خلاف في معنى شعره، فقال له الحلبي: لا تعد طورك فأخرسك، فقال له خالد: لست هناك ولا فيك موضع للهجاء، ولكن ستعلم أني سأجعلك ضحكة، وكان الحلبي أوسخ الناس فجعل يهجو جبته وثيابه وطيلسانه فمن ذلك قوله:
وشاعر ذي منطق رائق ... في جبة كالعارض البارق
قطعاء شلاء رباعية ... دهرية مرقوعة العاتق
قدمها العري على نفسه ... تفصيلها في القدر السابق
وقوله:
وشاعر معدم له قوم ... ليس عليهم في نصره لوم
قد ساعدوه في الجوع كلهم ... فقراً فكل غذاؤه الصوم
يأتيك في جبة مرقعة ... أطول أعمار مثلها يوم
وطيلسان كالآل يلبسه ... على قميص كأنه غيم
من حلب في صميم سفلتها ... غناه فقر وعزه ضيم
قال: وقال فيه أيضاً:
تاه على ربه فأفقره ... حتى أراه الغنى فأنكره
فصار من طول حرفه علماً ... يقذفه الرزق حين يبصره
يا حلبياً قضى الإله له ... بالتيه والفقر حين صوره
لو خلطوه بالملك وسخه ... ولو رموه في البحر كدره

أنبأنا أحمد بن أزهر بن عبد الوهاب السباك قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي في كتابه عن أبي القاسم علي بن المحسن التنوخي عن أبيه قال: أخبرنا أبو الفرج علي بن الحسين الأصبهاني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: في ذكر خالد الكاتب في كتاب الأغاني: هو خالد بن يزيد، ويكنى أبا الهيثم من أهل بغداد وأصله من خراسان، وكان أحد كتاب الجيش، ووسوس في آخر عمره، وقيل إن السوداء غلبت عليه، وقال قوم بل كان يهوى جارية لبعض الملوك الوجوه ببغداد، فلم يقدر عليها، وولاه محمد بن عبد الملك الإعطاء بالثغور، فخرج فسمع في طريقه منشدا ينشد ومغنيه تغني:
من كان ذا شجن بالشام يطلبه ... ففي سوى الشام أمسى الأهل والشجن
فبكى حتى سقط على وجهه مغشياً عليه، ثم أفاق مختلطاً واتصل ذلك حتى وسوس وبطل.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي فيما أذن لنا في روايته عنه قال أخبرنا أبو منصور القزاز قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خالد بن يزيد أبو الهيثم التميمي خراسان الأصل، كان أحد كتاب الجيش ببغداد وله شعر مدون، وشعره كله في الغزل، وعاش دهراً طويلاً واختلط في آخر عمره، ويقال إنه عاش إلى خلافة المعتمد.
خالد بن يوسف بن سعد
ابن الحسن المفرج بن بكار أبو البقاء النابلسي، ولد بنابلس ونشأ بدمشق وسمع بها الحافظ أبا محمد القاسم بن علي بن الحسن بن عساكر، وحنبل بن عبد الله المكبر، وشيوخنا: أبا اليمن زيد بن الحسن الكندي، وأبا حفص بن طبرزد، وأبا البركات بن ملاعب، والقاضي أبا القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني، وتاج الأمناء أبا الفضل وأبا البركات الحسن ابني محمد بن الحسن ابن هبة الله، وجماعة غيرهم يطول ذكرهم، ورحل إلى بغداد فسمع بها من الحافظ أبي محمد بن الأخضر وأبي عبد الله الحسين بن شنيف، وأبي العباس أحمد بن بركة ابن بركة بن الدبيقي، وعبد العزيز بن منينا وغيرهم.
ثم عاد إلى دمشق واجتاز في طريقه بحلب، وسمع بها من أبي الحجاج يوسف ابن خليل بن عبد الله، ولم يسمع بها من غيره، وكتبت عنه بدمشق، وسألته عن مولده، فقال سنة خمس وثمانين وخمسمائة تخميناً.
خالد بن أبي خالد
له ذكر في وقعة صفين، شهدها مع علي رضي الله عنه، وقتل بها وهو في غالب ظني خالد بن الحارث بن أبي خالد الأنصاري، الذي قدمنا ذكره، والله أعلم.
خالص بن أحمد:
ابن خالص بن عبد الله بن خالص أبو القاسم بن أبي العباس الغافقي الإشبيلي ثم الشقري، قدم حلب وصحب بها محمد بن علي بن العربي، وتوجه منها صحبته إلى بلد الروم، ولم يتفق لي به اجتماع حين ورد حلب، وكان شاعراً مجيداً كتب عنه رفيقنا رشيد الدين محمد بن الحافظ عبد العظيم المنذري، وقرأت بخطه أنشدني الشيخ الجليل الفاضل أبو القاسم خالص بن أبي العباس أحمد بن خالص بن عبد الله بن خالص الغافقي الإدريسي الإشبيلي الأصل، الشقيري المولد مولده بجزيرة شقر سنة تسع وثمانين وخمسمائة ظناً بالقاهرة في مستهل جمادى الآخرة سنة إحدى وأربعين وستمائة، قال: أنشدني الأديب أبو الحسن علي بن أحمد بن حريق لنفسه بمرسيه فيما أظن، وقد سمعت منه كثيراً من شعره:
يا ليلة جادت الأماني بها ... على رغم أنف دهري
أسبل فيها عليّ نعمي ... يقصر عنها طويل شكري
إذا بات في منزلي حبيبي ... وقام في أهله بعذر
فبت لا حالة كحالي ضجيع ... بدر صريع خمر
يا ليلة القدر في الليالي ... لأنت خير من ألف شهر
ونقلت من خطه أيضاً: أنشدني أبو القاسم خالص المذكور لنفسه في التاريخ أعلاه من قصيدة:
سرت عطلاً خوف العيون الرواصد ... وجرس خلي في الفضيحة جاهد
وخافت تفري الليل عن صبح ... وجهها فلاذت فلم تحفل بإرسال وارد
ولولا نسيم الريح عرف عرفها ... لنيل وصال دون واش وحاسد
وكم حيلة للهائم الصب في الهوى ... يكيد بها والدهر جم المكائد
وما زال هذا الدهر يعتاق بالمنى ... مناماً ويسقينا سمام الأساود
يريد بنا مالا نريد سفاهة ... ويوردنا لا كان شر الموارد

ونقلت من خطه: وأنشدنا لنفسه في ذم دمشق:
لأهل دمشق في الدنيا شقاء ... بسكناها وهون غير هين
مساكن من مساكنهم وإن لم ... يحسوا وهي شر الشقوتين
فإن لم تغتفر لهم ذنوب به ... دخلوا جهنم مرتين
وفي أبو القاسم خالص بن أحمد.
خبيق بن سابق:
أبو عبد الله الكوفي ثم الأنطاكي، كان من أهل الكوفة وتحول إلى أنطاكية هو وابنه عبد الله الزاهد، وحكى عن يوسف بن أسباط روى عنه ابنه عبد الله بن خبيق.
أخبرنا أبو بكر عتيق بن أبي الفضل السلماني بدمشق قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن، ح.
وحدثنا أبو الحسن محمد بن أحمد بن علي الفنكي قال: أنبأنا أبو المعالي عبد الله بن عبد الرحمن بن صابر قالا: أخبرنا الشريف النسيب أبو القاسم علي ابن إبراهيم بن العباس قال: أخبرنا أبو الحسن رشاء بن نظيف بن ما شاء الله قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن إسماعيل بن محمد الضراب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن مروان المالكي قال: حدثنا عمر بن حفص قال: حدثنا عبد الله بن خبيق قال: سمعت أبي يقول: قال لي يوسف بن أسباط في مرضه الذي مات فيه: يا أبا عبد الله إذا أنا مت فصير إسماعيل بن داية فيمن يغسلني، قال: فقلت له: يا أبا محمد إسماعيل ليس من أصحابك، وهو من أصحاب السلطان، فأي شيء مذهبك في هذا؟ قال: دخلت الحمام فخدمني ولم أكافئه، وأنا أعلم أنه يسر أن يكون فيمن يغسلني فيكون هذا مكافأة لما كان منه.
قال ابن خبيق: قال أبي: دعونا سليمان الطبيب ليداوي يوسف وكان يرجع إليه عقله أحياناً، فيقول: إلا قليل، فلم يزل به حتى داواه وصح، فلما فرغ وأراد أ، يخرج سليمان الطبيب، قال: يوسف أي شيء تعطونه؟ قلنا: لا يريد منك شيئاً، قال: يا سبحان الله جئتم بطبيب الملوك ولا أعطيه شيئاً! قلت: أعطيه ديناراً، فقال: خذ هذا فادفعه إليه وأعلمه أني لا أملك غيره، لأن لا يتوهم أني أقل مروءة من الملوك، فدفع إلي صرة فيها خمسة عشر ديناراً: فأخذتها فدفعتها إليه وجعل يوسف يعمل الخوص بيده حتى مات.
ختلغ أبه
ويقال قتلغ أبه، وهو اسم تركي، ويعرب فيقال: خطلبا، وهو من مماليك السلطان محمود بن ملكشاه، ملك حلب سنة إحدى وعشرين وخمسمائة سلمها إليه بتوقيع إلى نائبه مسعود بن آق سنقر البرسقى فأقام بها ستة أشهر ومد يده في ظلم الرعية، واجتياح أموالهم والطمع فيها، واتهم أبا طالب عبد الرحمن بن العجمي بأن المجن بركات الفوعي أودعه وديعة، وسجنه وسجن عمه أبا عبد الله ابن العجمي، وضيق على أبي طالب وعذبه وثقب كعبه، وكان بدر الدولة سليمان بن عبد الجبار بن أرتق بحلب، فصاح أهل حلب بشعاره، وقام فضائل بن بديع رئيس حلب معه، واتفقوا على أن حصروا ختلغ آبه وقبضوا على أصحابه، ووصل إليهم إلى حلب إبراهيم بن الملك رضوان بن تتش، وكان بدر الدولة زوج أخت إبراهيم، فكانا يجبيان دخل حلب بينهما، وطال الحصار بختلع أبه إلى نصف ذي الحجة، واتفق الأمر على أن استدعوا أتابك زنكي، فوصل وتسلم حلب وأخذ ختلع آبه وكحله، وانتقم الله منه لأهل حلب.

قرأت بخط أبي عبد الله محمد بن علي بن محمد بن أحمد بن نزار التنوخي المعروف بابن العظيمي الحلبي في كتابه الموصل على الأصل الموصل وهو التذكرة من سير الإسلام، وأخبرنا بذلك أبو اليمن زيد بن الحسن الكندي إجازة قال: أجاز لنا أبو عبد الله بن العظيمي وقال: سنة إحدى وعشرين وخمسمائة، ولما شرق عز الدين مسعود البرسقي ولى بحلب والقلعة الأمير تومان، فلما استقامت أموره بالشرق نفذ سرية مع أمراء منهم: ينال، وسنقر دراز وغيره، فلما وصلوا إلى حلب لم يدخل تومان في الطاعة، فحالفه رئيس حلب فضائل بن بديع وأدخلهم إلى حلب وأنزلهم قلعة الشريف، ووقع بين الوالي وأهل حلب، وبعد ذلك بأيام يسيرة وصل إلى حلب غلام السلطان محمود واسمه ختلغ آبه بتوقيع عز الدين مسعود بحلب، وصحبته عمدة الدين سنقر الطويل صاحب حران المعروف بدراز، وسلم التوقيع إلى تومان بتسليم الموضع إلى خطلبا، فلم يقبل واحتج بعلامة بيته وبين عز الدين لم يتضمنها التوقيع واعترف بالخط حسب، وكانت العلامة بينهما صورة غزال، لأن عز الدين كان أحسن الناس نقوشاً وتصاوير، وكان من الذكاء على أمر عظيم، وطال الأمر على خطلبا، وأشاروا عليه بالعودة فعاد، وكان عز الدين محاصر الرحبة وفيها قراقش حسين، رجل فارسي الأصل، فاستأمن ونزل، ونزل الموضع غيره: فمات عز الدين، فوصل في خمسة أيام فوجد مسعوداً قد مات، وهو مطروح على قطعة بساط والعسكر مشغولون عن دفنه قد نهب بعضهم بعضاً، فعاد خطلبا إلى حلب في ثلاثة أيام، وعرف الناس بموته، فأدخله ابن بديع المدينة إلى داره، واستنزلوا تومان من القلعة بعدما صح عنده وفاة صاحبه فصانعهم على ألف دينار، وسلم القلعة، وملكها خطلبا واستحلفه الحلبيون، واستوثقوا منه، وطلع المركز بتاريخ الخميس لست بقين من جمادى الآخرة من هذه السنة والقمر في الجوزاء على قران المريخ، ولما صعد وبقي أياماً ظهر أنه من أهل الشر والظلم، فتشوشت قلوب الرعية وحمله قوم من أهل السوء على الطمع فتغير وبدل ما حلف عليه، وصار يختم على تركه من يموت، ويرفع ماله إليه، ولا يكشف هل له وارث أم لا، وصح هذا عند الأمير بدر الدولة، والرئيس فضائل بن بديع، وأنه قد عول على قبضهما، فتحالفا عليه، واتفق معهما أحداث حلب، فقاموا عليه ليلة الثلاثاء ثاني شوال ليلاً، والقمر في القوس في ست درج على تسديس زحل، وكان غلمان خطلبا وحجابه وأصحابه في قلة، وكلهم يشربون في البلد لأنه عشية عيد الفطر عند أصدقائهم ومعارفهم، فقبضهم الحلبيون وملأوا بهم الحبوس والمساجد، ودار ابن الأقريطشي، وقيدوهم وأصبحوا معتقلين، وزحف الناس كافة إلى باب القلعة، وحصروا القلعة، فقاتلهم النهار أجمع، ولما كان الليل نزل أحرق القصر الذي لم يكن في البلاد مثله، وأتلف فيه من السقوف والأبواب والأخشاب والرخام، ودار الذهب حتى تواقع بعضه على بعض، وهجم الناس صبيحة تلك الليلة فنهبوا منه كلما قدروا عليه، وقتل من الناس جماعة، ووصل إلى باب حلب الأميران حسان بن كمشتكين البعلبكي وأخوه حسن صاحبا منبج وبزاعة بتاريخ السبت سابع شوال، وساماه الخروج معهما فأبى ذلك على أن يسلم حلب إلى بياض البلد وابن مالك ويتسكع، فلما أبى طال الحصار.
وصل بعد ذلك جوسلين إلى باب حلب في مائتي فارس ونزل بابلا وتقدم إلى بانقوسا، ونفذ رسوله إلى حلب بتاريخ الأحد ثامن شوال، وطلب خدمه فصانعوه ودفعوه.

وفي آخر شوال وصل الملك إبراهيم بن رضوان، فأدخلوه إلى حلب فأكرموه ونادوا بشعاره، وخرج صاحب أنطاكية ألبيمند ونزل صلدع بتاريخ الأربعاء حادي عشر شوال، والمراسلة تعمل، وركبوا بكرة ذلك اليوم، وضايقوا حلب، وركب الملك إبراهيم بن رضوان، وبدر الدولة، ونفر الحلبيون والرئيس ابن بديع في خلق عظيم وتراسلوا، فاستوت الهدنة، ووقعت الأيمان على المدة المعلومة، وحمل إليه ما اقترحه يوم الخميس ثاني عشر شوال، بعد أن أشرف الناس على الخطر العظيم ودخل رسول الإفرنج قبض من حلب ألف دينار، وقرر ألفاً أخرى وعاد إلى أنطاكية، وصار كلما غاب من الحلبيين رجل قد قتل أو صلب، وطال الأمر على خطلبا، وحفروا خندقاً حول القلعة، فكلما خرج منها رجل أو دخل إليها أخذ إلى نصف ذي الحجة وصل الأمير سنقر دراز والأمير حسن قراقش وجماعة أمراء في عسكر قوي إلى باب حلب، واتفق الأمر على أن يسير بدر الدولة وخطلبا إلى باب الموصل إلى المولى الاصفهملار الملك عماد الدين قسيم الدولة زنكي ابن قسيم الدولة آق سنقر إلى الموصل، فلمن ولى عاد إلى منصبه، وأقام بحلب الأمير حسن قراقش والرئيس فضائل بن بديع، فأصلح عماد الدين بينهما، ولم يوقع لأحد منهما، وطمع بملك البلد وسير سرية إلى حلب مع الأمير الحاجب صلاح الدين العمادي، فوصل إلى حلب، وأطلع إلى القلعة والياً من قبله، ورتب الأمور، وجرت على يده على السداد.
وقال ابن العظيمي سنة اثنتين وعشرين وخمسمائة، في جمادى الآخرة، وصل قسيم الدولة أبو سعيد زنكي إلى حلب، وملكها وصعد القلعة، وبات بها، وعاد إلى نقرة بني أسد وقبض على خطلبا وحمله إلى حلب وسلمه إلى عدوه ابن بديع، فكحلوه بداره في النصف من رجب.
ذكر من اسمه خداش
خداش بن بشر بن خالد
ابن الحارث بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، وقيل خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل: ابن خالد بن نبيه بن قرط بن سفيان ابن محاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان، أبو يزيد، وقيل أبو مالك التميمي المجاشعي، وهو المعروف بالبعيث البصري شاعر إسلامي، قدم الشام ونزل آل القعقاع العبسي أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم، وكانت منازلهم بناحية قنسرين بالحيار وما والاها.
وقيل إنه كان أخطب بني تميم، وكانت أمه أمة من أصبهان يقال لها بردة وقيل أمه سجستانية تسمى فرتناً.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء إجازة قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن الدارقطني. وقال أبو غالب: أنبأنا أبو الفتح عبد الكريم بن محمد بن أحمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: البعيث الشاعر اسمه خداش بن بشر بن أبي خالد بن نبيه بفتح الباء بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم يكنى أبا يزيد هو الذي هاجاه جرير وفيه يقول جرير:
لما وضعت على الفرزدق ميسمي ... وضغا البعيث جدعت أنف الأخطل
وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه وسمي البعيث بقوله:
تبعث مني ما تبعث بعدما ... أمرت قواي واستمر عزيمتي
أنبأنا القاضي أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن الحرستاني عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي قال: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما البعيث واسمه خداش بن بشر بن أبي خالد، وقيل ابن خالد بن نبيه بفتح الباء بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم، يكنى أبا يزيد، ويقال أبو مالك، هو الذي كان يهاجي جريراً، وقيل هو خداش بن بشر بن عبد الحارث بن أبي خالد بن نبيه، والأول أصح. ثم قال ابن ماكولا في باب خداش بكسر الخاء المعجمة وبعدها دال مهملة وآخره شين معجمة خداش بن بشر بن خالد وذكره.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الشافعي قال: خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه ابن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة بن مالك بن زيد مناة بن تميم بن مر بن أد بن طابخة بن إلياس بن مضر بن نزار بن معد بن عدنان أبو يزيد التميمي ثم المجاشعي، المعروف بالبعيث أحد الشعراء المجيدين، بصري قدم الشام وكان خطيباً شاعراً.
أخبرنا عمر بن محمد المؤدب فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن عمر السمرقندي إجازة أو سماعاً قال: أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن علي بن عبد الوهاب بن السكري البزاز إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عبد العزيز الطاهري قراءة عليه قال: قريء على أبي بكر أحمد بن جعفر بن محمد بن سلم بن راشد الجبلي قال: أخبرنا أبو خليفة الفضل بن الحباب بن محمد بن شعيب الجمحي قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن سلام بن عبيد الله بن زياد اللخمي في طبقات الشعراء الإسلاميين، قال: الطبقة الثانية من الإسلاميين أربعة: البعيث واسمه خداش بن بشر بن خالد بن الحارث بن نبيه بن قرط بن سفيان بن مجاشع بن دارم بن مالك بن حنظلة، والقطامي، وكثير، وذو الرمة.
وقال: حدثنا محمد بن سلام قال: حدثني أبو الغراف قال: ورد على غسان السليطي الأعور النبهاني من طيء، فسأله فقرن له، وقال: ألا تغن عنا جريراً؟ فقال:
إذا طلع العيوق أول كوكب ... كفى اللوم عند النازلين جرير
ألست كليبياً وأمه كلبة ... لها بين أطناب البيوت هرير
ولو عند غسان السليطي عرست ... رعا قرن منها وكاس عفير
أتنسى نساء باليمامة منكم ... نكحهن عبيداً ما لهن مهور
فقال جرير:
وأعور من نبهان يعوي ودونه ... من الليل باباً ظلمة وستور
رفعت له مشبوبه يهتدي بها ... يكاد سناها في السماء يطير
وأعور من نبهان أما نهاره ... فأعمى وأنا ليله فقصير
تساق من المعزى مهور نسائهم ... وفي شرط المعزى لهن مهور
قال: وحدثنا ابن سلام قال: حدثني أبو يحيى الضبي قال: كانوا كذلك حتى ورد البعيث المجاشعي عليهم، وكان ولدهم وولدوه فيشكوا إليه قهر جرير صاحبهم، فقال البعيث:
إذا نشرت معزى عطية وارتعت ... بلاغاً من المروت أخوى حميمها
تعرضت لي حتى صككتك صكة ... على الوجه يكبو لليدين أميمها
أليست كليب ألأم الناس كلهم ... وأنت إذا عدت كليب لئيمها
وكانت أم البعيث أمة حمراء سجستانية تسمى فرتناً، وكان يقال له ابن حمراء العجان، فهجاه جرير فثاوره، فضج إلى الفرزدق يومئذ بالبصرة وقد قيد نفسه وآلى لا يفك قيده حتى يقرأ القرآن، فقال البعيث:
لعمري لئن ألهى الفرذق قيده ... ودرج نوار ذو الدهان وذو الغسل
لينبعثن مني غداة مجاشع بديهة ... لا وإن الجزاء ولا وغسل
فقال جرير:
جزعت إلى درجي نوار وغسلها ... فأصبحت عبداً ما يمر وما يحلى
وعده الناس مغلوباً حين استغاث.
قال: وقال الفرزدق إني إن وثبت على جرير الآن حققت على البعيث الغلبة، ولكن كأنني وثبت عليهما فأدع البعيث وآخذ جريراً، فقال: الطبيب أطب، فقال الفرزدق:
لود جرير اللوم لو كان غائباً ... ولم يدن من زأر الأسود الضراغم
وليس ابن حمراء العجان بمفلتي ... ولم يزدجر طير النحوس الأشائم
وإنكما قد هجتماني عليكم ... ولا تجزعا واستسمعا للمراجم
وقال:
فإن يك قيدي كان نذراً نذرته ... فما بي عن أحساب قومي من شغل
وقال:
دعاني ابن حمراء العجان فلم يجد له ... إذ دعا مستأخراً عن دعائيا
فنسفت عن سميه حتى تنفسا ... وقلت له لا تخشى شيئاً ورائيا
فلما استطار كل واحد منهما في صاحبه قال البعيث:
أشاركتني في ثعلب قد أكلته ... فلم يبق إلا رأسه وأكارعه

فدونك خصييه وما ضمت إسته ... فإنك رمام خبيث مرتعه
قال: وسقط البعيث بينهما، ولج الهجاء نحواً من أربعين سنة، ولم يغلب واحد منهما على صاحبه، ولم يتهاج شاعران في العرب في جاهلية ولا إسلام بمثل ما تهاجيا به، وأشعارهما أكثر من أن نأتي عليها، ولكنما نكتب منها النادر.
أخبرنا محمد بن هبة الله القاضي فما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو القاسم ابن محمد قال: قرأت في كتاب محمد بن محمد بن الحسن الديناري بخط بعض أهل الأدب: وجدت بخط أبي الفرج علي بن الحسين الأصبهاني وأجازة لي قال أخبرنا أبو الحسن الأسدي قال: حدثنا حماد يعني ابن إسحق الموصلي عن أبيه قال: حدثني مروان بن أبي حفصة قال: هجا البعيث بطنا من باهلة يقال لهم بنو صحب، فاستعدوا عليه إبراهيم بن عربي في خلافة الوليد بن عبد الملك فضربه بالسياط وأمر به فطيف به في سوق حجر مجلوداً فقال جرير يهجوه:
لئن هجوت بني صحب لقد تركوا ... للأصبحية في جنبيك آثارا
قوم هم القوم لو عاد الزبير بهم ... لم يسلموه وزادوا الحبل أمرارا
وكانت البعيث وجرير والفرزدق يومئذ أحد ما كانوا في الهجاء، فخرج البعيث مراغماً لإبراهيم بن عربي لما صنع به فلحق بالشام ونزل البادية فجاور بني القعقاع أخوال الوليد بن عبد الملك، ومدحهم وهجا ابن عربي، وجعل جرير والفرزدق يهجوانه فروت العرب أشعارهما وخمل شعره لاعتزائه، فقال البعيث مما كان يهجو ابن عربي:
ترى منبر العبد اللئيم كأنما ... ثلاثة غربان عليه وقوع
قال: فكان بعد ذلك ابن عربي إذا صعد المنبر تغامز به الناس، وإذا رأى ابن عربي غراباً ساقطاً يقول: لعنة الله على البعيث.
قلت ومن مختار شعر البعيث قوله:
ألا طرقت ليلى الرفاق بغمرة ... ومن دون ليلى يذبل فالقعاقع
على حين ضم الليل من كل جانب ... جناحيه وانصب النجوم الخواضع
طمعت بليلى أن تريغ وإنما ... تقطع أعناق الرجال المطامع
وتابعت ليلى في الخلاء ولم يكن ... شهود على ليلى عذول مقانع
فما أنت من شيء إذ كنت كلما ... تذكرت ليلى ماء عينيك دامع
خداش المنبجي:
حكى عنه أبو زرعة أحمد بن موسى.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري قال: أخبرنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة بن الخضر السلمي إجازة أن لم يكن سماعاً قال: حدثنا عبد العزيز بن أحمد بن محمد الكتاني قال: أخبرنا أبو القاسم تمام ابن محمد بن عبد الله الرازي قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سليمان قال: حدثني أبو زرعة أحمد بن موسى قال: وقال خداش المنبجي: قيل لبعض الرهبان: لم لبستم السواد وآثرتموه على لباس البياض؟ قال: هو محلة الأحزان ومعدن الهموم، ومسلك الصيانات.
خراش بن بحدل الكلبي:
شاعر فارسي تروى له هذه الأبيات يخاطب بها عبد الملك بن مروان، أنبأنا بها أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: ذكر أبو العباس محمد بن يزيد المبرد فيما حكاه عبد الله بن سعد القطربلي عنه، وقرأته بخطه قال: خدثني الرياشي قال: وقف خراش بن بحدل الكلبي على عبد الملك بن مروان بعد أن ملك فقال:
أعبد المليك ما شكرت بلاءنا ... فكل في رضاء العيش ما أنت آكل
بجابية الجولان لولا ابن بحدل ... لكنت وما يسمع لقيلك قائل
وكنت إذا دارت عليك عظيمة ... تضاءلت إن الخاشع المتضائل
فلما علوت الناس في رأس شاهق ... من المجد لا يسطيعك المتطاول
قلبت لنا ظهر العداوة معلنا ... كأنك مما يحدث الدهر جاهل
فقال عبد الملك: أراك احتجت إلى المال؟ قال: أجل قال: فأيه أحب إليك؟ قال الإبل، قال: يا أبا الزعيزعة أعطه مائة برعاتها، ثم التفت إليه فقال: لا تعد فتنكرني.

وفي هذه الأبيات بيت آخر وهو: فلو طاوعوني يوم بطنان، بطنان موضع بين حلب ومنبج، كان ينزله عبد الملك إذا توجه لحرب مصعب بن الزبير فإن ثبت أن هذه الأبيات له، فقد اجتاز بناحية حلب، والأبيات تروي لأبي جندل عبيد بن الحصين الراعي، وهي في ديوان شعره، وسنذكرها في ترجمته فيما يأتي من كتابنا هذا إن شاء الله تعالى.
حريم بن فانك بن الأخرم:
وقيل خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن القليب بن عمرو، وقيل القليب هو لقب فاتك بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر ابن نزار الأسدي، أبو أيمن، وقيل أبو يحيى، وهو والد أيمن بن خريم، وقد قدمنا ذكره، وهو أخو سبرة بن فاتك صحب النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه أحاديث، وشهد معه بدراً، وقيل لم يشهد بدراً وإنما شهد الحديبية، وروى عن كعب الأخبار، روى عنه ابنه أيمن بن خريم الأسدي، وبشر أبو قيس التغلبي القنسريني، والمعرور بن سويد، ووابصة بن معبد، وعبد الله بن عباس وأبو هريرة، وشمر بن عطية وأيوب بن ميسرة الخولاني، وحبيب بن النعمان الأسدي ويسير ابن عميلة الفزاري، ودخل الشام ونزل الرقة، ومات بها، ففي طريقه ما بين الرقة والشام دخل حلب أو بعض عملها.
وعده بعضهم من أهل الصفة.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد بحلب قال: أخبرنا أبو القاسم محمود بن عبد الكريم المعروف بقورجة قال أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد بن الحسن بن ماجه قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن المرزبان الأبهري قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن يحيى الجزوري قال: حدثنا لوين قال: حدثنا خديج ابن معاوية عن أبي إسحق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك قال: قال لي رسول الله صلى الله عليه وسلم: لولا أن فيك اثنتان كنت أنت أنت، قلت: يا رسول الله تكفيني واحدة، قال: تسبل ازارك وتوفر شعرك.
قال: وحدثنا لوين قال: حدثنا أبو المعطل الزيدي عن أبي إسحق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله، وزاد فيه: لا جرم والله لا أفعل.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن الخليل قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو المكارم أحمد بن محمد بن عبد الله اللبان قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم أحمد بن عبد الله الحافظ قال: حدثنا عبد الله ابن إبراهيم قال: حدثنا أبو بزرة الفضل بن محمد الحاسب قال: حدثنا محمد بن الصباح قال: حدثنا سلمة بن صالح عن أبي إسحق عن شمر بن عطية عن خريم ابن فاتك قال: نظر إلي النبي صلى الله عليه وسلم فقال: أي رجل أنت لولا أن فيك خصلتين، قلت: وما يا رسول الله إن واحدة تكفي فما هما؟ قال: تسبيل ازارك وتوفير شعرك، قال فرفع ازراره وأخذ من شعره.
رواه قيس ابن الربيع عن أبي إسحق مثله.
قال الحافظ أبو نعيم: فأما أسامي أهل الصفة فقد رأيت لبعض المتأخرين تتبعاً على ذكرهم وجمعهم على حروف المعجم، وسألني بعض أصحابنا الإحتذاء على كتابه وذكر جماعة، ثم قال أبو نعيم: وذكر خريم بن فاتك الأسدي ونسبه من أهل الصفة، ونسبه إلى أحمد بن سليمان المروزي قال: وخريم شهد بدراً، وهو الذي هتف به الهاتف حين جنه الليل: بأبرق الغراف، فقال:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والإفضال
واقتر آيات من الأنفال ... ووحد الله ولا تبال
فعمد إلى المدينة فقدمها فوافق النبي صلى الله عليه وسلم على منبره قائماً يخطب، فأسلم وشهد معه بدراً.
قلت: الذي أشار أبو نعيم إلى أنه جمع أهل الصفة على حروف المعجم هو أبو عبد الرحمن السلمي.
أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو الفتح عمر بن أبي الحسن بن علي بن حمويه قال: أخبرنا عبد الوهاب بن إسماعيل بن عمر الصيرفي قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن عبد الله ابن خلف الشيرازي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن محمد بن الحسين السلمي قال: خريم بن فاتك الأسدي من أهل الصفة قاله أحمد بن سليمان البوشنجي المروزي، سمعت عبد الله بن محمد بن حيان يقول: قال ابن منيع: خريم بن فاتك، وفاتك جد جده، وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك، شهد بدراً.

أنبأنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو سهل محمد بن إبراهيم المزكي قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الرحمن ابن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا جعفر بن عبد الله بن يعقوب قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد ابن هارون الروياني قال: حدثنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا أبو إسحق الجرجاني قال: حدثنا محمد بن إبراهيم بن العلاء الشامي بعبادان قال: حدثنا عبد الله بن يونس الإسكندراني عن محمد بن إسحق عن سعيد بن أبي سعيد المقبري عن أبي هريرة قال: قال خريم بن فاتك لعمر بن الخطاب: يا أمير المؤمنين ألا أخبرك كيف كان بدو إسلامي؟ قال: بلى، قال: بينما أنا في طلب نعم لي أنا منها على أثر إذ جنني الليل بابرق الغراف: فناديت بأعلى صوتي: أعوذ بعزيز هذا الوادي من سفهاء قومه إذا هاتف يهتف:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والأفضال
واقتر آيات من الأنفال ... ووحد الله ولا تبال
قال: فذعرت ذعراً شديداً، فلما رجعت إلي نفسي قلت:
يا أيها الهاتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل
بين لنا هديت ما الحويل
قال:
إن رسول الله الخيرات ... بيثرب يدعو إلى النجاة
يأمر بالصوم وبالصلاة ... ويزع الناس عن الهنات
قال: فانبعثت راحلتي فقلت:
أرشدني رشداً هديت ... هديت لا جعت ولا عريت
ولا برحت سيداً مقيت ... لا توري علي الخير الذي أتيت
قال: فاتبعني وهو يقول:
صاحبك الله وسلم نفسكا ... وبلغ الأهل وأدي رحلكا
آمن به أفلج ربي حقكا ... وانصره عن ربي فقد اخبرتكا
قال: فدخلت المدينة وذلك يوم الجمعة فأطلعت في المسجد فخرج إلي أبو بكر الصديق، فقال ادخل رحمك الله فإنه قد بلغنا إسلامك، قلت: لا أحسن الطهور، فعلمني، فدخلت المسجد، فرأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم على المنبر يخطب كأنه البدر، وهو يقول، ما من مسلم توضأ فأحسن الوضوء ثم صلى صلاة يحفظها ويعقلها إلا دخل الجنة. فقال لي عمر بن الخطاب: لتأتين على هذا ببنية أو لأنكلن بك، فشهد لي شيخ قريش عثمان بن عفان، فأجاز شهادته.
أخبرنا أبو اليمن الكندي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن أحمد الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن خيرون المعدل قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا المنجاب ابن الحارث قال: أخبرنا أبو عامر الأسدي عن ابن سمعان المديني قال: قد أسنده.
قال المنجاب: وأخبرني به أيضاً بعض أصحابنا وهو خلاد الأحول عن قيس ابن الربيع قال: قال خريم بن الفاتك الأسدي: كان بدو إسلامي أني أضللت إبلاً لي فخرجت في طلبها حتى إذا كنت بأبرق العراف، وهو واد لا يتوارى جنه، وأجنني الليل أنخت راحلتي وعقلتها، ثم قلت: أعوذ بعظيم هذا الوادي، أعوذ بسيد هذا الوادي.
قال ابن سمعان: وهو قول الله عز وجل " وإنه كان رجال من الإنس يعوذون برجال من الجن فزادهم رهقاً " قال: فإذا هاتف يهتف بي لا أراه وهو يقول:
ويحك عذ بالله ذي الجلال ... والمجد والنعماء والأفضال
ووحد الله ولا تبال ... ما هول الجن من الأهوال
قال: فاستويت جالساً، واقشعر جلدي وأفزعني فقلت:
يا أيها الهاتف ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل
أبن لنا هديت ما الحويل
فقال:
هذا رسول الله ذو الخيرات ... بيثرب يدعو إلى النجاة
يأمر بالصيام والصلاة ... ويزع الناس عن الهنات
قال: فقلت والله لا أرجع إلى أهلي، ولا أطلب إبلي حتى آتي المدينة فأعلم هذا الخبر.
قال: فحللت راحلتي، ثم ركبتها وصحت بها، فانبعث، قال: فأنشأ الجني يقول:
صحبك الله وسلم رحلكا ... وأوجب الأجرو أعظم حقكا
آمن به أفلح ربك أمركا ... وانصره أعز ربي نصركا

قال: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: أنا عمر بن أثال وأنا عامله على جن نجد المسلمين، وكفيت إبلك حتى تقدم على أهلك، قال: فخرجت حتى أتيت المدينة، قال: فأقدمها يوم جمعة ورسول الله صلى الله عليه وسلم في المسجد، والناس والمسجد غاص بأهله قال: قلت أجلس حتى يخرج الناس ويقضوا حاجتهم، ثم أدخل عليه، فإني لجالس أنتظر إذ خرج إلي رجل طويل آدم كأنه من رجال أزد شنؤة، فقال: إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يقرئك السلام، ويقول لقد بلغني إسلامك، فادخل فصل مع الناس، قال: قلت: من أنت يرحمك الله؟ قال: جندب بن جنادة الغفاري، قال أبو عامر: وهو أبو ذر، قال: فدخلت معه فصليت، فلما فرغ رسول الله صلى الله عليه وسلم من صلاته دنوت منه، فأخذ بيدي قال: فشهدت شهادة الحق، وقلت: يا رسول الله جزى الله صاحبي خيراً، قال: فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: أما علمت، إنه قد أدى إبلك إلى أهلك؟ قال: قلت: يا رسول الله جزاه الله خيراً، قال: فأسلمت فهو كان بدو إسلامي.
قال: وحدثنا محمد بن عثمان قال: حدثنا محمد بن تسنيم أبو طاهر الوراق قال: حدثنا ابن خليفة الأسدي عن رجل من أهل أذرعات قد سماه محمد بن تسنيم بإسناد أجود من هذا عن خريم بن فاتك، وفيه اختلاف في الشعر، قال: قال خريم بن فاتك: خرجت في بغاء إبل لي فأصبتها بأبرق الغراف، قال: وكنا إذا نزلنا بواد يقول قلنا: نعوذ بعزيز هذا الوادي، نعوذ بسيد هذا الوادي، فإذا بهاتف يهتف بي وهو يقول:
عذ بالله ذي الجلال ... منزل الحرام والحلال
ووحد الله ولا تبالي ... ما كيد ذي الجن من الأهوال
إذ يذكر الله على الأميال ... وفي سهول الأرض والجبال
وصار كيد الجن في سفال ... إلا التقى وصالح الأعمال
قال: فقلت له:
يا أيها القائل ما تقول ... أرشد عندك أم تضليل
فقال:
هذا رسول الله ذو الخيرات ... جاء بياسين وحاميمات
وسور بعد مفصلات ... يأمر بالصلاة والزكاة
ويزجر الأقوام عن هنات ... قد كن في الأيام منكرات
قال: قلت له: من أنت؟ قال: أنا ملك بن ملك الجني، بعثني رسول الله صلى الله عليه وسلم على جن نجد، قال: قلت: أما لو كان من يؤدي إبلي هذه إلى أهلي لأتيته حتى أسلم على يده، قال: فأنا أؤديها، قال: فركبت بعيراً منها، ثم قدمت فإذا النبي صلى الله عليه وسلم على المنبر، فلما رآني قال: فافعل الرجل الذي ضمن لك أن تؤدي إبلك أما إنه قد أداها سالمة، قال: قلت: رحمه الله، قال: أجل فرحمه الله.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل الأنصاري القاضي في كتابه قال: أنبأنا أبو القاسم زاهر بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو سعد الجنزرودي قال: أخبرنا أبو سعد محمد بن بشر البصري قال: أخبرنا محمد بن إدريس السامي قال: حدثنا سويد بن سعيد عن الأوزاعي عن يحيى بن أبي كثير أن خريم بن فاتك الأسدي أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: يا نبي الله إني لأحب الجمال حتى إني لأحبه في شراك نعلي وحلاز سوطي وإن قومي زعموا أنه من الكبر؟ قال: ليس الكبر أن يحب أحدكم الجمال، ولكن الكبر إن يسبقه الحق ويغمض الناس.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: كتب إلينا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد، قال في الطبقة الرابعة: خريم بن فاتك، والفاتك جد جده وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك، وهو القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة، وخريم هو أبو أيمن بن خريم الشاعر، وكان الشعبي يروي عن أيمن بن خريم قال: إن أبي وعمي شهدا بدراً وعهدا إلي أن لا أقاتل، قال محمد بن عمر: وهذا مما لا يعرف عندنا، ولا عند أحد ممن له علم بالسيرة أنهما شهدا بدراً ولا أحداً ولا الخندق، وإنما أسلما حين أسلمت بنو أسد بعد فتح مكة، وتحولا إلى الكوفة فنزلاها بعد ذلك.

أنبأنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: خريم بن فاتك الأسدي شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم، قال أبو إسحق: كنيته أبو يحيى هو والد أيمن.
أنبأنا أبو نصر بن الشيرازي قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خريم بن فاتك الأسدي، وهو ابن الأخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك من بني عمرو بن سبرة بن فاتك، شهد بدراً هو وأخوه يكنى أبا يحيى، نزل الرقة ومات بها، له ذكر في حديث وابصة وأبي هريرة، وسهل بن الحنظلية وأنس بن مالك.
هكذا قال البخاري وأبو عبد الله بن مندة أنه شهد بدراً. واعتمدا في ذلك على ما أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن سليمان إذناً قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو الفتح الماهاني قال: أخبرنا أبو منصور المصقلي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: أخبرنا أحمد بن محمد ابن زياد قال حدثنا أحمد بن عبد الجبار عن أبي معاوية،ح.
قال: وحدثنا محمد بن عمر بن حفص قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الله قال: حدثنا يعلى بن عبيد جميعاً عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي قال: أرسل مروان إلى أيمن بن خريم فقال: ألا تعيننا؟ قال: إن أبي وعمي شهدا بدراً ثم ذكر الحديث لم يزد على هذا.
قال الحافظ أبو القاسم رواه شعبة عن إسماعيل عن مطرف عن الشعبي وقال: إن أبي وعمي شهدا الحديبية وهو الصواب.
وقال الحافظ: أخبرني أبو القاسم إسماعيل بن محمد بن الفضل قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد بن إسحق قال: أخبرنا والدي أبو عبد الله قال أخبرنا محمد ابن الحسين القطان قال: حدثنا إبراهيم بن الحارث،ح.
قال أبو عبد الله: أخبرنا خيثمة بن سليمان قال: حدثنا الحسين بن مكرم قالا: حدثنا يحيى بن أبي بكر قال: حدثنا شعبة عن إسماعيل بن أبي خالد عن الشعبي أن عبد الملك بن مروان قال لأيمن بن خريم: نقاتل ناساً من المسلمين؟ فقال: إن أبي وعمي شهدا الحديبية وإنهما عهدا إلي أن لا أقاتل مسلماً وقال أبياتاً:
ولست بقاتل رجلاً يصلي ... على سلطان آخر من قريش
له سلطانه وعلي إثمي ... معاذ الله من جهل وطيش
أأقتل مسلماً في غير شيء ... فليس بنا فعي ما عشت عيشى
وقد تابع البخاري أيضاً أبو علي سعد بن عثمان بن السكن في أن خريماً شهد بدراً، فقال: مما أخبرنا أبو الحسن علي بن المفضل المقدسي في كتابه عن أبي القاسم ابن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان بن السكن قال: خريم بن فاتك وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن بني أسد بن خزيمة، شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم، وروى عن النبي أحاديث، وكنيته أبو يحيى حديثه في الكوفيين، قال علي بن المديني: خريم بن فاتك، وسمره أخوان لهما صحبة وقد مضى ذكر ابنه أيمن بن خريم في الصحابة، يقال ليس لأيمن صحبة، والفاتك جد جده، يقال هو ابن شداد بن عمرو بن الفاتك وهو القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة، أسلم خريم وابنه أيمن بعد فتح مكة.
قلت: والعجب من أبي علي بن السكن أنه يقول شهد بدراً مع النبي صلى الله عليه وسلم، ثم يقول: أسلم خريم وابنه أيمن بعد فتح مكة، وهذا وهم فاحش.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد وأبو عبد الله يحيى ابنا الحسن بن البناء في كتابهما قالا: أخبرنا أبو الحسين بن الآبنوسي عن أبي الحسن علي بن عمر الدارقطني، ح.

وقال أبو غالب: أنبأنا أبو الفتح عبد الله بن أحمد بن محمد المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: خريم بن فاتك هو خريم بن أخرم بن شداد ابن عمرو بن فاتك، وفاتك جد جده، ولخريم صحبة، ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه الشعبي يسير بن عميلة وغيره وابنه أيمن بن خريم بن الأخرم، روى عنه الشعبي، وعبد الله بن عمير، زاد المحاملي فاتك هو القليب بن عمرو ابن أسد بن خزيمة.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد القاضي عن عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك بن القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر، له صحبة ورواية عن النبي صلى الله عليه وسلم روى عنه يسير بن عميلة وغيره، وأكثر ما يقال فيه خريم بن فاتك وابنه أيمن بن خريم له صحبة ورواية أيضاً عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه الشعبي، وعبد الملك بن عمير، وهو شاعر.
وقال في موضع آخر: وأما القليب أوله قاف مضمومة وآخره باء معجمة بواحدة خريم بن أخرم بن شداد بن عمرو بن فاتك، وهو القليب بن عمرو بن أسد بن خزيمة.
أخبرنا أبو الفتح نصر بن أبي الفرج الحصري الحافظ في كتابه إلينا من مكة، أخبرنا أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز قال: أخبرنا أبو عمر بن عبد البر النمري قال: خريم بن فاتك الأسدي، وهو خريم بن الأخرم بن شداد بن عمرو بن الفاتك بن القليب بن عمرو بن أسد ابن خزيمة، وأبوه الأخرم يقال له فاتك، وقد قيل إن فاتكاً هو ابن الأخرم، يكنى خريم بن فاتك أبا يحيى، وقد قيل أبا أيمن بن خريم، شهد بدراً مع أخيه سبرة بن فاتك، وقد قيل إن خريماً هذا وابنه أيمن بن خريم أسلما جميعاً يوم فتح مكة، والأول أصح، وقد صحح البخاري وغيره أن خريم بن فاتك وأخاه سبرة بن فاتك شهدا بدراً، وهو الصحيح إن شاء الله عداده في الشاميين، وروينا من وجوه عن أيمن بن خريم أنه قال لمروان حين سأله أن يقاتل معه بمرج راهط: إن أبي وعمي شهدا بدراً وأوصياني أن لا أقاتل مسلماً.
وروى إسرائيل عن أبي إسحق عن شمر بن عطية عن خريم بن فاتك قال: قال له رسول الله صلى الله عليه وسلم: أي رجل أنت لولا خلتان فيك، قلت: يا رسول الله: وما هما؟ قال: تسبل إزارك وترخي شعرك، قال: قلت: لا جرم، فجز خريم شعره، ورفع إزاره.
وروينا مثل ذلك أيضاً من حديث سهل بن الحنظلية قال. قال لي النبي صلى الله عليه وسلم: نعم الرجل خريم الأسدي لولا جمته واسبال إزاره فبلغ ذلك خريماً، فقطع جمته إلى أذنيه ورفع إزاره إلى نصف ساقه.
يعد في الكوفيين روى عنه المعرور بن سويد، وشمر بن عطية، والربيع بن عميلة، وحبيب بن النعمان الأسدي.
أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله عن مسعود بن الحسن قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة سماعاً أو إجازة قال: أخبرنا حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: خريم بن فاتك الأسدي بدري له صحبة كوفي، روى عنه المعرور بن سويد، والربيع بن عميلة وحبيب بن النعمان الأسدي، سمعت أبي يقول ذلك.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا أن نروي عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خريم بن فاتك ابن الأخرم أبو أيمن، ويقال أبو يحيى الأسدي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو أخو سبرة بن فاتك، وأبو أيمن بن خريم وقيل إنه شهد بدراً.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، وعن كعب الأحبار، روى عنه ابنه أيمن ووابصة بن معد، وأبو هريرة، وابن عباس وشمر بن عطية، ويسير بن عميلة الفزاري، وبشر أبو قيس التغلبي، وأيوب بن ميسرة الخولاني، وحبيب بن النعمان الأسدي والمعرور بن سويد.
وقال: كتب إلي أبو محمد عبد الله بن علي الأبنوسي، ح.
وأخبرني أبو الفضل بن ناصر عنه، قال: أخبرنا أبو محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم بن البرقي قال: ومن بني أسد بن خزيمة بن مدركة بن إلياس بن مضر خريم بن فاتك الأسدي له حديثان، وكان بالشام.

وقال الحافظ: أخبرنا أبو القاسم زاهر بن طاهر قال، أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الرحمن السلمي قال: أخبرنا أبو الحسن الكازري قال: حدثنا علي بن عبد العزيز قال: قال أبو عبيد: سمعت إسماعيل يحدث عن أيوب قال: نبئت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أتى على رجل قد قطعت يده في سرقة وهو في فسطاط، فقال: من آوى هذا العبد المصاب؟ فقالوا: فاتك أو خريم بن فاتك، فقال: اللهم بارك على آل فاتك كما آوى هذا العبد المصاب.
أنبأنا أبو الحسن علي بن أبي عبد الله عن أبي الفضل بن ناصر قال: أنبأنا أبو المعالي محمد بن عبد السلام بن محمد بن ساندي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن خرقة الصيدلاني قال: حدثنا محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا ابن أبي خيثمة قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن واصل بن حيان الأحدب عن المعرور بن سويد عن ابن فاتك، يعني خريم بن فاتك قال: قال لي كعب: إن أشد أحياء العرب على الدجال لقومك.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد بن عمر إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا صفوان قال: حدثنا عمر يعني ابن عبد الواحد قال: سمعت الأوزاعي قال: دخل خريم بن فاتك على معاوية ومئزرة مشمر، فقال معاوية: لو كانت هاتين الساقين لامرأة، فقال خريم: في مثل عجيزتك.
أخبرنا أحمد بن أزهر بن السباك في كتابه قال: أنبأنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم البرقي قال: حدثنا عمرو ابن أبي سلمة عن سعيد بن عبد العزيز قال: خرج خريم بن فاتك بجارية له من باب الجابية إلى جنان فوطئها، فبصر به رجلان، فأخذ بيدها حتى أتى بها إلى حلقة قرية، فقال: من هذه؟ قالوا: هذه جاريتك.
أنبأنا أبو نصر القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن منصور بن خلف قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو يحيى خريم بن فاتك الأسدي له صحبة.
أنبأنا ابن المقير قال: أخبرنا محمد بن ناصر في كتابه عن جعفر بن يحيى بن إبراهيم قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد بن حاتم قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن النسائي قال: أخبرني أبي قال: أبو يحيى خريم بن فاتك.
أخبرنا أبو علي حسن بن أحمد قال أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر بن محمد قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد بن زكريا الهاشمي قال: حدثنا صالح بن أحمد بن عبد الله بن صالح قال: قال أبي أحمد بن عبد الله: خريم بن فاتك، يكنى أبا يحيى، وقيل أبا أيمن، نزل الرقة، وقيل: إنه مات في عهد معاوية، وإمرته.
ذكر من اسمه خزعل
خزعل بن عاصم
نقيب طيء، له ذكر في الفتوح، وشهد فتح حلب مع أبي عبيدة بن الجراح رضي الله عنه، روى عنه ابن ابنه السديد بن بن مازن بن خزعل.
خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي
أبو محمد المقريء النحوي، وقيل كنيته أبو المجد الشفاوي، من أهل شفا وقرون، رجل فاضل ورع له معرفة تامة بالقراءات والنحو، تأدب على عمه، وعلى منو جهر بن محمد بن تركانشاه، وعلى عبد الرحمن بن محمد الأنباري وقرأ عليه عامة مصنفاته، وسمع من أبي طاهر أحمد بن محمد بن أحمد السلفي، وكان له شعر حسن اجتمعت به بالبيت المقدس، وكان متصدراً بها لإقراء القرآن العظيم. وإفادة علم العربية، وكان يتردد بها إلى عمي أبي غانم، ولم يتفق لي سماع شيء منه، وأجاز لي الرواية عنه، ولما خرب البيت المقدس انتقل إلى دمشق وسكنها إلى أن مات.
روى لنا عنه أبو الحسين يحيى بن علي القرشي العطار بمصر، وأبو الفداء إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجى القوصي، وأبو الفتح نصر بن أبي العز بن أبي طالب الشيباني بدمشق شيئاً من شعره.
وذكر لي ابن الصفار عنه أنه دخل حلب في سفره إلى بغداد.

أنشدنا أبو المحامد إسماعيل بن حامد وأبو الحسين يحيى بن علي القرشي، وأبو الفتح نصر الله بن أبي العز بن أبي طالب الصفار قالوا كلهم: أنشدنا تقي الدين أبو محمد خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي لنفسه، وقد سأله بعض الفضلاء أن ينشده من شعره، فقال بديها وأجاز ذلك لنا فيما أجازه:
يقولون أنشدنا من الشعر قطعة ... فقلت أمثلي ينشد السادة الشعرا
ومن كان مثلي في الحضيض محله ... أينشد شعراً من علا قدره الشعرا
أخبرنا أبو الفداء إسماعيل بن حامد بن عبد الرحمن بن المرجى القوصي قال: أنشدني الإمام العالم المقرئ النحوي اللغوي العروضي تقي الدين أبو محمد خزعل ابن عسكر رحمه الله لنفسه في أقسام الواوات في العربية، وكنت سألته أن ينظمها حالة، حالة قراءتي عليه بقوص، عند قدومه إليها حاجاً في جمادى الآخرة سنة تسع وثمانين وخمسمائة.
وممتحن يوماً ليهضمني هضماً عن الواو ... وكم قسماً فقلت له نظما:
فقسمتها عشرون ضرباً تتابعت ... فدونكها إني لأرسمها رسما
فاصل وإضمار وجمع وزائد ... وعطف وواو الرفع في الستة الأسما
ورب ومع قد نابت الواو عنهما ... وواوك في الأيمان فاستمع العلما
وواوك للإطلاق والواو ألحقت ... وواو بمعنى إذ فدونك والحزما
وواو أتت بعد الضمير الغائب ... وواوك في الجمع الذي يورث السقما
وواو الهجا والحال واسم لما له ... سنامان من دون الجمال به يسمى
وواو في تكسير دار وواو إذ ... وواو إبتداء ثم عدي بها تما
قال أبو الفداء: وهذا الإمام تقي الدين رحمه الله أول من اشتغلت عليه بعلم العربية.
ورويت عنه جملة من الكتب الأدبية فرضي الله عنه رضواناً واسعاً، فلقد كان للدين والفضل جامعاً ولقد أقام في البيت المقدس حرسه الله مدة سنين مؤهلاً لإقراء كتاب الله تعالى، ولنفع المسلمين، وورد إلى دمشق وأقام بها لما غلب على القدس استيلاء المشركين طهره الله منهم ببركة سيد المرسلين، وأهل بيته الطاهرين، وأصحابه المنتجبين، وتوفي بدمشق، وكان مولده بالديار المصرية في بلدة يقال لها شفا وقرون.
أخبرني الحافظ أبو الحسين يحيى بن علي العطار القرشي قال: الشيخ أبو المجد خزعل بن عسكر بن خليل الشنأي النحوي المقريء، هذا كان أحد القراء المشهورين عارفاً بالعربية ذكر لنا أنه دخل بغداد وقرا على الأنباري أكثر تصانيفه، وعند رجوعه من بغداد قطع عليه الطريق، وأخذ جميع ما كان معه من الكتب، وأقام بعد ذلك بالبيت المقدس زماناً يقريء الناس القرآن، ثم تحول إلى دمشق واستوطنها إلى أن توفي بها وكانت وفاته في الثالث والعشرين من شهر رجب سنة ثلاث وعشرين وستمائة وذكر لي غيره أنه دفن بمقابر باب الصغير.
أنبأنا الحافظ أبو محمد عبد العظيم بن عبد القوي المندري قال في ذكر من مات سنة ثلاث وعشرين وستمائة في كتاب التكملة لوفيات النقلة: وفي الثالث أو الثاني والعشرين من رجب توفي الأديب الفاضل أبو المجد خزعل بن عسكر بن خليل الشني المقريء النحوي اللغوي بدمشق، ودفن من الغد بباب الصغير حدث بشيء من شعره، وكان يذكر أنه سمع من الحافظ أبي طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني، وأنه دخل بغداد، وقرأ على الكمال أبي البركات عبد الرحمن بن محمد الأنباري أكثر تصانيفه، وعند عوده من بغداد قطع عليه الطريق، وأخذ ما كان معه من الكتب، أقرأ القرآن الكريم بالبيت المقدس مدة، ثم تحول إلى دمشق وسكنها إلى أن مات.
ذكر من اسمه خزيمة
خزيمة بن ثابت:

ابن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان، ويقال عنان ويقال غيان، ابن عامر بن خطمة، واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس بن حارثة بن ثعلبة ابن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الأزد بن الغوث بن مالك بن زيد ابن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود، أبو عمارة الأنصاري الخطمي ذو الشهادتين، صاحب النبي صلى الله عليه وسلم الذي جعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين، وقيل في نسبه خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن عمرو بن عدي بن وائل بن منبه بن امريء القيس بن سلمى بن حبيب بن عدي بن ثعلبة بن امريء القيس بن علقمة بن معاوية بن جشم بن مالك بن الأوس.
وأمه كبيشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن خطمة.
شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة فتح مكة، وكان يحمل راية نبي خطمة، وشهد غزوة مؤتة، وشهد صفين مع علي بن أبي طالب رضي الله عنه، وقتل بها ليلة الهرير.
روى عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث، روى عنه جابر بن عبد الله الأنصاري، وزيد بن ثابت، وابنه عمارة بن خزيمة، وعطاء بن يسار، وأبو عبد الله ابن عبد الجدلي، وأبو غطفان المري، وعمر بن أحيحة بن الجلاح، وهرمي بن عبد الله.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى بن شعيب السجزي، قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حموية قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا أبو محمد عبد بن حميد بن نصر قال: حدثني ابن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه أن خزيمة رأى في المنام كأنه يسجد على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم، قال: فذكر ذلك للنبي صلى الله عليه وسلم، فقال: إن الروح لا تلقى الروح أو أن الروح تلقى الروح، شك يزيد فأقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه وأمره فسجد من خلفه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وأخبرنا أبو البركات الحسن بن محمد بن الحسن بالكلاسة من جامع دمشق قال: أخبرنا الشيخ الصالح أبو عبد الله المبارك بن علي بن عبد الباقي بن علي البغدادي بدمشق قال: أخبرنا الشيخ الحافظ أبو الغنائم محمد بن علي بن ميمون الكوفي النرسي قال: أخبرنا القاضي أبو القاسم علي بن المحسن ابن علي التنوخي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد بن سعيد الرزاز قال: أخبرنا أبو بكر جعفر بن محمد بن الحسن بن المستفاض الفريابي قال: حدثنا عثمان ابن أبي شيبة قال: حدثنا يزيد بن هارون عن حماد بن سلمة عن أبي جعفر الخطمي عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن أبيه أن خزيمة رأى في المنام أنه يسجد على جبين النبي صلى الله عليه وسلم، فقال: رسول الله صلى الله عليه وسلم: إن الروح لا تلقى الروح، أو أن الروح تلقى الروح، فأقنع رسول الله صلى الله عليه وسلم رأسه ثم أمره فسجد من خلفه على جبين رسول الله صلى الله عليه وسلم.
وقال: أخبرنا جعفر بن محمد الفريابي قال: حدثنا عبد الله بن عمر القواريري قال: حدثنا عثمان بن عمر قال: حدثنا يونس بن يزيد عن الزهري عن عمارة بن خزيمة بن ثابت عن عمه أن خزيمة بن ثابت ذا الشهادتين رأى في المنام أنه يسجد على جبهة النبي صلى الله عليه وسلم، فأخبره بذلك فاضطجع له رسول الله صلى الله عليه وسلم وقال: صدق رؤياك فسجد على جبهة رسول الله صلى الله عليه وسلم.

أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن أبي الحسين بن إبراهيم الداراني، قال: أخبرنا سهل ابن بشر قال: أخبرنا علي بن محمد بن علي الفارسي قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن أحمد الذهلي قال: حدثنا موسى بن هارون قال: حدثنا إبراهيم بن محمد هو الشافعي قال: حدثني محمد بن علي قال: أخبرني عبد الله بن علي بن السائب أنه لقي عمر بن أحيحة بن الجلاح، فسأله هل سمعت في إتيان المرأة في دبرها شيئاً قال: أشهد لسمعت خزيمة بن ثابت الأنصاري، الذي جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين، أن رجلاً أتى النبي صلى الله عليه وسلم فقال: إني آتي امرأتي من دبرها، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: نعم، فقالها مرتين أو ثلاثاً، ثم فطن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: أمن دبرها في قبلها فنعم، فأما في دبرها، فإن الله ينهاكم أن تأتوا النساء في أدبارهن.
أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف البغدادي قال: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول ابن عيسى السجزي قال: أخبرنا أبو الحسن الداوودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن خريم قال: حدثنا أبو محمد عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر بن الزهري عن خارجة بن زيد أن زيد بن ثابت قال: لما كتبنا المصاحف فقدت آية كنت أسمعها من رسول الله صلى الله عليه وسلم تسليماً، فوجدتها عند خزيمة بن ثابت الأنصاري من المؤمنين رجال صدقوا ما عاهدوا الله عليه حتى تبديلا قال: وكان خزيمة يدعى ذا الشهادتين أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين وقتل يوم صفين مع علي رحمة الله عليهما.
أنبأنا أبو اليمن زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الباقي الأنصاري إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وأخبرنا محمد بن عمر قال: حدثني عاصم بن سويد عن محمد بن عمارة بن خزيمة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: يا خزيمة لم تشهد ولم تكن معنا؟ قال: يا رسول الله أنا أصدقك بخبر السماء، ألا أصدقك بما تقول، فجعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
قال محمد بن سعد: وأخبرنا هشيم قال: أخبرنا زكريا عن الشعبي، وجوهر عن الضحاك أن النبي صلى الله عليه وسلم جعل شهادة خزيمة بن ثابت بشهادة رجلين.
قال: وأخبرنا الفضل بن دكين قال: حدثنا زكريا قال: سمعت عامراً يقول: كان خزيمة بن ثابت الذي أجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين قال: اشترى رسول الله صلى الله عليه وسلم بعض البيع من رجل، فقال الرجل: هلم شهودك على ما تقول، فقال: خزيمة: أنا أشهد لك يا رسول الله، قال: وما علمك؟ قال: أعلم أنك لا تقول إلا حقاً قد أمناك على أفضل من ذلك، على ديننا فأجاز شهادته.
قال: وأخبرنا عمرو بن عاصم الكلابي قال: حدثنا همام بن يحيى قال: حدثنا قتادة إن رجلا طلب رسول الله صلى الله عليه وسلم بحق، فأنكر النبي صلى الله عليه وسلم، فشهد خزيمة بن ثابت أن رسول الله صلى الله عليه وسلم صادق عليه، وأنه ليس له عليه حق، فأجاز رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته، قال: فقال له رسول الله صلى الله عليه وسلم بعد ذلك: أشهدتنا؟ قال: لا قد عرفت أنك لم تكذب، قال: فكانت شهادة خزيمة بعد ذلك تعدل شهادة رجلين.
وقال أبو عمر بن حيويه: أخبرنا عبد الوهاب بن أبي حية قال: أخبرنا محمد ابن شجاع الثلجي قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي قال: حدثني بكير بن مسمار عن عمارة بن خزيمة عن أبيه قال: حضرت مؤتة فبارزت رجلاً يومئذ فأصبته، وعليه بيضة له فيها ياقوتة، فلم يكن همي إلا الياقوتة، فأخذتها فلما انكشفنا وانهزمنا رجعت بها إلى المدينة، فأتيت بها رسول الله صلى الله عليه وسلم فنفلينها فبعتها من عمر بن الخطاب بمائة دينار، فاشتريت بها حديقة نخل ببني خطمة.

وقال أبو عمر بن حيويه: قال: حدثنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن محمد بن عبد الرحمن قال: حدثنا محمد بن سعد قال: في الطبقة الثالثة من بني خطمة بن جشم بن مالك بن مالك بن الأوس بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن خطمة، واسم خطمة عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس، وأم خزيمة بن ثابت بن الفاكه: كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن خطمة، وكان خزيمة بن ثابت وعمير بن عدي بن خرشه يكسران أصنام بني خطمة، وخزيمة بن ثابت هو ذو الشهادتين.
قال محمد بن عمر: كانت راية بني خطمة مع خزيمة بن ثابت في غزوة الفتح، وشهادة خزيمة بن ثابت صفين مع علي بن أبي طالب، فقتل يومئذ سنة سبع وثلاثين، وله عقب، وكان يكنى أبا عمارة.
أخبرنا أبو المحاسن بن الفضل إذنا قال: أخبرنا علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن شجاع قال: أخبرنا أبو عمرو بن مندة قال: أخبرنا الحسن ابن محمد قال: أخبرنا أحمد بن محمد بن عمر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثنا محمد بن سعد قال: وفي الطبقة الثانية: خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكه أحد بني خطمة من الأوس، ويكنى أبا عمارة، وهو ذو الشهادتين، قتل بصفين مع علي بن أبي طالب له عقب.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة أن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد قال: أخبرنا عمر بن أحمد قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: ومن بني جشم بن مالك، ثم من بني خطمة خزيمة بن ثابت بن فاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة، وخطمة هو عبد الله بن جشم بن مالك بن الأوس أمه كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر ابن خطمة.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي بن النرسي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الوهاب بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري قال: خزيمة ابن ثابت الأنصاري قال: عبد الله بن صالح: عن الليث عن يونس عن ابن شهاب عن عمارة بن خزيمة عن عمه قال: خزيمة الذي أجاز النبي صلى الله عليه وسلم شهادته بشهادة رجلين.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد قال: أنبأنا أبو غالب أحمد بن الحسن عن أبي الفتح بن المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر الدارقطني قال: عنان هو من أجداد خزيمة بن ثابت الأنصاري فيما حدثنا علي بن محمد بن عبيد قال: حدثنا أحمد ابن أبي خيثمة قال: سمعت سعد بن عبد الحميد بن جعفر يقول: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة، وهكذا نسبه شباب أيضاً فيما أخبرنا القاضي أبو الطاهر عن موسى بن زكريا عنه، وذكر الطبراني نسب خزيمة بن ثابت فقال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة ابن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس.
أنبأنا أبو الحسن علي بن الفضل المقدسي عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرني أبو محمد بن عتاب وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم خلف بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد ابن عثمان بن السكن قال: ومن الصحابة ممن اسمه خزيمة منهم خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان بن عامر بن خطمة ذو الشهادتين، سكن الكوفة، وتوفي في خلافة عمر بالمدينة.
وقال معمر عن الزهري: قتل خزيمة بن ثابت مع علي يوم صفين سنة سبع وثلاثين، يكنى أبا عمارة، روى عنه من الصحابة جابر بن عبد الله، فقال: هو من بني خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس، وكانت راية بني خطمة مع خزيمة يوم الفتح وهو ممن افتخرت به الأوس على الخزرج، فقالوا: منا ذو الشهادتين، وأمه كبشة بنت أوس، روى خزيمة عن النبي صلى الله عليه وسلم أحاديث.

أخبرنا أبو اليمن الكندي كتابة عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي عن أبي محمد الجوهري قال: أخبرنا أبو الحسين بن المظفر قال: أخبرنا أبو علي المدائني قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن عبد الرحيم قال: ومن بني خطمة واسمه عبد الله بن جشم بن مالك بن أوس خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة وهو ذو الشهادتين، وقتل يوم صفين.
أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله القاضي قال: أخبرنا علي بن أبي محمد الحافظ قال: أخبرنا أبو الفتح يوسف بن عبد الواحد قال: أخبرنا شجاع بن علي قال: أخبرنا أبو عبد الله بن مندة قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري من بني خطمة من الأوس، رى عنه جابر بن عبد الله، وأبناه: عبد الله وعمارة، وجعل النبي صلى الله عليه وسلم شهادته شهادة رجلين.
أنبأنا أبو المحاسن بن الفضل قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم قال: أنبأنا أبو سعد المطرز، وأبو علي الحداد قالا: قال أبو نعيم الحافظ: خزيمة بن ثابت بن الفاكه ابن عمرو بن عدي بن وائل بن منبه بن امريء القيس بن سلمى بن حبيب بن عدي ابن ثعلبة بن عمرو بن عامر بن حارثة بن ثعلبة بن غسان بن الأزد بن الغوث بن مالك ابن زيد بن كهلان بن سبأ بن يشجب بن يعرب بن قحطان بن هود، وقيل خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة الأنصاري من بني خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس.
أخبرنا أبو الفتوح نصر بن أبي الفرج الحصري في كتابه إلينا من مكة شرفها الله، قال: أخبرنا الحافظ أبو محمد عبد الله بن محمد بن علي الأشيري قال: أخبرنا أبو الوليد يوسف بن عبد العزيز بن الدباغ قال: أخبرنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد العزيز بن ثابت قال: أخبرنا أبو عمر يوسف بن عبد الله بن عبد البر النمري قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة الخطمي الأنصاري من بني خطمة من الأوس، يعرف بذي الشهادتين، جعل رسول الله صلى الله عليه وسلم شهادته كشهادة رجلين يكنى أبا عمارة، شهد بدراً، وما بعدها من المشاهد، وكانت راية خطمة بيده يوم الفتح، وكان مع علي رضي الله عنه بصفين، فلما قتل عمار جرد سيفه فقاتل حتى قتل، وكانت صفين سنة سبع وثلاثين.
قال أبو عمر: روي عن محمد بن خزيمة من وجوه قد ذكرتها في كتاب الاستظهار في طرق حديث عمار قال: ما زال جدي خزيمة بن ثابت مع علي بصفين كافا سلاحه، كذلك فعل يوم الجمل، فلما قتل عمار بصفين قال خزيمة: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل.
أخبرنا أبو اليمن زيد بن الحسن فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا أبو منصور عبد الرحمن بن محمد بن زريق قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: ذكر الدارقطني يعني جد خزيمة بن ثابت في الترجمة بكسر العين، وفي سياقه النسب بفتحها، وكان ينبغي أن ينسب ما ذكره في الترجمة من كسر العين إلى قائله، وقد نسب خزيمة كذلك أبو بكر البرقي، فأخبرنا أبو القاسم الأزهري وأبو محمد الجوهري قالا: أخبرنا محمد بن المظفر قال: أخبرنا أحمد بن علي بن الحسن المدائني قال: حدثنا أبو بكر بن البرقي قال: خزيمة بن ثابت، ثم ساق نسبه مثل ما ذكر سعد بن عبد الحميد سواء، غير أنه قال: عنان بكسر العين وقال: أيضاً حنظلة بدل خطمة، وقوله حنظلة خطأ والصواب خطمة بغير شك، وأما ما حكاه عن الطبري من قوله في نسب خزيمة غيان بدل عنان، فقد ذكره كذلك عبد الله بن محمد بن عمارة بن القداح في نسب الأنصار.
أنبأنا الحسين بن محمد الرافقي قال: أخبرنا أحمد بن كامل القاضي قال: أخبرني أحمد بن سعيد قال: حدثنا مصعب بن عبد الله بن ابن القداح قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن غيان بن عامر بن خطمة شهد أُحداً، وما بعدها من المشاهد، وهو ذو الشهادتين. قال الخطيب: ولم يذكر بين ساعدة وبين غيان عامراً، فالله أعلم بالصواب.

أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن الهمذاني قال: أخبرنا أبو علي محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه الأصبهاني قال: أخبرنا الحاكم أبو أحمد الحافظ قال: أبو عمارة خزيمة بن ثابت بن عمارة بن الفاكه بن ساعدة بن عامر ابن عنان بن عامر بن خطمة، وخطمة هو عبد الله بن جشم بن الأوس الأنصاري الخطمي، وأمه كبشة بنت أوس بن عدي بن أمية بن عامر بن خطمة، له صحبة من النبي صلى الله عليه وسلم، وهو الذي كانت شهادته بشهادتين، قتل بصفين مع علي ابن أبي طالب.
أنبأنا أبو القاسم بن محمد القاضي قال: أنبأنا أبو محمد عبد الكريم بن حمزة السلمي عن أبي نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: وأما عنان بفتح العين، فهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن عنان بن عامر بن خطمة بن جشم بن مالك بن الأوس هكذا نسبه سعد بن عبد الحميد بن جعفر، وشباب، وقال أبو بكر بن البرقي كما ذكرناه، إلا أنه قال: عنان، بكسر العين، وقال: عوض خطمة، حنظلة، وهو غلط بغير إشكال.
وقال الطبري في نسبه مثل ما ذكر شباب، وابن عبد الحميد إلا أنه قال غيان بغين معجمة وياء مشددة، وقال ابن القداح في نسبه: وهو خزيمة بن ثابت بن الفاكه ابن ثعلبة بن ساعدة بن غيان بن عامر بن خطمة، وأسقط عامراً بين ساعدة وغيان، ووافق ابن جرير في أنه بغين معجمة، والصحيح إثبات عامر لاتفاق الجماعة عليه.
أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله كتابة قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: خزيمة بن ثابت بن الفاكه بن ثعلبة بن ساعدة بن عامر بن غيان، ويقال عنان بن عامر بن خطمة، واسمه عبد الله بن جشم ابن مالك بن الأوس بن حارثة بن ثعلبة بن عمرو بن عمارة الأنصاري الخطمي صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وهو ذو الشهادتين، شهد مع النبي صلى الله عليه وسلم غزوة الفتح، وكان يحمل راية بني خطمة، روى عن النبي صلى الله عليه وسلم، روى عنه ابنه عمارة بن خزيمة، وأبو عبد الله بن عبد ويقال عبد الرحمن بن عبد الجدلي، وعطاء بن يسار وشهد غزوة مؤتة.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو يعلى حمزة بن الحسن قال: أخبرنا سهل بن بشر قال: أخبرنا أحمد بن محمد الطرايثيثي قال: أخبرنا أبو الفضل السعدي قال: أخبرنا منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا جعفر بن أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا أحمد بن الهيثم قال: قال أبو نعيم الفضل بن دكين في تسمية من نزل الكوفة من الصحابة: خزيمة بن ثابت الأنصاري قتل بصفين.
وقال: أخبرنا أبو الحسن علي بن محمد قال: أخبرنا محمد بن الحسن بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن الحسين قال: أخبرنا عبد الله بن محمد قال: حدثنا محمد ابن إسماعيل قال: حدثني محمود قال: حدثني عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر قال: قال الأزهري: قتل خزيمة بن ثابت يوم صفين مع علي.
أخبرنا جعفر بن أبي الحسن بن أبي البركات الهمذاني في كتابه قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي وأبو محمد بن أبي العطاف في كتابيهما قالا: أخبرنا أبو عبد الله بن أحمد بن إبراهيم الرازي، ح.
قال الهمذاني: وأخبرنا أبو القاسم بن مكي بن موقي قراءة عليه قال: أنبأني أبو عبد الله الرازي قال: أخبرنا أبو القاسم علي بن محمد الفارسي قال: أخبرنا أبو أحمد بن محمد بن المفسر قال: حدثنا أبو محمد عبد الرحمن بن إسماعيل الكوفي قال: حدثنا زكريا بن يحيى قال: حدثنا أبو صالح قال: حدثنا أبو معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: ما زال جدي كافا سلاحه يوم الجمل، حتى إذا كان يوم صفين فقتل عمار بن ياسر بصفين رحمه الله، سل سيفه فقاتل حتى قتل.
وقال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية.

أنبأنا أبو حفص عمر بن طبرزد عن أبي القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو القاسم بن البسري وأبو طاهر أحمد بن محمد، وأبو محمد وأبو الغنائم ابنا أبي عثمان وعاصم بن الحسين، والحسن بن أحمد بن محمد بن طلحة قالوا: أخبرنا أبو عمر بن مهدي قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن يعقوب بن شيبة قال: حدثنا جدي قال: حدثنا أبو بكر بن أبي شيبة قال: حدثنا علي بن حفص يعني المدائني عن أبي معشر عن محمد بن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: كان جدي كافا سلاحه يوم الجمل ويوم صفين حتى قتل عمار، فلما قتل عمار بن ياسر قال: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتل عماراً الفئة الباغية، ثم سل سيفه فقاتل حتى قتل.
قال وحدثنا جدي قال: حدثنا الفضل دكين قال: حدثنا عبد الجبار يعني ابن العباس الهمداني، وهو عبد الجبار الشامي، عن أبي إسحق قال: لما قتل عمار دخل خزيمة بن ثابت فسطاطة وطرح عليه سلاحه ثم سن عليه من الماء، ثم قاتل حتى قتل.
أنبأنا علي بن المفضل عن أبي القاسم بن بشكوال قال: أخبرنا أبو محمد بن عتاب، وأبو عمران بن أبي تليد إجازة قالا: أخبرنا أبو عمر النمري قال: أخبرنا أبو القاسم بن القاسم قال: أخبرنا أبو علي سعيد بن عثمان قال: أخبرنا محمد بن هارون قال: أخبرنا محمد بن منصور الطوسي قال: حدثنا أبو أحمد الزبيري قال: حدثنا عبد الجبار بن العباس عن أبي إسحق قال: قيل لخزيمة بن ثابت: قتل عمار بن ياسر، فدخل فسطاطاً، فاغتسل ثم خرج فقاتل حتى قتل.
أخبرنا أبو الحجاج يوسف بن خليل بن عبد الله إذنا قال: أخبرنا محمد ابن أبي زيد الكراني قال أخبرنا محمود بن إسماعيل الصيرفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن فاذشاه قال: أخبرنا أبو القاسم الطبراني قال: حدثنا محمد ابن عبد الله الحضرمي قال: حدثنا محمد بن بكار قال: حدثنا أبو معشر عن محمد ابن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: قاتل خزيمة بن ثابت يوم صفين حتى قتل.
أنبأنا أبو العلاء أحمد بن شاكر بن عبد الله بن سليمان قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد في كتابه قال: أخبرنا محمد بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن الحسن بن أحمد قال: أخبرنا الحسن بن أحمد قال: أخبرنا إبراهيم بن الحسين قال: حدثنا يحيى بن سليمان قال: حدثنا إبراهيم بن الجراح عن أبي يوسف عن محمد بن إسحق عن صالح بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف قال: حدثني شيخ من أسلم شهد يوم صفين قال: والله إن الناس لعلى شاكلتهم، رجل يصلح سرجه وآخر يصلح لجامه وآخر يعلف دابته فما راعنا إلا صوت عمار: أيها الناس من رائح إلى الله عز وجل الظمأ بردوا، إنما الجنة تحت أطراف العوالي.
وقال: حين كادت الشمس أن تعتدل، قال: فقتل عمار يومئذ وخزيمة بن ثابت الأنصاري وعبد الرحمن بن كلدة، وكانت بيننا قتلى مثل الجبال.
أنبأنا أحمد بن أزهر عن أبي بكر محمد بن عبد الباقي قال: أخبرنا الحسن بن علي قال: أخبرنا محمد بن العباس قال: أخبرنا أحمد بن معروف قال: حدثنا الحسين بن محمد قال: حدثنا محمد بن سعد قال: حدثنا محمد بن عمر قال: حدثني عبد الله بن الحارث بن الفضل عن أبيه عن عمارة بن خزيمة بن ثابت قال: شهد خزيمة بن ثابت الجمل وهو لا يسل سيفاً، وشهد صفين، وقال: أنا لا أقتل أحداً حتى يقتل عمار، فأنظر من يقتله فإني سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: تقتله الفئة الباغية، قال: فلما قتل عمار بن ياسر قال خزيمة: قد بانت لي الضلالة ثم اقترب فقاتل حتى قتل.
وقال: حدثنا محمد بن سعد قال: التقوا بصفين في صفر سنة سبع وثلاثين فلم يزالوا يقتتلون بها أياماً، وقتل بصفين عمار بن ياسر وخزيمة بن ثابت، وأبو عمرة المازني، وكانوا مع علي رضي الله عنه.
أنبأنا حسن بن أحمد الصوفي قال: أخبرنا أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين بن الطيوري قال: أخبرنا ابن حشيش قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا ابن قانع قال: سنة سبع وثلاثين، خزيمة بن ثابت الأنصاري بصفين، يعني قتل.

أخبرنا.... قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد بن السمرقندي قال: أخبرنا أبو الحسين بن النقور قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص قال: أخبرنا أحمد بن عبد الله بن سعيد بن سيف قال: حدثنا أبو عبيدة السري بن يحيى قال: حدثنا معاوية بن إبراهيم قال: حدثنا سيف بن عمر عن محمد بن عبد الله عن الحكم قال: قيل له: أشهد خزيمة بن ثابت ذو الشهادتين الجمل؟ قال: ليس به، ولكنه غيره من الأنصار، مات ذو الشهادتين في زمان عثمان بن عفان رضي الله عنهما.
والصحيح أن خزيمة عاش إلى زمن علي رضي الله عنه وقتل بصفين.
خزيمة بن حازم بن خزيمة النهشلي:
القائد، كان له مكانة ومنزلة عند الرشيد، وابنه الأمين، ولاه الرشيد حجابته وشرطته، ثم عزله سنة اثنتين وسبعين ومائة عن الشرط، وولى مكانه المسيب بن زهير، وولاه الرشيد قنسرين وحلب والعواصم في سنة ثلاث وتسعين ومائة، وقيل إن ابنه القاسم بن هارون كان معه، ولما توفي الرشيد ولى الأمين أخاه القاسم على قنسرين والعواصم وولى خزيمة بن خازم الجزيرة وحدها، ثم عزل أخاه عن قنسرين سنة أربع وتسعين ومائة وولاها خزيمة بن خازم، ثم إن الأمين ولى عبد الملك بن صالح الجزيرة والشام بعد أن أخرجه من حبس أبيه الرشيد بعد موته، فلما توفي عبد الملك بن صالح ولى خزيمة بن خازم قنسرين وحلب والعواصم سنة سبع وتسعين ومائة، وأظن أنه عزل عنها سنة ثمان وتسعين ووليها عبد الله بن طاهر.
حدث خزيمة بن خازم عن محمد بن عبد الرحمن بن أبي ذئب وأبي جعفر المنصور، والربيع بن يونس الحاجب، وابنه الفضل بن الربيع، روى عنه يعقوب ابن يوسف الأصم وأبو بلال الشعري، وعبد الرحمن بن محمد الحاسب.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن عبد الملك بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد ابن علي قال: أخبرنا أحمد بن أبي جعفر القطيعي قال: أخبرنا محمد بن عبد الله بن محمد بن همام الحافظ قال: حدثنا محمد بن إسماعيل بن علي بن النعمان بن البندار قال: حدثنا الجراح بن مخلد قال: حدثنا يعقوب بن يوسف الأصم قال: حدثنا خزيمة بن خازم القائد عن ابن أبي ذئب عن الحارث بن عبد الرحمن عن أبي سلمة عن أبي هريرة قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: من قال إذا أصبح رضيت بالله رباً وبالإسلام ديناً وبمحمد نبياً، رضي الله عنه.
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل الهاشمي بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني قال: أخبرنا أبو المكارم رزق الله بن محمد القياوي ببخارى قال: أخبرنا أبو الفضل الزرنجري إملاء قال: حدثنا السيد زيد بن حمزة الحسني قال: حدثنا إسماعيل بن أحمد الفضائلي قال: أخبرنا أبو أحمد القاضي قال: حدثنا محمد بن محمد بن عبد الله قال: حدثنا محمد بن موسى السمرقندي قال: حدثنا محمد بن عمر الواقدي، ح.
قال: أبو سعد السمعاني وأخبرناه عاليا أبو الفضل محمد بن عبد الله بن المهتدي بالله الهاشمي في داره بباب البصرة قال: حدثنا أبو القاسم علي بن أحمد البسري إملاء قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن عثمان بن بكران بن جابر العطار قراءة عليه قال: حدثنا أحمد بن يوسف بن خلاد أبو بكر قال: أخبرنا أحمد ابن كثير بن الصلت قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن عمر الواقدي عن أبي بلال عن خزيمة بن خازم عن الفضل بن الربيع عن المهدي عن المنصور عن أبيه عن جده عن ابن عباس رضي الله عنهما قال: كان رسول الله صلى الله عليه وسلم إذا كان الصيف خرج من البيت ليلة الجمعة، وإذا كان الشتاء نزل ودخل البيت ليلة الجمعة.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا أبو منصور بن خيرون قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن علي بن ثابت الخطيب قال: خزيمة بن خازم النهشلي القائد، كان له تقدم ومنزلة عند الخلفاء، ودرب خزيمة ببغداد إليه ينسب وأظن أصله خراسانياً إلا أنه نزل بغداد وأقام بها إلى حين وفاته، وقد روي عنه عن محمد بن عبد الرحمن ابن أبي ذئب حديث مسند أخبرناه أحمد بن أبي جعفر القطيعي وذكر الحديث الذي بدأنا بذكره أولاً، قلت: وقد وقع لنا والحمد لله عنه حديث آخر وهو الذي ثنينا بذكره.

أنبأنا عمر بن محمد الدارقزي قال: أخبرنا أبو غالب أحمد بن الحسن بن البناء في كتابه قال: أخبرنا أبو غالب بن بشران إجازة قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قالا: أخبرنا إبراهيم بن محمد بن عرفة نفطويه قال: كانت وفاة الرشيد بطوس، ودفن الرشيد هنالك، وعلى حجبته الفضل بن الربيع، وذكر الولاة وقال: وعلى حرب الجزيرة خزيمة بن خازم.
وقال: ثم دخلت سنة أربع وتسعين يعني ومائة، وعزل الأمين القاسم بن الرشيد، وهو المؤتمن عن قنسرين والثغور، وولى مكانه خزيمة بن خازم.
أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد القزاز قال: أخبرنا الحافظ أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: أخبرنا محمد بن إبراهيم الجوزي في كتابه قال: أخبرنا أحمد بن حمدان بن الخضر قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة ثلاث ومائتين فيها مات خزيمة بن خازم يوم الجمعة لاثنتي عشرة ليلة خلت من شعبان.
قال الخطيب: أخبرني الأزهري قال: أخبرنا أحمد بن إبراهيم قال: حدثنا إبراهيم بن محمد بن عرفة قال: مات خزيمة بن خازم سنة ثلاث ومائتين بعد أن عمي.
خسر فيروز
وقيل خرزاد فيروز، وقيل فناخسر بن فيروز خسره بن خسر فيروز بن خسرو ابن الحسن بن بويه بن فناخسرو بن تمام بن كوهي الملك بن شيرزيل الأصغر ابن شيركذه بن شيرزيل الأكبر بن شيران شاه بن شيرفنه بن سستان شاه بن سسن فرو بن شروزيل بن سسنادر بن بهرام جور الملك بن يزدجرد الملك بن هرمز الملك كرمانشاه بن سابور الملك بن سابورذي الأكتاف بن هرمز الملك بن برسي الملك بن بهرام الملك بن بهرام الملك بن هرمز الملك بن سابور الملك بن أزدشير الملك الجامع ابن بابك بن ساسان الأصغر بن بابك بن ساسان الأصغر بن بابك بن ساسان أبو منصور الملك الملقب بالملك العزيز بن أبي طاهر جلال الدولة بن بهاء الدولة بن عضد الدولة أبي شجاع بن ركن الدولة أبي علي بن أبي شجاع البويهي، كان عالماً فاضلاً شاعراً مجيداً ذا رأي وتدبير وسياسة، وسيرة حسنة، قدم منبج بعد زوال ملكه، وله إقامة بها، وذكر ذلك في شعره، وزوج ابنته من محمود بن نصر بن صالح، فأولدها ابنه سابق، وصعد بهاء الدولة ابنه إلى الديار المصرية وعاد منها إلى حلب، فأقام بها مدة حين وليها ابن أخته سابق بن نصر بن محمود المرداسي الكلابي.
وكان الملك العزيز يحب الأدب وأهله، وصنف له أبو الحسن محمد بن علي ابن نصر الكاتب كتاب المفاوضة في نحو ثلاثين كراسة، روى عنه شيئاً من شعره أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب وأبو البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي وولد بالبصرة في يوم الجمعة التاسع عشر من صفر سنة سبع وأربعمائة.
واختلف النسابون في بني بويه فقيل أنهم ينتسبون إلى تمام بن كوهي، وبنو كوهي عشيرة ترجع إلى يزدجرد الملك المعروف بالأثيم بن الملك سابور الثاني ابن الملك سابور الأول ذي الأكتاف بن الملك هرمز بن الملك برسا بن بهرام الملك الثاني بن بهرام الملك الأول بن هرمز الملك بن سابور الجنود الملك بن أردشير الملك الجامع ملك فارس بعد الفرقة، وقاتل ملوك الطوائف وواضع أدب الفرس بن بابك شاه بن سامان الأصغر الراجع نسبه إلى كيومرت بن نقيس بن إسحق بن إبراهيم، ويقال إنهم يرجعون بنسبهم إلى الديلم بن باسل بن ضبة بن أد بن طابخة ابن إلياس وهو خندف.
وأبو إسحق الصابيء الكاتب اعتمد على الأول، وهو الذي ذكرناه في نسب الملك العزيز في هذه الترجمة.
أنبأنا عبد العزيز بن دلف المقريء الخازن قال: أخبرنا الكاتبة شهدة بنت أحمد بن الفرج بنت الآبري قالت: أخبرني القاضي أبو المعالي عزيزي شيذله قال: أنشدني الرئيس أبو الحسن علي بن الحسن الكاتب بقرية بشيلي من نهر ملك قال: أنشدني الملك العزيز نصير أمير المؤمنين بن الملك جلال الدولة لنفسه:
عليك أنفاس النسيم ترفق ... برسوم منبج والربى من جلق
وإذا ونيت وسرت في عرصاتها ... فاستبق جدتها التي لم تخلق
عل الزمان يعيد منبج كالذي ... عانيت أو تبقى بقية ما بقي
أرض إذا رق النسيم بجوها ... سقيتها من دمعي المترقرق
سقيا لها ولمستعفين صحبتهم ... زمنا بمنبج في الزمان المونق

باكرتهم والصبح يرفل في الدجى ... وجيوب أقمصه الدجى لم تشقق
والطير بين مصفق مستبشر ... فرحاً وبين مهموم لم ينطق
أخبرنا أبو القاسم عبد الله بن الحسين بن رواحة قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أنشدنا أبو البركات المظفر بن سعد بن محمد الموصلي قال: أنشدنا خرزاد فيروز الملك العزيز لنفسه:
وراقص يستحث الكف بالقدم ... مستملح الشكل والأعطاف والشيم
ترى له نبرات من أنامله ... كأنها نبضات البرق في الظلم
يراجع الحث في الإيقاع من طرب ... تراجع الرجل الفأفاء في الكلم
أخبرنا أبو محمد عبد اللطيف بن يوسف النحوي في كتابه عن أبي الفتح محمد بن عبد الباقي بن سلمان بن البطي قال: كتب إلينا أبو عبد الله محمد بن أبي نصر الحميدي عن غرس النعمة محمد بن هلال بن المحسن الصابيء قال: وحدثني أبو... بن عاصم قال: لما انحدر الملك العزيز بن بويه قاصداً البصرة محارباً لها وطامعاً فيها شيعته وخدمته وكنت في جملة الغلمان دائماً على رأسه، فأنشد شيئاً من شعره، وأخذ الحاضرون يصفونه ويمدحونه وذكر في شيء منه انحداره هذا وقصده ورجاء النجاح فيه والثقة به، فأردت أن أدخل نفسي في جملة من يمدحة ويتكلم بين يديه وكنت أحفظ له ثلاثة أبيات فيها ذكر الانحدار فقلت: يا مولانا لك في ذكر الانحدار شيء حسن، ما هو؟ فقلت:
وما شكرت زماني حين أصعدني ... فكيف أشكره في حال منحدري
تلاعبت بي أمور لورمين بها ... جوانب الفلك الدوار لم يدر
تزيدني قسوة الأيام طيب ثنا ... كأنني المسك بين الفهر والحجر
فتطير من ذلك وقال: إنا لله وإنا إليه راجعون، لا أحسن الله تعالى جزاءك فرجعت إلى نفسي وعرفت غلطي، وهربت على وجهي خجلاً ولنفسي معنفاً وكسر في هذا الوجه ورجع كما لا يحب.
قرأت بخط أبي الفتح أحمد بن علي المدائني الحلبي من مجموعه الذي وهبنيه والدي رحمه الله: تعليق من شعر الملك العزيز فناخسر بن الملك الأعظم شاهنشاه جلال الدولة أبي طاهر:
إن كان فرعك ذا كريم الغرس ... فاترك مجالسة الذليل المعطس
وابغ العلى بفوارس قد آثروا ... لثم الرماح على الظباء الكنس
وإذا دعوتهم ليوم كريهة ... والخيل بين مقعص ومدعس
لبسوا القلوب على الدروع وأقبلوا ... يتنازعون على ذهاب الأنفس
قال: وله في إيوان كسرى، وأنشدني والدي هذين البيتين:
يا أيها المغرور بالدنيا اعتبر ... بديار كسرى فهي معتبر الورى
عمرت زماناً بالملوك وأصبحت ... من بعد حادثة الزمان كما ترى
قال وله:
وبالقطيعة من بغداد لي قمر ... نفسي تقطع من وجد به قطعا
أصانع القلب عنه وهو في يده ... يجني عليه ولا يعنى بما صنعا
أشكو إلى الله قلباً في تقلبه ... فإن قلبي وطرفي في دمي شرعا
يا من فؤادي أسير في بيوتهم ... يعل فيهم بكاسات الأسى جرعا
إني لأسألكم بقيا على كبدي ... فلا تظنوا سؤاليها لكم هلعا
إلا مخافة أن تستأصلوا بدمي ... فتهلكوا وفؤادي في الغرام معا
أهل القطيعة هم أهل القطيعة ... بل أهل الخيانة أظهروا البدعا
هم تصدوا فصدوا بعد أن ملكوا ... وأورثونا ولم يرثوا لنا جزعا
إني إذا سمحوا يوماً بقربهم ... فلست أفكر فيمن شح أو منعا
أخبرنا أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد السمعاني قال: أخبرنا الحسين بن عبد الملك بن الحسين الرازي بأصبهان بقراءتي عليه قال: أخبرنا أبو القاسم عمر بن عبد الملك بن عمر الفقيه الكاتب في كتابه للملك العزيز:
خليلي هذا الدهر ما تريانه ... خمول نبيه أو علو سفيه
فإن تسألوني ما الذي قد لقيته ... فأيسر ما لاقيت ما أنا فيه

نقلت من خط أبي الحسن علي بن مقلد بن علي بن منقذ في تاريخه، وذكر أحوال سابق بن محمود بن نصر بن صالح بن مرداس، وضعف أمره وقال في أثناء كلامه: والأمير سديد الملك مقيم بالجسر لعلمه أن الداء قد أعضل، وكان سبب ذلك أن الأمير بهاء الدولة بن الملك فناخسرو، وهو خاله، قد نزل من مصر لما تولى ابن أخته حلب، كانت جاريته قد اعتقلها أمير الجيوش بدر بمصر، وأراد يضرب رقبتها لأنها كانت أوفى طبقة في الغناء، فكان الأمراء بمصر يتقاتلون عليها، فقتل من أجلها عدة من الأمراء، فقال لسابق: ما يقدر أحد يخلص جاريتي وأولادي إلا الأمير سديد الملك، فإنني رأيت له بمصر صيتاً وافياً وقال من بها: لو كان جعل مقره بمصر عوض طرابلس كانت الدولة في قبضته، فثقل على الأمير إلى أن كتب وسير إلى أمير الجيوش في أمر الجارية، فقال: والله ما أردت أخرجها أبداً من الحبس، ولكني لا أرد مسألة ذلك المحتشم فسيرها إلى طرابلس إلى دار جدي، فأحضرها إلى حلب ومعها ابناها: دارا، وبهمن، فلما حضرت في مجلس سابق أول صوت غنت:
نفسي فداؤك كيف تصبر طائعاً ... عن فتية مثل البدور صباح
حنت نفوسهم إليك فأعلنوا ... نفساً يغل مسالك الأرواح
وغدوا لراحهم وذكرك فيهم ... أذكى وأطيب من نسيم الراح
فإذا اجزت خبئا وذكرك فيهم ... جعلوك ريحانا على الأقداح
ثم قامت وقبلت الأرض وقالت: يا أمير بو الحسن أنا مصطنعتك وكذلك أولادي فتخيل مولاها وخاف أن يكون الأمير أبو الحسن يخرجه من منزله إذ كان يعلم أنه من غير شكله، ولا هو من رجال سديد الملك، فاشتغل عنهم بحصنه وبلدة كفر طاب يشتو بالجسر ويضيف بكفر طاب إلى أن غلب سابق واستحكم بأسه.
وهذه الحكاية لا تتعلق بالملك العزيز بل بابنه وكتبت سهوا وهي مما ينبغي أن يكتب في ترجمة سديد الملك علي بن منقذ.
قرأت في بعض تعاليقي أن الملك العزيز بن بويه توفي في شهر ربيع الآخر بميافارقين سنة إحدى وأربعين وأربعمائة.
خصيف بن عبد الرحمن:
وقيل ابن يزيد أبو عون الحراني الحضرمي الأموي مولاهم، قيل هو مولى عثمان بن عفان، وقيل مولى معاوية بن أبي سفيان.
حدث عن أنس بن مالك، وقيل أنه رأى أنسا ولم يسمع منه، وروى عن مجاهد بن جبر وسعيد بن جبير، وعمر بن عبد العزيز، وأبي عبيدة بن عبد الله ابن مسعود، وعكرمة مولى ابن عباس، ونافع مولى ابن عمر ومقسم وكعب بن محمد بن كعب القرظي، روى عنه محمد بن إسحق بن يسار، وأبو حنيفة النعمان ابن ثابت وعطاء الخراساني وسفيان بن سعيد الثوري وشريك بن عبد الله القاضي، وعبد الله بن أبي نجيح المكي وأبو صخر عبد الوارث بن صخر الحمصي، وأبو جعفر حكيم بن نافع، ومعمر بن سليمان الرقيان، وإسرائيل بن يونس، وأبو الأصبغ عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي، ومحمد بن سلمة الحراني، ومحمد بن فضل ابن غزوان، وهارون بن حيان الرقي، وعبد الواحد بن زياد، ومروان بن شجاع وعبد السلام بن حرب الملائي، وعثمان بن عبد الرحمن، وأبو سعيد محمد بن مسلم بن أبي الوضاح المؤدب، وعتاب بن بشير، وأبو بدر شجاع بن الوليد، وخطاب بن القاسم، وعثمان بن ساج.
وقدم الرصافة على هشام بن عبد الملك وحدث بها.
أخبرنا الإمام شهاب الدين أبو نصر عمر بن محمد السهروردي، وأبو محمد عبد اللطيف بن يوسف بن محمد وأبو بكر عبد الله بن عمر بن علي القرشي، وأبو سعد ثابت بن مشرف بن أبي سعد البناء البغداديون، وأبو إسحق إبراهيم بن عثمان ابن يوسف الكاشغري، وأبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سلمان الأربلي، كلهم بحلب وموسى بن عبد القادر الجيلاني البغدادي بدمشق، وأبو عبد الله محمد بن أبي القاسم بن تيمية الحراني بها، قالوا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الباقي بن أحمد بن سلمان، ح.
قال أبو سعد ثابت: واخبرنا أبو بكر يحيى بن عبد الباقي الغزال قالا: أخبرنا أبو الحسن أحمد بن محمد بن موسى بن القاسم بن الصلت قال: حدثنا إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي قال: حدثنا أبو سعيد الأشج قال: حدثنا عبد السلام عن خصيف عن سعيد بن جبير عن ابن عباس أن رسول الله صلى الله عليه وسلم أهل في دبر الصلاة.

أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو الفضل عبد الله بن أحمد بن محمد الطوسي إذنا قال: أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن أحمد بن محمد بن طلحة النعالي قال: أخبرنا أبو الفرج محمد بن عبد الله بن جعفر بن محمد البزاز قال: أخبرنا أبو بكر عبد الله بن محمد بن فورك قال: أخبرنا أبو العباس أحمد بن عمرو بن أبي عاصم قال: حدثنا القاضي أبو القاسم علي بن محمد بن كاس قال: حدثنا سليمان بن الربيع قال: حدثنا حامد بن آدم قال: حدثنا محمد بن الفضل أنهم دخلوا على خصيف مع أبي حنيفة فنهض إليه واستقبله وأقبل عليه وعظمه، فسأله أبو حنيفة عن حديث ابن مسعود في بيضة النعام يصيبها المحرم، إن فيه قيمته.
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص ببغداد قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله بن عبد الرحمن القزاز قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار الصيرفي قال: أخبرنا علي بن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: حدثنا محمد بن الحارث البزاز قال: حدثنا محمد بن سلمة عن خصيف قال: رأيت أنس بن مالك، ح.
قال: أبو عروبة: وحدثنا أحمد بن بكار وسليمان بن عمر بن خالد قالا: حدثنا عتاب عن خصيف قال: كنت مع مجاهد فرأيت أنس بن مالك، فأردت أن آتيه فمنعني مجاهد، فقال: لا تذهب إليه فإنه يرخص في شرب الطلاء فلم ألقه ولم آته.
قال عتاب: قلت لخصيف: ما كان أحوجك إلى أن تضرب كما يضرب الصبي الصبي بالدرة، وتدع أنس بن مالك صاحب رسول الله صلى الله عليه وسلم، وتقيم على كلام مجاهد.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام أن الحافظ أبا العلاء الحسن بن أحمد الهمذاني كتب إليهم: أخبرنا أبو علي الحداد قال: أخبرنا أبو نعيم الحافظ قال: حدثنا أبو محمد بن حيان قال: حدثنا محمد بن العباس قال: حدثنا عبد الرحمن بن يونس قال: حدثنا إسحق بن عبد الله قال: حدثنا عطاء الخراساني قال: أقبلت أنا ومكحول نريد هشام بن عبد الملك وهو بالرصافة يومئذ، فانتهينا إلى واسط الرقة، فإذا نحن بخصيف بن عبد الرحمن يحدث، فوقفنا عليه فقلنا: حدثنا يرحمك الله، فتأملنا، ثم قال: العلماء إذا ما عرفوا غابوا، وإذا ما غابوا طلبوا، وإذا ما طلبوا هربوا، قال: فالتفت أحدنا إلى صاحبه، فقال: موعظة، فأكفينا رؤوس رواحلنا فرجعنا إلى منازلنا، ولم نأت هشاماً.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو المعالي عبد الخالق بن عبد الصمد بن علي بن الحسين بن مسعود بن البدن، قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار بن أحمد بن بن الطيوري قال: أخبرنا أبو طاهر محمد بن علي بن يوسف بن العلاف الواعظ قال: أخبرنا أبي الحسن علي بن محمد بن أحمد بن الحسن بن الصواف قال: أخبرنا أبو يعقوب إسحق بن إبراهيم بن أبي حسان الأنماطي قال: حدثنا أحمد بن أبي الحواري قال: حدثني علي بن أبي الحسن ومحمد بن منصور قالا: خرج مكحول وعطاء إلى هشام، فلما دخلوا الرصافة أناخوا رواحلهم ودخلوا المسجد يركعون، فإذا بخصيف يحدث، فلما رآهما قال: كان العلماء إذا علموا عملوا، فإذا عملوا عرفوا، فإذا عرفوا هربوا، قال: فقال أحدهما لصاحبه: ما يعني إلا لنا، قال: فركبوا رواحلهم ورجعوا ولم يدخلوا على هشام.
قال أحمد: فحدثني بعض مشيختنا قال: فبلغ ذلك هشاماً، فبعث بالجائزة في طلبهم.
بسم الله الرحمن الرحيم
وبه توفيقي
أخبرنا المبارك بن مزيد الخواص ببغداد قال: أخبرنا أبو السعادات نصر الله ابن عبد الرحمن قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا علي ابن عمر بن محمد قال: أخبرنا محمد بن عبد الله الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: حدثنا أحمد بن أبي شعيب قال: حدثنا أبي قال: حججت أنا وموسى بن أعين مع عبد الكريم وخصيف، فلما وصلنا إلى الكوفة اجتمع الناس على خصيف وعبد الكريم فكانوا على عبد الكريم أكثر فقال خصيف: لقد طلبت العلم وإن له لجمة.
وقال: أخبرنا أبو عروبة قال: حدثني أبو الحسين يعني أحمد بن سليمان الرهاوي، وأبو فروة قالا: حدثنا عثمان بن عبد الرحمن قال: رأيت على خصيف ثياب سود، قلت: أي شيء من ثيابه؟ قال: كلها، زاد أبو فروة: وكان على بيت المال.

أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الفضل بن خيرون قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان الغلابي قال: حدثنا الواقدي قال: كان خصيف وخصاف ومخصف وعبد الكريم الجزري موالي معاوية، كانوا من الخضارمة، قال أبي: كان خصاف أفضلهم وأعبدهم.
قال أبو البركات الأنماطي أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن الباقلاني قال: أخبرنا أبو محمد يوسف بن رباح قال: أخبرنا أحمد بن محمد المهندس قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي قال: حدثنا معاوية بن صالح قال: سمعت يحيي بن معين يقول في تسمية أهل الجزيرة: خصيف بن عبد الرحمن.
أنبأنا أبو اليمن عن أبي بكر وجيه بن طاهر الشحامي قال: أخبرنا أبو صالح أحمد بن عبد الملك المؤذن قال: أخبرنا علي بن محمد بن السقاء قال: حدثنا أبو العباس محمد بن يعقوب قال: سمعت عباس بن محمد يقول: سمعت يحيي بن معين يقول خصيف كنيته أبو عون.
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا الفضل بن زياد قال: سمعت أحمد بن حنبل يقول: سالم الأفطس وعبد الكريم الجزري وعلي بن بذيمة وخصيف كلهم من أهل حران. قال: وإن كنا نحب خصيفاً فإن سالم أثبت حديثاً، وكان سالم يقول بالأرجاء.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو الفضل بن البقال قال: أخبرنا أبو الحسن الحمامي قال: أخبرنا إبراهيم ابن أحمد بن الحسن قال: أخبرنا إبراهيم بن أبي أمية قال: سمعت نوح بن حبيب القومسي يقول: خصيف الجزري، هو خصيف بن عبد الرحمن.
أخبرنا أبو عبد الله الحسين بن عمر بن باز في كتابه قال: أخبرنا عبد الحق بن عبد الخالق قال: أخبرنا أبو الغنائم محمد بن علي النرسي قال: أخبرنا عبد الوهاب بن محمد قال: حدثنا أحمد بن عبدان قال: أخبرنا محمد بن سهل قال: أخبرنا محمد بن إسماعيل البخاري قال: خصيف بن عبد الرحمن، أبو عون، وقال بعضهم: ابن يزيد الجزري، سمع سعيد بن جبير ومجاهداً، روى عنه الثوري وإسرائيل، كناه محمد بن عبيد عن عتاب بن بشير عن خصيف بن عبد الرحمن أبو عون، يقال مات سنة سبع وثلاثين ومائة، مولى معاوية.
أخبرنا سليمان بن الفضل في كتابه قال: أخبرنا علي بن أبي محمد قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن العباس قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن منصور قال: أخبرنا أبو سعيد بن حمدون قال: أخبرنا مكي بن عبدان قال: سمعت مسلم بن الحجاج يقول: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن الجزري سمع مجاهداً، وعكرمة، روى عنه عتاب ومحمد بن سلمة.
أخبرنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير فيما أذن لنا أن نرويه عنه عن أبي الفضل محمد بن ناصر الحافظ قال: أخبرنا أحمد بن علي بن عبد الله الدقاق والمبارك بن عبد الجبار قالا: أخبرنا الحسين بن علي الطناجيري قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن إبراهيم بن السري الدارمي قال: حدثنا عبد الملك بن بدر بن الهيثم قال: حدثنا أحمد بن هارون الحافظ قال: في الطبقة الثالثة من الأسماء المنفردة خصيف الجزري، روى عنه الثوري وإسرائيل وعتاب بن بشير، ومحمد بن سلمة الحراني.
وقال ابن ناصر: أنبأنا أبو طاهر بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا هبة الله بن عمر قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن إسماعيل قال: حدثنا أبو بشر محمد بن أحمد الدولابي قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن الجزري.
حدثنا إبراهيم بن يعقوب قال: حدثني النفيلي قال: حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف قال: قال لي مجاهد: أنا أحبك يا أبو عون في الله عز وجل.
وقال ابن ناصر: أنبأنا جعفر بن يحيى قال: أخبرنا عبيد الله بن سعيد قال: أخبرنا الخصيب بن عبد الله قال: أخبرني عبد الكريم بن أبي عبد الرحمن قال: أخبرني أبي أبو عبد الرحمن النسائي قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن، جزري صالح، وقيل ابن يزيد. أخبرني سليمان بن أشعث قال: سمعت يحيي يقول: خصيف ثقة.

أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن ظافر رواج بمنظرة سيف الإسلام بين مصر والقاهرة قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو صادق مرشد ين يحيي المديني قال: أنبأنا أبو الحسن علي بن منير بن أحمد الخلال قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن رشيق العسكري قال: حدثنا أبو عبد الرحمن أحمد ابن شعيب بن علي النسوي قال: خصيف ليس بالقوي.
أنبأنا أبو حفص عمر بن علي بن قشام عن أبي العلاء الحسن بن أحمد الحافظ قال: أخبرنا أبو جعفر محمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن محمد بن محمد الصفار قال: أخبرنا أبو بكر بن منجويه قال: أخبرنا أبو أحمد محمد بن محمد الحاكم قال: أبو عون خصيف بن عبد الرحمن، ويقال ابن يزيد الخضرمي القرشي الجزري الحراني، مولى عثمان أو معاوية، رأى أنس بن مالك، وسمع سعيد بن جبير، وعكرمة، ليس بالقوي عندهم.
روى عنه عبد الله بن أبي نجيح الثقفي ومحمد بن إسحق بن يسار وسفيان الثوري.
أنبأنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن أبي زكريا عبد الرحيم بن أحمد قال: حدثنا عبد الغني بن سعيد الحافظ قال: فأما الخضرمي بالخاء المعجمة المجرورة وضاد معجمة، فهم عدد يكونون بأرض الجزيرة، منهم خصيف بن عبد الرحمن أبو عون، وأخوه خصاف.
قال عبد الكريم بن حمزة: أنبأنا أبو نصر علي بن هبة الله بن ماكولا قال: أما الخضرمي بكسر الخاء وسكون الضاد المعجمة: خصيف بن عبد الرحمن، أبو عبد الرحمن، وقال غيره أصلهم من قرية من قرى اليمامة يقال لها خضرمة.
أخبرنا أبو نصر محمد بن هبة الله بن الشيرازي فيما أذن لنا أن نرويه عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: خصيف بن عبد الرحمن، ويقال ابن يزيد، أبو عون الجزري الحراني الخضرمي مولى بني أمية أخو خصاف، وكانا توأماً، وخصيف أكبرهما، حدث عن أنس بن مالك وسعيد بن جبير، ومجاهد، وأبي عبيدة بن عبد الله بن مسعود، ومقسم وعكرمة مولى ابن عباس، وعمر بن عبد العزيز، روى عنه عبد الله بن أبي نجيح المكي، ومحمد بن إسحق صاحب المغازي وابن جريج، وإسرائيل بن يونس، وسفيان الثوري، وعتاب بن بشير، ومعمر بن سليمان الرقي، وهارون بن حيان الرقي، وشريك بن عبد الله القاضي، ومحمد بن فضيل بن غزوان، وأبو سعيد محمد بن مسلم بن أبي الوضاح المؤدب، وعبد الواحد بن زياد، ومروان بن شجاع، وعبد العزيز بن عبد الرحمن أبو الأصبغ البالسي، ومحمد بن سلمة الحراني وغيرهم.
وقدم على عمر بن عبد العزيز، وقدم على هشام بن عبد الملك الرصافة.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن الحسن قال: أخبرتنا أم البهاء فاطمة بنت محمد بن أحمد بن الحسن قالت: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمود قال: أخبرنا أبو بكر المقريء قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن جعفر قال: حدثنا أبو الفضل عبد الله بن سعد بن إبراهيم قال: حدثنا عمي قال: حدثنا أبي عن ابن إسحق قال: حدثني عبد الله بن أبي نجيح المكي أنه حدثه خصيف، رجل من أهل الجزيرة قال: ابن أبي نجيح: وكان امريء من صالح الناس فيما نعلم.
أنبأنا أحمد بن عبد الله بن علوان قال: أخبرنا مسعود الثقفي كتابة عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو بكر البرقاني قال: أخبرنا أبو الفضل بن خميرويه قال: أخبرنا الحسين بن إدريس قال: سمعت محمد بن عبد الله بن عمار يقول خصيف الجزري، وما سمعت أحداً تركه.
قال الخطيب: خصيف بن عبد الرحمن الخضرمي، أبو عون، رأى أنس بن مالك وحدث عمن بعده، روى عنه مروان بن شجاع الجزري.
أنبأنا عبد الرحيم بن يوسف بن الطفيل قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر أحمد ابن محمد السلفي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا الحسين بن جعفر السلماسي قال: أخبرنا الوليد بن بكر قال: حدثنا علي بن أحمد الهاشمي قال: حدثنا أبو مسلم يعني صالح بن أحمد بن عبد الله العجلي قال: حدثني أبي قال: وخصيف الجزري ثقة.
أنبأنا سعيد بن هاشم الخطيب عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو عمرو عبد الوهاب بن محمد بن مندة قال: أخبرنا أبو علي حمد بن عبد الله قال: أخبرنا أبو محمد بن أبي حاتم قال: ذكر أبي عن إسحق بن منصور عن يحيي بن معين أنه قال: خصيف صالح.

قال: وسمعت أبي يقول: خصيف صالح يحفظ، وتكلم في سوء حفظه، وسئل أبو زرعة عن خصيف بن عبد الرحمن فقال: ثقة.
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا محمد بن علي قال: حدثنا عثمان بن سعيد قال: قلت ليحيي بن معين: فعبد الكريم أحب إليك أو خصيف؟ قال: عبد الكريم إلي وخصيف ليس به بأس.
قال أبو أحمد بن عدي: ولخصيف نسخ وأحاديث كثيرة، وإذا حدث عن خصيف ثقة فلا بأس بحديثه وبرواياته إلا أن أن يروى عنه عبد العزيز بن عبد الرحمن البالسي، يكنى أبا الأصبغ، فإن رواياته بواطيل، والبلاء من عبد العزيز لا من خصيف، وتروي عنه نسخة عن أنس بن مالك، وعن جماعة من التابعين، وقد ذكر عن خصيف أنه ترك أنس بن مالك ولم يسمع منه ولزم مجاهد.
أنبأنا عمر بن محمد بن طبرزد قال: أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين بن الفضل قال: أخبرنا عبد الله بن جعفر قال: حدثنا يعقوب بن سفيان قال: حدثنا أبو نعيم قال: حدثنا سفيان عن خصيف، جزري، يكنى أبا عون، لا بأس به.
أنبأنا سليمان بن الفضل قال: أخبرنا أبو القاسم بن أبي محمد قال: أنبأنا أبو محمد بن الأكفاني قال: أخبرنا عبد العزيز قال: أخبرنا علي بن الحسن الربعي، ورشاء بن نظيف قالا: أخبرنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم بن محمد الطرسوسي قال: حدثنا محمد بن محمد بن داود قال: حدثنا عبد الرحمن بن يوسف بن سعيد بن خراش قال: خصيف الجزري لا بأس به.
وقال أبو القاسم: قرأت على أبي القاسم زاهر بن طاهر عن أبي بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرني أبو بكر محمد بن جعفر قال: قريء على أبي بكر محمد بن إسحق، وسئل عن خصيف الجزري فقال: لا يحتج بحديثه.
وقال: أخبرنا أبو عبد الله البلخي قال: أخبرنا محمد بن الحسين بن عبد الله بن هريسة قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد البرقاني قال: سمعت أبا الحسن الدارقطني يقول خصيف بن عبد الرحمن جزري، يعتريه، يهم.
كتب إلينا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: كتب إلي ابن أيوب: أخبرنا ابن حميد قال: حدثنا جرير قال: كان خصيف الجزري تكلم في الأرجاء، روى بآخره أحاديث منكرة، وما أرى أنها من قبل خصيف. قيل له: فكيف حديث خصيف؟ قال: عند أصحاب الحديث عبد الكريم أحمد منه، وهو أثبت من خصيف في الحديث، وسالم الأفطس أقوى في الحديث من خصيف، وعبد الكريم صاحب سنة وليس هو فوق خصيف، قال: وخصيف أضعفهم.
أنبأنا عمر بن طبرزد عن أبي القاسم إسماعيل بن أحمد قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا ابن أبي عصمة قال: حدثنا أبو طالب قال: سئل أحمد بن حنبل عن عتاب بن بشير قال: أرجو أن لا يكون به بأس روى بآخره أحاديث منكرة، ما أرى أنها إلا من قبل خصيف، قيل له فكيف حديث خصيف؟ قال: عند أصحاب الحديث عبد الكريم أحمد منه عندهم، وهو أثبت من خصيف في الحديث، وسالم الأفطس أقوى من خصيف، وعبد الكريم صاحب سنة، وليس هو فوق سالم. قال: خصيف أضعفهم؟ فشنج بين عينيه يضعَّفه.
قال أبو أحمد بن عدي: حدثنا ابن حماد قال: حدثنا عبد الله يعني ابن أحمد عن أبيه قال: خصيف ليس هو بقوي في الحديث، وأخبرنا به عبد البر بن أبي العلاء في كتابه قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة، فذكره بإسناده.
وأنبأنا ابن طبرزد عن أبي الفضل بن ناصر قال: أخبرنا أبو الحسين الصيرفي قال: أخبرنا إبراهيم البرمكي قال: أخبرنا أبو بكر الدقاق قال: حدثنا أبو حفص الجوهري قال: حدثنا أحمد بن محمد بن هانيء عن أحمد بن حنبل، وذكرنا خصيفاً في حديث، فقال: خصيف، كأنه يضعفه.

أنبأنا زيد بن الحسن قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن المظفر قال: أخبرنا أبو الحسن أحمد ابن محمد العتيقي قال: أخبرنا يوسف بن أحمد بن يوسف قال: حدثنا أبو جعفر محمد ابن عمرو العقيلي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: سألت أبي عن خصيف، فقال: ليس هو بقوي في الحديث. قال: وسمعته مرة أخرى يقول: خصيف ليس بذاك، قال: وسمعت أبي يقول: خصيف شديد الاضطراب في المسند.
وقال: حدثنا أبو جعفر العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا صالح ابن أحمد قال: حدثنا علي بن المديني قال: قلت ليحيي: أيما أعجب إليك خصيف عن مجاهد عن ابن عباس: الحج عرفة، أو قتادة عن زرارة عن ابن عباس؟ قال قتادة عن زرارة. قلت ليحيي: سمع زرارة من ابن عباس؟ قال: ليس فيها شيء سمعت، ولكنها إسناد، قلت: فمجاهد عن ابن عباس؟ قال: من دون مجاهد، قلت: خصيف؟ قال: لو كان دونه منصور إنه خصيف، ثم قال يحيي: ما كتبت عن سفيان عن خصيف بالكوفة شيئاً، إنما كتبت عنه عن خصيف بآخره، كأن يحيي ضعَّف خصيفاً.
قال: وحدثنا محمد بن عمرو العقيلي قال: حدثنا أحمد بن علي الأبار قال: حدثنا الحسن بن شجاع قال: قلت لعلي: كيف ذكرت عن يحيي؟ قال: قال لي يحيي، وقلت له: زرارة عن ابن عباس أحب إليك أو خصيف عن مجاهد عن ابن عباس قال: الحج عرفات؟ فقال: زرارة، قال: فقال له يحيي: لم نكن نكتب حديث خصيف في ذلك الزمان.
قال: وحدثنا العقيلي قال: حدثنا محمد بن عيسى قال: حدثنا صالح قال: حدثنا علي قال: سمعت يحيى يقول: كنا تلك الأيام نجتنب خصيفاً.
أنبأنا أبو محمد عبد البر بن أبي العلاء الهمذاني قال: أخبرنا أبو المحاسن البرمكي قال: أخبرنا أبو القاسم الإسماعيلي قال: أخبرنا أبو القاسم السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد عبد الله بن عدي قال: حدثنا ابن حماد قال: حدثني صالح قال: حدثنا علي قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول: ما كتبت عن خصيف بالكوفة شيئاً إنما كتبت عنه عن خصيف بآخره، كأن يحيى ضعف خصيفاً.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا محمد بن علي الواسطي قال: أخبرنا محمد بن أحمد البابسيري قال: أخبرنا الأحوص ابن المفضل عن يحيى بن معين قال: وحديث خصيف فيه ضعف، وقد قاله القطان، فيما حُكي عنه.
أنبأنا أبو حفص المكتب قال: أخبرنا إسماعيل بن أحمد إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو الفضل عمر بن عبيد الله قال: أخبرنا أبو الحسين بن بشران قال: أخبرنا أبو عمرو بن السماك قال: حدثنا حنبل بن إسحق قال: حدثنا علي هو بن المديني قال: سمعت يحيى بن سعيد يقول لنا تلك الأيام: نجتنب حديث خصيف.
وقال إسماعيل بن أحمد: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف السهمي قال: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا أبو عوانة قال: حدثنا أحمد بن بكار والشهيدي يعني إسحق ابن إبراهيم بن حبيب بن الشهيد قالا: حدثنا عتاب بن بشير عن خصيف قال: رأيت النبي صلى الله عليه وسلم في المنام فعرضت عليه تشهد ابن مسعود، فقال: النبي صلى الله عليه وسلم: نعم السنة سنة عبد الله، نعم السنة سنة عبد الله، يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم: إذا قلت أشهد أن لا إله إلا الله وأشهد أن محمداً عبده ورسوله، فقل: اللهم إني أسألك الجنة وأعوذ بك من النار.
وقال: إسماعيل بن أحمد: أخبرنا أبو بكر بن الطبري قال: أخبرنا أبو الحسين ابن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن صفوان قال: حدثنا أبو بكر بن أبي الدنيا قال: حدثني محمد بن المثنى النخعي قال: حدثنا عبد السلام بن حرب أن خصيفا قال عند الموت: ليجيء ملك إذا شاء، اللهم إنك لتعلم أني أحبك وأحب رسولك.
أخبرنا أبو القاسم عبد الصمد بن محمد بن أبي الفضل عن أبي محمد عبد الكريم بن حمزة عن عبد العزيز الكتاني قال: أخبرنا مكي بن محمد بن الغمر قال: أخبرنا أبو سليمان بن أبي محمد الربعي قال: وفيها يعني سنة اثنتين وثلاثين ومائة مات خصيف الجزري.

أنبأنا أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان عن مسعود الثقفي قال: أنبأنا أبو بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو القاسم الأزهري قال: أخبرنا محمد بن العباس الخزاز قال: حدثنا إبراهيم بن محمد الكندي قال: حدثنا أبو موسى محمد ابن المثنى قال: سنة ثنتين وثلاثين فيها مات خصيف.
وقال أبو بكر الخطيب: أخبرنا ابن رزق قال: أخبرنا ابن السماك قال: حدثنا حنبل قال: حدثني أبو عبد الله قال: بلغني عن أبي جعفر السويدي قال: مات خصيف سنة ست وثلاثين.
أخبرنا المبارك بن مزيد البغدادي بها قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو السعادات بن عبد الرحمن بن زريق قال: أخبرنا أبو الحسين المبارك بن عبد الجبار بن الطيوري قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن عمر بن محمد الحربي قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن عبد الله بن صالح الأبهري قال: أخبرنا أبو عروبة الحسين ابن محمد بن مودود الحراني قال: حدثني محمد بن يحيى بن كثير قال: سمعت أبا جعفر النفيلي يقول: كنيته أبو عون، يعني خصيفا، ومات بالعراق سنة ست وثلاثين ومائة.
أنبأنا أبو حفص بن طبرزد عن أبي غالب أحمد بن الحسن بن البناء عن أبي محمد الحسن بن علي الجوهري قال: أخبرنا أبو عمر بن حيويه قال: أخبرنا أحمد ابن معروف قال: حدثنا الحسين بن الفهم قال: حدثنا محمد بن سعد قال: خصيف ابن عبد الرحمن، ويكنى أبا عون من أهل حران، مولى لعثمان بن عفان ولمعاوية بن أبي سفيان، مات سنة سبع وثلاثين ومائة أول خلافة أبي جعفر، وكان ثقة.
أنبأنا أبو اليمن الكندي عن أبي عبد الله يحيى بن الحسن بن البناء عن أبي تمام علي بن محمد قال: أنبأنا أبو عمر بن حيوية قال: أخبرنا أبو الطيب محمد بن القاسم بن جعفر قال: حدثنا أبو بكر بن أبي خيثمة قال: حدثنا هارون بن معروف قال: حدثنا عتاب بن بشير قال: مات خصيف بن عبد الرحمن في سنة سبع وثلاثين ومائة. قال ابن أبي خيثمة: بلغني أن كنية خصيف أبو عون.
أخبرنا أبو علي بن أحمد بن يوسف الأوقي فيما أذن لنا في روايته عنه وسمعت منه الكثير بالمسجد الأقصى قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن محمد السلفي قال: أخبرنا المبارك بن عبد الجبار قال: أخبرنا أبو الحسن الحربي قال: أخبرنا أبو محمد الصفار قال: أخبرنا عبد الباقي بن قانع قال: سنة سبع وثلاثين ومائة خصيف بن عبد الرحمن الجزري مولى بني أمية، يكنى أبا عون، يعني مات فيها.
أنبأنا أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات عبد الوهاب بن المبارك إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا ثابت بن بندار قال: أخبرنا أبو العلاء الواسطي قال: أخبرنا أبو بكر البابسيري قال: أخبرنا الأحوص بن المفضل بن غسان قال: حدثنا أبي قال: وفيها يعني سنة سبع وثلاثين ومائة مات أبو عون خصيف ابن عبد الرحمن.
قلت: والأكثرون على هذا، وكذلك ذكر أبو عبد الله محمد بن إسماعيل البخاري وقد قدمنا ذكره ويؤيد ذلك ما أنبأنا به أبو اليمن الكندي عن أبي البركات الأنماطي قال: أخبرنا أحمد بن الحسن قال: أخبرنا أبو القاسم بن بشران قال: أخبرنا أبو علي بن الصواف قال: حدثنا محمد بن عثمان بن أبي شيبة قال: حدثنا هاشم بن محمد قال: قال الهيثم: مات خصاف الجعفي زمن أبي العباس، ومات خصيف الحنفي وبينهما قريب.
وأظن أنه الجزري في الموضعين وقد تصحف.
أنبأنا سعيد بن هاشم عن مسعود الثقفي قال: كتب إلينا أبو بكر الخطيب قال: أخبرني الحسن بن أبي بكر قال: كتب إليَّ محمد بن إبراهيم الجوزي من شيراز أن أحمد بن حمدان بن الخضر أخبرهم قال: حدثنا أحمد بن يونس الضبي قال: حدثني أبو حسان الزيادي قال: سنة ثمان وثلاثين ومائة، مات خصيف ابن عبد الرحمن من أهل حران، مولى معاوية بن أبي سفيان، يكنى أبا عون.
أنبأنا عمر بن طبرزد أخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا علي بن أحمد بن محمد قال: أخبرنا أبو طاهر المخلص إجازة قال: حدثنا عبد الله بن عبد الرحمن قال: أخبرني عبد الرحمن بن محمد بن المغيرة قال: أخبرني أبي قال: حدثني أبو عبيد القاسم بن سلام قال: سنة ثمان وثلاثين ومائة، توفي فيها خصيف بن عبد الرحمن مولى آل أبي سفيان بالجزيرة.

أخبرنا القاضي أبو نصر محمد بن هبة الله فيما أذن لنا في روايته عنه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو غالب الماوردي قال: أخبرنا محمد بن علي بن محمد قال: أخبرنا أحمد بن إسحق النهاوندي قال: حدثنا أحمد بن عمران قال: حدثنا موسى بن زكريا قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: وفيها يعني سنة ثمان وثلاثين ومائة مات حصيف.
قلت: وقد روى أبو حفص الأهوازي عن خليفة بن خياط أنه توفي سنة تسع وثلاثين، وهو قول لم ينقل عن غيره، وأظن أنه تصحف سبع بتسع وكيف ما كان فقد اختلف قوله.
أنبأنا بذلك أبو اليمن الكندي قال: أخبرنا أبو البركات الأنماطي إجازة أو سماعاً قال: أخبرنا أبو طاهر أحمد بن الحسن، وأبو الفضل بن خيرون قالا: أخبرنا أبو الحسين محمد بن الحسن قال: أخبرنا محمد بن أحمد بن إسحق قال: أخبرنا أبو حفص الأهوازي قال: حدثنا خليفة بن خياط قال: خصيف ابن عبد الرحمن مولى لبني أمية مات سنة تسع وثلاثين ومائة، حراني.
ذكر من اسمه الخضر
الخضر بن آدم:
عليه السلام لصلبه، وقيل هو خضرون بن قابيل بن آدم، وقيل خضرون بن عميائل بن اليفن بن العيص بن إسحق بن إبراهيم صلى الله عليه وسلم، وقيل هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن شالم بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام.
وعن وهب بن منبه أن اسم الخضر بليا، وقيل إيليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالخ بن أرفخشد بن سام بن نوح عليه السلام، وقيل اسمه أرميا بن حلقيا.
وذكر إسماعيل بن أبي أويس قال: اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد.
وقال غيره: الخضر من ولد العيص بن إسحق بن إبراهيم، ويقال إن اسمه أرميا بن حليفا ويقال إنه من الفرس.
وهو صاحب موسى عليه السلام دخل معه أنطاكية في قول ابن عباس رضي الله عنه في تفسير قوله تعالى " حتى إذا أتيا أهل قرية استطعما أهلها فأبوا أن يضيفوهما " قال هي أنطاكية، وقد ذكرنا ذلك في باب ذكر أنطاكية وفي ذكر صخرة موسى في مقدمة الكتاب. وفي ظاهر حلب مسجد يقال أنه مسجد الخضر عليه السلام.
وقد نقل أنه اجتمع بالنبي صلى الله عليه وسلم، وروى عنه حديثاً رواه عنه أبو المظفر الخيام السمرقندي يكتب للتعجب، وقيل إن الله بعثه نبياً بعد أيوب عليه السلام.
أخبرنا الشريف أبو هاشم عبد المطلب بن الفضل بن عبد المطلب الهاشمي قراءة عليه وأنا أسمع قال: أخبرنا أبو سعد عبد الكريم بن محمد بن منصور السمعاني إجازة إن لم يكن سماعاً قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد بن إسماعيل الساوي بنيسابور، وأبو محمد عبد الله بن عبد الرحمن القاضي بخرق قالا: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الثابتي قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد الفزاري قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن محمد الدندا نقاني قال: أخبرنا أبو المظفر الخيام السمرقندي قال: حدثني الخضر وإلياس عليهما السلام قالا: سمعنا رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: إن العالم بين ظهراني الجهال كالحي يمشي على ظهور الأموات.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن معمر المؤدب قال: أخبرنا الرئيس أبو القاسم هبة الله بن محمد بن عبد الواحد بن الحصين قال: أخبرنا أبو طالب محمد بن محمد بن إبراهيم بن غيلان قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي قال: حدثنا محمد بن إسحق بن خزيمة قال: حدثنا محمد بن أحمد بن زيد أمله علينا بعبادان قال: حدثنا عمرو بن عاصم قال: حدثنا الحسن بن رزين عن ابن جريج عن عطاء عن ابن عباس قال: ولا أعلمه إلا مرفوعاً إلى النبي صلى الله عليه وسلم قال: يلتقي الخضر وإلياس قي كل عام في الموسم فيحلق كل واحد منهما رأس صاحبه ويتفرقان عن هؤلاء الكلمات: بسم الله، ما شاء الله لا يسوق الخير إلا الله، ما شاء الله لا يصرف السوء إلا الله، ما شاء الله، ما كان من نعمة فمن الله، ما شاء الله لا حول ولا قوة إلا بالله.
قال: وقال ابن عباس، من قالهن حين يصبح وحين يمسي ثلاث مرات آمنه الله من الغرق والحرق والسرق، وأحسبه قال: من الشيطان والسلطان، ومن الحية والعقرب.
حديث غريب من حديث ابن جريج لم يحدث به غير هذا الشيخ عنه.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن أبي منصور جعفر بن عبد الله الدامغاني قال: أخبرنا والدي أبو منصور جعفر بن عبد الله قال: أخبرنا القاضي أبو مسلم عبد الرحمن ابن عمر السمناني قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن إبراهيم بن شاذان قال: أخبرنا أبو إسحق إبراهيم بن محمد بن يحيى المزكي النيسابوري قال: حدثنا محمد بن إسحق بن خزيمة، فذكره بالإسناد مثله.
أخبرنا أبو عبد الله محمد بن إبراهيم بن مسلم بن سليمان الإربلي قال: أخبرنا أبو العز محمد بن محمد بن مواهب بن الخراساني قال: أخبرنا أبو العز محمد بن المختار قال: أخبرنا أبو علي بن علي بن المذهب قال: أخبرنا أبو بكر أحمد بن جعفر ابن حمدان القطيعي قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني الحسن يعني ابن عبد العزيز عن ضمرة عن السري بن يحيى عن عبد العزيز بن أبي رواد قال: إلياس والخضر رضي الله عنهما يصومان شهر رمضان ببيت المقدس ويوافيان الموسم في كل عام.
أخبرنا أبو القاسم عبد الغني بن سليمان بن بنين قال: أخبرنا أبو القاسم عبد الرحمن بن محمد السيبي إجازة قال: أخبرنا أبو الفتح محمد بن عبد الله المعروف بابن النخاس إجازة قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن محمد المعروف بالمحاسبي قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جميع فيما كتب إلي من صيدا قال: حدثنا أبو راشد الريان بن عبد الله قال: حدثنا الفضل بن يزيد قال: حدثنا بشر بن بكر عن الأوزاعي عن واصل الأحدب عن أم يحيى قالت: كنت عند النبي صلى الله عليه وسلم إذا أقبلت ريدة جارية عمر بن الخطاب، وكانت من المجتهدات في العبادة وكان النبي صلى الله عليه وسلم يدنيها لما يعلم منها، فقالت: السلام عليك ورحمة الله وبركاته يا رسول الله، فرد عليها رسول الله صلى الله عليه وسلم، قالت: يا رسول الله كنت قد عجنت لأهلي عجيناً، فخرجت لأحتطب فإذا برجل نقي الثياب، طيب الريح، كأن وجهه دارة القمر ليلة البدر على فرس أغر محجل مني فقال: السلام عليك يا ريدة ورحمة الله فقلت: وعليك السلام ورحمة الله، فقال: أأنت مبلغ محمداً ما أقول؟ فقلت: نعم إن شاء الله، فقال: إذا أتيت محمداً فقولي له: إني لقيت الخضر وهو يقرئك السلام ويقول لك: يا محمد ما فرحت بمبعث نبي ما فرحت بمبعثك إن الله عز وجل أعطاك الأمة المرحومة والدعوة المقبولة، يدخل محسنهم بإحسانه الجنة ومسيئهم بشفاعتك يا محمد، ألا وإن الله أعطاك نهراً في الجنة يقال له الكوثر طوله الجنة، وعرضه أربعون عاماً، عدد آنيته نجوم السماء من شرب منه لم يظمأ أبداً، ألا وإن أنهار الجنة لتفجر من ذلك النهر، ارفعي جرزتك يا ريدة، فرفعتها، فكعت عنها، وذلك أني كنت صائمة يا رسول الله، فقال لي: ضعيها يا ريدة وأومأ بيده إلى كمه فأخرج قضيباً أخضر كأنه قطع من ساعته تلك، فنقر به الجرزة فمرت تخطر بين يدي حتى وقعت على باب المدينة، فقال لها النبي صلى الله عليه وسلم: تعرفي الموضع؟ قالت: نعم، فأخذ جماعة من أصحابه ومضى إلى الموضع فإذا بممر الحزمة وبآثار قوائم الدابة ولم نر هناك أحداً.
أخبرنا أبو المحاسن سليمان بن الفضل بن البانياسي في كتابه قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن قال: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو سعد الماليني، ح.

قال الحافظ: وأخبرنا أبو القاسم بن السمرقندي قال: أخبرنا إسماعيل بن مسعدة قال: أخبرنا حمزة بن يوسف قالا: أخبرنا أبو أحمد بن عدي قال: حدثنا محمد بن يوسف بن عاصم زاد ابن مسعدة البخاري قال: حدثنا أحمد بأن إسماعيل القرشي قال: حدثنا عبد الله بن نافع عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان في المسجد، فسمع كلاماً من ورائه وفي حديث الماليني من زاوية فإذا هو بقائل يقول: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم حين سمع ذلك: ألا تضم إليها أختها فقال الرجل: اللهم ارزقني شوق الصالحين إلى ما شوقتهم إليه، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم لأنس بن مالك، وكان معه: اذهب يا أنس إليه فقل له: يقول لك رسول الله صلى الله عليه وسلم: استغر لي، فجاءه أنس فبلغه، فقال له: يا أنس أنت رسول الله إلي؟ فقال كما: أنت، فرجع فاستثبته، فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم: قل له: نعم، فقال له: اذهب لرسول الله وفي حديث الماليني فقل له إن الله فضلك على الأنبياء بمثل ما فضل به رمضان على الشهور، وفضل أمتك على الأمم بمثل ما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فذهبوا ينظرون فإذا هو الخضر عليه السلام.
قال الحافظ: وقد روى هذا الحديث عن أنس، أخبرناه أبو القاسم تميم بن أبي سعد بن أبي العباس وأبو القاسم الشحامي قالا: أخبرنا أبو سعد أحمد بن إبراهيم بن موسى المقريء قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن حامد الأصبهاني قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد بن الحسين الزعفراني قال: حدثنا محمد بن الفضل بن جابر قال: حدثنا محمد بن سلام المنبجي قال: حدثنا الوضاح بن عباد الكوفي عن عاصم الأحول عن أنس، زاد الشحامي قال: خرجت مع النبي صلى الله عليه وسلم في بعض الليالي أحمل له الطهر إذ سمع منادياً، فقال: يا أنس صه، فقال: اللهم أعني على ما ينجيني مما خوفتني منه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: لو قال أختها معها فكأن الرجل لقن ما أراد رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: وارزقني شوق الصادقين إلى ما شوقتهم إليه، فقال النبي صلى الله عليه وسلم: وجبت يا أنس دع وقال تميم: ضع هذا الطهور وائت هذا المنادي فسله أن يدعو لرسول الله صلى الله عليه وسلم أن يعينه ما ابتعثه به، ويدعو لأمته وأن يأخذوا ما أتاهم به نبيهم بالحق، فقال لي: من أرسلك؟ فكرهت أن أعلمه ولم أستأذن رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت: وما عليك يرحمك الله تدعو بما سألتك، فقال: لا أو تخبرني من أرسلك، فأتيت رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقلت له: فقال: قل له أنا رسول رسول الله صلى الله عليه وسلم فقال: مرحباً برسول الله صلى الله عليه وسلم وبرسوله، أنا كنت أحق أن آتيه أقر رسول الله صلى الله عليه وسلم، وقل له: الخضر يقرئك السلام، ويقول زاد الشحامي: لك وقالا: إن الله قد فضلك على النبيين كما فضل شهر رمضان على سائر الشهور وفضل أمتك على الجميع كما فضل يوم الجمعة على سائر الأيام، فلما وليت عنه سمعته يقول: اللهم اجعلني مع هذه الأمة المرحومة المرشدة المتوب عليها.
وقال الحافظ: أخبرنا أبو عبد الله الفراوي قال: أخبرنا أبو بكر البيهقي قال: أخبرنا أبو عبد الله الحافظ قال: أخبرنا أبو بكر بن باكويه قال: حدثنا محمد بن بشر بن مطر قال: حدثنا كامل بن طلحة قال: حدثنا عباد بن عبد الصمد عن أنس بن مالك قال: لما قبض رسول الله صلى الله عليه وسلم أحدق به أصحابه فبكوا حوله واجتمعوا، فدخل رجل أشهب اللحية جسيم صبح فتخطا رقابهم، فبكى ثم التفت إلى أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم، فقال: إن في الله تعالى عزاء من كل مصيبة وعوضاً من كل فائت، وخلفاً من كل هالك فإلى الله فأنيبوا وإليه فارغبوا، ونظره إليكم في البلاء، فانظروا فإن المصاب من لم يجبر، وانصرف فقال بعضهم لبعض: تعرفون الرجل، فقال أبو بكر وعلي: نعم هذا أخو رسول الله صلى الله عليه وسلم الخضر عليه السلام.
قال البيهقي عبادة بن عبد الصمد ضعيف وهذا منكر بمرة.

أخبرنا أبو جعفر يحيى بن جعفر بن الدامغاني بحلب قال: أخبرنا أبي قال: أخبرنا أبو طاهر بن سوار قال: أخبرنا أبو الحسين بن رزمة قال: أخبرنا أبو سعيد السيرافي قال: حدثني محمد بن منصور قال: حدثنا الزبير يعني ابن بكار قال: حدثني أبو الحسن علي بن المغيرة عن هشام بن محمد بن السائب عن أبيه قال: أول نبي بعثه الله تبارك وتعالى في الأرض إدريس، واسمه أحنوخ، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله نوح بن لمك بن متوشلخ بن أحنوخ، وكان سام بن نوح نبياً، ثم انقطعت الرسل حتى بعث الله إبراهيم نبياً، واتخذه خليلاً، وهو إبراهيم بن تارح، واسم تارح آزر.
ثم بعث إسماعيل بن إبراهيم فمات بمكة، ودفن فيها، ثم إسحق بن إبراهيم مات بالشام ثم لوط بن هارون، وإبراهيم عمه، ثم يعقوب، وهو إسرائيل بن إسحق ثم يوسف بن يعقوب ثم شعيب بن يوبب، ثم هود بن عبد الله، ثم صالح بن آسف، ثم موسى وهارون ابنا عمران، ثم أيوب ثم الخضر، وهو خضرون، ثم داود بن أيشا، واقتص بقية الأنبياء على ما ذكرناه بهذا الإسناد في ترجمة إبراهيم صلى الله عليه وسلم.
أنبأنا أبو حفص عمر بن محمد بن طبرزد عن أبي غالب بن البناء عن أبي الفتح المحاملي قال: أخبرنا أبو الحسن الدارقطني قال: حدثنا محمد بن الفتح القلانسي قال: حدثنا العباس بن عبد الله الترقفي قال: حدثنا رواد بن الجراح قال: حدثنا مقاتل بن سليمان عن الضحاك عن ابن عباس قال: الخضر بن آدم لصلبه ونسيء له في أجله حتى يكذب الدجال.
أخبرنا قاضي القضاة أبو المحاسن يوسف بن رافع بن تميم قال: أخبرنا أبو بكر محمد بن علي بن ياسر الجياني قال: أخبرنا أبو محمد عبد الجبار بن محمد ابن أحمد الخواري قال: قال لنا علي بن أحمد الواحدي المفسر: الخضر اسمه بليا ابن ملكان، إنما سمي الخضر لأنه إذا صلى في مكان أخضر ما حوله.
أنبأنا أبو الحسن بن أبي عبد الله بن المقير قال: أخبرنا الفضل بن سهل الحلبي في كتابه عن أبي بكر الخطيب قال: أخبرنا أبو منصور محمد بن علي بن إسحق الكاتب قال: أخبرنا أحمد بن بشر بن سعيد الخرقي قال: حدثنا أبو روق أحمد بن محمد بن بكر الهزاني قال: حدثنا أبو حاتم السجستاني سهل بن محمد بن عثمان إملاء قال: سمعت مشيختنا، منهم: أبو عبيدة وغيره، وأبو اليقظان وهو عامر بن حفص ولقبه سحيم وهو مولى بلعجيف، ومحمد بن سلام الجمحي، قالوا: إن أطول بني آدم عمراً الخضر صلى الله عليه وسلم، واسمه خضرون بن قابيل بن آدم.
وذكر ابن إسحق قال: حدثنا أصحابنا أن آدم لما حضره الموت جمع بنيه فقال: يا بني إن الله منزل على أهل الأرض عذاباً فليكن جسدي معكم في المغارة، حتى إذا هبطتم فابعثوا بي وادفنوني بأرض الشام، فكان جسده معهم، فلما بعث الله تعالى نوحاً ضم ذلك الجسد وأرسل الله تعالى الطوفان على الأرض، فغرقت الأرض زماناً فجاء نوح حتى نزل ببابل وأوصى بنيه الثلاثة وهم: سام، ويافث، وحام أن يذهبوا بجسده إلى المغار الذي أمرهم أن يدفنوه به فقالوا: الأرض وحشة لا أنيس بها ولا نهتدي الطريق، ولكن نكف حتى يأمن الناس، ويكثروا وتأنس البلاد وتجف، فقال لهم نوح: إن آدم قد دعا الله أن تطيل عمر الذي يدفنه إلى يوم القيامة، فلم يزل جسد آدم حتى كان الخضر هو الذي تولى دفنه وأنجز الله له ما وعده فهو يحيى إلى ما شاء الله له أن يحيى.
أخبرنا أبو حفص عمر بن محمد فيما أذن لنا فيه قال: أخبرنا أبو القاسم إسماعيل بن أحمد إجازة إن لم يكن سماعاً عن أبي طاهر محمد بن أحمد بن محمد بن أبي الصقر الأنباري قال: أخبرنا أبو محمد الحسن بن محمد بن أحمد بن جُمَيْع قال: أخبرنا أبو يعلى عبد الله بن محمد بن حمزة بن أبي كريمة قال: حدثني محمد بن حازم بن عبد الله بن هامان البغوي بأطرابلس قال: حدثنا محمد بن مشكان قال: حدثني حسين بن إسحق الرافقي قال: حدثنا منصور بن عمار القاص قال: حدثنا رشدين بن سعد عن زهرة بن معبد عن سعيد بن جبير قال: الخضر عليه السلام أمه رومية، وأبوه فارسي.

أنبأنا أبو نصر محمد بن هبة الله قال: أخبرنا الحافظ أبو القاسم علي بن الحسن الدمشقي قال: الخضر، يقال إنه ابن آدم عليهما السلام لصلبه، وهو صاحب موسى عليه السلام، وذكر إسماعيل بن أبي أويس قال: اسم الخضر فيما بلغنا والله أعلم المعمر بن مالك بن عبد الله بن نصر بن الأزد، وقال غير إسماعيل: الخضر من ولد العيص بن إسحق بن إبراهيم، وذكر عن وهب بن منبه أن اسم الخضر بليا وقيل بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح ويقال أرميا بن حليقا، ويقال أنه من الفرس، ويقال هو الخضر بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن شالم بن أرفخشد بن سام بن نوح.
وقال ابن قتيبة: اسم الخضر بليا بن ملكان بن فالغ بن عابر بن شالح بن أرفخشد بن سام بن نوح، ويقال هو خضرون بن عميائل بن اليفن بن العيص بن إسحق بن إبراهيم.
أخبرنا الشيخ أبو محمد عبد الرحمن بن عبد الله بن علوان، وأبو حامد عبد الله بن عبد الرحمن بن الحسن الحلبيان قال: أخبرنا أبو الفرج يحيى بن محمود بن سعد الثقفي قال: أخبرنا أبو علي الحسن بن أحمد بن الحسن الحداد قراءة عليه وأنا حاضر قال: أخبرنا الحافظ أبو نعيم أحمد بن عبد الله قال: حدثنا أحمد بن جعفر بن مالك قال: حدثنا عبد الله بن أحمد قال: حدثني أبي قال: حدثنا يحيى بن آدم قال: حدثنا ابن المبارك عن معمر عن همام عن أبي هريرة رضي الله عنه عن النبي صلى الله عليه وسلم في الخضر إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فإذا هي تحته تهتز خضراء.
وقال: أخبرنا أبو نعيم قال: وحدثنا أبو أحمد يعني الغطريفي قال: حدثنا ابن شيرويه قال: حدثنا إسحق قال: حدثنا يحيى بن آدم به.
وقال أخبرنا أبو نعيم قال: حدثناه أبو بكر الطلحي قال: حدثنا الحسن بن جعفر القتات قال: حدثنا عبد الحميد بن صالح بن ابن المبارك عن عمار عن همام بن منبه عن أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم مثله.
أخبرنا أبو محمد عبد الوهاب بن رواج الإسكندري بالديار المصرية قال: أخبرنا الحافظ أبو طاهر السلفي قال: أخبرنا أبو محمد جعفر بن أحمد ابن الحسين السراج قال: أنبأنا أبو محمد الحسن بن محمد بن الحسن بن علي الخلال قال: حدثنا يوسف بن عمر الزاهد أبو الفتح قال: حدثنا جعفر بن محمد بن يحيى بن عبد الجبار قال: حدثنا أحمد بن منصور الرمادي قال: حدثنا عبد الرزاق قال: أخبرنا معمر عن همام بن منبه قال: سمعت أبا هريرة يقول عن النبي صلى الله عليه وسلم: إنما سمي خضراً لأنه جلس على فروة بيضاء فاهتزت تحته خضراء.
أخبرنا المؤيد من محمد الطوسي في كتابه قال: أخبرنا أبو عبد الله محمد ابن الفضل الفراوي قال: أخبرنا عبد الغافر بن إسماعيل قال: أخبرنا أبو سليمان الخطابي قال: قال أبو عمرو: الفروة الأرض البيضاء لا نبات فيها، وقال غيره أراد بالأرض الهشيم اليابس شبهه بالفروة، ومنه قيل فروة الرأس وهي جلدته بما عليها من الشعر قال الراعي:
ولقد ترى الحبشي حول بيوتنا ... جذلاً إذا ما نال يوماً مأكلا
صعلا أسك كأن فروة رأسه ... بذرت فأنبت جانباه فلفلا
قال الخطابي: ويقال إنما سمي الخضر خضراً لحسنه وإشراق وجهه.
أنبأنا القاضي أبو القاسم بن الحرستاني قال: أخبرنا أبو الحسن علي بن أحمد بن قبيس، وعلي بن المسلم السلمي إجازة إن لم يكن سماعاً منهما أو من أحدهما قالا: أخبرنا أبو الحسن بن أبي الحديد قال: أخبرنا جدي قال: أخبرنا الحسن علي بن يحيى الشعراني قال: حدثنا محمد بن خلف قال: حدثنا قبيصة عن عقبة قال: حدثنا سفيان عن منصور عن مجاهد قال: إنما سمي الخضر لأنه إذا صلى اخضر ما حوله.

أخبرنا أبو القاسم أحمد بن عبد الله بن عبد الصمد العطار وثابت بن مشرف ابن أبي سعد البناء وأبو الحسن علي بن أبي بكر بن روزبة البغداديون قالوا: أخبرنا أبو الوقت عبد الأول بن عيسى قال: أخبرنا أبو الحسن عبد الرحمن بن محمد بن المظفر الداودي قال: أخبرنا أبو محمد عبد الله بن أحمد بن حمويه قال: حدثنا أبو عبد الله محمد بن يوسف بن مطر الفربري قال: حدثنا أبو عبد الله بن محمد بن إسماعيل البخاري قال: حدثنا عمرو بن محمد قال: حدثنا يعقوب بن إبراهيم قال: حدثني أبي عن صالح عن ابن شهاب أن عبيد الله بن عبد الله أخبره عن ابن عباس أنه تمارى هو والحر بن قيس الفزاري في صاحب موسى قال: ابن عباس، هو خضر فمر بهما أبُيّ بن كعب فدعاه ابن عباس، فقال: إني ما رأيت أنا وصاحبي هذا في صاحب موسى الذي سأل السبيل إلى لقيه هل سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يذكر شأنه؟ قال: نعم، سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول: بينما موسى في ملأ من بني إسرائيل جاءه رجل فقال: هل تعلم أحداً أعلم منك؟ قال: لا، فأوحى الله إلى موسى: بلى عبدنا خضر، فسأل موسى السبيل إليه، فجعل له الحوت آية، وقيل له فقدت الحوت فارجع فإنك ستلقاه، فكان يتبع الحوت في البحر فقال موسى فتاه: أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني نسيت الحوت وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره فقال موسى: ذلك ما كنا نبغ فارتدا على آثارهما قصصا فوجدا خضراً فكان من شأنهما الذي قص الله في كتابه.

أخبرنا أبو سعد ثابت بن مشرف قال: أخبرنا عبد الأول بن شعيب السجزي قال: أخبرنا عبد الرحمن بن محمد المظفر قال: أخبرنا عبد الله بن أحمد الحموي قال: أخبرنا إبراهيم بن خريم الشاشي قال: حدثنا عبد بن حميد قال: أخبرنا عبد الله بن موسى عن إسرائيل بن يونس عن أبي إسحق عن سعيد بن جبير عن ابن عباس وكنا عنده فقال القوم: إن نوف الشامي يزعم أن الذي ذهب يطلب العلم ليس بموسى بني إسرائيل، قال: وكان ابن عباس متكئاً فاستوى جالساً فقال: كذلك يا سعيد بن جبير؟ قلت: أنا سمعته يقول ذلك، قال ابن عباس: كذب نوف، حدثني أُبيّ بن كعب أنه سمع النبي صلى الله عليه وسلم يقول رحمة الله علينا وعلى موسى لولا أنه عجل واستحيى وأخذته ذمامه من صاحبه، فقال له: إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني لرأى من صاحبه عجبا. قال: وكان النبي صلى الله عليه وسلم إذا ذكر شيئاً عن الأنبياء بدأ بنفسه فقال: رحمة الله علينا وعلى صالح، رحمة الله علينا وعلى أخي عاد، ثم قال: إن موسى عليه السلام بينما هو يخطب قومه ذات يوم إذ قال لهم: ما في الأرض أحد أعلم مني فأوحى الله عز وجل إليه: إن في الأرض من هو أعلم منك، وآية ذلك أن تزود حوتاً مالحاً فإذا فقدته فهو حيث تفقده، فتزود حوتاً مالحاً فانطلق هو وفتاه حتى إذا بلغا المكان الذي أمروا به، فلما انتهوا إلى الصخرة انطلق موسى يطلب ووضع فتاه الحوت على الصخرة فاتخذ سبيله في البحر سربا قال فتاه: إذا جاء نبي الله حدثته فأنساه الشيطان فانطلقا فأصابهما ما يصيب المسافرين من النصب والكلال، ولم يكن يصيبه ما يصيب المسافرين من النصب والكلال حتى جاوز ما أمر به، فقال موسى لفتاه: آتنا غداءنا لقد لقينا من سفرنا هذا نصبا فقال له فتاه: يا نبي الله أرأيت إذ أوينا إلى الصخرة فإني تسيت الحوت أن أحدثك وما أنسانيه إلا الشيطان أن أذكره واتخذ سبيله في البحر سربا قال ذلك ما كنا نبغي فرجعا على آثارهما قصصا يقصان الأثر حتى انتهيا إلى الصخرة فأطاف بها فإذا هو مسجى بثوب، فسلم فرفع رأسه فقال له: من أنت؟ قال: موسى، قال: من موسى؟ قال: موسى بني إسرائيل، قال: فمالك؟ قال: أخبرت أن عندك علماً فأردت أن أصحبك، قال إنك لن تستطيع معي صبراً قال: ستجدني إن شاء الله صابراً ولا أعصي لك أمراً قال: " كيف تصبر على ما لم تحط به خبراً " قال: قد أمرت أن أفعله ستجدني إن شاء الله صابراً قال فإن اتبعتني فلا تسألني عن شيء أحدث لك منه ذكراً. فانطلقا حتى إذا ركبا في السفينة فخرج من كان فيها وتخلف ليخرقها فقال له موسى تخرقها لتغرق أهلها لقد جئت شيئاً إمرا. قال ألم أقل إنك لن تستطيع معي صبراً. قال لا تؤاخذني بما نسيت ولا ترهقني من أمري عسرا فانطلقا حتى أتوا على غلمان يلعبون على ساحل البحر وفيهم غلام ليس في الغلمان أحسن ولا أنظف منه فأخذه فقتله فنفر موسى عند ذلك وقال: أقتلت نفساً زاكية بغير نفس لقد جئت شيئاً نكرا. قال ألم أقل لك إنك لن تستطيع معي صبراً، قال: فأخذته ذمامة من صاحبه واستحيى ف قال إن سألتك عن شيء بعدها فلا تصاحبني قد بلغت من لدني عذرا. فانطلقا حتى إذا أتيا أهل قرية لئام وقد أصاب موسى جهد شديد فلم يضيفوهما فوجدا فيها جداراً يريد أن ينقض فأقامه، فقال له موسى بما أنزل بهم من الجهد: لو شئت لاتخذت عليه أجراً. قال هذا فراق بيني وبينك سأنبئك فأخذ موسى بطرف ثوبه فقال: حدثني فقال: أما السفينة فكانت لمساكين يعلمون في البحر وكان وراءهم ملك يأخذ كل سفينة غصبا فإذا مر عليها فرآها متخرقة تركها ورقعها أهلها بقطعة خشب فانتفعوا بها وأما الغلام فإنه كان طبع يوم طبع كافرا وكان قد ألقي عليه محبة من أبويه ولو عصياه شيئاً لأرهقهما طغيانا وكفرا فأراد ربك أن يبدلهما خيراً منه زكاة وأقرب رحماً. وأما الجدار فكان لغلامين يتيمين في المدينة وكان تحته كنز لهما إلى قوله ذلك تأويل ما لم تستطيع عليه صبراً.
رواه مسلم عن عبد بن حميد.

 

=

 

ليست هناك تعليقات:

إرسال تعليق